بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثامنة عشرة - خلاصة الفكر شرح طيبة النشر - بَابُ الهَمْزَتَيْنِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ الهَمْزَتَيْنِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ (6)
قال الإمام ابن الجزري :-
[197] أَسْقَطَ الاُوْلَى فِي اتِّفَاَقٍ زِنْ غَدَا * * * خُلْفُهُمَا حُزْ وَبِفَتْحٍ بِنْ هُدَى
[198] وَسَهَّلاً فِي الكَسْرِ وَالضَّمِّ وَفِي * * * بِالسُّوءِ وَالنَّبِيء اِلادْغَامُ اصْطُفِي
شرع الناظم في بيان مذاهب القراء والرواة في همزتي القطع من كلمتين ؛ بمعنى أن تقع الهمزة آخر الكلمة الأولى ، والهمزة الثانية أول الكلمة الثانية ، وهناك حالات منطقية تسعة لا بدّ منها ؛ وهي اتفاق الهمزتين في الفتح والكسر والضم ، أو اختلافهما مفتوحة ثم مضمومة ، أو مفتوحة فمكسورة ، أو مضمومة ثم مفتوحة أو مضمومة فمكسورة أو مكسورة ثم مفتوحة أو مكسورة فمضمومة ، وهذه الحالة الأخيرة لم ترد في القرآن الكريم ؛ فتصير ثمان حالات ،
بدأ الناظم بالمتفقتين فقال :- ((أَسْقَطَ الاُوْلَى فِي اتِّفَاَقٍ زِنْ غَدَا * * * خُلْفُهُمَا حُزْ)) أي قرأ المرموز لهم بـ (ز) ، (غ) ، (ح) وهم قنبل ورويس بخلف عنهما وأبو عمرو وجهًا واحدًا قرءوا بإسقاط الهمزة الأولى من المتفقتين فتحًا نحو :- (جَاء أَحَدٌ) (المائدة : 6) ، وكسرًا نحو :- (هَـؤُلاء إِن) (البقرة : 31) ، وضمًّا نحو :- (أَولِيَاء أُوْلَئِكَ) (الأحقاف : 32) ولا مثال للمضمومتين غيرها ، قوله :- ((أَسْقَطَ الاُوْلَى)) ترجيح للقول بإسقاط الأولى ، وعليه يجوز المدّ والقصر (والقصر أولى لزوال أثر الهمز) ، وإنما جاز الوجهان لأن المدّ صار جائزًا من قبيل المدّ المنفصل ، وأما من قال بإسقاط الثانية فليس له إلا المد ؛ لأنه – حينئذ – واجب من قبيل المتصل (*) .
هامش (*) قال في النشر (1/389) : اخْتَلَفَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَاءِ فِي تَعْيِينِ إِحْدَى الْهَمْزَتَيْنِ الّتي لّتي أَسْقَطَهَا أَبُو عَمْرٍو وَمَنْ وَافَقَهُ، فَذَهَبَ أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ غَلْبُونَ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ " التَّجْرِيدِ "، وَأَبُو الْحَسَنِ الْحَمَّامِيُّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ أَبُو الْعِزِّ إِلَى أَنَّ السَّاقِطَةَ هِيَ الثَّانِيَةُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنَ النُّحَاةِ، وَذَهَبَ سَائِرُ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى أَنَّهَا الْأُولَى. وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْمِثْلَيْنِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْمَدِّ قَبْلُ. فَمَنْ قَالَ بِإِسْقَاطِ الْأُولَى كَانَ الْمَدُّ عِنْدَهُ مِنْ
قَبِيلِ الْمُنْفَصِلِ، وَمَنْ قَالَ بِإِسْقَاطِ الثَّانِيَةِ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَّصِلِ.
وقرأ رويس وقنبل في وجههما الثاني بتسهيل الهمزة الثانية كما سيأتي عند قوله :- ((وَسَهَّلَ الأُخْرَى رُوَيْسٌ قُنْبُلُ..)) ، ولقنبل وجه ثالث(**) هو إبدال الهمزة الثانية مدًّا من جنس حركة ما قبلها مع الإشباع إن كان ما بعدها ساكنًا أصليًّا سواء كان مُظْهَرًا نحو :- (هَـؤُلاء إِن) (البقرة : 31) ، أو مدغمًا نحو :- (هَـؤُلاء إِلاَّ) (الإسراء : 102) ، (ص : 15) ، ويبدل (قنبل) الثانية حرف مدٍّ من جنس ما قبلها مع القصر إن كان ما بعدها متحركًا (***) نحو :- (أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ) (الأحقاف : 32) ، وسيأتي ذكر هذا عند قول الناظم :- ((وَقِيلَ تُبْدَلُ.مَدًّا زَكَا جُودًا )) .
