أحبتي الكرام !
أثار شخص شبهة فقال : كيف يكون القرآن غير مخلوق ، وقد ورد في الحديث أنه يقول (( منعته النوم بالليل فشفعني فيه )) ؟
أرجو من الأفاضل الرد على هذه الشبهة أو الإحالة إلى مليء .
عرض للطباعة
أحبتي الكرام !
أثار شخص شبهة فقال : كيف يكون القرآن غير مخلوق ، وقد ورد في الحديث أنه يقول (( منعته النوم بالليل فشفعني فيه )) ؟
أرجو من الأفاضل الرد على هذه الشبهة أو الإحالة إلى مليء .
/// هذه شبهةٌ من شبه الجهميَّة القديمة في قولهم بخلق القرآن.
/// والجواب بإجمالٍ ههنا: أنَّ المقصود بالقرآن ههنا هو عمل القاريء وثوابه بالقراءة.
/// قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله في حديث إتيان البقرة وآل عمران تحاجَّان عن صاحبهما: "...أراد بذلك قراءة القارىء لهما وهو عمله وأخبر بمجىء عمله الذى هو التلاوة لهما فى الصورة التى ذكرها كما أخبر بمجىء غير ذلك من الأعمال...
والمقصود هنا أن النبى لما أخبر بمجىء القرآن فى هذه الصورة أراد به الاخبار عن قراءة القارىء، التي هى عمله، وذلك هو ثواب قارىء القرآن.
ليس المراد به أن نفس كلامه الذى تكلَّم به وهو قائم بنفسه يتصوَّر صورة غمامتين، فلم يكن فى هذا حجة للجهمية على ما ادعوه...".
/// وقال رحمه الله أيضًأ: "الصحيح انه تأتى البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان او غيايتان او فرقان من طير صواف؛ فيقال له: وهذا الثواب مخلوق، وقد نص احمد وغيره من الأئمة على أنه غير مخلوق، وبذلك أجابوا من احتج على خلق القرآن بمثل هذا الحديث فقالوا له: الذى يجىء يوم القيامة هو ثواب القرآن لا نفس القرآن وثواب القرآن مخلوق".
أخي الحبيب عدنان :
ماهو وجه التعارض بين عدم كونه مخلوق وبين كونه يتكلم ، وهل الكلام من خصائص المخلوق فقط .
وهل ممكن أن نقول الكلام من القرآن مخلوق ،ولكن القرآن نفسه غير مخلوق ( ما أدري هل قال به أحد من السلف ـ الله يستر ـ) أرجو التوضيح
ذكر الشيخ عند قوله تعالى ( إن هذا االقرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون )
قال : فيه جواز نسبة القصص للقرآن فلا حرج في تعابير العلماء , حيث يقولون : قال القرآن , تحدث القرآن , تكلم القرآن , فمن زعم أن هذا غلط وأن هذا فيه ارتباط بمذهب الجهمية الذين ينفون الكلام عن الله فهو الذي غلط , وبهذه الاية يستدلون . تم كلامه .
/// الأخ الفاضل رشيد الحضرمي.. الشُّبهة المردود عليها بكلام شيخ الإسلام مختصرةٌ، وحاصلها أنَّ من ردَّ على الجهميَّة بما تقدَّم أراد الإجابة والإلزام لهم بما يدَّعونه من تكلُّم القرآن أوإتيانه أوتصوُّره وأنَّ ذلك من أوصاف المخلوق.
/// فراجع كلامه المتقدِّم يظهر لك الفرق.
/// ولعلِّي أوغيري ننقل كلام الشَّيخ تامًّا حتى يزول اللَّبس بما قد تستشكله.
/// الأخ الفاضل.. ابن رجب وفقه الله
فرقٌ بين كلام من حيث عموم جواز القول بـ(قال) القرآن، ونحو ذلك.
وبين قول الجهميَّة الذين يستدلُّون ((بذلك)) وغيره على أنَّه مخلوقٌ.
فتأمَّل..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
أعتذر عن التأخر في الرد لعارض السفر !
