-
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
حصريًا "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لاتخفى علينا إن شاء الله تعالى مكانة هذا الكتاب بين أفراد الأمة سواء من العلماء أو من العامة أمثالنا.
هذا الكتاب الذي احتل المكانة الكبيرة في مقدمة الكتب المعاصرة لسهولة تناوله ومعاصرة كاتبه لنا، ومن ثَمَّ اقتناه الكثيرون بمكتبات بيوتهم أو مكاتبهم أو حتى المساجد.
ولكن أبى اللهُ أن يجعل الكمال لغير كتابه فجاءت بهذا الكتاب - فقه السنة - هَنَّات ووهدات استدركها عليه غيرُ واحد من العلماء إلا أنَّ ما تركوه هو معظم الكتاب، فظهر بهذا أفضليته على غيره.
ومما تم استدراكه على الكتاب وجود أحاديث غير صحيحة به، لعل السبب في هذا هو حداثة سن الشيخ / السيد سابق رحمه الله تعالى حين قام بتأليفه وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وهذه سن قد لا يكون أحدنا فيها في مرحلة التعلم الشرعي فضلاً عن التأليف، فللشيخ عذره في هذا وهو مأجور إن شاء الله تعالى.
وقد قام بعض الأفاضل بتحقيق الكتاب تحقيقًا طيبًا أعجبني فعلاً وسأقوم بإذن الله تعالى بوضع هذا الكتاب بتحقيقه هنا على دفعات غير منتظمة ولكنها متقاربة بعض الشىء عسى الله أن ينفع بنا وبها وأن يبارك فيها ويرزقنا الخاتمة الحسنة ومجاورة نبيه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في الجنة، اللهم آمين.
ولن أتدخل بشىء أبدًا في النقولات، اللهم إلا إن وقع خطأ نحوي بالكتابة فسأقوم بتصويبه.
**************
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله، وصلى الله سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.
" وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ " [سورة التوبة: 122].
أما بعد، فإن من أعظم القُربات إلى اللّه -تبارك وتعالى- نشرَ الدعوةِ الإسلاميةِ، وبث الأحكامِ الدينية، وبخاصة ما يتصل منها بهذه النواحي الفقهية، حتى يكون الناس على بيّنة من أمرهم في عباداتهم وأعمالهم، وقد قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "مَنْ يُرِدِ اللّه به خيراً يفقهه في الدين، وإنما العلم بالتعلم، وإن الأنبياءَ -صلوات الله وسلامه عليهم- لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخَذه أخَذ بحظٍّ وافرٍ"(1)
وإن من ألطف الأساليب وأنفعِها، وأقربها إلى القلوب، والعقول في دراسةِ الفقه الإسلامي -وبخاصة في أحكامِ العبادات، وفي الدراسات العامةِ التي تقدم لجمهور الأمةِ- البعدَ به عن المصطلحات الفنيةِ، والتفريعاتِ الكثيرةِ الفرضية، ووصله ما أمكن ذلك بمآخذ الأدلة من الكتاب والسنة في سهولةٍ ويسرٍ، والتنبيهَ على الحِكم والفوائدِ ما أُتيحت لذلك الفرصة، حتى يشعر القارئون المتفقهون بأنهم موصولون باللّه ورسوله، مستفيدون في الآخرة والأولى، وفي ذلك أكبر حافز لهم على الاستزادة من المعرفة، والإقبال على العلم.
وقد وفق اللّه الأخ الفاضل، الأستاذ الشيخ السيد سابق إلى سلوك هذا السبيل، فوضع هذه الرسالة السهلةَ المأخذِ الجمةَ الفائدةِ، وأوضح فيها الأحكامَ الفقهية بهذا الأسلوب الجميل؛ فاستحق بذلك مثوبة اللّه إن شاء اللّه، وإعجابَ الغيورينَ على هذا الدينِ، فجزاه اللّه عن دينه وأمته ودعوتِه خيرَ الجزاء، ونفعَ به، وأجرى على يديه الخيرَ لنفسه وللناس، آمين.
****************
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولينَ الآخرين، وعلى آلهِ وصحبِهِ، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعدُ، فهذا الكتاب يتناول مسائل من الفقه الإسلامي، مقرونة بأدلتها من صريح الكتاب، وصحيح السنة، ومما أجمعت عليه الأمة.
وقد عرِضت في يسر وسهولة وبسط واستيعاب لكثير مما يحتاج إليه المسلم، مع تجنبِ ذِكر الخلاف إلا إذا وُجد مايسوِّغ ذكره فنشيرُ إليه.
وهو بهذا يعطي صورة صحيحة للفقه الإسلامي الذي بعث اللّه به محمداً https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ويفتح للناس باب الفهم عن اللّه ورسوله،ويجمعهم على الكتاب والسنة، ويقضي على الخلاف، وبدعة التعصب للمذاهب، كما يقضي على الخرافةِ القائلة بأن باب الاجتهاد قد سُدَّ.
وهذه محاولات، أردنا بها خِدْمةَ ديننا ومنفعة إخوانِنا، نسأل اللّهَ أن ينفعَ بها، وأن يجعل عملنَا خالصاً لوجهِه الكريم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
السيد سابق القاهرة في 15 شعبان سنة 1365 هـ
*****
عُمــوُم الرِّسالَـــةِ
أرسل اللّه محمداً https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بالحنيفية السمحة،والشريعة الجامعة، التي تكفل للناس الحياة الكريمة المهذبة، والتي تصل بهم إلى أعلى درجات الرقي والكمالِ.
وفي مدى ثلاثةٍ وعشرين عاماً تقريباً قضاها رسولُ اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في دعـوة الناس إلى الله تم له ما أراد من تبليغ الدين، وجمع الناس عليه.
عموم الرسالة: ولم تكن رسالة الإسلام رسالةً موضعية محددة، يختص بها جيل من الناس دون جيل، أو قبيل دون قبيل، شأن الرسالات التي تقدمتها، بل كانت رسالة عامة للناس جميعاً، إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها؛ لا يختص بها مصر دون مصر،ولا عصر دون عصر؛ قال اللّه تعالى: " تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً " [سورة الفرقان: 1]، وقال تعالى: " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً " [سورة سبأ: 28]، وقال تعالى: " قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو َيُحْييِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُْمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " [سورةالأعراف: 158]. وفي الحديث الصحيح: "كان كل نبيٍّ يُبْعَثُ في قومه خاصّة، وبُعثت إلى كل أحمرَ، وأسود"(2)
ومما يؤكد عموم هذه الرسالة وشمولها ما يأتي: 1ـ أنه ليس فيها ما يصعب على الناس اعتقاده، أو يشق عليهم العمل به؛ قال الله تعالى: " لاَيُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا " [سورة البقرة: 286]، وقال تعالى: " يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ " [سورة البقرة: 185]، وقال تعالى: " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " [سورةالحج: 78]. وفي البخاري، من حديث أبي سعيد المقبُرِيّ، عن أبي هريرة، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إن هذا الدِّين يُسْرٌ، ولن يشادَّ الدِّينَ أحدٌ إلاغَلبَه"(3)، وفي مسلم مرفوعاً: "أحَبُّ الدِّينِ إلى اللّهِ الحنيفيّةُ السّمْحة"(4)
2- أن ما لا يختلف باختلاف الزمان والمكان كالعقائد والعبادات جاء مفصلاً تفصيلاً كاملاً وموضحاً بالنصوص المحيطة به، فليس لأحد أن يزيد فيه أو ينقص منه، وما يختلف باختلاف الزمان والمكان كالمصالح المدنية والأمور السياسية والحربية جاء مجملاً ليتفق مع مصالح الناس في جميع العصور، ويهتدي به أولو الأمر في إقامة الحق والعدلِ.
3- أن كل ما فيها من تعاليم إنما يقصد به حفظ الدين وحفظ النفسِ وحفظ العقل وحفظ النسلِ وحفظ المال، وبدهي أن هذا يناسب الفطَرَ، ويساير العقولَ،ويجاري التطورَ، ويصلح لكل زمان ومكان، قال اللّه تعالى: " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآْيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِْثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " [سورة الأعراف: 32، 33]،وقال، جلَّ شأنُه: " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُْمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِْنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَْغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [سورة الأعراف: بعض آية 156،157].
التَّشْرِيعُ الإِسْلامِىُّ ، أو الفِقْهُ
والتشريع الإسلامي ناحية من النواحي الهامة، التي انتظمتها رسالة الإسلام، والتي تمثل الناحية العمليةَ من هذه الرسالة.
ولم يكن التشريع الديني المحض - كأحكام العبادات - يصدر، إلا عن وحي الله لنبيه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، من كتاب أو سنة، أو بما يقره عليه من اجتهاد، وكانت مهمة الرسول لا تتجاوز دائرة التبليغ والتبيين: " وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى " [سورة النجم: 3، 4].
أما التشريع الذي يتصل بالأمور الدنيوية من قضائية وسياسية وحربية فقد أُمِر الرسولُ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بالمشاورة فيها، وكان يرى الرأي فيرجع عنه لرأي أصحابه، كما وقع في غزوتي بدرٍ وأُحد، وكان الصحابة -رضي اللّهُ عنهم- يرجعون إليه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، يسألونه عما لم يعلموه، ويستفسرونه فيما خفي عليهم من معاني النصوص، ويعرضون عليه ما فهموه منها، فكان أحياناً يقرُّهم على فهمهم، وأحياناً يبين لهم موضع الخطأ فيما ذهبوا إليه.
والقواعد العامة التي وضعها الإسلام ليسير على ضوئها المسلمون هي:
1ـ النهيُ عن البحْثِ فيما لم يقَعْ من الحوادِثِ حتى يقَعَ؛ قال اللّه تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَتَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌحَلِيمٌ " [سورة المائدة: 101]، وفي الحديث أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg نهى عن الأغلُوطات؛ وهيَ المسائل التي لم تقع(5)
_____________________
(1)هذا ليس حديثاً واحداً، إنما هو ثلاثة أحاديث، وإليك البيان؛ فالجملة الأولى: "من يرد الله به خيرِاً يفقهه في الدين". حديث متفق عليه عن معاوية، البخاري: (7460)،ومسلم: كتاب الزكاة - باب النهي عن المسألة (1037). وأما بقية الحديث فهو جزء من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- وأوله: "من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً، سهل الله له طريقاً إلى الجنة،...". وأخرجه أبو داود: كتاب العلم - باب الحث على طلب العلم (3641، 3642) والترمذي: كتاب العلم -باب فضل طلب العلم (2683)، وابن ماجه: المقدمة- باب فضل العلماء... (223)، وصححه الألباني، في: صحيح الجامع، وصحيح الترغيب (68)،وصحيح ابن ماجه (182)، وأما حديث "إنما العلم بالتعلم...". فهو صحيح. وانظر: الصحيحة (342).
(2) مسلم: كتاب المساجد - المقدمة،الحديث رقم (3)،(1/370،371).
(3) البخاري: كتاب الإيمان- باب الدين يسر (1 / 116)، والنسائي: كتاب الإيمان- بابالدين يسر (5034)، (8 / 122)، والسنن الكبرى للبيهقي- كتاب الصلاة (3 / 18).
(4) شرح السنة (4 / 47) وعلقه البخاري في: كتاب الإيمان- باب الدين يسر، وقول النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة" (1 / 116).
قال صاحب "الفتح": وهذا الحديث المعلق لم يسنده المؤلف في هذا الكتاب، لأنه ليـس على شرطـه،نعـم، وصله في: الأدب المفرد، وكذا وصله أحمد بن حنبل وغيره، من طريق محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس. وإسناده حسن، واستعمله المؤلف في الترجمة لكونه متقاصراً عن شرطه، وقواه بما دل على معناه لتناسب السهولة واليسر. اهـ. فتح الباري (1 / 93 ).
وقال العراقي: وللطبراني من حديث ابن عباس: "أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة". وفيه محمد بن إسحاق، رواه بالعنعنة (4 / 149)، والحديث لا أصل له في مسلم، والحديث حسنه الشيخ الألباني، في: الصحيحة (881).
(5) أبو داود في: كتاب العلم- باب التوقي في الفتيا (4 / 65) برقم (3656)، ومسند أحمد (5 / 435)، وفيه قال الأوزاعي: الأغلوطات؛ شداد المسائل وصعابها، والحديث ضعفه العلامة الألباني، وانظر: تمام المنة (45)، وضعيف الجامع (6048).
*****************************
الموضوع منقول
ابو وليد البحيرى
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(2)
الميَاهُ، وأقْسَامُها
***
تمهيد: القسم الأول من المياه : الماء المطلق وحكمه، أنه طهور، أي؛ أنه طاهر في نفسه، مطهِّر لغيره، ويندرج تحته من الأنواع ما يأتي:
الماء المطلق:1ـ ماء المطر والثلج والبَرَد، لقول اللّه تعالى: " وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ " [سورة الأنفال: 11]، وقوله تعالى: " وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً " [سورة الفرقان: 48]. ولحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: كان رسولُ الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا كبّر في الصلاة، سكت هنيهة قبل القراءة، فقلت: يا رسول اللّه -بأبي أنت وأمي- أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: "أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرَد"(1) رواه الجماعة، إلا الترمذي.
2ـ ماء البحر، لحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: سأل رجل رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فقال: يا رسول اللّه، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg:"هو الطهور(2) ماؤه، الحلُّ مَيْتته"(3). وقال الترمذي: هذا الحديث حسن صحيح، وسألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث ؟ فقال: حديث صحيح.
3ـ ماء زمزم، لما روي من حديث علي -رضي اللّه عنه- أن رسولَ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg دعا بسجْلٍ(4) من ماء زمزم، فشرب منه، وتوضأ. (5) رواه أحمد.
4ـ الماء المتغير بطول المكث أو بسبب مقرِّه أو بمخالطة ما لا ينفك عنه غالباً كالطحلب وورق الشجر، فإن اسم الماء المطلق يتناوله باتفاق العلماء.
والأصل في هذا الباب أن كل ما يصدق عليه اسم الماء مطلقاً عن التقييد يصح التطهُّر به؛ قال اللّه تعالى: "فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا" [سورة المائدة: بعض الآية 6].
--------------------------------------------------------------------------------
(1)البخارى:كتاب الأذان- باب ما يقال بعد التكبير (1/189) ومسلم: كتاب المساجد- باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (1/149)، رقم (147) وأبو داود: كتاب الصلاة- باب السكتة عند الافتتاح، رقم(781)،(1/492) ومسند أحمد (2/231)، والنسائى:كتاب الافتتاح- باب الدعاء بين التكبيرة والقراءة (2/128)، برقم (895)
(2)لم يقل رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg فى جوابه: "نعم"؛ ليقرن الحكم بعلته، وهو الطهورية المتناهية فى بابها، وزاده حكماً لم يسأل عنه، وهو حل الميتة؛ إتماماً للفائدة؛ وإفادة لحكم آخر غير المسؤل عنه، ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم، وهذا من محاسن الفتوى.
(3) أبو داود: كتاب الطهارة- باب الوضوء بماء البحر (1/64) رقم(83)، وموارد الظمآن: كتاب الطهارة- باب ما جاء فى الماء (1/60) رقم(119)، والنسائى: كتاب الطهارة- باب ماء البحر، رقم (59)، (1/50/176)، برقم (333)، والترمذى: أبواب الطهارة- باب ما جاء فى البحر أنه طهور (1/100) برقم (69) وقال: حديث حسن صحيح، ومسند أحمد (2/361، 3/373)، وابن ماجه: كتاب الطهارة- باب الوضوء بماء البحر (1/136)، برقم (386،387،388)، والحديث صححه الشيخ أحمد شاكر، وحسنه الشيخ الألبانى، فى:إرواء الغليل (13)، وصححه فى: صحيح النسائى (1/14) وصحيح ابن ماجه(386).
(4)"السجل" الدلو المملوء.
(5) الحديث لم يروه الإمام أحمد، وإنما رواه ابنه عبد الله فى: الزوائد (1/76) وصححه الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- وحسنه الشيخ الألبانى فى:إرواء الغليل رقم(13).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(3)
"الماءُ المُسْتَعْمَلُ"
***
وهو المنفصل من أعضاء المتوضئ والمغتسل، وحكمه أنه طهور كالماء المطلق، سواء بسواء اعتباراً بالأصل، حيث كان طهوراً، ولم يوجد دليل يخرجه عن طهوريته، والحديث للربيع بنت معوِّذ في وصف وَضوء رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، قالت:
"ومسح رأسه بما بقي من وضوء في يديه".
رواه أحمد، وأبو داود، ولفظ أبي داود: أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg مسح رأسه من فضل ماء كان بيده(1).
وعن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنُب، فانْخَنَس منه، فذهب، فاغتسل، ثم جاء، فقال:
"أين كنت يا أبا هريرة"؟ فقال: كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة. فقال: "سبحان الله، إن المؤمن لا يَنْجس"(2). رواه الجماعة...
ووجه دلالة الحديث: أن المؤمن إذا كان لا ينجس فلا وجه لجعل الماء فاقداً للطهورية بمجرد مماسته له؛ إذ غايته التقاء طاهر بطاهر، وهو لا يؤثر.
قال ابن المنذر: روي عن علي، وابن عمر، وأبي أمامة، وعطاء، والحسن، ومكحول، والنخعي، أنهم قالوا فيمن نسي مسح رأسه فوجد بللاً في لحيته: يكفيه مسحه بذلك. قال: وهذا يدل على أنهم يرون المستعملَ مطهِّراً، وبه أقول.
وهذا المذهب إحدى الروايات عن مالك والشافعي، ونسبه ابن حزم إلى سفيان الثوري وأبي ثور وجميع أهل الظاهر.
___________
(1) مسلم: كتاب الطهارة- باب في وضوء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (1 / 211) برقم (19)، مسند أحمد (4 / 39، 40، 41، 42)، وأبو داود: كتاب الطهارة- باب الوضوء مرتين (1 / 95)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب ما جاء أنه يأخذ لرأسه ماء جديداً (1 / 50، 51)، رقم (35) جميعها بلفظ: "بماء غير فضل يديه". فانظر تحقيق الشيخ شاكر لهذه المسألة في: الترمذي (1 / 50، 51،53)، هامش رقم (1).
(2) البخاري: كتاب الغسل- باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره (1 / 79، 80)، ومسلم:كتاب الحيض- باب الدليل على أن المسلم لا ينجس (1 / 282)، رقم (115)، وأبو داود: كتاب الطهارة- باب في الجنب يصافح (1/52)، والنسائي: كتاب الطهارة- باب مماسة الجنب ومجالسته (1 / 145)، والترمذي: أبواب الطهارة- باب ما جاء في مصافحة الجنب (1 / 207، 208)، برقم (121) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وابن ماجه:كتاب الطهارة- باب مصافحة الجنب (1 / 78)، رقم (534)، ومسند أحمد (2 / 235).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(4)
الماءُ الذي خالَطَه طاهِر
كالصابون، والزعفران، والدقيق، وغيرها من الأشياء، التي تنفك عنها غالباً.
وحكمه، أنه طهور، ما دام حافظاً لإطلاقه، فإن خرج عن إطلاقه، بحيث صار لا يتناوله اسم الماء المطلق، كان طاهراً في نفسه، غير مطهر لغيره؛ فعن أم عطية، قالت: دخل علينا رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، حين توفِّيت ابنته، "زينب"، فقال: "اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسِدْر، واجعلن في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فَرغْتُنَّ، فآذِنَّنِي". فلما فَرَغْنَ آَذَنَّاهُ، فأعطانا حِقْوَهُ، فقال: "أشْعِرْنَها إِيَّاه"(1). تعني: إزاره. رواه الجماعة.
والميت لا يغسَّل، إلا بما يصح به التطهير للحي؛ وعند أحمد، والنسائي، وابن خزيمة من حديث أم هانئ، أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg اغتسل، هو وميمونة، من إناء واحد "قَصْعة فيها أثر العجين"(2). ففي الحديثين وجد الاختلاط، إلا أنه لم يبلغ، بحيث يسلب عنه إطلاق اسم الماء عليه.
__________________________
(1) البخاري:كتاب الجمعة- باب غسل الميت، ووضوئه بالماء والسدر (1 / 93)، ومسلم: كتاب الجنائز- باب في غسل الميت (2 / 467)، رقم (40)، والنسائي: كتاب الجنائز- باب غسل الميت أكثر من سبعة (4 / 31)، رقم (1889)، والترمذي: كتاب الجنائز- باب ما جاء في غسل الميت (3 / 306)، رقم (990) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الجنائز، باب ما جاء في غسل الميت (1 / 486)، رقم (2458).
(2) والنسائي:كتاب الغسل- باب الاغتسال في قصعة فيها أثر العجين (1 / 202)، وابن ماجه:كتاب الطهارة- باب الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد (1 / 134)، الحديث رقم (378)، ومسند أحمد (6 / 342)، وصححه العلامة الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 51)، وصحيح ابن ماجه (378)، ومشكاة المصابيح (485، وإرواء الغليل (1 / 64).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(4)
الماءُ الذي لاقَتْه النَّجَاسَةُ
وله حالتان:
(الأولى) أن تغيِّر النجاسةُ طعمه أو لونه أو ريحه، وهو في هذه الحالة لا يجوز التطهر به إجماعاً، نقل ذلك ابن المنذر وابن الملقن.
(الثانية) أن يبقى الماء على إطلاقه، بألا يتغير أحد أوصافه الثلاثة، وحكمه أنه طاهر مطهِّر؛ قل أو كثر، دليل ذلك حديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قام أعرابيّ، فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقعوا به، فقال النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "دعوه، وأريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوباً(1) من ماء؛ فإنما بعثتم ميسِّرين ولم تبعثوا معسِّرين(2)" رواه الجماعة إلا مسلماً، وحديث أبي سعيد الخدري -رضي اللّه عنه- قال: قيل: يا رسول الله، أنتوضأ من بئر بضاعة؟(3) فقال https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "الماء طهور لا ينجسه شيء"(4) رواه أحمد والشافعي وأبو داود والنسائي والترمذي وحسّنه، وقال أحمد: حديث بئر بُضاعة صحيح. وصححه يحيى بن مَعين، وأبو محمد بن حزم.
وإلى هذا ذهب ابن عباس وأبو هريرة والحسن البصري وابن المسيب وعكرمة وابن أبي ليلى والثوري وداود الظاهري والنخعي ومالك وغيرهم، وقال الغزالي: وددت لو أن مذهب الشافعي في المياه، كان كمذهب مالك.
وأما حديث عبد اللّه بن عمر -رضي اللّه عنهما- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إذا كان الماء قلتين، لم يحمل الخبَث"(5). رواه الخمسة، فهو مضطرب سنداً ومتناً، قال ابن عبد البر في "التمهيد": ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين، مذهب ضعيف من جهة النظر، غير ثابت من جهة الأثر.
______________________________ ____
(1) السجل أو الذنوب: وعاء به ماء.
(2) البخاري: كتـاب الوضـوء- باب ترك النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg والناس الأعرابى حتى فرغ من بوله في المسجد (1 / 65)، وأبو داود: كتاب الطهارة- باب الأرض يصيبها البول (1 / 91)، والنسائي: كتاب المياه- باب التوقيت في الماء (1 / 175)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب ما جاء في البول يصيب الأرض (1 / 275)، رقم (147)، وابن ماجه: كتاب الطهارة- باب الأرض يصيبها البول... (1 / 176).
(3) "بئر بضاعة" بضم أوله، بئر المدينة. قال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد، قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها؟ قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة. قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة. قال أبو داود: وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي، مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان، فأدخلني إليه، هل غير بناؤها عما كانت عليه ؟ قال: لا. ورأيت فيها ماء متغير اللون.
وذرعته: قسته بالذراع.
(4) الترمذي: أبواب الطهارة، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء (1 / 96)، الحديث رقم (66)، وقال الترمذي: حديث حسن. وأبو داود: كتاب الطهارة، باب ما جاء فى بئر بضاعة (1 / 54)، الحديث (66)، ومسند أحمد (3 / 31، 86)، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 4) كتاب الطهارة، باب التطهر بماء البئر (1 / 257) والدارقطنى (1 / 30) كتاب الطهارة، باب الماء المتغير الحديث رقم (11) والنسائى: كتاب المياه- باب ذكر بئر بضاعة (1 / 175)، الحديث (326)، وتلخيص الحبير (1 / 13)، وقال: حديث حسن. وقد جود إسناده أبو أسامة، وصححه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو محمد بن حزم. وصححه العلامة الألباني، في: صحيح النسائي (1 /70)، وصحيح الترمذي (66)، ومشكاة المصابيح (288)، وصحيح الجامع (1925، 6640)، وإرواء الغليل (14).
(5) أبو داود (1 / 17)، والنسائي (1 / 46)، والترمذي (67)، وأحمد (1 / 314)، والدارقطني (1/ 187)، والحاكم، في لالمستدرك"، (1 / 133)، وصححه العلامة الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 60)، وصحيح الجامع (758).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(5)
السؤر
السؤر؛ هو ما بقي في الإناء بعد الشرب، وهو أنواع:
(1) سؤر الآدمي: وهو طاهر من المسلم والكافر والجنب والحائض. وأما قول الله تعالى: " إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ " [ التوبة: الآية 28]. فالمراد به نجاستهم المعنوية، من جهة اعتقادهم الباطل، وعدم تحرزهم من الأقذار والنجاسات، لا أن أعيانهم وأبدانهم نجسة، وقد كانوا يخالطون المسلمين، وترد رسلهم ووفودهم على النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ويدخلون مسجده، ولم يأمر بغَسل شيء مما أصابته أبدانهم، وعن عائشة -رضي اللّه عنها- قالت: كنت أشرب، وأنا حائض، فأناوله النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فيضع فاه على موضع في (1). (2) رواه مسلم.
(2) سؤر ما يؤكل لحمه: وهو طاهر؛ لأن لعابه متولد من لحم طاهر فأخذ حكمه. قال أبو بكر بن المنذر: أجمع أهل العلم على، أن سؤر ما أُكل لحمه يجوز شربه، والوضوء به.
_______________________
(1) المراد، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان يشرب من المكان الذي شربت منه.
(2) مسلم: كتاب الطهارة باب خدمة الحائض زوجها (3 / 210)، والنسائي: كتاب الطهارة، باب الانتفاع بفضل الحائض (1 / 149)، ومسند أحمد (6 / 210)، وشرح السنة للبغوي (2 / 134) مع اختلاف في اللفظ.
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى بقية أنواع السؤر...
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(6)
(تابع )السؤر
(3) سؤر البغل والحمار والسباع وجوارح الطير: وهو طاهر؛ لحديث جابر - رضي اللّه عنه - عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg سئل: أنتوضأ بما أفضلت الحمُر؟ قال: " نعم، وبما أفضلت السباع كلها " (1). أخرجه الشافعي، والدارقطني، والبيهقي، وقال: له أسانيد إذا ضم بعضها إلى بعض، كانت قوية. وعن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - قال: خرج رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في بعض أسفاره ليلاً، فمروا على رجل جالس عند مقراة(2) له، فقال عمر - رضي اللّه عنه -: أوَلغت السباع عليك الليلة في مقراتك؟ فقال له النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " يا صاحب المقراة، لا تخبره، هذا متكلف؛ لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وَطهور" (3). رواه الدارقطني، وعن يحيى بن سعيد، أن عمر خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص، حتى وردوا حوضاً، فقال عمرو: يا صاحب الحوض، هل ترد حوضك السباع ؟ فقال عمر: لا تخبرنا، فإنا نرِدُ على السباع، وترد علينا (4). رواه مالك في الموطأ ".
(4) سؤر الهرة: وهو طاهر؛ لحديث كبشة بنت كعب، وكانت تحت أبي قتادة، أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءاً، فجاءت هرّة تشرب منه، فأصغى(5) لها الإناء، حتى شربت منه، قالت كبشة: فرآني أنظر، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت: نعم. فقال: إن رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات"(6). رواه الخمسة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه البخاري وغيره.
(5) سؤر الكلب والخنزير: وهو نجس، يجب اجتنابه؛ أما سؤر الكلب، فلما رواه البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبعاً"(7). ولأحمد، ومسلم لطهور إناء أحدكم، إذا ولغَ فيه الكلب، أن يغسله سبع مرات، أولاهنَّ بالتراب"(8).وأما سؤر الخنزير؛ فلخبثه، وقذارته.
________________
(1) مسند الشافعي ص (8) باب ما خرج من كتاب الوضوء، والدارقطنى: كتاب الطهارة، باب الآسار (1/ 62) رقم (200) وقال الدارقطني في رواي الحديث ابن أبي حبيبة: ابن أبي حبيبة ضعيف أيضاً، وهو إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 249). وقال صاحب " تلخيص الحبير": وفي الباب عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن عمر، وهي ضعيفة في الدارقطني، وحديث أبي سعيد في ابن ماجه، وحديث ابن عمر رواه مالك، موقوفاً، عن ابن عمر (1 / 41)، وضعفه العلامة الألباني، في: تمام المنة (47).
(2) " المقراة ": الحوض الذي يجتمع فيه الماء.
(3) الدارقطني:كتاب الطهارة، باب حكم الماء إذا لاقته النجاسة (1 / 26)، برقم (30)، والحديث ضعيف، ضعفه ابن حجر، في التلخيص والشوكاني، وضعفه الشيخ الألباني، في: تمام المنة (48).
(4) موطأ مالك:كتاب الطهارة باب الطهور للوضوء، الحديث رقم (14)، (1 / 23، 24)، وأخرجه البيهقى، في: السنن الكبرى (1 / 250)، والدارقطني، في " سننه "، (1 / 22)، وضعفه الألباني، في: تمام المنة (48)،والحديث عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب،أن عمر، وليس يحيى بن سعيد،أن عمر، فتنبه.
(5) "أصغى" أي؛ أمال.
(6) أبو داود: كتاب الطهارة باب سؤر الهرة (1 / 18)، والنسائي: كتاب الطهارة باب سؤر الهرة (1 / 55)، والترمذي: أبواب الطهارة باب ما جاء في سؤر الهرة، الحديث رقم (92 )، (1/153)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الطهارة باب الوضوء بسؤر الهرة، والرخصة في ذلك (1 / 131)، مسند أحمد (5 / 296، 303، 309)، وصححه العلامة الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 16، 73)، وصحيح ابن ماجه (367)، وإرواء الغليل (173)، وصحيح الجامع (2437).
(7) البخاري:كتاب الوضوء (1 / 54) باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، ومسلم: كتاب الطهارة باب حكم ولوغ الكلب (3 / 182)، والنسائي: كتاب الطهارة، باب سؤر الكلب (1 / 52) ( مع اختلاف اللفظ )، ومسند أحمد (2 / 460)، وسنن البيهقي:كتاب الطهارة - باب غسل الإناء من ولوغ الكلب سبع مرات (1 / 240)، وانظر ص (256) أيضاً.
(8) مسلم:كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب (1 / 234)، رقم (91)، وأبو داود:كتاب الطهارة، باب الوضوء بسؤر الكلب (1 / 17)، ومسند أحمد (2 / 427)، والبيهقي (1 / 240).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نتكلم عن "النجاسات"...
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(7)
معنى النَّجَاسَةُ
النجاسة هي القذارة، التي يجب على المسلم أن يتنزه عنها، ويغسل ما أصابه منها؛ قال اللّه تعالى: " وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ" [المدثر: 4]، وقال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ " [البقرة: 222]، وقال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "الطهور شطر الإيمان"(1). ولها مباحث، نذكرها فيما يلي:
أَنْوَاعُ النَّجَاسَاتِ
المَيْتَةُ: وهي ما ماتَ حتْفَ أنْفه، أي؛ من غير تذكية (2)، ويلحق بها ما قطع من الحي؛ لحديث أبي واقد الليْثي قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "ما قُطِع من البهيمة وهي حيّة فهو ميْتَة"(3). رواه أبو داود، والترمذي وحسّنه، قال: والعمل على هذا عند أهل العلم.
ويستثنى من ذلك: أ - ميتة السمك، والجراد، فإنها طاهرة؛ لحديث ابن عمر - رضي اللّه عنهما - قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "أحلَّ لنا ميتتان ودمان؛ أما الميتتان فالحوت (4) والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" (5). رواه أحمد والشافعي وابن ماجه والبيهقي والدارقطني، والحديث ضعيف، لكن الإمام أحمد صحح وقفه، كما قاله أبو زرعة وأبو حاتم، ومثل هذا له حكم الرفع؛ لأن قول الصحابي: أحل لنا كذا، وحرم علينا كذا. مثل قوله: أمرنا. و: نهينا. وقد تقدم قول الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في البحر: "هو الطهور ماؤه، الحل مَيْتَتُه" (6).
ب - ميتة ما لا دم له سائل؛ كالنمل، والنحل، ونحوها، فإنها طاهرة، إذا وقعت في شيء وماتت فيه، لا تنجسه.
قال ابن المنذر: لا أعلم خلافاً في طهارة ما ذكر، إلا ما روي عن الشافعي، والمشهور من مذهبه، أنه نجس، ويعفى عنه إذا وقع في المائع، ما لم يغيره.
ج - عظم الميتة، وقرنها، وظفرها، وشعرها، وريشها، وجلدها (7)، وكل ما هو من جنس ذلك طاهر؛ لأن الأصل في هذه كلها الطهارة، ولا دليل على النجاسة.
قال الزهري في عظام الموتى، نحو الفيل، وغيره: أدركت ناساً من سلف العلماء، يمتشطون بها، ويدهنون فيها، لا يرون به بأساً. رواه البخاري، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: تُصُدِّق على مولاة لميمونة بشاة، فماتتْ، فمر بها رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فقال: "لولا أخذتم إهَابَها، فدبغتموه، فانتفعتم به؟". فقالوا: إنها ميتة. فقال: "إنما حرم أكلها"(8). رواه الجماعة، إلا أن ابن ماجه قال فيه: عن مَيمونة. وليس في البخارى، ولا النسائي ذكر الدباغ، وعن ابن عباس -رضي اللّه عنهما- أنه قرأ هذه الآية: " قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً " [ الأنعام: 145]. إلى آخر الآية، وقال: إنما حرم ما يؤكل منها، وهو اللحم، فأما الجلد، والقد(9)، والسن والعظم، والشعر، والصوف، فهو حلال(10). رواه ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وكذلك أنفِحة الميتة، ولبنها طاهر؛ لأن الصحابة لما فتحوا بلاد العراق، أكلوا من جبن المجوس، وهو يعمل بالأنفحة، مع أن ذبائحهم تعتبر كالميتة، وقد ثبت عن سلمان الفارسي - رضي اللّه عنه - أنه سئل عن شيء من الجبن، والسمن، والفراء ؟ فقال: الحلال ما أحله اللّه في كتابه، والحرام ما حرّم اللّه في كتابه، وما سكت عنه، فهو مما عفا عنه. ومن المعلوم، أن السؤال كان عن جبن المجوس، حينما كان سلمان نائب عمر ابن الخطاب على المدائن.
__________________
(1) مسلم:كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء (1 / 203)، رقم (1)، والترمذي: كتاب الدعوات، باب (86) حديث رقم (3517) بلفظ: "الوضوء شطر الإيمان" (5 / 535)، وقال: حديث صحيح، والدارمي:كتاب الصلاة والطهارة، باب ما جاء في الطهور (1 / 132)، رقم (659)، ومسند أحمد (4 /250، 5 /342).
(2)أي: من غير ذبح شرعي، ذكى الشاة: أي: ذبحها.
(3) أبو داود:كتاب الصيد، باب في صيد قطع منه قطعة (3 / 277)، رقم (2858)، والترمذي:كتاب الأطعمة، باب ما قطع من الحي، فهو ميت (4 / 74)، رقم (1480) وقال: حسن غريب، وابن ماجه: كتاب الصيد، باب ما قطع من البهيمة (2 / 1073)، رقم (3216)، ومسند أحمد (5/ 218)، والسنن الكبرى للبيهقي:كتاب الطهارة (1 / 23)، وكتاب الصيد والذبائح (9 / 245) بلفظ: "قطع"، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح أبي داود (2858)، وصحيح ابن ماجه (3216)، وغاية المرام (41).
(4) "الحوت" السمك.
(5) وابن ماجه:كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال (2 / 1102)، حديث رقم (3314)، ومسند أحمد (2 / 97)، وقال صاحب " الفتح ": أخرجه أحمد، والدارقطني مرفوعاً، وقال: إن الموقوف أصح، ورجح البيهقي أيضاً الموقوف، إلا أن له حكم الرفع. " الفتح " (9 / 621)، والسنن الكبرى للبيهقي (9 / 257) ورفعه، والدارقطني (4 / 270)، رقم (25) كتاب الصيد، باب الصيد والذبائح، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح ابن ماجه (3218)، ومشكاة المصابيح (4142)، والصحيحة (1118).
(6) تقدم تخريجه.
(7) جلد الميتة بعد الدبَغ، يكون طاهراً؛ لحديث ابن عباس، رضي الله عنهما، عند مسلم، وغيره: "إذا دبغ الإهابُ، فقد طهر". وأما قبل الدبغ، فلا يكون طاهراً؛ لحديث ابن عباس.
(8) البخاري: (4 / 10)، ومسلم: كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ (1 / 276) رقم (100)، وأبو داود:كتاب اللباس، باب في أُهُب الميتة (4 / 365، 366)، رقم (4120)، والنسائي: كتاب الفرع والعتيرة باب جلود الميتة (7 / 172)، رقم (4235)، والترمذي: كتاب اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت (4 / 220)، رقم (1727)، وابن ماجه: كتاب اللباس، باب لبس جلود الميتة إذا دبغت (2 / 1193)، رقم (3610).
(9) " القد " بكسر القاف: إناء من جلد. ا ه. قاموس.
(10) الدارقطني (1 / 46، 47) كتاب الطهارة، باب الدباغ، الحديث رقم (18) وفي سنده أبو بكر الهذلي، واسمه سلمى بن عبد اللّه بن سلمى البصري، قال الدارقطنى: أبو بكر الهذلى ضعيف، وفي سنن الدارقطني، أن القول المتقدم من كلام شبابة، وليس كلام ابن عباس، كما أورد المصنف، وإنما كلام ابن عباس، قال: الطاعم الآكل، فأما السن، والقرن، والعظم، و الصوف، والشعر، والوبر، والعصب، فلا بأس به؛ لأنه يغسل. السنن (1 / 47).
وسنتكمل غدًا إن شاء الله تعالى الكلام عن بقية أنواع النجاسات...
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(8)
ومن أنواع النجاسات:
* - الدم: سواء كان دماً مسفوحاً -أي: مصبوباً- كالدم الذي يجري من المذبوح، أم دم حيض، إلا أنه يُعْفَى عن اليسير منه، فعن ابن جريج، في قوله تعالى: " أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً " [الأنعام: 145]. قال: المسفوح الذى يهراق، ولا بأس بما كان في العروق منها. أخرجه ابن المنذر، وعن أبي مجلزٍ، في الدم يكون في مذبح الشاة، أو الدم يكون في أعلى القدر؟ قال: لا بأس، إنما نهى عن الدم المسفوح. أخرجه عبد بن حميد، وأبو الشيخ، وعن عائشة - رضي اللّه عنها - قالت: كنا نأكل اللحم، والدم خطوط على القدْر. وقال الحسن: ما زال المسلمون يصلّون في جراحاتهم. ذكره البخاري، وقد صح أن عمر -رضي اللّه عنه- صلى، وجرحه يثعب دماً (1)، قاله الحافظ في "الفتح"، وكان أبو هريرة -رضي اللّه عنه- لا يرى بأساً بالقطرة، والقطرتين في الصلاة (2)، وأما دم البراغيث، وما يترشح من الدمامل، فإنه يعفى عنه؛ لهذه الآثار، وسئل أبو مجلز، عن القيح، يصيب البدنَ والثوب؟ فقال: ليس بشيء، وإنما ذَكَر اللّه الدمَ، ولم يذكر القيحَ. وقال ابن تيمية: ويجب غسل الثوب من المدَّة، والقيح، والصديد. قال: ولم يقم دليل على نجاسته. والأولى، أن يتقيه الإنسان بقدر الإمكان.
* - لحْمُ الخنْزِيرِ: قال اللّه تعالى: " قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ (3)" [الأنعام: 145]. أي: فإن ذلك كله خبيث، تعافه الطباع السليمة، فالضمير راجع إلى الأنواع الثلاثة، ويجوز الخرز بشعر الخنزير، في أظهر قولي العلماء.
* - #قَيْءُ الآدمِيُّ، وبَوْلُه، ورَجِيعُه: ونجاسة هذه الأشياء متفق عليها، إلا أنه يعفى عن يسير القيء، ويخفف في بول الصبي، الذي لم يأكل الطعام، فيكتفى في تطهيره بالرش؛ لحديث أم قيس -رضي اللّه عنها- أنها أتت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بابن لها، لم يبلغ أن يأكل الطعام، وأن ابنها ذاك بال في حجر النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فدعا رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بماء، فنضحه(4) على ثوبه، ولم يغسله غسلاً(5). متفق عليه، وعن عليّ -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "بول الغلام ينضح عليه، وبول الجارية يغسل" (6). قال قتادة: وهذا ما لم يطعما، فإن طعما، غسل بولهما. رواه أحمد - وهذا لفظه - وأصحاب السنن، إلا النسائي، قال الحافظ في " الفتح ": وإسناده صحيح، ثم إن النضح إنما يجزئ، ما دام الصبي يقتصر على الرضاع، أما إذا أكل الطعام على جهة التغذية، فإنه يجب الغسل، بلا خلاف، ولعل سبب الرخصة في الاكتفاء بنضحه ولوع الناس بحمله، المفضي إلى كثرة بوله عليهم، ومشقة غسل ثيابهم، فخفف فيه ذلك.
_____________
(1) "يثعب" أي؛ يجري، وانظر: صحيح البخاري كتاب الوضوء باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين (1 / 336)، ودم الآدمي، وغيره طهارة، لأنه الأصل.
(2) هذا غير ثابت عن أبي هريرة، وانظر: تمام المنة(50).
(3) "الرجس" النجس.
# لم يذكر المصنف دليل نجاسة قيء الآدمي، وقد خالف ابن حزم، وقال بطهارة قيء الآدمي، وانظر: تمام المنة (53).
(4) والنضح: أن يغمر، ويكاثر بالماء مكاثرة، لا تبلغ جريان الماء، وتردده تقاطره، وهو المراد بالرش في الروايات الأخرى.
(5) البخاري: كتاب الوضوء، باب بول الصبيان (1 / 65)، ومسلم:كتاب الطهارة، باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله (1 / 237)، رقم (102).
(6) أبو داود: كتاب الطهارة، باب بول الصبي يصيب الثوب (1 / 262، 263)، والترمذي: أبواب الصلاة- باب ما ذكر في نضح بول الغلام الرضيع (2 / 509، 510)، برقم (610)، وابن ماجه (1 / 175)، برقم (527) كتاب الطهارة، باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، ومسند أحمد (1 / 76 )، وصححه الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 188، 190).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(9)
ومن أَنْوَاعُ النَّجَاسَاتِ:
- الوَدْيُ: وهو ماء أبيض ثخين بعد البول، وهو نجس من غير خلاف، قالت عائشة: وأما الودي فإنه يكون بعد البول، فيغسل ذكره وأنثييه، ويتوضأ، ولا يغتسل. رواه ابن المنذر، وعن ابن عباس -رضي اللّه عنهما- المَنِيُّ، والْوَدْيُ، والمَذْي؛ أما المني ففيه الغسل، وأما المذي والودي ففيهما إسباغ الطهور. رواه الأثرم والبيهقي، ولفظه: وأما الودي والمذي، فقال: "اغسل ذكرك أو مذاكيرك، وتوضأ وضوءك في الصلاة".
- المذي: وهو ماء أبيض لزج، يخرج عند التفكير في الجماع، أو عند الملاعبة، وقد لا يشعر الإنسان بخروجه، ويكون من الرجل والمرأة، إلا أنه من المرأة أكثر، وهو نجس، باتفاق العلماء، إلا أنه إذا أصاب البدن، وجب غسله، وإذا أصاب الثوب، اكتفي فيه بالرش بالماء؛ لأن هذه نجاسة يشق الاحتراز عنها؛ لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العَزَب، فهي أولى بالتخفيف من بول الغلام.
وعن عليّ -رضي اللّه عنه- قال: "كنت رجلاً مذاءً، فأمرت رجلاً أن يسأل النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg؛ لمكان ابنته، فسأل، فقال: "توضأ واغسل ذكرك" (1). رواه البخاري وغيره، وعن سهل بن حنيف -رضي الله عنه- قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء، وكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فقال: "إنما يجزيك من ذلك الوضوء". فقلت: يا رسول الله، كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: "يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء، فتنضح به ثوبك، حيث إنه قد أصاب منه" (2). رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وفي الحديث محمد بن إسحاق، وهو ضعيف إذا عنعن؛ لكونه مدلساً، لكنه هنا صرح بالتحديث، ورواه الأثرم -رضي الله عنه- بلفظ: كنت ألقى من المذي عناء، فأتيت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فذكرت له ذلك، فقال: "يجزئك أن تأخذ حفنة من ماء، فترش عليه".
- المني: ذهب بعض العلماء إلى القول بنجاسته، والظاهر أنه طاهر، ولكن يستحب غسله إذا كان رطباً، وفركه إن كان يابساً؛ قالت عائشة -رضي اللّه عنها-: كنت أفرك المني من ثوب رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا كان يابساً، وأغسله إذا كان رطباً(3). رواه الدارقطني، وأبو عوانة، والبزار، وعن ابن عباس -رضي اللّه عنهما- قال: سئل النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عن المني يصيب الثوب؟ فقال: "إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة"(4). رواه الدارقطني والبيهقي والطحاوي، والحديث قد اختلف في رفعه ووقفه.
- بَوْلُ، وروثُ ما لا يَؤْكَلُ لحمُه: وهما نجسان؛ لحديث ابن مسعود -رضي اللّه عنه- قال: أتى النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة، وقال: "هذا رجس". رواه البخاري وابن ماجه وابن خزيمة، وزاد في رواية: "إنها ركس(5) إنها روثة حمار". ويعفى عن اليسير منه لمشقة الاحتراز عنه، قال الوليد بن مسلم: قلت للأوزاعي: فأبوال الدواب مما لا يؤكل لحمه كالبغل والحمار والفرس؟ فقال: قد كانوا يبتلون بذلك في مغازيهم، فلا يغسلونه من جسد أو ثوب، وأما بول وروث ما يؤكل لحمه، فقد ذهب إلى القول بطهارته مالك وأحمد وجماعة من الشافعية. قال ابن تيمية: لم يذهب أحد من الصحابة إلى القول بنجاسته، بل القول بنجاسته قول محدث، لا سلف له من الصحابة. انتهى.
قال أنس -رضي اللّه عنه-: قدم أناس من عكل أو عرينة(6)، فاجتووا المدينة، فأمرهم النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بلقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها(7). رواه أحمد والشيخان، دل هذا الحديث على طهارة بول الإبل، وغيرها من مأكول اللحم يقاس عليه، قال ابن المنذر: ومن زعم أن هذا خاص بأولئك الأقوام لم يصب؛ إذ الخصائص لا تثبت إلا بدليل. قال: وفي ترك أهل العلم بيع أبعار الغنم في أسواقهم، واستعمال أبوال الإبل في أدويتهم، قديماً وحديثاً، من غير نكير دليل على طهارتها. وقال الشوكاني: الظاهر طهارة الأبوال والأزبال من كل حيوان يؤكل لحمه؛ تمسكاً بالأصل، واستصحاباً للبراءة الأصلية، والنجاسة حكم شرعي ناقل عن الحكم الذي يقتضيه الأصل والبراءة، فلا يقبل قول مدعيها إلا بدليل يصلح للنقل عنهما، ولم نجد للقائلين بالنجاسة دليلاً لذلك.
