سلسلة تخريج أحاديث كتاب التوحيد لابن عبد الوهاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفي والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين ، وبعدُ

بعون الله تعالى وتوفيقه أبدأ ـــ في هذا المنتدى الطيب ـــ سلسلة في تخريج الأحاديث والآثار الواردة في كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ـــ رحمة الله عليه ــــ

ولعلي أسميها ( فتح الوهاب في تخريج أحاديث كتاب التوحيد لابن عبد الواهاب )

ملاحظة : هنا ـــ في المنتدة ـــ قد لا ألتزم ترتيب الأحاديث كما هي في الكتاب لأني قد أؤخر أو أقدم تخريج حديث ما ، لكن يكون ترقيمها موافقًا لترتيب الكتاب ، وبالله التوفيق

من باب كتاب التوحيد

[1] قال المؤلف ـ رحمه الله ـ : قال ابن مسعود رضي الله عنه : "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى(قُلْ تَعَالَوا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)..."
ضعيف جدًّا
! مَدَارُهُ محمد بن فضيل بن غزوان عن داود الأودي عن الشعبي عن علقمة يرويه عن ابن مسعود موقوفًا عليه
ثم رواه عن محمد بن فضيل كل من :
ــــ¨الفضل بن الصباح البغدادي بلفظ"من سره أن ينظر إلى الصحيفة.."¹
ــــ الحسن بن عرفة ـ بلفظ"من سره أن ينظر إلى وصية..."²
ــــ أبي كريب بلفظ"من سره أن يقرأ صحيفة..."³
ــــ خالد بن يوسف السمتي عنه عن داود بن يزيد الأودي به ـــ فأتى بزيادة في اسم داود هذا ـــــ وبلفظ"من سره أن يقرأ وصية..."⁴.

فلم يخرج أحد المسندين هذا الأثر بذاك اللفظ الذي أورده المؤلف ؛وقد يكون سبب ذلك أن هذا الأثر لم ينقله المؤلف عن أحد الكتب المسندة وإنما نقله عن"تفسير ابن كثير" إذ ورد في بعض نسخه هذا الأثر بهذا اللفظ.والله أعلم

وهذا الأثر ضعيف من أجل داود الأودي وهو ابن يزيد

وقد نوقش في داود الأودي هذا فادعي أنه ابن عبد الله الثقة ؛ ويزيل هذا الالتباس ويقطع هذا الخلاف أن الحافظ الدارقطني ـ رحمه الله ـ قال :« حديث"من سره أن ينظر إلى وصية محمد..."الحديث تفرد به داود بن يزيد الأودي عن الشعبي تفرد به محمد بن فضيل عنه. »ه⁵

كذا عيَّنه الحافظ النخشبي بأنه ابن يزيد قائلاًـ بعد إخراجه هذا الأثر في "فوائد الحنائي" إنه :"من حديث داود بن يزيد الأودي عن أبي عمرو عامر الشراحيل الشعبي عن علقمة بن يزيد النخعي عن عبد الله بن مسعود"ه
هذا كله مما يقوي رواية خالد بن يوسف السمتي إذ جاء فيها التصريح بأنه ابن يزيد لكن لم يقبله بعضهم لضعف خالد بن يوسف السمتي هذا.

فإذا تقرر أن داود الأودي المذكور في هذا الإسناد هو ابن يزيد بن عبد الرحمن فهو شديد الضعف.
قال عنه أحمد : "ضعيف الحديث"⁶ وقال أيضًا : "هاه"⁷؛ وقال ابن معين :"ليس بشيء"⁸؛ وقال أبو حاتم : "ضعيف الحديث" وقال أيضًا :"ليس بقوي يتكلمون فيه وهو أحب إلي من عيسى الحناط"⁹؛وقال البخاري "مقارب الحديث"¹⁰؛ وقال النسائي "ليس بثقة"¹¹؛ وقال أبو داود "متروك"¹²؛ وقال ابن شاهين :"ليس بشيء"¹³؛ قال الفلاس :"كان يحيى وابن مهدي لا يحدثان عنه"؛ وذكره ابن حبان في "المجروحين"¹⁴ وابن عدي في "الكامل"¹⁵.

وضعَّف إسناده الألباني¹⁶.

