جواب ما صحة هذا الحديث : " كيفما تكونوا يولى عليكم " ؟
الجواب : هذا الحديث حكم عليه علماء الحديث بالضعف بل قال الشوكاني في إسناده وضاع وفيه انقطاع ، وأسانيده لا تخلو من ضعيف أو مدلس أو مجهول أو متروك أو وضاع وبذلك لا تقوم به حجة ، وهو كغيره من بعض الأحاديث قد يكون معناه صحيحا ولكنه ليس بحديث ، فالحديث المنسوب للنبي صلى الله عليه وسلم يجب أن تتوفر فيه صفات الصحة للقبول لأنه تترتب عليه أحكام ونتعبد لله بما فيه .
قال الألوسي في تفسيره عند قول الله تعالى: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون. إن الرعية إذا كانوا ظالمين سلط الله تعالى عليهم ظالما مثلهم. انتهى.
وفي تفسير القرطبي عند هذه الآية عن ابن عباس قال: إذا رضي الله عن قوم ولي أمرهم خيارهم، وإذا سخط الله على قوم ولي أمرهم شرارهم . ا.هـ .
وأنقل هنا أقوال أهل العلم في سند هذا الحديث والحكم عليه :
جاءت هذه العبارة مرفوعةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين :
- الـطـريـق الأولـى :
روى القضاعي في مسند الشهاب (1/336) من طريق الكرماني بن عمرو ، ثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثم كما تكونون يولى أو يؤمر عليكم .
وفي هذا السند المبارك بن فضالة ، قال الحافظ ابن حجر في التقريب : صدوق يُدلِّس ويُسوي . وتدليس التسوية من أسوء أنواع التدليس .
وقد تكلم عدد من أهل العلم في روايته عن الحسن البصري.
قال نعيم بن حماد عن عبد الرحمن بن مهدي : لم نكتب للمبارك شيئا إلا شيئا يقول فيه : سمعت الحسن . وفي هذا السند لم يقل المبارك بن فضالة : حدثنا .
قال المناوي في فيض القدير عن هذا السند (5/47) : قال ابن طاهر : والمبارك وإن ذكر بشيء من الضعف فالعمدة على من رواه عنه فإن فيهم جهالة .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في تخريجه لأحاديث الكشاف (1/345) : رواه القضاعي في مسند الشهاب وفي إسناده إلى مبارك مجاهيل .ا.هـ.
وقال العجلوني في كشف الخفاء (2/166) : وأخرجه ابن جميع في معجمه ، والقضاعي عن أبي بكرة بلفظ : يولى عليكم بدون شك ، وفي سنده مجاهيل .ا.هـ.
- الـطـريـق الـثـانـيـة :
رواها الديلمي في مسند الفردوس ، والبيهقي في " الشعب "كما رمز له السيوطي في الجامع الصغير ، وذكر سنده المناوي في فيض القدير (5/47) فقال :
( فر ) وكذا القضاعي كلاهما من حديث يحيى بن هاشم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده عن ( أبي بكرة ) مرفوعا . قال السخاوي : ورواية يحيى في عداد من يضع .
( هب ) من جهة يحيى بن هشام عن يونس بن إسحاق (عن أبي إسحاق ) عمر بن عبد الله ( السبيعي مرسلا ) بلفظ : كما تكونوا كذلك يؤمر عليكم ، ثم قال : هذا منقطع ، وراويه يحيى بن هشام ضعيف .ا.هـ.
وقال العجلوني في " كشف الخفاء " (2/166) : قال في الأصل : رواه الحاكم ، ومن طريقه الديلمي عن ابي بكرة مرفوعا ، وأخرجه البيهقي بلفظ : يؤمر عليكم . بدون شك ، وبحذف أبي بكرة ؛ فهو منقطع .ا.هـ.
وأورد هذا الحديث السيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة (ح 329) فقال : حديث : " كما تكونوا يولى عليكم " .
ابن جميع في " معجمه " من حديث أبي بكرة ، والبيهقي في " الشعب " من حديث يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه مرفوعا ، ثم قال : هذا منقطع .
قال الشيخ محمد لطفي الصباغ محقق الدرر في الحاشية : ضعيف ...
وأورده أيضا المُلا علي القاري في الأسرار المرفوعة ( ح 281) ، والشوكاني في الفوائد المجموعة ( ح 624) وقال : في إسناده وضاع . وفيه إنقطاع .ا.هـ.
وجاء في تذكرة الموضوعات : في سنده انقطاع وواضع هو يحيى بن هاشم ، وله طريق فيه مجاهيل .ا.هـ.
وقال الزرقاني في مختصر المقاصد الحسنة ( ح 772) : ضعيف .
وقد ذكر الحديث العلامة الألباني في الضعيفة (320) ، وضعيف الجامع (4275) ، والمشكاة (3717) ، وقال : ضعيف .
