ما حكم شرب سيجارة واحدة - على أن تناول واحدة لا يضر - .
عرض للطباعة
ما حكم شرب سيجارة واحدة - على أن تناول واحدة لا يضر - .
قال تعالى : {وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ}
و لا شك أخى الحبيب أن التدخين من الخبائث
بارك الله فيك أخي الكريم، ظهرلي من سؤالك حفظك الله أنك تريد المباحثة.
فاقول: أما أولاً ليس الضرر هو السبب الوحيد لتحريم الدخان عند القائل به. بل ثمة إذية الناس وإتلاف المال.
وأما ثاثياً، فإن قلنا بالتحريم وحصرنا- تنزلاً - العلة في الضرر، على أن الضرر يتحقق في العلبة مثلاً، كانت السيجارة الأولى محرمة سداً للذرائع .
ولست أدري يا أخي هل يقاس هذا على شرب الخمر، فإن العلة فيه الإسكار وما أسكر كثيره فقليله حرام، فما أدري أيقال : "ما ضرّ كثيره فقليله حرام " هذا لاأعرفه ولاأقطع به وأعوذبالله من أقول في دين الله مالاأعلم.
والمرجو من الإخوان الإفادة والله الموفق.
وفيك بارك الله أخي الفاضل،
الذي تسآلت عنه ولم أجزم به هو قياس الضرر على الإسكار حيث أثبتنا الأول علةً لتحريم الدخان كما أثبتنا الثاني علةً لتحريم الخمر.
ومعلوم أن قطرة من الخمر لا تسكر لكنها حرام بالنص.
فهل إذا سلمنا لأحد قولَه بأن سيجارة واحدة لا تضر استطعنا أن نجزم بحرمتها بناء على أن الكثير من السجائر يضر؟
فهذا ما عنيته -أخي الكريم- بقولي الفارط.
أخي الفاضل أبو بكر :
نعم .. المسألة للمباحثة .
وأرى أنك ذكرت عللاً وهي : أذية الناس وإتلاف المال وسدّ الذريعة .. ورأيي أن هذا غير متوفر في السيجارة الواحدة .
أما أخي الفاضل أبو أنس :
فقد ذكر سدّ الذريعة ، ولكن إذا كان لن يدخن إلّا هذه السيجارة .
وأتمنى أن تتنبهوا إلى أني أكرر " سيجارة واحدة " . حتى يتميز لنا الحكم جلياً ،، فأنا أوافقكم إذا كان المدخن يتعاطى التدخين بشكل دائم .
وأكرر أشكركم على هذه النفس الطيبة .
لا يأخذ الشيء وصف كونه من الخبائث إلا لعلة ، كالاستقذار أو النجاسة أو النص المُحرم أو الضرر المتيقن .
فأيّ هذه الأوصاف تنطبق على السيجارة الواحدة .
ملحوظة : قولي ه
لا يأخذ الشيء وصف كونه من الخبائث إلا لعلة ، كالاستقذار أو النجاسة أو النص المُحرّم أو الضرر المتيقن .
فأيّ هذه الأوصاف ينطبق على السيجارة الواحدة .
ملحوظة : قولي هذا لا يعني أني أُصدر حكماً ، ولكن للمباحثة .
قلت حفظك الله:
"وأرى أنك ذكرت عللاً وهي : أذية الناس وإتلاف المال وسدّ الذريعة .. ورأيي أن هذا غير متوفر في السيجارة الواحدة"
ولي أن لاأسلّم بأن الأمور الثلاثة ليست متوفرة في السيجارة الواحدة
نعم، قد يدخن المرء منفرداً فلا يؤذي أحداً اللهم إلا إذا استثنينا الملائكة كما ورد في علة النهي عن أكل البصل والثوم.
أما إتلاف المال فلا بد منه قل أو كثر. وقد يطلب المدخن السيجارة فلا يشتريها، فالصورة نفسها لأن المأخوذة منه يكون قد اشتراها في غالب الأحيان.
وأما سد الذريعة، فإن الشر لايؤمن وخلق الإنسان ضعيفا، والشارع الحكيم يحرم تحريماً عاماً يعم جميع المكلفين كما حرم النظرة إلى الأجنبية اجتناباً للزنا، ولايقول أحد: أنظر مرة واحدة ولا أعود فإن هذا لاشيئ فيه. بل نقول له : هو حرام لكونه وسيلة إلى الحرام ولوعلمنا قطعاً أنك لا تعود إلى هذه النظرة.
