رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
10- (بِضْعٌ): بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَحُكِيَ الْفَتْحُ لُغَةً وَهُوَ عَدَدٌ مُبْهَمٌ مُقَيَّدٌ بِمَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَزَّازُ وَقَالَ بن سِيدَهْ إِلَى الْعَشْرِ وَقِيلَ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى تِسْعَةٍ وَقِيلَ مِنِ اثْنَيْنِ إِلَى عَشَرَةٍ وَقِيلَ مِنْ أَرْبَعَةٍ إِلَى تِسْعَةٍ وَعَنِ الْخَلِيلِ الْبِضْعُ السَّبْعُ وَيُرَجِّحُ مَا قَالَهُ الْقَزَّازُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَلَبِثَ فِي السجْن بضع سِنِين وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ قُرَيْشًا قَالُوا ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مَرْفُوعًا وَنَقَلَ الصَّغَانِيُّ فِي الْعُبَابِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَبِمَا دُونَ الْعِشْرِينَ فَإِذَا جَاوَزَ الْعِشْرِينَ امْتَنَعَ قَالَ وَأَجَازَهُ أَبُو زَيْدٍ فَقَالَ يُقَالُ بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا وَبِضْعٌ وَعِشْرُونَ امْرَأَةً وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْعَشَرَاتِ إِلَى التِّسْعِينَ وَلَا يُقَالُ بِضْعٌ وَمِائَةٌ وَلَا بِضْعٌ وَأَلْفٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِضْعَةٌ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ وَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ. (1/ 103, 104).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
11- فَإِنْ قِيلَ لِمَ أَفْرَدَ الْحَيَاءَ (في حديث: والحياء شعبة من الإيمان) بِالذِّكْرِ هُنَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ كَالدَّاعِي إِلَى بَاقِي الشُّعَبِ إِذِ الْحَييُّ يَخَافُ فَضِيحَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَيَأْتَمِرُ وَيَنْزَجِرُ. (1/ 105).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
12- قوله: «وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ», فَإِنْ قِيلَ اللَّفْظُ عَامٌّ فَيَدْخُلُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ وَالْفَاسِقُ أُجِيبَ بِأَنَّهُ خُصَّ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى أَوْ أَنَّ النَّهْيَ مُتَأَخِّرٌ وَكَانَ هَذَا عَامًّا لِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيفِ. (1/ 111).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أفقر الخلق إلى الله
جزيت خيرا
وجزيت مثله
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
13 - «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، الْمُرَادُ بِالنَّفْيِ كَمَالُ الْإِيمَانِ وَنَفْيُ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الْكَمَالِ عَنْهُ مُسْتَفِيضٌ فِي كَلَامِهِمْ كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ لَيْسَ بِإِنْسَانٍ. (1/ 113).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
14 - وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ([1]) أَنَّ إِقَامَةَ الْحَدِّ كَفَّارَةٌ لِلذَّنْبِ وَلَوْ لَمْ يَتُبِ الْمَحْدُودُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ التَّوْبَةِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ بَعْضُ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلٌ للمعتزلة وَوَافَقَهُمْ بن حَزْمٍ وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ الْبَغَوِيُّ وَطَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ وَاسْتَدَلُّوا بِاسْتِثْنَاءِ مَنْ تَابَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ وَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فِي عُقُوبَةِ الدُّنْيَا وَلِذَلِكَ قُيِّدَتْ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. (1/ 131).
