-
منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
بطاقة الكتاب وفهرس الموضوعات
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/92.jpg
الكتاب: منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي
(المتوفى: 728هـ)
المحقق: محمد رشاد سالم
الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م
عدد المجلدات: 9 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بحواشي المحقق] تعريف بالمؤلف
ابن تيمِيَّة، تقي الدين (661 - 728 هـ، 1263 - 1328 م). تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي. • شيخ الإسلام في زمانه وأبرز علمائه، فقيه أصولي ومفتي الدين الحصيف وصاحب الآثار الكبرى في علوم الدين والفكر الإسلامي. ولد بحرَّان بتركيا، ورحل إلى دمشق مع أسرته هربًا من غزو التتار. وتلقى العلم على والده وعلى مشايخ دمشق وظهرت عليه علامات النجابة منذ نعومة أظفاره، فكان قوي الذاكرة سريع الحفظ. نهل من منهج النبوة، حتى آلت إليه الإمامة في العلم والعمل سنة 720 هـ. • كان من أشد مفكري الإسلام نقدا للفلسفة وعلم الكلام، ودعا إلى وضع العقل بعد النقل وليس قبله. وقد صنف كتاباً ضخماً سماه درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول رد فيه على شطحات الفلاسفة، وفند فيه دعاوى أهل الفرق الضالة حسب رأيه واجتهاده، ودافع فيه عن المنطق الفطري، وهو المنطق السليم، منطق القرآن الكريم. وفي كتابه الرد على المنطقيين حمل على دعوى أتباع أرسطو من المنطقيين الذين ذهبوا إلى أن المفاهيم التي ليست بديهية لاتدرك إلا بالحد (الدليل) بحجة أنها لما كانت غير بديهية كان لابد لها من دليل، وإلا كانت دعوتهم باطلة، وبيَّن ابن تيمية أن تحديد المفاهيم تكتنفه الصعاب، وحتى من دافع عن المنطق من أهل الفلسفة وعلم الكلام، اضطر إلى التسليم بصعوبة تحديد الجنس أو الفصل الخاص، الذي يقوم عليه التعريف، ونسبه ابن تيمية إلى اختلاف الناس في سرعة إدراك الحد الأوسط في القياس مثل حيوان يمشي على أربع، والكلب حيوان، الكلب يمشي على أربع، فالحد الأوسط هنا وهو الكلب حيوان لا يحتاج إليه الذكي، ولا يستفيد منه الغبي. والنتيجة تحصيل حاصل. وانتقد كذلك نظريات البرهان عند أرسطو باعتبار أن البرهان يتناول الكلّيات الذهنية، في حين أن الكائنات موجودات جزئية، ولذلك فالبرهان لايؤدي إلى معرفة إيجابيته بالكائنات بشكل عام وبالله بشكل خاص. • ذهب ابن تيمية إلى مصر فسُجن بها، ورجع إلى دمشق، وجاهد ضد التتار وحبسه السلطان لفتواه عن طلاق الثلاث، وتحرش به علماء دمشق عند السلطات ليوقعوا به، فَحُبِس ثانية في قلعة دمشق ومات فيها. وخرجت البلدة على بكرة أبيها تشيع جنازته. • كان ابن تيمية صالحاً مصلحاً، داعيا إلى الإصلاح والعودة إلى القرآن والسنة، وكان ذا باع طويل في اللغة العربية وعلومها، وفي مختلف العلوم. تربو مصنفاته على ثلاثمائة مجلد في علوم الإسلام المختلفة من أهمها: اقتضاء الصراط المستقيم في الرد على أهل الجحيم؛ السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية؛ الصارم المسلول على شاتم الرسول؛ الواسطة بين الخلق والحق؛ العقيدة التدمرية؛ الكلام على حقيقة الإسلام والإيمان؛ العقيدة الواسطية؛ بيان الفرقان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن؛ تفسير سورة البقرة؛ درء تعارض العقل والنقل؛ منهاج السنة النبوية؛ مجموعة الفتاوى. • خالف بعضُ الأئمة والعلماء بعضَ آراء ابن تيمية وفتاويه وردوا عليه. ومن هؤلاء العلماء: صفي الدين الهندي وتقي الدين السبكي وشمس الدين الذهبي وابن حجر العسقلاني والعز بن جماعة وبدر الدين محمد بن إبرهيم بن جماعة وغيرهم. نقلا عن الموسوعة العربية العالمية
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (2)
صـ 3إلى صـ 6
[مقدمة المؤلف]
[خطبة الكتاب]
بسم الله الرحمن الرحيم
[وبه نستعين] (1)
قال الشيخ الإمام العالم، الحبر الكامل، الأوحد العلامة الحافظ، الخاشع القانت، إمام الأئمة، ورباني الأمة، شيخ الإسلام، بقية الأعلام، تقي الدين، خاتمة المجتهدين، (2) أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الحراني، قدس الله روحه، ونور ضريحه (3) .الحمد لله الذي بعث النبيين مبشرين، ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم، فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه (4) ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كما شهد هو سبحانه وتعالى (5) : {أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} [سورة آل عمران: 18] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي [ختم به أنبياءه، وهدى به أولياءه] (6) ، ونعته (7) بقوله في القرآن الكريم: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم - فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} [سورة التوبة: 128 - 129] صلى الله عليه [وعلى آله (8) أفضل صلاة، وأفضل (9) . تسليم] (10) .
[سبب تأليف ابن تيمية للكتاب]
أما بعد، فإنه قد (11) أحضر إلي طائفة من أهل السنة والجماعة كتابا صنفه بعض [شيوخ الرافضة في عصرنا منفقا] (12) لهذه البضاعة، يدعو به (13) إلى مذهب الرافضة الإمامية، من أمكنه دعوته من ولاة الأمور، [وغيرهم أهل الجاهلية، ممن قلت معرفتهم] (14) بالعلم والدين، ولم يعرفوا أصل دين المسلمين، وأعانه على ذلك من عادتهم إعانة [الرافضة من المتظاهرين بالإسلام، من] (15) أصناف الباطنية الملحدين (16) الذين هم في الباطن من الصابئة (17) الفلاسفة الخارجين عن حقيقة [متابعة (18) المرسلين الذين لا يوجبون اتباع] (19) دين الإسلام (20) ، ولا يحرمون [اتباع] ما سواه (21) من الأديان، بل يجعلون الملل بمنزلة المذاهب، والسياسات [التي يسوغ اتباعها، وأن النبوة] نوع من السياسة العادلة التي وضعت لمصلحة العامة في الدنيا.فإن هذا الصنف يكثرون ويظهرون [إذا كثرت الجاهلية، وأهلها] ، ولم يكن هناك من أهل العلم بالنبوة، والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة (22) الضلال، [ويكشف ما في خلافها من الإفك] ، والشرك، والمحال.وهؤلاء لا يكذبون بالنبوة تكذيبا مطلقا، بل هم يؤمنون ببعض أحوالها، ويكفرون [ببعض الأحوال (23) ، وهم متفاوتون فيما] يؤمنون به، ويكفرون به من تلك الخلال، فلهذا يلتبس أمرهم بسبب تعظيمهم للنبوات على كثير من أهل (24) [الجهالات.
(1) وبه نستعين: زيادة في (م) ، (أ) ، وفي (ن) : وبالله التوفيق.
(2) أ، ل: بقية المجتهدين.
(3) م، ن: قال الشيخ الإمام العالم العلامة الرباني، وحيد عصره، وفريد دهره، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني رضي الله عنه، وتغمده برحمته، وأسكنه بحبوحة جنته، آمين. ولم تظهر بعض هذه الكلمات في مصورة (ن) .
(4) بإذنه: ساقطة من (أ) فقط.
(5) وتعالى: ليست في (م) ، (ل) . وفي (ن) : لا شريك له، كما قال: (شهد الله أنه لا إله. . إلخ) .
(6) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(7) أ، ب، ل: وبعثه.
(8) وعلى آله: زيادة في (م) فقط.
(9) ب: وأكمل.
(10) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(11) قد: زيادة في (م) ، (ن) .
(12) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(13) ن (فقط) : بدعوته.
(14) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(15) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(16) الباطنية هم الذين جعلوا لكل ظاهر من الكتاب باطنا، ولكل تنزيل تأويلا، ويذكر الشهرستاني (الملل والنحل 1/172) أن " الباطنية القديمة " كانت تخلط كلامها ببعض كلام الفلاسفة. أما الباطنية على زمانه فقد جعلهم هم والإسماعيلية الغلاة فرقة واحدة، وذكر أنهم يسمون في العراق بالباطنية والقرامطة والمزدكية، وفي خراسان بالتعليمية والملحدة، وأضاف محمد بن الحسن الديلمي في كتابه " قواعد عقائد آل محمد " (القاهرة سنة 1950) ص 34، الألقاب التالية: السبعية، والخرمية، والبابكية، والمحمرة، والمباركية، والإباحية، والزنادقة، والخرمدينية، ونقل ابن طاهر البغدادي (الفرق بين الفرق، ص 196) عن أصحاب المقالات قولهم بأن الذين أسسوا دعوة الباطنية جماعة منهم ميمون بن ديصان المعروف بالقداح، ومحمد بن الحسين الملقب بدندان.
وانظر أيضا: الملل والنحل 1/170 - 178؛ الفرق بين الفرق، ص 169 - 188؛ مقالة كارادي فوفي دائرة المعارف الإسلامية، مادة: الباطنية؛ كتاب " الصراع بين الموالي والعرب " تأليف الدكتور محمد بديع شريف، ص 57 - 65، القاهرة، 1954.
(17) قال الرازي عن " الصابئة " (اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص [0 - 9] 0) : " قوم يقولون: إن مدبر هذا العالم وخالقه هذه الكواكب السبعة والنجوم، فهم عبدة الكواكب ". وأما الشهرستاني (الملل والنحل 1/210 - 211) فيذكر أن الفرق كانت في زمان إبراهيم - عليه السلام - ترجع إلى صنفين اثنين: الصابئة، والحنفاء، وقال الصابئة بالحاجة إلى وجود " متوسط " روحاني، وجعل بعضهم هذا " المتوسط " من الكواكب وبعضهم جعلوه من الأصنام. وابن تيمية كثيرا ما يصف الفلاسفة بأنهم من الصابئة المشركين وهو يذكر بأن الفارابي قدم حران - التي كانت مركزا للصابئة المشركين - في القرن الرابع الهجري وتعلم منهم وأخذ عنهم الفلسفة، وكذلك فعل ثابت بن قرة الحراني وغيره قبل الفارابي. ويفرق ابن تيمية بين هؤلاء الصابئة المشركين الذين يذكرهم الله تعالى في كتابه [سورة الحج: 17] وبين الصابئة الموحدين الذين يثني الله عليهم [سورة البقرة: 62] . انظر تفصيل ذلك وغيره في الرد على المنطقيين، ص [0 - 9] 87 - 290، 454 - 458؛ منهاج السنة (بولاق 1/197) ؛ مجموعة الرسائل والمسائل 4/37، 38.؛ مجموعة رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية 58، 74، 93، 94، 97 - 99. ويسمي ابن تيمية المعتزلة وغيرهم من النفاة بالصابئة المعطلة، انظر مثلا مجموعة الرسائل والمسائل 1/183.
(18) م: اتباع.
(19) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) . وسأكتفي فيما يلي بوضع المعقوفتين بدون الإشارة إلى وجود البياض في (ن) إن شاء الله.
(20) ن، م: دين المسلمين.
(21) ن، م: ولا يحرمون ما سواه.
(22) ن، م: لظلم.
(23) الأحوال: ساقطة من (م) .
(24) أهل: ساقطة من (أ) ، (ل) .
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/94.jpg
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (3)
صـ 7إلى صـ 13
والرافضة، والجهمية] (1) هم الباب لهؤلاء الملحدين، منهم يدخلون إلى سائر أصناف الإلحاد في أسماء الله، وآيات [كتابه المبين، كما قرر ذلك] رءوس [الملحدة من] القرامطة (2) الباطنية (3) ، وغيرهم من المنافقين.وذكر من أحضر هذا الكتاب أنه من [أعظم الأسباب في تقرير مذاهبهم] عند من مال إليهم من الملوك، وغيرهم، وقد صنفه (4) للملك المعروف الذي سماه فيه (5) [خدابنده (6) ، وطلبوا مني بيان ما في هذا]
(1) الجهمية هم المنتسبون إلى جهم بن صفوان أبي محرز مولى بني راسب، وهو من أهل خراسان، وقد تتلمذ على الجعد بن درهم، كما اتصل بمقاتل بن سليمان من المرجئة. وكان الجهم كاتبا للحارث بن سريج من زعماء خراسان، وخرج معه على الأمويين، فقتلا بمرو سنة 128 هـ.
والجهمية تطلق أحيانا بمعنى عام ويقصد بها نفاة الصفات عامة، وتطلق أحيانا بمعنى خاص ويقصد بها متابعو الجهم بن صفوان في آرائه وأهمها نفي الصفات والقول بالجبر والقول بفناء الجنة والنار. انظر مقالات الأشعري 1/197 - 198، 224، 312؛ الملل والنحل 1/79 - 81؛ الفرق بين الفرق 128 - 129؛ التبصير في الدين 63 - 64. وانظر أيضا ما ذكره ابن تيمية عن الجهمية في " التسعينية " ضمن الفتاوى 5/31 - 35، القاهرة 1329.
(2) القرامطة من الباطنية هم الذين ينتسبون إلى حمدان بن الأشعث الذي كان يلقب بقرمط وقد تتلمذ على حسين الأهوازي رسول عبيد الله بن ميمون القداح، ثم اتخذ لنفسه مقرا قرب الكوفة سماه " دار الهجرة " وأخذ هو وأتباعه يشنون منه الغارات على المسلمين، وقد انتشرت دعوته في أنحاء كثيرة في العالم الإسلامي وكانت سببا في كثير من القلاقل والحروب. وذكر ابن طاهر البغدادي (الفرق بين الفرق، ص 177) أن حمدان قرمط كان من الصابئة الحرانية. انظر أيضا: هيوار في دائرة المعارف الإسلامية، مادة: حمدان قرمط؛ آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 2/45 - 49، القاهرة، 1948؛ الفرق بين الفرق 169 - 172؛ مقالات الأشعري 1/98.
(3) م: الباطنة.
(4) أ: صنعه.
(5) فيه: زيادة في (م) ، (ن) .
(6) خدابنده: كذا في (ب) . وفي سائر النسخ: خذابنده.
****************************** *
الكتاب من الضلال، وباطل الخطاب، لما في ذلك من نصر عباد الله المؤمنين، وبيان [بطلان أقوال المفترين الملحدين] .فأخبرتهم أن هذا الكتاب، وإن كان من أعلى (1) ما يقولونه في باب الحجة والدليل، فالقوم [من أضل الناس عن سواء السبيل، فإن] الأدلة إما نقلية، وإما عقلية، والقوم من أضل الناس في المنقول، والمعقول في المذاهب [والتقرير، وهم من أشبه (2) الناس بمن] قال الله فيهم: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} [سورة الملك: 10] ، [والقوم (3) من أكذب الناس في النقليات، ومن أجهل (4) ] الناس في العقليات، يصدقون من المنقول بما يعلم العلماء بالاضطرار (5) أنه من [الأباطيل، ويكذبون بالمعلوم من الاضطرار (6) ] المتواتر أعظم تواتر في الأمة جيلا بعد جيل، ولا يميزون في نقلة العلم، ورواة [الأحاديث (7) ] ، والأخبار (8) [بين المعروف بالكذب، أو] الغلط، أو الجهل (9) بما ينقل، وبين العدل الحافظ الضابط المعروف بالعلم بالآثار (10) .
(1) من أعلى: ساقطة من (ل) .
(2) م: ومن أشبه.
(3) أ، ب، ل: وهم.
(4) م: وأجهل.
(5) م: من الاضطرار.
(6) م: بالاضطرار.
(7) الأحاديث: زيادة في (م) .
(8) والاخبار: كذا في (م) وفي سائر النسخ: الأخبار.
(9) م، ن: والجهل.
(10) بالآثار: كذا في (م) . وفي يسار النسخ: والآثار.
****************************** ***
[وعمدتهم في نفس الأمر على التقليد] ، وإن ظنوا إقامته بالبرهانيات، فتارة يتبعون المعتزلة، والقدرية (1) ، وتارة يتبعون المجسمة (2) ، [والجبرية (3) ، وهم من أجهل هذه الطوائف] بالنظريات، ولهذا كانوا عند عامة أهل العلم والدين من أجهل الطوائف الداخلين في المسلمين.
(1) القدرية هم الذين كانوا يخوضون في القدر ويذهبون إلى إنكاره. وأول القدرية هو - على الأرجح - معبد الجهني المقتول سنة 80 هـ. (انظر شرح مسلم للنووي 1/150 - 151) وتبعه على ذلك غيلان بن مسلم الدمشقي المقتول في عهد عبد الملك بن مروان. انظر الفرق بين الفرق 70؛ " المعتزلة " تأليف زهدي جار الله (القاهرة، 1947) ص [0 - 9]- 7.
وقد ذكر الأشعري في مقالاته اختلاف الرافضة في أصول الدين وبين أن بعضهم كانوا يتابعون المعتزلة والقدرية. انظر المقالات 1/105، 110، 114، 115، (ونقل ابن تيمية بعض كلامه فيما يلي من هذا الكتاب: بولاق 1/214) . وانظر أيضا ضحى الإسلام لأحمد أمين 3/267 - 268، القاهرة، 1949.
(2) المجسمة هم القائلون بأن الله جسم من الأجسام، وقد أورد الأشعري (المقالات 1/102 - 105) آراء خمس فرق من الشيعة الأوائل وكلها تذهب إلى التجسيم مثل قول هشام بن الحكم بأن الله تعالى جسم " طوله مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه " ثم قال الأشعري (1/105) " وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج، فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون ما حكينا عنهم من التشبيه ". وقد نقل ابن تيمية في كتابنا هذا (بولاق 1/203) كلام الأشعري في هذا الصدد، وانظر ما ذكره أيضا عن المجسمة (1/238 - 240) . وانظر أيضا دائرة المعارف الإسلامية، مادة " جسم "، 6/460 - 461، ومادة " التشبيه ": 5/257 - 258.
(3) م: الجبرية والمجسمة. والجبرية هم الذين لا يثبتون للعبد فعلا، ولا قدرة على الفعل أصلا، بل يضيفون الفعل إلى الله تعالى. ولا توجد - فيما نعلم - فرق تنفرد بالقول بالجبر، بل أكثر الجبرية يقولون به مع قولهم بأمور أخرى مثل الجهمية والنجارية والضرارية الذين جمعوا بين الجبر ونفي الصفات. انظر الملل والنحل 1/79 - 83؛ الفرق بين الفرق 126 - 130؛ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين 68 - 69.
ولم أجد فيما بين يدي من المراجع ما يدل على متابعة الشيعة للجبرية، وانظر في ذلك المقالات 1/110 - 112؛ الملل والنحل 1/146 - 147، 154.
****************************** ***
[ومنهم من أدخل على الدين] من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد، فملاحدة الإسماعيلية (1) ، والنصيرية (2) ، وغيرهم من [الباطنية
(1) انقسمت الشيعة الإمامية بعد وفاة جعفر الصادق حوالي سنة 147 هـ إلى عدة فرق أهمها الموسوية والإسماعيلية، قالت الأولى منهما بإمامة موسى الكاظم بن جعفر الصادق وهم الموسوية، وقالت الثانية منهما بإمامة إسماعيل بن جعفر وهم الإسماعيلية. وانقسمت الإسماعيلية بدورها إلى فرقتين، قالت الأولى منهما: إن إسماعيل لم يمت بل أظهر الموت تقية (والقرامطة عند الأشعري من هؤلاء) ، وقالت الفرقة الثانية: بل مات والإمام بعده محمد بن إسماعيل وهؤلاء هم المباركية. ثم انقسموا بعد ذلك إلى من وقف على محمد بن إسماعيل وقال برجعته بعد غيبته، وإلى من ساق الإمامة في " المستورين " منهم ثم في " الظاهرين القائمين " وهؤلاء هم الإسماعيلية الباطنية. انظر المقالات 1/98 - 99، 100 - 101؛ الملل والنحل 1/149، 170 - 178. وانظر أيضا كتاب الدكتور محمد كامل حسين: طائفة الإسماعيلية، القاهرة، 1959؛ هيوار: مقالة عن الإسماعيلية، دائرة المعارف الإسلامية؛ جولد تسيهر: العقيدة والشريعة، ص 212 - 220 (الطبعة الأولى) ؛ محمد بن الحسن الديلمي: كتاب قواعد عقائد آل محمد الباطنية، شتروتمان: مقالة السبعية، دائرة المعارف الإسلامية. Donaldson shi، ite religion pp. 153، 357 - 358، luzac. London 1993.
(2) النصيرية فرقة من غلاة الشيعة قالوا بظهور " الحق " بصورة علي والأئمة ولذلك أطلقوا عليهم اسم الإلهية. يقول الشهرستاني (الملل والنحل 1/168 - 169) على لسانهم " وإنما أثبتنا هذا الاختصاص لعلي - رضي الله عنه - دون غيره، لأنه كان مخصوصا بتأييد إلهي من عند الله تعالى فيما يتعلق بباطن الأسرار. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنا أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ". ويذكر جولد تسيهر (العقيدة والشريعة، ص [0 - 9] 84 - 185) أن النصيرية جعلوا محمدا في منزلة أقل شأنا من علي وزعموا أنه كان حجابا له، وفي موضع آخر (ص 220 - 221) يقول جولدتسيهر إن النصيرية يسكنون الإقليم الواقع بين طرابلس وأنطاكية وأن مذهبهم الأصلي هو اثنا عشري ولكن غلبت عليه الأفكار والعقائد الوثنية القائلة بتأليه علي والأئمة. أما Donaldson فيذهب في كتابه سالف الذكر (ص 153) إلى أن النصيرية يمكن - إلى حد ما - إرجاع أصلهم إلى السبعية. ولابن تيمية رسالة في الرد على النصيرية ضمن مجموع رسائل (المطبعة الحسينية، القاهرة، 1323) ، ص 94 - 102، وانظر ما سيرد عنهم في كتابنا هذا، 1/240 بولاق.
************************
المنافقين من بابهم (1) دخلوا] ، وأعداء المسلمين من المشركين، وأهل الكتاب بطريقهم وصلوا، واستولوا بهم على بلاد [الإسلام، وسبوا الحريم، وأخذوا] الأموال، وسفكوا الدم الحرام، وجرى على الأمة بمعاونتهم من فساد الدين والدنيا (2) [ما لا يعلمه إلا رب العالمين] .إذ كان أصل المذهب من إحداث الزنادقة المنافقين الذين عاقبهم في حياته علي أمير المؤمنين [رضي الله عنه] (3) ، فحرق منهم طائفة (4) بالنار، وطلب قتل بعضهم، [ففروا] من سيفه البتار، وتوعد بالجلد (5) طائفة مفترية (6) فيما عرف (7) عنه من الأخبار، (8) [إذ قد تواتر عنه من الوجوه الكثيرة] (8) (8) أنه قال على منبر الكوفة، وقد أسمع من حضر: خير [هذه] (9)
(1) أ، ل: المنافقين بأنهم. .، وهو تحريف.
(2) أ، ل، ب: الدنيا والدين.
(3) رضي الله عنه: ليست في (ن) ، (م) .
(4) م: طائفة منهم.
(5) أ، ل: بالخلد، وهو تحريف ظاهر.
(6) مفترية: كذا في (ن) ، (م) ، (ل) ، وفي (أ) ، (ب) : مغيرية. والمغيرية هم أصحاب المغيرة بن سعيد البجلي وسيأتي الكلام عنه فيما بعد. وقد رجحت قراءة مفترية لاتفاقها مع سياق الكلام. وقد روى ابن الجوزي في " تلبيس إبليس "، (ص 101، الطبعة الثانية بالمطبعة المنيرية، القاهرة، 1368) من كلمة لعلي - رضي الله عنه - قوله: ألا فمن أوتيت به يقول بعد هذا اليوم (كذا ولعل صوابها: هذا بعد اليوم. والمقصود هنا القول الذي يتضمن الطعن على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -) فإن عليه ما على المفتري. وسيذكر ابن تيمية فيما يلي (1/84 بولاق) هذه القصة، ولكنه يطلق عليهم اسم " المفضلة " أي الذين يفضلون عليا على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهم أجمعين -
(7) ن، م: تواتر.
(8) (8 - 8) ساقط من (ن) ، (م) ومكانها بياض.
(9) هذه: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** ***********
الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، وبذلك أجاب ابنه (1) [محمد ابن الحنفية] (2) فيما رواه البخاري في صحيحه (3) ، وغيره من علماء الملة الحنيفية.
(1) ن، م، أ، ل: لابنه.
(2) هو أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب، ويعرف بابن الحنفية نسبة إلى أمه، وقد توفي على الأرجح سنة 81 هـ. انظر ترجمته في ابن خلكان 3/310 - 313؛ شذرات الذهب 1/88 - 90. والفرقة المختارية (أصحاب المختار بن أبي عبيد الثقفي) وهي واحدة من فروع الفرقة الكيسانية كانت تعتقد بإمامته. ويذكر الشهرستاني (الملل والنحل 1/132 - 133) أن ابن الحنفية تبرأ من المختار لما وقف على مزاعمه. وانظر أيضا مقالات الأشعري 1/90 - 91.
(3) الأثر في: البخاري 5/7 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب حدثنا الحميدي ومحمد بن عبد الله) ونصه. . عن محمد ابن الحنفية قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول: عثمان. قلت: ثم أنت. قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين. وهذا الأثر مع اختلاف يسير في الألفاظ - في: سنن أبي داود 4/288 (كتاب السنة، باب في التفضيل) . وفي سنن ابن ماجه 1/39 (المقدمة، فضل عمر) . . عن عبد الله بن سلمة قال: سمعت عليا يقول: خير الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وخير الناس بعد أبي بكر عمر. وورد الأثر في مسند أحمد في الجزء الثاني (ط. المعارف) بألفاظ متقاربة 24 مرة كالآتي: عن أبي جحيفة (الأحاديث رقم 833، 835 - 837، 871، 878 - 880، 1054) وعن عبد خير الهمداني (الأرقام 908، 909، 922، 932 - 934، 1030، 1031، 1040، 1052، 1060) . وعن عبد خير عن أبيه (926، 932) وعن وهب السوائي (834) . وعن علقمة بن قيس (1051) وقد صحح الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - سند جميع هذه الآثار ما عدا سند الآثار 922، 1030 فقد حسنهما، 1052 فقد ضعفه. وذكر السيوطي في الجامع الكبير 1/518 حديثين الأول هو: " خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر " ثم قال: " كر = ابن عساكر في تاريخه عن علي وقال: المحفوظ موقوف " والثاني هو: " خير أمتي بعدي أبو بكر وعمر " ثم قال: " كر = ابن عساكر في تاريخه عن علي والزبير معا، ك = الحاكم في تاريخه عن أبي هريرة " وجاء الحديث الثاني في الجامع الصغير 2/10 (ط. مصطفى الحلبي، 1358 1939) ولم. يذكر أن الحديث عن الحاكم، وحسن السيوطي هذا الحديث، ولكن الألباني ضعفه في " ضعيف الجامع الصغير 3/137 ".
****************************
ولهذا كانت الشيعة المتقدمون الذين صحبوا عليا، [أو كانوا (1) في ذلك الزمان] لم يتنازعوا في تفضيل أبي بكر، وعمر، وإنما كان نزاعهم في [تفضيل] (2) علي، وعثمان، وهذا مما يعترف به (3) [علماء الشيعة الأكابر من] الأوائل، والأواخر حتى ذكر مثل ذلك (4) أبو القاسم البلخي (5) . قال: سأل سائل شريك بن عبد الله بن [أبي] نمر (6) ، [فقال له: (7) أيهما أفضل أبو بكر، أو علي؟ فقال له] : أبو بكر، فقال له السائل: أتقول هذا، وأنت من الشيعة؟ (8) فقال: نعم إنما الشيعي [من قال مثل هذا (9) ، والله لقد] رقى علي (10) هذا الأعواد، فقال: ألا إن خير (11) هذه الأمة
(1) م: وكانوا.
(2) تفضيل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن: مما يعرفه، م: مما تعرفه.
(4) أ، ل: ذكر ذلك مثل.
(5) هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي صاحب " المقالات ". ورأس فرقة الكعبية من فرق المعتزلة، وقد توفي سنة 319، وقيل سنة 317. انظر ابن خلكان 2/248 - 249؛ الفرق بين الفرق، ص 108 - 110؛ الملل والنحل 1/73
(6) ن، م: شريك بن عبد الله بن نمر؛ أ: لشريك بن عبد الله. والصواب ما أثبتناه. ويذكر ابن تيمية هذه الرواية فيما بعد (1/168 بولاق) . وشريك بن عبد الله بن أبي نمر القرشي أبو عبد الله المدني، توفي سنة 140 هـ. ترجمته في: تهذيب التهذيب 4/337 - 338؛ خلاصة تهذيب الكمال للخزرجي، ص 140.
(7) م: نمر أنه قال له قائل.
(8) أ، ل، ب: تقول هذا وأنت شيعي.
(9) أ، ل، ب: فقال له: نعم، من لم يقل هذا فليس بشيعي (في " ب " فليس شيعيا) .
(10) علي: ساقطة من " أ "، " ل "، " ب ".
(11) م: فقال ألا خير؛ ل: فقال: إن خير.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/94.jpg
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (4)
صـ 7إلى صـ 13
بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، أفكنا (1) نرد [قوله؟ أكنا (2) نكذبه؟ والله ما كان] كذابا! ذكر هذا [أبو القاسم] البلخي. (3) في النقض على ابن الراوندي (4) اعتراضه (5) على الجاحظ (6) . نقله عنه القاضي [عبد الجبار الهمداني
(1) أفكنا: كذا في (ن) ، (ل) . وفي (م) ، (أ) : فكنا. وفي (ب) : فكيف.
(2) أ: لكنا؛ ب: وكيف.
(3) ن، م: ذكر هذا البلخي؛ أ، ل، ب: نقل هذا عبد الجبار الهمداني في كتاب " تثبيت النبوة " قال ذكره أبو القاسم البلخي.
(4) هو أبو الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي المتوفى سنة 298 وقيل: 245. كان من أئمة المعتزلة ثم فارقهم وهاجم مذهبهم وصار ملحدا زنديقا، وقد عده الشهرستاني (الملل والنحل 1/170) والأشعري (المقالات 1/127) من مؤلفي كتب الشيعة. وذكر الأشعري (المقالات 1/205) أنه كان يقول بقول أصحاب بشر المريسي في الإرجاء. وقد تكلم عنه الخوانساري في " روضات الجنات " (ص 54) بالتفصيل وذكر ما قيل من أن ابن الراوندي كان يهوديا ثم أسلم منتصبا قائلا بإمامة العباس بن عبد المطلب ومن أنه كان يرمى عند الجمهور بالزندقة والإلحاد وقد أورد ابن تيمية فيما بعد (1/136) ما ذكره ابن حزم (الفصل 4/154) عن الراوندية القائلين بإمامة العباس بن عبد المطلب (نسبهم الرازي في " اعتقادات فرق المسلمين والمشركين "، ص [0 - 9] 3، إلى أبي هريرة الراوندي، وانظر مقالات الأشعري 1/94) ويقول الخوانساري باحتمال كون ابن الراوندي الملحد غير ابن الراوندي الشيعي، والأمر كما نرى في حاجة إلى مزيد من التحقيق. وقد ألف " ابن الراوندي " كتبا عدة منها كتاب " الإمامة " وكتاب " فضيحة المعتزلة " الذي كتبه معترضا به على كتاب الجاحظ " فضيلة المعتزلة " فرد عليه من المعتزلة الخياط في كتابه " الانتصار " والبلخي في الكتاب الذي يشير إليه ابن تيمية. وانظر أيضا عن " ابن الراوندي ": ابن خلكان 1/78 - 79؛ تكملة الفهرست لابن النديم 4 - 5؛ مقدمة الدكتور نيبرج لكتاب " الانتصار " للخياط، القاهرة 1925؛ الأعلام 1/252 - 253.
(5) أ، ل، ب: على اعتراضه.
(6) الجاحظ (أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني الليثي المتوفى سنة 250 وقيل: 255) من أئمة المعتزلة وهو رأس فرقة الجاحظية المنسوبة إليه، ومن أشهر كتبه كتاب " فضيلة المعتزلة " الذي أشرنا إليه في التعليق السابق. انظر وفيات الأعيان 3/140 - 144؛ شذرات الذهب 2/121 - 122؛ ياقوت: معجم الأدباء (ط. رفاعي) 16 - 114؛ الملل والنحل 1/71 - 72؛ الفرق بين الفرق ص 105 - 107
****************************** ******
في كتاب] (تثبيت النبوة) (1) .
[تحريم كتمان العلم]
[ (فصل (2) .) ]
.فلما ألحوا في طلب الرد لهذا الضلال المبين، ذاكرين أن في الإعراض [عن ذلك خذلانا للمؤمنين] ، وظن (3) أهل الطغيان نوعا من العجز [عن] (4) رد هذا البهتان، فكتبت ما يسره الله من البيان، [وفاء بما أخذه الله من] الميثاق على أهل العلم، والإيمان، وقياما بالقسط، وشهادة
(1) في (أ) ، (ب) ، (ل) : نقل هذا. إلخ، كتبت العبارة مقلوبة ومضطربة. والقاضي عبد الجبار هو القاضي عماد الدين أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد الهمداني الأسدابادي، شيخ المعتزلة في عصره، وهم يلقبونه " قاضي القضاة "، توفي سنة 415، وله مؤلفات كثيرة أهمها " المغني في العدل والتوحيد " و " شرح الأصول الخمسة " و " تثبيت دلائل النبوة " و " تنزيه القرآن عن المطاعن ". انظر ترجمته ومذهبه في: شرح العيون للجشمي (ضمن كتاب " فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة "، تحقيق الأستاذ فؤاد سيد، الدار التونسية للنشر، 1393 - 1974) ص 365 - 371؛ طبقات الشافعية 5/97 - 98؛ لسان الميزان 3/386 - 387؛ تاريخ بغداد 11/113 - 115؛ شذرات الذهب 3/202 - 203؛ الأعلام 4/47. وترجم له سزكين مجلد 1 ج [0 - 9] ص [0 - 9] 1 - 84 وذكر أنه توجد نسخة خطية من كتاب تثبيت دلائل النبوة في مكتبة شهيد علي (إستانبول) . وتوجد مصورة من هذه النسخة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة برقم 60 توحيد) . وقد ذكر هذا الخبر الذي يشير إليه ابن تيمية القاضي عبد الجبار في كتابه " تثبيت دلائل النبوة " 1/549 تحقيق د. عبد الكريم عثمان (رحمه الله) ، ط. دار العربية، بيروت، 1386/1966.
(2) فصل: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
(3) ن، م: فظن.
(4) عن: ساقطة من (ن) فقط.
****************************** *********
لله (1) ، كما قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا} [سورة النساء: 135] ، واللي (2) هو تغيير الشهادة، [والإعراض كتمانها.والله تعالى] قد أمر بالصدق، والبيان، ونهى عن الكذب، والكتمان فيما يحتاج [إلى معرفته، وإظهاره، كما قال: النبي] (3) - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: ( «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا، وبينا بورك [لهما في بيعهما، وإن كتما، وكذبا» (4) ] «محقت بركة بيعهما» (5) .) .وقال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} [سورة المائدة: 8] .
(1) ن، م: شهادة الله.
(2) أ: واللائي، وهو تحريف ظاهر.
(3) النبي: زيادة في (م) .
(4) م: وإن كذبا وكتما.
(5) الحديث عن حكيم بن حزام (رضي الله عنه) في مواضع عديدة في البخاري ومسلم. انظر مثلا البخاري 3/58 (كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما.) ، 3/64 (كتاب البيوع، باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا) ؛ مسلم 3/1164 (كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان) . والحديث عنه وعن غيره من الصحابة - رضوان الله عليهم - بمعناه في: سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومسند أحمد.
****************************** ******
ومن أعظم الشهادات ما جعل الله [أمة محمد (1) ] شهداء عليه حيث قال: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} [سورة البقرة: 143] .وقال تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس} [سورة الحج: 78] ، والمعنى [عند الجمهور أن الله سماهم] المسلمين من قبل نزول القرآن، وفي القرآن.وقال تعالى: {ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله} [سورة البقرة: 140] ، وقال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [سورة آل عمران: 187] ، وقال تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون - إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} [سورة البقرة: 159 - 160] ، لا سيما الكتمان إذا لعن [آخر هذه الأمة أولها، كما في الأثر: «إذا لعن] آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم [ما أنزل الله على محمد» (2) .
(1) م: محمد صلى الله عليه وسلم.
(2) م: ما أنزل على محمد. وفي سنن ابن ماجه 1/96 - 97. (المقدمة، باب من سئل عن علم فكتمه) عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله " وذكر المحقق: " في الزوائد في إسناده حسين بن أبي السري كذاب. وعبد الله بن السري، ضعيف. وفي الأطراف: أن عبد الله بن السري لم يدرك محمد بن المنكدر. وذكر أن بينهما وسائط ففيه انقطاع أيضا ".
*****************************
وذلك أن أول] هذه الأمة هم (1) الذين قاموا بالدين تصديقا، وعلما، وعملا، وتبليغا، فالطعن فيهم [طعن في الدين موجب للإعراض عما] بعث الله به (2) النبيين.وهذا كان مقصود أول من أظهر بدعة التشيع (3) ، فإنما كان قصده (4) [الصد عن سبيل الله، وإبطال ما جاءت] به الرسل عن الله، ولهذا كانوا يظهرون ذلك بحسب ضعف الملة، فظهر [في الملاحدة حقيقة هذه البدع المضلة] لكن راج كثير منها على من ليس من المنافقين الملحدين، لنوع من الشبهة، والجهالة [المخلوطة (5) بهوى، فقبل (6) معه الضلالة] ، وهذا أصل كل باطل.قال الله تعالى: (7) {والنجم إذا هوى - ما ضل صاحبكم وما غوى - وما ينطق عن الهوى - إن هو إلا وحي يوحى} [سورة النجم: 1 - 4] إلى قوله: {أفرأيتم اللات والعزى - ومناة الثالثة الأخرى - ألكم الذكر وله الأنثى - تلك إذا قسمة ضيزى - إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى} [سورة النجم: 19 - 23] ، فنزه الله رسوله عن الضلال، والغي، والضلال عدم العلم، والغي اتباع الهوى.
(1) هم: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) به: ساقطة من (م) .
(3) ن: الشيع.
(4) ن، م: مقصوده.
(5) م: المختلطة.
(6) م: تقبل.
(7) أ، ل، ب: قال تعالى.
****************************** **
كما قال تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} [سورة الأحزاب: 72] ، فالظلوم غاو، والجهول ضال إلا من تاب الله عليه، كما قال تعالى: {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما} [سورة الأحزاب: 73] (1) .ولهذا أمرنا الله أن نقول في صلاتنا: {اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ، [فالضال الذي لم يعرف الحق] كالنصارى، والمغضوب عليه (2) الغاوي الذي يعرف الحق، ويعمل بخلافه كاليهود.والصراط [المستقيم يتضمن معرفة الحق] والعمل به، كما في الدعاء المأثور: «اللهم أرني الحق حقا، ووفقني لاتباعه، وأرني الباطل [باطلا، ووفقني لاجتنابه، ولا تجعله] مشتبها علي، فأتبع الهوى» .وفي صحيح مسلم عن عائشة [رضي الله عنها (3) ] «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (4) كان إذا قام من الليل يصلي يقول: (اللهم رب جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» ) (5) ، فمن خرج
(1) ن، م: والمؤمنات. . الآية.
(2) ن، م: عليهم.
(3) رضي الله عنها: ساقطة من (ن) .
(4) م: عليه وآله وسلم.
(5) الحديث في مسلم 1/534 (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه) وأوله:. . حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة أم المؤمنين: بأي شيء كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: " اللهم رب جبرائيل. . الحديث ".
****************************** *
عن الصراط المستقيم كان متبعا لظنه، وما تهواه نفسه، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين.وهذا حال أهل البدع المخالفة للكتاب والسنة، فإنهم إن يتبعون إلا الظن، وما تهوى الأنفس، ففيهم جهل، وظلم، لا سيما الرافضة، فإنهم أعظم ذوي الأهواء جهلا وظلما يعادون خيار أولياء الله [تعالى] (1) من بعد النبيين، من السابقين الأولين من المهاجرين، والأنصار (2) ، والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم، ورضوا عنه، ويوالون الكفار، والمنافقين من اليهود، والنصارى، والمشركين، وأصناف الملحدين كالنصيرية، والإسماعيلية، وغيرهم من الضالين (3) ، فتجدهم، أو كثيرا منهم إذا اختصم خصمان في ربهم من المؤمنين، والكفار، واختلف الناس فيما جاءت به الأنبياء، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر - سواء كان الاختلاف بقول، أو عمل كالحروب التي بين المسلمين، وأهل الكتاب، والمشركين - تجدهم يعاونون المشركين، وأهل الكتاب على المسلمين أهل القرآن.كما قد جربه الناس منهم غير مرة في مثل إعانتهم للمشركين (4) من الترك، وغيرهم على أهل الإسلام بخراسان، والعراق، والجزيرة، والشام، وغير
(1) تعالى: ليست في (ن) ، (م) .
(2) ن: من السابقين والمهاجرين والأنصار.
(3) ن، م: الغالين.
(4) ن، م: المشركين.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/94.jpg
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (5)
صـ 21إلى صـ 28
وغير ذلك، وإعانتهم للنصارى (1) على المسلمين بالشام، ومصر، وغير ذلك في وقائع متعددة من أعظمها (2) الحوادث التي كانت في الإسلام في المائة الرابعة، والسابعة، فإنه (3) لما قدم كفار الترك إلى بلاد الإسلام، وقتل من المسلمين ما (4) لا يحصي عدده إلا رب الأنام كانوا من أعظم الناس عداوة للمسلمين، ومعاونة للكافرين (5) ، وهكذا معاونتهم لليهود أمر شهير (6) حتى جعلهم الناس لهم كالحمير.
[كلام عام عن الرافضة]
[مشابهة الرافضة لليهود والنصارى]
(فصل) .
وهذا المصنف سمى كتابه (منهاج الكرامة في معرفة الإمامة) (7) ، وهو خليق بأن يسمى (منهاج الندامة) ، كما أن من ادعى الطهارة، وهو من الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم، بل من أهل الجبت، [والطاغوت] ، والنفاق (8) كان وصفه بالنجاسة، والتكدير أولى من وصفه [بالتطهير] (9) .
(1) م: النصارى.
(2) أ، ل، ب: أعظم.
(3) ن: فإنهم.
(4) م: من.
(5) ن، م: للكفار.
(6) ن، م: اشتهر؛ أ: شهر.
(7) في هامش (م) أمام هذا الموضع: " مطلب في الرد على الرافضي، سمى كتابه منهاج الكرامة ".
(8) ن، م: من أهل الخبث والنفاق.
(9) ذكر الصفدي في ترجمته لابن تيمية (الوافي بالوفيات - نسخة خطية في مكتبة البودليان بأكسفورد، ج [0 - 9] 6 ص (21) ، أنه سمع ابن تيمية يقول: ابن المنجس، ويريد به ابن المطهر الحلي.
****************************** ******
ومن أعظم خبث القلوب أن يكون في قلب العبد غل لخيار (1) المؤمنين، [وسادات أولياء] الله بعد النبيين، ولهذا لم يجعل الله [تعالى] (2) في الفيء نصيبا لمن بعدهم إلا الذين يقولون: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} [سورة الحشر: 10] .ولهذا كان بينهم وبين اليهود من [المشابهة في الخبث] (3) ، واتباع الهوى، وغير ذلك من أخلاق اليهود، وبينهم وبين النصارى من المشابهة في الغلو، والجهل (4) ، وغير ذلك من أخلاق النصارى ما أشبهوا به هؤلاء من وجه، وهؤلاء من وجه، وما زال الناس يصفونهم بذلك.ومن أخبر [الناس بهم] الشعبي (5) وأمثاله من علماء الكوفة، وقد ثبت عن الشعبي أنه قال: (ما رأيت أحمق من الخشبية (6) لو كانوا من الطير لكانوا رخما (7) ، ولو كانوا من البهائم لكانوا حمرا، والله لو طلبت منهم أن
(1) م: على خيار، وهو تحريف.
(2) تعالى: ليست في (ن) ، (م) ، (ل) .
(3) في الخبث: زيادة في (م) ، (ل) وظهر جزء من الكلمة في (ن) .
(4) أ، ب، ل: والجهل واتباع الهوى.
(5) هو أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي، كوفي تابعي جليل القدر وافر العلم، توفي سنة 104. ترجمته في: وفيات الأعيان 2/227 - 229؛ شذرات الذهب 1/126 - 128.
(6) أ، ل: الحبشية، وهو تحريف. والخشبية نسبة إلى الخشب، وذلك لأنهم كانوا يرفضون القتال بالسيف ويقاتلون بالخشب كما سيرد بعد قليل (ص 22) . وذكر ابن حزم (الفصل 5/45) أن بعض الشيعة كانوا " لا يستحلون حمل السلاح حتى يخرج الذي ينتظرونه فهم يقتلون الناس بالخنق وبالحجارة، والخشبية بالخشب فقط ".
(7) الرخم نوع من الطير، واحدته رخمة، يوصف بالغدر والقذر وهو من لئام الطير. لسان العرب 12/235 (ط. بيروت) .
***********************
يملئوا لي (1) هذا البيت ذهبا على أن أكذب على علي [لأعطوني، ووالله ما] أكذب عليه أبدا) ، وقد روي هذا الكلام مبسوطا عنه أكثر من هذا، لكن (2) الأظهر أن المبسوط من كلام غيره.كما [روى أبو حفص بن] شاهين في كتاب اللطيف في السنة (3) : حدثنا (4) محمد بن [أبي] القاسم (5) بن هارون، حدثنا أحمد بن الوليد الواسطي، حدثني جعفر [بن نصير الطوسي الواسطي] ، عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول، عن أبيه قال: قال لي (6) الشعبي: (أحذركم هذه الأهواء (7) [المضلة، وشرها الرافضة] لم يدخلوا في الإسلام رغبة، ولا رهبة، ولكن مقتا لأهل الإسلام، وبغيا عليهم قد حرقهم علي - رضي الله عنه - بالنار (8) ، ونفاهم إلى البلدان، منهم عبد الله بن سبأ: يهودي من يهود صنعاء نفاه إلى ساباط، وعبد الله بن يسار نفاه إلى خازر (9) .
(1) لي: ساقطة من (ب) فقط.
(2) أ، ل، ب: الكلام عنه مبسوطا لكن. والمثبت من (ن) ، (م) .
(3) أ، ل، ب: اللطف في السنة؛ م: اللطيف في السنية. وابن شاهين هو أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد البغدادي المتوفى سنة 385. ترجمته في: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/183 - 184؛ سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص 425 - 427.
(4) ن، م: وقد روى.
(5) ن، م: محمد بن القاسم.
(6) لي: زيادة في (ن) .
(7) ب (فقط) : أحذركم أهل هذه الأهواء.
(8) بالنار: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) أ، ل خارز، ن: حادر؛ م. . حادن. وقد ذكر الحسن بن موسى النوبختي (وهو من كبار علماء الشيعة) في كتابه " فرق الشيعة " (ط. إستانبول 1931) ، ص 19 - 20 ما يلي: فلما قتل. علي - عليه السلام - افترقت التي ثبتت على إمامته وأنها فرض من الله - عز وجل - ورسول الله - عليه السلام - فصاروا فرقا ثلاثا: فرقة منهم قالت: إن عليا لم يقتل ولم يمت ولا يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا، وهي أول فرقة قالت في الإسلام بالوقف بعد النبي - صلى الله عليه وسلم وآله - من هذه الأمة، وأول من قال منها بالغلو وهذه الفرقة تسمى " السبئية " أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم وقال إن عليا - عليه السلام - أمره بذلك، فأخذه علي فسأله عن قوله هذا فأقر به فأمر بقتله. وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي - عليه السلام - أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا - عليه السلام -، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى - عليه السلام - بهذه المقالة فقال في إسلامه بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله - في علي - عليه السلام - بمثل ذلك، وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي - عليه السلام - وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه فمن هناك قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية ".
وانظر عن عبد الله بن سبأ والسبئية ما ذكر في مقالات الأشعري 1/85 - 86؛ الإسفراييني: التبصير في الدين، ص 71 - 72؛ الفرق بين الفرق، ص 143 - 145، الملل والنحل 1/155 - 156؛ كتاب " الشيعة والتشيع " للأستاذ إحسان إلهي ظهير، ص 67 - 77، ط. هور، باكستان، 1404 1984.
ويذكر ابن طاهر البغدادي (الفرق بين الفرق ص 18) أن السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي - رضي الله عنه - فقال بعضهم لعلي: أنت الإله، فأحرق علي قوما منهم ونفى ابن سبأ إلى ساباط المدائن (ويسميها ياقوت في " معجم البلدان " بساباط كسرى بالمدائن) . وأما عبد الله بن يسار فهو عبد الله بن أبي ليلى. ذكره الذهبي (ميزان الاعتدال 2/527) وابن حجر (لسان الميزان 3/379) ولم يذكرا سنة وفاته وقالا إن حديثه عن علي لا يصح. وخازر (بكسر الزاي) نهر بين إربل والموصل (ياقوت) .
*****************************
وآية (1) ذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود، قالت [اليهود] (2) : لا يصلح الملك إلا في آل داود، وقالت الرافضة: لا تصلح الإمامة إلا في
(1) أ، ب: وأيد.
(2) أ، ل: قالوا اليهود؛ ن، م: قالوا: (بدون كلمة اليهود) .
**********************
ولد (1) علي، وقالت اليهود (2) : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال، وينزل سيف (3) من السماء، وقالت الرافضة: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي، وينادي مناد من السماء، واليهود يؤخرون [الصلاة إلى اشتباك النجوم] ، وكذلك الرافضة يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم، والحديث عن النبي - صلى [الله عليه وسلم - أنه قال (4) : ( «لا تزال] أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم.» ) (5) ، واليهود تزول عن القبلة شيئا، وكذلك [الرافضة، واليهود] تنود (6) في الصلاة، وكذلك الرافضة، واليهود تسدل أثوابها في الصلاة، وكذلك الرافضة، [واليهود لا يرون على النساء] عدة، وكذلك الرافضة، واليهود حرفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرفوا القرآن، واليهود قالوا: [افترض الله علينا خمسين] صلاة، وكذلك الرافضة (* واليهود لا يخلصون السلام على
(1) م: أولاد.
(2) وقالت اليهود: كذا في (ن) . وفي (أ) ، (ل) ، (ب) : النصارى، وهو خطأ.
(3) أ، ب: سيد.
(4) أنه قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) الحديث عن أبي أيوب الأنصاري وعقبة بن عامر - رضي الله عنهما - في: سنن أبي داود 1/169 (كتاب الصلاة، باب في وقت المغرب. ونصه: " لا تزال أمتي بخير، أو قال: على الفطرة، ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم. والحديث عن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 1/225 (كتاب الصلاة، باب وقت صلاة المغرب) وعن أبي أيوب الأنصاري في المسند (ط. الحلبي) 4/147، 5/417، 422. وصحح الألباني الحديث في صحيح الجامع الصغير 6/145.
(6) ناد الرجل ينود إذا حرك رأسه وأكتافه.
****************************** **
المؤمنين (1) إنما يقولون: السام عليكم، والسام الموت، وكذلك الرافضة *) (2) واليهود لا يأكلون الجري، والمرماهى، [والذناب] (3) ، وكذلك الرافضة، واليهود لا يرون (4) المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.واليهود يستحلون أموال الناس كلهم، وكذلك الرافضة، وقد أخبرنا (5) الله عنهم بذلك (6) في القرآن [أنهم] (7) : {قالوا ليس علينا في الأميين سبيل} [سورة آل عمران: 75] ، [وكذلك الرافضة] (8) ، واليهود تسجد على
(1) ن، م: المسلمين.
(2) ما بين النجمتين ترتيبه في (ن) ، (م) بعد العبارات التالية.
(3) الجري ضرب من السمك زعموا أنه كان أمة ثم مسخ (الحيوان 1/397) ، وذكر ابن الجوزي في " تلبيس إبليس "، ص 100، نقلا عن كتاب المرتضى فيما انفردت به الإمامية أنهم يحرمون السمك الجري، والمرماهى هو سمك شبيه بالحيات وليس من الحيات (الحيوان 4/129) .
والذناب. كذا في (ب) فقط. وفي (أ) ، (ل) : الزناب. وسقطت الكلمة من (ن) ، (م) . ولعل صوابه " الأرنب " وسيرد بعد قليل (ص 20) قول الشعبي: واليهود حرموا الأرنب والطحال، وكذلك الرافضة. وقد ذكر العاملي في " أعيان الشيعة " (1/502) ، أن الشيعة يحرمون أكل الثعلب والأرنب والضب والجري وكل ما لا فلس له من السمك، كما ذكر ذلك أيضا زين الدين الجبعي العاملي في " الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية " 2/277، 278، بيروت، 1379 1960 وقرأ محمد المهدي الكاظمي القزويني في كتابه " منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية " 1/35، 37، كلمة " الذناب " على أنها " الذئاب " وهي قراءة غير صحيحة؛ لأن أهل السنة يحرمون الذئاب أيضا كما هو معلوم. ويقول الشيعة بتحريم الذباب (الروضة البهية 2/281) ، وعلى ذلك فقد تكون الكلمة هي " الذباب " وقد تكون " الضباب " جمع " ضب " أو تكون " الزمار ".
(4) ن، م: لا ترى.
(5) م: أخبر.
(6) ن، م: بهذا.
(7) أنهم: زيادة في (ل) .
(8) وكذلك الرافضة: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
****************************** ********
قرونها في الصلاة، وكذلك الرافضة، [واليهود لا تسجد حتى] تخفق برءوسها مرارا شبه (1) الركوع، وكذلك الرافضة، واليهود تبغض (2) جبريل، ويقولون هو عدونا من الملائكة، وكذلك الرافضة يقولون: غلط [جبريل] (3) بالوحي على محمد - صلى الله عليه وسلم - (4) ، [وكذلك الرافضة] (5) وافقوا النصارى في خصلة النصارى: ليس لنسائهم صداق إنما يتمتعون بهن تمتعا (6) ، وكذلك الرافضة يتزوجون بالمتعة (7) ، ويستحلون المتعة.وفضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين: سئلت اليهود من خير أهل ملتكم.؟ قالوا: أصحاب موسى، وسئلت النصارى من خير أهل ملتكم؟ قالوا: حواري عيسى (8) ، وسئلت الرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - (9) أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم، فالسيف (10) عليهم مسلول إلى يوم القيامة، لا تقوم لهم راية، ولا يثبت لهم قدم، ولا تجتمع لهم كلمة (11) ، ولا تجاب لهم دعوة،
(1) م: تشبه؛ أ، ل: تشبيه؛ ب: تشبيها.
(2) أ، ب: ينقصون؛ ل: يبغضون.
(3) جبريل: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
(4) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(5) وكذلك الرافضة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) تمتعا: ساقطة من (ل) فقط.
(7) ن، م: المتعة، وهو تحريف.
(8) م: عيسى ابن مريم.
(9) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(10) أ، ب: والسيف.
(11) أ، ل، ب: ولا مجتمع لهم.
****************************** *
دعوتهم مدحوضة، وكلمتهم مختلفة، وجمعهم متفرق (1) كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله.قلت: هذا الكلام بعضه [ثابت عن الشعبي كقوله] : لو كانت الشيعة من البهائم لكانوا (2) حمرا، ولو كانت من الطير لكانوا (3) رخما، فإن هذا ثابت عنه.قال ابن شاهين: حدثنا محمد بن العباس (4) النحوي، حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا أبو الربيع الزهراني (5) ، حدثنا وكيع بن الجراح، حدثنا مالك بن مغول، فذكره، وأما السياق المذكور، فهو معروف عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن أبيه عن الشعبي.وروى أبو عاصم خشيش بن أصرم. (6) في كتابه، ورواه من طريقه أبو عمرو الطلمنكي في كتابه في الأصول قال (* أبو عاصم، حدثنا أحمد بن محمد، وعبد الوارث بن إبراهيم، حدثنا السندي بن سليمان
(1) ن، م: مفترق.
(2) ن، م، ل: لكانت.
(3) ن، م، ل: لكانت.
(4) ن، م: محمد بن العباس، وهو خطأ. وأبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي النحوي. قال عنه ابن خلكان (3/461) إنه كان إماما في النحو والأدب ونقل النوادر وكلام العرب، وذكر أنه توفي سنة 310.
(5) ن، م: الزهري، والصواب ما في (أ) ، (ل) ، (ب) . وهو سليمان بن داود العتكي أبو الربيع الزهراني البصري، توفي سنة 234. انظر تهذيب التهذيب 4/191.
(6) ن: خشيش بن أضرم؛ أ: حسيس بن صرم؛ ل: حسيس بن صرام والصواب ما في (م) ، (ب) . وهو خشيش بن أصرم بن الأسود أبو عاصم النسائي المتوفى سنة 253. انظر تهذيب التهذيب 3/142.
****************************** ****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (6)
صـ 29إلى صـ 36
الفارسي، حدثني عبد الله *) (1) بن جعفر الرقي (2) ، عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول، عن أبيه قال (3) : (قلت لعامر الشعبي: ما ردك عن هؤلاء القوم، [وقد كنت] فيهم رأسا؟ قال: رأيتهم يأخذون بأعجاز لا صدور لها، ثم قال لي: يا مالك لو أردت أن يعطوني رقابهم عبيدا، أو يملئوا لي بيتي ذهبا، أو يحجوا إلى بيتي هذا على أن أكذب على علي - رضي الله عنه - لفعلوا، ولا والله لا أكذب عليه أبدا. يا مالك إني قد درست الأهواء (4) ، فلم أر فيها (5) أحمق من الخشبية (6) ، فلو كانوا من الطير لكانوا رخما، ولو كانوا من الدواب لكانوا حمرا. يا مالك لم يدخلوا في الإسلام رغبة فيه [لله] (7) ، ولا رهبة من الله، ولكن مقتا من الله عليهم (8) ، وبغيا (9) منهم على أهل الإسلام يريدون أن يغمصوا (10) دين الإسلام، كما غمص (11) بولص بن يوشع ملك اليهود دين النصرانية، ولا تجاوز (12)
(1) ما بين النجمتين ساقط من (ب) فقط.
(2) ب: حدثنا ابن جعفر الرقي.
(3) الرواية التالية مذكورة مع بعض الاختلاف في " العقد الفريد " 2/409 - 411 (ط. لجنة التأليف، القاهرة، 1940) ، وهي مروية عن مالك بن معاوية، وسأذكر فيما يلي الاختلافات الهامة فقط إن شاء الله.
(4) ب: أهل الأهواء.
(5) أ، ل، ب: فيهم.
(6) العقد الفريد (2/409) : الرافضة.
(7) لله: ليست في (ن) ، (م) .
(8) عليهم: ساقطة من (م) . وفي " العقد الفريد ": ولكن مقتا لأهل الإسلام وبغيا عليهم.
(9) ن، م، ل: ومقتا.
(10) ن: يغمضوا.
(11) ن: غمض، وهو تحريف وفي " اللسان ": غمصه وغمصه (بفتح الميم وكسرها) : حقره وعابه وطعن عليه.
(12) ب: تتجاوز؛ أ، ل: يتجاوز؛ م: يجاوز.
************************
صلاتهم آذانهم، قد حرقهم علي [بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالنار] (1) ، ونفاهم من البلاد، منهم عبد الله بن سبأ يهودي من يهود صنعاء نفاه إلى ساباط (2) ، وأبو بكر الكروس نفاه إلى الجابية (3) ، وحرق منهم قوما أتوه، فقالوا: أنت هو، فقال: من أنا؟ فقالوا: أنت ربنا، فأمر بنار، فأججت، فألقوا فيها، وفيهم قال (4) . علي رضي الله عنه (5) :لما رأيت الأمر أمرا منكرا ... أججت ناري، ودعوت قنبرا (6)يا مالك، إن محنتهم محنة اليهود قالت اليهود: لا يصلح الملك إلا في آل داود، وكذلك قالت الرافضة (7) : لا تصلح الإمامة إلا في. ولد علي (8) ، وقالت اليهود: لا جهاد في سبيل الله حتى يبعث الله المسيح الدجال، وينزل سيف (9) من السماء، وكذلك الرافضة قالوا: لا جهاد في.
(1) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) . وفي (ل) : علي بن أبي طالب بالنار.
(2) العقد الفريد (2/409) " منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى ساباط، وعبد الله بن سباب نفاه إلى الجازر ". والجازر: قرية من نواحي النهروان، من أعمال بغداد قرب المدائن.
(3) وأبو بكر الكروس: كذا في (أ) ، (ل) ، (ب) ، وفي العقد الفريد (2/409) (وفيه الاسم مشكلا) وفي (ن) ، (م) : وأبو الكروش. ولم أجد للرجل ذكرا فيما بين يدي من المراجع، والجابية قرية من أعمال دمشق.
(4) وفيهم قال: ساقطة من (م) .
(5) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
(6) الرجز في الفصل لابن حزم 5/47، وفي شرح ابن أبي الحديد على نهج البلاغة 8/169 (ط. عيسى الحلبي) ، مع اختلاف في الرواية.
(7) ن، م: وقالت الرافضة.
(8) ن، م، ل: لا تصلح الأئمة إلا من ولد علي؛ العقد الفريد (2/409) : لا يكون الملك إلا في آل علي بن أبي طالب.
(9) أ، ب: سيد.
****************************** *
سبيل الله حتى يخرج الرضا من آل محمد، وينادي مناد من السماء: اتبعوه.وقالت اليهود: فرض الله علينا خمسين صلاة في كل يوم وليلة، وكذلك الرافضة، واليهود لا يصلون المغرب حتى تشتبك النجوم، وقد جاء عن النبي. (1) - صلى الله عليه وسلم -: ( «لا تزال أمتي على الإسلام ما لم يؤخروا (2) المغرب إلى اشتباك النجوم مضاهاة لليهود.» ) ، وكذلك الرافضة، واليهود إذا صلوا زالوا عن القبلة شيئا، وكذلك الرافضة.واليهود تنود. (3) في صلاتها، وكذلك الرافضة، واليهود يسدلون أثوابهم. (4) في الصلاة، وقد بلغني «أن رسول الله. (5) - صلى الله عليه وسلم - مر برجل سادل ثوبه، فعطفه عليه» (6) .، واليهود يسجدون في صلاة الفجر
(1) ن، م: عن نبينا.
(2) أ، ل، ب: تؤخر.
(3) م: تميد. والكلمة غير ظاهرة في (ن) .
(4) ن، م، ل: أثوابها.
(5) أ، ل، ب: أن النبي.
(6) م: فقطعه عليه. وقال ابن الأثير عن السدل (النهاية في غريب الحديث) : " وهو أن يلتحف بثوبه ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك، وكانت اليهود تفعله فنهوا عنه، وهذا مطرد في القميص وغيره من الثياب. وقيل: هو أن يضع وسط الإزار على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه ". ولم أجد الأثر الذي يذكره ابن تيمية، ولكن أخرج أبو داود في سننه 1/245 (كتاب الصلاة، باب ما جاء في السدل في الصلاة) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه. ثم قال. عن ابن جريج قال: أكثر ما رأيت عطاء يصلي سادلا. قال أبو داود: وهذا يضعف ذلك الحديث. وأورد الترمذي حديث أبي هريرة في سننه 1/234 - 235 ثم قال: ". وقد اختلف أهل العلم في السدل في الصلاة، فكره بعضهم السدل في الصلاة، وقالوا: هكذا تصنع اليهود. وقال بعضهم: إنما كره السدل في الصلاة إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد، فأما إذا سدل على القميص فلا بأس، وهو قول أحمد. وكره ابن المبارك السدل في الصلاة ". وحديث أبي هريرة في المسند (ط. المعارف) 15 - 76 (وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -) ، 16/207، 228، 239
*************************
الكندرة (1) ، وكذلك الرافضة.واليهود لا يخلصون بالسلام إنما يقولون: سام عليكم، وهو الموت، وكذلك الرافضة، (2 واليهود حرفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرفوا القرآن 2) (2) ، واليهود عادوا جبريل، فقالوا: هو عدونا، وكذلك الرافضة قالوا: أخطأ جبريل بالوحي، واليهود يستحلون أموال الناس، وقد نبأنا الله عنهم أنهم قالوا: {ليس علينا في الأميين سبيل} [سورة آل عمران: 75] ، وكذلك الرافضة [يستحلون مال كل مسلم] (3) (4 [واليهود يستحلون دم كل مسلم، وكذلك الرافضة، واليهود يرون غش الناس، وكذلك الرافضة] 4) (4) .
(1) يسجدون في صلاة الفجر الكندرة: كذا في جميع النسخ، والعبارة ليست مذكورة في العقد الفريد. وفي " لسان العرب ": " والكندرة من الأرض: ما غلظ وارتفع. وكندرة البازي: مجثمه الذي يهيأ له من خشب أو مدر، وهو دخيل ليس بعربي ". والأرجح أن معنى العبارة أن: اليهود يسجدون على جبينهم وهو ما ارتفع من وجوههم. يقول لبيد (ص 183، شرح ديوان لبيد، تحقيق د. إحسان عباس، الكويت، 1962) : يلمس الأحلاس في منزله بيديه كاليهودي المصل وفي الشرح: " وقوله: كاليهودي المصل. قال أبو الحسن الطوسي: كأنه يهودي يصلي في جانب يسجد على جبينه. قال البغدادي: يسجد على شق وجهه ".
(2) (2 - 2) : جاءت هذه العبارات في (أ) ، (ل) ، (ب) قبل مكانها هنا.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ل) : يستحلون دم كل مسلم.
(4) (4 - 4) : ساقط من (ن) .
******************************
واليهود لا يعدون الطلاق شيئا إلا عند كل حيضة، وكذلك الرافضة، واليهود ليس لنسائهم صداق إنما يمتعوهن، وكذلك الرافضة يستحلون المتعة (1) ، واليهود لا يرون العزل عن السراري، وكذلك الرافضة.واليهود يحرمون الجري، والمرماهى، وكذلك الرافضة، واليهود حرموا الأرنب، والطحال، وكذلك الرافضة، واليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.واليهود لا يلحدون، وكذلك الرافضة، وقد ألحد لنبينا - صلى الله عليه وسلم -، واليهود يدخلون مع موتاهم في الكفن (2) سعفة رطبة (3) ، وكذلك الرافضة.ثم قال. لي (4) : يا مالك: وفضلتهم اليهود، والنصارى بخصلة. قيل لليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وقيل للنصارى: من خير أهل (5) ملتكم؟ قالوا: حواري عيسى، وقيل للرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: حواري محمد يعنون [بذلك] (6) طلحة، والزبير.
(1) (1 - 1) جاءت هذه العبارات في (أ) ، (ل) ، (ب) في غير هذا الموضع مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(2) في الكفن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: سعفة أبطنة؛ ل: سعفة بطنة.
(4) لي: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(5) أهل: ساقطة من (م) .
(6) بذلك: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
******************************
أمروا أن يستغفروا لهم (1) فسبوهم، فالسيف عليهم مسلول (2) إلى يوم القيامة (3) ، ودعوتهم مدحوضة، ورايتهم مهزومة، وأمرهم متشتت كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين.وقد روى أبو القاسم الطبري في (شرح أصول السنة.) نحو هذا الكلام من حديث وهب بن بقية الواسطي، عن محمد بن حجر الباهلي (4) ، عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول، فهذا الأثر (5) قد روي عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول من. وجوه متعددة يصدق بعضها بعضا، وبعضها يزيد على بعض، لكن عبد الرحمن بن مالك [بن مغول] (6) ضعيف (7) ، وذم الشعبي لهم ثابت من طرق أخرى.لكن لفظ الرافضة إنما ظهر لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام، وقصة زيد بن علي بن الحسين كانت بعد العشرين
(1) أ، ل: أمروا بالاستغفار؛ ب: أمروا بالاستغفار لهم.
(2) أ: فالسيف مسلول عليهم؛ ب: والسيف مسلول عليهم؛ ل: فالسيف مسلول (وسقطت عليهم) .
(3) إلى يوم القيامة: ساقطة من (م) .
(4) أ، ب: محمد بن حجم، ولم أجد له ذكرا.
(5) أ، ل، ب: وهذا الأثر؛ م: فهذا الأمر، وهو تحريف.
(6) بن مغول: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
(7) انظر ترجمة ابن مغول في: ميزان الاعتدال 2/584 - 585؛ لسان الميزان 3/427 - 428 (ولم تذكر فيهما سنة وفاته) . ولكن ذكر الخزرجي في " الخلاصة ص [0 - 9] 68) عن أبيه مالك بن مغول أنه مات سنة 158 وذكر الذهبي في ترجمته له في " ميزان الاعتدال ": روى عن أبيه وعن الأعمش. قال أحمد والدارقطني: متروك. وقال أبو داود: كذاب. وقال مرة: يضع الحديث. وقال النسائي وغيره: ليس بثقة. قال ابن عدي: عبد الرحمن مع ضعفه يكتب حديثه ".