والله أعلم
هذا اخى تفريغ الرد على سؤالك من العلامة الألبانى فى سلسلة الهدى و النور
سأله سائل مئل سؤالك تقريبا فاجاب رحمه الله :
نحن نقول لهذا السائل أو المتسائل هل وجدت إنسانا شرب سيجارة واحدة فى الدنيا؟ إذن فهو يسأل سؤال خيالى... و ضرب الشيخ مثلا برجل يغمس إبرة فى الخمر ثم يطغى و يزيد و هكذا ثم قال رحمه الله لا يستطيع ان يحدد حدا دقيقا من أجل ذلك قال عليه السلام و من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ,فهذا إن كان مخلصا يُقال له إسأل عن أمور واقعية و لا تسأل عن أمور خيالية.
طبعاً كلامي في هذا الباب أخي الكريم على سبيل المباحثة وإلا فقد نص العلماء الذين يعتد بهم على تحريم التبغ لكونه شجرة خبيثة. فهو حرام لعموم الآية التي أوردها الأخ أبو أنس أعلاه.
أما قياسي على الخمر فأنا أعلم أن العلتين مختلفتان ولكن أردت التنبيه أن الإسكار ضرر بوجه من الوجوه . ثم أني لم أجزم به بل طرحت سؤالاً فقط.
والله نسأل أن يغفر زللنا ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. آمين
وذهب جمعٌ ممن يعتد بهم أن الدخان بما يحتويه من تبغٍ وغيره ليس من الخبائث ، بل هو جائز .. ومنهم – وليس على سبيل الحصر – : نور الدين الأجهوري ، وعبد الغني النابلسي ، وأبو الحسنات اللكنوي ، وأحمد كوكب زاده ، وعبد السلام النابلسي .
بل والإمام الأمير الصنعاني ، والإمام الشوكاني .
بل وهو ما تدلّ عليه قواعد المذاهب الأربعة كما قرره العلامة مرعي الكرمي في رسالته : " تحقيق البرهان " .
أما عن قول الأخ / أبو أنس أنها مسألة لا يمكن أن تقع ، فأنا أقول أنها قد وقعت ، وهو ما جعلني أتساءل منذ فترة ، وأحببت أن أستمع إلى رأي الإخوان في المنتدى .
على أن قناعتي أوصلتني إلى أن الأمر لا يصل إلى الحرمة - أقصد في شرب السيجارة الواحدة _ .
هؤلاء تكلموا فبل أن يثبت ضرر التدخين في عصرنا الحاضر
أما عن شرب السيجارة الواحدة فهو حرام بلا قياس (حتى عند من يعتبر القياس دليلاً شرعياً لاختلاف العلة كما ذكر الأخوة أعلاه ) .
فشرب سيجارة واحدة يسبب الاستحسان والإدمان للسجائر كما يقولون... فهو وسيلة إلى الحرام وما يؤدى إلى الحرام بيقين فهو حرام .
نحتاج أولاً إلى بسط الكلام في المواد التي تحتويها هذه السيجارة ، فليس التبغ وحيداً ، بل ما فيها من مواد يصل للعشرات إن لم يصل المئات .
وقد سمعت من أحد المشايخ الفضلاء كلاماً في تحريم السيجارة ، وكان ينطلق من قوله صلى الله عليه وسلم ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) موضحاً أنَّ النشوة التي يحدثها التدخين هي من فعل مواد قليلة الكمية ، وكثيرها يسكر ، وربما يفقد الوعي ، وربما يقتل .
وقد قرأت نحو هذا الكلام في بعض الأبحاث الطبية ، أنه لو قدر جمع قدر معين من تلك المادة الموجودة في الدخان ومن ثم حقنه في الإنسان ، لأدى لغيبوبة أو وفاة .
وإذا ثبت كل هذا ، فهي داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم ( ما أسكر كثيره فقليله حرام )
والأخ الذي قال : إن الأكل مباح وكثيره ضار ، يريد هدم تحريم القليل من الضار ، فقياسه مع الفارق ، لأن الضرر في الأكل عائد لأمر خارج وهو الكثرة ، والضرر في الضار يعود لأمر ذاتي فيه ، وإذا ثبت الفرق فلا قياس .
أما قليل الضار الذي لا يضر فإن عدم ضرره عائد لأمر خارج وهو القلة ، فأكل المضغة من الميتة ، لا يضر ، وكذلك النجاسة غالباً لا تضر الرشفة منها إن كانت شراباً ، أو اللقمة الصغيرة إن كانت مأكولة ، وهذا غير مؤثر في تحريمها .