ثم قال :- ((وَبِفَتْحٍ بِنْ هُدَى)) أي قرأ المرموز لهما بالباء والهاء ؛ وهما قالون والبزي بإسقاط الأولى في المفتوحتين مع المدّ والقصر نحو :- (جَاء أَحَدٌ) (المائدة : 6) موافقَيْنِ أبا عمرو ووجهًا لقنبل ورويس ، والقصر أولى ؛ لزوال أثر الهمز ، ثم قال :- ((وَسَهَّلاً فِي الكَسْرِ وَالضَّمِّ ..)) أي قرأ قالون والبزي بتسهيل الهمزة الأولى في المكسورتين مع المدّ والقصر نحو :- (هَـؤُلاء إِلاَّ) (الإسراء : 102) ، (ص : 15) وفي المضمومتين وهو موضع الأحقاف :- (أَولِيَاء أُوْلَئِكَ) (آية 32) ، والمدّ أولى ؛ لبقاء أثر الهمز (وعُلِمَ تسهيل الأولى من العطف على قوله : الاُوْلَى) ، ثمّ قال الناظم :- ((وَفِي.بِالسُّو ِ وَالنَّبِيء اِلادْغَامُ اصْطُفِي)) أي قرأ قالون والبزي وصلاً قوله تعالى :- (بِالسُّوءِ إِلَّا) (يوسف : 53) ، وقرأ قالون وصلاً قوله تعالى :- (لِلنَّبِيء إِنْ) ، و (النَّبِيءِ إِلاَّ) (الأحزاب
(**) قال في النشر :- فَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِإِسْقَاطِ الْهَمْزَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ شَنَبُوذَ، عَنْ قُنْبُلٍ مِنْ أَكْثَرِ طُرُقِهِ، وَأَبُو الطَّيِّبِ، عَنْ رُوَيْسٍ ، إلى أن قال : أَمَّا قُنْبُلٌ فَرَوَى عَنْهُ الْجُمْهُورُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ جَعْلَ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ فِيهَا بَيْنَ بَيْنَ كَذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ عَنْهُ الْعِرَاقِيُّون َ وَلَا صَاحِبُ " التَّيْسِيرِ " فِي تَسْهِيلِهَا غَيْرَهُ. وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَوَّارٍ عَنْهُ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شَنَبُوذَ. وَرَوَى عَنْهُ عَامَّةُ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَغَارِبَة ِ، وَإِبْدَالُهَا حَرْفَ مَدٍّ خَالِصٍ فَتُبْدَلُ فِي حَالَةِ الْكَسْرِ يَاءً خَالِصَةً سَاكِنَةً، وَحَالَةِ الْفَتْحِ أَلِفًا خَالِصَةً، وَحَالَةِ الضَّمِّ وَاوًا خَالِصَةً سَاكِنَةً، وَهُوَ الَّذِي قُطِعَ بِهِ فِي " الْهَادِي "، وَ " الْهِدَايَةِ "، وَ " التَّجْرِيدِ "، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي " التَّبْصِرَةِ "، وَ " الْكَافِي "، وَ " الشَّاطِبِيَّةِ "، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ شَنَبُوذَ إِسْقَاطَ الْأُولَى فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِهِ. (النشر بتصرف يسير : 1/384:382) .
(***)قال في النشر (1/382) :- أَمَّا الْمُتَّفِقَتَا نِ كَسْرًا فَعَلَى قِسْمَيْنِ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمُخْتَلَفٌ عَلَيْهِ. فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لَفْظًا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا. فِي الْبَقَرَةِ (هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ) وَفِي النِّسَاءِ (مِنَ النِّسَا إِلَّا) فِي الْمَوْضِعَيْنِ ، وَفِي هُودٍ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ وَفِي يُوسُفَ (بِالسُّو إِلَّا) وَفِي الْإِسْرَاءِ وَص: (هَؤُلَا إِلَّا) وَفِي النُّورِ (عَلَى الْبِغَا إِنْ)) وَفِي الشُّعَرَاءِ) (مِنَ السَّمَا إِنْ كُنْتَ) وَفِي السَّجْدَةِ (مِنَ السَّمَا إِلَى) وَفِي الْأَحْزَابِ (مِنَ النِّسَا إِنِ اتَّقَيْتُنَّ) وَفِيهَا: (وَلَا أَبْنَا إِخْوَانِهِنَّ) وَفِي سَبَأٍ (مِنَ السَّمَا إِنْ) وَفِيهَا (هَؤُلَا إِيَّاكُمْ) وَفِي الزُّخْرُفِ (فِي السَّمَا إِلَهٌ) ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ (لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ، وَ " بُيُوتَ النَّبِيِّ"(إِلَ ّا فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ، وَ (مِنَ الشُّهْدَا أَنْ تَضِلَّ) فِي قِرَاءَةِ حَمْزَةَ، وَأَمَّا الْمُتَّفِقَتَا نِ فَتْحًا، فَفِي سِتَّةَ عَشَرَ لَفْظًا فِي تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ مَوْضِعًا فِي النِّسَاءِ (السُّفَهَا أَمْوَالَكُمْ) وَفِيهَا وَفِي الْمَائِدَةِ (جَا أَحَدٌ مِنْكُمْ) وَفِي الْأَنْعَامِ(جَ أَحَدَكُمْ) وَفِي الْأَعْرَافِ (تِلْقَا أَصْحَابِ النَّارِ) وَفِيهَا وَفِي يُونُسَ وَهُودٍ وَالنَّحْلِ وَفَاطِرٍ (جَا أَجَلُهُمْ) وَفِي هُودٍ خَمْسَةِ مَوَاضِعَ وَمَوْضِعَيِ " الْمُؤْمِنِينَ " (جَا أَمْرُنَا) وَفِي الْحِجْرِ (وَجَا أَهْلُ) وَفِيهَا وَفِي الْقَمَرِ (جَا آلَ) وَفِي الْحَجِّ (السَّمَا أَنْ تَقَعَ) وَفِي " الْمُؤْمِنِينَ "(جَا أَحَدَهُمْ) وَفِي الْفُرْقَانِ (شَا أَنْ يَتَّخِذَ) وَفِي الْأَحْزَابِ (شَا أَوْ يَتُوبَ) وَفِي غَافِرٍ وَالْحَدِيدِ (جَا أَمْرُ اللَّهِ) وَفِي الْقِتَالِ (جَا أَشْرَاطُهَا) وَفِي الْمُنَافِقِينَ (جَا أَجَلُهَا) وَفِي عَبَسَ (شَا أَنْشَرَهُ) ، وَأَمَّا الْمُتَّفِقَتَا نِ ضَمًّا فَمَوْضِعٌ وَاحِدٌ (أَوْلِيَا أُولَئِكَ( فِي الْأَحْقَافِ .