[1])) قوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
15 - قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَهُوَ إِلَى الله قَالَ الْمَازِني فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذُّنُوبِ وَرَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يُوجِبُونَ تَعْذِيبَ الْفَاسِقِ إِذَا مَاتَ بِلَا تَوْبَةٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ وَلَمْ يَقُلْ لَا بُدَّ أَنْ يُعَذِّبَهُ وَقَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْكَفِّ عَنِ الشَّهَادَةِ بِالنَّارِ عَلَى أَحَدٍ أَوْ بِالْجَنَّةِ لِأَحَدٍ إِلَّا مَنْ وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ بِعَيْنِهِ. (1/ 131).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
16-قوله (كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ): الْحِبَّة بِالْكَسْرِ بزور الصَّحْرَاءِ مِمَّا لَيْسَ بِقُوتٍ. (1/ 139).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
17 - إِنْ كَانَ الحياءُ فِي مُحَرَّمٍ فَهُوَ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَكْرُوهٍ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَإِنْ كَانَ فِي مُبَاحٍ فَهُوَ الْعُرْفِيُّ. (1/ 142).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
18 - قال ابن حجر رحمه الله: وَقَدِ اسْتَبْعَدَ قَوْمٌ صِحَّته([1]) بَان الحَدِيث لَو كَانَ عِنْد بن عُمَرَ لَمَا تَرَكَ أَبَاهُ يُنَازِعُ أَبَا بَكْرٍ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانُوا يَعْرِفُونَهُ لَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُقِرُّ عُمَرَ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَنْتَقِلُ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا النَّصِّ إِلَى الْقِيَاسِ إِذْ قَالَ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِأَنَّهَا قَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُور عِنْد بن عُمَرَ أَنْ يَكُونَ اسْتَحْضَرَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا لَهُ فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ حَضَرَ الْمُنَاظَرَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ لَهُمَا بَعْدُ وَلَمْ يَسْتَدِلَّ أَبُو بَكْرٍ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ بِالْقِيَاسِ فَقَطْ بَلْ أَخَذَهُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالزَّكَاةُ حَقُّ الْإِسْلَام وَلم ينْفَرد بن عُمَرَ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بَلْ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَيْضًا بِزِيَادَةِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَفِي الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَخْفَى عَلَى بَعْضِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا آحَادُهُمْ وَلِهَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَى الْآرَاءِ وَلَوْ قَوِيَتْ مَعَ وُجُودِ سُنَّةٍ تُخَالِفُهَا وَلَا يُقَالُ كَيْفَ خَفِيَ ذَا عَلَى فُلَانٍ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (1/ 144).
[1])) يعني حديث ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
19 - قَوْلُهُ: (أُمِرْتُ): أَيْ: أَمَرَنِي اللَّهُ لِأَنَّهُ لَا آمِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا اللَّهُ وَقِيَاسُهُ فِي الصَّحَابِيِّ إِذَا قَالَ أُمِرْتُ فَالْمَعْنَى أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَمَرَنِي صَحَابِيٌّ آخَرُ لِأَنَّهُمْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ لَا يَحْتَجُّونَ بِأَمْرِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ وَإِذَا قَالَهُ التَّابِعِيُّ احْتُمِلَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنِ اشْتَهَرَ بِطَاعَةِ رَئِيسٍ إِذَا قَالَ ذَلِكَ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْآمِرَ لَهُ هُوَ ذَلِكَ الرَّئِيسُ. (1/ 144).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
20 - لَا يَلْزَمُ مِنْ إِبَاحَةِ الْمُقَاتَلَةِ إِبَاحَةُ الْقَتْل لِأَن الْمُقَاتلَة مفاعله تَسْتَلْزِم وَقوع الْقِتَالِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْقَتْلُ وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْقِتَالُ من الْقَتْل بسبيل فقد يَحِلُّ قِتَالُ الرَّجُلِ وَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ. (1/ 145).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
21 - قال ابن حجر رحمه الله: فَائِدَةٌ: قَالَ النَّوَوِيُّ: ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ[1] الْجِهَادَ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ لَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ وَذَكَرَ الْعتْق وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ الْبِرِّ ثُمَّ الْجِهَادِ وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرَ السَّلَامَةَ مِنَ الْيَدِ وَاللِّسَانِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: اخْتِلَافُ الْأَجْوِبَةِ فِي ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَاحْتِيَاجِ الْمُخَاطَبِينَ وَذَكَرَ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ السَّائِلُ وَالسَّامِعُونَ وَتَرَكَ مَا عَلِمُوهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ لَفْظَةَ مِنْ مُرَادَةٌ كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ أَعْقَلُ النَّاسِ وَالْمُرَادُ مِنْ أَعْقَلِهِمْ وَمِنْهُ حَدِيثُ خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ خَيْرَ النَّاسِ. (1/ 149).
[1])) يعني حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ».
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
22 - فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قَدَّمَ الْجِهَادَ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ عَلَى الْحَجِّ وَهُوَ رُكْنٌ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ نَفْعَ الْحَجِّ قَاصِرٌ غَالِبًا وَنَفْعَ الْجِهَادِ مُتَعَدٍّ غَالِبًا أَوْ كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ وَوُقُوعُهُ فَرْضَ عَيْنٍ إِذْ ذَاكَ مُتَكَرِّرٌ فَكَانَ أهم مِنْهُ فَقدم وَالله أعلم! (1/ 149).
