-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
254- كتب مبذولة
قرىء على أبي الفتح الميدومي - بمصر، وأنا أسمع - أخبركم أبو الفرج الحراني، قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن عثمان بن عبد الله العكبري الواعظ، من لفظه وحفظه، قال: أنشدني شيخي "ابن الباقلاني" المقرىء الواسطي:
كتبي لأهل العلم مبذولة ... أيديهم مثل يَدِي فيها
متى أرادوها بلا مِنَّةٍ ... عارية فليستعيروها
حاشاي أن أكتمها عنهمو ... بُخلا كما غيري يُخفيها
أعارَنا أشياخُنا كُتبهم ... وسنةُ الأشياخِ نُحْيِيهَا
وقد روى هذه الأبيات ابن السمعاني عن ابن الباقلاني، قال: أنشدني "خميس الجوزي" لنفسه.
المصدر: [ ذيل طبقات الحنابلة (2 / 527 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
255- مصيبة والد
ذكر "ناصح الدين بن الحنبلي": أن "ابن نجا" نَشَأَ له ولد حسن الصورة, فلما بلغ أخذ في سبيل اللهو، فدعا عليه فمات, فحضر الناس والدولة لأجله، فلما وضعوا سريره في المصلى نصبوا للشيخ كرسيا إلى جانبه، فصعد عليه، وحمد الله تعالى، وقال:
اللهم إن هذا ولدي بلغ من العمر تسع عشرة سنة، لم يجر عليه فيها قلم إلا بعد خمس عشرة سنة، بقي له ثلاث سنين، نصفها نوم، بقي عليه سنة ونصف، قد أساء فيها إلي وإليك, فأما جنايته علي، فقد وهبتها له, بقي الذي لك فهبه لي, فصاح الناس بالبكاء, فنزل وصلى عليه.
المصدر: [ذيل طبقات الحنابلة 2 / 535]
قلت - رحم الله والدي-:
بيان وتوضيح: "ابن نجا": علي بن إبراهيم بن نجا بن غنائم الأنصاري الدمشقي، الفقيه الواعظ المفسر, زين الدين أبو الحسن بن رضي الدين أبي طاهر، المعروف بـ: "ابن نجية", نزيل مصر، سبط الشيخ "أبي الفرج الشيرازي" الحنبلي: / ت 599 هـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
256- الحافظ "عبد الغني المقدسي" رحمه الله
[قال الحافظ الضياء]: سمعت شيخنا الحافظ "عبد الغني" يقول: كنت يوما بأصبهان عند الحافظ "أبي موسى [ المديني ]", فجرى بيني وبين بعض الحاضرين منازعة في حديث, فقال: هو في «صحيح البخاري», فقلت: ليس هو فيه, قال: فكتب الحديث في رقعة ورفعها إلى الحافظ "أبي موسى" يسأله عنه, قال: فناولني الحافظ "أبو موسى" الرقعة, وقال: ما تقول، هل هذا الحديث في البخاري، أم لا ؟ , قلت: لا, قال: فخجل الرجل, وسكت.
المصدر: [ذيل طبقات الحنابلة 3 / 5 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
257- لا تبع الدار
قال " الحاكم ": قصدني " أبو محمد الميكالي " ، وأنا بـ" باب جنيد " في دار لي جديدة، فقال: بلغني أنك هممت ببيع دارك بـ:" باب عزيز " ، فقلت: هو كما بلغ الشيخ الرئيس, فقال: إني قصدتك لأمنعك من هذا، وأُبَيِّنُ لك عوار ما هممت به, دارٌ كان فيها سلَفُكَ، ثم وُلِدْتَ فيها، ومجلسٌ ختمتَ في محرابه ونُسِبَ إليك، ألم تسمع أبيات " ابن الرومي " :
ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعه ... وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا
عهدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمة ... كنعمة قوم أصبحوا في ظِلالكا
فقد ألِفَتْهُ النفسُ حتى كأنه ... لها وطنٌ إن فاتَ غُودِرتُ هالكا
وحَبَّبَ أوطان الرجال إليهم ... مآربُ قضاهَا الشبابُ هنالكا
إذا ذُكِرَتْ أوطانُهم ذَكَّرَتْهُم ... عهودَ الصِّبَا فيها فحَنُّوا لذلكا
ثم لم يفارقني رحمه الله حتى أخذ عهدي على أن أرجع إلى الدار القديمة, وأبيع تلك الحديثة، رضي الله عن ذلك الشيخ، وجزاه عن دينه وشفقته على إخوانه خيرا.