______________
(1) البخاري: كتاب الغسل، باب غسل المذي والوضوء منه (1 / 76)، ومسلم: كتاب الطهارة باب المذي (3 / 212)، وأبو داود: كتاب الطهارة باب في المذي (206 209)، والترمذي: كتاب الطهارة باب ما جاء في المذي يصيب الثوب (1 / 196)، وابن ماجه: كتاب الطهارة باب الوضوء من المذي (504).
(2) وأبو داود: كتاب الطهارة، باب في المذي (1 / 144)، برقم (210)، وانظر تعليق الشيخ شاكر رقم (2)، ص (198)، الترمذي: أبواب الطهارة، باب ما جاء في المذي يصيب الثوب (1 / 197، 198)، برقم (115)، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب الوضوء من المذي (1 / 169)، برقم (506)، والحديث حسن.
(3) مسند أبي عوانة (1 / 204)، والدارقطني (1 / 25): كتاب الطهارة- باب ما ورد في طهارة المني، وحكمه رطباً ويابساً، رقم (3)، وشرح معاني الآثار (1 / 45)- باب حكم المني، هل طاهر أم نجس، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 196).
(4) الدارقطني: كتاب الطهارة- باب ما ورد في طهارة المني، وحكمه رطباً ويابساً (1 / 124)، الحديث رقم (1)، وفي "الزوائد": رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه محمد بن عبيد اللّه العرزمي، وهو مجمع على ضعفه. وعن ابن عباس، قال: لقد كنا نسلته بالإذخر والصوفة. يعني، المني. رواه الطبراني في " الكبير "، ورجاله ثقات، مجمع الزوائد (1 / 279، 280)، ورواه البيهقي، في "المعرفة"، وقال: كلاهما عن عطاء، عن ابن عباس، موقوفاً، وقال: هذا هو الصحيح موقوف. وبنحوه مرفوعاً عن عائشة: كان رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر، ثم يصلي فيه... وصححه الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 197).
(5) البخاري: كتاب الوضوء، باب الاستنجاء بالحجارة (1 / 50، 51)، وابن ماجه:كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة، والنهي عن الروث والرمة (1 / 114)، وصحيح ابن خزيمة: أبواب آداب الحاجة، باب إعداد الأحجار، والاستنجاء عند إتيان الغائط (1 / 39)، الحديث رقم (70).
(6) "عكل وعرينة" بالتصغير: قبيلتان. "اجتووا": أصابهم الجوى، وهو مرض داء البطن إذا تطاول. "لقاح": جمع لقحة، بكسر فسكون، وهي الناقة: ذات اللبن.
(7) البخاري: كتاب الوضوء، باب أبوال الإبل، والدواب، والغنم، ومرابضها (1/67)، ومسلم: كتاب القسامة، باب حكم المحاربين والمرتدين (3 /1296)، برقم (11)،ومسند أحمد (3 / 161).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(10)
ومن أنواع النجسات:
- الجلالة: ورد النهي عن ركوب الجلالة وأكل لحمها وشرب لبنها، فعن ابن عباس -رضي اللّه عنهما- قال: "نهى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عن شرب لبن الجلالة " (1). رواه الخمسة، إلا ابن ماجه وصححه الترمذيُّ، وفي رواية: "نهى عن ركوب الجلالة". رواه أبو داود، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي اللّه عنهم- قال: "نهى رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عن لحوم الحمر الأهلية، وعن الجلالة؛ عن ركوبها وأكل لحومها"(2). رواه أحمد، والنسائيُّ، وأبو داود، والجلالة: هي التي تأكل العذرة من الإبل والبقر والغنم والدجاج والأوز وغيرها، حتى يتغير ريحها، فإن حبست بعيدة عن العذرة زمناً علفت طاهراً، فطاب لحمها وذهب اسم الجلالة عنها حلت؛ لأن علة النهي التغيير وقد زالت.
- الخمر: وهي نجسة عند جمهور العلماء، لقول الله تعالى: " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَْنصَابُ وَالأَْزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ " [المائدة: 90]. وذهبت طائفة إلى القول بطهارتها، وحملوا الرجس في الآية على الرجس المعنوي؛ لأن لفظ "الرجس" خبر عن الخمر، وما عطف عليها وهو لا يوصف بالنجاسة الحسية قطعاً، قال تعالى: " فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَْوْثَانِ " [الحج:30]. فالأوثان رجس معنوي لا تنجس من مسها، ولتفسيره في الآية بأنه من عمل الشيطان يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وفي "سبل السلام": والحق أن الأصل في الأعيان الطهارة، وأن التحريم لا يلازم النجاسة، فإن الحشيشة محرمة وهي طاهرة، وأما النجاسة فيلازمها التحريم، فكل نجس محرم ولا عكس، وذلك لأن الحكم في النجاسة هو المنع عن ملامستها على كل حال، فالحكم بنجاسة العين حكم بتحريمها، بخلاف الحكم بالتحريم فإنه يحرم لبس الحرير والذهب، وهما طاهران ضرورة وإجماعاً. إذا عرفت هذا فتحريم الحمر والخمر الذي دلت عليه النصوص لا يلزم منه نجاستهما، بل لا بد من دليل آخر عليه، وإلا بقيا على الأصول المتفق عليها من الطهارة، فمن ادعى خلافه فالدليل عليه.
- الكلب: وهو نجس ويجب غسل ما ولغ فيه سبع مرات أولاهن بالتراب؛ لحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب (3)" (4). رواه مسلم وأحمد وأبو داود والبيهقي، ولو ولغ في إناء فيه طعام جامد ألقي ما أصابه وما حوله، وانتفع بالباقي على طهارته السابقة، أما شعر الكلب فالأظهر أنه طاهر ولم تثبت نجاسته.
_______________________
(1) أبو داود: كتاب الجهاد، باب في ركوب الجلالة (3/54)، برقم (2557)، ومسند أحمد (1/ 226)، والنسائى:كتاب الضحايا، باب النهي عن لبن الجلالة (7 /239،240)، برقم (4448)، والترمذي: كتاب الأطعمة، باب ما جاء في أكل لحوم الجلالة وألبانها (4 / 270)، برقم (1825) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه:كتاب الذبائح، باب النهي عن لحوم الجلالة (2 / 1064)، برقم (3118)، وصححه الألباني، في صحيح النسائي (3 / 927)، والصحيحة (2391).
(2) والنسائي: كتاب الصيد والذبائح، باب تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية (7 / 203)، رقم (4337)، مسند أحمد (2 / 21)، وسنن سعيد بن منصور (2 / 292)، رقم (2816)، والدارقطني (3 / 258) كتاب النكاح، باب المهر، وانظر (4 / 290)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح النسائي (3 / 906)، وإرواء الغليل (2485).
(3) معنى الغسل بالتراب: أن يخلط في الماء حتى يتكدر.
(4) تقدم تخريجه.
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(11)
تَطْهِيرُ البَدَنِ ، والثَّوْبِ
الثوب والبدن إذا أصابتهما نجاسة يجب غسلهما بالماء، حتى تزول عنهما إن كانت مرئية كالدم، فإن بقي بعد الغسل أثر يشق زواله فهو معفو عنه، فإن لم تكن مرئية كالبول فإنه يكتفى بغسله ولو مرة واحدة، فعن أسماء بنت أبي بكر -رضي اللّه عنها- قالت: جاءت امرأةٌ إلى النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض، كيف تصنع به؟ فقال: "تحتّهُ ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه(1) ثم تصلي فيه" (2). متفق عليه.
وإذا أصابت النجاسة ذيل ثوب المرأة تطهره الأرض، لما روي أن امرأة قالت لأم سلمةَ -رضي اللّه عنها-: إني أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر؟ فقالت لها: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "يطهِّره ما بعده" (3). رواه أحمد وأبو داود.
تَطْهِيرُ الأَرْضِ
تطهر الأرض إذا أصابتها نجاسة بصب الماء عليها، لحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قام أعرابيٌّ، فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقعوا به، فقال النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "دعوه وأريقوا على بوله سجْلاً من ماء أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين" (4). رواه الجماعة إلا مسلماً. وتطهر أيضاً بالجفاف هي وما يتصل بها اتصال قرار كالشجر والبناء، قال أبو قِلابة: جفاف الأرض طهورها. وقالت عائشة -رضي اللّه عنها-: "زكاة الأرض يَبسها" (5). رواه ابن أبي شيبة.
هذا إذا كانت النجاسة مائعة، أما إذا كان لها جَرْمٌ، لا تطهر إلا بزوال عينها أو بتحولها.
تَطْهِيرُ السَّمْنِ ونَحْوِه
عن ابن عباس عن ميمونة -رضي اللّه عنها- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg سُئِلَ عن فأرة سقطت في سمن؟ فقال: "ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم" (6). رواه البخاري، قال الحافظ: نقل ابن عبد البر الاتفاق على أن الجامد إذا وقعت فيه ميتة طرحت وما حولها منه، إذا تحقق أن شيئاً من أجزائها لم يصل إلى غير ذلك منه، وأما المائع فاختلفوا فيه؛ فذهب الجمهور إلى أنه ينجس كله بملاقاته النجاسة، وخالف فريق منهم الزهري والأوزاعي(7).
__________________
(1) الحت والقرص: الدلك بأطراف الأصابع. النضح: الغسل بالماء.
(2) البخاري:كتاب الوضوء- باب غسل الدم (1 / 66)، ومسلم: كتاب الطهارة- باب نجاسة الدم وكيفية غسله (1 / 240)، رقم (110)، ومسند أحمد (6 / 345، 346، 353).
(3) أبو داود:كتاب الطهارة، باب في الأذى يصيب الذيل (1 / 91)، والترمذي: أبواب الطهارة- باب ما جاء في الوضوء من الموطِأ (1 / 266)، رقم (143)، وابن ماجه:كتاب الطهارة، باب الأرض يطهر بعضها بعضاً (1 / 177)، والدارمي: كتاب الصلاة والطهارة- باب الأرض يطهر بعضها بعضاً (1 / 155)، ومسند أحمد (6 / 290)، وصححه الألباني، في: صحيح أبي داود (407) وصحيح الترمذي وابن ماجه (124)، (430).
(4) تقدم تخريجه.
(5) جاء فى "تلخيص الحبير" حديث: "زكاة الأرض يبسها" احتج به الحنفية، ولا أصل له فى المرفوع، نعم ذكره ابن أبي شيبة موقوفاً عن أبي جعفر بن علي الباقر، ورواه عبد الرزاق، عن أبي قلابة من قوله، بلفظ: "جفون الأرض طهورها". تلخيص الحبير (1 / 36)، حديث رقم (31).
(6) البخاري: كتاب الوضوء، باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء (1 / 68).
(7) مذهبهما أن حكم المائع مثل حكم الماء في أنه لا ينجس إلا إذا تغير بالنجاسة، فإن لم يتغير فهو طاهر، وهو مذهب ابن عباس وابن مسعود والبخاري، وهو الصحيح.
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(12)
* تَطْهِيرُ جِلْدِ الميْتَةِ
يطهر جلد الميتة ظاهراً وباطناً بالدباغ، لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر"(1). رواه الشيخان.
* تَطْهِيــرُ المــرْآةِ ، ونَحْوِهــا
تطهير المرآة والسكين والسيف والظفر والعظم والزجاج والآنية وكل صقيل لا مسام له بالمسح الذي يزول به أثر النجاسة، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يصلون وهم حاملو سيوفهم وقد أصابها الدم، فكانوا يمسحونها ويجتزئون بذلك (2).
* تطهير النعل
يطهر النعل المتنجس والخف بالدلك بالأرض، إذا ذهب أثر النجاسة؛ لحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إذا وَطئ أحدكم بنعله الأذى، فإن التراب له طهورٌ". رواه أبو داود، وفي رواية: "إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب"(3). وعن أبي سعيد، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه فلينظر فيهما، فإن رأى خَبَثاً فليمسحه بالأرض، ثم لْيُصلّ فيهما"(4). رواه أحمد وأبو داود.
ولأنه محل تتكرر ملاقاته للنجاسة غالباً، فأجزأ مسحه بالجامد كمحل الاستنجاء، بل هو أولى؛ فإن محل الاستنجاء يلاقي النجاسة مرتين أو ثلاثاً.
* * فَوائــدُ تَكْثــرُ الحاجَــةُ إليهــا
1ـ حبل الغسيل ينشر عليه الثوب النجس، ثم تجففه الشمس أو الريح، لا بأس بنشر الثوب الطاهر عليه بعد ذلك.
2ـ لو سقط شيء على المرء لا يدري هل هو ماء أو بول لا يجـب عليه أن يسأل، فلو سأل لم يجب على المسئول أن يجيبه ولو علم أنه نجس، ولا يجب عليه غسل ذلك.
3ـ إذا أصاب الرِّجْل أو الذّيل بالليل شيء رطب لا يعلم ما هو لا يجب عليه أن يشمه ويتعرف ما هو، لما روي أن عمر -رضى اللّه عنه- مر يوماً، فسقط عليه شيء من ميزاب، ومعه صاحب له، فقال: يا صاحب الميزاب، ماؤك طاهر أو نجس؟ فقال عمر: يا صاحب الميزاب، لا تُخْبِرنا (5). ومضى.
4ـ لا يجب غسل ما أصابه طين الشوارع؛ قال كمَيْل بن زياد: رأيت علياً -رضي الله عنه- يخوض طين المطر، ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه.
5ـ إذا انصرف الرجل من صلاة فرأى على ثوبه أو بدنه نجاسة لم يكن عالماً بها، أو كان يعلمها ولكنه نسيها، أو لم ينسها ولكنه عجز عن إزالتها: فصلاتـه صحيحة، ولا إعـادة عليه (6)؛ لقوله تعالى: " وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به " [الأحزاب آية:5]. وهذا ما أفتى به كثير من الصحابة والتابعين.
6ـ من خفي عليه موضع النجاسة من الثوب وجب عليه غسله كله؛ لأنه لا سبيل إلى العلم بتيقن الطهارة إلا بغسله جميعه، فهو من باب "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".
7ـ إن اشتبه (7) الطاهر من الثياب بالنجس منها يتحرى، فيصلي في واحد منها صلاة واحدة كمسألة القبلة؛ سواء كثر عدد الثياب الطاهرة أم قلّ.
______________
(1) مسلم: كتـاب الحيض- باب طهارة جلود الميتة بالدباغ (1 / 277)، والحديث برقم (105)، وفتح الباري (9 / 658)، وسنن أبي داود: كتـاب اللبـاس- بـاب في أُهُب الميتة (4 / 367، 368)، والحديث رقم (4123)، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب الطهارة- باب اشتراط الدباغ في طهارة جلد ما لا يؤكل لحمه، وإن ذكي (1 / 20) و شرح السنة للبغوي (2 / 97)، والحديث ليس في البخاري.
(2) يرون المسح كافياً في طهارتها.
(3) سنن أبي داود: كتاب الطهارة- باب في الأذى يصيب النعل (1 / 267، 268)، والحديث برقم (385)، ورقم (386)، والسنن الكبرى البيهقي: كتاب الصلاة- باب طهارة الخف والنعل (2 / 430)، وموارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان، الحديث رقم (248)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح أبي داود، وصحيح الجامع (833، 834).
(4) أبو داود: كتاب الصلاة- باب في النعل (650)، ومسند أحمد (3 /20)، وسنن البيهقي: كتاب الصلاة- باب من صلى وفي ثوبه أو نعله نجاسة لم يعلم به، ثم علم به (2 /402، 403)، وقال البيهقي: وقد روي عن الحجاج بن الحجاج عن أبي عامر الخزاز عن أبي أمامة، وليس بالقوي، وروي من وجه آخر غير محفوظ عن أيوب السختياني عن أبي نضرة، وحسنه الشيخ الألباني في: صحيح أبي داود، وإرواء الغليل (284).
(5) تقدم تخريجه.
(6) ويستدل على ذلك بحديث أبى سعيد الخدرى -رضى الله عنه- المتقدم فى (ص36).
(7) هذا الكلام فيه نظر؛ لأن الطاهر متميز بصفاته، والنجس متميز بصفاته، وانظر: التأسيس فى أصول الفقه، للشيخ مصطفى بن سلامة(ص30).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(13)
اداب قَضَـــــاءُ الحَاجَـــــةِ
لقاضي الحاجة آداب، تتلخص فيما يلي:
1ـ ألا يستصحب ما فيه اسمُ اللّه إلا إن خيف عليه الضياع أو كان حرزاً؛ لحديث أنس -رضي اللّه عنه- أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg لبس خاتماً، نقشه "محمد رسول اللّه"، فكان إذا دخل الخلاء، وضعه. رواه الأربعة. قال الحافظ في الحديث: إنه معلول. قال أبو داود: إنه منكر، والجزء الأول من الحديث صحيح.
2ـ البُعْد والاستتار عن الناس لا سيما عند الغائط؛ لئلا يُسمَع له صوتٌ، أو تُشَمَّ له رائحةٌ؛ لحديث جابر -رضي اللّه عنه- قال: خرجنا مع النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في سفر، فكان لا يأتي البرازَ (1) حتى يغيب، فلا يُرَى (2). رواه ابن ماجه. ولأبي داود: كان إذا أراد البرازَ، انطلق حتى لا يراه أحد (3). وله أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان إذا ذهب المذهب أبعدَ(4).
3ـ الجهر بالتسمية، والاستعاذة عند الدخول في البنيان، وعند تشمير الثياب في الفضاء؛ لحديث أنس -رضي اللّه عنه- قال: كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا أراد أن يدخلَ الخلاء قال: "باسم اللّه، اللهمّ إني أعوذ بك من الْخُبثِ(5) والخبائثِ" (6). رواه الجماعة.
4ـ أن يكف عن الكلام مطلقاً؛ سواء كان ذكراً أو غيره؛ فلا يرد سلاماً، ولا يجيب مؤذناً، إلا لما لا بدَّ منه، كإرشاد أعمى يخشى عليه من التردي، فإن عطس أثناء ذلك حمد اللّه في نفسه ولا يحرك به لسانه؛ لحديث ابن عمر -رضي اللّه عنهما- أن رجلاً مرّ على النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه(7). رواه الجماعة إلا البخاري، وحديث أبي سعيد -رضي اللّه عنه- قال: سمعت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول: "لا يخرج الرجلان يَضْربان الغائط (8) كاشفَين عن عورتيهما يتحدثان، فإن اللّه يمقُتُ على ذلك" (9). رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
___________
(1) "البراز": مكان قضاء الحاجة.
(2) سنن ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب التباعد للبراز في الفضاء (1 / 121)، الحديث رقم (335)، وصححه العلامة الألباني، في: صحيح ابن ماجه (268).
(3) سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب التخلي عند قضاء الحاجة (1/14) الحديث رقم (2)، وصححه الألباني.
(4) سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب التخلي عند قضاء الحاجة (1 / 14)، الحديث رقم (6)، والنسائي: كتاب الطهارة، باب الإبعاد عند إرادة الحاجة (1 / 18)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب ما جاء أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب (1/ 31، 32)، رقم (20) وقال: حديث حسن صحيـح، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب التباعد للبراز في الفضاء (1 / 120)، حديث رقم (331 )، وصححه الألباني، في: الصحيحة (1159) وصحيح النسائي (1 / 6) وصحيح ابن ماجه (331).
(5) " الخبث " بضم الباء جمع خبيث، و" الخبائث " جمع خبيثة، والمراد: ذكران الشياطين وإناثهم.
(6) البخاري:كتاب الوضوء، باب ما يقول عند الخلاء (1 / 48) بدون "باسم اللّه"، ومسلم: كتاب الحيض- باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء (375)، وابن ماجه: كتـاب الطهـارة، بـاب ما قول الرجل إذا دخل الخـلاء (1 / 108)، رقم (296)، وأبو داود: كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء (1/2)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب ما يقول إذا دخل الخلاء (1/11،12) وقال: حديث حسن صحيح والدارمي: كتاب الصلاة والطهارة، باب ما يقول إذا دخل المخرج (1 / 136)، وليس عند الجماعة البسملة، كما ذكر المصنف، وإنما هي مستفادة من حديث علي -رضي الله عنه- مرفوعاً بلفظ: "ستر ما بين أعين الجن، وعورات بني آدم إذا دخل الخلاء، أن يقول: باسم الله". رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الشيخ الألباني في: إرواء الغليل (50).
(7) مسلم: كتاب الحيض- بـاب التيمم (4 / 64)، وأبو داود: كتـاب الطهـارة، بـاب أيرد السلام وهو يبول؟ (1 / 4)، والنسائي: كتاب الطهارة، باب السلام على من يبول (1 / 36)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب في كراهة رد السلام غير المتوضئ (1 / 150)، رقم (90) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب الرجل يسلم عليه وهو يبول (1 /127)، والحديث يختص بالذكر الذي يشمل التكبير والتهليل والتسبيح والحمد، وأما كلام الدنيا الذي ليس فيه ذكر فلا دليل على منعه حال قضاء الحاجة، فتنبه.
(8) " يضربان الغائط " أي: يمشيان إليه.
(9) سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب كراهية الكلام عند الحاجة (1 / 22)، الحديث رقم (15)، وابن ماجه: كتاب الطهارة- باب النهي عن الاجتماع على الخلاء... (342)، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب الطهارة، باب كراهية الكلام عند الخلاء (1 / 99، 100)، ومسند أحمد (3 / 36)، والحديث ضعفه الشيخ الألباني في: ضعيف أبي داود (3)، وضعيف ابن ماجه (76)، وضعيف الجامع (6351).
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(14)
ونستكمل الكلام عن :
"آداب قَضَـــــاءُ الحَاجَـــــةِ"
5ـ أن يعَظّم القبلةَ فلا يستقبلها ولا يستدبرها، لحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إذا جلس أحدكم لحاجته فلا يستقبل القبلةَ ولا يستَدبرها" (1). رواه أحمد، ومسلم، وهذا النهي محمول علي الكراهة، لحديث ابن عمر -رضي اللّه عنهما- قال: رَقيتُ يوماً بيت حفصة، فرأيت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg على حاجته، مستقبل الشام، مستدبِرَ الكعبة(2). رواه الجماعة، أو يقال في الجمع بينهما: إن التحريم في الصحراء، والإباحة في البنيان(3)؛ فعن مروان الأصفر قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبلَ القبلة يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن، أليس قد نهي عن ذلك؟ قال: بلى، إنما نهي عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك، فلا بأس (4). رواه أبو داود، وابن خزيمة والحاكم وإسناده حسن، كما في " الفتح ".
6 - أن يطلب مكاناً ليناً منخفضاً؛ ليحترز فيه من إصابة النجاسة؛ لحديث أبي موسى -رضي اللّه عنه- قال: أتى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إلى مكان دَمْث (5)،إلى جنب حائط، فبال، وقال: "إذا بال أحدكم، فليرتَد (6) لبوله" (7).رواه أحمد، وأبو داود. والحديث، وإن كان فيه مجهول، إلا أن معناه صحيح.
7ـ أن يتقي الجحر؛ لئلا يكون فيه شيء يؤذيه من الهوام؛ لحديث قتادة، عن عبد اللّه بن سرجس، قال: نهى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أن يبال في الجُحر. قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر ؟ قال: إنها مساكن الجن(8). رواه أحمد، والنسائي، وأبو داود، والحاكم، والبيهقي، وصححه ابن خزيمة، وابن السّكن.
8ـ أن يتجنب ظل الناس وطريقهم ومتحدّثهم؛ لحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "اتقّوا اللاعِنَين (9)" " قالوا: وما اللاعنان يا رسول اللّه؟ قال: "الذي يتخلى في طريق النّاس أو ظلهم" (10). رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود.
9ـ أ لا يبول في مستحمه، ولا في الماء الراكد أو الجاري؛ لحديث عبد اللّه بن مغفّل -رضي اللّه عنه- أن النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "لا يبولنّ أحَدكم في مستحمه، ثم يتوضأ فيه؛ فإن عامّة الوسواس منه" (11). رواه الخمسة، لكن قوله: "ثم يتوضأ فيه". لأحمد، وأبي داود فقط، وعن جابر -رضي اللّه عنه- أنَّ النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg نهى أن يبالَ في الماء الراكد (12). رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، وعنه -رضي اللّه عنه- أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg نهى أن يبالَ في الماء الجاري (13). قال في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني، ورجاله ثقات. فإن كان في المغتسل نحو بالوعة، فلا يكره البول فيه.
_____________
(1) مسلم: كتاب الطهارة، باب الاستطابة (1 / 224)، الحديث رقم (60)، ومسند أحمد (5 / 414) واللفظ لمسلم.
(2) البخاري: كتـاب الوضـوء، بـاب التبـرز في البيوت (1 / 49)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب الاستطابة (1 /225)، الحديث رقم (62)، وأبو داود: كتاب الطهارة- باب الرخصة في ذلك (12)، والنسائي: كتاب الطهارة- باب الرخصة في ذلك في البيوت (1 / 23)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب رقم (7) (1 / 16) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الطهارة- باب الرخصة في ذلك في الكنيف... (322)، ومسند أحمد (2 / 12).
(3) وهذا الوجه أصح من سابقه.
(4) سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة (1 / 20)، الحديث رقم (11)، وانظر: مشكاة المصابيح، الحديث رقم (373) (1 / 119)، وقال الألباني في هامش المشكاة رقم (1): إسناده حسن، وصححه جماعة كما بينته في "صحيح السنن" رقم (8) لكن الحديث ليس صريحاً في الرفع، فلا يعارض به النصوص العامة.
(5) "دمث" كسهل وزناً ومعنى.
(6) "فليرتد" أي: فليختر (7) أبو داود: كتاب الطهارة- باب الرجل يتبوأ لبوله (3)، والإمام أحمد في "المسند" (4 / 499)، بلفظ: "إذا أراد أحدكم أن يبول.."، الحديث ضعيف، ضعفه الشيخ الألباني، في: ضعيف الجامع (418،511).
(8) سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الجحر (1 / 30)، الحديث رقم (29)، والنسائي: كتاب الطهارة، باب كراهية البول في الجحر (1 / 33)، الحديث رقم (34)، ومسند أحمد (5 / 82 )، ومستدرك الحاكم: كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الجحر... (1 / 186)، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الثقب (1 / 99 )، والحديث ضعيف، ضعفه العلامة الألباني في: إرواء الغليل (1 / 93)، وضعيف الجامع (6016).
(9) المراد باللاعنين: ما يجلب لعنة الناس.
(10) مسلم: كتاب الطهارة- باب حبه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg للتيامن (68)، وسنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب المواضع التي نهى النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عن البول فيها (1 / 28)، والحديث رقم (25)، ومسند أحمد (2 / 372 )، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب الطهارة، باب النهي عن التخلي في طريق الناس، وظلهم (1 / 97).
(11) أبو داود: كتاب الطهارة- باب في البول في المستحم (27)، والنسائي: كتاب الطهارة- باب كراهية البول في المستحم (1 / 34)، والترمذي: كتاب الطهارة- باب ما جاء في كراهية البول في المغتسل (21)، وابن ماجه: كتاب الطهارة- باب كراهية البول في المغتسل (304)، وأحمد، في "المسند"، (5/ 56)، والجزء الأول من الحديث صحيح، وصححه الألباني في: صحيح ابن ماجه (246)، وهو: "لا يبولن أحدكم في مستحمه".وباقي الحديث ضعيف ضعفه الألباني في: ضعيف أبي داود (7) (12) مسلم: كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد (1 / 235)، والنسائي: كتاب الطهارة- باب النهي عن البول في الماء الراكد (1/ 34)، وابن ماجه- كتـاب الطهـارة، باب النهي عن البـول في الماء الراكد (1 / 124)، رقم (343).
(13) في "مجمع الزوائد"، قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات (1 / 209)، وضعفه العلامة الألباني، في: ضعيف الجامع (6017)، والضعيفة (5227).
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نظرًا لطول الموضوع وكثرة الحواشي
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(15)
ومع استكمال نفس الباب:
"آداب قَضَـــــاءُ الحَاجَـــــةِ"
10ـ ألا يبول قائماً لمنافاته الوقار، ومحاسن العادات، ولأنه قد يتطايـر عليه رشاشه، فإذا أمن من الرشاش جاز؛ قالت عائشة -رضي اللّه عنها-: من حدثكم أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بال قائماً فلا تصَدقوه، ما كان يبول إلا جالساً (1). رواه الخمسة إلا أبا داود. قال الترمذي: هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح، وكلام عائشة مبني على ما علمت، فلا ينافي ما روي عن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg انتهى إلى سُباطة (2) قوم فبال قائماً فَتنَحيت فقال: "ادنه". فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ ومسح على خفيه (3). رواه الجماعة، قال النووي: البول جالساً أحب إليّ، وقائماً مباح، وكل ذلك ثابت عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg.
11ـ أن يزيل ما على السبيلين من النجاسة، وجوباً بالحجر، وما في معناه من كل جامد طاهر قالع للنجاسة ليس له حرمة أو يزيلها بالماء فقط، أو بهما معاً؛ لحديث عائشة -رضي اللّه عنها- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب(4) بثلاثة أحجار؛ فإنها تجزئ عنه" (5). رواه أحمد، والنسائي وأبو داود والدارقطنيّ. وعن أنس -رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يدخل الخلاء، فأحملُ أنا وغلامٌ نحوي إداوةً(6) من ماء، وعَنَزةً، فيستنجي بالماء (7). متفق عليه. وعن ابن عباس -رضي اللّه عنهما- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg مر بقبرين، فقال: "إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير(8)، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول(9)، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة". رواه الجماعة (10). وعن أنس -رضي اللّه عنه- مرفوعاً: "تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه"(11).
12ـ ألا يستنجي بيمينه؛ تنزيهاً لها عن مباشرة الأقذار؛ لحديث عبد الرحمن بن زيد قال: قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم كل شيء، حتى الخراءة (12). فقال سلمان: أجل، نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو ببول أو نستنجي باليمين (13) أو يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار وألا يستنجي برجيع (14) أو بعظم (15). رواه مسلم وأبو داود والترمذي. وعن حفصة -رضي اللّه عنها- أن النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان يجعل يمينه لأكله وشربه وثيابه وأخذه وعطائه، وشماله لما سوى ذلك (16). رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقيُّ.
13ـ أن يدلك يده بعد الاستنجاء بالأرض، أو يغسلها بصابون ونحوه؛ ليزول ما علق بها من الرائحة الكريهة؛ لحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا أتي الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة(17)، فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض(18). رواه أبو داود والنسائي والبيهقي وابن ماجه.
14ـ أن ينضح فرجه وسراويله بالماء إذا بال ليدفع عن نفسه الوسوسة، فمتى وجد بللاً قال: هذا أثر النضح؛ لحديث الحكم بن سفيان -رضي اللّه عنه- قال: كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا بال توضأ، وينتضح(19). وفي رواية: رأيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بال، ثم نضح فرجه(20). وكان ابنُ عمرَ ينضح فرجه حتى يبل سراويله.
15ـ أن يقدم رجله اليسرى في الدخول، فإذا خرج فليقدم رجله اليمنى، ثم ليقل: غفرانك؛ فعن عائشة -رضي اللّه عنها- أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان إذا خرج من الخلاء، قال: "غفرانك"(21). رواه الخمسة إلا النسائي.
وحديثُ عائشة أصح ما ورد في هذا الباب،كما قال أبو حاتم، وروي من طرق ضعيفة، أنه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان يقول: "الحمد للّه الذي أذهب عني الأذى وعافاني"(22)، وقوله: "الحمد للّه الذي أذاقني لذته وأبقى فيّ قوته وأذهب عني أذاه"(23).
_________
(1) النسائي: كتاب الطهارة، باب البول في البيت جالساً (1 / 26)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب ما جاء في النهي عن البول قائماً (1 / 17)، رقم (12)، وابن ماجه: كتاب الطهارة- باب في البول قاعداً (307)، ومسند أحمد (6 / 192، 213)، وصححه الألباني، في: صحيح الترمذي (11)، وصحيح ابن ماجه (249)، والصحيحة (201)
(2) السباطة: بالضم ملقى التراب والقمامة.
(3) البخاري:كتاب الوضوء، باب البول عند صاحبه، والتستر بالحائط (1 / 66)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين (1 / 228)، رقم (73) واللفظ له، وأبو داود: كتاب الطهارة، باب البول قائماً (1 / 6)، والنسائي: كتاب الطهارة، باب الرخصة في ترك الإبعاد عند الحاجة (1 / 19)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب الرخصة في البول قائماً (1 / 19)، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب ما جاء في البول قائماً (1 /111، 112).
(4) "الاستطابة": الاستنجاء، وسمي استطابة؛ لما فيه من إزالة النجاسة، وتطهير موضعها من البدن.
(5) أبو داود: كتاب الطهارة- باب الاستنجاء بالحجارة (40)، والنسائي: كتاب الطهارة _ باب الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها (1 / 41)، وأحمد، في "المسند"، (6 / 108)، والدارمي: كتاب الطهارة- باب الاستنجاء (1 / 55)، والبيهقي، في: السنن الكبري (1 / 103)، والدارقطني، في "سننه"، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح الجامع (547)
(6) "الإداوة": إناء صغير كالإبريق، "عنزة": حربة.
(7) البخاري: كتاب الوضوء، باب الاستنجاء بالماء (1 / 150)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء من التبرز (1 / 227)، رقم (70).
(8) "وما يعذبان في كبير": أي؛ يكبر ويشق عليهما فعله لو أراد أن يفعلاه.
(9) "لا يستنزه": أي؛ لا يستبرئ، ولا يتطهر، ولا يستبعد منه.
(10) البخاري: كتاب الوضوء، باب ما جاء في غسل البول (1 / 65)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول، ووجوب الاستبراء (1 / 240، 241)، رقم (111)، وأبو داود (1 / 5) كتاب الطهارة، باب الاستبراء من البول، والنسائي:كتاب الطهارة، باب التنزه عن البول (1 / 28، 29، 30)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب ما جاء في التشديد في البول (1 / 2، 1)، رقم (70)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وابن ماجه:كتاب الطهارة، باب التشديد في البول (1 / 125)، رقم (347)، ومسند أحمد (1 / 225).
(11) سنن الدارقطني (1 / 127) كتاب الطهارة، باب نجاسة البول، والأمر بالتنزه منه، والحكم في بول ما يؤكل لحمه، الحديث رقم (2)، وقال: المحفوظ مرسل، وقال الألباني، بعد كلام له: والمحفوظ الموصول، كما قال ابن أبي حاتم (1 / 26)، والحديث روي من طريقين غير هذا الطريق، عن أبي هريرة، وابن عباس، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 310)، وصحيح الجامع (2..3).
(12) "الخراءة": العذرة.
(13) هذا نهي تأديب، وتنزيه.
(14) "الرجيع ": النجس.
(15) مسلم:كتاب الطهارة، باب الاستطابة (1 / 223)، رقم (57) واللفظ له، وأبو داود بلفظ مختلف أيضاً (1/9): كتاب الطهارة، باب ما ينهى عنه أن يستنجي به، والنسائي: كتاب الطهارة- باب النهي عن الاكتفاء في الاستطابة بأقل من ثلاثة أحجار (1 / 38)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به (1 / 29)، وابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب الاستنجاء بالحجارة... (316).
(16) الفتح الرباني (1 / 282)، برقم (141)، وأبو داود: كتاب الطهارة، باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء (1 / 32)، برقم (32)، واللفظ له، وفي "المنهل العذب المورود": رواه ابن حبان، والحاكم، والبيهقي، والإمام أحمد...، قال ابن محمود شارح أبي داود: هو حسن لا صحيح؛ لأن فيه أبا أيوب الإفريقي، لينه أبو زرعة، ووثقه ابن حبان، وقال ابن سيد الناس: هو معلل. وقال النـووي: إسنـاده جيد، (1 / 125)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح الجامع (4912).
(17) "التور": إناء من نحاس، و "الركوة": إناء من جلد.
(18) أبو داود: كتاب الطهارة، باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى (1 / 39، 40)، الحديث رقم (45)، والنسائي: كتـاب الطهـارة، بـاب دلك اليـد بالأرض بعد الاستنجـاء (1 / 45)، وشرح السنـة، للبغـوي (1 / 390)، وابن ماجه:كتاب الطهارة، باب من دلك يده بالأرض بعد الاستنجاء (1 / 128)، حديث رقم (358) بلفظ مختلف، وقال الألباني، في: صحيح النسائي: حسن (1 / 12)، وصحيح ابن ماجه (358)، والمشكاة (360).
(19) أبو داود:كتاب الطهارة، باب في الانتضاح (166)، والنسائي: كتاب الطهارة -باب النضح (134، 135)، وابن ماجه: كتاب الطهارة- باب ما جاء في النضح بعد الوضوء (461)، والدارمي: كتاب الصلاة والطهارة - باب في نضح الفرج قبل الوضوء (1 / 180)، والبيهقي (1 / 161)، ومستدرك الحاكم (1 / 171)، وشرح السنة، للبغوي (1 / 391)، والحديث ضعيف من رواية الحكم بن سفيان؛ لأن فيه اضطراباً كثيراً في السند والمتن، ولكن للحديث شواهد أخرى، بيَّنها الشيخ الألباني، في: صحيح أبي داود (159)، ولذلك فالحديث صحيح، وانظر: صحيح الجامع (4697)، والمشكاة (361)
(20) ابن ماجه: كتاب الطهارة- باب ما جاء في النضح بعد الوضوء (464)، بلفظ: توضأ رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فنضح فرجه. ولكن عن جابر، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح ابن ماجه (376).
(21) "غفرانك": أي؛ أسألك غفرانك.
والحديث أخرجه أبو داود (1 / 7) كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء، والترمذي: أبواب الطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء (1 / 12)، حديث رقم (7)، وقال الترمذى: حديث حسن غريب، وابن ماجه (1 / 110) كتاب الطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء، حديث رقم (300)، ومسند أحمد (6 / 155)، والدارمي:كتاب الصلاة والطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء (1 / 139)، حديث رقم (686)، والحديث صححه الشيخ الألباني، في: الإرواء (52)، وصحيح الجامع (4707).
(22) رواه ابن السني في: أعمال اليوم والليلة (ص 18)، الحديث رقم (22)، وابن ماجه:كتاب الطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء (1 / 110)، حديث رقم (301)، والحديث ضعيف، ضعفه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (53)، وضعيف ابن ماجه (301).
(23) رواه ابن السني في: أعمال اليوم والليلة (ص 18، 19)، الحديث رقم (25)، والحديث ضعيف، ضعفه العلامة الألباني، في: الضعيفة (4187)، وانظر: الضعيفة (5658).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(16)
"سُنَــــنُ الفِطْــــرة"
*معنى سُنَــــنُ الفِطْــــرة*
قد اختار الله سنناً للأنبياء، عليهم الصلاة السلام، وأمرنا بالاقتداء بهم فيها، وجعلها من قبيل الشعائر التي يكثر وقوعها؛ ليعرف بها أتباعهم، ويتميزوا بها عن غيرهم، وهذه الخصال تسمى سنن الفطرة، وبيانها فيما يلي::
- الختان
الختان؛ وهو قطع الجلدة، التي تغطي الحشفة؛ لئلا يجتمع فيها الوسخ، وليتمكن من الاستبراء من البول، ولئلا تنقص لذة الجماع، هذا بالنسبة إلى الرجل. وأما المرأة فيقطع الجزء الأعلى من الفرج بالنسبة لها (1)، وهو سنة قديمة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "اخْتَتن إبراهيم، خليل الرحمن، بعدما أتت عليه ثمانون سنة، واختتن بالقَدُوم" (2). رواه البخاري.
ومذهب الجمهور، أنه واجب، ويرى الشافعية استحبابه يوم السابع. وقال الشوكاني: لم يرد تحديد وقت له، ولا ما يفيد وجوبه(3).
- الاستحداد ، ونتف الإبط
الاستحداد(4)، ونتف الإبط، وهما سنتان، يجزئ فيهما الحلق، والقص، والنتف، والنَّورة.
- تقليم الأظافر ، وقص الشارب أو إحفاؤه
تقليم الأظافر، وقص الشارب أو إحفاؤه، وبكل منهما وردت روايات صحيحة؛ ففي حديث ابن عمر- رضي اللّه عنهما - أن النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "خالفوا المشركين؛ وفروا اللحى، وأحفوا الشواربَ" (5). رواه الشيخان، وفي حديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg "خمس من الفطرة؛ الاستحدادُ، والختانُ، وقص الشارب، ونتفُ الإبط، وتقليمُ الأظافر" (6). رواه الجماعة.
فلا يتعين منهما شيء، وبأيهما تتحقق السنة، فإن المقصود ألا يطول الشارب، حتى يتعلق به الطعام والشراب، ولا يجتمع فيه الأوساخ؛ وعن زيد بن أرقم -رضي اللّه عنه- أنَّ النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "من لم يأخذ من شاربه، فليس منا" (7). رواه أحمد، والنسائي، والترمذي وصححه.
ويستحب الاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب، أو إحفاؤه كل أسبوع، استكمالاً للنظافة، واسترواحاً للنفس؛ فإنَّ بقاء بعض الشعور في الجسم يولد فيها ضيقاً وكآبة، وقد رخص ترك هذه الأشياء إلى الأربعين، ولا عذر لتركه بعد ذلك؛ لحديث أنس -رضي اللّه عنه- قال: وقّت لنا النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في قص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة، ألا يترك أكثر من أربعين ليلة (8). رواه أحمد، وأبو داود، وغيرهما.
__________
(1) أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة، لم يصح منها شيء.
قال الألباني: صح عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، من قوله لبعض الخاتنات: "اخفضي، ولا تنهكي؛ فإنه أنضر للوجه، وأحظى للزوج". قال: وله طرق، وشواهد عن جمع من الصحابة، خرجتهما في "الصحيحة"، (2 / 353 _ 358)، وانظر: تمام المنة (ص 67).
(2) "القدوم" آلة النجار، أو موضع بالشام. والحديث رواه البخاري:كتاب بدء الخلق، باب: "واتخذ الله إِبراهيم خليلاْ* (4 / 170)، ومسند أحمد (2 / 322).
(3) بل قد ورد من النصوص ما يفيد الوجوب، انظر "يا قلفاء، اختتني"، لأستاذنا الشيخ مصطفى بن سلامة، وانظر: تمام المنة(67)..
(4) "الاستحداد": حلق العانة..
(5) البخاري:كتاب اللباس، بـاب تقليم الأظافـر (7 / 206)، ومسلم:كتـاب الطهارة، باب خصال الفطـرة (1 / 222).
(6) البخاري: كتاب اللباس _ باب قص الشارب (7 / 206)، وانظر (11 / 74)، (1257)، ومسلم: كتاب الطهارة _ باب خصال الفطرة (1 / 221)، وأبو داود: كتاب الطهارة _ باب السواك من الفطرة (53، 54)، والنسائي: كتاب الزينة _ باب الفطرة (8 / 128، 129)، والترمذي: كتاب الاستيذان والآداب (5 / 91)، وابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب الفطرة (292).
(7) النسائي:كتاب الطهارة، باب قص الشارب (1 /15)، والترمذي:كتاب الاستيذان والآدب، باب ما جاء في قص الشارب (5 / 93)، رقم (2761) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ومسند أحمد (4 / 368)، وصححه العلامة الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 5)، وصحيح الترمذي (2922)، ومشكاة المصابيح (4438)، وصحيح الجامع (6533).
(8) مسلم:كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة (1 / 222)، رقم (51)، والنسائي:كتاب الطهارة، باب التوقيت في تقليم الأظفار (1 / 15، 16)، والترمذي:كتاب الأدب، باب في التوقيت في تقليم الأظافر وأخذ الشارب (5 / 92)، رقم (2759)، وابن ماجه:كتاب الطهارة، باب الفطرة (1 / 108)، رقم (295)، ومسند أحمد (3 / 122).
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى الكلام عن بقية سنن الفطرة...
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(18)
- ترك الشيب
ترك الشيب وإبقاؤه؛ سواء كان في اللحية، أم في الرأس، والمرأة والرجل في ذلك سواء؛ لحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " لا تنْتف الشيب؛ فإنه نورُ المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام، إلا كتب اللّه له بها حسنةً، ورفعه بها درجة، وحَطَّ عنه بها خطيئة " (1). رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كنا نكره، أن ينتف الرجلُ الشعرة البيضاء من رأسه، ولحيته (2). رواه مسلم.
- تغيير الشيب بالحناء ، والحمرة ، والصفرة ، ونحوها
تغيير الشيب بالحناء، والحمرة، والصفرة، ونحوها؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم " (3). رواه الجماعة، ولحديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب، الحناء، والكتم " (4). رواه الخمسة. وقد ورد ما يفيد كراهة الخضاب (5)، ويظهر أن هذا مما يختلف باختلاف السن، والعرف، والعادة. فقد روي عن بعض الصحابة، أن ترك الخضاب أفضل، وروي عن بعضهم، أن فعله أفضل، وكان بعضهم يخضب بالصفرة، وبعضهم بالحناء، والكتم، وبعضهم بالزعفران، وخضب جماعة منهم بالسواد؛ ذكر الحافظ في "الفتح" عن ابن شهاب الزهري، أنه قال: كنا نخضب بالسواد، إذا كان الوجه حديداً، فلما نفض الوجه والأسنان، تركناه. وأما حديث جابر رضي اللّه عنه قال: جيء بأبي قحافة " والد أبي بكر " يوم الفتح إلى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg وكأن رأسه ثغامة (6). فقال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتُغيره بشيء، وجنبوه السواد " (7). رواه الجماعة، إلا البخاريَّ، والترمذيّ، فإنه واقعة عين، ووقائع الأعيان لا عموم لها، ثم إنه لا يستحسن لرجل، كأبي قحافة، وقد اشتعل رأسه شيباً، أن يصبغ بالسواد، فهذا مما لا يليق بمثله.
- التَّطيب
التَّطيب بالمسك وغيره، من الطيِّب، الذي يسر النفس، ويشرح الصدر، وينبه الروح، ويبعث في البدن نشاطاً وقوة؛ لحديث أنس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " حُبِّب إليَّ من الدنيا؛ النساء، والطيب، وجُعِلت قرة عيني في الصلاة " (8). رواه أحمد، والنسائي، ولحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " من عرض عليه طيب، فلا يرده؛ فإنه خفيف المحمل، طيب الرائحة " (9). رواه مسلم، والنسائي، وأبو داود، وعن أبي سعيد رضي اللّه عنه أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال في المسك: " هو أطيب الطِّيب " (10). رواه الجماعة، إلا البخاري، وابن ماجه، وعن نافع، قال: كان ابن عمر يستجمر بالألوة (11)، غير مُطرَّاة، وبكافور يطرحه مع الألوّة، ويقول: هكذا كان يستجمر رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (12). رواه مسلم، والنسائي.
___________
(1) أبو داود: كتاب الترجل، باب في نتف الشيب (4 / 414) حديث رقم (4202) بلفظ: "لا تنتفوا". وكذلك في مسند أحمد (2 / 210)، وشرح السنة (12 / 95) برقم (3181)، وفي الترمذي:كتاب الأدب، باب ما جاء في النهي عن نتف الشيب (5 / 125)، رقم (2821) ولفظه، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg نهى عن نتف الشيب، وقال: "إنه نور المسلم". وقال: حديث حسن، وابن ماجه: كتاب الأدب، باب نتف الشيب (2 / 1226)، رقم (3721)، والنسائي بلفظ، أن رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg نهى عن نتف الشيب: كتاب الزينة (8 / 36)، رقم (5068)، ومشكاة المصابيح (2 / 497)، رقم (4458) باللفظ الذي معنا، وقال الألباني: حسن صحيح. وانظر: الصحيحة (1243).
(2) مسلم:كتاب الفضائل، باب شيبه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (4 / 1821)، رقم (104).
(3) البخاري: كتاب اللباس، باب الخضاب (7 / 207)، ومسلم: كتاب اللباس، باب في مخالفة اليهود في الصبغ (3 / 1663)، رقم (80 )، وأبو داود: كتاب الترجل باب في الخضاب (2 / 403)، والنسائي:كتاب الزينة، باب الإذن بالخضاب (8 / 137)، وابن ماجه: كتاب اللباس، باب الخضاب بالحناء (2 / 1196)، رقم (3621).