الأخ الفاضل : عدنان بخاري ! ما الدليل - وفقك الله - على تخصيص الحديث بعمل القارئ وثوابه بالقراءة ؟ والأحاديث واضحة في نسبة ذلك إلى القرآن أو بعض سوره .
ولي سؤال آخر - أحسن الله إليك - هل في الحديث أن القرآن يقول [(يارب) منعته النوم بالليل ..] ؟
وبالنسبة لكلام فأعتقد أنه يقصد : كما أنه ورد أن القرآن يقص فكذلك في الآخرة يتكلم بمعنى أن الآيات التي عمل بها قارئها ستشهد له لكونه عمل بها ، فمجيئها كما هي شاهد له لأنه عمل بها ، ولكن يشكل عليه الحديث الذي فيه كلام ليس من القرآن كقوله (( منعته النوم بالليل فشفعني فيه )) .
جزى الله جميع الإخوة الذين شاركوا .
حديث ابي أمامة الباهلي(
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة)
من العلماء من قال ان المراد ثوابهما قال الشيخ وهذا انكره احمد وغيره من العلماء لأنه صرف للنص عن ظاهره وقالوا انه على الحقيقة , وانت يا اخي كما آمنت ان القرآن كلام الله آمن بأن القرآن يتكلم كما ورد بذلك النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال الحالكم :
حدثنا عبد الله بن سعد الحافظ ، أخبرني موسى بن عبد المؤمن ، ثنا هارون بن سعيد الأيلي ، ثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الصيام والقرآن يشفعان للعبد ، يقول الصيام : رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فيشفعان » . « هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه » صححه الألباني في صحيح الجامع وقال الهيثمي في مجمع الزوائد اخرجه احمد والطبراني في الكبير ورجال الطبراني رجال الصحيح .
واليك كلام شيخ الإسلام الذي يؤيد هذا :
هذا الذي ذكره القاضي وغيره أن حنبلا نقله عن أحمد في كتاب " المحنة " أنه قال ذلك في المناظرة لهم يوم المحنة لما احتجوا عليه بقوله " تجيء البقرة وآل عمران " قالوا : والمجيء لا يكون إلا لمخلوق . فعارضهم أحمد بقوله { وجاء ربك } { أو يأتي ربك } وقال : المراد بقوله " تجيء البقرة وآل عمران " : ثوابهما كما في قوله { وجاء ربك } أمره وقدرته . وقد اختلف أصحاب أحمد فيما نقله حنبل . فإنه لا ريب أنه خلاف النصوص المتواترة عن أحمد في منعه من تأويل هذا وتأويل النزول والاستواء ونحو ذلك من الأفعال . ولهم ثلاثة أقوال . قيل : إن هذا غلط من حنبل انفرد به دون الذين ذكروا عنه المناظرة مثل صالح وعبد الله والمروذي وغيرهم . فإنهم لم يذكروا هذا وحنبل ينفرد بروايات يغلطه فيها طائفة كالخلال وصاحبه . قال أبو إسحاق ابن شاقلا : هذا غلط من حنبل لا شك فيه . وكذلك نقل عن مالك رواية أنه تأول " ينزل إلى السماء الدنيا " أنه ينزل أمره . لكن هذا من رواية حبيب كاتبه وهو كذاب باتفاقهم . وقد رويت من وجه آخر لكن الإسناد مجهول . والقول الثاني : قال طائفة من أصحاب أحمد : هذا قاله إلزاما للخصم على مذهبه لأنهم في يوم المحنة لما احتجوا عليه بقوله " تأتي البقرة وآل عمران " أجابهم بأن معناه : يأتي ثواب البقرة وآل عمران كقوله { أن يأتيهم الله } أي أمره وقدرته على تأويلهم لا أنه يقول بذلك . فإن مذهبه ترك التأويل . والقول الثالث : أنهم جعلوا هذا رواية عن أحمد وقد يختلف كلام الأئمة في مسائل مثل هذه لكن الصحيح المشهور عنه رد التأويل .
