هل حكم الحاكم يرفعُ الخلاف ؟
مقدمة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :
فهذا جزء حاولت فيه بحث بعض المسائل التي تكلم فيها مَنْ يُنْسَب إلى العلم ، وحاول تلبيس الباطل لبوس الحق الذي لاشك فيه ، والذي يجب اتباعه !
وقد قسمت هذا البحث على مسائل :
المسألة الأولى : ما المقصود بالمسألة ؟
المقصود بذلك هو : أن يحكم الحاكم حكماً عاماً بالجواز أو المنع أو الصحة أو الفساد في مسألة اختلف فيها العلماء ؛ فهل يكون حكمه ملزماً رافعاً للخلاف في المسألة ؟ وهل يجوز لمن رأى خلاف رأي ولي الأمر مخالفته ؟ وإذا قلنا : بأنه يرفع الخلاف ؛ فهل يقال : بأنَّ من رأى خلافَ رأي الحاكم ، له أن يعمل بقول الحاكم دون أن يكون عليه وزرٌ ؟
مثال ذلك : الأمر بالقنوت الدائم في الفجر ، أو بالتأمين ، أو فساد عقد شركة الأبدان ، ونحو ذلك .
وكذلك مسألة حكم الحاكم في المسائل الخاصة بالقضاء بالفصل بين المتنازعين ونحوها ، فليست محل بحثنا ( 1 ) .
المسألة الثانية : ما المقصود بقولهم : يرفع الخلاف ؟
المقصود بذلك : أن المسائل التي وقع فيها خلاف بين العلماء ؛ فإن حكم الحاكم فيها يفصل النزاع بينهم ، ويسد باب الخصومات ، ولا يعني هذا أن الخلاف قد ارتفع بحيث لا يسوغ الخلاف في هذه المسألة ، وقد أشار إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في الفتاوى ( 3 / 238 ) : والأمة إذا تنازعت ـ في معنى آية ، أو حديث ، أو حكم خبري ، أو طلبي ـ لم يكن صحة أحد القولين ، وفساد الآخر ثابتًا بمجرد حكم حاكم ، فإنه إنما ينفذ حكمه في الأمور المعينة دون العامة .
ثم قال بعد أن ذكر جملةً من المسائل المختلف فيها كلفظ القَرْءِ ، وملامسة النساء ، ومَنْ بيده عُقدة النكاح ... قال : لم يكن حكم الحاكم لصحة أحد القولين وفساد الآخر مما فيه فائدة .
_______________________
( 1 ) قال شيخ الإسلام في المجموع ( 35 / 372 ) : وليس المراد بالشرع اللازم لجميع الخلق ( حكم الحاكم ) ولو كان أفضلَ أهل زمانه ! ؛ بل حكم الحاكم العالم العادل يُلزمُ قوماً معينين تحاكموا إليه في قضيةٍ معينة ، لا يُلزم جميع الخلق ... .
وقال – رحمه الله – في الفتاوى ( 35 / 360 ) : وأما باليد والقهر، فليس له أن يحكم إلا في المعينة التي يتحاكم فيها إليه مثل : ميت مات ، وقد تنازع ورثته في قسم تركته ، فيقسمها بينهم إذا تحاكموا إليه ، وإذا حكم هنا بأحد قولي العلماء ألزم الخصم بحكمه، ولم يكن له أن يقول: أنا لا أرضى حتى يحكم بالقول الآخر .
وكذلك إذا تحاكم إليه اثنان في دعوى يدعيها أحدهما ، فصل بينهما كما أمر الله ورسوله، وألزم المحكوم عليه بما حكم به ، وليس له أن يقول : أنت حكمت عليَّ بالقول الذي لا أختاره ، فإن الحاكم عليه أن يجتهد ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر " ، وقد يخص الله بعض الأنبياء والعلماء والحكام بعلم دون غيره ، كما قال تعالى : " وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا " [ الأنبياء : 78، 79 ] .
هل حكم الحاكم يرفع الخلاف
الشيخ الفاضل:
بارك الله فيك على هذا العرض القيم والمفصل لهذه المسألة
رد: هل حكم الحاكم يرفعُ الخلاف ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلال
جزاك الله خيراً يا أبا معاذ.
وإياك أخي طلال .
رد: هل حكم الحاكم يرفعُ الخلاف ؟
وهذان نقلان ( زيديان ) !
