هدى شعراوي وآل زلفة , ماوجه الشبه ؟
قراءة في التاريخ الأسود لهدى بنت الشعراوي
أريد بهذا المقالة أن أوصل إليك فكرة معينة حول أسباب سرعة إسفار المرأة المسلمة في كثير من الاحيان
لكنني احتاج إلى أن اضرب لك مثلا أو مثلين , أو أن اغرق في بعض الدقائق , حتى أوصل لك كيف كانت تلك السرعة
ولهذا فلا بد أن تمهلني
ولا بد أن تتمهل
فالفكرة أرى أنها مهمة وكذا الموضوع ,
فأرعني عينك .
فأقول :
لا شك أن أي إنسان يملك فكرة معينة يريد أن يطرحها على الجمهور - إن كان ذكيا فلا بد وأن يكون لديه مبررات وأسباب ومعطيات جعلته يختار تلك الفكرة ويؤمن بها أو بأغلب جزئياتها على اقل الأحوال
مهما كانت نوعية الفكرة أو منشؤها أو قيمتها أو مقدرة صاحب الفكرة على إيجادها وإبرازها .
لان كل منشئ لفكرة جديدة قد يملك أدوات وأسباب يستطيع أن يقنع ويؤثر على طبقة من الناس قد تعي أو لا تعي أبعاد أو أهداف تلك الفكرة و مستوى الخسائر والمكاسب لها
ولو أردنا أن نضرب مثلا قريبا لكي نفهم المقصود لكان اقرب ما يذكر هو إبليس لما أراد أن يعصي الله سبحانه وتعالى
فمما لا شك فيه أن جميع الملل والنحل إلا ما ندر يعتقد أن إبليس هو عبارة عن شر موجود بغض النظر عن صورة هذا الشر
فما الذي حدث :
لما عصى إبليس رب العالمين سبحانه وأراد الله تبارك وتعالى أن يعذر لنفسه مع علمه بما سيكون .. اوجد إبليس لنفسه مبررات وأسبابا لم تكن مجدية أو معذرة له
وقد كتب الله بسببها عقوبة على إبليس أخرجته مما كان فيه من خير وفضيلة جعلته يقسم أن يضل من يستطيع من الخلق إلا المخلصين من عباده سبحانه
وفعلا .. فقد أوفى اللعين بوعده
وولج معه في فكرته ومنهجه من ولج
لكن هذا لا يهمنا وليس مقصودنا
ما نريد أن نتحدث عنه في هذا المثال أو غيره هو شخصيات المبررين لإبليس لا إبليس ولا الفكرة التي طرحها او نفثها في روع أصحابه ..
و كذا المبررات التي ذكروها أو ذكرها مخرجو المرأة , والتي جعلت كثيرا من الناس يؤمن بحتمية وجودها على الواقع
تلك المبررات التي جعلت غير إبليس يؤمن بمبررات إبليس أكثر من إبليس نفسه
وقد كانت سببا في أن تظهر في وقت من الأوقات فئة تعبد إبليس
أكثر من عبادة إبليس لفكره وعقيدته
وتطيعه طاعة عمياء
لماذا ؟
لأنها صدقت ما قاله إبليس بل آمنت به أكثر من إيمان إبليس بما قال قبل أن يطرد
مع إيمان إبليس الذي لا شك فيه أن ما قاله من تلك الأعذار أو المبررات هو نفسه لا يؤمن بها , لكنه اوجد لفئة من الأوباش بابا وأسلوبا يقنعهم بجدوى معصيته , و اوجد فئة أخرى تؤمن بضرورة أن يكون إبليس حرا بما يقول وبما يؤمن به
حتى بلغت المسألة لان يقال إن لإبليس حرية الرأي والفكرة .. فلماذا تحجرون عليه .؟!
دعوه يبدي عن رأيه !
في حجةٍ لم يستطع أن يجدها إبليس نفسه بجنوده وخيله ورجله .!
