أثر النزعة الظاهرية في منهج ابن حزم الحديثي

أثر النزعة الظاهرية في منهج ابن حزم الحديثي

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبصّرون بنور الله أهل العمى، ينفون عن كتاب الله تعالى تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته، ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المجتبى، صلى عليه الله وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعـــــد: فان العلامة أبا محمد علي بن أحمد بن حزم مَعْلَمةٌ علمية عالية، حافظ مدهشٌ، مع الدقة والفهم والتفنُّن في سائر العلوم، شهد له بذلك الموافق والمخالف،إلا أنه تفرد عن بقية العلماء بمسائل خالفهم فيها في مختلف علوم الشريعة وفنونها المشرفة ،سواء كان ذلك في الفقه والأصول أو في أصول الدين أو في علوم الحديث ،على أن الأصول التي بنى عليها مذهبه واحدة يأخذ بعضها بأعناق بعض، والذي نخصه بالبحث هو علوم الحديث ، حيث إن ابن حزم خالف جماهير المحدثين في مسائل عديدة، وذلك لأسباب متعددة لعلَّ أهمها هو القول بالظاهر. فهو من العلماء الذين سلكوا في تفقههم مسلك أهل الظاهر، وهو ترك النظر في المعاني والمناسبات مطلقا، بما يُظن في ذلك أنه ظاهر النص، مما أدى به إلى الوقوع كما قال العلماء في شذوذات كثيرة خالف فيها الأئمة، فجاء بأعاجيب مع سعة علمه وحفظه ودقة ذكائه، وسأذكر في هذه العجالة مجمل ما أثرت الظاهرية أو القول بالظاهر في منهج ابن حزم الحديثي بإشارات سريعات وتنبيهات لطيفات، وذلك بذكر لأصول المسائل دون الخوض في التفاصيل غالبا تنبيها بالأصل على الفرع، ومُراعيا في ذلك مقتضى الحال ، ولست مُدَّعيا للكمال في ذلك، فما هي إلا خطوة متواضعة في حلقة بحث واسعة الجوانب عميقة الأغوار، ومما يدلك على ذلك اختلاف نظرة الباحثين في المسألة الواحدة في علوم الحديث عند ابن حزم ، إذ كل من أدلى بدلوه لم يسلم من معترض، وسببه دقة كلام هذا العلَم الهمام مع ما يتوهمه الباحث أحيانا من التناقض في كلام ابن حزم ،فيخرج كل واحد منهم بنتيجته بناء على فهمه الخاص . لا بأس أن نُذكّر أن الفقه الظاهري بمختلف صوره قائم على أربعة أصول وهي: الكتاب والسنة النبوية والإجماع والدليل،والحكم فيها يكون بلزوم ظواهرها، وقد نص ابن حزم على ذلك لقوله: (ثم بينا أقسام الأصول التي لا يعرف شيء من الشرائع إلا بها وأنها أربعة وهي: نص القرآن، ونص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي إنما هو عن الله تعالى مما صح عنه عليه السلام نقل الثقات أو التواتر وإجماع جميع علماء الأمة، أو دليل منها لا يحتمل إلا وجها واحدا).ابن حزم، الإحكام (1/71)، أحمد شاكر. وقد ذكر ابن حزم نفسُه أن هذه الأصول الأربعة راجعة إلى النص حقيقة، ثم إنه أبطل الأصول الأخرى التي اعتمدها أهل المذاهب الأخرى كالقياس والاستحسان، وسد الذرائع وغيرها، أبطلها جميعا، وخاصة القياس الذي بالغ ابن حزم في إنكاره وأبطاله حيث إنه عقد فصلا كاملا في كتابه (الإحكام) أبطل فيه القياس،وليس هذا موضع التفصيل والبيان ،وهذا المنهج الذي سلكه ابن حزم تأصيلا وتفريعا جعل كثيرا من أهل العلم بالحديث ينتقدونه بل ونُسب بسبب ذلك إلى الشذوذ . إن النظرة الظاهرية تغلغلت في منهج ابن حزم الحديثي حتى بلغت علم الرجال والجرح والتعديل، توثيقا وتضعيفا وتجهيلا وتعريفا، نتج عن ذلك كله أن قعَّد رحمه الله قواعد في علوم الحديث لم يسبقه أحد إليها بل هي خاصة به ، ومن أهم تلك القواعد والمسائل التي ظهرت فيها ظاهريته في علوم الحديث والرجال ما يلــي: أولا: أن الرجال عند ابن حزم على درجتين فقط، إما "الثقــة"، وإما "الضعف" وحديث الثقة عنده (في غاية الصحة)، وحديث الضعيف عنده (في غاية السقوط)، وكان من نتائج هذا المنهج هو أن الراوي الثقة لا يخطئ أبدا وهو عنده شبه معصوم، كما أن الراوي الضعيف "لا يحفظ أبدا". وكان من نتائجه ترك النظر في دقائق العلل والترجيح بين روايات الحفاظ والثقات، وقد صرح بتخطئة القياسين في كتابه (الإحكام)، بل إنه خطَّأ جماهير المحدثين وأئمة العلل في ترجيحاتهم بالأوثق والأحفظ والأكثر. وكان من نتائجه أنه لا وجود للحديث الشاذ عند ابن حزم أو المعلّ وَفق نظر المحدثين، كيف لا ومنهجه هذا في (الراوي الثقة) الذي يقول فيه ابن حزم إنه لا يخطأ، بل وجعل دعوى الخطأ في خبر الثقة لا يجوز إلا بأحد ثلاث أمور: الإحكام (1/137). الأمر الأول: اعتراف الراوي بخطئه. الأمر الثاني: شهادة عدل على أنه سمع الخبر مع راوية، فوهم فيه فلان. الأمر الثالث: وإماأن توجب المشاهدة بأنه أخطأ قال ابن حزم: (ولا نلتفت إلى دعوى الخطأ في رواية الثقة إلا ببيان واضح لا شك فيه). المحلّى، (3/242)،أحمد شاكر. وهذه الأمور التي ذكرها ابن حزم التي توجب خطأ هذا الراوي الثقة، كلها راجعة إلى ظاهر الأمر، ولو أراد محدث أن يطبقها لما استطاع، لأنها ليست خاصة بالنقد الداخلي، فهو بهذه النظرة الظاهرية خالف المحدثين في كثير من أحكامهم وقواعدهم . ثانيا: أنَّ الحديث الصحيح عند ابن حزم هو: "الحديث المسند الذي يتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه" فقط، ونفي الشذوذ والعلة القادحة الخفية غير وارد هنا لما ذكرناه عنه وهذا منهجه غالبا ،ولكنه أحيانا يجري على سَنَن المحدثين في التعليل ،وإعلاله للحديث يكون بما ظهر وما خفي كما هو مُبيَّن في مواضعه. ثالثا: ترك الاعتبار بالحديث الضعيف "مطلقا"، حتى ولو كان مختلفا فيه، حيث إن ابن حزم يعتبر حديث الضعيف في غاية السقوط، وأن الراوي الضعيف عنده بأي نوع من أنواع الضعف لا يقبل حديثه أبدا، كم هو مُوضَّح في بابه ، فهو يرى بأن حديث الضعيف حديث باطل غير صحيح، ولا يرتقي إلى الحسن أبدا ولو جاء من ألف طريق، ولا يقيم وزنا لمتابع أو شاهد، حتى إن بعض الأحاديث التي ضعفها أصولها في الصحيحين وغيرهما، فهو بطريقته هذه لم يقبل كثيرا من الأحاديث التي هي من هذا القبيل . ويكفي أن ننظر مثلا في قوله عن إسناد فيه: (أبو بكر بن عياش، وعبد الملك بن أبي سليمان، وزهير بن محمد)- وهؤلاء مخرج لهم في الصحيحين -: (وهؤلاء الثلاث الأثافي والديار البلاقع أحدهم كان يكفي لسقوط الحديث).المحلّى ، (9/165).ووصفهم في مواضع أخرى بأوصاف الجرح التي تدل على سقوطهم، كقوله (ساقـط)، متروك ونحوها، ولو أردت أن تصف كذابين بأبلغ من هذا الوصف ما استطعت؟!. وكذلك من الأمثلة على ذلك: •"طلحة بن يحي الأنصاري" أخرج له البخاري ومسلم، قال فيه (ضعيف جدا).المحلى، (6/249). • طلق بن غنام النخعي "أخرجه له البخاري وأصحاب السنن الأربعة، قال فيه ابن حزم (ضعيف)".المحلى، (6/227). •عبد "الكريم بن أبي المخارق" أخرج له البخاري ومسلم، قال فيه العلامة ابن حزم، في مواضع من المحلى، "هالك"، المحلى، (6/114). ساقط،المحلى، (6/72). وغيرها من العبارات. وغيرها من الأمثلة التي تبين أن ابن حزم منهجه في الراوي الضعيف عنده، هو ترك حديثه مطلقا وعدم الاعتداد به، ولو كان ضعفه يسيرا من جهة حفظه، وأنه لا وجود للمتابعات والشواهد عنده التي تبين أن هذا الحديث له أصل معين. رابعا:التدليس وزيادة الثقة عند ابن حزم مبني على قاعدته"أن الراوي الثقة لا يخطئ أبدا، وأن الضعيف متروك حديثه مطلقا"، فهو عنده تدليس الثقة وتدليس الضعيف، فتدليس الثقة عنده مقبول ولو عنعن ولم يصرح بالسماع جريا على أن خبر الثقة مقبول