(4) "الكتم" نبات يخرج الصبغة، أسود، مائل إلى الحمرة.
والحديث رواه الترمذي:كتاب اللباس، باب ما جاء في الخضاب (4 / 232)، برقم (1753) وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي:كتاب الزينة، باب الخضاب بالحناء والكتم (8 / 139 )، برقم (5079)، وأبو داود: كتاب الترجل، باب في الخضاب (4 / 416)، برقم (4205)، وابن ماجه: كتاب اللباس، باب الخضاب بالحناء (2 / 1196) برقم (3622)، والمسند (5 / 147)، وصححه الشيخ الألباني، في: الصحيحة (1509).
(5) راجع: تمام المنة (74 83) فإن فيه توضيحاً لهذه المسألة.
(6) "الثغامة": نبت يشبه بياضه بياض الشعر، وقال الألباني، فيما أورد ابن حجر من أثر الزهري: لا حجة فيه؛ لأنه مقطوع، موقوف عليه، ولو أنه رفعه، لم يُحتج به أيضاً؛ لأنه يكون مرسلاً، فالعجب كيف يتعلق بمثله؛ ليرد دلالة حديث جابر الآتي. تمام المنة (84).
(7) مسلم: كتاب اللباس والزينة باب استحباب خضاب الشيب بصفرة أو حمرة (3 / 1663)، رقم (79)، وأبو داود: كتاب الترجل، باب في الخضاب (2 / 403 )، والنسائي: كتاب الزينة، باب النهي عن الخضاب (8 / 138)، وابن ماجه: كتاب اللباس - باب الخضاب بالسواد (2 / 1197)، رقم (3624)، وانظر: تمام المنة (85).
(8) مسند أحمد (3 / 285)، والنسائي: كتاب عشرة النساء - باب حب النساء (7 / 62)، وصححه الألباني، في: صحيح الجامع (3124)، والمشكاة (5261).
(9) مسلم: كتاب الألفاظ من الأدب - باب استعمال المسك، رقم (20) بلفظ:"من عرض عليه ريحان...": (4 / 1766)، وأبو داود: كتاب الترجل - باب في رد الطيب (2 / 397)، والنسائي: كتاب الزينة باب الطيب (8 / 189)، وهو في: صحيح الجامع (6393).
(10) مسلم: كتاب الألفاظ من الأدب - باب استعمال المسك (4 / 1766)، رقم (19)، وأبو داود: كتاب الجنائز باب في المسك للميت (3158)، والنسائي: كتاب الزينة باب أطيب الطيب (8 / 151)، والترمذي: كتاب الجنائز - باب ما جاء في المسك للميت (3 / 308)، رقم (991) وقال: حديث حسن صحيح، ومسند أحمد: (3 / 31).
(11) "الألوة" العود الذي يتبخر به، "غير مطراة" غير مخلوطة بغيرها من الطيب.
(12) مسلم: كتاب الألفاظ من الأدب - باب استعمال المسك (4 / 1766) رقم (21)، والنسائي: كتاب الزينة باب البخور ( 8 / 156).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى "الوضوء"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(19)
"الــوضُــوءُ"
*****
- معنى الوضوء:
الوضوء؛ معروف من أنه طهارة مائية، تتعلق بالوجه، واليدين، والرأس، والرجلين، ومباحثُه ما يأتي:
- دَليلُ مشرُوعيتِه:
ثبتت مشروعيته بأدلة ثلاثة: الدليل الأول، الكتاب الكريم؛ قال اللّه تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " [سورة المائدة: 6].
الدليل الثاني، السنة؛ روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " لا يقبل اللّه صلاة أحدكم إذا أحدث، حتى يتوضأ " (1). رواه الشيخان، وأبو داود، والترمذي.
الدليل الثالث، الإجماع، انعقد إجماع المسلمين على مشروعية الوضوء، من لدن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إلى يومنا هذا، فصار معلوماً من الدين بالضرورة.
- فضله:
ورد في فضل الوضوء أحاديث كثيرة، نكتفي بالإشارة إلى بعضها: (أ) عن عبد اللّه الصنابحي - رضي اللّه عنه - أنَّ رسولَ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إذا توضأ العبدُ، فَمضْمَضَ، خرجت الخطايا من فيه، فإذا استَنْثَر، خرجَت الخطايا من أنْفه، فإذا غسلَ وَجْهَه، خرجَت الخطايا من وجهه، حتى تخرجَ من تحت أشفار عَيْنَيه، فإذا غسَل يديه، خرجت الخطايا من يديه، حتى تخرج من تحت أظافر يديه، فإذا مسح برأسه، خرجت الخطايا من رأسِه، حتى تخرجَ من أذُنيه، فإذا غسل رجليه، خرجت الخطايا من رجْليه، حتى تخرج من تحت أظافر رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد، وصلاتُه نافلةً " (2). رواه مالك، والنسائيُّ، وابنُ ماجه، والحاكم.
(ب) وعن أنس - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إن الخَصلة الصالحة تكون في الرجل، يصلح اللّه بها عمله كلّه، وطهورُ الرجل لصلاته، يكفِّرُ اللّه بطهوره ذنُوبه، وتبقى صلاته له نافلةً" (3). رواه أبو يعلى، والبزّار، والطبراني في "الأوسط".
(ج) وعن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " ألا أدلكم على ما يمحو اللّه به الخطايا، ويرفع به الدرجات ". قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: " إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرّباط (4)، فذلكم الرّباط، فذلكم الرّباط " (5). رواه مالك، ومسلم، والترمذيّ، والنسائي.
(د) وعنه رضي اللّه عنه أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أتى المقبرة، فقال: " السلام عليكم، دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء اللّه بكم عن قريب لاحقون، وددت لو أنا قد رأينا إخواننا ". قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول اللّه ؟ قال: " أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعدُ ". قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد، من أمتك، يا رسول اللّه ؟ قال: " أرأيت لو أن رجلاً له خَيْلٌ غُرٌّ، مُحَجّلَةٌ، بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ، دُهْمٍ، بُهم (6)، ألا يعرف خيله؟ " قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: " فإنهم يأتون غراً محجّلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا لَيُذَادنَّ رجال عن حوضي،كما يُذادُ البعيرُ الضالُّ، أناديهم: ألا هلم. فيقال: إنهم بدّلوا بعدك. فأقول: سحقاً.، سحقاً "(7). رواه مسلم.
___________________
(1) البخاري: كتاب الحيل - باب في الصلاة (9 / 29)، ومسلم: كتاب الطهارة باب وجوب الطهارة للصلاة (1 / 204)، برقم (2)، وأبو داود: كتاب الطهارة باب فرض الوضوء (1 / 49)، برقم (60)، والترمذي: (1 / 110)، برقم (76) أبواب الطهارة باب ما جاء في الوضوء من الريح، وقال: حديث غريب حسن صحيح..
(2) موطأ مالك (1 / 53) ( ط صبيح )، والنسائي، عن أبي أمامة (1 / 91) كتاب الطهارة - باب ثواب من توضأ كما أمر، برقم (147)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب ثواب الطهور (1 / 103)، برقم (282)، ومستدرك الحاكم (1 / 129، 130) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح الجامع (449)، وصحيح الترغيب (180).
(3) في "الزوائد": رواه أبو يعلى، والبزار، والطبراني في الأوسط، وفيه بشار بن الحكم، ضعفه أبو زرعة، وابن حبان، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. مجمع الزوائد (1 / 230)، والحديث ضعيف، ضعفه العلامة الألباني، في: ضعيف الجامع (1438)، والضعيفة (2999).
(4) "الرباط": المرابطة، والجهاد في سبيل اللّه، أي؛ أن المواظبة على الطهارة، والعبادة تعدل الجهاد في سبيل اللّه.
(5) مسلم: كتاب الطهارة - باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره (1 / 219)، برقم (41)، والنسائي: كتاب الطهارة باب الفضل في ذلك (أي، في إسباغ الوضوء) (1 / 89، 90)، برقم (143)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في إسباغ الوضوء (1 / 73)، برقم (51)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب ما جاء في إسباغ الوضوء (1 / 148)، برقم (427) عن أبي سعيد الخدري.
(6) "دهم، بهم": سود، و"فرطهم على الحوض": أتقدمهم عليه، و"سحقاً": بعداً.
(7) مسلم: كتاب الطهارة - باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (1 / 218)، الحديث رقم (39).
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى ابتداءً من "فرائض الوضوء"...
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(20)
- فرائض الوضوء
للوضوء فرائض، وأركان تتركب منها حقيقته، إذا تخلف فرض منها، لا يتحقق، ولا يعتد به شرعاً، وإليك بيانها: الفرض الأول، النية، وحقيقتها الإرادة المتوجهة نحو الفعل، ابتغاء رضا اللّه تعالى، وامتثال حكمه، وهي عمل قلبي محض، لا دخل للسان فيه، والتلفظ بها غير مشروع، ودليل فرضيتها حديث عمر رضي اللّه عنه أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إنما الأعمال بالنيّات (1)، وإنما لكل امرئ ما نوى..." (2). الحديث رواه الجماعة.
الفرض الثاني، غسل الوجه مرة واحدة، أي؛ إسالة الماء عليه؛ لأن معنى الغسل الإسالة.
وحدُّ الوجه؛ من أعلى تسطيح الجبهة، إلى أسفل اللحيين طولاً، ومن شحمة الأذن، إلى شحمة الأذن عرضاً.
الفرض الثالث، غسل اليدين إلى المرفقين، والمرفق؛ هو المفصل الذي بين العضد والساعد، ويدخل المرفقان فيما يجب غسله، وهذا هو المضطرد من هَدْي النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ولم يرد عنه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أنه ترك غسلهما.
الفرض الرابع، مسح الرأس، والمسح معناه؛ الإصابة بالبلل، ولا يتحقق، إلا بحركة العضو الماسح ملصقاً بالممسوح؛ فوضع اليد، أو الإصبع على الرأس، أو غيره لا يسمى مسحاً، ثم إن ظاهر قوله تعالى: " وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ " [المائدة: 6]. لا يقتضي وجوب تعميم الرأس بالمسح، بل يفهم منه، أن مسح بعض الرأس يكفي في الامتثال، والمحفوظ عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في ذاك طرق ثلاث: (أ) مسح جميع رأسه؛ ففي حديث عبد اللّه بن زيد، أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدَّمِ رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه (3). رواه الجماعة.
(ب) مسحه على العمامة وحدها؛ ففي حديث عمرو بن أميّة رَضي اللّه عنه قال رأيت رَسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يمسحُ على عمامته، وخفيه (4). رواه أحمد، والبخاريُّ، وابن ماجه. وعن بلال، أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " امسحوا على الخفين، والخمار" (5). رواه أحمد، وقال عمر رضي الله عنه: من لم يطهره المسح على العمامة، لا طهره الله (6).
وقد ورد في ذلك أحاديث، رواها البخاري، ومسلم، وغيرهما من الأئمة، كما ورد العمل به عن كثير من أهل العلم.
(ج) مسحه على النّاصية والعمامة، ففي حديث المغيرة بن شعبة - رضي اللّه عنه - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg توضأ، فمسح بناصيته، وعلى العمامة، والخفين (7). رواه مسلم.
هذا هو المحفوظ عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ولم يحفظ عنه الاقتصار على مسح بعض الرأس، وإن كان ظاهر الآية يقتضيه، كما تقدم، ثم إنه لا يكفي مسح الشعر الخارج عن محاذاة الرأس، كالضفيرة.
الفرض الخامس، غسل الرجلين مع الكعبين، وهذا هو الثابت، المتواتر من فعل الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg وقوله.
قال ابن عمر - رضي اللّه عنهما: تخلف عنا رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في سفرةٍ، فأدركنا، وقد أرهقنا (8) العصر، فجعلنا نتوضأ، ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: " ويل للأعقاب (9) من النار" (10). مرتين، أو ثلاثاً. متفق عليه.
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg على غسل العقبين.
وما تقدم من الفرائض، هو المنصوص عليه في قول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " [سورة المائدة: 6].
الفرض السادس، الترتيب؛ لأن اللّه تعالى قد ذكر في الآية فرائض الوضوء مرتبة، مع فصل الرجلين عن اليدين - وفريضة كل منهما الغسل - بالرأس الذي فريضته المسح، والعرب لا تقطع النظير عن نظيره، إلا لفائدة، وهي هنا الترتيب، والآية ما سيقت إلا لبيان الواجب، ولعموم قوله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في الحديث الصحيح: " ابدءُوا بما بدأ اللّه به " (11). ومضت السنة العملية على هذا الترتيب بين الأركان، فلم ينقل عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أنه توضأ إلا مرتباً (12)، والوضوء عبادة، ومدار الأمر في العبادات على الاتباع، فليس لأحد أن يخالف المأثور في كيفية وضوئه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، خصوصاً ما كان مضطرداً منها.
___________
(1) "إنما الأعمال بالنيات". أي؛ إنما صحتها بالنيات، فالعمل بدونها لا يعتد به شرعاً.
(2) البخاري: كتاب بدء الوحي (1 / 2)، ومسلم: كتاب الإمارة - باب قوله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "إنما الأعمال بالنية" (3 / 1515) حديث رقم (155)، وأبو داود: كتاب الطلاق - باب فيما عنى به الطلاق والنيات، برقم (2201) (2 / 651 )، والنسائي: كتاب الطهارة - باب النية في الوضوء (1 / 58)، والترمذي: كتاب فضائل الجهاد - باب ما جاء فيمن يقاتل رياء وللدنيا، برقم (1647)، (4 / 179)، وابن ماجه: كتاب الزهد باب النية (2 / 1413)، والبيهقي (1 / 41)، ومسند أحمد (1 / 25، 43، 75، 437).
(3) البخاري: كتاب الوضوء - باب مسح الرأس كله (1 / 58)، ومسلم: كتاب الطهارة - باب في وضوء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (1 / 211)، برقم (235)، وأبو داود: كتاب الطهارة - باب صفة وضوء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (1 / 87 )، برقم (118)، والنسائي في:كتاب الطهارة - باب حد الغسل، برقم (97) (1 / 71)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في مسح الرأس، أنه يبدأ بمقدم الرأس إلى مؤخره (1 / 47)، برقم (32 )، وابن ماجه:كتاب الطهارة - باب ما جاء في مسح الرأس (1 / 150)، برقم (434).
(4) البخاري: كتاب الوضوء - باب المسح على الخفين (1 / 60)، وانظر: ابن ماجه: كتاب الطهارة - باب ما جاء في المسح على العمامة (1 / 186)، الحديث رقم (562)، ومسند أحمد (4 / 248، 6 / 13، 14).
و"الخمار" الثوب الذي يوضع على الرأس، كالعمامة وغيرها.
(5) مسلم: كتاب الطهارة - باب المسح على الناصية والعمامة (1 / 231)، برقم (84)، والفتح الرباني (2 / 60، 61)، وكذا أبو داود (153)، والنسائي (1 / 75، 76)، والترمذي (101)، وابن ماجه (561)، بلفظ: مسح على خفيه، وموقيه.
(6) ذكره الشوكاني، في: النيل (1 / 165)، ولم يتكلم عليه، وورد بلفظ: من لم يطهره البحر... رواه الدارقطني، والبيهقي، عن أبي هريرة، وهو ضعيف، انظر: ضعيف الجامع (5855)، والضعيفة (4657).
(7) مسلم: كتاب الطهارة - باب المسح على الناصية والعمامة (1 / 231)، رقم (83)، وانظر المسألة بالتفصيل، في: سبل السلام (1 / 107)، وزاد المعاد (1 / 193)، والمغني (1 / 87)، والنيل (1 / 155، 159)، وأحكام القرآن (2 / 568).
(8) "أرهقنا" أخرنا. (9) "العقب" العظم الناتئ عند مفصل الساق والقدم.
(10) البخاري: كتاب الوضوء - باب غسل الرجلين، ولا يمسح على القدمين (1 / 52)، ومسلم: كتاب الطهارة باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما (1 / 213، 214، 215)، واللفظ للبخاري.
(11) مسند أحمد (3 / 394)، والبيهقي (1 / 85 ).
وفي نصب الراية: رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وهو عند النسائي، والدارقطني، ثم البيهقي في "سننهما" (3 / 54). وفي "تلخيص الحبير": رواه النسائي من حديث جابر الطويل بهدا اللفظ، وصححه ابن حزم، وله طرق عند الدارقطني، ورواه مسلم بلفظ (أبدأ ) بصيغة الخبر، ورواه أحمد، ومالك، وابن الجارود، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والنسائي ( 2 / 250)، والحديث ضعيف باللفظ الذي أورده المصنف، ضعفه الألباني، في: ضعيف الجامع (26)، وإنما الصحيح: "أبدأ..." بصيغة الخبر، وهو عند مسلم، وغيره، وقد أورده المصنف في "الحج".
(12) بل قد ثبت عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أنه توضأ، وأخر المضمضة والاستنشاق بعد أن غسل كفيه ثلاثاً، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً، ثم مضمض، واستنشق ثلاثاً،... والحديث أخرجه أحمد، وأبو داود، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح أبي داود (112، 114)، وانظر: النيل (1 / 144)، والمغني (1 / 84)، والسيل الجرار (1 / 90)..
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نتكلم عن "سنن الوضوء"....
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(21)
"سُنَنُ الوضُوءِ"
أي؛ ما ثبت عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg؛ من قول، أو فعل، من غير لزوم، ولا إنكار على من تركها، وبيانها ما يأتي:
(1) التسمِيَةُ في أوَّلِه: ورد في التسمية للوضوء أحاديث ضعيفة (1)، لكن مجموعها يزيدها قوة تدل على، أن لها أصلاً، وهي بعد ذلك أمر حسن في نفسه، ومشروع في الجملة.
(2) السِّوَاكُ: ويطلق على العود الذي يستاك به، وعلى الاستياك نفسه، وهو دَلْك الأسنان بذلك العود أو نحوه، من كل خشن، تنظف به الأسنان، وخير ما يستاك به عود الأراك، الذي يؤتى به من الحجاز؛ لأن من خواصه أن يشد الليثة، ويحول دون مرض الأسنان، ويقوّي على الهضم، ويدرّ البول، وإن كانت السنة تحصل بكل ما يزيل صفرة الأسنان، وينظف الفم، كالفرشة ونحوها؛ وعن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أنَّ رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "لولا أن أشقَّ على أُمّتي، لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء". رواه مالك، والشافعي، والبيهقي، والحاكم (2). وعن عائشة - رضي اللّه عنها - أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " السّواك مطهرة للفم، مرضاة للرب " (3). رواه أحمد، والنسائي، والترمذي.
وهو مستحب في جميع الأوقات، ولكن في خمسة أوقات أشد استحباباً:
(1) عند الوضوء.
(2) وعند الصلاة.
(3) وعند قراءة القرآن.
(4) وعند الاستيقاظ من النوم.
(5) وعند تغير الفم. والصائم والمفطر في استعماله أول النهار، وآخره سواء؛ لحديث عامر بن ربيعة رضي اللّه عنه قال: رأيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ما لا أحصي، يتسوَّك، وهو صائم (4). رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي.
وإذا استعمل السواك، فالسنة غسله بعد الاستعمال، تنظيفاً له؛ لحديث عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يستاك، فيعطيني السواك؛ لأغسله، فأبدأ به فأستاك، ثم أغسله، وأدفعه اليه (5). رواه أبو داود، والبيهقي.
ويسنُّ لمن لا أسنان له، أن يستاك بإصبعه؛ لحديث عائشة - رضي اللّه عنها - قالت: يا رسول اللّه، الرجل يذهب فوه، أيستاك ؟ قال: "نعم". قلت: كيف يصنع ؟ قال: " يدخل إصبعه في فِيه " (6). رواه الطبراني.
________
(1) ثبت عن رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ذلك، من حديث أبي هريرة؛ قال رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "لا صلاة لمن لا وضوءَ له، ولا وضوء لمن لم يذكـر اسم الله عليه". رواه أبو داود (101)، وابن ماجه (399)، والإمام أحمد، في "المسنـد"، (2 / 418)، والدارقطني (ص 29)، والحاكم (1 / 146)، والبيهقي (1 / 43)، وحسنه العلامة الألباني، في: إرواء الغليل، وصحيح أبي داود، وصحيح الترمذي (24)، وصحيح ابن ماجه (318)، قال الشوكاني: وقد صرح الحديث بنفي وضوء من لم يذكر اسم الله، وذلك يفيد الشرطية، التي يستلزم عدمها العدم، فضلاً على الوجوب، فإنه أقل ما يستفاد منه. الدراري المضية (1 / 40). فلا يحسن أن ذكره المصنف، في "السنن" !
(2) السنن الكبرى للبيهقي: كتاب الطهارة - باب الدليل على أن السواك سنة ليس بواجب (1 / 35)، وصحيح ابن خزيمة (1 / 73) - باب الأمر بالسواك عند كل صلاة، أمر ندب وفضيلة، لا أمر وجوب وفريّضة. قال أبو بكر: رواه الشافعى، وبشر بن عمر كرواية روح، وموطأ مالك (1 / 66) وقال ابن عبد البر: هذا الحديث يدخل في المسند؛ لاتصاله من غير ما وجه، ولما يدل عليه اللفظ، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح الجامع (5317)، وصحيح الترغيب (201)، وإرواء الغليل (1 / 109، 110).
(3) البخاري معلقاً بصيغة الجزم: كتاب الصوم، باب سواك الرطب واليابس (3 / 40)، والنسائي: كتاب الطهارة باب الترغيب في السواك (1 / 10)، ومسند أحمد (1 / 3، 10 - 6 / 47)، وسنن الدارمي: كتاب الصلاة والطهارة - باب السواك مطهرة للفم (1 / 140)، ومسند الشافعي (14)، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 105)، وصحيح الجامع (3695).
(4) أبو داود: كتاب الصوم - باب السواك للصائم (2 / 768)، الحديث رقم (2364)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في السواك للصائم (3 / 95)، ومسند أحمد (3 / 445 )، والحديث ضعيف، ضعفه البخاري، في "صحيحه"، حيث قال: ويُذْكر عن عامر... وضعفه الألباني، في: تمام المنة (89).
(5) سنن أبي داود: كتاب الطهارة - باب غسل السواك (1 / 44)، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب الطهارة باب غسل السواك (1 / 39)، والحديث حسن، كما في: صحيح أبي داود (41)، ومشكاة المصابيح (384).
(6) قال الهيثمي: رواه الطبراني، في "الأوسط"، وفيه عيسى بن عبد الله الأنصاري، وهو ضعيف. مجمع الزوائد (2 / 100)، وضعفه الشيخ الألباني، في: ضعيف الجامع (6432)، وانظر: إرواء الغليل (1 / 107). فالحديث لا يحتج به، فلا يقام عليه أحكام، فتنبه.
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نظرًا لطول الموضوع وكثرة الحواشي....
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(22)
بقية الكلام عن "سنن الوضوء":
- (3) غَسْلُ الكَفَّيْنِ ثلاثاً، في أوَّلِ الوضُوءِ: لحديث أوس بن أبي أوس رضي اللّه عنه قال: رأيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg توضأ، فاستوْكف ثلاثاً(1). رواه أحمد، والنسائي، وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في إناء، حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتَتْ يَده " (2). رواه الجماعة. إلا أن البخاري لم يذكر العدد.
- (4) المضْمَضَةُ ثلاثاً: لحديث لَقيط بن صبرة رضي اللّه عنه أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إذا توضأت فمضمض " (3). رواه أبو داود، والبيهقي.
- (5) الاسْتِنْشَاقُ، والاسْتِنْثَارُ ثلاثاً: لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أنَّ النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء، ثم ليستَنثرْ" (4). رواه الشيخان، وأبو داود.
والسنة أن يكون الاستنشاق باليمنى، والاستنثار باليسرى؛ لحديث عليّ رضي اللّه عنه أنه دعا بِوَضُوء (5)، فتمضمض، واستنشق (6)، ونثر بيده اليسرى، ففعل هذا ثلاثاً، ثم قال: هذا طهور نبيّ اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (7). رواه أحمد، والنسائي.
وتحقق المضمضة والاستنشاق، إذا وصل الماء إلى الفم، والأنف، بأي صفة، إلا أن الصحيح الثابت عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أنه كان يصل بينهما؛ فعن عبد اللّه بن زيد (8)، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg تمضمض، واستنشق من كف واحد، فعل ذلك ثلاثاً. وفي رواية: تمضمض، واستنثر بثلاث غرفات. متفق عليه.ويسن المبالغة فيهما لغير الصائم؛ لحديث لقيط - رضي اللّه عنه - قال: قلت يا رسول اللّه، أخبرني عن الوضوء ؟ قال: " أسبغ الوضوء، وخللْ بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً " (9). رواه الخمسة، وصححه الترمذي.
__________
(1) "فاستوكف": أي؛ غسل كفيه.
والحديث رواه النسائي: كتاب الطهارة - باب كم يغسلان (1 / 64)، رقم (83)، والدارمي: كتاب الوضوء باب في من يدخل يديه في الإناء، قبل أن يغسلهما (1 / 142)، رقم (698)، ومسند أحمد (4 / 9).
(2) البخاري: كتاب الوضوء - باب الاستجمار وتراً (1 / 52)، ومسلم: كتاب الطهارة - باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك، في نجاستها، في الإناء قبل غسلها ثلاثاً (1 / 233)، رقم (87)، وأبو داود: كتاب الطهارة باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها (1 / 76)، رقم (103)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب تأويل قوله تعالى: "إِذا قمتم إِلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إِلى المرافق* (1 / 6)، رقم (1)، والترمذي: أبواب الطهارة باب إذا استيقظ أحدكم من منامه (1 / 36)، رقم (24) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه:كتاب الطهارة باب الرجل يستيقظ من منامه، هل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها (1 / 138)، رقم (393)..
(3) "المضمضة": إدارة الماء، وتحريكه في الفم.
والحديث رواه البيهقي (1 / 52)، وأبو داود: كتاب الطهارة - باب صفة وضوء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (1 / 100)، برقم (144)، والحديث صححه الشيخ الألباني.
(4) البخاري مع الفتح (1 / 316)، كتاب الوضوء، باب الاستجمار وتراً، والنسائي: كتاب الطهارة، باب اتخاذ الاستنشاق (1 / 66)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب الايتار في الاستنثار والاستجمار (1 / 212)، الحديث رقم (20)، ومسند أحمد (2 / 242)، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب الطهارة - باب كيفية المضمضة والاستنشاق (1 / 49)، وسنن أبي داود:كتاب الطهارة - باب الاستنثار (1 / 96)، الحديث رقم (140 )، والحق، أنّ المضمضة والاستنشاق من الواجبات، لا من السنن؛ للنصوص التي أوردها المصنف، وهي بصيغة الأمر، قال ابن قدامة: المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارتين جميعاً. المغني (1 / 83)، وانظر السيل (1 / 81)، وقال ابن حجر: ظاهر الأمر للوجوب. وقال: وقد ثبت الأمر بالمضمضة أيضاً، في سنن أبي داود، بإسناد صحيح. الفتح (1 / 315).
(5) الوضوء بفتح الواو: اسم للماء الذي يتوضأ به.
(6) "الاستنشاق": إدخال الماء في الأنف، و "الاستنثار" إخراجه منه بالنفس.
(7) النسائي: كتاب الطهارة - باب بأي اليدين يستنثر (1 / 67) رقم (1 / 91)، ومسند أحمد (1 / 135)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 21).
(8) البخاري: كتاب الوضوء - باب غسل الرجلين إلى الكعبين (1 / 58)، ومسلم: كتاب الطهارة - باب صفة وضوء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (1 / 211)، برقم (235).
(9) أبو داود: كتاب الطهارة باب في الاستنثار (1 / 100)، رقم (142)، والنسائي:كتاب الطهارة باب المبالغة في الاستنشاق (1 / 66)، رقم (87)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم (3 / 46)، رقم (788) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه:كتاب الطهارة باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار (1 / 142)، رقم (407)، ومسند أحمد (4 / 33)، وصححه الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 20)، وصحيح ابن ماجه (407)، ومشكاة المصابيح (405)..
ونستكمل بإذن الله غدًا لطول الموضوع والحواشي.....
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(23)
ونستكمل الكلام عن:
"سنن الوضوء"
- (6) تَخْلِيلُ اللّحْيَةِ: لحديث عثمان رضي اللّه عنه أنَّ النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان يخلّل لحيته (1). رواه ابن ماجه، والترمذيُّ وصححه. وعن أنس - رضي اللّه عنه - أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان إذا توضأ، أخذ كفاً من ماء، فأدخله تحت حنكه، فخلّل به لحيته، وقال: "هكذا أمرني ربي، عزَّ وجلَّ"(2). رواه أبو داود، والبيهقي، والحاكم.
- (7) تَخْلِيلُ الأصَابِعِ: لحديث ابن عباس - رضي اللّه عنهما - أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إذا توضأت، فخلل أصابع يديك، ورجليْك" (3). رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وعن المستورد بن شداد - رضي اللّه عنه - قال: رأيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يخلل أصابع رجليه بخنصره (4). رواه الخمسة، إلا أحمد.
وقد ورد ما يفيد استحباب تحريك الخاتم ونحوه، كالأساور، إلا أنه لم يصل إلى درجة الصحيح، لكن ينبغي العمل به؛ لدخوله تحت عموم الأمر بالإسباغ.
- (8) تَثْلِيثُ الغسْلِ: وهو السنة التي جرى عليها غالباً، وما ورد مخالفاً لها، فهو لبيان الجواز؛ فعن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي اللّه عنهم قال: جاء أعرابي إلى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يسأله عن الوضوء ؟ فأراه ثلاثاً ثلاثاً، وقال: " هذا الوضوء، فمن زاد على هذا، فقد أساء، وتعدَّى، وظلم " (5). رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه. وعن عثمان رضي اللّه عنه - أنّ النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg توضأ ثلاثاً ثلاثاً (6). رواه أحمد،ومسلم، والترمذي.
وصح، أنه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg توضأ مرًة مرًة (7)، ومرتين مرتين (8)، أما مسح الرأس مرة واحدة، فهو الأكثر رواية.
_________
(1) سنن الترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في تخليل اللحية، الحديث رقم (31)، (1 / 46)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب ما جاء في تخليل اللحية (1 / 148)، والحديث صححه ابن القيم، وابن حجر، والألباني، في: صحيح الجامع (4696).
(2) سنن أبي داود: كتاب الطهارة باب تخليل اللحية (1 / 101)، الحديث برقم (145)، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب الطهارة - باب تخليل اللحية (1 / 54)، والمستدرك على الصحيحين: كتاب الطهارة، باب تخليل اللحية ثلاثاً (1 / 149 ) مع اختلاف في اللفظ، وصححه الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 130)، وصحيح الجامع (4696)، والحديث يدل على وجوب تخليل اللحية، كما هو واضح، وذهب إلى هذا الشوكاني، في: السيل الجرار (1 / 82)، وقال الألباني: وهو الصواب، وينبغي أن يقال ذلك في تخليل الأصابع أيضاً؛ لثبوت الأمر به عنه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg. تمام المنة.
(3) سنن الترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في تخليل اللحية (1 / 57)، الحديث رقم (39) وقال الترمذى: هذا حديث حسن غريب، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب تخليل الأصابع (1 / 153)، وانظر مسند أحمد (1 / 387)، وقال شارح الترمذي: والحديث في إسناده صالح مولى التوأمة، وقد اختلط في آخر عمره، ولكن موسى بن عقبة سمع منه قبل اختلاطه؛ ولذلك حسنه كما نقل الحافظ في "التلخيص" (ص 34). هامش رقم (6) من الترمذي (1 / 57)، وفي "الزوائد": وصالح مولى التوأمة، وإن اختلط بآخره، لكن روى عنه موسى بن عقبة قبل الاختلاط، فالحديث حسن،كما قال الترمذى، وصححه الألباني، في: "الصحيحة" (3 / 292).
(4) أبو داود: كتاب الطهارة باب غسل الرجلين (1 / 103)، رقم (148)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في تخليل الأصابع (1 / 57)، رقم (40) وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب تخليل الأصابع (1 / 152)، رقم (446)، ومسند أحمد (4 / 229)، والحديث ليس عند النسائي، كما ذكر المصنف، وهو عند أحمد، والحديث صحيح. وحديث ابن عباس يدل على الأمر بتخليل الأصابع.
(5) وأبو داود: كتاب الطهارة - باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً (1 / 94)، برقم (135)، وصحيح ابن خزيمة، برقم (174)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب الاعتداء في الوضوء (1 / 88)، برقم (140)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب ما جاء في القصد في الوضوء، وكراهية التعدي فيه (1 / 146)، برقم (422)، ومسند أحمد (2 / 180)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 31)، وصحيح ابن ماجه (422)، والمشكاة (417).
(6) مسلم: كتاب الطهارة - باب صفة الوضوء وكماله (1 / 204)، الحديث رقم (3)، والنسائي:كتاب الطهارة- باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً (1 / 62، 63)، وسنن الترمذي: أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء ثلاثاً ثلاثاً (1 / 63)، وانظر (1 / 67، 68)، ومسند أحمد (2 / 133).
(7) البخاري مع الفتح: كتاب الوضوء _ باب الوضوء مرة مرة (1 / 311)، وأبو داود (138)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب الوضوء مرة مرة (1 / 62)، وسنن الترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في الوضوء مرة مرة (1/ 60 )، وانظر صحيح ابن ماجه (411).
(8) البخاري مع الفتح: كتـاب الوضـوء _ بـاب الوضـوء مرتين مرتين (1 / 311)، ومسلم (235)، وأبو داود (118)، وسنن الترمذي: كتاب الطهارة - باب ما جاء في الوضوء مرتين مرتين (1 / 62)، والدارمي (694)
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى.........
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(24)
ومن "سنن الوضوء"
- (9) التَّيَامُــنُ: أي؛ البدء بغسل اليمين، قبل غسل اليسار، من اليدين والرجلين؛ فعن عائشة _ رضي اللّه عنها _ قالت: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يحب التيامن في تنعله (1)، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله (2). متفق عليه، وعن أبي هريرة _ رضي اللّه عنه _ أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إذا لبستْم، وإذا توضأتم، فابدءوا بأيمانكم " (3). رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
- (10) الدَّلْــكُ: وهو إمرار اليد على العضو، مع الماء أو بعده؛ فعن عبد اللّه بن زيد _ رضي اللّه عنه _ أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أتي بثلثيْ مدّ، فتوضأ، فجعل يدلك ذراعيه (4). رواه ابن خزيمة، وعنه _ رضي اللّه عنه _ أنَّ النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg توضـأ، فجعل يقول هكذا: يدلك (5). رواه أبو داود، الطيالسي، وأحمد، وابن حبان، وأبو يعلى.
- (11) الموَالاَةُ: أي؛ تتابع غسل الأعضاء، بعضها إثر بعض، بألا يقطع المتوضئ وضوءه بعمل أجنبي، يعدُّ في العرف انصرافاً عنه، وعلى هذا مضت السنة، وعليها عمَل المسلمين، سلفاً وخلفاً.
- (12) مَسْحُ الأُذُنَيْنِ: والسُّنة؛ مسح باطنهما بالسبّابتين، وظاهرهما بالإبهامين بماء الرأس؛ لأنهما منه، فعن المقدام بن معد يكرب _ رضي اللّه عنه _ أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg مسح في وضوئه رأسه، وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وأدخل أصبعه في صماخي أذنيه (6). رواه أبو داود، والطحاوي، وعن ابن عمرَ - رضي اللّه عنهما - في وصفه وضوء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: ومسح برأسه، وأذنيه مسحة واحدة (7). رواه أحمد، وأبو داود. وفي رواية: مسح رأسه، وأذنيه وباطنهما بالمسبِّحَتين (8)، وظاهرهما بإبهاميه.
_________
(1) التنعل: لبس النعل، والترجل: تسريح الشعر. والطهور: يشمل الوضوء والغسل.
(2) البخاري: كتاب الوضوء - باب التيمن في الوضوء والغسل (1 / 53)، ومسلم: كتاب الطهارة - باب التيمن في الطهور وغيره (1 / 226)، برقم (66).
(3) أيمانكم، جمع يمين، والمراد اليد اليمنى، أو الرجل اليمنى.
والحديث أخرجه أبو داود: كتاب اللباس - باب في الانتعال (4 / 379)، الحديث برقم (4141)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب التيمن في الوضوء (1 / 141)، والحديث في مسند أحمد (354)، والحديث ليس عند النسائي، ولا الترمذي كما قال المصنف، والحديث صحيح صححه الألباني، في: صحيح الجامع (787)، والمشكاة (401).
(4) صحيح ابن خزيمة (1 / 62)، حديث رقم (118) - باب الرخصة في الوضوء، وصححه الألباني، في: صحيح أبي داود (84).
(5) الفتح الرباني (2 / 31، 32)، برقم (260)، ومسند الطيالسي (ص 148)، وموارد الظمآن (ص 67)، برقم (155)، والحديث صحيح.
(6) أبو داود: كتاب الطهارة - باب صفة وضوء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (1/89)، برقم (123)، وابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب ما جاء في مسح الأذنين (442)، وابن حجر في: "التلخيص" (1 / 89 ) وإسناده حسن، وصححه الألباني، في: صحيح ابن ماجه (356).
(7) وأبو داود: كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (1 / 93)، برقم (133)، والرواية لأبي داود، حديث رقم (135) - باب الوضوء ثلاثاً - كتاب الطهارة، والنسائي: كتاب الطهارة - باب مسح الأذنين (1 / 73)، برقم (101)، والفتح الرباني (2 / 35)، برقم (268 )، وصححه الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 24)، وصحيح ابن ماجه (439)، والمشكاة (413)، واعلم، أنه قد صح حديث: "الأذنان من الرأس". وصححه الألباني، في: الصحيحة (36)، وعليه، فإن مسح الأذنين واجب، وليس بسنة.
(8) "بالمسبحتين" أي؛ بالسبابتين.
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى....
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(25)
ومن "سنن الوضوء"
- (13) إطَالـةُ الغُـرَّةِ والتحْجِيلِ: أما إطالة الغرة؛ فبأن يغسل جزءاً من مقدم الرأس، زائداً عن المفروض في غسل الوجه، وأما إطالة التحجيل، فبأن يغسل ما فوق المرفقين والكعبين؛ لحديث أبي هريرةـ رضي اللّه عنه _ أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إن أمتي يأتون يوم القيامة غرّاً محجلين (1)، من آثار الوضوء " (2). فقال أبو هريرة: فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته، فليفعل. رواه أحمد، والشيخان، وعن أبي زرعة، أن أبا هريرة - رضي اللّه عنه - دعا بوضوء، فتوضأ، وغسل ذراعيه، حتى جاوز المرفقين، فلما غسل رجليه، جاوز الكعبين إلى الساقين، فقلت: ما هذا ؟ فقال: هذا مبلغ الحلية (3). رواه أحمد، واللفظ له، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
- (14) الاقْتِصَادُ في الماء، وإن كان الاغْتِرَافُ من البَحْرِ: لحديث أنس - رضي اللّه عنه - قال: كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يغتسل بالصاع (4)، إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد (5). متفق عليه. وعن عبيد اللّه بن أبي يزيد، أن رجلاً قال لابن عباس _ رضي اللّه عنهما _: كم يكفيني من الوضوء ؟ قال: مد. قال:كم يكفيني للغسل ؟ قال: صاعٌ. فقال الرجل: لا يكفيني. فقال: لا أم لك، قد كفى من هو خيرٌ منك؛ رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (6). رواه أحمد، والبزار، والطبراني في " الكبير" بسند رجاله ثقات، وروي عن عبد اللّه بن عمر _ رضي اللّه عنهما _ أنَّ النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg مر بسعد، وهو يتوضأ، فقال: " ما هذا السرف يا سعدُ ؟ " فقال: وهل في الماء من سرف ؟ قال: " نعم، وإنْ كنت على نهر جار " (7). رواه أحمد، وابن ماجه، وفي سنده ضعف، والإسراف يتحقق باستعمال الماء، لغير فائدة شرعية، كأن يزيد في الغسل على الثلاث، ففي حديث عمرو بن شعيب،عن أبيه، عن جده _ رضي اللّه عنهم _ قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، يسأله عن الوضوء ؟ فأراه ثلاثاً ثلاثاً، وقال: "هذا الوضوء، من زاد على هذا، فقد أساء، وتعدى، وظلم " (8). رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة بأسانيد صحيحة، وعن عبد اللّه بن مغّفل _ رضي اللّه عنه _ قال: سمعت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول: " إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور، والدعاء " (9). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. قال البخاري: كره أهل العلم في ماء الوضوء، أن يتجاوز فعل النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg.
____________
(1) أصل الغرة: بياض في جبهة الفرس، و "التحجيل" بياض في رجله، والمراد من كونهم، يأتون غرّاً محجلين، أن النور يعلو وجوههم، وأيديهم، وأرجلهم يوم القيامة، وهما من خصائص هذه الأمة (2) البخاري: كتـاب الوضوء - بـاب فضل الوضوء والغر المحجلين من آثار الوضوء (1 / 45)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (1 / 216)، الحديث رقم (35)، ومسند أحمد (2 / 400).
(3) مسند أحمد (2 / 232)، وانظر: صحيح الترغيب، للألباني (75).
(4) "الصاع": أربعة أمداد. و "المد" 128 درهماً وأربعة أسباع الدرهم 404 سم 3.
(5) البخاري: كتاب الوضوء - باب الوضوء بالمد (1 / 62)، ومسلم: كتاب الحيض - باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.. (1 / 258)، الحديث رقم (51).
(6) ابن ماجه: كتـاب الطهـارة _ بـاب ما جـاء في مقدار المـاء... (270)، وكذا النسائي، ولكن عن جابر (1 / 128)، ومسند أحمد (1 / 289)، وكشف الأستار عن زوائد البزار (1 / 134) - باب ما يجزئ من الماء للوضوء، برقم (255)، وفي "مجمع الزوائد": رواه أحمد، والبزار، والطبراني في "الكبير"، ورجاله ثقات (1 / 223، 224)، وصححه العلامة الألباني، في: الصحيحة (1991).
(7) ابن ماجه: كتاب الطهارة وسننها - باب ما جاء في القصد في الوضوء، وكراهية التعدي فيه (1 / 147)، الحديث رقم (425) وفي "الزوائد": إسناده ضعيف؛ لضعف حيي بن عبد اللّه وابن لهيعة، ومسند أحمد (2 / 221)، وضعفه الألباني، في: ضعيف ماجه (96)، والإرواء (140).
(8) تقدم تخريجه.
(9) أبو داود:كتاب الطهارة - باب الإسراف في الماء (1 / 22)، ومسند أحمد (4 / 87)، وابن ماجه، بلفظ "سيكون قوم يعتدون في الدعاء": كتاب الدعاء - باب كراهية الاعتداء في الدعاء (2 / 1271)، وصححه الألباني، في: مشكاة المصابيح (418)..
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى...
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(26)
ومع بقية "سنن الوضوء"
- (15) الدُّعــاءُ أثنــاءه: لم يثبت من أدعية الوضوء شيء، عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، غير حديث أبي موسى الأشعري _ رضي اللّه عنه _ قال: أتيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بوضوء، فتوضأ، فسمعته يقول، يدعو: "اللهم اغْفر لي ذنبي، ووسِّع لي في داري، وبارك لي في رزقي ". فقلت: يا نبي اللّه، سمعتك تدعو بكذا وكذا ! قال: "وهل تركن من شيء؟ "(1). رواه النسائي، وابن السنِّي، بإسناد صحيح، لكن النسائي أدخله في باب ما يقول بعد الفراغ من الوضوء، وابن السنيّ ترجم له في باب ما يقول بين ظهراني وضوئه. قال النووي: وكلاهما محتمل (2).
- (16) الدُّعَــاءُ بَعْــدَه: لحديث عمر -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "ما منكم من أحد يتوضأ، فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء" (3). رواه مسلم، وعن أبي سعيد الخدري - رضي اللّه عنه - قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " من توضأ، فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. كُتب في رَقٍّ، ثم جعل في طابع، فلم يكسر إلى يوم القيامة " (4). رواه الطبراني، في "الأوسط"، ورواته رواة الصحيح، واللفظ له، ورواه النسائي، وقال في آخره: " ختم عليها بخاتم، فوُضعت تحت العرش، فلم تُكسر إلى يوم القيامة ". وصوب وقفه.
وأما دعاء: " اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهِّرين " (5). فهي في رواية الترمذي، وقد قال في الحديث: وفي إسناده اضطراب، ولا يصح فيه شيء كبير.
- (17) صَلاةُ رَكْعَتَين بعدَه: لحديث أبي هريرة _ رضي اللّه عنه _ أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال لبِلال: " يا بلال، حدِّثني بأرْجى عمل عَملته في الإسلام؛ إني سمعتُ دُف نعليك (6) بين يَدَيّ في الجنة ". قال: ما عملت عملاً أرجى عندي، من أني لم أتطهر طهوراً، في ساعة من ليل أو نهار، إلا صليّتُ بذلك الطهور ما كُتِبَ لي أن أصلي (7). متفق عليه. وعن عقبة بن عامر _ رضي اللّه عنه _ قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " ما أحدٌ يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين، يقبل بقلبه ووجهه عليهما، إلا وجبت له الجنة " (8) رواه مسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة في "صحيحه". وعن حمران، مَولى عثمان، أنه رأى عثمان بن عفان - رضي اللّه عنه - دعا بوضوء، فأفرغ على يمينه من إنائه، فغسلها ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض، واستنشق، واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ثم غسل رجليه ثلاثاً، قال: رأيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يتوضأ وضوئي هذا، ثم قال: " من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين، لا يُحدِّث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه " (9). رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما.
وما بقي من تعاهد موقي العينين، وغضون الوجه، ومن تحريك الخاتم، ومن مسح العنق، لم نتعرض لذكره؛ لأن الأحاديث فيها لم تبلغ درجة الصحيح، وإن كان يعمل بها؛ تتميماً للنظافة.
______________
(1) النسائي، في: اليوم والليلة، برقم (81)، (1 / 173)، وابن السني، في: اليوم والليلة، برقم (27)، والحديث ضعيف، ولكن الدعاء المذكور له شاهد؛ ولذلك صححه الشيخ الألباني، في: صحيح الجامع، وغاية المرام (ص 85)، وقال الألباني: فالدعاء به مطلقاً، غير مقيد بالصلاة أو الوضوء، حسن. تمام المنة (96).
(2) انظر: تمام المنة (94).
(3) مسلم: كتاب الطهارة - باب الذكر المستحب عقب الوضوء (1 / 209)، والحديث رقم (17).
(4) في "الزوائد": رواه الطبراني، في: الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن النسائي قال بعد تخريجه في اليوم والليلة: هذا خطـأ، والصواب موقوفاً. ثم رواه من رواية الثـوري وغندر، عن شعبة موقوفاً (1 / 244)، انظر التفاصيل في "تلخيص الحبير" (1 / 101، 102)، وعمل اليوم والليلة، للنسائي (1 / 175)، الحديث رقم (83)، والحديث صحيح، صححه الشيخ الألباني، في "صحيح الترغيب" (220)، وصحيح الجامع (6170).
(5) الترمذي: أبواب الطهارة - باب فيما يقال بعد الوضوء الحديث رقم (55)، (1 / 77 _ 79)، وانظر: تعليق العلامة أحمد شاكر على الترمذي (1 / 77 _ 83)، فإنه جمع طرق الحديث، وبين أنه لا اضطراب فيها؛ لذلك صححه العلامة الألباني، في: صحيح أبي داود (162)، وإرواء الغليل (1/ 135).
(6) "الدف" بالضم: صوت النعل، حال المشي.
(7) البخاري:كتاب الجمعة - باب فضل الطهور بالليل والنهار،وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار (2 / 67). ومسلم: كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل بلال _ رضي اللّه عنه _ (4 / 1910)، الحديث رقم (108).