أثـرٌ عـن الـحـسـن الـبـصـري :
قال السخاوي في المقاصد الحسنة عند حرف الكاف :
وعند الطبراني معناه من طريق عمر وكعب الأحبار والحسن فإنه سمع رجلاً يدعو على الحجاج فقال له : لا تفعل إنكم من أنفسكم أتيتم ، إنا نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن يستولي عليكم القردة والخنازير ، فقد روي أن أعمالكم عمالكم ، وكما تكونون يولى عليكم .
وقد بحثت عنه في معاجم الطبراني بهذا اللفظ فلم أجده .
* فـوائـدُ فـي ثـنـايـا الـبـحـث :
- الــفــائــدة الأولــى :
قال العجلوني في كشف الخفاء (2/166) : وفي فتاوى ابن حجر : وقال النجم : روى ابن ابي شيبة ، عن منصور بن أبي الأسود ، قال سألت الأعمش عن قوله تعالى : " وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا " [ الأنعام : 129 ] ما سمعتهم يقولون فيه ؟ قال : سمعتهم إذا الناس أمر عليهم شرارهم .
وروى البيهقي عن كعب قال : إن لكل زمان ملكا يبعثه الله على نحو قلوب أهله ؛ فإذا أراد صلاحهم بعث عليهم مصلحا ، وإذا أراد هلاكهم بعث عليهم مترفيهم .ا.هـ.
أما أثر الأعمش فقد رواه أيضا أبو نعيم في الحلية (5/51) .
- الــفــائــدة الــثــانــيــة :
قال العلامة الألباني في الضعيفة (320) بعد تخريجه للحديث :
ثم أن الحديث معناه غير صحيح على إطلاقه عندي ، فقد حدثنا التاريخ تولي رجل صالح عقب أمير غير صالح والشعب هو هو .ا.هـ.
- الــفــائــدة الــثــالــثــة :
قال الطرطوشي في سراج الملوك ( ص 197) :
الباب الحادي والأربعون في " كما تكونوا يولى عليكم " .
لم أزل أسمع الناس يقولون : " أعمالكم عمالكم كما تكونوا يولى عليكم " إلى أن ظفرت بهذا المعنى في القرآن قال الله تعالى : " وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا " [ الأنعام : 129 ] ، وكان يقال : ما أنكرت من زمانك فإنما أفسده عليك عملك .
وقال عبد الملك بن مروان : ما أنصفتمونا يا معشر الرعية ، تريدونا منا سيرة أبي بكر وعمر ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم .....ا.هـ.
- الــفــائــدة الــرابــعــة :
استدل بعض أهل اللغة بلفظ هذا الحديث على فائدة لغوية ذكرها ابن هشام في المغني ، وسأنقل هذه الفائدة من " مختصر مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري " للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – ( ص 110-111) :
القاعدة الحادية عشرة :
من ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام ، ولذلك أمثلة منها : إعطاء كلمة ( غير ) حكم ( إلا ) في الاستثناء ، وإعطاء حكم ( إلا ) حكم ( غير ) ، ومنها إعطاء ( أن ) حكم ( ما ) المصدرية المهملة في الإهمال وبالعكس ، ومُثِّل له بقوله صلى الله عليه وسلم : " كما تكونوا يولى عليكم " ذكره ابن الحاجب ، والمعروف : " كما تكونون " ...ا.هـ.
http://www.khaledabdelalim.com/home/play-2640.html
رد: جواب ما صحة هذا الحديث : " كيفما تكونوا يولى عليكم " ؟
الأخ الفاضل أبو عبد البر - وفقه الله - .
جزاك الله تعالى كُل خير وجزى الشيخ خالد خيراً على كتابة هذا البحث النافع .
رد: جواب ما صحة هذا الحديث : " كيفما تكونوا يولى عليكم " ؟
بارك الله فيكم
عن قيس بن أبي حازم قال دخل أبو بكر رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تكلم فقال ما لها لا تكلم قالوا حجت مصمتة قال لها تكلمي فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية فتكلمت فقالت من أنت قال امرؤ من المهاجرين قالت أي المهاجرين قال من قريش قالت من أي قريش أنت قال إنك لسئول أنا أبو بكر قالت ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية قال بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم قالت وما الأئمة قال أما كان لقومك رءوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم قالت بلى قال فهم أولئك على الناس [رواه البخاري كتاب المناقب باب: أيام الجاهلية]
قال ابن حجر: قوله : ( ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح )
أي دين الإسلام وما اشتمل عليه من العدل واجتماع الكلمة ونصر المظلوم ووضع كل شيء في محله .
قوله : ( أئمتكم )
أي لأن الناس على دين ملوكهم , فمن حاد من الأئمة عن الحال مال وأمال .