الأخ الفاضل : الغندر أحسن الله إليك ، وأثابك الله على هذه الفوائد ، وقد انشرح صدري لهذه الإجابة التي تتفق مع ظاهر النص ولا تحتاج إلى تأويل ، فسبب اللبس عند هؤلاء : أنهم فهموا أن كون القرآن يتكلم يلزم منه أنه مخلوق .
لكن هل زيادة ( يارب ) صحيحة ؟ [ (يارب) منعته النوم بالليل ..] لأن هذه الزيادة مشكلة ، فكيف يقول يارب وهو ليس بمخلوق ؟ وأنا لا أعتقد هذا والعياذ بالله .
أفيدونا أثابكم الله ، ونفع بكم .
الحمد لله
أحببت أن أزيد مسألة أحسب ان الاخوة الافاضل يعلمونها الا وهي ان القرآن لفظ مشترك بين القرآن الذي هو كلام الله...و القرآن بمعنى المصدر..اي قراءة القارئ...فمن حمله على وجه دون ىخر فلا يكون هذا الا عن جهل او هوى..لأن الصواب ان يحمله على الوجه الذي تدل عليه الادلة و القرائن....و هو قراءة القاري...
يقال قرأ قراءة وقرآنا...
قال صلى الله عليهو سلم زينوا القرآن بأصواتكم....اي زينوا قراءتكم بأصواتكم..اما القرآن الذي هو كلام الله فلا يحتاج
فهو أحسن الكلام و احسن الحديث.
قال حسان في عثمان
ضحوا بأشمط عنوان السجود به ** يقطع الليل تسبيحا و قرآنا
اي و قراءة..
وعلى هذا فالقرآن الذي يأتي يوم القيامة يشفع في صحبه هو قراءته وهي عمله المخلوق و الله خلقكم و ما تعملون.
والله اعلم.
الأخ الفاضل : المجلسي الشنقيطي !
كيف يستقيم هذا التخريج مع حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما )) رواه مسلم
حيث التصريح باسم سورتين من سور القرآن ، فقد أضاف المحاجة لسورتين من سور القرآن .
حياك الله , قال الترمذي :
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ فَيَرْضَى عَنْهُ فَيُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ قَالَ أَبُو عِيسَى وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ شُعْبَةَ .
والحديث قال عنه الألباني حسن وصححه ابن خزيمة والحاكم , ومعنى قول القرآن يا رب لا يقتضي انه مخلووووق فإن من معاني الرب المالك وقد قال اهل اللغة :رَبُّ الدار ورَبُّ الفرس أي مالكِ وقال عَلْقمة:
وكنتَ امْرَأ أفْضَتْ إليك رِبابَتي ... وقَبْلَكَ رَبَّتْني فضِعْتُ رُبُوبُ.
/// بارك الله فيك أخي الفاضل المجلسي الشنقيطي.
ولعلَّ ممَّا يقارب ما تستدلُّ عليه، قوله تعالى: (وقرآن الفجر إنَّ قرآن الفجر كان مشهودًا).
/// وبعد ما رأيته في تعقيبات الإخوة -وفَّقهم الله- فعندي تنبيهاتٌ أردُّت بها الإيضاح:
1- أوَّلًا: ليس التأويل الذي ذكرتُه ههنا تأويلٌ استحدثتُه أنا للرَّدِّ على الشبهة الجهميَّة؛ بل نقلت ذلك عن ابن تيميَّة رحمه الله في بعض مواضع من فتاويه، وهو نقل ذلك عن أحمد من رواية حنبل، ثمَّ غلَّطه.
/// وإن كان القول به سائغً لغةً في لفظ ((القرآن)) كما بيَّن الأخ الشِّنقيطي زاده الله من العلم، فقد قلتُ: إنَّه عمل القاريء، (يعني: بالقراءة)، وثوابه: أي: تلك القراءة.
2- ثانيًا: ما نقله الأخ (الغندر) عن شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله في ردِّه رواية حنبلٍ عن أحمد في تأويله، وأنكره شيخ الإسلام ليس في تأويل مجيء القرآن بمجيء ثوابه، بل أنكر ما نقله حنبل من تأويل أحمد لمجيء الرَّبِّ بمجيء ثوابه وقدرته، قال كما نقل الأخ الكريم: "فعارضهم أحمد بقوله { وجاء ربك } { أو يأتي ربك } وقال : المراد بقوله "تجيء البقرة وآل عمران" : ثوابهما كما في قوله { وجاء ربك } أمره وقدرته".