****************************
ومائة، سنة إحدى وعشرين، أو اثنتين وعشرين ومائة في أواخر (1) خلافة هشام. قال أبو حاتم البستي (2) : قتل زيد بن علي بن الحسين بالكوفة سنة اثنتين وعشرين ومائة. (3) ، وصلب على خشبة، وكان من أفاضل أهل البيت، وعلمائهم، وكانت الشيعة تنتحله.[. قلت: ومن زمن خروج زيد افترقت الشيعة إلى رافضة، وزيدية، فإنه لما سئل عن أبي بكر، وعمر، فترحم عليهما رفضه (4) قوم، فقال. لهم: رفضتموني، فسموا رافضة (5) لرفضهم إياه، وسمي من لم يرفضه (6) من الشيعة زيديا؛ لانتسابهم إليه] (7) ، ولما صلب كانت العباد تأتي إلى خشبته (8) بالليل، فيتعبدون عندها (9) ، والشعبي توفي في أوائل (10) خلافة هشام، أو آخر خلافة يزيد بن عبد الملك أخيه سنة خمس ومائة، أو قريبا
(1) أ، ل، ب: في آخر.
(2) أ، ل، ب: السبتي؛ م: السني.
(3) أ، ل، ب: سنة اثنتين وعشرين؛ م: سنة ثامن وعشرين ومائة، وهو خطأ.
(4) أ، ل: فترحم عليهم فرفضه.
(5) ل: أرفضتموني فسموا الرافضة.
(6) أ، ل: ومنهم من لم يرفضه، وهو تحريف.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: إلي الخشبة.
(9) قصة خروج زيد واختلافه مع الرافضة (وسبب تسميتهم بذلك) ثم مقتله وصلبه يرويها الأشعري، المقالات 1/129 - 130؛ ويروي الفخر الرازي بعض ذلك، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص 52. ولكن يذكر الأشعري سببا آخر لاسم الرافضة، وهو أنهم إنما سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر (المقالات 1/87) .
(10) ن، ل: توفي في أول؛ م: توفي أول.
****************************
من ذلك، فلم يكن لفظ الرافضة معروفا إذ ذاك، وبهذا وغيره (1) يعرف كذب [لفظ الأحاديث المرفوعة التي فيها لفظ] (2) الرافضة.ولكن كانوا يسمون بغير ذلك الاسم، كما كانوا (3) يسمون الخشبية لقولهم: إنا لا نقاتل بالسيف إلا مع إمام معصوم، فقاتلوا بالخشب، ولهذا جاء في بعض الروايات عن الشعبي قال (4) : ما رأيت أحمق من الخشبية (5) .فيكون المعبر عنهم بلفظ الرافضة ذكره بالمعنى مع ضعف عبد الرحمن، ومع أن الظاهر أن هذا الكلام إنما هو نظم عبد الرحمن بن مالك بن مغول، وتأليفه، وقد سمع طرفا منه (6) عن الشعبي، وسواء كان هو ألفه، أو نظمه لما رآه من أمور الشيعة في زمانه، ولما سمعه (7) عنهم، أو لما سمع من أقوال أهل العلم فيهم، أو بعضه، أو مجموع الأمرين، أو بعضه لهذا، أو بعضه لهذا، فهذا (8) الكلام معروف بالدليل لا يحتاج إلى نقل (9) ، وإسناد.وقول القائل: إن الرافضة تفعل كذا، وكذا (10) المراد به بعض الرافضة
(1) وغيره: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (م) : وبهذا - أي بما روي عن الشعبي وغيره يعرف كذب الرافضة.
(3) كانوا: ساقطة من (ل) ، (ب) .
(4) قال: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(5) عند كلمة " الخشبية " تنتهي نسخة (ل) .
(6) أ، ب: منه طرفا.
(7) أ، ب: سمع.
(8) ن، م: وهذا.
(9) أ: بالدليل الذي يحتاج إليه في نقل؛ ب: بالدليل الذي لا يحتاج فيه إلى نقل.
(10) وكذا الثانية ساقطة من (أ) ، (ب) .
********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (7)
صـ 37إلى صـ 44
كقوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله} [سورة التوبة: 30] . {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم} [سورة المائدة: 64] لم يقل ذلك كل يهودي، بل قاله بعضهم (1) (2 وكذلك قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} [سورة آل عمران: 173] المراد به جنس الناس، وإلا فمعلوم أن القائل لهم غير الجامع، وغير المخاطبين المجموع لهم 2) (2) .[. وما ذكره موجود في الرافضة] (3) ، وفيهم أضعاف ما ذكر (4) : مثل تحريم بعضهم للحم الإوز، والجمل (5) مشابهة لليهود، ومثل جمعهم بين الصلاتين دائما، فلا يصلون إلا في ثلاثة أوقات مشابهة لليهود، ومثل قولهم: إنه لا يقع الطلاق إلا بإشهاد (6) على الزوج مشابهة لليهود، ومثل تنجيسهم لأبدان غيرهم من المسلمين، وأهل الكتاب، وتحريمهم لذبائحهم، وتنجيس (7) ما يصيب ذلك من المياه، والمائعات، وغسل الآنية التي يأكل منها غيرهم مشابهة للسامرة (8) الذين هم شر اليهود، ولهذا يجعلهم الناس في.
(1) أ، ب: بل فيهم من قال ذلك.
(2) (2 - 2) : ساقطة من (أ) ، (ب) . وبعد هذه العبارات توجد فقرة طويلة في (ن) ، (م) جاءت في غير موضعها وتكررت في النسختين بعد ذلك فلم أثبتها هنا
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(4) أ، ب: ذكره.
(5) ن: للحم الإوز أو للجمل؛ م: للحم الأرانب والجمل.
(6) أ، ب: بالإشهاد.
(7) وتنجيسهم.
(8) ن، م، أ: للسمرة، وهو تحريف. وذكر الشهرستاني (الملل والنحل 1/199 - 200) أن السامرة قوم يسكنون جبال بيت المقدس وقرى من أعمال مصر، ويتقشفون في الطهارة أكثر من تقشف سائر اليهود، وقد أثبتوا نبوة موسى وهارون ويوشع بن نون - عليهم السلام -، وأنكروا نبوة من بعدهم من الأنبياء إلا نبيا واحدا، وظهر فيهم رجل يقال له: الألفان ادعى النبوة، وزعم أنه هو الذي بشر به موسى - عليه السلام -، وقد افترقوا إلى دوستانية وكوستانية، والدوستانية منهم تزعم أن الثواب والعقاب في الدنيا.
***************************
المسلمين كالسامرة في اليهود، ومثل استعمالهم التقية (1) ، وإظهار خلاف ما يبطنون (2) [من العداوة] (3) مشابهة لليهود، [ونظائر ذلك كثير] (4) .
[بعض حماقات الشيعة]
وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جدا: مثل كون بعضهم لا يشرب من نهر (5 حفره يزيد مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والذين معه (5) كانوا يشربون من آبار، وأنهار 5) (6) حفرها الكفار، وبعضهم لا يأكل من التوت الشامي، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن معه كانوا يأكلون (7) مما يجلب من بلاد الكفار من الجبن، ويلبسون ما تنسجه الكفار، بل غالب ثيابهم كانت من نسج الكفار.ومثل كونهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة، أو فعل شيء يكون عشرة حتى في (8) البناء لا يبنون على عشرة أعمدة (9) ، ولا بعشرة جذوع، ونحو ذلك
(1) سيتكلم ابن تيمية فيما يلي بالتفصيل عن التقية (1/159 - 160) بولاق) . وانظر عنها أيضا: أحمد أمين، ضحى الإسلام، 3/246 - 249؛ جولدتسيهر، العقيدة والشريعة، ص 180 - 181؛ دائرة المعارف الإسلامية، 5/419 - 424.
(2) ن، م، أ: ما يبطن. والمثبت من (ب) .
(3) من العداوة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ب: والذين كانوا معه.
(6) (5 - 5) : ساقط من (أ) .
(7) ن، م: ما.
(8) في: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن: لا يثبتون على عشرة عواميد؛ م: لا يبنون على عشرة عواميد.
****************************** *****
لكونهم يبغضون خيار الصحابة، وهم العشرة المشهود لهم بالجنة - أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد [بن عمرو بن نفيل] (1) ، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنهم - (2) - يبغضون هؤلاء إلا علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] (3) ، ويبغضون سائر المهاجرين، والأنصار من السابقين الأولين (4) الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة - وكانوا ألفا وأربعمائة - وقد أخبر الله أنه قد رضي عنهم.وثبت في صحيح مسلم، وغيره عن جابر أيضا (5) «أن غلام حاطب بن أبي بلتعة قال: يا رسول الله، والله ليدخلن حاطب النار، فقال. النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كذبت إنه شهد بدرا والحديبية» .) (6) .وهم يتبرأون من جمهور هؤلاء، بل [يتبرأون] من سائر (7) أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نفرا قليلا نحو بضعة عشر.ومعلوم أنه لو فرض في العالم عشرة من أكفر الناس لم يجب هجر هذا
(1) بن عمرو بن نفيل: زيادة في (ب) . وفي (أ) : بن زيد بن نفيل.
(2) أ، ب: عنهم أجمعين.
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : ويبغضون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.
(5) ن، م: وفي صحيح مسلم عن جابر أن.
(6) الحديث - مع اختلاف يسير في الألفاظ - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - في: مسلم 4/1942 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر - رضي الله عنهم - وقصة حاطب بن أبي بلتعة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/362.
(7) ن، م: من جمهورهم بل من سائر.
****************************
الاسم [لذلك] (1) ، كما أنه سبحانه [وتعالى] (2) لما قال: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} [سورة النمل: 48] لم يجب هجر اسم التسعة مطلقا، بل اسم العشرة قد مدح الله مسماه في مواضع (3) كقوله [تعالى في متعة الحج] (4) : {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة} [سورة البقرة: 196] (5) ، وقال تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة} [سورة الأعراف: 142] (6) ، وقال تعالى: {والفجر - وليال عشر} [سورة الفجر 1 - 2] ، (* وقد ثبت في الصحيح «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله تعالى» (7) ، وقال في ليلة القدر: ( «التمسوها في العشر الأواخر» . *) (8) ، وقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (9) ( «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب.
(1) لذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: قد مدحه الله سبحانه في مواضع.
(4) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) في (ن) ، (م) : كقوله: (تلك عشرة كاملة) .
(6) في (ن) ، (م) ذكر الناسخان إلى قوله تعالى (وأتممناها بعشر) .
(7) في: البخاري 3/47 - 48 (كتاب الاعتكاف، باب الاعتكاف في العشر الأواخر) ؛ مسلم 2/830 - 831 (كتاب الاعتكاف، باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان) . عن عبد الله بن عمر وعائشة - رضي الله عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان (زادت عائشة: حتى توفاه الله) .
(8) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب)
(9) ن، م: وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال.
*****************************
إلى الله من هذه الأيام العشر» .) (1) ، ونظائر ذلك متعددة.[. ومن العجب أنهم يوالون لفظ التسعة، وهم يبغضون التسعة من العشرة، فإنهم يبغضونهم إلا عليا] (2) .وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر، وعمر، وعثمان، ولمن يتسمى بذلك حتى [إنهم] يكرهون (3) معاملته، ومعلوم أن هؤلاء لو كانوا من أكفر الناس لم يشرع أن لا يتسمى الرجل بمثل أسمائهم، فقد كان في الصحابة من اسمه الوليد، «وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت له. (4) في الصلاة، ويقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد» (5) ، وأبوه الوليد بن المغيرة كان (6) من أعظم الناس كفرا، وهو الوحيد المذكور في قوله تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا} ، [سورة المدثر: 11] (7) وفي الصحابة من اسمه عمرو، وفي المشركين من
(1) جاء الحديث بهذا اللفظ عن ابن عباس - رضي الله عنه - في: سنن الترمذي 2/129 (كتاب الصوم، باب ما جاء في العمل في أيام العشر) . وجاء الحديث بمعناه عنه - رضي الله عنه - في: البخاري 2/20 (كتاب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق. .) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن: حتى يكرهوا؛ أ، ب: حتى يكرهون. والمثبت من (م) .
(4) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) في: البخاري 6/48 - 49 (كتاب التفسير، سورة النساء، باب فعسى الله أن يعفو عنهم. .) . عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي العشاء إذ قال: سمع الله لمن حمده. ثم قال قبل أن يسجد: اللهم نج عياش بن أبي ربيعة، اللهم نج سلمة بن هشام، اللهم نج الوليد بن الوليد. الحديث. وهو في: مسلم 1/466 - 467 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة) .
(6) أ، ب: اللهم أنج الوليد بن الوليد بن المغيرة، وأبوه كان. .
(7) انظر تفسير ابن كثير للآية.
*****************************
اسمه عمرو [مثل عمرو] (1) بن عبد ود، وأبو جهل اسمه عمرو بن هشام، (2 وفي الصحابة خالد بن سعيد بن العاص من السابقين الأولين، وفي المشركين خالد بن سفيان الهذلي 2) (2) ، وفي الصحابة من اسمه هشام مثل هشام بن حكيم، وأبو جهل كان اسم أبيه هشاما، وفي الصحابة من اسمه عقبة مثل أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري، وعقبة بن عامر الجهني (3) .وكان في المشركين عقبة بن أبي معيط، وفي الصحابة علي، وعثمان (4) ، وكان في المشركين من اسمه علي مثل علي بن أمية بن خلف قتل يوم بدر كافرا، ومثل عثمان بن [أبي] طلحة قتل قبل أن يسلم (5) ، ومثل هذا كثير.فلم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنون يكرهون اسما من الأسماء لكونه قد تسمى به كافر من الكفار، فلو (6) قدر أن المسمين بهذه
(1) ما بين المعقوفتين زيادة في (م) .
(2) (2 - 2) : ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: وفي الصحابة من اسمه عقبة مثل ابن عامر أبي مسعود البدري (بدون ذكر عقبة بن عامر الجهني) والصواب هو الذي أثبته من (أ) ، (ب) : والأول هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري أبو مسعود البدري، رجح ابن حجر أنه مات بعد سنة أربعين من الهجرة، انظر الإصابة في تمييز الصحابة، 2/483 - 484 القاهرة، 1358/1939. والثاني هو عقبة بن عامر بن عيسى بن جهينة الجهني، مات في خلافة معاوية سنة 58 هـ. الإصابة 2/482، الخلاصة للخزرجي، ص 226.
(4) م: علي وعمر، وهو خطأ.
(5) م: مثل عمر بن طلحة قتل قبل أن يسلم. وفي النسخ الثلاث الأخرى عثمان بن طلحة، وهو خطأ كذلك. والصواب ما أثبته. وعثمان بن طلحة أسلم في هدنة الحديبية وهاجر قبل الفتح مع خالد بن الوليد (سيرة ابن هشام 2/113) وأما عثمان بن أبي طلحة فقد قتل كافرا قتله حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - يوم أحد (ابن هشام 3/134) .
(6) م: ولو
*************************
[الأسماء] (1) كفار لم يوجب ذلك كراهة هذه الأسماء مع العلم لكل أحد بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعوهم بها، ويقر الناس على دعائهم بها، وكثير منهم يزعم أنهم كانوا منافقين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أنهم منافقون، وهو مع هذا (2) يدعوهم بها، وعلي [بن أبي طالب رضي الله عنه] (3) قد سمى أولاده بها (4) فعلم أن جواز الدعاء بهذه الأسماء (5) - سواء كان [ذلك] (6) المسمى بها مسلما، أو كافرا - أمر معلوم (7) من دين الإسلام، فمن كره أن يدعو أحدا بها كان من أظهر الناس مخالفة لدين الإسلام، ثم مع هذا إذا تسمى الرجل عندهم [باسم] (8) علي، أو جعفر، أو حسن، أو حسين، أو نحو ذلك (9) عاملوه، وأكرموه، ولا دليل لهم. [في ذلك] (10) على أنه منهم، (11 بل أهل السنة يتسمون بهذه الأسماء، فليس في التسمية بها ما يدل على أنهم منهم 11) (11) ، والتسمية بتلك الأسماء قد تكون فيهم، فلا يدل على أن المسمى [بها] من أهل السنة لكن القوم
(1) الأسماء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) م: مع ذلك.
(3) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: بها أولاده.
(5) ن، م: الدعاء بها.
(6) ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: من المعلوم.
(8) باسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) أو نحو ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(10) في ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(11) (11 - 11) ساقط من (أ) ، (ب) .
****************************
في غاية الجهل، والهوى.وينبغي [أيضا] (1) أن يعلم أنه ليس كل ما أنكره بعض الناس عليهم يكون باطلا، بل من أقوالهم أقوال خالفهم فيها بعض أهل السنة، ووافقهم بعض، والصواب مع من وافقهم لكن ليس لهم مسألة انفردوا بها أصابوا فيها، فمن الناس من يعد من بدعهم الجهر بالبسملة، وترك المسح على الخفين إما مطلقا، وإما في الحضر، والقنوت في الفجر، ومتعة الحج، ومنع لزوم الطلاق البدعي (2) ، وتسطيح القبور، وإسبال اليدين في الصلاة، ونحو ذلك من المسائل التي تنازع فيها علماء السنة، وقد يكون الصواب فيها القول (3) الذي يوافقهم، كما يكون الصواب هو القول الذي يخالفهم لكن المسألة اجتهادية، فلا تنكر إلا إذا صارت شعارا لأمر لا يسوغ، فتكون دليلا على ما يجب إنكاره، وإن كانت نفسها يسوغ فيها الاجتهاد، ومن هذا. وضع الجريد على القبر، فإنه منقول عن بعض الصحابة، وغير ذلك من المسائل.ومن حماقتهم أيضا أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها كالسرادب (4) الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غاب فيه (5) ، ومشاهد أخر، وقد
(1) أيضا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: طلاق البدعة.
(3) ب: للقول.
(4) ن، م: السرداب.
(5) أ، ب: غائب فيه. وفي معجم البلدان: " سامراء، لغة في سر من رأى، مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة وقد خربت. وبسامراء قبر الإمام علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، وابنه الحسن بن علي العسكريين، وبها غاب المنتظر في زعم الشيعة الإمامية ". وينكر العاملي ذلك في كتابه " أعيان الشيعة " 1 ويقول: " فالإمامية تعتقد في. الإمام المهدي أنه حي غائب عن الأبصار موجود في الأمصار لا أنه في السرداب ولا أنه مات ثم يرجع إلى الدنيا. والمهدي المنتظر متفق عليه بين جميع المسلمين، وإنما اختلفوا في أنه ولد أو سيولد ". على أن هذا الإنكار تكذبه كتب الشيعة وغير الشيعة فالشهرستاني يذكر في " الملل والنحل "، (1/150) أن الإمام الثاني عشر هو " محمد القائم المنتظر الذي بسر من رأى ". وينقل (donaldson) في كتابه المشار إليه آنفا (p. 233) عن المجلسي في كتابه " جنات الخلود " أن محمد بن الحسن اختفى في سرداب في منزله الذي ورثه عن أبيه بسامراء. كما ينقل (- 245) عن كتاب " نزهة القلوب " للمستوفى أن المهدي اختفى في سامراء سنة 246 هـ - 878 م. وانظر أيضا، دائرة المعارف الإسلامية، مادة " سامراء "
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (8)
صـ 45 إلى صـ 52
يقيمون هناك دابة - إما بغلة، وإما فرسا، [وإما غير ذلك] (1) - ليركبها إذا خرج، ويقيمون هناك إما في طرفي النهار، وإما في أوقات أخر من ينادي عليه بالخروج يا مولانا اخرج [يا مولانا اخرج] (2) ، ويشهرون السلاح، ولا أحد هناك يقاتلهم (3) ، وفيهم من يقول في أوقات الصلاة (4) دائما لا يصلي خشية أن يخرج، وهو في الصلاة، فيشتغل بها عن [خروجه] ، وخدمته (5) ، وهم في
(1) وإما غير ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) عبارة " يا مولانا اخرج " الثانية: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ذكر ابن بطوطة في رحلته " تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار " 1/164، الطبعة الخيرية، القاهرة 1322، عند كلامه عن مدينة " الحلة " ما يلي: " وبمقربة من السوق الأعظم بهذه المدينة مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمونه مشهد صاحب الزمان ومن عادتهم أنه يخرج في كل ليلة مائة رجل من أهل المدينة عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر فيأخذون منه فرسا ملجما أو بغلا. ويأتون مشهد صاحب الزمان فيقفون بالباب ويقولون: " باسم الله يا صاحب الزمان، باسم الله اخرج، قد ظهر الفساد، وكثر الظلم وهذا أوان خروجك. إلخ وانظر donaldson المرجع المشار إليه آنفا، pp - 245 - 46.
(4) الصلاة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: عن خدمته.
****************************** ****
أماكن بعيدة عن مشهده كمدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - إما في العشر الأواخر من [شهر] (1) رمضان، وإما في غير ذلك (2) يتوجهون إلى المشرق، وينادونه بأصوات عالية يطلبون خروجه.ومن المعلوم أنه لو كان موجودا، وقد أمره الله بالخروج، فإنه يخرج سواء نادوه، أو لم ينادوه، وإن لم يؤذن له، فهو لا يقبل منهم، وأنه إذا خرج فإن الله يؤيده، ويأتيه بما يركبه، وبمن يعينه، وينصره لا يحتاج إلى أن يوقف [له] (3) دائما من الآدميين من ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.والله سبحانه قد عاب في كتابه من يدعو من لا يستجيب له دعاءه، فقال تعالى: {ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير - إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير} [سورة فاطر: 13 - 14] هذا مع أن الأصنام موجودة، وكان يكون فيها (4) أحيانا شياطين تتراءى لهم، وتخاطبهم، ومن خاطب معدوما كانت حالته أسوأ من حال من خاطب موجودا، وإن كان جمادا، فمن دعاء المنتظر الذي لم يخلقه الله (5) كان
(1) شهر: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: وإما في غيره.
(3) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: بها.
(5) أورد النوبختي اختلاف فرق الشيعة في أمر المهدي، فذكر أن فرقة تقول: إن المهدي (محمد بن الحسن القائم الحجة) ولد قبل والده (الحسن بن علي العسكري) بسنين وهو مستور لا يرى خائف من جعفر وغيره من أعدائه وإنها إحدى غيباته (انظر فرق الشيعة، ص 84 - 85) . وفرقة تقول: بل ولد للحسن ولد بعد وفاته بثمانية شهور وهو مستور لا يرى. (ص 85) . وفرقة ثالثة تقول: إنه لا ولد للحسن أصلا؛ لأنا قد امتحنا ذلك وطلبناه بكل وجه فلم نجده، ولو جاز أن نقول في مثل الحسن وقد توفي ولا ولد له إن له ولدا خفيا، لجاز مثل هذه الدعوى في كل ميت من غير خلف، ولجاز مثل ذلك في النبي - صلى الله عليه وآله - أن يقال: خلف ابنا نبيا رسولا (ص 85 - 87) . وفرقة رابعة قالت: إنه لا يوجد إمام بعد الحسن وإن جاز أن يبعث الله القائم إذا شاء (ص 87 - 88) . وأما الإمامية فيقولون: إن الحسن العسكري قد توفي، وإن ابنه هو الإمام من بعده، وهو خائف مستور بستر الله تعالى، وليس علينا البحث في أمره، بل البحث عن ذلك وطلبه محرم لا يحل (ص 90 - 93) . على أنه لا توجد فرقة أخرى تجعل المهدي شخصا آخر غير محمد بن الحسن، فبعضهم يجعله محمد ابن الحنفية، كما ذكرنا من قبل. وغيرهم يقولون: هو الحسن بن علي، وآخرون يقولون: بل هو إسماعيل بن جعفر، وهم الإسماعيلية.
****************************** *
ضلاله أعظم من ضلال هؤلاء، وإذا قال: أنا أعتقد وجوده، كان بمنزلة قول أولئك: نحن نعتقد أن هذه الأصنام لها شفاعة عند الله، فيعبدون من دون الله ما لا ينفعهم، ولا يضرهم (1) ، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله.والمقصود أن كليهما (2) يدعو من لا ينفع دعاؤه، وإن كان أولئك اتخذوهم [شفعاء] (3) آلهة، وهؤلاء يقولون: هو إمام معصوم، فهم يوالون عليه، ويعادون عليه كموالاة المشركين على آلهتهم، ويجعلونه ركنا في الإيمان لا يتم الدين (4) إلا به، كما يجعل بعض المشركين آلهتهم كذلك.وقد قال (5) تعالى: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون - ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون} ،
(1) ن، م: ما لا يضرهم ولا ينفعهم.
(2) أ، ن، م: أن كلاهما.
(3) شفعاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) الدين: ساقطة من (م) .
(5) أ، ب: وقال.
****************************** ***
[سورة آل عمران: 79 - 80] (1) فإذا كان من يتخذ الملائكة والنبيين أربابا بهذه الحال، فكيف بمن يتخذ إماما معدوما لا وجود له، وقد قال تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} [سورة التوبة: 31] .وقد ثبت في الترمذي، وغيره من [حديث] «عدي بن حاتم [أنه] قال (2) : يا رسول الله ما عبدوهم، فقال: (إنهم أحلوا لهم الحرام، وحرموا عليهم الحلال، فأطاعوهم، فكانت تلك عبادتهم إياهم» .) (3) فهؤلاء اتخذوا أناسا (4) موجودين أربابا، وهؤلاء يجعلون الحلال والحرام معلقا بالإمام المعدوم الذي لا حقيقة له، ثم يعملون بكل ما يقول (5) المنتسبون إليه (6) إنه يحلله، ويحرمه، وإن خالف الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة حتى أن طائفتهم
(1) آية 80 من سورة آل عمران ليست في (ن) ، (م) .
(2) ن، م: عن عدي بن حاتم قال.
(3) في: سنن الترمذي 4/341 - 342 (كتاب التفسير، سورة التوبة) عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال: " أما أنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه ". " قال الترمذي: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث ".
(4) م: ناسا.
(5) ن: بما يقول.
(6) ب: المثبتون.
************************
إذا اختلفت على قولين قالوا: القول (1) الذي لا يعرف قائله هو الحق؛ لأنه قول هذا الإمام المعصوم، فيجعلون الحلال ما حلله، والحرام ما حرمه هذا الذي لا يوجد، وعند (2) من يقول إنه موجود لا يعرفه أحد، ولا يمكن أحد أن ينقل عنه كلمة واحدة.ومن حماقاتهم تمثيلهم لمن يبغضونه (* بالجماد (3) ، أو حيوان، ثم يفعلون بذلك الجماد، والحيوان ما يرونه عقوبة لمن يبغضونه *) (4) مثل اتخاذهم نعجة - وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تسمى الحميراء (5) - يجعلونها عائشة، ويعذبونها بنتف شعرها، وغير ذلك، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة.ومثل اتخاذهم حلسا مملوءا سمنا، ثم يبعجون (6) بطنه، فيخرج السمن، فيشربونه، ويقولون: هذا مثل ضرب عمر، وشرب دمه (7) ، ومثل تسمية بعضهم لحمارين من حمر الرحا أحدهما بأبي بكر، والآخر بعمر، ثم يعاقبون (8) الحمارين جعلا منهم تلك العقوبة [عقوبة] (9) لأبي بكر، وعمر. .
(1) ب: على قولين فالقول. .
(2) ب: عنه؛ وهو خطأ.
(3) م: لجماد.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) (4 - 4) : ساقط من (ن) ، (م) .
(6) أ: يبيعون؛ ب: يشقون.
(7) ينقل Donaldson في كتابه المشار إليه آنفا (- 4) عن قاموس الإسلام Dictionary of islam وصفا لما يفعله الشيعة في عيد الغدير فيقول: إنهم يصنعون ثلاثة تماثيل من العجين تمثل أبا بكر وعمر وعثمان ويملئونها بالعسل ثم يطعنونها بالمدى فيسيل منها العسل ليرمز بذلك إلى دم الخلفاء الثلاثة الغاصبين.
(8) أ، ب: عقوبة.
(9) عقوبة: زيادة في (أ) ، (ب) .
************************
وتارة يكتبون أسماءهم على أسفل أرجلهم [حتى أن بعض الولاة جعل يضرب رجلي من فعل ذلك، ويقول: إنما ضربت أبا بكر، وعمر، ولا أزال أضربهما حتى أعدمهما، ومنهم من يسمي كلابه باسم أبي بكر، وعمر، ويلعنهما، ومنهم من إذا سمى كلبه، فقيل له (بكير.) يضارب من يفعل ذلك، ويقول: تسمي كلبي باسم أصحاب النار، ومنهم (1) يعظم أبا لؤلؤة المجوسي الكافر الذي كان غلاما للمغيرة بن شعبة لما قتل عمر، ويقولون: واثارات أبي لؤلؤة، فيعظمون (2) كافرا مجوسيا باتفاق المسلمين لكونه قتل عمر - رضي الله عنه -ومن حماقتهم إظهارهم لما يجعلونه مشهدا، فكم كذبوا الناس، وادعوا أن في هذا المكان ميتا من أهل البيت، وربما جعلوه مقتولا، فيبنون ذلك مشهدا، وقد يكون ذلك قبر كافر، أو قبر بعض الناس، ويظهر ذلك بعلامات كثيرة.ومعلوم أن عقوبة الدواب المسماة بذلك (3) ] ، ونحو هذا الفعل لا يكون إلا (4) من فعل أحمق الناس، وأجهلهم، فإنه من المعلوم أنا (5) لو أردنا أن نعاقب فرعون، وأبا لهب، وأبا جهل، وغيرهم ممن ثبت بإجماع المسلمين أنهم من أكفر الناس مثل هذه العقوبة لكان هذا من أعظم الجهل؛ لأن (6)
(1) أ: وفيهم.
(2) فيتولون.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(4) أ: ونحو هذا مثل هذا الفعل إلا؛ ن، م: فهل مثل هذا الفعل إلا. والمثبت من (ب) .
(5) أنا: ساقطة من (م) .
(6) ن، م: فإن.
***************************
ذلك لا فائدة فيه، بل إذا قتل كافر يجوز قتله، أو مات حتف أنفه لم يجز بعد قتله، أو موته أن يمثل به، فلا يشق بطنه، ولا (1) يجدع أنفه، وأذنه، [ولا تقطع يده] (2) إلا أن يكون ذلك على سبيل المقابلة.[فقد ثبت.] في صحيح (3) مسلم، وغيره عن بريدة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا بعث أميرا على جيش، أو سرية (4) أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله [تعالى] (5) ، وأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا، وقال: (اغزوا في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا.» ) (6) .وفي السنن أنه «كان في خطبته يأمر بالصدقة، وينهى عن المثلة» (7) . مع أن
(1) أ، ب: أو.
(2) ولا تقطع يده: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: ففي صحيح.
(4) ن، م: على سرية أو جيش.
(5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) الحديث في: مسلم 3/1356 - 1358 (كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء.) عن سليمان بن بريدة عن أبيه - رضي الله عنه -، وأوله: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه. ثم قال: اغزوا بسم الله في سبيل الله. الحديث، وهو - مع اختلاف في اللفظ - في: سنن أبي داود 3/51 - 52 (كتاب الجهاد، باب في دعاء المشركين) ؛ سنن الترمذي 3/85 - 86 (كتاب السير، باب ما جاء في وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - في القتال) ؛ سنن ابن ماجه 2/953 - 954 (كتاب الجهاد، باب وصية الإمام) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/358.
(7) في: سنن الدارمي 1/390 (كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة) عن عمران بن حصين قال: ما خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أمرنا فيها بالصدقة ونهانا عن المثلة. وفي: البخاري 5/129 (كتاب المغازي، باب قصة عكل وعرينة) . قال قتادة: بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة. وانظر: سنن أبي داود 3 (كتاب الجهاد، باب في النهي عن المثلة)
************************
التمثيل بالكافر بعد موته منه نكاية بالعدو لكن نهي عنه؛ لأنها زيادة إيذاء (1) بلا حاجة، فإن المقصود كف شره بقتله، [وقد حصل] (2) .فهؤلاء الذين يبغضونهم لو كانوا كفارا، وقد ماتوا لم يكن لهم بعد موتهم أن يمثلوا بأبدانهم لا يضربونهم، ولا يشقون بطونهم، ولا ينتفون شعورهم مع أن في ذلك نكاية فيهم، فأما إذا فعلوا ذلك بغيرهم ظنا أن ذلك يصل إليهم كان غاية الجهل، فكيف إذا كان بمحرم (3) كالشاة التي يحرم إيذاؤها بغير حق، فيفعلون ما لا يحصل لهم[به] (4) منفعة أصلا، بل ضرر في الدين. والدنيا، والآخرة مع تضمنه غاية الحمق، والجهل.ومن حماقتهم إقامة المأتم (5) ، والنياحة على من قد (6) قتل من سنين عديدة (7) ، ومن المعلوم أن المقتول، وغيره من الموتى إذا فعل مثل ذلك بهم عقب موتهم كان ذلك مما حرمه الله، ورسوله، فقد ثبت في الصحيح (8) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( «ليس منا من لطم الخدود، وشق
(1) أ: لأنه زائدة إيذاء؛ ب: لأنه زيادة إيذاء.
(2) وقد حصل: ساقطة من (ن، (م) .
(3) ن، م: بمحترم، وهو تحريف.
(4) به: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أ: المآتم.
(6) قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: عظيمة.
(8) ن، م: وفي الصحيح.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (9)
صـ 53 إلى صـ 60
الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» .) (1) . وثبت في الصحيح عنه (2) «أنه بريء من الحالقة، والصالقة، والشاقة» (3) (4 [فالحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة] 4) (4) ، والصالقة هي (5) التي ترفع صوتها [عند المصيبة] (6) بالمصيبة، والشاقة التي تشق ثيابها.وفي الصحيح عنه أنه قال: ( «إن النائحة إذا لم تتب قبل موتها، فإنها تلبس
(1) الحديث بألفاظ مقاربة عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في: البخاري 2/81 (كتاب الجنائز، باب ليس منا من شق الجيوب) ، 2/82 (كتاب الجنائز، باب ليس منا من ضرب الخدود) ، 4/183 - 184 (كتاب المناقب، باب ما ينهى عن دعوة الجاهلية) ؛ مسلم 1/99 (كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود) ؛ سنن الترمذي 2/234 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن ضرب الخدود) ؛ سنن النسائي 4/17 (كتاب الجنائز، باب الخدود) ، 4/18 (كتاب الجنائز، باب شق الجيوب) ؛ سنن ابن ماجه 1/504 - 505 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن ضرب الخدود وشق الجيوب) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/240، 6/79، 116، 167. .
(2) ن، م: وفي الصحيح عنه.
(3) الحديث عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - في: البخاري 2/81 - 82 (كتاب الجنائز، باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة) ولفظه: ". إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريء من الصالقة والحالقة والشاقة ". . الحديث. وهو في مسلم 1/100 (كتاب الإيمان؛ باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية) . وقال النووي (شرح مسلم 2/110) : " فالصالقة: وقعت في الأصول بالصاد، وسلق بالسين، وهما صحيحان، وهما لغتان: السلق والصلق وسلق وصلق وهي صالقة وسالقة؛ وهي التي ترفع صوتها عند المصيبة. والجالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة. والشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة. هذا هو المشهور الظاهر المعروف. وحكى القاضي عياض عن ابن الأعرابي أنه قال: الصلق ضرب الوجه. وأما دعوى الجاهلية فقال القاضي: هي النياحة، وندب الميت والدعاء بالويل وشبهه. والمراد بالجاهلية ما كان في الفترة قبل الإسلام.
(4) (4 - 4) : ساقط من (ن) ، (م) .
(5) هي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) عند المصيبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
**************************
يوم القيامة درعا من جرب، وسربالا من قطران.» ) (1) ، وفي الصحيح عنه أنه قال: ( «من ينح عليه، فإنه يعذب بما ينح عليه» .) (2) ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.وهؤلاء يأتون من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعوى الجاهلية، وغير
(1) الحديث عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - مع حديث آخر قبله في: مسلم 2/644 (كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة) وأول الحديث الأول: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية. " والحديث الثاني نصه: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ". وجاء الحديث مع اختلاف في الألفاظ في: سنن ابن ماجه 1/503 - 504 (كتاب الجنائز، باب في النهي عن النياحة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/342 - 343. وذكر ابن ماجه في سننه 1/405 حديثا بلفظ مقارب عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وجاء في التعليق عليه ما يبين ضعفه.
(2) هذا الحديث جاء في (أ) ، (ب) قبل الحديث السابق وفيهما: من نيح عليه. . بما نيح عليه. والحديث جاء بهذا اللفظ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في: المسند (ط. المعارف) 2/186 - 187 وفيه ". . بما نيح عليه يوم القيامة " وصحح الشيخ أحمد شاكر الحديث. وجاء الحديث بلفظ: " من نيح عليه يعذب بما نيح عليه " عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - (وجاء مطولا في بعض الروايات) في: البخاري 2/80 (كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت) وأوله: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد " مسلم 2/644 (كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه) ؛ سنن الترمذي 2/234 - 235 (كتاب الجنائز، باب في كراهية النوح) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/245 - 252. وأطال النووي في شرحه على مسلم 6/228 - 229 الكلام على هذا الحديث وأمثاله ومن ذلك قوله: " واختلف العلماء في هذه الأحاديث فتأولها الجمهور على من وصى بأن يبكى عليه ويناح بعد موته فنفذت وصيته، فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم لأنه بسببه ومنسوب إليه: قالوا: فأما من بكى عليه أهله وناحوا من غير وصية منه فلا يعذب؛ لقول الله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) [سورة الأنعام: 164] . قالوا: وكان من عادة العرب الوصية بذلك ومنه قول طرفة بن العبد: إذا مت فانعيني بما أنا أهله وشقي علي الجيب يا ابنة معبد قالوا: فخرج الحديث مطلقا حملا على ما كان معتادا لهم.
**************************
ذلك من المنكرات بعد موت الميت بسنين كثيرة ما لو فعلوه عقب موته لكان ذلك من أعظم المنكرات التي حرمها الله ورسوله، فكيف بعد هذه المدة الطويلة.ومن المعلوم أنه قد قتل من الأنبياء، وغير الأنبياء (1) ظلما وعدوانا من هو أفضل من الحسين قتل أبوه ظلما، وهو أفضل منه. وقتل عثمان بن عفان، وكان قتله أول الفتن العظيمة التي وقعت بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وترتب عليه من الشر، والفساد أضعاف ما ترتب على قتل الحسين. وقتل غير هؤلاء ومات، وما فعل أحد - لا من المسلمين، ولا غيرهم - مأتما ولا نياحة على ميت، ولا قتيل بعد مدة طويلة من قتله إلا هؤلاء الحمقى الذين لو كانوا من الطير لكانوا رخما، ولو كانوا من البهائم لكانوا حمرا.ومن ذلك أن بعضهم لا يوقد خشب الطرفاء (2) ؛ لأنه بلغه أن دم الحسين، وقع على شجرة من الطرفاء، ومعلوم. أن تلك الشجرة بعينها لا يكره وقودها، ولو كان عليها من (3) أي دم كان، فكيف بسائر الشجر الذي لم يصبه الدم؟ ! .وحماقاتهم يطول وصفها لا يحتاج إلى أن تنقل (4) بإسناد، [ولكن ينبغي
(1) ن، م: من الأنبياء وغيرهم.
(2) في اللسان: الطرفة شجرة وهي الطرف، والطرفاء جماعة الطرفة. وقال أبو حنيفة: الطرفاء من العضاه، وهدبه مثل هدب الأثل، وليس له خشب وإنما يخرج عصيا سمحة في السماء، وقد تتمحض بها الإبل إذا لم تجد حمضا غيره. وقال أبو عمرو: الطرفاء من الحمض.
(3) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ: ومن حماقاتهم كما يطول وصفها لا يحتاج أن تنقل؛ ب: ومن حماقاتهم ما يطول وصفها ولا يحتاج أن تنقل.
**********************
أن يعلم مع هذا] (1) أن المقصود (2) أنه من ذلك الزمان القديم يصفهم الناس بمثل هذا من عهد التابعين، وتابعيهم، (3 [كما ثبت بعض ذلك إما عن الشعبي، وإما أن يكون من كلام عبد الرحمن، وعلى التقديرين، فالمقصود حاصل، فإن عبد الرحمن كان في زمن تابعي التابعين، وإنما ذكرنا هذا؛ لأن عبد الرحمن] 3) (3) ، وكثيرا من الناس لا يحتج بروايته المفردة إما لسوء حفظه، وإما لتهمة. (4) في تحسين الحديث، وإن كان له علم، ومعرفة بأنواع من العلوم - ولكن يصلحون (5) للاعتضاد، والمتابعة كمقاتل بن سليمان، ومحمد بن عمر الواقدي، وأمثالهما، فإن كثرة الشهادات، والأخبار قد توجب العلم، وإن لم يكن كل من المخبرين ثقة حافظا (6) حتى يحصل العلم بمخبر الأخبار المتواترة، وإن كان المخبرون من أهل الفسوق إذا لم يحصل بينهم تشاعر (7) ، وتواطؤ، والقول الحق الذي يقوم عليه الدليل يقبل من كل من قاله، وإن لم يقبل بمجرد إخبار المخبر به.فلهذا ذكرنا ما ذكره عبد الرحمن بن مالك بن مغول، فإن غاية ما فيه أنه قاله ذاكرا لا آثرا (8) ، وعبد الرحمن هذا يروي عن أبيه، وعن الأعمش، وعن
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: والمقصود.
(3) (3 - 3) : ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب: لتهمته؛ أ: التهمة.
(5) ب: يصلح.
(6) ن، م: حافظا ثقة.
(7) ب: تشاغر؛ م: تشاور.
(8) ب: إنه قال ذاكرا لأثر.
******************************
عبيد (1) الله بن عمر، ولا يحتج بمجرد (2) مفرداته، فإنه ضعيف.ومما ينبغي أن يعرف أن ما يوجد في جنس الشيعة من الأقوال، والأفعال المذمومة، وإن كان أضعاف ما ذكر لكن قد لا يكون هذا كله في الإمامية [الاثني عشرية] (3) ، ولا في الزيدية، ولكن يكون كثير منه في الغالية، وفي كثير من عوامهم مثل ما يذكر عنهم من تحريم لحم الجمل، وأن الطلاق يشترط فيه رضا المرأة، ونحو ذلك مما يقوله بعض عوامهم (4) ، وإن كان علماؤهم لا يقولون ذلك لكن لما كان أصل مذهبهم (5) مستندا إلى جهل كانوا أكثر الطوائف كذبا. وجهلا (6) .[الرافضة هم أضل الناس في المعقول والمنقول](فصل)ونحن نبين إن شاء الله تعالى طريق الاستقامة في معرفة هذا الكتاب (7) (منهاج الندامة.) بحول الله وقوته، وهذا الرجل سلك مسلك
(1) ن: عبد.
(2) بمجرد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الاثني عشرية: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: ونحو ذلك مما يقوله من يقوله من عوامهم. وسقطت (بعض) من (م) .
(5) ن، م: لكن لما ضار أهل مذهبهم، وهو تحريف.
(6) الفقرة الطويلة التي أولها: ولكن ينبغي أن يعلم مع هذا أن المقصود أنه من ذلك الزمان القديم (ص 35 س [0 - 9] ) . . كانوا أكثر الطوائف كذبا وجهلا، هي الفقرة التي أشرت إليها في (ص 23 ت [0 - 9] ) . وقد كان إثباتها في ذلك الموضع في نسختي (ن) ، (م) خطأ من الناسخ.
(7) م: ما في هذا الكتاب.
**************************
سلفه شيوخ الرافضة كابن النعمان المفيد (1) ، ومتبعيه: كالكراجكي (2) ، وأبي القاسم الموسوي (3) ، والطوسي (4) ، وأمثالهم، فإن الرافضة في الأصل ليسوا أهل علم، وخبرة بطريق النظر، والمناظرة، ومعرفة الأدلة، وما يدخل فيها من المنع، والمعارضة، كما أنهم من أجهل الناس بمعرفة المنقولات، والأحاديث، والآثار، والتمييز بين صحيحها وضعيفها، وإنما عمدتهم في المنقولات على تواريخ منقطعة الإسناد، وكثير منها من وضع المعروفين بالكذب، بل (5) وبالإلحاد، وعلماؤهم يعتمدون على نقل مثل أبي مخنف
(1) محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي الملقب بالشيخ المفيد. قال الخوانساري (روضات الجنات، ص [0 - 9] 36) : كان من أجل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم، وكل من تأخر عنه استفاد منه، توفي سنة 413. وانظر ترجمته في روضات الجنات، ص [0 - 9] 36 - 543؛ تنقيح المقال 3/180 - 181؛ شذرات الذهب 3/199 - 200.
(2) محمد بن علي الكراجكي الشيخ أبو الفتح المتوفى سنة 449، وهو من تلامذة المفيد. ترجمته في تنقيح المقال 3/159؛ روضات الجنات، ص [0 - 9] 52 - 553؛ لسان الميزان 5/300.
(3) علي بن الحسين بن موسى بن محمد أبو القاسم ويعرف بالسيد المرتضى علم الهدى. ذكر الخوانساري أنه قرأ على الشيخ المفيد، وقد توفي سنة 436. ترجمته في روضات الجنات، ص [0 - 9] 74 - 379؛ الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 06 - 207؛ لسان الميزان 4/223 - 225؛ مقدمة " أمالي المرتضى " تحقيق الأستاذ أبي الفضل إبراهيم، القاهرة، 1954.
(4) محمد بن الحسن بن علي الطوسي أبو جعفر شيخ الإمامية ورئيس الطائفة، كان تلميذا للشيخ المفيد وتوفي سنة 460. ترجمته في تنقيح المقال 3/104 - 105؛ روضات الجنات، ص [0 - 9] 53؛ الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 16؛ لسان الميزان 5/135.
(5) بل: زيادة في (ن) فقط.
*************************
لوط بن يحيى (1) ، وهشام بن محمد بن السائب (2) ، وأمثالهما من المعروفين بالكذب عند أهل العلم مع أن أمثال هؤلاء هم من (3) أجل من يعتمدون عليه في النقل إذ كانوا يعتمدون على من هو في غاية الجهل، والافتراء ممن لا يذكر في الكتب، ولا يعرفه أهل العلم بالرجال.[الرافضة هم أكذب الطوائف]وقد اتفق أهل العلم بالنقل، والرواية، والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب قال: أبو حاتم الرازي (4). سمعت يونس بن عبد الأعلى (5) يقول: (6) قال أشهب بن عبد العزيز (7) سئل مالك عن
(1) أ، ب: أبي مخنف لوط بن علي، وهو خطأ في ميزان الاعتدال 2/260. " لوط بن يحيى أبو مخنف، إخباري تالف لا يوثق به تركه أبو حاتم وغيره. وقال ابن عدي شيعي محترق صاحب أخبارهم، وقد مات قبل السبعين ومائة ". وانظر ترجمته في: روضات الجنات، ص 732؛ الرجال للنجاشي، ص 245.
(2) هو هشام بن محمد السائب الكلبي في ميزان الاعتدال 3/256. قال الدارقطني وغيره: متروك، وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة. مات سنة أربع ومائتين ". وانظر ترجمته أيضا في: الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 39 - 340.
(3) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أبو حاتم الرازي الحافظ الكبير من أقران البخاري ومسلم، وهو محمد بن إدريس الحنظلي ولد بالري سنة 195 وتوفي ببغداد سنة 227. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 9/31 - 34؛ تذكرة الحفاظ 2/557 - 559؛ تاريخ بغداد 2 - 77؛ طبقات الحنابلة 1/283 - 386؛ سزكين 1/273 - 274؛ الأعلام 6
(5) يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة أبو موسى المصري المتوفى سنة 264. ذكر عنه الشافعي: ما رأيت بمصر أعقل من يونس بن عبد الأعلى. ترجمته في ابن خلكان 6/247 - 250؛ الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 79.
(6) ن، م: قال.
(7) أبو عمرو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي المتوفى سنة 204. ترجمته في ابن خلكان 1/215 - 217؛ تهذيب التهذيب 1/359 - 360.
*************************
الرافضة، فقال: لا تكلمهم، ولا ترو عنهم، فإنهم يكذبون، وقال. أبو حاتم: حدثنا حرملة (1) [قال] (2) : سمعت الشافعي يقول: لم أر أحدا أشهد بالزور من الرافضة، وقال. مؤمل بن إهاب (3) : سمعت يزيد بن هارون (4) يقول: يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة، فإنهم يكذبون، وقال. محمد بن سعيد الأصبهاني (5) : سمعت شريكا يقول: أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث، ويتخذونه دينا، [وشريك هذا هو شريك بن عبد الله القاضي، قاضي الكوفة، من أقران الثوري، وأبي حنيفة، وهو من الشيعة الذي يقول بلسانه: أنا من الشيعة، وهذه شهادته فيهم] (6) ، وقال أبو معاوية (7) : سمعت الأعمش يقول: أدركت الناس، وما يسمونهم إلا الكذابين، يعني
(1) أبو عبد الله حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي الزميلي المصري صاحب الإمام الشافعي، المتوفى سنة 243. ترجمته في ابن خلكان 1/353 - 354؛ الخلاصة للخزرجي، ص 63.
(2) قال: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) مؤمل بن إهاب بن عبد العزيز الربعي المتوفى سنة 254. قال عنه أبو حاتم: صدوق، ترجمته في الخلاصة للخزرجي، ص 237.
(4) يزيد بن هارون السلمي أبو خالد الواسطي أحد الأعلام الحفاظ المشاهير، توفي سنة 206. ترجمته في الخلاصة للخزرجي، ص 374.
(5) محمد بن سعيد بن سليمان الكوفي المعروف بابن الأصبهاني، روى عن شريك وروى عنه البخاري، وقال النسائي عنه: ثقة، توفي سنة 220. الخلاصة للخزرجي، ص 288.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) هو محمد بن حازم التميمي أبو معاوية الضرير تلميذ الأعمش، وثقه النسائي وقال ابن شيبة: ربما دلس، توفي سنة 195. الخلاصة للخزرجي، ص 284 - 285.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (10)
صـ 61 إلى صـ 68
أصحاب المغيرة بن سعيد (1) قال. الأعمش: ولا عليكم ألا تذكروا (2) هذا، فإني لا آمنهم أن يقولوا: إنا أصبنا الأعمش (3) مع امرأة.وهذه آثار ثابتة رواها (4) [أبو عبد الله] (5) بن بطة في (الإبانة الكبرى.) (6) هو وغيره، وروى أبو القاسم الطبري (* كلام الشافعي فيهم من وجهين من رواية الربيع (7) قال: سمعت *) (8) . الشافعي يقول: ما رأيت في أهل الأهواء قوما
(1) هو المغيرة بن سعيد البجلي أبو عبد الله الكوفي. كان مولى لخالد بن عبد الله القسري، ولما ادعى النبوة لنفسه قتله خالد وصلبه وأحرقه في حدود العشرين ومائة. وقد وصف الذهبي (ميزان الاعتدال 3/191) المغيرة بأنه الرافضي الكذاب. انظر ترجمته في ميزان الاعتدال 3/191 - 192؛ الملل والنحل 1/157 - 158؛ الإسفراييني، ص [0 - 9] 3؛ الفرق بين الفرق، 146 - 148؛ المقالات 1/68 - 73، 75 - 76.
(2) أ، ب: أن تذكروا.
(3) الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي في ميزان الاعتدال 1/423: أحد الأئمة الثقات، عداده في صغار التابعين، ما نقموا عليه إلا التدليس. يحسن الظن بمن يحدثه ويروي عنه، ولا يمكننا بأن نقطع عليه بأنه علم ضعف ذلك الذي يدلسه فإن هذا حرام. ونقل ابن حجر (تهذيب التهذيب 4/223) ؛ عن العجلي أن الأعمش كان فيه تشيع، وقد توفي سنة 148. انظر ترجمته في: شذرات الذهب 1/220 - 223؛ تهذيب التهذيب 4/222 - 226؛ روضات الجنات 319 - 320.
(4) ب: قد رواها؛ أ: قد رواه.
(5) أبو عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) عبد الله بن محمد بن محمد بن حمدان أبو عبد الله العكبري المعروف بابن بطة، توفي سنة 387. ذكر ابن أبي يعلى من مصنفاته " الإبانة الكبرى " و " الإبانة الصغرى ". انظر ترجمته في طبقات الحنابلة 2/144 - 153؛ شذرات الذهب 3/122 - 124.
(7) هو الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي المصري صاحب الشافعي وراوي " الأم ". روى له الترمذي ووثقه ابن يونس، توفي سنة 270. الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 8؛ ابن خلكان 2 (52 - 53) .
(8) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) ومكانه في (أ) : وروى أبو القاسم الطبري كلام؛ (ب) : وروى أبو القاسم الطبري كان
******************
أشهد بالزور من الرافضة، ورواه أيضا من طريق حرملة، وزاد في ذلك: ما رأيت أشهد على الله بالزور من الرافضة، وهذا المعنى، وإن كان صحيحا، فاللفظ الأول هو الثابت عن الشافعي، ولهذا ذكر الشافعي ما ذكره أبو حنيفة، وأصحابه أنه يرد (1) شهادة من عرف بالكذب كالخطابية (2) ورد شهادة من عرف بالكذب متفق عليه بين الفقهاء، وتنازعوا في شهادة سائر أهل الأهواء هل تقبل مطلقا؟ أو ترد مطلقا؟ أو ترد شهادة الداعية إلى البدع؟ وهذا القول الثالث هو الغالب على أهل الحديث لا يرون الرواية عن الداعية إلى البدع، ولا شهادته، ولهذا لم يكن في كتبهم الأمهات كالصحاح، والسنن، والمسانيد (3) الرواية عن المشهورين بالدعاء إلى البدع، وإن كان فيها الرواية عمن فيه نوع من
(1) أ، ب: رد.
(2) الخطابية من غلاة الشيعة أتباع أبي الخطاب محمد بن أبي زينب مقلاص الأسدي الكوفي الأجدع المقتول سنة 143. قال النوبختي (فرق الشيعة، ص [0 - 9] 7 - 38) : " كان أبو الخطاب يدعي أن. أبا عبد الله جعفر بن محمد (الصادق) - عليهما السلام - جعله قيمه ووصيه من بعده، وعلمه اسم الله الأعظم، ثم تراقى إلى أن ادعى النبوة، ثم ادعى الرسالة، ثم ادعى أنه من الملائكة وأنه رسول الله إلى أهل الأرض والحجة عليهم ". وذكر الأشعري أن الخطابية خمس فرق. انظر: مقالات الإسلاميين 1 - 81؛ الملل والنحل 1/380 - 385، الفرق بين الفرق ص [0 - 9] 50 - 155؛ التبصير في الدين ص [0 - 9] 3 - 74؛ أصول الدين، ص [0 - 9] 98، 331؛ الفصل لابن حزم 4/187، الخطط للمقريزي 2/352؛ التنبيه للملطي، ص [0 - 9] 54، فرق الشيعة، ص [0 - 9] 3 - 64؛ البدء والتاريخ 5/131؛ الرجال للكشي (ط. الأعلمي، النجف) ، ص [0 - 9] 46 - 260. .
(3) أ، ب: والمساند.
**************************
بدعة كالخوارج (1) ، والشيعة، والمرجئة (2) ، والقدرية، وذلك. لأنهم (3) لم يدعوا الرواية عن هؤلاء للفسق كما يظنه بعضهم، ولكن من أظهر بدعته. وجب الإنكار عليه بخلاف من أخفاها، وكتمها، وإذا وجب الإنكار عليه كان من ذلك أن يهجر حتى ينتهي عن إظهار بدعته، ومن هجره أن لا يؤخذ عنه العلم، ولا يستشهد.وكذلك تنازع الفقهاء في الصلاة خلف أهل الأهواء، والفجور منهم من أطلق (4 الإذن، ومنهم من أطلق 4) (4) المنع، والتحقيق أن الصلاة خلفهم لا ينهى عنها لبطلان صلاتهم في نفسها لكن لأنهم إذا أظهروا المنكر استحقوا أن يهجروا، وأن لا يقدموا في الصلاة على المسلمين، ومن هذا الباب ترك عيادتهم، وتشييع جنائزهم كل هذا من باب الهجر المشروع في إنكار المنكر للنهي عنه (5) .وإذا عرف أن هذا هو من باب العقوبات الشرعية علم أنه يختلف
(1) ن، م: الخوارج.
(2) المرجئة هم الذين كانوا يؤخرون العمل عن الإيمان، بمعنى أنهم كانوا يجعلون مدار الإيمان على المعرفة بالله والمحبة له والإقرار بوحدانيته، ولا يجعلون هذا الإيمان متوقفا على العمل. وأكثر المرجئة يرون أن الإيمان لا يتبعض ولا يزيد ولا ينقص، وبعضهم يقول إن أهل القبلة لن يدخلوا النار مهما ارتكبوا من المعاصي. انظر المقالات 1/197 - 215؛ الملل والنحل 1/125 - 130؛ الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 22 - 125؛ الفصل لابن حزم 5 - 75؛ التبصير في الدين، ص [0 - 9] 9 - 61؛ الحور العين، ص [0 - 9] 03 - 204؛ البدء والتاريخ 5/144 - 146؛ الخطط للمقريزي 2/349 - 350؛ كشاف اصطلاحات الفنون (ط. بيروت) 2/252 - 256.
(3) ن، م: أنهم.
(4) (4 - 4) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: المنهي عنه.
*************************
باختلاف الأحوال من قلة البدعة، وكثرتها، وظهور السنة، وخفائها، وأن المشروع (1) قد يكون (2) هو التأليف تارة، والهجران أخرى، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتألف أقواما من المشركين ممن هو (3) حديث عهد بالإسلام (4) ، [ومن يخاف عليه الفتنة] (5) ، فيعطي المؤلفة قلوبهم ما لا يعطي غيرهم.قال في الحديث الصحيح: ( «إني أعطي رجالا، وأدع رجالا (6) ، والذي أدع أحب إلي من الذي (7) أعطي. أعطي رجالا لما جعل الله. (8) في قلوبهم من الهلع، والجزع، وأدع رجالا لما [جعل الله.] (9) في قلوبهم من الغنى، والخير، منهم عمرو بن تغلب.» ) (10)وقال: ( «إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله على
(1) أ: الشروع، وهو تحريف.
(2) قد يكون: ساقطة من (ب) فقط.
(3) ب (فقط) : ومن هو.
(4) ن، م: بإسلام.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) وأدع رجالا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: من الذين.
(8) جعل الله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) جعل الله: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) ن، م: عمرو بن تعلب؛ أ، ب: عمرو بن ثعلبة. والصواب ما أثبته. انظر: الإصابة 2/519. والحديث - مع اختلاف يسير في الألفاظ - عن عمرو بن تغلب - رضي الله عنه - في: البخاري 2/10 - 11 (كتاب الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد) ، 9/156 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: إن الإنسان خلق هلوعا.) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/69.
*************************
وجهه في النار.» ) (1) ، [أو كما قال] (2) . وكان يهجر بعض المؤمنين، (3) كما هجر الثلاثة الذين خلفوا في (4) غزوة تبوك (5) ؛ لأن المقصود دعوة الخلق إلى طاعة الله بأقوم طريق، فيستعمل الرغبة حيث تكون أصلح، والرهبة حيث تكون أصلح.ومن عرف هذا تبين له أن من رد الشهادة والرواية مطلقا من أهل البدع المتأولين، فقوله ضعيف، فإن السلف قد دخلوا بالتأويل في أنواع عظيمة.ومن جعل المظهرين للبدعة أئمة في العلم، والشهادة لا ينكر عليهم بهجر، ولا ردع، فقوله ضعيف أيضا، وكذلك من صلى خلف المظهر للبدع، والفجور من غير إنكار عليه، ولا استبدال به من هو خير منه مع القدرة على ذلك، فقوله ضعيف، وهذا يستلزم إقرار المنكر الذي يبغضه الله، ورسوله مع القدرة على إنكاره، وهذا لا يجوز، ومن أوجب الإعادة على [كل] (6)
(1) أ: أن يكبه في النار؛ ب: أن يكبه الله في النار على وجهه. والحديث عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في: البخاري 1/10 (كتاب الإيمان، باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.) وأوله: عن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى رهطا وسعد جالس. الحديث وفيه: ثم قال: " يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار ". وهو في: مسلم 1/132 - 133 (كتاب الإيمان، باب تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه.) .
(2) أو كما قال: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: وهجر بعض المؤمنين.
(4) ب (فقط) : تخلفوا عن.
(5) قصة الثلاثة الذي خلفوا في غزوة تبوك وهجر النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءت في أكثر من كتاب من الصحاح وهي في: البخاري 6/70 (كتاب التفسير، سورة براءة، وعلى الثلاثة الذين خلفوا) .
(6) كل: زيادة في (أ) ، (ب) .
**********************
من صلى خلف كل (1) ذي، فجور، وبدعة، فقوله ضعيف، فإن السلف، والأئمة (2) من الصحابة، والتابعين صلوا خلف هؤلاء، وهؤلاء لما كانوا ولاة عليهم، ولهذا كان من أصول أهل السنة أن الصلوات التي يقيمها ولاة الأمور تصلى خلفهم على أي حال كانوا، كما يحج معهم، ويغزى معهم، وهذه المسائل (3) مبسوطة في غير هذا الموضع.والمقصود هنا أن العلماء كلهم متفقون على أن الكذب في الرافضة أظهر منه في سائر طوائف أهل القبلة، ومن تأمل كتب الجرح، والتعديل المصنفة في أسماء الرواة، والنقلة، وأحوالهم - مثل كتب يحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم الرازي، والنسائي، وأبي حاتم بن حبان، وأبي أحمد بن عدي. والدارقطني، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني السعدي، ويعقوب بن سفيان الفسوي (4) ، وأحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، والعقيلي، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، والحاكم النيسابوري، والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وأمثال هؤلاء الذين هم جهابذة، ونقاد، وأهل معرفة بأحوال الإسناد - رأى المعروف عندهم بالكذب في الشيعة (5) أكثر منهم في جميع الطوائف حتى أن أصحاب الصحيح كالبخاري
(1) كل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: فإن السلف من الأئمة.
(3) أ، ب: الأمور.
(4) الفسوي: ساقطة من (م) .
(5) أ، ب: الكذب في الشيعة.
*************************
لم يرو عن أحد من قدماء الشيعة مثل عاصم بن ضمرة (1) ، والحارث الأعور (2) ، وعبد الله بن سلمة (3) ، وأمثالهم مع أن هؤلاء [من] (4) خيار الشيعة، (5 وإنما يروي أصحاب الصحيح حديث علي عن أهل بيته 5) (5) كالحسن، والحسين (6) ، ومحمد ابن الحنفية، وكاتبه [عبيد الله] (7) بن أبي رافع، أو عن (8) أصحاب عبد الله (9) بن مسعود: كعبيدة السلماني، والحارث بن قيس، أو عمن يشبه هؤلاء، وهؤلاء أئمة النقل، ونقاده من أبعد الناس عن الهوى، وأخبرهم بالناس، وأقولهم بالحق (10) لا يخافون في الله لومة لائم.والبدع متنوعة (11) ، فالخوارج مع أنهم مارقون يمرقون من الإسلام كما.
(1) ن: عاصم بن صحره، وهو خطأ. وهو عاصم بن ضمرة السلولي الكوفي من أصحاب علي، وثقه ابن المديني وابن معين، وتكلم فيه ابن عدي وابن حبان، توفي سنة 174. انظر الخلاصة للخزرجي ص 154؛ ميزان الاعتدال 1/3.
(2) وهو الحارث بن عبد الله الهمداني الأعور. قال الذهبي (ميزان الاعتدال 2/202) : من كبار علماء التابعين على ضعف فيه، وذكر أن البخاري أخرج له حديثا في كتاب " الضعفاء ". وقال الخزرجي (الخلاصة، ص [0 - 9] 8) : أحد كبار الشيعة. وقال الشعبي وابن المديني: كذاب. قال ابن معين في رواية والنسائي: ليس به بأس. توفي سنة 165.
(3) عبد الله بن سلمة (بكسر اللام) الهمداني المرادي الكوفي صاحب علي. قال البخاري: لا يتابع في حديثه، ووثقه العجلي. انظر ميزان الاعتدال 2/42؛ الخلاصة للخزرجي ص [0 - 9] 69.
(4) من: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) (5 - 5) : بدلا من هذه العبارات جاء في (أ) ، (ب) : وإنما يروون عن أهل البيت.
(6) ن، م: بيته كالحسين.
(7) عبيد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) ن، م: وعن.
(9) عبد الله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) ن: وأقوالهم وأحوالهم.
(11) ن، م: مبتدعة.
************************
يمرق السهم من الرمية، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم، واتفق الصحابة، وعلماء المسلمين على قتالهم، وصح فيهم الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عشرة أوجه رواها مسلم. [في صحيحه] (1) روى البخاري ثلاثة منها (2) ليسوا ممن يتعمد الكذب، بل هم معروفون بالصدق حتى يقال: إن حديثهم من أصح الحديث لكنهم جهلوا، وضلوا في بدعتهم، ولم تكن بدعتهم عن زندقة، وإلحاد، بل عن جهل، وضلال في معرفة معاني الكتاب.وأما الرافضة، فأصل بدعتهم عن زندقة، وإلحاد، وتعمد الكذب كثير فيهم (3) ، وهم يقرون بذلك حيث يقولون: ديننا التقية، وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنفاق، ويدعون مع هذا أنهم هم المؤمنون دون غيرهم من أهل الملة، ويصفون السابقين الأولين بالردة، والنفاق، فهم في ذلك، كما قيل: رمتني بدائها، وانسلت
(1) في صحيحه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: منها ثلاثة. وقد خصص مسلم - رحمه الله - باب 47 وهو باب ذكر الخوارج وصفاتهم من كتاب الزكاة أورد فيه الأحاديث من أرقام: 142 - 153 في ج [0 - 9] ص [0 - 9] 40 - 746 ثم جعل بابا آخر في نفس الكتاب بعنوان: باب التحريض على الخوارج (ص [0 - 9] 46 - 749) فيه الأحاديث من رقم 154 إلى رقم 157، ثم أفرد بابا ثالثا بعده بعنوان: باب الخوارج شر الخلق والخليقة فيه الأحاديث 158، 159، 160. وأما البخاري - رحمه الله - فذكر حديثا عن الخوارج 4/137 (كتاب الأنبياء، باب قول الله - عز وجل -: وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية) وذكر بعد ذلك حديثين 4/200 - 201 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة) .
(3) أ، ب: فيهم كثير.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (11)
صـ 69 إلى صـ 75
إذ ليس في المظهرين (1) للإسلام أقرب إلى النفاق والردة منهم، ولا يوجد المرتدون، والمنافقون في طائفة أكثر مما يوجد فيهم، واعتبر ذلك بالغالية من النصيرية، وغيرهم، وبالملاحدة الإسماعيلية، وأمثالهم.
وعمدتهم في الشرعيات ما نقل لهم عن بعض أهل البيت، وذلك النقل منه ما هو صدق، ومنه ما هو كذب عمدا، أو خطأ، وليسوا أهل معرفة بصحيح المنقول وضعيفه كأهل المعرفة بالحديث، ثم إذا صح [النقل] (2) عن بعض (3) هؤلاء، فإنهم بنوا وجوب قبول قول الواحد من هؤلاء على ثلاثة أصول: على أن الواحد من هؤلاء معصوم مثل عصمة الرسول، وعلى أن ما يقوله أحدهم، فإنما يقول نقلا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنهم قد علم منهم أنهم قالوا: مهما قلنا، فإنما نقوله نقلا عن الرسول، ويدعون العصمة في أهل (4) النقل، والثالث (5) : أن إجماع العترة حجة، ثم يدعون أن العترة هم الاثنا عشر، ويدعون أن ما نقل عن أحدهم، فقد أجمعوا [كلهم] (6) عليه.فهذه أصول الشرعيات عندهم، وهي أصول فاسدة، كما سنبين ذلك في موضعه لا يعتمدون على القرآن، ولا على الحديث، ولا على إجماع إلا لكون المعصوم منهم، ولا على القياس، وإن كان، واضحا جليا (7) .
(1) أ، ب: المظاهرين.
(2) النقل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) بعض: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: هذا.
(5) ن، م: الثالث.
(6) كلهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب: جليا واضحا.
**************************
[اعتماد متأخري الإمامية على المعتزلة في المعقولات]
وأما عمدتهم في النظر، والعقليات، فقد اعتمد متأخروهم على كتب المعتزلة، ووافقوهم في مسائل الصفات، والقدر، والمعتزلة في الجملة (1) أعقل، وأصدق، وليس في المعتزلة من يطعن في خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان [رضوان الله تعالى عليهم أجمعين] (2) ، بل هم متفقون على تثبيت خلافة الثلاثة.وأما التفضيل، فأئمتهم، وجمهورهم كانوا يفضلون أبا بكر، وعمر [رضي الله عنهما] (3) ، وفي متأخريهم من توقف في التفصيل، وبعضهم فضل عليا، فصار بينهم وبين الزيدية نسب واشج (4) من جهة المشاركة في التوحيد، والعدل، والإمامة، والتفضيل، وكان قدماء المعتزلة، [وأئمتهم] (5) كعمرو بن عبيد (6) ، وواصل بن عطاء، (7) وغيرهم متوقفين. (8) في عدالة
(1) ما بين النجمتين ساقط من (أ) وسقط من (ب) إلا كلمة والمعتزلة.
(2) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: راجح.
(5) وأئمتهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) عمرو بن عبيد بن باب أبو عثمان من أئمة المعتزلة، توفي سنة 144، انظر ترجمته في: المنية والأمل لابن المرتضى، ص [0 - 9] 2 - 24؛ ابن خلكان 3/130 - 133؛ شذرات الذهب 1/210 - 211؛ تاريخ بغداد 12/166 - 188؛ ميزان الاعتدال 3/273 - 280؛ مروج الذهب للمسعودي 3/313 - 314؛ سزكين 2/361 - 362؛ الأعلام 5/252. وإليه تنسب فرقة العمروية من فرق المعتزلة، انظر عنها: الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 2 - 73؛ الإسفراييني، ص [0 - 9] 2.
(7) واصل بن عطاء الغزال، كان من تلاميذ الحسن البصري ثم اعتزله فقيل إن أتباعه سموا المعتزلة لذلك، فهو رأس المعتزلة، توفي سنة 131. ترجمته في شذرات الذهب 1/182 - 183. وتسمى فرقته بالواصلية، انظر عنها: الملل والنحل 1
- 53؛ الإسفراييني، ص [0 - 9] 0 - 42؛ الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 0 - 72.
