المنهجية في طلب العلوم الشرعية
بسم الله الرحمن الرحيم
المقصود بالمنهجية في القراءة وطلب العلوم الشرعية :
أقصد بها الطريقة والنظام المتبع في القراءة وطلب العلم
وقيل : ( نهج يعني سار في هذا الطريق أو قام بإجراءات تصل به إلى الهدف لأن الطريق هو المعبر للوصول إلى الهدف ) .
قلت : وكذلك في القراءة وطلب العلم ، يسلك الطالب طريقة لتصل به إلى هدفه الذي يريده ويقصده ، لأن كل من سار في طريق معلومة لا بد وأن يصل به إلى نهاية معلومة ، فالطالب يسلك طريقة معينة معلومة ليحقق بغيته في طلبه وقراءته ، وقد قيل ( كم من مريد للعلم الشرعي لا يصل إليه ) قلت : وما ذلك إلا لفقد المنهجية وعدم السير على الطريقة .
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
إن الحديث عن المنهجية ليس ضربا من الخيال ، أو مجرد طرح يطرح ، وإنما هي وصايا وتجارب علماء ، ونهج نهجوه في العلم والتعليم ، ساروا عليه وأوصوا به وألفوا وكتبوا فيه وعلموه ، والحديث عن المنهجية في العلم ليس بجديد محدث ، بل قديم سلكه السالكون من قبل .
إلا أنه اليوم أصبح الحديث عن هذا الموضوع غريبا نوعا ما لا سيما بين الطلبة الجدد في العهد الحديث ، بعد إنشاء التعلم الجديد كالمدارس والجامعات التي أقتصرت على بعض العلم أو قل الجزئيات والقليل من الفتات ، وكذلك التقسيم والطروحات الغير سليمة لبعض التخصصات ، فتجد قسم للفقه مثلا يدرس الطالب فيه أربعة سنوات لا يحيط بتخصصه كما هو مطلوب فضلا عن أن يكون لديه إلمام ولو بأقل القليل بما في التخصصات الأخرى كالتفسير والحديث والعقيدة وغيرها ...
وترى العجب العجاب عندما تقول لطالب ذهب ليتخصص في تخصص معين كالفقه مثلا أقرأ كتابا في التفسير أو العقيدة أو الحديث أو غيره من غير تخصصك ليقول لك لا أحب القراءة في التفسير أو الحديث .
فيا للعجب كيف سيكون فقيها إن لم يقرأ ويفهم أولا كتاب الله وسنة رسوله ، وعلى أي أساس يبني فقهه ، فهذا بلا شك سيبقى مجرد حافظا للمسائل من كتب الفقه لا يدري كيف تم تأصيلها وعلى أي أساس بنيت هكذا .
وإن كان ولا بد بعد وجود أنظمة التدريس الحديثة ودرس فيها الطالب ، فعليه بمتابعة نفسه ، وتطوير علمه ، وتنمية معلوماته من خلال القراءة والإستماع لدروس العلماء أيضا ليعوض النقص ويسد الثلم .
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
إن على طالب العلم الشرعي ، والذي سيتصدر المجالس للدعوة أن يلم بأمور دينه وأن يكون ذا إطلاع ، ونظام التدريس اليوم لا يؤهل الطالب لهذا وحده ، لهذا عليه بالجد والإجتهاد فكان قديما طالب العلم يقرأ على شيوخه في كافة صنوف العلم حتى يخرج بعد فترة بعلم ليس بالقليل ، فكان يلم أولا بكافة العلوم من حديث وفقه وعقيدة وتفسير وووو ، حتى يكوّن عنده أرضية قوية صلبة ، لينطلق بعدها ليعلم ويدعو الناس ، هذه البداية كانت تؤهلهم فيما بعد ليتوسع في علم من العلوم أو أكثر ويكون فيه غلما من العلماء البارزين ..
فنحن عندما نقرأ عن سير العلماء نقرأ بأنه برز في كذا وكذا ، هذا مع العلم أنه لا يعني أنه لم يكن عنده شيء من العلوم الأخرى طبعا بأقدار مختلفة وبنسب متفاوتة ،
فالتخصص والتعمق في علم أو أكثر يكون بعد أن يقطع الطالب شوطا في العلم يستطيع من خلاله التميز في تخصص معين ،
فأحفظوها التخصص ومن بعده التميز لا بد أن يسبقه جولة شاملة في فنون العلم المختلفة ...
بعد أن فقد التعليم هذه الخاصية ( أعني الشمول ) قلما تجد أو ترى علما بارزا تخرج من جامعة ، فتفني الأعمار الطوال ولم تحصل شيء إلا النزر اليسير ، على عكس ما كان في القديم فقد كان الطلاب يلزمون أقدام علمائهم سنين معدودة حتى خرجوا أئمة .
