الحمدُ للهِ الذي علَّمَ أنبياءَه أدبَ الطَّلبِ قبل الطَّلب ؛ فقال - عزَّ جاهُه - آمراً موسى - عليه السَّلام - :
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif إنِّي أنا ربُّك
فاخْلَعْ نعليْكَ إنَّك بالوادي المُقدَّس طوى
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif وأنا أخترتُك
فاستمع لما يُوحى
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif إنني أنا الله لا إلهَ إلاَّ أنا
فاعبدني وأقم الصَّلاةَ لذكري http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif قال بعضُ أهلِ العلم :
علَّمَه الأدب بخلع النعلين ، قبلَ أن يُعلمه العلم !
والصَّلاة والسَّلام على المبعوثِ رحمةً للعالمين ، أدَّب أصحابه ، وربَّاهم ، وزكَّاهم ، وأرشدهم للنافع ، وزجرهم عن الضَّار ، وصدَّ عنهم في كُلِّ مالا ينفعُ العلمُ به ..!
أمَّا بعدُ ؛ فيأيُّها الأحبَّةُ في الله ..
كنتُ قد قيَّدتُ قبل عامين بعضَ الفوائد من ’’ عمدة الأحكام ‘‘ المتعلقة بآداب الطلب ، وبناء الأخلاق ، ووسائل اكتساب العلم النافع ؛ وذلك لأمور :
أولاً : فشوُّ السؤالِ السَّقيم الذي لطالما اصطكَّت به الآذان : (
أيهما نُقدِّم العلمَ أم التربية ) ؟
وكأنَ الجهةَ منفكةٌ ؛ فمن اشتغل بالعلم فقد أهملَ التربية - وأعني بها في اصطلاح أهل التزكية والسلوك لا في الدراسات الأكاديمية - !
وليس هذا محلُّ ذكرِ أوجه فساد السُّؤال من أصلِه ؛ بله ذكر الجمع بين التعارض !
ثانياً : إهمالُ بعضِ المعلمين لهذا الأصل الأصيل ، وهو أنَّ العلمَ إنما يُرادُ به - من حيثُ هو علمٌ - زرعُ خشية الله في القلب ، وعبادة الله على بصيرةٍ ، ورفعُ الجهل ، وتعليم الناس .
فإهمال التذكير بهذا الأصل - بل وتأصيله - يُوقِع فيما حذَّرَ منه أئمةُ الملَّة ؛ استقراءً لنصوصِ الوحيين .
ثالثاً : عُمقُ علم الصحابةِ وسلفِ الأمَّةِ في جميع أبوابِ الدِّيانة ، وقد وجدتُ في هذا الكتاب مُتنفساً حسناً لذكرِ آدابِ القومِ وأخلاقم - كما سيتضحُ ذلك من خلالِ المذاكرة - ؛ لاختصارِه ، ولأنَّه كتابٌ قد اعتُمدَ في كُتُب التدرُّج العلميّ .
رابِعاً : - وقد يدخل في الأوَّل - : ظنُّ بعضِ طلاب العلمِ أنَّ التزكيةَ حِكرٌ على ما صُنِّفَ في المكتبات تحتَ رفوفِ ( التربية والأخلاق ) أو ( التصوُّف ) أو ( السُّلوك ) ، أما الأحاديث - ولا سيما الأحكام - ؛ فهذه لأعمالِ الجوارح ..
وهذا فسادٌ عريضٌ جداً ؛ فمن لم يتعظ بكلام الله وبكلام رسوله
http://majles.alukah.net/imgcache/2014/08/148.jpg ؛ فلا اتَّعظ !
فإذا ذكرتَ لبعضهم آيةً أو حديثاً لم يُحرِّك ساكناً ، وإذا قلتَ له : قال في " رسالة المسترشدين " أو " صفة الصفوة " أو " المدارج " أطرق رأسَه ، ولربما سالت دمعاتُه على الوجنات !
وليس في الاتّعاظ بمواعظِ الأولياءِ ضيرٌ ؛ بل ذلك ممدوحٌ وأمارةٌ على رقَّةِ القلب ، لكن أن يكونَ على حساب الوحيين ؛ فلا وألف لا ..
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif وستكون المُدَارسة على أحاديث يُستفادُ منها فوائد :
إيمانيَّة ،
وأدبيَّة - أي من جهة التعامل بين المؤمنين - ،
وسلوكيَّة - وذلك من خلالِ ما يظهر في الحديث من أدب الصحابي في التعلم أو التعليم - ،
ومنهجيَّة ...
ولستُ مُدَّعياً أن هذه الفوائد من بناتِ الأفكار ، بل إنني حريصٌ أشدَّ الحرص على أجدَ من سبقني من الأئمة ؛ ليطمأنَّ القلب ، ولأخرجَ من تبعةِ الخطأ - إن وُجد ..
وقد أوقفتني بعض اللطائف في بعضِ الأحاديث ؛ سأذكرها تِباعاً - إن شاء الله - .
ومن وجدَ خللاً ؛ فليُبادرْ بالنُّصح مشكوراً مأجوراً بإذن الله ..
والله المستعان ، وعليه التكلان .
مُحبُّكم في الله .