ولو أردت أن نزيدك مثلا آخر أكثر إثباتا لتصلك الفكرة بوضوح لقلت لك :
هب أن شخصا قال لك انه يريد أن يشتري أرضا في كوكب المريخ , وقد ذكر لك عن جو المريخ العليل وسكونه وقلة مرتاديه وغير ذلك , فهل تتوقع أن يعدم هذا الشخص مقتنعا بفكره ؟
بالتأكيد لا
وهل تتوقع أن يعدم مبررا له يؤثر في بعض الناس لكي يقتنعوا بأن ارض المريخ مربحة والمشروع بها ناجح , وان مساعيه في مشروعه طيبة وان هناك من المخالفين له يريدون أن يغلقوا عليه ويحشروه في أسلوب تجاري معين ..
لا أيضا
ولن يعدم من بهائم تؤمن بهذه الفكرة أكثر من صاحبها ,
ولن يعدم أيضا من تاجر يقسط عليه جزءا من رأس المال لكي يساعده في شراء تلك الأرض المريخية .؟ .
ما أريد أن أصل إليه أن تعلم أن هناك كثيرا من القراء المتأثرين بالفكر المنحرف القديم أو ( العصري ) قد يوافقوك على خطأ تلك الفكرة المنحرفة أو ذلك المنهج الضال
لكن المشكلة بأيمانهم في المقابل بأحقية وجود تلك الفكرة على الواقع لوجود تلك المبررات , وليس لمبدأ الفكرة ولا صحة تلك المبررات أو خطأها , ولا الأهداف ولا النتائج ولا لكونها صحيحة
بل للمبررات فقط لا غير ,
والتي أوصلت البعض إلى الإيمان بحرية الرأي بتلك الحجة العصرانية الليبرالية الفرعونية لا نريكم إلا ما نرى ولا نهديكم إلا سبيل العصرانية المنفتحة .!
حتى تبلغ الحال بهؤلاء إلى أن يهونوا من مستوى ضرر ذلك المنهج بوجود تلك المبررات وإن كانوا يعتقدون فعلا أن تلك الفكرة أو المنهج طريقة غير صحيحة.
حتى تصل المسألة إلى الوقوف بجانب تلك الضلالات
بحجة انه رأي له مبرراته وله حريته وله طريقته التي جعلت من أصحاب تلك الفكرة لهم أن يؤمنوا بما يشاءون ولنا أن نقر بوجود مثل ذلك الفكر أو المنهج أو غيرها من تلك الأفكار المهترية ,
ولنا أيضا أن نسكت عن الدفاع عن منهجنا مهما هوجم من قبل أصحاب تلك الفكرة بحجة وجود مبرراتهم ومعطياتهم , لا بحجة صحة أو خطأ ذلك المنهج .!
هذا هو حال بعض من يهون أي قضية منهجية تغريبية قد لا يعي حقيقة أهداف أصحابها
كهؤلاء العصرانيين الليبراليين
وإن صوروا لك احترامهم لرأيك أو وجودك أو غير ذلك
فالنتيجة التي هذه مقدمتها هي عبارة عن إسفار عن الأفكار التغريبية وإعجابهم بالأسلوب الغربي بما فيه من وقاحة الرأي الذي يقول بأحقية ( الخلاف الفقهي ) المزعوم , القائل بإخراج المرأة من بيتها إلى رصيف العراة
وإن آمنوا بفكرة التدرج في نشر ما يؤمنوا به .
اذن ..
الفكرة التي استخدمتْها هدى شعراوي لإخراج المرأة المصرية من بيت العفة إلى ساحات الإسفاف كان لها مبرراتها وأهدافها التي جعلت من بعض المنتسبين للخير يقتنع بعدم الاعتراض على وجود الفكرة نفسها
أو بعدم جدوى هذا الاعتراض
بغض النظر عن صحتها أو خطأها
لان شعراوي أرادت بزعمها إخراج المرأة المصرية من التخلف والتراثية إلى أن تكون امرأة عصرية طورانية تواكب وتستوعب منطلقات النهضة النسائية الفرنساوية أو الانجليزية المتطورة في ذلك الوقت
ولم تكن المشكلة في كثير من الأحيان بمعرفة كثير من الناس بخطأ تلك الفكرة التي اخترعتها شعراوي ومن خلفها
فمبدأ الفكر الخطر ومكمنه في - كون جملة من الناس لهم ثقلهم وتاريخهم الفكري المنتسب للإسلام أصبح من قواعد مناهجهم الإيمان بأحقية وجود تلك الفكرة والخلاف فيها , مهما بان لهم ضلالها أو ضررها على المجتمعات الإسلامية .
