خللٌ جللٌ في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ... آه لو كان مكرورا!!
وقفت في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض رده على الفخر الرازي في كتابه «الأربعين في أصول الدين» على هذا الكلام:
مجموع الفتاوى (ج 6/ص 275)
اقتباس:
((الثَّانِي أَنَّ وُجُوبَ اتِّصَافِهِ بِهَذَا الْكَمَالِ وَتَنْزِيهُهُ عَنْ النَّقْصِ لَمْ تَذْكُرْ فِي كُتُبِك عَلَيْهِ حُجَّةً عَقْلِيَّةً ؛ بَلْ أَنْتَ وَشُيُوخُك كَأَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهِ تَقُولُونَ: إنَّ هَذَا لَمْ يُعْلَمْ بِالْعَقْلِ؛ بَلْ بِالسَّمْعِ وَإِذَا كُنْتُمْ مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ لَمْ تَعْرِفُوهَا بِالْعَقْلِ. فَالسَّمْعُ إمَّا نَصٌّ وَإِمَّا إجْمَاعٌ وَأَنْتُمْ لَمْ تَحْتَجُّوا بِنَصِّ؛ بَلْ فِي الْقُرْآنِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ نَصٍّ حُجَّةً عَلَيْكُمْ وَالْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَة ُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ. وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ إذَا كَانَتْ أَزَلِيَّةً وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُولُ صَحِيحَ الْوُجُودِ فِي الْأَزَلِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ قَابِلًا لِغَيْرِهِ نِسْبَةً بَيْنَ الْقَابِلِ وَالْمَقْبُولِ، وَالنِّسْبَةُ بَيْنَ الْمُنْتَسِبِين َ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى تَحَقُّقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُنْتَسِبِين َ، وَصِحَّةُ النِّسْبَةِ تَعْتَمِدُ وُجُودَ الْمُنْتَسِبِين َ. فَلَمَّا كَانَتْ صِحَّةُ اتِّصَافِ الْبَارِي بِالْحَوَادِثِ حَاصِلَةً فِي الْأَزَلِ: لَزِمَ أَنْ تَكُونَ صِحَّةُ وُجُودِ الْحَوَادِثِ حَاصِلَةً فِي الْأَزَلِ.))
فتعجبت من الكلام الأخير الملون باللون الأحمر ماذا يقصد به شيخ الإسلام؟ فبحثت في تعليقات الشيخ ناصر بن حمد الفهد في كتابه: «صيانة مجموع الفتاوى من السقط والتصحيف» التي وضعها الإخوة بارك الله لهم مع النسخة الموجودة على الشاملة، فلم أرَ أي تعليق!
فازداد عجبي!
فلا الكلام مفهوما!
ولا يصح أن يكون هذا الكلام لشيخ الإسلام!
وما هي دعوى الإجماع الأزلية؟
وكيف يقول شيخ الإسلام: إن كون الشيء قابلا لغيره نسبة بين القابل والمقبول، والنسبة بين المنتسبين متوقفة على تحقق كل واحد من المنتسبين وصحة النسبة تعتمد وجود المنتسبين. فلما كانت صحة اتصاف الباري بالحوادث حاصلة في الأزل لزم أن تكون صحة وجود الحوادث حاصلة في الأزل؟
وماذا ترك لأهل الكلام؟
ثم كيف يرد على نفسه بعد ذلك ويقول:
اقتباس:
فيقال لك: هذا الدليل بعينه موجود في كونه قادرا فإن كون الشيء قادرا على غيره نسبة بين القادر والمقدور والنسبة بين المنتسبين متوقفة على تحقيق كل واحد من المنتسبين وصحة النسبة تعتمد وجود المنتسبين؟
ثم كيف يكمل جوابه بعد ذلك فيقول:
اقتباس:
الجواب الثامن: أن يقال: فرقك بأن وجود القادر يجب أن يكون متقدما على وجود المقدور ووجود القابل لا يجب أن يكون متقدما على وجود المقبول ؛ فرق بمجرد الدعوى.
وقد جاء التعليق عليه: هكذا بالأصل. أي أنه بدأ جوابه بالثامن ولم يذكر قبله عددا!!
كل هذا الخلل، ولم أجد تعليقا عليه يوضح سببه، حتى تيسر لي الاطلاع على كتاب «الأربعين في أصول الدين» للرازي فبحثت عن هذا الموضع، فوجدت الأمر جللا:
فمن بعد آخر موضع رد عليه شيخ الإسلام في (ص 274) من المجلد السادس، سقط من كلام الرازي ما يقرب من ستة أسطر!!