(8) مسلم: كتاب الطهارة - باب الذكر المستحب عقب الوضوء (1 / 210)، برقم (234)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب كراهية الوسوسة، وحديث النفس (1 / 557، 558)، برقم (906)، والنسائي (1 / 95)، وأما ابن ماجه، فحديثه هو الشطر الثاني من حديث مسلم التام، وكذلك الترمذي، ابن ماجه، حديث رقم (469)، والترمذي، برقم (55).
(9) البخاري: كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثاً (1 / 50)، ومسلم: كتاب الطهارة - باب صفة الوضوء وكماله (1 / 204)، الحديث رقم (3)، وأبو داود (106)، والنسائي (1 / 80)، وابن ماجه (285)، وغيرهم.
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نبدأ الكلام من "مكروهات الوضوء"...
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(27)
"مكروهات الوضوء"
يكره للمتوضئ، أن يترك سُنة من السنن المتقدم ذكرها، حتى لا يحرم ثوابها؛ لأن فعل المكروه يوجب حرمان الثواب، وتتحقق الكراهية بترك السّنة.
"نواقض الوضوء"
للوضوء نواقض تبطله، وتخرجه عن إفادة المقصود منه، نذكرها فيما يلي:
1***ـ كل ما خرج من السبيلين " القبل والدبر"، ويشمل ذلك ما يأتي:
(1) البول.
(2) والغائط؛ لقول اللّه تعالى: " أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ " [المائدة: 6]. وهو كناية عن قضاء الحاجة، من بول وغائط.
(3) ريح الدُّبُر؛ لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - قال: قال رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " لا يقبل اللّه صلاة أحدكم إذا أحدث، حتى يتوضأ ". فقال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة ؟ قال: فُساء، أو ضُراطٌ (1). متفق عليه، وعنه _ رضي اللّه عنه _ قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً، فأشكل عليه، أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد، حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً " (2). رواه مسلم.
وليس السمع، أو وجدان الرائحة شرطاً في ذلك، بل المراد حصول اليقين بخروج شيء منه.
(4، 5، 6) المني، والمذي، والودي؛ لقول رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، في المذي: " فيه الوضوء " (3). ولقول ابن عباس - رضي اللّه عنهما -: أما المني، فهو الذي منه الغسل، وأما المذي، والودي، فقال: " اغسـل ذكـرك. أو: مذاكيـرك، وتوضـأ وضـوءك للصلاة " (4). رواه البيهقي في "السنن".
2***ـ النوم المستغرق، الذي لا يبقى معه إدراك، مع عدم تمكن المقعدة من الأرض؛ لحديث صفوان بن عسال _ رضي اللّه عنه _ قال: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يأمرنا، إذا كنا سَفراً، ألاننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهنّ، إلا من جنابة، لكن من غائط، وبول، ونوم (5). رواه أحمد، والنسائى، والترمذي وصححه.
فإذا كان النائم جالساً، ممكناً مقعدته من الأرض، لا ينتقض وضوءه، وعلى هذا يحمل حديث أنس _ رضي اللّه عنه _ قال: كان أصحاب رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ينتظرون العشاء الآخرة، حتى تخفِق رءوسهم، ثم يصلون، ولا يتوضئون. رواه الشافعي، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، ولفظ الترمذي من طريق شعبة: لقد رأيت أصحاب رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يوقظون للصلاة، حتى لأسمع لأحدهم غطيطاً، ثم يقومون، فيصلون، ولا يتوضئون (6). قال ابنُ المباركِ: هذا عندنا، وهم جلوس.
3***ـ زوال العقل؛ سواء كان بالجنون، أو بالإغماء، أو بالسكر، أو بالدواء، وسواء قل أو كثر، وسواء كانت المقعدة ممكنة من الأرض أو لا؛ لأن الذهول عند هذه الأسباب أبلغ من النوم، وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء.
4***ـ مسُّ الفرجِ بدونِ حائل؛ لحديث بسرة بنت صفوان _ رضي اللّه عنهما _ أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " من مسَّ ذكره، فلا يصلِّ، حتى يتوضأ " (7). رواه الخمسة، وصححه الترمذي، وقال البخاري. وهو أصح شيء في الباب. ورواه أيضاً مالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم، وقال أبو داود: قلت لأحمد: حديث بسرة ليس بصحيح ؟ فقال: بل هو صحيح. وفي رواية لأحمد، والنسائي عن بسرة، أنها سمعت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول: " ويتوضأ من مس ذكره " (8). وهذا يشمل ذكر نفسه، وذكر غيره، وعن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "منْ أفضى بيده إلى ذكره، ليس دونه ستر، فقد وجب عليه الوضوء " (9). رواه أحمد، وابنُ حبانَ، والحاكم، وصححه هو وابن عبد البر وقال ابن السّكن: هذا الحديث من أجود ما روي في هذا الباب. وفي لفظ الشافعي: " إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره، ليس بينها وبينه شيء، فليتوضأ ". وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده _ رضي اللّه عنهم _: " أيما رجل مس فرجه فليتوضّأ، وأيما امرأة مَسّت فرجها، فلتتوضأ " (10). رواه أحمد.
قال ابن القيم: قال الحازمي: هذا إسناد صحيح، ويرى الأحناف، أن مس الذكر لا ينقض الوضوء؛ لحديث طلق، أن رجلاً سأل النبي عن رجل يمس ذكره، هل عليه الوضوء فقال: " لا، إنما هو بضعة منك " (11). رواه الخمسة، وصححه ابن حبان، قال ابن المديني: هو أحسن من حديث بسرة.
______________________
(1) البخاري: كتاب الوضوء - باب لا تقبل صلاة بغير طهور (1 / 46)، ومسلم: كتاب المساجد - باب فضل صلاة الجماعة، وانتظار الصلاة (1 / 459)، برقم (274).
(2) مسلم: كتاب الحيض - باب الدليل على أن من تيقن الطهارة، ثم شك في الحدث، فله أن يصلى بطهارته تلك (1 / 276)، الحديث رقم (99).
(3) تقدم تخريجه، في (ص 30).
(4) تقدم تخريجه، في (ص 30).
(5) أحمد، في "المسند" (4 / 239، 240)، والنسائي: كتـاب الطهـارة _ بـاب المسـح على الخفين في السفر (1 / 83)، والترمذي: أبواب الطهارة _ باب المسح على الخفين... (1 / 159، 160)، وابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب الوضوء من النوم (478)، والشافعي (1 / 33)، والدارقطني (72)، وحسنه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 140)، وصحيح النسائى (1 / 29).
(6) مسلم: كتاب الحيض _ باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء (1 / 196)، وأبو داود: كتاب الطهارة _ باب الوضوء من النوم (200)، والترمذي: أبواب الطهارة _ باب ما جاء في الوضوء من النوم (1 / 113)، وأحمد، في "المسند"، (2 / 199)، وانظر: تمام المنة (99).
(7) أبو داود: كتاب الطهارة - باب الوضوء من مس الذكر (1 / 125، 126)، والنسائي: كتاب الغسل والتيمم - باب الوضوء من مس الذكر، برقم (447)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب الوضوء من مس الذكر (1 / 126)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الوضوء من مس الذكر (1 / 61)، ومسند أحمد (6 / 407)، والمستدرك (1 / 137)، والبيهقي (1 / 128)، وبدائع المنن (1 / 34)، برقم (90) والجزء الأول "موطأ" مالك بشرح تنوير الحوالك (ص 65)، والحديث صحيح، صححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 150)، والمشكاة (319).
(8) والنسائي: كتاب الغسل والتيمم - باب الوضوء من مس الذكر (1 / 216)، ومسند أحمد (6 / 407)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 36).
(9) مسند أحمد (2 / 333)، والشافعي (1 / 34)، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 133)، وفي "الزوائد": رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط" و"الصغير"، والبزار، وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وقد ضعفه أكثر الناس، ووثقه يحيي بن معين في رواية. مجمع الزوائد (1 / 250)، وموارد الظمآن (ص 77، 78)، رقم (210)، والحديث صحيح، حسنه الألباني، من طريق ابن حبان، في: مشكاة المصابيح (321).
(10) مسند أحمد (2 / 223)،، والدارقطني (1 / 147)، والبيهقي (1 / 132)، وقال الألباني: فالحديث حسن الإسناد، صحيح المتن بما قبله. إرواء الغليل (1 / 150).
(11) أبو داود: كتاب الطهارة - باب الرخصة في مس الذكر (1 / 127)، برقم (182)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب ترك الوضوء من ذلك (1 / 101)، برقم (165)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر (1 / 131)، برقم (85 )، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب الرخصة في ذلك (1 / 163)، برقم (483)، وموارد الظمآن (ص 76)، برقم (207)، والحديث صحيح، صححه الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 37)، وصحيح ابن ماجه (483)، ومشكاة المصابيح (320).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نتكلم عن "ما لاينقض الوضوء"...
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(28)
"ما لا ينقض الوضوء"
أحببنا أن نشير إلى ما ظن، أنه ناقض للوضوء، وليس بناقض؛ لعدم ورود دليل صحيح، يمكن أن يعول عليه في ذلك، وبيانه فيما يلي:
- (1) لمـسُ المـرْأَةِ، بـدونِ حائـلٍ: فعن عائشة _ رضي اللّه عنها _ أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قبّلها، وهو صائم، وقال: " إنّ القبلة لا تنقض الوضوء، ولا تفطر الصائم " (1). أخرجه إسحاق بن راهويه، وأخرجه أيضاً البزار بسند جيد. قال عبد الحق: لا أعلم له علة توجب تركه. وعنها _ رضي اللّه عنها _ قالت: فقدت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ذات ليلة من الفراش، فالتمسته، فوضعت يدي على بطن قدميه، وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك " (2). رواه مسلم، والترمذي وصححه، وعنها _ رضي اللّه عنها _ أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قبّل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة، ولم يتوضأ (3). رواه أحمد، والأربعة، بسند رجاله ثقات، وعنها _ رضي اللّه عنها _ قالت: كنت أنام بين يدي النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ورجلاي في قبْلتِه، فإذا سجد، غمزني، فقبضت رجْلَي (4). وفي لفظ: فإذا أراد أن يسجد، غمز رجلي. متفق عليه.
- (2) خُروجُ الدَّم من غَيْر المخرَج المعتَاد؛ سواء كان بجرْح، أو حجَامةٍ، أو رعافٍ، وسواء كان قليلاً، أو كثيراً: قال الحسن _ رضي اللّه عنه _: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم. رواه البخاري، وقال: وعصر ابن عمر _ رضي اللّه عنهما _ بَثْرة، وخرج منها الدم، فلم يتوضأ، وبصق ابن أبي أوفى دماً، ومضى في صلاته، وصلى عمر بن الخطاب _ رضي اللّه عنه _ وجرحه يثعبُ دماً (5). وقد أصيب عبّاد بن بشر بسهام، وهو يصلي، فاستمر في صلاته (6). رواه أبو داود، وابن خزيمة، والبخاري تعليقاً.
- (3) القَـيْءُ: سواء أكان ملء الفم، أو دونه، ولم يرد في نقضه حديث يحتج به.
- (4) أَكْـلُ لحـمِ الإبـلِ: وهو رأي الخلفاء الأربعة؛ وكثير من الصحابة والتابعين، إلا أنه صح الحديث بالأمر بالوضوء منه؛ فعن جابر بن سُمرة _ رضي اللّه عنه _ أن رجلاً سأل رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: أأتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال: "إن شئتَ توضأ، وإن شئتَ فلا تتوضّأ " (7). قال: أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال: "نعم، فتوضأ من لحوم الإبل ". قال: أصلي في مرابض الغنم ؟ قال: "نعم". قال: أصلي في مبارك الإبل ؟ قال: "لا". رواه أحمد، ومسلم، وعن البراء بن عازب _ رضي اللّه عنه _ قال: سئل رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: "توضئوا منها". وسئل عن لحوم الغنم ؟ فقال: "لا تتوضأوا منها". وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل ؟ فقال: "لا تصلوا فيها؛ فإنها من الشياطين". وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم ؟ فقال: "صلوا فيها؛ فإنها بركة"(8). رواه أحمد، وأبو داود، وابن حبان، وقال ابن خزيمة: لم أر خلافاً بين علماء الحديث، في أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل؛ لعدالة ناقليه. وقال النووي: هذا المذهب أقوى دليلاً، وإن كان الجمهور على خلافه. انتهى.
- (5) شَـكُّ المتوضِـئ في الحَـدثِ: إذا شك المتطهر، هل أحدث أم لا ؟ لا يضره الشـك، ولا ينتقض وضوءه؛ سواء كان في الصلاة أو خارجها، حتى يتيقن، أنه أحدث؛ فعن عبّاد بن تميم، عن عمه _ رضي اللّه عنه _ قال: شكى إلى النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg الرجل يخيّل إليه، أنه يجد الشيء في الصلاة؟ قـال: " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " (9). رواه الجماعة، إلا الترمذي، وعن أبي هريرة _ رضي اللّه عنه _ عن النبيِّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قـال: " إذا وجد أحدكم في نفسـه شيئاً، فأشكل عليـه، أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرج من المسجد، حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً " (10). رواه مسلم، وأبو داود، والترمذي.
وليس المراد خصوص سماع الصوت، ووجدان الريح، بل العمدة اليقين، بأنه خرج منه شيء، قال ابنُ المبارك: إذا شك في الحدث، فإنه لا يجب عليه الوضوء، حتى يستيقن استيقاناً، يقدر أن يحلف عليه، أما إذا تيقن الحدث، وشك في الطهارة، فإنه يلزمه الوضوء، بإجماع المسلمين.
- (6) القَهْقَهَةُ في الصَّلاةِ لا تنقُضُ الوضُوءَ؛ لعدم صحة ما ورد في ذلك.
- (7) تَغْسِيلُ الميِّتِ لا يَجِبُ منه الوضُوءُ؛ لضعْفِ دليل النَّقْض (11).
_______________________
- (1) الحديث بلفظ، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قبل امرأة من نسائه، ثم خرج إلى الصلاة، ولم يتوضأ. وهو عند أبي داود: كتاب الطهارة _ باب الوضوء من القبلة (1 / 45)، والنسائي: كتاب الطهارة _ باب ترك الوضوء من القبلة (1/ 104)، والترمذي: أبواب الطهارة _ باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة (86)، وابن ماجه (502)، والحديث صحيح، صححه الشيخ الألباني، في: صحيح النسائي (164)، وصحيح ابن ماجه (502)، والمشكاة (323).
- (2) مسلم: كتاب الصلاة - باب ما يقال في الركوع والسجود (1 / 352)، رقم (222)، والترمذي: كتاب الدعوات، باب في دعاء الوتر (5 / 556)، رقم (3566)، وفي كتاب الدعوات - باب رقم (76)، حديث (3493)، ومسند أحمد (1 / 96، 118، 150، 6 / 58).
- (3) تقدم تخريجه، في: الصفحة الماضية.
- (4) البخاري: كتاب الصلاة - باب الصلاة على الفراش (1 / 107)، وباب هل يغمز الرجل زوجته عند السجود (1 / 138)، ومسلم:كتاب الصلاة، باب الاعتراض بين يدي المصلي (1 / 367)، الحديث رقم (272)..
- (5) يثعب، أي؛ يجري، وانظر البخاري مع الفتح: كتـاب الوضوء _ باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين (1 / 336)، وقد وصله ابن أبي شيبة، كما في الفتح. أما حديث عمر، فقد رواه مالك، وابن سعد، في "الطبقات"، وغيرهما، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1/225).
- (6) حديث عباد بن بشر، رواه أبو داود: كتاب الطهارة _ باب الوضوء من الدم (198)، وابن خريمة (36)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح أبي داود (193)..
- (7) مسلم: كتـاب الحيض - بـاب الوضـوء من لحـوم الإبـل (1 / 275)، الحديث رقم (97)، ومسند أحمد (5 / 86، 88، 108) مع اختلاف في الألفاظ.
-(8) أبو داود: كتاب الطهارة - باب الوضوء من لحوم الإبل، رقم (184)، ومسند أحمد (4 / 288)، وفي "الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان" "صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في معاطن الإبل؛ فإنها خلقت من الشياطين" (3 / 103)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل (494)، والترمذي: أبواب الطهارة _ باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل (81)، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 194)، وصحيح أبي داود (177)..
-(9) البخاري: كتاب الوضوء - باب لا يتوضأ من الشك، حتى يستيقن (1 / 46)، ومسلم: كتاب الحيض - باب الدليل على، أن من تيقن الطهارة، ثم شك في الحدث، فله أن يصلي بطهارته تلك (1 / 276)، رقم (98)، وأبو داود: كتاب الطهارة - باب إذا شك فى الحدث (1 / 122)، رقم (176)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب الوضوء من الريح (1 / 98)، رقم (160)، والترمذي (75)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الوضوء على الطهارة (1 / 171 )، رقم (513).
-(10) مسلم: كتاب الحيض - باب الدليل على، أن من تيقن الطهارة، ثم شك في الحدث، فله أن يصلي بطهارته تلك (1 / 276)، رقم (99)، وأبو داود: كتاب الطهارة - باب إذا شك في الحدث (1 / 123)، رقم (177)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب في الوضوء من الريح (1 / 109)، رقم (74) وقال حديث حسن صحيح.
- (11) كلا، بل ورد الأثر بذلك، عند أبي داود: كتاب الجنائز _ باب في الغسل من غسل الميت (3161)، والترمذي (1 / 185)، وابن ماجه: كتاب الجنائز _ باب ما جاء في غسل الميت (1463)، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 173)، وقال: فلا شك في صحة الحديث عندنا، ولكن الأمر فيه للاستحباب، لا للوجوب؛ لأنه قد صح عن الصحابة، أنهم كانوا إذا غسلوا الميت؛ فمنهم من يغتسل، ومنهم من لا يغتسل.
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(29)
"مـا يَجِــبُ لـه الوضُــوءُ"
يجب الوضوء لأمور ثلاثة:
- الأول، الصلاة مطلقاً؛ فرضاً أو نفلاً، ولو صلاة جنازة؛ لقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " [ المائدة: 6]. أي؛ إذا أردتم القيام إلى الصلاة، وأنتم محدثون، فاغسلوا، وقول الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " لا يقبل اللّه صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول " (1). رواه الجماعة، إلا البخاري.
- الثاني، الطواف بالبيت؛ لما رواه ابنُ عباس _ رضي اللّه عنهما _ أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " الطواف صلاةٌ، إلا أن اللّه _ تعالى _ أحلَّ فيه الكلام، فمن تكلّم، فلا يتكلم إلا بخير " (2). رواه الترمذي، والدارقطنيُّ، وصححه الحاكم، وابن السكن، وابن خزيمة.
- الثالث، مسُّ المصحَفِ؛ لما رواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده _ رضي اللّه عنهم _ أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كتب إلى أهل اليمن كتاباً، وكان فيه: " لا يمس القرآن، إلا طاهرٌ ". رواه النسائي، والدارقطني، والبيهقي، والأثرم، قال ابنُ عبد البر، في هذا الحديث: إنه أشبه بالتواتر؛ لتلقي الناس له بالقبول. وعن عبد اللّه بن عمر _ رضي اللّه عنهما _ قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " لا يمس القرآن، إلا طاهرٌ ". ذكره الهيثمي في: " مجمع الزوائد " (3)، وقال: رجاله موثقون. فالحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف، إلا لمن كان طاهراً، ولكن " الطاهر" لفظ مشترك، يطلق على الطاهر من الحدث الأكبر، والطاهر من الحدث الأصغر، ويطلق على المؤمن، وعلى من ليس على بدنه نجاسة، ولابد لحمله على معين من قرينة، فلا يكون الحديث نصّاً في منع المحدث حدثاً أصغر من مس المصحف، وأما قول اللّه سبحانه: " لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ " [الواقعة: 79]. فالظاهر رجوع الضمير إلى الكتاب المكنون، وهو اللوح المحفوظ؛ لأنه الأقرب، والمطهرون الملائكة، فهو كقوله تعالى: " فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ " [ عبس: 13 _ 16]. وذهب ابن عباس، والشعبي، والضحاك، وزيد بن علي، والمؤيد باللّه، وداود، وابن حزم، وحماد بن أبي سليمان، إلى أنه يجوز للمحدث حدثاً أصغر مس المصحف، وأما القراءة له بدون مس، فهي جائزة، اتفاقاً.
_________________
(1) الغلول؛ السرقة من الغنيمة قبل قسمتها.
والحديث رواه مسلم: كتـاب الطهارة _ بـاب وجوب الطهـارة للصلاة (1 / 204)، رواه أبو داود (59)، والنسائي (1 / 87، 88)، والترمذي (1)، وابن ماجه (273) عن ابن عمر، ولكن بدل "بغير طهور"، "إلا بطهور". وأما الحديث الذي أورده المصنف، فهو من حديث أسامة بن عمير، وأحمد (2 / 39)، وصححه الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 145).
(2) النسائي: كتاب مناسك الحج _ باب إباحة الكلام في الطواف (5 / 222)، والترمذي: كتاب الحج _ باب ما جاء في الكلام في الطواف (1 / 180)، والدارمي: كتاب الحج _ باب الكلام في الطواف (2 / 44)، وابن خزيمة (2739)، وابن حبان (998)، والحاكم، في "المستدرك"، (1/459، 2 / 267)، والبيهقي (5 / 85)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح النسائي (2/614)، وإرواء الغليل (1 / 154).
(3) مجمع الزوائد (1 / 276)، والحديث عند الدارقطني (ص 45)، والبيهقي (1 / 88)، وفي: مشكاة المصابيح (465)، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 158)، وانظر التفصيل هناك.
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نتكلم عن:
"مستحبات الوضوء"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(30)
"مـا يُسْتَحَـبُّ لـه الوضوء"
يستحب الوضوء، ويندب في الأحوال الآتية:
- (1) عنْدَ ذِكْرِ اللّه، عزَّ وجلَّ: لحديث المهاجر بن قنفذ _ رضي اللّه عنه _ أنه سلم على النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، وهو يتوضأ، فلم يرد عليه، حتى توضأ، فرد عليه، وقال: " إنه لم يمنعني أن أردَّ عليك، إلا أني كرهتُ أن أذكر اللّه، إلا على الطهارة ". قال قتادة: فكان الحسن، من أجل هذا، يكره أن يقرأ، أو يذكر اللّه، عز وجلّ، حتى يطّهّر (1). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وعن أبي جهيم بن الحارث - رضي اللّه عنه - قال: أقبل النبيُّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg من نحو بئر جمل (2)، فلقيه رجل، فسلم عليه، فلم يرد عليه، حتى أقبلَ على جدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام. رواه أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي (3).
وهذا على سبيل الأفضلية والندب، وإلا فذكر اللّه، عز وجل، يجوز للمتطهر، والمحدث، والجنب، والقائم، والقاعد، والماشي، والمضطجع بدون كراهة؛ لحديث عائشة - رضي اللّه عنها - قالت: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يذكر اللّه على كل أحيانه (4). رواه الخمسة، إلا النسائي، وذكره البخاري بغير إسناد، وعن عليٍّ - كرم اللّه وجهه - قال: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يخرج من الخلاء، فيقرئنا القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجزه عن القرآن شيء، ليس الجنابة (5). رواه الخمسة، وصححه التّرمذي، وابنُ السّكن.
- (2) عنْدَ النَّومِ: لما رواه البـراء بن عـازب - رضي اللّه عنه - قال: قال النبيُّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجْهي إليك، وفوّضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا مَنْجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلْت، ونبيّك الذي أرسلت. فإن متَّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلْهن آخر ما تتكلم به". قال: فردَّدتها على النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فلما بلغـت: اللهم آمنت بكتابـك الذي أنزلت. قلت: ورسولك قال: " لا، ونبيِّك الذي أرسلت " (6). رواه أحمد، والبخاري، والترمذي، ويتأكّد ذلك في حق الجنُب؛ لما رواه ابن عمر - رضي اللّه عنهما - قال: يا رسول اللّه، أينام أحدنا جنباً ؟ قال: " نعم، إذا توضأ " (7). وعن عائشة - رضي اللّه عنها - قالت: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا أراد أن ينام، وهو جنب، غسل فرجه، وتوضأ وضوءه للصلاة (8). رواه الجماعة.
- (3) يستحَبُّ الوضُوءُ للجنُبِ: إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو يعاود الجماع؛ لحديث عائشة - رضي اللّه عنها - قالت: كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا كان جُنباً، فأراد أن يأكل أو ينام، توضأ (9). وعن عمار بن ياسر، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg رخص للجنب إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام، أن يتوضأ وضوءه للصلاة (10). رواه أحمد، والترمذي وصححه، وعن أبي سعيد، عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود، فليتوضأ " (11). رواه الجماعة، إلا البخاري، ورواه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وزادوا: "فإنه أنشط للعود".
_____________
- (1) أبو داود: كتاب الطهارة - باب أيرد السلام، وهو يبول (1 / 23)، برقم (17)، والنسائي: كتاب الطهارة- باب رد السلام بعد الوضوء (1 / 37)، برقم (38)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الرجل يسلم عليه، وهو يبول، برقم (350)، والفتح الرباني (1 / 265)، برقم (109)، والحديث صحيح، صححه الشيخ الألباني في: صحيح النسائي (1 / 10)، وابن ماجه (350)، والصحيحة (834).
- (2) بئر جمل: موضع يقرب من المدينة.
- (3) البخاري: كتاب التيمم - باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء... (الفتح 1 / 525)، ومسلم: كتاب الحيض - بـاب التيمم (1 / 281)، برقم (114)، وأبو داود: كتـاب الطهـارة - بـاب التيمم في الحضر (1 / 232، 233)، برقم (329)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب التيمم في الحضر (1 / 165)، برقم (311)، والفتح الربانى (2 / 185، 186).
- (4) مسلم: كتـاب الحيض - بـاب ذكـر اللّه تعالى في حال الجنابة، وغيرها (1 / 282)، رقم (117)، والترمذي: كتـاب الدعـوات - بـاب ما جـاء أن دعـوة المسلم مستجابـة (5 / 463)، رقم (3384)، ومسند أحمد (6 / 70، 153، 278)، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 90).
- (5) أبو داود: كتاب الطهارة - باب في الجنب يقرأ القرآن (1 / 155) رقم (229)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب حجب الجنب عن قراءة القرآن (1 / 144)، رقم (266)، وذكره الترمذي مختصراً، رقم (146)، (1 / 214)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة (1 / 195)، رقم (594)، والإمام أحمد، في "المسند" (1 / 84، 124)، والحديث ضعيف، ضعفه العلامة الألباني، في: إرواء الغليل (2 / 241).
- (6) البخاري: كتـاب الوضـوء - بـاب فضـل من بـات على الوضـوء (1 / 71)، والترمـذي: كتـاب الدعـوات - بـاب ما جـاء في الدعـاء إذا آوى إلى فراشـه (5 / 468)، رقـم (3394)، ومسند أحمد (4 / 285، 290، 300، 302).
- (7) البخاري: كتـاب الغسل - بـاب نوم الجنب (1 / 80)، ومسلم: كتـاب الحيض - باب جواز نوم الجنب (1 / 248)، رقم (23)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام (1 / 206)، رقم (120)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب من قال: لا ينام الجنب، حتى يتوضأ وضوءه للصلاة (1 / 193)، رقم (585).
- (8) البخاري: كتاب الغسل - باب الجنب يتوضأ، ثم ينام (1 / 80)، ومسلم: كتاب الحيض - باب جواز نوم الجنب (1 / 248)، رقم (21)، وأبو داود: كتاب الطهارة - باب الجنب يأكل رقم (222)، (1 / 150، 151)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام (1/139)، رقم (258)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب من قال: لا ينام الجنب، حتى يتوضأ (1 / 193)، رقم (584).
- (9) مسلم: كتاب الحيض - باب جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له وغسل الفرج، إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام، أو يجامع (1 / 248)، رقم (22)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب وضوء الجنب إذا أراد أن يأكل، رقم (255)، (1 / 138)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب في الجنب يأكل ويشرب (1 / 194)، رقم (591).
- (10) أبو داود: كتاب الطهارة _ باب من قال: يتوضأ الجنب (225)، انظر: صحيح أبي داود (218، 219)، والترمذي: أبـواب الطهـارة - بـاب مـا جـاء فـي الوضـوء للجنـب إذا أراد أن ينـام (1 / 206، 207)، برقم (120)، والفتح الرباني (2 / 140)، برقم (478) عن أبي سعيد الخدري، وصححه الألباني
- (11) مسلم: كتاب الحيض - باب جواز نوم الجنب... (1 / 49)، رقم (27)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب في الجنب إذا أراد أن يعود (1 / 142)، رقم (262)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في الجنب إذا أراد أن يعود، توضأ (1 / 261)، رقم (141)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب في الجنب إذا أراد أن يعود، توضأ (1 / 193)، رقم (587).
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى......
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(31)
تابع "مـا يُسْتَحَـبُّ لـه الوضـوء"
- (4) يُنْدَبُ قبل الغُسْلِ، سواء كان واجباً، أو مستحباً: لحديث عائشة - رضي اللّه عنها - قالت: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا اغتسل من الجنابة، يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة (1). الحديث رواه الجماعة.
- (5) يندُبُ من أَكْلِ ما مسَّتْه النَّارُ: لحديث إبراهيم بن عبد اللّه بن قارظ، قال: مررت بأبي هريرة، وهو يتوضأ، فقال: أتدري ممَّ أتوضأ ؟ من أثوار أقط (2) أكلتها؛ لأني سمعت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول: " توضئوا مما مست النار" (3). رواه أحمد، ومسلم، والأربعة، وعن عائشة - رضي اللّه عنها - عن النبيِّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " توضئوا مما مست النار" (4). رواه أحمد، ومسلم، والنّسائيُّ، وابن ماجه.
والأمر بالوضوء محمول على الندب؛ لحديث عمرو بن أمية الضمري - رضي اللّه عنه- قال: رأيت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يحتزُّ من كتف شاة، فأكل منها، فدعي إلى الصلاة، فقام، وطرح السكين، وصلى، ولم يتوضأ (5). متفق عليه.
قال النوويُّ: فيه جواز قطع اللحم بالسكين.
- (6) تَجديدُ الوضُوءِ لكلِّ صَلاةٍ: لحديث بريدة - رضي اللّه عنه - قال: كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح، توضأ، ومسح على خفّيه، وصلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول اللّه، إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله ! فقال: "عمداً فعلته يا عمر" (6). رواه أحمد، ومسلم، وغيرهما، وعن عمرو بن عامر الأنصاري - رضي اللّه عنه - قال: كان أنس بن مالك يقول: كان https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يتوضأ عند كل صلاة. قال: قلت: فأنتم كيف كنتم تصنعون ؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد، ما لم نحدث (7). رواه أحمد، والبخاري، وعن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " لولا أن أشقَّ على أمتي، لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك". رواه أحمد (8) بسند حسن، وروى عن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - قال: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول: "من توضأ على طُهرٍ، كتب له عشر حسناتٍ " (9). رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
"فوائدُ يحتاجُ المتوضئُ إليها"
................
يحتاجُ المتوضئُ إلي:
1ـ الكلام المباح، أثناء الوضوء مباح، ولم يرد في السنة ما يدل على منعه.
2ـ الدعاء عند غسل الأعضاء باطل لا أصل له، والمطلوب الاقتصار على الأدعية، التي تقدم ذكرها في سنن الوضوء.
3ـ لو شك المتوضئ في عدد الغسلات يبني على اليقين، وهو الأقل.
4ـ وجود الحائل، مثل الشمع، على أي عضو من أعضاء الوضوء، يبطله، أما اللون وحده، كالخضاب بالحناء مثلاً، فإنه لا يؤثر في صحة الوضوء؛ لأنه لا يحول بين البشرة وبين وصول الماء إليها.
5ـ المستحاضة، ومن به سلس بول، أو انفلات ريح، أو غير ذلك من الأعذار، يتوضئون لكل صلاة، إذا كان العذر يستغرق جميع الوقت، أو كان لا يمكن ضبطه، وتعتبر صلاتهم صحيحة، مع قيام العذر.
6ـ يجوز الاستعانة بالغير في الوضوء.
7ـ يباح للمتوضئ، أن ينشف أعضاءه بمنديل ونحوه، صيفاً وشتاء.
____________
- (1) البخاري: كتـاب الغسل - باب الوضوء قبل الغسل (1 / 72)، ومسلم: كتاب الحيض - باب صفة غسل النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (1 / 253)، رقم (35) واللفظ له، وأبو داود: كتـاب الطهـارة - باب في الغسل من الجنابـة (1 / 168)، رقم (242)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب وضوء الجنب قبل الغسل (1 / 134)، رقم (247)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في الغسل من الجنابة(1/ 174، 175)، رقم (104)
- (2) "من أثوار أقط": هي قطع من اللبن الجامد.
- (3) مسلم: كتاب الحيض - باب الوضوء مما مست النار (1 / 272 )، رقم (352)، وأبو داود: كتاب الطهارة، باب التشديد في ذلك (1 / 135)، رقم (195) من طريق آخر، والنسائي: كتاب الطهارة - باب الوضوء مما غيرت النار (1 / 107)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الوضوء مما غيرت النار (1 / 163)، رقم (485)، ومسند أحمد (1 / 265، 427).
- (4) مسلم: كتاب الحيض - باب الوضوء مما مست النار رقم (353)، (1 / 273)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الوضوء مما غيرت النار (1 / 164)، رقم (486)، ومسند أحمد (6 / 89 ).
- (5) البخاري: كتاب الوضوء - باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق... (1 / 63)، ومسلم: كتاب الحيض - باب نسخ الوضوء مما مست النار (1 / 273)، رقم (93).
- (6) مسلم: كتاب الطهارة - باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد (1 / 232)، رقم (86)،وأبو داود: كتاب الطهارة _ باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد (172)، والنسائي: كتاب الطهارة _ باب الوضوء لكل صلاة (1 / 86)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد (1 / 89) رقم (61)، ومسند أحمد (5 / 350، 351، 358 ).
- (7) البخاري: كتاب الوضوء - باب الوضوء من غير حدث (1 / 64)، ومسند أحمد (3 / 133).
- (8) مسند أحمد (2 / 259)، وفي "الزوائد": ولأبي هريرة حديث في الصحيح غير هذا، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، وهو ثقة، حسن الحديث. مجمع الزوائد (1 / 221)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح الجامع (5318)، وصحيح الترغيب (200).
- (9) سنن أبي داود: كتاب الطهارة - باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث (1 / 50)، الحديث رقم (62)، وسنن الترمذي: كتاب الطهارة - باب الوضوء لكل صلاة (1 / 87)، الحديث رقم (59)، وابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب الوضوء على الطهارة (512)، وفي "الزوائد": مدار الحديث على عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وهو ضعيف. وضعفه الألباني، في: ضعيف ابن ماجه (114)، والمشكاة (293).
وبإذن الله تعالى نتكلم بالمرة القادمة عن:
"المسح على الخفين" .......
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(32)
"المسْــحَ علـى الخُفَّيــنِ"
ثبت المسح على الخفين بالسُّنة الصحيحة، الثابتة عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg؛ قال النووي: أجمع من يعتد به في الإجماع، على جواز المسح على الخفين، في السفر والحضر؛ سواء كان لحاجة أو غيرها، حتى للمرأة الملازمة، والزَّمن الذي يمشي، وإنما أنكرته الشيعة (1) والخوارج، ولا يعتد بخلافهم، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح": وقد صرح جمع من الحفاظ، بأن المسح على الخفين متواتر، وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين، منهم العشرة. انتهى.
وأقوى الأحاديث حجة في المسح، ما رواه أحمد، والشيخان، وأبو داود، والترمذي، عن همام النخعي - رضي اللّه عنه - قال: بال جرير بن عبد اللّه، ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقيل: تفعل هذا، وقد بلت ! قال: نعم، رأيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بال، ثم توضأ، ومسح على خفيه (2). قال إبراهيم: فكان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة. أي؛ أن جريراً أسلم في السنة العاشرة بعد نزول آية الوضوء، التي تفيد وجوب غسل الرجلين، فيكون حديثه مبيناً، أي؛ المراد بالآية إيجاب الغسل لغير صاحب الخف، وأما صاحب الخف، ففرضه المسح، فتكون السنة مخصصة للآية.
"مشروعيَّةُ المسْحِ على الجورَبَيْن"
يجوز المسح على الجوربين، وقد روي ذلك عن كثير من الصحابة؛ قال أبو داود: ومسح على الجوربين؛ علي بن أبي طالب، وابن مسعود، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعمرو بن حريث، وروي أيضاً عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، انتهى. وروي أيضاً عن عمار، وبلال، وعبد اللّه بن أبي أوفى، وابن عمر، وفي "تهذيب السنن" لابن القيم عن ابن المنذر، أن أحمد نص على جواز المسح على الجوربين، وهذا من إنصافه وعدله، وإنما عمدته هؤلاء الصحابة - رضي اللّه عنهم - وصريح القياس؛ فإنه لا يظهر بين الجوربين والخفين فرق مؤثر يصح أن يحال الحكم عليه، والمسح عليهما قول أكثر أهل العلم، انتهى. وممن أجاز المسح عليهما؛ سفيان الثوري، وابن المبارك، وعطاء، والحسن، وسعيد بن المسيب. وقال أبو يوسف، ومحمد: يجوز المسح عليهما، إذا كانا ثخينين لا يشفيان عما تحتهما. وكان أبو حنيفة لا يجوِّز المسح على الجورب الثخين، ثم رجع إلى الجواز قبل موته بثلاثة أيام أو بسبعة، ومسح على جوربيه الثخينين في مرضه، وقال لِعُوَّاده: فعلت ما كنت أنهي عنه. وعن المغيرة بن شعبة، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg توضأ، ومسـح على الجوربين والنعلين (3). رواه أحمد، والطحاوي، وابن ماجه، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وضعفه أبو داود. والمسح على الجوربين كان هو المقصود، وجاء المسح على النعلين تبعاً.
وكما يجوز المسح على الجوربين، يجوز المسح على كل ما يستر الرجلين، كاللفائف ونحوها، وهي ما يلف على الرجل؛ من البرد، أو خوف الحفاء، أو لجراح بهما، ونحو ذلك، قال ابنُ تيميةَ: والصواب، أنه يمسح على اللفائف، وهي بالمسح أولى من الخف والجوارب؛ فإنَّ اللفائف إنما تستعمل للحاجة في العادة، وفي نزعها ضرر؛ إما إصابة البرد، وإما التأذي بالحفاء، وإما التأذي بالجرح، فإذا جاز المسح على الخفين والجوربين، فعلى اللفائف بطريق الأولى، ومن ادعى في شيء من ذلك إجماعاً، فليس معه إلا عدم العلم، ولا يمكنه أن ينقل المنع عن عشرة من العلماء المشهورين، فضلاً عن الإجماع. إلى أن قال: فمن تدبر ألفاظ الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، وأعطى القياس حقه، علم أن الرخصة منه في هذا الباب واسعة، وأن ذلك من محاسن الشريعة، ومن الحنيفية السمحة التي بعث بها. انتهى. وإذا كان بالخف أو الجورب خروق، فلا بأس بالمسح عليه، ما دام يلبس في العادة؛ قال الثوري: كانت خفاف المهاجرين والأنصار لا تسلم من الخروق كخفاف الناس، فلو كان في ذلك حظر، لورد، ونقل عنهم.
___________
- (1) انظر "كشف الأسرار" لفضيلة الشيخ مصطفى بن سلامة، أتى الله به بالسلامة.
- (2) البخاري: كتاب الصلاة - باب الصلاة في الخفاف (1 / 108)، ومسلم: كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين (1 / 228)، رقم (72)، وأبو داود: كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين (1 / 107)، رقم (154)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب في المسح على الخفين (1 / 155)، رقم (93) وقال: حديث حسن صحيح، والفتح الرباني (2 / 57)، رقم (319).
- (3) "النعل" ما وقيت به القدم من الأرض، وهو يغاير الخف، ولقد كان لنعل رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg سيران، يضع أحدهما بين أبهام رجله والتي تليها، ويضع الآخر بين الوسطى والتي تليها، ويجمع السيرين إلى السير الذي على وجه قدمه، وهو المعروف بالشراك، "والجورب": لفافة الرجل، وهو المسمى بالشراب. والحديث رواه أبو داود: كتاب الطهارة _ باب المسح على الجوربين (1 / 112، 113)، رقم (159)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين (1 / 167)، رقم (99)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين (1 / 185)، رقم (559)، وشرح معاني الآثار (1 / 97)، والفتح الرباني (2 / 71)، رقم (346)، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1/ 137).
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله الكلام عن:
"محلُّ المسْح"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(33)
"محلُّ المسْح"
المحل المشروع في المسح ظهر الخف؛ لحديث المغيرة - رضي اللّه عنه - قال: رأيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يمسح على ظاهر الخفين (1). رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسّنه. وعن علي - رضي اللّه عنه - قال: لو كان الدين بالرأي، لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، لقد رأيت رسـول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يمسح على ظاهـر خفيه (2). رواه أبو داود، والدارقطني، وإسناده حسن، أو صحيح، والواجب في المسح ما يطلق عليه اسم المسح لغة، من غير تحديد، ولم يصح فيه شيء.
"تَوقِيـتُ المسْـح"
مدة المسح على الخفين للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها، قال صفوان ابن عسّال _ رضي اللّه عنه _: أمرنا - يعني النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg - أن نمسح على الخفين، إذا نحن أدخلناهما على طهر، ثلاثاً إذا سافرنا، ويوماً وليلة إذا أقمنا، ولا نخلعهما إلا من جنابة (3). رواه الشافعي، وأحمد، وابن خُزيمة، والترمذيّ، والنسائي وصححاه، وعن شرَيح بن هانئ - رضي اللّه عنه - قال: سألتُ عائشة عن المسح على الخفين ؟ فقالت: سل عليَّا؛ فإنه أعلم بهذا مني، كان يسافر مع رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg. فسألته، فقال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة " (4). رواه أحمد، ومسلم، والترمذيّ، النسائي، وابن ماجه،قال البيهقي هو أصح ما روي في هذا الباب.
والمختار، أن ابتداء المدة من وقت المسح، وقيل: من وقت الحدث بعد اللبس.
"صِفَةُ المسْحِ"
والمتوضئ بعد أن يتم وضوءه، ويلبس الخف أو الجوارب، يصح له المسح عليه، كلما أراد الوضوء، بدلاً من غسل رجليه، يرخص له في ذلك يوماً وليلة، إذا كان مقيماً، وثلاثة أيام ولياليها، إن كان مسافراً، إلا إذا أجنب؛ فإنه يجب عليه نزعه؛ لحديث صفوان المتقدم.
"ما يُبْطلُ المسْح"
يبطل المسح على الخفين:
(1) انقضاء المدة
(2) الجنابة
(3) نزع الخف.
فإذا انقضت المدة، أو نزع الخف، وكان متوضئاً قبْلُ، غسل رجليه فقط.
( قال كاتب الموضوع - يحيى صالح -:
لم يثبت بأي حديث أنَّ نزع الخف يوجب غسل الرجلين وكذا انقضاء المدة، وإنما هذا اجتهاد من الشيخ رحمه الله تعالى وقد قالت به بعض المذاهب ولكن لا دليل عليه!
والواجب عند نزع الخف الوضوء بالكامل متى أحدث الإنسان؛ فإن لم يُحْدِثْ استمرت طهارته...
وكذا عند انقضاء المدة فإذا انقضت المدة والإنسان على طهارة - والخف أو الجورب بقدميه - فلا شيء عليه، وإن انقضت المدة وهو غير لابس الخف أو الجورب فعليه الوضوء )
____________________
- (1) أبو داود: كتاب الطهارة - باب كيف المسح (1 / 14)، رقم (161)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في المسح على الخفين (1 / 165)، رقم (98)، والفتح الرباني (2 / 69)، رقم (342)، والحديث صحيح، انظر: المشكاة (1 / 162).
- (2) أبو داود: كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين (1 / 114، 115)، رقم (162)، والدارقطني (1 / 199) رقم (23)، قال الحافظ في "التلخيص": رواه أبو داود، وإسناده صحيح (1 / 160)، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 140).
- (3) والنسائي: كتاب الطهارة - باب في التوقيت في المسح على الخفين للمسافر (1 / 84)، رقم (127)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم (1 / 159)، رقم (96)، والفتح الرباني (2 / 65)، رقم (337)، وصحيح ابن خزيمة (1 / 97)، رقم (193)، ومسند الشافعى (ص 17، 18)، وحسنه الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 29)، والإرواء (140).
- (4) مسلم: كتاب الطهارة - باب التوقيت في المسح على الخفين (1 / 232)، رقم (85)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب التوقيت في المسح على الخفين للمقيم (1 / 84)، رقم (128)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر (1 / 183)، رقم (552) والفتح الرباني (2 / 64)، رقم (335)، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 277).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نستكمل ابتداءً من:
"الغسل"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(34)
"الغسل"
معنى الغُسل:
الغُسل معناه: تعميم البدن بالماء، وهو مشروع؛ لقول اللّه تعالى: " وَإِن كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا" [ المائدة: 6]، وقوله تعالى: " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ " [البقرة: 222].
وله مباحثُ، تنحصر فيما يأتي :
- مُوجِبَاتُـــــ ه:
يجب الغسل لأمور خمسة:
- الأول، خروج المني بشهوة، في النوم أو اليقظة؛ من ذكر أو أنثى، وهو قول عامة الفقهاء؛ لحديث أبي سعيد، قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " الماء من الماء " (1). رواه مسلم، وعن أم سلمة - رضي اللّه عنها - أنّ أم سليَم، قالت: يا رسول اللّه، إن اللّه لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا احْتَلمت ؟ قال: " نعم، إذا رأت الماء " (2). رواه الشيخان، وغيرهما.
وهنا صور كثيراً ما تقع، أحببنا أن ننبه عليها؛ للحاجة إليها:
أ _ إذا خرج المني من غير شهوة، بل لمرض، أو برد، فلا يجب الغسل؛ ففي حديث عليّ - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال له: " فإذا فضخت الماء (3)، فاغْتَسلْ " (4). رواه أبو داود.
قال مجاهد: بينا نحن - أصحاب ابن عباس - حلَقٌ في المسجد؛ طاووس، وسعيد ابن جبير، وعكْرمة، وابن عباس قائم يصلي، إذ وقف علينا رجل، فقال: هل من مفْت؟ فقلنا: سل. فقال: إني كلما بُلت، تبعه الماء الدافق ؟ قلنا: الذي يكون منه الولد ؟ قال نعم. قلنا: عليك الغسل. قال: فولَّى الرجل، وهو يرَجِّع، قال: وَعجَّل ابن عباس في صلاته، ثم قال لعكرمة:عليَّ بالرجلِ. وأقبل علينا، فقال:أرأيتم ما أفتيتم به هذا الرجل عن كتاب اللّه ؟ قلنا: لا. قال: فعن رسول اللّه ؟ قلنا: لا. قال: فعن أصحاب رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg؟ قلنا: لا. قال: فعمّه ؟ قلنا: عن رأينا. قال: فلذلك قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " فقيه واحد، أشد على الشيطان من ألف عابد " (5). قال: وجاء الرجلُ، فأقبل عليه ابن عباس، فقال: أرأيت إذا كان ذلك منك، أتجد شهوة في قُبلك ؟ قال: لا. قال: فهل تجدُ خدَراً في جسدك ؟ قال: لا. قال: إنما هذه إبردة، يجزيك منها الوضوء.
ب _ إذا احتلم، ولم يجد منيَّا، فلا غسل عليه؛ قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من أهل العلم. وفي حديث أم سليم المتقدم: فهل على المرأة غسل إذا احتلمت ؟ قال: "نعم، إذا رأت الماء". ما يدل على أنها إذا لم تره، فلا غسل عليها، لكن إذا خرج بعد الاستيقاظ، وجب عليها الغسل.