مطلقا ولو خالف أو دلس ونحو ذلك، وهو خاص به ولم يقل به أحد من أئمة الحديث. وتدليس الرواة الضعفاء مردود عنده مطلقا، بل ذلك جرح فيهم، وعليه تُرد جميع رواياتهم ولا يقبلهم صرحوا بالسماع أو لم يصرحوا، المهم ما دام أنهم ضعفاء فهم في حيز المردودين،ولم يجر على سَنن المحدثين في هذه المسألة إلاّ مع راو واحد وهو أبو الزبير المكي لأنه صرح هو بذلك كما ذكرناه في ثنايا البحث،بل ولاضطرابه في هذه المسألة نُسب إلى التناقض. السلسلة الضعيفة للألباني (1/92)[COLOR=window****][/COLOR]
ومثله زيادة الثقة فهي مقبولة عنده مطلقا، بناءا على مذهبه في الثقة ،فخبره مقبول مطلقا ولو خالف غيره من الحفاظ بزيادة تنافي روايتهم،كما أنه يحاول قدر المستطاع أن يجمع بينها وبين الرواية الأخرى، دون أن يطرح الرواية الشاذة إلا نادرا ،لأن نفي الشذوذ غير وارد عنده. خامسا: وكان من نتائج النظرة الظاهرية عند ابن حزم في علوم الحديث والرجال أنه لا يعتبر قول الصحابي:"أمرنا أو نهينا" من قبيل المرفوع، فهو لا يعد القول منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا إذا قال الصحابي: قال النبي صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك، فلا بد من التصريح، لأنه يرى أن قول الصحابي هذا قد يكون اجتهادا منه هو، وهذا احتمال وإذا دخل الاحتمال بطل أن يكون هذا مسندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما أن قول الصحابي عند ابن حزم أصلا لا يحتج به،الإحكام لابن حزم، (2/72) ، وابن حزم لأبي زهرة، ص(432-433). ولازم هذا المذهب هو عدم قبول كثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي جاءت على هذا النحو، وتعطيل كثير من الأدلة الشرعية التي تعد أدلة مستقلة في حد ذاتها. هذا إذن مجمل ما أثرت فيه الظاهرية أو القول بالظاهر في منهج ابن حزم الحديثي، وفي حكمه على الرجال في مسائل الجرح والتعديل، والملحظ المهم في هذا هو أن ابن حزم له منهجه الخاص في علوم الحديث وله مدرسة مستقلة في النقد، بسبب القول بالظاهر مع الإستقلالية في الفهم،ويجدر التنبيه إلى أن ابن حزم تنظيره أحيانا لا يكون متوافقا مع تطبيقاته مما سبب الخلل في فهم منهجه الحديثي من قبَل الباحثين ،بل ناقض ابن حزم نفسه في بعض المسائل، والنظرة الظاهرية من أسباب ذلك ، ولكنه من حيث الجملة يحمل فكر المحدثين بل وله معرفة بالحديث الصحيح ، وصدق الذهبي لما قال :( ولي أنا ميل إلى أبي محمد لمحبته في الحديث الصحيح، ومعرفته به، وإن كنت لا أوافقه في كثير مما يقوله في الرجال والعلل والمسائل البشعة في الأصول والفروع، واقطع بخطئه في غير ما مسألة، ولكن لا أكفره ولا أضلله، وأرجوا له العفو والمسامحة وللمسلمين، وأخضع لفرط ذكائه وسعة علومه).اهـ. السير، (18/203) ،شعيب، وأخيرا لا بد أن نقول:إن ظاهرية ابن حزم لم تكن شرا محضا، بقدر ما كانت لها آثار حميدة شهد بها المنصفون من أصحاب الفكر الثاقب، والنظرة السوية، وأرباب الحجا والعدل والإنصاف، والمجال مفتوح لكل منصف للتدقيق أكثر حول علوم الحديث عند ابن حزم فهو تراث كبير يحتاج إلى خدمة منكم يا أهل السنة والجماعة ،فأنتم أحق الناس بابن حزم وكتبه وعلومه ،ولنا في مدرسة ابن تيمية المثل الأعلى ،وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، والعلم عند الله تعالى وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الأخ أبو عبد المهيمن - أيدهُ الله - / حبذا لو أعدت تنسيق الموضوع لأنهُ يظهرُ لي فيه بعض الشغبْ ! - سلمك الله - وجُزيتم كُل خير . ولنا عودة للقراءة المتأنية لهذا المقال الماتع حلما تعدلون عليه نفعنا الله بكم .