والله أعلم .
أحسنت يا آجري
والله ماضاعت تربيتي فيك ههههههههههههههه هههههههه
حياك الله يا مولانا ( تحتمل معنيين )
لو أخذنا حقنة من ماء و أوردناها في مجرى الدم من دون أن نفرغ الضغط الهوائي منها في بادئ الأمر لأدت إلى الهلاك.
فدخول المواد إلى الجسم يختلف تأثيره باختلاف المدخل كما مثلنا بالهواء , فهو غير ضار إذا دخل من الفم .
أما بشأن حقن مواد التكوينية للدخان في مجرى الدم فهي قاتلة , و لكنها ليست كذلك إذا كانت سيجارة واحدة .
فإذا قلنا أنها خبيثة , فإنه ليس كل خبيث محرم كما هو حال البصل و الثوم .
و هذا لا يعني القول بالجواز , لأن مثل الكاتب ليس أهلا لإطلاق الأحكام الشرعية .
شكراً أخي أبا محمد :
إذاً فأنت تعتبر الحكم هو بسبب الضرر الذي أُكتشف مؤخراً .. مع زيادة الاستحسان .
ولكن لا أظن ذلك يوجد في شرب السيجارة الواحدة ، أما الاستحسان فقد يعتبر ، ولكنه لا ينهض كدليل على التحريم ، لأنّا نريد حكم السيجارة الواحدة .
أما أخي الآجري فأشكره أيضاً ، وأتفق معه في الحكم لو وقع ما قاله وهو " جمع مواد الدخان ثم حقنها " .
ولكن السيجارة الواحدة لا تفعل ما تفعله الحقنة ، بل ولا تسكر .
أما أخي محمد جاسم فقد طرحت طرحاً جميلاً ثم علّقتنا دون أن تبين لنا نتيجة هذا الطرح ، فنفسك نفس فقيه .
نحن نعرف أن الواحدة لا تسكر وكذلك الاثنتين والثلاث والأريع بل والخمس !اقتباس:
ولكن السيجارة الواحدة لا تفعل ما تفعله الحقنة ، بل ولا تسكر .
لكن المواد المخدرة الموضوعة بقدر معين ، لو تناولها إنسان بقدر كبير ثم أدى إلى سكره أو تخديره فينطبق عليها الحديث ( ما أسكر كثيره فقليله حرام )
بالفعل ، غفلت عن هذا ، وبذلك يسقط الاعتبار بأضرار الحقنة ، ولا يسقط الاعتبار بأثر الكمية الكبيرة من المادة القليلة الموجودة في السيجارة .اقتباس:
فدخول المواد إلى الجسم يختلف تأثيره باختلاف المدخل كما مثلنا بالهواء , فهو غير ضار إذا دخل من الفم
تربيتك ماش يا بو صخراقتباس:
أحسنت يا آجري
والله ماضاعت تربيتي فيك ههههههههههههههه هههههههه
هل يمكن أن نخرج - بعد هذه المباحثة - بحكم شرعي نرى أنه هو الأصوب ؟
وقد يسهل علينا اطلاق التحريم بسبب الضرر وسدّاً للذريعة ، ولكن تذكروا معي أن الحكم سيكون على " سيجارة واحدة " .
وتذكروا ما أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/36 عن سفيان الثوري قوله : (( إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة ، فأما التشدد فيحسنه كلّ أحد )) .
ولا أطالب بلزوم الحكم بالجوار ، ولكن هذه اضاءة قبل الحكم .
وفقنا الله وإياكم لكل خير .
أبرأ إلى الله تعالى من أى فتوى تنسب إلىّ ,فلست أهلا لذلك.
و عن القول بتحريم السجارة و لو واحدة بدليل خبثها فهذا الكلام سمعته من الشيخ أبى إسحاق الحوينى و لا أنسبه لنفسى !
فما كلامى إلا من باب المذاكرة و المدارسة.
لابد من تحديد مقدار الضرر..فتحريم الدخان يكون وقتها لهذه العلة لا لعلة الإسكار..إذ لو وجد الإسكار في كثيره فقليله حرام...لكن لو وجد الضرر في كثيره فهل يحرم قليله؟ ..هنا يلزم الدليل التفصيلي..إذ الكثير من المباحات تحرم إن أكثر الإنسان منها..لعلة الضرر..لكن هي مباحة في أصلها..بخلاف الخمر مثلا وأشباهه..
