بسم الله الرحمان الرحيم
و الحمد لله
السلام عليكم ورحمة الله
1- الأخ معاذ عبد الرحمن شكر الله لك و جزاك الله خيرا. فسلسلة مدرسة الحياة للشيخ الفاضل أبي إسحاق الحويني عفى الله عنه سلسلة ماتعة يشرح فيها مقتطفات من كتاب صيد الخاطر و هي عدة سلاسل، كل سنة سلسلة جديدة تكمل السابقة يجب جمعها و لكن رغم ذلك لا يشرح الشيخ الكتاب كله و أنا أملك بإذن الله و توفيقه السلسلة مفرغة على شكل كتاب. جزا الله من أنجزوا هذا التفريغ.
اقتباس:
أبو المظفر الشافعي
توضيح الواضحات من أشكل المشكلات!!!
شكرا على كل حال و زادك الله علما وفقها في الدين.
أنا يا أخي طويلب علم و صاحب منهج يقوم على الحجة و البينة من كتاب الله و سنة رسول صلى الله عليه و آله و أصحابه و سلم و الفقه في الدين: قال الله سبحانه و تعالى - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال الصحابة ثم من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. ما أردته هو التفقه و العمل على بينة ودراية خاصة في مسائل فقه القلوب و السلوك.
فيا أخي أبا المظفر عفى الله عنك وفقهك في دينه و في سننه. فما دام أن هذا الكتاب، صيد الخاطر، لم يستشكل عليك فهمه فأنت من أبحث عنه و الحمد لله. فهل تتفضل و تتكرم بشرح الفصل التالي من الكتاب أعلاه:
فصل : " غوامض تحير الضال "ـ
من كتاب: صيد الخاطر - للإمام عبدالرحمان ابن الجوزي رحمه الله تعالى
تفكرت يوماً في التكليف ، فرأيته ينقسم إلى سهل ، و صعب . فأما السهل فهو أعمال الجوارح ، إلا أن منه ما هو أصعب من بعض ، فالوضوء و الصلاة أسهل من الصوم ، و الصوم ربما كان عند قوم أسهل من الزكاة . و أما الصعب فيتفاوت ، فبعضها أصعب من بعض . فمن المستصعب ، النظر ، و الإستدلال ، الموصلان إلى معرفة الخالق . فهذا صعب عند من غلبت عليه أمور الحس ، سهل عند أهل العقل . و من المستصعب غلبة الهوى ، و قهر النفوس ، و كف أكف الطباع عن التصرف فيما يؤثره .
و كل هذا يسهل على العاقل النظر في ثوابه ، و رجاء عاقبته ، و إن شق عاجلاً .
و إنما أصعب التكاليف و أعجبها : أنه قد ثبتت حكمة الخالق عند العقل ، ثم نراه يفقر المتشاغل بالعلم ، المقبل على العبادة ، حتى يعضه الفقر بناجذيه ، فيذل للجاهل في طلب القوت . و يغنى الفاسق مع الجهل ، حتى تفيض الدنيا عليه .
ثم نراه ينشىء الأجسام ثم ينقض بناءالشباب في مبدأ أمره ، و عند استكمال بنائه ، فإذا به قد عاد هشيماً . ثم نراه يؤلم الأطفال ، حتى يرحمهم كل طبع . ثم يقال له : إياك أن تشك في أنه أرحم الراحمين . ثم يسمع بإرسال موسى إلى فرعون ، و يقال له : اعتقد أن الله تعالى أضل فرعون ، و اعلم أنه ما كان لآدم بد من أكل الشجرة و قد وبخ بقوله : و عصى آدم ربه .
و في مثل هذه الأشياء تحير خلق ، حتى خرجوا إلى الكفر و التكذيب .
و لو فتشوا على سر هذه الأشياء ، لعلموا أن تسليم هذه الأمور ، تكليف العقل ليذعن ! و هذا أصل ، إذا فهم ، حصل منه السلامة و التسليم .
نسأل الله عز وجل أن يكشف لنا الغوامض ، التي حيرت من ضل ، أنه قريب مجيب .
و الله الموفق