/// وأمَّا ما نقله عن ابن تيميَّة بقولك: "واليك كلام شيخ الإسلام الذي يؤيد هذا" فهذا يوهم أنَّ ابن تيميَّة يقول: إنَّ الصَّحيح عن أحمد ردُّ التأويل في حديث مجيء القرآن، وابن تيميَّة يتكلَّم عن ردِّ أحمد التأويل في مجيء الربِّ وإتيانه يوم القيامة، لا تأويله لمجيء القرآن، وبيَّن أنَّ الصَّحيح عند أحمد ردُّ تأويل مجيء الرَّبَِّ.
/// فتأمَّل الفارق -بارك الله فيك- بين ما قصدَه، وبين ما نقلتَه من كلام ثمَّ قلتَ: "واليك كلام شيخ الإسلام الذي يؤيِّد هذا"، فذكرت كلام الشَّيخ ابن تيميَّة وكأنَّه يوافق قولُه قولَ وليس الأمر كذلك.
3- ثالثًا: إنَّ الأخ (الغندر) -بارك الله فيه- نقلَ شيئًا (المجموع 16/404-406) وفاتته أشياءُ، تبيِّن وتفصِّل ما أجمل ثمَّ.
/// وإليكم نقل شيءٍ ممَّا فاته منه:
/// قال شيخ الإسلام في موضعٍ آخر وقد نقلتُ منه (5/398-399) مقتطفاتٍ في تعقيبي الأوَّل: "والمقصود هنا أنَّ النبيَّ (ص) لمَّا أخبر بمجىء القرآن فى هذه الصورة أراد به الاخبار عن قراءة القارىء، التي هى عمله، وذلك هو ثواب قارىء القرآن؛ ليس المراد به أنَّ نفس كلامه الذى تكلَّم به وهو قائم بنفسه يتصوَّر صورة غمامتين، فلم يكن فى هذا حُجَّةً للجهمية على ما ادَّعوه".
/// وقال رحمه الله أيضًا (8/409): "ولمَّا احتجَّ الجهميَّّةُ على الإمام أحمد وغيره من أهل السُّنَّة على أنَّ القرآن مخلوقٌ بقول النَّبيِّ (ص): (تأتي البقرة وآل عمران كأنَّهما غمامتان أوغيابتان أوفرقان من طيرٍ صواف))، و ((يأتي القرآن فى صورة الرجل الشاحب))، ونحو ذلك =قالوا: ومن يأتي ويذهب لا يكون إلَّا مخلوقًا =أجابهم الإمام أحمد بأنَّ الله تعالى قد وصف نفسه بالمجيء والإتيان؛ بقوله: ((هل ينظرون إلَّا أن تأيتهم الملائكة أو يأتي ربُّك أو يأتي بعض آيات ربك))، وقال: ((وجاء ربُّك والملك صفًّا صفًّا))، ومع هذا فلم يكن هذا دليلاً على أنه مخلوقٌ.
/// وقد ذكر هذا المعنى غير واحدٍ، وبيَّنُوا أنَّ المراد بقوله: (تجيء البقرة وآل عمران) أي: ثوابهما؛ ليجيبوا الجهميَّة الذين احتجُّوا بمجيء القرآن وإتيانه على أنَّه مخلوق، فلو كان الثواب -أيضًا- الذي يجيء فى صورة غمامةٍ أو صورة شابٍّ غير مخلوقٍ، لم يكن فرقٌ بين القرآن والثَّواب، ولا كان حاجة إلى أن يقولوا: يجيء ثوابه، ولا كان جوابهم للجهميَّة صحيح، بل كانت الجهمية تقول: أنتم تقولون إنَّه غير مخلوقٍ وأنَّ ثوابه غير مخلوق فلا ينفعكم هذا الجواب...".
4- رابعًا: أنَّ مقام المناظرة والإلزام غير مقام التَّقرير، على القول بأنَّ تأويل الحديث ليس بتأويل صحيحٍ.
/// فيجوز في المناظرة والمحاججة ما لا يجوز في غيرها، من إلزام الخصم بنظير ما يقول.
ولمَّا كان سؤال صاحب الموضوع عن إثارة شُبهةٍ وطلب الجواب عنها، كان جوابي مطابقًا لما سأل، وهذا كان مقصودي أول مشاركتي فيه.
وبالله التوفيق.
يا شيخ يا عدنان ما ذا ترجح ؟
/// يا أخي الكريم.. في فهم كلامي لبسٌ.
/// أنا لا أقول إنَّ شيخ الإسلام ردَّ تأويل مجيء الرَّبِّ وقبِل تأويل مجيء القرآن، بل أقول إنَّ إنكار ابن تيميَّة وغيره من أصحاب أحمد لرواية حنبل في تأوِّل أحمد ما تأوَّله كان لسبب تأويله مجيء الرَّبِّ كما في سياق كلامه عن تأويل النُّزول والمجيء ونحوه، راجع الكلام بتمامه يتبيَّن لك.
/// وأمَّا أنَّ شيخ الإسلام يردُّ تأويل مجيء القرآن أو يقبله وكذلك أنا فليس هذا المقصود.
/// ولأطمئنك زيادةً فلم يتبيَّن لي من كلام الشَّيخ إلَّا أنَّه يقبل تأويل مجيء القرآن كما تأوَّله بذلك جماعة نقل عنهم، ولكن في سبيل المناظرة والمحاججة حسبُ.
/// وأمَّا أن يقبله أو يردُّه مطلقًا فلم أقف على شيءٍ من ذلك الآن، فالله أعلم بقوله فيه، وكذلك أتوقَّف أنا.
/// وإن كان كلام الأخ المجلسي في مجيء القرآن -فقط- من جهة اللُّغة محتمل، ولكنِّي لا أقول به إلَّا في سبيل المناظرة، إذا لستُ بحاجةٍ إليه في التَّقرير.
/// إذ مقدِّمة الجهميَّة في كون المجيء والإتيان والصُّورة من صفات المخلوق لا يلزم أن تكزون صحيحةً، والقرآن قد اتَّصف به في ذاك الحديث وغيره =فهذا لا يلزم أن يكون صحيحًا حتَّى نلجأ فنقوم بتأويل الحديث، فقد يأتي ويذهب وهو مازال غير مخلوق،، والله أعلم.
يقول صاحب الشبهة : إذا كان الأمر كما تقولون إذن لماذا لجأ بعض العلماء إلى التأويل ؟ ومادليله ؟
بارك الله بكم
/// لعلك توضح السُّؤال أكثر.
/// إن كان المقصود بلجوء العلماء للتأويل في هذا الحديث المسئول عنه (تكلُّم القرآن) فقد تقدَّم أنَّه لأجل الإلزام بنظير ما يقول المخالف في المناظرة، لا مطلقًا، إذ ليسُوا بحاجةٍ إليه في مذهبهم.
/// وإن كان المقصود غير ذلك فلعلَّك توضِِّحه حتَّى يتمَّ الجواب عنه.
نعم ، أقصد لماذا يؤلون الأحاديث التي فيها مجيء القرآن ، وتشكله ، وكلامه ، وقوله (يارب) بأنه ثواب القراءة .
ولم أفهم كيف يستعملون ذلك من أجل المناظرة .
أرجو أن يتسع صدرك لبليد مثلي !!
/// أخي الكريم.. بارك الله فيك.
/// المقصود من استعمال هذا التأويل من باب إلزام الخصم في المناظرة: أن يُقال له: أنت تقول في المسألة الفلانيَّة: كذا، فيلزمك أن تقول كذا في هذه المسألة أيضًا؛ لأنَّه بابٌ واحد والقياس فيه سواء.
