أصول الفقه في سطور مع تطبيقات عقدية و فقهية
لاشك أن علم أصول الفقه فائدته ليست فقط فهم مراد الله و مراد رسوله صلى الله عليه وسلم و معرفة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها بل تتعدى فائدته لفهم العقيدة فهما صحيحا و القدرة على الرد على المبتدعة و القدرة على مناقشة الأقوال الفقهية والعقدية الخاطئة بطرق علمية لذلك كان هذا الجهد المقل مني في شرح أصول الفقه مع كثرة التطبيقات عليه في الحياة الفقهية ، و أقصد بالحياة الفقهية الحياة الفقهية بالمعنى الذي كان عليه الصدر الأول لا و هو فهم الدين فهم العقيدة وفهم الأحكام الشرعية العملية و فهم الأحكام التهذيبية و الله الموفق
أصول الفقه في سطور الدرس الأول
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فهذه دروس مبسطة لعلم أصول الفقه لمن يرغب في تعلمه حتى يكون الطالب على دراية لا بأس بها بهذا العلم العظيم فيستعمله في حياته الفقهية فأسأل الله التوفيق والسداد .
أخوتاه الليلة سندرس إن شاء الله مقدمة عن أصول الفقه فهيا نحيا في رحاب هذه المقدمة مكونة من تعريف المقدمة ثم تعريف أصول الفقه ثم موضوعات أصول الفقه ثم أهميته ثم واضع هذا العلم ثم حكم تعلمه حتي يكون الطالب على دراية مبدئية بهذا العلم .
أصول الفقه في سطور الدرس الثاني
أصول الفقه في سطور الدرس الثاني
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فهذه دروس مبسطة لعلم أصول الفقه لمن يرغب في تعلمه حتى يكون الطالب على دراية لا بأس بها بهذا العلم العظيم فيستعمله في حياته الفقهية فأسأل الله التوفيق والسداد .
أخوتاه
الليلة سندرس إن شاء الله الحكم الشرعي تعريفه وأنواعه ثم الحكم الشرعي العملي وأقسامه فهيا نحيا في رحاب هذا الدرس نستقي منه علما ينفعنا في الدنيا والآخرة .
الحكم الشرعي باعتبار مفرداته
أخوتاه
الكل يقرأ في كتب الفقه والعقيدة والأخلاق كلمة حكم شرعي نريد أن نعرف ما هو الحكم الشرعي كي نفترق عن فهم الناس العادية .
عندنا كلمة حكم وكلمة شرعي نعرف أولا كلمة حكم وعندنا بالطبع تعريف لغوي وتعريف اصطلاحي فنقول
الحكم لغة هو إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه ، ويعني أيضاً القضاء والإلزام والمنع .
قال جرير :
ابني حنيفة أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضبا ويقال أحكمت فلاناً أي منعته ، وبه سمى الحاكم حاكماً لأنه يمنع الظالم ، وحكمت السفيه وأحكمته إذا أخذت على يده ،وحكمة اللجام ما أحاط بحنكي الدابة[1] ،
والحكم اصطلاحاً هو ما يثبت للمكلف من اعتقاد أو سلوك أو عمل
مثلا القول بأن الله متصف بصفات الكمال والجلال آش هذا الحكم ؟
الجواب :
هذا حكم شرعي عقدي
سؤال:
لماذا قلنا حكم شرعي عقدي ( علمي ) ؟
الجواب :
لأنه يختص بالعلم بصفات الله ،والعلم بصفات الله لابد أن يكون علما جازما لا شك فيه . جميل جدا .
مثال آخر
القول بتحلى المسلم بالصدق والوفاء والعدل آش هذا الحكم ؟
الجواب :
هذا حكم شرعي سلوكي (أخلاقي / آدابي )
سؤال:
لماذا قلنا هذا حكم شرعي سلوك ؟
الجواب :
لأنه يختص بسلوك الفرد وأخلاقه . جميل جدا .
مثال آخر القول بوجوب الصلاة آش هذا الحكم ؟
الجواب :
هذا حكم شرعي عملي
سؤال:
لماذا قلنا حكم شرعي عملي ( فقهي ) ؟
الجواب :
لأنه يختص بفعل الإنسان . جميل جدا .
بعد أن عرفنا كلمة حكم سنعرف الآن كلمة شرعي فشرعي نسبة للشرع ،
و الشرع في اللغة هو المذهب والطريق ،
واصطلاحاً ما جعله الله طريقاً إلى محبته ورضاه من أحكام علمية أو عملية أو سلوكية ،و سمى شرع الله بهذا الاسم ؛ لأن أحكام الله واضحة ظاهرة كشراع السفينة أوضح شيء يرى في السفينة من بعد . جميل جدا .