[QUOTE=أبو أنس القاهرى;194151][size="5"]جزاك الله الجنة أخى الكريم..و لكن كان كلام الأخ الذى قال بهذه القاعدة لم يكن يقصد هذا المعنى و لكن كان قصده بإطلاق أنّ كل ما كان كثيره ضار فقليله حرام, ولكن كان يجب بالفعل التفصيل فى الرد على الوجه الذى ذكرت أنت!
غفر الله لك يا أخي الكريم،
بينت المقصد من كلامي في المشاركة الخامسة حيث ظهرلي أن أسال عن قياس الضرر على الإسكار.
والذي جرني إلى هذا السؤال هو أن الإسكار ضرر بوجه ما و هذا بصرف النظر عن الأمراض الفتاكة التي يحدثها شرب الخمر كسرطان الكبد وغيرها عافانا الله وإياكم.
وإنما نظرت في خمر الجنة فوجدت أن الله امتدحها بأنها لاتسبب صداعاً ولا تذهب عقلاً، ولو سألت أي مدخن عن التدخين فإنه ينبئك بأن السيجارة الأولى سببت له من الصداع والغثيان ما الله به عليم. ولما كان الأخ عبد الله العمري يسأل عن حكم السيجارة الواحدة فقط، أردت أن أنهج هذا المسلك في البحث. ولم أتكلم عن خبث شجرة التبغ تفادياً للتكرار و لأنك أفدتَه أنت في المشاركة الثانية.
وبارك الله فيك ياأخي..
الذي لا يخالف فيه عاقل في زماننا أن شرب الدخان شديد الضرر، للشارب ولمن خالطه حال شربه، كما أنه متلفة للمال كذلك.. فمن الذي يملك أن يجزم بأن شرب سيقارة واحدة لا يضر؟؟ كفى به ضررا أنه يخلف مواد تتراكم في الصدر، في صدر الشارب ومن جالسه، (فإما أن يكون دخان هذه الواحدة إضافة لما في صدر المدمن من تراكمات فتقربه من هكلته، وإما أنها تكون أول سيقارة يشربها فتفسد صدره إذ تدخل ذلك الأمر إلى جسمه الذي كان قبل ذلك خالصا من هذا البلاء! فهي - السيقارة الواحدة تلك - مضرة ولا شك، وليس الضرر في الكثرة فقط!!)
وهي - الواحدة - على من يجالس شاربها أخطر وأضر، واقرأوا إن شئتم أبحاث العلماء فيما يسمى بالتدخين السلبي.. وهو لا يزيد على أن يشم الرجل دخان سيقارة في مكان ما، دون أن يكون هو الذي يمتصه في صدره .. وكفى به ضررا أن يضع ماله فيما هو لبنة في طريق إهلاكه هو ومن حوله!!
ولو جاءك من يقول لك: هي سيقارة واحدة لا أزيد عليها، فقلت له لا بأس ولكن لا تعد، ثم بعد فترة شرب أخرى، وكانت هذه الأخرى سيقارة واحدة أيضا وقرر أنه لن يزيد عليها .. ثم بعد يومين شرب ثالثة وهكذا، فما ضابط هذا؟؟؟ ما معنى سيقارة واحدة، ومعلوم أصلا أن المرء إما أن يكون مدخنا قد اعتاد صدره على شرب الدخان، فهو مدمن متمرس، وإما أنه ليس كذلك بعد، فتكون تلك هي الأولى والتي يجاهد صدره من أجل أن يتمكن من إتمامها؟ فالواحدة في حق الأول ليست الأولى ولن تكون الأخيرة إلا أن يشاء الله، وما تزيده إلا قربا من الهلاك بسبب التدخين.. والواحدة في حق الثاني هي الأولى، وكفى بها مفسدة له أن أراد التمكن من إتمامها أن أدخلت مادة النيكوتين إلى دمه!! فلا تفريق بين حكم السيقارة الواحدة والكثير منها، فهي مفسدة وضرر على كل حال!