أما ما يتعلق بنوعية الفكرة المتلونة والذي يستخدمها خريجو المجتمعات الأوربية من حين لآخر فلم تكن طريقة صعبة وقد سهل على المسلمين كشفها في ذلك الزمن
لكن المشكلة في فئة معينة لها منهجها وطريقتها , وقد هونت من ضرر تلك الثوران التغريبي بحجة ( حرية الرأي والفكر ) .
أما اليوم فهاهم التغريبيون المنافحون والمغترون بهم - ينتقلون من طريقة بنت الشعراوي في إسفار المرأة المسلمة عن طريق كشف حجابها إلى أسلوب آخر في الإسفار وهو سياقة المرأة للسيارة .!
مع الالتزام ضرورة بالتريث وإعطاء الجرعات والتخطيط للمدى البعيد
وقد نجح الشعراوييون في استخدام هذه الأساليب لما كانت مصر هي الذراع الإسلامي التي احتاج الغرب إلى ليّه ثم كسره , وقد عانى أصحاب تلك الحملات من صمود وجبروت ذاك الذراع فترة من الزمن .
فهل ينجح تلامذتهم الجدد .؟
وهل سيدخل آل زلفة في التاريخ الشعراوي الأسود.؟
وهل فهم البعض خطر التبرير للحريات المنحرفة .؟
وهل استوعبنا تلوين التغريبيين لأفكارهم .؟
رد: هدى شعراوي وآل زلفة , ماوجه الشبه ؟
تحليل صائب و كلام سديد، و لكننا و للأسف الشديد قابعون في أماكننا كالجماهير المتفرجة على الكرة تهتز و تطرب لكل حركة فيها إثارة دون إعمال فكر أو تبصر في العواقب ، و دون سعي حقيقي و حثيت للتصدي لهذا الفكر الهدام الذي نجح و للأسف في استقطاب طائفة كبيرة من مثقفينا - كما يزعمون - ثم عرج على الإسلاميين (!!) قبل أن تمتد أياديه الأخطبوطية إلى بعض من يحسبون على الدعوة و العلم كخطوة ثالثة فتحت أمل النخر في أوصال الجسد الإسلامي. و نحن ما نزال نائمين!!.
و الله من ورائهم محيط
رد: هدى شعراوي وآل زلفة , ماوجه الشبه ؟
مشكلتنا يا أخي أننا نكتفي بالرد على دعاة السفور عبر الصحف فقط يعني مجرد كلام يطوى مع طي الصحيفة ، وفي المقابل هم يردون علينا - أي الليبراليون - عبر أفعال تسبقها مخططات ومؤامرات بدعم من سلطة عليا ترى في مخططاتهم التطور، و النهضة بالبلاد وهذا يدل على أن السلطة هذه مجرد ديكور لا يرى لا يسمع لا يتكلم .
رد: هدى شعراوي وآل زلفة , ماوجه الشبه ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الحل أخى الكريم والفعال في نظرى هو عودة هيبة النص وسلطانه إلى العلماء وطلبة العلم قبل عوام الناس .
فنور النص وقوته تبدد ظلام الضلال .
فتح الطريق للأخذ والرد والرأى للكثيرين أوجد هذا الضلال .
((يا يحيى خذ الكتاب بقوة)) ...
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال أبو هريرة :
(( لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر بعده ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر لأبي بكر : كيف تقاتل الناس ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فمن قال : لا إله إلا الله ، عصم مني ماله ونفسه ، إلا بحقه ، وحسابه على الله ، فقال أبو بكر ، رضي الله عنه : لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقاتلتهم على منعه ، قال عمر ، رضي الله عنه : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق.)).
أخرجه أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن حبان.
اقرأ قول أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه : (( والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقاتلتهم على منعه )).