/// التاج المذهب في حكم المذهب لأحمد بن قاسم الصنعاني الزيدي ( 4 / 199 ) : ( وَيَجُوزُ امْتِثَالُ مَا حَكَمَ بِهِ ) الْحَاكِمُ ( مِنْ حَدٍّ وَغَيْرِهِ ) فَالْحَدُّ كَقَطْعِ يَدِ سَارِقٍ أَوْ جَلْدِ زَانٍ أَوْ رَجْمِ مُحْصَنٍ أَوْ قَتْلِ حَدٍّ وَغَيْرِ الْحَدِّ كَالْقِصَاصِ , وَالتَّعْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا , فَإِذَا قَالَ الْقَاضِي : اُرْجُمْ فُلَانًا فَقَدْ حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ . أَوْ اُقْتُلْهُ أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ فَقَدْ حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ قَدْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ يَجُوزُ , فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ الْحَاكِمُ كَالْإِمَامِ فِي وُجُوبِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الصَّحِيحِ فَأَمَّا حَالَةُ الْمُتَخَاصِمَي ْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا امْتِثَالُ مَا أَمَرَ بِهِ الْحَاكِمُ مُطْلَقًا لِدُخُولِ أَمْرِهِمَا فِي وِلَايَتِهِ . ( وَيَجِبُ ) فِعْلُ تِلْكَ الْأُمُورِ وَغَيْرِهَا ( بِأَمْرِ الْإِمَامِ ) فَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ بِشَيْءٍ , فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُورِ امْتِثَالُ أَمْرِهِ حَيْثُ يَنْفُذُ أَمْرُ الْإِمَامِ ( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ ( فِي قَطْعِيٍّ يُخَالِفُ مَذْهَبَ الْمُمْتَثِلِ ) , فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ امْتِثَالُ أَمْرِ الْإِمَامِ بِذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ يَعْلَمُ يَقِينًا خَطَأَ الْإِمَامِ . مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ وَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ , وَالشِّغَارِ , وَالْمَأْمُورُ أَوْ الْمَحْكُومُ لَهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ الْخِلَافَ قَطْعِيٌّ فِي مَذْهَبِهِ ( أَوْ ) كَانَ ذَلِكَ يُخَالِفُ الْحَقَّ فِي ( الْبَاطِنِ ) كَأَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ بِمَا قَدْ ظَهَرَ لَهُ , وَالْمَأْمُورُ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْبَاطِنَ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ , فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِامْتِثَالُ مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِ رَجُلٍ قِصَاصًا بِشَهَادَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُ , وَالْمَأْمُورُ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُهُ , فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِامْتِثَالُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْهَرَبُ , فَإِنْ فَعَلَ قُتِلَ بِهِ قِصَاصًا .
/// التاج المذهب في حكم المذهب لأحمد بن قاسم الصنعاني الزيدي ( 4 / 200 ) : ( وَ ) الْإِمَامُ , وَالْحَاكِمُ ( لَا يُلْزِمَانِ الْغَيْرَ اجْتِهَادَهُمَا ) وَلَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ نَحْوُ أَنْ يُلْزِمَ الْإِمَامُ أَوْ الْحَاكِمُ النَّاسَ أَنْ يَقُولُوا : إنَّ الطَّلَاقَ يَتْبَعُ الطَّلَاقَ , فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَعْمَلُوا بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَوْ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ فَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا مِنْ دُونِ تَخَلُّلِ رَجْعَةٍ , وَهُوَ يَرَى أَنَّ تِلْكَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يَحْتَسِبْهَا إلَّا طَلْقَةً , وَإِنْ كَانَ قَدْ أَلْزَمَ الْإِمَامُ بِالْقَوْلِ أَنَّهَا الثَّلَاثُ وَهَذَا ( قَبْلَ الْحُكْمِ ) الْجَامِعِ لِشُرُوطِ الصِّحَّةِ لَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَيَلْزَمُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ امْتِثَالُهُ ; لِأَنَّهُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ , فَإِذَا تَرَافَعَ الرَّجُلُ , وَالْمَرْأَةُ وَقَدْ طَلَّقَهَا كَذَلِكَ وَحَكَمَ الْإِمَامُ أَوْ الْحَاكِمُ أَنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ نَفَذَ الْحُكْمُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ , وَكَذَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَلْزَمُ وَبَعْدَهُ يَلْزَمُ الِامْتِثَالُ , وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ ( إلَّا فِيمَا يَقْوَى بِهِ أَمْرُ الْإِمَامِ كَالْحُقُوقِ ) مِنْ زَكَاةٍ وَغَيْرِهَا ( وَالشِّعَارِ ) كَحُضُورِ الْجُمُعَةِ , وَالْجَمَاعَةِ , وَالْقَضَاءِ , وَالْوِلَايَةِ فَلَهُ الْإِلْزَامُ فِي ذَلِكَ وَيَجِبُ الِامْتِثَالُ , وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَ الْمُمَثِّلِ ( لَا فِيمَا يَخُصُّ نَفْسَهُ ) وَلَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْكَافَّةِ مِنْ خِدْمَةٍ وَغَيْرِهَا فَلَا يَجِبُ امْتِثَالُ أَمْرِهِ ( وَلَا ) يُلْزِمُ أَحَدًا اجْتِهَادَهُ ( فِي ) شَيْءٍ مِنْ ( الْعِبَادَاتِ ) الْمَحْضَةِ الَّتِي لَا شِعَارَ فِيهَا نَحْوُ أَنْ يُلْزِمَ جَعْلَ التَّوَجُّهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ أَوْ قَبْلَهُ وَتَرْبِيعَ الْأَذَانِ أَوْ تَثْنِيَتَهُ , وَالضَّمَّ , وَالرَّفْعَ أَوْ تَرْكَهُمَا وَإِيجَابَ الْمَضْمَضَةِ , وَالِاسْتِنْشَا قِ , وَالْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ أَوْ الْقَصْرِ وَنَحْوَ ذَلِكَ . وَقَوْلُهُ ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَلْزَمَا النَّاسَ بِذَلِكَ أَمْ لَا , فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ مُتَابَعَتُهُمَ ا فِي ذَلِكَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ أَنْ تُفَسَّرَ " مُطْلَقًا " أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ حُكْمٌ أَمْ لَا ; لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ فِي الْعِبَادَاتِ إذْ لَا يَقَعُ إلَّا بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ وَلَا مُخَاصَمَةَ هُنَا .
رد: هل حكم الحاكم يرفعُ الخلاف ؟
للشيخ عبدالله ابن خنين تحقيق في مسألة : متى يرفع حكم الحاكم الخلاف ظاهرا وباطنا - ذكره في توصيف الأقضية، ولها مثال:
امرأة طالبة علم، ومقتنعة بأن الطلاق الثلاث يقع ثلاثا، فطلقها زوجها ثلاثا بلفظ واحد، فمنعته من نفسها، فترافعا إلى القاضي فحكم بأن الطلاق الثلاث يعد طلقة واحدة، وأن له إرجاعها في العدة، فماذا تصنع؟
هل حكم الحاكم يرفع الخلاف، أم تستمر في منعه من قربانها.
رد: هل حكم الحاكم يرفعُ الخلاف ؟
لها علاقة واضحة بـ ( نقض الاجتهاد )
رد: هل حكم الحاكم يرفعُ الخلاف ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالعزيز بن سعد
للشيخ عبدالله ابن خنين تحقيق في مسألة : متى يرفع حكم الحاكم الخلاف ظاهرا وباطنا - ذكره في توصيف الأقضية، ولها مثال:
امرأة طالبة علم، ومقتنعة بأن الطلاق الثلاث يقع ثلاثا، فطلقها زوجها ثلاثا بلفظ واحد، فمنعته من نفسها، فترافعا إلى القاضي فحكم بأن الطلاق الثلاث يعد طلقة واحدة، وأن له إرجاعها في العدة، فماذا تصنع؟
هل حكم الحاكم يرفع الخلاف، أم تستمر في منعه من قربانها.
جزاك الله خيراً ، وبارك فيك .
اطلعت على كلام الشيخ - حفظه الله - لكن المسألة التي ذكرها خارج المسألة التي نتحدث عنها !