ج _ إذا انتبه من النوم، فوجد بللاً، ولم يذكر احتلاماً، فإن تيقن أنه مني، فعليه الغسل؛ لأن الظاهر، أن خروجه كان لاحتلام نسيه، فإن شك، ولم يعلم، هل هو مني أو غيره ؟ فعليه الغسل احتياطاً.
وقال مجاهد، وقتادة: لا غسل عليه، حتى يوقن بالماء الدافق؛ لأن اليقين بقاء الطهارة، فلا يزول بالشك.
د _ أحس بانتقال المني عند الشهوة، فأمسك ذكره، فلم يخرج، فلا غسل عليه؛ لما تقدم، من أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg علق الاغتسال على رؤية الماء، فلا يثبت الحكم بدونه، لكن إن مشى، فخرج منه المني، فعليه الغسل.
هـ- رأى في ثوبه منيَّا، لا يعلم وقت حصوله، وكان قد صلى، يلزمه إعادة الصلاة، من آخر نومة له، إلا أن يرى ما يدل على أنه قبلها، فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها.
_______________
- (1) "الماء من الماء". أي؛ الاغتسال من الإنزال، فالماء الأول الماء المطهر، والثاني المني. والحديث رواه مسلم: كتاب الحيض - باب إنما الماء من الماء (1 / 269)، برقم (80، 81).
- (2) البخاري: كتاب العلم - باب الحياء في العلم (1 / 44)، ومسلم: كتاب الحيض - باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، رقم (32)، (1 / 250)، وأبو داود: كتاب الطهارة _ باب في المرأة ترى ما يرى الرجل (1 / 61)، والنسائي: كتـاب الطهـارة _ باب غسل المرأة... (1 / 112)، والإمام أحمد، في "المسند" (6 / 306)، والدارمي: كتاب الطهارة _ باب في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل (1 / 195)، ومالك، في "الموطأ" (1 / 51، 52).
- (3) "الفضخ" خروج المني بشدة.
- (4) أبو داود: كتاب الطهارة - باب في المذي (1 / 47)، ومسند أحمد (1 / 109)، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 162).
- (5) الترمذي: كتـاب العلم _ بـاب ما جاء في فضل الفقه على العبـادة (5 / 48)، الحديث رقم (2681)، وابن ماجه: المقدمة - باب فضل العلماء، والحث على طلب العلم (1 / 81)، الحديث رقم (222)، والحديث ضعيف، ضعفه الألباني، في: ضعيف ابن ماجه (14)، وضعيف الجامع (3991)، وقال: موضوع..
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى.......
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(35)
"الغسل"
تابع "موجبات الغسل"
- الثاني، التقَاءُ الختَانَيْن: أي؛ تغييب الحشفة في الفرج، وإن لم يحصل إنزال؛ لقول اللّه تعالى: " وَإِن كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا " [ المائدة: 6].
قال الشافعي: كلام العرب يقتضي، أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع، وإن لم يكن فيه إنزال. قال: فإن كل من خوطب، بأن فلاناً أجنب عن فلانة، عقل أنه أصابها، وإن لم ينزل. قال: ولم يختلف أحد أن الزنى الذي يجب به الجلد هو الجماع، ولو لم يكن منه إنزال، ولحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إذا جلس بين شعبها الأربع(1)، ثم جهدها، فقد وجب الغُسل، أنزل، أم لم ينزل " (2). رواه أحمد، ومسلم، وعن سعيد بن المسيّب، أن أبا موسى الأشعري - رضي اللّه عنه - قال لعائشة: إني أريد أن أسألك عن شيء، وأنا أستحي منك. فقالت: سل، ولا تستحي؛ فإنما أنا أمك. فسألها عن الرجل يغشى، ولا ينزل ؟ فقالت عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " إذا أصاب الختانُ الختانَ، فقد وجب الغسل " (3). رواه أحمد، ومالك، بألفاظ مختلفة.
ولابد من الإيلاج بالفعل، أما مجرد المس من غير إيلاج، فلا غسل على واحد منهما، إجماعاً.
- الثالث، انقطاع الحيض والنفاس؛ لقول اللّه تعالى: " وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ " [البقرة: 222]. ولقول رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg لفاطمة بنت أبي حبيش - رضي اللّه عنها -: " دعي الصلاة قدر الأيام، التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي، وصلي "(4). متفق عليه. وهذا، وإن كان وارداً في الحيض، إلا أن النفاس كالحيض، بإجماع الصحابة، فإن ولدت، ولم ير الدم، فقيل: عليها الغسل. وقيل: لا غسل عليها. ولم يرد نص في ذلك.
- الرابع، الموْتُ: إذا مات المسلم، وجب تغسيله، إجماعاً، على تفصيل يأتي في موضعه.
الخامس، الكَافِرُ إذا أسْلَم: إذا أسلم الكافر، يجب عليه الغسل؛ لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن ثمامة الحنفي أسر، وكان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يغدو إليه، فيقول: " ما عندك يا ثمامة ؟ " فيقول: إن تقتل، تقتل ذا دم، وإن تمنن، تمنن على شاكر، وإن ترد المال، نعطك منه ما شئت. وكان أصحاب الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يحبون الفداء، ويقولون: ما نصنع بقتل هذا ؟ فمر عليه رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فأسلم، فحلّه، وبعث به إلى حائط أبي طلحة (5)، وأمره أن يغتسل، فاغتسل، وصلى ركعتين، فقال النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " لقد حسـن إسلام أخيكم " (6). رواه أحمد، وأصله عند الشيخين.
__________________
- (1) "الشعب الأربع": يداها ورجلاها. "والجهد" كناية عن معالجة الإيلاج.
- (2) بدون زيادة "أنزل، أو لم ينزل". البخاري: كتاب الغسل _ باب إذا التقى الختانان (291)، ومسلم، بزيادة "وإن لم ينزل" كتاب الحيض - باب نسخ الماء من الماء، ووجوب الغسل بالتقاء الختانين (1 / 271)، الحديث رقم (87) والنسائي: كتاب الطهارة _ باب وجوب الغسل إذا التقى الختانان (1 / 110)، وابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب ما جاء في وجوب الغسل.. (610)، ومسند أحمد (2/ 347) بلفظ: "وأجهد نفسه".
- (3) بلفظ قريب، مسلم: كتاب الحيض _ باب بيان أن الغسل يجب بالجماع (4 / 40)، وأحمد، في "المسند"، (6 / 265)، وانظر طرقه في: إرواء الغليل (1 / 121)..
- (4) البخاري: كتاب الحيض - باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض (1 / 89)، ومسلم: كتاب الحيض- باب المستحاضة وغسلها وصلاتها (1 / 262)، رقم (62)، وانظر الأحاديث (65، 66) من نفس الباب..
- (5) "الحائط" البستان.
- (6) البخاري: كتاب المغازي - باب وفد بني حنيفة (5 / 215 )، ومسلم: كتاب الجهاد - باب ربط الأسير في حبسه، وجواز المن عليه (3 / 1386، 1387)، برقم (59)، ومسند أحمد (2 / 246، 247، 452)، وقال الألباني: وقد أخرجا (البخاري ومسلم) القصة، دون الأمر بالغسل. الإرواء (1 / 164).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نتكلم عن:
"مـا يحــرُمُ علـى الجُنُــبِ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(36)
"مـا يحــرُمُ علـى الجُنُــبِ"
يحرم على الجنب ما يأتي:
1ـ الصَّـلاةُ.
2ـ الطواف: وقد تقدمت أدلة ذلك في مبحث " ما يجب له الوضوء ".
3ـ مسُّ المصحفِ، وحملُه: وحرمتهما متفق عليها بين الأئمة، ولم يخالف في ذلك أحد من الصحابة، وجوّز داود، وابن حزم للجنب مَسَّ المصحف، وحمله، ولم يريا بهما بأساً؛ استدلالاً بما جاء في "الصحيحين"، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بعث إلى هرَقل كتاباً، فيه: " بسم اللّه الرَّحمنِ الرحيم..." إلى أن قال: " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ألاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * (1) [ آل عمران: 64]. قال ابنُ حزم: فهذا رسول الله بعث كتاباً، وفيه هذه الآية إلى النصارى، وقد أيقن أنهم يمسون هذا الكتاب. وأجاب الجمهور عن هذا، بأن هذه رسالة، ولا مانع من مسِّ ما اشتملت عليه من آيات من القرآن، كالرسائل، وكتب التفسير، والفقه، وغيرها؛ فإن هذه لا تسمى مصحفاً، ولا تثبت لها حرمته.
4ـ قراءةُ القرآنِ: يحرم على الجنب أن يقرأ شيئاً من القرآن، عند الجمهور؛ لحديث علي -رضي اللّه عنه- أن رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان لا يحجبه عن القرآن شيء، ليس الجنابة (2). رواه أصحاب السنن، وصححه الترمذي، وغيرُه. قال الحافظ في "الفتح": وضعّف بعضهم بعض رواته، والحق أنه من قبيل الحسن، يصلح للحجة وعنه - رضي اللّه عنه - قال: رأيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg توضأ، ثم قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: " هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا، ولا آية " (3). رواه أحمد، وأبو يعلى، وهذا لفظه، قال الهيثمي: رجاله موثقون. وقال الشوكاني: فإن صح هذا، صلح للاستدلال به على التحريم؛ أما الحديث الأولُ، فليس فيه ما يدل على التحريم؛ لأن غايته، أن النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ترك القراءة حال الجنابة، ومثله لا يصلح متمسكاً للكراهة، فكيف يستدل به على التحريم ؟ انتهى. وذهب البخاريُّ، والطبراني، وداودُ، وابنُ حزم إلى جواز القراءة للجنب.
قال البخاري: قال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الحائض الآية. ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأساً، وكان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يذكر اللّه على كل أحيانه.
قال الحافظ تعليقاً على هذا: لم يصح عند المصنف " يعني، البخاري " شيء من الأحاديث الواردة في ذلك، أي؛ في منع الجنب والحائض من القراءة، وإن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحجة عند غيره، لكن أكثرها قابل للتأويل.
5ـ المكث في المسجد: يحرم على الجنب، أن يمكث في المسجد؛ لحديـث عائشة -رضي اللّه عنها - قالت: جاء رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: "وجّهوا هذه البيوت عن المسجد". ثم دخل رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ولم يصنع القوم شيئاً؛ رجاء أن ينزل فيهم رخصة، فخرج إليهم، فقال: " وجِّهوا هذه البيوت عن المسجد؛ فإني لا أحل المسجد لحائض، ولا لجنب " (4). رواه أبو داود. وعن أمّ سَلمة - رضي اللّه عنها - قالت: دخل رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg صرحة هذا المسجد (5)، فنادى بأعلى صوته: "إن المسجد لا يحل لحائض، ولا لجنب ". رواه ابن ماجه، والطبراني.
والحديثان (6) يدلان على عدم حِل اللبث في المسجد والمكث فيه للحائض، والجنب، لكن يرخص لهما في اجتيازه؛ لقول اللّه تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا" [سورة النساء: 43]. وعن جابر - رضي اللّه عنه - قال: كان أحدنا يمر في المسجد جنباً مجتازاً. رواه ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور في "سننه".
وعن زيد بن أسلم، قال: كان أصحاب رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يمشون في المسجد، وهم جنب. رواه ابن المنذر. وعن يزيد بن أبي حبيب أن رجالاً من الأنصار كانت أبوابهم إلى المسجد، فكانت تصيبهم جنابة، فلا يجدون الماء، ولا طريق إليه إلا من المسجد، فأنزل اللّه تعالى: " وَلاَ جُنُباً إلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ " [ النساء: 43]. رواه ابن جرير (7).
قال الشوكاني، عقب هذا: وهذا من الدلالة على المطلوب بمحل، لا يبقى بعده ريب. وعن عائشة - رضي اللّه عنها - قالت: قال لي رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " ناوليني الخمرة من المسجد ". فقلت: إني حائض. فقال: " إن حيضتك ليست في يدك " (8). رواه الجماعة، إلا البخاري، وعن ميمونة - رضي اللّه عنها - قالت: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يدخل على إحدانا، وهي حائض، فيضع رأسه في حجرها، فيقرأ القرآن، وهي حائض، ثم تقوم إحدانا بخمرته، فتضعها في المسجد، وهي حائض (9). رواه أحمد، والنسائي، وله شواهدُ.
_________________
- (1) البخاري: كتاب التفسير، سورة آل عمران - باب: " قل يَا أَهْـلَ الْكِتَـابِ تَعَالَـوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَـوَاءٍ* (6/45)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير - باب كتب النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام (1/1396)، برقم (74)، وانظر: تمام المنة (116)..
- (2) الحديث تقدم تخريجه، في (ص 77)، وهو ضعيف، لا تقوم به حجة.
- (3) في الزوائد: ورجاله موثقون (1 / 281)، والفتح الرباني (2 / 121)، رقم (437)، والحديث ضعيف، ضعفه الألباني، في: تمام المنة (117).
- (4) أبو داود: كتاب الطهارة - باب في الجنب يدخل المسجد، رقم (232)، والحديث ضعيف، انظر: ضعيف أبي داود (32)، وتمام المنة (119).
- (5) الصرحة: صرحة الدار عرصتها، والعرصة كل بقعة بين الدور واسعة، ليس فيها بناء. والحديث رواه ابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب ما جاء في اجتناب الحائض المسجد (645)، وهذا الحديث هو نفس الحديث السابق، فهما حديث واحد، وليسا حديثين، وهو ضعيف، وفي "الزوائد": إسناده ضعيف، محدوج لم يوثق، وأبو الخطاب مجهول.
- (6) سبق أن الحديثين ضعيفان.
- (7) تفسير الطبري (8 / 384)، برقم (9567)، وقال الألباني: فهذه الرواية معhttps://majles.alukah.net/imgcache/2020/06/5.jpg بالإرسال، فلا يفرح بها. تمام المنة (119).
- (8) مسلم: كتـاب الحيض - باب جواز غسل الحائض رأس زوجها (1 / 244، 245)، رقم (11، 13)، وأبو داود: كتاب الطهارة - باب في الحائض تتناول من المسجد (1 / 179)، رقم (261)، النسائي: كتاب الطهارة - باب استخدام الحائض (1/146)،رقم (272)، والترمذي:أبواب الطهارة - باب ما جاء في الحائض تتناول الشيء من المسجد (1 / 241)، رقم (134)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الحائض تتناول الشيء من المسجد (1 / 207)، رقم (632).
- (9) والنسائي: كتاب الطهارة - باب بسط الحائض الخمرة في المسجد (1 / 147)، رقم (273)، ومسند أحمد (6/331)، والحديث حسن، حسنه الألباني، في: صحيح النسائي (1 / 57)، وإرواء الغليل (1 / 213).
ولقاؤنا بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى عن:
"الأَغْسَــــ ل المسْتَحَبَّـــ ـة"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(37)
"الأَغْسَــــ ل المسْتَحَبَّـــ ـة"
أي؛ التي يمدح المكلف على فعلها ويثاب، وإذا تركها، لا لوم عليه ولا عقاب، وهي ستة، نذكرها فيما يلي:
- (1) غُسْلُ الجمُعَةِ: لما كان يوم الجمعة يوم اجتماع للعبادة والصلاة، أمر الشارع بالغسل وأكده؛ ليكون المسلمون في اجتماعهم على أحسن حال، من النظافة والتطهير؛ فعن أبي سعيد - رضي اللّه عنه - أن النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " غُسْلُ الجمعة واجب على كل مُحْتَلم والسواك، وأن يمسّ من الطيب ما يقدرُ عليه " (1). رواه البخاريُّ، ومسلم.
والمراد بالمحتلم، البالغ، والمراد بالوجوب، تأكيد استحبابه؛ بدليل ما رواه البخاري، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب، بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فناداه عمر: أيّةُ سَاعةٍ هذه ؟ قال:إني شغلت، فلم أنقلب إلى أهلي،حتى سمعت التأذين،فلم أزد أن توضأت. فال: والوضوء أيضاً ؟ وقد علمتَ أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpgكان يأمر بالغسل (2).
قال الشافعي: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، دل ذلك على أنهما قد علما، أن الأمر بالغسل للاختيار.
ويدل على استحباب الغسل أيضاً، ما رواه مسلم، عن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " من توضّأ، فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنْصَتَ، غُفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام " (3).
قال القرطبي، في تقرير الاستدلال بهذا الحديث عن الاستحباب: ذكرُ الوضوء، وما معه مرتباً عليه الثواب المقتضي للصحة، يدل على أن الوضوء كاف.
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص": إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل للجمعة، والقول بالاستحباب؛ بناء على أن ترك الاغتسال لا يترتب عليه حصول ضرر، فإن ترتب على تركه أذى الناس؛ بالعرق، والرائحة الكريهة، ونحو ذلك مما يسيء، كان الغسل واجباً، وتركه محرماً، وقد ذهب جماعة من العلماء إلى القول بوجوب الغسل للجمعة، وإن لم يحصل أذى بتركه، مستدلين بقول أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " حَقٌّ على كل مسلم، أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً، يغسل فيه رأسه، وجسده " (4). رواه البخاري، ومسلم.
وحملوا الأحاديث الواردة في هذا الباب على ظاهرها، وردّوا ما عارضها.
ووقت الغسل يمتد من طلوع الفجر إلى صلاة الجمعة، وإن كان المستحب، أن يتصل الغسل بالذهاب، وإذا أحدث بعد الغسل، يكفيه الوضوء.
قال الأثرم: سمعتُ أحمد، سئل عمن اغتسل، ثم أحدث، هل يكفيه الوضوء فقال: نعم، ولم أسمع فيه أعلى من حديث ابن أبزى. انتهى. يشير أحمد إلى ما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، عن عبد الرحمن بن أبْزى، عن أبيه، وله صحبة، أنه كان يغتسل يوم الجمعة، ثم يحدث، فيتوضأ، ولا يعيد الغسل.
ويخرج وقت الغسل بالفراغ من الصلاة، فمن اغتسل بعد الصلاة، لا يكون غسلاً للجمعة، ولا يعتبر فاعله آتياً بما أمر به؛ لحديث ابن عمر - رضي اللّه عنهما - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إذا جاء أحدكم إلى الجمعة، فليغتسل " (5). رواه الجماعةُ، ولمسلم: " إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة، فليغتسل " (6). وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على ذلك.
- (2) غُسْلُ العيدَيْنِ: استحب العلماء الغسل للعيدين، ولم يأت في ذلك حديث صحيح، قال في " البدر المنير ": أحاديث غسل العيدين ضعيفة، وفيها آثار عن الصحابة جيدة (7).
___________________
- (1) البخاري: كتاب الشهادات - باب بلوغ الصبيان وشهادتهم (3 / 232)، ومسلم: كتاب الجمعة - باب الطيب والسواك يوم الجمعة (2 / 581).
- (2) البخاري: كتاب الجمعة - باب فضل الغسل يوم الجمعة (2 / 2، 3)، ومسلم: كتاب الجمعة - المقدمة، رقم (3)، (2 / 580).
- (3) مسلم: كتاب الجمعة - باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، رقم (27)، (2 / 588).
- (4) البخاري: كتاب الجمعة - باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل (2 / 7)، ومسلم: كتاب الجمعة- باب الطيب والسواك يوم الجمعة (2 / 582)، رقم (9).
- (5) البخاري: كتاب الجمعة _ باب فضل الغسل يوم الجمعة (2 / 2)، ومسلم: كتاب الجمعة، المقدمة (2 / 580)، الحديث رقم (4)، والنسائي: كتاب الجمعة _ باب الأمر بالغسل يوم الجمعة (3 /93)، والترمذي: أبواب الجمعة _ باب ما جاء في الاغتسال يوم الجمعة (1 / 2 تحفة)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة _ باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة (1088)، ومسند أحمد (2 / 3)، والدارمي: كتاب الصلاة _ باب الغسل يوم الجمعة (1 / 361)، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 293، 295)، وصحيح ابن خزيمة (3 / 125، 126) الحديث رقم (1748).
- (6) مسلم: كتاب الجمعة، المقدمة (2 / 579) الحديث رقم (1)، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب الطهارة - باب الغسل على من أراد الجمعة دون من لم يردها (1 / 297)..
-(7) قال العلامة الألباني: وأحسن ما يستدل به على استحباب الاغتسال للعيدين، ما روى البيهقي، من طريق الشافعي، عن زاذن، قال: سأل رجل عليّاً _ رضي الله عنه _ عن الغسل ؟ قال: اغتسل كل يوم، إن شئت. فقال: لا، الغسل الذي هو الغسل. قال: يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر. وسنده صحيح. إرواء الغليل (1 / 176)..
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى بقية الكلام عن نفس المسألة........
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(38)
ونستكمل اليوم بإذن الله تعالى الكلام عن :
"الأَغْسَــــ ل المسْتَحَبَّـــ ـة"
* (3) غُسلُ مَنْ غسَّل ميتاً: يستحب لمن غسل ميتاً، أن يغتسل عند كثير من أهل العلم؛ لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " من غسل ميتاً، فليغتسل، ومن حمله، فليتوضأ " (1). رواه أحمد، وأصحاب السُّنن، وغيرهم.
وقد طعن الأئمة في هذا الحديث؛ قال عليُّ بن المَديني، وأحمد، وابن المنذر، والرافعي، وغيرهم: لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيئاً.
لكن الحافظ ابن حجر قال في حديثنا هذا: قد حسنه الترمذيُّ، وصححه ابن حبان، وهو بكثرة طرقه أقل أحواله أن يكون حسناً، فإنكار النووي على الترمذي تحسينه معترض. وقال الذهبي: طرق هذا الحديث أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء، والأمر في الحديث محمول على الندب؛ لما روي عن عمر - رضي اللّه عنه - قال:كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل (2) ومنا من لا يغتسل. رواه الخطيب بإسناد صحيح.
ولما غَسلت أسماء بنت عُميسٍ زوجها أبا بكر الصديق - رضي اللّه عنه - حين تُوفي، خرجت، فسألت من حضرها من المهاجرين، فقالت: إن هذا يوم شديد البرد، وأنا صائمة، فهل عليَّ من غسل ؟ فقالوا: لا (3). رواه مالك.
* (4) غُسْلُ الإحْرَامِ: يندب الغسل، لمن أراد أن يحرم بحج أو عمرة، عند الجمهور؛ لحديث زيد بن ثابت، أنه رأى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg تجرَّد لإهلاله، واغتسل (4). رواه الدارقطنيُّ، والبيهقي، والترمذيُّ، وحسّنه، وضعفه العُقيلي.
* (5) غُسْلُ دُخولِ مكَّةَ: يستحب، لمن أراد دخول مكة، أن يغتسل؛ لما روي عن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - أنه كان لا يقدم مكة، إلا بات بذي طوى، حتى يصبح، ثم يدخل مكة نهاراً (5). ويذكر عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أنه فعله. رواه البخاريُّ، ومسلم. وهذا لفظ مسلم، وقال ابن المنذر: الاغتسال عند دخول مكة مستحب، عند جميع العلماء، وليس في تركه عندهم فدية. وقال أكثرهم: يجزئ عنه الوضوء.
* (6) غُسْلُ الوقُوفِ بعرفَةَ: يندب الغسل، لمن أراد الوقوف بعرفة للحج؛ لما رواه مالك، عن نافع، أن عبد اللّه ابن عمر - رضي اللّه عنهما - كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخول مكة، ولوقوفه عشية عرفة (6).
_____________
- (1) أبو داود: كتاب الجنائز - باب في الغسل من غسل الميت (3 / 512)، والترمذي: كتاب الجنائز - باب ما جاء في الغسل من غسل الميت (3 / 309، 310 )،وابن ماجه، الشطر الأول فقط: كتاب الجنائز _ باب ما جاء في غسل الميت (1463)، ومسند أحمد (2 / 454)، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 303) كتاب الطهارة، باب الغسل من غسل الميت، ومسند الطيالسي (ص 305)، برقم (2314)، وصححه الألباني، في: إرواء الغليل؛ لتعدد طرقه، وقال: ولكن الأمر منه للاستحباب، لا للوجوب؛ لأنه قد صح عن الصحابة، أنهم كانوا إذا غسلوا الميت؛ فمنهم من يغتسل، ومنهم من لا يغتسل. إرواء الغليل (1 / 173 - 175).
- (2) رواه الخطيب، في "تاريخه"، (5 / 424)، والدارقطني، في "سننه"، (191)، وصححه الألباني، في: تمام المنة (121)، وأحكام الجنائز (54).
- (3) الموطأ (1 / 222، 223)، والأثر ضعيف لا يثبت، انظر: تمام المنة (121).
- (4) الترمذي: كتـاب الحـج - بـاب مـا جـاء في الاغتسال عند الإحرام (3 / 183)، برقم (830)، والدارقطني (2 / 220، 221)، والبيهقي (5 / 32)، والحديث حسن، حسنه الشيخ الألباني في: إرواء الغليل (1 / 178)..
- (5) البخاري: كتاب الحج - باب الاغتسال عند دخول مكة، وباب دخول مكة نهاراً أو ليلاً (2 / 177)، ومسلم: كتاب الحج - باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا، والخروج منها من الثنية السفلى... (2 / 919).
- (6) رواه مالك، في: كتاب الحج، باب الغسل للإهلال. موطـأ مالك (1 / 264)، وهو صحيح، موقوفاً على ابن عمر.
وبإذن الله تعالى بالمرة القادمة يكون اللقاء مع:
"أرْكَــــان الغُسْــــلِ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(39)
لا تتم حقيقة الغسل المشروع إلا بأمرين:
- (1) النية؛ إذ هي المميزة للعبادة عن العادة، وليست النية إلا عملاً قلبياً محضاً، وأما ما درج عليه كثير من الناس، واعتادوه من التلفظ بها، فهو محدث غير مشروع، ينبغي هجره، والإعراض عنه، وقد تقدم الكلام على حقيقة النية في "الوضوء".
- (2) غسل جَميعِ الأعْضَاءِ؛ لقول الله تعالى:"وَإِن كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا" [المائدة: 6] أي:اغتسلوا.وقوله : "وَيَسْأَلُونَك عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ " [ البقرة: 222]. أي؛ يغتسلن.
والدليل على أن المراد بالتطهير الغسل، ما جاء صريحاً في قول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا " [سورة النساء: 43] وحقيقة الاغتسال، غسل جميع الأعضاء.
"سنن الغسل"
يسن للمغتسل مراعاةُ فعل الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في غسله، فيبدأ :
- (1) بغسـل يديه ثلاثاً
- (2) ثم يغسل فرجه
- (3) ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً،كالوضوء للصلاة، وله تأخير غسل رجليه إلى أن يتم غسله، إذا كان يغتسل في طست، ونحوه
- (4) ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً مع تخليل الشعر؛ ليصل الماء إلى أصوله
- (5) ثم يفيض الماء على سائر البدن، بادئاً بالشق الأيمن، ثم الأيسر، مع تعاهد الإبطين، وداخل الأذنين، والسُّرة، وأصابع الرجلين، ودلك ما يمكن دلكه من البدن.
وأصل ذلك كله ما جاء عن عائشة - رضي اللّه عنها - أن النبيَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان إذا اغتسل من الجنابة، يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذُ الماء، فيدخل أصابعه في أصول الشّعرِ، حتى إذا رأى أنْ قد استبرأ (1)، حفن على رأسه ثلاث حَفنات، ثم أفاض على سائر جسده (2). رواه البخاري، ومسلم. وفي رواية لهما: ثم يخلل بيديه شعره، حتى إذا ظن أنه قد أرْوَى بَشرَتَه، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده (3).
ولهما عنها أيضاً، قالت: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا اغتسل من الجنابة، دعا بشيء نحو الحِلاب ِ(4)، فأخذ بكفه، فبدأ بشقِِّ رأسه الأيمن، ثم الأيسر، ثم أخذ بكفيه، فقال بهما على رأسه (5).
وعن ميمونة رضي اللّه عنها قالت: وضعت للنبيِّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ماء يغتسل به، فأفرغ على يديه، فغسلهما مرتين، أو ثلاثاً، ثم أفرغ بيمينه على شماله، فغسل مذاكيره، ثم دَلَك يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ويديه، ثم غسل رأسه ثلاثاً، ثم أفرغ على جسده، ثم تَنحّى من مقامه، فغسل قدميه. قالت: فأتيته بخرقة فلم يُرِدها (6)،وجعل ينفض الماء بيده (7).رواه الجماعة.
_____________
- (1) "أن قد استبرأ" أي؛ أوصل الماء إلى البشرة.
- (2) البخاري: كتاب الغسل - باب الوضوء قبل الغسل (1 / 72)، ومسلم: كتاب الحيض - باب صفة غسل الجنابة (1 / 253)، الحديث رقم (35 ) واللفظ لمسلم.
- (3) البخاري: كتاب الغسل - باب تخليل الشعر،... (1 / 76)، ومسلم: كتاب الحيض - باب صفة غسل الجنابة (1 / 253)، رقم (35).
- (4) "الحلاب" الماء.
- (5) البخاري: كتـاب الغسل - باب من بدأ بالحلاب، أو الطيب عند الغسل (1 / 73، 74)، ومسلم: كتـاب الحيض - باب صفة غسل الجنابة (1 / 255)، الحديث رقم (39)، وأبو داود: كتاب الطهارة - باب في الغسل من الجنابة (1 / 166، 167 )، رقم (240).
- (6) لم يردها: بضم الياء، وكسر الراء، من الإرادة، لا من الرد، كما جاء في رواية البخاري: ثم أتيته بالمنديل، فرده.
- (7) الجزء الأول من الحديث رواه البخاري: كتاب الغسل - باب الغسل مرة واحدة (1 / 73)، أما بقية الحديث، ففي مسلم (1 / 255)، برقم (37) كتـاب الحيـض، بـاب صفة غسل الجنابـة، وأبو داود (1 / 168) كتـاب الطهارة، باب في الغسل، برقم (245)، والنسائي: كتاب الغسل والتيمم - باب الاستغفار عند الاغتسال (1 / 200)، والترمذي، برقم (103)، وابن ماجه - باب ما جاء في الغسل من الجنابة (1 / 190)، والدارقطني (1 / 114)، وكلها روايات متقاربة، إلا أنها ليست بلفظ حديث البخاري..
والكلام بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى عن:
"غُسْـلُ المرأة"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(40)
"غُسْـلُ المرأة"
غسل المرأة كغسل الرجل، إلا أن المرأة لا يجب عليها، أن تنقض ضفيرتها، إن وصل الماء إلى أصل الشعر؛ لحديث أم سلمة - رضي اللّه عنها - أن امرأة قالت: يارسول اللّه، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه للجنابة ؟ قال: " إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء، ثم تُفِيضي على سائر جسدك، فإذا أنت قد طُهرتِ " (1). رواه أحمد، ومسلم، والترمذيُّ، وقال: حسن صحيح.
وعن عُبيد بن عمير - رضي اللّه عنه - قال: بلغ عائشة - رضي اللّه عنها - أن عبد اللّه بن عمر يأمـر النساء إذا اغتسلـن، أن ينقضن رءوسهن، فقالت: يا عجباً لابن عمر، يأمر النساء إذا اغتسلن بنقض رءوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رءوسهن؛ لقد كنت أغتسل أنا ورسولُ اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg من إناء واحد، وما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات (2). رواه أحمد، ومسلم.
ويستحب للمرأة إذا اغتسلت من حيض أو نفاس، أن تأخذ قطعة من قطن ونحوه، وتضيف إليها مسكاً أو طيباً، ثم تتبع بها أثر الدم؛ لتطيب المحل، وتدفع عنه رائحة الدم الكريهة؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - أن أسماء سألت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عن غسل المحيض ؟ قال: " تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فتطهر، فتحسن الطُّهورَ (3)، ثم تصب على رأسها،، فتدلكه دلكاً شديداً، حتى تبلغ شئون رأسها، ثم تصبُّ عليها الماء، ثم تأخذ فِرْصَةً مُمسَّكة، فتطهر بها ". فقالت أسماء: وكيف تطهر بها ؟ قال: " سبحان اللّه! تطهَّرين بها ". فقالت عائشة:كأنها تُخفي ذلك، تتبعي أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة ؟ فقال: " تأخذ ماءً، فتطهر، فتحسن الطُّهورَ، أو تُبْلِغ الطُّهورَ، ثم تصب على رأسها، فتدلكه، حتى تبلغ شئون رأسها، ثم تفيض عليها الماء " (4). فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. رواه الجماعة، إلا الترمذي.
وننهي الكلام عن الغسل بــــ:
"مَسَائــلُ تتعلــقُ بالغســل"
1- يجزئ غسل واحد من حيض وجنابة، أو عن جمعة وعيد، أو عن جنابة وجمعة، إذا نوى الكل؛ لقول رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " وإنما لكل امرئ ما نوى " (5).
2ـ إذا اغتسل من الجنابة، ولم يكن قد توضأ، يقوم الغسل عن الوضوء؛ قالت عائشة: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg لا يتوضأ بعد الغسل (6). وعن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - أنه قال لرجل، قال له: إني أتوضأ بعد الغسل. فقال له: لقد تعمقت (7). وقال أبو بكر بن العربي: لم يختلف العلماء أن الوضوء داخل تحت الغسل، وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث، وتقضي عليها؛ لأن موانع الجنابة أكثر من موانع الحدث، فدخل الأقل في نية الأكثر، وأجزأت نية الأكبر عنه (8).
3ـ يجوز للجنب، والحائض إزالة الشعر، وقص الظفر، والخروج إلى السوق، وغيره من غير كراهية؛ قال عطاء: يحتجم الجنب، ويقلم أظافره، ويحلق رأسه، وإن لم يتوضأ. رواه البخاري (9).
4ـ لا بأس بدخول الحمام، إن سلـم الداخـل من النظر إلى العورات،وسلم من نظر الناس إلى عورته؛ قال أحمد: إن علمت أن كل مـن في الحمام عليه إزار فادخله، وإلا فلا تدخل. وفي الحديث عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة "(10). وذكر اللّه في الحمام لا حرج فيه، فإنَّ ذكر اللّه في كل حال حسن، مالم يرد ما يمنع، وكان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يذكر اللّه على كل أحيانه.
5ـ لا بأس بتنشيف الأعضاء بمنديل ونحوه، في الغسل والوضوء، صيفاً وشتاء.
6ـ يجوز للرجل أن يغتسل ببقية الماء، الذي اغتسلت منه المرأة والعكس، كما يجوز لهما أن يغتسلا معاً، من إناء واحد؛ فعن ابن عباس، قال: اغتسل بعض أزواج النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في جفْنة، فجاء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg؛ ليتوضأ منها، أو يغتسل، فقالت له: يا رسول اللّه، إني كنت جنباً. فقال: " إن الماء لا يجنب " (11). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: حسن صحيح.
وكانت عائشة تغتسل مع رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg من إناء واحد، فيبادرها وتبادره، حتى يقول لها: " دعي لي ". وتقول له: دع لي (12).
7ـ لا يجوز الاغتسال عرياناً بين الناس؛ لأن كشف العورة محرم، فإن استتر بثوب ونحوه، فلا بأس؛ فقد كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg تستره فاطمة بثوب، ويغتسل، أما لو اغتسل عرياناً، بعيداً عن أعين الناس، فلا مانع منه؛ فقد اغتسل موسى - عليه السلام - عرياناً(13)، كما رواه البخاري، وعن أبي هريرة، عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " بينا أيوب - عليه السلام - يغتسل عُرياناً، فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يَحْثي في ثوبه، فناداه ربه - تبارك وتعالى -: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى لي عن بركتك " (14). رواه أحمد، والبخاري، والنسائي.
_______________
- (1) مسلم: كتاب الحيض - باب حكم ضفائر المغتسلة (1 / 259)، الحديث رقم (58)، وسنن أبي داود: كتاب الطهارة - باب في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسـل (1/173)، الحديث رقم (251) واللفظ هنا له وللترمذي _ أبواب الطهارة - باب هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل (1/175) والحديث رقم (105).
- (2) مسلم: كتـاب الحيـض - باب حكم ضفائـر المغتسلة (1 / 260)، الحديث رقم (59 )، والفتـح الربانـي (2 / 6، 135)، وابن خزيمة (247).
- (3) "تطهر فتحسن الطهور" أي، تتوضأ فتحسن الوضوء، "شئون رأسها": أي، أصول شعر الرأس. "فرصة ممسكة". بكسر فسكون: أي، قطعة قطن أو صوفة بالمسك، "تخفي ذلك": تسر به إليها.
- (4) روى القسم الأول منه، دون السؤال عن غسل الجنابة البخاري (1 / 44) كتاب العلم، تعليقاً، ومسلم: كتاب الحيض _ باب استعمال المغتسلة من فرصة من مسك في موضع الدم (1 / 261)، رقم (61)، وأبو داود: كتاب الطهارة _ باب الاغتسال (1 / 222، 223)، رقم (316)، ورواه النسائي مثل البخاري: كتاب الطهارة - باب ذكر العمل في الغسل من الحيض (1 / 135)، رقم (251)، وابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب في الحائض كيف تغتسل (1 / 210، 211 )، رقم (642 )، ومسند أحمد (6 / 147، 148)..
- (5) تقدم تخريجه، في "فرائض الوضوء"، وانظر: تمام المنة (126).
- (6) أبو داود: بلفظ قريب: كتاب الطهارة _ باب في الوضوء بعد الغسل (250)، والنسائي: كتاب الطهارة _ باب ترك الوضوء من بعد الغسل (1 / 137)، والترمذي: أبـواب الطهارة _ بـاب ما جاء في الوضوء بعد الغسل (1 / 304 تحفة)، وابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب في الوضوء بعد الغسل (597)، والحديث صحيح، انظر: صحيح أبي داود (244)، وتمام المنة (129).
- (7) رواه ابن أبي شيبة، في "المصنف".
- (8) انظر: تمام المنة (130).
- (9) البخاري معلقاً (1 / 466 مع الفتح)، وقال ابن حجر: وصله عبد الرزاق، عن ابن جريج، عنه.
- (10) مسلم: كتاب الحيض، باب تحريم النظر إلى العورات (1 / 266) الحديث رقم (74)، وأبو داود: كتاب الحمام _ باب ما جاء في التعري (4 / 305)، والترمذي: كتاب الأدب _ باب في كراهية مباشرة الرجل الرجل، والمرأة المرأة (5 / 109)، وابن ماجه، مختصراً: كتاب الطهارة _ باب النهي أن يرى عورة أخيه (1 / 21)، والقول: لا بأس بدخول الحمام. يفهم منه جواز دخول النساء هذه الحمامات، وهذا فيه نظر؛ فإنه قد ثبت النهي في حقهن، ففي الحديث:"...، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر،فلا يدخل حليلته الحمام". ورواه الترمذي، وغيره، ومسند أحمد (3 / 63)،وصححه الألباني،في:صحي الجامع (6507).
- (11) أبو داود: كتاب الطهارة - باب الماء لا يجنب (1 / 55، 56)، الحديث رقم (68)، والنسائي (1 / 74)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب (48)، الحديث رقم (65)، (1 / 94)، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب الرخصة بفضل وضوء المرأة (1 / 132)، الحديث رقم (37)، ومسند أحمد (1 / 235، 284، 308) بلفظ: "إن الماء لا ينجسه شيء"، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 64).
- (12) المراد، أن الرسول _ عليه الصلاة والسلام _ كان يقول لعائشة: أبقي لي ماء. وهي تقول كذلك.
والحديث أخرجه مسلم: كتـاب الحيض - بـاب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة وغسل الرجل، (1 / 257)، الحديث رقم (46)، وأحمد (6 / 91، 103).
- (13) رواه البخاري: كتاب الغسل، باب من اغتسل عرياناً (1 / 75).
- (14) البخاري: كتاب الغسل _ باب من اغتسل عرياناً وحده في الخَلْوة،... (279)، والنسائي: كتاب الغسل _ باب الاستتار عند الاغتسال (صحيح النسائي 396).
والمرة القادمة إن شاء الله تعالى موعدنا مع:
"التَّيَمُّــــ ُ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(41)
"الـتيمم"
"تَعْريفُه"
المعنى اللغوي للتيمم: القصد.
والشرعي: القصد إلى الصعيد؛ لمسح الوجه واليدين، بنية استباحة الصلاة ونحوها.
دليلُ مشروعيَّتِه
ثبتت مشروعيته بالكتاب، والسُّنة، والإجماع؛ أما الكتاب، فلقول الله تعالى: " وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً " [ النساء: 43].
وأما السنة، فلحديث أبي أمامة - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " جعلت الأرض كلها لي، ولأمتي مسجداً وطهوراً، فأيما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة، فعنده طَهوره " (1). رواه أحمد.
وأما الإجماع؛ فلأن المسلمين أجمعوا على أن التيمم مشروع، بدلاً من الوضوء والغسل في أحوال خاصة.
"اختِصاصُ هذه الأمَّةِ بِه"
وهو من الخصائص، التي خص اللّه بها هذه الأمة؛ فعن جابر - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " أُعطيت خمساً، لم يعطهن أحد قبلي؛ نُصرت بالرُّعب مسيرةَ شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة، فليصلِّ، وأُحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث في قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامَّة " (2). رواه الشيخان.
"سبـبُ مشروعِيَّتـه"
روت عائشة - رضي اللّه عنها - قالت: خرجنا مع النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيدَاء، انقطع عقد لي، فأقام النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر - رضي اللّه عنه - فقالوا: ألا ترى إلى ما صنعت عائشة ؟ فجاء أبو بكر، والنبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg على فخذي قد نام، فعاتبني، وقال ما شاء اللّه أن يقول، وجعل يطعن بيده خاصرتي، فما يمنعني من التحرك، إلا مكان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg على فخذي، فنام، حتى أصبح على غير ماء، فأنزل اللّه تعالى آية التيمم: " فَتَيَمَّمُوا " [المائدة: 6]. قال أسيد بن الحُضَير: ما هي أول (3) بركتكم يا آل أبي بكر. فقالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته (4). رواه الجماعة، إلا الترمذي.
_______________
- (1) الفتح الرباني (2 / 187، 188) برقم (7)، والحديث صحيح، صححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 180)، وصحيح الجامع (4220).
- (2) البخاري: كتـاب التيمم، باب (1)، (1 / 91 )، ومسلم: كتـاب المساجـد، المقدمـة (1 / 370) الحديث رقم (3).
- (3) ما: بمعنى ليس، أي؛ ليست هذه أول بركة لكم؛ فإن بركاتكم كثيرة.
- (4) البخاري: كتاب التيمم _ باب حدثنا عبد الله بن يوسف... (334)، ومسلم: كتاب الحيض، باب التيمم، (1 / 279)، الحديث رقم (108)، وأبو داود: كتاب الطهارة _ باب التيمم (317)، والنسائي: كتاب الطهارة _ باب بدء التيمم (1 / 163)، وابن ماجه: كتاب الطهارة _ باب ما جاء في السبب (1 / 187، 188).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نتكلم عن:
"الأسبابُ المبيحةُ له"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(42)
"الأسبابُ المبيحةُ للتيمم"
يباح التيمم للمحدث؛ حدثا أصغر أو أكبر، في الحضر والسفر، إذا وجد سبب من الأسباب الآتية:
- أ ـ إذا لم يجد الماء، أو وجد منه ما لا يكفيه للطهارة؛ لحديث عمران بن حُصين - رضي اللّه عنه - قال: كنا مع رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في سفر، فصلى بالناس؛ فإذا هو برجل معتزل، فقال: "ما منعك أن تصلي ؟". قال: أصابتني جنابة، ولا ماء. قال: "عليك بالصعيد؛ فإنه يكفيك"(1). رواه الشيخان، وعن أبي ذر - رضي اللّه عنه - عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إن الصعيد طهورٌ، لمن لم يجد الماء عشر سنين " (2). رواه أصحاب السنن، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
لكن يجب عليه، قبل أن يتيمم، أن يطلب الماء من رحله، أو من رفقته، أو ما قرب منه عادة، فإذا تيقن عدمه، أو أنه بعيد عنه، لا يجب عليه الطلب.
- ب _ إذا كان به جراحة أو مرض، وخاف من استعمال الماء زيادة المرض، أو تأخر الشفاء؛ سواء عرف ذلك بالتجربة، أو بإخبار الثقة من الأطباء؛ لحديث جابر - رضي اللّه عنه - قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلاً منا حجر، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء. فاغتسل، فمات، فلما قدمنا على رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أخبر بذلك، فقال: " قتلوه، قتلهم اللّه، ألا سألوا إذا لم يعلموا ! فإنما شفاء العِِيِّ السؤال (3)، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصر، أو يعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليه، ويغسل سائر جسده " (4). رواه أبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، وصححه ابن السّكن.
- ج _ إذا كان الماء شديد البرودة، وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله، بشرط أن يعجز عن تسخينه، ولو بالأجر، أو لا يتيسر له دخول الحمام؛ لحديث عمرو بن العاص _ رضي اللّه عنه _ أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل، قال: احتلمت في ليلة شديدة البرودة، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ذكروا ذلك له، فقال: " يا عمرو، صليت بأصحابك، وأنت جنب؟ ". فقلت: ذكرت قول اللّه، عزّ وجل: " وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً " [النساء: 39]. فتيممت، ثم صليت فضحك رسول اللّه، ولم يقل شيئاً (5). رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، والدَّارقطني، وابن حبان، وعلقه البخاري.
وفي هذا إقرار، والإقرار حجة؛ لأنه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg لا يقر على باطل.
- د _ إذا كان الماء قريباً منه، إلا أنه يخاف على نفسه، أو عرضه، أو مَاله، أو فوت الرفقة، أو حال بينه وبين الماء عدوّ، يخشى منه؛ سواء كان العدو آدميَّا أو غيره، أو كان مسجوناً، أو عجز عن استخرا جه؛ لفقد آلة الماء، كحبل ودلو؛ لأن وجود الماء في هذه الأحوال كعدمه، وكذلك من خاف إن اغتسل، أن يرمى بما هو بريء منه، ويتضرر به، جاز التيمم(6).
- هـ _ إذا احتاج إلى الماء حالاً أو مآلاً؛ لشربه أو شرب غيره، ولو كان كلباً غير عقور، أو احتاج له؛ لعجن أو طبخ، وإزالة نجاسة غير معفو عنها، فإنه يتيمم، ويحفظ ما معه من الماء. قال الإمام أحمد - رضي اللّه عنه: عدة من الصحابة تيمموا، وحبسوا الماء؛ لشفاههم. وعن علي - رضي اللّه عنه - أنه قال، في الرجل يكون في السفر، فتصيبه الجنابة، ومعه قليل من الماء، يخاف أن يعطش: يتيمم، ولا يغتسل. رواه الدارقطني (7).
قال ابن تيمية: ومن كان حاقناً، عادماً للماء، فالأفضل أن يصلي بالتيمم، غير حاقن من أن يحفظ وضوءه، ويصلي حاقناً.
- وـ إذا كان قادراً على استعمال الماء، لكنه خشي خروج الوقت، باستعماله في الوضوء أو الغسل، فأنه يتيمم، ويصلي، ولا إعادة عليه (8).
_____________
- (1) البخاري: كتاب التيمم - باب الصعيد الطيب وضوء المسلم... (1 / 94، 97)، ومسلم (2 / 140، 141)، والنسائي: كتاب الطهارة باب التيمم بالصعيد (1 / 171)، ومسند أحمد (4 / 434، 435)، ومسند أبي عوانة (1 / 308).
- (2) أبو داود: كتاب الطهارة باب الجنب يتيمم (332، 333)، والنسائي: كتاب الطهارة باب الصلوات بتيمم واحد (1 / 171)، والترمذي: أبواب الطهارة باب ما جاء في التيمم للجنب... (1 / 211، 212)، وأحمد، في "المسند" (5 / 180)، والدارقطني (1 / 187)، وصححه الألباني، في: صحيح النسائي (311)، وإرواء الغليل (153)، وصحيح الجامع (3860).
- (3) "العي" الجهل.