(8) ن: متوقفون؛ م: متفقون.
**********************
علي، فيقولون - أو من يقول منهم -: قد فسقت إحدى الطائفتين - إما علي، وإما طلحة، والزبير - لا يعينها (1) ، فإن شهد هذا، وهذا لم تقبل شهادتهما لفسق أحدهما لا يعينه (2) ، وإن شهد علي مع شخص آخر عدل، ففي قبول شهادة علي بينهم نزاع.وكان متكلمو الشيعة كهشام بن الحكم (3) ، وهشام بن الجواليقي (4) ، ويونس بن عبد الرحمن القمي (5) ، وأمثالهم يزيدون في إثبات الصفات على مذهب أهل السنة، فلا يقنعون بما يقوله أهل السنة، والجماعة من
(1) ن: بعينهما؛ أ، ب: لا بعينها.
(2) ن، أ، ب: لا بعينه.
(3) ب: هشام بن عبد الحكم، وهو خطأ. وهشام بن الحكم البغدادي الكندي مولى ابن شيبان من الشيعة الإمامية الذين غالوا في التجسيم والتشبيه، توفي بعد نكبة البرامكة (187 هـ) بمدة يسيرة، وقيل: بل في خلافة المأمون (198 - 218) . انظر الكلام عنه وعن الهشامية (من فرق الإمامية وتنسب إليه وإلى هشام بن سالم الجواليقي أحيانا ويميز بين فرقة كل منهما أحيانا أخرى) في: المقالات 1/102 - 104؛ الملل والنحل 1/164 - 166؛ الإسفراييني، ص [0 - 9] 3 - 24؛ الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 9، 34، 41، 42، 67، 139؛ ابن النديم: تكملة الفهرست، ص [0 - 9] ، الفهرست، ص [0 - 9] 75 - 176؛ فهرست الطوسي، ص [0 - 9] 74 - 176، أخبار الرجال للكشي، ص [0 - 9] 65 - 181.
(4) هشام بن سالم الجواليقي الجعفي العلاف من الإمامية المشبهة. ترجمته في فهرست الطوسي، ص [0 - 9] 74؛ فهرست ابن النديم، ص [0 - 9] 77؛ أخبار الرجال للكشي، ص [0 - 9] 81 - 184. وتسمى فرقته بالهشامية أو الجواليقية. انظر: المقالات 1/105؛ الفرق بين الفرق ص [0 - 9] 2 - 43؛ الملل والنحل 1/164 - 166.
(5) يونس بن عبد الرحمن القمي، من الإمامية المشبهة أيضا، توفي سنة 208. انظر ترجمته في: فهرست الطوسي، ص [0 - 9] 81 - 182. وإليه تنسب فرقة اليونسية. انظر المقالات 1/106؛ الفرق بين الفرق، ص 43؛ التبصير في الدين، ص [0 - 9] 4؛ الملل والنحل 1/168.
***************************
أن (1) القرآن غير مخلوق، وأن الله يرى في الآخرة، وغير ذلك من مقالات أهل السنة، [والحديث] (2) حتى يبتدعون في الغلو في الإثبات، والتجسيم، والتبعيض (3) ، والتمثيل ما هو معروف من مقالاتهم [التي ذكرها الناس] (4) .ولكن في أواخر المائة الثالثة دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي صاحب كتاب (الآراء والديانات.) (5) ، وأمثاله، وجاء بعد (6) هؤلاء المفيد بن النعمان، وأتباعه.ولهذا تجد (7) . المصنفين في المقالات - كالأشعري - لا يذكرون عن أحد من الشيعة أنه. وافق المعتزلة في توحيدهم، وعدلهم إلا عن بعض متأخريهم، وإنما يذكرون عن بعض (8) قدمائهم التجسيم، وإثبات القدر، وغيره، وأول من عرف عنه في الإسلام أنه قال (9) : إن الله جسم،
(1) أ: أهل السنة بما يقوله أهل السنة والجماعة فلا يمنعون من القرآن؛ ب: أهل السنة بما يقوله أهل السنة والجماعة فلا يمنعون من القول بأن القرآن.
(2) والحديث: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: والتنقيص؛ م: والتقيص.
(4) التي ذكرها الناس: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ابن النوبختي هو أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي، المتوفى سنة 300. انظر ترجمته في مقدمة كتاب " فرق الشيعة " تحقيق ريتر. وقد ذكر ابن النديم (الفهرست، ص [0 - 9] 77) أن ابن النوبختي ألف كتاب " الآراء والديانات " ولم يتمه. وانظر مقدمة " فرق الشيعة " (ص يز) ؛ سزكين م [0 - 9] ، 3/289 - 290.
(6) ن، م: وأمثاله وبعد. .
(7) ب: نجد.
(8) بعض: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: عنه أنه قال في الإسلام.
**************************
[هو] (1) هشام بن الحكم (* بل قال: الجاحظ في كتابه " الحجج في النبوة " (2) ليس على ظهرها رافضي إلا وهو يزعم أن ربه مثله، وأن البدوات تعرض له، وأنه لا يعلم الشيء قبل كونه إلا بعلم يخلقه لنفسه *) (3) ، وقد كان (4) ابن الراوندي، وأمثاله من المعروفين بالزندقة، [والإلحاد] (5) صنفوا (6) لهم كتبا أيضا على أصولهم.
[فصل مقدمة كتاب ابن المطهر]
[الإمامة هي أهم المطالب في أحكام الدين وأشرف مسائل المسلمين](فصل)قال. المصنف [الرافضي] (7) :أما بعد (8) ، فهذه رسالة شريفة، ومقالة لطيفة، اشتملت على.
(1) هو زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن: بصحيح النبوة؛ م: تصحيح النبوة. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته. وقد ذكره ياقوت في معجم الأدباء 6/77، كما ذكر له (6) كتاب " النبي والمتنبئ ". وقد نشرت قطعة من كتاب " حجج النبوة " في: رسائل الجاحظ، جمعها ونشرها حسن السندوبي (ص [0 - 9] 17 - 154) القاهرة، 1352 1933، وذكر بروكلمان الكتاب وأسماه حجة (أو حجج) النبوة، وذكر أن منه نسخة مخطوطة في المتحف البريطاني بلندن، وأنه نشر عدة مرات. انظر: تاريخ الأدب العربي لبروكلمان، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار 3/112، ط. المعارف، القاهرة، 1962. .
(3) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: وكان.
(5) والإلحاد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: صنف.
(7) الرافضي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) أما بعد: ساقطة من (م) .
****************************
أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين، وهي مسألة الإمامة التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة، وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان، والتخلص من غضب الرحمن، [فقد قال] رسول الله. (1) - صلى الله عليه وسلم -: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» .خدمت بها خزانة السلطان الأعظم مالك رقاب الأمم ملك ملوك طوائف العرب، والعجم مولى النعم، ومسدي (2) الخير، والكرم شاهنشاه المكرم (3) ، غياث الملة والحق. والدين الجايتو خدابنده (4) قد لخصت فيه خلاصة الدلائل، وأشرت إلى رءوس المسائل (5) ، وسميتها (منهاج الكرامة في معرفة الإمامة.) (6) .ورتبتها على فصول: الفصل الأول: في نقل المذاهب في هذه المسألة.) .ثم ذكر الفصل الثاني: (في أن مذهب الإمامية. واجب.
(1) ك (منهاج الكرامة) : وقد قال رسول الله؛ ن، م: قال رسول.
(2) ك: مسند.
(3) ك: المعظم.
(4) الجايتوخدابنده: كذا في (ك) وهو الصواب. وفي (ب) : أولجايوخدابنده، وفي (ن) : أولحانوحدابندا؛ (م) : ولحاهبوحذابندا. وفي (ك؛ توجد هذه الزيادة. الجايتوخدابندة محمد خلد الله سلطانه وثبت قواعد ملكه وشيد أركانه، وأمد بعنايته وألطافه، وأيده بجميل إسعافه، وقرن دولته بالدوام إلى يوم القيامة.
(5) توجد بعد ذلك هذه الزيادة في (ك) : من غير تطويل ممل، ولا إيجاز مخل.
(6) توجد بعد ذلك هذه الزيادة في (ك) : والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب.
*****************************
الاتباع.) ، ثم ذكر الفصل الثالث: (في الأدلة على إمامة علي [رضي الله عنه] (1) بعد رسول الله. [- صلى الله عليه وسلم -] (2) .) ، ثم ذكر الفصل الرابع: (في الاثني عشر.) ، ثم ذكر الفصل الخامس: (في إبطال خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان.) .
[إبطال كلام ابن المطهر من وجوه]
[الوجه الأول الإيمان بالله ورسوله أهم من مسألة الإمامة]
فيقال: الكلام على هذا من وجوه:أحدها: أن يقال. أولا: إن قول القائل: (إن مسألة الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين.) كذب (3) بإجماع المسلمين سنيهم، وشيعيهم، بل هذا (4) كفر.فإن الإيمان بالله، ورسوله أهم من مسألة الإمامة، وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، فالكافر لا يصير مؤمنا (5) حتى يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (6) ، وهذا هو الذي قاتل عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكفار أولا (7) ، كما استفاض عنه في الصحاح، وغيرها أنه قال: ( «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله.) ، وفي رواية (8) : ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، فقد عصموا مني
(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: بعد الرسول.
(3) ب: كاذب.
(4) أ، ب: هو.
(5) ن، م: مسلما.
(6) وأن محمدا رسول الله: ساقطة من (م) .
(7) أولا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) عبارة " وفي رواية ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (12)
صـ 76 إلى صـ 82
دماءهم، وأموالهم إلا بحقها» .) (1) .وقد قال تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} [سورة التوبة: 5] ، (2 فأمر بتخلية سبيلهم إذا تابوا من الشرك، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة 2) (2) (3 [وكذلك قال. لعلي لما بعثه إلى خيبر] 3) (3) .وكذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسير في الكفار، فيحقن دماءهم بالتوبة من الكفر لا يذكر لهم الإمامة بحال، وقد قال تعالى بعد هذا: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} [سورة التوبة: 11] ، فجعلهم إخوانا في الدين بالتوبة (4 وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ولم يذكر الإمامة بحال.ومن المتواتر 4) (4) أن (5) الكفار على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا أسلموا أجرى عليهم أحكام الإسلام، ولم يذكر لهم الإمامة
(1) الحديث عن عدد من الصحابة بروايات مختلفة في: البخاري 1/10 (كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة. إلخ) ، 9/15 (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين، باب قتل من أبى قبول الفرائض) ؛ مسلم 1/52 - 53 (كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس. إلخ) وقال السيوطي في " الجامع الصغير ": متفق عليه، رواه الأربعة عن أبي هريرة، وهو متواتر ".
(2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) (3 - 3) : ساقط من (ن) ، (م) .
(4) (4 - 4) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: فإن.
**************************
بحال (1) ، ولا نقل هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2) أحد من أهل العلم لا نقلا خاصا (3) ، ولا عاما، بل نحن نعلم بالاضطرار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يكن (4) يذكر للناس إذا أرادوا الدخول في دينه الإمامة لا مطلقا، ولا معينا، فكيف تكون أهم المطالب في أحكام الدين؟ .ومما يبين ذلك أن الإمامة - بتقدير الاحتياج إلى معرفتها - لا يحتاج إليها من مات على عهد النبي. (5) - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة، ولا يحتاج إلى التزام حكمها من عاش منهم إلى (6) بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يكون أشرف مسائل المسلمين، وأهم المطالب في الدين لا يحتاج إليه أحد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ أوليس الذين آمنوا بالنبي. [- صلى الله عليه وسلم -] (7) في حياته، واتبعوه باطنا، وظاهرا، ولم يرتدوا، ولم يبدلوا هم أفضل الخلق باتفاق المسلمين: أهل السنة، والشيعة؟ فكيف يكون أفضل المسلمين لا يحتاج إلى أهم المطالب في الدين، وأشرف مسائل المسلمين؟ .[قول الرافضة إن الإمامة هي الأهم والرد على ذلك]فإن قيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هو الإمام في حياته، وإنما يحتاج إلى الإمام بعد مماته، فلم تكن هذه المسألة أهم مسائل الدين
(1) بحال: ساقطة من (م) .
(2) أ، ب: عن الرسول.
(3) ن، م: لا خاصا.
(4) أ، ب: بالاضطرار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن.
(5) أ، ب: رسول الله.
(6) أ، ب: إلا.
(7) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
****************************** ****
في حياته، وإنما صارت (1) أهم مسائل الدين بعد موته.قيل: الجواب عن هذا من. وجوه:أحدها: أنه بتقدير صحة ذلك لا يجوز أن يقال: إنها أهم مسائل الدين مطلقا، بل في وقت دون وقت، وهي في خير الأوقات ليست أهم المطالب في أحكام الدين، ولا أشرف مسائل المسلمين.الثاني: أن يقال: الإيمان بالله، ورسوله في كل زمان، ومكان أعظم من مسألة الإمامة، فلم تكن في. وقت من الأوقات لا الأهم، ولا الأشرف.الثالث: أن يقال: قد كان يجب بيانها من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته الباقين [من] (2) بعده، كما بين لهم أمور الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، [وعين] أمر (3) الإيمان بالله (4) ، وتوحيده، واليوم الآخر، ومن المعلوم أنه ليس بيان مسألة الإمامة في الكتاب والسنة كبيان (5) هذه الأصول.فإن قيل: بل الإمامة في كل زمان هي الأهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان نبيا إماما، وهذا كان معلوما لمن آمن به أنه [كان] (6) إمام ذلك الزمان.قيل: الاعتذار بهذا باطل من.وجوه:
(1) ن، م: كانت.
(2) من: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: وأمر.
(4) ن، م: بأسماء الله.
(5) أ، ب: ببيان.
(6) كان: زيادة في (أ) ، (ب) .
****************************
أحدها: أن قول القائل: الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين: إما أن يريد به إمامة الاثني عشر، أو إمام كل زمان بعينه في زمانه بحيث يكون الأهم في زماننا الإيمان بإمامة محمد المنتظر، والأهم في زمان الخلفاء الأربعة الإيمان بإمامة علي عندهم، والأهم في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان بإمامته، وإما أن يراد (1) به الإيمان بأحكام الإمامة مطلقا غير معين، وإما أن يراد (2) به معنى رابعا.أما الأول: فقد علم بالاضطرار أن هذا لم يكن معلوما شائعا بين الصحابة، ولا التابعين، بل الشيعة تقول: إن كل واحد إنما يعين بنص من قبله، فبطل أن يكون هذا أهم أمور الدين.وأما الثاني: فعلى هذا التقدير يكون أهم المطالب في كل زمان الإيمان بإمام ذلك الزمان، ويكون الإيمان من سنة ستين ومائتين (3) إلى هذا التاريخ إنما هو الإيمان بإمامة محمد بن الحسن، ويكون هذا أعظم من الإيمان بأنه لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ومن الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، ومن الإيمان بالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج (4) ، وسائر الواجبات، وهذا مع أنه معلوم فساده بالاضطرار من دين
(1) أ: تريد؛ ب: يريد.
(2) أ: تريد؛ ب: يريد.
(3) ن، م: خمس ومائتين، وهو خطأ. وسنة ستين ومائتين هي سنة وفاة أبي محمد الحسن بن علي الإمام الحادي عشر، وهي بالتالي السنة التي بدأت فيها إمامة ابنه محمد بن الحسن المهدي المنتظر عند الإمامية (شذرات الذهب 2/141) .
(4) ن، م: والحج والصيام.
**********************
المسلمين (1) ، فليس هو مذهب (2) الإمامية، فإن اهتمامهم بعلي، وإمامته أعظم من اهتمامهم بإمامة المنتظر، كما ذكره (3) هذا المصنف، وأمثاله من شيوخ الشيعة.وأيضا: فإن كان هذا هو أهم المطالب في الدين، فالإمامية أخسر الناس صفقة في الدين؛ لأنهم جعلوا الإمام المعصوم هو الإمام المعدوم الذي لم ينفعهم في دين، ولا دنيا، فلم يستفيدوا من أهم الأمور الدينية شيئا من منافع الدين، ولا الدنيا.فإن قالوا: إن المراد [أن] (4) الإيمان بحكم الإمامة مطلقا هو أهم أمور الدين كان هذا أيضا باطلا للعلم الضروري أن غيرها من أمور الدين أهم منها.وإن أريد معنى رابع، فلا بد من بيانه لنتكلم (5) عليه.الوجه الثاني: أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تجب طاعته على الناس لكونه إماما، بل لكونه رسول الله إلى الناس، وهذا المعنى ثابت له حيا، وميتا، فوجوب طاعته على من بعده (6) كوجوب طاعته على أهل زمانه، وأهل زمانه فيهم الشاهد الذي يسمع أمره، ونهيه، وفيهم الغائب الذي بلغه الشاهد أمره، ونهيه، فكما يجب على الغائب عنه في حياته طاعة
(1) أ، ب: الإسلام.
(2) أ، ب: قول.
(3) ن، م: كما ذكره.
(4) أن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: ليتكلم.
(6) أ، ب: على من بعد موته.
*****************************
أمره ونهيه، يجب ذلك على من يكون بعد موته.وهو - صلى الله عليه وسلم - أمره شامل عام لكل مؤمن شهده، أو غاب عنه في حياته، وبعد موته، وليس هذا (1) لأحد من الأئمة، ولا يستفاد هذا بالإمامة حتى أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر ناسا معينين بأمور، وحكم في أعيان معينة بأحكام لم يكن حكمه، وأمره مختصا بتلك المعينات، بل كان ثابتا في نظائرها وأمثالها إلى يوم القيامة، فقوله -[صلى الله عليه وسلم -] (2) لمن شهده: ( «لا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود» (3) .) هو حكم ثابت لكل مأموم بإمام أن لا يسبقه بالركوع، ولا بالسجود، وقوله لمن قال: «لم أشعر، فحلقت قبل أن أرمي قال: (ارم ولا حرج.) » ، ولمن قال: «نحرت قبل أن أحلق. قال: (احلق ولا حرج.) » أمر لمن كان مثله (4) ، وكذلك قوله لعائشة [رضي الله عنها] (5) لما حاضت، وهي معتمرة: ( «اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا
(1) أ، ب: وهذا ليس.
(2) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) جاء النهي عن السبق بالركوع والسجود في أحاديث كثيرة عن عدد من الصحابة في: مسلم 1/320 (كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما) ؛ سنن ابن ماجه 1/308 - 309 (كتاب إقامة الصلاة، باب النهي أن يسبق الإمام بالركوع والسجود) ؛ سنن الدارمي 1/301 - 302 (كتاب الصلاة، باب النهي عن مبادرة الأئمة بالركوع والسجود) .
(4) جاءت أحاديث في جواز عدم الترتيب في المناسك عن عدد من الصحابة. انظر: البخاري 2/173 - 175 (كتاب الحج، باب الذبح قبل الحلق، باب إذا رمى بعدما أمسى.) ؛ مسلم 2/948 - 950 (كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر.) .
(5) رضي الله عنها: زيادة في (أ) ، (ب) .
****************************** **
تطوفي بالبيت» (1) ] ، وأمثال هذا كثير بخلاف الإمام إذا أطيع (2) .وخلفاؤه بعده في تنفيذ أمره، ونهيه كخلفائه في حياته، فكل آمر بأمر يجب طاعته [فيه] (3) إنما هو منفذ لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله أرسله إلى الناس، وفرض عليهم طاعته لا لأجل كونه إماما له شوكة، وأعوان، أو لأجل أن غيره عهد إليه بالإمامة، [أو غير ذلك] (4) ، فطاعته لا تقف على ما تقف عليه طاعة الأئمة من عهد من قبله، أو موافقة ذوي الشوكة (5) ، أو غير ذلك، بل تجب طاعته. [- صلى الله عليه وسلم -] (6) ، وإن لم يكن معه أحد، وإن كذبه جميع الناس.وكانت طاعته واجبة بمكة قبل أن يصير له أنصار، وأعوان (7) يقاتلون معه، فهو (8) كما قال. سبحانه [فيه] (9) : {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين} [سورة آل عمران: 144] (10) بين
(1) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: البخاري 2/159 (كتاب الحج، باب تقضي الحائض المناسك.) .
(2) إذا أطيع: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(3) فيه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أو غير ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ب: أو موافقته أو الشوكة؛ أو موافقة ذوي الشوكة. 1
(6) صلى الله عليه وسلم " زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب: أعوان وأنصار.
(8) ن، م: وهو.
(9) فيه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(10) ن، م: أعقابكم، الآية.
*************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (13)
صـ 76 إلى صـ 82
سبحانه وتعالى أنه ليس بموته، ولا قتله ينتقض حكم رسالته، كما ينتقض حكم الإمامة بموت الأئمة وقتلهم، وأنه ليس من شرطه أن يكون خالدا لا يموت، فإنه ليس هو ربا، وإنما هو رسول الله قد خلت من قبله الرسل، وقد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه، فطاعته واجبة بعد مماته. وجوبها في حياته وأوكد؛ لأن الدين كمل، واستقر بموته، فلم يبق فيه نسخ، ولهذا جمع القرآن بعد موته لكماله، واستقراره بموته.فإذا قال. القائل: إنه كان إماما في حياته، وبعده صار الإمام غيره إن أراد بذلك أنه صار بعده من هو نظيره يطاع، كما يطاع الرسول، فهذا باطل.وإن أراد أنه قام من يخلفه في تنفيذ أمره، ونهيه، فهذا كان حاصلا في حياته، فإنه إذا غاب كان هناك من يخلفه.وإن قيل: إنه بعد موته لا يباشر معينا بالأمر بخلاف حياته.قيل: مباشرته بالأمر ليست شرطا في. وجوب طاعته، بل تجب طاعته على من بلغه أمره، [ونهيه] (1) ، كما تجب طاعته على من سمع كلامه، وقد كان يقول: ( «ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع» .) (2) .وإن قيل: إنه في حياته كان يقضي في قضايا معينة مثل إعطاء شخص بعينه، وإقامة الحد على شخص بعينه (3) ، وتنفيذ جيش بعينه.
(1) ونهيه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) الحديث عن أبي بكرة - رضي الله عنه - في: البخاري 2/176 - 177 (كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى) وهو بمعناه في: البخاري 1/20 (كتاب العلم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: رب مبلغ أوعى من سامع) .
(3) ن، م: معين.
*****************************
قيل: نعم وطاعته واجبة في نظير ذلك إلى يوم القيامة بخلاف الأئمة لكن قد يخفى الاستدلال [على نظير ذلك] (1) ، كما يخفى العلم على من غاب عنه، فالشاهد أعلم بما قال. وأفهم له من الغائب، وإن كان، فيمن غاب، وبلغ أمره من هو أوعى له من بعض السامعين لكن هذا لتفاضل الناس في معرفة أمره، ونهيه لا [لتفاضلهم.] (2) في وجوب طاعته عليهم، فما تجب طاعة ولي الأمر (3) بعده إلا كما تجب طاعة ولاة الأمور في حياته، فطاعته. واجبة (4) شاملة لجميع العباد شمولا واحدا، وإن تنوعت طرقهم في البلاغ، والسماع، والفهم، فهؤلاء يبلغهم من أمره لم يبلغ هؤلاء، وهؤلاء يسمعون من أمره ما لم يسمعه هؤلاء، وهؤلاء يفهمون من أمره ما لم يفهمه هؤلاء.وكل من أمر بما أمر به الرسول وجبت طاعته طاعة الله، ورسوله لا له، وإذا كان للناس ولي أمر قادر ذو شوكة (5) ، فيأمر بما يأمر (6) ، ويحكم بما يحكم انتظم الأمر بذلك، ولم يجز أن يولى غيره، ولا يمكن بعده أن يكون شخص واحد مثله إنما يوجد من هو أقرب إليه من غيره، فأحق الناس بخلافة نبوته أقربهم إلى الأمر بما يأمر به، والنهي عما نهى عنه، ولا يطاع أمره طاعة ظاهرة غالبة إلا بقدرة، وسلطان يوجب الطاعة، كما لم يطع أمره
(1) على نظير ذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) لتفاضلهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: أمر.
(4) واجبة: زيادة في (ن) فقط.
(5) ن، م: قادر وشوكة.
(6) ن: يأمر بها ويأمر؛ م: يأمر بها بأمر.
****************************
في حياته طاعة [ظاهرة] (1) غالبة حتى صار معه من يقاتل على طاعة أمره.فالدين كله طاعة لله، ورسوله، وطاعة الله، ورسوله هي الدين كله، فمن يطع الرسول، فقد أطاع الله، ودين المسلمين بعد موته طاعة الله ورسوله، وطاعتهم لولي الأمر فيما أمروا بطاعته فيه هو طاعة لله ورسوله، وأمر ولي الأمر الذي أمره الله أن يأمرهم به، وقسمه وحكمه هو طاعة لله، ورسوله، فأعمال الأئمة، والأمة في حياته، ومماته التي يحبها الله، ويرضاها كلها طاعة لله، ورسوله، ولهذا كان أصل الدين شهادة أن لا إله إلا الله، وأن (2) محمدا رسول الله.فإذا قيل: هو كان إماما، وأريد بذلك إمامة خارجة عن الرسالة، أو إمامة يشترط فيها ما لا يشترط في الرسالة، أو إمامة (3) تعتبر فيها طاعته بدون طاعة (4) (* الرسول، فهذا كله باطل، فإن (5) كل ما يطاع به داخل في رسالته، وهو في كل ما يطاع فيه يطاع بأنه رسول الله، ولو قدر أنه كان إماما مجردا لم يطع حتى تكون طاعته *) (6) داخلة في طاعة رسول آخر، فالطاعة إنما تجب لله، ورسوله، ولمن أمرت الرسل بطاعتهم.فإن قيل: أطيع بإمامته طاعة داخلة في رسالته كان هذا عديم التأثير، فإن مجرد رسالته كافية في وجوب طاعته بخلاف الإمام، فإنه إنما يصير
(1) ظاهرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: وشهادة أن.
(3) ن، م: وإمامة. 11
(4) ن، م: تعتبر طاعتها بدون طاعة.
(5) أ، ن: فإنه.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
*************************
إماما بأعوان ينفذون أمره، وإلا كان كآحاد أهل العلم والدين إن كان من أهل العلم والدين (1) .فإن قيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - لما صار له شوكة بالمدينة صار له مع الرسالة إمامة القدرة (2) .قيل: بل صار رسولا له أعيان، وأنصار ينفذون أمره، ويجاهدون من خالفه، وهو ما دام في الأرض من يؤمن بالله ورسوله، ويجاهد في سبيله (3) له أعوان، وأنصار (4) ينفذون أمره، ويجاهدون من خالفه، فلم يستفد بالأعوان ما يحتاج أن يضمه إلى الرسالة مثل كونه إماما، أو حاكما، أو. ولي أمر إذ كان هذا كله داخلا في رسالته، ولكن بالأعوان حصل له كمال قدره أوجبت عليه من الأمر، والجهاد ما لم يكن واجبا بدون القدرة، والأحكام تختلف باختلاف حال القدرة، والعجز، والعلم، وعدمه، كما تختلف باختلاف الغنى، والفقر (5) ، والصحة، والمرض، والمؤمن مطيع لله في ذلك كله، وهو مطيع لرسول الله في ذلك كله، ومحمد رسول الله فيما أمر به، ونهى عنه [مطيع لله.] (6) في ذلك كله.وإن قالت الإمامية: الإمامة واجبة بالعقل بخلاف الرسالة، فهي أهم من هذا الوجه.
(1) إن كان من أهل العلم والدين: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: إمامة بالعدل.
(3) ويجاهد في سبيله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: أنصار وأعوان.
(5) ن، م: الفقر والغنى.
(6) مطيع لله: ساقطة من (ن) ، (م) .
***************
قيل: الوجوب العقلي فيه نزاع كما سيأتي، وعلى القول بالوجوب العقلي، فما يجب من الإمامة جزء من أجزاء الواجبات العقلية، وغير الإمامة أوجب من ذلك كالتوحيد، والصدق، والعدل، وغير ذلك من الواجبات العقلية.وأيضا: فلا ريب أن الرسالة يحصل بها هذا الواجب، فمقصودها جزء من مقصود (1) الرسالة، فالإيمان بالرسول يحصل به مقصود الإمامة في حياته، وبعد مماته بخلاف الإمامة.وأيضا: فمن ثبت عنده أن محمدا رسول الله، وأن طاعته. واجبة عليه، واجتهد في طاعته حسب الإمكان إن قيل: إنه يدخل الجنة، فقد استغنى عن مسألة الإمامة.وإن قيل: لا يدخل الجنة كان هذا خلاف نصوص القرآن، فإنه سبحانه أوجب الجنة لمن أطاع الله، ورسوله في غير موضع كقوله [تعالى] (2) : {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [سورة النساء: 69] ، وقوله: {ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم} [سورة النساء: 13] .[الكلام على الإمام المنتظر عند الرافضة]وأيضا: فصاحب الزمان الذي (3) يدعون إليه لا سبيل للناس إلى معرفته، ولا معرفة ما يأمرهم به، وما ينهاهم عنه، وما يخبرهم به، فإن.
(1) أ، ب: أجزاء.
(2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ب (فقط) : الذين.
**************************
كان أحد لا يصير سعيدا إلا بطاعة هذا الذي لا يعرف أمره، ولا نهيه لزم أنه (1) . لا يتمكن أحد من طريق النجاة، والسعادة، وطاعة الله، وهذا من أعظم تكليف ما لا يطاق، وهم (2) من أعظم الناس إحالة له.وإن (3) قيل: بل هو يأمر بما عليه الإمامية.قيل: فلا حاجة إلى وجوده، ولا شهوده، فإن هذا معروف سواء كان هو حيا، أو ميتا، وسواء كان شاهدا، أو غائبا، وإذا كان معرفة ما أمر الله به الخلق ممكنا بدون هذا الإمام المنتظر علم أنه لا حاجة إليه، ولا يتوقف عليه طاعة الله ورسوله (4) ، ولا نجاة أحد، ولا سعادته، وحينئذ فيمتنع القول بجواز إمامة مثل هذا، فضلا عن القول بوجوب إمامة مثل هذا، وهذا أمر بين لمن تدبره لكن الرافضة من أجهل الناس.وذلك أن فعل الواجبات العقلية الشرعية، وترك المستقبحات العقلية، والشرعية إما أن يكون موقوفا على معرفة ما يأمر به، وينهى عنه هذا المنتظر، وإما أن لا يكون موقوفا، فإذا كان موقوفا لزم تكليف ما لا يطاق، وأن يكون فعل الواجبات، وترك المحرمات موقوفا على شرط لا يقدر عليه عامة الناس، بل ولا أحد منهم، فإنه ليس في الأرض من يدعي دعوى صادقة أنه رأى هذا المنتظر، أو سمع كلامه، وإن لم يكن موقوفا على ذلك أمكن فعل الواجبات العقلية والشرعية، وترك القبائح العقلية والشرعية بدون هذا المنتظر، فلا يحتاج إليه، ولا يجب وجوده، ولا شهوده.
(1) ب (فقط) : أن.
(2) أ، ب: وهو.
(3) ن، م: فإن.
(4) ورسوله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
**************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (14)
صـ 89 إلى صـ 95
وهؤلاء الرافضة علقوا نجاة الخلق، وسعادتهم، وطاعتهم لله ورسوله بشرط ممتنع لا يقدر عليه الناس، بل (1) ولا يقدر عليه أحد منهم،
وقالوا للناس: لا يكون أحد ناجيا من عذاب الله بذلك، ولا يكون سعيدا إلا بذلك، ولا يكون أحد مؤمنا إلا بذلك.
فلزم أحد أمرين: إما بطلان قولهم، وإما أن يكون الله قد آيس عباده من رحمته، وأوجب عذابه لجميع الخلق المسلمين، وغيرهم، وعلى هذا التقدير، فهم أول الأشقياء المعذبين، فإنه ليس لأحد منهم طريق إلى معرفة أمر هذا الإمام الذي يعتقدون أنه موجود غائب، ولا نهيه، ولا خبره، بل عندهم من الأقوال المنقولة عن شيوخ الرافضة ما يذكرون أنه منقول عن الأئمة
[المتقدمين على هذا المنتظر]
(2) ، وهم لا ينقلون شيئا عن المنتظر، وإن قدر أن بعضهم نقل عنه شيئا علم أنه كاذب، وحينئذ فتلك الأقوال إن كانت كافية، فلا حاجة إلى المنتظر، وإن لم تكن كافية، فقد أقروا بشقائهم، وعذابهم حيث كانت سعادتهم موقوفة على آمر لا يعلمون بماذا أمر.وقد رأيت طائفة من شيوخ الرافضة كابن العود الحلي (3) يقول: إذا اختلفت الإمامية على قولين أحدهما يعرف قائله، والآخر لا يعرف قائله، كان القول الذي لا يعرف قائله هو القول الحق الذي يجب اتباعه؛ لأن المنتظر المعصوم في تلك الطائفة.
(1) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) لم أجد له ذكرا فيما بين يدي من مراجع.
****************************
وهذا غاية الجهل، والضلال، فإنه بتقدير وجود المنتظر المعصوم لا يعلم أنه قال ذلك القول إذ لم ينقله عنه أحد (1) ، ولا عمن نقله عنه، فمن أين يجزم بأنه قوله؟ ولم لا يجوز أن يكون القول الآخر هو قوله، وهو لغيبته، وخوفه من الظالمين لا يمكنه إظهار قوله، كما يدعون ذلك فيه؟ .فكان أصل دين هؤلاء الرافضة مبنيا على مجهول، ومعدوم لا على موجود، ولا معلوم يظنون أن إمامهم موجود معصوم، وهو مفقود معدوم، ولو كان موجودا معصوما، فهم معترفون بأنهم لا يقدرون أن يعرفوا أمره ونهيه، كما [كانوا] (2) يعرفون أمر آبائه، ونهيهم.والمقصود بالإمام إنما هو طاعة أمره، فإذا كان العلم بأمره ممتنعا كانت طاعته ممتنعة، فكان المقصود [به] (3) ممتنعا، فكان المقصود به ممتنعا، وإذا كان المقصود [به] (4) ممتنعا لم يكن. [في] (5) إثبات الوسيلة فائدة أصلا، بل كان إثبات الوسيلة التي لا يحصل بها مقصودها من باب السفه، والعبث، والعذاب القبيح باتفاق أهل الشرع، [وباتفاق] (6) العقلاء القائلين بتحسين العقول، وتقبيحها (7) ، بل باتفاق العقلاء مطلقا، فإنهم إذا فسروا القبح (8) بما يضر كانوا متفقين على أن معرفة الضار يعلم بالعقل، والإيمان بهذا الإمام الذي
(1) ن، م: ولم ينقله أحد عنه.
(2) كانوا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) به: ساقطة من (ن) .
(4) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) في: ساقطة من (ن) .
(6) باتفاق: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: القائلين بتقبيح العقول.
(8) أ، ب: القبيح.
****************************** ***
ليس فيه منفعة، بل مضرة في العقل، والنفس، والبدن، والمال، وغير ذلك قبيح شرعا، وعقلا (1) .ولهذا كان المتبعون له من أبعد الناس عن مصلحة الدين والدنيا، لا تنتظم لهم مصلحة دينهم، ولا دنياهم إن (2) لم يدخلوا في طاعة غيرهم، كاليهود الذين لا تنتظم لهم مصلحة إلا بالدخول في طاعة من هو خارج عن دينهم، فهم يوجبون وجود الإمام المنتظر المعصوم؛ لأن مصلحة الدين والدنيا لا تحصل إلا به عندهم، وهم لم يحصل لهم بعد المنتظر مصلحة في الدين ولا في الدنيا، والذين كذبوا به لم تفتهم مصلحة في الدين ولا في الدنيا، بل كانوا أقوم بمصالح الدين والدنيا من أتباعه.فعلم بذلك أن قولهم في الإمامة لا ينال به إلا ما يورث الخزي، والندامة، وأنه ليس فيه شيء من الكرامة، وأن ذلك إذا كان أعظم مطالب الدين، فهم أبعد الناس عن الحق، والهدى في أعظم مطالب الدين، وإن لم يكن أعظم مطالب الدين ظهر بطلان ما ادعوه من ذلك، فثبت بطلان قولهم على التقديرين، وهو المطلوب.
[إيمان الرافضة بالمنتظر ليس مثل إيمان الصوفية برجال الغيب]
فإن قال هؤلاء الرافضة: إيماننا بهذا المنتظر المعصوم مثل إيمان كثير من شيوخ الزهد والدين بإلياس، والخضر، والغوث، والقطب (3) ، [ورجال
(1) ن، م: عقلا وشرعا.
(2) ن، م: وإن.
(3) في كتاب " التعريفات " للجرجاني: " الغوث هو القطب حينما يلتجأ إليه ولا يسمى في غير ذلك الوقت غوثا ". وفي كتاب " اصطلاحات الصوفية " لابن عربي، ص [0 - 9] 35 (طبع مع التعريفات للجرجاني القاهرة، 1938) : " القطب وهو الغوث عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان ومكان، وهو على قلب إسرافيل - عليه السلام - ". والمقصود. بالغوث الذي يزعمه الصوفية هو - كما يقول الأستاذ الدكتور محمد مصطفى حلمي - رحمه الله - في تعليقه على مادة " بدل " في دائرة المعارف الإسلامية -: " إن القطب بالمعنى الخاص يدل دلالة قوية على مذهب فلسفي في الحقيقة المحمدية التي هي عند متفلسفة الصوفية، أو صوفية الفلاسفة: المخلوق الأول الذي خلقه الله وكان واسطة في خلق كل ما في العالم من الكائنات الروحية والمادية ". وانظر تعليقي على " درء تعارض العقل والنقل " 5/315 - 316. وانظر كتاب " اصطلاحات الصوفية " للقاشاني.
****************************** *
الغيب] (1) ، ونحو ذلك من الأشخاص الذين لا يعرف (2) وجودهم، ولا بماذا يأمرون، ولا عماذا ينهون (3) فكيف يسوغ لمن يوافق هؤلاء أن ينكر علينا ما ندعيه؟ .
قيل: الجواب من وجوه:
أحدها:
أن الإيمان بوجود هؤلاء ليس واجبا عند أحد من علماء المسلمين، وطوائفهم المعروفين، وإذا كان بعض الغلاة يوجب على أصحابه الإيمان بوجود هؤلاء،
ويقول:
إنه لا يكون مؤمنا وليا لله إلا من يؤمن بوجود هؤلاء في هذه الأزمان كان قوله مردودا كقول الرافضة (* فإن من قال من هؤلاء الغلاة: إنه لا يكون وليا لله إن لم يعتقد (4) الخضر، ونحو ذلك كان قوله مردودا كقول الرافضة *) (5) .
الوجه الثاني:
أن يقال: من الناس من يظن أن التصديق بهؤلاء يزداد به
(1) ورجال الغيب: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: يعرفون. 1
(3) ن، م، أ: ولا بماذا يأمرون به، ولا بماذا ينهون عنه.
(4) ن: يعقد له؛ م: يقعده.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (ب) فقط.
*****************************
الرجل (1) إيمانا وخيرا، وموالاة لله، وأن المصدق بوجود هؤلاء أكمل [وأشرف] (2) ، وأفضل عند الله ممن لم يصدق بوجود هؤلاء، وهذا القول ليس مثل قول الرافضة من كل وجه، بل هو مشابه له من بعض الوجوه لكونهم جعلوا كمال الدين موقوفا على ذلك.
وحينئذ فيقال:
هذا القول أيضا باطل باتفاق علماء المسلمين، وأئمتهم، فإن العلم بالواجبات، والمستحبات، وفعل الواجبات، والمستحبات كلها ليس موقوفا على التصديق بوجود أحد من (3) هؤلاء، ومن ظن من أهل النسك، والزهد، والعامة أن شيئا من الدين - واجبه، أو مستحبه - موقوفا (4) على التصديق بوجود هؤلاء، فهو (5) جاهل ضال باتفاق أهل العلم، والإيمان العالمين بالكتاب والسنة، إذ قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشرع لأمته التصديق بوجود هؤلاء، ولا أصحابه كانوا يجعلون ذلك من الدين، [ولا أئمة المسلمين.وأيضا، فجميع هذه الألفاظ لفظ الغوث، والقطب، والأوتاد، والنجباء (6) ، وغيرها لم ينقل أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد معروف أنه
(1) أ، ب: يزداد الرجل به.
(2) وأشرف: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) عبارة " أحد من ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) م: واجبه ومستحبه موقوفا؛ ب: واجبا أو مستحبا موقوف.
(5) أ، ب: فهذا.
(6) يقول ابن عربي (رسالة في اصطلاحات الصوفية، ص [0 - 9] 35) : " الأوتاد عبارة عن أربعة رجال منازلهم على منازل أربعة أركان من العالم: شرق وغرب وشمال وجنوب مع كل واحد منهم مقام تلك الجهة. النجباء: هم أربعون، وهم المشغولون بحمل أثقال الخلق فلا يتصرفون إلا في حق الغير " وانظر التعريفات ص [0 - 9] 3، 214.
******************************
تكلم بشيء منها، ولا أصحابه، ولكن لفظ الأبدال (1) تكلم به بعض السلف، ويروى فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث ضعيف، وقد
(1) يقول ابن عربي (نفس المرجع ونفس الصفحة) : " البدلاء هم سبعة، ومن سافر من القوم عن موضعه وترك جسدا على صورته حتى لا يعرف أحد أنه فقد فذلك هو البدل لا غير، وهم على قلب إبراهيم - عليه السلام - ". ويختلف الصوفية في تحديد عدد الأبدال وغيرهم من رجال الغيب (وهم على زعمهم الأولياء الذين لا يعرفهم الناس، والذين يشتركون بما لهم من قوة في حفظ نظام الكون) . ويذكر جولدتسيهر (دائرة المعارف الإسلامية، مادة: أبدال) أنه وفقا لأكثر الآراء الصوفية شيوعا يؤلف الأبدال، وعددهم أربعون، الطبقة الخامسة من طبقات الأولياء. أما الأوتاد فعددهم خمسة وهم يؤلفون الطبقة الثالثة، والنجباء عددهم سبعون وهم يمثلون الطبقة السادسة. ويعرف نيكلسون في " دائرة المعارف الإسلامية " البدل بقوله: " الأبدال جمع البدل، والبدلاء جمع البديل يتصلان بطريق الصوفية الذي يرجع تاريخه إلى القرن الثالث الهجري، وهو أن نظام العالم مكلف بحفظه عدد معين من الأولياء، إذا مات واحد منهم حل محله بدل أو بديل والجمع أبدال، يستعمل عادة في الفارسية والتركية مفردا. ويفسر بعض الكتاب البدل بأنه الشخص الذي له قدرة على أن يخلف شخصا روحانيا عندما يترك مكانه، أو الشخص الذي له قدرة على التحول الروحاني. والاختلاف بين فيما أوردوه عن عدد الأبدال ومكانهم من سلسلة المراتب الصوفية التي يكون القطب على رأسها. وقد أورد ابن حنبل في مسنده أربعين من الأبدال خلقهم الله في الشام (ج [0 - 9] ص [0 - 9] 12) ويذكر أيضا أن هناك ثلاثين منهم في أمة محمد (ج [0 - 9] 322) ويشير المكي إلى ثلاثمائة من الأبدال يضمون الصديقين والشهداء والصالحين (قوت القلوب، ج [0 - 9] ص [0 - 9] 8. انظر سورة النساء الآية 71) . ويقول الهجويري إنهم أربعون وإنهم في المرتبة الرابعة، يلون الأبرار السبعة، وفوقهم الأوتاد الأربعة، ثم النقباء الثلاثة (كشف المحجوب، ط. شوكوفسكي، ص [0 - 9] 69، ترجمة نيكلسون، ص [0 - 9] 84) . ويحدد ابن عربي عدد الأبدال بسبعة ويضعهم في المرتبة تحت الأوتاد (الفتوحات، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] ) . وقد أخذ بهذا الرأي ابن الفارض في التائية الكبرى ". وانظر تعريف " البدلاء " في التعريفات للجرجاني؛ " اصطلاحات الصوفية " للقاشاني. وانظر تعليق الدكتور محمد مصطفى حلمي على " بدل " في دائرة المعارف الإسلامية ".
***************************
بسطنا الكلام على ذلك في غير هذا الموضع] (1) .
الوجه الثالث:
أن يقال: القائلون بهذه الأمور منهم من ينسب إلى أحد هؤلاء ما لا تجوز نسبته إلى [أحد من] البشر (2) مثل دعوى بعضهم أن الغوث، أو القطب هو الذي يمد أهل الأرض في هداهم، ونصرهم، ورزقهم، فإن هذا لا يصل إلى أحد من أهل الأرض (3) إلا بواسطة نزوله على ذلك الشخص، وهذا باطل بإجماع المسلمين، وهو من جنس قول النصارى في الباب.وكذلك ما يدعيه بعضهم من أن الواحد من هؤلاء قد (4) يعلم كل ولي لله كان، ويكون، واسمه (5) ، واسم أبيه، ومنزلته من الله، ونحو ذلك من
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . والحديث الضعيف الذي. يشير إليه ابن تيمية جاء في المسند (ط. المعارف) 2/171 من مسند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعلق عليه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - بقوله: " إسناده ضعيف لانقطاعه. وسيأتي في شأنهم حديث آخر في مسند عبادة بن الصامت 5/322 قال فيه أحمد هناك: " وهو منكر ". وأورد الألباني الحديثين في " ضعيف الجامع الصغير 2/275 وقال عن كل منهما: " ضعيف " والأول هو: " الأبدال بالشام، وهم أربعون رجلا، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا، يسقى بهم الغيث، وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب ". والثاني: " الأبدال في أمتي ثلاثون، بهم تقوم الأرض، وبهم تمطرون، وبهم تنصرون ". وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (ط. دمشق 1399) ، 2/339 - 341 الحديثان رقم 935، 936. وقد تكلم ابن تيمية على الألفاظ المذكور في هذه الفقرة، ومنها لفظ " الأبدال " في أكثر من موضع من رسائله. انظر مثلا: مجموعة الرسائل والمسائل 1/46 - 51.
(2) ن، م: إلى بشر.
(3) عبارة " من أهل الأرض ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ: كان يكون اسمه؛ ب: كان أو يكون اسمه.
**********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (15)
صـ 96 إلى صـ 102
المقالات الباطلة التي تتضمن أن الواحد من البشر يشارك الله في بعض خصائصه مثل أنه بكل شيء عليم، أو على كل شيء قدير، ونحو ذلك، كما يقول بعضهم في النبي - صلى الله عليه وسلم -،
وفي شيوخه: إن علم أحدهم ينطبق على علم الله، وقدرته منطبقة على قدرة الله، فيعلم ما يعلمه الله، ويقدر على ما يقدر الله عليه (1) .فهذه المقالات، وما يشبهها من جنس قول النصارى، والغالية في علي، وهي باطلة بإجماع علماء (2) المسلمين، ومنهم من ينسب إلى الواحد من هؤلاء ما تجوز نسبته إلى الأنبياء، وصالحي المؤمنين من الكرامات كدعوة مجابة، ومكاشفة (3) من مكاشفات الصالحين، ونحو ذلك.فهذا القدر يقع كثيرا من الأشخاص الموجودين [المعاينين] (4) ، ومن نسب ذلك إلى من لا يعرف وجوده، فهؤلاء وإن كانوا مخطئين في نسبة ذلك إلى شخص معدوم، فخطؤهم كخطأ من اعتقد أن في البلد الفلاني رجالا من أولياء الله، وليس فيه أحد، أو اعتقد في ناس معينين أنهم أولياء الله، ولم يكونوا كذلك، ولا ريب أن هذا خطأ. وجهل، وضلال يقع فيه كثير من الناس لكن خطأ الإمامية، وضلالهم (5) أقبح، وأعظم.
الوجه الرابع:
أن يقال: الصواب الذي عليه محققو العلماء أن إلياس،
(1) ن، م: عليه الله.
(2) علماء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: ومكاشفات.
(4) المعاينين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: وضلالتهم.
******************************
والخضر ماتا (1) ، وأنه ليس أحد من البشر واسطة بين الله وبين خلقه في رزقه، وخلقه (2) ، وهداه، ونصره، وإنما الرسل وسائط في تبليغ رسالاته لا سبيل لأحد إلى السعادة إلا بطاعة الرسل (3) ، وأما خلقه، ورزقه، وهداه، ونصره (4) ، [فلا يقدر عليه إلا الله تعالى] (5) ، فهذا لا يتوقف [على حياة الرسل، وبقائهم،. بل. ولا يتوقف نصر الخلق، ورزقهم على وجود الرسل أصلا] (6) ، بل قد يخلق الله ذلك بما شاء من الأسباب بواسطة الملائكة، [أو غيرهم] (7) ، وقد يكون لبعض البشر في ذلك من الأسباب ما هو معروف في البشر.وأما كون ذلك لا يكون إلا بواسطة البشر (8) ، أو أن أحدا من البشر يتولى ذلك كله، ونحو ذلك، فهذا كله باطل،
وحينئذ فيقال:
للرافضة إذا احتجوا بضلال الضلال: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} [سورة الزخرف: 39] .
(1) انظر في تحقيق أمر إلياس والخضر رسالة ابن حجر العسقلاني " الزهر النضر في نبأ الخضر " ضمن مجموعة الرسائل المنيرية، ج [0 - 9] ص [0 - 9] 95 - 234، القاهرة 1343. وفي خاتمتها (ص 234) يقول ابن حجر: " والذي تميل إليه النفس من حيث الأدلة القوية خلاف ما يعتقده العوام من استمرار حياته ".
(2) أ، ب: بين الله - عز سلطانه - وبين خلقه في خلقه ورزقه.
(3) ن، م: الرسول.
(4) أ، ب: وأما خلقه وهداه، ونصره ورزقه.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) بدلا من العبارات بين المعقوفتين جاء في (ن) ، (م) : على وجود سبب معين.
(7) أو غيرهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: بواسطة من البشر.
****************************** *****
وأيضا: فمن المعلوم أن أشرف مسائل المسلمين، وأهم المطالب في الدين ينبغي أن يكون ذكرها في كتاب الله أعظم من غيرها، وبيان الرسول لها أولى من بيان غيرها، والقرآن مملوء بذكر توحيد الله، وذكر أسمائه. وصفاته، وآياته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقصص، والأمر، والنهي، والحدود، والفرائض بخلاف الإمامة، فكيف يكون القرآن مملوءا بغير الأهم الأشرف؟ .
وأيضا: فإن الله تعالى قد علق السعادة بما لا ذكر فيه للإمامة،
فقال: [ {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [سورة النساء: 69] ، وقال] (1) : {تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم - ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين} [سورة النساء: 13 - 14] ، فقد بين الله في القرآن أن من أطاع الله ورسوله كان سعيدا في الآخرة، ومن عصى الله ورسوله، وتعدى حدوده كان معذبا، فهذا (2) هو الفرق بين السعداء، والأشقياء، ولم يذكر الإمامة.فإن قال قائل: إن الإمامة داخلة في طاعة الله ورسوله.
قيل: غايتها (3) أن تكون كبعض الواجبات كالصلاة، والزكاة، والصيام،
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: وهذا.
(3) أ، ب: نهايتها.
****************************** ********
والحج، وغير ذلك مما يدخل في طاعة الله ورسوله، فكيف تكون هي وحدها أشرف مسائل المسلمين، وأهم مطالب الدين؟ .فإن قيل: لا يمكننا طاعة (1) الرسول إلا بطاعة إمام (2) ، فإنه هو الذي يعرف الشرع.
قيل: هذا [هو] (3) دعوى المذهب، ولا حجة فيه، ومعلوم أن القرآن لم يدل على هذا، كما دل على سائر أصول الدين، [وقد تقدم أن هذا الإمام الذي يدعونه لم ينتفع به أحد في ذلك، وسيأتي إن شاء الله تعالى أن ما جاء به الرسول لا يحتاج في معرفته إلى أحد من الأئمة] (4) .
[الوجه الثاني الإمامية أنفسهم يجعلون الإمامة آخر المراتب في أصول الدين]
الوجه الثاني:
أن يقال: أصول الدين عن الإمامية أربعة: التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، فالإمامة (5) هي آخر المراتب، والتوحيد، والعدل، والنبوة (6) قبل ذلك، وهم يدخلون في التوحيد نفي الصفات، والقول بأن القرآن مخلوق، وأن الله لا يرى في الآخرة، ويدخلون في العدل التكذيب بالقدر (7) ، وأن الله لا يقدر أن يهدي من يشاء، ولا يقدر أن يضل من يشاء، وأنه قد يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء، وغير ذلك، فلا يقولون: إنه
(1) أ، ب: إطاعة.
(2) أ، ب: الإمام.
(3) هو: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) فالإمامة: ساقطة من (ب) فقط.
(6) ن، م: النبوة والعدل. .
(7) أ، ب: بالقدرة.
****************************** *
خالق (1) كل شيء، ولا إنه على كل شيء قدير، ولا إنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن لكن التوحيد، والعدل، والنبوة مقدم (2) على الإمامة، فكيف تكون [الإمامة] (3) أشرف، وأهم؟ .
وأيضا: فإن الإمامة (4) إنما أوجبوها لكونها لطفا في الواجبات، فهي. واجبة الوسائل، فكيف تكون الوسيلة أهم، وأشرف (5) من المقصود؟ .
[الوجه الثالث الإمامة عند الرافضة لا تحقق اللطف والمصلحة]
الوجه الثالث:أن يقال: إن كانت الإمامة أهم مطالب الدين، وأشرف مسائل المسلمين، فأبعد الناس عن هذا الأهم الأشرف هم الرافضة، فإنهم [قد] (6) قالوا في الإمامة أسخف قول، وأفسده في العقل والدين، كما سنبينه إن شاء الله تعالى [إذا تكلمنا عن حججهم] (7) ، ويكفيك أن مطلوبهم بالإمامة أن يكون لهم رئيس معصوم يكون لطفا في مصالح دينهم، ودنياهم، وليس في الطوائف أبعد عن (8) مصلحة اللطف، والإمامة منهم، فإنهم يحتالون على مجهول، ومعدوم لا يرى له عين، ولا أثر، ولا يسمع له حس، ولا خبر، فلم يحصل لهم من الأمر المقصود بإمامته شيء.وأي من فرض إماما نافعا في بعض مصالح الدين والدنيا كان خيرا ممن
(1) ن، م: ولا يقولون إن الله خالق.
(2) ب (فقط) : مقدمه.
(3) الإمامة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: فالإمامة.
(5) ب (فقط) : أشرف وأهم.
(6) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: من.
****************************** ***
لا ينتفع به في شيء من مصالح الإمامة، ولهذا تجدهم لما فاتهم مصلحة الإمامة يدخلون في طاعة كافر، أو ظالم لينالوا به بعض مقاصدهم، فبينما هم يدعون الناس إلى طاعة إمام معصوم أصبحوا يرجعون إلى طاعة ظلوم كفور، فهل يكون أبعد عن مقصود الإمامة، وعن الخير والكرامة ممن سلك منهاج الندامة؟ .وفي الجملة، فالله تعالى قد علق بولاة الأمور مصالح في الدين والدنيا، سواء كانت الإمامة أهم الأمور، أو لم تكن، والرافضة أبعد الناس عن حصول هذه المصلحة لهم، فقد فاتهم على قولهم الخير المطلوب من أهم مطالب الدين، وأشرف مسائل المسلمين.ولقد طلب [مني] (1) أكابر شيوخهم الفضلاء أن يخلو بي، وأتكلم معه في ذلك، فخلوت به، وقررت له ما يقولونه في هذا الباب كقولهم إن الله أمر العباد، ونهاهم (2 لينالوا به بعض مقاصدهم 2) (2) ، فيجب أن يفعل بهم اللطف الذي يكونون عنده أقرب إلى فعل الواجب، وترك القبيح؛ لأن من دعا شخصا ليأكل طعامه، فإذا كان مراده الأكل فعل ما يعين على ذلك من الأسباب كتلقيه بالبشر، وإجلاسه في مجلس يناسبه، وأمثال ذلك، وإن لم يكن مراده (3) أن يأكل عبس في. وجهه، وأغلق الباب، ونحو ذلك.وهذا أخذوه من المعتزلة ليس هو من أصول شيوخهم القدماء.
ثم قالوا: والإمام لطف؛ لأن الناس إذا كان لهم إمام يأمرهم بالواجب،
(1) مني: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: وإن لم يكن ذلك مراده.
****************************** ****
وينهاهم عن القبيح كانوا أقرب إلى فعل المأمور، وترك المحظور، فيجب أن يكون لهم إمام، ولا بد أن يكون معصوما؛ لأنه إذا لم يكن معصوما لم يحصل به المقصود، ولم تدع العصمة لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لعلي، فتعين أن يكون هو إياه للإجماع على انتفاء ما سواه، وبسطت له العبارة في هذه المعاني.
ثم قالوا: وعلي نص على الحسن، والحسن على الحسين (1) إلى أن انتهت النوبة إلى المنتظر محمد بن الحسن صاحب السرداب الغائب.فاعترف بأن هذا تقرير مذهبهم على غاية الكمال.
قلت له: فأنا وأنت طالبان للعلم، والحق، والهدى،
وهم يقولون: من لم يؤمن بالمنتظر فهو كافر، فهذا المنتظر هل رأيته؟ . أو رأيت من رآه؟ أو سمعت له بخبر؟ (2) أو تعرف شيئا من كلامه الذي قاله هو؟ أو ما أمر به، أو ما نهى عنه مأخوذا عنه، كما يؤخذ عن (3) الأئمة؟ .
قال: لا.قلت: فأي فائدة في إيماننا هذا؟ وأي لطف يحصل لنا بهذا، ثم كيف يجوز أن يكلفنا الله بطاعة شخص، ونحن لا نعلم ما يأمر به، ولا ما ينهانا عنه، ولا طريق لنا إلى معرفة ذلك بوجه من الوجوه؟ وهم من أشد الناس
(1) ن، م: حسين.
(2) أ، ب: أو سمعت بخبره.
(3) أ، ب: من.
****************************** ****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (16)
صـ 103 إلى صـ 109
إنكارا لتكليف ما لا يطاق، فهل يكون في تكليف ما لا يطاق أبلغ من هذا؟ ! .
فقال: إثبات هذا مبني على تلك المقدمات.
قلت: لكن المقصود لنا من تلك المقدمات هو ما يتعلق بنا نحن، وإلا فما علينا ما مضى إذا لم يتعلق بنا منه أمر ولا نهي، وإذا كان كلامنا في تلك المقدمات لا يحصل لنا فائدة ولا لطفا، ولا يفيدنا إلا تكليف (1) ما لا يقدر عليه علم أن الإيمان بهذا المنتظر من باب الجهل، والضلال لا من باب المصلحة واللطف (2) .
والذي عنه الإمامية من النقل عن الأئمة الموتى: إن كان حقا يحصل به سعادتهم، فلا حاجة (3) بهم إلى المنتظر، وإن كان (4) باطلا، فهم أيضا لم ينتفعوا بالمنتظر في رد هذا الباطل، فلم ينتفعوا بالمنتظر [لا.] (5) في إثبات حق، ولا في نفي باطل، ولا أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر، ولم يحصل لواحد منهم به شيء من المصلحة، واللطف المطلوب (6) من الإمامة.والجهال الذين يعلقون أمورهم بالمجهولات كرجال الغيب، والقطب،
(1) ن، م: بتكليف.
(2) أ، ب: اللطف والمصلحة.
(3) ن، م: ولا حاجة.
(4) ن، م: فإن كان.
(5) لا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ب (فقط) : واللطف والمنفعة المطلوبة. 1
*****************************
[والغوث] (1) ، والخضر، ونحو [ذلك مع جهلهم، وضلالهم] ، وكونهم (2) يثبتون ما لم يحصل لهم به مصلحة، ولا لطف، ولا منفعة لا في الدين، ولا في الدنيا أقل ضلالا من الرافضة.فإن الخضر كان موجودا، وقد ذكره الله في القرآن، وفي قصته عبرة، وفوائد، وقد يرى أحدهم شخصا صالحا يظنه الخضر، فينتفع به، وبرؤيته، وموعظته (3) ، وإن كان غالطا في اعتقاده أنه الخضر، [فقد يرى أحدهم بعض الجن، فيظن أنه الخضر، ولا يخاطبه الجني إلا بما يرى أنه يقبله منه ليربطه على ذلك، فيكون الرجل أتى من نفسه لا من ذلك المخاطب له، ومنهم من يقول: لكل زمان خضر، ومنهم من يقول: لكل ولي خضر، وللكفار كاليهود مواضع يقولون: إنهم يرون الخضر فيها، وقد يرى الخضر على صور مختلفة، وعلى صورة هائلة، وأمثال ذلك، وذلك. لأن هذا الذي يقول إنه الخضر هو جني، بل هو شيطان يظهر لمن يرى أنه يضله، وفي ذلك حكايات كثيرة يضيق هذا الموضع عن ذكرها] (4) .وعلى كل تقدير، فأصناف الشيعة أكثر ضلالا من هؤلاء، فإن منتظرهم (5) ليس عنده نقل ثابت عنه، ولا يعتقدون فيمن يرونه أنه المنتظر، ولما دخل السرداب كان عندهم صغيرا لم يبلغ سن التمييز،
(1) والغوث: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: والخضر ونحوهم مع كونهم.
(3) أ: فإن الخضر كان موجودا. فينتفع بروايته أو بموعظته؛ ب: فإن الخضر ينتفع برؤيته وبموعظته.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) أ: فإن منتظر؛ ب: فإن المنتظر.
***************************
وهم يقبلون من الأكاذيب (1) أضعاف ما يقبله هؤلاء، (2 ويعرضون عن الاقتداء بالكتاب والسنة أكثر من إعراض هؤلاء 2) (2) ، ويقدحون في خيار المسلمين قدحا يعاديهم عليه هؤلاء، فهم أضل عن مصالح الإمامة من جميع طوائف الأمة، فقد فاتهم على قولهم أهم الدين وأشرفه.[الوجه الرابع الكرامة لا تنال بمجرد معرفة الإمام]
الوجه الرابع:
أن يقال: قوله: (التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة.) كلام باطل، فإن مجرد معرفة الإنسان (3) إمام وقته، وإدراكه (4) بعينه لا يستحق به الكرامة إن لم يوافق أمره، ونهيه (5) ، وإلا فليست معرفة إمام الوقت بأعظم من معرفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن عرف أن محمدا رسول الله، فلم يؤمن به، ولم يطع أمره لم (6) يحصل له شيء من الكرامة، ولو آمن بالنبي، وعصاه، فضيع الفرائض، وتعدى الحدود (7) كان مستحقا للوعيد عند الإمامية، وسائر طوائف المسلمين، فكيف بمن عرف الإمام، وهو مضيع للفرائض متعد للحدود.
(1) ن، م: من الأحاديث.
(2) (2 - 2) : ساقط من (م) .
(3) الإنسان: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: فإدراكه.
(5) ونهيه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن: ولم.
(7) ب: وضيع الفرائض وتعدى الحدود؛ أ: وضيع الفرائض واعتدى الحدود.
*************************
وكثير من هؤلاء يقول: حب علي حسنة لا يضر معها سيئة (1) ، وإن (2) كانت السيئات لا تضر مع حب علي، فلا حاجة إلى الإمام المعصوم الذي هو لطف في التكليف، فإنه إذا لم يوجد إنما توجد سيئات ومعاص، فإن كان حب علي كافيا، فسواء. وجد الإمام أو لم يوجد.
[الوجه الخامس الإمامة ليست من أركان الإيمان]
الوجه الخامس:قوله: (وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان) .فيقال.
له: من جعل هذا من الإيمان إلا أهل الجهل، والبهتان؟ . وسنتكلم إن شاء الله على ما ذكره من ذلك.والله تعالى وصف المؤمنين، وأحوالهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد فسر الإيمان، وذكر شعبه، ولم يذكر الله ولا رسوله الإمامة في أركان الإيمان، ففي [الحديث] (3) الصحيح حديث جبريل لما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة أعرابي، وسأله عن الإسلام، والإيمان، والإحسان قال. [له] (4) : ( «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت.) قال: والإيمان أن
(1) يرد محمد مهدي الكاظمي القزويني على ذلك بقوله (منهاج الشريعة 1/98) " ما نسبه إلى كثير من الشيعة من القول بأن حب علي حسنة ليس يضر معه سيئة فإنه بهتان منه، فإنهم جميعا متفقون على ذلك، فتخصيصه الكثير منهم بهذه العقيدة ليس له وجه سوى الكذب "! ! .
(2) أ، ب: وإن.
(3) الحديث: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
****************************** *
تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، [واليوم الآخر] (1) ، والبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره، وشره» .) ،
ولم يذكر الإمامة قال: ( «والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك.» ) ، وهذا الحديث متفق على صحته متلقى بالقبول أجمع أهل العلم بالنقل على صحته، وقد أخرجه أصحاب الصحيح من غير وجه، فهو متفق عليه (2) من حديث أبي هريرة، وفي [أفراد] (3) مسلم من حديث عمر (4) .وهؤلاء (5) وإن كانوا لا يقرون بصحة (6) هذه الأحاديث، فالمصنف [قد] (7) احتج بأحاديث موضوعة كذب باتفاق أهل المعرفة، فإما أن نحتج بما يقوم الدليل على صحته نحن وهم، أو لا نحتج بشيء من ذلك لا (8) نحن ولا هم، فإن تركوا الرواية رأسا أمكن أن نترك الرواية، وأما إذا رووا هم، فلا بد من معارضة الرواية [بالرواية] (9) ، والاعتماد على ما تقوم به
(1) واليوم الآخر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: فهو من المتفق عليه.
(3) أفراد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) الحديث عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في: مسلم 1/36 - 38، (كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام. إلخ) . وفي الباب أحاديث أخرى بنفس المعنى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - 1/39 - 40. وانظر الحديث برواياته المتعددة في: ابن الأثير: " جامع الأصول من أحاديث الرسول " 1/128 - 136، طبعة حامد الفقي، القاهرة، 1368/1949.
(5) أ، ب: وهم.
(6) ن، م: لا يرون صحة.
(7) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) لا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) بالرواية: ساقطة من (ن) .
*************************
الحجة، ونحن نبين الدلائل الدالة على كذب ما يعارضون به أهل السنة من الروايات الباطلة، والدلائل الدالة على صحة ما نقله أهل العلم بالحديث، وصححوه.وهب أنا لا نحتج بالحديث،
فقد قال الله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون - الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} [سورة الأنفال: 2 - 4] (1) ، فشهد لهؤلاء بالإيمان من غير ذكر للإمامة (2) .
وقال تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} [سورة الحجرات: 15] ، فجعلهم صادقين في الإيمان من غير ذكر للإمامة.
وقال تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} [سورة البقرة: 177] ، ولم يذكر الإمامة.
وقال تعالى: {الم - ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين - الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون - أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} [سورة البقرة: 1 - 5] ،
(1) ن، م: هم المؤمنون حقا. . . الآية.
(2) ن، م: الإمامة.
**************************
فجعلهم مهتدين مفلحين (1) ، ولم يذكر الإمامة.
وأيضا: فنحن نعلم بالاضطرار من دين محمد [بن عبد الله.] (2) - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا أسلموا لم يجعل إيمانهم موقوفا على معرفة الإمامة، ولم يذكر لهم شيئا من ذلك، وما كان أحد أركان الإيمان لا بد أن يبينه الرسول لأهل الإيمان ليحصل لهم [به] (3) الإيمان، فإذا علم بالاضطرار أن هذا مما لم يكن الرسول يشترطه في الإيمان علم أن اشتراطه في الإيمان من أقوال أهل البهتان.
فإن قيل: قد دخلت في عموم النصوص (4) ، أو هي من باب ما لا يتم الواجب إلا به، أو دل (5) عليها نص آخر.
قيل: هذا كله لو صح لكان غايته أن تكون من بعض فروع الدين لا (6) تكون من أركان الإيمان، فإن ركن الإيمان ما لا يحصل الإيمان إلا به كالشهادتين، فلا يكون الرجل مؤمنا حتى يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فلو كانت الإمامة ركنا في الإيمان لا يتم إيمان أحد إلا به لوجب أن يبين ذلك الرسول بيانا عاما قاطعا للعذر، كما بين
(1) ن، م: مفلحين مهتدين.
(2) بن عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: النص.
(5) ن: ودل. 1
(6) ن، م: فلا.
**********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (17)
صـ 110 إلى صـ 116
الشهادتين، والإيمان بالملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، فكيف ونحن نعلم بالاضطرار من دينه أن الناس الذين (1) دخلوا في دينه أفواجا لم يشترط على أحد منهم في الإيمان الإيمان بالإمامة لا مطلقا، ولا معينا؟ .
[الوجه السادس الحديث الذي يستشهد به ابن المطهر لا أصل له]
الوجه السادس:قوله: فقال رسول الله. (2) - صلى الله عليه وسلم -: «من مات، ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» .يقال له (3) أولا: من روى هذا الحديث بهذا اللفظ، وأين إسناده؟ . وكيف يجوز أن يحتج بنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير بيان الطريق الذي به يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله؟ وهذا لو كان مجهول الحال عند أهل العلم بالحديث، فكيف وهذا الحديث بهذا اللفظ لا يعرف؟ .إنما الحديث المعروف مثل ما روى مسلم في صحيحه (4) عن نافع قال: «جاء [عبد الله] (5) بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن، وسادة.
(1) الناس: ساقطة من (ب) فقط.
(2) ن، م: فقال النبي؛ ب: قال رسول الله.
(3) أ، ب: فيقال له.
(4) أ، ب: هذا.
(5) صحيح مسلم 3/1478 (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن) .
*************************
فقال: إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله.