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
23- قوله : ( باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة ) حذف جواب قوله ( إذا ) للعلم به كأنه يقول : إذا كان الإسلام كذلك لم ينتفع به في الآخرة . ومحصل ما ذكره واستدل به أن الإسلام يطلق ويراد به الحقيقة الشرعية وهو الذي يرادف الإيمان وينفع عند الله ، وعليه قوله تعالى : { إن الدين عند الله الإسلام } وقوله تعالى : { فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين } .. ( 1 / 108 )
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم
23- قوله : ( باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة ) حذف جواب قوله ( إذا ) للعلم به كأنه يقول : إذا كان الإسلام كذلك لم ينتفع به في الآخرة . ومحصل ما ذكره واستدل به أن الإسلام يطلق ويراد به الحقيقة الشرعية وهو الذي يرادف الإيمان وينفع عند الله ، وعليه قوله تعالى : { إن الدين عند الله الإسلام } وقوله تعالى : { فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين } .. ( 1 / 108 )
بارك الله فيك أختنا أم علي على مدارساتك ومشاركاتك النافعة
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم
23- قوله : ( باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة ) حذف جواب قوله ( إذا ) للعلم به كأنه يقول : إذا كان الإسلام كذلك لم ينتفع به في الآخرة . ومحصل ما ذكره واستدل به أن الإسلام يطلق ويراد به الحقيقة الشرعية وهو الذي يرادف الإيمان وينفع عند الله ، وعليه قوله تعالى : { إن الدين عند الله الإسلام } وقوله تعالى : { فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين } .. ( 1 / 108 )
نفع الله بكم .
هذا مذهب البخاري ، أن الإسلام والإيمان واحد ، كما نبه عليه جماعة من العلماء ، وهو مرجوح كما بين شيخ الإسلام وغيره ، وأن الإسلام والإيمان ليس كذلك على الإطلاق ، بل إذا اجتمعا افترقا ، وإذا افترقا اجتمعا . كالمسكين والفقير ، على الراجح أيضا ، والله أعلم . نفع الله بكم .
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني
نفع الله بكم .
هذا مذهب البخاري ، أن الإسلام والإيمان واحد ، كما نبه عليه جماعة من العلماء ، وهو مرجوح كما بين شيخ الإسلام وغيره ، وأن الإسلام والإيمان ليس كذلك على الإطلاق ، بل إذا اجتمعا افترقا ، وإذا افترقا اجتمعا . كالمسكين والفقير ، على الراجح أيضا ، والله أعلم . نفع الله بكم .
بارك الله فيكم شيخنا
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَحْمَد ابْنُ تَيْمِيَّة طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ - في كلام طويل - :
اعْلَمْ أَنَّ " الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ " يَجْتَمِعُ فِيهِمَا الدِّينُ كُلُّهُ وَقَدْ كَثُرَ كَلَامُ النَّاسِ فِي " حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ " وَنِزَاعُهُمْ وَاضْطِرَابُهُم ْ؛ وَقَدْ صُنِّفَتْ فِي ذَلِكَ مُجَلَّدَاتٌ؛ وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ مِنْ حِينِ خَرَجَتْ الْخَوَارِجُ بَيْنَ عَامَّةِ الطَّوَائِفِ.
وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَصِلُ الْمُؤْمِنُ إلَى ذَلِكَ مِنْ نَفْسِ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ. فَلَا نَذْكُرُ اخْتِلَافَ النَّاسِ ابْتِدَاءً؛ بَلْ نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ - فِي ضِمْنِ بَيَانِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - مَا يُبَيِّنُ أَنَّ رَدَّ مَوَارِدِ النِّزَاعِ إلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وَأَحْسَنُ عَاقِبَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
فَنَقُولُ: قَدْ فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ مُسَمَّى " الْإِسْلَامِ " وَمُسَمَّى " الْإِيمَانِ " وَمُسَمَّى " الْإِحْسَانِ {. فَقَالَ: الْإِسْلَامُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إنْ اسْتَطَعْت إلَيْهِ سَبِيلًا. وَقَالَ: الْإِيمَانُ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ} . وَ " الْفَرْقُ " مَذْكُورٌ فِي حَدِيثِ عُمَرَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا فِيهِ: أَنَّ جبرائيل جَاءَهُ فِي صُورَةِ إنْسَانٍ أَعْرَابِيٍّ فَسَأَلَهُ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: أَنَّهُ جَاءَهُ فِي صُورَةِ أَعْرَابِيٍّ. وَكَذَلِكَ فَسَّرَ " الْإِسْلَامَ " فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَشْهُورِ قَالَ: {بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ} . وَحَدِيثُ جبرائيل يُبَيِّنُ أَنَّ " الْإِسْلَامَ الْمَبْنِيَّ عَلَى خَمْسٍ " هُوَ الْإِسْلَامُ نَفْسُهُ لَيْسَ الْمَبْنِيُّ غَيْرَ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ؛ بَلْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّينَ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ: أَعْلَاهَا " الْإِحْسَانُ " وَأَوْسَطُهَا " الْإِيمَانُ " وَيَلِيهِ " الْإِسْلَامُ " فَكُلُّ مُحْسِنٍ مُؤْمِنٌ وَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُحْسِنًا وَلَا كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - فِي سَائِر الْأَحَادِيثِ كَالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَة عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ أَبِيهِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: أَسْلِمْ تَسْلَمْ. قَالَ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: أَنْ تُسْلِمَ قَلْبَك لِلَّهِ وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِك وَيَدِك. قَالَ: فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْإِيمَانُ. قَالَ: وَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْهِجْرَةُ. قَالَ: وَمَا الْهِجْرَةُ؟ قَالَ: أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ. قَالَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْجِهَادُ. قَالَ: وَمَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: أَنْ تُجَاهِدَ أَوْ تُقَاتِلَ الْكُفَّارَ إذَا لَقِيتهمْ وَلَا تغلل وَلَا تَجْبُنُ} . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا - قَالَهَا ثَلَاثًا - حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ} رَوَاهُ أَحْمَد وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِي. وَلِهَذَا يَذْكُرُ هَذِهِ " الْمَرَاتِبَ الْأَرْبَعَةَ {فَيَقُولُ: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ لِلَّهِ} . وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وفضالة بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ وَهُوَ فِي " السُّنَنِ " وَبَعْضُهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ".
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: {الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ } . وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ كَانَ مَأْمُونًا عَلَى الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ؛ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْلَمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَلَوْلَا سَلَامَتُهُمْ مِنْهُ لَمَا ائْتَمَنُوهُ. وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عبسة. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ {قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: إطْعَامُ الطَّعَامِ وَطَيِّبُ الْكَلَامِ. قِيلَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ. قِيلَ: فَمَنْ أَفْضَلُ الْمُسْلِمِينَ إسْلَامًا؟ قَالَ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ. قِيلَ: فَمَنْ أَفْضَلُ الْمُؤْمِنِينَ إيمَانًا؟ قَالَ: أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا. قِيلَ فَمَا أَفْضَلُ الْهِجْرَةِ؟ قَالَ: مَنْ هَجَرَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ. قَالَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: طُولُ الْقُنُوتِ. قَالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جُهْدُ مُقِلٍّ. قَالَ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَنْ تُجَاهِدَ بِمَالِك وَنَفْسِك؛ فَيُعْقَرَ جَوَادُك وَيُرَاقَ دَمُك. قَالَ أَيُّ السَّاعَاتِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ الْغَابِرِ} . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَرَاتِبُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ؛ وَإِلَّا فَالْمُهَاجِرُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا وَكَذَلِكَ الْمُجَاهِدُ وَلِهَذَا قَالَ: {الْإِيمَانُ: السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ} . وَقَالَ فِي الْإِسْلَامِ: {إطْعَامُ الطَّعَامِ وَطَيِّبُ الْكَلَامِ} . وَالْأَوَّلُ مُسْتَلْزِمٌ لِلثَّانِي؛ فَإِنَّ مَنْ كَانَ خُلُقُهُ السَّمَاحَةَ فَعَلَ هَذَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَخَلُّقًا وَلَا يَكُونُ فِي خُلُقِهِ سَمَاحَةٌ وَصَبْرٌ. وَكَذَلِكَ قَالَ: {أَفْضَلُ الْمُسْلِمِينَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ} . وَقَالَ: {أَفْضَلُ الْمُؤْمِنِينَ إيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا} . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ الْأَوَّلَ؛ فَمَنْ كَانَ حَسَنَ الْخُلُقِ فَعَلَ ذَلِكَ. قِيلَ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: مَا حُسْنُ الْخُلُقِ؟ قَالَ: بَذْلُ النَّدَى وَكَفُّ الْأَذَى وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ. فَكَفُّ الْأَذَى جُزْءٌ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ. وَسَتَأْتِي الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ مِنْ الْإِيمَانِ كَقَوْلِهِ: {الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ} . {وَقَوْلُهُ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: آمُرُكُمْ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ، أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ؟ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ} . وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ تَكُونُ إيمَانًا بِاَللَّهِ بِدُونِ إيمَانِ الْقَلْبِ؛ لِمَا قَدْ أَخْبَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيمَانِ الْقَلْبِ فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ مَعَ إيمَانِ الْقَلْبِ هُوَ الْإِيمَانُ وَفِي " الْمُسْنَدِ " عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ} . {وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ} . فَمَنْ صَلَحَ قَلْبُهُ صَلَحَ جَسَدُهُ قَطْعًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة: كَانَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا مَضَى يَكْتُبُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ، وَمَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ عَمِلَ لِآخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي " كِتَابِ الْإِخْلَاصِ ". فَعُلِمَ أَنَّ الْقَلْبَ إذَا صَلَحَ بِالْإِيمَانِ؛ صَلَحَ الْجَسَدُ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ مِنْ الْإِيمَانِ؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ جبرائيل: {هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ} . فَجَعَلَ " الدِّينَ " هُوَ الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ وَالْإِحْسَانُ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ دِينَنَا يَجْمَعُ الثَّلَاثَةَ لَكِنْ هُوَ دَرَجَاتٌ ثَلَاثٌ: " مُسْلِمٌ " ثُمَّ " مُؤْمِنٌ " ثُمَّ " مُحْسِنٌ " كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} وَالْمُقْتَصِدُ وَالسَّابِقُ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِلَا عُقُوبَةٍ بِخِلَافِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ. وَهَكَذَا مَنْ أَتَى بِالْإِسْلَامِ الظَّاهِرِ مَعَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ؛ لَكِنْ لَمْ يَقُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِيمَانِ الْبَاطِنِ؛ فَإِنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْوَعِيدِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَأَمَّا " الْإِحْسَانُ " فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ أَصْحَابِهِ مِنْ الْإِيمَانِ. " وَالْإِيمَانُ " أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ أَصْحَابِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ. فَالْإِحْسَانُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِيمَانُ وَالْإِيمَانُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالْمُحْسِنُون َ أَخَصُّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنُون َ أَخَصُّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: فِي " الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ " فَالنُّبُوَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الرِّسَالَةِ وَالرِّسَالَةُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ أَهْلِهَا؛ فَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ وَلَيْسَ كُلُّ نَبِيٍّ رَسُولًا؛ فَالْأَنْبِيَاء ُ أَعَمُّ وَالنُّبُوَّةُ نَفْسُهَا جُزْءٌ مِنْ الرِّسَالَةِ فَالرِّسَالَةُ تَتَنَاوَلُ النُّبُوَّةَ وَغَيْرَهَا بِخِلَافِ النُّبُوَّةِ؛ فَإِنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ الرِّسَالَةَ.
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَّرَ " الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ " بِمَا أَجَابَ بِهِ؛ كَمَا يُجَابُ عَنْ الْمَحْدُودِ بِالْحَدِّ إذَا قِيلَ مَا كَذَا؟ قِيلَ: كَذَا وَكَذَا. كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {لَمَّا قِيلَ: مَا الْغِيبَةُ؟ قَالَ: ذِكْرُك أَخَاك بِمَا يَكْرَهُ} . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: {الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ} . وَبَطَرُ الْحَقِّ: جَحْدُهُ وَدَفْعُهُ. وَغَمْطُ النَّاسِ: احْتِقَارُهُمْ وَازْدِرَاؤُهُم ْ. وَسَنَذْكُرُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - سَبَبَ تَنَوُّعِ أَجْوِبَتِهِ وَأَنَّهَا كُلَّهَا حَقٌّ. وَلَكِنَّ (الْمَقْصُودَ) أَنَّ قَوْلَهُ: {بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ} كَقَوْلِهِ: {الْإِسْلَامُ هُوَ الْخَمْسُ} كَمَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ جبرائيل؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَجْزَاءٍ تَكُونُ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيّ َةُ فِيهِ مَبْنِيَّةً عَلَى تِلْكَ الْأَجْزَاءِ وَمُرَكَّبَةً مِنْهَا؛ فَالْإِسْلَامُ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ الْأَرْكَانِ - وَسَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - اخْتِصَاصَ هَذِهِ الْخَمْسِ بِكَوْنِهَا هِيَ الْإِسْلَامَ، وَعَلَيْهَا بُنِيَ الْإِسْلَامُ، وَلِمَ خُصَّتْ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ؟
رد: الفوائد المنتقاة من كتاب فتح الباري
بارك الله فيكم
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح :
"ومناسبة الحديث للترجمة ظاهرة من حيث أن المسلم يطلق على من أظهر الإسلام وإن لم يعلم باطنه ، فلا يكون مؤمنا لأنه ممن لم تصدق عليه الحقيقة الشرعية ، وأما اللغوية فحاصلة ."
وقال أيضا :
" ... وفي حديث الباب من الفوائد المتفرقة بين حقيقتي الإيمان والإسلام .. "