فما مقدار ما سقط معه من كلام شيخ الإسلام؟
فكل ما جاء من بعد قول شيخ الإسلام: (ودعوى الإجماع) هو من كلام الرازي لكنه مبتور من أوله، ونهايته هي ما قبل قول شيخ الإسلام: (فيقال لك)
ولكي تتضح الصورة سأورد النص بعد إضافة السقط بلون أزرق، ووضع نقاط مكان السقط الآخر من كلام شيخ الإسلام، فيكون كالآتي:
اقتباس:
((الثاني: أن وجوب اتصافه بهذا الكمال وتنزيهه عن النقص لم تذكر في كتبك عليه حجة عقلية ؛ بل أنت وشيوخك كأبي المعالي وغيره تقولون : إن هذا لم يعلم بالعقل ؛ بل بالسمع وإذا كنتم معترفين بأن هذه المقدمة لم تعرفوها بالعقل . فالسمع إما نص وإما إجماع وأنتم لم تحتجوا بنص ؛ بل في القرآن أكثر من مائة نص حجة عليكم والأحاديث المتواترة حجة عليكم . ودعوى الإجماع .................... (بقية كلام شيخ الإسلام)
(بداية كلام الرازي)[واعلم أن هذا الدليل مبني على ثلاث مقدمات:
المقدمة الأولى: إنه لو كانت ذاته قابلة للصفة المحدثة لكانت تلك القابلية من لوازم ذاته. والدليل عليه: أنها لو لم تكن من اللوازم لكانت من العوارض. فكانت الذات قابلة لتلك القابلية، فقبول تلك القابلية إن كان من اللوازم فهو المقصود، وإن كان من العوارض فيفتقر إلى قابلية أخر. ويلزم إما التسلسل، وإما الانتهاء من لوازم الذات. وهو المطلوب.
.............................. .................... (رد شيخ الإسلام)
المقدمة الثانية: إن القابلية] إذا كانت أزلية وجب أن يكون المقبول صحيح الوجود في الأزل . والدليل عليه أن كون الشيء قابلا لغيره نسبة بين القابل والمقبول والنسبة بين المنتسبين متوقفة على تحقق كل واحد من المنتسبين وصحة النسبة تعتمد وجود المنتسبين . فلما كانت صحة اتصاف الباري بالحوادث حاصلة في الأزل لزم أن تكون صحة وجود الحوادث حاصلة في الأزل.
فيقال لك : هذا الدليل بعينه موجود في كونه قادرا فإن كون الشيء قادرا على غيره نسبة بين القادر والمقدور والنسبة بين المنتسبين متوقفة على تحقيق كل واحد من المنتسبين وصحة النسبة تعتمد وجود المنتسبين))
إن الخطورة هنا ترجع إلى عدة أمور:
الأول: نسبة كلام كبير المتكلمين لشيخ الإسلام مع أنه يرد عليه ويبطله.
الثاني: ضياع كلام شيخ الإسلام، والذي لا يعلم قدره ومقداره إلا الله، لكن قوله بعد ذلك: (الجواب الثامن) ينبئ أن الأمر عظيم.
الثالث: عدم التنبيه على ذلك ليتنبه من لا دربة له بكتب شيخ الإسلام وطريقة كلامه.
الرابع (وهو أخطرها وأعظمها): أن هذا الموضع يختلف عن بقية مواضع السقط في مجموع الفتاوى أن الكلام جاء موصولا ببعضه ليس فيه ما يشير لوجود سقط في المخطوط، ففي المواضع الأخرى تجد مثلا: سقط بالأصل قدر كذا، بياض بالأصل، أو غير ذلك.
أما أن يأتي الكلام موصولا بلا تنبيه، فلو كان ذلك سهو من الجامع رحمه الله وطيب الله ثراه فهو أمر عظيم، وإن كان ذلك في الأصل المخطوط فالمصيبة أعظم.
إخواني قد وصل إلى مسامعي أن الأصول التي اعتمد عليها الشيخ عبد الرحمن وابنه محمد رحمهما الله تعالى ما زالت موجودة عند ورثتهما كالشيخ عبد الملك القاسم وغيره.
فهل من محب لشيخ الإسلام من قاطني المملكة يحاول الوصول إلى هذه الوصول بالاتفاق مع الورثة ويعكف عليها بعض طلاب العلم المجتهدين لإصلاح ما وقع من خلل في المجموع إكمال المسيرة المباركة التي بدأها الشيخان الجليلان عبد الرحمن وابنه؟
فأخشى ما أخشاه أن يكون هذا النوع من السقط خصوصا قد تكرر في مواضع أخرى من المجموع ولم ينبه عليه.
