سألت الشيخ أبي معاذ طارق بن عوض الله -حفظه الله- فيما ذكره في كتابه إصلاح الاصطلاح عن هذا الشرط ، فأخبر أن ما ذكره إنما هو توضيح وتفصيل لكلام الشيخ الطحان -حفظه الله- .
قال الشيخ أبي معاذ طارق بن عوض الله -حفظه الله- في كتابه إصلاح الاصطلاح :
الثانية :
اشتراطه : ( أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند ).
فهذا الشرط إنما يجب توفره فيما إذا كانت نسبة التواتر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى من انتهى إليه الخبر ؛ لأنه لا مانع من أن يتواتر الخبر في زمن معين أو طبقة معينة ، ولا يتواتر في سائر الطبقات التي فوقه ، وهل هناك من مانع من أن يتواتر خبر عن بعض رواة الإسناد ، دون من فوقه ؟
بل هذا معروف عندهم ، ومن أمثلته حديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) ، فهو حديث فرد ؛ لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولم يروه عنه إلا علقمة الليثي ، ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي ، ولم يروه عن التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري ، ثم تواتر الحديث بعد ذلك ، فرواه عن الأنصاري عدد كثير .
لذا قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (1/ 11):
( قد تواتر عن يحيى بن سعيد )
فجوَّز إطلاق التواتر عليه رغم أنه إنما تواتر عن بعض رواة الإسناد ، دون من فوقه .
هذا ، ومعنى نسبة التواتر إلى هذا الحديث وأمثاله ، أن هذا الراوي الذي تواتر الخبر عنه - وهو هنا : يحيى بن سعيد الأنصاري - قد جاء بطرق يفيد العلم - وهو التواتر هنا - أنه روى هذا الحديث بإسناده الذي ذكره إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أو إلى من انتهى إليه الخبر .
فعلى هذا ؛ لا يلزم من هذا التواتر النسبي أن يكون الخبر تواتر عمن فوقه ، ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ولا يلزم منه أن يكون الخبر صحيحا أصلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لاحتمال أن يكون هناك ما يوجب ضعفه في الإسناد الذي ذكره ذاك الذي تواتر الخبر عنه .