/// فإمَّا أن يرجع عن قوله في تلك المسألة إلى قوله في هذه المسألة، أو يرجع عن هذه إلى تلك، أويتناقض، أويبيِّن وجه التناقض الظَّاهر.
/// وفي مسألتنا هذه: فإنَّ الجهميَّة يقولون: إنََّ القرآن مخلوقٌ، ولهم في ذلك شبهات أدلَّةٍ؛ منها: أنَّ القرآن يأتي ويجيء، وعندهم مقدِّمةٌ أنَّ هذه صفة المخلوق؛ فدلَّ ذلك إذن على أنَّ القرآن مخلوقٌ.
/// فيُقال لهم: والله عزَّوجلَّ يأتي ويجيء [وهم لا يقولون بهذا طبعًا]، وبناءً على مقدَّمتكم تلك فهذه من صفات المخلوق، فهل الله مخلوقٌ؟!
/// فإنْ قالوا: بل لا يلزم من الإتيان والمجيء ههنا أن يكون مخلوقًا فالله ليس بمخلوق، فنقول: وكذلك الأمر في مجيء القرآن وإتيانه لا يلزم منه أن يكون القرآن مخلوقًا.
/// وإنْ قالوا: بل يلزم من مجيء أي شيءٍ أنْ يكون مخلوقًا، ولكن إتيان الله هنالك هو إتيان ثوابه، فهو مخلوقٌ.
فيُقال لهم: فما دام أنَّكم تأوَّلتم مجيء الله بمجيء ثوابه، فكذا الأمر ههنا في القرآن تأوَّلُوه بمجيء ثوابه، فلا يستقيم لكم الدَّليل على كونه مخلوقًا.
/// فهم بين إثبات إتيان الله على الحقيقة، وبين إثبات كون القرآن ليس مخلوقًا بناء على حديث مجيئِهِ.
/// ولا داعي -بارك الله فيك- من ذكر ما ذكرته آخر سطر في تعقيبك، فنحن إخوة.
بارك الله فيك ، وكتب لك الأجر على هذه الفوائد .
بارك الله فيك أخي صاحب المعرف (المجلس الشنقيطي)
هذا الذي استقر عليه مذهب أهل السنة حول هذا الحديث
وليس في هذا الفهم تأويل البتة بل هو فهم من باقي النصوص
والإمام أحمد رحمه الله كان في موضع مناظرة والخطأ في هذه المواضع وارد على كبار العلماء
ولا يجوز لصاحب سنة التوقف بل يجب الإيمان بالظاهر مع إثبات المعنى وأن لم يفهم المعنى فليكل العلم إلى عالمه وليقل الله أعلم
ومن العجب نسبة التوقف لشيخ الإسلام إيضاً؟!
خرّج الترمذي في جامعه:
2883 - حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا هشام بن إسماعيل أبو عبد الملك العطار حدثنا محمد بن شعيب حدثنا إبراهيم بن سليمان عن الوليد بن عبد الرحمن أنهم حدثهم عن جبير بن نفير عن نواس بن سمعان : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يأتي القرآن وأهله الذين يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران قال نواس وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال تأتيان كأنهما غيايتان وبينهما شرف أو كأنهما غمامتان سودوان أو كأنهما ظلة من طير صواف تجادلان عن صاحبهما
وفي الباب عن بريدة و أبي أمامة
قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه
ومعنى هذا الحديث عن أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث أنه يجيء ثواب قراءة القرآن
وفي حديث النواس عن النبي صلى الله عليه و سلم ما يدل على ما فسروا إذ قال النبي صلى الله عليه و سلم وأهله الذين يعملون به في الدنيا ففي هذا دلالة أنه يجيء ثواب العمل.
