هل ذكر الانتقال وذكر الاعتدال واجبان على الإمام والمأموم ؟
باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول- الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وبعد:-
إن من الأهمية بمكان لكل مسلم فضلا عن طالب للعلم أن يعلم معنى المصطلحات التي يطلقها أهل العلم في تناولهم للمسائل الفقهيه في كتبهم ؛ لأن معرفة هذه المصطلحات قد ترِّجح عندنا قولا فقهيا على قول آخر - إذا كانت المسألة من مسائل الخلاف -
بضميمة الاستدلالات الشرعية-طبعا- من الكتاب والسنة .
وقولي هذا بين يدي المسألة الآتية لنعاين بأنفسنا مدى صحة هذه الدعوة فهي كالمثال:
مصطلح : (ذكر الانتقال) ، ومصطلح : (ذكر الاعتدال) بالنسبة لأذكار الرفع من الركوع أو ما يسمى في كتب الفقه :(التسميع والتحميد) و التي هي من واجبات الصلاة ، والتي يشرع لها- عند السهو عنها ومفارقة مواضعها دون التلفظ بها -سجودٌ للسهو قبل التسليم .
* ما المقصود بهذين المصطلحين ؟
- ذكر الانتقال - في هذا الموضع خاصة - : يقصد به التسميع :(سمع الله لمن حمده)
وسُمي ذكر انتقال : لأنه يصاحب انتقال الجسم من وضع الركوع ابتداءً إلى وضع الاعتدال من الركوع انتهاء ، فالتسميع مع نفس حركة الانتقال ، فلا يقال قبل الاعتدال من الركوع ولا بعد الاعتدال منه ، بل يجب أن يصاحبه ؛ ولذا سمي : [ذكر انتقال] .
- ذكر الاعتدال ويقصد به التحميد : (ربنا ولك الحمد...) ، فهو ذكر موضعه بعد تمام الانتقال من وضع الركوع إلى تمام الاستتمام قائما ، فيقال في حال الاعتدال ولذا سُمي :
[ذكر اعتدال].
وفائدة ما سبق تتضح فيما يلـــــى:
ما زلنا ننهل من لطائف كتاب[صفة صلاة النبي...]لشيخنا الألباني -رحمه الله تعالى- ولطيفة اليوم مسألة اختلف فيها بعض أهل العلم ؛ لاختلاف فهمهم لنفس النصوص الواردة في المسألة .
ولبسط المسألة نبدأبطرح السؤال التالي:
هل يقول كلٌ من الإمام والمأموم ذكريّ التسميع والتحميد؟
أم يسمِّع الإمام ويحمد المأموم ؟
- قال سيد سابق في كتابه[ فقه السنة]:
(…يرى بعض العلماء أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده بل إذا سمعها من الإمام يقول : اللهم ربنا ولك الحمد ؛ لحديث أبي هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-قال:
((… وإذا قال الإمام:[سمع الله لمن حمده] ، فقولوا:[اللهم ربنا ولك الحمد] فإنّ من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه)) صحيح البخاري .
لكن قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:(صلوا كما رأيتموني أصلي) يقتضي أن يجمع كل مصلٍ بين التسميع والتحميد ،وإن كان مأموما، ويجاب عما استدل به القائلون :(بأن المأموم لا يجمع بينهما) بل يأتي بالتحميد فقط بما ذكره النووي حيث قال: ( قال أصحابنا-يقصد الشافعية-:فمعناه قولوا:(ربنا ولك الحمد)مع ما قد علمتموه من قول :(سمع الله لمن حمده )وإنما خُص هنا بالذكر ؛لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-(سمع الله لمن حمده )-فإن السنة فيه الجهر-ولا يسمعون قوله : (ربنا ولك الحمد) ؛ لأنه يأتي به سرا ،وكانوا يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم- (صلوا كما رأيتموني أصلي ) مع قاعدة التأسي به –صلى الله عليه وسلم- مطلقا فكانوا يوافقون في (سمع الله لمن حمده) فلم يُحتج إلى الأمر به ولا يعرفون (ربنا لك الحمد) فأُمروا به.)
