رد: أهل العلم واقع وآفاق...
يكرر مقولة:أعتذر فلدي ارتباطات واشغال وظروف تقيدني،فهل هذا مقبول من أهل العلم؟
أقول:لا يحق لكل من انتسب للعلم أن يردد مثل هذه الشعارات..
نعم أخي بارك الله فيك ، وهذا الكلام أراه ينطبق على من تفرغ لنشر العلم عن طريق وظيفة أو ما شابهها ..
أما من كان يمتهن مهنة ونال حظا من العلم الشرعي فإن سيكون من الصعب عليه التفرغ إلى نشر العلم ..
أحسن طريقة لمثل هذا ـ والله أعلم ـ أن يعقد جلسة واحدة في الأسبوع على الأقل ويداوم عليها ولتكن الجلسة جلسة فقه أو عقيدة أو تزكية أو إرشاد أو شيء يفيد في الدين .
-اهتمام المنتسبين للعلم بمشاغل الدنيا على حساب الآخرة،وقد أدى هذا لما نعيشه نحن الآن،يتخرج الآلاف أو الملايين من طلاب العلم الشرعي، سواء من الجامعات أو المعاهد والكليات، إلا أننا لا نرى ولا نلمس لهم تأثيرا في المجتمع إلا نادرا،والنادر لا نقيس عليه
هذه مشكلة عويصة ولا يصلح معها إلا صدق السريرة مع الله .. والمؤسف في الأمر أن الشرع في أيامنا هذه أبعد عن الحياة العامة وعن مرافق الدولة فما عادت علومه تستقطب الكثير ، فمن أراد علو المكانة لجأ إلى الطب أو الهندسة أو الإدارة أو القضاء ولسان حاله يقول "لا أريد أن أكون مجرد إمام في مسجد .. " وبالتالي لم تبق لهذه الدراسة إلا من قلت معدلاتهم الدراسية .. إلخ . إلا من رحم ربي !
-تأثر أهل العلم بالانترنيت،فنجد الكثير يتواصلون عبر المواقع الاجتماعية-الفايس بوك،التويتر...-،وهنا سؤال مهم:هل التعامل عبر هذه المواقع مقدم على الاهتمام بالدعوة في المجتمع؟،وهل هناك ضابط يحكم أهل العلم؟.
أحسنت سؤالا !
الانترنت لا يتعب كثيرا وإذا أتعبك أغلقه ولا تعد إليه ويا دار ما دخلك شر.
أما الاحتكاك بالناس فسيولد المتاعب كما أنه يولد الأفراح ..
وأنت محق أخي في ضرورة الاحتكاك بالناس فإن مفعولها في الخلق أقوى وأبلغ .
وعلى رأي المثل " زر غبا تزدد حبا " القول منسوب للنبي صلى الله عليه وسلم لكن الرواية ضعيفة ـ والله أعلم ـ مسند البزار .
وقد لوحظ أن من أسباب الانتشار السريع لليمين المتطرف في العالم الغربي على حساب الأحزاب العتيدة هو انتهاج اليمين المتطرف لسياسة طرق الأبواب ، فتجدهم يتجولون ويطرقون الأبواب ويعرضون على الناس شرب القهوة والشاي ثم يسمعونهم كلاما لا ترضاه العقول السليمة .
كما أن الرحمة والسكينة وحف الملائكة للمؤمنين وذكر الله لعباده عنده تحصل لمن اجتمع مع اخوانه على الطاعة والدراسة في بيت من بيوت الله . كما ورد حديث عند الإمام مسلم .
-المفاسد التي انتشرت سببها هؤلاء الذين انتسبوا للعلم دون أن تكن لهم استطاعة أو مؤهلات،أو لخبش وقع في النية ،فضعف الهمم،وانتشار الأدعياء،والقول في الدين بغير علم،الابتعاد عن أحكام الدين...،
وهذه من كارثة الكوارث ، أقصد إسناد الأمر إلى غير أهله والحق معك تماما في نسبة التقصير لأهل العلم .
فالرويبضة وأنصاف العلم ما كان لهم أن ينتشروا لولا خلو الساحة لهم .
والطبيعة تكره الفراغ ، فإذا لم تزرع ما يفيد نبت ما لا يفيد !
