ابتسم
عرض للطباعة
ابتسم
فالحمد: بإزاء النعمة،
والاستغفار بإزاء الذنوب،
وذلك تصديق قوله تعالى:
{ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ
وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ }
[النساء: 79].
لنا بالله آمال وسلوى
وعند الله ما خاب الرجاء
إذا اشتدت رياح اليأس فينا
سيعقب ضيقَ شدتِها الرخاء
أمانينا لها رب كريم
إذا أعطى سيدهشنا العطاء
ففي سيد الاستغفار:
«أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي»([1])،
وفي حديث عمرو بن العاص:
«الحمد رأس الشكر،
فما شكر الله عبد لا يحمده»([2])،
كما جمع بينهما في أم القرآن (الفاتحة)،
فأولها تحميد،
وأوسطها توحيد،
وآخرها دعاء،
وكما في قوله تعالى:
{ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
[غافر: 65].
([1]) أخرجه البخاري (6323)، وأحمد (17111)،
والنسائي في الكبرى (10298)، وابن أبي شيبة 10/296،
وابن حبان (932)، والحاكم 2/458.
([2]) أخرجه عبد الرزاق (19574)،
والديلمي في مسند الفردوس (2607)،
والسيوطي في الدرر المنثور (1/11)،
والمتقي الهندي في كنز العمال (6419).
وفي حديث الموطأ:=========
«أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي،
لا إله إلا الله، وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد،
وهو على كل شيء قدير»([1]).
([1]) أخرجه مالك في الموطأ 1/214 (32)،
والترمذي (3585) من حديث طلحة بن عبد الله بن كثير.
وفي قوله:
«من قال في يوم مائة مرة:
سبحان الله وبحمده،
حطت خطاياه،
ولو كانت مثل زبد البحر»([1]).
============
([1]) أخرجه البخاري (3293)،
ومسلم (2691) (28) من حديث أبي هريرة.
وفي حديث كفارة المجلس:
«سبحانك اللهم وبحمدك،
أشهد أن لا إله إلا أنت،
أستغفرك وأتوب إليك»([1])
فيه:
التسبيح، والتحميد، والتوحيد، والاستغفار ([2]).
===========
([1]) أخرجه أبو داود (4858)، والترمذي (3433)، وأحمد (10415)،
والنسائي في عمل اليوم والليلة (397)، والحاكم 1/536، والطبراني في الدعاء (1914).
([2]) الحسنة والسيئة ـ ابن تيمية ـ (152 – 155) بتصرف.
شهود النعمة:
إن شهود العبد نعمة ربه
لا يدع له رؤية حسنة من حسناته،
ولو عمل أعمال الثقلين،
لأن نعم الله أكثر من أعماله،
وأدنى نعمة من نعمه تستنفد عمله،
فينبغي للعبد ألا يزال ينظر في حق الله عليه،
ولا يزال مزريا على نفسه ذامَّا لها،
وما أقربه من الرحمة ([1]).
===========
([1]) عدة الصابرين ـ (186) بتصرف.
وفي الصحيح:==============
«لن ينجي أحدا منكم عمله»،
قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟
قال:
« ولا أنا
إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل،
فإن أعمال العبد لا توافي نعمة من نعم الله عليه»([1]).([2])
([1]) أخرجه البخاري (6463)، ومسلم (2816) (73)،
وأحمد (10330) من حديث أبي هريرة.
([2]) عدة الصابرين ( 176 )
ومما يجب معرفته
أن ما يقدمه المسلم من صلاة وغيرها
من أعمال البر المحدودة بالأعمار القصيرة،
والتي يتخللها التقصير،
لا يمكن بحال أن تكون ثمنا للجنة،
قال صلى الله عليه وسلم :
« سددوا وقاربوا وأبشروا،
فإنه لن يدخل الجنة أحدا عمله »([1])([2]).
===========
([1]) أخرجه البخاري (6467)، ومسلم (8218)، وأحمد (24941).
([2]) النهج الأسمى ـ (296).
الفرق بين إنعام الخالق وإنعام المخلوق:
أ - إن الله سبحانه وتعالى يعطي الخلق ويتفضل عليهم
مع استغنائه عنهم،
والمخلوق لا يعطي غالبا إلا لقصد أو غرض.
ب- إنك ربما احتجت إلى شيء من المخلوق
ولا يعطيكه، لكونه محتاجا إليه،
والله سبحانه وتعالى
غني عن كل شيء،
قال سبحانه:
{ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ }
[الأنعام: 14].
ج - إنك ربما احتجت إلى شيء من المخلوق
إلا أنه لا يمكنك الوصول إليه،
فتبقى محروما من عطيته،
والله سبحانه تصل إليه بدعائك ومناجاتك
في كل وقت وحين،
قال تعالى:
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ .......}
[البقرة: 186].
يُحاذِرُني حَتْفي كأنّيَ حَتْفُهُ
وتَنْكُزُني الأفعَى فيَقتُلُها سُمّي
طِوالُ الرُّدَيْنِيّات ِ يَقْصِفُها دَمي
وبِيضُ السُّرَيجيّاتِ يَقطَعُها لحمي
كأنّي دحوْتُ الأرضَ من خبرتي بها
كأنّي بَنى الإسكَندرُ السدَّ من عزْمي
( المتنبي )
د - إنك إذا قصرت في خدمة المخلوق قطع عنك إنعامه،
والكافر يقصر بأعظم حقوق الله
ويظل إنعامه سبحانه عليه،
كما قال صلى الله عليه وسلم :
«ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله،
يدعون له الولد،
ثم يعافيهم ويرزقهم »([1]).
============
([1]) أخرجه البخاري (7387)، ومسلم (2804) (49)،
وأحمد (19527)، (19589)،
والنسائي في الكبرى (7708).
شكر النعم:===========
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
على الإنسان أن يعلم أن النعم كلها من الله،
وقد تحصل بعمله وبغير عمله،
وعمل نفسه من إنعام الله عليه،
وأن كل ما خلقه فهو نعمة،
فالله يستحق الشكر
الذي لا يستحقه غيره ([1]).
([1]) الحسنة والسيئة ـ ابن تيمية (95) بتصرف.
قال تعالى:
{ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ
ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ *
ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ
إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ *
لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ
فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }
[النحل: 53 - 55]،