المصدر: [ معجم الأدباء 4 / 1508 ]
قلت - رحم الله والدي-:
توضيح وبيان: عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال, كنيته أبو محمد، وهو عم أبي الفضل عبد الله بن أحمد الميكالي, كان رئيس نيسابور، مات بمكة سنة 379 هـ, ترجمته في معجم الأدباء [4 / 1507 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
258- سبب طلب العلم
"عبد الله بن السّيد البطليوسي", وقيل" عبد الله بن محمد بن السّيد النحوي،[ ت521ه]
حكي عنه أنه قال: كان سبب طلبتي للعلم أن والدي كان رجلا من أهل القرى، وكان له ثروة، فسلّم إليّ مالا لأدخل به إلى الحاضرة للتجارة، فدخلت إلى قرطبة, فاتفق أني اجتزت في السوق, فوجدت حلقة تباع فيها الكتب، فوقفت عليها، واستحسنت الكتب، وشريت منها بمقدار مائتي دينار للتجارة، فلما خلوت بها جعلت أفتقدها, وأقول: هذا جيد, لا ينبغي أن يباع، وهذا جيد, إلى أن اخترت لنفسي أكثرها، ثم جعلت أطالعها, فلا أفهم معانيها، فيضيق صدري, فسألت بعض الطلبة، وقلت له: أي العلوم أنفق؟ , فقال: الناس في الأدب أرغب منهم في غيره, قلت له: وأيّ الكتب أشهر من كتب الأدب؟ , فقال: كتاب "العين", فشرعت فيه على شيخ هناك, فلم تمض لي شهور حتى حفظته، ثم حفظت كتابا في النحو, ولَذَّ لي العلم، فلم تمض إلا مدة قليلة حتى صرت ممن يشار إليه, فاشتقت إلى أهلي بعد أن أنفقت جميع ما كان معي، فخرجت إليهم, واجتمعت بوالدي، فسألني عن الحال، فأخبرته بقصتي، فلم يُنكره عَلَيَّ بل سَرَّه، وقال: يا ولدي، هذه نعمة من الله في حقك, حيث ألهمك بالعلم, وأمدني بشيء آخر من المال، ورجعت إلى المدينة، وطلبت المشايخ حتى بلغت إلى ما ترون.
المصدر: [ معجم الأدباء 4 / 1528 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
259- كيف أصبحت ؟
"عبد الله بن أسعد بن عيسى بن علي بن الدهان الجزري" ثم الموصلي, الفقيه الشافعي الأديب الشاعر أبو الفرج [ت 581 هـ]
حكي أنه دخل يوما على "نور الدين محمود بن زنكي"، فقال له: كيف أصبحت؟ , فقال: كما لا يريد الله, ولا رسوله, ولا أنت, ولا أنا, ولا ابن عصرون، فقال له: كيف؟ , فقال: لأن الله يريد مني الإعراض عن الدنيا, والإقبال على الآخرة، ولست كذلك.
وأما رسوله فإنه يريد مني ما يريده الله مني، ولست كذلك.
وأما أنت فإنك تريد مني أن لا أسألك شيئا من الدنيا، ولست كذلك.
وأما أنا فإنني أريد من نفسي أن أكون أسعد الناس، وملك الدنيا بأجمعها، ولي الدنيا بأسرها، ولست كذلك.
وأما ابن عصرون فإنه يريد مني أن أكون مقطّعا إربا إربا، ولست كذلك.
فكيف يكون من أصبح لا كما يريد الله, ولا رسوله, ولا سلطانه, ولا نفسه، ولا صديقه, ولا عدوّه, فضحك منه، وحباه حباء حسنا.
