جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيِّين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
فهذه دراسةٌ حديثية للأحاديث المروية في صلاة الحاجة، أسأل الله أن ينفع بها.
روى الترمذي في جامعه (479) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (2/460 "1026") وابن ماجه في سننه (1384) والحاكم في المستدرك (1/320) والبيهقي في الشعب (3/175 "3265") والمروزي في زيادات الزهد لابن المبارك (1084) والبزار في مسنده (8/300 " 3374") وعبدالغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (59) وغيرهم، من طريق أبي الورقاء فائدِ بن عبدالرحمن عن عبدالله بن أبي أوفى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من كانت له إلى الله حاجةٌ أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصلِّ ركعتين ثم ليُثنِ على الله وليصلِّ على النبيِّ ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم؛ سبحان الله رب العرش العظيم؛ الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا حاجةً هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين".
وهذا الحديث ضعيفٌ جداً، لأن مداره على فـائد، وهو متهمٌ متروكُ الحديث، قال عنه أبو حاتم الرازي:
"وأحاديثه عن ابن أبي أوفى بواطيل لا تكاد ترى لها أصلاً؛ كأنه لايُشْبِه حديث ابن أبي أوفى، ولو أن رجلاً حلف أن عامة حديثه كَذِبٌ لم يحنث" الجرح والتعديل (7/84).
وقال الحاكم: "روى عن ابن أبي أوفى أحاديث موضوعة" التهذيب (8/256) والميزان (3/ 339).
ولذا قال الترمذي: "هذا حديثٌ غريب، وفي إسناده مقال، فـائدُ بن عبدالرحمن يُضعَّف في الحديث، وفائد هو أبو الورقاء".
وضعَّفَ الحديثَ البزارُ وغيره، وذكره ابنُ الجوزي في الموضوعات وتعقَّبَه السخاويُّ فقال:
"وقد توسَّعَ ابنُ الجوزي فذكر هذا الحديث في الموضوعات وفي ذلك نظر... وفي الجملة هو حديثٌ ضعيفٌ جداً" القول البديع (ص 431-).
وقد ذُكر لهذا الحديث شواهد عدة:
أولها/ حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "اثنتا عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار؛ وتشهَّد بين كل ركعتين، فإذا تشهَّدتَ في آخر صلاتك فاثنِ على الله عز وجل، وصلِّ على النبي واقرأ وأنت ساجدٌ فاتحةَ الكتاب سبع مرات، وآية الكرسي سبع مرات، وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير عشر مرات، ثم قل: اللهمَّ إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدِّك الأعلى وكلماتك التامة، ثم سل حاجتك، ثم ارفع رأسك، ثم سلم يميناً وشمالاً، ولا تعلِّمون السفهاءَ فإنهم يدعون بها فيستجاب".
أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير (2/ 157- "392 ") و ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 464) من طريق عمر بن هارون البَلْخي عن ابن جريج عن داود بن أبي عاصم عن ابن مسعود به.
وهذا الإسناد ضعيفٌ جداً، فإن عمر بن هارون كذبه ابن معين وغيره.
قال ابن الجوزي: "هذا حديثٌ موضوعٌ بلا شك" وذكر هو وغيره أن هذا الحديثَ منكرُ المتنِ أيضاً، لمخالفته الأحاديث الثابتة في النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود.
ثانيها/ حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة، يقرأ فى كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، حتى إذا كان آخر ركعة قرأ بين السجدتين بفاتحة الكتاب سبع مرات وبــ (قل هو الله أحد) سبع مرات وبآية الكرسي سبع مرار، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير عشر مرات، ثم سجد آخر سجدة له فيقول في سجوده بعد تسبيحه: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك العظيم ومجدك الأعلى وكلماتك التامة، ثم يسأل الله -فقال النبي صلى الله عليه وسلم-: لو كان عليه من الذنوب عدد رمل عالج وأيام الدنيا لغفر الله" يعني له.
وقال رسول الله: "لا تعلِّموها سفهاءَكم فيدعون بها لأمرٍ باطل فيُستجاب لهم".
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (36/471) من طريق الحسن بن يحيى الخشني عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة به.
والحسن بن يحيى ضعيفٌ جداً، وقد تفرد بهذا الإسناد، وأصحُّ أسانيده عن ابن جريج –كما قال السخاوي- ما رواه هشام بن أبي ساسان عن ابن جريج عن عطاء قوله (القول البديع ص430).
ثالثها/ حديث ابن أبي أوفى شاهدٌ ثالث، وهو ما أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (2/462) من طريق أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله قال: "من كان له إلى الله عز وجل حاجةٌ عاجلة أو آجلة فليقدِّم بين يدي نجواه صدقة، وليصم الأربعاء والخميس والجمعة، ثم يدخل يوم الجمعة إلى الجامع فليصل اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في عشر ركعات في كل ركعة الحمد مرةً، وآية الكرسي عشر مرات، ويقرأ في ركعتين في كل ركعة الحمد مرةً، وخمسين مرة قل هو الله أحد، ثم يجلس ويسأل اللهَ تعالى حاجته، فليس يردُّه الله من حاجة عاجلة أو آجلة إلا أمضاها الله له".
وهذا الحديث ضعيفٌ جداً، لأنه من رواية أبان، وهو متروك الحديث.
وروي بلفظٍ آخر من طريق أبي هاشم الأيلي عن أنس، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس (كما في اللآلئ 2/41) وأبو هاشم ضعيفٌ جداً، واسمه كثيرُ بن عبدالله السامي الناجي.