قال الشيخ حافظ حكمي رحمه الله موافقاً ومتعقباً:
قلت ولا مانع من كون الاتي هو العمل نفسه كما هو ظاهر الحديث فأما ان يقال ان الاتي هو كلام الله نفسه فحاشا وكلا ومعاذ الله لان كلامه تعالى صفته ليس بمخلوق والذي يوضع في الميزان هو فعل العبد وعمله والله خلقكم وما تعملون .أهـ[معارج القبول(2/846)]
قال شيخ الإسلام رحمه الله ناقلاً عن الإمام أحمد:
باب: ما ادعت الجهمية أن القرآن مخلوق من الأحاديث التي رويت: «إن القرآن يجيء في صورة الشاب الشاحب؛ فيأتي صاحبه فيقول: هل تعرفني؟ فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا القرآن الذي أظمأت نهارك؛ وأسهرت ليلك؛ قال: فيأتي به الله؛ فيقول: يا رب!» فادعوا. أن القرآن مخلوق؛ فقلنا لهم: إن القرآن لا يجيء بمعنى أنه قد جاء: «من قرأ {قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } فله كذا وكذا» ألا ترون من قرأ: {قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } لا يجيئه؛ بل يجيء ثوابه؛ لأنا نقرأ القرآن فنقول لا يجيء؛ ولا يتغير من حال إلى حال.
فبين أحمد أن الثواب هو الذي يجيء؛ وهو المخلوق من العمل؛ فكيف بعقوبة الأعمال الذي تتغير من حال إلى حال فإذا كان هذا ثواب {قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } وهو ثواب القرآن فكيف ثواب غيره!!.أهـ[مجموع الفتاوى(8/410)]
يقول ابن القيم رحمه الله:
كما في الصحيح عنه تجيء البقرة و آل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان الحديث فهذه هي القراءة التي ينشئها الله سبحانه تعالى غمامتين و كذلك قوله في الحديث الآخر أن ما تذكرون من جلال الله من تسبيحه و تحميده و تهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن ذكره احمد و كذلك قوله في حديث عذاب القبر و نعيمه للصورة التي يراها فيقول من أنت فيقول أنا عملك الصالح و أنا عملك السيء و هذا حقيقة لا خيال و لكن الله سبحانه أنشأ له من عمله صورة حسنة و صورة قبيحة و هل النور الذي يقسم بين المؤمنين يوم القيامة إلا نفس إيمانهم أنشأ الله سبحانه لهم منه نورا يسعى بين أيديهم فهذا أمر معقول لو لم يرد به النص فورود النص به من باب تطابق السمع و العقل.أهـ[حادي الأرواح (2/816-817) ط عالم الفوائد]
والله تعالى أعلم
ذكر أحد مشايخنا حفظه الله :
أن الله تعالى قد يجعل المعاني والأعمال أعيانـاً يوم القيامة عدا القرآن ؛ لأنه كلام الله تعالى وكلامه صفة من صفاته ، وصفاته لاتتحول أعراضاً.
فالعمل الصالح كهيئة رجل حسن الصورة، و العمل السيء كهيئة رجل قبيح الصورة ، والموت كهيئة كبش يذبح بين الجنة والنار .
فلما سئل عن حديث: (تأتي البقرة وآل عمران ... الحديث ) قال المعنى ثوابـهما كما سبق في كلام الإخوة.
المراد مجيئ الثواب وليس القران
قاله احمد كما نقل عنه ابن تيمية والبزار في مسنده وابن بطة في الابانة الكبرى وابن قتيبة في تاويل مختلف الحديث
روى الخطيب في " تاريخه " أن الحديث الذي أخذ على إسماعيل شيء يتعلق بالكلام في القرآن .
دخل على الأمين محمد بن هارون ، فشتمه محمد ، فقال : أخطأت . وكان حدث بهذا الحديث : تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان تحاجان عن صاحبهما فقيل لابن علية : ألهما لسان ؟ قال : نعم . فقالوا : إنه يقول : القرآن مخلوق ، وإنما غلط .
قال الفضل بن زياد : سألت أحمد بن حنبل عن وهيب و ابن علية : أيهما أحب إليك إذا اختلفا ؟ فقال : وهيب ، و مازال إسماعيل وضيعا من الكلام الذي تكلم فيه إلى أن مات . قلت : أليس قد رجع ، وتاب على رءوس الناس ؟ قال : بلى ، ولكن مازال لأهل الحديث بعد كلامه ذلك مبغضا
قال الإمام أحمد: بلغني أنه أدخل على الأمين ، فلما رآه ، زحف ، وجعل يقول : يا ابن الفاعلة تتكلم في القرآن ؟ وجعل إسماعيل يقول : جعلني الله فداك ، زلة من عالم . ثم قالأحمد : إن يغفر الله له - يعني الأمين - فيها . ثم قال أحمد : وإسماعيل ثبت .