وأنا هنا لا أذكر هذهخ المقارنة بين القديم والجديد من أجل البكاء والعويل على الماضيث وغنما فقط لتشخيص الحالة ومعرفة سبب الخلل ، وليس كلامي هنا دعوة لترك الجامعات والنظم الجديدة ، وغنما فقط لبعث الهمم من جديد ، وللإهتمام من جديد ، والسير في الطريق الصحيح ، وبذل الجهود لتحصيل العلم وتنمية الثقافة ورفع لحصيلة العلم لدينا ليس إلا ...
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
من فوائد المنهجية :
1 - أنها تلغي الفوضوية ، وتنهي العشوائية ، وتنزيل التخبط .
2 - تعطي العلم بتدرج .
3 - السير في الطريق الصحيح .
4 - أن الطالب في البداية يأخذ قدرا مشتركا بين سائر الفنون والعلوم .
5 - تسهل على الطالب والقارئ قرائته وطلبه للعلم .
6 - من فوائدها الكبيرة أنها تمهد للطالب ليسلك طريق التخصص ، فهي تمهد الطريق ليتوسع فيما بعد في تخصص أو أكثر يميل إليه الطالب وليبدع فيه .
7 - تعطي العلم للطالب كقطر الماء ، لأن من رام العلم جملة ذهب عنه جمله .
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
هذا الكلام لك ؟
لله درك !
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو صهيب أشرف المصري
هذا الكلام لك ؟
لله درك !
نعم لي أنا كتبته إلا ما نقلته بين قوسيم بعد قولي قيل في المشاركة الأولى
تشرفنا بمرورك أخي
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
أقسام العلوم :
العلوم هي علوم شرعية وعلوم دنيوية ولا ثالث لها ، والعلوم الشرعية هي علم الكتاب وهو أساسها وعلم السنة وهي الشارحه له والمبينة والموضحة للكتاب ، أو ما أنبثق عن هذين الأصلين من علوم شرعية أخرى مرتبطة بهما ...
والعلوم الشرعية كلها خير وأفضلها ما يعرفنا بالله تعالى ويدلنا عليه ويعرفنا بأسمائه وصفاته ، إذ أن شرف العلم بشرف المعلوم
والعلوم الدنيوية منها النافع كالتي تفيد الإنسان في حياته وفي معاملاته ووو ... ومنها الضار وما يحرم تعلمه وتعليمه كالسحر مثلا ، ومنها ما لا نفع فيه ولا ضر
لهذا كما قيل :
ما أكثر العلم وما أوسعه ... من ذا الذي يقدر على أن يجمعه
إذا كنت لا بد مطالبا ... محاولا فالتمس أنفعه
ومن علوم الدنيا ما له ربما علاقة بالشرع أو أن الشرع يعتمد عليه ببعض أحكامه لهذا فيها خير ونفع عظيم ، ولا بد من أن يقوم به بعض من أبناء الأمة لا محالة ، فهو علم ممدوح لنفعه
أما أقسام علوم الشرع : فهي تنقسم إلى علوم مقاصد وعلوم وسائل .
أما علوم المقاصد ( أو ما تسمى العلوم الأصلية ): فهي التي تقصد وتطلب ويعتنى بها لذاتها وهي ( العقيدة ، والتفسير ، والحديث ، والفقه )
وعلوم الوسائل ( أو ما تسمى علوم الآلة ، أو العلوم المساعدة ) فهي : ( أصول الفقه وأصول الحديث ، واصول التفسير ، واللغة وعلى رأس علوم اللغة النحو )
وأصول الحديث أو ما يسمى أيضا علوم الحديث أو علم مصطلح الحديث كلها أسماء لذات العلم ( أصول الحديث ) فهو أهم علوم الآلة بعد علوم اللغة لأنه خادم لكل العلوم وباقي العلوم مخدومة ، لأنه يبحث في صحة الأحاديث من عدمها وقوتها من ضعفها ، فهو يقطع بأن هذا حديث أو لا فينبني عليه حكم من عدمه ، لهذا هو خادم العلوم كلها ...
...
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
ملاحظات وتنبيهات ، وقواعد لا بد منها في المنهجية :
1 - لا بد أن نعلم أن المنهجية اختلفت عن القديم ، وذلك لدخول أمور جديدة وجب على طالب العلم تعلمها والإحاطة بها .
2 - ليس من المنهجية بل هو من الخطأ حصرها في تخصص واحد أو جزئية من جزئيات العلوم الشرعية .
3 - لا بد من التنبه في المنهجية أنها يجب أن تكون في مسارين اثنين ، مسار يصلح الشخص به نفسه ويرفع الجهل بها عن نفسه بحيث يزكي نفسه ويعلم كيف يؤدي الحق الذي عليه ، وبهذا المسار يكون مبتدأ بما لا يسع المسلم جهله ولا يعذر بجهله ، كتعلم أمور الطهارة والصلاة والصوم ووو غيرها من الفرائض التي كتبت على كل مسلم ،
أما المسار الثاني وهو ما يتزوده من علوم لتعليم الخلق ممن حوله .
4 - من الأمور المهمة في المنهجية معرفة واستحضار فضل العلم والثواب المترتب على تعلمه وتعليمه ونقله للناس .