1 أخرجه الترمذي ( 3070 )

2 أخرجه الحسن بن عرفة كما في "جزئه" ( ص 79 ) ومن طريقه كل من البيهقي في "شعب الإيمان" ( 10 / 308 ) وابن أبي حاتم في "تفسيره" ( 5 / 1414 ) والحنائي في "الفوائد" تخريج النخشبي ( 2 / 1330 )

3أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" ( 10 / 93 )

4 أخرجه الطبراني في "الأوسط" ( 2 / 43 )

5 "أطراف الغرائب والأفراد" ( 4 / 118 ) برقم ( 3766 )

6 "العلل ومعرفة الرجال" رواية ابنه عبد الله ( 1 / 534 ) برقم ( 1262 )

7 "العلل" رواية المروزي ( ص211 )

8"تاريخ ابن معين" رواية الدوري ( 3 / 276 ) برقم ( 1321 )

9 "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم ( 3 / 427 ـ 428 ) برقم ( 1943 )

10 "العلل الكبير" للترمذي ( ص199 )

11 نقله المزي في "تهذيب الكمال"

12 "سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود السجستاني في الجرح والتعديل" ( ص179 )

13 "تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين" (ص86)

14 ( 1 / 289 )

15 ( 3 / 539 )

16 "ضعيف سنن الترمذي" ( 593 )

https://al-maktaba.org/book/31615/18860

https://majles.alukah.net/t49673/

من باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب


[3]قال المؤلف ـ رحمه الله ـ :عن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال قال رسول الله r"من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" أخرجاه


صحيح؛ متفق عليه
!مَدَارُهُ عمير بن هانيء قال حدثني جنادة بن أبي أمية عن عبادة مرفوعًا ؛ ثم رواه عن عمير كل من :
ــــ الأوزاعي باللفظ الذي أورده المؤلف¹
ــــ عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، وخالف الأوزاعي في اللفظ فقال في آخره :"أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء"²

ثم اختلف على ابن جابر في لفظ هذا الحديث :
ـــــ فتارة يروي ابنُ جابر هذا الحديث بزيادة "وأن البعث حق".
رواها عنه اثنان وهما صدقة بن خالد³؛ وعبد الحميد بن حبيب⁴وهو صالح للاعتبار.
ــــوتارة يرويه ابن جابر بزيادة "وأن عيسى عبد الله وابن أَمَتِهِ".
رواهاعنه ثلاثة وهم :صدقةبن خالد⁵؛ وبشرُ بن بكر وهو التنيسي⁶، وهو من رجال البخاري ؛ والوليد بن مسلم⁷.


وبذلك يتبين أنه اختلف في لفظ هذا الحديث على ابن جابر ؛ وقد خالفه الأوزاعي كما سبق ؛فلفظ الأوزاعي أصح إذ هو أوثق من ابن جابر ولم يختلف عليه ؛ والله أعلم


1 أخرجه البخاري ( 3435 ) ومسلم ( 28 ) وأحمد ( 22675 ) والبزار في "مسنده" ( 7 / 130 و142 ) والنسائي في "الكبرى" ( 11067 ) والطبراني في "الدعاء" ( ص 434 ) وابن منده في "الإيمان" ( 1 / 188 ) واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" ( 6 / 1256 ) وأبو نعيم في "المستخرج على مسلم" ( 1 / 122 ) والبغوي في "شرح السنة" ( 1 / 101 )

2 أخرجه مسلم ( 28 ) وهو عند البخاري معلقًا ، وابن حبان في "صحيحه" ( 1 / 437 ) وابن منده في "الإيمان" ( 1 / 189 ) تنبيه : في مسند الشاشي ( 3 / 146 ) جاء هذا الحديث من طريق ابن جابر به بلفظ البخاري وأراه خطأ !

3 أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" ( 2 / 431 ) وابن منده في "الإيمان" ( 1 / 510 )

4 أخرجه ابن بشران في "أماليه" ( ص 156 )

5 أخرجه النسائي في "الكبرى" ( 10903 )

6 أخرجه البزار في "مسنده" ( 7 / 130 ) وأبو عوانة في "مستخرجه على مسلم" ( 1 / 18 ) والشاشي في "مسنده" ( 3 / 145 ) والبيهقي في "الدعوات الكبير" ( 1 / 226 )

7 أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" ( 1 / 316 )

[5]قال المؤلف ـ رحمه الله ـ :
وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :"قال موسى:يارب علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به قال قل يا موسى لا إله إلا الله قال يا رب كل عبادك يقولون هذا قال يا موسى لو أن السماوات السبع عامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله"رواه ابن حبان والحاكم وصححه


ضعيف الإسناد
!مَدَارُهُ عمرو بن الحارث ـ وهو ابن يعقوب الأنصاريـ أن دراجًا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعًا¹


وهذا الإسناد ضعيف إذْ رواية دراج هذا عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فيها ضعف كما نصَّ عليه أحمد²وأبو داود³.


ودرَّاج أبو السمح هو ابن سمعان مصري
ــــقال عنه الإمام أحمد :« أحاديثه مناكير »⁴وقال أيضًا :« روى مناكير كثيرة وفي حديث في إسناده دراج الشأن في دراج »⁵.
ــــوقال الدارقطني :« ضعيف »⁶وقال أيضًا : « متروك »⁷.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" : « رجاله وثقوا وفيهم ضعف »؛ وضعَّفه الألباني⁸

فإن قيل :إن ابن شاهين قال :"ماكان بهذا الإسناد فليس به بأس"⁹يعني إسناد دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد.
فيجاب عن هذا بأن الذي يبدو ــ والله أعلم ــ أن الحافظ ابن شاهين قد بنى حكمه هذا على توثيق يحيى بن معين لدراج أبي السمح ولأبي الهيثم.