53،50) بوجهين ؛ الأول : هو الوجه المتقدم (تسهيل الأولى مع المدّ والقصر) ، والوجه الثاني :- إبدال الهمزة الأولى من جنس ما قبلها ثم إدغامها في ما قبلها ؛ فتبدل الهمزة واوًا ثم تدغم في الواو من (بِالسُّوءِ إِلَّا) ؛ فتصير :- (بَالسُّوِّ إِلَّا) ، وتبدل الهمزة ياءً ثم تدغم في الياء من (لِلنَّبِيءِ إِنْ) ؛ فتصير :- (لِلنَّبِيِّ إِنْ) فإن قيل لماذا اختص قالون عن نافع بالخلف في هاتين الكلمتين قلت ؛ لأنَّ الإمام نافع وحده يقرأ باب النبيّ والنبوّة (النبيّ ، النبوة ، الأنبياء ، النبيين ، النبيّون وما يجيء من ذلك) بالهمز مع ياء مديّة قبله كما سيأتي في آخر باب الهمز المفرد قوله : ((بَابَ النَّبِيِّ وَالنُّبُوَّةِ الْهُدَى)) ؛ فيصير مدّا متصلا عنده فيدغم قالون وصلاً ، ويرجع إلى أصله وقفًا ، وأما البزي فهو كغيره من القراء بالإدغام ، قوله :- ((اصْطُفِي)) أي هذا الوجه هو الراجح المختار لمن ذُكِرَ كما جزم بذلك في النشر (*).
وقد أشار الإمام الشاطبي إلى ذلك بقوله :-
وَقَالُونُ وَالْبَزِّيُّ في الْفَتْحِ وَافَقَا ... وَفي غَيْرِهِ كَالْياَ وَكَالْوَاوِ سَهَّلاَ1
وَبِالسُّوءِ إِلاَّ أَبْدَلاَ ثُمَّ أَدْغَمَا ... وَفِيهِ خِلاَفٌ عَنْهُمَا لَيْسَ مُقْفَلاَ
وقال :- وَقَالُونُ فِي اْلأَحْزَابِ فِي لِلنَّبيِّ مَعْ ... بُيُوتَ النَّبيِّ الْيَاءَ شَدَّدَ مُبْدِلاَ
وهذا البيت مستدرك على الإمام الشاطبي ؛ لأنه ذكره في الفرش وبإطلاق فأوهم أن قالون يدغم وصلاً ووقفًا(**) ، ونبّه على ذلك الإمام الداني في التيسير (ص73) فقال :- وَترك قالون
(*) قال في النشر : (1/383) وَاخْتُلِفَ عَنْهُمَا فِي بِالسُّوءِ إِلَّا، وَلِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ، وَبُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَمَّا بِالسُّوءِ إِلَّا فَأَبْدَلَ الْهَمْزَةَ الْأُولَى مِنْهُمَا وَاوًا وَأَدْغَمَ الْوَاوَ الَّتِي قَبْلَهَا فِيهَا الْجُمْهُورُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّين َ، عَنْ قَالُونَ وَالْبَزِّيِّ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ رِوَايَةً مَعَ صِحَّتِهِ فِي الْقِيَاسِ، وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي مُفْرَدَاتِهِ: هَذَا الَّذِي لَا يَجُوزُ فِي التَّسْهِيلِ غَيْرُهُ..إلى أن قال (قُلْتُ) : قَدْ قَرَأْتُ بِهِ عَنْهُ، وَعَنِ الْبَزِّيِّ مِنْ طَرِيقِ الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَعَ قُوَّتِهِ قِيَاسًا ضَعِيفٌ رِوَايَةً، وَذَكَرَهُ أَبُو حَيَّانَ، وَقَرَأْنَا بِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ عَنْهُ، وَسَهَّلَ الْهَمْزَةَ الْأُولَى مِنْهُمَا بَيْنَ بَيْنَ؛ طَرْدًا لِلْبَابِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَذَكَرَهُ مَكِّيٌّ أَيْضًا، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الشَّاطِبِيَّةِ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ صَاحِبُ " الْعُنْوَانِ " عَنْهُمَا. وَذَكَرَ عَنْهُمَا كُلًّا مِنَ الْوَجْهَيْنِ ابْنُ بَلِّيمَةَ، وَأَمَّا (لِلنَّبِيءِ) ، وَ (النَّبِيءُ) فَظَاهِرُ عِبَارَةِ أَبِي الْعِزِّ فِي كِفَايَتِهِ أَنْ تُجْعَلَ الْهَمْزَةُ فِيهِمَا بَيْنَ بَيْنَ فِي مَذْهَبِ قَالُونَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْيَاءِ سَاكِنَةً قَبْلَهَا، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَلِفًا لَمَا امْتَنَعَ جَعْلُهَا بَيْنَ بَيْنَ بَعْدَهَا لُغَةً.(قُلْتُ) : وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا، وَالصَّحِيحُ قِيَاسًا وَرِوَايَةً مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ الْأَئِمَّةِ قَاطِبَةً، وَهُوَ الْإِدْغَامُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا الَّذِي لَا نَأْخُذُ بِغَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انتهي .