المصدر : [ معجم الأدباء 4 / 1509 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
260- بعتُ جاري
كان "لأبي الأسود [ الدؤلي ]" جار يؤذيه, ويرميه بالحجارة، فشكا "أبو الأسود" ذلك إلى قومه وغيرهم، فكلموه ولاموه, فقال: لم أرمه، وإنما يرميه اللهُ, لقطعه الرحم, وسرعته إلى الظلم في بخله بماله، فقال "أبو الأسود": ما أجاور رجلا يقطع رحمي, ويكذب على الله ربي, فقيل له: وكيف يكذب على ربك ؟ , فقال: لأنه عز وجل لو رماني ما أخطأني، وهذا فلا يصيبني, ثم باع داره واشترى دارا في هذيل, فقيل لأبي الأسود: أبعت دارك ؟ , قال: ما بعت داري, وإنما بعت جاري, فأرسلها مثلا.
المصدر: [معجم الأدباء 4 / 1470 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
261- الحياة حركة
قيل: أصاب "أبا الأسود" الفالج, فكان يخرج إلى السوق يجر رجله, وكان موسرا ذا عبيد، فقيل له: فقد أغناك الله عن السعي في حاجاتك، لو جلست في بيتك.
فقال: لا، ولكني أخرج، ثم ادخل، فيقول الخادم: قد جاء، ويقول الصبي: قد جاء، ولو جلستُ في البيت فبالتْ عليّ الشاةُ ما منَعَها أحدٌ عَنِّي.
المصدر: [ معجم الأدباء 4 / 1472 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
262- أكلها دائم
قال "إبراهيم بن نوح" : سمعت "مالك بن أنس" يقول: " ليس في الدنيا من ثمار ما يشبه ثمار الجنة إلا الموز " لأن الله يقول: { أكلها دائم }[الرعد: 35], وأنت تجد الموز في الصيف والشتاء.
قال "القاضي [ابن العربي]" : وكذلك رُمَّان "بغداد"، شاهدتُ "المحول" قرية من قرى "نهر عيسى" وفي شجر الرمان حب العامين يجتمع, تقطع منه متى شئتَ صيفا وشتاء، وقيظا وخريفا، إلا أن الحبة التي بقيت في الشجرة عاما لا تَفْلِقُهَا إلا بالقدوم من شِدَّة القَشْر، فإذا انفلقت ظهر تحته حب الرمان أجمل ما كان وأينعه
المصدر : [ أحكام القرآن لابن العربي 3 / 85 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
263- تفسير مذموم
قوله تعالى { فما لبث أن جاء بعجل حنيذ }[هود: 69]
قال بعض علمائنا: كانت ضيافة قليلة فشكرها الحبيبُ من الحبيبِ، وهذا تَحَكُّمٌ بالظن في موضع القطع, وبالقياس في موضع النقل، من أين علم أنه قليل؟ , بل قد نقل المفسرون أن الملائكة كانوا ثلاثة, جبريل وميكائيل وإسرافيل، وعِجْلٌ لثلاثة عظيم، فما هذا التفسير في كتاب الله بالرأي ؟ , هذا بأمانة الله هو التفسير المذموم، فاجتنبوه فقد علمتموه
-المصدر: [أحكام القرآن لابن العربي 3 / 22 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
264- حكم إفساد العملة والتلاعب بها
قال "أبو عبد الرحمن التجيبي": كنت عند "عمر بن عبد العزيز" قاعدا، وهو إذ ذاك أمير المدينة، فأتي برجل يقطع الدراهم، وقد شهد عليه، فضربه وحلقه، فأمر فطيف به، وأمره أن يقول: هذا جزاء من يقطع الدراهم، ثم أمر به أن يرد إليه، فقال له: إنه لم يمنعني أن أقطع يدك إلا أني لم أكن تَقَدَّمْتُ في ذلك قبل اليوم، فقد تَقَدَّمْتُ في ذلك، فمن شاء فليقطع.