وآه لو كان مكرورا.
أخوكم المحب/ عيد فهمي
رد: خللٌ جللٌ في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ... آه لو كان مكرورا!!
جزاك الله خيرا، وفي كتب شيخ الإسلام الأخرى تجد تفصيلا لهذه المسألة يتضح منه المراد، كدرء التعارض وبيان التلبيس.
وهذا الأمر - أعني السقط والتحريف - واقع في كثير من الكتب ولا يختص بشيخ الإسلام، والله المستعان.
ومن ذلك يتضح لنا صحة ما قاله الدكتور رمضان عبد التواب من أن مهارة التحقيق ودربة التصحيح والتدقيق لا يختص بها من يعمل في هذه الصناعة، وإنما هي أمر لازم لكل طالب علم لكي يكون على يقين من صحة ما يقرؤه في الكتب المطبوعة.
فإن المحققين المتقنين قلة قليلة، والكتب التي يعتمد عليها في دقة الضبط كبيض الأنوق !
ولذلك أيضا يتضح لنا صحة ما قاله أهل العلم بأن القول لا ينسب لقائله بمجرد عبارة مقتطعة من سياقها حتى يرجع إلى كلامه في مواطن أخرى وفي باقي كتبه.
رد: خللٌ جللٌ في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ... آه لو كان مكرورا!!
شكر الله لك غيرة أخينا عيدا
وبيض الله وجهك أبا مالك
كلام مقنع فجزاك الله خير الجزاء
رد: خللٌ جللٌ في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ... آه لو كان مكرورا!!
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
وهذا الأمر - أعني السقط والتحريف - واقع في كثير من الكتب ولا يختص بشيخ الإسلام، والله المستعان.
وفقك الله.
المشكلة الكامنة هنا، والتي تختلف عن باقي مواضع السقط حتى في مجموع الفتاوى، هي عدم التنبيه، ووصل الكلام ببعضه بحيث يخفى على القارئ موضع السقط، فبدون الوقوف على كتاب "الأربعين" لن نعرف منتهى كلام ابن تيمية ومبدأ كلام الرازي.
نعم مهارة التحقيق ودربة التصحيح تجعل طالب العلم يعلم أن هاهنا خللا، لكنها لن تمكنه من معرفة سببه هل هو سقط أم تحريف؟
والأمر الثاني: ضياع كلام شيخ الإسلام وهو بلا شك ثمين كباقي كلامه وردوده، فما حجم ما ضاع؟
أليس قوله بعد ذلك: (الجواب الثامن) ينبئ أن ما ضاع أكثر من أن يوصف بالكثير!
رد: خللٌ جللٌ في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ... آه لو كان مكرورا!!
نعم كلامك صحيح يا شيخنا الفاضل
وقد لاحظت اختلالا في ترتيب أرقام الردود أيضا في بيان تلبيس الجهمية.
رد: خللٌ جللٌ في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ... آه لو كان مكرورا!!
شيخ الإسلام رجل
لم يفهم كلامه مخالفوه فأبغضوه
ولم يفهم كلامه موافقوه فأهملوه
فهو يحتاج إلى من يعرف قيمة كلامه بغض النظر وافقه أم خالفه
والله المستعان
رد: خللٌ جللٌ في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ... آه لو كان مكرورا!!
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيد فهمي
شيخ الإسلام رجل
لم يفهم كلامه مخالفوه فأبغضوه
ولم يفهم كلامه موافقوه فأهملوه
فهو يحتاج إلى من يعرف قيمة كلامه بغض النظر وافقه أم خالفه
والله المستعان
صدقت ياشيخنا الفاضل ....زادك الله علمًا و عملًا .. افتقدنا مواضيعك ومشاركاتك النافعة .....أسأل الله أن تكون بخير ..
رد: خللٌ جللٌ في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ... آه لو كان مكرورا!!
رحم الله اهل هذا الفن اعني تحقيق النصوص وتوثيقها امثال العلامة احمد شاكر ومحمود شاكر ابوفهر والعلامة الكبير عبد السلام هارون ومن على منهجهم العلمي وللحق فان العلامة احمد بن عبد الحليم الملقب بابن تيمية كان له منهج خاص فى الرد على مخالفيه فهو مع تمسكه بالشرع الحنيف قد يرد البدعة من نفس كلام المبتدعة ولهذا كان الافاضل من اهل العلم يقولون انه يجب قراءة رد الشيخ كاملة ولا يجب الاعتماء على الانتقاء من الكلام حتى يتضح المعنى والله اعلم