رد: هل حكم الحاكم يرفعُ الخلاف ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العيدان
لها علاقة واضحة بـ ( نقض الاجتهاد )
كيف ؟
رد: هل حكم الحاكم يرفعُ الخلاف ؟
استفدت من بحثكم، ولدي بعض الاستفسارات - أرجو أن يتسع لها صدرك:
أولا: ورد في البحث: ثم قال ( 35 / 387 ) : وولي الأمر إن عرف ما جاء به الكتاب والسنة حكم بين الناس به ،
وإن لم يعرفه وأمكنه أن يعلم ما يقول هذا وما يقول هذا حتى يعرف الحق حكم به ،
وإن لم يمكنه لا هذا ولا هذا ترك المسلمين على ما هم عليه كل يعبد الله على حسب اجتهاده.
وسؤالي: هل المقصود العبادات، وأما الأمور التنظيمية فله ذلك؟
ثانيا: نقلتم كلام الشافعي: أجمع الناس على أنَّ من استبانت له سنة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن له أن يدعها لقول أحدٍ من الناس.
وسؤالي: أليس الخلاف في المسائل الاجتهادية؟
ثالثا: نقلتم قول ابن عباس : أُراهم سيهلكون ! أقول : قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ويقول : نهى أبو بكر وعمر.
وسؤالي: أليس محل النزاع في غير العابدات؟
رابعا: استدللتم بقول معاوية رررأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر ، فأخذ الناس بذلك.
وسؤالي: أليست هذه مسألة في العبادة وهي خارج محل النزاع؟ كما أنه قال: أرى، ولم يلزم.
خامسا: ذكرتم مسألة الفتوى بأن الطلاق الثلاث واحدة، وليست حكما قضائيا، ولا تنظيما عاما، ولذا فهي خارجة عن محل النزاع.
سادسا: ذكرتم مسألة التقليد في القبلة، وهي من مسائل العبادات ولا يدخلها التنظيم، ولا القضاء.
سابعا: ذكرتم قول الإمام ابن تيمية رحمه الله: ليس له منع الناس من مثل ذلك ولا من نظائره مما يسوغ فيه الاجتهاد.
وسؤالي: هل توصلتم إلى معيار دقيق يبين ما يسوغ فيه الاجتهاد مما لا يسوغ.
ثامنا: ذكرتم آية:"اتخذوا أحبارهم أرباباً من دون الله " وصوابها: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله.
تاسعا: ولعل – ولا أستطيع الجزم بذلك الآن – هذا هو اختيار الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – حيث قال في مجموع الفتاوى ( 19 / 41 ) في مسألة الرؤية هل تلزم جميع البلاد أم لا ؟
أجاب - رحمه الله - : ولكن إذا كان البلد تحت حكمٍ واحدٍ ، وأمر حاكم البلاد بالصوم ، أو الفطر وجب امتثال أمره ؛ لأن المسألة خلافية ، وحكم الحاكم يرفع الخلاف.
والذي يظهر أنه لا يمكن أن يحمل كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله على جميع مسائل العبادات، ولكن لأن الرؤية تثبت أمام القاضي، فإن لها شبه بأبواب المعاملات.
عاشرا: أسأل الله أن يجزيك خيرا على ما كتبت، وأن يجعلنا وإياك من يتبعون القول فيتبعون أحسنه.
رد: هل حكم الحاكم يرفعُ الخلاف ؟
/// ما كُتِبَ باللون الأزرق بقلم الشيخ الفاضل عبد العزيز الدغيثر - وفقه الله - ، وما كُتِبَ بالأسود فهو من تعليقي .
/// استفدت من بحثكم، ولدي بعض الاستفسارات - أرجو أن يتسع لها صدرك:
أولا: ورد فيالبحث: ثم قال ( 35 / 387 ) : وولي الأمر إن عرف ما جاء به الكتاب والسنة حكم بينالناس به ،وإن لم يعرفه وأمكنه أن يعلم ما يقول هذا وما يقول هذا حتى يعرفالحق حكم به ،
وإن لم يمكنه لا هذا ولا هذا ترك المسلمين على ما هم عليه كليعبد الله على حسب اجتهاده.
وسؤالي: هل المقصود العبادات، وأما الأمور التنظيميةفله ذلك؟
جزاك الله خيراً على مناقشاتك ، ووالله إني أفرح بمناقشة أمثالكم من أفاضل طلبة العلم .
ما فهمته من سؤالك – سيخنا الفاضل – هو : هل المسألة متعلقة بالعبادات أم كذلك في مسائل المعاملات والأمور التنظيمية ؟
فالجواب : الكلام هنا عام في العبادات والمعاملات ، ولعلك اطلعت على كلام شيخ الإسلام في شركة الأبدان ...