لو منعوا عقالا ، والعقال هو الحبل الذي يربط به البعير ، لو منعوا حبلا كان يؤدى للنبي صلى الله عليه وسلم ، لقاتلهم أبو بكر على منعه.
فأين أبو بكر ، رضي الله عنه ، فقد أضعنا البعير بما عليه ، بل عقرنا الناقة يا أبا بكر.
يا أبا بكر ، زكاة الفطر في أيامنا تخرج بالدولار والريال ، لأنه عندهم أفضل مما أوصى به خليلك محمد صلى الله عليه وسلم.
عقالا يا أبا بكر تقاتلهم على منعه ؟
يا أبا بكر تسأل عن الحبل ؟!.
أين أنت يا أبا بكر لترى وتسمع من نراهم ونحاورهم ...
ونعود مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكيف وقفوا عند كتاب الله صلى الله عليه وسلم ، لم يقل أحدهم : إنني أرى كذا ، أو المسألة عندي حكمها كذا ، لأن الرؤية عندهم كانت في اتجاه واحد ؛ "وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " ...
عمر بن الخطاب ، أبو حفص ، أمير المؤمنين
هذا الجبل ، الذي يقف بجانبه كل الذين اتخذهم الناس أندادا ، يقفون مجتمعين كحصاة ألقيت في المحيط.
عمر لايرى إلا السمع والطاعة ، وليس عنده إلا : سمعنا ، وأطعنا.
(( يقول عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما : قدم عيينة بن حصن بن حذيفة ، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر ، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته ، كهولا كانوا أو شبانا . فقال عيينة لابن أخيه : يا ابن أخي ، لك وجه عند هذا الأمير ، فاستأذن لي عليه . قال : سأستأذن لك عليه . قال ابن عباس : فاستأذن الحر لعيينة ، فأذن له عمر ، فلما دخل عليه ، قال : هي يا ابن الخطاب ، فوالله ما تعطينا الجزل ، ولا تحكم بيننا بالعدل ، فغضب عمر ، حتى هم به ، فقال له الحر : يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ، وإن هذا من الجاهلين ، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه ، وكان وقافا عند كتاب الله.)).
أخرجه البخاري ، والبيهقي.
لاجدال ، ولا سمعنا وعصينا ، بل قلوب أحبت محمدا ، فصار أمره ، ونهيه ، وفعله ، ورائحته ، عليها بردا وسلاما.
يكفي أن يستمع عمر للآية ، ليقول الحر بن قيس : وكان وقافا عند كتاب الله.
- ونمضي نحن معه ، نشتم رائحة المسك ، كأننا خلفه ، رضي الله عنه ، يتقدم إلى الحجر الأسود ، فيراه حجرا ، فيقول :
(( إني لأعلم أنك حجر ، لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ، قال : ثم قبله.)).
أخرجه مالك ، والحميدي ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، والدارمي ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن ماجة ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو يعلى ، وابن خزيمة ، وابن حبان.
رحمة الله عليك ياعمر ، فقد تبدل الأمر وتغير ، ولم تعد المسألة مسألة حجر ، فكل الحجارة ، عندهم الآن ، يسجد لها من دون الله ، وأنت تقول : ((ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك .)).
ذكرتنا به ياعمر ، فأعد علينا حتى نسمع اسمه ألف ألف مرة ،
فقد اشتقنا لسيرته ، وسماع اسمه ، فلم نعد نسمع ، إلا قال أبو .....، ورأى ....، والمسألة عند ....، وتقول ....، والطرق الصوفية ، وأمراء .......الذي بال الشيطان في آذانهم ، وضرب عليها نوما طويلا.
ذكرنا به ياعمر ، فالذي وقع لنا بعدكم لم يقع لأحد من قبل ، اللهم إلا إذا كان في بني إسرائيل ، عند عجائز خيبر ؛.
- وما زلنا في بيت عمر ، والذرية التي بعضها من بعض ، ومع ابنه عبد الله ؛
عن الزبير بن عربي ، قال : سأل رجل ابن عمر ، رضي الله عنهما ، عن استلام الحجر . فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله . قال : قلت : أرأيت إن زحمت ، أرأيت إن غلبت ؟ قال : اجعل أرأيت باليمن ، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله.