والمبتدعة والفساق ما كان لهم أن ينتشروا لولا تقاعس أهل العلم عن أداء دور ما أنيط بهم . والتاريخ خير شاهد على ذلك .
تحضرني الآن قصة المدعي المهدي ابن تومرت حينما أراد أن ينشر مذهبه في مدينة بجاية (مدينة تقع وسط شرق الجزائر ولسان أهلها الأمازيغية)
فوقف يدعوا لمذهبه أمام السلطان فتصدى له أحد الفلاسفة وحذر منه وكان في المدينة يومها عدد لا بأس به من العلماء والفقهاء ، فعجز الرجل حيلة وانتقل إلى القرى النائية ونشر مذهبه الفاسد هناك وحلت الكارثة بالأمة هناك ، لكن دولتهم (الدولة الموحدية) لم تعمر كثيرا ـ ولله الحمد ـ لأنها لم تقم على أسس سليمة بل قامت على الظلم وسفك الدماء .
ختاما ، أعجبني مقالك بارك الله فيك على ما خطت أناملك .
رد: أهل العلم واقع وآفاق...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو هارون الجزائري
نعم أخي بارك الله فيك ،وفيك بارك الله
وهذا الكلام أراه ينطبق على من تفرغ لنشر العلم عن طريق وظيفة أو ما شابهها ..
أما من كان يمتهن مهنة ونال حظا من العلم الشرعي فإن سيكون من الصعب عليه التفرغ إلى نشر العلم ..
أخي الكريم:ليس بالضرورة أن يكون متفرغا لنشر العلم،كما أنه ليس بالضرورة أن تكون وظيفته إمام،إذ ما عهدناه عن السابقين أنهم كانت لهم اختصاصات في مجالات عدة؛طب،هندسة،..إ لا أن هذا لم يمنعهم من نشر العلم وخدمته،بل اتخدوا منهج التوفيق بين العمل الدنيوي والدعوي،وقولك هذا قد يؤدي إلى فتح باب الدعوى،كما يضيق باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،بحيث يجعله مختصا بمن اشتغل في المجالات التي لها علاقة بالشريعة...وسؤال جدير بالطرح هو:كيف قام الأولون بالدعوة والتأثير في المجتمع في حين لم يستطع المعاصرون فعل هذا؟أقصد الفرق الذي بين ما وصل إليه الأولون وما وصل إليه المتأخرون؟،في حين نرى أغلب المجتهدين كان اهتمامهم إصلاح مجتمعاتهم،والتص دي لمشكلات الأفراد...
أحسن طريقة لمثل هذا ـ والله أعلم ـ أن يعقد جلسة واحدة في الأسبوع على الأقل ويداوم عليها ولتكن الجلسة جلسة فقه أو عقيدة أو تزكية أو إرشاد أو شيء يفيد في الدين .
قولك يعقد جلسة واحدة في الأسبوع،هذا يصلح إن كان هناك غيره من أهل العلم،بحيث يتعاون الجميع من أجل مواجهة مشاكل المجتمع،واختيار ك لهذه المجالات لا يكون بإطلاق،إذ كل مجتمع ومشكلته،فاختيار الدواء يكون بعد تشخيص الداء،حتى نجني ثمار الجهد...وليس شرطا أن يكون مكان الدعوة المسجد فقط،وهذا هو الخطأ الذي وقع فيه الكثير من أهل العلم،فنجد الكثير ينشغل بالدعوة على المستوى العام في المقابل يغفل عنها على المستوى العائلي والفردي،وكما أن الفتوى تتغير بتغير الحال والمكان،ونحتاج لمعرفة المناط لتنزيل الأحكام تنزيلا صحيحا،وليبدأ بإصلاح نفسه وليركز على جانب الإخلاص وصدق العزم وصفاء السريرة،ثم ينتقل للأهل وهكذا الأقرب فالأقرب،والداعي يمكن أن يدعي الناس بأخلاقه وسلوكه أيضا،...