قال القاضي "ابن العربي": أما أدبه بالسوط فلا كلام فيه، وأما حلقه فقد فعله عمر كما تقدم, وقد كنت أيام الحكم بين الناس أضرب وأحلق؛ وإنما كنت أفعل ذلك بمن يُرَبِّي شعرَهُ عوناً على المعصية, وطريقا إلى التجمل به في الفسوق، وهذا هو الواجب في كل طريقة للمعصية أن يقطع إذا كان ذلك غير مؤثر في البدن.
وأما قطع يده فإنما أخذ ذلك "عمر" والله أعلم من فصل السرقة، وذلك أن قرض الدراهم غير كسرها، فإن الكسر إفساد الوصف, والقرض تنقيص القدر، فهو أخذ مال على جهة الاختفاء.
فإن قيل: ليس من حرز، والحرز أصل في القطع, قلنا: يحتمل أن يكون "عمر" رأى أن تَهْيِئَتَهَا للفصل بين الخلق دينارا أو درهما حرز لها، وحرز كل شيء على قدر حاله, وقد أنفذ بعد ذلك "ابن الزبير"، وقطع يد رجل في قطع الدراهم والدنانير.
وقد قال علماؤنا "المالكية": إن الدراهم والدنانير خواتيم الله, عليها اسم الله, ولو قطع على قول أهل التأويل من كسر خاتما لله لكان أهلا لذلك، إذ من كسر خاتم سلطان عليه اسمه أدب، وخاتم الله تقضى به الحوائج، فلا يستويان في العقوبة.
وأرى القطع في قَرْضِهَا دون كَسْرِها، وقد كُنْتُ أفعلُ ذلك أيام تَوْلِيَتِي الحُكمَ، إلا أني كنتُ مَحْفُوفًا بالجُهَّالِ، لم أُجِبْ بسبب المقالِ للحَسَدَةِ الضُّلَّالِ، فمن قَدَرَ عليه يوما من أهل الحق فليَفْعَلْهُ احتِسَاباً لِلَّه تعالى.
المصدر : [ أحكام القرآن لابن العربي 3 / 26 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
265- فقه العوام
كان "أبو الفضل المراغي" يقرأ بمدينة السلام [ بغداد ]، فكانت الكتب تأتي إليه من بلده، فيضعها في صندوق، ولا يقرأ منها واحدا, مخافة أن يطلع فيها على ما يزعجه, أو يقطع به عن طلبه، فلما كان بعد خمسة أعوام، وقضى غرضا من الطلب، وعزم على الرحيل شد رحله، وأبرز كتبه، وأخرج تلك الرسائل, وقرأ منها ما لو أن واحدة منها قرأها في وقت وصولها ما تمكن بعدها من تحصيل حرف من العلم، فحمد الله تعالى، ورحل على دابته قاشه، وخرج إلى باب الحلبة طريق "خراسان"، وتقدمه "الكَرِي" بالدابة، وأقام هو على "فامي" يبتاع منه سفرته؛ فبينما هو يحاول ذلك معه إذ سمعه يقول لفامي آخر: "أي فل"، أما سمعتَ العالمَ يقول يعني الواعظ: إن "ابن عباس" يُجَوِّزُ الاستثناءَ ولو بعد سنة، لقد اشتغل بالي بذلك منه منذ سمعته يقوله, وظللت فيه متفكرا, ولو كان ذلك صحيحا لما قال الله تعالى لأيوب: {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} [ص: 44]و وما الذي كان يمنعه من أن يقول حينئذ: قل إن شاء الله
فلما سَمِعْتُهُ يقول ذلك قلت: بَلَدٌ يكون "الفاميون" به من العلمِ في هذه المرتبة أَخْرُجُ عنه إلى المراغة ؟, لا أفعله أبدا, واقتَفَى أَثَرَ "الكَرِيّ"، وحَلَّلَهُ من الكراء، وصرف رحله, وأقام بها حتى مات - رحمه الله -.