أخرجه أحمد ، والبخاري ، والترمذي ، والنسائي.
هذا إيمانهم ، وهذا ما تعلموه من نبيهم ، وهذا هو الميثاق : سمعنا وأطعنا.
- وعن وبرة بن عبد الرحمان ، قال : كنت جالسا عند ابن عمر ، فجاءه رجل ، فقال : أيصلح لي أن أطوف بالبيت ، قبل أن آتي الموقف ؟ فقال : نعم . فقال : فإن ابن عباس يقول : لا تطف بالبيت حتى تأتي الموقف . فقال ابن عمر :
(( فقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطاف بالبيت قبل أن يأتي الموقف.)).
فبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تأخذ ، أو بقول ابن عباس ، إن كنت صادقا؟.
أخرجه أحمد ، ومسلم ، والنسائي.
عبد الله بن عمر ، الذي تربى أمام النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذ العلم عنه ، يقول في حزم :
(( فقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطاف بالبيت قبل أن يأتي الموقف.)).
وغيره أدخل نفسه ، وكثيرا من الناس ، في دائرة الجدل ، والخلاف ، التي ورثت عن بني إسرائيل.
عندنا سنة محمد صلى الله عليه وسلم ، عندنا النور كله ، وسمعنا وأطعنا ،
يقول الرحمان الرحيم : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون - ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون - إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون - ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون [المائدة : 20 : 23].
ما زلنا مع الذين قالوا : سمعنا وأطعنا ، أولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين عرفوا قدره ، وقدر ما جاء به ، فعزروه ، ونصروه ، واتبعوا النور الذي أنزل معه ؛
- عن نافع عن ابن عمر ، قال : كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء ، في الجماعة ، في المسجد ، فقيل لها : لم تخرجين ، وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار ، قالت : وما يمنعه أن ينهاني ؟ قال : يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله.)).
أخرجه أحمد ، والبخاري ، ومسلم.
نعم ، يمنع عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه .
- وعن مجاهد ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
(( لا تمنعوا نساءكم المساجد بالليل.)).
فقال سالم ، أو بعض بنيه : والله ، لا ندعهن ، يتخذنه دغلا.
قال : فلطم صدره ، وقال : أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا؟!!.
أخرجه أحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن حبان.
وقد كثر الذين يردون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى اعتاد الناس ذلك ، وصاروا يسمعون عقب كل حديث : ولكن فلانا يقول كذا ، ونقول : أين عبد الله بن عمر ، يلطم صدور هؤلاء الصم ، والبكم ، والعمي.
وعن سالم بن عبد الله بن عمر ، أنه سمع رجلا من أهل الشام ، وهو يسأل عبد الله بن عمر ، عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال عبد الله بن عمر : هي حلال . فقال الشامي : إن أباك قد نهى عنها . فقال عبد الله بن عمر : أرأيت إن كان أبي نهى عنها ، وصنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أأمر أبي نتبع ، أم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فقال الرجل : بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : لقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم.)).
أخرجه الترمذي.
وهذا الرجل الشامي الذي جاء ليتعلم ، وجد نفسه فجأة أمام قول لعمر بن الخطاب ، في مقابل فعل للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهنا ، لا اختيار ، ولا خيرة ، حتى وإن كان في المقابل رجل في مكانة عمر بن الخطاب.
والرجل ، كأن الإجابة هي نور عينيه ، ونبض قلبه ، فيتنفسها : بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يجادل ، لم يقل : هذا عمر ، أمير المؤمنين ، والذي بشره النبي صلى الله عليه وسلم بقصر في الجنة ، فيه ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ الأعين ، كل هذا ، وملء الأرض من هذا ، يذوب ، عندما يوضع بجانب محمد صلى الله عليه وسلم.