وروي بلفظٍ ثالثٍ من حديث أنس، خرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/137) وذكره المنذري في الترغيب (1/274) وأورده الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب (1/215) وقال:
(إسناده مظلم، فيه من لا يُعرف، وهو في الضعيفة "5287").
وتأتي بقية الشواهد بمشيئة الله
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
تَخريجٌ مُوَفَّقٌ - نَفَعَ اللهُ بِكُمْ -
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بن سالم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
تَخريجٌ مُوَفَّقٌ - نَفَعَ اللهُ بِكُمْ -
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سرَّني مرورك ودعاؤك أخي الفاضل، جزاك الله خيراً
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
شيخنا ابا محمد هذا سمعته قبل ثلاث أعوام وانا نسيت رقم الشريط الذي تحدث فيه الشيخ لكنه في المائة الاولى تقريبا في هذه الاشرطة 80 ـ 100 .
إبتسامة
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
شيخنا الحمادي جزاكَم الله خيراً على الجهد الطيب ، و زادكم علماً
هل لك أن تجد لي تخريج ما نقله ابن عابدين -رحمه الله- في حاشيته :
قال ابن عابدين نقلا عن التجنيس وغيره: إن صلاة الحاجة أربع ركعات بعد العشاء ، وأن في الحديث المرفوع : {يقرأ في الأولى الفاتحة مرة وآية الكرسي ثلاثا ، وفي كل من الثلاث الباقية يقرأ الفاتحة والإخلاص والمعوذتين مرة كن له مثلهن من ليلة القدر} . قال ابن عابدين : قال مشايخنا : صلينا هذه الصلاة فقضيت حوائجنا .
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
الأستاذ الكريم ابن هاشم نفع الله به
لم أقف على الرواية المذكورة أثناء دراستي لأحاديث صلاة الحاجة
وسأتابع البحث عنها بمشيئة الله
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
بارك الله فيك أخى على هذا الجهد الطيب وأرى أن فى الحديثين اللذين قد صححتهما حديث الوضوء وحديث الأعمى جحة قوية فى إثبات صلاة الحاجة والله أعلم
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
جُعلتم مباركين أينما يممتم
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
جزاك الله خيرا ونفع الله بك
زادك الله علما وحلما وحكمة
هل من من مزيد؟
(ابتسامة)
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
أخي الكريم الحمادي جزاك الله خيراً وبارك الله فيك على هذا الجهد المبارك .
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوزكرياالمهاجر
بارك الله فيك أخى على هذا الجهد الطيب وأرى أن فى الحديثين اللذين قد صححتهما حديث الوضوء وحديث الأعمى جحة قوية فى إثبات صلاة الحاجة والله أعلم
وفيك بارك الله أخي الكريم
هل تريد أنَّ فيهما دلالة على مشروعية صلاة الحاجة بالصفة المذكورة في بعض كتب الفقه؟
أم تريد أنَّ فيهما دلالة على مشروعية صلاة ركعتين ثم سؤال الله؟
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
الكرام الفضلاء
القمة.. أبو مروة.. ناصر السوهاجي
أشكركم شكراً جزيلاً على مروركم الطيب
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك فضيلة الشيخ و نفع بك و لا حرمك الأجر و الثواب
على هذا الموضوع القيم و التوضيح الدقيق
شيخنا الكريم عندي إستفسار بخصوص هذه الأحاديث إذا كان ممكن حفظك الله
الحديث الأول عن عبد الله بن أبي أوفي رضي الله عنه
و الحديث الثاني عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه
في كتاب الخمس و خمسون وصيةٍ من وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم
الوصية الثالثة و العشرون
( لمن كانت له إلى الله حاجة ) ... ( صلاة الحاجة و دعاؤها )
فضيلة الشيخ هنا التأكيد واضح على صحة هذا الحديث...
فلماذا الإختلاف في الأحاديث ...؟؟
هل كُتبت هذه الأحاديث و نشرت قبل التأكد من صحتها ... ؟؟؟
و ما قولكم بشأن هذا الكتاب ......... و صحة هذه الوصاية الخمس و الخمسون
من و صايا رسول الله صلى الله عليه و سلم
و جزاكم الله كل خير
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخت الفاضلة أسماء وفقها الله
أما حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه فضعيفٌ لا يحتج به
وأما حديث عثمان بن حنيف فسبق بيان اللفظ الصحيح، وفيه دليلٌ على مشروعية
أن يتوضأ المسلم ويحسن وضوءه، ثم يصلي ركعتين ثم يسأل الله تعالى
ويشهد له الرواية الضعيفة لحديث أبي الدرداء رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال:"من توضَّأ فأسبغَ الوضوءَ ثم صلى ركعتين يتمُّهما، أعطاه الله
ما سأل معجَّلاً أو مؤخَّراً"
فصلاة الحاجة بهذا المعنى مشروعة، دون تقييد بدعاء معيَّن سوى ما ثبت في حديث
عثمان بن حنيف رضي الله عنه، وأما بقية الأدعية المروية في حديث ابن مسعود وأبي هريرة
وابن أبي أوفى وغيرهم فهي صفات ضعيفة، وبعضها اشتمل على ذكر هيئة معيَّنة للصلاة
وكل هذا لا يصح
أما كتيِّب (من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، خمسٌ وخمسون وصية)
جمعها ورتبها/ حمزة محمد صالح عجاج
فقد اشتمل على أحاديث صحيحة، وأخرى ضعيفة
ولعلك تقتنين من كتب أهل العلم تلك التي جمعت الأحاديث الصحيحة
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك فضيلة الشخ و نفع بك
و رفعك قدرا و لاحرمك الأجر و الثواب
اقتباس:
ولعلك تقتنين من كتب أهل العلم تلك التي جمعت الأحاديث الصحيحة
مع الأسف ليس بعد ...