المصدر : [ أحكام القرآن لابن العربي 2 / 154]
قلت - رحم الله والدي-:
توضيح وبيان: "الفامي": بفتح الفاء وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى الحرفة، وهو لمن يبيع الأشياء من الفواكه اليابسة، ويقال له «البقال» أيضا/ من "الأنساب للسمعاني"(10 / 142)
"الكَرِي": كـ: "غَنِيّ", المكاري, وهو الذي يكريك دابته / "تاج العروس" (39 / 391)
"أي فل": معناه أي فلان, فرخم, وقيل: فل لغة في فلان في غير النداء, من "شرح النووي على مسلم" 7 / 117
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
266- مائدة الحواريين
شاهدتُ "المائدة" بـ: "طور زيتا" مرارا، وأكلتُ عليها ليلا ونهارا، وذكرتُ الله سبحانه فيها سرا وجهارا، وكان ارتفاعها أسفل من القامة بنحو الشبر، وكان لها درجتان قلبيا وجوفيا، وكانت صخرة صلداء لا تؤثر فيها المعاول، فكان الناس يقولون: مسخت صخرة إذ مسخ أربابها قردة وخنازير.
والذي عندي أنها كانت في الأصل صخرة قطعت من الأرض محلا للمائدة النازلة من السماء، وكل ما حولها حجارة مثلها، وكان ما حولها محفوفا بقصور، وقد نُحِتَ في ذلك الحجر الصلدِ بيوتٌ، أبوابها منها، ومجالسها منها مقطوعة فيها، وحناياها في جوانبها، وبيوت خدمتها قد صورت من الحجر، كما تصور من الطين والخشب، فإذا دخلتَ في قصر من قصورها ورددتَ الباب, وجعلت من ورائه صخرة كثمن درهم لم يفتحه أهل الأرض للصوقه بالأرض؛ فإذا هبت الريحُ وحَثَتْ تحته الترابَ لم يُفتَح إلا بعد صَبِّ الماء تحته والإكثار منه، حتى يسيلَ بالترابِ, وينفرج منعرج الباب، وقد مات بها قوم بهذه العلة، وقد كنت أخلو فيها كثيرا للدرس، ولكني كنت في كل حين أكنس حول الباب مخافة مما جرى لغيري فيها، وقد شرحتُ أمرها في كتاب " ترتيب الرحلة " بأكثر من هذا.
المصدر " [ أحكام القرآن لابن العربي 2 / 4]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
267- حال الدنيا
[ قال ابن العربي رحمه الله ]: أخبرنا النجيب الصوفى التركى, أخبرنا أبو عبدالله محمد بن فتوح, أخبرنا أبو منصور بكر بن محمد أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد العزيز, أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق بمصر, أنشدنا يحيى بن مالك بن عابد, أنشدنى أبو عمر أحمد بن عبد ربه:
ألا إنما الدنيا غضارةُ أيكةٍ *** اذا أخْضَرَّ منها جانبٌ جَفَّ جانبُ
هى الدارُ ما الآمالُ الا فجائعٌ *** عليها ولا اللذاتُ [ إلا ] مصائبُ
فكم سَخنَتْ بالأمس عينٌ قريرةٌ *** وقَرَّتْ عيونٌ دمعُهَا اليوم َ ساكبُ
فلا تكتحِلْ عيناكَ منها بعبرةٍ *** على ذاهبٍ منها فانك ذاهبُ
وما يفعل الله من ذلك فانه تأديب لعباده, وعِبرة لمن كان على غفلة, أو فترة, أوغرة
المصدر : [ عارضة الأحوذي 9 / 26 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
268- شاعر وولده
إبراهيم بن محمد بن محمد بن جعفر بن لنكك، الشاعر ابن الشاعر, توفي في حدود الأربعمائة
روى عنه أبو القاسم التنوخي قال: جلس "ابن لنكك" في الجامع بالبصرة، فجلس إليه قوم من العامة، فاعترضوا كلامه بما غاظه، فأخذ محبرةً بعض الحاضرين وكتب من شعره:
وعصبةٍ لمّا توسّطتهم ... ضاقت عليّ الأرض كالخاتم
كأنهم من بعد إفهامهم ... لم يخرجوا بعد إلى العالم
يضحك إبليس سروراً بهم ... لأنّهم عارٌ على آدم
كأنّني بينهم جالسٌ ... من سوء ما شاهدت في ماتم
فاعترضه ولده وقال: يا أبة, أبياتك متناقضة، ولكن اسمع ما عملت:
لا تصلح الدنيا ولا تستوي ... إلاّ بكم يا بقر العالم
من قال للحرث خلقتم فلم ... يكذب عليكم لا ولم ياثم
ما أنتم عارٌ على آدم ... لأنّكم غير بني آدم
المصدر : [ فوات الوفيات 1 / 47 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
جزاكم الله خيرا
منتقيات طيبة ومختارات مفيدة
التاريخ حدائق ذات بهجة وهو مرآة الحياة فمن فهم التاريخ فهم الحياة
ورغم ذالك أمتنا تتعثر وتتعثر وكأنها لم تفقه االتاريخ ،
والله المستعان
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
269- نِساءُ نابلس
قال "مالك": لا يمنع النساء المسجد, ويخرجن للعيد المتجالات, وفي السُقْيَا, ولا تُكْثِر الشابة الخروج, وقال مرة أخرى: تكون المتجالة كالشابة
الثاني قال "الثوري": يكره لها الخروج من بيتها, وكذلك قال "ابن مسعود": المرأة عورة فاذا خرجت استشرف لها الشيطان, وبه قال "أبو حنيفة:, و"ابن المبارك" ونحوه عن "سفيان", وروى عن "أبي حنيفة" أن العبد بخلاف غيره, وفرق "أبو يوسف" بين الشابة والمتجالة, وهو حسن
وقد كُنَّ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجن في العيد وغيره, وأما اليوم فلا, اللهم إلا لو كن كنساء "نابلس" المدينة التي رمى بها إبراهيم بالمنجنيق في النار, وبها موضعه الى اليوم رمادا في الماء, وفي موضع المنجنيق "مسجد الرباط" سَكَنْتُهَا مدة مُرَابطا مُتَعَلِّماً, فكنت أمشي فيها النهار كله [ و] الزمان بأجمعه فلا تلقى امرأة, ولا يقع لك عينٌ عليها, إلا يومَ الجمعةِ فإِن المسجدَ يمتلئُ منهن, ثم لا يخرجن إلى الجمعةِ الأخرى, فمثلُ هؤلاءِ لا حرجَ عليهن
المصدر: [ عارضة الأحوذي 3 / 89 ]
قلت - رحم الله والدي-:
وقال أيضا في "قبسه"[1/268]: دخلت "نابلس" وهي قرية المنجنيق لإبراهيم عليه السلام, فما رأيت أحسن منها, سَكَنْتُهَا مدة , وترددت عليها مرارا, فما وقعت عيني على امرأة نهارا, حتى إذا كان يومَ الجمعةِ امتلأ المسجدَ بهن, ثم لا تقع عين عليهن إلى الجمعةِ الأخرى
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
270- محبة الله فرض
قال الشيخ أبو الفتح عبد الرحيم بن أحمد - خادم ابن خفيف صالح فاضل -: سمعت أ"با عبد الله محمد بن خفيف" يقول:
سَأَلَنَا يوما القاضي "أبو العباس ابن سريج" بشيراز، وكنا نحضر مجلسه لدرس الفقه، فقال لنا: محبة الله فرض أو غير فرض؟ , قلنا: فرض, قال: ما الدلالة على فرضها؟, فما فينا من أتى بشيء فقَبِل، فرجعنا إليه وسألناه الدليل على فرض محبة الله عز وجل، فقال: قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم} إلى قوله تعالى: {أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره} [التوبة: 24], قال: فتواعدهم الله عز وجل على تفضيل محبتهم لغيره على محبته ومحبة رسوله، والوعيد لا يقع إلا على فرض لازم، وحتم واجب.