وانا أقول .. كل سيقارة في يد مدخنها هي واحدة في حال شربه لها، فإن لم يكن هذا الفعل - فعل شربها - في نفسه حراما، فما الذي يرحم إذا؟؟ الإدمان عليها فقط؟ يعني نقول له تحرم عليك السيقارة الواحدة إن رأيت أنك صرت مدمنا تشرب أكثر من واحدة في اليوم الواحد؟؟ كيف ينضبط هذا؟؟ وما حد التحريم إذا؟؟ ما مناط الحكم بالتحريم إن قلنا بأن شرب السيقارة الواحدة - على التنزل بافتراض أنها قد لا تضر ضررا يذكر، وليس كذلك - لا بأس به؟؟ ما هو العمل المحرم إذا؟ شرب اثنتين؟ شرب ثلاث؟ شرب أكثر من علبة في اليوم؟ ما مناط التحريم وكيف ينضبط؟
إن الضرر المتحقق بيقين الذي ينشأ من تراكم أعمال بعينها يعملها المرء وهو يعلم بضررها، يجعل آحاد تلك الأعمال ضررا جزئيا مفضيا إلى الضرر الكلي ولا شك! هذا على افتراض أن الضرر لا يقع إلا بالإكثار من ذلك العمل لا بالمرة الواحدة فقط أو المرتين .. وفي حالتنا هذه، السيقارة الواحدة تترك في الجسد أثرا يدفعه إلى ثانية وثالثة، وكفى بهذا ضررا فيها!
هذا تخريج للمسألة على غير قاعدة سد الذرائع التي تفضل بذكرها بعض الفضلاء هنا.. فسد الذرائع يقال فيه بمنع أعمال هي من الذرائع المفضية إلى العمل المحرم (لنص أو لضرر متحقق)، أما هنا فنحن نتكلم عن أعمال قد تيقنا من أن الكثير منها - هذه الأعمال نفسها لا الأعمال المفضية إليها - يؤدي إلى الضرر المتحقق .. فأصبح السؤال هل القليل من هذه الأعمال حرام كالكثير وإن كانت علة التحريم مرتبطة بالأثر الناتج من الكثير لا من القليل؟
هذا والله أعلم هو وجه المسألة.
ثم إن في تخريج قاعدة (ما كثيره ضار فقليله حرام) على قاعدة (ما كثيره مسكر فقليله حرام) نظرا.. نعم الإسكار في الكثير هو علة تحريم قليل الخمر الذي لا يكون مسكرا.. فهل مطلق الضرر في الكثير من شيء ما - أيا كان - هو كذلك علة تحريم القليل من ذلك الشيء الذي قد لا يكون قليله ضارا؟ ليس بلازم.. فالدواء مثلا قليله قد يكون مفيدا نافعا، مع كون كثيره قاتلا مهلكا، فهل يحرم لكون كثيره ضارا؟ كلا! وأمثلة ذلك كثيرة، مما قليله مفيد نافع وكثيره ضار مهلك، فلا يصح استخراج هذه القاعدة تفريعا على قاعدة الخمر، والله أعلم. وأصلا لا لحاق لمسألتنا هذه بقاعدة الخمر لأن القليل والكثير في الحديث المراد به القليل والكثير في المرة الواحدة (الفعل الواحد)، فالذي يشرب في المرة الواحدة كثيرا من شيء ما فيسكر بسبب ذلك، - وهو الفعل الواحد لا الأفعال المتعددة - هذا يحرم من أجله ذلك الشيء المشروب.. أما في حالة التدخين فالرجل لن يدخن في المرة الواحدة إلا سيقارة واحدة على أي حال! والمرة هي المرة لا قليل ولا كثير فيها مما قد تتغير من أجله العلة فيختلف الحكم!
لذا فهنا إنما يكون النظر في الفعل الواحد وما يكون فيه، وتبعاته ونتائجه المتيقنة والمظنونة (والتي منها في حالتنا الإدمان وزيادة التراكم في الدم والصدر، والإضرار بالآخرين، وتبذير المال ووضعه فيما يضر .. الخ)، وكل شيء ضار في ذاته فالكثير منه أشد ضررا ولا شك..
وعليه يكون الحكم في السيقارة الواحدة كما في الكثير منها (وإن كان الكثير أشد تحريما).. والله أعلى وأعلم.
اتصلت ُ من قليل بالشيخ سيد العربى و سألته عن حكم السيجارة الواحدة إن ثبت أنها لا تضر فقال : تحرم لأنها خبيثة و لا تقاس على الخمر لأن الخمر مسكر نعم و لكن ليس بخبيث و لكن تقاس مثلا على أكل الخنزير لأنه خبيث و لو أكل إنسان غائط-أعزكم الله و لكن هذا قول الشيخ-كذلك. فسألته عن تعريف الخبيث فقال هو ما لا نفع فيه بل يضر و ما هو نجس .
العلة في التحريم هي خبث العين الواحدة (إذ في تناولها ضرر وفي التكرار ضرر أكبر)، والله أعلم.