5 - لا بد من معرفة أن الذي يسير على منهجية مثله كمثل الذي قصد مكان في ناحية معينة ، فيسير من بداية الطريق سائرا نحو مقصده متتبعا الطريق الموصل لذلك المكان ، وهو في النهاية لا بد أن يصل لمراده .
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
6 - لا بد من معرفة أن الله هو المعلم لنا ، وليس بحدة فهمنا أو لصفاء عقولنا .
7 - من المنهجية التدرج في العلم ، لأن العلم درجات ، وكما قال ابن عبد البر نقلا عن أبو عمر ( طلب العلم درجات ومناقل لا ينبغي تقديمها ... )
وكما قيل ( التدرج معراج التخرج )
8 - عمدة العلم الشرعي هو كتاب الله ثم سنة رسوله ، فالكتاب هو أصل العلوم الشرعية ، والسنة هي الشارحة والموضحة .
9 - من المنهجية عدم الإقتصار على فن واحد والإستغراق فيه ، قال الغزالي في الإحياء : ( ولا تستغرق عمرك في فن واحد منها طلبا للاستقصاء فإن العلم كثير والعمر قصير )
وقال : ( لا يدع طالب العلم فنا من العلوم المحمودة ولا نوعا من أنواعه إلا وينظر فيه نظرا يطلع به على مقصده وغايته ثم إن ساعده العمر طلب التبحر فيه وإلا اشتغل بالأهم منه واستوفاه وتطرف من البقية فإن العلوم متعاونة وبعضها مرتبط ببعض ) .
10 - ليس من المنهجية كما نسمع من المبتدئين في العلم أنه أحب التخصص هذا أو ذلك التخصص ، بل عليه في البداية الإطلاع على كل أقسام العلوم الشرعية في البداية لأنها كلها مرتبطة ببعضها البعض ، ثم كيف يقول أحدنا أنه أحب هذا التخصص وفضله عن غيره وهو لم يطلع على كل الأقسام ؟!
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
11 – من المهم بمكان في المنهجية الحفاظ على الوقت والحرص على عدم تضييعه ، فالواجب الحرص على حسن إدارة الوقت وترتيب أمور الأيام والأسابيع والشهور .
12 – أنبه على أمر مهم وهو أن كثير من الذين يدخلون عالم القراءة سرعان ما نسمع منهم في بداية الطريق : لم أحفظ شيء ، لم أستفد شيء ، لم أفهم كثيرا ، أنسى كثيرا ، هو في الحقيقة ليس كذلك ولكن هي هكذا البداية ... ومن يظن أنه سيروم العلم جملة فأقول له إنه سيذهب عنك جملة ، ولهذا فالعلم يطلب على مرور الأيام والليالي .
لأن العلم لا يتم تحصيله في يوم وليلة ، وإنما يحتاج لمثابرة وتعب ، ولا بد من الجلد في الطلب ، روى الخطيب البغدادي بإسناده في كتاب الجامع ببيان أدب السامع، ذكر حكاية عن أحد رواة الأحاديث، بأنه طلب العلم، وحرص على لقاء الشيوخ، وأخذ عنهم، لكنه لم يحفظ، مرت عليه الأيام ولم يحفظ، لم يفهم، ومضى الوقت وهو على هذا فظن أنه لا يصلح للعلم فترك العلم، فبينما هو يسير مرة إذا بماء يتقاطر على صخرة، وهذا الماء قد أثَّر في الصخرة، فحفر فيها حفرة، فنظر متأملا فقال: هذا الماء على لطافته أثر في هذا الصخر على كثافته، فليس العلم بألطفَ من الماء، يعني بأخف من الماء، وليس قلبي وعقلي بأكثف من الصخر، ورجع يطلب العلم من جديد، وحصَّل وأصبح من رواة الحديث الذين لهم شهرة.
ولا ننسى وصية الشافعي عليه رحمة الله ( وطول زمان )
رد: المنهجية في طلب العلوم الشرعية
13 – يستحسن لو اجتمع أكثر من شخص على القراءة ، لما فيه من التشجيع والمتابعة والإستمرار ، والإعانة على القراءة والطلب ، فالفرد ضعيف بنفسه قوي مع غيره .
14 – يحبذ أن يعمل الشخص كل فترة مثلا كل ستة شهور ، أو جرد سنوي لمستوى التحصيل ولمعرفة ما حصل وما الذي قطعه ، وما الذي أستفاده ، وما هي أخطاءه في هذه المرحلة وما هي خطته الجديدة ...
15 – من الواجب على طلبة العلم الإستمرار على القراءة وعدم الإقتصار على المنهاج أو المقررات التي تقرر عليه إن كان يدرس في جامعة ... وأن يكون الكتاب معه في النهار والليل وفي الصيف والشتاء ، وفي المبتدئ والمنتهى ، وفي الصغر والكبر
كما قال الإمام أحمد من المحبرة للمقبرة
إذا كان يؤذيك حر المصيف وبرد الشتاء ويلهيك حسن حال الربيع فقل لي أخذك للعلم متى ؟!