أخي الفاضل لقد عدلته بفضل الله وأعدكم بالمزيد سلام.

السلام عليكم ورحمة الله تلخيص منهج إبن حزم بهذه الطريقة فيه غبن وسوء كيلة وليتك عرضت المسائل كما زورها صاحبها وإختياراته كيف بناها وما خالفها كيف دحضها بعض النقاط أراك لم تتصورها تمام التصور مثل زيادة اللثقة وتقسيم المدلسين وإبهام إسم الصحابي وصيغة أمرنا ونهينا وغيرها وأصول إبن حزم مطردة مبنية على الظاهر واليقين وطرح الظن والكهانة وميلان النفس وغيرها وليس بصحيح أن كل من جهله إبن حزم فهو مجهول عنده هذا ليس مذهبه ولا خطر له على بال أما جسارته ووقوعه في أخطاء من تجهيل وتضعيف ثقات فذلك مسلم ومن يسلم ولو جعلت كل مسألة في موضوع مستقل وأنصفت مقالة االرجل وأستوفيت حججه وناقشته أو ناقشه غيرك لكان جد مفيد وتمرين وشحذ لأذهان محبي وطالبي مصطلح الحديث

أخي محرز الباجي لو تريثت قليلا ونظرت في منهج ابن حزم بنفسك لكان لك كلام آخر،ولكن ما ذكرته في البحث هو نتيجة استقراء لكلام ابن حزم من خلال كتبه،مستعينا بعد الله بفهوم الأئمة بدءا من ابن القطان الفاسي والذهبي وابن حجر وابن تيمية وابن القيم الى هذا العصر ،بل بعض المحققين يرى بأن ابن حزم ليس بمحدث أصلا ،كما أحيطك علما بأن جل من بحث عن ابن حزم من المعاصرين في رسائل الماجستير والدكتوراه وصلوا الى النتائج التي وصلت اليها في الغالب،كما أن البحث مدلل ومدعم بالأمثلة ، نعم ربما يختلف الباحثون في وجهات النظر وفي فهم كلام ابن حزم ولكنهم متفقون على جل ما ذكرته ،أدعوك أن تحرر بعض المباحث بنفسك وتنظر ،وربما بعض المباحث لم تفهمها عن ابن حزم ،وأنا حاولت قدر المستطاع أن أنصف الرجل الى حد بعيد،ولست أدعي الكمال فالقصور هو صفة كل عمل بشري والكمال لله الواحد الاحد،كما أدعوك أخي الفاضل عندما تكتب ردا جمله بحسن العبارة وأدب الاشارة لكي يقبل منك ذلك ،وهذا من أخلاقيات طالب العلم فالله الله في الأدب ، وختاما استسمحك ومنكم نستفيد. والسلام عليكم