وأخشى أن يكون هناك لبسٌ في مسألة ما هي صلاحيات الإمام المخولة له ؟
/// ثانيا: نقلتم كلام الشافعي: أجمع الناس على أنَّ من استبانت له سنةعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن له أن يدعها لقول أحدٍ منالناس.
وسؤالي: أليس الخلاف في المسائل الاجتهادية؟
بلى ؛ لكن إذا اختلف الناس واستبانت لك سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن لك أن تدعها ، لأن المسألة خلافية ... .
/// ثالثا: نقلتم قول ابنعباس : أُراهم سيهلكون ! أقول : قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ويقول : نهى أبوبكر وعمر.
وسؤالي: أليس محل النزاع في غير العابدات؟
وحتى العبادات ، وقد أشرت للخلاف في ذلك .
/// رابعا: استدللتمبقول معاويةأرى مدين منسمراء الشام تعدل صاعاً من تمر ، فأخذ الناس بذلك.
وسؤالي: أليست هذه مسألة فيالعبادة وهي خارج محل النزاع؟ كما أنه قال: أرى، ولم يلزم.
حفظك الله :
في نظري أن العبادات ليست خارجة عن محل النزاع ، وخاصة ما يتعلق بِالشروط والمقادير ونحو ذلك .
أما قولك – حفظك الله – أنه قال : ( أرى ) ولم ( يلزم ) : ففي البحث أشرت إلى أنَّ الإلزام للناس وما يترتب عليه من أحكام له ضوابطه التي هي خارج محل البحث هنا ، وإنما المسألة : حكم الحاكم ( دون إلزام ) هل يرفع الخلاف ؟
/// خامسا: ذكرتممسألة الفتوى بأن الطلاق الثلاث واحدة، وليست حكما قضائيا، ولا تنظيما عاما، ولذافهي خارجة عن محل النزاع.
ذكرت هذه المسألة لبيان أنَّ شيخ الإسلام – رحمه الله – كان يخالف في ذلك الرأي السائد في عصره للعلماء والحكام ( القضاة ) والمفتين ... ولم يحتجَّ عليه واحدٌ منهم : بأن حكم الحاكم يرفع الخلاف ، فلا تتحدث في هذه المسألة .
/// سادسا: ذكرتم مسألة التقليد في القبلة، وهي منمسائل العبادات ولا يدخلها التنظيم، ولا القضاء.
سبق الإشارة إلى مثل هذه المسألة .
/// سابعا: ذكرتم قول الإمامابن تيمية رحمه الله: ليس له منع الناس من مثل ذلك ولا من نظائره مما يسوغ فيهالاجتهاد.
وسؤالي: هل توصلتم إلى معيار دقيق يبين ما يسوغ فيه الاجتهاد مما لايسوغ.
ليس عندي ضابط محدد في ذلك .
/// ثامنا: ذكرتم آية:"اتخذوا أحبارهم أرباباً من دون الله " وصوابها: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله.
جزاك الله خيراً ، وبارك فيك ، ونفع بك .
/// تاسعا: ولعل – ولا أستطيعالجزم بذلك الآن – هذا هو اختيار الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – حيث قال في مجموعالفتاوى ( 19 / 41 ) في مسألة الرؤية هل تلزم جميع البلاد أم لا ؟
أجاب - رحمهالله - : ولكن إذا كان البلد تحت حكمٍ واحدٍ ، وأمر حاكم البلاد بالصوم ، أو الفطروجب امتثال أمره ؛ لأن المسألة خلافية ، وحكم الحاكم يرفع الخلاف.
والذي يظهرأنه لا يمكن أن يحمل كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله على جميع مسائل العبادات،ولكن لأن الرؤية تثبت أمام القاضي، فإن لها شبه بأبواب المعاملات.
وفقك الله
ويحتمل عندي أنَّ هذا القول من الشيخ – رحمه الله – تأييد للقول الأول ، والموضوع يحتاج إلى دراسة أوسع .
/// عاشرا: أسأل الله أن يجزيك خيرا على ما كتبت، وأن يجعلنا وإياك من يتبعون القول فيتبعونأحسنه.
آمين .
وأنت كذلك جزاك الله خيراً على مناقشتك ، وإثراءك للموضوع ، ومثل هذه المسائل العويصة الشائكة لا تتحرر إلا بالنقاش والإيراد وجمع الأقوال ...