الْهَمْز فِي قَوْله فِي الأحزاب للنَّبِي إِن أَرَادَ و بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن فِي الْمَوْضِعَيْنِ فِي الْوَصْل خَاصَّة على أصله فِي الهمزتين المكسورتين .
قال الإمام ابن الجزري :-
[199] وَسَهَّلَ الأُخْرَى رُوَيْسٌ قُنْبُلُ * * * وَرْشٌ وَثَامِنٌ وَقِيلَ تُبْدَلُ
[200] مَدًّا زَكَا جُودًا وَعَنْهُ هَؤُلاَ * * * إِنْ وَالْبِغَا إِنْ كَسْرَ يَاءٍ أَبْدِلاَ
أي قرأ رويس وقنبل في وجههما الثاني وورش وثامن القراء (أبو جعفر) الهمزتين المتفقتين من كلمتين بتسهيل الهمزة الثانية نحو :- (جَاءَ أَشْراطُهَا) (محمد : 18) ، ثم قال :- ((وَقِيلَ تُبْدَلُ.مَدًّا زَكَا جُودًا)) أي روى بعض الأئمة إبدال الهمزة الثانية مدًّا من جنس حركة ما قبلها للمرموز لهما بالزَّاي والجيم وهما قنبل والأزرق ، والإبدال يكون مع الإشباع إن كان ما بعدها ساكنًا أصليًّا لازمًا سواء كان مُظْهَرًا نحو :- (وَجَاءَ أَهْلُ) (الحجر: 67) ، أو مدغمًا نحو :- (السَّمَاءِ إِنَّ) أو (هَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ) (سبأ : 40،9) ، ويبدل قنبل والأزرق الثانية حرف مدٍّ من جنس ما قبلها مع القصر إن كان ما بعدها متحركًا (*) نحو :- (جَاءَ أَجَلُهَا) (المنافقون : 11) ، وبذلك يجتمع لقنبل - في المتفقتين - ثلاثة أوجه :- الأول : إسقاط الأولى مع المد والقصر ، الثاني : تسهيل الثانية ، الثالث : إبدالها حرف مد من جنس ما قبلها مع الإشباع إن تلاها ساكن ، ومع القصر إن تلاها متحرك .
وأما الأزرق فله وجهان :- الأول تسهيل الثانية ويوافقه فيه الأصبهاني ، والثاني : إبدالها حرف مد من جنس ما قبلها مع الإشباع إن تلاها ساكن ، ومع القصر إن تلاها متحرك ، وهذا الوجه ينفرد فيه الأزرق عن الأصبهاني .
ثم قال الناظم :- ((وَعَنْهُ هَؤُلاَ * * * إِنْ وَالْبِغَا إِنْ كَسْرَ يَاءٍ أَبْدِلاَ)) يعطف الناظم الكلام على قوله : ((جُودًا)) بأن بعض الأئمة نقلوا عن الأزرق وجهًا ثالثًا ، وهو إبدال الثانية ياءً خالصةً مكسورة في موضعين هما : (هَـؤُلاء إِن) (البقرة : 31) ، (البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ) (النور : 33) ، ولكن يلاحظ في الموضع السابق تحرك نون (إِنْ) بالفتح وصلاً على قاعدة ورش : نقل حركة الهمزة إلى الساكن
(**) انظر شرح ابن الناظم (ص100) وكلام العلامة القاضي في( الوافي) (ص 204) وغيرهما .
قبلها ؛ وبذلك يكون له إبدالها حرف مدّ مع الإشباع إن لم يعتدّ بعارض النقل، ومع القصر إن اعتدّ بالعارض .
والخلاصة في الهمزتين المتفقتين من كلمتين :-
1- قرأ أبو عمرو بإسقاط الهمزة الأولى (وجهًا واحدًا) مع المد والقصر (والقصر أولى) .
2- قرأ رويس بوجهين ؛ الأول : إسقاط الأولى مع المد (كما سيأتي السبب) ، والثاني : تسهيل الثانية .
3- قرأ قنبل بثلاثة أوجه ؛ الأول : إسقاط الأولى . الثاني : تسهيل الثانية . الثالث : إبدالها حرف مد من جنس ما قبلها مع الإشباع إن تلاها ساكن ، ومع القصر إن تلاها متحرك .
4- قرأ أبو جعفر والأصبهاني بتسهيل الثانية وجهًا واحدًا .
5- قرأ الأزرق بوجهين ؛ الأول : تسهيل الهمزة الثانية ، والثاني : إبدالها حرف مد من جنس ما قبلها مع الإشباع إن تلاها ساكن ، ومع القصر إن تلاها متحرك وأما (البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ) (النور : 33) فله فيه الإبدال مع القصر اعتدادًا بالعارض ، والإبدال مع الإشباع على الأصل ، ويزاد له وجه رابع في (البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ) )النور : 33) ، ووجه ثالث في (هَـؤُلاء إِن) (البقرة : 31) ، وهو إبدال الثانية ياءً خالصةً مكسورة .
