رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث العشرون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لا يقبل الله صلاة أحدكم
– إذا أحدث –
حتى يتوضأ"
متفق عليه.
يدل الحديث بمنطوقه:
أن من لم يتوضأ إذا أحدث
فصلاته غير مقبولة:
أي غير صحيحة ، ولا مجزئة ،
وبمفهومه:
أن من توضأ قبلت صلاته:
أي مع بقية ما يجب ويشترط للصلاة؛
لأن الشارع يعلق كثيراً من الأحكام
على أمور معينة
لا تكفي وحدها لترتب الحكم،
حتى ينظم إليها بقية الشروط ،
وحتى تنتفي الموانع .
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثاني والعشرون
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الماء طهور لا ينجسه شيء".
رواه أحمد والترمذي
وأبو داود والنسائي.
هذا الحديث الصحيح يدل على أصل جامع،
وهو أن الماء
– أي جميع المياه النابعة من الأرض،
والنازلة من السماء الباقية على خلقتها،
أو المتغيرة بمقرها أو ممرها،
أو بما يلقى فيها من الطاهرات ولو تغيراً كثيراً –
طاهرة تستعمل في الطهارة وغيرها.
ولا يستثنى من هذا الكلام الجامع
إلا الماء المتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة،
كما في بعض ألفاظ هذا الحديث.
وقد اتفق العلماء على نجاسة الماء المتغير بالنجاسة.
واستدل عليه الإمام أحمد رضي الله عنه وغيره
بقوله تعالى:
{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ }[1]
إلى آخر الآية.
يعني:
ومتى ظهرت أوصاف هذه الأشياء المحرمة في الماء
صار نجساً خبيثاً.
*******************
[1] سورة المائدة – آية 3.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثالث والعشرون
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهرة:
"إنها ليست بنَجَس،
إنها من الطوّافين عليكم والطّوّافات"
رواه مالك وأحمد
وأهل السنن الأربع.
هذا الحديث محتوٍ على أصلين:
أحدهما:
أن المشقة تجلب التيسير.
وذلك أصل كبير من أصول الشريعة،
من جملته:
أن هذه الأشياء التي يشق التحرز منها طاهرة،
لا يجب غسل ما باشرت بفيها أو يدها أو رجلها،
لأنه علل ذلك بقوله:
"إنها من الطوافين عليكم والطوافات"
كما أباح الاستجمار في محل الخارج من السبيلين،
ومسح ما أصابته النجاسة من النعلين والخفين،
وأسفل الثوب،
وعفا عن يسير طين الشوارع النجس،
وأبيح الدم الباقي في اللحم والعروق
بعد الدم المسفوح،
وأبيح ما أصابه فم الكلب من الصيد،
وما أشبه ذلك مما يجمعه علة واحدة،
وهي المشقة.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الرابع والعشرون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"الصلوات الخمس،
والجمعة إلى الجمعة،
ورمضان إلى رمضان،
مكفرات لما بينهن
ما اجتنبت الكبائر"
رواه مسلم.
هذا الحديث يدل على عظيم فضل الله وكرمه
بتفضيله هذه العبادات الثلاث العظيمة،
وأن لها عند الله المنزلة العالية،
وثمراتها لا تعدّ ولا تحصى.
فمن ثمراتها:
أن الله جعلها مكملة لدين العبد وإسلامه،
وأنها منمية للإيمان، مسقية لشجرته.
فإن الله غرس شجرة الإيمان
في قلوب المؤمنين بحسب إيمانهم،
وقَدَّرَ من ألطافه وفضله من الواجبات والسنن
ما يسقي هذه الشجرة وينميها،
ويدفع عنها الآفات حتى تكمل
وتؤتي أُكُلها كل حين بإذن ربها،
وجعلها تنفي عنها الآفات.
فالذنوب ضررها عظيم،
وتنقيصها للإيمان معلوم.