.. والمؤسف في الأمر أن الشرع في أيامنا هذه أبعد عن الحياة العامة، هل ما تقوله صحيح في رأيك؟!وإلا كيف تفسر إقبال الناس على السؤال،وسعيهم في تعلم الأحكام الشرعية المتعلقة بجوانب عديدة من حياتهم؟،أخي مهما نعيشه من أوضاع إلا أن الخير في الأمة لازال والحمد لله،فقط نحتاج للصادقين وفقط،وعن مرافق الدولة فما عادت علومه تستقطب الكثير ، فمن أراد علو المكانة لجأ إلى الطب أو الهندسة أو الإدارة أو القضاء ولسان حاله يقول "لا أريد أن أكون مجرد إمام في مسجد .. " وبالتالي لم تبق لهذه الدراسة إلا من قلت معدلاتهم الدراسية .. إلخ . إلا من رحم ربي !،معك بعض الحق فيما قلته مصورا لواقع الجزائر،إلا أن المشكلة لا ترتكز في الدولة فحسب بل تتعدى للأفراد،وأنا في رأيي -والله اعلم-أن السبب في الذين ينتسبون إلى العلم الشرعي،فتجد طالب العلم الشرعي يستحي من تخصصه،في المقابل ينسى أن أشرف وأعظم علم هو الذي يدرسه،وأن الشرف الكبير والمنزلة العالية له،وهنا أطرح سؤالا:ما السبب في هذا؟أليس أهل العلم الشرعي؟نقص التوعية، وتعريف الناس لفضيلة هذا التخصص ولشرفه،أدى إلى هذا الحال من المقال أخي الكريم...
أحسنت سؤالا !
أحسن الله إليك أخي الفاضل....
كما أن الرحمة والسكينة وحف الملائكة للمؤمنين وذكر الله لعباده عنده تحصل لمن اجتمع مع إخوانه على الطاعة والدراسة في بيت من بيوت الله . كما ورد الحديث عند الإمام مسلم.أفهم من قولك هذا أن التعلم عبر النت لا يحصل لهم ما يحصل لمن اجتمع في بيت من بيوت الله!هل من اجتمع يدرس العلم ويتدارسه عبر المواقع الخاصة لا يعد بمنزلة من اجتمع لنفس الغرض في المسجد؟.والذي أراه -والله اعلم-أن الأمران لهما نفس الأجر،إذ التطور العلمي الذي وصلنا إليه بفضل الله يسمح لنا باستغلال الدعوة عبر نطاق أوسع،والتواصل بين العلماء أصبح أكثر يسرا من سابقه،والقياس يصلح ما دام تحققت شروطه المعروفة والله اعلم.
إلا أن الاشتغال بالنت على حساب المجتمع خطأ عظيم...
تحضرني الآن قصة المدعي المهدي ابن تومرت حينما أراد أن ينشر مذهبه في مدينة بجاية (مدينة تقع وسط شرق الجزائر ولسان أهلها الأمازيغية)
فوقف يدعوا لمذهبه أمام السلطان فتصدى له أحد الفلاسفة وحذر منه وكان في المدينة يومها عدد لا بأس به من العلماء والفقهاء ، فعجز الرجل حيلة وانتقل إلى القرى النائية ونشر مذهبه الفاسد هناك وحلت الكارثة بالأمة هناك ، لكن دولتهم (الدولة الموحدية) لم تعمر كثيرا ـ ولله الحمد ـ لأنها لم تقم على أسس سليمة بل قامت على الظلم وسفك الدماء .
أهل الحق هم من يكتب لهم البقاء،أما أهل الباطل سرعانما يكتشف ضلالهم الناس،إذ لا يصلح إلا ما ارتضاه الله للناس دينا وهو السلام،ومن اتخذ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين،كما أنه في الدنيا يلحقه الخزي المبين..
ختاما ، أعجبني مقالك بارك الله فيك على ما خطت أناملك .
وفيك بارك الله،ونسأل من الله سبحانه التوفيق والإخلاص والقبول والثبات،وليجتهد أهل العلم بما يصلح المجتمع، وليتركوا كثرة الخوض في الأمور التي تزيد الطين بلة،والتي لا تستحق الاهتمام،وليترك وا الخلاف والتعصب ،وليكن قائدهم في ذلك العلم لا الهوى،وإنما التعصب للحق،والكثير -هداهم الله- يهتم بمسائل الخلاف والتجريح والطعن وينسى الأهم والغرض من الدين،وشكرا جزيلا لك أخي الفاضل ووجزاك الله الفردوس الأعلى ولا حرمك من لذة النظر لوجهه الكريم،كلامك جميل وردك رائع ،دمت في رعاية الله وحفظه..
وصل اللهم وسلم على أشرف الخلق محمد.