6- قرأ قالون والبزي المفتوحتين بإسقاط الأولى ، وقرءا المكسورتين والمضمومتين بتسهيل الأولى مع المد والقصر (والمدّ أولى) ، ويستثنى لهما هذا الموضع )بِالسُّوءِ إِلَّا) (يوسف : 53) فليس لهما فيه وصلاً إلا الإدغام على الصحيح ، ويستثنى لقالون وصلاً موضعان قوله تعالى :- (لِلنَّبِيء إِنْ) ، و (النَّبِيءِ إِلاَّ) (الأحزاب : 53،50) فليس له فيهما إلا الإدغام .
7- قرأ الباقون (روح وابن عامر والكوفيون) بتحقيق الهمزتين .
توضيح مذاهب القراء في الهمزتين المتفقتين من كلمتين
إسقاط.....تسهيل الثانية...إبدال مع مد...إبـدال مع قصر...إبدال ياءً مكسورة.....تسهيل الأولى.....تحقيـق
زِنْ ...........زن.............ز ن (بعدها ساكن)..زن (بعدهامحرك).......... ............................. ......كل الباب روح
غَدَا ...........غدا............. ....................... .............................. .................... .......وابن عامر
بن (في الفتح) .............................. .................... ...........................ب (في ضم وكسر).........والكوف يون
هدى (في الفتح) .............................. .................... .........................بن (في ضم وكسر).............
حُزْ...........ورش ........جُودًا (بعدها ساكن)......جُودًا (بعدها محرك)..................... ...........
...............ورش......... ..جُودًا (هؤلاء إن)......................... ...جُودًا (هؤلاء إن)......................... .......
.............ورش.......... ُودًا (البغاء إن).....جُودًا (البغاء إن).....جُودًا (البغاء إن)................
...........ثامن........... ........................ .............................. .................... ..............
(*) الإسقاط يكون المد والقصر (والقصر أولى) إلا رويسًا فليس له إلا المدّ ، وتسهيل الأولى مع المد والقصر (والمد أولى).
فائدة : وجه إسقاط الهمزة الثانية لقنبل ورويس - عند اتفاق الهمزتين - من الأوجه الزائدة للنشر على الشاطبية والتيسير ، وليس لورش من طريق الأصبهاني في المتفقتين إلا تسهيل الثانية ، قال العلامة الشيخ الإبياري في المنحة :-
الاُولى أسقِطنّ إن وافقا زَاهٍ غَلا ... والاصبهاني ثانِ ذَا لن يُبْدِلا
* تحريرات لرويس والأزرق *
1- وجه الإسقاط لرويس من طريق أبي الطيب ، وليس له إلا التوسط في المنفصل على المقروء به ، وعليه لا يجوز له الإسقاط إلا مع المد ، وتمتنع هاء السكت على وجه الإسقاط .
2- للأزرق في قوله تعالى (البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ) (النور : 33) يختص وجه إبدال الثانية حرف مدّ مع تفخيم راء المنون بالنصب (خَيْراً) قبلها على إشباع البدل مع فتح ذوات الياء ، ولم يأت ترقيق (خَيْرًا) مع قصر البدل وتقليل ذوات الياء إلا من مذهب ابن بَلِّيمَة ، وليس فيه إبدال الثانية مدًّا ، وإنما فيه التسهيل والإبدال ياءً مكسورة فقط ، ويمتنع للأزرق الأوجه التالية :-
(1) إبدال الثانية حرف مدّ على تقليل ذوات الياء مع التفخيم .
(2) إبدال الثانية ياءً مكسورة على تفخيم راء (خَيْراً) .
(3) يمتنع إبدال الثانية ياءً مكسورة على ترقيق (خَيْراً) ، وتوسط البدل وفتح ذوات الياء .
قال الإمام ابن الجزري :-
[201] وَعِنْدَ الاِخْتِلاَفِ الاُخْرَى سَهِّلَنْ * * * حِرْمٌ حَوَى غِناً وَمِثْلُ السُّوءُ إِنْ
[202] فَالْوَاوُ أَوْ كَالْيا وَكَالسَّمَاءِ أَوْ * * * تَشَاءُ أَنْتَ فَباِلاِبْدَالِ وَعَوْا
انتقل الكلام إلى الهمزتين المختلفتين ، ولهما في القرآن خمس حالات : (1) مضمومة ثم مكسورة أو (2) مكسورة ثم مفتوحة ، أو (3) مضمومة ثم مفتوحة ، أو (4) مفتوحة ثم مضمومة ، أو (5) مفتوحة ثم مكسورة ، قال الناظم :- ((وَعِنْدَ الاِخْتِلاَفِ الاُخْرَى سَهِّلَنْ * * * حِرْمٌ حَوَى غِناً)) أي عند اختلاف الهمزتين في الحالات الخمسة السابقة قرأ المرموز لهم بـ (حِرْمٌ) ، (حَوَى) ، (غِنًا) وهم المدنيان والمكي وأبو عمرو البصري ورويس ؛ أي (أهل (سما) سوى روح) قرءوا بتغيير الهمزة الثانية ، ذلك أن التسهيل يعني مطلق التغيير ، ثم حدّد كيفية هذا التغيير فقال :- ((وَمِثْلُ السُّوءُ إِنْ . فَالْوَاوُ أَوْ كَالْيا)) في مثل قوله تعالى :- (السُّوءُ إِنْ) (الأعراف : 188) هذه هي الحالة الأولى : ضم الأولى وكسر الثانية ، ولك فيها وجهان :- الأول : إبدال الثانية واوًا ، وهذا معنى قوله ((فالواو)) ، والثاني تسهيل الثانية بين الهمزة المضمومة والواو المدّيّة ، وهذا معنى قوله ((أو كالياء)) (*) .