[1] - لسان العرب لابن منظورمادة حكم (12/144)
الحكم الشرعي باعتباره اسم على شيء مخصوص
بعد أن عرفنا الحكم الشرعي باعتبار مفرداته سنعرفه الآن باعتبار أنه اسم لشيء معين ( شيء مخصوص )
أي نعرف الحكم الشرعي ككل فنقول:
الحكم الشرعي هو :
خطاب الله المتعلق باعتقاد أو أفعال أو سلوك العباد ،وخطاب الله أي كلام الله الموجه لنا عن طريق القرآن وما يرجع إليه سنة أو إجماع أو قياس .
الحمد لله عرفنا الآن آش الحكم الشرعي نعلى درجة ونقول:
ما هي أنواع الحكم الشرعي ؟
تذكر التعريف وجاوبني ، تقول تعريف الحكم الشرعي أنه خطاب الله المتعلق باعتقاد أو أفعال أو سلوك العباد. ومن التعريف
يتضح أن الحكم الشرعى ثلاثة أنواع :
هم الحكم الشرعى العلمى ( اعتقاد المكلفين )
و الحكم الشرعى العملى ( فعل المكلفين )
و الحكم الشرعى التهذيبى (سلوك المكلفين ).
الحكم الشرعى العلمى :
خطاب الله المتعلق بكيفية اعتقاد العباد من علم بالله وملائكته وكتبه ورسله... ،ويختص به علم العقيدة .
الحكم الشرعى العملى :
خطاب الله المتعلق بعمل العباد من صلاة وصوم وزكاة وبيوع وجنايات ،وغير ذلك طلباً أو تخييراً أو وضعاً ويختص به علم الفقه.
الحكم الشرعى التهذيبى :
خطاب الله المتعلق بخلق العباد مع أنفسهم أومع غيرهم ،ويختص به علم السلوك أو الأخلاق .
أقسام الحكم التكليفي والحكم الوضعي
أخوتاه
ينقسم الحكم الشرعي التكليفي إلى خمسة أقسام هي :
( الإيجاب ، والندب ، والإباحة ، والكراهة ، والتحريم) وهي طرفان وواسطة.
فالطرف الأول :
هو المطلوب من المكلف الإتيان به ، وهو الواجب والمندوب فالإيجاب هو ما طلب فعله على وجه الإلزام ، بحيث يثاب فاعله امتثالاً ،ويستحق العقاب تاركه ،والندب ما طلب فعله على وجه الندب والاستحباب لا على وجه الإلزام بحيث يثاب فاعله امتثالاً ،ولا يعاقب تاركه .
أما الطرف الثاني :
فهو المطلوب منا تركه ،والكف عنه وهو التحريم والكراهة ، فالتحريم مطلوب منا الكف عنه إلزاماً بحيث يثاب تاركه امتثالاً ،ويستحق العقاب فاعله ، والكراهة ما طلب منا الكف عنه تنزيهاً فقط دون الإلزام بحيث يثاب تاركه امتثالاً ولا يعاقب فاعله .
وأما الواسطة :
فهى الإباحة ،وهى ما لا يتعلق به أمر ،ولا نهي لذاته كالأكل في رمضان ليلاً .
أخوتاه
ينقسم الحكم الوضعي إلى سبعة أقسام : ( السبب والشرط و المانع والصحة والفساد والرخصة والعزيمة ).
وتذكر أخي طالب العلم بأن العلمَ بالمذاكرة ...
. والدرسِ والفكرةِ والمناظرةِ والعلم يحتاج لهمة عالية ونفوس واعية وقلوب مخلصة لرضا الله راجية و ليس العلم ما نقل في الدفاتر ،ولكن العلم ما ثبت في الخواطر . إلى اللقاء في الدرس القادم إن شاء الله سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
رد: أصول الفقه في سطور مع تطبيقات عقدية و فقهية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فهذه دروس مبسطة لعلم أصول الفقه لمن يرغب في تعلمه حتى يكون الطالب على دراية لا بأس بها بهذا العلم العظيم فيستعمله في حياته الفقهية فأسأل الله التوفيق والسداد .
أخوتاه الليلة سندرس إن شاء الله أركان الحكم الشرعي وهي الحاكم والحكم والمحكوم عليه والمحكوم فيه فهيا نحيا في رحاب هذا الدرس نستقي منه علما ينفعنا في الدنيا والآخرة .