سمعته يقول: (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.) » .وهذا حدث به (1) [عبد الله] (2) بن عمر لعبد الله بن مطيع [بن الأسود] (3) لما خلعوا طاعة أمير وقتهم يزيد مع أنه كان فيه من الظلم ما كان، ثم إنه اقتتل هو وهم، وفعل بأهل الحرة أمورا منكرة.فعلم أن هذا الحديث دل على ما دل عليه سائر الأحاديث الآتية من أنه لا يخرج على ولاة أمور المسلمين بالسيف، وأن من لم يكن (4) مطيعا لولاة الأمور مات ميتة جاهلية، وهذا ضد قول الرافضة، فإنهم أعظم الناس مخالفة لولاة الأمور، وأبعد الناس عن طاعتهم إلا كرها.ونحن نطالبهم أولا بصحة النقل، ثم بتقدير أن يكون ناقله واحدا، فكيف يجوز أن يثبت أصل الإيمان بخبر مثل هذا [الذي] (5) لا يعرف له ناقل، وإن عرف له ناقل أمكن خطؤه، وكذبه، وهل يثبت أصل الإيمان إلا بطريق علمي.
[الوجه السابع لا حجة للإمامة في الحديث]
الوجه السابع:أن يقال: إن كان هذا الحديث من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -،.
(1) ب (فقط) : وهذا حديث حدث به.
(2) عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) بن الأسود: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: فإن لم يكن. . . إلخ.
(5) ن: هذا ولا؛ م: هذا لا.
****************************** **
فليس فيه حجة لهذا القائل (1) ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قد] (2) قال: ( «من (3) مات ميتة جاهلية» .) (* في أمور ليست (4) من أركان الإيمان التي من تركها كان كافرا.كما في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( «من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية، أو ينصر عصبية، فقتلته جاهلية» *) (5) . (6) ، وهذا الحديث يتناول من قاتل في العصبية، والرافضة رءوس هؤلاء، ولكن لا يكفر المسلم بالاقتتال في العصبية، كما دل على ذلك الكتاب والسنة، فكيف يكفر بما هو دون (7) ذلك.وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (8) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، ثم مات،.
(1) ن، م: الناقل.
(2) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: وليست.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (ب) فقط.
(6) الحديث في: مسلم 3/1478 (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة. . .) وفيه: فقتلة جاهلية. وراية عمية: قال النووي (شرح صحيح مسلم 12/238) : هي بضم العين وكسرها لغتان مشهورتان. والميم مكسورة ومشددة والياء مشددة أيضا. قالوا: هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه، كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور. قال إسحاق بن راهويه: هذا كتقاتل القوم للعصبية.
(7) م: بمن هو دون؛ أ: بمن؛ ب: بما دون.
(8) رضي الله تعالى عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
***************************
مات ميتة جاهلية» .) (1) ، وهذا حال الرافضة، فإنهم يخرجون عن الطاعة، ويفارقون الجماعة.وفي الصحيحين (2) عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: ( «من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر عليه، (4 فإن من فارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية» .) ،
وفي لفظ: ( «من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر عليه 4) (4) فإن من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية» .) (5) .وهذه النصوص مع كونها صريحة في حال الرافضة، فهي وأمثالها المعروفة عند أهل العلم لا بذلك (6) اللفظ الذي نقله.
[الوجه الثامن الحديث حجة عليهم]
الوجه الثامن:أن هذا الحديث الذي ذكره حجة على الرافضة؛ لأنهم لا يعرفون إمام زمانهم، فإنهم يدعون أنه الغائب المنتظر محمد بن الحسن الذي دخل
(1) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: صحيح مسلم 3/1476 - 1477 (الكتاب والباب السابقان) . 1
(2) ن، م: وفي الصحيح.
(3) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) (4 - 4) ساقط من: (أ) ، (ب) . وفي: م: من خرج من الطاعة.
(5) الحديث بروايتيه - مع اختلاف يسير في الألفاظ - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في: البخاري 9/47 (كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سترون بعدي أمورا تنكرونها) ؛ مسلم 3/1477 - 1478 (الكتاب والباب السابقان) سنن الدارمي 2/241 (كتاب السير، باب في لزوم الطاعة والجماعة) ؛ المسند (ط. المعارف) 4/164، 245 - 246، 297.
(6) ن، م: ذلك.
**************************
سرداب سامرا سنة ستين، ومائتين، أو نحوها، ولم يميز بعد (1) ، بل كان عمره إما سنتين، أو ثلاثا، أو خمسا (2) ، أو نحو ذلك، وله الآن - على قولهم - أكثر من أربعمائة وخمسين (3) سنة، ولم ير له عين، ولا أثر، ولا سمع له حس، ولا خبر.فليس فيهم أحد يعرفه لا بعينه،
ولا صفته لكن يقولون: إن هذا الشخص الذي لم يره أحد، ولم يسمع له خبر هو إمام زمانهم، ومعلوم أن هذا ليس هو معرفة بالإمام.ونظير هذا أن يكون لرجل قريب من بني عمه في الدنيا، ولا يعرف شيئا من أحواله، فهذا لا يعرف ابن عمه، وكذلك المال الملتقط إذا عرف أن له مالكا، ولم يعرف عينه لم يكن عارفا لصاحب اللقطة (4) ، بل هذا أعرف؛ لأن هذا (5) يمكن ترتيب بعض أحكام الملك، والنسب [عليه] (6) ، وأما المنتظر، فلا يعرف له حال ينتفع به في الإمامة.فإن معرفة الإمام الذي يخرج (7) الإنسان من الجاهلية هي المعرفة التي يحصل بها طاعة وجماعة، خلاف ما كان عليه أهل الجاهلية، فإنهم لم يكن لهم إمام يجمعهم، ولا جماعة تعصمهم، والله (8) تعالى بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم -، وهداهم به إلى الطاعة، والجماعة، وهذا المنتظر لا.
(1) أ، ب: ولم يعد.
(2) أ، ب: وإما ثلاثا وإما خمسا.
(3) وخمسين: ساقطة من (ب) فقط.
(4) الضمير في " عرف " لملتقط المال.
(5) ن، م: لأنه هنا.
(6) عليه: زيادة في (ب) .
(7) ب (فقط) : التي تخرج.
(8) ن، م: فالله.
****************************
يحصل بمعرفته طاعة، ولا جماعة، فلم يعرف معرفة تخرج الإنسان من [حال] (1) الجاهلية، بل المنتسبون إليه أعظم الطوائف جاهلية، وأشبههم بالجاهلية، وإن لم يدخلوا في طاعة غيرهم - إما طاعة كافر، وإما (2) طاعة مسلم هو عندهم من الكفار، أو النواصب (3) - لم ينتظم لهم مصلحة لكثرة اختلافهم، وافتراقهم، وخروجهم عن الطاعة، والجماعة (4) .وهذا يتبين (5) .بالوجه (6)
[الوجه التاسع الأمر بطاعة الأئمة في غير المعصية]
التاسع:وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بطاعة الأئمة الموجودين (7) [المعلومين] (8) الذين لهم سلطان يقدرون به على سياسة الناس لا بطاعة معدوم ولا مجهول، ولا من ليس له سلطان، ولا قدرة (9) على شيء أصلا، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاجتماع، والائتلاف، ونهى عن الفرقة، والاختلاف، ولم يأمر بطاعة الأئمة مطلقا، بل أمر بطاعتهم في طاعة
(1) حال: ساقطة من (ب) فقط.
(2) أ، ب: أو. .
(3) في اللسان: " النواصب: قوم يتدينون ببغضة علي ". وفي كليات أبي البقاء الكفوري (ط. بولاق) ص [0 - 9] 61: " والنصب يقال أيضا لمذهب هو بغض علي بن أبي طالب وهو طرف النقيض من الرفض ".
(4) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ب: " فقط ": يبينه.
(6) في جميع النسخ: الوجه. وما أثبته يستقيم به الكلام.
(7) أ، ب: الموحدين.
(8) المعلومين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن، م: وقدرة.
**************************
الله دون معصيته، وهذا يبين أن الأئمة الذين أمر بطاعتهم في طاعة الله ليسوا معصومين.ففي (1) صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -
يقول: ( «خيار أئمتكم الذين تحبونهم، ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم، ويبغضونكم، وتلعنونهم، ويلعنوكم.) قال: قلنا: يا رسول الله،
أفلا ننابذهم عند ذلك قال: (لا ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة» .) (2) .وفي [صحيح] (3) مسلم عن أم سلمة أن النبي. (4) - صلى الله عليه وسلم -
قال: ( «ستكون أمراء، فتعرفون، وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع.) قالوا: [يا رسول الله] (5) أفلا نقاتلهم؟
قال: (لا ما صلوا» .) (6) .
(1) أ، ب: وفي.
(2) الحديث عن عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه - في: مسلم 3/1481، 1482 (كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم) ؛ سنن الدارمي 2/324 (كتاب الرقاق، باب في الطاعة ولزوم الجماعة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/24. وجاء جزء من حديث آخر بمعنى هذا الحديث عن عمر - رضي الله عنه - في: سنن الترمذي 3/360 (كتاب الفتن، باب حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي) وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد ومحمد يضعف من قبل حفظه.
(3) صحيح: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: أن رسول الله.
(5) يا رسول الله: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) الحديث عن أم سلمة - رضي الله عنها - في: مسلم 3/1480 - 1481 (كتاب وجوب الإنكار. على الأمراء فيما يخالف الشرع.) ؛ سنن أبي داود 4/333 - 334 (كتاب السنة، باب في قتل الخوارج) ؛ سنن الترمذي 3/361 (كتاب الفتن، باب منه) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/295، 302، 305، 321.
***********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (18)
صـ 117 إلى صـ 123
وهذا يبين أن الأئمة هم الأمراء ولاة الأمور، وأنه يكره، وينكر ما يأتونه من معصية الله، ولا تنزع (1) اليد من طاعتهم، بل يطاعون في طاعة الله، وأن منهم خيارا، وشرارا من يحب، ويدعى له، ويحب الناس، ويدعو لهم، ومن يبغض، ويدعو على الناس، ويبغضونه، ويدعون عليه.وفي الصحيحين (2) [عن أبي هريرة] (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: ( «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء، فتكثر (4) قالوا: فما تأمر؟
قال: (فوا ببيعة الأول، فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم» .) (5) ، فقد أخبر أن بعده خلفاء كثيرين (6) ، وأمر أن يوفى ببيعة
(1) أ، ب: ولا تنزعن.
(2) ن، م: وفي الصحيح.
(3) عن أبي هريرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) في (ن) ،: وتنكر، (م) : تنكر؛ وفي صحيح مسلم (3/1471) : وتكثر. ويقول النووي في شرحه على مسلم (12 - 231) : فتكثر بالثاء المثلثة من الكثرة وهذا هو الصواب المعروف. قال القاضي: وضبطه بعضهم فتكبر بالباء الموحدة كأنه من إكبار قبيح فعالهم، وهذا تصحيف. وفي صحيح البخاري (4/169) : فيكثرون.
(5) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: البخاري 4/169 (كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل) ؛ مسلم 3/1471 (كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء.) ؛ سنن ابن ماجه 2/958 - 959 (كتاب الجهاد، باب الوفاء بالبيعة) ؛ المسند (ط. المعارف) 15/109 - 110.
(6) ن: تنكر؛ م: ينكرون؛ أ: كثيرون. والمثبت من (ب) .
**********************
الأول فالأول، وأن يعطوهم (1) حقهم.وفي الصحيحين عن [عبد الله] (2) بن مسعود قال: قال. لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( «إنكم سترون بعدي أثرة، وأمورا تنكرونها.) قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟
قال: (أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم» .) ،
وفي لفظ: ( «ستكون أثرة، وأمور تنكرونها.) قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟
قال: (تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم» .) (3) .
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: «بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع، والطاعة في اليسر، والعسر (4) ، والمنشط، والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم» (5) .
(1) ن: تعطوهم.
(2) عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في: البخاري 9/47 (كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: سترون بعدي أمورا تنكرونها) ؛ مسلم 3/1472 (كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول) ؛ سنن الترمذي (ط. المدينة المنورة) 3/327 (كتاب الفتن، باب ما جاء في الأثرة) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/231 - 232، 242، 6/64.
(4) ن، م: في العسر واليسر.
(5) الحديث عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في: البخاري 9/47 (كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: سترون بعدي أمورا تنكرونها) ؛ مسلم 3/1470 - 1471 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية.) ؛ سنن النسائي 7/124 - 126 (كتاب البيعة، باب البيعة على السمع والطاعة، وباب البيعة على أن لا ننازع الأمر أهله، وباب البيعة على القول بالحق، وباب البيعة على القول بالعدل، وباب البيعة على الأثرة) ؛ سنن ابن ماجه 2/957 (كتاب الجهاد، باب البيعة) ؛ الموطأ. 2/445 - 446 (كتاب الجهاد، باب الترغيب في الجهاد) ؛ المسند (ط. الحلبي) 3/441، 5/314، 316. وجاء الحديث في مواضع أخرى في المسند.
************************
وفي الصحيحين عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( «على المرء المسلم السمع، والطاعة فيما أحب، وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع، ولا طاعة» .) (1) .
فإن قال: أنا أردت بقولي إنها (أهم المطالب في الدين، وأشرف مسائل المسلمين.) المطالب التي تنازعت الأمة فيها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه هي مسألة الإمامة.
قيل له: فلا لفظ فصيح، ولا معنى صحيح، فإن ما ذكرته لا يدل على هذا المعنى، بل مفهوم اللفظ، ومقتضاه أنها أهم المطالب في الدين مطلقا، وأشرف مسائل المسلمين مطلقا.وبتقدير أن يكون هذا مرادك، فهو معنى باطل، فإن المسلمين تنازعوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسائل أشرف من هذه، وبتقدير أن تكون هي الأشرف، فالذي ذكرته فيها أبطل المذاهب، وأفسد المطالب.وذلك أن النزاع في الإمامة لم يظهر إلا في خلافة علي - رضي الله عنه - (2) ، [وأما] (3) على عهد الخلفاء الثلاثة، فلم يظهر نزاع إلا ما جرى يوم السقيفة،
(1) الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في: البخاري 9/63 (كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية) . وهو بمعناه مع اختلاف في اللفظ في: البخاري 4/49 - 50 (كتاب الجهاد والسير، باب السمع والطاعة للإمام) ؛ مسلم 3/1469 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء.) ؛ سنن الترمذي 3/125 - 126 (كتاب الجهاد، باب ما جاء لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) .
(2) رضي الله عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) وأما: ساقطة من (ن) ، (م) .
********************
وما انفصلوا حتى اتفقوا، ومثل هذا لا يعد نزاعا، ولو قدر أن النزاع فيها كان عقب موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فليس كل ما (1) تنوزع فيه عقب موته. [- صلى الله عليه وسلم -] (2) يكون أشرف مما تنوزع فيه بعد موته بدهر طويل.وإذا كان كذلك، فمعلوم أن مسائل (3 القدر، والتعديل، والتجوير، والتحسين، والتقبيح 3) (3) ، والتوحيد، والصفات، والإثبات، والتنزيه أهم وأشرف من مسائل الإمامة، ومسائل الأسماء، والأحكام، والوعد، والوعيد، والعفو، والشفاعة، والتخليد أهم من مسائل الإمامة.ولهذا كل من صنف في أصول الدين يذكر مسائل الإمامة في الآخر حتى الإمامية يذكرون مسائل التوحيد، والعدل، والنبوة قبل مسائل الإمامة، وكذلك المعتزلة يذكرون (4) أصولهم الخمس: التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، وإنفاذ الوعيد، والخامس: هو الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبه تتعلق مسائل الإمامة.ولهذا كان جماهير الأمة نالوا الخير بدون مقصود الإمامة التي تقولها الرافضة، فإنهم يقرون بأن الإمام الذي هو صاحب الزمان مفقود لا ينتفع به أحد، وأنه دخل السرداب سنة ستين ومائتين، أو قريبا من ذلك، وهو الآن غائب أكثر من أربعمائة وخمسين سنة، فهم في هذه المدة لم ينتفعوا
(1) ن: فليس كما، وهو تحريف.
(2) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) (3 - 3) : جاءت هذه العبارات في (أ) ، (ب) وبعد كلمة التنزيه، وفي (ب) : التجويز، وهو خطأ.
(4) يذكرون: ساقطة من (أ) ، (ب) .
****************************
بإمامته لا في دين، ولا في دنيا، بل يقولون: إن عندهم علما منقولا عن غيره.فإن كانت أهم مسائل الدين، وهم لم ينتفعوا بالمقصود منها، فقد فاتهم من الدين أهمه، وأشرفه، وحينئذ فلا ينتفعون بما حصل لهم من التوحيد، والعدل؛ لأنه يكون ناقصا بالنسبة إلى مقصود الإمامة، فيستحقون العذاب، كيف وهم يسلمون أن مقصود الإمامة إنما هو. (1) في الفروع الشرعية، وأما الأصول العقلية فلا يحتاج فيها إلى الإمام، وتلك هي أهم وأشرف.ثم بعد هذا كله، فقولكم في الإمامة من أبعد الأقوال عن الصواب، ولو لم يكن فيه إلا أنكم أوجبتم الإمامة لما فيها من مصلحة الخلق في دينهم، ودنياهم، وإمامكم صاحب الوقت لم يحصل لكم من جهته مصلحة لا في الدين، ولا في الدنيا، فأي سعي أضل من سعي من يتعب التعب الطويل، ويكثر القال والقيل. ويفارق جماعة المسلمين، ويلعن السابقين، والتابعين، ويعاون الكفار، والمنافقين، ويحتال بأنواع الحيل، ويسلك ما أمكنه من السبل. ويعتضد بشهود الزور، ويدلي أتباعه بحبل الغرور، ويفعل ما يطول وصفه، ومقصوده بذلك أن يكون له إمام يدله على أمر الله، ونهيه، ويعرفه ما يقربه إلى الله [تعالى] (2) ؟ .ثم إنه لما علم اسم ذلك الإمام، ونسبه لم يظفر بشيء من مطلوبه، ولا وصل إليه [شيء] (3) من تعليمه، وإرشاده، ولا أمره، ولا نهيه، ولا حصل له
(1) إنما هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) تعالى: ليست في (ن) فقط.
(3) شيء: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
من جهته منفعة، ولا مصلحة أصلا إلا إذهاب نفسه، وماله، وقطع الأسفار، وطول الانتظار بالليل والنهار، ومعاداة الجمهور لداخل في سرداب ليس له عمل، ولا خطاب، ولو كان موجودا بيقين لما حصل به منفعة لهؤلاء المساكين، فكيف عقلاء الناس يعلمون أنه ليس معهم إلا الإفلاس، وأن الحسن بن علي العسكري لم ينسل، ولم يعقب، كما ذكر ذلك محمد بن جرير الطبري (1) ، وعبد الباقي بن قانع (2) ، وغيرهما من أهل العلم بالنسب؟ .وهم يقولون: إنه دخل السرداب بعد موت أبيه، وعمره إما سنتان، وإما ثلاث، وإما خمس، وإما نحو ذلك، ومثل هذا بنص القرآن يتيم يجب أن يحفظ له ماله حتى يؤنس منه الرشد، ويحضنه من يستحق حضانته من أقربائه (3) ، فإذا صار له سبع سنين أمر بالطهارة، والصلاة، فمن لا توضأ، ولا صلى، وهو تحت حجر وليه في نفسه، وماله بنص القرآن لو كان موجودا يشهده العيان لما جاز أن يكون هو إمام أهل الإيمان، فكيف إذا كان معدوما، أو مفقودا مع طول هذه الغيبة؟ .
(1) هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري صاحب التفسير الكبير والتاريخ الشهير، كان من الأئمة المجتهدين، وقد توفي سنة 310 هـ. انظر ترجمته في ابن خلكان 3/332. وقد أشار الأستاذ محب الدين الخطيب في تعليقه على " المنتقى من منهاج الاعتدال " (تعليق (2) ص [0 - 9] ) إلى واقعة حديث سنة 302، وهي مذكورة في تاريخ الطبري، تبين أن الحسن العسكري لم يعقب. وقد ذكر الواقعة عريب بن سعد القرطبي في: " صلة تاريخ الطبري "، 8 - 35، القاهرة، 1358 - 1939.
(2) عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق، ولد سنة 256 وتوفي سنة 351. انظر ترجمته في: لسان الميزان 3/283؛ الأعلام 4/46.
(3) أ، ب: قرابته.
******************************
والمرأة إذا غاب عنها (1) وليها زوجها الحاكم، أو الولي الحاضر لئلا تفوت مصلحة المرأة بغيبة الولي المعلوم الموجود، فكيف تضيع مصلحة الأمة (2) مع طول هذه المدة مع هذا الإمام المفقود؟ .[الفصل الأول من منهاج الكرامة عرض عام لرأي الإمامية وأهل السنة في الإمامة](فصل)قال. المصنف (3) الرافضي:(. الفصل الأول. (في نقل المذاهب في هذه المسألة.) :ذهبت الإمامية إلى أن الله (4) عدل حكيم لا يفعل قبيحا، ولا يخل بواجب، وأن أفعاله إنما تقع لغرض [صحيح] (5) ، وحكمة، وأنه لا يفعل الظلم، ولا العبث، وأنه رءوف (6) بالعباد يفعل ما هو الأصلح لهم، والأنفع، وأنه تعالى كلفهم تخييرا [لا إجبارا] (7) ، ووعدهم الثواب، وتوعدهم بالعقاب على لسان أنبيائه، ورسله المعصومين بحيث لا يجوز عليهم (8) الخطأ، [ولا] النسيان (9) ، ولا المعاصي،
(1) عنها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: الإمامة.
(3) أ، ب: الإمام.
(4) ك (منهاج الكرامة) : الله تعالى. 1
(5) صحيح: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: رءوف رحيم.
(7) لا إجبارا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن (فقط) : لهم.
(9) ن، م: والنسيان.
************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (19)
صـ 124 إلى صـ 130
وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ وُثُوقٌ بِأَقْوَالِهِمْ ، [وَأَفْعَالِهِمْ] (1) ، فَتَنْتَفِي فَائِدَةُ الْبَعْثَةِ.
ثُمَّ أَردف الرِّسَالَةَ بَعْدَ مَوْتِ الرَّسُولِ بِالْإِمَامَةِ، فَنَصَّبَ أَوْلِيَاءَ مَعْصُومِينَ (2) لِيَأْمَنَ النَّاسُ مِنْ غَلَطِهِمْ، وَسَهْوِهِمْ، وَخَطَئِهِمْ، فَيَنْقَادُونَ إِلَى أَوَامِرِهِمْ لِئَلَّا يُخَلِّيَ اللَّهُ الْعَالَمَ مِنْ لُطْفِهِ، وَرَحْمَتِهِ.
وَأَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا. (3) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (4) قَامَ بِنَقْلِ (5) الرِّسَالَةِ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (6) ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ (7) الْحَسَنِ الزَّكِيِّ، (8 ثُمَّ عَلَى وَلَدِهِ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ 8) (8) ، ثُمَّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، ثُمَّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ، ثُمَّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، ثُمَّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْكَاظِمِ، ثُمَّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، ثُمَّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوَادِ، ثُمَّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَادِي، ثُمَّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ، ثُمَّ عَلَى الْخَلَفِ الْحُجَّةِ
(1) وَأَفْعَالِهِمْ : سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) ب (فَقَطْ) : مَعْصُومِينَ مَنْصُوصِينَ.
(3) ك: بَعَثَ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا.
(4) ك: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
(5) كَذَا فِي (ك) ، (أ) وَفِي (ن) : فَأَمَرَ بِنَقْلِ، وَفِي (ب) : قَامَ بِثِقَلِ.
(6) عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) وَفِي (ك) : عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
(7) ن، م: ثُمَّ مِنْ بَعْدِ عَلِيٍّ وَلَدُهُ.
(8) (8 - 8) : بَدَلًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ فِي (ك) : ثُمَّ عَلَى الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ أَخِيهِ.
****************************
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ (1) [عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ] (2) ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (3) لَمْ يَمُتْ إِلَّا عَنْ، وَصِيَّةٍ بِالْإِمَامَةِ.) .قَالَ: (وَأَهْلُ السُّنَّةِ ذَهَبُوا (4) إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَلَمْ يُثْبِتُوا الْعَدْلَ، وَالْحِكْمَةَ فِي أَفْعَالِهِ تَعَالَى (5) ، وَجَوَّزُوا عَلَيْهِ. (6) [فِعْلَ] (7) الْقَبِيحِ، وَالْإِخْلَالَ بِالْوَاجِبِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى (8) لَا يَفْعَلُ لِغَرَضٍ، (9 بَلْ كُلُّ أَفْعَالِهِ لَا لِغَرَضٍ 9) (9) مِنَ الْأَغْرَاضِ، وَلَا لِحِكْمَةٍ أَلْبَتَّةَ، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ الظُّلْمَ، وَالْعَبَثَ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِعِبَادِهِ (10) ، بَلْ مَا هُوَ الْفَسَادُ (11) فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ (12) الْمَعَاصِي، وَأَنْوَاعَ الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ، وَجَمِيعَ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ الْوَاقِعَةِ فِي الْعَالَمِ مُسْنَدَةٌ (13) إِلَيْهِ - تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ (14) - وَأَنَّ الْمُطِيعَ لَا يَسْتَحِقُّ ثَوَابًا، وَالْعَاصِيَ لَا يَسْتَحِقُّ عِقَابًا،
(1) ب (فَقَطْ) : مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَهْدِيِّ.
(2) عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) وَفِي (ك) : عَلَيْهِمَا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ.
(3) ك: عَلَيْهِ وَآلِهِ.
(4) ك: وَذَهَبَ أَهْلُ السُّنَّةِ.
(5) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ك) .
(6) ن، م: عَلَيْهِ تَعَالَى.
(7) فِعْلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ك) .
(9) (9 - 9) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(10) ك: لِلْعِبَادِ.
(11) ن، م: بَلْ. هُوَ مِنَ الْفَسَادِ؛ أ: بَلْ هُوَ الْفَسَادُ.
(12) ن، م، أ: فِي الْحَقِيقَةِ كَفِعْلِ.
(13) مُسْنَدَةٌ: كَذَا فِي (ك) ، وَفِي (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) : مُسْتَنِدَةٌ.
(14) ك: إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ.
************************
بَلْ قَدْ يُعَذِّبُ الْمُطِيعَ طُولَ عُمْرِهِ الْمُبَالِغَ فِي امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ تَعَالَى كَالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُثِيبُ الْعَاصِيَ طُولَ عُمْرِهِ بِأَنْوَاعِ الْمَعَاصِي، وَأَبْلَغِهَا كَإِبْلِيسَ، وَفِرْعَوْنَ.
وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ غَيْرُ مَعْصُومِينَ، بَلْ قَدْ يَقَعُ مِنْهُمُ الْخَطَأُ، وَالزَّلَلُ، وَالْفُسُوقُ، وَالْكَذِبُ، وَالسَّهْوُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (1) لَمْ يَنُصَّ عَلَى إِمَامٍ (2) ، وَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ غَيْرِ (3) . وَصِيَّةٍ، وَأَنَّ الْإِمَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ بِمُبَايَعَةِ (4) عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَهُ (5) بِرِضَاءِ (6) أَرْبَعَةٍ: أَبِي عُبَيْدَةَ [بْنِ الْجَرَّاحِ] (7) ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي (8) حُذَيْفَةَ، وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ (9) ، وَبَشِيرِ بْنِ سَعْدِ [بْنِ عُبَادَةَ] (10) .ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عُمَرُ [بْنُ الْخَطَّابِ] (11) بِنَصِّ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ
(1) ك: عَلَيْهِ وَآلِهِ.
(2) ن، م، أ: عَلَى إِمَامَةٍ؛ ك: عَلَى إِمَامٍ بَيْنَهُمْ.
(3) ن، م: مِنْ غَيْرِ؛ ك: بِغَيْرِ.
(4) ك: لِمُبَايَعَةِ.
(5) ن، م: عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَهُ.
(6) ن، م: بِرِضَا.
(7) بْنِ الْجَرَّاحِ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) ، (ك) .
(8) أَبِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
(9) أ: أُسَيْدِ بْنِ حُصَيْنٍ؛ ك: أَسَدِ بْنِ حُضَيْرٍ.
(10) بْنِ عُبَادَةَ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) ، (ك) .
(11) بْنُ الْخَطَّابِ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) .
******************************
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِنَصِّ عُمَرَ عَلَى سِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ، فَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (1) لِمُبَايَعَةِ (2) الْخَلْقِ لَهُ.ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ. بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْإِمَامَ بَعْدَهُ الْحَسَنُ (3) ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إِنَّهُ مُعَاوِيَةُ [بْنُ أَبِي سُفْيَانَ] (4) .ثُمَّ سَاقُوا الْإِمَامَةَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى أَنْ ظَهَرَ (5) السَّفَّاحُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ، فَسَاقُوا الْإِمَامَةَ إِلَيْهِ.ثُمَّ انْتَقَلَتِ الْإِمَامَةُ (6) مِنْهُ إِلَى أَخِيهِ الْمَنْصُورِ.
ثُمَّ سَاقُوا الْإِمَامَةَ فِي بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَى الْمُسْتَعْصِمِ .) (7) .[رد ابن تيمية الكذب والتحريف في نقل مذهب أهل السنة ومذهب الرافضة][الوجه الأول إثبات القدر ونفيه معروف عند طوائف من الفريقين]قُلْتُ: فَهَذَا النَّقْلُ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالرَّافِضَةِ فِيهِ مِنَ الْكَذِبِ، وَالتَّحْرِيفِ مَا سَنَذْكُرُ (8) بَعْضَهُ.وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:أَحَدُهَا:أَنَّ إِدْخَالَ مَسَائِلِ الْقَدَرِ، وَالتَّعْدِيلِ، وَالتَّجْوِيرِ. (9) فِي هَذَا الْبَابِ كَلَامٌ بَاطِلٌ
(1) ك: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
(2) ن، م، أ: بِمُبَايَعَةِ.
(3) ك: إِنَّ الْإِمَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
(4) بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) .
(5) ك: حَتَّى ظَهَرَ.
(6) الْإِمَامَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) .
(7) ن، م، أ: الْمُعْتَصِمِ.
(8) ن، م: مَا نَذْكُرُ.
(9) فِي النُّسَخِ الْأَرْبَعِ: التَّجْوِيزِ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ.
************************
مِنَ الْجَانِبَيْنِ، إِذْ كُلٌّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ قَدْ قَالَ بِهِ طَوَائِفُ مِنْ [أَهْلِ] (1) السُّنَّةِ، وَالشِّيعَةِ، فَالشِّيعَةُ فِيهِمْ طَوَائِفُ تُثْبِتُ الْقَدَرَ، وَتُنْكِرُ مَسَائِلَ التَّعْدِيلِ، وَالتَّجْوِيرِ (2) ، وَالَّذِينَ يُقِرُّونَ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ فِيهِمْ طَوَائِفُ تَقُولُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنَ التَّعْدِيلِ، وَالتَّجْوِيرِ (3) كَالْمُعْتَزِلَ ةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ هُمْ أَصْلُ هَذَا الْقَوْلِ، وَأَنَّ شُيُوخَ الرَّافِضَةِ كَالْمُفِيدِ، وَالْمُوسَوِيِّ ، وَالطُّوسِيِّ، وَالْكَرَاجِكِي ِّ، وَغَيْرِهِمْ إِنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ ، وَإِلَّا فَالشِّيعَةُ الْقُدَمَاءُ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِهِمْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا.وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمَذْهَبِ الْإِمَامَةِ، بَلْ قَدْ يُوَافِقُهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْإِمَامِيَّةِ مَنْ لَا يُوَافِقُهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْقَدَرِ (4) ، وَقَدْ تَقُولُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَدَرِ طَوَائِفُ لَا تُوَافِقُهُمْ عَلَى الْإِمَامَةِ (5) - كَانَ ذِكْرُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامَةِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ مَسَائِلِ النِّزَاعِ الَّتِي وَافَقُوا فِيهَا بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ كَمَسَائِلِ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَمُنْكَرٍ (6) ، وَنَكِيرٍ، وَالْحَوْضِ، وَالْمِيزَانِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَخُرُوجِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنَ النَّارِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامَةِ، بَلْ هِيَ مَسَائِلُ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا، وَبِمَنْزِلَةِ الْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ كَمَسَائِلِ الْخِلَافِ الَّتِي صَنَّفَهَا الْمُوسَوِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ شُيُوخِ الْإِمَامِيَّةِ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ إِدْخَالَ مَسَائِلِ الْقَدَرِ فِي مَسْأَلَةِ (7) الْإِمَامِيَّةِ إِمَّا جَهْلٌ، وَإِمَّا تَجَاهُلٌ.
(1) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) م: وَالتَّجْوِيزِ.
(3) م: وَالتَّجْوِيزِ.
(4) ن (فَقَطْ) : الْقُدْرَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5) ن، م: لَا يُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامِيَّةُ ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6) ن، م: الْقَبْرِ مُنْكَرٍ.
(7) أ، ب: مَسَائِلِ.
****************************** ***
[الْوَجْهُ الثَّانِي تمام قول الإمامية في القدر]الْوَجْهُ الثَّانِي:أَنْ يُقَالَ: مَا نَقَلَهُ عَنِ الْإِمَامِيَّةِ لَمْ يَنْقُلْهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِنَّهُ (1) مِنْ تَمَامِ قَوْلِ [الْإِمَامِيَّةِ] الَّذِي (2) حَكَاهُ - وَهُوَ قَوْلُ مَنْ وَافَقَ الْمُعْتَزِلَةَ . (3) فِي تَوْحِيدِهِمْ، وَعَدْلِهِمْ مِنْ مُتَأَخِّرِي الشِّيعَةِ - أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَيَوَانِ: لَا الْمَلَائِكَةِ، وَلَا الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا غَيْرِهِمْ، بَلْ هَذِهِ الْحَوَادِثُ الَّتِي تَحْدُثُ (4) تَحْدُثُ بِغَيْرِ قُدْرَتِهِ، وَلَا خَلْقِهِ.وَمِنْ قَوْلِهِمْ أَيْضًا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ أَنْ يَهْدِيَ ضَالًّا، وَلَا [يَقْدِرُ] أَنْ (5) يُضِلَّ مُهْتَدِيًا، وَلَا يَحْتَاجُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يَهْدِيَهُ اللَّهُ، بَلِ اللَّهُ قَدْ هَدَاهُمْ هُدَى الْبَيَانِ، وَأَمَّا الِاهْتِدَاءُ، فَهَذَا يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ لَا بِمَعُونَةِ اللَّهِ لَهُ، وَهَذَا يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ (6) لَا بِمَعُونَةِ اللَّهِ لَهُ.وَمِنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ هُدَى اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ (7) ، وَالْكُفَّارِ سَوَاءٌ لَيْسَ لَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ نِعْمَةٌ فِي الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَى الْكَافِرِينَ، بَلْ قَدْ هَدَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، كَمَا هَدَى أَبَا جَهْلٍ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ الَّذِي يُعْطِي أَحَدَ بَنِيهِ دَرَاهِمَ، وَيُعْطِي الْآخَرَ مِثْلَهَا لَكِنَّ هَذَا أَنْفَقَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَهَذَا فِي مَعْصِيَتِهِ (8) ،
(1) ب (فَقَطْ) : فَإِنَّ.
(2) ن، م: مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِمُ الَّذِي.
(3) ن، م: قَوْلٌ مِنْ أَقْوَالِ الْمُعْتَزِلَةِ ؛ أ: قَوْلٌ وَافَقَ الْمُعْتَزِلَةَ .
(4) الَّتِي تَحْدُثُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(5) ن، م: وَلَا أَنْ.
(6) بِنَفْسِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب: الْمُؤْمِنِينَ.
(8) ن، م: فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
***************************
فَلَيْسَ لِلْأَبِ مِنَ الْإِنْعَامِ عَلَى هَذَا فِي دِينِهِ أَكْثَرُ مِمَّا لَهُ مِنَ الْإِنْعَامِ عَلَى الْآخَرِ.وَمِنْ أَقْوَالِهِمْ: إِنَّهُ يَشَاءُ اللَّهُ مَا لَا يَكُونُ (1) ، وَيَكُونُ مَا لَا يَشَاءُ.فَإِنْ قِيلَ: فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ يَخُصُّ بَعْضَهُمْ مِمَّنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا خَصَّهُ بِمَزِيدِ لُطْفٍ (2) مِنْ عِنْدِهِ اهْتَدَى بِذَلِكَ (3) ، وَإِلَّا فَلَا.قِيلَ: فَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: كُلُّ مَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِهِدَايَتِهِ (4) إِيَّاهُ صَارَ مُهْتَدِيًا، وَمَنْ لَمْ يَخُصَّهُ بِذَلِكَ لَمْ يَصِرْ مُهْتَدِيًا، فَالتَّخْصِيصُ، وَالِاهْتِدَاءُ مُتَلَازِمَانِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ.فَإِنْ قِيلَ: بَلْ قَدْ يَخُصُّهُ بِمَا لَا يُوجِبُ الِاهْتِدَاءَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 23] .قِيلَ: هَذَا التَّخْصِيصُ حَقٌّ، لَكِنَّ دَعْوَى: لَا تَخْصِيصَ إِلَّا هَذَا، غَلَطٌ - كَمَا سَيَأْتِي - بَلْ كُلُّ مَا يَسْتَلْزِمُ الِاهْتِدَاءَ هُوَ مِنَ التَّخْصِيصِ] (5) .وَفِي الْجُمْلَةِ، فَالْقَوْمُ (6) لَا يُثْبِتُونَ لِلَّهِ مَشِيئَةً عَامَّةً، وَلَا قُدْرَةً تَامَّةً (7) ، وَلَا خُلُقًا مُتَنَاوِلًا لِكُلِّ حَادِثٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَخَذُوهُ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ هُمْ (8) أَئِمَّتُهُمْ فِيهِ،
(1) م: إِنَّهُ يَشَاءُ اللَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ؛ أ: إِنَّهُ يَشَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ؛ ب: إِنَّهُ يَشَاءُ مَا لَا يَكُونُ.
(2) أ: لُطْفِهِ.
(3) أ: خَصَّهُ بِذَلِكَ.
(4) أ: لِهِدَايَتِهِ.
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: الْقَوْمُ.
(7) وَلَا قُدْرَةً تَامَّةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . 1
(8) ب (فَقَطْ) : وَهُمْ.
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (20)
صـ 131 إلى صـ 137
وَلِهَذَا كَانَتِ الشِّيعَةُ فِيهِ (1) عَلَى قَوْلَيْنِ.[الْوَجْهُ الثَّالِثُ الإمامة عندهم لا يحصل بها اللطف]الْوَجْهُ الثَّالِثُ:أَنَّ قَوْلَهُ: إِنَّهُ نَصَبَ أَوْلِيَاءَ مَعْصُومِينَ لِئَلَّا يُخْلِيَ اللَّهُ الْعَالَمَ مِنْ لُطْفِهِ، وَرَحْمَتِهِ.إِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ نَصَبَ أَوْلِيَاءَ أَنَّهُ مَكَّنَهُمْ، وَأَعْطَاهُمُ الْقُدْرَةَ عَلَى سِيَاسَةِ النَّاسِ حَتَّى يَنْتَفِعَ النَّاسُ بِسِيَاسَتِهِمْ (2) ، فَهَذَا كَذِبٌ وَاضِحٌ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ. ذَلِكَ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْأَئِمَّةَ مَقْهُورُونَ مَظْلُومُونَ عَاجِزُونَ لَيْسَ لَهُمْ سُلْطَانٌ، وَلَا قُدْرَةٌ، وَلَا مُكْنَةٌ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُمَكِّنْهُمْ، وَلَمْ يُمَلِّكْهُمْ، فَلَمْ يُؤْتِهِمْ (3) وِلَايَةً، وَلَا مُلْكًا كَمَا آتَى الْمُؤْمِنِينَ وَالصَّالِحِينَ (4) ، وَلَا كَمَا آتَى الْكُفَّارَ وَالْفُجَّارَ.
فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ آتَى الْمُلْكَ لِمَنْ آتَاهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَا قَالَ فِي دَاوُدَ: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 251] ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 54] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} [سُورَةُ يُوسُفَ 54] .وَقَالَ: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [سُورَةُ الْكَهْفِ: 79] ،
(1) . أ، ب: فِي هَذَا. .
(2) م: حَتَّى يَنْتَفِعَ بِسِيَاسَتِهِمْ ؛ أ: حَتَّى يَنْتَفِعُوا النَّاسُ بِسِيَاسَتِهِمْ .
(3) ن، م: وَلَمْ يُوَلِّهِمْ.
(4) أ، ب: الْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ.
*****************************
وَقَالَ [تَعَالَى] (1) : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 258] .فَقَدْ آتَى الْمُلْكَ لِبَعْضِ الْكُفَّارِ، كَمَا آتَاهُ لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمِنْ بَعْدِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْحَسَنِ لَمْ يُؤْتِ الْمُلْكَ لِأَحَدٍ (2) مِنْ هَؤُلَاءِ، كَمَا أُوتِيَهُ الْأَنْبِيَاءُ، وَالصَّالِحُونَ ، وَلَا كَمَا أُوتِيَهُ غَيْرُهُمْ مِنَ الْمُلُوكِ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ نَصَبَ هَؤُلَاءِ الْمَعْصُومِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِنَصْبِهِمْ أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْخَلْقِ طَاعَتَهُمْ، فَإِذَا أَطَاعُوهُمْ هَدَوْهُمْ لَكِنَّ الْخَلْقَ عَصَوْهُمْ.فَيُقَالُ: فَلَمْ يَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فِي الْعَالَمِ لَا لُطْفٌ، وَلَا رَحْمَةٌ، بَلْ (3) إِنَّمَا حَصَلَ تَكْذِيبُ النَّاسِ لَهُمْ، وَمَعْصِيَتُهُم ْ إِيَّاهُمْ، وَأَيْضًا، فَالْمُؤْمِنُون َ بِالْمُنْتَظَرِ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ، وَلَا حَصَلَ [لَهُمْ] (4) بِهِ لُطْفٌ، وَلَا مَصْلَحَةٌ مَعَ كَوْنِهِمْ يُحِبُّونَهُ، وَيُوَالُونَهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ لُطْفٌ (5) ، وَلَا مَصْلَحَةٌ لَا لِمَنْ أَقَرَّ بِإِمَامَتِهِ، وَلَا لِمَنْ جَحَدَهَا.
فَبَطَلَ مَا يَذْكُرُونَ أَنَّ الْعَالَمَ حَصَلَ فِيهِ اللُّطْفُ، وَالرَّحْمَةُ بِهَذَا الْمَعْصُومِ، وَعُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ هَذَا (6) الْعَالَمَ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ بِهَذَا الْمُنْتَظَرِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا لِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَلَا لِمَنْ كَفَرَ بِهِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ، وَالنَّبِيِّ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ،
(1) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ن) .
(2) أ: أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ فَقَدَ آتَى اللَّهُ الْمُلْكَ لِأَحَدٍ؛ ب: أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ فَلَمْ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُلْكَ لِأَحَدٍ. 1
(3) بَلْ: لَيْسَتْ فِي (أ) ، (ب) .
(4) لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(5) أ، ب: بِهِ لَا لُطْفٌ.
(6) هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
****************************** ****
وَكَذَّبَهُ قَوْمٌ، فَإِنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَأَطَاعَهُ، فَكَانَ رَحْمَةً فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ بِهِ الْمُطِيعِ لَهُ (1) ، وَأَمَّا الْعَاصِي فَهُوَ الْمُفَرِّطُ.
وَهَذَا الْمُنْتَظَرُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ لَا مُؤْمِنٌ بِهِ (2) ، وَلَا كَافِرٌ بِهِ (3) ، وَأَمَّا سَائِرُ الِاثْنَيْ عَشَرَ سِوَى عَلِيٍّ (4) ، فَكَانَتِ الْمَنْفَعَةُ بِأَحَدِهِمْ كَالْمَنْفَعَةِ بِأَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ جِنْسِ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ، وَالتَّحْدِيثِ، وَالْإِفْتَاءِ (5) ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَنْفَعَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْأَئِمَّةِ ذَوِي السُّلْطَانِ وَالسَّيْفِ، فَلَمْ تَحْصُلْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ اللُّطْفِ، وَالْمَصْلَحَةِ بِالْأَئِمَّةِ تَلْبِيسٌ مَحْضٌ، وَكَذِبٌ.[الْوَجْهُ الرَّابِعُ مقالة أهل السنة في عدل الله وحكمته]الْوَجْهُ الرَّابِعُ:أَنَّ قَوْلَهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إِنَّهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا الْعَدْلَ، وَالْحِكْمَةَ، وَجَوَّزُوا عَلَيْهِ فِعْلَ الْقَبِيحِ، وَالْإِخْلَالَ بِالْوَاجِبِ نَقْلٌ بَاطِلٌ عَنْهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ:أَحَدُهُمَا: أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ فِي الْخِلَافَةِ بِالنَّصِّ (6) عَلَى عَلِيٍّ، وَلَا بِإِمَامَةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ يُثْبِتُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْعَدْلِ، وَالْحِكْمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالَهُ هُوَ - وَشُيُوخُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَخَذُوا ذَلِكَ - كَالْمُعْتَزِلَ ةِ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ وَافَقَهُمْ مُتَأَخِّرُو (7) الرَّافِضَةِ عَلَى الْقَدَرِ، فَنَقَلَهُ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ
(1) ن، م: فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ الْمُطِيعِ لَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(2) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4) عِبَارَةُ " سِوَى عَلِيٍّ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(5) ن، م: وَالْحَدِيثُ فِي الْإِفْتَاءِ.
(6) ن، م، أ: أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْخِلَافَةِ الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ بِالنَّصِّ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(7) أ، ب: مِنْ مُتَأَخِّرِي.
**************************
- الَّذِينَ هُمْ فِي اصْطِلَاحِهِ، وَاصْطِلَاحِ الْعَامَّةِ [مَنْ] (1) سِوَى الشِّيعَةِ - هَذَا الْقَوْلُ كَذِبٌ بَيِّنٌ (2) مِنْهُ.الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ سَائِرَ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ يُقِرُّونَ بِالْقَدَرِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] (3) لَيْسَ بِعَدْلٍ، وَلَا مَنْ يَقُولُ: [إِنَّهُ] (4) لَيْسَ بِحَكِيمٍ، وَلَا فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ. وَاجِبًا، وَلَا أَنْ يَفْعَلَ قَبِيحًا.
فَلَيْسَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي أَطْلَقَهُ، وَمَنْ أَطْلَقَهُ كَانَ (5) كَافِرًا مُبَاحَ الدَّمِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلَكِنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْقَدَرِ، وَالنِّزَاعُ فِيهَا مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ: فَأَمَّا نُفَاةُ الْقَدَرِ - كَالْمُعْتَزِلَ ةِ، وَنَحْوِهِمْ - فَقَوْلُهُمْ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُتَأَخِّرُو الْإِمَامِيَّةِ .و [أَمَّا] الْمُثْبِتُونَ (6) لِلْقَدَرِ، وَهُوَ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ، وَأَئِمَّتُهَا كَالصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَأَهْلُ الْبَيْتِ، وَغَيْرُهُمْ، فَهَؤُلَاءِ تَنَازَعُوا فِي تَفْسِيرِ عَدْلِ اللَّهِ، وَحِكْمَتِهِ، وَالظُّلْمِ الَّذِي يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْهُ، وَفِي تَعْلِيلِ أَفْعَالِهِ، وَأَحْكَامِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ الظُّلْمَ مُمْتَنِعٌ مِنْهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ، وَهُوَ مُحَالٌ لِذَاتِهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ (7) ، وَإِنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ مَقْدُورٌ، فَلَيْسَ هُوَ ظُلْمًا، وَهَؤُلَاءِ.
(1) مَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) بَيِّنٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) .
(4) إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: الْكَلَامُ الَّذِي أَطْلَقَهُ كَانَ. 1
(6) ن: وَالْمُثْبِتُون َ.
(7) ن، م: الضِّدَّيْنِ.
***************************
هُمُ الَّذِينَ قَصَدُوا الرَّدَّ عَلَيْهِمْ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَوْ عَذَّبَ الْمُطِيعِينَ، وَنَعَّمَ الْعُصَاةَ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا (1) ، وَقَالُوا: الظُّلْمُ التَّصَرُّفُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، أَوْ هُوَ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ، وَاللَّهُ لَا آمِرَ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلِ الظُّلْمُ مَقْدُورٌ مُمْكِنٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ (2) لَا يَفْعَلُهُ لِعَدْلِهِ، وَلِهَذَا مَدَحَ اللَّهُ نَفْسَهُ (3) حَيْثُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا، وَالْمَدْحُ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَرْكِ الْمَقْدُورِ [عَلَيْهِ] (4) لَا بِتَرْكِ الْمُمْتَنِعِ.قَالُوا: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [سُورَةُ طه: 112] قَالُوا: الظُّلْمُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُ غَيْرِهِ وَالْهَضْمُ أَنْ يُهْضَمَ حَسَنَاتُهُ.وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ - وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [سُورَةُ هُودٍ: 100 - 101] ، فَأَخْبَرَ (5) أَنَّهُ لَمْ يَظْلِمْهُمْ لَمَّا أَهْلَكَهُمْ، بَلْ أَهْلَكَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ.وَقَالَ تَعَالَى: {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 69] ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ الْقِسْطِ ظُلْمٌ، وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهُ.وَقَالَ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 47] .
(1) أ، ب: ظُلْمًا.
(2) مُنَزَّهٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: مَدَحَ نَفْسَهُ.
(4) عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) ن: وَأَخْبَرَ. وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (م) .
*****************************
أَيْ لَا تَنْقُصُ مِنْ حَسَنَاتِهَا، وَلَا (1) تُعَاقَبُ بِغَيْرِ سَيِّئَاتِهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ ظُلْمٌ يُنَزَّهُ اللَّهُ عَنْهُ.وَقَالَ تَعَالَى: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ - مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [سُورَةُ ق: 28 - 29] ، وَإِنَّمَا نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ أَمْرٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَا عَنِ الْمُمْتَنِعِ (2) لِنَفْسِهِ.
وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ اللَّهَ يَنْتَصِفُ مِنَ الْعِبَادِ، وَيَقْضِي بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ، وَأَنَّ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ الْعَدْلِ ظُلْمٌ يُنَزَّهُ (3) اللَّهُ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ عَلَى أَحَدٍ ذَنْبَ غَيْرِهِ.وَقَالَ تَعَالَى: (4) {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 164] ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَزَّهُ اللَّهَ عَنْهُ، بَلْ لِكُلِّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ، [وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ] (5) .وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] (6) يَقُولُ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» .) (7) ، فَقَدْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الظُّلْمَ، كَمَا كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ فِي قَوْلِهِ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 54] .
(1) أ، ب: فَلَا.
(2) ن، م: مُمْتَنِعٍ.
(3) أ، ب: يَتَنَزَّهُ.
(4) وَقَالَ تَعَالَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(6) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(7) سَيَرِدُ هَذَا الْحَدِيثُ بَعْدَ قَلِيلٍ، فَانْظُرْ كَلَامِي عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
**********************
وَفِي [الْحَدِيثِ] الصَّحِيحِ: (1) ( «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ (2) فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي» .) (3) ، وَالْأَمْرُ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ (4) عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَقْدُورًا لَهُ (5) [سُبْحَانَهُ] (6) ، فَالْمُمْتَنِعُ لِنَفْسِهِ لَا يَكْتُبُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يُحَرِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ.
وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْمُثْبِتِين َ (7) لِلْقَدَرِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَالْفِقْهِ، وَالْكَلَامِ، وَالتَّصَوُّفِ [مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَغَيْرِهِمْ] (8) .وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَهَؤُلَاءِ هُمْ (9) الْقَائِلُونَ بِعَدْلِ اللَّهِ [تَعَالَى] (10) ، وَإِحْسَانِهِ دُونَ مَنْ يَقُولُ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ: إِنَّ مَنْ فَعَلَ كَبِيرَةً حَبِطَ إِيمَانُهُ، فَإِنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنَ الظُّلْمِ الَّذِي نَزَّهَ اللَّهَ [سُبْحَانَهُ] (11) نَفْسَهُ عَنْهُ، وَهُوَ الْقَائِلُ:
(1) ن، م: وَفِي الصَّحِيحِ.
(2) أ، ب: كَتَبَ كِتَابًا.
(3) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 4/106 (كِتَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ، 9/159 (كِتَابُ التَّوْحِيدِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) ؛ مُسْلِمٍ 4/2107 - 2108 (كِتَابُ التَّوْبَةِ، بَابٌ فِي سِعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 2/1435 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ؛ سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 5/209 - 210 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ 109) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 13/23، 243، 265 (ط. الْحَلَبِيِّ) 2/313، 358، 381.
(4) لَفْظُ الْجَلَالَةِ فِي (ن) فَقَطْ.
(5) أ: مُقَدِّرًا لَهُ.
(6) سُبْحَانَهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ.
(8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(9) هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(10) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(11) سُبْحَانَهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (21)
صـ 138 إلى صـ 144
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ: 7 - 8.] .
وَأَمَّا مَنِ اعْتَقَدَ أَنْ مِنَّتَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْهِدَايَةِ دُونَ الْكَافِرِينَ ظُلْمٌ مِنْهُ، فَهَذَا جَهْلٌ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا تَفَضُّلٌ [مِنْهُ] (1) ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 17] .
وَكَمَا قَالَتِ الْأَنْبِيَاءُ: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 11] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ } [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 53] .
فَتَخْصِيصُ هَذَا بِالْإِيمَانِ كَتَخْصِيصِ هَذَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ، وَقُوَّةٍ، وَصِحَّةٍ، وَجَمَالٍ (2) ، وَمَالٍ. قَالَ تَعَالَى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 32] .
وَإِذَا خَصَّ أَحَدَ الشَّخْصَيْنِ بِقُوَّةٍ، وَطَبِيعَةٍ تَقْضِي غِذَاءً صَالِحًا خَصَّهُ بِمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ مِنَ الصِّحَّةِ، [وَالْعَافِيَةِ] (3) ، وَإِذَا (4) لَمْ يُعْطِ الْآخَرَ ذَلِكَ (5) نَقَصَ عَنْهُ، وَحَصَلَ لَهُ ضَعْفٌ، وَمَرَضٌ.
(1) مِنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: وَحَالٍ.
(3) وَالْعَافِيَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) ب (فَقَطْ) : وَإِنْ.
(5) ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ)
*************
وَالظُّلْمُ. (1) وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَهُوَ لَا يَضَعُ الْعُقُوبَةَ إِلَّا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهَا لَا يَضَعُهَا (2) عَلَى مُحْسِنٍ أَبَدًا.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ (3) عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ( «يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ، وَالْقِسْطُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى يَقْبِضُ، وَيَبْسُطُ» .) (4) فَبَيَّنَ (5) أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحْسِنُ، وَيَعْدِلُ، وَلَا يَخْرُجُ فِعْلُهُ عَنِ الْعَدْلِ، وَالْإِحْسَانِ، وَلِهَذَا قِيلَ: كُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ، وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ.
وَلِهَذَا يُخْبِرُ أَنَّهُ تَعَالَى يُعَاقِبُ النَّاسَ بِذُنُوبِهِمْ، وَأَنَّ إِنْعَامَهُ عَلَيْهِمْ إِحْسَانٌ مِنْهُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا عِبَادِي [إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا] (6) إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ
(1) لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا سَبَقَ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا وَلَعَلَّ مَا يَلِي فِيهِ بَيَانٌ لِلْوَجْهِ الثَّانِي.
(2) أ، ب: لَا يَضَعُ الْعُقُوبَةَ.
(3) ن: وَفِي الصَّحِيحِ.
(4) فِي اللِّسَانِ: سَحَّ الدَّمْعُ وَالْمَطَرُ وَالْمَاءُ يَسِحُّ سَحًّا وَسُحُوحًا أَيْ: سَالَ مِنْ فَوْقُ وَاشْتَدَّ انْصِبَابُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: يَمِينُ اللَّهِ سَحَّاءُ. أَيْ دَائِمَةُ الصَّبِّ وَالْهَطْلِ بِالْعَطَاءِ. وَالْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْبُخَارِيُّ 9/122 - 123، 124 (كِتَابُ التَّوْحِيدِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ، وَبَابُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) ؛ مُسْلِمٌ 3/690 - 691 (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ الْحَثِّ عَلَى النَّفَقَةِ.) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 1/71 (الْمُقَدِّمَةُ
، بَابٌ فِيمَا أَنْكَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 16/43 - 44 (ط. الْحَلَبِيِّ) 2/500 - 501. وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ " التَّوْحِيدِ " ص 47، الْقَاهِرَةَ 1353.
(5) أ، ب: فَتَعَيَّنَ.
(6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
****************************
وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.» ) (1) .
وَقَدْ قَالَ (2) تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 79] أَيْ مَا أَصَابَكَ مِنْ نِعَمٍ تُحِبُّهَا كَالنَّصْرِ، وَالرِّزْقِ، فَاللَّهُ أَنْعَمَ بِذَلِكَ عَلَيْكَ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ نِقَمٍ (3) تَكْرَهُهَا، فَبِذُنُوبِكَ، وَخَطَايَاكَ، فَالْحَسَنَاتُ، وَالسَّيِّئَاتُ هُنَا (4) أَرَادَ بِهَا النِّعَمَ، وَالْمَصَائِبَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَبَلوناهم بِالْحسنات وَالسَّيِّئَاتِ } [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 68] ، وَكَمَا قَالَ [تَعَالَى] (5) : {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 50] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 120] .وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ [تَعَالَى] (6) : {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [سُورَةُ الرُّومِ: 36] .
فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا يُصِيبُ بِهِ النَّاسَ مِنَ الْخَيْرِ فَهُوَ رَحْمَةٌ مِنْهُ أَحْسَنَ بِهَا إِلَى
(1) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 4/1994 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ) ؛ سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 4/67 - 68 (كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابُ 15 حَدِيثٌ رَقْمُ 2613: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 2/1422 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ ذِكْرِ التَّوْبَةِ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/154، 160، 177.
(2) ن، م: وَقَالَ.
(3) ن، م: نِقْمَةٍ.
(4) هُنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
*************************
عِبَادَهُ، وَمَا أَصَابَهُمْ [بِهِ] (1) مِنَ الْعُقُوبَاتِ، فَبِذُنُوبِهِمْ ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ (2) .
وَكَذَلِكَ الْحِكْمَةُ أَجْمَعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِالْحِكْمَةِ لَكِنْ تَنَازَعُوا فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ.
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْحِكْمَةُ تَرْجِعُ إِلَى عِلْمِهِ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَإِيقَاعِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَلَمْ يُثْبِتُوا إِلَّا الْعِلْمَ وَالْإِرَادَةَ وَالْقُدْرَةَ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَغَيْرُهُمْ: بَلْ هُوَ حَكِيمٌ فِي خَلْقِهِ، وَأَمْرِهِ، وَالْحِكْمَةُ لَيْسَتْ مُطْلَقَ الْمَشِيئَةِ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ كُلُّ مُرِيدٍ حَكِيمًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِرَادَةَ تَنْقَسِمُ إِلَى مَحْمُودَةٍ وَمَذْمُومَةٍ، بَلِ الْحِكْمَةُ [تَتَضَمَّنُ] (3) مَا فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ مِنَ الْعَوَاقِبِ الْمَحْمُودَةِ وَالْغَايَاتِ الْمَحْبُوبَةِ، وَالْقَوْلُ بِإِثْبَاتِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ لَيْسَ هُوَ قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ. فَأَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِثْبَاتِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصَالِحِ فِي أَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُنَازِعُ. (4) فِي ذَلِكَ
(1) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) م، أ، ب: مَوْضِعٌ آخَرُ. وَانْظُرْ مَثَلًا رِسَالَتَهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: " مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ " نَشَرَهَا الشَّيْخُ حَامِدٌ الْفِقِيُّ تَحْتَ عُنْوَانِ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ وَمَوْقِفِ الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا، ضِمْنَ مَجْمُوعَةِ شَذَرَاتِ الْبِلَاتِينِ، ص 165/292، الْقَاهِرَةِ، 1375/1956.
(3) تَتَضَمَّنُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: يَتَنَازَعُ.
**********************
طَائِفَةٌ مِنْ نُفَاةِ الْقِيَاسِ (1) . وَغَيْرُ نُفَاتِهِ، وَكَذَلِكَ مَا فِي خَلْقِهِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَالْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ لِعِبَادِهِ مَعْلُومٌ.
وَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَجَهْمِ [بْنِ صَفْوَانَ وَمُوَافِقِيهِ] : كَالْأَشْعَرِيّ ِ وَمَنْ وَافَقَهُ (2) مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ لَامُ التَّعْلِيلِ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ، بَلْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا لَامُ الْعَاقِبَةِ.
وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: بَلْ (3) لَامُ التَّعْلِيلِ دَاخِلَةٌ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى، [وَأَحْكَامِهِ] (4) .
وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى (5) ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ (6) ، وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَإِنْ كَانُوا [قَدْ] (7) يَقُولُونَ بِالْأَوَّلِ، فَهُمْ يَقُولُونَ بِالثَّانِي أَيْضًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَكَذَلِكَ أَمْثَالُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ [أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَغَيْرِهِمَا] (8) .
(1) أ، ب: الْقَدَرِ.
(2) ن، م: الْأَوَّلُ كَالْأَشْعَرِيّ ِ وَجَهْمٍ وَمَنْ وَافَقَهُ
(3) بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4) وَأَحْكَامِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ الْفَرَّاءِ مِنْ كِبَارِ الْحَنَابِلَةِ وَعَالِمٌ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. وُلِدَ سَنَةَ 380 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 458. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ (لِابْنِهِ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ) 2/193، 230 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 2/256 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/306 - 307 ; الْوَافِي بِالْوَفِيَّاتِ 3/7 ; الْأَعْلَامِ 6/331 ; بُرُوكِلْمَانَ gal الْمُلْحَقِ 3/503.
(6) ب: أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّعْفَرَانِي ِّ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ هُوَ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرٍ السِّرِّيُّ (وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ) وُلِدَ سَنَةَ 455 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 527. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 1/180 - 184 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/80 - 81 ; الْأَعْلَامِ 5/124 - 125.
(7) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
***************************
وَأَمَّا ابْنُ عَقِيلٍ (1) . وَالْقَاضِي. (2) فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَأَبُو خَازِمِ بْنُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى (3) ، وَأَبُو الْخَطَّابِ (4) ، فَيُصَرِّحُونَ بِالتَّعْلِيلِ وَالْحِكْمَةِ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى مُوَافَقَةً لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ.
وَالْحَنَفِيَّة ُ هُمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْقَدَرِ، وَجُمْهُورُهُمْ يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ (* وَالْمَصَالِحِ، وَالْكَرَّامِيّ َةُ (5) ، وَأَمْثَالُهُمْ هُمْ (6) أَيْضًا مِنَ الْقَائِلِينَ
(1) أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ الْبَغْدَادِيُّ ، مِنَ الْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ خَالَفُوا الْمَذْهَبَ وَلَجَأُوا إِلَى التَّأْوِيلِ مِثْلُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، كَانَ يُعَظِّمُ الْحَلَّاجَ فَأَرَادَ الْحَنَابِلَةُ قَتْلَهُ. وُلِدَ سَنَةَ 431 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 513. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 1/142 - 163 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/35 - 40 ; لِسَانِ الْمِيزَانِ 4/243 - 244 ; الْأَعْلَامِ 5/129 ; بُرُوكِلْمَانَ GAL الْمُلْحَقِ 3/503.
(2) وَالْقَاضِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: وَأَبُو حَازِمِ بْنُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى ; ن، م: وَأَبُو حَازِمٍ. وَالصَّوَابُ أَبُو خَازِمٍ. وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَّاءِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 527. انْظُرِ الذَّيْلَ لِابْنِ رَجَبٍ 1/184 - 185.
(4) ن، م: وَأَبُو الْخَطَّابِ الصَّغِيرُ. وَهُوَ خَطَأٌ. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ " وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ " وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَّاءِ أَبُو الْحُسَيْنِ صَاحِبُ كِتَابِ " طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ ". انْظُرِ الذَّيْلَ 1/176 - 178.
(5) الْكَرَّامِيَّة ُ هُمْ أَتْبَاعُ مُحَمَّدِ بْنِ كَرَّامٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِي ِّ الْمُتَوَفَّى فِي الْقُدْسِ سَنَةَ 255 (انْظُرْ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/131) . وَالْكَرَّامِيّ َةُ يُوَافِقُونَ السَّلَفَ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَلَكِنَّهُمْ يُبَالِغُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِّ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ، وَهُمْ يُوَافِقُونَ السَّلَفَ أَيْضًا فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَالْقَوْلِ بِالْحِكْمَةِ، وَلَكِنَّهُمْ يُوَافِقُونَ الْمُعْتَزِلَةَ فِي وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعَقْلِ وَفِي أَنَّ الْعَقْلَ يُحَسِّنُ وَيُقَبِّحُ قَبْلَ الشَّرْعِ. كَمَا يَعُدُّهُمُ الْأَشْعَرِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ مِنَ الْمُرْجِئَةِ لِقَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ بِاللِّسَانِ دُونَ الْقَلْبِ. انْظُرِ الْمَقَالَاتِ 1/205 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 4/5، 111، 5 - 75، الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/99 - 104 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ 130 - 137 ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ 65 - 70 ; اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِين َ 67.
(6) هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
************************
بِالْقَدَرِ الْمُثْبِتِينَ لِخِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ الْمُفَضِّلِينَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَهُمْ أَيْضًا يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ *) (1) ، وَالْحِكْمَةِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ[مَالِكٍ] (2) ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ، وَالْحِكْمَةِ، وَبِالتَّحْسِين ِ وَالتَّقْبِيحِ [الْعَقْلِيَّيْن ِ] (3) كَأَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ (4) ، وَأَبِي عَلِيٍّ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ (5) ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ (6) ، وَأَبِي الْخَطَّابِ (7) مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ.
وَفِي الْجُمْلَةِ النِّزَاعُ فِي تَعْلِيلِ أَفْعَالِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ مَسْأَلَةٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامَةِ أَصْلًا. وَأَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ الْحِكْمَةِ وَالتَّعْلِيلِ.
وَلَكِنِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ (8) احْتَجُّوا بِحُجَّتَيْنِ:
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(2) مَالِكٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) الْعَقْلِيَّيْن ِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 365 هـ. انْظُرِ ابْنَ خِلِّكَانَ 3/338 - 339 ; تَبْيِينَ كَذِبِ الْمُفْتَرِي لِابْنِ عَسَاكِرَ 182، 183.
(5) هُوَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 345. انْظُرِ ابْنَ خِلِّكَانَ 1/358 ; الْأَعْلَامَ 2/202.
(6) ن، م: وَالتَّمِيمِيِّ . وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ التَّمِيمِيُّ، مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ. وُلِدَ سَنَةَ 317 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 371. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 2/139 ; الْمُنْتَظِمِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ 7/110 ; الْأَعْلَامِ 4/139.
(7) ن، م: وَابْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَهُوَ أَبُو الْخَطَّابِ مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْكَلْوَذَانِي ُّ، إِمَامُ الْحَنَابِلَةِ فِي عَصْرِهِ، وُلِدَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ 432 وَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ 510. مِنْ كُتُبِهِ التَّمْهِيدُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 2/258 ; الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 1/116 - 127 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/27 - 28 ; الْأَعْلَامِ 6/178. وَانْظُرْ: دَرْءَ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ 9
- 62.
(8) عِبَارَةُ " مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ " سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (22)
صـ 145 إلى صـ 151
إِحْدَاهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ (1) لِعِلَّةٍ، فَتِلْكَ الْعِلَّةُ أَيْضًا حَادِثَةٌ، فَتَفْتَقِرُ إِلَى عِلَّةٍ إِنْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ حَادِثٍ عِلَّةٌ.
وَإِنْ عُقِلَ الْإِحْدَاثُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى إِثْبَاتِ عِلَّةٍ، فَهُمْ يَقُولُونَ: إِنْ أَمْكَنَ الْإِحْدَاثُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى عِلَّةٍ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَبَثًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجُودُ الْإِحْدَاثِ إِلَّا لِعِلَّةٍ، فَالْقَوْلُ فِي حُدُوثِ الْعِلَّةِ كَالْقَوْلِ فِي حُدُوثِ الْمَعْلُولِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ فَعَلَ لِعِلَّةٍ كَانَ مُسْتَكْمَلًا بِهَا ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حُصُولُ الْعِلَّةِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِهَا لَمْ تَكُنْ عِلَّةً، وَالْمُسْتَكْمَ لُ بِغَيْرِهِ نَاقِصٌ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَلَى اللَّهِ.
وَأَوْرَدُوا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ حُجَّةً تَقْطَعُهُمْ عَلَى أُصُولِهِمْ، فَقَالُوا: الْعِلَّةُ الَّتِي فَعَلَ لِأَجْلِهَا إِنْ كَانَ وُجُودُهَا وَعَدَمُهَا بِالنِّسْبَةِ (2) إِلَيْهِ سَوَاءً امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ عِلَّةً، وَإِنْ كَانَ وُجُودُهَا أَوْلَى، فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ لَزِمَ أَنْ يُسْتَكْمَلَ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِهِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ.
وَأَمَّا الْمُجَوِّزُونَ لِلتَّعْلِيلِ، فَهُمْ مُتَنَازِعُونَ، فَالْمُعْتَزِلَ ةُ وَأَتْبَاعُهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ تُثْبِتُ مِنَ التَّعْلِيلِ مَا لَا يُعْقَلُ، وَهُوَ أَنَّهُ فَعَلَ لِعِلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنِ الْفَاعِلِ مَعَ كَوْنِ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا [بِالنِّسْبَةِ] (3) إِلَيْهِ سَوَاءً.