ثم قال الناظم :- ((وَكَالسَّمَاءِ أَوْ تَشَاءُ أَنْتَ فَباِلاِبْدَالِ وَعَوْا)) يشير الناظم بهذا المثال :
(السَّمَاءِ أَوْ) (الأنفال : 32) إلى الحالة الثانية : كسر الأولى وفتح الثانية ، ولك فيها وجه واحد فقط ؛ هو إبدال الثانية ياءً خالصة مفتوحة ، ثم يشير بالمثال الآخر : (تَشَاءُ أَنْتَ) (الأعراف:155) إلى الحالة
(*) قال في النشر :- وَاخْتَلَفَ أَئِمَّتُنَا فِي كَيْفِيَّةِ تَسْهِيلِ الْقِسْمِ الْخَامِسِ(1) ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهَا تُبْدَلُ وَاوًا خَالِصَةً مَكْسُورَةً، وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْقُرَّاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ قَدِيمًا، وَهُوَ الَّذِي فِي " الْإِرْشَادِ "، وَ " الْكِفَايَةِ " لِأَبِي الْعِزِّ، قَالَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ: وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأَدَاءِ، قَالَ: وَكَذَا حَكَى أَبُو طَاهِرِ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ، قَالَ: وَكَذَا حَكَى أَبُو بَكْرٍ الشَّذَائِيُّ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى غَيْرِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، قَالَ: وَبِذَلِكَ قَرَأْتُ أَنَا عَلَى أَكْثَرِ شُيُوخِي، وَقَالَ فِي غَيْرِهِ: وَبِذَلِكَ قَرَأْتُ عَلَى عَامَّةِ شُيُوخِي الْفَارِسِيِّ، وَالْخَاقَانِيِ ّ، وَابْنِ غَلْبُونَ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهَا تُجْعَلُ بَيْنَ بَيْنَ، أَيِ الْهَمْزَةُ وَالْيَاءُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَئِمَّةِ النَّحْوِ كَالْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ، وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْقُرَّاءِ حَدِيثًا، وَحَكَاهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ نَصًّا عَنِ الْيَزِيدِيِّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَرَوَاهُ الشَّذَائِيُّ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ أَيْضًا، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ كَذَلِكَ عَنْ شُيُوخِهِ، وَقَالَ الدَّانِيُّ: إِنَّهُ الْأَوْجَهُ فِي الْقِيَاسِ، وَإِنَّ الْأَوَّلَ آثَرُ فِي النَّقْلِ. (قُلْتُ) : وَبِالتَّسْهِيل ِ قَطَعَ مَكِّيٌّ، وَالْمَهْدَوِيُ ّ، وَابْنُ سُفْيَانَ، وَصَاحِبُ " الْعُنْوَانِ "، وَأَكْثَرُ مُؤَلِّفِي الْكُتُبِ، كَصَاحِبِ "الرَّوْضَةِ " وَ " الْمُبْهِجِ "، وَالْغَايَتَيْن ِ، وَ " التَّلْخِيصِ "، وَنَصَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي " التَّذْكِرَةِ "، وَ " التَّيْسِيرِ "، وَ " الْكَافِي "، وَ " الشَّاطِبِيَّةِ "، وَ " تَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ "، وَصَاحِبُ " التَّجْرِيدِ " فِي آخِرِ فَاطِرٍ . انتهى (النشر : 1/ 38).
الثالثة : ضم الأولى وفتح الثانية ، ولك فيها وجه واحد فقط أيضا ؛ هو إبدال الثانية واوًا خالصة مفتوحة ، قوله :- ((وَعَوْا)) أي حفظوا وجمعوا هذا العلم من (وَعَيَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالْيَاءُ : كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ضَمِّ شَيْءٍ. وَوَعَيْتُ الْعِلْمَ أَعِيهِ وَعْيًا. وَأَوْعَيْتُ الْمَتَاعَ فِي الْوِعَاءِ أُوَعِّيهِ . كذا قال ابن فارس (معجم مقاييس اللغة (6/124) .