تعريف كلمة ركن وذكر أركان الحكم الشرعي إجمالا
أخوتاه بعد أن عرفنا الحكم الشرعي العملي في اللقاء السابق نحب أن نعرف أركانه ،الكل يقول كلمة ركن فيقولون كذا ركن في كذا ،و كذا ركن في كذا إذن ما معنى كلمة ركن ؟
الجواب : ركن الشيء هو جانبه ، وهذا يعني أن الركن جزء من حقيقة الشيء فنقول مثلاً قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة ، وكذلك الركوع والسجود والاعتدال من الركوع والقيام هذه أركان للصلاة ،أفهمت معنى كلمة ركن
إذن سؤال ما هي أركان الحكم الشرعي ؟ انظر للتعريف وجاوبني تقول خطاب الله المتعلق بعمل العباد من صلاة وصوم وزكاة وبيوع وجنايات ،وغير ذلك طلباً أو تخييراً أو وضعاً إذن أركان الحكم الشرعي العملي هي : الحاكم ( مشرع الحكم وهو الله سبحانه وتعالى ) والحكم ( تكليفي أو وضعي ) والمحكوم عليه ( المكلف الذي شرع الله له الحكم ) والمحكوم فيه ( فعل المكلف الذي تعلق به الحكم ) .
الركن الأول : الحاكم و إجماع العلماء في كفر التشريع من دون الله
أولا الحاكم :
أخوتاه الحكم في كل أمر وشأن هو لله تعالى وحده قال تعالى : (( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ))[1] فهو الذي له الحق أن يأمر وينهى هو الله سبحانه وتعالى وحده؛ لأنه خالق الخلق ورب العالمين ، وفاطر السموات والأرض، قال تعالى : (( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَـقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ))[2]
فكما أنه الخالق وحده ، فهو الآمر سبحانه، والواجب طاعة أمره. وإفراد الله سبحانه بالتشريع من التوحيد ،وأنتبه لهذه المسألة العقدية المهمة ،وهي مسألة التشريع من دون الله فقد أخطأ فيها بعض المعاصرين مع أن المسألة مجمع عليها فقد أجمع العلماء أن من يشرع من دون الله يعتبر كافرا كفر مخرج من الملة سواء أكان مستحلا للفعل أو غير مستحل مثلها مثل مسألة سب الدين لا فرق بين من يسب استحلالا ومن يسب دون استحلال .
[1] - الأنعام الآية57
[2]- الأعراف:54
من الأدلة على كفر التشريع من دون الله كفرا أكبرا
بداية عرف التوحيد وستعرف أن إفراد الله بالتشريع من التوحيد ستقول التوحيد هو إفراد الله سبحانه بما اختص به . جميل جدا وأقول لك و الله سبحانه وتعالى قد اختص بأشياء منها العبادة ومنها الخلق والرزق والتدبير، ومنها الحكم والتشريع ،وترك العمل بالتوحيد هو العمل بضده ،
وهو الشرك الأكبر الذي هو مساواة العبد غير الله بالله فيما اختص به الله ، فمن صرف شيئاً اختص الله به لغيره فقد أشرك شركاً أكبر، كالذي يعبد غير الله أو يدعي علم الغيب من دون الله، أو يشرع من دون الله . أفهمت الآن المسألة واضحة لك أن تسأل من من المعاصرين قال بهذا ؟ أقول منهم الشنقيطي فقد قال في أضواء البيان : (( الإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته))[1]،وقال العلامة ابن عثيمين : (( إن الذي يحكمون القوانين الآن ويتركون ورائهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما هم بمؤمنين ... ، وهؤلاء المحكمون للقوانين لا يحكمونها في قضية معينة خالفوا فيها الكتاب والسنة ، لهوى أو لظلم ، ولكنهم استبدلوا الدين بهذه القوانين ، جعلوا هذا القانون يحل محل الشريعة وهذا كفر حتى لو صلوا وصاموا وتصدقوا وحجوا ، هم كفار ما داموا عدلوا عن حكم الله – وهم يعلمون بحكم الله - إلى هذه القوانين المخالفة له... فـلا تستغرب إذا قلنا: إن من استبدل شريعة الله بغيرها من القوانين فإنه يكفر ولو صام وصلى ))[2] . وبالطبع تريد أن تعرف من نقل الإجماع في المسألة أقول لك قد نقل ابن كثير الإجماع على كفر من يتحاكم لغير شرع الله فقال : (( فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتــم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا ،وقدمهــا عليه من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين))، وممن نقل الإجماع أيضاً الإمام إسحاق بن راهويه نقله عنه ابن عبد البر في التمهيد حيث قال : (( وقد أجمع العلماء أن من سب الله عز وجل، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أو دفع شيئاً أنزله الله، أو قتل نبياً من الأنبياء ، وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر))[4]
[1]- أضواء البيان للشنقيطى (7/162)
[2] - شرح ريـاض الصالحـين لابن عثيمين: (3/311-312)
[3] - البداية والنهاية لابن كثير(13/128)
[4] - التمهيد لابن عبد البر (4/226)