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ الْقَائِلُونَ بِالتَّعْلِيلِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
(1) أ، ب: فَعَلَهُ.
(2) بِالنِّسْبَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) بِالنِّسْبَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَبِهَا يَتِمُّ الْمَعْنَى.
****************************** **
، وَيَرْضَى كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْمَحَبَّةَ وَالرِّضَا أَخَصُّ مِنَ الْإِرَادَةِ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ (1) الْمَحَبَّةَ، وَالرِّضَا وَالْإِرَادَةَ سَوَاءٌ، فَجُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَلَا يَرْضَاهُ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي مُرَادِهِ، كَمَا دَخَلَتْ سَائِرُ الْمَخْلُوقَاتِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَاعِلِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَخْصٍ يَكُونُ عَدِيمَ الْحِكْمَةِ، بَلْ لِلَّهِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ حِكَمٌ قَدْ يَعْلَمُهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَقَدْ لَا يَعْلَمُهَا.
وَهَؤُلَاءِ يُجِيبُونَ عَنِ التَّسَلْسُلِ بِجَوَابَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَالَ: هَذَا التَّسَلْسُلُ فِي الْحَوَادِثِ الْمُسْتَقْبَلَ ةِ (2) لَا فِي الْحَوَادِثِ الْمَاضِيَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ فِعْلًا لِحِكْمَةٍ كَانَتِ الْحِكْمَةُ حَاصِلَةً بَعْدَ الْفِعْلِ، فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحِكْمَةُ يُطْلَبُ مِنْهَا حِكْمَةٌ أُخْرَى بَعْدَهَا كَانَ تَسَلْسُلًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ . وَتِلْكَ الْحِكْمَةُ الْحَاصِلَةُ مَحْبُوبَةٌ لَهُ وَسَبَبٌ لِحِكْمَةٍ ثَانِيَةٍ، فَهُوَ لَا يَزَالُ سُبْحَانَهُ يُحْدِثُ مِنَ الْحِكَمِ مَا يُحِبُّهُ وَيَجْعَلُهُ سَبَبًا لِمَا يُحِبُّهُ.
قَالُوا: وَالتَّسَلْسُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَائِزٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِ أَهْلِ الْمِلَلِ (3) ، فَإِنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ [وَعَذَابَ] (4) النَّارِ دَائِمَانِ (5) مَعَ تَجَدُّدِ الْحَوَادِثِ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ ذَلِكَ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ،
(1) إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: فِي الْحَوَادِثِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
(3) ن، م: مِنْ أَهْلِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4) وَعَذَابَ: سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَبِهَا يَتِمُّ الْمَعْنَى.
(5) أ: دَائِمًا ; ب: دَائِمٌ، وَهُوَ خَطَأٌ.
*****************************
فَزَعَمَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ يَفْنَيَانِ، وَأَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ (1) زَعَمَ أَنَّ حَرَكَاتِ [أَهْلِ] (2) الْجَنَّةِ، وَالنَّارِ تَنْقَطِعُ (3) ، وَيَبْقَوْنَ فِي سُكُونٍ دَائِمٍ.
وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ التَّسَلْسُلَ فِي الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعٌ فِي الْمَاضِي، وَالْمُسْتَقْبَ لِ قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي ضَلَّلَهُمْ بِهِ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ.
وَأَمَّا تَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ فِي الْمَاضِي، فَفِيهِ أَيْضًا قَوْلَانِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ: لِأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ.
فَمَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ تَعَالَى (4) لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ يَزَلْ، فَعَّالًا إِذَا شَاءَ أَفْعَالًا (5) تَقُومُ بِنَفْسِهِ - بِقُدْرَتِهِ (6) ، وَمَشِيئَتِهِ - شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ - يَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ، وَيَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مَعَ قَوْلِهِ: إِنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مُحْدَثٌ [مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ] (7) ، وَإِنَّهُ لَيْسَ فِي
(1) أَبُو الْهُذَيْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهُذَيْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَكْحُولٍ الْعَبْدِيُّ الْعَلَّافُ، شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ الْبَصْرِيِّينَ ، وَرَأْسُ الطَّائِفَةِ الْهُذَيْلِيَّة ِ، وُلِدَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 135 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 226 أَوْ 227 أَوْ 235 عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. قَالَ الشَّهْرَسْتَان ِيُّ (الْمِلَلُ وَالنِّحَلُ 1/54) : إِنَّ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو الْهُذَيْلِ عَنْ سَائِرِ الْمُعْتَزِلَةِ قَوْلَهُ: إِنَّ حَرَكَاتِ أَهْلِ الْخُلْدَيْنِ تَنْقَطِعُ وَإِنَّهُمْ يَصِيرُونَ إِلَى سُكُونٍ دَائِمٍ خُمُودًا، وَتَجْتَمِعُ اللَّذَّاتُ فِي ذَلِكَ السُّكُونِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، وَتَجْتَمِعُ الْآلَامُ فِي ذَلِكَ السُّكُونِ لِأَهْلِ النَّارِ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ جَهْمٍ إِذْ حَكَمَ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. انْظُرْ تَرْجَمَةَ أَبِي الْهُذَيْلِ وَالْكَلَامَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي: لِسَانِ الْمِيزَانِ 5/413 - 414 ; ابْنِ خِلِّكَانَ 3/396 - 397 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 3/366 - 370 ; الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 1/53 - 56 ; الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ 73 - 79 ; الْمَقَالَاتِ 1/217، 224، 225 ; عَلِيُّ مُصْطَفَى الْغُرَابِي: أَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ، الْقَاهِرَةِ، 1949.
(2) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا.
(3) ن، م، أ: يَنْقَطِعَانِ.
(4) أ، ب: إِنَّ اللَّهَ.
(5) أ، ب: وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالًا.
(6) أ، ب: وَقُدْرَتِهِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
***********************
الْعَالَمِ شَيْءٌ قَدِيمٌ مُسَاوِقٌ لِلَّهِ، كَمَا تَقُولُهُ الْفَلَاسِفَةُ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْأَفْلَاكِ، وَأَنَّهَا مُسَاوِقَةٌ لِلَّهِ فِي وُجُودِهِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَقْوَالِ الْمُسْلِمِينَ.
[الاستطراد في الرد على قول الفلاسفة بقدم العالم]
[مجمل الرد على قول الفلاسفة بقدم العالم]
وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ قَوْلِ هَؤُلَاءِ فِي [غَيْرِ] (1) هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَهُمْ بِأَنَّ الْمُبْدِعَ عِلَّةٌ تَامَّةٌ مُوجِبٌ بِذَاتِهِ هُوَ نَفْسُهُ يَسْتَلْزِمُ فَسَادَ قَوْلِهِمْ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ التَّامَّةَ تَسْتَلْزِمُ مَعْلُولَهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا.
فَالْحَوَادِثُ مَشْهُودَةٌ فِي الْعَالَمِ، فَلَوْ كَانَ الصَّانِعُ مُوجِبًا بِذَاتِهِ عِلَّةً تَامَّةً مُسْتَلْزِمَةً لِمَعْلُولِهَا لَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي الْوُجُودِ إِذِ الْحَادِثُ يَمْتَنِعُ (2) أَنْ يَكُونَ صَادِرًا عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ، فَلَوْ كَانَ الْعَالَمُ قَدِيمًا لَكَانَ مُبْدِعُهُ عِلَّةً تَامَّةً، وَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا، فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَحْدُثَ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ، فَحُدُوثُ الْحَوَادِثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ تَامَّةٍ فِي الْأَزَلِ، وَإِذَا (3) انْتَفَتِ الْعِلَّةُ التَّامَّةُ فِي الْأَزَلِ بَطَلَ الْقَوْلُ بِقِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ لَكِنَّ هَذَا لَا يَنْفِي أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ يَزَلْ حَيًّا فَعَّالًا لِمَا يَشَاءُ.
[مناقشة الفلاسفة تفصيلا على قولهم بقدم العالم]
وَعُمْدَةُ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى قِدَمِ الْعَالَمِ هُوَ قَوْلُهُمْ يَمْتَنِعُ (4) حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيرُ ذَاتٍ مُعَطَّلَةٍ (5) عَنِ الْفِعْلِ لَمْ تَفْعَلْ، ثُمَّ فَعَلَتْ مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ سَبَبٍ.وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَدُلُّ عَلَى قِدَمِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنَ الْعَالَمِ لَا الْأَفْلَاكِ، وَلَا
(1) غَيْرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(2) أ: فِي الْوُجُودِ الْحَادِثِ مُمْتَنِعٌ، ب: مِنَ الْحَوَادِثِ فَالْمَوْجُودُ الْحَادِثُ يَمْتَنِعُ.
(3) ن، م: فَإِذَا.
(4) ن، م: امْتِنَاعُ.
(5) ن، م: تَقْدِيرَاتٍ مُعَطَّلَةٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
************************
غَيْرِهَا إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فَعَّالًا، وَإِذَا (1) قُدِّرَ أَنَّهُ فَعَّالٌ لِأَفْعَالٍ تَقُومُ بِنَفْسِهِ أَوْ مَفْعُولَاتٍ حَادِثَةٍ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ وَفَاءً بِمُوجِبِ هَذِهِ الْحُجَّةِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مُحْدَثٌ [مَخْلُوقٌ] (2) بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، [كَمَا أَخْبَرَتِ الرُّسُلُ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ] (3) ، وَإِنْ كَانَ النَّوْعُ لَمْ يَزَلْ مُتَجَدِّدًا، كَمَا فِي الْحَوَادِثِ الْمُسْتَقْبَلَ ةِ كُلٌّ مِنْهَا حَادِثٌ [مَخْلُوقٌ] (4) ، وَهِيَ لَا تَزَالُ تَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.
قَالَ هَؤُلَاءِ: وَاللَّهُ قَدْ (5) أَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَكُونُ الْمَخْلُوقُ إِلَّا مَسْبُوقًا [بِالْعَدَمِ] (6) ، فَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ (7) مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ مَفْعُولٌ مُحْدَثٌ.
فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ مُقَارِنًا لِلَّهِ تَعَالَى، كَمَا يَقُولُهُ [دَهْرِيَّةُ] (8) الْفَلَاسِفَةِ: إِنَّ الْعَالَمَ مَعْلُولٌ لَهُ، وَهُوَ مُوجِبٌ لَهُ مُفِيضٌ لَهُ، وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ (9) عَلَيْهِ بِالشَّرَفِ، وَالْعَلِيَّةِ (10) ، وَالطَّبْعِ، وَلَيْسَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ بِالزَّمَانِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ
(1) أ، ب: وَإِذَا.
(2) مَخْلُوقٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) مَخْلُوقٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) بِالْعَدَمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(7) كُلَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(8) دَهْرِيَّةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(9) ن، م: مُقَدَّمٌ.
(10) ن: وَالْغَلَبَةُ.
****************************** ***
عِلَّةً تَامَّةً مُوجِبَةً يَقْتَرِنُ بِهَا مَعْلُولُهَا - كَمَا زَعَمُوا - لَمْ يَكُنْ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ مُحْدَثٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْمُحْدَثَ لَا يَحْدُثُ عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ يُقَارِنُهَا مَعْلُولُهَا، فَإِنَّ الْمُحْدَثَ الْمُعَيَّنَ لَا يَكُونُ أَزَلِيًّا.
وَسَوَاءٌ قِيلَ. إِنَّهُ حَدَثَ بِوَسَطٍ أَوْ بِغَيْرِ وَسَطٍ (1) - كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَلَكَ تَوَلَّدَ عَنْهُ بِوَسَطِ عَقْلٍ، أَوْ عَقْلَيْنِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُقَالُ - فَإِنَّ كُلَّ قَوْلٍ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ (2) مِنَ الْعَالَمِ قَدِيمًا لَازِمًا لِذَاتِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْبَارِئِ مُوجِبًا بِالذَّاتِ بِحَيْثُ يُقَارِنُهُ (3) مُوجَبِهِ إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَارَنَهُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلَوْ كَانَ مُوجِبًا بِالذَّاتِ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ مُوجَبِهِ وَمُقْتَضَاهُ، فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ مُحْدَثٌ.
[بطلان القول بأن البارئ موجب بذاته للفلك]
وَلَوْ قِيلَ: إِنَّهُ مُوجِبٌ بِذَاتِهِ لِلْفَلَكِ، وَأَمَّا حَرَكَاتُ الْفَلَكِ، فَيُوجِبُهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ هَذَا بَاطِلًا مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا:
أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَتْ حَرَكَةُ الْفَلَكِ لَازِمَةً لَهُ - كَمَا هُوَ قَوْلُهُمْ - امْتَنَعَ إِبْدَاعُ الْمَلْزُومِ دُونَ لَازِمِهِ، وَكَوْنُهُ مُوجِبًا بِالذَّاتِ عِلَّةً تَامَّةً لِلْحَرَكَةِ مُمْتَنِعٌ ; لِأَنَّ الْحَرَكَةَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْعِلَّةُ (* التَّامَّةُ الْمُوجِبَةُ لِمَعْلُولِهَا [فِي الْأَزَلِ] (4) لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا، فَلَا تَكُونُ الْحَرَكَةُ مَعْلُولَةً
(1) أ، ب: بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.
(2) ن، م: أَنْ يَكُونَ كُلُّ شَيْءٍ. . .
(3) ن، م: يُفَارِقُهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4) فِي الْأَزَلِ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
**************************
لِلْمُوجَبِ بِذَاتِهِ فِي الْأَزَلِ *) (1) الَّذِي يَلْزَمُهُ (2) مَعْلُولُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً [لَهُ] (3) فَهِيَ حَادِثَةٌ، فَتَقْتَضِي سَبَبًا وَاجِبًا (4) حَادِثًا، وَذَلِكَ بِالْحَادِثِ لَا يَحْدُثُ عَنِ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ الْأَزَلِيَّةِ إِذِ الْمُوجَبُ بِذَاتِهِ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ مُوجَبُهُ.
وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ الْحَوَادِثَ صَادِرَةً عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ لَا يَحْدُثُ فِيهَا، وَلَا مِنْهَا شَيْءٌ أَشَدَّ فَسَادًا مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ حَدَثَتْ عَنِ الْقَادِرِ بِدُونِ سَبَبٍ حَادِثٍ ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَثْبَتُوا فَاعِلًا. وَلَمْ يُثْبِتُوا سَبَبًا حَادِثًا، وَأُولَئِكَ (5) يَلْزَمُهُمْ نَفْيُ الْفَاعِلِ لِلْحَوَادِثِ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّامَّةَ الْمُوجِبَةَ بِذَاتِهَا فِي الْأَزَلِ لَا تَكُونُ مُحْدِثَةً لِشَيْءٍ أَصْلًا. وَلِهَذَا كَانَتِ الْحَوَادِثُ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا تَحْدُثُ بِحَرَكَةِ الْفَلَكِ، وَهُمْ لَا يَجْعَلُونَ فَوْقَ الْفَلَكِ شَيْئًا أَحْدَثَ حَرَكَتَهُ، بَلْ قَوْلُهُمْ فِي حَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ وَسَائِرِ الْحَوَادِثِ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ فِي أَفْعَالِ الْحَيَوَانِ، وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ أَنَّهَا تَحْدُثُ بِلَا مُحْدِثٍ، لَكِنَّ الْقَدَرِيَّةَ خَصُّوا ذَلِكَ بِأَفْعَالِ الْحَيَوَانِ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا ذَلِكَ فِي كُلِّ حَادِثٍ عُلْوِيٍّ وَسُفْلِيٍّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي:
أَنَّ الْفَاعِلَ سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا، أَوْ مُوجِبًا بِذَاتِهِ، أَوْ قِيلَ: هُوَ قَادِرٌ يُوجِبُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا عِنْدَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ إِذِ الْمَعْدُومُ لَا يَفْعَلُ مَوْجُودًا، وَنَفْسُ
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(2) أ، ب: يَلْزَمُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(4) وَاجِبًا: زِيَادَةٌ فِي (ن) فَقَطْ.
(5) ن، م: فَأُولَئِكَ.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (23)
صـ 152 إلى صـ 158
إِيجَابِهِ وَفِعْلِهِ، وَاقْتِضَائِهِ، وَإِحْدَاثِهِ لَا [بُدَّ أَنْ] يَكُونَ (1) ثَابِتًا بِالْفِعْلِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ الْمُوجَبِ الْمُحْدَثِ (2) فَلَا يَكُونُ فَاعِلًا حَقِيقَةً إِلَّا مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ.
فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَاقْتَضَاهُ (3) ، فَوُجِدَ (4) بَعْدَ عَدَمٍ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ (5) ، وَإِيجَابُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَفْعُولِ الْمُوجَبِ، وَعِنْدَ عَدَمِهِ، فَلَا إِيجَابَ، وَلَا فِعْلَ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالْمُوجِبُ لِحُدُوثِ الْحَوَادِثِ إِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ يَفْعَلُ الثَّانِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْدُثَ لَهُ حَالٌ يَكُونُ بِهَا فَاعِلًا [لِلثَّانِي] (6) . كَانَ الْمُؤَثِّرُ التَّامُّ مَعْدُومًا عِنْدَ وُجُودِ الْأَثَرِ، وَهَذَا مُحَالٌ، فَإِنَّ حَالَهُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَثَرِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ، وَقَبْلَهُ كَانَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لَهُ، فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ،
أَوْ يُقَالُ: قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ.إِذْ لَوْ جُوِّزَ أَنْ يَحْدُثَ الْحَادِثُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ حَالٍ لِلْفَاعِلِ بِهَا (7) صَارَ فَاعِلًا لَزِمَ حُدُوثُ الْحَوَادِثِ كُلِّهَا بِلَا سَبَبٍ، وَتَرْجِيحُ الْفَاعِلِ لِأَحَدِ طَرَفَيِ الْمُمْكِنِ - بَلْ لِوُجُودِ الْمُمْكِنِ - بِلَا مُرَجِّحٍ ; لِأَنَّ حَالَهُ قَبْلَ وَمَعَ وَبَعْدَ (8) سَوَاءٌ، فَتَخْصِيصُ بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بِذَلِكَ الْحَادِثِ تَخْصِيصٌ بِلَا مُخَصِّصٍ، فَإِنْ كَانَ هَذَا جَائِزًا جَازَ حُدُوثُ كُلِّ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ
(1) ن، م: لَا يَكُونُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) الْمُحْدَثِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) ب: أَنَّ فِعْلَهُ اقْتَضَاهُ ; أ: أَنَّهُ فَعَلَهُ وَاقْتَضَتْهُ.
(4) أَيِ الْفَلَكِ.
(5) أَيْ فِعْلُ الْفَاعِلِ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ.
(6) لِلثَّانِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: لَهَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(8) أ، ب: قَبْلَ وَبَعْدَ وَمَعَ.
**************************
حَادِثٍ، وَبَطَلَ (1) قَوْلُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا بَطَلَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ، فَثَبَتَ بُطْلَانُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَ ةِ الدَّهْرِيَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ النَّقِيضَيْنِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
وَالْوَاحِدُ مِنَ النَّاسِ إِذَا قَطَعَ مَسَافَةً، وَكَانَ قَطْعُهُ لِلْجُزْءِ الثَّانِي. مَشْرُوطًا بِالْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ إِذَا قَطَعَ الْأَوَّلَ حَصَلَ لَهُ أُمُورٌ تَقُومُ بِهِ مِنْ قُدْرَةٍ أَوْ إِرَادَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (2) [تَقُومُ بِذَاتِهِ] (3) بِهَا صَارَ (4) حَاصِلًا فِي الْجُزْءِ الثَّانِي. لَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ (5) عَدَمِ الْأَوَّلِ صَارَ قَاطِعًا لِلثَّانِي.
فَإِذَا شَبَّهُوا فِعْلَهُ لِلْحَوَادِثِ بِهَذَا لَزِمَهُمْ أَنْ يَتَجَدَّدَ لِلَّهِ أَحْوَالٌ تَقُومُ بِهِ عِنْدَ إِحْدَاثِ الْحَوَادِثِ، وَإِلَّا فَإِذَا (6) كَانَ هُوَ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ حَالٌ، وَإِنَّمَا. وُجِدَ [الْحَادِثُ الثَّانِي. بِمُجَرَّدِ] عَدَمِ الْأَوَّلِ (7) ، فَحَالُهُ قَبْلَ وَبَعْدَ سَوَاءٌ، فَاخْتِصَاصُ أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ بِالْإِحْدَاثِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُخَصِّصٍ، وَنَفْسُ صُدُورِ الْحَوَادِثِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَاعِلٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأَزَلِ إِلَى الْأَبَدِ، فَيَمْتَنِعُ مَعَ هَذَا التَّقْدِيرِ اخْتِصَاصُ وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ بِشَيْءٍ، أَوْ
(1) أ، ب: فَبَطَلَ.
(2) أ، ب: مِنْ قُدْرَةٍ وَإِرَادَةٍ وَغَيْرِهِمَا
(3) تَقُومُ بِذَاتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) ن، م: يَصِيرُ.
(5) ن، م: مُجَرَّدِ.
(6) ن، م: إِذَا.
(7) فِي النُّسَخِ الْأَرْبَعِ: وَإِنَّمَا وَجَدَ عَدَمَ الْأَوَّلِ، وَالْكَلَامُ هَكَذَا لَا يَسْتَقِيمُ، وَلَعَلَّ مَا أَثْبَتْنَاهُ يَتِمُّ بِهِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ.
****************
أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لِلْحَوَادِثِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ وَلَا (1) يَفْعَلُ هَذَا الْحَادِثَ، وَهُوَ الْآنَ كَمَا كَانَ، فَهُوَ الْآنَ لَا يَفْعَلُ هَذَا الْحَادِثَ.
وَابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ بِهَذَا احْتَجُّوا عَلَى [أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ] (2) الْمُعْتَزِلَةِ ، وَالْجَهْمِيَّة ِ، [وَمَنْ وَافَقَهُمْ] (3) ، فَقَالُوا: إِذَا كَانَ فِي الْأَزَلِ، وَلَا يَفْعَلُ، وَهُوَ الْآنَ عَلَى حَالِهِ، فَهُوَ الْآنَ لَا يَفْعَلُ، وَقَدْ فَرَضَ فَاعِلًا هَذَا خُلْفٌ، وَإِنَّمَا لَزِمَ ذَلِكَ مِنْ تَقْدِيرِ ذَاتٍ مُعَطَّلَةٍ عَنِ الْفِعْلِ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: هَذَا بِعَيْنِهِ (4) حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فِي إِثْبَاتِ ذَاتٍ بَسِيطَةٍ لَا يَقُومُ بِهَا فِعْلٌ وَلَا وَصْفٌ مَعَ صُدُورِ الْحَوَادِثِ عَنْهَا، فَإِنْ (5) كَانَ بِوَسَائِطَ لَازِمَةٍ لَهَا، فَالْوَسَطُ اللَّازِمُ لَهَا قَدِيمٌ بِقِدَمِهَا، وَقَدْ قَالُوا: إِنَّهُ يَمْتَنِعُ صُدُورُ الْحَوَادِثِ عَنْ قَدِيمٍ هُوَ عَلَى حَالٍ وَاحِدٍ، كَمَا كَانَ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ:
أَنْ يُقَالَ: هُمْ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ (6) فَيَّاضٌ دَائِمُ الْفَيْضِ، وَإِنَّمَا يَتَخَصَّصُ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ بِالْحُدُوثِ لِمَا يَتَجَدَّدُ مِنْ حُدُوثِ الِاسْتِعْدَادِ وَالْقَبُولِ، وَحُدُوثُ الِاسْتِعْدَادِ وَالْقَبُولِ هُوَ سَبَبُ حُدُوثِ الْحَرَكَاتِ.
وَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إِذَا كَانَ الْفَاعِلُ (7) الدَّائِمُ الْفَيْضِ لَيْسَ هُوَ الْمُحْدِثَ لِاسْتِعْدَادِ الْقَبُولِ، كَمَا يَدَّعُونَهُ فِي الْعَقْلِ
(1) ن، م: كَانَ لَا. 1
(2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) ن، (فَقَطْ) : هَذَا بِفِعْلِهِ بِعَيْنِهِ.
(5) أ، ب: وَإِنْ
(6) ن، م: الْمُوجَبُ.
(7) أ، ب: الْفَعَّالُ.
*******************
الْفَعَّالِ، فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ دَائِمُ الْفَيْضِ، وَلَكِنْ يُحْدِثُ اسْتِعْدَادَ الْقَوَابِلِ بِسَبَبِ حُدُوثِ الْحَرَكَاتِ الْفَلَكِيَّةِ وَالِاتِّصَالَا تِ الْكَوْكَبِيَّة ِ، وَتِلْكَ لَيْسَتْ صَادِرَةً عَنِ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ، وَإِنَّمَا. (1) فِي الْمُبْدِعِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ الْمُبْدِعُ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ، فَعَنْهُ يَصْدُرُ الِاسْتِعْدَادُ وَالْقَبُولُ وَالْقَابِلُ وَالْمَقْبُولُ.
وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إِذَا كَانَ عِلَّةً تَامَّةً مُوجِبًا بِذَاتِهِ، وَهُوَ دَائِمُ الْفَيْضِ لَا يَتَوَقَّفُ فَيْضُهُ عَلَى [شَيْءٍ] (2) غَيْرِهِ أَصْلًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ بِوَاسِطَةِ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ (3) لَازِمًا لَهُ قَدِيمًا بِقِدَمِهِ، فَلَا يَحْدُثُ عَنْهُ شَيْءٌ لَا بِوَسَطٍ وَلَا بِغَيْرِ وَسَطٍ ; لِأَنَّ فِعْلَهُ وَإِبْدَاعَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَوْ قَبُولٍ (4) يَحْدُثُ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ هُوَ الْمُبْدِعُ لِلشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ وَالْقَابِلِ وَالْمَقْبُولُ وَالِاسْتِعْدَا دِ، وَمَا يَفِيضُ عَلَى الْمُسْتَعِدِّ، وَإِذَا كَانَ وَحْدَهُ هُوَ الْفَاعِلَ لِذَلِكَ كُلِّهِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً تَامَّةً أَزَلِيَّةً مُسْتَلْزِمَةً لِمَعْلُولِهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُولُهُ كُلُّهُ أَزَلِيًّا قَدِيمًا بِقِدَمِهِ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَعْلُولٌ لَهُ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا سِوَاهُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَهَذَا مُكَابَرَةٌ لِلْحِسِّ.
وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا وَفَهِمَهُ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ فَسَادَ قَوْلِ هَؤُلَاءِ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ بَعْدَ التَّصَوُّرِ التَّامِّ.
[النتائج التي أدى إليها امتناع المتكلمين عن القول بحوادث لا أول لها]
وَإِنَّمَا عَظُمَتْ حُجَّتُهُمْ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ [الْمُبْتَدَعِ] (5) الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَ ةِ، وَمَنْ
(1) أ، ب: وَأَمَّا.
(2) شَيْءٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) أ، م: بِوَسَطٍ أَوْ بِغَيْرِ وَسَطٍ.
(4) ن، م: وَقَبُولٍ.
(5) أ، ب: الْمُبْدَعِ. وَالْكَلِمَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ.
**************************
وَافَقَهُمْ مِنَ الْأَشْعَرِيَّة ِ وَالْكَرَّامِيّ َةِ وَالشِّيعَةِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَمَّا اعْتَقَدُوا (1) أَنَّ الرَّبَّ فِي الْأَزَلِ كَانَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ الْفِعْلُ وَالْكَلَامُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ - وَكَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا فِي الْأَزَلِ عَلَى الْكَلَامِ وَالْفِعْلِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا لِنَفْسِهِ، وَالْمُمْتَنِعُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمَقْدُورِ - صَارُوا (2) حِزْبَيْنِ:
حِزْبًا قَالُوا: إِنَّهُ صَارَ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ [لِكَوْنِهِ صَارَ الْفِعْلُ وَالْكَلَامُ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ (3) مُمْتَنِعًا، وَإِنَّهُ انْقَلَبَ مِنْ الِامْتِنَاعِ الذَّاتِيِّ إِلَى الْإِمْكَانِ الذَّاتِيِّ] (4) ، وَهَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ ، وَالْجَهْمِيَّة ِ، وَمَنْ. وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْكَرَّامِيَّة ِ، وَأَئِمَّةِ الشِّيعَةِ كَالْهَاشِمِيَّ ةِ وَغَيْرِهِمْ.
[وَحِزْبًا] قَالُوا (5) : صَارَ الْفِعْلُ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُمْتَنِعًا مِنْهُ، وَأَمَّا الْكَلَامُ، فَلَا يَدْخُلُ (6) تَحْتَ الْمَشِيئَةِ، وَالْقُدْرَةِ، بَلْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَازِمٌ لِذَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كُلَّابٍ (7) ، وَالْأَشْعَرِيّ ِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا.
(1) أ: لِمَا قَالُوا اعْتَقَدُوا ; ب: لَمَّا قَالُوا وَاعْتَقَدُوا.
(2) ن، م: وَصَارُوا.
(3) ن، م: وَغَيْرُهُمْ وَقَالُوا.
(4) ن (فَقَطْ) : بَعْدَ مَا كَانَ.
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) ن (فَقَطْ) : فَلَا بُدَّ يَدْخُلُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(7) ابْنُ كُلَّابٍ (بِضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ) هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كُلَّابِ الْقَطَّانُ الْمُتَوَفَّى بَعْدَ سَنَةِ 240 بِقَلِيلٍ. عَدَّهُ الشَّهْرَسْتَان ِيُّ (الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/85) وَالْأَشْعَرِيّ ُ (الْمَقَالَاتِ 1/325) وَابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ (أُصُولَ الدِّينِ، ص 254) مِنْ مُتَكَلِّمِي أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ حَزْمٍ (الْفِصَلَ 5/77) إِنَّهُ شَيْخٌ قَدِيمٌ لِلْأَشْعَرِيَّ ةِ. وَمَقَالَةُ ابْنِ كُلَّابٍ فِي كَلَامِ اللَّهِ ذَكَرَهَا الْأَشْعَرِيُّ فِي الْمَقَالَاتِ 2/202، 233، 245. وَانْظُرْ أَيْضًا عَنِ ابْنِ كُلَّابٍ وَمَذْهَبِهِ: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 2/299 - 300 ; الْفِهْرِسْتَ لِابْنِ النَّدِيمِ ص 180 ; لِسَانَ الْمِيزَانِ 3/290 - 291 ; الْخُطَطَ لِلْمَقْرِيزِيّ ِ 2/358، 259 ; مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1/298 - 299، 2/52، 54، 112، 202 - 203، 231 ; نِهَايَةَ الْإِقْدَامِ، ص 181، 203 ; الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/148 ; أُصُولَ الدِّينِ، ص 89، 90، 97، 104، 109، 113، 123، 132، 222، 254 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 2/289، 5/77.
*****************************
أَوْ قَالُوا: إِنَّهُ (1) حُرُوفٌ، أَوْ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةُ الْأَعْيَانِ لَا تَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ (2) ، وَيُعْزَى ذَلِكَ إِلَى السَّالِمِيَّةِ (3) ، وَحَكَاهُ (4) الشَّهْرَسْتَان ِيُّ عَنِ السَّلَفِ، وَالْحَنَابِلَة ِ، وَلَيْسَ هُوَ (5) قَوْلَ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ، وَلَكِنَّهُ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ كَانَ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ [أَصْحَابِ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ] (6) ، وَأَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ وَنَحْوِهِمَا (7) قَالُوا: لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ دَوَامَ
(1) أ، ن، م: أَوْ قَالَ إِنَّهُ ; ب: أَوْ أَنَّهُ. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.
(2) ن، م: وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ.
(3) أَتْبَاعُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ (الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 297) وَابْنِهِ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ سَالِمٍ (الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 350) . وَقَدْ تَتَلْمَذَ مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ عَلَى سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ. وَأَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو الْحَكَمِ بْنُ بُرْجَانِ مِنْ أَشْهَرِ رِجَالِ السَّالِمِيَّةِ . وَيَجْمَعُ السَّالِمِيَّةُ فِي مَذْهَبِهِمْ بَيْنَ كَلَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ مَعَ مَيْلٍ إِلَى التَّشْبِيهِ وَنَزْعَةٍ صُوفِيَّةٍ اتِّحَادِيَّةٍ. انْظُرْ: شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/36 ; مَاسِينْيُونَ: دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّ ةِ، مَادَّةَ: السَّالِمِيَّةِ ; أَبُو نَصْرٍ السَّرَّاجُ: اللُّمَعَ، ص 472 - 476، الْقَاهِرَةِ، 1960 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 157، 202 ; طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ، ص 414 - 416 ; الطَّبَقَاتِ الْكُبْرَى لِلشَّعْرَانِيّ ِ، ص 99 - 100.
(4) أ، ب: وَنَقَلَهُ.
(5) هُوَ: لَيْسَتْ فِي (أ) ، (ب) .
(6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7) ب (فَقَطْ) : وَغَيْرِهِمَا.
**********************
الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعٌ، وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْحَوَادِثِ مَبْدَأٌ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
قَالُوا: فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا تُقَارِنُهُ الْحَوَادِثُ مُحْدَثًا، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْبَارِئُ لَمْ يَزَلْ فَاعِلًا مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ (1) .
بَلْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعَةٌ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى دَوَامِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ.
[رد أئمة الفلاسفة وأئمة أهل الملل على المتكلمين]
قَالُوا: وَبِهَذَا يُعْلَمُ حُدُوثُ الْجِسْمِ ; لِأَنَّ الْجِسْمَ لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ، وَمَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ.
وَلَمْ يُفَرِّقْ هَؤُلَاءِ بَيْنَ مَا لَا يَخْلُو عَنْ نَوْعِ الْحَوَادِثِ، وَبَيْنَ مَا لَا يَخْلُو عَنْ عَيْنِ الْحَوَادِثِ (2) ، وَلَا فَرَّقُوا فِيمَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَعْلُولًا. أَوْ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا. وَاجِبًا بِنَفْسِهِ (3) .
فَقَالَ. (4) لِهَؤُلَاءِ أَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ، وَأَئِمَّةِ [أَهْلِ] (5) الْمِلَلِ وَغَيْرِهِمْ: فَهَذَا الدَّلِيلُ الَّذِي أَثْبَتُّمْ بِهِ حُدُوثَ الْعَالَمِ (6 هُوَ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ حُدُوثِ الْعَالِمِ 6) (6) ، وَكَانَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ مَا قَصَدْتُمُوهُ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَادِثَ إِذَا حَدَثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ (7) مُحْدَثًا، فَلَا بُدَّ أَنْ
(1) وَقُدْرَتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: الْحَادِثِ.
(3) أ، ب: وَأَنْ يَكُونَ وَاجِبًا بِنَفْسِهِ.
(4) أ، ب: فَيُقَالُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(5) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) (6 - 6) : سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7) يَكُنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) فَقَطْ.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (24)
صـ 159 إلى صـ 165
يكون ممكنا، والإمكان ليس له وقت محدود، فما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت قبله، فليس لإمكان الفعل وجواز ذلك وصحته مبدأ ينتهى إليه، فيجب أنه لم يزل الفعل ممكنا جائزا صحيحا، (1 فيلزم أنه لم يزل الرب قادرا عليه 1) (1) ، فيلزم جواز حوادث لا نهاية لأولها (2) .
قال المناظر عن أولئك (3) المتكلمين من الجهمية، والمعتزلة وأتباعهم: نحن لا نسلم أن إمكان الحوادث لا بداية له لكن نقول إمكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا بداية له، وذلك لأن الحوادث عندنا يمتنع أن تكون قديمة النوع، بل يجب حدوث نوعها، ويمتنع قدم نوعها لكن لا يجب الحدوث في وقت بعينه، فإمكان الحوادث بشرط (4) كونها مسبوقة العدم لا أول له بخلاف جنس الحوادث.
فيقال لهم: هب أنكم تقولون ذلك لكن يقال: إمكان جنس الحوادث عندكم له بداية، فإنه صار جنس الحدوث (5) عندكم ممكنا بعد أن لم يكن ممكنا، وليس لهذا الإمكان وقت معين، بل ما من وقت يفرض إلا والإمكان ثابت قبله، فيلزم دوام الإمكان، وإلا لزم انقلاب الجنس من الإمكان إلى الامتناع من غير حدوث شيء ولا تجدد شيء.
(1) (1 - 1) : ساقط من (ب) فقط.
(2) ن، م: لا نهاية لها.
(3) ب: قال المناظر لأولئك ; أ: قال المناظر أولئك.
(4) ن: يشترط، وهو تحريف.
(5) ن، م: الحوادث.
******************************
ومعلوم أن انقلاب حقيقة جنس الحدوث أو جنس (1) الحوادث، أو جنس الفعل، أو جنس الإحداث، أو ما يشبه هذا من العبارات من الامتناع إلى الإمكان هو مصير ذلك ممكنا جائزا بعد أن كان ممتنعا من غير سبب تجدد (2) ، وهذا ممتنع في صريح العقل، وهو أيضا انقلاب الجنس من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي، فإن ذات جنس الحوادث عندهم تصير ممكنة بعد أن كانت ممتنعة.
وهذا الانقلاب لا يختص بوقت معين، فإنه ما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت قبله، (3 فيلزم أنه لم يزل هذا الانقلاب 3) (3) ، فيلزم أنه لم يزل الممتنع ممكنا، وهذا أبلغ في الامتناع من قولنا لم يزل الحادث ممكنا، فقد لزمهم فيما فروا [إليه أبلغ مما لزمهم فيما فروا] (4) منه، فإنه يعقل كون الحادث ممكنا (5) ، ويعقل أن هذا الإمكان لم يزل، وأما كون الممتنع ممكنا، فهو ممتنع في نفسه، فكيف إذا قيل: لم يزل إمكان هذا الممتنع! .
وأيضا فما ذكروه من الشرط: وهو أن جنس الفعل، أو جنس الحوادث - بشرط (6) كونها مسبوقة بالعدم - لم يزل ممكنا، فإنه يتضمن الجمع بين النقيضين أيضا، فإن كون هذا (7) لم يزل يقتضي أنه لا بداية لإمكانه،.
(1) ن، م: الحدوث إلى جنس.
(2) ن (فقط) : محدود.
(3) (3 - 3) : ساقط من (ب) فقط.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) أ، ب: ممتنعا.
(6) ن، م: يشترط.
(7) ن، م: وأيضا فإن كون هذا. . إلخ.
***************************
وأن إمكانه قديم أزلي، وكونه مسبوقا بالعدم يقتضي أن له بداية، وأنه ليس بقديم أزلي (1) ، فصار قولهم مستلزما أن الحوادث يجب أن يكون لها بداية، وأنه لا يجب أن يكون لها بداية.
وذلك لأنهم قدروا تقديرا ممتنعا، والتقدير الممتنع قد يلزمه حكم ممتنع كقوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [سورة الأنبياء: 22] .
فإن قولهم: إمكان جنس الحوادث - بشرط كونها مسبوقة بالعدم - لا بداية له مضمونة أن ما له بداية ليس له بداية، فإن المشروط بسبق العدم له بداية (2) ، وإن (3) قدر أنه لا بداية له كان جمعا بين النقيضين.
وأيضا فيقال: هذا تقدير لا حقيقة له في الخارج، فصار بمنزلة قول القائل: جنس الحوادث بشرط (4) كونها ملحوقة بالعدم هل لإمكانها نهاية؟ أم ليس لإمكانها نهاية؟ فكما أن هذا يستلزم الجمع بين النقيضين في النهاية، فكذلك الأمل يستلزم الجمع بين النقيضين في البداية (5) .
وأيضا فالممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح تام يجب به الممكن، وقد يقولون: لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام يستلزم وجود ذلك الممكن.
[وهذا الثاني أصوب، كما عليه نظار المسلمين المثبتين، فإن بقاءه
(1) ن: وأنه غير قديم ليس أولى ; م: وأنه ليس بقديم أولى.
(2) ب (فقط) : فإن للمشروط بسبق العدم بداية.
(3) أ، ب: وإذا.
(4) ن (فقط) : يشترط.
(5) ن، م: النهاية.
******************************
معدوما لا يفتقر إلى مرجح، ومن قال: إنه يفتقر إلى مرجح قال: عدم مرجحه يستلزم عدمه، ولكن يقال: هذا مستلزم لعدمه لا أن هذا هو الأمر الموجب لعدمه، ولا يجب عدمه في نفس الأمر، بل عدمه في نفس الأمر لا علة له، فإن عدم المعلول يستلزم عدم العلة، وليس هو علة له، والملزوم أعم من كونه علة] (1) ; لأن ذلك المرجح التام لو لم يستلزم وجود الممكن لكان وجود الممكن مع المرجح التام جائزا لا واجبا ولا ممتنعا، وحينئذ فيكون ممكنا، فيتوقف على مرجح ; لأن الممكن لا يحصل إلا بمرجح.
فدل ذلك على أن الممكن إن لم يحصل مرجح يستلزم وجوده امتنع وجوده، وما دام وجوده ممكنا جائزا غير لازم لا يوجد، وهذا هو الذي يقوله أئمة أهل السنة المثبتين للقدر مع موافقة أئمة الفلاسفة لهم (2) ، وهذا مما احتجوا به على أن الله خالق أفعال العباد.
[القدرية التامة والإرادة الجازمة تقتضي وجود الفعل]
والقدرية من المعتزلة وغيرهم تخالف في هذا، وتزعم أن القادر يمكنه ترجيح الفعل على الترك بدون ما يستلزم ذلك، وادعوا أنه إن لم يكن القادر كذلك لزم أن يكون موجبا بالذات لا قادرا قالوا: والقادر المختار هو الذي إن شاء فعل، وإن شاء ترك، فمتى قيل: إنه لا يفعل إلا مع لزوم أن يفعل لم يكن مختارا بل مجبورا.
فقال لهم الجمهور من أهل الملة وغيرهم (3) : بل هذا خطأ، فإن
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: وغير الملة.
****************************
القادر هو الذي إن شاء فعل، وإن شاء ترك ليس هو الذي إن شاء الفعل مشيئة جازمة، وهو قادر عليه قدرة تامة يبقى (1) الفعل ممكنا جائزا لا لازما واجبا ولا ممتنعا محالا.
بل نحن نعلم أن القادر المختار إذا أراد الفعل إرادة جازمة، وهو قادر عليه قدرة تامة لزم وجود الفعل، وصار واجبا بغيره لا بنفسه، كما قال المسلمون: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وما شاء (2) سبحانه، فهو قادر عليه، فإذا شاء شيئا حصل مرادا له، وهو مقدور عليه، فيلزم (3) وجوده، وما لم يشأ لم يكن، فإنه ما لم يرده وإن كان قادرا عليه لم يحصل المقتضى التام لوجوده، فلا يجوز وجوده.
قالوا: ومع القدرة التامة والإرادة الجازمة يمتنع عدم الفعل، ولا يتصور عدم الفعل إلا لعدم كمال القدرة أو لعدم كمال الإرادة، وهذا أمر يجده الإنسان من نفسه، وهو معروف بالأدلة اليقينية، فإن فعل المختار لا يتوقف إلا على قدرته وإرادته، فإنه قد يكون قادرا، ولا يريد الفعل، فلا يفعله، وقد يكون مريدا للفعل لكنه عاجز عنه، فلا يفعله، أما (4) مع كمال قدرته وإرادته فلا يتوقف الفعل على شيء غير ذلك، والقدرة التامة والإرادة الجازمة هي المرجح التام للفعل الممكن، فمع وجودهما يجب وجود ذلك الفعل.
والرب تعالى قادر مختار يفعل بمشيئته لا مكره له، وليس هو موجبا
(1) ب: فبقي ; أ: تنفى.
(2) أ، ب: وما شاءه.
(3) أ، ب: فلزم.
**********************
بذاته بمعنى (1) أنه علة أزلية مستلزمة للفعل، ولا بمعنى أنه يوجب بذات (2) لا مشيئة لها، ولا قدرة (3) ، بل هو يوجب بمشيئته، وقدرته ما شاء وجوده، وهذا هو القادر المختار، فهو قادر مختار يوجب بمشيئته ما شاء وجوده.
وبهذا التحرير يزول الإشكال. (4) في هذه المسألة، فإن الموجب بذاته إذا كان أزليا يقارنه موجبه، فلو كان الرب تعالى موجبا بذاته [للعالم.] (5) في الأزل [لكان كل ما في العالم مقارنا له في الأزل] (6) ، وذلك ممتنع بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. فكل ما شاء الله وجوده من العالم فإنه يجب وجوده بقدرته ومشيئته، وما لم يشأ يمتنع وجوده إذ لا يكون شيء إلا بقدرته، ومشيئته، وهذا يقتضي وجوب وجود ما شاء تعالى وجوده.
ولفظ الموجب بالذات فيه إجمال، فإن أريد به أنه يوجب ما يحدثه بمشيئته، وقدرته، فلا منافاة بين كونه فاعلا بالقدرة والاختيار، وبين كونه موجبا بالذات بهذا التفسير، وإن أريد بالموجب بالذات أنه يوجب شيئا من الأشياء بذات مجردة عن القدرة والاختيار، فهذا باطل ممتنع، (* وإن
(1) ن، م: يعني.
(2) ن: ولا يعلم أنه موجب بذاته، م: ولا يعني بأنه يوجب بذات، وهو تحريف.
(3) ب (فقط) : لا مشيئة لها لا قدرة.
(4) ن، م: الإشكالات.
(5) للعالم: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
**************************
أريد أنه علة تامة أزلية تستلزم (1) معلولها الأزلي بحيث يكون من العالم ما هو قديم بقدمه لازم لذاته أزلا وأبدا - الفلك، أو غيره - فهذا أيضا باطل *) (2) .
فالموجب بالذات إذا فسر بما يقتضي قدم شيء من العالم مع الله، أو فسر بما يقتضي سلب (3) صفات الكمال عن الله، فهو باطل، وإن فسر بما يقتضي أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فهو حق، فإن ما شاء وجوده فقد وجب وجوده بقدرته ومشيئته، لكن لا يقتضي هذا أنه شاء شيئا من المخلوقات بعينه في الأزل، بل مشيئته لشيء معين في الأزل ممتنع لوجوه متعددة.
ولهذا كان عامة العقلاء على أن الأزلي لا يكون مرادا مقدورا، ولا أعلم نزاعا بين النظار أن ما كان من صفات الرب أزليا لازما لذاته لا يتأخر منه شيء لا يجوز أن يكون مرادا مقدورا، وأن ما كان مرادا مقدورا لا يكون إلا حادثا شيئا بعد شيء، وإن كان نوعه لم يزل موجودا، أو كان نوعه كله حادثا بعد أن لم يكن.
ولهذا كان الذين اعتقدوا أن القرآن قديم لازم لذات الله متفقين على أنه لم يتكلم بمشيئته، وقدرته (4) ، وإنما يكون بمشيئته، وقدرته (5) خلق إدراك في العبد لذلك المعنى القديم، والذين قالوا: كلامه قديم، وأرادوا أنه
(1) ن، م: يستلزم.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) . (ب) .
(3) ب: تأخر. وسقطت الكلمة من (أ) .
(4) ن (فقط) : بمشيئة الله وقدرته.
(5) أ، ب: بقدرته ومشيئته.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (25)
صـ 166 إلى صـ 172
قديم العين متفقون على أنه لم يتكلم بمشيئته وقدرته، سواء قالوا: هو معنى واحد قائم بالذات، أو قالوا: هو حروف، أو حروف وأصوات قديمة أزلية الأعيان.
بخلاف أئمة السلف الذين قالوا: إنه يتكلم بمشيئته، وقدرته، وإنه لم يزل متكلما إذا شاء، وكيف شاء، (1 فإن هؤلاء يقولون: الكلام قديم النوع، وإن كلمات الله لا نهاية لها، بل لم يزل متكلما بمشيئته، وقدرته، ولم يزل يتكلم كيف شاء إذا شاء 1) (1) ، ونحو ذلك من العبارات، والذين قالوا: إنه يتكلم بمشيئته وقدرته، وكلامه حادث بالغير (2) قائم (3) بذاته، أو مخلوق منفصل عنه يمتنع عندهم أن يكون قديما.
فقد اتفقت الطوائف كلها على أن المعين القديم الأزلي لا يكون مقدورا مرادا بخلاف ما كان نوعه لم يزل موجودا شيئا بعد شيء، فهذا مما يقول أئمة السلف وأهل السنة والحديث: إنه يكون بمشيئته وقدرته، كما يقول ذلك جماهير الفلاسفة الأساطين الذين يقولون بحدوث الأفلاك وغيرها وأرسطو، وأصحابه الذين يقولون بقدمها.
فأئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة يقولون: إن الأفلاك محدثة كائنة بعد أن لم تكن مع قولهم: إنه لم يزل النوع المقدور المراد موجودا شيئا بعد شيء.ولكن كثيرا من أهل الكلام يقولون: ما كان مقدورا مرادا يمتنع أن
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ن: بالعين ; م: العين، وهو تحريف.
(3) ن، م: قديم.
****************************** **
يكون لم يزل شيئا بعد شيء، ومنهم من يقول بمنع ذلك في المستقبل أيضا.
وهؤلاء هم الذين ناظرهم الفلاسفة القائلون بقدم العالم، ولما ناظروهم واعتقدوا أنهم قد خصموهم وغلبوهم اعتقدوا أنهم قد خصموا أهل الملل مطلقا لاعتقادهم الفاسد الناشئ عن جهلهم بأقوال أئمة أهل الملل بل وبأقوال أساطين الفلاسفة القدماء وظنهم أنه (1) ليس لأئمة الملل وأئمة الفلاسفة قول إلا قول هؤلاء المتكلمين، وقولهم أو قول المجوس والحرانية (2) ، أو قول من يقول بقدم مادة بعينها، ونحو ذلك من الأقوال التي قد يظهر فسادها للنظار، وهذا مبسوط في موضع آخر.
والمقصود هنا أن عامة العقلاء مطبقون على أن العلم بكون الشيء المعين مرادا مقدورا يوجب العلم بكونه حادثا كائنا بعد أن لم يكن، بل هذا عند العقلاء من المعلوم بالضرورة (3) ، ولهذا كان مجرد تصور العقلاء أن الشيء مقدور للفاعل مراد له فعله بمشيئته وقدرته موجب للعلم (4) بأنه حادث، بل مجرد تصورهم كون الشيء مفعولا. أو مخلوقا أو مصنوعا أو نحو ذلك من العبارات يوجب العلم بأنه محدث كائن بعد أن لم يكن، ثم بعد هذا قد ينظر في أنه فعله بمشيئته وقدرته، وإذا
(1) أ، ب: أن.
(2) يقصد ابن تيمية بالمجوس هنا المعتزلة (لقولهم بأن الخير من الله والشر من الإنسان) . ويقصد بالحرانية الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام وخاصة الفارابي الذي تعلم الفلسفة من الصابئة المشركين في حران (انظر الرد على المنطقيين، ص [0 - 9] 87 - 288) .
(3) ن، م: من العلوم الضرورية.
(4) أ، ب: يوجب العلم.
****************************** ****
علم أن الفاعل لا يكون فاعلا إلا بمشيئته وقدرته، وما كان مقدورا مرادا، فهو محدث كان هذا أيضا دليلا ثانيا (1) على أنه محدث.
ولهذا [كان] (2) كل من تصور من العقلاء أن الله تعالى خلق السماوات والأرض أو خلق (3) شيئا من الأشياء كان هذا مستلزما لكون ذلك المخلوق محدثا كائنا بعد أن لم يكن.
وإذا قيل لبعضهم: هو قديم مخلوق، أو قديم [محدث] (4) ، وعنى بالمخلوق والمحدث ما يعنيه هؤلاء المتفلسفة الدهرية المتأخرون الذين يريدون بلفظ المحدث أنه معلول، ويقولون: إنه قديم أزلي مع كونه معلولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، فإذا تصور العقل [الصريح] (5) هذا المذهب جزم بتناقضه، وأن أصحابه جمعوا بين النقيضين حيث قدروا مخلوقا محدثا معلولا مفعولا ممكنا أن يوجد وأن يعدم، وقدروه مع ذلك قديما أزليا واجب الوجود بغيره يمتنع عدمه.
وقد بسطنا هذا في مواضع في الكلام على المحصل وغيره، وذكرنا أن ما ذكره الرازي (6) عن أهل الكلام من أنهم يجوزون وجود مفعول
(1) ن، م: أ: ثابتا.
(2) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: وخلق.
(4) محدث: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .
(5) الصريح: ساقطة من (ن) فقط.
(6) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي، فخر الدين، المعروف بابن الخطيب، المتوفى سنة 606، من أئمة الأشاعرة الذين مزجوا المذهب الأشعري بالفلسفة والاعتزال. ومن أهم مؤلفاته " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين ". طبع بالقاهرة سنة 1323. ولابن تيمية كتاب بعنوان " شرح أول المحصل " ذكره ابن عبد الهادي في: " العقود الدرية، ص [0 - 9] 7، طبع القاهرة، 1356/1938 ; وابن القيم في: " أسماء مؤلفات ابن تيمية، ص 19، طبع دمشق، 1953 (بتحقيق الدكتور صلاح المنجد) . وانظر ترجمة الرازي في ابن خلكان 3/381 - 385 ; شذرات الذهب 5/21 ; طبقات الشافعية 8/81 - 96 ; لسان الميزان 4/246 - 249 ; الأعلام 7/203.
******************************
معلول أزلي للموجب بذاته لم يقله (1) أحد منهم، بل هم متفقون على أن كل مفعول، فإنه لا يكون إلا محدثا.
وما ذكره هو وأمثاله موافقة لابن سينا من أن الممكن وجوده وعدمه قد يكون قديما أزليا قول باطل عند جماهير العقلاء من الأولين والآخرين.
حتى عند أرسطو وأتباعه القدماء والمتأخرين، فإنهم موافقون لسائر العقلاء في أن كل ممكن يمكن وجوده وعدمه لا يكون إلا محدثا كائنا بعد أن لم يكن، وأرسطو إذا قال: إن الفلك قديم لم يجعله مع ذلك ممكنا يمكن وجوده وعدمه.
والمقصود أن العلم بكون الشيء مقدورا مرادا يوجب العلم بكونه محدثا، بل العلم بكونه مفعولا يوجب العلم بكونه محدثا، فإن الفعل والخلق والإبداع والصنع ونحو ذلك لا يعقل إلا مع تصور حدوث المفعول.
وأيضا، فالجمع بين كون الشيء مفعولا وبين كونه قديما أزليا مقارنا لفاعله. (2) في الزمان جمع بين المتناقضين، ولا يعقل قط في الوجود
(1) ب (فقط) : أنه لم يقله.
(2) أ، ب: للفاعل.
*************************
فاعل قارنه مفعوله المعين (1) سواء سمي [علة] فاعلة، أو لم يسم (2) ، ولكن يعقل كون الشرط مقارنا للمشروط.
[المعنى الصحيح للتقدم والتأخر]
والمثل (3) الذي يذكرونه من قولهم حركت يدي، فتحرك خاتمي، أو كمي (4) ، أو المفتاح (5) ، ونحو ذلك حجة عليهم لا لهم، فإن حركة اليد ليست هي العلة التامة، ولا الفاعل لحركة الخاتم، [بل الخاتم] (6) مع الإصبع كالإصبع مع الكف، فالخاتم متصل (7) بالإصبع، والإصبع متصلة بالكف لكن الخاتم يمكن نزعها بلا ألم بخلاف الإصبع، وقد يعرض بين الإصبع والخاتم خلو يسير (8) بخلاف أبعاض الكف.
ولكن حركة الإصبع شرط في حركة الخاتم، كما أن حركة الكف شرط في حركة الإصبع أعني في الحركة المعينة التي مبدؤها من اليد بخلاف الحركة التي تكون للخاتم، أو للإصبع ابتداء، فإن هذه [متصلة] (9) منها إلى الكف كمن يجر إصبع غيره، فيجر معه كفه.
وما يذكرونه من أن التقدم والتأخر يكون بالذات والعلة كحركة
(1) أ، ب: ولا يعقل قط في الوجود مقارنة مفعوله المعين.
(2) ن، م: سواء سمي فاعله أو لم يسم.
(3) ن، م: والمثال.
(4) أ، ب: فمي، وهو خطأ.
(5) انظر ابن سينا: (الشفاء: الإلهيات، 1/165، القاهرة، 1380/1960 ; الإشارات والتنبيهات، 3/105، القاهرة، 1948) حيث يتكلم عن ارتباط حركة المفتاح بحركة اليد.
(6) بل الخاتم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: متصلة.
(8) أ، ب: ولكن يفرق بين الإصبع والخاتم بيسير.
(9) أ، ب: منفصلة ; ن، م: متصل. والصواب ما أثبتناه، ويكون المعنى: فإن هذه الحركة متصلة من إلى الإصبع الكف.
*****************************
الإصبع، ويكون بالطبع كتقدم الواحد على الاثنين، و [يكون] بالمكانة (1) كتقدم العالم على الجاهل، و [يكون] بالمكان (2) كتقدم الصف الأول على الثاني: وتقدم مقدم المسجد على مؤخره، ويكون بالزمان كلام مستدرك.
فإن التقدم والتأخر المعروف هو التقدم والتأخر بالزمان، [فإن قبل] (3) وبعد ومع ونحو ذلك، معانيها لازمة للتقدم والتأخر الزماني، وأما التقدم بالعلية (4) ، أو الذات مع المقارنة في الزمان، فهذا لا يعقل ألبتة، ولا له مثال مطابق في الوجود، بل هو مجرد تخيل لا حقيقة له.
وأما تقدم الواحد على الاثنين، فإن عنى به الواحد المطلق، (5 فهذا لا وجود له في الخارج، ولكن في الذهن، والذهن يتصور الواحد المطلق 5) (5) قبل الاثنين المطلق، فيكون متقدما في التصور تقدما زمانيا، وإن لم يعن به هذا فلا تقدم، بل الواحد شرط في الاثنين مع كون الشرط لا يتأخر عن المشروط، بل (6) قد يقارنه وقد يكون معه، فليس هنا تقدم واجب (7) غير التقدم الزماني.
وأما التقدم بالمكان، فذاك نوع آخر، وأصله من التقدم بالزمان، فإن
(1) ن، م: وبالمكانة.
(2) ن، م: وبالمكان.
(3) عبارة " فإن قبل ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن: بالغلبة، وهو تحريف.
(5) (5 - 5) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: تقدما واجبا، وهو خطأ.
******************************
مقدم المسجد تكون فيه الأفعال المتقدمة بالزمان على مؤخره، فالإمام يتقدم فعله بالزمان لفعل المأموم، فسمي محل الفعل المتقدم متقدما، وأصله هذا.
وكذلك التقدم بالرتبة، فإن أهل الفضائل مقدمون في الأفعال الشريفة والأماكن (1) ، وغير ذلك على من هو (2) دونهم، فسمي ذلك تقدما، وأصله هذا.
وحينئذ فإن كان الرب هو الأول المتقدم على كل ما سواه (3) كان كل شيء متأخرا عنه، وإن قدر أنه لم يزل فاعلا فكل فعل معين ومفعول معين هو متأخر عنه.
[الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة]
وإذا قيل: الزمان مقدار الحركة، فليس هو مقدار حركة معينة كحركة الشمس، أو الفلك (4) ، بل الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة، وقد كان قبل أن يخلق الله (5) السماوات والأرض والشمس والقمر حركات وأزمنة، وبعد أن يقيم الله القيامة، فتذهب الشمس، والقمر تكون في الجنة حركات وأزمنة (6) ، كما قال تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} [سورة مريم: 62] .
وجاء في الآثار أنهم يعرفون الليل والنهار بأنوار تظهر من جهة
(1) أ، ب: والأمكنة.
(2) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: فإذا كان الرب هو الأول كالمتقدم على ما سواه. إلخ.
(4) ب:. حركة معينة للشمس أو الفلك ; أ: حركة معينة الشمس أو الفلك.
(5) لفظ الجلالة ليس في (أ) ، (ب) .
(6) وأزمنة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (26)
صـ 173 إلى صـ 178
العرش، وكذلك لهم في الآخرة يوم المزيد يوم الجمعة يعرف بما يظهر فيه من الأنوار الجديدة القوية، وإن كانت الجنة كلها نورا يزهر، ونهرا يطرد (1) لكن يظهر بعض الأوقات نور آخر يتميز به النهار عن الليل (2) .
فالرب تعالى إذا [كان] (3) لم يزل متكلما بمشيئته، فعالا بمشيئته كان مقدار كلامه وفعاله (4) الذي لم يزل هو الوقت الذي يحدث فيه ما يحدث من مفعولاته، وهو سبحانه متقدم على كل ما سواه التقدم الحقيقي المعقول (5) .
ولا نحتاج أن نجيب عن هذا بما ذكره الشهرستاني والرازي وغيرهما: من أن في أنواع التقدمات تقدم أجزاء الزمان على بعض، وأن هذا نوع آخر، وأن تقدم الرب على العالم هو من هذا الجنس.
فإن هذا قد يرد لوجهين:
أحدهما: أن تقدم بعض أجزاء الزمان على بعض هو بالزمان، فإنه
(1) أ، ب: يطرب، وهو خطأ. وسقطت عبارة " ونهرا يطرد " من (م) . ونقل ابن قيم الجوزية في كتابه " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح "، ص [0 - 9] 02، الطبعة الثانية، القاهرة، 1938، عن سنن ابن ماجه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ألا هل مشمر للجنة، فإن الجنة لا حظر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد. " الحديث (وقد رواه المنذري في الترغيب والترهيب 5/475 - 476، القاهرة، 1352/1933) . وفي اللسان: وجدول مطرد: سريع الجرية، والأنهار تطرد أي تجري، وفي حديث الإسراء: وإذا نهران يطردان أي يجريان وهما يفتعلان.
(2) ب: يتميز به الليل والنهار ; أ: يتميز به عن الليل والنهار.
(3) كان: ساقطة في النسخ الأربع، وأضفتها ليستقيم الكلام.
(4) ب: وفعله.
(5) ن، م: هو الوقت الذي يحدث فيه ما يحدث وهو من مفعولاته، متقدم سبحانه على كل ما سواه التقدم الحقيقي المفعول. وسقطت " وهو " من (م) .
*************************
ليس المراد بالتقدم بالزمان أن يكون هناك (1) زمان خارج عن التقدم والمتقدم وصفاتهما، بل المراد أن المتقدم يكون قبل المتأخر (2) القبلية المعقولة كتقدم اليوم على غد، وأمس على اليوم، ومعلوم أن تقدم طلوع الشمس، وما يقارنه من الحوادث على الزوال نوع واحد، فلا فرق بين تقدم نفس الزمان المتقدم على المتأخر، وبين تقدم ما يكون في الزمان المتقدم على ما يكون في الزمان المتأخر.
الوجه الثاني: أن يقال: أجزاء (3) الزمان متصلة متلاحقة ليس فيها فصل (4) عن (5) الزمان، ومن قال: إن الباري لم يزل غير فاعل، ولا يتكلم بمشيئته، ثم صار. [فاعلا. و] متكلما (6) بمشيئته وقدرته يجعل بين هذا وهذا من الفصل (7) ما لا نهاية له، فكيف يجعل هذا بمنزلة تقدم أجزاء الزمان بعضها على بعض (8) ؟ .
وبالجملة فالعلم بأن الفاعل بمشيئته وقدرته، بل الفاعل مع قطع النظر عن كونه إنما يفعل بمشيئته، وقدرته - وإن كان هذا لازما له في نفس الأمر - فالعلم (9) بمجرد كونه فاعلا للشيء المعين يوجب العلم بأنه
(1) هناك ; ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: التقدم يكون قبل التأخر.
(3) ن (فقط) : آخر، وهو تحريف.
(4) ن: فضل، وهو تحريف.
(5) أ، ب: غير.
(6) ن: ثم صار متكلما ; م: ثم صار فاعلا متكلما.
(7) ن: الفضل، وهو تحريف.
(8) ن: إلى بعض.
(9) فالعلم: ساقطة من (ن) ، (م) .
***********************
أبدعه، وأحدثه، وصنعه، (1 ونحو ذلك من معاني العبارات التي تقتضي أن المفعول كان بعد أن لم يكن 1) (1) (2 وأن ما فعله بقدرته وإرادته كان بعد أن لم يكن، وإن قدر دوام كونه فاعلا بقدرته، وإرادته 2) (2) .
فعلم أن إرادته لشيء معين في الأزل [ممتنع] (3) ; لأن إرادة وجوده تقتضي إرادة وجود لوازمه ; لأن وجود الملزوم بدون [وجود] (4) اللازم محال، فتلك الإرادة القديمة لو اقتضت وجود مراد معين في الأزل لاقتضت وجود لوازمه، وما من وجود معين من المرادات إلا. وهو مقارن لشيء آخر (5) من الحوادث كالفلك الذي لا ينفك عن الحوادث، وكذلك العقول والنفوس التي يثبتها هؤلاء الفلاسفة هي لا تزال مقارنة للحوادث، وإن قالوا: إن الحوادث معلولة لها، فإنها ملازمة مقارنة لها على كل تقدير.
وذلك أن الحوادث مشهودة في العالم، فإما أن تكون لم تزل مقارنة للعالم، أو تكون حادثة فيه بعد أن لم تكن، فإن لم تزل مقارنة له ثبت أن العالم لم يزل مقارنا للحوادث، وإن قيل: إنها حادثة فيه بعد أن لم تكن كان العالم خاليا عن الحوادث، ثم حدثت فيه، وذلك يقتضي حدوث الحوادث بلا سبب حادث، وهذا ممتنع على ما تقدم، وكما سلموه هم.
(1) (1 - 1) : الكلام الذي يقابل هذا السطر في نسخة: ن (فقط) (ص 16) ناقص ومضطرب.
(2) (2 - 2) بدلا من هذه العبارة جاء في أ، ب: وأن (ب: وأنه) فعله بقدرته وإرادته.
(3) ممتنع: ساقطة من (ن) فقط.
(4) وجود: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) آخر: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
******************************
فإن (1) قيل: إن هذا جائز أمكن (2) وجود العالم بما فيه من الحوادث مع القول بأن الحوادث حدثت بعد أن لم تكن حادثة أعني نوع الحوادث، وإلا فكل حادث معين فهو حادث بعد أن لم يكن.
[الأقوال الثلاثة في دوام أنواع الحوادث أزلا وأبدا]
وإنما النزاع في نوع الحوادث هل يمكن دوامها في المستقبل والماضي، أو في المستقبل فقط، أو لا يمكن دوامها لا في الماضي ولا في المستقبل (3) على ثلاثة أقوال معروفة عند أهل (4) النظر من المسلمين وغيرهم أضعفها قول من يقول: لا يمكن دوامها لا في الماضي، ولا في المستقبل كقول جهم بن صفوان (5) ، وأبي الهذيل العلاف، وثانيها قول من يقول: يمكن دوامها في المستقبل دون الماضي كقول كثير من أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من الكرامية والأشعرية والشيعة، ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم، والقول الثالث قول من يقول: [يمكن] (6) دوامها في الماضي والمستقبل. كما يقوله أئمة أهل الحديث وأئمة الفلاسفة وغيرهم.
لكن القائلون بقدم الأفلاك كأرسطو، وشيعته يقولون. بدوام حوادث الفلك، وأنه ما من دورة إلا وهي (7) مسبوقة بأخرى لا إلى أول وأن الله
(1) ن، م: وإن.
(2) ن، م: لكن.
(3) أ، ب: أو في الماضي فقط، وهو خطأ.
(4) ن، م: لأهل.
(5) ن، م: كقول الجهم.
(6) يمكن: ساقطة من (ن) فقط.
(7) وهي: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
****************************
لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، [بل حقيقة قولهم: إن الله لم يخلق شيئا، كما بين في موضع آخر] (1) ، وهذا كفر باتفاق أهل الملل: المسلمين، واليهود والنصارى.
وهؤلاء القائلون بقدمها يقولون. بأزلية الحوادث في الممكنات، وأما الذين يقولون: إن الله خالق كل شيء، [وربه، ومليكه] (2) ، وما سواه مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن، فهم يفرقون بين الخالق الواجب، والمخلوق الممكن في دوام الحوادث وهذا قول أئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة [القدماء] (3) ، فهم وإن قالوا: إن الرب لم يزل متكلما إذا شاء، ولم (4) يزل حيا فعالا فإنهم يقولون: إن ما سواه مخلوق حادث بعد أن لم يكن.
والمقصود هنا أن الفلاسفة القائلين بقدم العالم إن جوزوا حدوث الحوادث بلا سبب حادث بطلت عمدتهم في قدم العالم، وإن منعوا ذلك امتنع خلو العالم عن الحوادث، وهم [لا] يسلمون (5) أنه لم يخل من الحوادث.
وإذا كان [كل] (6) موجود معين من مرادات الله التي يخلقها، فإنه مقارن (7)
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) وربه ومليكه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: وهذا قول أئمة الفلاسفة القدماء وأئمة الملل.
(4) أ، ب: أو لم.
(5) ن، م، أ: وهم يسلمون.
(6) كل: ساقطة من (ن) فقط.
(7) ن (فقط) : مفارق.
******************************
للحوادث مستلزم لها امتنع إرادته دون إرادة لوازمه التي لا ينفك عنها، والله رب كل شيء، وخالقه لا رب غيره، فيمتنع أن يكون بعض ذلك بإرادته، وبعضه بإرادة غيره، بل الجميع بإرادته.
وحينئذ فالإرادة الأزلية القديمة (1) إما أن تكون مستلزمة لمقارنة مرادها لها، وإما أن لا تكون كذلك، فإن كان الأول لزم أن يكون المراد ولوازمه قديما أزليا، والحوادث لازمة لكل مراد مصنوع، فيجب أن تكون مرادة له، وأن تكون قديمة أزلية (2) ، إذ التقدير أن المراد مقارن للإرادة، فيلزم أن تكون جميع الحوادث المتعاقبة قديمة أزلية، وهذا ممتنع لذاته.
