رد: المعونة على قدر المئونة
اقتباس:
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (1892): "وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ بَقِيَّةُ...فذكر
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (1892): "وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ بَقِيَّةُ... فذكره
قَالَ أَبِي: كُنْتُ مُعْجَبًا بِهَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى ظَهَرَتْ لِي عَوْرَتُه؛ فَإِذَا هُوَ: مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَبَّاد ابن كَثير، عَنْ أَبِي الزنادِ.
قَالَ أبو زرعة: الصَّحيحُ ما روى الدَّرَاوَرْدِي ُّ ، عن عَبَّاد بن كَثير، عَنْ أَبِي الزنادِ، فبَيْنَ معاويةَ بْنِ يَحْيَى وَأَبِي الزِّنَادِ: عَبَّادُ ابن كَثير.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وعبَّادٌ لَيْسَ بالقويِّ".
قلت: لا يبعُد أن يكون أبو بكر القتبي ، هو نفسه عباد بن كثير ، وكنّاه بقية لضعفه ووهائه.
وقال ابن عدي في ترجمة "محمد بن عبد الله بن حسن": ((لا يتابع عليه لم يسمع. سمعت ابن حماد يذكره عن البخاري.
قال الشيخ: وهذا الذي قال محمد بن عبد الله ويقال ابن حسن، عن أبي الزناد إنما له، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن *المعونة *تأتي *من *الله عز وجل على قدر المؤنة وإن الصبر يأتي من الله على قدر المصيبة.
قال الشيخ: ويقال إن لمحمد بن عبد الله، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فر من المجذوم وإلى هذا أشار البخاري)).
وهذا عجيب من ابن عدي ! ، فإن البخاري لما ترجم له في "التاريخ الكبير" (139/1) ، قال: ((حدَّثني مُحَمد بْنُ عُبَيد اللهِ، قَالَ: حدَّثنا عَبد الْعَزِيزِ، عَنْ مُحَمد بْنِ عَبد اللهِ، عَنْ أَبي الزِّناد، عَنِ الأَعرَج، عَنْ أَبي هُرَيرَة، رَفَعَهُ: *إِذا *سَجَدَ *فَليَضَع *يَدَيهِ *قَبلَ *رُكبَتَيهِ.
ولا يُتابَعُ عليه، ولا أدري سَمِعَ مِن أَبي الزِّناد أم لا)).
فالبخاري نصّ على الحديث الذى تفرد به محمد بن عبد الله ، وهو حديث السجود ، ولم يشر البخاري إلى غير هذا.
ولم يورد ابن عدي الإسناد إليه ، حتى نتأكد من ثبوت هذه الرواية. وكذلك فإن البخاري تردد في سماعه من أبي الزناد ، وكذا فعل ابن حبان لما ذكره في "الثقات" ، فقال: ((من أهل المدينة، يروي عن أبي الزناد إن كان سمع منه، روى عنه الدراوردي، عداده في أهل المدينة)) ، وعلى هذا فسماعه منه ، محل شك ونظر.
وأخرج ابن عدي في "الكامل" (96/6) ، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (9484) عن محمد بن علي بن الوليد، حدثنا أبو مصعب، حدثنا عمر بن طلحة، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به.
قال ابن عدي: ((وقد رُوي هذا الحديث أيضا عن طارق بن عمار وعباد بن كثير عن محمد بن عمرو)).
ومحمد بن علي بن الوليد ، قال الإسماعيلي: ((منكر الحديث)) ، واتهمه البيهقي.
وعمر بن طلحة الليثي ، قال أبو زرعة: ((ليس بقوى)) ، وقال أبو حاتم: ((محله الصدق)) ، وقال ابن حجر: ((صدوق)) ، وقال: ((لين)).
والحاصل أنه إن قلنا بترجيح رواية من رواه عن عباد بن كثير عن طارق بن عمار ، وأن معاوية بن يحيي أخذه من عباد - كما ذكر الرازيان - ، عاد الحديث إلى طارق بن عمار وحسب ، وانتفت المتابعات المتوهمة.