بسم الله أما بعد أخي في الله فلندع التكلف والحشو والأدب ولنذهب مباشرة للموضوع ولا عليك أن تترس بمن شئت من أهل العلم أوبرسائل الماجستير والدكتوراه والتي كثير منها لا تساوي المداد الذي خطت به ولا الورق الذي طبعت عليه فالعبرة بالبرهان والحجج القواطع التي ترفع الشغب والنزاع أما حكاية بعض المحققين الذين يرون أن إبن حزم ليس بمحدث فهذه تفاهة يكفي مجرد إيرادها لردها ولقد أوردت أشياء يعجب لها من له بعض إلمام بمذهب الرجل ولقد إدعيت وعليك البينة أن تأتيني بالنص الكامل أين قال الإمام أن خبر الثقة يقبل مطلقا أجب عن هذه ثم سننتقل واحدة واحدة للنقاط الأخرى التي نسبتها للعالم المحدث الجليل أبي محمد الفارسي وهي كثيرة وهو منها براء ولا أخفيك سرا أنني أبغض الأدب المصطنع وأحب الأدب الذي يقع موقعه كما يقع الربيع على الأرض العطشى

الأخ الكريم محرز الباجي - أيدهُ الله تعالى ونفع به - .
في معرض قراءة ما تفضلتم بهِ وجدتُكَ تقول أن من قال أن ابن حزم " ليس محدثاً فقد أتى بالتفاهات " ! فلا يجوزُ ردُ هذه الدعوى التي رأيتُ كثيراً مِنْ المُحدثين يقولُ بها بهذه الطريقة - سلمك الله - فما هي بينةُ شدتك هذه على المحققين في بيان مخالفة ابن حزم لمنهج المحدثين في نقد السنة وفي العلل ، فقد أعل حديث " المعازف " بعلةٍ لا تقدحُ بهِ وأنكرها لأنهُ يرى حلية المعازف في مذهبهِ وليس هذا سؤالنا فالذي نريد سؤالكم إياهُ ، دلل يا عبد الله بما قلت مِنْ كلامٍ هُنا .

أبا زرعة الرازي سلمك الله الكلام لم يوجه لك فأترك الرجل يرد وينافح عما إدعاه ولا تعوم المسائل بالكلام العام والإطلاقتات غير المنظبطة ولا أدري حكاية منهج المحدثين ومذهبهم من أين أتيت بها وكأنهم نسيج واحد وعلى قول متفق أما حكاية حديث المعازف فدعك منه وما أراك أوردته إلا للتشنيع على الرجل وإسقاطه في عيون المبتدئين وجمهور الناس الذين يرتادون هذه المجالس وأكرر فأقول دع القوس لباريها والمقالة لمدعيها فإن كنت ترى رأيه فأثبت ما إدعاه إن سمح لك وأجب عن السؤال الأول فإذا أتينا عليه بما يستحقة إنتقلنا للذي بعده حتى لا يتشتت الموضوع ويكثر اللغط والقيل والقال بدون فائدة تحصل ولا تحقيق حق يحصل

الأخ الكريم محرز الباجي - غفر الله لك - .
ما هكذا يكونُ الحوار يا عبد الله ! إذ تقولُ أننا نطلق الكلامَ عاماً وأغلبُ ما تفضلت بهِ وجُله كلامٌ عامٌ غير قائمٍ على بينةٍ علميةٍ مُجرداً مِنْ الأدب في الحوارات العلمية ! وقد طرحتُ عليك سؤالاً وأربأ بك أن تهرب منه بهذه الطريقة التي أسأت فيها معنا وإتهمتنا بأننا نريد التشنيع على ابن حزم - رحمه الله - أمام طالب العلم المبتدئ ! ولذلك فإني أطالبك بإثبات ما إدعيت حيث قلت وأما قول " أنه غير محدث " تفاهات ! وتجرأت ورميت من وصفهُ بهذه السمة بالتفاهةِ ولله المُشتكى فدلل على كلامك .