وبذلك تتبقى حالتان هما (4) مفتوحة ثم مضمومة ولم ترد إلا في قوله تعالى :- (جَاءَ أُمَّةً) (المؤمنون : 44) ، و (5) مفتوحة ثم مكسورة نحو :- (أَشْيَاءَ إِنْ) (المائدة : 101) ، فيكون لهم
(سما سوى روح) التسهيل بين بين لأنه أطلق التسهيل ، أي بين الهمزة المضمومة والواو المدّيّة في الحالة الرابعة : (جَاءَ أُمَّةً) ، وبين الهمزة المكسورة والياء المدّيّة في الحالة الخامسة نحو :- (أَشْيَاءَ إِنْ)
(*) قال في النشر :- (الضَّرْبُ الثَّانِي) الْمُخْتَلِفَتَ انِ، وَوَقَعَ مِنْهُمَا فِي الْقُرْآنِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ وَكَانَتِ الْقِسْمَةُ تَقْتَضِي سِتَّةً:
(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) (4) مَفْتُوحَةٌ وَمَضْمُومَةٌ، وَهُوَ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا فِي الْمُؤْمِنِينَ. (وَالْقِسْمُ الثَّانِي) (5) مَفْتُوحَةٌ وَمَكْسُورَةٌ، وَوَرَدَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، وَهِيَ (شُهَدَاءَ إِذْ) فِي الْبَقَرَةِ وَالْأَنْعَامِ (وَالْبَغْضَاءَ إِلَى) فِي مَوْضِعَيِ الْمَائِدَةِ، وَفِيهَا: (عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ) ، (وَأَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا) فِي التَّوْبَةِ، وَفِيهَا (إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ) ، وَ (شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ) فِي يُونُسَ وَ (الْفَحْشَاءَ إِنَّهُ) فِي يُوسُفَ، وَفِيهَا وَجَاءَ إِخْوَةُ وَ (أَوْلِيَاءَ إِنَّا) فِي الْكَهْفِ. وَ (الدُّعَاءَ إِذَا مَا) فِي الْأَنْبِيَاءِ (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ) فِي الشُّعَرَاءِ، وَ (الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا) بِالنَّمْلِ وَالرُّومِ وَ (الْمَاءَ إِلَى) فِي السَّجْدَةِ، وَ (حَتَّى تَفِيءَ إِلَى) فِي الْحُجُرَاتِ. وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ مَوْضِعَانِ، وَهُمَا (زَكَرِيَّاءَ إِذْ) فِي مَرْيَمَ وَالْأَنْبِيَاء ِ عَلَى قِرَاءَةِ غَيْرِ حَمْزَةَ، وَالْكِسَائِيِّ ، وَخَلَفٍ، وَحَفْصٍ. (وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ) (3) مَضْمُومَةٌ وَمَفْتُوحَةٌ ، وَوَقَعَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفًا فِيهِ، فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا، وَهِيَ (السُّفَهَاءُ أَلَا) فِي الْبَقَرَةِ (نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ) فِي الْأَعْرَاف وَفِيهَا (تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا) ، وَ (سُوءُ أَعْمَالِهِمْ) فِي التَّوْبَةِ، (وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي) فِي هُودٍ، وَ (الْمَلَأُ أَفْتُونِي) فِي مَوْضِعَيْ يُوسُفَ وَالنَّمْلِ، وَ (يَشَاءُ أَلَمْ تَرَ) فِي إِبْرَاهِيمَ، (الْمَلَأُ أَيُّكُمْ) فِي النَّمْلِ، وَ (جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ) فِي فُصِّلَتْ، وَ (وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا) فِي الِامْتِحَانِ. وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ مَوْضِعَانِ، وَهُمَا (النَّبِيءُ أَوْلَى) ، وَ (إِنْ أَرَادَ النَّبِيءُ أَنْ) فِي الْأَحْزَابِ عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ. (وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ) (2) مَكْسُورَةٌ وَمَفْتُوحَةٌ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، وَهِيَ: مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ فِي الْبَقَرَةِ، وَ (هَؤُلَاءِ أَهْدَى) فِي النِّسَاءِ، وَلَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ فِي الْأَعْرَافِ وَهَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا، وَمِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا كِلَاهُمَا فِيهَا أَيْضًا، وَمِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا فِي الْأَنْفَالِ، وَ (مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ) فِي مَوْضِعَيْ يُوسُفَ، وَ (هَؤُلَاءِ آلِهَةً) فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَ (هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ) فِي الْفُرْقَانِ، وَ (مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ) فِيهَا، وَ (مِنَ السَّمَاءِ آيَةً) فِي الشُّعَرَاءِ، وَأَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ فِي الْأَحْزَابِ، وَ (فِي السَّمَاءِ أَنْ) فِي مَوْضِعَيِ الْمُلْكِ. وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ (مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ) فِي غَيْرِ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَكْسُورَتَي ْنِ. (وَالْقِسْمُ الْخَامِسُ) (1) مَضْمُومَةٌ وَمَكْسُورَةٌ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ. فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ مَوْضِعًا، وَهُوَ (يَشَاءُ إِلَى) فِي مَوْضِعَيِ الْبَقَرَةِ، وَيُونُسَ، وَالْحَجِّ، وَالنُّورِ، (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا) فِي الْبَقَرَةِ أَيْضًا، وَ (مَا يَشَاءُ إِذَا) فِي آلِ عِمْرَانَ (يَشَاءُ إِنَّ) فِيهَا، وَفِي النُّورِ، وَفَاطِرٍ، وَ (مَنْ يَشَاءُ إِنَّ) فِي الْأَنْعَامِ، وَ (السُّوءُ إِنْ) فِي الْأَعْرَافِ، وَ (نَشَاءُ إِنَّكَ) فِي هُودٍ، وَ (يَشَاءُ إِنَّهُ) فِي يُوسُفَ وَمَوْضِعَيِ الشُّورَى، وَ (مَا يَشَاءُ إِلَى) فِي الْحَجِّ، وَ (شُهَدَاءُ إِلَّا) فِي النُّورِ، وَ (يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي) فِي النَّمْلِ، وَ (الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ) فِي فَاطِرٍ، وَ (الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ) فِيهَا وَ (السَّيِّئُ إِلَّا) فِيهَا أَيْضًا، وَ (يَشَاءُ إِنَاثًا) فِي الشُّورَى. وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ سِتَّةُ مَوَاضِعَ (أَوَّلُهَا) (يَا ذَكَرِيَّاءُ إِنَّا) فِي مَرْيَمَ فِي غَيْرِ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ، وَالْكِسَائِيِّ ، وَخَلَفٍ، وَحَفْصٍ، وَبَاقِيهَا (يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ، وَيَا أَيُّهَا النَّبِيءُ إِنَّا أَحْلَلْنَا) فِي الْأَحْزَابِ، ِوَ (يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ إِذَا جَاءَكَ) فِي الِامْتِحَانِ، وَ (يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ إِذَا) فِي الطَّلَاقِ، وَ (النَّبِيءُ إِلَى) فِي التَّحْرِيمِ، وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ. (قِسْمٌ سَادِسٌ) وَهُوَ كَوْنُ الْأُولَى مَكْسُورَةً وَالثَّانِيَةِ مَضْمُومَةً، عَكْسُ الْخَامِسِ، لَمْ يَرِدْ لَفْظُهُ فِي الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ مَعْنَاهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَصَصِ (وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً) وَالْمَعْنَى: وَجَدَ عَلَى الْمَاءِ أُمَّةً .