هكذا كانت خير أمة أخرجت للناس ،
انظر هناك ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده ، يجلس على منبره ، هناك أمر ما سوف يحدث ، فلندخل لنرى ماذا هناك ، من خلال حديث عبد الله بن عمر ؛
عن نافع ، عن ابن عمر ، رضي الله عنهما ،
(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطنع خاتما من ذهب ، وكان يلبسه ، فيجعل فصه في باطن كفه ، فصنع الناس خواتيم ، ثم إنه جلس على المنبر ، فنزعه ، فقال : إني كنت ألبس هذا الخاتم ، وأجعل فصه من داخل ، فرمى به ، ثم قال : والله لا ألبسه أبدا ، فنبذ الناس خواتيمهم.)).
أخرجه الحميدي ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو يعلى ، وابن حبان.
هل شعرت بشيء وأنت تقرأ هذا الحديث ؟ هل سمعت صوت أحد ، غير الذي أرسله الله رحمة للعالمين ؟.
صنع خاتما من ذهب ، فصنعوا مثله ، نبذه ، فنبذوه.
لم يأمر أحدا بشيء ، فقط ، يكفي أن يفعل ، وأمامه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
لم يسأل أحد منهم ، عن نوع الذهب ، وعن معياره ، وما هو الوزن الذي يحرم لبسه ، ولا عن نسبة النحاس فيه.
لم يفعلوا ذلك ، لأن الله عز وجل أكرمهم ، فلم يعاصروا بقايا بنى إسرائيل.
إنهم خير صحب لنبي كريم ، وهاهم ، وبأمر واحد ، يأتيهم عن نبيهم صلى الله عليه وسلم ، يتركون شيئا أصبح يجري في عروقهم ، إنها الخمر ، والإدمان ، مئات المؤتمرات تنعقد ، وآلاف الأبحاث تعرض فيها ، وخبراء من شتى أنحاء الأرض ، يحذرون من التدخين ، والخمر ، وتوضع القوانين ، وتوقع العقوبات القاتلة ، والنتيجة ، ياليتها كانت صفرا لكانت إنجاز ، ولكن ذلك كله ، والإدمان في زيادة ، والضياع ينتظر الجميع.
وكان أهل الجاهلية يعيشون على وجود الخمر في بيوتهم ، كأمر من مقومات الحياة ، وجاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ، نبي أمي ، لم يعقد مؤتمرا ، ولم يتحدث خبير من الناس ، بل يأخذنا أنس بن مالك ، لنرى من خلال قوله ، قمة ، من قمم السمع والطاعة ؛
- قال أنس بن مالك ، رضي الله عنه : إني لقائم ، أسقي أبا طلحة ، وفلانا ، وفلانا ، إذ جاء رجل ، فقال : هل بلغكم الخبر ؟ فقالوا : وما ذاك ؟ قال : حرمت الخمر . قالوا : أهرق هذه القلال يا أنس ، قال : فما سألوا عنها ، ولا راجعوها ، بعد خبر الرجل.
(*) وفي رواية : (( عن أنس بن مالك ، أنه قال : كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح ، وأبا طلحة ، وأبي بن كعب ، شرابا من فضيخ وتمر ، فأتاهم آت ، فقال : إن الخمر قد حرمت ، فقال أبو طلحة : يا أنس ، قم إلى هذه الجرة فاكسرها ، فقمت إلى مهراس لنا ، فضربتها بأسفله حتى تكسرت.)).
أخرجه مالك ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو يعلى ، وابن حبان.
كان يكفي هؤلاء أن يمر رجل ، فيقول : إن الخمر قد حرمت .
وفي الرواية الأولى : قال أنس : فما سألوا عنها ، ولا راجعوها ، بعد خبر الرجل.
وفي الثانية : فقال أبو طلحة : يا أنس ، قم إلى هذه الجرة فاكسرها.
لقد كانوا خير من استجاب لنداء الله تعالى ؛ (ولم يقولوا خبر آحاد !!!!)
يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون . [الأنفال : 42].
ويكفي أن يستمر النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته ، ثلاثا وعشرين سنة ، حتى لقي ربه ، ولم تعرض عليه قضية رجل شرب خمرا ، من طريق صحيح ، إلا مرة واحدة.