والبينةُ على المدعي يا عبد الله .

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
أذكر الأخ المكرم الباجي بلزوم الهدوء، والأدب عند المباحثة،،،، فإن التشنج باد عليه!
وأنصحه قبلها بالتأني، ودراسة ما كتب في مبادئ علم "علل الحديث"، وإدمان النظر في تعليلات الأئمة النقاد زمنا طويلا ،،،، ثم لينظر بعدها بعين الإنصاف إلى طريقة ابن حزم الظاهري في النقد -ليعلم هل هو على طريقة أئمة العلل كابن المديني وأحمد والبخاري ونظرائهم أم لا !

(وستعلم إذا انجلى الغبار *** أفرس تحتك أم حمار)

قال ابن القيّم رحمه الله في "الفروسية" (ص246): «قالوا: وأما تصحيح أبي محمد بن حزم له، فما أجدره بظاهريته وعدم التفاته إلى العلل والقرائن التي تمنع ثبوت الحديث، بتصحيح مثل هذا الحديث وما هو دونه في الشذوذ والنكارة. فتصحيحه للأحاديث المعلولة وإنكاره لنقلتها، نظير إنكاره للمعاني والمناسبات والأقيسة التي يستوي فيها الأصل والفرع من كل وجه. والرجل يصحّح ما أجمع أهل الحديث على ضعفه.وهذا بَيّنٌ في كتبه لمن تأمله».
هذه هي المداخلة الأولى لي في الموضوع، وعساها تكون الأخيرة إن شاء الله، فالأمر الذي أشرت إليه لا يستحق الوقوف عنده طويلا
ومعذرة على المقاطعة أيها الأفاضل ،،،، والسلام عليكم.

تعويمكم للموضوع لن يفيد الجدال شيئا وهكذا لن نتقدم الرجل أورد نقاط عليه أن يدلّل عليها أعيد السؤال أين قال إبن حزم الظاهري أن خبر الثقة يقبل مطلقا هكذا وأن الضعيف لا يحفظ أبدا الرجاء من الإخوة الإلتزام بقانون الجدل دمتم بخير

الأخ الكريم محرز الباجي - غفر الله لك - .
ان كُنت تستشكلُ على الأخ بعض النقاط التي أوردها وتشنعُ عليه فلما لا تُجيب على ما سألناهُ لك يا عبد الله ! .