[حديث أنس بن مالك]
أخرج التنوخي في "الفرج بعد الشدة" (1/117) (14) ، والرافعي في "التدوين" (436/2) ، وأبو جعفر ابن البختري في "ستة مجالس من أماليه" (58) ، عن دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا العباس بن رَزِينٍ، عَنْ خلاس بْنِ يَحْيَى، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْمَعُونَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، تَأْتِي الْعَبْدَ عَلَى قَدْرِ الْمَئُونَةِ، وَإِنَّ الصَّبْرَ يَأْتِي عَلَى قَدْرِ شِدَّةِ الْبَلاءِ. وَرُبَّمَا قَالَ: إِنَّ الْفَرَجَ يَأْتِي مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، عَلَى قَدْرِ شِدَّةِ الْبَلاءِ".
وداود بن المحبر ، قال ابن معين: ((ليس بكذاب ، وقد كتبت عن أَبيه المُحَبَّر بن قَحذَم، وكان داود ثقةً، ولكنه جَفَا الحديثَ، ثم حَدَّث)) ، وقال: ((ليس بكذاب، وقد كتبت عن أَبيه المُحَبَّر، وكان داود ثقةً، ولكنه جفا الحديث، وكان يَتَنَسَّك وجالس الصُّوفيين بعَبَّادَان, وكان يعمل الخُوص، ثم قدم بَغداد بعد ذلك، فلما أسن وكبر أتاه أصحاب الحديثِ، فكان يُحدِّثهم، وكان يُخطىء كَثيرًا ويُصَحِّفُ، إِلا أَنه كان ثقةً)) ، وأَحسَن عليه الثناء، وذكره بخير، وقال: ((ما زال معروفًا بالحديثِ، يَكتب الحديث، وترك الحديث، ثم ذهب، فصحب قومًا من المعتزلة، فأفسدوه، وهو ثقةٌ)) ، وقال أحمد: ((شبه لا شيء، كان لا يدري ذاك أيش الحديث)) ، وقال ابن المديني: ((ذهب حديثه)) ، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ذاهب الحديث غير ثقة)) ، وقال الدارقطني: ((يضع، بصري، كان ببغداد، متروك)) ، وقال: ((يضع الحديث ، متروك الحديث)) ، وقال: ((متروك ، لا يجوز الاحتجاج بروايته لو لم يكن له مخالف)) ، وقال أبو داود: ((ثقة شبه الضعيف)) ، وقال أبو زرعة ، والنسائي: ((ضعيف)) ، وقال النسائي أيضاً: ((متروك)) ، وقال الجوزجاني: ((كان يروى عن كل ، و كان مضطرب الأمر)) ، وقال صالح بن محمد البغدادي: ((ضعيف صاحب مناكير)) ، وقال: ((يكذب ، ويضعف فى الحديث)) ، وقال الحاكم: ((حدث ببغداد عن جماعة من الثقات بأحاديث موضوعة)) ، وقال ابن حبان: ((كَانَ يضع الْحَدِيث عَلَى الثِّقَات ويروي عَن المجاهيل المقلوبات كَانَ أَحْمَد بْن حَنْبَل رَحمَه اللَّه يَقُول هُوَ كَذَّاب)).
وخلاس ، مجهول الحال.
[حديث عبد الله بن عمر]
أخرج الدينوري في "عيون الأخبار" (202/3) عن يزيد بن عمرو عن يزيد بن مروان قال: حدّثنا النعمان بن هلال عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تنزل المعونة *على *قدر *الموونة»
ويزيد بن مروان الخلال ، قال ابن معين: ((كذاب)) ، وقال الدارمي: ((قد أدركته، وهو ضعيف قريب مما قال يحيى)) ، وقال الدارقطني: ((ضعيف جداً)) ، وقال ابن حبان: ((يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به)).
والنعمان بن هلال ، لم أجده.