[اعتراض يشبه قول ابن ملكا والرد عليه]
وإن قيل: إنه أراد القديم بإرادة قديمة، وأراد الحوادث المتعاقبة عليه (3) بإرادات متعاقبة، كما قد يقوله طائفة من الفلاسفة، وهو يشبه قول صاحب المعتبر (4) .
(1) أ، ب: القديمة الأزلية.
(2) أ، ب: فيجب أن يكون مراده وإن تكرر قديما أزليا (أ: قديمة أزلية) ، والصواب ما أثبتناه، وهو الذي في (ن) ، (م) . وتقدير الكلام: فيجب أن تكون هذه الحوادث مرادة وأن تكون في نفس الوقت قديمة أزلية.
(3) ن، م: عليها.
(4) وهو أبو البركات هبة الله بن ملكا صاحب كتاب " المعتبر في الحكمة " اختلف في اسمه فسماه بعض المؤرخين: هبة الله بن علي، وقال بعضهم: ابن ملكا، وقال آخرون: ابن ملكان، كما اختلفوا في سنة وفاته فجعلها بعضهم 547، وقال آخرون: إنها 560 أو 570، وهو طبيب وفيلسوف كان يهوديا وأسلم، يعرف بأوحد الزمان وبفيلسوف العراقين. طبع كتابه " المعتبر " في حيدر آباد سنة 1357. انظر ترجمته والكلام عن كتابه في: آخر الجزء الثالث من كتابه " المعتبر " ص [0 - 9] 30 - 252 ; طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة (ط. بيروت) 2/296 - 300 ; أخبار الحكماء لابن القفطي، ص [0 - 9] 43 - 346 ; تاريخ حكماء الإسلام لظهير الدين البيهقي، ص 152 - 154 ; نكت الهميان للصفدي، ص 304 ; وفيات الأعيان 5/124، 125 ; الأعلام 9/63.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (27)
صـ 179 إلى صـ 185
قيل: أولا: كون الشيء مرادا يستلزم حدوثه، بل وتصور كونه مفعولا يستلزم حدوثه، فإن مقارنة المفعول المعين لفاعله ممتنع في بداية (1) العقول.
وقيل: ثانيا: إن (2) جاز أن يكون له إرادات متعاقبة دائمة النوع لم يمتنع أن يكون كل ما سواه حادثا بتلك الإرادات، فالقول حينئذ بقدم شيء من العالم قول بلا حجة أصلا.
وقيل: ثالثا: إن (3) الفاعل الذي من شأنه أن يفعل شيئا بعد شيء بإرادات متعاقبة يمتنع قدم شيء معين من إراداته (4) ، وأفعاله، وحينئذ فيمتنع قدم شيء من مفعولاته، فيمتنع قدم شيء من العالم.
وقيل: رابعا: إذا قدر أنه في الأزل كان مريدا لذلك المعين - كالفلك - إرادة مقارنة للمراد [لزم أن يكون مريدا للوازمه إرادة مقارنة للمراد] (5) ، فإن وجود الملزوم بدون اللازم محال، واللازم له نوع الحوادث، وإرادة النوع إرادة مقارنة (6 له في الأزل محال لامتناع وجود النوع كله في الأزل.
[قول الكلابية]
وإذا قيل: اللازم له دوام 6) (6) الحوادث (7) ، فيكون مستلزما لدوام الإرادة لتلك الحوادث.
(1) أ، ب: بداهة.
(2) ن، م: إذا. .
(3) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(4) ن، م: إرادته.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(6) (6 - 6) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) ن: الحادث ; ب: للحوادث، والصواب ما أثبتناه.
****************************
قيل: معلوم أن إرادة هذا الحادث ليست إرادة هذا الحادث، وإن جوزوا هذا لزمهم أن يجوزوا وجود جميع الكائنات بإرادة واحدة قديمة [أزلية] (1) ، كما يقوله من يقوله من المتكلمين كابن كلاب وأتباعه، وحينئذ يبطل قولهم.
وإذا كان كذلك، فالمعلول المعين القديم إذا قدر كان [مرادا] (2) بإرادة قديمة أزلية باقية، ولم يقترن بها إرادة (3) شيء من الحوادث ; لأن (4) الحادث لا يكون قديما، ونوع الإرادات والحوادث ليس فيه شيء بعينه قديم لكن قد يقال: يقترن بها النوع الدائم (5) لكن هذا ممتنع من وجوه قد ذكر بعضها.
[قول الأشعرية والكرامية وموافقيهم]
وإن قيل: إن الإرادة القديمة الأزلية [ليست] (6) مستلزمة لمقارنة مرادها لها لم يجب أن يكون المراد قديما أزليا، ولا يجوز أن يكون حادثا ; لأن حدوثه بعد أن لم يكن يفتقر إلى سبب حادث كما تقدم.
وإن (7) جاز أن يقال: [إن] (8) الحوادث تحدث بالإرادة القديمة الأزلية من غير تجدد أمر من الأمور - كما يقول ذلك كثير من أهل الكلام
(1) أزلية: زيادة في (م) .
(2) مرادا: ساقطة من (ن) فقط.
(3) إرادة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: أن.
(5) أ: القائم، ب: القديم.
(6) ليست: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن: فإن.
(8) إن: ساقطة من (ن) ، (م) .
*************************
من الأشعرية، والكرامية، [وغيرهم] (1) ، ومن وافقهم من أتباع الأئمة أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم - كان هذا مبطلا لحجة هؤلاء الفلاسفة على قدم العالم.
فإن أصل حجتهم أن الحوادث لا تحدث إلا بسبب حادث، فإذا جوزوا حدوثها (2) عن القادر المختار بلا سبب حادث، أو جوزوا حدوثها بالإرادة القديمة الأزلية بطلت عمدتهم، وهم لا يجوزون (3) ذلك.
وأصل هذا الدليل أنه لو كان شيء من العالم قديما للزم أن يكون صدر عن مؤثر تام سواء سمي علة تامة، أو موجبا بالذات، أو قيل: إنه قادر مختار، واختياره أزلي مقارن لمراده في الأزل (4) ، ويمتنع (5) أن يكون في الأزل، ويمتنع أن يكون في الأزل قادر مختار يقارنه مراده سواء سمي ذلك علة تامة، أو لم يسم، وسواء سمي موجبا بالذات، [أو لم يسم] (6) ، بل يمتنع أن يكون شيء من المفعولات [المعينة] (7) العقلية مقارنا لفاعله الأزلي في الزمان، وامتناع هذا معلوم بصريح العقل عند جماهير العقلاء من الأولين والآخرين، ويمتنع أن يكون في الأزل علة تامة، أو موجب بالذات سواء (8) سمي قادرا مختارا، أو لم يسم.
(1) وغيرهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: إحداثها.
(3) أ، ب: ولا يجوزون.
(4) في الأزل: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(5) ن، م: فيمتنع.
(6) أو لم يسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) المعينة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) سواء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
********************
وسر ذلك: أن ما كان كذلك لزم أن يقارنه أثره المسمى معلولا. أو مرادا، أو موجبا بالذات، أو مبدعا، أو غير ذلك من الأسماء لكن مقارنة ذلك له في الأزل تقتضي أن لا يحدث عنه شيء بعد أن لم يكن حادثا، ولو لم يكن كذلك لم يكن للحوادث فاعل، بل كانت حادثة بنفسها، وهذا ممتنع بنفسه، فإثبات موجب بالذات أو فاعل مختار يقارنه مراده في الأزل يستلزم أن لا يكون للحوادث. (1) فاعل، وهذا محال.
[قول ابن سينا]
لا سيما قول من يقول: إن العالم صدر عن ذات بسيطة لا يقوم بها صفة ولا فعل، كما يقوله ابن سينا، وأمثاله، فإن هؤلاء يقولون بصدور الأمور المختلفة عن ذات بسيطة، وإن العلة البسيطة التامة الأزلية توجب معلولات مختلفة، وهذا من أعظم الأقوال امتناعا في صريح المعقول.
ومهما أثبتوه من الوسائط كالعقول وغيرها، فإنه لا يخلصهم من هذا القول الباطل.
فإن تلك الوسائط -[كالعقول]- (2) صدرت عن غيرها، وصدر عنها غيرها.
فإن كانت بسيطة من كل وجه، فقد صدر المختلف الحادث (3) عن البسيط الأزلي، وإن كان فيها (4) اختلاف، أو قام بها حادث، فقد صدرت أيضا (5) المختلفات والحوادث عن البسيط التام [الأزلي] (6) ،
(1) ن: في الحوادث.
(2) كالعقول: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: فقد صدر البسيط المختلف الحادث.
(4) ن: بها ; م: فيهما.
(5) أيضا: زيادة في (ن) فقط.
(6) الأزلي: ساقطة من (ن) ، فقط.
***********************
وكلاهما باطل، فهم مع القول (1) بأن مبدع العالم علة له أبعد الناس عن مراعاة موجب التعليل.
وهؤلاء يقولون. [أيضا] (2) : إنه علة تامة أزلية لبعض العالم كالأفلاك مثلا. وليس علة تامة في الأزل لشيء من الحوادث، بل لا يصير علة تامة لشيء من الحوادث إلا عند حدوثه، فيصير علة بعد أن لم يكن علة (3) مع أن حاله قبل [ومع] (4) ، وبعد حال. (5) واحدة، فاختصاص كل وقت بحوادثه، وبكونه صار علة تامة فيه لتلك الحوادث لا بد له من مخصص، ولا مخصص إلا الذات البسيطة، وحالها في نفسها. [واحد أزلا وأبدا، فكيف يتصور أن يخص بعض الأوقات بحوادث مخصوصة دون بعض مع تماثل أحوالها في نفسها؟] (6) .
وهذا بعينه تخصيص (7) لكل حال من الأحوال الحادثة (8) المتماثلة (9) عن سائر أمثاله بذلك الإحداث، وبتلك المحدثات من غير مخصص يختص به ذلك المثل، فقد وقع هؤلاء في أضعاف ما فروا منه وأضعاف أضعافه إلى ما لا يتناهى.
(1) ن، م: فهم مع القول الأول. إلخ.
(2) أيضا: ساقطة من (ن) ، وفي (م) : أيضا يقولون.
(3) علة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ومع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن: حالة.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(7) م: مخصص.
(8) الحادثة: في (ن) فقط.
(9) ن، م: المماثلة.
****************************** *
وإذا قيل: حدوث الحادث الأول أعد الذات لحدوث الثاني. .
قيل لهم: فالذات نفسها هي علة الجميع، ونسبتها إلى الجميع نسبة واحدة، فما الموجب لكونها جعلت ذلك يعدها لهذا دون العكس مع أنه لم يقم بها شيء يوجب التخصيص.؟ .وأيضا: فكيف تصير هي فاعلة (1) لهذا الحادث بعد أن لم تكن فاعلة له (2) من غير أمر يقوم بها؟ .
وأيضا: فكيف يكون معلولها يجعلها فاعلة بعد أن لم تكن فاعلة بدون فعل يقوم بها؟ .
وإذا قالوا: أفعالها تختلف، وتحدث لاختلاف القوابل والشرائط وحدوث ذلك الاستعداد، [و] سبب (3) ذلك الحدوث هو الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية.قيل لهم: هذا إن كان ممكنا، فإنما يمكن فيما يكون فيه فاعل الإعداد غير فاعل الإمداد كالشمس التي يفيض نورها وحرارتها على العالم، ويختلف فعلها، ويتأخر كمال تأثيرها عن شروقها لاختلاف القوابل وحدوثها، والقوابل ليست من فعل الشمس.
وكذلك ما يدعونه من العقل الفعال الذي يختلف فيضه في هذا العالم باختلاف قوابله، فإن القوابل اختلفت باختلاف حركات الأفلاك، وليست حركات كل الأفلاك عن العقل الفياض.
(1) ن: تصير علة ; م: تصير هي علة.
(2) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: ذلك الاستعداد سبب. إلخ.
************************
فأما الذات: التي منها الإعداد، ومنها الإمداد، ومنها الفيض، ومنها القبول، وهي الفاعلة للقابل والمقبول والشرط والمشروط، فلا يتصور أن يقال: إنما اختلف فعلها أو فيضها أو إيجابها، [وتأخر] (1) لاختلاف القوابل والشروط، أو لتأخر ذلك، فإنه يقال: القول (2) في اختلاف القوابل والشروط وتأخرها كالقول في اختلاف [المقبول] (3) ، والمشروط وتأخر ذلك، فليس هناك سبب وجودي يقتضي ذلك إلا مجرد الذات التي هي عندهم بسيطة، وهي [عندهم] (4) علة تامة أزلية، فهل هذا القول إلا من أفسد الأقوال في صريح المعقول؟ .
وإن قالوا: السبب في ذلك أنه لم يكن إلا هذا، وأن الممكنات لا تقبل إلا هذا.
قيل: الممكنات قبل وجودها ليس لها حقيقة موجودة تجعل هي السبب في تخصيص أحد الموجودين بالوجود دون الآخر، ولكن بعد وجودها يعقل كون الممكن شرطا لغيره ومانعا لغيره كوجود (5) أحد الضدين فإنه مانع من الآخر [دون غيره] (6) ، ووجود اللازم، فإنه شرط في وجود الملزوم أي لا بد من وجوده مع وجوده سواء وجدا معا، أو سبق أحدهما الآخر.
(1) وتأخر: ساقطة من (ن) فقط.
(2) ن، م، أ: فإنه يقال والقول.
(3) المقبول: ساقطة من (أ) فقط.
(4) عندهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: لوجود.
(6) دون غيره: ساقطة من (ن) ، (م) .
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (28)
صـ 186 إلى صـ 192
وإنما يقدر وجود شيء من الممكنات، فكيف يعقل أن أحد الممكنين الجائزين اللذين لم يوجد واحد منهما هو الذي أوجب في الذات البسيطة أن يوجد هذا دون هذا ويجعل هذا قديما دون هذا مع أنها واحدة بسيطة نسبتها إلى جميع الممكنات نسبة واحدة.
وإذا قيل: ماهية الممكن أوجبت ذلك دون وجوده.
قيل: الجواب من وجهين:
أحدهما: أن الماهية المجردة عن الوجود إنما تعقل في العلم الذي يعبر عنه بالوجود الذهني دون الوجود الخارجي، والعلم تابع للمعلوم، فإن لم يكن من الذات الفاعلة سبب (* يقتضي تخصيص ماهية دون ماهية بالوجود، بل كانت بسيطة لا اختصاص لها بشيء من الماهيات لم يعقل *) (1) اختصاص إحدى الماهيتين بالوجود دون الأخرى، ومعلوم أن الفاعل إذا تصور ما يريد فعله قبل أن يفعله، فلا بد من أن يكون فيما يراد. (2) فعله سبب يوجب تخصيصه بالإرادة، والعبد لإرادته أسباب خارجة عنه (3) توجب التخصيص، وأما الرب تعالى، فلا يخرج عنه إلا ما هو منه، وهو مفعوله، فإن لم يكن في ذاته ما يوجب التخصيص امتنع التخصيص منه، فامتنع الفعل.
الثاني: أن يقال: هب أن ماهية الممكن ثابتة في الخارج لكن القول في (4) تخصيص تلك الماهيات المقارنة لوجودها بالوجود دون
(1) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: يريد.
(3) عنه: ساقطة من (ب) فقط.
(4) القول في: ساقطة من (أ) ، (ب) .
***************************
بعض، كالقول في تخصيص وجودها إذ (1) كان كل ما يقدر وجوده فماهيته مقارنة له.
وإن قيل: إن الماهيات أمر محقق في الخارج غني عن الفاعل، فهذا تصريح بأنها واجبة بنفسها مشاركة للرب في إبداع (2) الوجود، وهذا باطل، وهذا يتوجه على القول بأن المعدوم ليس بشيء، وهو الصواب، [و] على قول (3) من قال: إنه شيء في الخارج أيضا.
[البرهنة على صحة هذا الدليل من وجوه شتى]
(فصل) (4)
ثم إنه يمكن تحرير (5) هذا الدليل بطريق التقسيم على كل تقدير تقوله طائفة من طوائف المسلمين.
مثل أن يقال (6) : [إن] (7) الحوادث إما أن يمتنع دوامها، ويجب أن يكون لها ابتداء، وإما أن لا يمتنع دوامها، بل يجوز حوادث لا أول لها.
فإن كان الأول: لزم وجود الحوادث عن القديم الواجب الوجود بنفسه من غير حدوث شيء من الأشياء، كما يقول ذلك كثير من أهل الكلام
(1) ب (فقط) : إن.
(2) أ، ب: الإبداع.
(3) ن (فقط) : وهو الصواب على قول.
(4) فصل: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: تجويز.
(6) في جميع النسخ: يقول. ولعل الصواب ما أثبته.
(7) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
**************************
سواء قالوا (1) : إنها تصدر عن القادر (2) المختار، ولم يثبتوا له إرادة قديمة، كما تقوله المعتزلة والجهمية، أو قالوا: إنها تصدر عن القادر المختار المريد بإرادة قديمة أزلية، كما تقوله الكلابية والأشعرية والكرامية.
وعلى هذا القول فيمتنع قدم شيء من العالم، (3 فإنه ما من شيء من العالم 3) (3) إلا. وهو مقرون بالحوادث لم يسبقها سواء جعل كل (4) ذلك جسما، أو قيل: إن هناك عقولا ونفوسا ليست أجساما، فإنه لا ريب أنها مقارنة للحوادث، فإنها (* فاعلة (5) مستلزمة لها، فإذا امتنع وجود حوادث لا أول لها امتنع أن يكون للحوادث *) (6) علة مستلزمة لها سواء كانت ممكنة أو واجبة، وعلى هذا التقدير فالإرادة القديمة لا تستلزم وجود المراد معها لكن يجب وجود المراد في الوقت المتأخر عن الإرادة.
وإن قيل: إنه يمكن دوام الحوادث، وأن لا يكون لها ابتداء.
فيقال: على هذا التقدير يمتنع أن يكون شيء من العالم قديما أزليا لا الأفلاك ولا العقول ولا النفوس ولا المواد (7) العنصرية ولا الجواهر المفردة (8) ، ولا غير ذلك ; لأن كل ما كان قديما من العالم أزليا، فلا بد أن
(1) ن، م: قال.
(2) في (أ) الفاعل. وكتب في الهامش: " والأصل: القادر ".
(3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) كل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) م: علة.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) ن: المراد، وهو تحريف.
(8) أ: المنفردة، ب: الفردة.
************************
يكون فاعله موجبا له بالذات سواء سمي علة تامة، أو مرجحا تاما، أو سمي قادرا مختارا.
لكن وجود الموجب بالذات. [في الأزل] (1) محال ; لأنه يستلزم أن يكون موجبه ومقتضاه أزليا، وهذا ممتنع لوجوه:
منها: أن المفعول المعين [للفاعل] (2) يمتنع أن يكون مقارنا له في الزمان أزليا معه، لا سيما إذا اعتبر مع ذلك أن يكون فاعلا بإرادته وقدرته، فإن مقارنة مقدوره المعين له بحيث يكون أزليا معه محال، بل هذا [محال] (3) ممتنع فيما يقدر قائما به، فإنه يمتنع كونه (4) مرادا أزليا، فلأن يكون ممتنعا فيما هو منفصل عنه بطريق الأولى.
ومنها: أنه إذا قدر علة تامة موجبا بذاته لزم أن يقارنه معلوله مطلقا، فيكون كل شيء من العالم أزليا، وهذا محال خلاف المشاهدة وإجماع العقلاء.
[القول بأن بعض العالم أزلي وبعضه ليس بأزلي يقتضي بطلان قولهم من وجوه]
وإذا قيل: إن بعض العالم أزلي كالأفلاك ونوع الحركات، وبعضه ليس بأزلي كآحاد الأشخاص، والحركات.
قيل: هذا يقتضي بطلان قولهم من وجوه:
أحدها: أنه إذا جاز كونه فاعلا للحوادث شيئا بعد شيء أمكن أن يكون كل ما سواه حادثا، فالقول بقدم شيء معين من العالم قول بلا حجة.
(1) في الأزل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) للفاعل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) محال: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن، م: قائما به يمتنع أن يكون.
****************************
الثاني: أن كونه محدثا للحوادث شيئا بعد شيء بدون قيام سبب به يوجب الإحداث ممتنع، فإن الذات إذا كان حالها قبل هذا، وبعد هذا، ومع هذا. (1) واحدة امتنع أن تخص هذا بالإحداث دون هذا، بل امتنع أن تحدث شيئا.
الثالث: [أنه] (2) إن (3) جوز أن تحدث شيئا بدون سبب يقوم بها جاز أن يكون لجميع الحوادث ابتداء، فلا يكون في العالم شيء قديم، وإن لم يجوز ذلك (4) بطل قولهم بأنها تحدث الحوادث بدون سبب يقوم بها.
الرابع: أن إحداث الحوادث إن لم يجز بدون سبب يقوم بها بطل قولهم، وإن (5) افتقر إلى سبب يقوم بها لزم أن يقوم بها تلك الأمور دائما شيئا بعد شيء، فلا تكون فاعلة قط إلا مع قيام ذلك بها، فيمتنع أن يكون لها مفعول معين أزلا وأبدا ; لأن صدور ذلك عن ذات تفعل ما يقوم بها شيئا بعد شيء ممتنع ; لأن ما تفعل بهذه الواسطة لا يكون فعلها إلا شيئا بعد شيء، فيمتنع أن يكون لها فعل معين لازم لها، وإذا امتنع ذلك امتنع أن يكون لها مفعول معين لازم لها.
الخامس: أنه إذا قدر أن شيئا من معلولاتها لازم لها أزلا وأبدا لم يكن ذلك إلا لكون الذات علة تامة موجبة له، ومعلوم أن المعين
(1) أ، ب، م: أو بعد هذا أو مع هذا.
(2) أنه: ساقطة من (ن) .
(3) أ، ب: إذا.
(4) أ، ب: إن لم يجوزوا ذلك.
(5) ن، م: فإن.
************************
مخصوص بقدر وصفة وحال (1) ، وهذا التخصيص الذي فيه يستلزم أن يكون الاختصاص في علته، وإلا فالعلة التي لا اختصاص لها لا توجب ما هو مختص بقدر وحال وصفة.
ومعلوم أنه إذا قدر أن الفاعل هو الذات المجردة عن الأحوال المتعاقبة عليها سواء قيل: إنه لا يقوم بها الأحوال، أو قيل: إنها تقوم بها لكن على التقديرين (2) لا تكون موجبة لشيء قديم أزلي إلا لمجرد الذات المجردة عن الأحوال المتعاقبة ; لأن الأحوال المتعاقبة آحادها موجودة شيئا بعد شيء، فيمتنع أن تكون موجبة (3) لشيء قديم أزلي، فإن الموجب القديم المعين الأزلي أولى أن يكون قديما أزليا معينا، والأحوال المتعاقبة ليس منها (4) شيء قديم معين (5) أزلي، فيمتنع أن يكون الموجب المشروط بها قديما أزليا.
فإذا قدر أنه قديم أزلي لم يكن ذلك إلا بتقدير أن تكون الذات المجردة هي الموجبة والذات المجردة ليس فيها اختصاص يوجب تخصيص الفلك دون غيره بكونه معلولا بخلاف ما إذا قيل: إنه حدث بعد أن لم يكن لأسباب أوجبت الحدوث، والتخصيص، فإن هذا السؤال يندفع، وهذا دليل مستقل في المسألة، ولم يتقدم بعد ذكره في هذا الكتاب.
(1) أ، ب: وحالة.
(2) أ، ن، م: على التقدير. والمثبت من (ب) .
(3) ن (فقط) : فيمتنع أن تكون قديمة موجبة.
(4) أ، ب: فيها.
(5) ن، م: معين قديم.
***********************
السادس: أنه إذا كانت الأحوال لازمة لها كان بتقدير فعلها بدون الأحوال تقديرا ممتنعا، وحينئذ فالذات المستلزمة للأحوال المتعاقبة لا تفعل بدونها، وإذا كان الفاعل لا يفعل إلا بأحوال متعاقبة امتنع قدم شيء من مفعولاته ; لأن القديم يقتضي علة تامة أزلية، وما يستلزم الأحوال المتعاقبة لا يكون اقتضاؤه في الأزل لشيء معين تاما أزليا، بل إنما يتم اقتضاؤه لكل مفعول عند وجود الأحوال التي بها يصير فاعلا.
السابع: أنه إن جاز أن يقوم بالفاعل الأحوال المتعاقبة جاز، بل وجب حدوث كل ما سواه، وإن لم يجز ذلك، فإما أن يقال: يمتنع حدوث شيء، ومعلوم وجود الحوادث، وإما أن يقال: بل تحدث بلا سبب حادث في الفاعل، وحينئذ فيلزم جواز حدوث كل ما سوى الله تعالى، فإنه إذا جاز أن يحدث الحوادث دائما بلا سبب يقتضي حدوثها، فلأن تحدث جميعها بلا سبب يقتضي حدوثها أولى، فإن هذا أقل محذورا، فإذا جاز الحدوث مع المحذور الأعظم، فمع الأخف أولى.
وأيضا، فالأول إن كان مستلزما لتلك الحوادث كان الجميع قديما، وهو ممتنع كما تقدم (1) ، وإن لم يكن مستلزما لتلك الحوادث كانت حادثة بعد أن لم تكن، فيلزم حدوث الحوادث بدون سبب حادث، [وإن كان مستلزما لنوعها دون الآحاد، فقد عرف بطلان ذلك من وجوه] (2) ، ولو (3) جاز حدوث الحوادث بدون سبب حادث لجاز حدوث العالم،
(1) أ: تقدر ; ب: تقرر.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: إذا.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (29)
صـ 193 إلى صـ 199
وإذا جاز حدوث العالم امتنع قدمه ; لأنه [لا] (1) يكون قديما إلا لقدم العلة الموجبة له.
وإذا قدر أن ثم علة موجبة [له] (2) ، فإنه يجب القدم، ويمتنع الحدوث، وإذا جاز حدوثه امتنع قدمه، فكذلك إذا جاز قدمه امتنع حدوثه، فإنه لا يجوز قدمه إلا لقدم موجبه، ومع ذلك يمتنع حدوثه، فكما أن الممكن الذهني الذي يقبل الوجود والعدم إذا حصل المقتضى التام. وجب وجوده، وإلا وجب عدمه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وليس في الخارج إلا ما وجب وجوده بنفسه أو بغيره، أو ما امتنع وجوده بنفسه أو بغيره، فكذلك (3) القول في قدم الممكن وحدوثه: ليس في الخارج إلا ما يجب قدمه، أو يمتنع قدمه، فإذا حصل موجب قدمه بنفسه أو بغيره، وإلا امتنع قدمه، ولزم إما دوام عدمه، وإما حدوثه، فمع القول بجواز حدوثه يمتنع قدم العلة الموجبة له، فيمتنع قدمه، فلا يمكن أن يقال: إنه يجوز حدوثه مع إمكان أن يكون قديما، بل (4) إذا ثبت جواز حدوثه ثبت امتناع قدمه.
ولهذا كان كل من جوز حدوث الحوادث (5) بدون سبب حادث يقول بحدوثه، ومن قال بقدمه لم يقل أحد منهم بجواز حدوث الحوادث بدون سبب حادث - وإن كان هذا القول مما يخطر بالبال تقديره بأن
(1) لا: ساقطة من (ن) فقط.
(2) له: ساقطة من (ن) فقط.
(3) ن، م: وكذلك.
(4) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: الحادث.
***************************
يقال: يمكن حدوث الحوادث بلا سبب حادث ; لأن [الفاعل] القادر المختار (1) يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، ويمكن مع ذلك قدم العالم بأن يكون المختار رجح قدمه بلا مرجح - فإن هذا القول لظهور بطلانه لم يقله أحد من العقلاء فيما نعلم ; لأنه مبني على مقدمتين كل منهما باطلة في نظر (2) العقول - وإن كان من العقلاء من التزم بعضهما (3) ، فلا يعرف من التزمهما معا (4) .
إحداهما: كون الفاعل المختار يرجح بلا سبب، فإن أكثر العقلاء يقولون: إن فساد هذا معلوم بالضرورة، أو [هو] (5) قطعي غير ضروري.
والثانية: كون القادر المختار يكون فعله مقارنا له لا يحدث شيئا بعد شيء، فإن هذا أيضا مما يقول العقلاء، - أو جمهورهم -: إن فساده معلوم بالضرورة، أو قطعا، بل جمهور العقلاء يقولون: إن مفعول الفاعل لا يكون مقارنا له أبدا.
[موضع الارتباط بين الاستطراد في مسألة قدم العالم وبين الكلام في مشكلة القدر]
ثم من النظار من قال بإحدى المقدمتين دون الأخرى، فالقدرية وبعض الجهمية يقولون بالأولى، وبعض الجبرية يقولون بالأولى في حق الرب دون العبد، وأما الثانية فلم يقل بها إلا من جعل الفاعل مريدا، أو جعل (6) بعض العالم قديما كأبي البركات ونحوه.
(1) ن، م: لأن القادر المختار ; أ، ب: لأن الفاعل المختار.
(2) أ: ظن ; ب: ظاهر.
(3) ن، م، أ: بعضها. والصواب ما في (ب) .
(4) أ: فلم يعرف من التزمها جميعا ; ب: فلم يعرف من التزمهما جميعا ; م: فلم يعرف من التزمهما مع.
(5) هو: ليست في (ن) ، (م) .
(6) ن، م: وجعل.
****************************** **
[. وأما القائلون بقدم شيء من العالم، فلا يقولون: بأن الفاعل مريد] (1) ، وهؤلاء (2) قولهم أفسد من قول أبي البركات وأمثاله، فإن كون (3) المفعول المعين لم يزل مقارنا لفاعله هو مما يقول جمهور العقلاء إنه معلوم الفساد بالضرورة، فإذا قيل: مع ذلك إن الفاعل غير مريد كان زيادة ضلال، ولم يكن هذا مما يقوي قولهم، بل نفس كون الفاعل فاعلا لمفعوله المعين يمنع مقارنته له، وما يذكرونه من حركة الخاتم مع اليد، وحركة الشعاع مع الشمس (4) ، وأمثال ذلك ليس فيه أن المفعول قارن فاعله، وإنما قارن شرطه، وليس في العالم فاعل لم يزل مفعوله مقارنا له.
وأما سائر القائلين بقدم شيء من العالم، فلا يقولون.
بأن الفاعل مريد.ثم كل من الطائفتين من أعظم الناس إنكارا لمقدمة القدرية، وهو أن الفاعل المختار يرجح بلا مرجح حادث، ومتى جوزوا ذلك بطل قولهم بقدم شيء من العالم، فإن أصل قولهم إنما هو أن الفاعل يمتنع أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن لامتناع حدوث الحوادث بلا سبب، فيمتنع أن يكون معطلا.
ثم يصير فاعلا. بل إذا قدر أنه كان معطلا لزم دوام تعطيله،
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: فهؤلاء.
(3) ن، م: فكون.
(4) ن، م: من حركة اليد وحركة الخاتم والشعاع مع الشمس.
****************************** **
(1 فإذا قدر أنه فاعل لزم دوام فعله، وعندهم يمتنع ما قاله أولئك المتكلمون من جواز تعطيله 1) (1) ، ثم فعله، (2 فمتى جوزوا أن يكون معطلا لم يفعل لم يمكنهم نفي 2) (2) ما قاله أولئك، ولا القول بقدم شيء من العالم.
لكن غاية من جوز هذا أن يصير شاكا يقول: هذا ممكن، وهذا ممكن، ولا أدري أيهما الواقع، وحينئذ فيمكن أن يعلم أحدهما بالسمع، ومعلوم أن الرسل صلوات الله عليهم أخبرت بأن الله خالق كل شيء، وأنه خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستة أيام، فمن قدر أن عقله جوز الأمرين، فبقي (3) شاكا أمكنه أن يعلم، وقوع أحد الجائزين بالسمع.
والعلم بصدق الرسول ليس موقوفا على العلم بحدوث العالم، وهذه طريقة صحيحة لمن سلكها، فإن المقدمات الدقيقة [الصحيحة] (4) العقلية قد لا تظهر لكل أحد، والله تعالى قد وسع طريق (5) الهدى لعباده، فيعلم أحد المستدلين المطلوب بدليل، ويعلمه الآخر بدليل آخر، ومن علم صحة الدليلين [معا] (6) كان كل منهما يدله على المطلوب، وكان
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) (2 - 2) : هذه العبارة في (ن) ، (م) محرفة.
(3) ن، م: فيهن، وهو تحريف.
(4) الصحيحة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب، م: طرق.
(6) معا: ساقطة من (ن) ، (م) .
***************************
اجتماع الأدلة يوجب قوة العلم، وكل منهما يخلف الآخر إذا عزب (1) الآخر عن الذهن.
[دليل آخر على بطلان القول بقدم العالم]
ولكن مع كون أحد من العقلاء لم يعلم أنه قال: هذا، ومع كون نقيضه [مما] (2) يعلم بالسمع، فنحن نذكر دلالة العقل على فساده أيضا، فنقول:
كما أنه ما يثبت قدمه امتنع عدمه، فما جاز عدمه امتنع قدمه، فإنه لو كان قديما لامتنع عدمه، والتقدير أنه جائز العدم، فيمتنع قدمه، وما جاز حدوثه لم يمتنع عدمه، بل جاز عدمه، وقد تقدم أن ما جاز عدمه امتنع قدمه ; لأنه لو كان قديما لم يجز عدمه، بل امتنع عدمه.
وتلك المقدمة متفق عليها بين النظار متكلمهم، ومتفلسفهم وغيرهم، وبيان صحتها: أن ما يثبت قدمه، فإما أن يكون قديما بنفسه، أو بغيره، فالقديم بنفسه واجب بنفسه، والقديم بغيره واجب بغيره، ولهذا كان كل من قال: إن العالم أو شيئا منه قديم، فلا بد من أن يقول هو واجب بنفسه، أو بغيره، ولا يمكنه مع ذلك أن يقول: ليس هو بواجب بنفسه، ولا بغيره، فإن القديم بنفسه لو لم يكن واجبا بنفسه لكان ممكنا مفتقرا إلى غيره، فإن كان محدثا لم يكن قديما، وإن كان قديما بغيره لم يكن قديما بنفسه، وقد فرض أنه قديم بنفسه، فثبت أن ما هو قديم بنفسه، فهو واجب بنفسه.
وأما القديم بغيره، فأكثر العقلاء يقولون: يمتنع أن يكون شيء قديما بفاعل، ومن جوز ذلك فإنه يقول: قديم بقدم موجبه الواجب بنفسه،
(1) أ، ب: يخلفه الآخر إذا غاب الآخر عن الذهن.
(2) مما: ساقطة من (ن) ، (م) .
**********************
ففاعله لا بد أن يوجبه فيكون علة موجبة أزلية إذ لو لم يوجبه، بل جاز وجوده، وجاز عدمه - وهو من (1) نفسه ليس له إلا العدم - لوجب عدمه، ومع وجوب العدم يمتنع وجوده فضلا عن قدمه، فما لم يكن موجودا بنفسه، ولا قديما بنفسه إذا لم يكن له في الأزل ما يوجب وجوده لزم عدمه، فإن المؤثر التام إذا حصل لزم وجود الأثر، وإن لم يحصل لزم عدمه.
وإذا قيل: التأثير أولى به مع إمكان عدم التأثير قيل: هذه مقدمة باطلة كما تقدم، وأنتم تسلمون صحتها، والذين ادعوا صحتها لم يقولوا بباطل قولكم، فلم يجمع أحد بين هذين القولين الباطلين.
ونحن في مقام الاستدلال، فإن قلتم: نحن نقول هذا على طريق الإلزام لمن قال هذا من الجبرية، والقدرية الذين يجوزون ترجيح القادر المختار بدون مرجح تام يوجب الفعل، فنقول لهم هلا قلتم بأن الرب فاعل مختار، وهو مع هذا. (2) فعله لازم له.
قيل لكم (3) : هؤلاء يقولون: إن الفعل القديم ممتنع لذاته، ولو قدر أن الفاعل غير مختار، فكيف إذا كان الفاعل مختارا.
فقد علم أن فعل القادر المختار يمتنع أن يكون مقارنا له.
ويقولون: لا يعقل الترجيح إلا مع الحدوث،
ويقولون: إن الممكن لا يعقل ترجيح وجوده على عدمه إلا مع كونه حادثا، فأما الممكن المجرد بدون الحدوث (4) فلا يعقل كونه مفعولا. بل يقولون: إن هذا معلوم
(1) ب: في.
(2) ن، م: ومع هذا.
(3) ن، م، أ: قيل لهم، وهو خطأ.
(4) ن: الحدث.
****************************
بالضرورة، وهو كون (1) الممكن مما يمكن وجوده بدلا من عدمه، وعدمه بدلا من وجوده، وهذا إنما يكون فيما يمكن أن يكون [موجودا، ويمكن أن يكون] (2) معدوما، وما وجب قدمه بنفسه أو بغيره امتنع أن يكون معدوما، فيمتنع أن يكون ممكنا.
قالوا: وهذا ما اتفق عليه جماهير العقلاء حتى أرسطو وأتباعه القدماء يقولون: إن الممكن لا يكون إلا محدثا، وكذلك ابن رشد الحفيد، وغيره من متأخريهم.
وإنما قال إن الممكن يكون قديما طائفة [منهم] (3) كابن سينا، وأمثاله، واتبعه على ذلك الرازي، وغيره، ولهذا ورد على هؤلاء من الإشكالات ما ليس [لهم] (4) عنه جواب صحيح، كما أورد بعض ذلك الرازي في (محصله) ، ومحققوهم لا يقولون: إن المحوج إلى الفاعل هو مجرد الحدوث حتى يقولوا إن المحدث في حال بقائه غني عن الفاعل، بل يقولون: إنه محتاج إلى الفاعل في حال حدوثه وحال بقائه، وإن الممكن لا يحدث ولا يبقى إلا بالمؤثر.
فهذا الذي عليه جماهير المسلمين، بل عليه جماهير (5) العقلاء لا يقولون: إن شيئا من العالم غني عن الله في حال بقائه، بل يقولون: متى قدر أنه ليس بحادث امتنع أن يكون مفعولا محتاجا إلى المؤثر، فالقدم
(1) ن، م:. بالضرورة ويقولون الممكن يمكن. . إلخ.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) منهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) لهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: بل وجماهير.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (30)
صـ 200 إلى صـ 206
عندهم ينافي الحاجة إلى الفاعل (1) ، وينافي كونه مفعولا فالحدوث (2) عندهم من لوازم كون الشيء مفعولا فيمتنع عندهم أن يكون مفعول قديما، وهذا ليس قول القدرية والجبرية فقط، بل هذا (3) قول جماهير العقلاء من أهل الملل وغير [أهل الملل] (4) ، وهو قول جماهير أئمة الفلاسفة.
وأما (5) كون الفلك مفعولا قديما، فإنما هو قول طائفة قليلة من الفلاسفة، وعند جمهور العقلاء أنه معلوم الفساد بالضرورة، ولهذا كل من تصور من العقلاء أن الله خلق السماوات والأرض تصور أنها كانت بعد أن لم تكن، وكل من تصور أن شيئا من الموجودات مصنوع مفعول لله تصور أنه حادث، فأما تصور أنه مفعول، وأنه قديم، فهذا إنما تتصوره العقول تقديرا له، كما تتصور الجمع بين النقيضين تقديرا له، والذي يقول ذلك يتعب تعبا كثيرا في تقدير إمكان ذلك، وتصويره، كما يتعب سائر القائلين بأقوال ممتنعة، ثم مع هذا فالفطر ترد ذلك وتدفعه، ولا تقبله (6) .
وأعجب من ذلك تسمية هؤلاء (7) العالم محدثا، ويعنون بكونه محدثا
(1) ن، م: الحاجة في الفاعل.
(2) ن، م: فالحدث.
(3) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: من أهل الملل وغيرهم.
(5) ن، م: فأما.
(6) ن: فالفطن يرد ذلك ويدفعه ولا يقبله ; م: فالفطر يرد ذلك ويدفعه ولا يقبله.
(7) أ، ب: هذا.
***********************
أنه معلول العلة القديمة، وإذا سئل أحدهم: هل العالم محدث أو قديم؟ يقول: هو محدث وقديم، ويعني بذلك أن الفلك قديم بنفسه (1) لم يزل، وأنه محدث يعنون بكونه محدثا له أنه معلول (2) علة قديمة.
[بطلان الاحتجاج بالأفول على الإمكان والحركة]
وهذه العبارة يقولها ابن سينا وأمثاله من الباطنية، فإنهم يأخذون عبارات المسلمين،
فيطلقونها على (3) معانيهم، كما قال مثل ذلك في لفظ (الأفول.) ، فإن أهل الكلام المحدث لما احتجوا بحدوث الأفعال على حدوث الفاعل الذي قامت به الأفعال، وزعموا أن إبراهيم الخليل احتج بهذا، وأن المراد بالأفول (4) الحركة والانتقال، وأنه استدل بذلك على حدوث المتحرك والمنتقل. نقل ابن سينا هذه المادة إلى أصله، وذكر هذا في (إشاراته) فجعل هذا (5) الأفول عبارة عن الإمكان، وقال: إن ما هوى في حظيرة الإمكان هوى في حظيرة الأفول (6) ، ولفظه: (7) (فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما.) .
وذلك أنه أراد أن يقول بقول سلفه الفلاسفة مع قوله بما يشبه طريقة المتكلمين، والمتكلمون استدلوا على حدوث الجسم بطريقة التركيب،
(1) ن، م: في نفسه.
(2) أ، ب: وأنه محدث بمعنى أنه معلول، م: وأنه محدث يعني معلول. .
(3) ن، م: في.
(4) ن، م: بالأقوال، وهو تحريف.
(5) ن، م، أ: هو.
(6) ن، م: إن كل ممكن هاو في حضيرة الأفول والإمكان هوى في حضيرة الأفول ; أ: كل ممن هاوى في حظيرة الأفول هوى في حظيرة الأفول.
(7) في: الإشارات والتنبيهات 3، 4/532 تحقيق د. سليمان الدنيا، ط. المعارف، القاهرة 1958.
**************************
فجعل هو التركيب دليلا على الإمكان، والمتكلمون جعلوا دليلهم هو دليل إبراهيم الخليل بقوله: {لا أحب الآفلين} [سورة الأنعام: 76] وفسروه بأن الأفول هو الحركة، فقال ابن سينا:
(1) (قال قوم إن هذا الشيء المحسوس موجود لذاته واجب لنفسه لكنك إذا تذكرت ما قيل (2) في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس. واجبا، وتلوت (3) قوله تعالى: {لا أحب الآفلين} ، فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما.) .
ويريد بالشرط أنه ليس بمركب، وأن المركب ممكن ليس بواجب، والممكن آفل لأن الإمكان أفول ما (4) ، والآفل (5) عندهم هو الذي يكون موجودا بغيره، ويقولون: نحن نستدل بإمكان الممكنات على الواجب، ونقول: العالم قديم لم يزل ولا يزال، ونجعل معنى قوله تعالى: {لا أحب الآفلين} أي (6) لا أحب الممكنين، وإن كان الممكن واجب الوجود بغيره قديما أزليا (7) لم يزل ولا يزال.
ومعلوم أن كلا القولين من باب تحريف الكلم عن مواضعه، وإنما الأفول هو المغيب (8) ، والاحتجاب ليس هو الإمكان، ولا الحركة
(1) المرجع السابق 3، 4/531 - 532.
(2) الإشارات 3، 4/532: ما قيل لك.
(3) ن: ويكون، وهو تحريف.
(4) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: والأفول.
(6) أي: زيادة في (ن) ، (م) .
(7) أزليا: ساقطة من (أ) ، (ب) ومكانها كلمة " لدليل ".
(8) ب (فقط) : الغيب، وهو تحريف.
*****************************
وإبراهيم الخليل (1) لم يحتج بذلك على حدوث الكواكب، ولا على إثبات الصانع، وإنما احتج بالأفول على بطلان عبادتها، فإن قومه كانوا مشركين يعبدون الكواكب، ويدعونها من دون الله لم يكونوا يقولون: إنها هي التي خلقت السماوات والأرض، فإن هذا لا يقوله عاقل، ولهذا قال: {ياقوم إني بريء مما تشركون} [سورة الأنعام: 78] وقال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} [سورة الشعراء: 75 - 77] وقد بسط [الكلام على] (2) هذا في غير هذا الموضع (3) .
والمقصود هنا أن هؤلاء [القوم] (4) يأخذون عبارات المسلمين التي عبروا بها عن معنى، فيعبرون بها عن معنى آخر يناقض دين المسلمين ليظهر بذلك أنهم موافقون للمسلمين في أقوالهم، [وأنهم] (5) يقولون: العالم محدث، وأن كل ما سوى الله فهو عندنا آفل محدث بمعنى أنه معلول له، وإن كان قديما أزليا معه واجبا به لم يزل ولا يزال.
وإذا كان جماهير العقلاء يقولون: إن المفعول لا يكون إلا حادثا، لا سيما المفعول لفاعل باختياره، فإذا كان من هؤلاء من قال: إنه يفعل بدون سبب حادث، وإنه يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح لم
(1) الخليل: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) عبارة " الكلام على " ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) انظر مثلا: شرح حديث النزول، ص 194 - 197، مطبعة الإمام، القاهرة، 1366/1947 ; السبعينية، ص 69 - 77.
(4) القوم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) وأنهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
يلزمه أن يقول مع هذا (1) : إن مفعوله قديم رجحه بلا مرجح، فإنه يقول: إن (2) هذا القول باطل، وقولي الآخر إن كان باطلا فلا أجمع بين قولين باطلين، وإن كان حقا، فقول الحق لا يوجب علي (3) أن أقول الباطل، فإن الحق لا يستلزم الباطل، بل الباطل قد يستلزم الحق، وهذا لا يضر [الحق] (4) ، فإنه إذا وجد الملزوم وجد اللازم، فالحق لازم سواء قدر وجود الباطل أو عدمه أما الباطل فلا يكون لازما للحق ; لأن لازم الحق حق، والباطل لا يكون حقا، فلا يلزم من قال الحق أن يقول الباطل، وهذا ظاهر.
والمقصود هنا أنه متى قيل بجواز (5) حدوث الحوادث بدون (6) سبب حادث أمكن أن يفعل الفاعل الحوادث بعد أن لم يكن فاعلا بدون سبب حادث، كما يقول ذلك من يقوله من طوائف النظار من متكلمة المسلمين وغيرهم من القدرية والجبرية وغيرهم، ومتى كان ذلك ممكنا في نفس الأمر لم يجب دوام الفاعل فاعلا. وأمكن حدوث الزمان والمادة وغير ذلك، كما يقول ذلك من يقوله من النظار من أهل الكلام، والفلسفة، ومتى كان ذلك ممكنا بطل كل ما يحتج به على قدم شيء من العالم، فبطل القول بقدم العالم، وعلم أيضا امتناع قدمه ; لأنه لا يكون
(1) أ، ب: مع هذا أن يقول.
(2) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: فقولي لا يوجب علي. . . إلخ.
(4) الحق: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: يجوز.
(6) أ، ب: بلا.
**************************
قديما إلا إذا كان واجبا بنفسه، أو كان (1) الفاعل مستلزما بنفسه (2) له، فإذا لم يكن هناك فاعل مستلزم له امتنع أن يكون قديما، وكان كل من حجج القائلين بالحدوث والقائلين بالقدم مبطلة لهذا القول.
أما (3) القائلون بالقدم، فعمدتهم أن المؤثر التام يستلزم (4) أثره، فيمتنع عندهم القول بمفعول قديم من غير علة تامة موجبة ; لأنه أثر عن غير مؤثر تام.
وأما القائلون بالحدوث، فعمدتهم أن الفاعل المختار (5) ، بل الفاعل مطلقا لا يكون مفعوله إلا حادثا، وأن مفعولا قديما ممتنع (6) .
فصار عمدة هؤلاء وهؤلاء مبطلة لهذا القول الذي لم يقله أحد، ولكن يقال على سبيل الإلزام لكل من الطائفتين إذا التزمت فاسد (7) قولها دون صحيحه (8) ، فإذا التزمت (القدمية) جواز حدوث الحوادث بلا سبب، وأن الأثر لا يحتاج إلى مؤثر تام، بل القادر يرجح أحد مقدوريه بلا مرجح، والتزمت (الحدوثية) أن المفعول مطلقا أو المفعول بالقدرة والاختيار لم يزل قديما أزليا مع فاعله مقارنا له لزم من هذين اللازمين إمكان أن يكون الفاعل قادرا مختارا يرجح بلا مرجح، ومفعوله مع هذا قديما
(1) ن، م: وكان.
(2) بنفسه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(3) ن: وأما ; م: فأما.
(4) ن، م: مستلزم.
(5) أ، ب: بالاختيار.
(6) أ: وإن كان مفعولا قديما ممتنع ; ب: وأن كون مفعول قديم ممتنع.
(7) فاسد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ب (فقط) : صحته.
***********************
[بقدمه] (1) . لكن أحد من العقلاء لم يلتزم هذين فيما علمناه، وإن قدر أنه التزم ذلك، فقد التزم ملزومين باطلين كل منهما باطل بالبرهان، والجمع بينهما لم يقله أحد من العقلاء، وكان كل من العقلاء يرد عليه ببرهان قاطع، ولكن هو يعارض كلام كل طائفة بكلام الطائفة الأخرى، وغايته فساد بعض قول هؤلاء وفساد بعض قول هؤلاء، لكن لا يلزم أن يسلم له الجمع بين فساد كل من القولين ولا الجمع بين هذا الفساد وهذا الفساد، بل هذا يكون أبلغ في رد قوله.
وأيضا فإن كلا من الطائفتين فرت من أحد الفسادين، وظنت الآخر ليس بفاسد، ولم تهتد إلى الجمع بين الصحيح كله والسلامة من الفاسد كله، فليس له أن يلزمها ما علمت فساده مع ما لم تعلم فساده، فيلزمها الفاسد كله ويخرجها من الصحيح كله، فإن غاية (2) قولها أبلق أن يكون (3) فيه بياض وسواد، [والأبلق خير من الأسود] (4) .
فإن الطائفة التي قالت: إن القادر يمكنه ترجيح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح إنما قالته لما علمت (5) أن القادر الفاعل لا بد أن يكون فعله حادثا، وأن (6) كونه فاعلا مع كون الفعل قديما جمع بين المتناقضين، ولم يهتدوا إلى الفرق بين نوع الفعل، وبين عينه، بل
(1) ن، م: ومفعوله مع هذا قديم.
(2) ن (فقط) : عامة.
(3) أن يكون: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) وفي " لسان العرب ": " والبلق: سواد وبياض ".
(5) أ، ب: علمته.
(6) ن، م: فإن.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (31)
صـ 207 إلى صـ 213
اعتقدت أيضا أن حوادث لا أول لها ممتنع، فقالت حينئذ: فيمتنع دوام الفعل، فيلزم كونه فاعلا بعد أن لم يكن، فيلزم ترجيح القادر لأحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح ; لأن القادرية لا تختص ولم تزل (1) ، وإن قيل باختصاصها، أو حدوثها لزم حدوث القادرية (2) بلا محدث، وتخصيصها بغير مخصص، وأنه صار قادرا بعد أن لم يكن بغير سبب، وانتقل الفعل من الامتناع إلى الإمكان بدون سبب يوجب هذا الانتقال. وإذا جاز ذلك، فجواز كونه مرجحا لأحد مقدوريه أولى بالجواز.
وهذه اللوازم - وإن قال الجمهور ببطلانها - فإنهم يقولون: ألجأنا إليها تلك الملزومات (3) لما ذكرناه من ظنهم أنه لا فرق بين النوع والعين، وإذا قيل لهم: فقولوا مع هذه اللوازم بانتفاء تلك الملزومات، فقالوا (4) : إن القادر يرجح أحد المقدورين على الآخر (5) بلا مرجح، ويحدث الحوادث بلا سبب مع أن الفاعل القادر يقارنه مفعوله المعين، وأنه لا أول لعين الفعل والمفعول، فقد لزمهم (6) أن يقولوا باللوازم التي يظهر بطلانها مع نفي الملزومات التي أوجبت تلك في نظرهم التي فيها ما يظهر بطلانه، وفيها ما يخفى بطلانه، فقد لزمهم (7) أن يقولوا باللازم الباطل
(1) أ، ب: لأن القادر لا يختص ولم يزل.
(2) أ، ب: القدرية، وهو خطأ.
(3) أ، ب: المقدمات.
(4) ن، م: فإذا قيل لهم: قولوا مع اللوازم. فقولوا.
(5) على الآخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: فقد ألزمهم.
(7) ن، م: فقد ألزمهم.
***************************
الذي لا حاجة بهم (1) إليه، مع نفي ما أحوجهم إليه مع أن فيه حقا، أو فيه حقا وباطلا.
وكذلك الطائفة التي قالت بقدم العالم، فإنها لما اعتقدت أن الفاعل يمتنع أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن، وأن يحدث حادثا (2) لا في وقت، ويمتنع الوقت في العدم المحض، ولم يهتدوا إلى الفرق بين دوام النوع ودوام العين (3) ظنت أنه يلزم قدم عين المفعول، فالتزمت مفعولا قديما أزليا لفاعل، ثم قال: من قال منهم: لا يعقل (4) كون الفاعل فاعلا بالاختيار مع كون مفعوله قديما مقارنا له، فقالوا: هو موجب بالذات لا فاعل بالاختيار، والتزموا (5) ما هو معلوم الفساد عند جمهور العقلاء من مفعول معين مقارن لفاعله (6) أزلا وأبدا حذرا من إثبات كونه (7) يصير فاعلا بعد أن لم يكن.
فإذا قيل لهم: فقولوا بهذه الأقوال مع قولكم: إنه يمكن أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن، فيرجح أحد مقدوريه بلا مرجح، فقد لزمهم أن يقولوا الباطل كله، وأن يقولوا باللازم الذي يظهر بطلانه بدون الملزوم الذي فيه حق وباطل - الذي ألجأهم إلى هذا اللازم.
(1) أ، ب، م: لهم.
(2) ن، م: يحدث حادث.
(3) أ، ب: دوام العين ودوام النوع.
(4) أ، ب: لا نعقل.
(5) ن: فالزموا ; م: فالتزموا.
(6) ن، م لفعله.
(7) ب (فقط) : أنه.
***************************
وأيضا، فإنه على هذا التقدير الذي نتكلم عليه، وهو تقدير أن لا يكون الأزلي مستلزما لتلك الحوادث، بل كانت حادثة بعد أن لم تكن، فيلزم (1) أن العالم كان خاليا عن جميع الحوادث، ثم حدثت (2) فيه بلا سبب حادث، وهو شبيه بقول الحرانيين القائلين (3)
بالقدماء الخمسة الواجب بنفسه، والمادة، والمدة، والنفس، والهيولي، كما يقوله ديمقراطيس (4) ، وابن زكريا الطبيب (5) ومن. وافقهما، أو بقول يحكى عن بعض القدماء، وهو أن جواهر العالم (6) أزلية، وهو القول بقدم المادة -
(1) ب (فقط) : يلزم.
(2) أ، ب: حدث.
(3) أ، ب: وهم من يقول.
(4) وهو ديموقريطس DEMOKRITOS الفيلسوف اليوناني المشهور، وقد ولد في أبديرا من أعمال تراقيا، ولكننا لا نعلم تاريخ ولادته ووفاته بالضبط، وإنما نعلم أنه اشتهر حوالي سنة 420 ق. م. (انظر مثلا بروتراندرسل: تاريخ الفلسفة الغربية 1/114، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود، القاهرة، 1954) . وهو أهم شخصيات المدرسة الذرية ومذهبها - كما ذكر العرب فيما بعد - هو مذهب القائلين بالجزء الذي لا يتجزأ أو بالجوهر الفرد. وانظر ترجمته ومذهبه في الكتب العربية مثل طبقات الأطباء والحكماء لابن جلجل، ص [0 - 9] 3 ; إخبار العلماء بأخبار الحكماء لابن القفطي، ص [0 - 9] 82 ; الملل والنحل 1/107 - 108، 120 - 122.
(5) وهو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي الطبيب والفيلسوف المتوفى سنة 313، وهو أحد القائلين بمذهب الجوهر الفرد من المنتسبين إلى الإسلام. انظر ترجمته في طبقات الأطباء لابن جلجل، ص 77، 78 ; ابن القفطي، 271 - 277 ; ابن ظهير البيهقي، تاريخ حكماء الإسلام (دمشق 1946) ، ص [0 - 9] 1، 22. وقد تكلم الدكتور س. بينيس في كتابه " مذهب الذرة عند المسلمين " (ترجمة الدكتور محمد عبد الهادي أبي ريده، القاهرة، 1946) على مذهب الرازي بالتفصيل، وذكر (ص [0 - 9] 0) قول الرازي: إن القدماء أو الجواهر خمسة: الباري والنفس والهيولى والزمان والمكان. وانظر نفس الكتاب ص [0 - 9] 1 - 56 ; انظر أيضا: الفصل لابن حزم 5 - 197.
(6) ن، م: العوالم.
******************************
وكانت متحركة على غير انتظام فاتفق اجتماعها، وانتظامها، فحدث هذا العالم.
[الرد على ديموقريطس وأبو بكر الرازي]
وكلا القولين في غاية الفساد، وأما الأولون فيقولون: إن النفس عشقت الهيولي، فعجز الرب عن تخليصها من الهيولي حتى تذوق وبال اجتماعها بالهيولي، وهم قالوا هذا فرارا من حدوث حادث بلا سبب، وقد وقعوا فيما فروا منه، وهو حدوث محبة النفس للهيولي، فيقال لهم: ما الموجب لذلك؟ فقد لزمهم حدوث حادث بلا سبب، ولزمهم ما هو أشنع من ذلك، وهو حدوث الحوادث بدون صدورها عن رب العالمين والقول بقدماء معه.
فإن قالوا بوجوب (1) وجودها لزم كون واجب الوجود مستحيلا موصوفا بما يستلزم حدوثه ونقصه وإمكانه.
وإن لم تكن واجبة بأنفسها، بل به لزم أن يكون موجبا لها دون غيرها، والعلة القديمة تستلزم معلولها، فيلزم من ذلك تغير (2) معلولها، واستحالته من حال إلى حال بدون فعل منها، واستحالة (3) المعلول اللازم بدون تغير في العلة محال، وإلا لم يكن معلولا لها، وإن جوزوا ذلك، فليجوزوا كون العالم قديما أزليا لازما لذات الرب، وهو مع هذا (4) ينتقض، وتنشق السماء، وتنفطر، وتقوم القيامة بدون فعل من الرب ولا حدوث شيء منه أصلا. بل بمجرد حدوث حادث في العالم بلا محدث.
(1) أ، ب: وإن قالوا: لو وجب.
(2) ن (فقط) : نفس، وهو خطأ.
(3) ن (فقط) : واستحال، وهو تحريف.
(4) ب (فقط) : ومع هذا.
**************************
وإن قالوا: هو بغض النفس للهيولي كان من جنس قولهم: إن سبب حدوثه محبة النفس للهيولي، فإذا جاز أن يحدث بمحبة النفس بدون اختيار الرب تعالى جاز أن ينتقض ببغض النفس بدون اختيار الرب.
وأما الآخرون (1) فإنهم أثبتوا حدوث العالم، فإن كانوا ينفون الصانع بالكلية، فقد قالوا بحدوث الحوادث (2) بلا محدث، وإن كانوا يقولون بالصانع، فقد أثبتوا إحداثه لهذا النظام بلا سبب حادث إن قالوا (3) : إن الرب لم يكن يحركها قبل انتظامها،
وإن قالوا: إنه كان يحركها قبل انتظامها، ثم إنه ألفها، فهؤلاء قائلون بإثبات الصانع وحدوث هذا العالم، وقولهم خير من قول القائلين بقدم هذا العالم.
ثم إن قولهم يحتمل شيئين: أحدهما: إثبات شيء من العالم قديم بعينه، فيكون قولهم بعض قول القائلين [بقدم هذا العالم، وهو من جنس قول القائلين بالقدماء الخمسة من حيث أثبتوا قديما معينا غير الأفلاك] (4) ، وهو من جنس قول أهل الأفلاك (5) حيث أثبتوا حوادث لم تزل، ولا تزال إن كانوا يقولون بأن تلك المواد لم تزل متحركة، وإن قالوا: بل كانت ساكنة، ثم تحركت، فقولهم من جنس قول أهل القدماء الخمسة، فما دل على فساد قول هؤلاء وهؤلاء يدل على فساد قولهم،
(1) م، ن: والآخرون.
(2) م، ن: بحدوث الحدوث.
(3) ن، م: بلا سبب حادث. وإن قالوا: والصواب ما في (ب) ، (أ) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) ن (فقط) : ومن جنس (العقلاء) قول أهل الأفلاك.
***************************
وما ذكرنا من التقسيم يأتي على كل قول، وإن كان كل قول باطل له دلائل خاصة تدل على فساده.
[بطلان قول المعتزلة والأشاعرة بالجوهر الفرد]
وأيضا فالمتكلمون الذين يثبتون الجوهر الفرد (1) ، أو يقولون: إن الحركة والسكون أمران وجوديان كجمهور المعتزلة والأشعرية وغيرهم يقولون: إن العالم لم يخل من الحركة والسكون، ومن (2) الاجتماع والافتراق، وهي حادثة، فالعالم مستلزم للحوادث.
وهذا مبسوط في موضعه، وفيه نزاع بين النظار، ومقدماته فيها طول ونزاع، وقد لا يتقرر بعضها، فلا نبسطه في هذا الموضع إذ لا حاجة بنا إليه، وهو من الكلام المذموم،
فإن كثيرا من النظار يقولون: إن السكون أمر عدمي، ونقول (3) : إثبات الجوهر الفرد باطل،
والأجسام ليست مركبة من الجواهر الفردة (4) ، ولا من الهيولي والصورة، بل الجسم واحد في نفسه، وأما كون الأجسام كلها تقبل التفريق، أو لا يقبله إلا بعضها، فليس هذا موضع بسطه، وبتقدير أن يقبل ما يقبل التفريق (5) ، فلا يجب أن يقبله إلى غير غاية، بل يقبله إلى غاية (6) ، وبعدها يكون الجسم صغيرا لا يقبل التفريق الفعلي، بل يستحيل إلى جسم آخر، كما يوجد في أجزاء الماء إذا تصغرت (7) ، فإنها تستحيل هواء مع أن أحد جانبيها متميز عن
(1) ن (فقط) : الجوهر والفرد، وهو خطأ.
(2) ن (فقط) : أو من.
(3) ب: ويقولون ; أ: ويقول.
(4) م، ن: الجوهر الفرد.
(5) وبتقدير أن يقبل ما يقبل التفريق: كذا في جميع النسخ. ولعل الصواب: وبتقدير أن يقبل جسم ما التفريق.
(6) يقبله: ساقطة من. (أ) ، (ب) .
(7) ب: تصعدت ; أ: تصفت.
****************************
الآخر، فلا يحتاج إلى إثبات جزء لا يتميز منه جانب عن جانب، ولا يحتاج إلى إثبات تجزئة وتفريق (1) لا يتناهى، بل تتصغر (2) الأجسام، ثم تستحيل إذا تصغرت (3) ، فهذا القول أقرب إلى العقول من غيره.
فلما كان دليل أولئك مبنيا على إحدى هاتين المقدمتين إثبات الجواهر الفردة (4) ، وأن الأجسام مركبة منها، أو إثبات أن السكون (5) أمر وجودي، والنزاع في ذلك مشهور، والبرهان عند التحقيق لا يقوم إلا على نقيض ذلك لم يبسط الكلام في تقريره (6) .
ولا يحتاج. (7) في إثبات شيء مما جاءت به الرسل إلى طرق باطلة مثل هذه الطرق، وإن كان الذين دخلوا فيها أعلم وأعقل من المتفلسفة (8) المخالفين، وأقرب إلى صريح المعقول وصحيح المنقول لكن بسبب ما غلطوا فيه من السمعيات والعقليات شاركهم في بعض الغلط في ذلك أهل الباطل من المتفلسفة وغيرهم، وضموا إليه أمورا أخرى أبعد عن العقل والشرع منه، وصاروا يحتجون على أولئك المتكلمين الذين هم أولى بالشرع والعقل منهم ببطلان ما خالفوهم فيه (9) ، وخالفوا فيه
(1) ن: ولا تفريق.
(2) ب: تتصعد.
(3) ب: تصعدت.
(4) م، ن: المفردة ; أ: المنفردة.
(5) ن، م: وأن إثبات السكون.
(6) ن، م: لم نبسط الكلام على تقريره.
(7) ن، م: فلا يحتاج ; أ: ولا نحتاج.
(8) المتفلسفة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) ن (فقط) : به.
***************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (32)
صـ 214 إلى صـ 220
الحق، وصاروا يجعلون ذلك حجة على مخالفة الحق مقدرين أنه (1) لا حق عند الرسل وأتباعهم إلا ما يقوله هؤلاء المتكلمون، وصاروا بمنزلة من جاور بعض جهال المسلمين وفساقهم من المشركين وأهل الكتاب، فصار يورد (2) بعض ما أولئك فيه من الجهل والظلم، ويجعل ذلك حجة على بطلان دين المسلمين مقدرا أن دين المسلمين هو ما أولئك عليه مع كونه هو أجهل، وأظلم منهم، كما يحتج طائفة (3) من أهل الكتاب من اليهود والنصارى على القدح في دين المسلمين بما يجدون في بعضهم من الفواحش إما بنكاح التحليل، وإما (4) غيره، وما يجدونه من الظلم، أو الكذب، أو الشرك، فإذا قوبلوا على وجه الإنصاف وجدوا الفواحش والظلم والكذب والشرك (5) فيهم أضعاف ما يجدونه في المنتسبين إلى [دين] (6) الإسلام، وإذا بين لهم حقيقة الإسلام تبين أنه ليس فيه شيء من تلك الفواحش، والظلم، والكذب، والشرك، فإنه ما من ملة إلا وقد دخل في بعض أهلها نوع من الشر لكن [الشر] (7) الذي دخل في غير المسلمين أكثر مما دخل في المسلمين والخير الذي يوجد في المسلمين أكثر مما يوجد في غيرهم، وكذلك أهل السنة في الإسلام
(1) ن، م: أن.
(2) ن، م، أ: ورد. والمثبت من (ب) .
(3) ن، م، أ: كما يحتج به طائفة. والمثبت من (ب) .
(4) أ، ب: أو.
(5) ن (فقط) : والشرك والكذب.
(6) دين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) الشر: ساقطة من (ن) ، (م) .
**********************
الخير فيهم (1) أكثر منه في أهل البدع، والشر [الذي] (2) في أهل البدع أكثر منه في أهل السنة.فإن قيل: ما ذكرتموه يدل على أنه يمتنع أن يكون العالم خاليا عن الحوادث ثم تحدث فيه، لكن نحن نقول إنه لم يزل مشتملا على الحوادث، والقديم هو أصل (3) العالم كالأفلاك، ونوع الحوادث مثل جنس حركات الأفلاك، فأما أشخاص الحوادث، فإنها حادثة بالاتفاق، وحينئذ فالأزلي مستلزم لنوع (4) الحوادث لا لحادث معين، فلا (5) يلزم قدم جميع الحوادث، ولا حدوث جميعها، بل يلزم قدم نوعها وحدوث أعيانها، كما يقول أئمة أهل السنة منكم: إن الرب لم يزل متكلما إذا شاء، وكيف شاء، ويقولون: إن الفعل من لوازم الحياة والرب لم يزل حيا، فلم يزل فعالا. وهذا (6) معروف من قول أئمتكم كأحمد بن حنبل والبخاري [صاحب الصحيح] (7) ، ونعيم بن حماد الخزاعي، وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم ممن قبلهم مثل ابن عباس، وجعفر الصادق وغيرهما، ومن بعدهم.وهم ينقلون ذلك عن أئمة أهل السنة، ويقولون: إن من خالف هذا
(1) ن (فقط) : وكذلك أهل السنة فيهم في الإسلام الخير فيهم.
(2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م، أ: أصول.
(4) ن، م: أنواع.
(5) أ، ب: ولا.
(6) أ، ب: فهذا.
(7) صاحب الصحيح: زيادة في (أ) ، (ب) .
****************************** ******
القول فهو مبتدع ضال، وهؤلاء وأمثالهم عندكم هم أئمة أهل السنة (1) ، والحديث، وهم من أعلم الناس بمقالة الرسول والصحابة والتابعين [لهم بإحسان] (2) ، ومن أتبع الناس لها.وهؤلاء وغيرهم كسفيان بن عيينة احتجوا على أن كلام الرب غير مخلوق بأن الله لم يخلق شيئا إلا بـ (كن.) ، فلو كانت كن مخلوقة لزم التسلسل المانع من الخلق، وهذا التسلسل (3) ، فلو كانت (كن) مخلوقة لزم التسلسل في أصل كونه خالقا وفاعلا فهو (4) تسلسل في أصل التأثير، وهو ممتنع باتفاق العقلاء.بخلاف التسلسل في الآثار المعينة، فإنه إذا لم يكن خالقا إلا بقوله (كن) امتنع أن يكون القول (5) مخلوقا، كما إذا قيل: لا يكون خالقا إلا بعلم وقدرة امتنع أن يكون العلم والقدرة مخلوقين ; لأنه يلزم (6) أن يكون ذلك المخلوق يمتنع وجوده إلا بعد وجوده، فإنه لا يكون خالقا إلا به، فيجب كونه متقدما (7) على كل مخلوق، فلو كان مخلوقا للزم تقدمه (8) على نفسه، وهذه (9) حجة صحيحة عقلية [شرعية] (10) .
(1) أ، ب: عندكم أئمة السنة.
(2) لهم بإحسان: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: وهو تسلسل.
(4) ن، م: وهو.
(5) ن، م: القرآن.
(6) ن: مخلوقين لا يلزم، وهو تحريف.
(7) أ، ب: مقدما.
(8) ن، م: تقديمه.
(9) ن، م: وهذا.