أخي محرز أظن أن هذه النقول عن ابن حزم تكفيك لبيان أنه يقبل زيادة الثقة مطلقا ، ومن أسباب ذلك نزعته الظاهرية ،نعم أحيانا يجري على سنن المحدثين ، ولكنه في الغالب ما ذكرناه عنه، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا ،واليك أقواله في زيادة الثقة يقول ابن حزم:(وبتلك الدلائل والبراهين بأعيانها وجب اطراح العلل التي راموا بها إبطال الأخذ بالزيادة،وبما أرسله عدل،وأسنده عدل وما خولف فيه راويه وبذلك البرهان نفسه وجب قبول الزيادة وان انفرد بها العدل... ) .الإحكام لابن حزم، (2/94).وقال: ولا يصح الخطأ في خبر الثقة إلا بأحد ثلاثة أوجه، إما تثبت الراوي واعترافه بأنه أخطأ، أو إما شهادة عدل على أنه سمع الخبر مع راويه، فوهم فيه فلان، وإما بأن توجب المشاهدة، بأنه أخطأ) الاحكام، (1/137).وإذا روي العدل زيادة على ما روى غيره، فسواء انفرد بها، أو شاركه فيها غيره، مثله، أو دونه، أو فوقه، فالأخذ بتلك الزيادة فرض ) .الإحكام لابن حزم، (1/90).ولا فرق بين أن يروي الراوي العدل حديثا فلا يرويه أحد غيره، أو يرويه غيره مرسلا، أو يرويه ضعفاء، وبين أن يروي الراوي العدل لفظة زائدة لم يروها غيره، من رواة الحديث وكل ذلك سواء واجب قبوله بالبرهان الذي قدمناه في وجوب قبول خبر الواحد العدل الحافظ، وهذه الزيادة وهذا الإسناد هما خبر واحد عدل حافظ، ففرض قبولهما، ولا نبالي روى مثل ذلك غيرهما أو لم يروه سواهما، ومن خالفنا فقد دخل في باب ترك قبول خبر الواحد، ولحق بمن أتى ذلك من المعتزلة وتناقض في مذهبه، وانفراد العدل باللفظة كانفراده بالحديث كله ولا فرق) قال أبو محمد: (زيادة الثقة مقبولة، وابن عمر اقتصر على ما سمع، وليس مغيب ما ذكره أبو هريرة عن علم ابن عمر حجة على علم أبي هريرة، وكلاهما قال ما سمع بلا شك) .المحلّى لابن حزم، ج9/228. وهذا الحديث في ملاحظة النسائي الناقد الحافظ، أنه لم يسند عن عبد الله بن الفضل إلا من قبل عبد العزيز وأن إسماعيل بن أمية رواه عنه مرسلا .النسائي السنن الكبرى ،ج4، ص54.. وهذا إشارة منه إلى مخالفة –عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون لمن هو أوثق منه وهو اسماعيل بن أمية، ولكن الحافظ ابن حزم لم يرتض ذلك من أحمد من شعيب، وذكر بأن الزيادة من الراوي الثقة مقبولة، جريا على أصله الذي وضعه ومنهجه الذي لا يحيد عنه وهو أن الزيادة من الثقة مقبولة، وهذه الزيادة كانت ووقعت هنا في السند.وقال: "ولا يصح الخطأ في خبر الثقة إلا بأحد ثلاث وجوه: أ/ إما تثبت الراوي واعترافه بأنه أخطأ فيه. ب/ وإما شهادة عدل على أنه سمع الخبر مع راويه فوهم فيه فلان. ج/ وأما أن توجب المشاهدة أنه خطأ ". الإحكام،1/137. وهذا كما ترى ظاهرية بحتة ، وهناك أقوال أخرى كثيرة والامثلة كذلك ،وأدعوك الى قراءة ما كتبته في بحثي بروية ، وأقول لك أخي محرز إن اولئك الذين قللت من شانهم وحططت من أقدارهم ربما فقهوا مذهب ابن حزم أحسن وأفضل منك بكثير ،ونصروه وحرروه أيما تحرير ،ولولا تحاملك الشديد على اخوانك لما كتبت لك هذا الكلام أصلا لأنك لا تفقه أبجديات الجدل والمناقشة،وأنا ان أخطأت اتراجع باذن الله،وان كنت أخي محرز ظاهريا فخذ منها ما ينفعك ،لا ما يضرك، وما هكذا يا سعد تورد الابل، نصيحتي لك مرة أخرى لزوم الأدب والتواضع مع اخوانك المسلمين والسلام.

الأخ الفاضل أبو عبد المهيمن - سددك الله - .
بارك الله فيكم هذا الأدب في المناقشات العلمية جعلنا الله وإياكم ممن رزق فهم القرآن والسنة وكلام الأئمة وعلوم الحديث .

السلام عليكم ورحمة الله يبدو أن أهل الإسلام في هذا الزمان قد ضاقت صدورهم ولا تستطيع أن تتعامل معهم إلا بالقفازين إلا من رحم ربك لا يهم سأعرض صفحا عما قلته في الأسطر الأخيرة إن كنت قد إنتصرت لنفسك فالله حسيبك وأن قلته عن تجرد للحق فأحسن الله إليك وزادك علما وورعا قد أطلقت القول أن إبن حزم يقبل زيادة الثقة مطلقا ثم إستدركت وقلت أن الثقة يخطأ في حالات وترد روايته وهذا ينقض إطلاقاتك التي صدرت بها الكلام من أن الثقة عنده لا يخطأ أبدا ثم قلت أن الضعيف عنده لا يحفظ أبدا هكذا بهذه الصيغة فليتك تأتينا بمصدرها أين قالها ولا تتجاوز النقاط واحدة بواحدة وأعلم أنني لا أناقشك في صحة إختيارات الإمام إنما المراجعة في صحة ما تنسبه له وفقك الله لكل خير