[قول خالد بن الوليد]
أخرج الطبري في "التاريخ" (408/3) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (83/2) عن السري بن يحيى أنا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمرو عن عمرو بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم عن ظفر بن دهي ومحمد بن عبد الله عن أبي عثمان وطلحة عن المغيرة والمهلب بن عقبة عن سياه الأحمري قالوا: فذكروا خبر خالد مع الأمراء في فتوح الشام ، وقوله لهم: ((لا يَخْتَلِفَنَّ هَدْيُكُمْ، وَلا يَضْعُفَنَّ يَقِينُكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي على قدر النية، والأجر على قدر الحسبة، وَإِنَّ الْمُسْلِمَ لا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكْتَرِثَ بِشَيْءٍ يَقَعُ فِيهِ مَعَ مَعُونَةِ اللَّهِ لَهُ)).
وشعيب بن إبراهيم ، قال ابن عدي: ((لَهُ أَحَادِيثُ وَأَخْبَارٌ، وَهو ليس بذلك المعروف ومقدار ما يروي من الحديث وَالأَخْبَارِ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ وَفِيهِ بَعْضُ النَّكِرَةِ لأَنَّ فِي أَخْبَارِهِ وَأَحَادِيثِهِ مَا فِيهِ تَحَامُلٌ عَلَى السَّلَفِ)).
وسيف بن عمر التميمي ، قال ابن معين: ((فلس خير منه)) ، وقال: ((ضعيف)) ، وقال أبو حاتم: ((متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدى)) ، وقال أبو داود: ((ليس بشئ)) ، وقال النسائي ، وأبو زرعة ، والدارقطني: ((ضعيف)) ، وقال الدارقطني أيضاً: ((متروك)) ، وقال الفسوي: ((حديثه ، وروايته ليس بشئ)) ، وقال الحاكم: ((اتهم بالزندقة ، وهو فى الرواية ساقط)) ، وقال ابن عدي: ((له أحاديث غير ما ذكرت وبعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها، وَهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق)) ، وقال ابن حبان: ((يَرْوِي الموضوعات عَن الْأَثْبَات ، وَكَانَ يضع الحَدِيث وَكَانَ قد اتُهم بالزندقة)).
[قول عمر بن الخطاب]
أخرج الطبري في "التاريخ" (489/3) عن السري، عن شعيب، عن سيف، عن أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: فذكر كتاب عمر بن الخطاب إلى سعد ، وجاء فيه: ((أَمَّا بَعْدُ، فَتُعَاهِدْ قَلْبَكَ، وَحَادِثْ جُنْدَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ، وَمَنْ غَفَلَ فَلْيُحَدِّثْهُ مَا، وَالصَّبْرَ الصَّبْرَ، فَإِنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي مِنَ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ النِّيَّةِ، وَالأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْحِسْبَةِ وَالْحَذَرَ الْحَذَرَ عَلَى مَنْ أَنْتَ عَلَيْهِ وَمَا أَنْتَ بِسَبِيلِهِ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ...)).
وتقدم الكلام على شعيب ، وسيف.
[قول جعفر الصادق]
أخرج أبو نعيم في "الحلية" (194/3) ، ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (89/5) ، عن أَحْمَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحرِيشِ، ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ، ثَنَا الْأَصْمَعِيُّ قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: «الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ، وَالْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ، وَزَكَاةُ الْبَدَنِ الصِّيَامُ، وَالدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ، وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالز*َّكَاةِ، وَمَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ، وَالتَّدْبِيرُ نِصْفُ الْعَيْشِ، وَالتَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَقِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ، وَمَنْ أَحْزَنَ وَالِدَيْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا، وَمَنْ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ فَقَدْ حَبِطَ أَجْرُهُ، وَالصَّنِيعَةُ لَا تَكُونَنَّ صَنِيعَةً إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ وَدِينٍ، وَاللهُ تَعَالَى مُنْزِلُ الصَّبْرَ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ، وَمُنْزِلُ الرِّزْقَ *عَلَى *قَدْرِ *الْمَؤُونَةِ، وَمَنْ قَدَّرَ مَعِيشَتَهُ رَزَقَهُ اللهُ تَعَالَى، وَمَنْ بَذَّرَ مَعِيشَتَهُ حَرَّمَهُ اللهُ تَعَالَى»
ورجاله لا بأس بهم ، ولكن ظاهره الانقطاع بين الأصمعي ، وجعفر الصادق.
والله أعلم.