- (4) أبو داود: كتاب الطهارة - باب في المجروح يتيمم (1 / 239)، الحديث رقم (239)، وابن ماجه، عن ابن عباس: كتاب الطهارة باب في المجروح تصيبه جنابة.... (572)، والدارقطني: كتاب الطهارة، باب جواز التيمم لصاحب الجراح، مع استعمال الماء، وتعصيب الجراح (1 / 190)، ومسند أحمد (1 / 330) الجزء الأول من الحديث، والحديث حسن، ولكن بدون قوله:"ويعصر....". فهي زيادة ضعيفة، منكرة؛ لتفرد هذا الطريق الضعيف بها. انظر: صحيح ابن ماجه (464)، وتمام المنة (131).
- (5) أبو داود: كتاب الطهارة، باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم (1 / 238)، الحديث رقم (334)، ومسند أحمد (4 / 203، 204)، والسنن الكبرى، للبيهقي (1 / 225)، وسنن الدارقطني (1 / 177)، وذكره البخاري تعليقاً بصيغة التمريض (1 / 95 )، وصححه العلامة الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 181).
- (6) كالصديق يبيت عند صديقه المتزوج، فيصبح جنباً.
- (7) انظر: السنن (1 / 202).
- (8) انظر: تمام المنة (132).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى الكلام عن:
"الصَّعيدُ الذي يُتيمَّمُ به"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(43)
"الصَّعيدُ الذي يُتيمَّمُ به"
يجوز التيمم بالتراب الطاهر، وكل ما كان من جنس الأرض؛ كالرمل، والحجر،والجص؛ لقول اللّه تعالى: " فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً " [المائدة: 6]. وقد أجمع أهل اللغة على أن الصعيد وجه الأرض؛ تراباً كان، أو غيره.
"كيفيةُ التيمُّمِ"
على المتيمم أن يقدم النية (1)، وتقدم الكلام عليها في "الوضوء"، ثم يسمي اللّه تعالى، ويضرب بيديه الصعيد الطاهر، ويمسح بهما وجهه ويديه إلى الرسغين، ولم يرد في ذلك أصح، ولا أصرح من حديث عمار - رضي اللّه عنه - قال: أجنبت، فلم أصب الماء، فتمعّكتُ (2) في الصعيد، وصليت، فذكرت ذلك للنبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فقال: " إنما كان يكفيك هكذا ". وضرب النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه (3). رواه الشيخان. وفي لفظ آخر: " إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب، ثم تنفخ فيهما، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرسغين " (4). رواه الدارقطني.
ففي هذا الحديث الاكتفاء بضربة واحدة، والاقتصار في مسح اليدين على الكفين، وأن من السنة، لمن تيمم بالتراب، أن ينفض يديه، وينفخهما منه، ولا يعفّر به وجهه.
"ما يباحُ به التيمُّمُ"
التيمم بدل من الوضوء والغسل عند عدم الماء، فيباح به ما يباح بهما؛ من الصلاة، ومسِّ المصحف، وغيرهما، ولا يشترط لصحته دخول الوقت، وللمتيمم، أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض، والنوافل، فحكمه كحكم الوضوء، سواء بسواء؛ فعن أبي ذر - رضي اللّه عنه - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إن الصعيد طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء، فليُمِسَّه بشرَتَه؛ فإن ذلك خير " (5). رواه أحمد، والترمذي وصححه
"نواقِضُه"
ينقض التيمم كل ما ينقض الوضوء؛ لأنه بدل منه، كما ينقضه وجود الماء، لمن فقده، أو القدرة على استعماله، لمن عجز عنه، لكن إذا صلى بالتيمم، ثم وجد الماء، أو قدر على استعماله بعد الفراغ من الصلاة، لا تجب عليه الإعادة، وإن كان الوقت باقياً؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي اللّه عنه - قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء، فتيمما صعيداً طيباً، فصليا، ثم وجد الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فذكرا له ذلك، فقال للذي لم يعد: " أصبتَ السنة، وأجزأتك صلاتك " (6). وقال للذي توضأ، وأعاد: "لك الأجر مرتين ". رواه أبو داود، والنسائي.
أما إذا وجد الماء، وقدر على استعماله بعد الدخول في الصلاة، وقبل الفراغ منها، فإن وضوءه ينتقض، ويجب عليه التطهر بالماء؛ لحديث أبي ذر المتقدم. وإذا تيمم الجنب أو الحائض؛ لسبب من الأسباب المبيحة للتيمم، وصلى، لا تجب عليه إعادة الصلاة، ويجب عليه الغسل، متى قدر على استعمال الماء؛ لحديث عمر - رضي اللّه عنه - قال: صلى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بالناس، فلما انْفَتل من صلاته، إذا هو برجل معتزل، لم يصل مع القوم، قال: "ما منعك يا فلان، أن تصلي مع القوم ؟". قال: أصابتني جنابة، ولم أجد ماء. قال: "عليك بالصعيد؛ فإنه يكفيك". ثم ذكر عمران، أنهم بعد أن وجدوا الماء، أعطى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، وقال: " اذهب، فأفرغه عليك " (7). رواه البخاري.
___________
- (1) وهي فرض في التيمم أيضاً.
- (2) "تمعكت" تمرغت، وزناً ومعنى.
- (3) البخاري: كتاب التيمم، باب التيمم ضربة (1 / 96)، ومسلم: كتاب الحيض، باب التيمم (1 / 80، 81) مع اختلاف في الألفاظ.
- (4) الدارقطني: كتاب الطهارة، باب التيمم (1 / 183).
- (5) تقدم تخريجه، في (ص 103).
- (6) أبو داود: كتاب الطهارة - باب في التيمم يجد الماء بعد ما يصلي في الوقت (1 / 241)، الحديث رقم (338)، والنسائي: كتاب الغسل والتيمم باب التيمم لمن لم يجد الماء بعد الصلاة (1 / 231)، والدارقطني (1 / 189)، والدارمي: كتاب الطهارة، باب التيمم (1 / 155)، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 231)، وفتح الباري (9 / 127)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح النسائي (420)، وصحيح أبي داود (365)، والمشكاة (533).
- (7) تقدم تخريجه، في (ص 103).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نتكلم عن:
"المسْحِ على الجبيرةِ،ونحوها "
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(44)
"المسْحِ على الجبيرةِ،ونحوها "
مشروعيَّة المسْحِ على الجبيرةِ، والعصابَةِ: يشرع المسح على الجبيرة، ونحوها، مما يربط به العضو المريض؛ لأحاديث وردت في ذلك، وهي، وإن كانت ضعيفة، إلا أن لها طرقاً يشد بعضها بعضاً، وتجعلها صالحة للاستدلال بها على المشروعية؛ من هذه الأحاديث حديث جابر، أن رجلاً أصابه حجر، فشجّه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا: لا نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء. فاغتسل، فمات، فلما قدمنا على رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، وأخبر بذلك، فقال: " قتلوه، قتلهم اللّه، ألا سألوا إذْ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العِيِّ السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصر، أو يعصب على جرحه، ثم يمسح عليه، ويغسل سائر جسده " (1). رواه أبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، وصححه ابن السّكن.
وصح عن ابن عمر، أنه مسح على العصابة (2).
حُكْمُ المسْحِ: حكم المسح على الجبيرة الوجوب، في الوضوء والغسل، بدلاً من غسل العضو المريض، أو مسحه.
متى يَجبُ المسْحُ ؟ من به جراحة، أو كسر، وأراد الوضوء، أو الغسل، وجب عليه غسل أعضائه، ولو اقتضى ذلك تسخين الماء؛ فإن خاف الضرر من غسل العضو المريض، بأن ترتب على غسله حدوث مرض، أو زيادة ألم، أو تأخر شفاء، انتقل فرضه إلى مسح العضو المريض بالماء، فإن خاف الضرر من المسح، وجب عليه أن يربط على جرحه عصابة، أو يشد على كسره جبيرة، بحيث لا يتجاوز العضو المريض، إلا لضرورة ربطها، ثم يمسح عليها مرة تعمها.
والجبيرة أو العصابة لا يشترط تقدم الطهارة على شدِّها، ولا توقيت فيها بزمن، بل يمسح عليها دائماً في الوضوء والغسل، ما دام العذر قائماً.
مبطلاتُ المسْحِ: يبطل المسح على الجبيرة، بنزعها من مكانها، أو سقوطها عن موضعها عن برء، أو براءة موضعها، وإن لم تسقط.
"صلاة فاقد الطهورين"
من عُدم الماء، والصعيد بكل حال، يصلي على حسب حاله، ولا إعادة عليه؛ لما رواه مسلم، عن عائشة، أنها استعارت من أسماء قلادة، فهلكت، فأرسل رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ناساً من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة، فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg شكَوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن الحُضَير: جزاك اللّه خيراً، فواللّه، ما نزل بك أمر قط، إلا جعل اللّه لك منه مخرجاً، وجعل للمسلمين منه بركة (3). فهؤلاء الصحابة، صلوا حين عدموا ما جعل لهم طهوراً، وشكوا ذلك للنبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فلم ينكره عليهم، ولم يأمرهم بالإعادة، قال النووي: وهو أقوى الأقوال دليلاً.
_________
- (1) تقدم تخريج الحديث، في (ص 103)، وأن الحديث حسن، إلا قوله: "ويعصر، أو يعصب....". فإنها رواية منكرة، ضعيفة.
- (2) رواه البيهقي، في: السنن الكبرى (1 / 228)، وصححه الألباني، في: تمام المنة (134)، وانظر: إرواء الغليل (1 / 142).
- (3) تقدم تخريجه، في (ص 103 ).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نتكلم عن:
"الدماء الطبيعية للنساء"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(45)
"الدماء الطبيعية للنساء"
"الحَـيْـضُ"
- (1) تَعْريفُه: أصل الحيض في اللغة: السيلان، والمراد به هنا: الدم الخارج من قُبل المرأة، حال صحتها، من غير سبب ولادة، ولا افتضاض.
- (2) وقْتُه: يرى كثير من العلماء، أن وقته لا يبدأ قبل بلوغ الأنثى تسع سنين (1)، فإذا رأت الدم قبل بلوغها هذا السن، لا يكون دم حيض، بل دم علة وفساد، وقد يمتد إلى آخر العمر، ولم يأت دليل على، أن له غاية ينتهي إليها، فمتى رأت العجوز المسنّة الدم، فهو حيض.
- (3) لَوْنُه: يشترط في دم الحيض، أن يكون على لون من ألوان الدم الآتية: أ- السواد؛ لحديث فاطمة بنت أبي حبيش، أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " إذا كان دم الحيضة، فإنه أسود يعرف (2)، فإذا كان كذلك، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئ، وصلي؛ فإنما هو عرق " (3). رواه أبو داود، والنسائي، وابن حبان، والدارقطني، وقال: رواته كلهم ثقات. ورواه الحاكم، وقال: على شرط مسلم.
ب - الحمرة؛ لأنها أصل لون الدم.
ج - الصفرة؛ وهي ماء تراه المرأة،كالصديد، يعلوه إصفرار.
د - الكدرة؛ وهي التوسط بين لون البياض والسواد،كالماء الوسخ؛ لحديث عَلقمة ابن أبي علقمة، عن أمه مرجانة مولاة عائشة - رضي اللّه عنها - قالت: كانت النساء يبعثن إلى عائشة بالدِّرجة (4)، فيها الكُرْسف، فيه الصفرة من دم الحيض، يسألنها عن الصلاة ؟ فتقول لهن: لا تعجَلْنَ، حتى ترين القَصة (5) البيضاء. رواه مالك، ومحمد بن الحسن، وعلقه البخاري.
وإنما تكون الصفرة والكدرة حيضاً في أيام الحيض، وفي غيرها لا تعتبر حيضاً؛ لحديث أم عطية - رضي اللّه عنها - قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة، بعد الطهر، شيئاً (6). رواه أبو داود، والبخاري، ولم يذكر: "بعد الطهر".
- (4) مُدَّتُه (7): لا يتقدر أقل الحيض، ولا أكثره، ولم يأت في تقدير مدته، ما تقوم به الحجة.
ثم إن كانت لها عادة متقررة، تعمل عليها؛ لحديث أم سلمة - رضي اللّه عنها - أنها استفتت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، في امرأة تُهراق الدم ؟ فقال: " لتنظر قدْر الليالي والأيام، التي كانت تحيضهن، وقدرهن من الشهر، فتدع الصلاة، ثم لتغتسل، ولتستثفر(8)، ثم تصلي " (9). رواه الخمسة، إلا الترمذي.
وإن لم تكن لها عادة متقررة، ترجع إلى القرائن المستفادة من الدم؛ لحديث فاطمة بنت أبي حُبيش المتقدم، وفيه قول النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " إذا كان دم الحيض، فإنه أسودُ يُعْرَف ". فدلّ الحديث على، أن دم الحيض متميز عن غيره، معروف لدى النساء.
- (5) مدَّةُ الطُّهرِ بين الحيضَتَيْن: اتفق العلماء على، أنه لا حدَّ لأكثر الطهر المتخلل بين الحيضتين، واختلفوا في أقله؛ فقدره بعضهم بخمسة عشر يوماً، وذهب فريق منهم إلى، أنه ثلاثة عشر، والحق، أنه لم يأت في تقدير أقله دليل ينهض للاحتجاج به.
__________
- (1) تسع سنين: أي؛ قمرية، وتقدر السنة القمرية بنحو من 354 يوماً.
- (2) "يعرف" بضم الأول، وفتح الراء: أي؛ تعرفه النساء، أو بكسر الراء: أي؛ له عرف ورائحة.
- (3) أبو داود: كتاب الطهارة، باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة (1 / 195)، برقم (286)، والنسائي: كتاب الطهارة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة (1 / 123)، والمستدرك للحاكم: كتاب الطهارة، باب أحكام الاستحاضة (1 / 174) وقال: صحيح على شرط مسلم، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 325)، ومشكل الآثار للطحاوي (3 / 306)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح النسائي (209)، والإرواء (204)، وصحيح الجامع (765).
- (4) "بالدرجة" بكسر أوله، وفتح الراء والجيم، جمع درج، بضم فسكون: وعاء تضع المرأة فيه طيبها ومتاعها، أو بالضم ثم السكون، تأنيث درج، وهو ما تدخله المرأة من قطن وغيره؛ لتعرف هل بقي من أثرالحيض شيء، أم لا. و"الكرسف" القطن.
- (5) "القصة" القطنة: أي؛ حتى تخرج القطنة بيضاء نقية، لا يخالطها صفرة.
والحديث في موطأ الإمام مالك، الحديث رقم (99) باب طهر الحائض، والبخاري تعليقاً:كتاب الحيض (1/89)، وصححه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 218).
- (6) البخاري: كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة... (1 /89)، وأبو داود: كتاب الطهارة، باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعد الطهر (1 / 215)، الحديث رقم (307)، والنسائي: كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة (1 / 187)، الحديث رقم (368) بلفظ البخاري، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب ما جاء في الحائض ترى بعد الطهر الصفرة والكدرة (1 / 212)، الحديث رقم (647) بلفظ البخاري، وانظر: إرواء الغليل (1 / 219).
- (7) اختلف العلماء في المدة؛ فقال بعضهم:لا حد لأقله. وقال آخرون: أقل مدته يوم وليلة. وقال غيرهم: ثلاثة أيام. وأما أكثره؛ فقيل: عشرة أيام. وقيل: خمسة عشر يوماً.
- (8) "ولتستثفر": أي؛ تشد خرقة على فرجها.
- (9) أبو داود:كتاب الطهارة - باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض، رقم (274)،(1 / 71)، والنسائي: كتاب الحيض باب المرأة يكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر (1 / 182)، وابن ماجه: كتاب الطهارة باب ما جاء في المستحاضة.... (623)، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 332)، ومسند أحمد (6 / 320)، ومشكل الآثار للطحاوي (3 / 303)، والدارقطني (1 / 207)، وصححه الألباني، في: صحيح النسائي (202، 343)، وصحيح الجامع (5076).
ولقاؤنا بالمرة القادمة إن شاء الله مع :
"النـُـفَـاسُ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(46)
"النـُـفَـاسُ"
- (1) تَعْريفُه: هو الدم الخارج من قُبُل المرأة؛ بسبب الولادة، وإن كان المولود سقطاً.
- (2) مُدَّتُه: لا حدَّ لأقل النفاس، فيتحقق بلحظة، فإذا ولدت، وانقطع دمها عقب الولادة، أو ولدت بلا دم، وانقضى نفاسها، لزمها ما يلزم الطاهرات؛ من الصلاة، والصوم، وغيرهما، وأما أكثره، فأربعون يوماً؛ لحديث أم سلمة - رضي اللّه عنها - قالت: كانت النُّفساء تجلس على عهد رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أربعين يوماً (1). رواه الخمسة، إلا النسائي، وقال الترمذي - بعد هذا الحديث -: قد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، والتابعين، ومن بعدهم، على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك؛ فإنها تغتسل، وتصلي، فإن رأت الدم بعد الأربعين، فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين.
______________
- (1) أبو داود: كتاب الطهارة باب ما جاء في وقت النفساء (311، 312)، والترمذي: أبواب الطهارة باب ما جاء في كم تمكث النفساء (139)، وابن ماجه: كتاب الطهارة باب النفساء كم تجلس (648، 649)، والدارقطني (1 / 222)، والحديث حسن، حسنه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 222).
وبالمرة القادمة إن شاء الله نبدأ من:
"ما يُحرمُ على الحَائضِ ، والنُّفساءِ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(47)
"ما يُحرمُ على الحَائضِ ، والنُّفساءِ"
تشترك الحائض والنفساء مع الجنب، في جميع ما تقدم مما يحرم على الجنب، وفي أن كل واحد من هؤلاء الثلاث يقال له: محدث حدثاً أكبر. ويحرم على الحائض والنفساء - زيادة على ما تقدم - أمور:
- (1) الصَّوْمُ: فلا يحل للحائض والنفساء أن تصوم، فإن صامت، لا ينعقد صيامها، ووقع باطلاً، ويجب عليها قضاء ما فاتها، من أيام الحيض والنفاس في شهر رمضان، بخلاف ما فاتها من الصلاة؛ فإنه لا يجب عليها قضاؤه؛ دفعاً للمشقة، فإن الصلاة يكثر تكرارها، بخلاف الصوم؛ لحديث أبي سعيد الخدري، قال: خرج رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في أضحى، أو فطر إلى المصلَّى، فمرَّ على النساء، فقال: " يا معشر النساء، تصدّقن؛ فإني رأيتكنَّ أكثر أهل النار ". فقلن: وبِمَ يا رسول اللّه ؟ قال: " تكثرن اللعن، وتكفرن العشير؛ ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للبِّ الرجل الحازم، من إحداكن ! " قلن: وما نقصان عقلنا وديننا، يا رسول اللّه ؟ قال: " أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ " قلن: بلى. قال: "فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت، لم تصل، ولم تصم". قلن: بلى. قال: "فذلك نقصان دينها " (1). رواه البخاري، ومسلم. وعن معاذة، قالت: سألت عائشة - رضي اللّه عنها - فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك مع رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (2). رواه الجماعة.
- (2) الوطء: وهو حرام بإجماع المسلمين، بنص الكتاب والسنة، فلا يحل وطء الحائض والنفساء، حتى تطهر؛ لحديث أنس، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهنَّ في البيوت، فسأل أصحاب النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ؟ فأنزل الله - عز وجل -: "وَيَسْأَلُونَك عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ *[ البقرة: 222]. فقال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " اصنعوا كل شيء، إلا النكاح ". وفي لفظ: " إلا الجماع ". رواه الجماعة إلا البخاري (3). قال النووي: ولو اعتقد مسلم حل جماع الحائض في فرجها، صار كافراً مرتدّاً، ولو فعله غير معتقد حله، ناسياً، أو جاهلاً الحرمة، أو وجود الحيض، فلا إثم عليه، ولا كفارة، وإن فعله عامداً، عالماً بالحيض، والتحريم مختاراً، فقد ارتكب معصية كبيرة، يجب عليه التوبة منها.
وفي وجوب الكفارة قولان؛ أصحهما، أنه لا كفارة عليه (4). ثم قال: النوع الثاني، أن يباشرها فيما فوق السرة، وتحت الركبة، وهذا حلال بالإجماع، والنوع الثالث، أن يباشرها فيما بين السرة والركبة، غير القبل والدبر، وأكثر العلماء على حرمته. ثم اختار النووي الحل مع الكراهة؛ لأنه أقوى من حيث الدليل، انتهى ملخصاً.
والدليل الذي أشار إليه، ما روي عن أزواج النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أن النبي كان إذا أراد من الحائض شيئاً، ألقى على فرجها ثوباً (5). رواه أبو داود.
قال الحافظ: إسناده قوي. وعن مسروق بن الأجدع، قال: سألت عائشة: ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً ؟ قالت: كل شيء، إلا الفرجَ (6). رواه البخاري في "تاريخه".
______________
- (1) البخاري:كتاب: الحيض - باب ترك الحائض الصوم (1 / 83 )، وفي: كتاب الصوم - باب الحائض تترك الصوم والصلاة (3 / 45) الجزء الأخير من الحديث، ومسلم:كتاب الإيمان - باب بيان نقصان الإيمان بنقصان الطاعة... (1 / 86، 87) بألفاظ مختلفة عن البخاري، واللفظ هنا للبخاري.
- (2) البخاري:كتاب: الحيض - باب لا تقضي الحائض الصلاة (1 / 88)، ومسلم:كتاب الحيض - باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة (1 / 265)، رقم (69)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في الحائض، أنها لا تقضي الصلاة (1 / 235)، رقم (130)، وابن ماجه (631)، وانظر: الإرواء (1 / 220)، وأبو داود:كتاب الطهارة - باب في الحائض لا تقضي الصلاة (1 / 180، 181)، رقم (262، 263)، والنسائي:كتاب الحيض - باب سقوط الصلاة عن الحائض (1 / 191)، رقم (382 ).
- (3) مسلم: كتاب الحيض باب جواز قراءة القرآن في حجر الحائض (3 / 211)، وأبو داود: كتاب الطهارة باب في مؤاكلة الحائض، ومجامعتها (258)، والنسائي: كتاب الطهارة باب تأويل قول الله، عز وجل: "ويسألونك عن المحيض* وكتاب الحيض باب ما ينال من الحائض (277، 357)، والترمذي: كتاب الطهارة باب ما جاء في مؤاكلة الحائض، وسؤرها (133 تحفة)، وابن ماجه: كتاب الطهارة باب ما جاء في مؤاكلة الحائض، وسؤرها (644).
- (4) هذا الكلام فيه نظر؛ لأنه قد ثبت عن رسول الله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أنه قال: "يتصدق بدينار، أو نصف دينار". رواه أبو داود، والنسائي، وغيرهما، وهو صحيح، وانظر: إرواء الغليل (1 / 217).
- (5) أبو داود:كتاب الطهارة - باب في الرجل يصيب منها دون الجماع (1 / 186) الحديث رقم (272)، وهو حسن، وانظر: فتح الباري (1 / 482).
- (6) ورواه الدارمي، في: كتاب الصلاة والطهارة باب مباشرة الحائض (1 / 241).
والمرة القادمة إن شاء الله تعالى:
"الاستحاضة"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(48)
"الاستحاضة"
تَعْريفُها: هي استمرار نزول الدم وجريانه، في غير أوانه.
- (1) أحوالُ المستحاضَةِ: المستحاضة لها ثلاث حالات:
ا - أن تكون مدة الحيض معروفة لها قبل الاستحاضة، وفي هذه الحالة تعتبر هذه المدة المعروفة هي مدة الحيض، والباقي استحاضة؛ لحديث أم سلمة، أنها استفتت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في امرأة تُهْراق الدم ؟ فقال: " لتنظر قدر الليالي والأيام، التي كانت تحيضهن، وقدرهن من الشهر، فتدع الصلاة، ثم لتغتسل، ولتستثفر، ثم تصلي (1) ". رواه مالك، والشافعي، والخمسة، إلا الترمذي. قال النووي: وإسناده على شرطهما.
قال الخطابي: هذا حكم المرأة يكون لها من الشهر أيام معلومة، تحيضها في أيام الصحة، قبل حدوث العلة، ثم تستحاض فتهريق الدم، ويستمر بها السيلان، أمرها النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أن تدع الصلاة من الشهر قدر الأيام التي كانت تحيض، قبل أن يصيبها ما أصابها، فإذا استوفت عدد تلك الأيام، اغتسلت مرة واحدة، وحكمها حكم الطواهر.
ب - أن يستمر بها الدم، ولم يكن لها أيام معروفة؛ إما لأنها نسيت عادتها، أو بلغت مستحاضة، ولا تستطيع تمييز دم الحيض، وفي هذه الحالة يكون حيضها ستة أيام، أو سبعة، على غالب عادة النساء؛ لحديث حَمْنَة بنت جحش، قالت: كنت أستحاض حيضة شديدة كثيرة، فجئت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أستفتيه، وأخبره...
فوجدته في بيت أختي، زينب بنت جحش. قالت: فقلت: يا رسول اللّه، إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها، قد منعتني الصلاة والصيام ؟ فقال: "أنعت لك الكرْسُف (2)؛ فإنه يذهب الدم ". قالت: هو أكثر من ذلك. قال " فتلجمي ". قالت: هو أكثر من ذلك. قال: " فاتخذي ثوباً ". قالت: هو أكثر من ذلك، إنما أثجُّ ثجّا. فقال: " سآمرك بأمرين؛ أيهما فعلت، أجزأ عنك من الآخر، فإن قويت عليها، فأنت أعلم ". فقال لها: " إنما هذه ركْضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام في علم اللّه، ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، واستنقيت، فصلي أربعاً وعشرين ليلة، أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها، وصومي؛ فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي في كل شهر، كما تحيض النساء، وكما يطهرن بميقات حيضهن وطهْرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر، وتعجلي العصر، فتغتسلين، ثم تصلين الظهر والعصر جميعاً، ثم تؤخرين المغرب، وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين، وتجمعين بين الصلاتين، فافعلي، وتغتسلين مع الفجر وتصلين، فكذلك فافعلي، وصلي، وصومي، إن قدرت على ذلك".
وقال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " وهذا أحب الأمرين إلي " (3). رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح. قال: وسألت عنه البخاري ؟ فقال: حديث حسن. وقال أحمد بن حنبل: هو حديث حسن صحيح.
قال الخطابي - تعليقاً على هذا الحديث: إنما هي امرأة مبتدأة، لم يتقدم لها أيام، ولا هي مميِّزة لدمها، وقد استمر بها الدم، حتى غلبها، فرد رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أمرها إلى العرف الظاهر، والأمر الغالب من أحوال النساء، كما حمل أمرها في تحيُّضها كل شهر مرة واحدة، على الغالب من عادتهن، ويدل على هذا قوله: " كما تحيض النساء ويطهرن، بميقات حيضهن وطهرهن ".
قال: وهذا أصل في قياس أمر النساء بعضهن على بعض، في باب الحيض، والحمل، والبلوغ، وما أشبه هذا من أمورهن.
ج- ألا تكون لها عادة، ولكنها تستطيع تمييز دم الحيض عن غيره، وفي هذه الحالة تعمل بالتمييز؛ لحديث فاطمة بنت أبي حُبَيْش، أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " إذا كان دم الحيض، فإنه أسودُ يُعْرَف، فإذا كان كذلك، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر، فتوضَّئي، وصلي، فإنما هو عِرْقٌ " (4). وقد تقدم.
(3) أحكَامُهَا: للمستحاضة أحكام، نلخصها فيما يأتي:
أ- أنه لا يجب عليها الغسل لشيء من الصلاة، ولا في وقت من الأوقات، إلا مرة واحدة، حينما ينقطع حيضها. وبهذا قال الجمهور، من السلف والخلف.
ب - أنه يجب عليها الوضوء لكل صلاة؛ لقوله https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في رواية البخاري: " ثم توضئي لكل صلاة ".
وعند مالك يستحب لها الوضوء لكل صلاة، ولا يجب إلا بحدث آخر.
جـ - أن تغسل فرجها قبل الوضوء، وتحشوه بخرقة أو قطنة؛ دفعاً للنجاسة، وتقليلاً لها، فإن لم يندفع الدم بذلك، شدت مع ذلك على فرجها، وتلجمت، واستثفرت، ولا يجب هذا، وإنما هو الأولى.
د - ألا تتوضأ قبل دخول وقت الصلاة، عند الجمهور؛ إذ طهارتها ضرورية، فليس لها تقديمها قبل وقت الحاجة.
هـ - أنه يجوز لزوجها أن يطأها في حال جريان الدم، عند جماهير العلماء؛ لأنه لم يرد دليل بتحريم جماعها.
قال ابن عباس: المستحاضة يأتيها زوجها إذا صلت، فالصلاة أعظم. رواه البخاري (5). يعني، إذا جاز لها أن تصلي، ودمها جار، وهي أعظم ما يشترط لها الطهارة، جاز جماعها. وعن عكرمة، عن حمنة بنت جحش، أنها كانت مستحاضة، وكان زوجها يجامعها (6). رواه أبو داود، والبيهقي. وقال النووي: إسناده حسن.
و أن لها حكم الطاهرات؛ تصلي، وتصوم، وتعتكف، وتقرأ القرآن، وتمس المصحف وتحمله، وتفعل كل العبادات. وهذا مجمع عليه (7).
_________________
- (1) تقدم تخريجه، في (ص 111).
- (2) "أنعت لك الكرسف": أصف لك القطن. "تلجمي" شدي خرقة مكان الدم على هيئة اللجام، و"الثج" شدة السيلان.
- (3) أبو داود: كتاب الطهارة باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة (287)، والترمذي: كتاب الطهارة باب ما جاء في المستحاضة.... (1 / 221 225) وابن ماجه: كتاب الطهارة باب ما جاء في البكر إذا أبتدأت مستحاضة.... (627)، وأحمد (6 / 381، 382، 439، 440)، وحسنه الشيخ الألباني، في: إرواء الغليل (1 / 202).
- (4) تقدم تخريجه، في (ص 110).
- (5) البخاري معلقاً، ووصله ابن أبي شيبة، والدارمي، وانظر: الفتح (1 / 510).
- (6) رواه أبو داود، في: كتاب الطهارة، باب المستحاضة يغشاها زوجها (1 / 81).
- (7) دم الحيض دم فاسد، أما دم الاستحاضة، فهو دم طبيعي؛ لذا منعت من العبادات في الأول، دون الثاني.
ونلتقي بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى مع :
"الـصَّـلاةُ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(49)
"تمهيد حول الصلاة"
الصلاة عبادة، تتضمن أقوالاً وأفعالاً مخصوصة، مفتتحة بتكبير اللّه تعالى، مختتمة بالتسليم.
"منزلتُهَا في الإسْلامِ"
وللصلاة في الإسلام منزلة، لا تعدلها منزلة أية عبادة أخرى؛ فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول اللّه http://www.islamdor.net/vb/images/smilies/sala.gif:
" رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل اللّه " (1).
وهي أول ما أوجبه اللّه تعالى من العبادات، تولى إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المعراج، من غير واسطة؛ قال أنس: فرضت الصلاة على النبي http://www.islamdor.net/vb/images/smilies/sala.gif ليلة أُسري به خمسين، ثم نقصت، حتى جُعلت خمساً، ثم نودي: " يا محمد، إنه لا يبدَّل القول لديَّ، وإن لك بهذه الخمس خمسين ". رواه أحمد، والنسائي، والترمذيُّ وصححه.
وهي أول ما يحاسب عليه العبد، نقل عبد اللّه بن قرط، قال: قال رسول اللّه http://www.islamdor.net/vb/images/smilies/sala.gif: " أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة؛ فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت، فسد سائر عمله". رواه الطبراني.
وهي آخر وصية وصى بها رسول اللّه http://www.islamdor.net/vb/images/smilies/sala.gif أمته عند مفارقة الدنيا، جعل يقول - وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة -:
" الصَّلاةَ الصلاةَ، وما ملكت أيمانكم ".
وهي آخرما يفقد من الدين، فإن ضاعت، ضاع الدين كله؛ قال رسول اللّه http://www.islamdor.net/vb/images/smilies/sala.gif:
" لتنقضن عُرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة، تشبث الناس بالتي تليها؛ فأولهن نقضاً الحكم، وآخرهن الصلاة ". رواه ابن حبان، من حديث أبي أمامة.
والمتتبع لآيات القرآن الكريم، يرى أن اللّه سبحانه يذكر الصلاة، ويقرنها بالذكر تارة: " إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ " [ العنكبوت:45]، " قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى " [الأعلى:14، 15]، " وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي " [ طه: 14].
وتارة يقرنها بالزكاة: " وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ " [ البقرة: 110].
وتارة بالنسك: " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ " [الكوثر: 2]،: " قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " [الأنعام: 162، 163].
وأحياناً يفتتح بها أعمال البرّ، ويختتمها بها، كما في سورة "المعارج" وفي أول سورة "المؤمنون": " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * إلى قوله: " وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *[المؤمنون: 1 -11].
وقد بلغ من عناية الإسلام بالصلاة، أن أمر بالمحافظة عليها في الحضر والسفر، والأمن والخوف؛ فقال تعالى: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ " [ البقرة:238، 239].
وقال، مبيناً كيفيتها في السفر، والحرب، والأمن: " وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَْرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً * وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُم ْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُم ْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً * فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً " [النساء: 101، 103].
وقد شَدَّد النكير على من يفرّط فيها، وهدد الذين يضيعونها؛ فقال - جل شأنه -:
" فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غياً" [مريم: 59]. وقال: " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ " [الماعون: 4، 5].
ولأن الصلاة من الأمور الكبرى، التي تحتاح إلى هداية خاصة، سأل إبراهيم، عليه السلام، ربه أن يجعله هو وذريته مقيماً لها، فقال: " رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ " [ إبراهيم: 40].
_______________
- (1) الترمذي: كتاب الإيمان - باب ما جاء في حرمة الصلاة (5 / 11، 12) الحديث رقم (2616)..
وبالمرة القادمة إن شاء الله الكلام عن :
"حُكْمُ تَرْكِ الصَّلاةِ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(50)
"تمهيد حول الصلاة"
"حُكْمُ تَرْكِ الصَّلاةِ"
ترك الصلاة، جحوداً بها، وإنكاراً لها كفر، وخروج عن ملة الإسلام، بإجماع المسلمين. أما من تركها، مع إيمانه بها، واعتقاده فرضيتها، ولكن تركها تكاسلاً، أو تشاغلاً عنها، بما لا يعد في الشرع عذراً، فقد صرَّحت الأحاديث بكفره، ووجوب قتله؛ أما الأحاديث المصرحة بكفره، فهي:
- 1- عن جابر، قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " بين الرجل وبين الكفر، ترك الصلاة "(1). رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
- 2- وعن بريدة، قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها، فقد كفر" (2). رواه أحمد، وأصحاب السنن.
- 3- وعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أنه ذكر الصلاة يوماً، فقال: " من حافظ عليها، كانت له نوراً، وبرهاناً، ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها، لم تكن له نوراً، ولا برهاناً، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارونَ، وفرعونَ، هامانَ، وأبَيِّ بن خلف " (3). رواه أحمد، والطبراني،وابن حبّان. وإسناده جيد.
وكون تارك المحافظة على الصلاة مع أئمة الكفر، في الآخرة، يقتضي كفره.
قال ابن القيم: تارك المحافظة على الصلاة؛ إما أن يشغله ماله، أو ملكه، أو رياسته، أو تجارته؛ فمن شغله عنها ماله، فهو مع قارون، ومن شغله عنها ملكه، فهو مع فرعون، ومن شغله عنها رياسته ووزارته، فهو مع هامان، ومن شغله عنها تجارته، فهو مع أبَيِّ بن خلف.
- 4- وعن عبد اللّه بن شقيق العقيلي، قال: كان أصحاب محمد https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg لا يرونَ شيئاً من الأعمال تركه كفر، غيرَ الصلاة (4). رواه الترمذي، والحاكم على شرط الشيخين.
- 5- قال محمد بن نصر المِروَزي: سمعت إسحاق يقول: صحَّ عن النبى https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أن تاركَ الصلاة كافر، وكذلك رأيُ أهل العلم، من لدن محمد https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر، حتى يذهب وقتها،كافر.
- 6- وقال ابن حزم: وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة، أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمداً،حتى يخرج وقتها، فهو كافر مرتد، ولا نعلم لهؤلاء الصحابة مخالفاً. ذكره المنذريُّ في "الترغيب والترهيب". ثم قال: قد ذهب جماعة من الصحابة، ومَن بعدهم إلى تكفير من ترك الصلاة، متعمداً تركها، حتى يخرج جميع وقتها؛ منهم عمر بن الخطاب، وعبد اللّه ابن مسعود، وعبد اللّه بن عباس، ومعاذ بن جبل، وجابر بن عبد اللّه، وأبو الدرداء - رضي اللّه عنهم - ومن غير الصحابة؛ أحمد بن حنبل، وإسحاق بن رَاهويه، وعبد اللّه ابن المبارك، والنّخعي، والحكم بن عتيبة، وأبو أيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وغيرهم، رحمهم اللّه تعالى.
___________
- (1) مسلم: كتاب الإيمان - باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة (1 / 87، 88)، وأبو داود: كتاب السنة - باب في رد الإرجاء (2 / 512)، والترمذي: كتاب الإيمان - باب ما جاء في ترك الصلاة (5 / 13)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء فيمن ترك الصلاة (1 / 342)، ومسند أحمد (3 / 389).
- (2) الترمذي: كتاب الإيمان - باب ما جاء في ترك الصلاة (5 / 13، 14)، الحديث رقم (2621)، ومستدرك الحاكم: كتاب الإيمان - باب التشديد في ترك الصلاة (1 / 6، 7)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، لا تعرف له علة بوجه من الوجوه، فقد احتجا جميعاً بعبد اللّه بن بريدة، عن أبيه، واحتج مسلم بالحسين بن واقد، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ولهذا الحديث شاهد صحيح على شرطهما جميعاً، وابن ماجه: كتاب الإقامة - باب ما جاء فيمن ترك الصلاة (1 / 342)، رقم (1079)، ومسند أحمد (5 / 346)، والدارقطني: كتاب الوتر - باب التشديد في ترك الصلاة (2 / 52)، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب صلاة الاستسقاء - باب جماع أبواب تارك الصلاة (3 / 366).
- (3) موارد الظمآن ص (87)، برقم (254)، ومسند أحمد (2 / 169) وفي "مجمع الزوائد": رواه أحمد، والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أحمد ثقات.
- (4) مستدرك الحاكم: كتاب الإيمان - باب التشديد في ترك الصلاة (1 / 7)، والترمذي: كتاب الإيمان- باب ما جاء في ترك الصلاة (5 / 14).
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى.....
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(51)
ونستكمل مع بقية الكلام عن:
"حُكْمُ تَرْكِ الصَّلاةِ"
أما الأحاديث المصرحة بوجوب قتله، فهي:
- 1- عن ابن عباس، عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " عرى الإسلام، وقواعد الدين ثلاثة، عليهنَّ أُسِّسَ الإسلام، من ترك واحدةً منهن، فهو بها كافر، حلال الدم؛ شهادة أن لا إله إلا اللّه، والصلاةُ المكتوبة، وصومُ رمضان " (1). رواه أبو يَعلى بإسناد حسن. وفي رواية أخرى: " من ترك منهنَّ واحدةً باللّه اللّه، فهو كافر، ولا يقبل منه صَرْفٌ، ولا عدلٌ (2)، وقد حل دمه وماله " (3).
- 2- وعن ابن عمر، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " أمرْتُ أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه، وأنَّ محمداً رسولُ اللّه اللّه، ويقيموا الصلاةَ، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا منّي دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على اللّه عزَّ وجل " (4). رواه البخاري، ومسلم.
- 3- وعن أم سلمة، أن رسولَ اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إنه يستعملُ عليكم أمراءُ، فتعرفون، وتنكرون، فمن كره، فقد برئ، ومن أنكر، فقد سلم، ولكن من رضي، وتابَع " (5). قالوا: يا رسول اللّه، ألا نقاتلهم ؟ قال: " لا، ما صلوا ". رواه مسلم. جعل المانع من مقاتلة أمراء الجور الصلاة.
- 4- وعن أبي سعيد، قال: بعث عليّ - وهو على اليمن - إلى النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بذُهيْبة، فقسمها بين أربعة، فقال رجل: يا رسول اللّه، اتق اللّه. فقال: "ويلك !! أو لست أحقَّ أهل الأرض أن يتقيَ اللّه ؟". ثم ولّى الرجل، فقال خالد بن الوليد: يا رسول اللّه، ألا أضربُ عنقه ؟ فقال:" لا، لعله أن يكون يصلي". فقال خالد: وكم من رجل يقول بلسانه ما ليس في قلبه. فقال النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " إني لم أومر، أن أنقِّبَ عن قلوب الناس، ولا أشقّ بطونهم " (6). مختصر من حديث للبخاري، ومسلم.
وفي هذا الحديث أيضاً، جعل الصلاة هي المانعة من القتل، ومفهومُ هذا، أن عدم الصلاة يوجب القتل.
________________
- (1) مسند أبي يعلى (4 / 236)، برقم (22)، وقال الهيثمى في "مجمع الزوائد": رواه أبو يعلى بتمامه، ورواه الطبراني في الكبير بلفظ "بني الإسلام على خمس" ولم يذكركلام ابن عباس الموقوف، وإسناده حسن، أما محقق مسند أبي يعلى، فقال: إسناده ضعيف، مؤمل بن إسماعيل سيء الحفظ.
- (2) "لا يقبل منه صرف، ولا عدل": لا يقبل منه فرض، ولا نفل.
- (3) الترغيب والترهيب (1 / 382)، وقال: رواه سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس مرفوعاً، وقال فيه: الحديث، ورواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن بلفظ: " بني الإسلام على خمس... فمن ترك واحدة منهم، كان كافراً حلال الدم "، والدر المنثور (1 / 298).
- (4) البخاري: كتاب الإيمان - باب: "فإِن تابوا وأقاموا الصلاة* (1 / 13)، ومسلم: كتاب الإيمان - باب الأمر بقتال الناس، حتى يقولوا: لا إله إلا اللّه (1 / 52)، حديث رقم (34).
- (5) مسلم: كتاب الإمارة - باب وجوب الإنكار على الأمراء، فيما يخالف الشرع، وترك قتالهم ما صلوا، ونحو ذلك (3 / 1480)، حديث رقم (63).
- (6) البخاري: كتاب المغازي - باب بعث علي بن أبى طالب عليه السلام وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع (5 / 207)، ومسلم:كتاب الزكاة - باب ذكر الخوارج وصفاتهم (2 / 742)، ومسند أحمد (3 / 4).
وللكلام بقية إن كان بالعمر بقية........
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(52)
ونستكمل مع بقية الكلام عن:
"حُكْمُ تَرْكِ الصَّلاةِ"
رأْيُ بعْضِ العلمَاءِ الأحاديث المتقدّمة ظاهرها يقتضي كفر تارك الصلاة، وإباحة دمه، ولكن كثيراً من علماء السَّلف والخلف؛ منهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، على أنه لا يكفر، بل يفسق ويستتاب، فإن لم يتب، قتل حدّاً، عند مالك، والشافعي، وغيرهما.
وقال أبو حنيفة:لا يقتل، بل يُعزَّر، ويحبس، حتى يصلي. وحملوا أحاديث التكفير على الجاحد، أو المستحل للترك، وعارضوها ببعض النصوص العامة،كقول اللّه تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ " [ النساء: 116]. وكحديث أبي هريرة، عند أحمد، ومسلم، عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال:
" لكل نبى دعوة مُسْتَجَابةٌ، فَتَعَجّلَ كلّ نبيّ دَعْوَتهُ، وإني اختبأتُ دَعوتي؛ شَفاعةً لأمّتي يَوْمَ القِيَامَةِ، فهي نائلة -إن شاءَ اللّه- من ماتَ لا يشْرِكُ باللّه شيئاً " (1).
وعنه عند البخاري أن رسول اللّه قال:
"أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا اللّه. خالصاً من قَلْبِه" (2).
"مناظرةٌ في تاركِ الصَّلاةِ ذكر السبكي في " طبقات الشافعية ":
أن الشافعي، وأحمد - رضي اللّه عنهما - تناظرا في تارك الصلاة؛ قال الشافعي: يا أحمد، أتقول: إنه يكفر ؟ قال: نعم. قال: إذا كان كافراً، فبم يسلم ؟ قال: يقول: لا إله إلا اللّه، محمد رسول اللّه. قال الشافعي: فالرجل مستديم لهذا القول، لم يتركه. قال: يسلم، بأن يصلي. قال: صلاة الكافر لا تصح، ولا يحكم له بالإسلام بها. فسكت الإمام أحمد، رحمهما اللّه تعالى.
يقول ناقله"يحيى صالح":
هذه المناظرة بينهما إسنادها ليس بصحيح
"تحقِيقُ الشوكاني"
قال الشوكاني: والحق، أنه كافرٌ يُقتل، أما كفره؛ فلأن الأحاديث قد صحت، أن الشارع سمى تارك الصلاة بذلك الاسم، وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الاسم عليه، هو الصلاة، فتركها مقتضٍ لجواز الإطلاَق، ولا يلزمنا شيء من المعارضات، التي أوردها المعارضون؛ لأنا نقول: لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر، غير مانع من المغفرة، واستحقاق الشفاعة، ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب، التي سماها الشارع كفراً، فلا مُلجئ إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها.
_________________
- (1) مسلم: كتاب الإيمان - باب اختباء النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg دعوة الشفاعة لأمته (1 / 189)، الحديث (338)، والترمذي: كتاب الدعوات - باب فضل لا حول ولا قوة إلا باللّه، حديث رقم (3602)، والذي عند المسند، الجزء الأول منه (2 / 275).
- (2) البخاري: كتاب العلم - باب الحرص على الحديث (1 / 36)، وفي رواية له أيضاً "من قبل نفسه" كتاب الرقاق - باب صفة الجنة (8 / 146)، والرواية الثانية عند أحمد في "المسند" (2 / 373).
وبإذن الله تعالى لقاؤنا القادم عن:
"على مَن تجب الصلاة؟"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(53)
"على مَن تجب الصلاة؟"
تجب الصلاة على المسلم، العاقل، البالغ؛ لحديث عائشة، عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاث (1)؛ عن النائم حتى يستيقظَ، وعن الصبي حتى يحتلم (2)، وعن المجنون حتى يَعْقلَ" (3). رواه أحمد، وأصحاب السنن، والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وحسّنه الترمذي.
"صَلاةُ الصَّبي"
والصبي، وإن كانت الصلاة غير واجبة عليه، إلا أنه ينبغي لوليه أن يأمره بها، إذا بلغ سبع سنين، ويضربه على تركها، إذا بلغ عشراً؛ ليتمرَّنَ عليها، ويعتادها بعد البلوغ؛ فعن عمرو بن شعَيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " مروا أولادَكم بالصلاة، إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها، إذا بلغوا عشراً، وفرّقوا بينهم في المضاجع " (4). رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
"عدَدُ الفرائضِ"
الفرائض التي فرضها اللّه تعالى في اليوم والليلة خمس؛ فعن ابن محيريز، أن رجلاً من بني كنانة، يدعى المخدجي، سمع رجلاً بالشام، يدعى أبا محمد، يقول: الوتر واجب. قال: فرحت إلى عبادة بن الصَّامت، فأخبرته، فقال عبادة: كذب أبو محمد، سمعت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول:
" خمسُ صلوات، كتبهنَّ اللّه على العباد، من أتى بهن، لم يضيع مِنهنَّ شيئاً؛ استخفافاً بحقهنَّ،كانَ لهُ عند اللّه عهد أنْ يدخله الجنة، ومَنْ لم يأت بهنَّ، فليسَ له عند اللّه عَهدٌ؛ إنْ شاء عذَّبه، وإنْ شاء غفر له " (5). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائيُّ، وابن ماجَه، وقال فيه: " ومن جاء بهنَّ، قد انتقص منهنّ شيئاً، استخفافاً بحقهنّ ".