قالعبد الصمد بن يزيد مردويه : سمعت إسماعيل ابن علية يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق
( نقلته من ترجمته رحمه الله في سير الأعلام للذهبي )
اذن ما وجه تخطئة أئمة الحديث لإسماعيل ان كان يقصد بكلامه الثواب أو العمل على القول بأن ذلك معنى الحديث ؟
مع أن القول بمجيء العمل لا يخرج ذلك من حيز الاشكال ان كان يقصد بالعمل قراءة القارىء
لان القراءة متضمنة للمقروء
فجعل القراءة مخلوقة يرجع إلى قول اللفظية من الجهمية
و لا إشكال في وصف القرآن بأنه يجيء يوم القيامة
فان القرآن في آخر الزمان يرفع من الصدور و المصاحف
و من كلام أهل السنة في هذا الباب ( القرآن كلام الله منه بدأ و إليه يعود )
فالذي يوصف ب ( يرفع ) و ( يعود ) لا يمتنع أن يوصف بالمجيء . فلم يبقى لذلك إلا النص و قد علمت دليل ذلك
فإذا كان من عقيدة أهل السنة أن القرآن يرفع من الارض في اخر الزمان فيعود إلى الله عز وجل
فالقراءة متضمنة للمقروء . فرفعهما و مجيئها ليس فيه محذور على هذا التفصيل وإنما المحذور في جعلها مخلوقة
و الله اعلم
نفع الله بكم جميعًا.
يقول ابن بطة رحمه الله في كتابه "الإبانة الكبرى" :
ثم إن الجهمية لجأت إلى المغالطة في أحاديث تأولوها ، موهوا بها على من لا يعرف الحديث ، وإنما عنى في هذه الأحاديث في قوله : ( يجيء القرآن وتجيء البقرة وتجيء الصلاة ويجيء الصيام ) يجيء ثواب ذلك كله ، وكل هذا مبين في الكتاب والسنة .
قال الله عز وجل : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ )
فظاهر اللفظ من هذا أنه يرى الخير والشر ، وليس يرى الخير والشر ، وإنما ثوابَهما والجزاء عليهما من الثواب والعقاب .
كما قال عز وجل: ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ )
وليس يعني أنها تلك الأعمال التي عملتها بهيئتها وكما عملتها من الشر ، وإنما تجد الجزاء على ذلك من الثواب والعقاب .
فيجوز في الكلام أن يقال : يجيء القرآن ، تجيء الصلاة ، وتجيء الزكاة ، يجيء الصبر ، يجيء الشكر ، وإنما يجيء ثواب ذلك كله. اهـ
وأخرج ابن حبان في صحيحه (124) من حديث جابر مرفوعًا :" الْقُرْآن شَافِع مُشَفع وَمَاحِل مُصَدَّقٌ مَنْ جَعَلَهُ إِمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ".
والحديث مختلف فيه.
قال ابن حبان عقب الحديث:
هذا خبر يوهم لفظه من جهل صناعة العلم أن القرآن مجعول مربوب وليس كذلك ؛ فإن العرب في لغتها تطلق اسم الشيء على سببه كما تطلق اسم السبب على الشيء ، فلما كان العمل بالقرآن قاد صاحبه إلى الجنة أطلق اسم ذلك الشيء الذي هو العمل بالقرآن على سببه الذي هو القرآن ، لا أن القرآن يكون مخلوقا .اهـ
بارك الله فيك اخي الكريم
ما دام أن الأصل في هذا الباب حمل النصوص على ظاهرها
فأين الإشكال في مجيء القرآن
ما دام أنه يرفع و ينزل و يعود
و ماذا لو ألزمنا بتأويل كل هذا بنفس الحجة التي اولنا بها المجيء