(10) شرعية: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** *****
بخلاف ما إذا قيل: إنه يخلق هذا بكن، وهذا بكن أخرى (1) ، فإن هذا يستلزم وجود أثر بعد أثر، وهذا في جوازه نزاع بين العقلاء وأئمة السنة منكم، ثم إن أساطين الفلاسفة وكثيرا (2) من أهل الكلام يجيز ذلك.والمقصود أنكم إذا جوزتم وجود حادث بعد حادث عن القديم الأزلي الذي هو الرب عندكم، فكذلك يقول هؤلاء في حوادث العالم التي تحدث في الفلك، وغيره.قيل: هذا قياس باطل، وتشبيه فاسد، وذلك أن هؤلاء (3) إذا قالوا. هذا قالوا: الرب نفسه يفعل شيئا بعد شيء، أو أن يتكلم بشيء، وهذا ليس بممتنع، بل هو جائز في صريح العقل، فإن غاية ما يقال أن يكون وجود [الأول] (4) وانقضاؤه شرطا في الثاني، كما يكون وجود الوالد شرطا في وجود الولد، وأن يكون تمام فاعلية الثاني إنما حصلت عند عدم الأول، ويكون عدم الأول إذا اشترط في الثاني فهو من جنس اشتراط عدم أحد الضدين في وجود الضد الآخر مع أن الفاعل للضد الحادث ليس هو عدم الأول، فكيف إذا كان هو المعدم للأول.وإذا قيل: فعله للثاني (5) مشروط بعدم الأول كان من باب اشتراط عدم الضد لوجود ضده، ثم إن كان الشرط إعدام الأول كان فعله مشروطا بفعله، والإعدام أمر وجودي، وأيضا، فالفاعل عند عدم الضد
(1) أ، ب: هذا بكن أخرى وهذا بكن أخرى.
(2) ن، م: منكم مع أساطين الفلاسفة وكثير.
(3) وهم أئمة أهل السنة.
(4) يكون: ساقطة من (ن) .
(5) ن، م: الثاني.
***************************
المانع يتم كونه مريدا قادرا، وتلك أمور (1) وجودية، وهو المقتضي لها إما بنفسه، أو بما منه، فلم يحصل موجود إلا منه وعنه.وأما هؤلاء (2) ، فيقولون: إن الفاعل الأول [لا] (3) تقوم به صفة ولا فعل، بل هو ذات مجردة بسيطة، وإن الحوادث المختلفة تحدث عنها دائما بلا أمر يحدث منه، وهذا مخالفة لصريح المعقول سواء سموه (4) موجبا (5) بالذات أو فاعلا بالاختيار، فإن تغير المعلولات واختلافها (6) بدون تغير العلة، واختلافها أمر مخالف لصريح المعقول، وفعل الفاعل المختار لأمور حادثة مختلفة بدون ما يقوم به من الإرادة، بل من الإرادات المتنوعة (7) مخالف لصريح المعقول.وهؤلاء يقولون: مبدأ الحوادث كلها حركة الفلك، وليس فوقه أمور حادثة توجب حركته مع أن حركات الفلك تحدث شيئا بعد شيء بلا أسباب حادثة تحدثها، وحركات الأفلاك (8) هي الأسباب لجميع الحوادث عندهم، فإذا لم يكن لها محدث كان حقيقة قولهم أنه ليس لشيء من الحوادث محدث، وإن كان للفلك عندهم نفس ناطقة (9) ،
(1) أ، ب: الأمور.
(2) وهم أصحاب الاعتراض.
(3) لا: ساقطة من (ن) فقط.
(4) أ، ب: سمي.
(5) ن (فقط) : واجبا.
(6) ن، م: المعلولات في اختلافها، وهو تحريف.
(7) ن، م: المتبوعة.
(8) ن، م: الفلك.
(9) ب: وإن كان الفلك عندهم نفسا ناطقة.
****************************
فحقيقة قولهم في جميع الحوادث من جنس قول القدرية في فعل الحيوان.ولهذا اضطر (1) ابن سينا في هذا الموضع إلى جعل الحركة ليست شيئا يحدث شيئا بعد شيء، بل هو أمر واحد لم يزل موجودا، كما قد (2) ذكرنا ألفاظه، وبينا فسادها، وأنه إنما قال ذلك لئلا يلزمه أنه (3) يحدث عن العلة التامة حادث بعد حادث، فخالف صريح العقل، والحس في حدوث الحركة شيئا بعد شيء ليسلم له ما ادعاه من أن رب العالمين لم يحدث شيئا ; لأنه عنده علة تامة، وقد اعترف حذاقهم بفساد قولهم.[مقالة ابن ملكا والرد عليها]وأما من قال منهم بقيام الإرادات المتعاقبة به - كأبي البركات وأمثاله - فهؤلاء يقولون: إنه موجب بذاته للأفلاك، وموجب للحوادث المتعاقبة فيه بما يقوم به من الإرادات المتعاقبة.فيقال لهؤلاء أولا من جنس ما قيل لإخوانهم، والحجة إليهم أقرب، فإنهم أقرب إلى الحق، فيقال لهم: إذا جاز أن يحدث الحوادث شيئا بعد شيء لما يقوم به من الإرادات [شيئا بعد شيء] (4) ، فلماذا لا يجوز أن تكون الأفلاك حادثة بعد أن لم تكن لما يقوم به من الإرادات المتعاقبة؟ .
(1) ن، م: اضطراب، وهو تحريف.
(2) أ، ب: موجودا وقد.
(3) أ، ب: أن.
(4) عبارة " شيئا بعد شيء ": ساقطة من (ن) ، (م) .
******************************
وقد تفطن لهذا طائفة من حذاق هؤلاء (1) النظار - كالأثير الأبهري (2) - فقال: يجوز أن يحدث جميع ذلك لما يقوم به من إرادة (3) ، وإن كانت مسبوقة بإرادة أخرى لا إلى غاية.
ويقال لهم أيضا: لم لا يجوز أن تكون السماوات والأرض بأنفسها مسبوقة (4) بمادة (5) بعد مادة لا إلى غاية، وكل ما سوى الله مخلوق حادث كائن بعد أن لم يكن، وإن كان كل حادث قبله حادث، كما يقوله من يقوله في الأمور القائمة بذاته من إرادات، أو غيرها فإن تسلسل الحوادث ودوامها إن كان ممكنا، فهذا ممكن، وإن كان ممتنعا لزم امتناع قدم الفلك فعلى التقديرين لا يلزم قدم الفلك، ولا حجة لكم على قدمه مع أن الرسل قد أخبرت بأنه مخلوق، فما الذي أوجب [مخالفة] (6) ما اتفقت عليه الرسل وأهل الملل وأساطين الفلاسفة القدماء من غير أن يقوم على مخالفته دليل عقلي أصلا.؟ .
إذ غاية ما يقولونه إنما هو إثبات قدم نوع الفعل لا عينه، فإن جميع ما يحتج به القائلون بقدم العالم لا يدل (7) على قدم شيء بعينه من
(1) هؤلاء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) هو أثير الدين المفضل بن عمر المفضل الأبهري السمرقندي صاحب كتاب " هداية الحكمة " (وهو مطبوع) وقد توفي سنة 663 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مختصر الدول لابن العبري، ص [0 - 9] 45 (ط. بيروت، سنة 1890) ; دائرة المعارف الإسلامية بروكلمان: مادة (الأبهري) ; الأعلام 8/203.
(3) ن (فقط) : إرادته.
(4) ن: مسبوقة بأنفسها.
(5) ن، م: مادة.
(6) مخالفة: ساقطة من (ن) فقط.
(7) أ، ب: لم يدل.
****************************** ******
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (33)
صـ 221 إلى صـ 227
العالم (1) ، بل إذا قالوا: اعتبار أسباب الفعل - وهو الفاعل والغاية والمادة، والصورة - يدل على قدم الفعل، فإنما يدل ذلك - إن دل - على قدم نوعه لا عينه، وقدم نوعه ممكن مع القول بموجب سائر الأدلة العقلية الدالة على أن الفعل لا يكون إلا حادثا - وإن كان حادثا شيئا بعد شيء - وأن الفاعل مطلقا، أو الفاعل بالاختيار لا يكون فعله إلا حادثا، ولو كان شيئا بعد شيء، وأن دوام الحوادث لمخلوق معين قديم أزلي ممتنع، وكذلك المفعول المعين المقارن لفاعله (2) لم يزل معه ممتنع.مع أن الرسل قد أخبرت بأن الله تعالى خالق كل شيء، وأن الله خلق (3) السماوات والأرض.
(4) في ستة أيام، فكيف عدلتم عن صحيح المنقول وصريح المعقول إلى ما يناقضه، بل أثبتم قدم ما لا يدل دليل إلا على حدوثه لا على قدمه.
ثم يقال لهؤلاء أيضا: إذا كان الرب فاعلا بإراداته، كما سلمتموه، وكما دلت عليه الأدلة، بل إذا كان فاعلا كما سلمتموه أنتم وإخوانكم القائلون بأنه قديم عن موجب قديم وموجبه فاعله، فلا يعقل فاعل مفعوله مقارن له لم يتقدم عليه بزمان ابتداء (5) ، بل تقدير هذا في العقل تقدير لا يعقل.
(1) ن، م: من العالم بعينه.
(2) أ: وكذلك المفعول المعين مقارنا لفاعله ; ب: وكذلك كون المفعول المعين مقارنا لفاعله.
(3) ن، م: وأنه خلق.
(4) ب (فقط) : والأرض وما بينهما.
(5) ب: أبدا.
******************************
وأنتم شنعتم (1) على مخالفيكم لما أثبتوا حدوثا في غير زمان، وقلتم هذا لا يعقل، فيقال لكم: ولا يعقل أيضا فعل في غير زمان (2) أصلا. ولا يعقل مفعول (3) مقارن لفاعله لم يتقدم عليه بزمان أصلا.
[عود لمناقشة رأي الفلاسفة في التقدم والتأخر]
وما ذكرتموه من أن التقدم بالذات أمر معقول - وهو تقدم العلة على المعلول - أمر قدرتموه في الأذهان لا وجود له في الأعيان، فلا يعقل في الخارج فاعل يقارنه (4) مفعوله سواء سميتموه علة تامة، أو لم تسموه، وما تذكرونه من كون الشمس فاعلة للشعاع، وهو مقارن لها في الزمان (5) مبني على مقدمتين:
على أن مجرد الشمس هي الفاعلة، وأنه مقارن لها بالزمان، وكلتا المقدمتين باطلة، فمعلوم أن الشعاع لا يكفي في حدوثه مجرد الشمس، بل لا بد من حدوث جسم قابل له، ولا بد مع ذلك من زوال الموانع.
وأيضا: فلا نسلم لكم أن الشعاع مقارن للشمس في الزمان،
بل قد يقال: إنه متأخر عنها، ولو (6) بجزء يسير من الزمان، وهكذا ما تمثلون به من قول القائل حركت يدي فتحرك المفتاح أو كمي مبني على هاتين المقدمتين الباطلتين، فمن الذي يسلم أن حركة اليد هي العلة التامة لحركة الكم، والمفتاح؟ بل الفاعل للحركتين واحد لكن تحريكه للثاني
(1) ن، م: شفعتم، وهو تحريف.
(2) أ، ب: ولا نعقل أيضا فعلا من غير زمان.
(3) مفعول: ساقطة من (ب) فقط.
(4) ن (فقط) يقاربه، وهو تحريف.
(5) ن، م: لها بالزمان.
(6) ولو: ساقطة من (ب) وفي (أ) : بل.
****************************** *
مشروط بتحريكه للأول، فالحركة الأولى شرط في الثانية لا فاعلة لها، والشرط يجوز أن يقارن المشروط، وإذا قدر أن أحدهما فاعل للآخر لم يسلم أنه مقارن له في الزمان، بل يعقل تحريك الإنسان لما قرب منه قبل تحريكه لما بعد منه، فتحريكه لشعر جلده متقدم على تحريكه لباطن ثيابه، وتحريكه لباطن ثيابه متقدم على تحريكه لظاهرها، وتحريكه لقدمه متقدم (1) على تحريكه لنعله، وتحريكه ليده متقدم (2) على تحريكه لكمه.
والمقارنة يراد بها شيئان (3) ،
أحدهما: الاتصال كاتصال أجزاء الزمان وأجزاء الحركة الحادثة شيئا بعد شيء، فكل (4) واحد (5) يكون متصلا بالآخر يقال: إنه مقارن له لاتصاله به - وإن كان عقبه - ويقال أيضا لما هو معه من غير تقدم في الزمان (6) أصلا.
ومعلوم أن الأجسام المتصل بعضها ببعض إذا كان مبدأ الحركة من أحد طرفيها، فإن الحركة تحصل فيها شيئا بعد شيء، فهي متصلة مقترنة بالاعتبار الأول،
ولا يقال: إنها مقترنة في الزمان بالمعنى الثاني. .ومبدأ ما يحركه الإنسان منه، فإذا حرك يده تحرك الكم المتصل بها، وتحرك ما اتصل بالكم لكن حركة اليد قبل حركة الكم مع اتصالها، وهكذا سائر النظائر.
(1) ن، م: مقدم.
(2) ن، م: مقدم.
(3) ن: سببان.
(4) ن، م: وكل.
(5) أ، ب: أحد.
(6) م، ن: تقدم بالزمان.
*****************************
والإنسان إذا حرك حبلا بسرعة، فإنه تتصل الحركة بعضها ببعض مع العلم بأن الطرف الذي يلي يده تحرك قبل الطرف الآخر، ولا يعقل (1) قط فعل من الأفعال إلا حادثا شيئا بعد شيء لا يعقل فعل مقارن لفاعله في الزمان أصلا.
[وإذا قيل] : (2) إن الفاعل لم يزل فاعلا كان المعقول منه أنه لم يزل يحدث شيئا بعد شيء لم يعقل منه أنه لم يزل مفعوله المعين مقارنا له لم يتقدم عليه بزمان أصلا.
وأيضا: فالرب تعالى إذا لم يحدث شيئا إلا بقدرته، ومشيئته (3) ،
فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [سورة يس: 82] فلا بد أن يريد الفعل قبل أن يفعله، ولا بد أن يكون الفعل قبل المفعول، وإن كانت الإرادة والفعل موجودين عند وجود المفعول، كما يقول (4) أهل السنة: إن القدرة لا بد أن تكون مع الفعل.
لكن إذا قيل: لم يزل المفعول لازما للفاعل لم يكن فرق بين الصفة القائمة به وبين المفعول المخلوق [له] (5) ، فلا يكون فرق بين حياته وبين مخلوقاته، بل ولا بين الخالق، والمخلوق.
والعقلاء يعلمون الفرق بين ما يفعله الفاعل - لا سيما ما يفعله
(1) ن (فقط) : ولا يفعل، وهو تحريف.
(2) عبارة " وإذا قيل " مكانها بياض في (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: إلا بمشيئته وقدرته.
(4) ن، م، أ: كما يقوله.
(5) له: ساقطة من (ن) فقط.
***************************
باختياره - وبين ما هو صفة له من لوازم ذاته، ويعلمون أن لون (1) الإنسان وطوله وعرضه ليس مرادا له ولا مقدورا له ولا مفعولا له ; لأنه لازم له لا يدخل تحت قدرته ومشيئته (2) ، وأما أفعاله الداخلة تحت قدرته ومشيئته (3) فهي أفعال له مقدورة مرادة، فإذا قدر أن هذه لازمة لذاته كاللون (4) ، والقدر كان هذا غير معقول، بل كان هذا مما يعلم [به] (5) أن هذه ليست أفعالا له، ولا مفعولات، بل صفات [له] (6) .
وأيضا، فإذا كان العالم لم يخل من نوع الحوادث - كما سلمتموه، وكما يقوم عليه البرهان، بل كما اتفق عليه جماهير العقلاء - لم يمكن (7) فعل العالم بدون الحوادث لامتناع وجود الملزوم بدون اللازم، ولم يمكن أن يكون ملزوم الحوادث المصنوع (8) المفعول قديما، وكل جزء من أجزاء العالم يمتنع أن يخلو من الحوادث.
وما يدعيه هؤلاء المتفلسفة من أن العقول خالية عن الحوادث من أبطل الكلام لو كان للعقول وجود في الخارج [فكيف ولا حقيقة لها في الخارج] (9) وذلك أن معلول (10) العقول عندهم - وهي النفوس
(1) أ، ب: كون.
(2) أ، ب: مشيئته وقدرته.
(3) أ، ب: مشيئته وقدرته.
(4) ب، م: كالكون.
(5) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: يكن.
(8) أ، ب: للمصنوع.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(10) أ: معقول ; ب: مفعول.
******************************
الفلكية أو الأفلاك أو ما (1) شئت من العالم - مستلزم للحوادث، فإن النفوس والأفلاك لا يمكن خلوها من الحوادث عندهم، ولو خلت لم تكن نفوسا، بل تكون عقولا (2) .
وحينئذ فإذا كان المعلول لم يخل عن الحوادث لزم أن تكون علته لم تخل من الحوادث، وإلا لزم حدوث الحوادث في المعلول بلا علة، وهو ممتنع، فإنه لا بد للحوادث من سبب تحدث عنده (3) ، فإن لم يكن في علة النفوس والأفلاك ما يقتضي ذلك بطل أن تكون علة لها لامتناع صدور الحوادث المختلفة عن علة بسيطة على حال واحدة (4) .
وهذا مما استدل به أئمتهم (5) ، وغير أئمتهم القائلون بأن (6) الرب تقوم به الأمور الاختيارية قالوا: لأن المفعولات فيها من التنوع والحدوث ما يوجب أن يكون سبب ذلك عن الفاعل، وإلا لزم حدوث الحوادث بلا محدث، وإذا كان كل جزء من [أجزاء] (7) العالم ملزوما للحوادث، وهو مصنوع، فإبداعه بدون الحوادث ممتنع، وإحداث [الحوادث] (8) شيئا بعد شيء مع قدم ذات محلها المعلول ممتنع ; لأن القديم الموجب
(1) ن: وما.
(2) ن، م: بل كانت تكون عقلا.
(3) ن، م، أ: من سبب يحدث عندها، والمثبت من (ب) .
(4) أ، ب: على حالة واحدة ; ن: على حال وحده.
(5) ن، م: أئمتهم وغيرهم.
(6) ن: إن.
(7) أجزاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) الحوادث: ساقطة من (ن) ، (م) .
********************
لذاته لا يوجبها إلا مع الحوادث، فلا يكون موجبا لها قط إلا مع فعل (1) حادث يقوم به، وإذا كان لا يفعل إلا بفعل حادث امتنع أن يكون المفعول (2 قديما ; لأن قدم المفعول 2) (2) يقتضي قدم الفعل بالضرورة.
وإذا قيل: فعل الملزوم قديم،
وفعل الحوادث حادث شيئا بعد شيء لزم أن يقوم بذات الفاعل فعلان: أحدهما: فعل للذات القديمة، وهو قديم بقدمها دائم بدوامها،
والآخر: أفعال لحوادثها، وهي حادثة شيئا بعد شيء، فتكون ذات الفاعل فاعلة للملزوم بفعل، وفاعلة للازم بفعل آخر أو أفعال، وفعلها للملزوم يوجب فعلها للازم لامتناع انفكاك الملزوم عن اللازم، وإرادتها للملزوم توجب إرادتها للازم ; لأن المريد للملزوم العالم بأن هذا يلزمه إن لم يرد اللازم لكان إما غير مريد لوجود الملزوم، وإما غير عالم بالملزوم.
والرب تعالى مريد للملزوم (3) ، وعالم بالملزوم، فيمتنع أن يريد الملزوم دون اللازم، وهذا وإن كان لا بد منه فيما يريد إحداثه، ويريد أن يحدث له حوادث متعاقبة، كما يحدث الإنسان ويحدث له أحوالا متجددة شيئا بعد شيء، ويحدث الأفلاك، ويحدث حوادثها شيئا بعد شيء لكنه إذا فرض أن الملزوم غير محدث له لم يعقل كونه مفعولا له، ولا يعقل [أيضا] (4) كونه معلولا له قديما بقدمه، فإن المعلول له صفات ومقادير
(1) فعل: ساقطة من (م) فقط.
(2) (2 - 2) : ساقط من (ب) فقط.
(3) ن، م: بالملزوم.
(4) أيضا: ساقطة من (ن) فقط.
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (34)
صـ 228 إلى صـ 234
مختصة به، والعلة المجردة عن الأحوال الاختيارية إنما تستلزم ما يكون من لوازمها، وإنما يكون من لوازمها ما يناسبها مناسبة المعلول لعلته، والمعلول فيه من الأقدار والأعداد والصفات المختلفة ما يمتنع (1) وجود ما يشابه ذلك في علته، فتمتنع المناسبة، وإذا امتنعت المناسبة امتنع كونه علة له.
وأيضا، فإذا قدر أنها موجب أزلي للمعلول الأزلي كان إيجابها له إما بالذات مجردة عن أحوالها المتعاقبة، وإما مع أحوالها، والأول ممتنع، فإن خلو الذات (2) عن لوازمها ممتنع، والثاني ممتنع ; لأن الذات المستلزمة لصفاتها وأحوالها لا تفعل إلا بصفاتها، وأحوالها، والأحوال المتعاقبة يمتنع أن يكون لها معلول معين قديم أزلي، ويمتنع أن تكون شرطا في المعلول الأزلي ; لأن المعلول الأزلي لا بد أن يكون مجموع علة (3) أزلية،
والأحوال المتعاقبة لا يكون مجموعها ولا شيء منها أزليا (4) ،.
وإنما الأزلي هو النوع القديم الذي يوجد شيئا فشيئا، وهذا يمتنع أن يكون شرطا في الأزل.
وهذا كما لو قيل: إن الفلك المتحرك دائما (5) يوجب ذاتا أزلية متحركة، [أو غير متحركة، فإن هذا ممتنع عندهم وعند غيرهم، فإن ما كان فعله مشروطا بالحركة يمتنع أن يكون مفعوله المعين قديما، ولو قدر أن
(1) أ، ب: ما يمنع.
(2) ن: فإن خلو الذات الحوادث ; م: فإن خلو الحوادث الذات.
(3) ن، أ: علته.
(4) أ، ب: لا يكون مجموعها ولا شيء معين.
(5) م: المتحرك إنما.
*************************
المتحرك الأزلي يوجب متحركا أزليا لم يوجب] (1) إلا ما يناسبه، وأما المتحركات المختلفة في قدرها وصفاتها وحركاتها فيمتنع صدورها عن متحرك حركة متشابهة.
وأيضا، فإن المفعول المخلوق مفتقر إلى الفاعل من جميع الوجوه ليس له شيء إلا من الفاعل، والفاعل الخالق غني عنه من جميع الوجوه، واقترانهما (2) أزلا وأبدا يمنع كون أحدهما فاعلا غنيا والآخر مفعولا فقيرا، بل يمنع كونه متولدا عنه، ويوجب كونه صفة له، فإن الولد وإن تولد عن والده بغير قدرته [وإرادته] (3) ، واختياره ومشيئته (4) ، فهو حادث عنه، وأما كون المتولد عن الشيء ملازما للمتولد عنه مقارنا له في وجوده، فهذا أيضا لا يعقل.
ولهذا كان قول من قال من مشركي العرب: إن الملائكة أولاد الله وإنهم بناته، مع ما في قولهم من الكفر والجهل (5) ، فقول هؤلاء أكفر منه من وجوه، فإن أولئك يقولون: إن الملائكة حادثة كائنة بعد أن لم تكن،
وكانوا يقولون: إن (6) الله خلق السماوات والأرض ولم يكونوا يقولون بقدم العالم.
وأما هؤلاء فيقولون: إن العقول والنفوس - التي يسمونها الملائكة،
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) أ، ب: واقترانها.
(3) وإرادته: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ومشيئته: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: من الجهل والكفر.
(6) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
****************************** *
[والسماوات] (1) - قديمة بقدم الله لم يزل الله والدا لها،
فهم مع قولهم بأن الله ولدها يقولون: لم تزل معه، وهذا أمر لا يعقل لا في الولد ولا في الفعل، فكان قولهم مخالفا لما تعرفه العقول من جميع الجهات، وسر الأمر أنهم جمعوا بين النقيضين، فأثبتوا فعلا وصنعا وإبداعا (2) من غير إبداع ولا صنع ولا فعل.وقولهم في فعل الرب كقولهم في ذاته وصفاته، فأثبتوا واجب الوجود (3) ، ووصفوه بما يستلزم أن يكون ممتنع الوجود، وأثبتوا صفاته، وقالوا فيها ما يوجب نفي صفاته، فهم دائما يجمعون في أقوالهم بين النقيضين، وذلك أنهم في الأصل معطلة محضة، ولكن أثبتوا ضربا من الإثبات، وأرادوا أن يجمعوا بين الإثبات والتعطيل، فلزمهم التناقض.ولهذا يمتنعون من أن يوصف بنفي أو إثبات (4) ،
فمنهم من يقول: لا يقال: هو موجود (5 ولا معدوم ولا حي ولا ميت،
وقد يقولون: لا يقال: هو موجود ولا يقال 5) : (5) ليس بموجود،
ولا يقال: هو حي، ولا يقال: ليس بحي (6) ، فيرفعون النقيضين جميعا، أو يمتنعون من إثبات أحد النقيضين ورفع النقيضين ممتنع، كما أن جمع النقيضين ممتنع، والامتناع من إثبات أحد النقيضين هو الإمساك عن النفي والإثبات،
(1) والسماوات: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ب: وإبداعا وصنعا.
(3) ب (فقط) : الوجود للواجب.
(4) ن، م: وإثبات.
(5) (5 - 5) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) أ، ب: هو حي ولا ليس بحي.
****************************** *
والحق، والباطل، وذلك جهل وامتناع عن معرفة الحق والتكلم به.ومدار ذلك على أن الله لا يعرف ولا يذكر ولا يمجد ولا يعبد، وهو من أنواع السفسطة، فإن السفسطة منها ما هو نفي للحق، ومنها ما هو نفي للعلم به، ومنها ما هو تجاهل، وامتناع عن إثباته، ونفيه، ويسمى [أصحاب هذا القول] اللا أدرية (1) لقولهم: لا ندري (2) .
كما قال فرعون: {وما رب العالمين} [سورة الشعراء: 23] متجاهلا أنه لا يعرفه، وأنه منكور لا يعرف، فخاطبه موسى بما بين له أنه أعرف من أن ينكر، وأعظم من أن يجحد (3) ، فقال: {رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين - قال لمن حوله ألا تستمعون - قال ربكم ورب آبائكم الأولين} [سورة الشعراء: 24 - 26] .
وكذلك قالت الرسل لمن قال من قومهم: {إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب - قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم} [سورة إبراهيم: 9 - 10] إلى أمثال ذلك، وهذا المقام مبسوط في موضعه، ولكن نبهنا عليه هنا لاتصال الكلام به.
والمقصود هنا أنه إذا جوزنا حدوث الحوادث بلا سبب حادث امتنع القول بقدم العالم، كما سنبين امتناع ذلك على القول بامتناع حدوث
(1) ن، م: ويسمى هؤلاء الأدرية.
(2) أ، ب: لقولهم فيما لا نعلم: لا ندري.
(3) ن (فقط) : ممن أن يجد، وهو تحريف.
****************************
الحوادث بلا سبب، فيلزم القول بامتناع قدمه (1) على التقديرين، فيلزم امتناع القول بقدمه على تقدير النقيضين، وهو المطلوب.
[القول بإمكان حوادث لا أول لها مبطل للقول بقدم العالم]
وهذا التقدير الذي نريد أن نتكلم عليه، وهو تقدير إمكان دوام الحوادث وتسلسلها وإمكان حوادث لا أول لها، وعلى هذا القول فيمتنع حدوث حادث بلا سبب حادث بالضرورة، واتفاق العقلاء فيما نعلم ; لأن ذلك ترجيح لأحد طرفي الممكن بلا مرجح تام مع إمكان المرجح التام، وحدوث الحوادث بلا سبب حادث مع إمكان حدوث السبب الحادث دائما.
وهذا لم يقله أحد من العقلاء [فيما نعلم] (2) ، وهو باطل ; لأن ذلك (3) يقتضي ترجيح أحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح، وذلك لأنه إذا كان نسبة الحادث المعين إلى جميع الأوقات نسبة واحدة، ونسبتها إلى قدرة الفاعل القديم وإرادته في جميع الأحوال نسبة واحدة، والفاعل على حال واحدة لم يزل عليها كان من المعلوم بالضرورة أن تخصيص وقت بدون وقت بالإحداث ترجيح (4) لأحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح.
وأيضا فإذا قيل: إن هذا جائز، ونحن نتكلم على تقدير جواز دوام الحوادث جاز أن يريد حادثا بعد حادث لا إلى أول لا يقتضي (5) أن يريد حادثا بعينه في الأزل ; لأن وجود الحادث المعين في الأزل محال
(1) أ، ب: امتناع القول بقدمه.
(2) فيما نعلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: لأنه.
(4) ن، م: ترجيحا.
(5) في (أ) ، (ب) : لا ينقضي، وفي (ن) ، (م) : لا إلى أول يقتضي. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
*********************
بالضرورة واتفاق العقلاء، فإن المحدث المعين لا يكون قديما إذ هذا جمع بين النقيضين، وإنما النزاع في دوام نوع الحوادث لا في قدم حادث معين.وفي الجملة (1) ،
فإذا قيل: بجواز دوام الحوادث، وأن نوعها قديم (2) لم يقل إن نوعها حادث (3) بعد أن لم يكن، فإن ما جاز قدمه امتنع عدمه (4) .
والمراد هنا الجواز الخارجي لا مجرد الجواز الذهني الذي هو عدم العلم بالامتناع، فإن ذلك لا يدل على قدم شيء بخلاف الأول، وهو العلم بإمكان قدمه ; لأنه إذا جاز قدمه لم يكن إلا لوجوبه بنفسه، أو لصدوره عن واجب الوجود (5) ، وعلى التقديرين، فما كان واجبا بنفسه، أو لازما للواجب بنفسه لزم كونه قديما، وامتنع كونه معدوما ; لأن الواجب بنفسه يجب قدمه، ويمتنع عدمه، ويمتنع وجود الملزوم بدون اللازم، فيجب قدم لوازمه، ويمتنع عدمها.
وإذا قيل (6) : بجواز دوام الحوادث جاز قدم نوعها، وإنما يجوز قدمها، [ويمتنع عدم نوعها] (7) إذا كان له موجب أزلي، وحينئذ فيجب قدم نوعها، (8 ويمتنع عدم نوعها 8) (8) ، فلا يجب أن يكون بعض العالم أزليا، ثم إنه
(1) ن، م: وبالجملة.
(2) ن، م: وأن يكون نوعها قديما.
(3) ن، م: حادثا، وهو خطأ.
(4) أ، ب: فإن ما جاز قدمه وجب قدمه وامتنع عدمه.
(5) أ، ب: عن واجب الوجود بنفسه.
(6) ن، م: فإذا.
(7) عبارة " ويمتنع عدم نوعها ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) (8 - 8) ساقط من (أ) ، (ب) .
******************************
يحدث فيه الحوادث مع القول بجواز دوامها، بل يمتنع ذلك، كما تقدم، وهذه كلها مقدمات بينة لمن تدبرها وفهمها.
فتبين أنه لو كان شيء من العالم أزليا قديما للزم أن يكون فاعله موجبا بالذات، ولو كان فاعل العالم موجبا بالذات لم يحدث في العالم شيء من الحوادث، والحوادث فيه مشهودة (1) ، فامتنع أن يكون فاعل (2 العالم موجبا بذاته، فامتنع أن يكون 2) (2) العالم قديما، كما قاله أولئك (3) الدهرية، بل ويمتنع أيضا أن يكون المعين الذي هو مفعول الفاعل أزليا، لا سيما مع العلم بأنه فاعل باختياره، فيمتنع أن يكون في العالم شيء أزلي على هذا التقدير الذي هو تقدير إمكان الحوادث ودوامها وامتناع صدور الحوادث بلا سبب حادث.
وإذا قيل: إن فاعل العالم (4) قادر مختار - كما هو مذهب المسلمين، وسائر أهل الملل، وأساطين الفلاسفة الذين كانوا قبل أرسطو (5) - فإنه لا بد أن يكون الفاعل المبدع مريدا لمفعولاته حين فعله لها،
كما قال تعالى: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [سورة النحل: 40] .
ولا يكفي وجود إرادة قديمة تتناول جميع المتجددات بدون تجدد إرادة ذلك الحادث المعين ; لأنه على هذا التقدير يلزم جواز حدوث الحوادث بلا سبب حادث.
(1) ن، م: مشهورة.
(2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: هؤلاء.
(4) ن (فقط) : إن الفاعل العالم، وهو تحريف.
(5) ن، م: أرسطو.
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (35)
صـ 235 إلى صـ 241
ونحن نتكلم على التقدير الآخر، وهو امتناع حدوثها بدون سبب حادث، وإذا كان على هذا التقدير لا بد من ثبوت الإرادة عند وجود المراد، ولا بد من إرادة مقارنة للمراد مستلزمة له امتنع أن يكون في الأزل إرادة يقارنها مرادها سواء كانت عامة لكل ما يصدر عنه (1) ، أو كانت (2) خاصة ببعض المفعولات، فإن مرادها هو مفعول الرب، وهذه الإرادة هي إرادة أن يفعل، ومعلوم أن الشيء الذي يريد الفاعل أن يفعله لا يكون شيئا قديما أزليا لم يزل، ولا يزال، بل لا يكون إلا حادثا بعد أن لم يكن.
[ابن سينا مخالف لأرسطو ولجمهرة الفلاسفة]
وهذا معلوم بضرورة العقل عند عامة العقلاء، وهو متفق عليه عند نظار الأمم المسلمين وغير المسلمين، وجماهير الفلاسفة الأولين والآخرين حتى أرسطو وأتباعه، ولم ينازع في ذلك إلا شرذمة قليلة من المتفلسفة جوز بعضهم أن يكون مفعولا ممكنا، وهو قديم أزلي كابن سينا وأمثاله، وجوز بعضهم مع ذلك أن يكون مرادا.
وأما جماهير العقلاء فيقولون: إن فساد كل من هذين القولين معلوم بضرورة العقل حتى المنتصرون (3) لأرسطو وأتباعه - كابن رشد الحفيد، وغيره - أنكروا كون الممكن يكون قديما أزليا على إخوانهم كابن سينا، وبينوا أنهم خالفوا في هذا القول أرسطو وأتباعه، وهو كما قال. هؤلاء.
(1) ن، م: لكل من يصدر عنه.
(2) ن (فقط) : أو تكون.
(3) ن، م: حتى المنتصرين.
****************************
وكلام أرسطو بين في ذلك في (مقالة اللام) التي هي آخر كلامه في علم ما بعد الطبيعة (1) ، وغير ذلك.وأرسطو وقدماء أصحابه - مع سائر العقلاء - يقولون: إن الممكن الذي يمكن وجوده وعدمه لا يكون إلا محدثا كائنا بعد أن لم يكن، والمفعول لا يكون إلا محدثا، وهم إذا قالوا بقدم الأفلاك لم يقولوا إنها ممكنة ولا مفعولة ولا مخلوقة، بل يقولون: إنها تتحرك للتشبه بالعلة الأولى، فهي [محتاجة إلى العلة الأولى] (2) التي يسميها ابن سينا وأمثاله واجب الوجود من جهة أنه لا بد في حركتها من التشبه به، فهو لها (3) من جنس العلة الغائية لا أنه علة فاعلة لها عند أرسطو. وذويه.وهذا القول - وإن كان من أعظم الأقوال كفرا وضلالا ومخالفة لما عليه جماهير العقلاء [من الأولين والآخرين] (4) ، ولهذا عدل متأخرو الفلاسفة [عنه] (5) ، وادعوا موجبا وموجبا، كما زعمه ابن سينا، وأمثاله،
(1) مقالة " اللام " هي المقالة الثانية عشرة من أربع عشرة مقالة كتبها أرسطو في العلم الإلهي أو الفلسفة الأولى، وقد ضمت هذه المقالات ورتبت حسب أحرف الهجاء اليونانية وسميت بكتاب " الحروف " أو كتاب " الإلهيات " أو كتاب " ما بعد الطبيعة "، وقد ترجم الفلاسفة العرب والمسلمون هذا الكتاب وشرحوه - كما فعل ابن رشد - ولكنهم اهتموا بمقالة اللام بوجه خاص، فترجموها أكثر من مرة وشرحوها وعلقوا عليها. وانظر في ذلك كتاب " أرسطو عند العرب " نشر الدكتور عبد الرحمن بدوي، القاهرة، 1947 ; وانظر الفهرست لابن النديم، ص 251. وقد ترجم الدكتور أبو العلا عفيفي مقالة اللام (انظر: مجلة كلية الآداب بجامعة القاهرة (فؤاد الأول) ، الجزء الأول من المجلد الخامس، القاهرة 1939) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط
(3) ن، م: فهو له، وهو خطأ.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) عنه: ساقطة من (ن) فقط.
****************************** *
وأساطين الفلاسفة قبل أرسطو لم يكونوا يقولون بقدم العالم، بل كانوا مقرين بأن الأفلاك محدثة كائنة بعد أن لم تكن مع نزاع منتشر لهم في المادة - فالمقصود (1) هنا أن هؤلاء مع ما فيهم من الضلال لم يرضوا لأنفسهم أن يجعلوا الممكن الذي يمكن وجوده وعدمه قديما أزليا،
بل قالوا: إنه لا يكون إلا محدثا،
ولا رضوا لأنفسهم أن يقولوا: إن المفعول المصنوع المبدع قديم أزلي، ولا أن المراد الذي أراد الباري فعله هو قديم أزلي، فإن فساد هذه الأقوال ظاهر في بدايه (2) العقول، وإنما ألجأ إليها من قالها من متأخريهم ما التزموه من الأقوال المتناقضة التي ألجأتهم إليها.
كما أن كثيرا من أهل الكلام ألجأتهم أصول لهم فيها إلى أقوال يعلم فسادها بضرورة العقل مثل إرادة أو كلام لا في محل، ومثل شيء واحد بالعين يكون حقائق متنوعة (3) ، ومثل أمر سبق (4) بعضه بعضا يكون قديم الأعيان لم يزل كل شيء منه قديما أزليا، وأمثال ذلك.
وما يذكره الرازي، [وأمثاله.] (5) في هذه المسألة، وغيرها من إجماع الحكماء كدعواه إجماعهم على علة الافتقار هي الإمكان، وأن الممكن المعلول يكون قديما أزليا، فهو إنما يذكر ما وجده في كتب ابن سينا، ويظن أن هذا إجماع الفلاسفة.
(1) ن، م: والمقصود.
(2) ن، م، أ: بداية ; ب: بداهة. ولعل الصواب ما أثبته.
(3) ن، حقائقا متنوعة ; أ: حقائق متبوعة.
(4) أ، ب: يسبق.
(5) وأمثاله: ساقطة من (ن) ، (م) .
******************************
[أكثر الفلاسفة يقولون إن الفعل لا يكون إلا بعد عدم]
ولما كان كون المفعول لا يعقل إلا بعد العدم ظاهرا كان الفلاسفة يجعلون من جملة علل الفعل (1) العدم، ويجعلون العدم من جملة المبادئ، وعندهم من جملة الأجناس العالية للأعراض أن يفعل وأن ينفعل، ويعبرون عنهما (2) بالفعل والانفعال.
فإذا قيل: إن البارئ فعل شيئا من العالم لزم أن يقوم به أن يفعل، وهو الفعل، فيقوم به الصفات التي سموها الأعراض، ولزم أن الفعل لا يكون إلا بعد عدم لا يكون مع كون المفعول قديما أزليا،
وقالوا: لما كان ما يسمونه الحركة أو التغير (3) ، أو الفعل محتاجا إلى العدم، والعدم ليس بمحتاج إليه كان العدم مبدءا له بهذا الاعتبار، ومرادهم أنه شرط في ذلك، فإنه لا يكون حركة ولا فعل ونحو ذلك مما قد يسمونه تغيرا واستكمالا إلا بوجود بعد عدم إما عدم ما كان موجودا وإما عدم مستمر كعدم المستكمل ما كان معدوما له، ثم حصل، فإذن هذا المتغير والمستكمل (4) ، والمتحرك والمفعول محتاج إلى العدم، والعدم غير محتاج إليه، فصار العدم مبدءا له بهذا الاعتبار، ولهذا كان الفعل، والانفعال المعروف في العالم إنما هو ما (5) يحدث من تأثير الفاعل وتأثير الفعل، لا يعقل فعل (6) . ولا انفعال بدون حدوث شيء بعد عدم.
(1) ن (فقط) : العقل، وهو تحريف.
(2) ن، م: عنها.
(3) ن: والتغيير ; م: والتغير.
(4) أ، ب: المستكمل والمتغير.
(5) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن (فقط) : وفعل، وهو تحريف.
****************************** ***
[حجج ابن سينا وغيره على أن الفعل لا يشترط فيه تقدم العدم]
[البرهان الأول والرد عليه].
ثم هؤلاء الشذوذ من المتأخرين الذين زعموا أن الفعل لا يشترط فيه تقدم العدم قد ذكروا لهم (1) حججا ذكرها ابن سينا وغيره من متأخريهم، واستقصاها الرازي في (مباحثه المشرقية) ، وذكر في ذلك ما سماه عشرة (2) براهين، وكلها باطلة (3) .قال (4) :
الأول (5) : المحتاج (6) إلى العدم السابق إما أن يكون هو وجود الفعل، وإما أن يكون [هو] (7) تأثير الفاعل فيه، ومحال أن يكون المفتقر إلى العدم السابق هو وجود الفعل (8) ; لأن الفعل لو افتقر في وجوده إلى العدم لكان ذلك العدم مقارنا له، والعدم المقارن مناف لذلك الوجود، ومحال أن يكون المفتقر إليه تأثير الفاعل (9) ; لأن تأثير الفاعل يجب أن يكون مقارنا للأثر، ووجود الأثر ينافي عدمه، والمنافي لما يجب أن يكون مقارنا يجب أن يكون منافيا، والمنافي لا يكون شرطا، فإذن لا الفعل
(1) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: عشر، وهو خطأ.
(3) سيورد ابن تيمية نصوصا من كلام الرازي في كتابه " المباحث المشرقية " وسأقابل هذه النصوص على الجزء الأول من الأصل المطبوع بحيدرأباد سنة 1343 هـ، وهو الذي سأرمز له بحرف " ش ".
(4) ما يلي من كلام الرازي في " ش "، ج [0 - 9] ، ص 485.
(5) ب: البرهان الأول.
(6) ش: (إن) المحتاج.
(7) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: العقل، وهو تحريف.
(9) ش:. (هو) تأثير.
***************************
في كونه موجودا. ولا (1) حاصلا. ولا الفاعل في كونه مؤثرا يفتقر (2) إلى العدم المنافي (3)) .فيقال [في] (4) الجواب: إنه ليس المراد بكون المفعول أو فعل الفاعل مفتقرا إلى العدم أن العدم مؤثر فيه حتى يجب أن يكون مقارنا له، بل المراد أنه لا يكون إلا بعد العدم، كما قالوا هم: إن العدم من جملة المبادئ سواء جعلوه مبدءا لمطلق الفعل [أو الحركة] (5) ، أو الحركة والتغير والاستكمال، فالمقصود أنهم جعلوا ذلك مفتقرا إلى العدم بمعنى أنه لا يكون إلا بعد عدم شيء لا بمعنى أن العدم مقارن له.ومعلوم أنه إذا قيل: إن الحركة لا تكون إلا شيئا بعد شيء - أو الصوت - كان الحادث من ذلك موقوفا على وجود ما قبله، وإن لم يكن مقارنا له.وأيضا، فالشيء المعدوم إذا عدم بعد وجوده كان هذا العدم الحادث مفتقرا إلى ذلك الوجود السابق، ولم يكن مقارنا له.[وأيضا] (6) ، فهذا الذي قاله يلزمه في كل ما يحدث [فإن كل ما يحدث فإنما يحدث] (7) بعد عدمه، فحدوثه متوقف على عدمه السابق لوجوده مع أن ذلك العدم ليس مقارنا (8) له، فإن طردوا حجتهم لزمهم
(1) ولا: ليست في (ش) .
(2) يفتقر: كذا في جميع النسخ، وفي (ش) : مفتقرا.
(3) المنافي: كذا في جميع النسخ، وفي (ش) : السابق.
(4) في: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أو الحركة: ساقطة من (ن) فقط.
(6) وأيضا: ساقطة من (ن) فقط.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) أ: العدم مقارنا ; ب: العدم مقارن.
****************************** *****
أن لا يحدث حادث، وهذه مكابرة، وهذا شأنهم في عامة (1) حججهم التي يذكرونها في قدم العالم، (2 فإن مقتضاها أن لا يحدث شيء وحدوث الحوادث في العالم 2) (2) مشهود (3) ، فكانت حججهم مما يعلم أنها من جنس شبه السوفسطائية.
وهذا كحجتهم (4) العظمى التي يحتجون بها على أنه مؤثر تام في الأزل، وأن المؤثر التام يستلزم أثره، فإن مقتضاها (5) أن لا يحدث شيء، وهم ضلوا حيث لم يفرقوا بين مطلق المؤثر، وبين المؤثر في كل ممكن.
فإذا قالوا (6) : كونه مؤثرا إما أن يكون لذاته المخصوصة، أو لأمر لازم لها، أو لأمر منفصل عنها، والثالث ممتنع ; لأن ذلك المنفصل هو من جملة آثاره، فيمتنع أن يكون مؤثرا فيه لامتناع الدور في العلل، وعلى الأول والثاني يلزم [دوام] (7) كونه مؤثرا.
قيل لهم: كونه مؤثرا يراد به أنه مؤثر في وجود كل ما صدر عنه، ويراد به أنه مؤثر في شيء معين من العالم، ويراد به أنه مؤثر في الجملة: مثل (8) أن يكون مؤثرا في شيء (9) بعد شيء.
(1) عامة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) (2 - 2) : ساقطة من (م) فقط.
(3) ن، م: مشهودة.
(4) م، ن: فهذا حجتهم.
(5) أ، ب: فإن مقتضى هذه.
(6) ن، م: فإذا قيل.
(7) دوام: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن (فقط) : قبل، وهو تحريف.
(9) أ، ب: مؤثرا شيئا.
***********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (36)
صـ 242 إلى صـ 248
والأول والثاني ممتنعان في الأزل لا سيما الأول (1) ، فإنه لا يقوله عاقل، والحجة لا تدل على تأثيره في كل شيء في الأزل، ولا في شيء معين في الأزل.وأما الثالث فيناقض قولهم لا يوافقه، بل يقتضي حدوث كل ما سواه، فإذا (2) كان تأثيره من لوازم ذاته، والحوادث مشهودة، بل التأثير لا يعقل إلا مع الإحداث كان الإحداث الثاني مشروطا بسبق الأول وبانقضائه أيضا، وذلك من لوازم ذاته شيئا بعد شيء.
فلا يكون في الحجة ما يدل على قولهم، ولا على ما يناقض ما أخبرت به الرسل، وإن دل على بطلان قول طائفة من أهل الكلام المحدث في دين الإسلام من الجهمية، والقدرية، ومن اتبعهم.
وكذلك ما يحتجون به على بطلان الإحداث والتأثير، ونحو ذلك من الشبه المقتضية (3) نفي التأثير ونفي ترجيح وجود الممكن على عدمه، ونفي كونه فاعلا لحكمة، أو لا لحكمة، وغير ذلك مما يذكر في هذا الباب، فإن جميعها تقتضي أن لا يحدث في العالم حادث، وهذا خلاف المشاهدة، وكل حجة تقتضي خلاف المشهود فهي من جنس [حجج] (4) السفسطة.وهم كلهم متفقون على أن العدم من جملة العلل، وهو مأخوذ عن
(1) عبارة " لا سيما الأول: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: وإذا.
(3) ب: أو نحو ذلك مثل الشبهة المقتضية.
(4) حجج: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
أرسطو قال أرسطو في (مقالة اللام) التي هي منتهى فلسفته، وهي علم ما بعد الطبيعة:(. وأما على طريق المناسبة، فأخلق بنا - إن نحن اتبعنا ما وصفنا -
أن نبين أن مبادئ جميع الأشياء الموجودة ثلاثة: العنصر، والصورة، والعدم. مثال ذلك في الجوهر المحسوس أن الحر نظير الصورة والبرد نظير العدم والعنصر هو الذي له هذان بالقوة، وفي باب الكيف يكون البياض نظير الصورة والسواد نظير العدم، والشيء الموضوع لهما هو السطح في قياس العنصر، ويكون الضوء نظير الصورة، والظلمة نظير العدم، والجسم القابل للضوء هو الموضوع لهما، فليس يمكن على الإطلاق أن تجد عناصر هي بأعيانها عناصر لجميع الأشياء، وأما على طريق المناسبة والمقايسة فأخلق بها أن توجد) .
قال: (وليس طلبنا الآن طلب عنصر الأشياء الموجودة لكن قصدنا إنما هو طلب مبدئها، وكلاهما سبب لها إلا أن (1) المبدأ قد يجوز أن يوجد خارجا عن الشيء مثل السبب المحرك، وأما العناصر فلا يجوز أن تكون إلا في الأشياء التي هي منها، وما كان عنصرا، فليس [مانع] (2) يمنع من أن يقال له مبدأ، وما كان مبدءا، فليس له عنصر لا محالة.وذلك أن المبدأ المحرك قد يجوز أن يكون خارجا عن المحرك، ولكن (3) المحرك القريب من الأشياء الطبيعية هو مثل الصورة، وذلك أن
(1) ن (فقط) : لأن.
(2) مانع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: لأن.
***************************
الإنسان إنما يلده إنسان، وأما في الأشياء الوهمية، فالصورة أو العدم، مثال ذلك الطب والجهل به، [والبناء والجهل به] (1) ، وفي كثير من الأمور يكون السبب المحرك هو الصورة، من ذلك أن الطب من وجه ما هو الصحة ; لأنها المحركة، وصورة البيت من وجه ما هي البناء، والإنسان إنما يلده إنسان (2) .وليس قصدنا لطلب المحرك القريب لكن قصدنا للمحرك الأول الذي منه يتحرك جميع الأشياء، فالأمر فيه بين أنه جوهر، وذلك أنه مبدأ الجواهر (3) ،
ولا يجوز أن يكون مبدأ الجواهر (4) إلا جوهرا، وهو مبدأ الجواهر (5) ،
ومبدأ جميع الأشياء الموجودة، ولم يكن التهيب من التصريح بهذا فيما تقدم صوابا، فإن سائر الأشياء إنما هي أحداث وحالات للجوهر، وحركات له، وينبغي أن نبحث عن هذا الجوهر الذي يحرك الجسم كله ما هو هل يجب أن نضع أنه نفس، أو أنه عقل، أو أنه غيرهما بعد أن نحذر ونتوقى أن نحكم على المبدأ الأول بشيء من الأعراض التي تلزم الأواخر من الأشياء الموجودة، ولكنه قد يوجد في أواخر الأشياء الموجودة ما هو بالقوة، وأن يكون الشيء في الأوقات المختلفة على حالات مختلفة، وأن لا يكون دائما على حال واحدة، والأشياء التي تقبل الكون والفساد هي التي توجد بهذه الحال، فإنك تجد الشيء فيها بعينه مرة بالقوة، ومرة بالفعل.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) أ، ب: الإنسان.
(3) ن، م: الجوهر.
(4) ن، م: الجوهر.
(5) ن، م: الجوهر.
****************************** ***
مثال ذلك أن الخمر توجد بالفعل (1) بعد أن تغلى وتسكر، وقد تكون موجودة بالقوة في وقت آخر إذ (2) كانت الرطوبة التي فيها تتولد إنما هي في نفس الكرم واللحم. وربما كان بالفعل، وربما كان بالقوة في العناصر التي عنها تتولد، وإذا قلنا بالقوة، أو بالفعل، فليس نعني شيئا غير الصورة والعنصر، ونعني بالصورة التي يمكن أن تنفرد (3) من المركب من الصورة والعنصر، فأما المنفرد فمثل الضوء والظلمة إذ كان يمكن فيها أن تنفرد عن الهواء، والمركب منهما فمثل البدن الصحيح، [والبدن] السقيم (4) ، وأعني بالعنصر الشيء الذي يمكن فيه أن يحتمل الحالتين كلتيهما مثل البدن، فربما كان صحيحا، وربما كان سقيما.
فهذا الشيء الذي بالفعل، والذي بالقوة قد يختلف لا في العناصر الموجودة في الأشياء المركبة منهما أعني من الصورة والعنصر (5) لكن في الأشياء الخارجة عن الأشياء المركبة أيضا التي لم يكن عنصرها عنصر الأشياء التي تكون عنها ولا صورتها صورتها لكن غيرها.
فينبغي أن يكون هذا الأمر قائما في وهمك إذا قصدت البحث عن السبب الأول أن بعض العلل المحركة موافقة في الصورة للشيء المتحرك (6) قريبة منه، وبعضها أبعد منه أما العلة القريبة (7) ، فمثل الأب،
(1) ن، م: بالعقل، وهو تحريف.
(2) ن، م: إذا.
(3) ب: تقرر.
(4) ن، م: البدن الصحيح والسقيم.
(5) ن، م، أ: منها أعني في الصورة والعنصر. والمثبت من (ب) .
(6) م، أ، ب: المحرك.
(7) القريبة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
****************************** *****
وأما الشمس، فهي (1) علة أبعد، وأبعد من الشمس الفلك المائل، وهذه الأشياء ليست عللا على طريق عنصر الشيء الحادث، أو (2) على طريق صورة، ولا على طريق عدم لكنها إنما هي محركة، وهي محركة لا على أنها موافقة. (3) في الصورة قريبة مثل الأب لكنها أبعد، وأقوى فعلا إذ كانت هي ابتداء العلل القريبة أيضا (4)) .
وذكر كلاما آخر ليس هذا موضع بسطه.
[البرهان الثاني والرد عليه]
ثم ذكر الرازي:(البرهان الثاني (5) : وهو أن الفعل ممكن الوجود في الأزل لثلاثة أوجه:أحدها: أنه لو [لم يكن كذلك] لكان ممتنعا، ثم صار ممكنا، ولكان الممتنع (6) لذاته قد انقلب ممكنا لذاته (7) ، وهذا يرفع الأمان (8) عن القضايا العقلية (9) .
(1) ن، م: فهو.
(2) ب (فقط) : ولا.
(3) أ، ب: لموافقة.
(4) لا نعلم بالضبط أي ترجمة من ترجمات " مقالة اللام " رجع إليها ابن تيمية على أن النصوص التي أوردها هنا تقابل تقريبا ما أورده ابن رشد في كتاب " تفسير ما بعد الطبيعة " (انظر المجلد الثالث، الجزء السابع، ص (1517، 1523، 1522، 1528، 1531، 1537، 1535)
(5) لا يتقيد ابن تيمية في سرده للبرهان الثاني بألفاظ الرازي، وإنما يلخص المعنى ويذكره بعباراته الخاصة أحيانا.
(6) ن، م: لو كان ممتنعا ثم صار ممكنا لكان الممتنع.
(7) لذاته: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: الإمكان ; ن، م، ش (ص 486) : الأمان، وهو الصواب.
(9) القضايا العقلية: كذا في (ن) ، (م) ، (ش) وهو الصواب. وفي (أ) ، (ب) : القضاء بالعقلية.
*****************************
وثانيها: أنه ممكن فيما لا يزال، فإن كان إمكانه لذاته، أو لعلة دائمة لزم دوام الإمكان، وإن كان لعلة حادثة كان باطلا ; لأن الكلام في إمكان حدوث تلك العلة كالكلام في إمكان حدوث غيرها، فيلزم دوام إمكان (1) الفعل.
وثالثها: أن امتناع الفعل إن كان لذاته، أو لسبب واجب لذاته (2) لزم دوام الامتناع، وهو باطل بالحس والضرورة وإجماع العقلاء لوجود الممكنات، وإن كان لسبب غير واجب امتنع كونه قديما، فإن ما وجب قدمه امتنع عدمه، ثم الكلام (3) فيه كالكلام في الأول،
[فكونه ممتنعا في الأزل لعلة حادثة ظاهر البطلان، فإن القديم لا يكون لعلة حادثة] (4)) .
قال (5) : (فثبت أنه لا يمكن دعوى امتناع حصول الممكنات في الأزل،
ولا يمكن أن يقال: المؤثر (6) ما كان يمكن أن يؤثر فيه، ثم صار يمكن، فإن القول في امتناع التأثير وإمكانه كالقول في امتناع وجود الأثر وإمكانه) .قال (7) : فثبت أن استناد الممكنات إلى المؤثر لا يقتضي تقدم العدم عليها.
(1) ن (فقط) : إمكان دوام.
(2) ن، م: أو بسبب واجب دائم.
(3) ن، م: عدمه والكلام.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) أي الرازي في " المباحث المشرقية " 1/486.
(6) ش: يقال بأن المؤثر. إلخ.
(7) في " ش " 1/487.
************************
قال (1) : (وعلى هذه الطريقة إشكال ; لأنا نقول: (الحادث) إذا اعتبرناه من حيث كونه مسبوقا بالعدم،
فهو مع هذا الشرط لا يمكن أن يقال: بأن إمكانه يتخصص بوقت دون وقت لما ذكرتموه من الأدلة، فإذن (2) إمكانه ثابت دائما، ثم لا يلزم من دوام إمكانه خروجه عن الحدوث ; لأنا لما أخذناه من حيث كونه مسبوقا بالعدم كانت مسبوقيته بالعدم جزءا ذاتيا له، والجزء الذاتي لا يرفع، وإذا لم يلزم من إمكان حدوث الحادث من حيث إنه حادث خروجه عن كونه حادثا، فقد بطلت هذه الحجة) .قال (3) : (فهذا شك لا بد من حله) .
قلت: فيقال: (4) هذا الشك هو المعارضة التي اعتمد عليها في كتبه الكلامية (كالأربعين) (5) ، وغيره، وعليها اعتمد الآمدي في (دقائق الحقائق) ، وغيره (6) ،
وهي باطلة لوجهين: أحدهما: أنه ليس فيها جواب عن حجتهم، بل هي معارضة محضة،
الثاني: أن يقال: قوله (الحادث)
(1) بعد الكلام السابق مباشرة.
(2) ن: فإن ذا ; م: فإن إذا.
(3) بعد الكلام السابق مباشرة.
(4) فيقال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) وهو كتاب " الأربعين في أصول الدين " وقد طبع بحيدرآباد سنة 1353.
(6) هو أبو الحسن علي بن أبي علي محمد بن سالم الثعلبي، سيف الدين الآمدي الحنبلي ثم الشافعي، من أئمة الأشاعرة، وقد صنف في أصول الدين والفقه والمنطق والحكمة والخلاف. ومن أشهر كتبه " أبكار الأفكار " و " دقائق الحقائق " وقد توفي بدمشق سنة 631. ترجمته في ابن خلكان 2/455 - 456 ; طبقات الشافعية 8/306 - 307 ; شذرات الذهب 5/144 - 145 ; الأعلام 5/153.
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (37)
صـ 249 إلى صـ 255
إذا (1 اعتبر من حيث هو حادث أتعني به إذا قدر أن الحوادث كلها لها أول، فإذا 1) (1) اعتبر مع ذلك إمكانها، فلا أول له، أم تعني به أن كل حادث تعتبره إذا اعتبر إمكانه؟ .فإن عنيت الأول قيل لك (2) : لا نسلم إمكان هذا التقدير، فإنك قدمت أنه لا بد لكل حادث من أول وجملة الحوادث مسبوقة بالعدم وأن لا يكون الفاعل أحدث شيئا ثم أحدث، وقدرت [مع] (3) ذلك أن إحداثه لم يزل ممكنا، ونحن لا نسلم إمكان الجمع بين هذين، فأنت (4) إنما منعت دوام كونه محدثا في الأزل لامتناع حوادث لا أول لها، ومع امتناع ذلك يستحيل أن يكون الإحداث لم يزل ممكنا، فقد قدرت إمكان دوام الحدوث (5) مع امتناع دوامه، وهذا تقدير لاجتماع النقيضين.
وأما إن عنيت بما تقدره حدوث حادث معين، فلا نسلم أن إمكانه أزلي، بل حدوث كل حادث معين جاز أن يكون مشروطا بشروط تنافي أزليته، وهذا هو الواقع، كما يعلم ذلك في كثير من الحوادث، فإن حدوث ما هو مخلوق من مادة يمتنع قبل وجود المادة، [ولكن الجواب عن هذه الحجة أنها لا تقتضي إمكان قدم شيء بعينه، كما قد بسط في موضع آخر، فلا يلزم من ذلك إمكان قدم شيء بعينه من الممكنات، وهو المطلوب] (6) .(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب)
(2) ن، م: لكم.
(3) مع: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن، م: وأنت.
(5) ن، م: دوام إمكان الحدث.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
************************
[البرهان الثالث والرد عليه].
قال. الرازي: (1) .
(. البرهان الثالث: الحوادث إذا وجدت واستمرت، فهي في حال استمرارها محتاجة إلى المؤثر ; لأنها ممكنة في حال بقائها، كما كانت ممكنة في حال حدوثها، والممكن يفتقر إلى المؤثر) (2) .
فيقال: هذه الحجة إنما تدل على أن الممكنات المحدثة تحتاج حال بقائها إلى المؤثر، ونحن نسلم هذا. (3) كما سلمه جمهور النظار [من] (4) المسلمين، وغيرهم، وإنما نازع في ذلك طائفة من متكلمي المعتزلة، وغيرهم لكن هذا لا يدل على أن الممكن أن يوجد وأن يعدم يمكن مقارنته للفاعل أزلا وأبدا إلا إذا بين إمكان كونه أزليا أبديا مع إمكان وجوده وعدمه، وهذا محل النزاع كيف وجمهور العقلاء يقولون: لا يعقل ما يمكن أن يوجد وأن لا يوجد إلا ما يكون حادثا، وأما القديم الأزلي الواجب بنفسه أو بغيره فلا يعقل فيه أن (5) يمكن أن يوجد وأن لا يوجد، فإن عدمه ممتنع.
وإذا قيل: هو باعتبار ذاته يقبل الأمرين.
قيل: عن هذا جوابان:
أحدهما: أنه مبني على أن له حقيقة في الخارج غير وجوده الثابت في الخارج، وهذا باطل.(1) في (ش) 1/487 بعد الكلام السابق مباشرة.
(2) اختصر ابن تيمية البرهان الثالث اختصارا شديدا، انظر (ش) : ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 87، 488.
(3) ن، م: ذلك.
(4) من: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: أنه.
*******************
الثاني: أنه لو قدر أن الأمر كذلك فمع وجوب موجبه الأزلي يكون واجبا أزلا وأبدا، فيمتنع العدم، كما يقوله أهل السنة في صفات الرب تعالى، وهذا لا يعقل فيه أنه يمكن وجوده وعدمه، ولا أن له فاعلا يفعله (1) ، كما أنه لا يعقل مثل ذلك في الصفات اللازمة للقديم تعالى.
[البرهان الرابع والرد عليه]
قال الرازي:(البرهان الرابع: أن افتقار الأثر إلى المؤثر إما لأنه (2) موجود في الحال، أو لأنه كان معدوما، أو لأنه سبقه عدم (3) ، ومحال أن يكون العدم السابق هو المقتضي، فإن العدم نفي محض، فلا حاجة له إلى المؤثر أصلا. ومحال أن يكون هو كونه مسبوقا بالعدم ; لأن [كون] (4) الوجود مسبوقا بالعدم كيفية تعرض للوجود بعد حصوله على طريق الوجوب ; لأن وقوعه على (5) نعت المسبوقية بالعدم (6) كيفية لازمة بعد وقوعه، فإنه يستحيل أن يقع إلا (7) كذلك، والواجب غني عن المؤثر، فإذن المفتقر هو الوجود، والوجود عارض للماهية، فلا يعتبر في افتقاره إلى الفاعل تقدم العدم) (8) .(1) يفعله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ش (ص 489) : إما أن يكون لأنه. إلخ.
(3) أ، ب: سبقه الحدث ; ن، ش (ص 489) : سبقه عدم، وهو الصواب.
(4) كون: ساقطة من (ن) فقط.
(5) على: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ش: على طريق الوجوب (فإن حصول الوجود وإن كان على طريق الجواز) إلا أن وقوعه على نعت المسبوقية بالعدم. إلخ.
(7) إلا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) اختصر ابن تيمية البرهان الرابع كما فعل في البرهان الثالث.
******************************
والجواب أن يقال: قوله: افتقاره إلى المؤثر إما أن يكون لكذا أو لكذا. إما أن يريد به إثبات السبب الذي لأجله صار مفتقرا إلى المؤثر، وإما أن يريد به إثبات دليل يدل على كونه مفتقرا إلى المؤثر، فإن ما يقرن بحرف اللام على جهة التعليل قد يكون علة للوجود في الوجود الخارجي، وقد يكون علة للعلم بذلك وثبوته في الذهن، وهذا يسمى دليلا وبرهانا وقياس الدلالة وبرهان الدلالة، والأول إذا استدل به سمي قياس العلة، وبرهان العلة، وبرهان (لم) لأنه يفيد علة الأثر في الخارج، وفي الذهن (1) .
فقول القائل: الافتقار إلى المؤثر: إما أن يكون لأجل الحدوث أو الإمكان، أو لمجموعهما، وما يذكره طائفة من المتأخرين من الأقوال الثلاثة في ذلك، فحقيقته أن يقال: أتريدون البحث عن [نفس] (2) العلة الموجبة في نفس الأمر لهذا الافتقار أم البحث عن الدليل الدال على هذا الافتقار؟ .
فإن أردتم الأول قيل لكم: هذا فرع ثبوت كون افتقار المفعول إلى الفاعل إنما هو لعلة أخرى، ولم تثبتوا ذلك، بل لقائل أن يقول: كل ما سوى الله مفتقر إليه لذاته، وحقيقته لا لعلة أوجبت كون ذاته وحقيقته مفتقرة إلى الله، ومن المعلوم أنه لا يجب في كل حكم وصفة توصف بها الذوات (3) أن تكون ثابتة لعلة (4) ، فإن هذا يستلزم التسلسل الممتنع،
(1) ن، م: في الخارج في الذهن.
(2) نفس: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: الذات.
(4) أ (فقط) : لفعله، وهو تحريف.
**************************
فإن (1) افتقار كل ما سوى الله إلى الله هو حكم وصفة ثبت لما سواه، فكل ما سواه سواء سمي محدثا أو ممكنا أو مخلوقا أو غير ذلك هو مفتقر محتاج إليه لا يمكن استغناؤه عنه بوجه من الوجوه، ولا في حال من الأحوال، بل كما أن غنى الرب من لوازم ذاته، ففقر الممكنات من لوازم ذاتها، وهي لا حقيقة لها إلا إذا كانت موجودة، فإن المعدوم ليس بشيء، فكل [ما هو] (2) موجود سوى الله، فإنه مفتقر إليه دائما حال حدوثه وحال بقائه.
وإن أريد بعلة الافتقار إلى الفاعل ما يستدل به على ذلك، فيقال: كون الشيء حادثا بعد أن لم يكن دليل على أنه مفتقر إلى محدث يحدثه (3) ، وكونه ممكنا لا يترجح (4) وجوده على عدمه إلا بمرجح تام، دليل على أنه مفتقر إلى واجب يبدعه، وكونه ممكنا محدثا دليلان ; لأن كلا منهما (5) دليل على افتقاره، وهذه الصفات وغير ذلك من صفاته: مثل كونه محدثا (6) ، وكونه، فقيرا، [وكونه مخلوقا] (7) ، ونحو ذلك تدل على احتياجه إلى خالقه، فأدلة احتياجه إلى خالقه (8) كثيرة، وهو محتاج إليه لذاته لا لسبب آخر.(1) ن، م: فإذن.
(2) ما هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن: إلى حادث يحدثه.
(4) ن، م: لا يرجح.
(5) ن، م: دليلان كل منهما.
(6) عبارة " كونه محدثا ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) عبارة " وكونه مخلوقا ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: إلى الخالق.
****************************** **
وحينئذ فيمكن أن يقال: وجوده دليل على افتقاره إلى خالقه (1) ، وعدمه السابق دليل على افتقاره إلى الخالق (2) ، وكونه موجودا بعدم العدم دليل على افتقاره إلى الخالق، فلا منافاة بين الأقسام، وعلى هذا، فلا يصح قوله: (العدم نفي محض، فلا حاجة له إلى المؤثر أصلا) وذلك أنا (3) [إذا] (4) جعلنا عدمه دليلا على أنه (5) لا يوجد بعد العدم إلا بفاعل لم يجعل عدمه هو المحتاج إلى المؤثر، بل نظار المسلمين يقولون: إن الممكن لا يفتقر إلى المؤثر إلا في وجوده، وأما عدمه المستمر فلا يفتقر فيه إلى المؤثر.
وأما هؤلاء الفلاسفة (6) كابن سينا، [ومن تبعه] كالرازي (7) ، فيقولون: إنه لا يترجح أحد طرفي الممكن على الآخر إلا بمرجح، فيقولون: لا يترجح عدمه على وجوده إلا بمرجح، كما يقولون: لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح، ثم قالوا: مرجح العدم عدم المرجح، فعلة كونه معدوما عدم علة كونه موجودا.
وأما نظار المسلمين، فينكرون هذا غاية الإنكار، كما ذكر ذلك(1) ن، م: إلى الخالق.
(2) م: دليل على إمكانه ; أ، ب: دليل على افتقاره. وسقطت عبارة " إلى الخالق ".
(3) ب: وكذلك.
(4) إذا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: أن.
(6) ن، م: المتفلسفة.
(7) ن، م: كابن سينا والرازي.
*****************************
القاضي أبو بكر (1) ، والقاضي أبو يعلى وغيرهما من نظار المسلمين، وهذا هو الصواب.
وقول أولئك: علة عدمه عدم علته، فيقال لهم: أتريدون أن عدم علته مستلزم لعدمه، ودليل على عدمه أم تريدون أن عدم علته هو الذي جعله معدوما في الخارج؟ .