وعن طلحة بن عبيد اللّه، أن اعرابياً جاء إلى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ثائر الشّعر، فقال: يا رسول اللّه، أخبرني ما فرض اللّه عليَّ من الصلوات ؟ فقال: " الصلوات الخمس، إلا أن تطوَّع شيئاً ". فقال: أخبرني ماذا فرض اللّه عليَّ من الصيام ؟ فقال: " شهر رمضان، إلا أن تطوَّع شيئاً ". فقال: أخبرني ماذا فرض اللّه عليَّ من الزكاة ؟ قال: فأخبره رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بشرائع الإسلام كلها. فقال: والذي أكرمك، لا أتطوَّع شيئاً، ولا أنقص مما فرض اللّه عليَّ شيئاً. فقال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " أفلحَ، إن صدق، أو: دخل الجنة، إن صدق " (6). رواه البخاري، ومسلم.
_______________
- (1) "رفع القلم" كناية عن عدم التكليف.
- (2) يحتلم: يبلغ.
- (3) أبو داود: كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدّاً، برقم (4403)، (4 / 139)، والترمذي: كتاب الحدود عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، (4 / 32)، وابن ماجه: كتاب الطلاق - باب طلاق المعتوه، والصغير، والنائم (2 / 658)، برقم (2041)، ومسند أحمد (6 / 100، 101)، ومستدرك الحاكم (2 / 59)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه، والدارمي (2 / 93) كتاب الحدود - باب رفع القلم عن ثلاث.
- (4) وأبو داود: كتاب الصلاة - باب متى يؤمر الغلام بالصلاة (1 / 334)، برقم (495)، المستدرك (1 / 197)، والفتح الرباني (2 / 237)، برقم (84): كتاب الصلاة.
- (5) وأبو داود: كتاب الصلاة - باب فيمن لم يوتر (2 / 130، 31)، رقم (1420)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها (1 / 449)، رقم (1401)، مسند أحمد (5 / 315)، والسنن الكبرى للبيهقي (1 / 361): كتاب الصلاة - باب الفرائض الخمس، والنسائي: كتاب الصلاة - باب المحافظة على الصلوات الخمس (1 / 230)، حديث رقم (461).
- (6) البخاري: كتاب الصوم - باب وجوب صوم رمضان (3 / 31)، ومسلم: كتاب الإيمان - باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام (1 / 40، 41).
وبإذن الله تعالى لقاؤنا القادم مع:
"مَواقيتُ الصَّلاةِ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(54)
"مَواقيتُ الصَّلاةِ"
للصلاة أوقات محدودة، لابد أن تؤدَّى فيها؛ لقول الله تعالى: " إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً *(1)[ النساء: 103] أى؛ فرضاً مؤكداً، ثابتاً ثبوت الكتاب.
وقد أشار القرآن إلى هذه الأوقات؛ فقال تعالى: " وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ (2) وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " [ هود:114]. وفي سورة الإسراء: " أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ (3) إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً " [الإسراء: 78]. وفي سورة طه: " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى " [طه:130].
يعني، بالتسبيح قبل طلوع الشمس: صلاة الصبح، وبالتسبيح قبل غروبها: صلاة العصر؛ لما جاء في "الصحيحين"، عن جرير بن عبد اللّه البجلي، قال: كنا جلوساً عند رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: " إنّكُم سترون ربّكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تُغْلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، فافعلوا". ثم قرأ هذه الآية (4). هذا هو ما أشار إليه القرآن من الأوقات، وأما السّنّة، فقد حددتها، وبينت معالمها، فيما يلي:
1- عن عبد اللّه بن عمرو، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " وقت الظهر، إذا زالت الشمس، وكان ظلّ الرجل كطوله، ما لم يحضر العصر، ووقت العصر، ما لم تصفرَّ الشمس، ووقت صلاة المغرب، ما لم يغب الشفق، ووقت العشاء، إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر، وما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس، فأمسك عن الصلاة؛ فإنها تطلعُ بين قرنيْ شيطان " (5). رواه مسلم.
2- وعن جابر بن عبد اللّه، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg جاءه جبريل - عليه السلام - فقال له: قم فصَله. فصلى الظهر، حين زالت الشمسُ، ثم جاءه العصرَ، فقال: قم فصلّه. فصلى العصر، حين صار ظلُّ كل شيء مثله، ثم جاءه المغرب، فقال: قم فصلّه. فصلى المغرب، حين وجَبت الشمس (6)، ثم جاءه العشاء، فقال: قم فصلِّه. فصلى العشاء، حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر، حين بَرَق الفجر، أو قال: سَطع الفجر، ثم جاءه من الغد للظهر، فقال: قم فصلِّه. فصلى الظهر، حين صار ظلّ كل شيء مثله، ثم جاءه العصر، فقال: قم فصلِّه. فصلى العصر، حين صار ظلّ كل شيء مثليه، ثم جاءه المغرب وقتاً واحداً، لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء، حين ذهب نصف الليل، أو قال: ثلث الليل، فصلى العشاء، ثم جاءه، حين أسفر جدّاً، فقال: قم فصلِّه. فصلى الفجر، ثم قال: "ما بين هذين الوقتين وقت " (7). رواه أحمد، والنسائي، والترمذيّ. وقال البخاري: هو أصح شيء في المواقيت. يعني، إمامة جبريل.
________________
- (1) "موقوتاً" أي؛ منجماً في أوقات محدودة.
- (2) قال الحسن: "الصلاة طرفي النهار": الفجر، والعصر، و"زلفاً من الليل" قال: هما زلفتان؛ صلاة المغرب، وصلاة العشاء.
- (3) "دلوك الشمس" زوالها، أي؛ أقمها لأول وقتها هذا، وفيه صلاة الظهر، منتهياً إلى غسق الليل، وهو ابتداء ظلمته، ويدخل فيه صلاة العصر والعشاءين. و"وقرآن الفجر": أي، وأقم قرآن الفجر: أي؛ صلاة الفجر، و"مشهوداً" تشهده ملائكة الليل، وملائكة النهار.
- (4) البخاري: كتاب الصلاة - باب فضل صلاة الفجر (1 / 150)، و مسلم: كتاب المساجد - باب فضل صلاتي الصبح والعصر (1 / 439)، حديث رقم (211)، و أبو داود: كتاب السنة - باب في الرؤية (2 / 535).
- (5) مسلم: كتاب المساجد - باب أوقات الصلوات الخمس (1 / 31)، الحديث رقم (173).
- (6) "وجبت الشمس" غربت، وسقطت.
- (7) النسائي: كتاب المواقيت (1 / 263) - باب أول وقت العشاء، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في مواقيت الصلاة (1 / 278، 279، 280)، ومسند أحمد (3 / 330، 331)، والحاكم (1 / 195، 196) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح مشهور، من حديث عبد اللّه بن المبارك، والشيخان لم يخرجاه، والبيهقي: كتاب الصلاة - باب وقت المغرب (1 / 368).
ونبدأ بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى من:
"وقتُ الظُّهْر"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(55)
"وقتُ الظُّهْر"
تبين من الحديثين المتقدمين، أن وقت الظهر يبتدئ من زوال الشمس عن وسط السماء، ويمتد إلى أن يصير ظلّ كل شيء مثله، سوى فيء الزوال، إلا أنه يُستحب تأخير صلاة الظهر عن أول الوقت، عند شدة الحر، حتى لا يذهب الخشوع، والتعجيل في غير ذلك، ودليل هذا:
- 1- ما رواه أنَس، قال: كان النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إذا اشتد البرد، بكّر بالصلاة، وإذا اشتد الحر، أبرد بالصلاة (1). رواه البخاري.
-2- وعن أبي ذر، قال: كنا مع النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في سفر، فأراد المؤذّن أن يؤذّن الظهر، فقال: "أبْرِدْ". ثم أراد أن يؤذن، فقال: "أبْرِدْ". مرتين أو ثلاثاً، حتى رأينا فيء التلول (2)، ثم قال: " إن شدة الحر من فيْح جهنم، فإذا اشتد الحرّ، فأبْرِدُوا بالصلاة " (3). رواه البخاري، ومسلم.
"غَاية الإِبرَادِ"
قال الحافظ في "الفتح": واختلف العلماء في غاية الإبراد؛ فقيل: حتى يصير الظلّ ذراعاً، بعد ظلّ الزوال. وقيل: ربع قامة. وقيل: ثلثها. وقيل: نصفها. وقيل غير ذلك. والجاري على القواعد، أنه يختلف باختلاف الأحوال، ولكن بشرط ألا يمتد إلى آخر الوقت.
"وقتُ صَلاةِ العَصْرِ"
وقت صلاة العصر يدخل بصيرورة ظل الشيء مثله، بعد فيء الزوال، ويمتد إلى غروب الشمس؛ فعن أبي هريرة، أن النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" (4). رواه الجماعة، ورواه البيهقي، بلفظ: " من صلى من العصر ركعة، قبل أن تغرب الشمس، ثم صلى ما تبقى بعد غروب الشمس، لم يفته العصر " (5).
لعمل جميعه. وترك معين، في يوم معين، فهذا يحبط عمل اليوم.
وقتُ الاختيار ِ، ووقتُ الكراهَةِ وينتهي وقت الفضيلة والاختيار، باصفرار الشمس، وعلى هذا يحمل حديث جابر، وحديث عبد اللّه بن عمر المتقدمان.
وأما تأخير الصلاة إلى ما بعد الاصفرار، فهو، وإن كان جائزاً، إلا أنه مكروه إذا كان لغير عذر؛ فعن أنَس، قال: سمعت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول: " تلك صلاةُ المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام، فنقرَها أربعاً، لا يذكر اللّه إلا قليلاً " (6). رواه الجماعة، إلا البخاري، وابن ماجه.
قال النووي في "شرح مسلم": قال أصحابنا: للعصر خمسة أوقات:
- (1) وقت فضيلة
- (2) واختيار
- (3) وجواز بلا كراهة
- (4) وجواز مع كراهة
- (5) ووقت عذر
- فأما وقت الفضيلة، فأول وقتها، ووقت الاختيار، يمتد إلى أن يصير ظلّ الشيء مثليه، ووقت الجواز إلى الاصفرار، ووقت الجواز مع الكراهة حال الاصفرار إلى الغروب، ووقت العذر، وهو وقت الظهر، في حق من يجمع بين العصر والظهر؛ لسفر أو مطر، ويكون العصر في هذه الأوقات الخمسة أداء، فإذا فاتت كلها، بغروب الشمس، صارت قضاء.
"تأكيدُ تعجيلِهَا في يوم الغَيْم"
عن بُريدة الأسلمي، قال: كنا مع رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في غزوة، فقال: " بكّروا بالصلاة في اليوم الغيم؛ فإن من فاتته صلاة العصر، فقد حبط عمله " (7). رواه أحمد، وابن ماجه.
قال ابن القيم: الترك نوعان: ترك كليّ، لا يصليها أبداً، فهذا يحبط العمل جميعه. وترك معين، في يوم معين، فهذا يحبط عمل اليوم.
صلاةُ العصْرِ، هي صَلاةُ الوسْطَى قال اللّه تعالى:"حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" [البقرة: 238] وقد جاءت الأحاديث الصحيحة مصّرحة، بأن صلاة العصر هي الصلاةَُ الوسطى:
- 1- فعن عليّ - رضي اللّه عنه - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال يوم الأحزاب: " ملأ اللّه قبورهم وبيوتهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى، حتى غابت الشمس " (8). رواه البخاري، ومسلم. ولمسلم، وأحمد، وأبي داود: " شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر " (9).
- 2- وعن ابن مسعود، قال: حبس المشركون رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عن صلاة العصر، حتى احمرت الشمس، واصفرَّت، فقال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ اللّه أجوافهم وقبورهم ناراً " (10). أو: " حشا أجوافهم وقبورهم ناراً ". رواه أحمد، ومسلم، وابن ماجه.
______________
- (1) البخاري: كتاب الجمعة - باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة (2 / 8).
- (2) "الفيء": الظل الذي بعد الزوال. "التلول" جمع تل: ما اجتمع على الأرض، من تراب أو نحو ذلك.
- (3) البخاري: كتاب الجمعة - باب الإبراد بالظهر في السفر (1 / 242، 143)، و مسلم: كتاب المساجد - باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، لمن يمضي إلى جماعة، وينال الحر في طريقه (1 / 431)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر (1 / 297، 298)، الحديث رقم (158).
- (4) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة - باب من أدرك من الفجر ركعة (1 / 151)، ومسلم: كتاب المساجد - باب من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك تلك الصلاة (1 / 424)، رقم (163)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب في وقت صلاة العصر (1 / 288)، رقم (412)، والنسائي: كتاب المواقيت - باب من أدرك ركعتين من العصر (1 / 257)، والترمذي (1 / 353)، ومسند أحمد (2 / 462) وموارد الظمآن حديث رقم (283) ص (93)، والبيهقي (1 / 368).
- (5) البيهقي (1 / 367)، ومسند أبي عوانة (1 / 358)، ونصب الراية (1 / 228)، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (3 / 21)، رقم (1482).
- (6) مسلم: كتاب المساجد - باب استحباب التبكير بالعصر (1 / 434)، رقم (195)، وأبو داود: كتاب الصلاة باب في وقت صلاة العصر (1 / 289)، رقم (413)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في تعجيل العصر (1 / 301)، رقم (160)، والنسائي: كتاب المواقيت - باب التشديد في تأخير العصر (1 / 254)، رقم (511).
- (7) البخاري: كتاب الصلاة باب من ترك العصر (1 /145)، وباب التبكير بالصلاة في اليوم الغيم (1 / 154).
- (8) البخاري: كتاب الجهاد - باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (4 / 52)، ومسلم: كتاب المساجد - باب التغليظ في تفويت صلاة العصر (1 / 436)، الحديث رقم (202)، وابن ماجه: كتاب الصلاة - باب المحافظة على صلاة العصر (1 / 224)، الحديث رقم (684).
- (9) مسلم: كتاب المساجد - باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (1 / 437)، رقم (205)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب في وقت صلاة العصر (1 / 287)، رقم (409)، ومسند أحمد (1 / 456).
_ (10) مسلم: كتاب المساجد - باب الدليل لمن قال: إن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (1 / 437)، الحديث رقم (205)، ومسند أحمد (1 / 126).
والبدء بالمرة القادمة إن شاء الله من:
"وقتُ صَلاةِ المغْرب"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(56)
"وقتُ صَلاةِ المغْرب"
يدخل وقت صلاة المغرب، إذا غابت الشمس، وتوارت بالحجاب، ويمتد إلى مغيب الشفق الأحمر؛ لحديث عبد اللّه بن عمرو، أن النبى
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " وقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق " (1). رواه مسلم. وروي أيضاً، عن أبي موسى، أن سائلاً سأل رسول اللّه
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عن مواقيت الصلاة، فذكر الحديث، وفيه، فأمره، فأقام المغرب، حين وجبت الشمس، فلما كان اليوم الثاني. قال: ثم أخّر، حتى كان عند سقوط الشفق (2)، ثم قال: " الوقت ما بين هذين " (3).
قال النووي في "شرح مسلم":
وذهب المحققون من أصحابنا، إلى ترجيح القول بجواز تأخيرها، ما لم يغب الشفق، وأنه يجوز ابتداؤها في كل وقت من ذلك، ولا يأثم بتأخيرها عن أول الوقت. وهذا هو الصحيح، أو الصواب الذي لا يجوز غيره.
وأما ما تقدم في حديث إمامة جبريل، أنه صلى المغرب في اليومين، في وقت واحد، حين غربت الشمس، فهو يدل على استحباب التعجيل بصلاة المغرب، وقد جاءت الأحاديث مصرحة بذلك؛
- 1- فعن السائب بن يزيد، أن رسول اللّه
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " لا تزال أمّتى على الفطرة، ما صلّوا المغرب قبل طلوع النجوم " (4). رواه أحمد، والطبراني.
- 2- وفي "المسند"، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول اللّه
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " صلوا المغرب لفطر الصائم، وبادروا طلوع النجوم " (5).
- 3- وفي "صحيح مسلم "، عن رافع بن خديج: كنا نصلي المغرب مع رسول اللّه
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فينصرف أحدنا، وإنه ليبصر مواقع نَبْله (6).
- 4ـ وفيه، عن سلمة بن الأكوع، أن رسول اللّه
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان يصلي المغرب، إذا غربت الشمس، وتوارت بالحجاب (7).
________________
- (1) مسلم: كتاب المساجد - باب أوقات الصلوات الخمس (1 / 427، 428)، الحديث رقم (174).
- (2) الشفق،كما في القاموس: هو الحمرة في الأفق من الغروب إلى العشاء، أو إلى قربها، أو إلى قريب العتمة.
- (3) مسلم: كتاب المساجد - باب أوقات الصلوات الخمس (1 / 429)، الحديث رقم (178).
- (4) مسند أحمد (3 / 249)، وفي "الزوائد": رواه أحمد، والطبرانى في: الكبير، ورجاله موثقون (1 / 315).
- (5) مسند أحمد (5 / 421)، وفي "الزوائد": رواه أحمد، ولفظه عند الطبراني: "صلوا صلاة المغرب، مع سقوط الشمس". (1 / 315).
- (6) البخاري: كتاب الصلاة - باب وقت المغرب (1 / 147)، ومسلم: كتاب المساجد - باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس (1 / 441)، الحديث رقم (217).
- (7) البخاري: كتاب الصلاة - باب وقت المغرب (1 / 147)، ومسلم: كتاب المساجد - باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس (1 / 441)، الحديث رقم (216).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى مع:
"وقتُ العشَاءِ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(57)
"وقتُ العشَاءِ"
يدخل وقت صلاة العشاء، بمغيب الشفق الأحمر،ويمتد إلى نصف الليل؛ فعن عائشة، قالت: كانوا يصلون العتمة (1)، فيما بين أن يغيب الشفق، إلى ثلث الليل الأول (2). رواه البخاري.
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " لولا أن أشقَّ عَلى أمتي، لأمَرْتُهُم أنْ يُؤخّرُوا العشاء إلى ثلث الليل، أو نصفه " (3). رواه أحمد، وابن ماجه، والترمذي وصححه.
وعن أبي سعيد، قال: انتظرنا رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ليلةً بصلاة العشاء، حتى ذهب نحو من شطر الليل، قال: فجاء، فصلى بنا، ثم قال: " خذوا مقاعدكم؛ فإن الناس قد أخذوا مضجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة، منذ انتظرتموها، لولا ضعف الضعيف، وسقم السقيم، وحاجة ذي الحاجة، لأخرّت هذه الصلاة إلى شطر الليل " (4). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي، وابن خزيمة، وإسناده صحيح.
هذا وقت الاختيار، وأما وقت الجواز والاضطرار، فهو ممتد إلى الفجر؛ لحديث أبي قتادة، قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصلّ الصلاة، حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى " (5). رواه مسلم.
والحديث المتقدم في المواقيت يدل على أن وقت كل صلاة ممتد، إلى دخول وقت الصلاة الأخرى، إلا صلاة الفجر؛ فإنها لا تمتد إلى الظهر، فإن العلماء أجمعوا، أن وقتها ينتهي بطلوع الشمس.
________________
- (1) "العتمة": العشاء.
- (2) البخاري: كتاب الأذان - باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس (1 / 219).
- (3) الترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الأخيرة (1 / 310، 311)، برقم (167)، وابن ماجه: كتاب الصلاة - باب وقت صلاة العشاء (1 / 226)، برقم (691)، والفتح الرباني (2 / 274)، برقم (150).
- (4) أبو داود: كتاب الصلاة - باب في وقت العشاء الآخرة (1 / 293)، برقم (422)، والنسائي: كتاب المواقيت - باب آخر وقت العشاء (1 / 268)، برقم (538)، وابن ماجه: كتاب الصلاة - باب وقت صلاة العشاء (1 / 226)، برقم (693)، والفتح الرباني (2 / 275)، برقم (154) كتاب الصلاة، وصحيح ابن خزيمة (1 / 78)، برقم (345).
- (5) مسلم: كتاب المساجد - باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها (1 / 473)، رقم (311).
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى ...
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(58)
واليوم مع استكمال الكلام عن:
"وقتُ العشَاءِ"
استحبابُ تأخير ِصَلاةِ العشاءِ عن أوّلِ وقتِهَا والأفضل تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقتها المختار، وهو نصف الليل؛ لحديث عائشة، قالت: أعتم (1) النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ذات ليلة، حتى ذهب عامّةُ الليل، حتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال: " إنه لوقْتُها، لولا أن أشقَّ عَلى أمّتي " (2). رواه مسلم، والنسائي.
وقد تقدم حديث أبي هريرة، وحديث أبي سعيد، وهما في معنى حديث عائشة، وكلها تدل على استحباب التأخير وأفضليته، وأن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg ترك المواظبة عليه؛ لما فيه من المشقة على المصلِّين.
وقد كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يلاحظ أحوال المؤتمّين، فأحياناً يُعجّل، وأحياناً يؤخّر؛ فعن جابر، قال: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يصلي الظهر بالهاجرة (3) والعصرَ، والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت الشمس، والعشاء؛ أحياناً يؤخّرها، وأحياناً يعجل، إذا رآهم اجتمعوا، عجل، وإذا رآهم أبطئوا، أخّر، والصبح كانوا - أو -كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يصلّيها بغلس (4) (5). رواه البخاري، ومسلم.
"النوم قبلها، والحديث بعدها"
يكره النوم قبل صلاة العشاء، والحديث بعدها؛ لحديث أبي بَرْزة الأسلمي، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpgكان يستحب أن يؤخّر العشاء، التي تدعونها العتمةَ، وكان يكره النّوم قبلها، والحديث بعدها (6). رواه الجماعة. وعن ابن مسعود، قال: جدبَ لنا رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg السمَر بعد العشاء. (7) رواه ابن ماجه. قال: جدب؛ يعني زجرنا، ونهانا عنه.
وعلة كراهة النوم قبلها، والحديث بعدها، أن النوم قد يفوت على النائم الصلاة في الوقت المستحب، أو صلاة الجماعة، كما أن السّمَر بعدها يؤدي إلى السهر، المضيع لكثير من الفوائد، فإن أراد النوم، وكان معه من يوقظه، أو تحدث بخير، فلا كراهة حينئذ.
فعن ابن عمر، قال: كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك، في أمر من أمور المسلمين، وأنا معه (8). رواه أحمد، والترمذي وحسنه.
وعن ابن عباس، قال: رقدت في بيت ميمونة ليلة كان رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عندها؛ لأنظر كيف صلاة رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بالليل، فتحدث النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg مع أهله ساعة، ثم رقد (9). رواه مسلم.
_______________
- (1) "أعتم" أي؛ أخر صلاة العشاء. و"عامة الليل" أي؛ كثير منه، وليس المراد أكثره، بدليل قوله: "إنه لوقتها". قال النووي: ولا يجوز أن يكون المراد بهذا القول، إلى ما بعد نصف الليل؛ لأنه لم يقل أحد من العلماء: إن تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل أفضل.
- (2) مسلم: كتاب المساجد - باب وقت العشاء وتأخيرها (1 / 442)، الحديث رقم (219)، والنسائي: كتاب المواقيت، باب آخر وقت العشاء (1 / 267)، الحديث رقم (535).
- (3) "الهاجرة" شدة الحر نصف النهار، عقب الزوال.
- (4) "الغلس": ظلمة آخر الليل.
- (5) البخاري: كتاب الصلاة - باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا (1 / 148)، ومسلم: كتاب المساجد باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها، وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها (1 / 446، 447)، الحديث رقم (233).
- (6) البخاري: كتاب الصلاة - باب ما يكره من النوم قبل العشاء (1 / 149)، ومسلم: كتاب المساجد باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها (1 / 447)، برقم (237)، والنسائي: كتاب المواقيت - باب كراهية النوم بعد صلاة المغرب (1 / 262)، برقم (525)، وابن ماجه: كتاب الصلاة - باب النهي عن النوم قبل صلاة العشاء، وعن الحديث بعدها (1 / 229)، برقم (701)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء، والسمر بعدها (1 / 312، 313)، برقم (168)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب في وقت صلاة النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (1 / 281، 282)، برقم (398).
- (7) ابن ماجه: كتاب الصلاة - باب النهي عن النوم قبل صلاة العشاء، وعن الحديث بعدها (1 / 230)، رقم (703)، وفي "الزوائد": هذا إسناد رجاله ثقات، ولا أعلم له علة، إلا اختلاف عطاء بن السائب، ومحمد بن الفضل إنما روى عنه بعد الاختلاط، ومسند أحمد (1 / 410).
- (8) الترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في الرخصة في السهر بعد العشاء (1 / 315)، و مسند أحمد (1 / 26).
- (9) مسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1 / 530)، رقم (190).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى الكلام عن:
"وقتُ صَلاةِ الصُّبحِ"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(59)
"وقتُ صَلاةِ الصُّبحِ"
يبتدئ الصبح من طلوع الفجر الصادق، ويستمر إلى طلوع الشمس، كما تقدم في الحديث.
"استحبابُ المبادرةِ بها"
يستحب المبادرة بصلاة الصبح، بأن تصلى في أول وقتها؛ لحديث أبي مسعود الأنصاري، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg صلى صلاة الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى، فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس، حتى مات، ولم يَعُد أن يُسفر (1). رواه أبو داود والبيهقي، وسنده صحيح.
وعن عائشة، قالت: كن نساء المؤمنات يَشْهدن مع النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg صلاة الفجر، مُتَلفِّعات بمروطهنّ (2)، ينقلبن إلى بيوتهن، حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس (3). رواه الجماعة.
وأما حديث رافع بن خديج، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " أصبحوا بالصبح؛ فإنه أعظم لأجوركم ". وفي رواية: " أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر " (4). رواه الخمسة، وصححه الترمذي، وابن حبّان، فإنه أريد به الإسفار بالخروج منها، لا الدخول فيها، أي؛ أطيلوا القراءة فيها، حتى تخرجوا منها مسفرين، كما كان يفعله رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg؛ فإنه كان يقرأ فيها الستين آية، إلى المائة آية، أوأريد به تحقق طلوع الفجر، فلا يصلي مع غلبة الظن.
"إدراك ركْعَةٍ من الوقتِ"
من أدرك ركعة من الصلاة، قبل خروج الوقت، فقد أدرك الصلاة؛ لحديث أبي هريرة، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة " (5). رواه الجماعة.
وهذا يشمل جميع الصلوات، وللبخاري: " إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر، قبل أن تغرب الشمس، فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح، قبل أن تطلع الشمس، فليتم صلاته " (6). والمراد بالسجدة الركعة، وظاهر الأحاديث، أن من أدرك الركعة من صلاة الفجر أو العصر، لا تكره الصلاة في حقه، عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وإن كانا وقتي كراهة، وأن الصلاة تقع أداء، بإدراك ركعة كاملة، وإن كان لا يجوز تعمد التأخير إلى هذا الوقت.
_________________
- (1) أبو داود: كتاب الصلاة - باب ما جاء في المواقيت (1 / 278، 279)، برقم (394)، و البيهقي (1 / 364)
- (2) "متلفعات بمروطهن": ملتحفات بأكسيتهن.
- (3) البخاري: كتاب الصلاة - باب وقت الفجر (1 / 151)، ومسلم: كتاب المساجد - باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها (1 / 446)، برقم (231)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب في وقت الصبح (1 / 293)، برقم (423)، والنسائي: كتاب المواقيت - باب التغليس في الحضر (1 / 271)، برقم (546)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في التغليس بالفجر (1 / 287، 288)، برقم (153)، وابن ماجه: كتاب الصلاة - باب وقت صلاة الفجر (1 / 220)، وموطأ مالك (1 / 20).
- (4) أبو داود: كتاب الصلاة - باب فى وقت الصبح (1 / 294)، برقم (424)، والنسائي: كتاب المواقيت - باب الإسفار (1 / 272)، برقم (549)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في الإسفار بالفجر (1 / 289)، برقم (154)، وابن ماجه: كتاب الصلاة - باب وقت صلاة الفجر (1 / 221)، برقم (672)، وموارد الظمآن، برقم (263، 264) ص (89 )، والفتح الرباني (2 / 279)، برقم (164).
- (5) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة - باب من أدرك من الصلاة ركعة (1 / 151)، ومسلم: كتاب المساجد - باب من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك تلك الصلاة (1 / 423)، برقم (161)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب من أدرك من الجمعة ركعة (1 / 669)، برقم (1121)، والنسائي: كتاب المواقيت - باب من أدرك ركعة من الصلاة (1 / 274)، برقم (554)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة (2 / 402، 103)، برقم (524)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة (1 / 356)، برقم (1122).
- (6) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة - باب من أدرك من العصر ركعة (1 / 146).
ونبدأ بالمرة القادمة إن شاء الله من :
"النوم عن الصلاة أو نسيانها"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(60)
"النوم عن الصلاة أو نسيانها"
من نام عن صلاة أو نسيها، فوقتها حين يذكرها؛ لحديث أبي قتادة، قال: ذكروا للنبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg نومهم عن الصلاة، فقال: " إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة، أو نام عنها، فليصلّها إذا ذكرها "(1). رواه النسائي، والترمذي وصححه.
وعن أَنَس، أن النبى https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "من نسي صلاة، فليصلّها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك"(2). رواه البخاري، ومسلم.
وعن عمران بن الحصين، قال: سرينا مع رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فلما كان من آخر الليل عَرسنا، فلم نستيقظ، حتى أيقظنا حر الشمس، فجعل الرجل منا يقوم دهَشاً إلى طهوره. قال: فأمرهم النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أن يسكنوا، ثم ارتحلنا فسرنا، حتى إذا ارتفعت الشمس، توضأ، ثم أمر بلال، فأذّن، ثم صلى الركعتين قبل الفجر، ثم أقام فصلينا، فقالوا: يارسول اللّه، ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ فقال: " أينهاكم ربكم - تعالى - عن الربا، ويقبله منكم "(3). رواه أحمد، وغيره.
"الأوقات المنهي عن الصلاة فيها"
ورد النهي عن صلاة بعد صلاة الصبح، حتى تطلع الشمس، وعند طلوعها، حتى ترتفع قدر رمح، وعند استوائها، حتى تميل إلى الغروب، وبعد صلاة العصر، حتى تغرب، فعن أبي سعيد، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " لا صلاة بعد صلاة العصر، حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر، حتى تطلع الشمس " (4). رواه البخاري، ومسلم.
وعن عَمرو بن عبسَة، قال: قلتُ: يا نبي اللّه، أخبرني عن الصلاة ؟ قال: " صلِّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة (5)، حتى تطلع الشمس وترتفع؛ فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفّار، ثم صلّ؛ فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الظلّ بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة؛ فإن (6) حينئذ تسجر جهنم (7)، فإذا أقبل الفيء، فصل؛ فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة، حتى تغرب؛ فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفّار " (8). رواه أحمد، ومسلم.
وعن عقبة بن عامر، قال: ثلاث ساعات، نهانا رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أن نصلي فيهنّ، وأن نقبرّ فيهنَّ موتانا (9)؛ حين تطلع الشمس بازغة (10)، حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيّف للغروب، حتى تغرب (11). رواه الجماعة، إلا البخاري.
______________
- (1) النسائي: كتاب المواقيت - باب فيمن نام عن صلاة (1 / 293)، برقم (615)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في النوم عن الصلاة (1 / 334)، برقم (177)، ومسند أحمد (5 / 305).
- (2) البخاري: كتاب الصلاة - باب من نسي صلاة، فليصلها إذا ذكرها، ولا يعيد إلا تلك الصلاة (1 / 154، 155)، ومسلم: كتاب المساجد - باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (1 / 477) حديث رقم (314).
- (3) الفتح الرباني (2 / 302، 303) برقم (207).
- (4) البخاري: كتاب الصلاة - باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس (1 / 152) ومسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها (1 / 567) الحديث رقم (288).
- (5) "أقصر": كف. و"تطلع بين قرني شيطان" قال النووي: يدني رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات؛ ليكون الساجدون لها من الكفار، كالساجدين له في الصورة، وحينئذ يكون له ولشيعته تسلط ظاهر، وتمكن من أن يلبسوا على المصلين صلاتهم، فكرهت الصلاة حينئذ؛ صيانة لها،كما كرهت في الأماكن التي هي مأوى الشياطين و"مشهودة محضورة": تشهدها الملائكة ويحضرونها. و"يستقل الظل بالرمح": المراد به، أن يكون الظل في جانب الرمح، فلا يبقى على الأرض منه بشيء، وهذا يكون حين الاستواء.
- (6) "فإن" وفي رواية "فإنه".
- (7) "تسجر جهنم": أي؛ يوقد عليها.
- (8) الفتح الرباني، برقم (178)، (2 / 287)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب إسلام عمرو بن عبسة (1 / 570)، برقم (294).
- (9) النهي عن الدفن في هذه الأوقات معناه: تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات، فأما إذا وقع الدفن، بلا تعمد في هذه الأوقات، فلا يكره.
- (10) "بازغة" ظاهرة، و"تضيف" تميل.
- (11) مسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها (1 / 568، 569) برقم (831)، وأبو داود: كتاب الجنائز - باب الدفن عند طلوع الشمس، وعند غروبها (3 / 531، 532)، برقم (3192)، والترمذي: كتاب الجنائز - باب ما جاء في كراهية الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس، وعند غروبها (3 / 340)، برقم (1030)، والنسائي: كتاب الجنائز - باب الساعات التي نهي عن إقبار الموتى فيهن (4 / 82)، برقم (2013)، وابن ماجه: كتاب الجنائز - باب ما جاء في الأوقات التي لا يصلى فيها على الميت، ولا يدفن، برقم (1519 )، (1 / 486، 487).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نستكمل ابتداءً من:
"رأي الفقهاء في الصلاة بعد الصبح والعصر"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(61)
"رأي الفقهاء في الصلاة بعد الصبح والعصر"
يري جمهور العلماء جواز قضاء الفوائت، بعد صلاة الصبح والعصر؛ لقول رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " من نسي صلاة، فليصلّها إذا ذكرها ". رواه البخاري، ومسلم.
وأما صلاة النافلة، فقد كرهها من الصحابة؛ علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، وابن عمر، وكان عمر يضرب على الركعتين بعد العصر، بمحضر من الصحابة، من غير نكير، كما كان خالد بن الوليد يفعل ذلك. وكرهها من التابعين؛ الحسن، وسعيد بن المسيب، ومن أئمة المذاهب؛ أبو حنيفة، ومالك. وذهب الشافعي إلى جواز صلاة ما له سبب (1)، كتحية المسجد، وسنة الوضوء في هذين الوقتين؛ استدلالاً بصلاة رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg سنة الظهر بعد صلاة العصر، والحنابلة ذهبوا إلى حرمة التطوع، ولو له سبب في هذين الوقتين، إلا ركعتي الطواف؛ لحديث جبير بن مطعم، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " يابني عبد مناف، لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى أيّة ساعة شاء؛ من ليل، أو نهار " (2). رواه أصحاب السنن، وصححه ابن خزيمة، والترمذي.
"رأيهم في الصلاة عند طلوع الشمس ،وغروبها ، واستوائها"
- يرى الحنفية عدم صحة الصلاة مطلقاً في هذه الأوقات؛ سواء كانت الصلاة مفروضة، أو واجبة، أو نافلة، قضاء أو أداء، واستثنوا عصر اليوم، وصلاة الجنازة - إن حضرت في أي وقت من هذه الأوقات، فإنها تصلى فيها، بلا كراهة - وكذا سجدة التلاوة، إذا تليت آياتها في هذه الأوقات، واستثنى أبو يوسف التطوع يوم الجمعة وقت الاستواء.
- ويرى الشافعية كراهة النفل، الذي لا سبب له في هذه الأوقات.
أما الفرض مطلقاً، والنفل الذي له سبب، والنفل وقت الاستواء يوم الجمعة، والنفل في الحرم المكي، فهذا كله مباح، لا كراهة فيه.
- والمالكية يرون في وقت الطلوع والغروب حرمة النوافل، ولو لها سبب، والمنذورة، وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة، إلا إذا خيف عليها التغير، فتجوز، وأباحوا الفرائض العينية، أداء وقضاء، في هذين الوقتين، كما أباحوا الصلاة مطلقاً، فرضاً أو نفلاً، وقت الاستواء. قال الباجي في " شرح الموطأ ": وفي " المبسوط " عن ابن وهب، سئل مالك عن الصلاة نصف النهار؟ فقال: أدركت الناس، وهم يصلون يوم الجمعة، نصف النهار، وقد جاء في بعض الأحاديث نهي عن ذلك، فأنا لا أنهى عنه؛ للذي أدركت الناس عليه، ولا أحبه؛ للنهي عنه.
- وأما الحنابلة، فقد ذهبوا إلى عدم انعقاد النفل مطلقاً، في هذه الأوقات الثلاثة؛ سواء كان له سبب، أو لا، وسواء كان بمكة، أو غيرها، وسواء كان يوم جمعة، أو غيره، إلا تحية المسجد يوم الجمعة، فإنهم جوزوا فعلها، بدون كراهة وقت الاستواء، وأثناء الخطبة. وتحرم عندهم صلاة الجنازة في هذه الأوقات، إلا إن خيف عليها التغير، فتجوز، بلا كراهة، وأباحوا قضاء الفوائت، والصلاة المنذورة، وركعتي الطواف، ولو نفلاً في هذه الأوقات الثلاثة (3).
"التطوع بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح"
عن يسار مولى ابن عمر، قال: رآني ابن عمر، وأنا أصلي بعد ما طلع الفجر، فقال: إن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg خرج علينا، ونحن نصلي هذه الساعة، فقال: " ليبلغ شاهدكم غائبكم، ألا صلاة بعد الصبح، إلا ركعتين " (4). رواه أحمد، وأبو داود.
والحديث، وإن كان ضعيفاً، إلا أن له طرقاً يقوّي بعضها بعضاً، فتنهض للاحتجاج بها على كراهة التطوع بعد طلوع الفجر، بأكثر من ركعتي الفجر. أفاده الشوكاني. وذهب الحسن، والشافعي، وابن حزم، إلى جواز التنفل مطلقاً، بلا كراهة، وقصر مالك الجواز، لمن فاتته صلاة الليل لعذر، وذكر أنه بلغه، أن عبد اللّه بن عباس، والقاسم ابن محمد، وعبد اللّه بن عامر بن ربيعة، أوتروا بعد الفجر، وأن عبد اللّه بن مسعود قال: ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح، وأنا أوتر.
وعن يحيى بن سعيد، أنه قال: كان عبادة بن الصامت يؤم قوماً، فخرج يوماً إلى الصبح، فأقام المؤذن صلاة الصبح، فأسكته عبادة، حتى أوتر، ثم صلى بهم الصبح.
عن سعيد بن جبير، أن ابن عباس رقد، ثم استيقظ، ثم قال لخادمه: انظر ما صنع الناس. وهو يومئذ قد ذهب بصره، فذهب الخادم، ثم رجع، فقال: قد انصرف الناس من الصبح. فقام ابن عباس، فأوترَ، ثم صلى الصبح.
"التطوع أثناء الإقامة"
إذا أقيمت الصلاة، كره الاشتغال بالتطوع؛ فعن أبي هريرة، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة ". وفي رواية: " إلا التي أقيمت " (5). رواه أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن.
وعن عبد اللّه بن سرجس، قال: دخل رجل المسجد، ورسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg في صلاة الغداة (6)، فصلى ركعتين في جانب المسجد، ثم دخل مع رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فلما سلم رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " يا فلان، بأي الصلاتين اعتددت، بصلاتك وحدك، أم بصلاتك معنا؟ " (7). رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
وفي إنكار الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، مع عدم أمره بإعادة ما صلى، دليل على صحة الصلاة، وإن كانت مكروهة. وعن ابن عباس، قال: كنت أصلي، وأخذ المؤذّن في الإقامة، فجذبني نبي اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، وقال: " أتصلي الصبح أربعاً؟ " (8). رواه البيهقي، والطبراني، وأبو داود الطيالسي، وأبو يعلى، والحاكم، وقال: إنه على شرط الشيخين.
وعن أبي موسى الأشعري - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg رأى رجلاً يصلي ركعتي الغداة، حين أخذ المؤذن يؤذن، فغمز منكبه، وقال: " ألا كان هذا قبل هذا؟ " (9). رواه الطبراني، قال العراقي: إسناده جيد.
______________
- (1) هذا أقرب المذاهب إلى الحق.
- (2) الترمذي: كتاب الحج - باب ما جاء في الصلاة بعد العصر، وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، (3 / 211)، والنسائي: كتاب المناسك - باب إباحة الطواف في كل الأوقات (5 / 223)، برقم (2924)، وكتاب المواقيت - باب إباحة الصلاة بمكة (1 / 284)، برقم (585)، وابن ماجه: كتاب الإقامة - باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت حديث (1254)، (1 / 398)، ومسند أحمد (4 / 80)، وصحيح ابن خزيمة، برقم (2747)، والمستدرك (1 / 448)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، والبيهقي (5 / 92).
- (3) ذكرنا آراء الأئمة هنا؛ لقوة دليل كل.
- (4) أبو داود: كتاب الصلاة - باب من رخص فيهما، إذا كانت الشمس طالعة (2 / 58)، برقم (1278)، ومسند أحمد (2 / 104).
- (5) مسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن (1 / 493)، رقم (63، 64) وترجم به البخارى في:كتاب الصلاة، بقوله - باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء في إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة (1 / 364)، حديث رقم (1151)، ومسند أحمد (2 / 517).
- (6) "في صلاة الغداة" أي؛ الصبح.
- (7) مسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن (1 / 494)، برقم (67)، وابن ماجه: كتاب الإقامة - باب ما جاء في إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة (1 / 364)، برقم (1152)، والنسائي: كتاب الإمامة - باب فيمن يصلي ركعتي الفجر، والإمام في الصلاة (2 / 117)، برقم (868)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب إذا أدرك الإمام، ولم يصل ركعتي الفجر (2 / 49، 50)، برقم (1265).
- (8) في "الزوائد": رواه الطبراني في: الكبير، والبزار بنحوه، وأبو يعلى، ورجاله ثقات. مجمع الزوائد (2 / 78)، وكشف الأستار (1 / 251)، برقم (518)، والبيهقي (2 / 482)، ومستدرك الحاكم (1 / 307)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
- (9) في "الزوائد": رواه الطبراني في: الكبير والأوسط، ورجاله موثقون (2 / 78).
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نبدأ من:
"الأذان"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(62)
"الأذان"
هو الإعلام بدخول وقت الصلاة، بألفاظ مخصوصة، ويحصل به الدعاء إلى الجماعة، وإظهار شعائر الإسلام، وهو واجب، أو مندوب؛ قال القرطبي، وغيره:
الأذان - على قلة ألفاظه - مشتمل على مسائل العقيدة؛ لأنه بدأ بالأكبرية، وهي تتضمن وجود اللّه وكماله، ثم ثنى بالتوحيد، ونفي الشريك، ثم بإثبات الرسالة لمحمد https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة، عقب الشهادة بالرسالة؛ لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ثم دعا إلى الفلاح، وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيدًا.
"فَضْلُه"
ورد في فضل الأذان والمؤذنين أحاديث كثيرة، نذكر بعضها فيما يلي:
1- عن أبي هريرة، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول(1)، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه، لاسْتَهَموا، ولو يعلمون ما في التهجير، لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح، لأتوهما، ولو حَبواً"(2). رواه البخاري، وغيره.
2- وعن معاوية، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة"(3). رواه أحمد، ومسلم، وابن ماجه.
3- وعن البراء بن عازب، أن نبي اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إن اللّه وملائكته يصلون على الصف المقدَّم، والمؤذن يغفر له مدَّ صوته، ويصدقه مَنْ سمعه؛ من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه"(4). قال المنذري: رواه أحمد، والنسائي بإسناد حسن جيد.
4- وعن أبي الدَّرداء، قال: سمعت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول: "ما من ثلاثة لا يؤذنون، ولا تقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ عليهم الشيطان"(5). رواه أحمد.
5- وعن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "الإمام ضامن، والمؤذنُ مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين"(6).
6- وعن عقبة بن عامر، قال: سمعت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول: "يعجب ربك - عز وجل - من راعي غنم، في شظية(7) بجبل، يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول اللّه، عز وجل: انظروا لعبدي هذا، يؤذن، ويقيم الصلاة، يخاف مني، قد غفرت لعبدي، وأدخلته الجنة"(8). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.
_________________
- (1) أي: لو يعلم ما في الأذان والصف الأول من الفضيلة، وعظيم المثوبة، لحكموا القرعة بينهم؛ لكثرة الراغبين فيها و"التهجير" التبكير إلى صلاة الظهر. و"العتمة" صلاة العشاء. و"حبواً" من حبا الصبي: إذا مشى على أربع.
- (2) البخاري: كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان (1 / 159، 160)، ومسلم: كتاب الصلاة - باب تسوية الصفوف وإقامتها، وفضل الأول فالأول منها... (1 / 325)، الحديث رقم (129).
- (3) مسلم: كتاب الصلاة - باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه (1 / 290)، برقم (14)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب فضل الأذان وثواب المؤذنين (1 / 240)، برقم (725)، والفتح الرباني (3 / 9)، برقم (235).
- (4) النسائي: كتاب الأذان - باب رفع الصوت بالأذان (2 / 13)، برقم (646)، وجمع الجوامع، برقم (5091)، ومسند أحمد (4 / 284)، ورواه الطبراني في: الأوسط عن أبي أمامة.
- (5) مسند أحمد (6 / 446).
- (6) الترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء أن الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن (1 / 402)، الحديث رقم (207)، وصححه الشيخ شاكر، ومسند أحمد (2 / 377، 378، 514).
- (7) "الشظية": القطعة تنقطع من الجبل، ولا تنفصل عنه.
- (8) مسند أحمد (4 / 157)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب الأذان في السفر (2 / 9)، رقم (1203)، والنسائي: كتاب الأذان - باب الأذان لمن يصلي وحده (2 / 20)، رقم (661).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(63)
"سببُ مشروعيَّتِه"
شرع الأذان في السنة الأولى من الهجرة، وكان سبب مشروعيته؛ لما بينته الأحاديث الآتية:
1- عن نافع، أن ابن عمر كان يقول: كان المسلمون يجتمعون، فيتحينون الصلاة(1)، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوماً في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوساً، مثل ناقوس النصارى. وقال بعضهم: بل قرناً، مثل قرن اليهود. فقال عمر: أولا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة. فقال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "يا بلال، قم فناد بالصلاة"(2). رواه أحمد، والبخاري.
2- وعن عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه، قال: لما أمر رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg بالناقوس؛ ليضرب به الناس في الجمع للصلاة وفي رواية، وهو كاره؛ لموافقته للنصارى طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت له: يا عبد اللّه، أتبيع الناقوس؟ قال: ماذا تصنع به ؟ قال: فقلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت له: بلى. قال: تقول: اللّه أكبر اللّه أكبر، اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، اللّه، أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه. ثم استأخر غير بعيد، ثم قال: تقول إذا أقيمت الصلاة: اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه. فلما أصبحت، أتيت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، فأخبرته بما رأيت، فقال: "إنها لرؤيا حق، إن شاء اللّه، فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به؛ فإنه أندى(3) صوتاً منك". قال: فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه، ويؤذن به، قال: فسمع بذلك عمر، وهو في بيته، فخرج يجر رداءه، يقول: والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي رأى. قال: فقال النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "فلله الحمد"(4). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، والترمذي، وقال: حسن صحيح.
"كيفيتُه"
ورد الأذان بكيفيات ثلاث، نذكرها فيما يلي:
أولاً: تربيع التكبير الأول، وتثْنية باقي الأذان، بلا ترجيع، ما عدا كلمة التوحيد، فيكون عدد كلماته خمس عشرة كلمة؛ لحديث عبد اللّه بن زيد المتقدم.