انتهى بتصرف [فقه السنة]/الصلاة/10-أذكار الرفع من الركوع والاعتدال /ص151.
***وقال الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - في كتابه [تمام المنة على فقه السنة]:
(… فإذا لم يقل المقتدي ذكر الاعتدال ، فسيقول مكانه ذكر الاستواء ، وفي هذا مخالفة صريحة للحديث ، فإن حاول أحدهم تجنبها ؛ وقع في مخالفة أخرى وهي إخلاء الاعتدال من الذكر المشروع فيه بغير حجة…
بل إنني أقول : إن التسميع في الانتقال واجب على كل مصلٍ ؛ لثبوت ذلك في حديث المسيء صلاته ) انتهى بتصرف.تمام المنة/ص91.
*كما قال - رحمه الله تعالى - في كتابه ( صفة الصلاة): تعليقا في الحاشية على حديث
[ إنما جعل الإمام ليؤتم به…وإذا قال (سمع الله لمن حمده) فقولوا:(اللهم ربنا ولك الحمد) يسمع الله لكم .. ،فإن الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-:
(سمع الله لمن حمده )...*
-------------------------------
- *(تنبيه) هذا الحديث لا يدل على أن المؤتم لا يشارك الإمام في قوله :
(سمع الله لمن حمده) ، كما لا يدل على أن الإمام لا يشارك المؤتم في قوله :
(ربنا لك الحمد) ؛ إذ إن الحديث لم يُسق لبيان ما يقوله الإمام والمؤتم في هذا الركن
، بل لبيان أن تحميد المؤتم يكون بعد تسميع الإمام .
ويؤيد هذا أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم _كان يقول التحميد وهو إمام
،وكذلك عموم قوله -صلى الله ليه وعلى آله وسلم_(صلوا كما رأيتموني أصلي) يقتضي أن يقول المؤتم ما يقوله الإمام كالتسميع وغيره .وليتأمل الأفاضل الذين راجعونا في هذه المسألة،فلعل فيما ذكرنا ما يقنع...]
انتهى بتصرف.كتاب[صفة صلاة النبي…..]/الاعتدال من الركوع وما يقول فيه/حاشية رقم (5)/ص102.
-* والسؤال :
هل ظهرت فائدة المعلومة المذكورة أعلاه ، بين يدي عرض أقوال العلماء للمسألة المذكورة؟
- لعل ما نقلناه من كتاب [تمام المنة] أقرب الأقوال استدلالا على ذلك حيث لخص شيخنا- رحمه الله- المسألة ببساطة فَفُهِم من كلامه :
أ - {إن على كل من الإمام والمأموم : [ ذكر انتقال+ذكر اعتدال]
ب - فإذا قال الإمام [التسميع] فقط أتى بذكر الانتقال ، ولم يأتِ بذكر الاعتدال[التحميد]وهذا خطأ ونقص في واجبات الصلاة .
ج - وإذا قال المأموم [التحميد] ردًا على الإمام وهو ينتقل ، وقع في خطأ قول ذِكْر الاعتدال في محل ذكر الانتقال ، وتفويت ذكر الانتقال[التسميع] ، وعدم الاتيان به ، وهو من واجبات الصلاة .
د -وإذا قال المأموم [التحميد] فقط بعد أن استتم قائما-حتى لا يأتي بذكر ليس في محله- فقد أتى بذكر الاعتدال ، ولم يأتِ بذكر الانتقال[التسميع] ، وهذا خطأ ونقص في وجبات الصلاة.
فبهذا الفهم +النصوص الشرعية - مثل الأحاديث السابقة -يترجح قول من أوجب الذكرين على الإمــــام و المــــأمـــوم.
رد: هل ذكر الانتقال وذكر الاعتدال واجبان على الإمام والمأموم ؟