، وقرأ الباقون (روح وابن عامر والكوفيون) بالتحقيق في الحالات الخمس ، وهذا من بديع اختصار الإمام ابن الجزري ، ومن جميل فتح الله عليه أن جمع اختلاف القراء في الحالات الخمس في بيتين ؛ فنسأل الله أن يفيض علينا من علمه ، ويدخلنا برحمته في عباده الصالحين .
والخلاصة : في الحالة الأولى لـ (سما سوى روح) (حرم حوى غنى) (المدنيان والمكي ورويس) في الحالة الأولى (ضم الأولى وكسر الثانية) مثل :- (السُّوءُ إِنْ) يكون لهم وجهان : إبدال الثانية واوًا مكسورة ، وتسهيـل الثانية .
في الحالة الثانية والثالثة (فتح الهمزة الثانية وكسر أو ضم الأولى) نحو :- (السَّمَاءِ أَوْ) و (تَشَاءُ أَنْتَ) يكون لهم الإبدال حرفًا خالصًا من جنس حركة ما قبله ، مع إبقاء حركة الهمزة الثانية عليه هكذا : (السَّمَاءِ يَوْ) ، (تَشَاءُ وَنْتَ) .
في الحالة الرابعة والخامسة (فتح الأولى وضم أو كسر الثانية) (جَاءَ أُمَّةً) ، ومثل :- )أَشْيَاءَ إِنْ) يكون لهم التسهيل بين بين ، إلى الضم في الأولى )جَاءَ أُمَّةً) ، وإلى الكسر في الثانية )أَشْيَاءَ إِنْ).
توضيح مذاهب القراء في المختلفتين (الحالة الأولى) ضـم الأولى وكسر الثـانية مثل :-)السُّوءُ إِنْ)
إبدال الثانية واوًا مكسورة ..... تسهيــل ............ تحـقـيــق
حــــــرم ..............حــرم ................الكوفيـ ون
حــــــوى............ ...حـوى .................ابن عامر
غــــــنى............ .....غـنى ....................روح
توضيح مذاهب القراء في المختلفتين (الحالة الثانية) كسر الأولى وفتـح الثـانية مثل :- (السَّمَاءِ أَوْ)
إبدال الثانية ياءً مفتوحة .... تحـقـيـق
حـــــرم ..............الكوفيـو ن
حــــوى................ .ابن عامر
غــــنى................ ....روح
توضيح مذاهب القراء في المختلفتين (الحالة الثالثة) ضـم الأولى وفتـح الثـانية مثل :- (تَشَاءُ أَنْتَ)
إبدال الثانية واوًا مفتوحة .......... تحـقـيـق
حـــــرم .....................الكو يـون
حــــوى................ ........ابن عامر
غــــنى................ ...........روح
توضيح مذاهب القراء في المختلفتين (الحالة الرابعة) فتح الأولى وضم الثـانية ، وهي :- (جَاءَ أُمَّةً) ،
و (الحالة الخامسة) فتح الأولى وكسر الثـانية مثل :- (أَشْيَاءَ إِنْ) .
تسهيـل.................. . تحـقـيـق
حــرم ....................الكوف يـون
حـوى...................... .ابن عامر
غـنى...................... ....روح
، والله أعلم . تم شرح الباب ، وللحديث بقية إن شاء الله ، وصلّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .
(*) بسم الله الرحمن الرحيم (*)
تابع حلقات خلاصة الفكر شرح طيبة النشر
وبتنسيق أفضل هنا : الحلقة الثامنة عشرة - - بَابُ الهَمْزَتَيْنِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ ، على هذا الرابط :
http://www.alalmi.co.cc/vb/showthread.php?p=2164
ومرحبا بكم في جامعة الدرّة المضيّة للقراءات القرآنية والسنة النبوية :
http://zdnyilma.com/vb/index.php (*) (*) (*)