ثانياً: تربيع التكبير، وترجيع كل من الشهادتين، بمعنى أن يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه. يخفض بها صوته، ثم يعيدها مع الصوت؛ فعن أبي محذورة، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg علمه الأذان تسع عشرة كلمة(5). رواه الخمسة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ثالثاً: تثنية التكبير، مع ترجيع الشهادتين، فيكون عدد كلماته سبع عشرة كلمة؛ لما رواه مسلم، عن أبي محذورة، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg علّمه هذا الأذان: "اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه. ثم يعود، فيقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه مرتين أشهد أن محمداً رسول اللّه مرتين حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه "(6).
______________
- (1) "يتحينون" أي؛ يقدرون أحيانها؛ ليأتوا إليها.
- (2) البخاري: كتاب الأذان - باب بدء الأذان (1 / 57)، ومسلم: كتاب الصلاة - باب بدء الأذان (1 / 285)، الحديث رقم (1).
- (3) "أندى صوتاً منك". أي؛ أرفع أو أحسن. فيؤخذ منه استحباب كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه. وعن أبي محذورة، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أعجبه، فعلمه الأذان. رواه ابن خزيمة.
- (4) الترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في بدء الأذان (1 / 358)، برقم (189)، ومسند أحمد (4 / 43)، وابن ماجه: كتاب الأذان والسنة (1 / 232) - باب بدء الأذان، برقم (706)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 337 - 340)، برقم (499)، وصحيح ابن خزيمة، حديث رقم (370، 371).
- (5) مسلم: كتاب الصلاة - باب صفة الأذان (1 / 287)، برقم (6)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 342 )، برقم (502)، والنسائي: كتاب الأذان - باب كم الأذان من كلمة (2 / 4)، برقم (630)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في الترجيع في الأذان (1 / 367)، برقم (192)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب الترجيع في الأذان (1 / 235)، برقم (709)، ومسند أحمد (3 / 409).
- (6) مسلم: كتاب الصلاة - باب صفة الأذان (1 / 287)، الحديث رقم (6)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 118).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(64)
"التثوِيبُ"
ويشرع للمؤذن التثويب، وهو أن يقول في أذان الصبح - بعد الحيْعَلَتين -: الصلاة خير من النوم. قال أبو محذورة: يا رسول اللّه، علمني سنة الأذان ؟ فعلمه، وقال: "فإن كان صلاة الصبح، قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خيرٌ من النوم، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه "(1). رواه أحمد، وأبو داود. ولا يشرع لغير الصبح.
"كيفيةُ الإقامةِ"
ورد للإقامة كيفيات ثلاث، وهي: أولاً: تربيع التكبير الأول، مع تثنية جميع كلماته، ما عدا الكلمة الأخيرة؛ لحديث أبي محذورة، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg علمه الإقامة سبع عشرة كلمة: "اللّه أكبر أربعاً أشهد أن لا إله إلا اللّه. مرتين أشهد أن محمداً رسول اللّه مرتين حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه"(2). رواه الخمسة، وصحّحه الترمذيُّ.
ثانياً: تثنية التكبير الأول والأخير، و"قد قامت الصلاة"، وإفراد سائر كلماتها، فيكون عددها إحدى عشرة كلمة. وفي حديث عبد اللّه بن زيد المتقدم: "ثم تقول إذا أقمت: اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حيَّ على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه".
ثالثاً: هذه الكيفية كسابقتها، ما عدا كلمة "قد قامت الصلاة" فإنها لا تثنى، بل تقال مرة واحدة، فيكون عددها عشر كلمات، وبهذه الكيفية أخذ مالك؛ لأنها عمل أهل المدينة، إلا أن ابن القيم قال: لم يصح عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg إفراد كلمة "قد قامت الصلاة" ألبتة، وقال ابن عبد البر: هي مثناة على كل حال.
_________________
- (1) أبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 340)، برقم (500 )، والفتح الرباني، برقم (251)، (3 / 22، 23).
- (2) أبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 342)، برقم (502)، والنسائي: كتاب الأذان - باب كم الأذان من كلمة (2 / 4)، برقم (630)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في الترجيع في الأذان (1 / 367)، برقم (192)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب الترجيع في الأذان (1 / 235)، برقم (709)، ومسند أحمد (3 / 409، 6 / 401).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(65)
"الذِّكْرُ عنْدَ الأذانِ"
يستحب لمن يسمع المؤذن، أن يلتزم الذكر الآتي:
1- يقول مثل ما يقول المؤذن، إلا في الحَيْعَلَتين؛ فإنه يقول عقب كل كلمة: لا حول ولا قوة إلا باللّه؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي اللّه عنه - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقول المؤذن"(1). رواه الجماعة. وعن عمر، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "إذا قال المؤذن: اللّه أكبر اللّه أكبر. فقال أحدكم: اللّه أكبر اللّه أكبر. ثم قال: أشهد أن لا إله إلا اللّه. قال: أشهد أن لا إله إلا اللّه. ثم قال: أشهد أن محمداً رسول اللّه. قال: أشهد أن محمداً رسول اللّه. ثم قال: حي على الصلاة. قال: لا حول ولا قوة إلا باللّه. ثم قال: حي على الفلاح. قال: لا حول ولا قوة إلا باللّه. ثم قال: اللّه أكبر اللّه أكبر. قال: اللّه أكبر اللّه أكبر. ثم قال: لا إله إلا اللّه. قال: لا إله إلا اللّه. من قلبه، دخل الجنة"(2). رواه مسلم، وأبو داود.
قال النووي: قال أصحابنا: وإنما استحب للمتابع، أن يقول مثل المؤذن في غير الحيعلتين، ليدل على رضاه به، وموافقته على ذلك؛ أما الحيعلة، فدعاء إلى الصلاة، وهذا لا يليق بغير المؤذن، فاستحب للمتابع ذكر آخر، فكان: لا حول ولا قوة إلا باللّه؛ لأنه تفويض محض إلى اللّه تعالى. وثبت في "الصحيحين"، عن أبي موسى الأشعري، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "لا حول ولا قوة إلا باللّه، كنز من كنوز الجنة"(3).
قال أصحابنا: ويستحب متابعته لكل سامع؛ من طاهر ومحدث، وجنب وحائض، وكبير وصغير؛ لأنه ذكر، وكل هؤلاء من أهل الذِّكر، ويستثنى من هذا المصلي، ومن هو على الخلاء، والجماع، فإذا فرغ من الخلاء، تابعه، فإذا سمعه وهو في قراءة، أو ذكر، أو درس، أو نحو ذلك، قطعه، وتابع المؤذِّن، ثم عاد إلى ما كان عليه إن شاء، وإن كان في صلاة فرض أو نفل، قال الشافعي، والأصحاب: لا يتابعه، فإذا فرغ منها قاله. وفي "المغني": إذا دخل المسجد، فسمع المؤذن،استحبّ له انتظاره؛ ليفرغ، ويقول مثل ما يقول،جمعاً بين الفضيلتين،وإن لم يقل كقوله، وافتتح الصلاة، فلا بأس.نص عليه أحمد.
2- أن يصلي على النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، عقب الأذان بإحدى الصيغ الواردة، ثم يسأل اللّه له الوسيلة؛ لما رواه عبد اللّه بن عمرو، أنه سمع رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يقول: "إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ؛ فإنه من صلى عليَّ صلاة، صلى اللّه عليه بها عَشراً، ثم سَلوا اللّه لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد اللّه، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل اللّه لي الوسيلة، حَلت له شفاعتي"(4). رواه مسلم.
وعن جابر، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "من قال، حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته. حَلت له شفاعتي يوم القيامة"(5). رواه البخاري.
"الدُّعاءُ بعْدَ الأذَانِ"
الوقت بين الأذان والإقامة، وقت يرجى قبول الدعاء فيه، فيستحب الإكثار فيه من الدعاء؛ فعن أنس، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة". رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وزاد: قالوا: ماذا نقول، يا رسول اللّه ؟ قال: "سلوا اللّه العفو والعافية، في الدنيا والآخرة"(6). وعن عبد اللّه بن عمرو، أن رجلا ًقال: يا رسول اللّه، إن المؤذنين يفضلوننا. فقال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "قل كما يقولون، فإذا انتهيت، فسل تعطه"(7). رواه أحمد، وأبو داود.
وعن سهل بن سعد، قال: قال رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "ثنتان لا تردان - أو قال: ما تردان - الدعاء عند النداء، وعند البأس، حين يلحم بعضهم بعضاً"(8). رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وعن أم سلمة، قالت: علمني رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg عند أذان المغرب: "اللهم، إن هذا إقبالُ ليلك، وإدبار نهارك، وأصواتُ دعاتك، فاغفر لي"(9).
___________________
- (1) البخاري: كتاب الأذان - باب ما يقول إذا سمع المنادي (1 / 159)، ومسلم: كتاب الصلاة - باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه.. (1 / 288) برقم (10)، والنسائي: كتاب الأذان - باب القول مثل ما يقول المؤذن (2 / 23)، حديث (673)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن (1 / 407)، برقم (208)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب ما يقال إذا أذن المؤذن (1 / 238)، برقم (720)، ومسند أحمد (3 / 6، 78).
- (2) مسلم: كتاب الصلاة - باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يصلي على النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ثم يسأل اhttps://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg له الوسيلة (1 / 289)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب ما يقول إذا سمع المؤذن (1 / 125).
- (3) البخاري: كتاب المغازي - باب غزوة خيبر (2 / 170)، ومسلم: كتاب الذكر... - باب استحباب خفض الصوت بالذكر (4 / 2076)، برقم (44، 45، 47).
- (4) مسلم: كتاب الصلاة - باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يصلي على النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ثم يسأل اللّه له الوسيلة (1 / 289)، الحديث رقم (11).
- (5) البخاري: كتاب الأذان - باب الدعاء عند النداء (1 / 159).
- (6) أبو داود: كتاب الصلاة - باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة (1 / 358، 359)، برقم (521)، والنسائي فى: اليوم والليلة (1 / 168)، برقم (67)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة (1 / 415، 416)، برقم (212).
- (7) أبو داود: كتاب الصلاة - باب ما يقول إذا سمع المؤذن (1 / 360)، برقم (524)، والفتح الرباني (3/ 30)، برقم (275).
- (8) أبو داود: كتاب الجهاد - باب الدعاء عند اللقاء (3 / 45، 46)، برقم (2540)، ومستدرك الحاكم (1 / 198)، وقال: هذا حديث ينفرد به موسى بن يعقوب، وقد يروى عن مالك، عن أبي حازم، وموسى بن يعقوب ممن يوجد عنه التفرد.
- (9) أبو داود: كتاب الصلاة باب ما يقول عند أذان المغرب (530).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(66)
"الذِّكرُ عنْدَ الإقامةِ"
يستحب لمن يسمع الإقامة، أن يقول مثل ما يقول المقيم، إلا عند قوله: قد قامت الصلاة. فإنه يستحب أن يقول: أقامها اللّه وأدامها؛ فعن بعض أصحاب النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أن بلالاً أخذ في الإقامة، فلما قال: قد قامت الصلاة. قال النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " أقامها اللّه وأدامها"(1). إلا في الحَيْعَلَتين، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا باللّه.
"ما ينبغي أن يكونَ عليه المؤذنُ"
يستحب للمؤذن، أن يتصف بالصفات الآتية:
1- أن يبتغي بأذانه وجه اللّه، فلا يأخذ عليه أجراً؛ فعن عثمان بن أبي العاص، قال: قلت: يارسول اللّه، اجعلني إمام قومي(2). قال: "أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم(3)، واتخذ مؤذِّناً، لا يأخذ على أذانه أجراً "(4). رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي، لكن لفظه: إن آخر ما عهد إلي النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: " أن اتخذ مؤذناً، لا يتخذ على أذانه أجراً". قال الترمذي، عقب روايته له: حديث حسن، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، كرهوا أن يأخذ على الأذان أجراً، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه.
2- أن يكون طاهراً من الحدث الأصغر والأكبر؛ لحديث المهاجر بن قنفذ - رضي اللّه عنه - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال له: "إنه لم يمنعني أن أرد عليه(5)، إلا أني كرهت أن أذكر اللّه، إلا على طهارة"(6). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة.
فإن أذن على غير طهر، جاز مع الكراهة، عند الشافعية، ومذهب أحمد، والحنفية، وغيرهم عدم الكراهة.
3- أن يكون قائماً، مستقبل القبلة؛ قال ابن المنذر: الإجماع على أن القيام في الأذان من السنة؛ لأنه أبلغ في الإسماع، وأن من السنة، أن يستقبل القبلة بالأذان؛ وذلك أن مؤذني رسول اللّه كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة، فإن أخل باستقبال القبلة،كره له ذلك وصح.
4- أن يلتفت برأسه، وعنقه، وصدره يميناً، عند قوله: حي على الصلاة، حي على الصلاة، ويساراً عند قوله: حي على الفلاح، حي على الفلاح.
قال النووي، في هذه الكيفية: هي أصح الكيفيات.
قال أبو جحيفة: وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يميناً وشمالاً، حي على الصلاة، حي على الفلاح. رواه أحمد، والشيخان.
أما استدارة المؤذن، فقد قال البيهقي: إنها لم ترد من طرق صحيحة، وفي "المغني" عن أحمد: لا يدور، إلا إن كان على منارة، يقصد إسماع أهل الجهتين.
5- أن يدخل أصبعيه في أذنيه؛ قال بلال: فجعلت إصبعي في أذني، فأذنت. رواه أبو داود، وابن حبان، وقال الترمذي: استحب أهل العلم أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه، في الأذان.
6- أن يرفع صوته بالنداء، وإن كان منفردًَا في صحراء؛ فعن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، أن أبا سعيد الخدري - رضي اللّه عنه - قال: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مَدى صوت المؤذن جن، ولا إنس، ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (7). رواه أحمد، والبخاري، والنسائي، وابن ماجه.
7- أن يترسّل في الأذان، أي؛ يتمهل، ويفصل بين كل كلمتين بسكتة، ويحدر الإقامة، أي؛ يسرع فيها. وقد روي ما يدل على استحباب ذلك من عدة طرق.
8- ألا يتكلم أثناء الإقامة، أما الكلام أثناء الأذان، فقد كرهه طائفة من أهل العلم، ورخص فيه الحسن، وعطاء، وقتادة. وقال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يتكلم في أذانه ؟ فقال: نعم. فقيل: يتكلم في الإقامة ؟ قال: لا. وذلك؛ لأنه يستحب فيها الإسراع.
_____________
- (1) أبو داود: كتاب الصلاة- باب ما يقول إذا سمع الإقامة (1 / 362)، برقم (528)، والحديث ضعيف.
- (2) فيه جواز سؤال الإمامة في الخير.
- (3) "واقتد بأضعفهم" أي؛ اجعل صلاتك بهم خفيفة، كصلاة أضعفهم.
- (4) أبو داود: كتاب الصلاة - باب أخذ الأجر على التأذين (1 / 363)، برقم (531)، والنسائي: كتاب الأذان - باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجراً (2 / 23)، برقم (672)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجراً (1 / 409، 410)، برقم (209)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب السنة في الأذان (1 / 236)، برقم (714).
- (5) "أن أرد عليه" أي؛ أرد عليه السلام.
- (6) تقدم تخريجه.
- (7) البخاري: كتاب الأذان - باب رفع الصوت بالنداء (1 / 158)، والنسائي: كتاب الأذان - باب رفع الصوت بالأذان (2 / 12)، برقم (644)، ومسند أحمد (3 / 43)، وموطأ مالك (1 / 89) (ط صبيح).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(67)
"الأذانُ في أولِ الوقتِ ، وقبله"
الأذان يكون في أول الوقت، من غير تقديم عليه، ولا تأخير عنه، إلا أذان الفجر؛ فإنه يشرع تقديمه على أول الوقت، إذ أمكن التمييز بين الأذان الأول والثاني، حتى لا يقع الاشتباه؛ فعن عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه عنهما - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " إنَّ بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا، حتى يؤذن ابن أم مكتوم(1)"(2). متفق عليه. والحكمة في جواز تقديم أذان الفجر على الوقت، ما بينه الحديث الذي رواه أحمد وغيره، عن ابن مسعود، أنه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: " لا يمنعن أحدَكم أذانُ بلال مِن سحوره، فإنه يؤذن أو قال: ينادي ليرجع قائمكم، وينَبه نائمكم"(3). ولم يكن بلال يؤذن بغير ألفاظ الأذان. وروى الطحاوي، والنسائي، أنه لم يكن بين أذانه وأذان ابن أم مكتوم، إلا أن يرقى هذا، وينزل هذا (4).
"الفصل بين الأذانِ ، والإقامةِ"
يطلب الفصل بين الأذان والإقامة بوقت، يسع التأهب للصلاة وحضورها؛ لأن الأذان إنما شرع لهذا، وإلا ضاعت الفائدة منه. والأحاديث الواردة في هذا المعنى كلها ضعيفة، وقد ترجم البخاري باب كم بين الأذان والإقامة. ولكن لم يثبت التقدير.
قال ابن بطال: لا حد لذلك، غير تمكن دخول الوقت، واجتماع المصلين. وعن جابر بن سمرة - رضي اللّه عنه - قال: كان مؤذن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يؤذن، ثم يمهل، فلا يقيم، حتى إذا رأى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قد خرج، أقام الصلاة حين يراه(5). رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي.
___________________
- (1)ابن أم مكتوم كان أعمى، ويؤخذ منه جواز أذانه، إذا استطاع معرفة الوقت، كما يجوز أذان الصبي المميز.
- (2) البخاري: كتاب الأذان - باب أذان الأعمى (1 / 160)، وباب الأذان قبل الفجر (1 / 161)، وكتاب الصوم - باب قول النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال". (3 / 37) ومسلم: كتاب الصوم - باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر... (2 / 768)، رقم (38).
- (3) البخاري: كتاب الأذان - باب الأذان قبل الفجر (1 / 160، 161)، ومسلم: كتاب الصيام - باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر (2 / 768، 769)، رقم (39)، ومسند أحمد (1 / 386).
- (4) البخاري: كتاب الصوم - باب قول النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال" (3 / 37).
- (5) مسلم: كتاب المساجد - باب متى يقوم الناس للصلاة (1 / 423)، برقم (160)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب في المؤذن ينتظر الإمام (1 / 366)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة (1 / 391)، وقال: حديث جابر بن سمرة هو حديث حسن صحيح، والفتح الرباني (3 / 40)، برقم (291).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(68)
"مَنْ أذنَ، فهو يقيمُ"
يجوز أن يقيم المؤذن وغيره، باتفاق العلماء، ولكن الأولى أن يتولى المؤذن الإقامة.
قال الشافعي: وإذا أذن الرجل، أحببت أن يتولى الإقامة.
وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، أنَّ من أذن فهو يقيم.
"متى يقامُ إلى الصَّلاةِ ؟"
قال مالك في "الموطأ": لم أسمع في قيام الناس، حين تقام الصلاة، حدّاً محدوداً، إني أرى ذلك على طاقة الناس؛ فإن منهم الثقيل، والخفيف. وروى ابن المنذر، عن أنس، أنه كان يقوم، إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة.
"الخروجُ من المسْجدِ بعْدَ الأذانِ"
ورد النهي عن ترك إجابة المؤذن، وعن الخروج من المسجد بعد الأذان، إلا بعذر، أو مع العزم على الرجوع؛ فعن أبي هريرة، قال: أمرنا رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "إذا كنتم في المسجد، فنودي بالصلاة، فلا يخرج أحدكم، حتى يصلي"(1). رواه أحمد، وإسناده صحيح. وعن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: خرج رجل من المسجد، بعدما أذن المؤذن، فقال: أما هذا، فقد عصى أبا القاسم https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg (2). رواه مسلم، وأصحاب السنن.
وعن معاذ الجهني، عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أنه قال: "الجفاء كل الجفاء، والكفر والنفاق، من سمع منادي اللَّه ينادي، يدعو إلى الفلاح ولا يجيبه"(3). رواه أحمد، والطبراني.
قال الترمذي: وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أنهم قالوا: من سمع النداء، فلم يجب، فلا صلاة له(4). وقال بعض أهل العلم: هذا على التغليظ والتشديد، ولا رخصة لأحد في ترك الجماعة، إلا من عذر.
________________
(1)مسند أحمد (2 / 537)، وفي "الزوائد": قلت: روى مسلم، وأبو داود بعضه، ورواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.
(2) مسلم: كتاب المساجد - باب النهي عن الخروج من المسجد... (1 / 454) برقم (259)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب الخروج من المسجد بعد الأذان (1 / 366)، والنسائي: كتاب الأذان - باب التشديد في الخروج من المسجد بعد الأذان (2 / 29)، برقم (684)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان (1 / 397)، برقم (204)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب إذا أذن، وأنت في المسجد، فلا تخرج (1 / 242)، برقم (733).
(3) مسند أحمد (3 / 439)، وفي "الزوائد" (2 / 44، 45): رواه أحمد، والطبراني في الكبير، وفيه زبان بن فائد، ضعفه ابن معين، ووثقه أبو حاتم، فالحديث ضعيف.
(4) في سنن ابن ماجه: كتاب المساجد - باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، رقم (793)، (1 / 260)، عن ابن عباس، عن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg
ونبدأ إن شاء الله تعالى المرة القادمة من:
"الأذانُ، والإقامةُ للفائتة"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(69)
"الأذانُ، والإقامةُ للفائتة"
من نام عن صلاة أو نسيها، فإنه يشرع له أن يؤذن لها ويقيم، حينما يريد صلاتها؛ ففي رواية أبي داود، في القصة التي نام فيها النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg وأصحابه، ولم يستيقظوا، حتى طلعت الشمس، أنه أمر بلالاً فأذن، وأقام وصلى(1).
فإن تعددت الفوائت، استحب له أن يؤذن(2)، ويقيم للأولى، ويقيم لكل صلاة إقامة؛ قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللّه يُسأل، عن رجل يقضي صلاة، كيف يصنع في الأذان ؟ فذكر حديث هشيم، عن أبي الزبير، عن نافع بن جبير، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه، عن أبيه، أن المشركين شغلوا النبي عن أربع صلوات يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء اللّه. قال: فأمر بلالاً فأذن، وأقام وصلى الظهر، ثم أمره، فأقام فصلى العصر، ثم أمره، فأقام فصلى المغرب، ثم أمره، فأقام فصلى العشاء.
"أذانُ النساءِ وإقامتهُنَّ"
قال ابن عمر رضي اللّه عنهما: ليس على النساء أذان ولا إقامة(3). رواه البيهقي بسند صحيح.
وإلى هذا ذهب أنس، والحسن، وابن سيرين، والنخعي، والثوري، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي، وإسحاق: إن أذَّنَّ، وأقمن، فلا بأس. وروي عن أحمد: إن فعلن، فلا بأس، وإن لم يفعلن، فجائز. وعن عائشة، أنها كانت تؤذن وتقيم، وتؤم النساء، وتقف وسطهن(4). رواه البيهقي.
"دخولُ المسْجدِ بعد الصَّلاةِ فيه"
قال صاحب "المغني": ومن دخل مسجداً، قد صلي فيه؛ فإن شاء أذن، وأقام. نص عليه أحمد؛ لما روى الأثرم، وسعيد بن منصور، عن أنس، أنه دخل مسجداً، قد صلوا فيه، فأمر رجلاً، فأذن بهم، وأقام فصلى بهم في جماعة(5).
وإن شاء صلى من غير أذان، ولا إقامة؛ فإن عروة قال: إذا انتهيت إلى مسجد، قد صلى فيه ناس، أذنوا، وأقاموا؛ فإن أذانهم وإقامتهم يجزئ عمن جاء بعدهم. وهذا قول الحسن، والشعبي، والنخعي، إلا أن الحسن قال: كان أحب إليهم أن يقيم، وإذا أذن، فالمستحب أن يخفي ذلك، ولا يجهر به؛ لئلا يغر الناس بالأذان في غير محله.
"الفصلُ بين الإقامة، والصَّلاةِ"
يجوز الفصل بين الإقامة والصلاة بالكلام وغيره، ولا تعاد الإقامة، وإن طال الفصل؛ فعن أنس بن مالك، قال: أقيمت الصلاة، والنبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يناجي رجلاً في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة، حتى نام القوم(6). رواه البخاري.
وتذكر النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg وماً، أنه جنب بعد إقامة الصلاة، فرجع إلى بيته، فاغتسل، ثم عاد وصلى بأصحابه، بدون إقامة(7).
__________________
- (1) البخاري: كتاب الصلاة - باب الأذان بعد ذهاب الوقت (1 / 154).
- (2) أن يؤذن، أي؛ أذاناً لايشوش على الناس، ولا يلبث عليهم اهـ.
- (3) ضعيف، انظر: تمام المنة (153).
- (4) البيهقي (1 / 408، 3 / 131)، وصححه الألباني. تمام المنة (153).
- (5) صحيح، انظر: تمام المنة (155).
- (6)البخاري: كتاب الأذان - باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة (1/ 165)، وانظر مسلماً: كتاب الحيض - باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء (1 / 284)، رقم (123، 124).
- (7) البخاري:كتاب الأذان - باب إذا قال الإمام: مكانكم، حتى أرجع. انتظروه (1 / 164).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(70)
"أذانُ غيرِ المؤذنِ الراتبِ"
لا يجوز أن يؤذن غير المؤذن الراتب، إلا بإذنه، أو أن يتخلف، فيؤذن غيره؛ مخافة فوات وقت التأذين.
"ما أضيفَ إلى الأذان وليس منه"
الأذان عبادة، ومدار الأمر في العبادات على الاتباع، فلا يجوز لنا أن نزيد شيئاً في ديننا، أو ننقص منه؛ وفي الحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا هذا، ما ليس منه، فهو رد"(1). أي؛ باطل، ونحن نشير هنا إلى أشياء غير مشروعة، درج عليها الكثير، حتى خيل للبعض أنها من الدين، وهي ليست منه في شيء؛ من ذلك:
- 1- قول المؤذن، حين الأذان أو الإقامة: أشهد أن سيدنا محمداً رسول اللّه. رأى الحافظ ابن حجر، أنه لا يزاد ذلك في الكلمات المأثورة، ويجوز أن يزاد في غيرها.
- 2- قال الشيخ إسماعيل العجلوني في "كشف الخفاء": مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين، بعد تقبيلهما، عند سماع قول المؤذن: أشهد أن محمداً رسول اللّه. مع قوله: أشهد أن محمداً عبده ورسوله، رضيت باللّه ربَّا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg نبيّاً. رواه الديلمي، عن أبي بكر، أنه لما سمع قول المؤذن: أشهد أن محمداً رسول اللّه. قاله، وقبل باطن أنملتي السبابتين، ومسح عينيه، فقال https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: من فعل فِعل خليلي، فقد حلت له شفاعتي.
قال في "المقاصد": لا يصح، وكذا لا يصح ما رواه أبو العباس بن أبي بكر الرذَّاذ، اليماني، المتصوف في كتابه "موجبات الرحمة وعزائم المغفرة" بسند فيه مجاهيل، مع انقطاعه، عن الخضر - عليه السلام - أنه قال: من قال حين يسمع المؤذن يقول: أشهد أن محمداً رسول اللّه. مرحباً بحبيبي، وقرة عيني، محمد بن عبد اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg. ثم يقبل إبهاميه ويجعلهما على عينيه، لم يعم، ولم يرمد أبداً. ونقل غير ذلك، ثم قال: ولم يصح في المرفوع من كل ذلك.
- 3- التغني في الأذان واللحن فيه، بزيادة حرف، أو حركة، أو مد، وهذا مكروه، فإن أدى إلى تغيير معنى، أو إبهام محذور، فهو محرم؛ وعن يحيى البكاء، قال: رأيت ابن عمر يقول لرجل: إني لأبغضك في اللّه. ثم قال لأصحابه: إنه يتغنى في أذانه، ويأخذ عليه أجراً.
- 4- التسبيح قبل الفجر: قال في "الإقناع" و"شرحه"، من كتب الحنابلة: وما سوى التأذين قبل الفجر؛ من التسبيح، والنشيد، ورفع الصوت بالدعاء، ونحو ذلك في المآذن، فليس بمسنون، وما من أحد من العلماء قال: إنه يستحب. بل هو من جملة البدع المكروهة؛ لأنه لم يكن في عهده https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ولا في عهد أصحابه، وليس له أصل فيما كان على عهدهم يرد إليه، فليس لأحد أن يأمر به، ولا ينكر على من تركه، ولا يعلق استحقاق الرزق به؛ لأنه إعانة على بدعة، ولا يلزم فعله، ولو شرطه الواقف لمخالفته السنة. وفي كتاب "تلبيس إبليس" لعبد الرحمن بن الجوزي: وقد رأيت من يقوم بليل كثير(2) على المنارة، فيعظ، ويذكر، ويقرأ سورة من القرآن، بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم، وكل ذلك من المنكرات. وقال الحافظ في "الفتح": ما أحدث من التسبيح قبل الصبح، وقبل الجمعة، ومن الصلاة على النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، ليس من الأذان، لا لغة ولا شرعاً.
- 5- الجهر بالصلاة والسلام على الرسول https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، عقب الأذان، غير مشروع، بل هو محدث مكروه؛ قال ابن حجر في "الفتاوى الكبرى": قد استفتى مشايخنا وغيرهم فى الصلاة والسلام عليه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، بعد الأذان على الكيفية، التي يفعلها المؤذنون، فأفتوا، بأن الأصل سنة، والكيفية بدعة. وسئل الشيخ محمد عبده، مفتي الديار المصرية، عن الصلاة والسلام على النبيّ https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، عقب الأذان ؟ فأجاب: أما الأذان، فقد جاء في "الخانيّة"، أنه ليس لغير المكتوبات، وأنه خمس عشرة كلمة، وآخره عندنا، لا إله إلا اللّه، وما يذكر بعده أو قبله كله من المستحدثات المبتدعة، ابتدعت للتلحين، لا لشيء آخر، ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين، ولا عبرة بقول من قال: إن شيئاً من ذلك بدعة حسنة؛ لأن كل بدعة في العبادات على هذا النحو، فهي سيئة،ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين، فهو كاذب.
___________________
- (1) البخاري: كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور... (5 / 221)، ومسلم: كتاب الأقضية - باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (3 / 1343)، رقم (17)، وابن ماجه: المقدمة، الحديث رقم (24)، (1 / 7) - باب تعظيم حديث رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg والتغليظ على من عارضه، ومسند أحمد (6 / 270).
- (2) بليل كثير: أي؛ بجزء كبير من الليل.
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(71)
"شروط الصلاة"
"العلمُ بدخولِ الوقتِ"
الشروط التي تتقدم الصلاة، ويجب على المصلي أن يأتي بها، بحيث لو ترك شيئاً منها، تكون صلاته باطلة، هي: (1) العلمُ بدخولِ الوقتِ، ويكفي غلبة الظن، فمن تيقن، أو غلب على ظنه دخول الوقت، أبيحت له الصلاة؛ سواء كان ذلك بإخبار الثقة، أو أذان المؤذن المؤتمن، أو الاجتهاد الشخصي، أو أي سبب من الأسباب، التي يحصل بها العلم.
"الطهارةُ من الحدثِ الأصغرِ والأكبر"
(2) الطهارةُ من الحدثِ الأصغرِ والأكبرِ؛ لقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا " [لمائدة: 6] ولحديث ابن عمر- رضي اللّه عنهما - أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "لا يقبل اللّه صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول(1)"(2). رواه الجماعة، إلا البخاري.
"طهارة البدن"
(3) طهارة البدن، والثوب، والمكان الذي يصلي فيه من النجاسة الحسية، متى قدر على ذلك، فإن عجز عن إزالتها، صلى معها، ولا إعادة عليه، أما طهارة البدن؛ فلحديث أنس، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه"(3). رواه الدارقطني وحسنه. وعن علي - رضي اللّه عنه - قال: كنت رجلاً مذاء، فأمرت رجلاً أن يسأل النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg؛ لمكان ابنته، فسأل، فقال: "توضأ، واغسل ذكرك"(4). رواه البخاري، وغيره. وروي أيضاً عن عائشة، أنه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال للمستحاضة: "اغسلي الدم،عنك وصلى"(5).وأما طهارة الثوب؛ فلقوله تعالى: " وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " [المدثر:4].
وعن جابر بن سمرة، قال: سمعت رجلاً سأل النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي؟ قال:"نعم، إلا أن ترى فيه شيئاً، فتغسله"(6). رواه أحمد، وابن ماجه بسند رجاله ثقات.
وعن معاوية، قال: قلت لأم حبيبة: هل كان النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يصلي في الثوب، الذي يجامع فيه ؟ قالت: نعم، إذا لم يكن فيه أذى(7). رواه أحمد، وأصحاب السنن، إلا الترمذي.
وعن أبي سعيد، أنه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg صلى، فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف، قال: "لمَ خلعتم؟ "قالوا: رأيناك خلعت، فخلعنا. فقال: "إن جبريل أتاني، فأخبرني أن بهما خبثاً؛ فإذا جاء أحدكم المسجد، فليقلب نعليه ولينظر فيهما، فإن رأى خبثاً، فليمسحه بالأرض، ثم ليصلِّ فيهما"(8). رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، وابن حبان، وابن خزيمة وصححه.
وفي الحديث دليل على أن المصلي إذا دخل في الصلاة، وهو متلبس بنجاسة، غير عالم بها، أو ناسياً لها، ثم علم بها أثناء الصلاة، فإنه يجب عليه إزالتها، ثم يستمر في صلاته، ويبني على ما صلى، ولا إعادة عليه. وأما طهارة المكان الذي يصلي فيه؛ فلحديث أبي هريرة، قال: قام أعرابي، فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقعوا به، فقال https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg: "دعوه، وأريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوباً(9) من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين"(10). رواه الجماعة، إلا مسلماً.
قال الشوكاني، بعد أن ناقش أدلة القائلين، باشتراط طهارة الثوب: إذا تقرر ما سقناه لك من الأدلة وما فيها، فاعلم أنها لا تقصر عن إفادة وجوب تطهير الثياب؛ فمن صلى، وعلى ثوبه نجاسة، كان تاركاً لواجب، وأما أن صلاته باطلة، كما هو شأن فقدان شرط الصحة، فلا.
وفي "الروضة الندية": وقد ذهب الجمهور إلى وجوب تطهير الثلاثة؛ البدن، والثوب، والمكان للصلاة، وذهب جمع إلى أن ذلك شرط لصحة الصلاة، وذهب آخرون إلى أنه سنّة، والحق الوجوب؛ فمن صلى ملابساً لنجاسة، عامداً، فقد أخلّ بواجب، وصلاته صحيحة
__________________
- (1) "الغلول": السرقة من الغنيمة، قبل قسمتها.
- (2) تقدم تخريجه.
- (3) تقدم تخريجه.
- (4) تقدم تخريجه.
- (5) البخاري: كتاب الحيض - باب الاستحاضة (1 / 84).
- (6) ابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه، برقم (542)، (1 / 180)، ومسند أحمد (5 / 97 ) وفي "مصباح الزجاجة" عن إسناده: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده". مصباح الزجاجة (1 / 215)، برقم (224، 542).
- (7) أبو داود: كتاب الطهارة - باب الصلاة في الثوب الذى يصيب أهله فيه (1 / 257)، برقم (366)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب المني يصيب الثوب (1 / 155)، برقم (293)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه (1 / 179) برقم (540)، و في "معالم السنن": رواه أبو داود، وآخرون، وإسناده حسن (1 / 274).
- (8) تقدم تخريجه.
- (9)السجل: هو الدلو، إذا كان فيه ماء. والذنوب: الدلو العظيمة الممتلئة ماء.
- (10) تقدم تخريجه، في "الطهارة".
وبالمرة القادمة إن شاء الله نبدأ من:
"سَتْرُ العورَة"
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(72)
"سَتْرُ العورَة"
(4) سَتْرُ العورَةِ؛ لقول اللّه تعالى: " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ " [ الأعراف: 31]. والمراد بالزينة؛ ما يستر العورة، والمسجد؛ الصلاة، أي؛ استروا عورتكم عند كل صلاة. وعن سلمة بن الأكوع - رضي اللّه عنه - قال: قلت: يا رسول اللّه، أفأصلي في القميص ؟ قال: "نعم، وازْرُرْه ولو بشوكة "(1). رواه البخاري في "تاريخه" وغيره.
"حدُّ العورةِ من الرجل"
العورة التي يجب على الرجل سترها عند الصلاة، القُبل والدبر، أما ما عداهما من الفخذ، والسرة، والركبة، فقد اختلفت فيها الأنظار؛ تبعاً لتعارض الآثار، فمن قائل بأنها ليست بعورة، ومن ذاهب إلى أنها عورة.
"حجةُ من يرى أنَّها ليست بعورةٍ"
استدل القائلون، بأن السرة، والفخذ، والركبة ليست بعورة بهذه الأحاديث:
- 1 عن عائشة - رضي اللّه عنها - أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان جالساً، كاشفاً عن فخذه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له، وهو على حاله، ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو على حاله، ثم استأذن عثمان، فأرخى عليه ثيابه، فلما قاموا، قلت: يا رسول اللّه، استأذن أبو بكر، وعمر، فأذنت لهما، وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان، أرخيت عليك ثيابك ؟ فقال: "يا عائشة، ألا أستحي من رجل، واللّه إن الملائكة لتستحي منه"(2). رواه أحمد، وذكره البخاري تعليقاً.
- 2 وعن أنس، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه، حتى إني لأنظر إلى بياض فخذه(3). رواه أحمد، والبخاري.
قال ابن حزم: فصح، أن الفخذ ليست عورة، ولو كانت عورة، لما كشفها اللّه، عز وجل، عن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg المطهر المعصوم من الناس، في حال النبوة والرسالة، ولا أراها أنس بن مالك ولا غيره، وهو - تعالى - قد عصمه من كشف العورة، في حال الصبا، وقبل النبوة؛ ففي "الصحيحين"، عن جابر، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان ينقل معهم الحجارة للكعبة، وعليه إزاره، فقال له عمه العباس: يا ابن أخي، لو حللت إزارك، فجعلته على منكبك دون الحجارة. قال: فحله، وجعله على منكبه، فسقط مغشيّاً عليه، فما رئي بعد ذلك اليوم عرياناً(4).
- 3 وعن مسلم، عن أبي العالية البرَاء، قال: إن عبد اللّه بن الصامت ضرب فخذي، وقال: إني سألت أبا ذر، فضرب فخذي،كما ضربت فخذك، وقال: إني سألت رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كما سألتني، فضرب فخذي،كما ضربت فخذك، وقال: "صل الصلاة لوقتها"(5). إلى آخر الحديث.
قال ابن حزم: فلو كانت الفخذ عورة، لما مسها رسول اللّه من أبي ذر أصلاً بيده المقدسة، ولو كانت الفخذ عورة عند أبي ذر، لما ضرب عليها بيده، وكذلك عبد اللّه بن الصامت، وأبو العالية، وما يستحل لمسلم، أن يضرب بيده على قُبُل إنسان على الثياب، ولا على حلقة دبر إنسان على الثياب، ولا على بدن امرأة أجنبية على الثياب، ألبتة.
- 4 ثم ذكر ابن حزم بإسناده إلى جبير بن الحويرث، أنه نظر إلى فخذ أبي بكر، وقد انكشفت، وأن أنس بن مالك أتى قس بن شماس، وقد حسر عن فخذيه.
"حجةُ من يرى أنَّها عورةٌ"
واستدل القائلون، بأنها عورة بهذين الحديثين:
- 1 عن محمد بن جحش، قال: مر رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg على معمر، وفخذاه مكشوفتان، فقال: "يا معمر، غط فخذيك؛ فإن الفخذين عورة"(6). رواه أحمد، والحاكم، والبخاري في "تاريخه"، وعلقه في "صحيحه".
- 2 وعن جَرهَد، قال: مر رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، وعليَّ بُرْدة، وقد انكشفت فخذي، فقال: "غط فخذيك؛ فإن الفخذ عورة"(7). رواه مالك، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن، وذكره البخاري في "صحيحه" معلقاً.
هذا هو ما استدل به كل من الفريقين، وللناظر في هذا أن يختار أي الرأيين، وإن كان الأحوط في الدين أن يستر المصلي ما بين سرته وركبته، ما أمكن ذلك؛ قال البخاري: حديث أنس أسند، وحديث جَرْهَد أحوط. أي؛ حديث أنس المتقدم أصح إسناداً.
_________________
- (1)أبو داود: كتاب الصلاة - باب في الرجل يصلي في قميص واحد (1 / 416) رقم (632)، والنسائي: كتاب القبلة، باب الصلاة في قميص واحد (2 / 70)، رقم (765).
- (2) مسند أحمد (6 / 62) وانظر مسلماً، بلفظ آخر: كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل عثمان رضي اللّه عنه (4 / 1867)، رقم (26).
- (3) البخاري: كتاب الصلاة - باب ما يذكر في الفخذ (1 / 103، 104)، والفتح الرباني (3 / 85)، رقم (368).
- (4) البخاري: كتاب الصلاة - باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها (1 / 102)، ومسلم: كتاب الحيض - باب الاعتناء بحفظ العورة (1 / 268)، رقم (77).
- (5) سبق تخريجه.
- (6) فتح الباري (1 / 478)، ومسند أحمد (5 / 290)، ومستدرك الحاكم (4 / 180).
- (7) البخاري تعليقاً (1 / 103)، وأبو داود: كتاب الأدب - باب النهي عن التعري (4 / 303)، برقم (4014)، والترمذي: كتاب الأدب - باب ما جاء أن الفخذ عورة (5 / 111)، برقم (2798)، وقال: حديث حسن، ومسند أحمد (3 / 478)، وانظر: تمام المنة (159).
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(73)
"حدُّ العورةِ من المرأَة"
بدن المرأة كله عورة، يجب عليها ستره، ما عدا الوجه والكفين؛ قال اللّه تعالى: " وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا " [النور: 31].
أي؛ ولا يظهرن مواضع الزينة، إلا الوجه والكفين، كما جاء ذلك صحيحاً عن ابن عباس، وابن عمر، وعائشة وعنها، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg قال: "لا يَقْبل اللّه صلاة حائض(1) إلا بخمار"(2). رواه الخمسة، إلا النسائى، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، وقال الترمذي: حديث حسن.
وعن أم سلمة، أنها سألت النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg، أتصلي المرأة في درع(3) وخمار، بغير إزار ؟ قال: "إذا كان الدرع سابغاً، يغطي ظهور قدميها"(4). رواه أبو داود، وصحح الأئمة وقفه(5).
وعن عائشة، أنها سئلت، في كم تصلي المرأة من الثياب ؟ فقالت للسائل: سل عليَّ بن أبي طالب، ثم ارجع إليَّ، فأخبرني. فأتى عليّاً فسأله، فقال: في الخمار والدرع السابغ. فرجع إلى عائشة، فأخبرها، فقالت: صدق.
___________________
- (1) "الحائض": أي؛ البالغة، والخمار غطاء الرأس.
- (2) أبو داود: كتاب الصلاة - باب المرأة تصلى بخمار (1 / 421) رقم (641 )، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء لا يقبل اللّه صلاة المرأة إلا بخمار (2 / 215)، رقم (377)، ومسند أحمد (6 / 150)، ومستدرك الحاكم (1 / 251)، وقال الذهبي: على شرط مسلم، وعلته ابن أبى عروبة، والسنن الكبرى للبيهقي (2 / 233).
- (3) الدرع: القميص.
- (4) أبو داود: كتاب الصلاة - باب في كم تصلي المرأة (1 / 420)، وفي "تلخيص الحبير": رواه أبو داود، والحاكم من حديث أم سلمة، وأعله عبد الحق، بأن مالكاً وغيره رووه موقوفاً، وهو الصواب. تلخيص الحبير (1 / 280)، وضعفه الألباني، في: إرواء الغليل (274).
- (5) صحح الأئمة وقفه؛لأنه ليس من كلام أم سلمة، ومثل هذا له حكم المرفوع إلى النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg..
-
رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد
"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(74)
"ما يجبُ من الثِّيابِ وما يستحبُّ منها"
الواجب من الثياب ما يستر العورة، وإن كان الساتر ضيقاً، يحدد العورة، فإن كان خفيفاً، يبين لون الجلد من ورائه، فيعلم بياضه أو حمرته، لم تجز الصلاة فيه، وتجوز الصلاة في الثوب الواحد، كما تقدم في حديث سلمة بن الأكوع.
وعن أبي هريرة، أن رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg سئل، عن الصلاة في ثوب واحد ؟ فقال: "أولكلكم ثوبان؟"(1). رواه مسلم، ومالك، وغيرهما.
ويستحب أن يصلي في ثوبين أو أكثر، وأن يتجمل، ويتزين ما أمكن ذلك
فعن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - عن رسول اللّه قال: "إذا صلى أحدكم(2)، فليلبس ثوبيه؛ فإن اللّه أحق من تزين له، فإن لم يكن له ثوبان، فَليَتَّزِر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود"(3). رواه الطبراني، والبيهقي.
وروى عبد الرازق، أن أبيَّ ابن كعب، وعبد اللّه بن مسعود اختلفا؛ فقال أبي: الصلاة في الثوب الواحد غير مكروهة. وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك، وفي الثياب قلة. فقام عمر على المنبر، فقال: القول ما قال أبيّ، ولم يأل(4) ابن مسعود، إذا وسّع اللّه فأوسعوا؛ جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقبَاء، في تبّان وقباء، في تبّان وقميص. وقال: وأحسبه قال: في تبّان ورداء وهو في البخاري، بدون ذكر السبب.
وعن بُريدَة، قال: نهى رسول اللّه https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg أن يُصلي الرجل في لحاف(5) واحد، لا يتوشح به، ونهى أن يصلي الرجل في سراويل، وليس عليه رداء(6). رواه أبو داود، والبيهقي.
وعن الحسن بن عليّ - رضي اللّه عنهما - أنه كان إذا قام إلى الصلاة، لبس أجود ثيابه، فسُئلَ عن ذلك ؟ فقال: إن اللّه جميل يحب الجمال، فأتجمل لربي، وهو يقول:"خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ" [الأعراف: 31].
"كشْفُ الرأْسِ في الصَّلاةِ"
روى ابن عساكر، عن ابن عباس، أن النبي https://majles.alukah.net/imgcache/2020/02/138.jpg كان ربما نزع قلنسوته، فجعلها سترة بين يديه(7). وعند الحنفية، أنه لا بأس بصلاة الرجل حاسر الرأس، واستحبوا ذلك إذا كان للخشوع. ولم يرد دليل، بأفضلية تغطية الرأس في الصلاة.
__________________
- (1) مسلم: كتاب الصلاة - باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه (1 / 367)، رقم (275)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب جماع أبواب ما يصلى فيه (1 / 414) رقم (625)، والنسائي (2/ 70 ): كتاب القبلة - باب الصلاة في الثوب الواحد، رقم (763)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب الصلاة في الثوب الواحد، رقم (1047)، (1 / 333)، وموطأ مالك (1 / 140): كتاب صلاة الجماعة - باب الرخصة في الصلاة في ثوب واحد، حديث رقم (30).
- (2) "إذا صلى أحدكم" أي؛ أراد أن يصلي.
- (3) أبو داود: كتاب الصلاة - باب إذا كان الثوب ضيقاً، فيتزر به، ورواه دون: "فإن اللّه أحق من تزين له"، رقم (635) (1 / 418)، وفي الزوائد الجزء الأول من الحديث، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن. مجمع (2 / 54)، والسنن الكبرى للبيهقي (2 / 236).
- (4) "يأل": أي؛ يقصر. و"القباء": القفطان. و"التبان" سراويل من جلد، ليس له رجلان، وهو لبس المصارعين.
- (5) "في لحاف" أي؛ في ثوب يلتحف به.
- (6) أبو داود: كتاب الصلاة - باب إذا كان الثوب ضيقاً يتزر به (1 / 418، 419) رقم (636)، والسنن الكبرى للبيهقي (2 / 236)، والحديث حسن، قاله الألباني، في: صحيح أبي داود (646).
- (7) والحديث ضعيف، انظر: الضعيفة (2538)، وتمام المنة (164).