عرض للطباعة
محمد بن يحيى المأربي قال : حدثني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أربع محفوظات وسبع ملعونات ، فأما المحفوظات : فمكة ، والمدينة ، وبيت المقدس ، ونجران ، وأمّا الملعونات فبرذعة ، وصعدة ، وأثافت ، وضهر ، ويكلا ، ودلان ، وعدن»
ماصحة هذا الجديث؟
أخرجه ابن عدي فى "الكامل" (471/7) ، والعقيلي فى "الضعفاء" (25/2) ، والفاكهي في "أخبار مكة" (1463) ، من طريق مُحَمد بْنُ أَبَان الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنا خَطَّابُ بْنُ عُمَر الْهَمَدَانِيُّ الصَّنْعَانِيُّ ، حَدَّثني مُحَمد بْنُ يَحْيى الْمَأَرِبِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: أَرْبَعٌ مَحْفُوظَاتٌ وَسَبْعٌ مَلْعُونَاتٌ فَأَمَّا الْمَحْفُوظَاتُ فَمَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ وَنَجْرَانُ وَأَمَّا الْمَلْعُونَاتُ فَبَرْذَعَةُ وَصَهْبُ أَوْ صَهْرُ وَصَعْدَةُ وَأَيَافِثُ وَيَكْلا وَدَلانُ وَعَدَنُ.
قلت: وهذا الحديث له علتان:
الأولى: ضعف خَطَّابُ بْنُ عُمَرَ الْهَمْدَانِيُّ ، فقد أورده العقيلي فى ترجمته وقال: ((لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِهِ، وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهِ)) ، وقال الذهبي فى "الميزان" (655/1): ((مجهول.))
الثانية: ضعف مُحَمد بْنُ يَحْيى الْمَأَرِبِيُّ ، قال ابن عدي: ((منكر الحديث)) ، وقال: ((أَحَادِيثَهُ مُظْلمَةٌ مُنْكَرَةٌ)) ، وقال ابن حجر: ((لين الحديث.))
وقد تتابع العلماء فى رد هذا الحديث وتضعيفه:
قال ابن عدي بعد إخراجه: ((وَهَذَا مُنْكَرٌ بهذا الإسناد.))
وقال الذهبي فى الميزان (655/1): ((خبر كذب)) ، وقال فى موضع اخر (62/4): ((هذا باطل، فما أدرى من افتراه: خطاب أو شيخه؟!))
وقال ابن الجوزي فى "العلل المتناهية" (305/1): ((هَذَا حَدِيثٌ لا يَصِحُّ وَفِيهِ مَجَاهِيلُ وَضِعَافٌ))
وقد سُئل عنه أبو زرعة الرازي كما فى "سؤالات البرذعي" (703/2) فقال: ((حدثنا به محمد بن أبان، ولا أدري أي شيء هذا.!!))
وله طريق اخر أخرجه الديلمي فى "الفردوس" (3495) -كما ذكره السيوطي فى "الزيادات" (342/1)- من طريق أحمد بن عمر البزاز أخبرنا عبد الله بن أحمد البزاز المعروف بالسبط حدثنا موسى بن جعفر بن محمد حدثنا علي بن محمد بن مهرويه حدثنا عبيد بن إبراهيم الكسوري حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا محمد بن يحيى المازني حدثني محمد بن تميم حدثني ابن البيلماني عن أبيه عن عبد الله بن عمر مرفوعًا: (سبع قرى ملعونات صعدة واثافه وبرزعة وعدن وطهر ونكلا ووطلان وَأَرْبع محفوظات مَكَّة وَالْمَدينَة وإيليا ونجران)
وأخرجه أبو الشيخ -كما ذكر السيوطي فى "الزيادات" (342/1)- في كتاب (الأمصار): حدثنا أبو عبد الرحمن بالبصرة حدثنا سليمان بن إسحاق وبندار بن بشار قالا: حدثنا محمد بن الحارث عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر رفعه: (القرى المحفوظة: مكة والمدينة وإيلياء ونجران. وما مِن ليلة إلا وينزل بنجران سبعون ملكًا يصلّون على أهل الحَدور ثم لا يعودون إليها أبدًا)
وفى كلا الإسنادين محمد بن عبد الرحمن البيلماني قال ابن حبان فى "المجروحين" (264/2): ((حدث عَن أَبِيه بنسخة شَبِيها بِمِائَتي حَدِيث كلهَا مَوْضُوعَة لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ وَلَا ذكره فِي الْكتب إِلَّا عَلَى جِهَة التَّعَجُّب!)) ، وقال ابن عدي فى "الكامل" (388/7): ((وَكُلُّ مَا رُوِيَ عنِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِي ِّ فالبلاء فيه من بن الْبَيْلَمَانِي ِّ، وَإذا رَوَى عنِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِي ِّ مُحَمد بْنُ الْحَارِثِ هَذَا فجميعا ضعيفان مُحَمد بن الْحَارِثِ، وَابْنُ الْبَيْلَمَانِي ِّ وَالضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِمَا بَيِّنٌ.)) ، وقال الحافظ ابن حجر فى "النتائج" (248/1): ((اتفقوا على ضعفه)).
وقال ابن عراق فى "تنزيه الشريعة" (58/2): ((وَأخرج الديلمي نَحوه من طَرِيق مُحَمَّد بن يحيى عَن مُحَمَّد بن تَمِيم عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي (قلت) فَهَذِهِ سلسلة الْكَذِب وَالله تَعَالَى أعلم، وَأخرج أَبُو الشَّيْخ مِنْهُ ذكر الْقرى المحفوظة فَقَط، لكنه من طَرِيق ابْن الْبَيْلَمَانِي .))
وعليه فهذا الحديث باطل منكر.
جزاكم الله خيراً.