فقد قال الحافظ ابن شاهين ـــ رحمه الله ـــفي كتابه "الثقات"( ص83) : "دراج أبو السمح سليمان بن عمرو مصري يروي عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ما كان بهذا الإسناد فليس به بأس ودراج وأبو السمح ثقتان قاله يحيى"انتهى

وإذاسلمنا لهذا فلا يخفى على المشتغلين بعلم الحديث أن كونهما ثقتين لا يستلزم صحة رواية أحدهما عن الآخر ؛ والإمام يحيى بن معين لم يصحح رواية دراج عن أبي الهيثم خاصة وإنما وثقهما فحسب ؛زِدْ على ذلك أن الإمامين أحمد وأبا داود قد نصَّا على ضعف هذه الرواية كما مضى فيجب المصير إليه.

وقد قيل إن حديث البطاقة ـ وغيره ـ يشهد له
قلنا :هذاحق في الشطر الأخير لهذا الحديث ــــ أعني كون كلمة التوحيد أثقل من السماوات والأرض وما فيهن ــــ ولا يشهد للشطر الأول منه أعني مناظرة موسى ـ عليه السلام ـ لربه وكونه لم يرض ـ ابتداءً ـ بكلمة التوحيد ذكرًا ودعاءً بعلة أن كل العباد يقولونها وأنه أراد أن يخصه الله بدعاء.

1 أخرجه النسائي في "الكبرى" ( 10602 ) و( 10913 ) وفي "عمل اليوم والليلة" ( ص482 و608 ) وأبو يعلى الموصلي ـ كما في "المقصد العلي" ( 4 / 322 ) للهيثمي ـوابن حبان ( 14 / 105 ) والطبراني في "الدعاء" ( ص435 ) والحاكم في "المستدرك" ( 1 / 710 ) وقال : « هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه.» ؛ وأبو نعيم في"الحلية" ( 8 / 327 ) والبيهقي في "الأسماء والصفات" ( 1 / 251 )والبغوي في "شرح السنة" ( 5 / 54 ) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ( 61 / 137 ) وابن الشجري في "أماليه"( 1 / 32 ) وابن المقرئ في "الأربعون"( ص126 )

2 يراجع "الكامل" لابن عدي

3 يراجع "سؤالات الآجري"

4 يراجع "الضعفاء" للعقيلي

5 يراجع "سؤالات أبي داود للإمام أحمد" [259]

6 يراجع "سؤالات الحاكم"

7 يراجع "سؤالات البرقاني"

8 "ضعيف الترغيب والترهيب" ( 923 )

9 يراجع "تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر

[6]قال المؤلف ـ رحمه الله ـ :
وللترمذي وحسنه عن أنس ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله ــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ يقول "قال الله تعالى يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة".


حسن (صحيح لغيره)
!مَدَارُهُ سعيد بن عبيد ــــ وهو الهنائي ــــ قال سمعت بكر بن عبد الله المزني قال حدثنا أنس بن مالك..فذكره؛

ثم رواه عن سعيد :
ــــ كثير بن فائد¹
ـــــ وأبو قتيبة سلم بن قتيبة الشعيري²
وبذلك يستدرك على الإمام الطبراني ـــ رحمه الله ــــ إذ قال عقب إخراجه الحديث :« لم يرو هذا الحديث عن بكر بن عبد الله المزني إلا سعيد بن عبيد ولا عن سعيد إلا كثير بن فائد تفرد به أبو عاصم. »بل كثير قد توبع !
ثم كثير بن فائد ولم يوثقه أحد سوى ابن حبان بإخراجه في "صحيحه"على قاعدته في توثيق المجاهيل ، فمثله لا يحتج به ، وقال ابن حجر في "التقريب" :« مقبول » أي إذا توبع ، وقد تابعه أبو قتيبة سلم بن قتيبة كما رأيت وهو «صدوق» أي حسن الحديث.
وسعيد بن عبيد الهنائي :« لابأس به ».
فالإسناد حسن.

وله شاهد صحيح من حديث أبي ذر ــــ رضي الله عنه ـــ الذي فيه : « ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئًا لقيته بمثلها مغفرة. »أخرجه مسلم (2687 ) وغيره

فكان إيراد حديث أبي ذر أولى من حديث أنس ، والله أعلم


1 أخرجه الترمذي ( 3540 ) وقال "حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه" ، والطبراني في "المعجم الأوسط" ( 4 / 315 ) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" ( 2 / 231 )

2 أخرجه ابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك" ( ص63 ) والضياء المقدسي في "المختارة" ( 4 / 399 ).