المصدر : [طبقات الفقهاء الشافعية 1 / 155]
قلت - رحم الله والدي-:
وذكره أيضا السبكي في "طبقاته"[3/ 158], وقال: قلت: ومثل هذا الدليل فى الدلالة على محبة النبى صلى الله عليه وسلم قوله: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله وولده والناس أجمعين"
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
271- دليل رؤية الله
قال الأستاذ "أبو القاسم القشيري": سمعت الإمام "أبا بكر ابن فورك" يقول: سُئل الأستاذُ "أبو سهل الصعلوكي" رحمه الله عن جواز رؤية الله من طريق العقل، فقال: الدليل عليه شوق المؤمنين إلى لقائه، والشوق إرادة مفرطة، والإرادة لا تتعلق بالمحال.
فقال السائل: ومن الذي يشتاق إلى لقائه؟ , فقال الأستاذ "أبو سهل": يشتاق إليه كل حُرٍّ مُؤمن، فأما من كان مثلكَ فلا يشتاق
المصدر : [ طبقات الفقهاء الشافعية 1/ 164]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
272- هواية وزير
[ قال ياقوت - رحمه الله- ]: قرأت بخط الشريف النسابة "محمد بن أسعد بن علي الجواني" المعروف بـ: "ابن النحوي": كان الوزير "جعفر بن الفضل بن الفرات" المعروف بـ: "ابن حنزابة" يهوى النظر الى الحشرات, من الأفاعي والحيّات والعقارب, وأم أربعة وأربعين, وما يجري هذا المجرى، وكان في داره التي تقابل "دار الشنتكاني" و"مسجد ورش"، وكانت "للماذرائي" قبل ذلك قاعة لطيفة مرخّمة فيها سلل الحيات, ولها قيّم فراش "حاو" من الحواة، ومعه مستخدمون برسم الخدمة, ونقل السلل وحطّها، وكان كل "حاو" في مصر وأعمالها يصيد له ما يقدر عليه من الحيات، ويتباهون في ذوات العجب من أجناسها, وفي الكبار, وفي الغريبة المنظر، وكان الوزير يثيبهم في ذلك أوفى الثواب, ويبذل لهم الجزيل حتى يجتهدوا في تحصيلها
وكان له وقت يجلس فيه على دكة مرتفعة, ويدخل المستخدمون والحواة، فيخرجون ما في السلل، ويطرحونه في ذلك الرخام، ويحرشون بين الهوام، وهو يتعجب من ذلك ويستحسنه، فلما كان ذات يوم أنفذ رقعة إلى الشيخ الجليل "ابن المدبر" الكاتب، وكان من أعيان كتّاب أيامه ودولته، وكان عزيزا عنده، وكان يسكن في جوار "دار ابن الفرات"، يقول له فيها:
نُشْعِرُ الشيخَ الجليلَ- أدام الله سلامته- أنه لما كان البارحةَ وعَرَضَ علينا الحواةُ الحشراتِ، الجاري بها العادات، انسابت الى دارهِ منها الحيةُ البتراءُ, وذاتُ القرنين الكبرى, والعقربانُ الكبير, وأبو صوفة، وما حصلوا لنا بعد عناء ومشقة، وبجعلة بذلناها للحواة، ونحن نأمر الشيخ -وفقه الله تعالى- بالتقدمِ إلى حاشيتهِ وصبيتِهِ بصَوْنِ ما وُجِدَ منها إلى أن نُنْفِذَ الحواةَ لأخذها, وردها إلى سللها
فلما وقف "ابن المدبر" على الرقعة قلبها, وكتب في ذيلها: أتاني أمر سيدنا الوزير-أدام الله نعمته وحرس مدته- بما أشار إليه في أمر الحشرات، والذي يَعْتَمِدُ عليه في ذلك أن الطلاق يلزمُهُ ثلاثا إن باتَ هو أو واحدٌ من أهلهِ في الدار، والسلام.
المصدر: [ معجم الأدباء 2/ 785]
قلت - رحم الله والدي-:
توضيح وبيان: "ابن حنزابة": هو الإمام الحافظ الثقة الوزير الأكمل أبو الفضل جعفر ابن الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات البغدادي، نزيل مصر , وزر بمصر لكافور, حدث عنه: الدارقطني، والحافظ أبو محمد عبد الغني المصري، وطائفة /ت 391هـ, ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 16 / 485