أما إذا عرض أمر النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الجدل والرأى ، فسوف يجادلون في المادة التي صنعت منها الخمر ، وعدد الأيام التي مرت على النقيع ، وحجم المادة التي يبدأ من عندها التحريم ، وهذا المذهب يحب ، وذاك الفريق يكره ، ويخرجون بعد البحث سكارى.
اقرأ هذه في فتح الباري ، شرح الحديث (5256) : قال ابن حجر :
ونقل الطحاوي في اختلاف العلماء ، عن أبي حنيفة : الخمر حرام ، قليلها وكثيرها ، والسكر من غيرها حرام ، وليس كتحريم الخمر ، والنبيذ المطبوخ لا بأس به ، من أي شيء كان ، وإنما يحرم منه القدر الذي يسكر ، وعن أبي يوسف : لا بأس بالنقيع من كل شيء ، وإن غلا ، إلا الزبيب ، والتمر ، قال : وكذا حكاه محمد ، يعني ابن الحسن الشيباني ، عن أبي حنيفة ، وعن محمد : ما أسكر كثيره فأحب إلي أن لا أشربه ، ولا أحرمه. انتهى.
قال ابن حزم : فأول فساد هذه الأقوال ، أنها كلها أقوال ليس في القرآن شيء يوافقها ، ولا في شيء من السنن ، ولا في شيء من الروايات الضعيفة ، ولا عن أحد من الصحابة ، رضي الله عنهم ، ولا صحيح ، ولا غير صحيح ، ولا عن أحد من التابعين ، ولا عن أحد من خلق الله تعالى قبل أبي حنيفة ، فيا لعظيم مصيبة هؤلاء القوم في أنفسهم ، إذ يشرعون الشرائع ، في الإيجاب والتحريم والتحليل ، من ذوات أنفسهم ، ثم بأسخف قول ، وأبعده عن المعقول. ((المحلى)) 7/492.
هذا هو الفرق بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في تلقي أوامره ، وبين غيرهم ، والله تعالى قد ذكر لنا حال الفريقين ؛
يقول الله تعالى : فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون . [الأنعام : 125].
انظر إليهم ، إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكيف كانوا المثال الحي للسمع والطاعة ، لتعرف هذا المعنى العظيم ، في قوله تعالى : يشرح صدره للإسلام ؛
- عن ثابت ، عن أنس ؛
)) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو بيت المقدس ، فنزلت : ?قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام? ، فمر رجل من بني سلمة ، وهم ركوع في صلاة الفجر ، وقد صلوا ركعة ، فنادى : ألا إن القبلة قد حولت ، فمالوا ، كما هم ، نحو القبلة.)).
أخرجه أحمد ، ومسلم ، وأبوداود ، والنسائي ، وأبو يعلى ، وابن خزيمة.
كانوا في الصلاة ، رجال من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، مر بهم رجل ، علم أن القبلة قد حولها الله ، نادى عليهم ، وهم في الصلاة ، أخبرهم أن القبلة قد تحولت ، فتحولوا.
هذا هو الإيمان بالله ، وهذا هو النبات الطيب ، عندما يروى بماء طيب.
هل سمعت جدلا ؟ هل سمعت صراخا وعويلا ؟.
لو عرض الأمر على عصابة الذين تفرقوا واختلفوا ، لرأيت فريقا لطم الخدود ، وآخر شق الجيوب ، وثالثا يدعو بدعوى الجاهلية ، ولأدخلوك في غيابات الجب ، ولن تخرج إلا برحمة الله.
أما الذين شرح الله صدرهم للإسلام ، وهو نور الله إلى خلقه ، فتحولوا من إدمان الخمر إلى كراهية الخمر ، بأمر واحد ، في يسر ، يسرهم الله إليه ، تنظر إليهم ، وهم يشربون الخمر ، فكأنهم خلقوا لها ، ولن يتركوها إلا بترك الحياة.
فينزل التحريم ، فتراهم يتركونها ، برحمة الله ، وكأنهم لا يفعلون شيئا .
وتتحول القبلة ، فيتحولون ، وأينما كان أمر الله كانوا.
اللهم اجعلنا مثلهم ...