السلام عليكن ورحم الله وبركاته,
دخلت عليها فإذا هي امرأة كبيرة في عمر أمي تقريبًا, لها عدد من الأبناء على وشك الزواج وبعضهم يعمل..
ولما جلستُ بين يدي مضيفتي تبسمت لي وأخذت تحكي عن حياتها - كما هي عادة كبار السن أحيانًا - فكان مما قالت: "كنت في صباي أعيش في بيت أهلي, مع والدين عطوفين وإخوة وأخوات متفاهمين متحابين, إلا ما تفرضه الحياة علينا من بعض المشاحنات التي لا يخلو منها بيت, ثم نعود أفضل مما كنّا, وكانت لي اهتمامات بالقراءة ومطالعة كلام أهل العلم, فتمنيت أن أكون طالبة علم ومتفقهة في ديني, ورسمت لنفسي طريقًا يؤهلني لذلك, وسبحتُ في عالم من الأحلام الجميلة التي تشحذ عزيمتي وتعلي همتي كلما تذكرتها, ولكن مع مرور الأيام أدركت أني لا أفعل شيئًا.. بقيتْ مجرد أحلام وأماني.. فقررت وعزمت بعد أن تبين لي صعوبة تحقيق حلمي هنا في بيت أهلي, قررت أن يتم إرجاء الأمر حتى أتزوج!!
نعم.. هناك سأكون مستقرة مرتاحة في بيتي أفعل ما أشاء وقت ما أشاء..
وجاء الزواج بأعبائه ومتطلباته, فقررت أن يتم الإرجاء حتى أضع وليدي وأتفرغ..
ولما جاء الوليد دُهشت من ضيق الوقت وعدم قدرتي على إنجاز بعض مهام بيتي.. وفوجئت أيضا بآخر كان في الطريق.. فلم أعلن استسلامي.. بل قررت أن أتفرغ لتربية أبنائي حتى إذا ما شبّوا وكبروا واستغنوا عن خدماتي استطعت أن أتفرغ لحلمي القديم..
وكبر الأبناء وكبرت معهم احتياجاتهم وانشغلت حتى نسيت نفسي وحلمي..
والآن هم على أعتاب الزواج ومتطلباته.. فهل ترين يا ابنتي أني سأقدر على البدء من جديد بعد أن يتزوجوا؟"
فواريت دمعة حُبست في عيني وقلت لها: أرجو من الله ذلك يا خالة!!!
فاحذري أخيتي من التسويف..
اعملي وجاهدي وتعلمي ولو القليل.. لكن لا تؤجلي, إياكِ وقول: عندما
فالإنسان دائما ما يعلق قلبه بالغد الذي لا يعلم عنه شيئًا ويترك يومه الذي بين يديه, حتى إذا ما جاء الغد وأصبح اليوم, عامله بنفس المنطق وتمنى غيره.. وهكذا يدخل في دوامة الانتظار التي لا تنتهي.. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا واغفر لنا تقصيرنا وإسرافنا في أمرنا.. آمين