أما الأول فصحيح، ولكن ليس هو قولكم.وأما الثاني فباطل، فإن عدمه المستمر لا يحتاج إلى علة إلا كما يحتاج عدم العلة إلى علة، ومعلوم أنه إذا قيل: عدم لعدم علته قيل: وذلك العدم أيضا لعدم علته، وهذا مع أنه يقتضي التسلسل في العلل، والمعلولات، وهو باطل بصريح العقل، فبطلانه ظاهر، ولكن المقصود بيان بعض تناقض هؤلاء الملاحدة المتفلسفة المخالفين لصريح المعقول، وصحيح المنقول.
وكذلك قوله: (لأن كونه مسبوقا بالعدم كيفية تعرض للوجود بعد حصوله) . وهي لازمة [له] لا علة له (2) .
فيقال: هذا ليس بصفة ثبوتية له، بل هي صفة إضافية معناها أنه كان بعد أن لم يكن، ثم لو قدر أنها صفة لازمة له، فالمراد أنها دليل على افتقاره إلى المؤثر، وأيضا فأنت قدرت هذا علة افتقاره لم تقدره معلول افتقاره، فكونه غنيا (3) لا يمنع كونه علة، وإنما يمنع كونه معلولا.
(1) وهو ابن الباقلاني.
(2) ن، م: وهي لازمة لا علة لها ; أ: وهي لازمة له لا علة لها. والمثبت من (ب) .
(3) ن، م: فكونه عينا، وهو تحريف.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (38)
صـ 256 إلى صـ 262
وإن (1) قال: هذه متأخرة عن افتقاره، والمتأخر لا يكون علة للمتقدم.
قيل: هذا ذكرته في مواضع أخر لا هاهنا، وجوابه أنه دليل على الافتقار لا موجب له. والدليل متأخر عن المدلول عليه باتفاق العقلاء.
فإن قيل: إن كان الحدوث دليلا على الافتقار إلى المؤثر لم يلزم (2) أن يكون كل مفتقر إلى المؤثر حادثا ; لأن الدليل يجب طرده، ولا يجب عكسه.
قيل: نعم،
انتفاء الدلالة من هذا الوجه لا ينفي الدلالة من وجوه أخر مثل أن يقال: شرط افتقاره إلى الفاعل كونه محدثا، والشرط يقارن المشروط، وهذا أيضا مما يبين به (3) الاقتران فيقال: علة الافتقار [بمعنى شرط افتقاره] (4) كونه محدثا أو ممكنا أو مجموعهما، والجميع حق،
ومثل أن يقال: إذا أريد بالعلة المقتضي لافتقاره إلى الفاعل هو حدوثه أي كونه مسبوقا بالعدم، فإن كل ما كان مسبوقا بالعدم (5) هو ثابت حال افتقاره إلى الفاعل، فإن افتقاره إلى الفاعل هو حال حدوثه، وتلك الحال هو فيها مسبوق بالعدم، فإن كل ما كان مسبوقا بالعدم كان كائنا بعد أن لم يكن، وهذا المعنى يوجب افتقاره إلى الفاعل.(1) أ، ب: وإذا.
(2) ن، م: لم يلزمه.
(3) م، أ، ب: مما تبين به.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: وكونه مسبوقا بالعدم.
**************************
[البرهان الخامس والرد عليه].
قال [الرازي] (1)
:(. البرهان الخامس: أنه إما أن يتوقف جهة افتقار الممكنات إلى المؤثر، أو جهة تأثير المؤثرات (2) فيها على الحدوث، أو لا تتوقف، والأول قد أبطلناه في باب (3) (القدم والحدوث) فثبت أن الحدوث غير معتبر في جهة الافتقار) .
فيقال: ما ذكرته في ذلك قد بين إبطاله أيضا، وأن كل ما يفتقر إلى الفاعل لا يكون إلا حادثا، وأما القديم الأزلي، فيمتنع أن يكون مفعولا. والذي ذكرته في كتاب (الحدوث والقدم) في (المباحث المشرقية) هو الذي جرت عادتك بذكره في (المحصل) وغيره، وهو أن الحدوث عبارة عن كون الوجود مسبوقا بالعدم، وبالغير، فهو صفة للوجود، فيكون متأخرا عنه، وهو متأخر عن تأثير المؤثر فيه، المتأخر عن احتياجه إليه المتأخر عن علة الحاجة، فلو كان الحدوث علة الحاجة إلى الحدوث، أو شرطها لزم تأخر الشيء عن نفسه بأربع مراتب.
جوابه: أن هذا ليس صفة وجودية قائمة به حتى يتأخر عن وجوده، بل معناه أنه كان بعد أن لم يكن، وهو إنما يحتاج إلى المؤثر في هذه الحال، وهو في هذه الحال مسبوق بالعدم، والتأخرات المذكورات هنا اعتبارات عقلية ليست تأخرات زمانية، والعلة هنا المراد بها المعنى الملزوم لغيره ليس المراد بها أنها فاعل متقدم على مفعوله بالزمان.
(1) الرازي: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ش (ص 490) : أو جهة (صحة) تأثير المؤثرات.
(3) أ (فقط) : كتاب.
****************************** ***
واللازم والملزوم (1) قد يكون زمانهما جميعا،
كما يقولون: (2) الصفة تفتقر إلى الموصوف، والعرض إلى الجوهر، وإن كانا موجودين معا، ويقولون: (3) إنما افتقر العرض إلى الموصوف لكونه معنى قائما بغيره، وهذا المعنى مقارن لافتقاره إلى الموصوف.
[البرهان السادس والرد عليه]
قال [الرازي] : (4)(البرهان السادس: أن الممكن إذا لم يوجد فعدمه إما أن يكون لأمر أو لا لأمر، ومحال أن يكون لا لأمر، فإنه حينئذ يكون معدوما لما هو هو، وكل ما (هويته) كافية في عدمه، فهو ممتنع الوجود، فإذن الممكن العدم (5) ممتنع الوجود، هذا خلف، فتبين (6) أن يكون لأمر، ثم ذلك المؤثر لا يخلو إما أن يشترط في تأثيره فيه تجدده أو لا يشترط، ومحال أن يشترط ذلك، [فإن الكلام] (7) مفروض في العدم السابق على وجوده، والعدم المتجدد هو العدم بعد الوجود، فإذن لا يشترط في استناد عدم الممكنات إلى ما يقتضي عدمها تجدده (8) ، وإذا كان العدم الممكن مستندا إلى(1) ن، م: والملزوم واللازم.
(2) ن، م: يقول إن.
(3) ن، م: ويقول.
(4) الرازي: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: الممكن المعدوم، وهو خطأ.
(6) أ، ب، ن، م: فتبين ; ش (490) فبقي، وكلاهما صواب.
(7) عبارة " فإن الكلام ": ساقطة من (ن) فقط.
(8) ش: تجددها.
****************************
المؤثر من غير شرط التجدد علمنا أن الحاجة والافتقار لا يتوقف على التجدد، وهو المطلوب) (1) .
فيقال: من العجائب، بل من أعظم المصائب أن يجعل مثل هذا الهذيان برهانا في هذا (2) المذهب الذي حقيقته أن الله لم يخلق شيئا، بل الحوادث تحدث بلا خالق، وفي إبطال أديان [أهل] (3) الملل، وسائر العقلاء من الأولين والآخرين لكن هذه (4)
الحجج الباطلة وأمثالها لما صارت تصد كثيرا من أفاضل الناس وعقلائهم وعلمائهم عن الحق المحض الموافق لصريح المعقول وصحيح المنقول، بل تخرج أصحابها عن العقل والدين كخروج الشعرة من العجين إما بالجحد والتكذيب وإما بالشك والريب احتجنا إلى بيان بطلانها للحاجة إلى مجاهدة أهلها، وبيان فسادها من أصلها (5) إذ كان فيها من الضرر بالعقول والأديان ما لا يحيط به إلا الرحمن.
والجواب من وجوه:أحدها: أن يقال: قد تقدم قولكم قبل هذا بأسطر إن العدم نفي محض، فلا حاجة به إلى المؤثر أصلا. وجعلتم هذا مقدمة في الحجة التي قبل هذه فكيف تقولون بعد هذا بأسطر المعدوم الممكن لا يكون عدمه إلا لموجب؟ .(1) نقل ابن تيمية البرهان السادس بنصه فيما عدا الاختلافات التي ذكرناها.
(2) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: لكن مثل هذه.
(5) ن: فاسدها من أضلها ; م: فاسدها من أصلها.
****************************** **
وقدمنا أن جماهير نظار المسلمين وغيرهم يقولون: إن العدم لا يفتقر إلى علة، وما علمت أحدا من النظار جعل عدم الممكن مفتقرا إلى علة إلا هذه الطائفة القليلة من متأخري (1) المتفلسفة كابن سينا وأتباعه وإلا فليس هذا قول قدماء الفلاسفة لا أرسطو ولا أصحابه كبرقلس (2) ، والإسكندر الأفروديسي (3) شارح كتبه، وثامسيطوس (4) ، ولا غيرهم [من(1) ن، م: متأخرة.
(2) برقلس proclus آخر وأشهر ممثلي الأفلاطونية الجديدة neoplatonism ولد بالقسطنطينية سنة 412 (ميلادية) وتلقى الفلسفة في الإسكندرية ثم في أثينا حتى صار زعيم مدرستها الفلسفية، وقد كان برقلس من القائلين بقدم العالم، وكانت وفاته سنة 485. وقد ترجم له ابن النديم في الفهرست (ص [0 - 9] 52 - 253) وذكر مصنفاته وأورد الشهرستاني في الملل والنحل 2/157 - 162 أدلته على قدم العالم. وقد نشر الدكتور عبد الرحمن بدوي رسالة له في قدم العالم (مع رسائل أخرى) في كتابه " الأفلاطونية المحدثة عند العرب "، القاهرة 1955.
(3) ن، م: الأفرديوسي، أ، ب: الأفرديوسي ; والمشهور ما أثبتناه وهو الموجود في أكثر كتب التراجم العربية. والإسكندر الأفروديسي ale \ ander of aphrodisias من أعظم شراح أرسطو وقد ولد في أفروديسيا من أعمال آسيا الصغرى، وتولى تدريس الفلسفة الأرسطية في أثينا ما بين سنتي 198، 211. انظر تاريخ الفلسفة اليونانية ليوسف كرم، ص [0 - 9] 2، القاهرة 1958 ; وانظر ترجمته ومصنفاته في ابن أبي أصيبعة 1/105 - 107 ; الفهرست لابن النديم، ص [0 - 9] 52 - 253 ; الملل والنحل 2/163 - 164. وقد نشر له الدكتور عبد الرحمن بدوي بعض مقالاته في كتابه " أرسطو عند العرب ".
(4) أ، ب: والإسكندر الأفرديوسي شارح كتب تامسيطوس، وهو خطأ. وتامسيطوس themistius. (في (م) : تامسيطوس ; (أ) ، (ب) : تامسيطوس من شراح أرسطو مع أنه كان أفلاطونيا جديدا، وقد ولد سنة 317 م، وعاش في القسطنطينية وأيد الإمبراطور جوليان في العمل على بعث الوثنية، وتوفي سنة 388 م. انظر: يوسف كرم، المرجع السابق، ص [0 - 9] 03 ; وانظر ترجمته والكلام عن آرائه ومصنفاته في ابن النديم، ص [0 - 9] 53 ; ابن القفطي، ص 107 ; الملل والنحل 2/162 - 163 وقد نشر له الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه " أرسطو عند العرب " السالف الذكر مقالة وشطرا من شرحه لمقالة " اللام ".
****************************** *****
الفلاسفة] (1) ، ولا هو قول أحد من النظار كالمعتزلة والأشعرية والكرامية وغيرهم، فليس هو قول طائفة من طوائف النظار لا المتكلمة، ولا المتفلسفة، ولا غيرهم.
الوجه الثاني: أن يقال: قوله: (محال أن يكون (معدوما) لا لأمر، فإنه حينئذ يكون معدوما لما هو هو، وكل ما هويته كافية في عدمه، فهو ممتنع الوجود) .
فيقال: هذا تلازم باطل، فإنه إذا كان معدوما لا لأمر لم يكن معدوما لا لذاته، ولا لغير ذلك،
فقولك: (فإنه حينئذ يكون معدوما لما هو هو) باطل، فإنه يقتضي أنه معدوم لأجل ذاته، وأن ذاته هي العلة في كونه معدوما كالممتنع لذاته، وهذا يناقض قولنا معدوم لا لأمر، فكيف يكون نفي (2) الشيء لازما لثبوته؟ .
فإن قيل: مراده إما أن يكون لأمر، أو لا لأمر خارجي قيل: فتكون القسمة غير حاصرة، وهو أن يكون معدوما لا لعلة.
الوجه الثالث: أن يقال: الفرق معلوم بين قولنا: ذاته لا تقتضي وجوده ولا عدمه، أو لا تستلزم (3) وجوده، ولا عدمه، أو لا توجب وجوده ولا عدمه، وبين قولنا تقتضي وجوده أو عدمه، أو تستلزم ذلك أو توجبه، فإن ما استلزمت ذاته وجوده كان واجبا بنفسه، وما استلزمت عدمه كان ممتنعا، وما لم تستلزم واحدا منهما لم يكن واجبا ولا ممتنعا، بل كان هو الممكن.
(1) من الفلاسفة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: نفس، وهو خطأ.
(3) ن (فقط) : يستلزمه، وهو تحريف.
****************************** **
فإذا قيل: إنه معدوم لا لأمر لم يوجب أن يكون هناك أمر يستلزم عدمه (1) ، بل يقتضي ألا يكون هناك أمر (2) يستلزم وجوده، ومعلوم أنه على هذا التقدير لا يكون ممتنع الوجود.
ولهذا يقول المسلمون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فمشيئته مستلزمة لوجود مراده، وما لا يشاؤه لا يكون، فعدم مشيئته مستلزم لعدمه لا أن العدم (3) فعل شيئا، بل هو ملزوم له، وإذا فسرت العلة هنا بالملزوم، وكان النزاع لفظيا، ولم يكن لهم فيه حجة.
وقولنا: ذاته استلزمت وجوده، أو استلزمت عدمه (4) لا ينبغي أن يفهم منه أن في الخارج شيئا كان ملزوما لغيره، فإن الممتنع ليس بشيء أصلا في الخارج باتفاق العقلاء، ولكن حقيقة الأمر أن نفسه هي اللازم، والملزوم إما الوجود وإما العدم (5) ، فعدم الممتنع ملزوم عدمه، ووجود الواجب ملزوم وجوده، وأما الممكن فليس له من نفسه وجود ولا عدم ملزوم [لوجود] (6) ولا عدم، بل إن حصل ما يوجده، وإلا بقي معدوما.[الوجه] (7) الرابع: أن يقال: إذا كان كل ممكن لا يعدم إلا بعلة(1) في (ن) فقط: عنه، والتصويب من (م) .
(2) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ن: لأن العدم ; م: لأن المعدوم.
(4) ن، م: واستلزمت.
(5) ن، م، أ: والملزوم إما للوجود وإما للعدم. والمثبت من (ب) .
(6) لوجود: ساقطة من (ن) فقط.
(7) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (39)
صـ 263 إلى صـ 269
معدومة مؤثرة في عدمه، فتلك العلة المعدومة إن كان عدمها واجبا كان وجودها ممتنعا، فإن المعلول يجب بوجوب علته، ويمتنع بامتناعها، وحينئذ فيكون عدم الممكن علته واجبة، ووجوده ممتنعا، فإن المعلول يجب بوجوب علته، ويمتنع بامتناعها، وحينئذ (1) كل ممكن يقدر إمكانه، فإنه ممتنع،
وهذا فيه من الجمع بين النقيضين ما هو في غاية الاستحالة: كيفية وكمية.
وإن قيل: عدم علته يفتقر إلى عدم يؤثر في وجودها وعدم ذاك المؤثر لعدم مؤثر فيه، وهلم جرا، فلذلك يستلزم التسلسل الباطل الذي هو أبطل من تسلسل المؤثرات الوجودية.[الوجه] (2) الخامس: [أن يقال] (3) :
إنه لو فرض أن العدم المستمر له علة قديمة، وأن المعلول إذا كان عدما مستمرا كانت علته التي هي عدم مستمر علة أزلية لم يلزم من ذلك أن يكون الموجود المعين الذي يمكن أن يوجد وأن يعدم قديما أزليا، ويكون الفاعل له لم يزل فاعلا له بحيث يكون فاعل الموجودات لم يحدث شيئا قط، فإن قياس الموجود الواجب القديم الأزلي الخالق فاعل الموجودات المخلوقة على العدم المستمر المستلزم لعدم مستمر من أفسد القياس، وهو قياس محض من غير جامع، فكيف يجوز الاحتجاج بمثل هذا التشبيه الفاسد في مثل هذا(1) (1 - 1) : ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أن يقال: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** ****
الأصل العظيم، ويجعل (1) خلق رب العالمين لمخلوقاته مثل كون العدم علة للعدم (2) .
وهل هذا إلا أفسد من قول الذين ذكر الله عنهم إذ قال: {فكبكبوا فيها هم والغاوون - وجنود إبليس أجمعون - قالوا وهم فيها يختصمون - تالله إن كنا لفي ضلال مبين - إذ نسويكم برب العالمين} [سورة الشعراء: 94 - 98] فإذا كان هذا حال من سوى (3) بينه وبين بعض الموجودات، فكيف بمن سوى بينه وبين العدم المحض.
[البرهان السابع والرد عليه]
قال [الرازي] (4) :
(البرهان السابع: واجب الوجود لذاته يمتنع أن يكون أكثر من واحد، فإذن (5) صفات واجب الوجود - وهي تلك الأمور الإضافية والسلبية على رأي الحكماء والصفات والأحوال والأحكام على اختلاف آراء المتكلمين في ذلك - ليس شيء منها واجب الثبوت بأعيانها (6) ، بل هي بما (7) هي ممكنة الثبوت في نفسها. (8) واجبة الثبوت نظرا إلى ذات واجب الوجود، فثبت أن التأثير لا يتوقف على سبق العدم وتقدمه.(1) ن، م: ويجعلون.
(2) ن (فقط) : للمعدوم.
(3) ن: سووا ; م: يسوي.
(4) الرازي: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ش 1/490، ن، م: فإذن ; أ، ب: فإن.
(6) بأعيانها: كذا في جميع النسخ ; وفي (ش) : لأعيانها.
(7) بما: كذا في (ب) فقط ; وفي (ن) ، (م) ، (أ) ، (ش) : لما. وسترد العبارة مرة أخرى في النسخ الأربع: بما انظر ص 271 ت [0 - 9] .
(8) ش: لما هي (هي) ممكنة الثبوت في (أنفسها) .
****************************
فلئن قالوا: تلك الصفات والأحكام ليست من قبيل الأفعال، ونحن إنما نوجب (1) سبق العدم في الأفعال،
فنقول: إن مثل هذه المسائل العظيمة لا يمكن التعويل فيها على مجرد الألفاظ، فهب أن ما لا يتقدمه العدم لا يسمى فعلا لكن ثبت أن ما هو ممكن الثبوت لما هو هو يجوز استناده إلى مؤثر يكون دائم الثبوت مع الأثر، وإذا كان ذلك معقولا لا يمكن دعوى الامتناع فيه في بعض المواضع، اللهم إلا أن يمتنع صاحبه عن إطلاق لفظ الفعل، وذلك مما لا يعود إلى فائدة عظيمة) (2) .
فيقال: الجواب (3) عن هذه الحجة من وجوه:
أحدها: أن قوله: (واجب الوجود لذاته يمتنع أن يكون أكثر من واحد) [إن] (4) أريد به يمتنع أن يكون أكثر من إله واحد أو رب واحد أو خالق واحد أو معبود واحد، أو حي واحد أو قيوم واحد أو صمد واحد أو قائم بنفسه واحد، ونحو ذلك، فهذا صحيح.لكن لا يستلزم ذلك أن لا يكون له صفات من لوازم ذاته يمتنع تحقق ذاته بدونها، وأن لا يكون.
(5) واجب الوجود هو تلك الذات المستلزمة لتلك الصفات، والمراد بكونه واجب الوجود أنه موجود بنفسه يمتنع عليه العدم بوجه من الوجوه ليس له فاعل، ولا ما يسمى علة فاعلة ألبتة، وعلى هذا فصفاته داخلة في مسمى اسمه ليست ممكنة الثبوت، فإنها
(1) ش (ص [0 - 9] 91) : نقول بوجوب.
(2) نقل ابن تيمية البرهان السابع بنصه (1/490 - 491) فيما عدا الاختلافات المشار إليها.
(3) ن، م: عظيمة والجواب.
(4) أن: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ن، م، أ: وأن يكون. والمثبت من (ب) .
****************************** **
ليست ممكنة يمكن أن توجد ويمكن أن تعدم (1) ولا تفتقر إلى فاعل يفعلها ولا علة فاعلة، بل هي من لوازم الذات التي هي بصفاتها اللازمة لها واجبة الوجود، فدعوى المدعي أن الصفات اللازمة ممكنة الثبوت تقبل الوجود والعدم كدعواه أن الذات الملزومة تقبل الوجود والعدم،
وإن أراد بقوله: واجب الوجود واحد، أن (2) واجب الوجود هو ذات مجردة عن صفات كان هذا ممنوعا، ولم يذكر عليه دليلا.
الوجه الثاني: أن يقال: دعوى المدعي أن واجب الوجود هو الذات دون صفاتها، وأن صفاتها هي ممكنة الوجود إن أراد بواجب الوجود أنه يمتنع عدمه (3) من غير فاعل فعله، فكلاهما يمتنع عدمه من غير فاعل فعله، وإن أراد بواجب الوجود أنه القائم بنفسه الذي لا يفتقر إلى محل كان حقيقة هذا أن الصفات لا بد لها من محل تقوم به بخلاف الذات لكن هذا لا يقتضي أنها ممكنة الثبوت مفتقرة إلى فاعل، وإن أراد بواجب الوجود ما لا يمكن عدمه، وبممكن الوجود ما يمكن وجوده وعدمه، فمعلوم أن الصفات لا يمكن عدمها، كما لا يمكن عدم الذات، فوجوب الوجود يتناولهما، وإن أراد بواجب الوجود ما لا ملازم له لم يكن في الوجود شيء واجب الوجود، لا سيما على قولهم بأنه ملازم لمفعولاته، فلا يكون واجب الوجود.ومن تناقض هؤلاء ومن اتبعهم - كصاحب الكتب المضنون بها:(1) ن، م: أن توجد وأن تعدم.
(2) ن: وإن.
(3) ب: أن ذاته ; أ: ذاته.
******************************
صاحب (المضنون الكبير) (1) أنهم يفسرون واجب الوجود بأنه ما لا يلازم غيره لينفوا بذلك صفاته اللازمة له ويقولون: لو قلنا إن له صفات لازمة له لم يكن واجب الوجود، ثم يجعلون الأفلاك وغيرها لازمة له أزلا وأبدا،
ويقولون: إن ذلك لا ينافي كونه واجب الوجود، فأي تناقض أعظم من هذا؟ .
الوجه الثالث: أن يقال: الواحد المجرد عن جميع الصفات ممتنع الوجود، كما بسط في غير هذا الموضع (2) ، وبين (3) أنه لا بد من ثبوت معان ثبوتية مثل كونه حيا وعالما وقادرا (4) ، وأنه يمتنع أن يكون كل معنى هو الآخر، أو أن تكون تلك المعاني هي الذات، وما كان ممتنع الوجود امتنع أن يكون واجب الوجود، فإذا ما زعم أنه واجب الوجود، فهو ممتنع،
فضلا عن أن يقال: إنه فاعل لصفاته، كما هو فاعل لمخلوقاته، أو إنه مؤثر،(1) صاحب الكتب المضنون بها الذي يشير إليه ابن تيمية هو الغزالي، فمن الكتب التي تنسب إليه كتاب " المضنون به على غير أهله " أو " كتاب المضنون الكبير "، وكتاب " المضنون الصغير، الموسوم بالأجوبة الغزالية في المسائل الأخروية " وقد طبعا أكثر من مرة: منها طبعة على هامش الجزء الثاني من كتاب " الإنسان الكامل " للجيلي، الطبعة الثانية، المطبعة الأزهرية، القاهرة سنة 1328 هـ. وقد اختلف الباحثون في حقيقة هذه الكتب المضنون بها على غير أهلها، وفي مدى صحة نسبتها إلى الغزالي، ونشير هنا إلى بحثين في هذا الموضوع الأول ما كتبه الأستاذ سليمان دنيا في كتابه " الحقيقة في نظر الغزالي "، ص [0 - 9] 7 وما بعدها، وانظر خاصة ص 128 - 134، القاهرة 1947 ; والثاني: هو مقالة الأستاذ وات (.) watt في مجلة joumal of the royal asiatic society، london، 1952، pp. 24 - 25 بعنوان the authenicity of the works attributed to al - ghazali.
(2) ن، م: كما قد بسط في موضعه.
(3) أ، ب: ويمكن، وهو خطأ.
(4) ن، م: حيا عالما قادرا.
****************************** **
ومقتض ومستلزم لمخلوقاته، كما هو مؤثر ومقتض ومستلزم لصفاته.
[الوجه] (1) الرابع: أن يقال: قوله: (وهي تلك الأمور الإضافية والسلبية على رأي الحكماء) إنما هو على رأي نفاة الصفات منهم كأرسطو وأتباعه، وأما أساطين الفلاسفة فهم مثبتون للصفات، كما قد نقلنا أقوالهم في غير هذا الموضع، وكذلك كثير من أئمتهم المتأخرين كأبي البركات وأمثاله.وأيضا فنفاة الصفات منهم كابن سينا وأمثاله متناقضون يجمعون بين نفيها وإثباتها، كما قد بسط [الكلام عليهم.] (2) في غير الموضع، فإن كانوا مثبتيها فهم كسائر المثبتين،
وإن كانوا نفاة قيل لهم: أما السلب فعدم محض، وأما الإضافة مثل كونه فاعلا أو مبدءا (3) ، فإما أن تكون وجودا أو عدما،
فإن كانت وجودا لأنها من مقولة: (أن يفعل وأن ينفعل) - وهذه المقولة من جملة الأجناس العالية العشرة التي هي أقسام الموجودات - كانت الإضافة التي يوصف بها وجودا، فكانت صفاته الإضافية وجودية قائمة به، وإن كانت الإضافة (4) عدما محضا فهي داخلة في السلب، فجعل الإضافة قسما ثالثا ليس وجودا ولا عدما خطأ.وحينئذ فإذا (5) لم يثبتوا صفة ثبوتية لم تكن ذاته مستلزمة لشيء (6) من(1) الوجه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) عبارة " الكلام عليهم ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: ومبدءا.
(4) ن، م: الإضافات.
(5) ن، م: إذا.
(6) ن، م: بشيء.
****************************** **
الصفات إلا أمرا عدميا،
وأما المخلوقات فإنها موجودات: جواهر، وأعراض، ومعلوم أن اقتضاء الواجب وغير الواجب للعدم المحض ليس كاقتضائه للوجود، وسواء سمي ذلك استلزاما أو إيجابا، أو فعلا أو غير ذلك، فإن وجود الشيء يستلزم عدم ضده، ولا يقول عاقل إنه فاعل لعدم ضده، ووجود الشيء يناقض عدم نفسه، ولا يقول عاقل إن وجوده هو الفاعل لعدم عدمه (1) ، فإن عدم عدمه هو وجوده، ووجوده واجب لا يكون مفعولا ولا معلولا.وأيضا فالعدم المحض إما أن لا يكون له علة، [كما هو] (2) عند جمهور العقلاء،
وإما أن يقال: علته عدم علة وجوده (3) ، فيجعل علة العدم عدما، ولا يجعل للعدم الممكن علة وجودية، فالعدم الواجب أولى ألا يفتقر إلى علة وجودية،
[فإن العدم الواجب اللازم لذاته عدم واجب، فلا يحتاج إلى علة وجودية] (4) ، فإن العدم الواجب يتصف به الممتنع، والممتنع الذي يمتنع وجوده لا يفتقر إلى علة وجودية، وعدم وجود الرب (5) ممتنع لنفسه، كما أن وجود الرب واجب لنفسه، فلا يكون له علة.
الوجه الخامس: قوله: (والصفات والأحوال، والأحكام (6) على اختلاف آراء المتكلمين في ذلك) .
(1) أ، ب: هو الفاعل لعدمه.
(2) كما هو: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) والمثبت من (ب) .
(3) ن، م: علته علة عدم وجوده.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: وعدم (ما يناقض) وجود الرب.
(6) أ، ب: والأحكام والأحوال.
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (40)
صـ 270 إلى صـ 276
فيقال. له: إثبات الصفات لله هو مذهب جماهير الأمة سلفها وخلفها، وهو مذهب الصحابة والتابعين [لهم بإحسان] (1) ، وأئمة المسلمين المتبعين (2) ، وأهل السنة والجماعة، وسائر طوائف أهل الكلام مثل الهشامية (3) ، والكرامية والكلابية والأشعرية، وغيرهم، وإنما نازع.
(4) في ذلك الجهمية، وهم عند سلف الأمة وأئمتها، [وجماعتها] (5) من أبعد الناس عن الإيمان بالله ورسوله، ووافقهم المعتزلة ونحوهم ممن هم عند الأمة مشهورون بالابتداع.وأما الأحكام فهي الحكم على الله بأنه حي عالم قادر، وهذا هو الخبر عنه بذلك، وهذا تثبته المعتزلة كلهم (6)
مع سائر المثبتة لكن غلاة الجهمية ينفون أسماءه، ويجعلونها مجازا، فيجعلون الخبر عنه كذلك، وهؤلاء هم من النفاة، وعلى قولهم فالذات لم تقتض شيئا ; لأن كلام المخبرين وحكمهم أمر قائم بهم ليس قائما بذات الرب، وأما من لم يثبت الأحكام (7) كأبي هاشم (8) . . وأتباعه، فهؤلاء يقولون: هي لا موجودة،(1) لهم بإحسان: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن: المثبتين: وسقطت الكلمة من (م) .
(3) والمقصود بهم أتباع هشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي، وسبق الكلام عليهم. انظر ص 71 ت 3، 4.
(4) ن، م: ينازع.
(5) وجماعتها: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: كلها.
(7) ن، م: الأحوال، وهو خطأ. وقد يكون الصواب: وأما من يثبت الأحوال.
(8) هو أبو هاشم عبد السلام بن أبي علي محمد الجبائي، كان هو وأبوه من كبار معتزلة البصرة، والفرقة التي تنسب إليه هي فرقة " البهشمية " والتي تنسب إلى أبيه هي " الجبائية " وقد توفي سنة 321 هـ. انظر عنه: وفيات الأعيان 2/355 ; تاريخ بغداد 11 - 56 ; ميزان الاعتدال 3/618 ; الخطط للمقريزي 2/348 ; الأعلام 4/130 - 131. وانظر عن البهشمية: الملل والنحل 1/118 - 129 ; الفرق بين الفرق 111 - 119 ; التبصير في الدين 53 - 54
****************************** **
ولا معدومة (1) ، فلا يجعل ذلك كالموجودات.
بقي الكلام على مثبتة الصفات الذين يقولون: صفاته موجودة قائمة به (2) ، ومخلوقاته موجودة بائنة (3) عنه، فهؤلاء عندهم صفاته واجبة الثبوت يمتنع عليها العدم لا يقال إنها يمكن أن تكون موجودة، ويمكن أن تكون معدومة، كما يقال مثل ذلك في الممكنات التي أبدعها،
ولا يقولون: إن الصفات لها ذوات ثابتة غير وجودها، وتلك الذوات تقبل الوجود والعدم، كما يقول ذلك من يقوله في الممكنات المفعولة، فتبين أن تمثيل صفاته بمخلوقاته. (4) في غاية الفساد على قول كل طائفة.
الوجه السادس: قوله: (ليس شيء منها واجب الثبوت بأعيانها، بل هي بما هي ممكنة الثبوت في نفسها. (5) واجبة الثبوت نظرا إلى ذات واجب الوجود) كلام ممنوع بل باطل، بل الصفات ملازمة للذات (6) لا يمكن وجود الذات بدون صفاتها اللازمة ولا وجود الصفات اللازمة بدون الذات، وكل منهما لازم للآخر ملزوم له، ودعوى المدعي أن(1) ب (فقط) : لا معدومة ولا موجودة.
(2) ن: صفاته موجودة قائمة ; أ، ب: صفاته قائمة موجودة به. والمثبت من (م) .
(3) ن، م: ثابتة، وهو خطأ.
(4) ن: لمخلوقاته، وهو خطأ.
(5) ن ; م، أ، ب: بل هي بما هي ممكنة الثبوت في نفسها، وانظر إلى ما سبق أن ذكرناه عند نقل كلام الرازي في البرهان السابع (264 ت 7) .
(6) ن (فقط) : لذات.
****************************** ***
الذات هي واجبة الوجود دون الصفات ممنوع وباطل،
وهو بمنزلة قول من يقول: (الصفات واجبة الوجود دون الذات لكن الذات واجبة نظرا إلى وجوب الصفات) سواء فسروا. (1) واجب الوجود بالموجود نفسه (2) ، أو بما لا يقبل العدم، أو بما لا فاعل له ولا علة فاعلة أو نحو ذلك، وإنما يفترقان إذا فسر الواجب بالقائم بنفسه، والممكن بالقائم بغيره، ومعلوم أن تفسيره بذلك باطل ووضع محض، وغايته منازعة لفظية لا فائدة فيها.
الوجه السابع: قوله: (فثبت أن التأثير لا يتوقف على سبق العدم) ، فيقال. له (3) : هذا إنما يصح إذا كانت الذات المستلزمة لصفاتها هي المؤثرة في الصفات.وحينئذ فلفظ التأثير إن أريد به الاستلزام فكلاهما مؤثر في الآخر إذ هو مستلزم له، فيلزم أن يكون كل منهما واجبا بنفسه لا ممكنا (4) ، وهو باطل، وإن أريد بلفظ التأثير أن أحدهما أبدع الآخر، أو فعله أو جعله موجودا، ونحو ذلك مما يعقل. (5) في إبداع المصنوعات، فهذا باطل،
فإن عاقلا لا يقول: إن الموصوف أبدع صفاته اللازمة (6) ، ولا خلقها، ولا صنعها، ولا فعلها، ولا جعلها موجودة، ولا نحو ذلك مما يدل على هذا المعنى.
(1) ن، م: فسر.
(2) ن، م: بنفسه.
(3) له: ساقطة: من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: فيلزم أن يكون كل منهما واجبا بنفسه (لا واجبا بغيره ممكنا) لا ممكنا. إلخ. والصواب ما أثبتناه.
(5) ن (فقط) : مما يفعل، وهو تحريف.
(6) ن (فقط) : الملازمة.
******************************
بل ما يحدث في الحي من الأعراض والصفات بغير اختياره مثل الصحة والمرض والكبر ونحو ذلك لا يقول عاقل إنه فعل ذلك أو أبدعه أو صنعه، فكيف بما يكون من الصفات لازما [له] (1) كحياته ولوازمها، وكذلك لا يقول عاقل هذا في غير الحي مثل الجماد (2) ، والنبات، وغيرهما من الأجسام لا يقول عاقل إن شيئا من ذلك فعل قدره اللازم، وفعل تخيره (3) ، وغير ذلك من صفاته اللازمة (4) ، بل العقلاء كلهم المثبتون للأفعال الطبيعية والإرادية، والذين لا يثبتون إلا الإرادية ليس فيهم من يجعل ما يلزم الذات من صفاتها مفعولا لها لا بالإرادة ولا بالطبع، بل يفرقون بين آثارها الصادرة عنها التي هي أفعال لها ومفعولات، وبين صفاتها اللازمة لها، بل.
(5) وغير اللازمة.وقد يكون للذات تأثير في حصول بعض صفاتها العارضة، فيضاف ذلك إلى فعلها لحصول ذلك به كحصول العلم بالنظر والاستدلال، وحصول الشبع والري بالأكل والشرب، بخلاف اللازمة، وما يحصل بدون قدرتها وفعلها واختيارها (6) ،
فإن هذا لا يقول عاقل: إنها مؤثرة فيه، وإنه من أثرها، بل يقول إنه لازم لها وصفة لها، وهي مستلزمة له وموصوفة به، وقد يقول إن ذلك مقوم لها ومتمم لها، ونحو ذلك، وهم يسلمون
(1) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: الجمادات.
(3) ن، م: خيره، وهو تحريف.
(4) هذه الجملة الأخيرة (لا يقول عاقل. . اللازمة) تحتاج إلى تأمل وأخشى أن يكون في عبارتها نقص أو تحريف.
(5) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: باختيارها.
***********************
أن فاعل الشيء هو فاعل صفاته اللازمة لامتناع فعل الشيء بدون صفاته (1) اللازمة.وأيضا، فالذات مع تجردها عن الصفات يمتنع أن تكون مؤثرة في شيء، فضلا عن أن تكون مؤثرة في صفات نفسها، فإن شرط كونها مؤثرة أن تكون حية عالمة قادرة (2) ، فلو كانت هي المؤثرة في كونها حية عالمة قادرة لكانت مؤثرة بدون اتصافها بهذه الصفات، وهذا مما يعلم امتناعه بصريح العقل، بل صفاتها اللازمة لها أكمل من كل موجود، فإذا امتنع أن يؤثر في شيء من الموجودات بذات مجردة عن هذه الصفات، فكيف يؤثر في هذه الصفات بمجرد هذه الذات (3) .
فتبين أنه ليس هاهنا تأثير بوجه من الوجوه في صفاتها إلا أن يسمي المسمى الاستلزام تأثيرا، كما تقدم،
وحينئذ فيقال له: مثل هذه المسائل العظيمة لا يمكن التعويل فيها على مجرد الألفاظ، فإن تسميتك لاستلزام (4) الذات المتصفة بصفاتها اللازمة لها تأثيرا لا يوجب أن يجعل هذا كإبداعها لمخلوقاتها، فهب أنك سميت كل استلزام تأثيرا، لكن دعواك بعد هذا أن المخلوق المفعول ملازم لخالقه وفاعله، مما يعلم فساده ببديهة العقل، كما اتفق على ذلك جماهير العقلاء من الأولين والآخرين، وأنت لا تعرف هذا في شيء من الموجودات، لا يعرف قط شيء أبدع شيئا، وهو مقارن له بحيث يكونان متقارنين في الزمان(1) ن، م: صفاتها، وهو تحريف.
(2) قادرة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: فكيف تؤثر (م: يؤثر) في هذه الصفات مجردة هذه الذات.
(4) ن، م: لا تستلزم، وهو تحريف.
****************************** **
لم يسبق أحدهما الآخر، بل من المعلوم بصريح العقل أن التأثير الذي هو إبداع الشيء وخلقه، وجعله موجودا لا يكون إلا بعد عدمه، وإلا فالموجود الأزلي الذي لم يزل موجودا لا يفتقر قط إلى مبدع خالق يجعله موجودا، ولا يكون ممكنا يقبل الوجود والعدم، بل ما وجب قدمه امتنع عدمه، فلا يمكن أن يقبل العدم.
الوجه الثامن: أن تسمية تأثير الرب في مخلوقاته فعلا وصنعا وإبداعا وإبداء وخلقا وبرءا (1) ، وأمثال ذلك من العبارات هو مما تواتر عن الأنبياء، بل. (2) ومما اتفق عليه جماهير العقلاء، وذلك من العبارات التي تتداولها الخاصة والعامة تداولا كثيرا، ومثل هذه العبارات لا يجوز أن يكون معناها المراد بها أو الذي وضعت له ما (3) لا يفهمه إلا الخاصة، فإن ذلك يستلزم أن لا يكون جماهير الناس يفهم بعضهم عن بعض ما يعنونه بكلامهم، ومعلوم أن المقصود من الكلام الإفهام.
وأيضا، فلو كان المراد بها غير المفهوم منها لكان الخطاب بها تلبيسا (4) ، وتدليسا وإضلالا.وأيضا، فلو قدر أنهم أرادوا بها خلاف المفهوم لكان ذلك مما يعرفه خواصهم.ومن المعلوم بالاضطرار أن خواص الصحابة وعوامهم كانوا يقرون أن
(1) ب (فقط) : وبدءا.
(2) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: كما، وهو خطأ. وسقطت " له " في (أ) .
(4) ن، م: تلبيسات.
****************************** *****
الله خالق كل شيء، [ومليكه] (1) ، وأن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وأنه خلق السماوات والأرض، وما بينهما، فحدثت [هذه] (2) المخلوقات بعد أن لم تكن.وإذا كان كذلك حصل لنا علم بمراد الأنبياء وجماهير العقلاء بهذه العبارات، واستفدنا بذلك (3) أن من قصد بها غير هذا المعنى لم يكن موافقا لهم في المراد بها، فإذا ادعى أن مرادهم هو مراده في كونها ملازمة للرب أزلا وأبدا، علم أنه كاذب على الأنبياء وجماهير (4) العقلاء كذبا صريحا.كما يصنعون مثل ذلك في لفظ (الإحداث) ، فإن الإحداث معناه معقول عند الخاصة والعامة، وهو مما تواتر معناه في اللغات كلها، وهؤلاء جعلوا لهم وضعا (5) مبتدعا،
فقالوا: الحدوث يقال: على وجهين: أحدهما: زماني، ومعناه حصول الشيء بعد أن لم يكن له وجود في زمان سابق،
والثاني: أن لا يكون الشيء مستندا إلى ذاته (6) ، بل إلى غيره سواء كان ذلك الاستناد مخصوصا بزمان معين، أو كان مستمرا في [كل] (7) الزمان قالوا: وهذا هو الحدوث (8) الذاتي.
(1) ومليكه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) هذه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: ومستندنا لذلك.
(4) ن، م: وجمهور
(5) ن: لفظا ; م: وصفا.
(6) ب: أن لا يكون للشيء مستند إلى ذاته ; أ: أن لا يكون للشيء مستندا إلى ذاته.
(7) كل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: الحادث.
****************************** *****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (41)
صـ 277 إلى صـ 283
وكذلك (القدم) فسروه بهذين المعنيين، وجعلوا القدم (1) بأحد معنييه معناه معنى الوجوب قالوا: والدليل على إثبات الحدوث الذاتي أن كل ممكن لذاته، فإنه لذاته (2) يستحق العدم، ومن غيره يستحق الوجود، وما (3) بالذات أقدم مما بالغير، فالعدم في حقه (4) أقدم من الوجود تقدما بالذات، فيكون محدثا [حدوثا] (5) ذاتيا.
وقد أورد عليهم الرازي سؤالا: وهو أنه لا يجوز أن يقال:
الممكن يستحق العدم من ذاته، فإنه لو استحق العدم من ذاته لكان ممتنعا لا ممكنا، بل الممكن يصدق عليه أنه ليس من حيث هو موجود، ولا يصدق عليه أنه من حيث هو ليس بموجود، والفرق بين الاعتبارين معروف، بل كما أن الممكن يستحق الوجود من وجود علته، فإنه يستحق العدم من عدم علته، وإذا كان استحقاقه الوجود والعدم من الغير (6) ، ولم يكن واحد منها من مقتضيات الماهية لم يكن لأحدهما تقدم على الآخر، فإذن لا يكون لعدمه تقدم ذاتي على وجوده.
قال: (7) ولعل المراد من هذه الحجة [هو] (8) إن الممكن يستحق من(1) أ، ب: القديم.
(2) لذاته: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن (فقط) : وأما، وهو تحريف.
(4) ن: فالقدم في حقه ; م: فما تقدم في حقه.
(5) حدوثا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: من العين، وهو تحريف.
(7) لم يبين ابن تيمية من القائل، والكلام التالي ليس كلام الرازي ولم يرد في البرهان السابع، ولعله من كلام بعض المتكلمين مثل الآمدي أو غيره.
(8) هو: زيادة في (أ) ، (ب) .
***************************
ذاته لا استحقاقية الوجود والعدم، وهذه اللا استحقاقية. (1) وصف عدمي سابق على الاستحقاق، فتقرر (2) الحدوث الذاتي من هذا الوجه) .
فيقال: هذا السؤال سؤال صحيح يبين بطلان قولهم مع ما سلمه لهم من المقدمات الباطلة، فإن هذا الكلام مبني على أن المعين في الخارج ذات تقبل الوجود والعدم غير الوجود الثابت في الخارج، وهذا باطل، ومبني [أيضا] (3) على أن عدم الممكن معلل بعدم علته، وهو باطل.وأما الاعتذار بأن المراد أنه (4) لا يستحق من ذاته وجودا أو عدما.
فيقال: إذا قدر أن هذا هو المراد لم يكن مستحقا للعدم بحال، فإن نفسه لم تقتض وجوده ولا عدمه، ولكن غيره اقتضى وجوده، ولم يقتض عدمه، فيبقى العدم لم يحصل من نفسه، ولا من موجود آخر بخلاف الوجود، فلا يكون عدمه سابقا لوجوده بحال.
وقوله: (اللا استحقاقية. (5) وصف عدمي) ،
جوابه أن هذا العدمي هو عدم النقيضين جميعا: الوجود، والعدم ليس هو عدم الوجود فقط، والنقيضين [لا يرتفعان كما] (6) لا يجتمعان،
فيمتنع أن يقال: [إن] (7) ارتفاع النقيضين جميعا سابق (8) لوجوده، وإن أريد أنه ليس واحد من(1) ن، م، أ: وهذه الاستحقاقية، وهو خطأ. وسترد العبارة بعد سطور كما أثبتها هنا.
(2) ن: فتقدر ; م: فيقدر.
(3) أيضا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ن: المراد به أنه ; م: المراد منه أنه، وعلى " منه " شطب.
(5) ن، أ: لا استحقاقية ; م: لاستحقاقية. والمثبت من (ب) .
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(7) إن: ساقطة من (ن) فقط.
(8) ن، م: سابقان.
**************************
النقيضين منه، فهذا حق،
وليس فيه سبق أحدهما: للآخر.وهم يقولون: عدمه سابق لوجوده مع أنه موجود دائما فعلمت أنهم مع قولهم إن الممكن قديم أزلي يمتنع أن يكون هناك عدم يسبق وجوده بوجه من الوجوه، وإنما كلامهم جمع بين النقيضين في هذا وأمثاله، فإن مثل هذا التناقض كثير في كلامهم، ولكن الإمكان الذي أثبته جمهور العقلاء، وأثبته قدماؤهم - أرسطو، وأتباعه - هو إمكان أن يوجد الشيء وأن يعدم، وهذا الإمكان مسبوق بالعدم سبقا حقيقيا، فإن كل ممكن محدث كائن بعد أن لم يكن، وبسط هذه [الأمور] له (1) موضع آخر.والمقصود هنا أنهم أفسدوا الأدلة السمعية بما أدخلوه فيها من القرمطة وتحريف الكلم عن مواضعه، كما أفسدوا الأدلة العقلية (2) بما أدخلوه فيها من السفسطة وقلب الحقائق المعقولة عما هي عليه وتغيير فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولهذا يستعملون الألفاظ المجملة والمتشابهة ; لأنها أدخل في التلبيس والتمويه مثل لفظ (التأثير) ، (والاستناد) ليقولوا:
ثبت أن (3) ما هو ممكن الثبوت لما هو هو يجوز (4) استناده إلى مؤثر يكون دائم الثبوت مع الأثر،
والمراد في الأصل الذي قاسوا عليه على قولهم: إنه عدم لازم لوجوده في الفرع أنه مبدع لمبدع ومخلوق لخالق، فأين هذا الاستناد من هذا الاستناد. وأين هذا التأثير من هذا التأثير.الوجه التاسع (5) : أن يقال: حقيقة هذه الحجة هي قياس مجرد بتمثيل(1) ن، م: وبسط هذا له.
(2) ن (فقط) : القطعية.
(3) أن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: بجواز ; ن، ش: يجوز، وهو الصحيح وقد سبق أن ذكرناه.
(5) ن، م: السابع، وهو خطأ.
**************************
مجرد خال عن الجامع، فإن المدعي يدعي أنه لا يشترط في فعل الرب تعالى أن يكون بعد عدم، كما أن صفاته لازمة لذاته بلا سبق عدم،
وصاغ ذلك بقياس شمول بقوله: (إن التأثير لا يشترط فيه سبق العدم) .فيقال له لا نسلم أن بينهما قدرا مشتركا. كما يدل عليه ما ذكرته من اللفظ، بل لا نسلم أن بينهما قدرا مشتركا يخصهما، بل القدر المشترك الذي بينهما يتناول كل لازم لكل ملزوم، فيلزمه أن يجعل كل لازم مفعولا لملزومه، وإن سلمنا أن بينهما قدرا مشتركا، فلا نسلم أنه مناط الحكم في الأصل حتى يلحق به الفرع.وإن ادعى ذلك دعوى كلية، وصاغه بقياس (1) شمول قيل له: الدعوى الكلية لا تثبت بالمثال الجزئي، فهب أن ما ذكرته في الأصل أحد أفراد هذه القضية الكلية،
فلم قلت: إن سائر أفرادها كذلك؟ غايتك أن ترجع إلى قياس التمثيل، ولا حجة معك على صحته هنا، ثم بعد هذا نذكر نحن الفروق الكثيرة المؤثرة، وهذا الوجه يتضمن الجواب من وجوه متعددة.
[البرهان الثامن والرد عليه]
قال الرازي:
(البرهان الثامن: لوازم الماهية معلولة لها، وهي غير متأخرة عنها زمانا، فإن كون المثلث مساوي الزوايا لقائمتين ليس إلا لأنه مثلث، وهذا الاقتضاء (2) من لوازم المثلث (3) ،
بل نزيد فنقول: إن الأسباب مقارنة
(1) ن، م: قياس.
(2) ن: وهو الاقضاء ; م: وهو الاقتضاء، وكلاهما تحريف.
(3) تمام الكلام في ش (ص [0 - 9] 91) : ليس إلا لأنه مثلث، فإنه لو كان لأمر منفصل لصح أن يوجد المثلث لا على هذه الصفة. ثم إن اقتضاء الماهيات لهذه اللوازم ليس بعد تقدم زمان وجدت فيه عارية عن هذا الاقتضاء، فإنا لا نفرض زمانا إلا والمثلث يقتضي هذا الاقتضاء، بل نزيد فنقول. إلخ.
****************************** ***
لمسبباتها مثل الإحراق يكون مقارنا للاحتراق، والألم عقيب (1) سوء المزاج، أو تفرق الاتصال، بل نذكر شيئا لا ينازعون فيه (2) ليكون أقرب إلى الغرض، وهو كون العلم علة للعالمية والقدرة للقادرية عند من يقول به، وكل ذلك (3) يوجد مقارنة لآثارها غير متقدمة عليها.
(4) فعلمنا أن مقارنة الأثر والمؤثر في الزمان لا تبطل جهة الاستناد والحاجة) .
والجواب أن يقال: إن أريد بالماهية (5) ما هو موجود في الخارج مثل المثلثات الموجودة فصفات تلك الماهية (6) اللازمة لها ليست صادرة عنها، بل الفاعل للملزوم هو الفاعل للصفة اللازمة له القائمة به،
ويمتنع فعله لأحدهما: بدون الآخر،
ومن قال: إن الموصوف علة للازمه، فإن أراد بالعلة أنه ملزوم، فلا حجة له فيه، وإن أراد أنه فاعل أو مبدع أو علة فاعلة فقوله معلوم الفساد ببديهة العقل، فإن الصفات القائمة بالموصوف اللازمة له إنما يفعلها من فعل الموصوف، فإنه يمتنع فعله للموصوف بدون فعله لصفته اللازمة [له] (7) ، وإن أريد بالماهية ما يقدر في الذهن، فتلك صورة (8) علمية، والكلام فيها كالكلام في الخارجية،
(1) أ، ب: عقب.
(2) ش (ص [0 - 9] 91) : بل نذكر شيئا (مما) لا ينازعون فيه.
(3) ن، م: وكذلك ; ش: فكل ذلك.
(4) أ: يوجد مقارنا لآثارها غير متقدمة عليها ; ب: يوجد مقارنا لآثارها غير متقدم عليها.
(5) أ، ب: بالماهيات.
(6) الماهية: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) له: ساقطة من (ن) فقط.
(8) أ، ب: صور.
**************************
فالفاعل للملزوم هو الفاعل للازمه لم يكن الملزوم علة فاعلة للازم.
وقولهم: (هذا الاقتضاء من لوازم المثلث) إن أرادوا بالاقتضاء والتعليل الاستلزام فهو حق، ولا حجة فيه، وإن أرادوا أنه علة فاعلة (1) ، فهذا معلوم الفساد، وأما الأسباب والمسببات الموجودة في الخارج. كما في سوء المزاج والألم، فمن الذي سلم أن زمانهما واحد؟ .
والمستدلون أنفسهم قد قالوا في حجتهم: إن وجود الألم عقب سوء المزاج، وما يوجد عقب الشيء يكون وجوده بعده، لكن غايته أن يكون بلا فصل، لكن لا يكون معه في الزمان،
فإن ما مع الشيء في الزمان لا يقال: إنه [إنما] (2) يوجد عقبه.وهكذا القول في كل الأسباب لا نسلم أن زمان وجودها كلها هو زمان وجود المسببات، بل لا بد من حصول تقدم زماني (3) ، وكذلك الكسر والانكسار والإحراق والاحتراق، فإن الكسر هو فعل الكاسر الذي يقوم به مثل الحركة القائمة بالإنسان والانكسار هو التفرق الحاصل بالمكسور، وذلك يحصل بحركة في زمان، ومعلوم أن زمان تلك الحركة قبل زمان هذه لكن قد يتصل الزمان بالزمان،
والمتصل يقال: إنه معه لكن فرق بين [ما يكون زمانهما واحدا] (4) ، وما يكون زمانهما متعاقبا.ومن الأسباب ما يقتضي مسببه شيئا فشيئا، فإذا كمل السبب كمل مسببه مثل الأكل والشرب مع الشبع والري والسكر، فكلما حصل بعض
(1) ن (فقط) : لازمة.
(2) إنما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن (فقط) : زمان.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
****************************** ****
الأكل حصل جزء من الشبع [لا يحصل المسبب إلا بعد حصول السبب لا معه] (1) .
وهذا قول جماهير العقلاء من أهل الكلام والفقه والفلسفة وغيرهم يقرون بأن المسبب يحصل عقب السبب، ولهذا كان أئمة الفقهاء [وجماهيرهم] (2) على أنه إذا قال: إذا مات أبي فأنت حرة، أو طالق، [أو غيرهما] (3) أنه إنما يحصل المسبب عقب الموت لا مع الموت، وشذ بعض المتأخرين فظن حصول الجزاء مع السبب،
وقال: إن هذا بمنزلة العلة مع المعلول، وأن المعلول يحصل زمن العلة.ولفظ (العلة) مجمل يراد به المؤثر في الوجود، ويراد به الملزوم، فإذا سلم الاقتران. (4) في الثاني لم يسلم الاقتران.
(5) في الأول، فلا يعرف في الوجود مؤثر في وجود غيره مقارن له في الزمان من كل وجه، [بل] (6) لا بد أن يتقدم عليه زمانا، ولا بد أن يحصل وجوده بعد عدم، ولهذا جعل الفلاسفة العدم من جملة المبادئ، كما قد ذكرنا كلامهم.ومما يمثلون به حصول الصوت مع الحركة كالطنين مع [النقرة] (7) ، وأن المسبب هنا مع السبب، وهذا أيضا ممنوع، فإن وجود الحركة التي هي
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (أ) : لا يحصل السبب إلا بعد حصول المسبب لا معه، وهو تحريف. والمثبت من (ب) .
(2) وجماهيرهم: زيادة في (ب) ، (أ) .
(3) أو غيرهما: زيادة في (ب) ، (أ) .
(4) ن (فقط) : الافتراق، وهو تحريف.
(5) ن (فقط) : الافتراق، وهو تحريف.
(6) بل: ساقطة من (ن) فقط.
(7) ن (فقط) : البقرة، وهو تحريف.
****************************** ******
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (42)
صـ 284 إلى صـ 290
سبب الصوت يتقدم وجود الصوت، [وإن كان وجود الصوت] (1) متصلا بوجود الحركة لا ينفصل عنه لكن المقصود أنه لا يكون إلا بعده، وليس أول زمن الحركة يكون أول زمن الصوت، بل لا بد من وجود الحركة والصوت يعقبها، ولهذا يعطف المسبب على السبب بحرف الفاء الدالة على التعقيب،
فيقال: كسرته فانكسر، وقطعته فانقطع،
ويقال: ضربته بالسيف فمات، أو فقتلته، وأكل فشبع، وشرب فروي، وأكل حتى شبع، وشرب حتى روي، ونحو ذلك، فالكسر والقطع فعل يقوم بالفاعل مثل أن يضربه بيده أو بآلة معه، فإذا وصل إليه الأثر انكسر وانقطع، فأحدهما يعقب الآخر لا يكون أول زمان هذا أول زمان هذا ولا آخر زمان هذا آخر زمان هذا، بل يتقدم زمان السبب، ويتأخر زمان المسبب.ولهذا تنازع الناس في المسبب المتولد عن فعل الإنسان،
فقالت طائفة: هو فعله،
وقالت طائفة: هو فعل الرب،
وقالت طائفة: بل الإنسان مشارك في فعله، وهو حاصل بفعله وبسبب آخر، مثل خروج السهم من القوس، ومثل حصول الشبع والري بالأكل والشرب.ولولا تقدم السبب على المسبب لم يحصل هذا النزاع، فإن السبب حاصل في العبد في محل قدرته وحركته، والمسبب حاصل في غير محل قدرته وحركته، ومن هذا الباب حركة الكم مع حركة اليد وحركة آخر الحبل مع حركة أوله، ونظائره كثيرة.فعلم أنهم لم يجدوا في الوجود مفعولا يكون زمانه زمان فاعله بلا (2)(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) أ، ب: لا.
*****************************
تأخر أصلا لا مع الاتصال، ولا مع الانفصال، كما يدعونه في فعل رب العالمين خالق كل شيء ومليكه من أن السماوات لم تزل معه مقارنة له في الزمان، زمان وجودها هو زمان وجوده لا يجوز أن يتقدم عليها بشيء من الزمان ألبتة.وأما ما ذكره من كون العلم علة للعالمية، فهذا أولا قول مثبتي الأحوال كالقاضي أبي بكر، والقاضي أبي يعلى (1) ، وقبلهما أبو هاشم،
وجمهور النظار يقولون: إن العلم هو العالمية، وهذا هو الصواب، وعلى قول أولئك فلا يقولون إن العلم هنا علة فاعلة لا بإرادة، ولا بذات، ولا بغير ذلك، بل المعلول عندهم لا يوصف بالوجود فقط، ومعنى العلة عندهم الاستلزام، وهذا لا نزاع فيه.
[البرهان التاسع والرد عليه]
قال الرازي:
(البرهان التاسع: هو أن الشيء حال اعتبار وجوده من حيث هو موجود واجب الوجود لامتناع عدمه مع وجوده (2) ، وكذلك هو في حال عدمه واجب العدم لامتناع كونه موجودا معدوما (3) ، والحدوث عبارة عن ترتب هاتين الحالتين، فإذا كانت الماهية. (4) [في كلتا الحالتين] (5)
(1) أ، ب: كالقاضيين أبي بكر وأبي يعلى.
(2) لامتناع عدمه مع وجوده: عبارة الرازي في ش (ص [0 - 9] 91) : " فإن الشيء حال وجوده لا يمكن أن لا يكون موجودا ".
(3) ش: " وكذلك حال عدمه من حيث إنه معدوم يكون واجب العدم، لأنه حال العدم لا يمكن إلا أن يكون معدوما ".
(4) ش:. . عن ترتب هاتين الحالتين لو نظرنا إليهما وأخذنا الماهية من حيث إنها في حالة كذلك وفي حالة أخرى كذلك، كانت الماهية في كلتا الحالتين على كلتا الصفتين واجبة والماهية. إلخ.
(5) الحالتين: كذا في ش (ص 492) ; (أ) ، (ب) : الصفتين (وهو خطأ) ; ن، م: ساقطة.
****************************** **
على كلتا الصفتين واجبة، فالماهية من حيث هي واجبة غير مفتقرة إلى مؤثر، فإن الواجب (1) من حيث هو واجب يمتنع استناده (2) إلى المؤثر، فإذن (3) الحدوث من حيث هو حدوث مانع عن الحاجة، فإن لم (4) تعتبر الماهية من حيث هي هي لم يرتفع الوجوب، أي وجوب الوجود في زمنه، ووجوب العدم في زمنه، وهو بهذا الاعتبار [لا] (5) يحتاج إلى المؤثر، فعلمنا أن الحدوث من حيث هو حدوث مانع عن الحاجة، وإنما المحوج هو الإمكان) .
والجواب: أن في هذه الحجة مغالطات متعددة، وجوابها من وجوه،
أحدها: أن يقال: هب أنه في حال وجوده واجب الوجود لكنه واجب الوجود بغيره، وذلك [لا] (6) يناقض كونه مفتقرا إلى الفاعل مفعولا له محدثا بعد أن لم يكن، فإذا (7) لم يكن هذا الوجوب مانعا مما (8) يستلزم افتقاره إلى الفاعل لم يمتنع كونه مفتقرا إلى الفاعل مع هذا الوجوب.
الثاني: أن قوله: (الحدوث عبارة عن ترتب هاتين الحالتين) يقال له: الحدوث يتضمن هاتين الحالتين، وهو يتضمن مع ذلك أنه وجد بفاعل أوجده هو مفتقر إليه لا يوجد بدون إيجاده له بعد أن لم يكن
(1) أ، ب، ن، م: الواجب ; ش: الشيء.
(2) ش، أ، ب، م: استناده ; ن: إسناده.
(3) ش، ن، م: فإذن، أ، ب: فإن.
(4) أ، ب، ن، م: فإن لم ; ش: فإذن ما لم.
(5) لا: ساقطة من النسخ الأربع وأثبتها من (ش) 1/492.
(6) لا: ساقطة من (ن) فقط.
(7) م: فإن ; أ، ب: وإذا.
(8) ب (فقط) : ما.
****************************** **
موجودا، فالحدوث يتضمن هذا المعنى، أو يستلزمه، وإذا كان الحدوث متضمنا للحاجة إلى الفاعل، [أو] (1) مستلزما للحاجة إلى الفاعل لم يجز أن يقال: هو مانع عن الحاجة، فإن الشيء لا يمنع لازمه (2) ، وإنما يمنع ضده.
الثالث: قوله: (الواجب من حيث هو (3) واجب يمتنع استناده إلى المؤثر) ممنوع، بل الواجب بنفسه هو الذي يمتنع استناده (4) إلى المؤثر، وأما الواجب بغيره، فلا يمتنع استناده إلى المؤثر، بل نفس كونه واجبا بغيره يتضمن استناده إلى المؤثر، ويستلزم ذلك،
فكيف يقال: إن الوجوب بالغير يمنع الاستناد إلى الغير.
وإن قال: أنا أريد الواجب من حيث هو واجب مع قطع النظر عن كونه واجبا بنفسه أو بغيره.
قيل له: ليس في الخارج إلا واجب بنفسه، أو بغيره، وإذا أخذ مطلقا عن القيدين (5) ، فهو أمر يقدر في الأذهان لا يوجد في الأعيان.
ثم يقال: لا نسلم أن الواجب إذا أخذ مطلقا يمتنع استناده إلى المؤثر، بل الواجب إذا أخذ مطلقا لا يستلزم المؤثر، [ولا ينفي (* المؤثر] (6) ، فإن من الواجب ما يستلزم المؤثر، وهو الواجب بغيره، ومنه ما ينفيه، وهو *) (7) الواجب
(1) أو: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن (فقط) : فإن الشيء يمنع لازمه، وهو خطأ.
(3) ن (فقط) : من حيث ما هو.
(4) ن (فقط) : يمنع إسناده، وهو تحريف
(5) ن، م: عن القيد.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
***********************
بنفسه، وصار هذا كاللون إذا أخذ مجردا لا يستلزم السواد، ولا ينفيه، والحيوان إذا أخذ مجردا لا يستلزم النطق. ولا ينفيه، وكذلك سائر المعاني العامة التي تجري مجرى الأجناس إذا أخذت مع قطع النظر عن بعض الأنواع لم تكن (1) مستلزمة لذلك، ولا مانعة منه.
الرابع: أن قول القائل: (الحدوث من حيث هو حدوث مانع عن الحاجة إلى المؤثر) (2) مما يعلم فساده ببديهة العقل، والعلم بفساد ذلك أظهر من العلم بفساد قول من يقول الإمكان من حيث هو إمكان مانع عن الحاجة إلى المؤثر، فإن علم الناس بأن ما حدث بعد أن لم يكن لا بد له من محدث أظهر، وأبين من علمهم بأن ما قبل (3) الوجود والعدم لا بد له من مرجح، فإذا كانت الحجة النافية لهذا سوفسطائية، فتلك أولى أن تكون سوفسطائية.
الخامس: أن هذه الحجة مبنية على أن في الخارج ماهية غير الوجود الحاصل في الخارج، وأنه (4) يعتقب عليها الوجود والعدم، وهذا ممنوع وباطل.
السادس: أنه لو سلم ذلك، فالماهية من حيث هي هي لا تستحق وجودا ولا عدما، ولا تفتقر إلى فاعل، فإن من يقول ذلك يقول الماهيات غير مجعولة وأن (5) المجعول اتصافها (6) بالوجود، وإنما تفتقر إلى الفاعل إذا كانت(1) أ، ب: تجعل.
(2) كذا في جميع النسخ في هذا الموضع، و (إلى المؤثر) ليست في النسخ كلها، كما تقدم.
(3) أ، ب: يقبل.
(4) أ، ب: وأن.
(5) أ، ب: وإنما.
(6) ن، م: أيضا فيها، وهو تحريف.
****************************** *
موجودة، وإذا كانت موجودة فوجودها واجب فعلم أن افتقارها إلى الفاعل في حال وجوب وجودها بالغير (1) ، لا في الحال التي لا تستحق فيها وجودا ولا عدما.
السابع: أنه لو سلم أن هذه الماهية ثابتة في الخارج، وإنما هي من حيث (2) هي هي مفتقرة إلى المؤثر، فليس في هذا ما يدل على وجوب كونها أزلية، بل ولا على إمكان ذلك، وإذا لم يكن فيه ما يدل على ذلك لم يمتنع أن يكون هذا الافتقار لا يثبت لها إلا مع الحدوث، ولكون الحدوث شرطا في هذا الافتقار (3) .
الثامن: أنا إذا سلمنا أن علة الافتقار إلى الفاعل هو الإمكان، فالإمكان الذي يعقله الجمهور إمكان أن يوجد الشيء، وإمكان أن يعدم الشيء (4) ، وهذا الإمكان ملازم للحدوث، فلا يعقل إمكان كون الشيء قديما أزليا واجبا بغيره، وهو مع ذلك يفتقر إلى الفاعل، وهذا هو (5) الذي يدعونه.
التاسع: أنهم إذا جعلوا الوجوب مانعا من الاستناد إلى الغير، وإن كان وجوبا حادثا، فالوجوب القديم الأزلي (6) أولى أن يكون مانعا من الاستناد إلى الغير، والأفلاك عندهم واجبة الوجود أزلا وأبدا، ووجوب ذلك(1) ن (فقط) : بالعين، وهو تحريف.
(2) م، أ، ب: وأنها من حيث.
(3) أ، ب: ولكن للحدوث شروطا في هذا الافتقار.
(4) الشيء: زيادة في (ن) فقط.
(5) ن (فقط) : وهو هو.
(6) ن: الأزلي القديم ; م: القديم الأولي.
****************************** ***
بغيرها، فإذا كان هذا الوجوب لازما (1) للماهية، والوجوب مانع من الافتقار إلى الغير كان لازم الماهية مانعا لها من الافتقار، فلا تزال الماهية القديمة ممنوعة من الافتقار إلى الغير (2) ، فيلزم أن لا تفتقر إلى الغير أبدا، وهذا هو الذي يقوله جماهير العقلاء، وأن ما كان قديما (3) يمتنع أن يكون مفعولا.
العاشر: أنه إذا قدر أن الإمكان هو المحوج إلى الغير (4) المؤثر، فالتأثير هو جعل الشيء موجودا وإبداع وجوده جعل (5) ما يمكن عدمه موجودا لا يعقل إلا بإحداث وجود له بعد أن لم يكن، وإلا فما كان وجوده واجبا أزليا يمتنع عدمه لا يعقل حاجته إلى من يجعله موجودا،
وإذا قالوا: هو واجب الوجود أزلا وأبدا (6) يمتنع عدمه،
وقالوا مع ذلك: إن غيره هو الذي أبدعه، وجعله موجودا، وإنه يمكن وجوده وعدمه، فقد جمعوا في كلامهم من التناقض أعظم مما يذكرونه عن (7) غيرهم.
الحادي عشر: أنه لو كان مجرد الإمكان مستلزما للحاجة إلى الفاعل لكان كل ممكن موجودا،
كما أنا إذا قلنا: الحدوث هو المحوج إلى المؤثر كان كل محدث موجودا ; لأن (8) المحتاج إلى الفاعل إنما يحتاج إليه إذا فعله الفاعل، وإلا فبتقدير أن لا يفعله لا حاجة به إليه، وإذا فعله الفاعل لزم
(1) ن، م: ملازما.
(2) يوجد في هذا الموضع تكرار ونقص في نسخة (ن) .
(3) أ: وإن كان قديما ; ب: وأن كل قديم.
(4) الغير: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: فالتأثير هو الذي جعل الشيء موجودا وأبدع وجوده وجعل.
(6) ن: أبدا وأزلا.
(7) ن: من.
(8) ن: لا أن، وهو تحريف.
************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (43)
صـ 291 إلى صـ 297
وجوده، فيلزم وجود كل ممكن، وهو معلوم الفساد بضرورة [العقل] (1) .
فإن قيل: المراد أن (2) الممكن لا يوجد إلا بفاعل قيل: فيكون الإمكان مع الوجود يستلزم الحاجة إلى الفاعل، وحينئذ فيحتاجون إلى بيان أنه يمكن كون (3) وجود الممكن أزليا، وأن الفاعل يمكنه أن يكون مفعوله المعين أزليا، وهذا إذا أثبتموه لم تحتاجوا إلى ما تقدم، فإنه لا تثبت حاجة الممكن إلى الفاعل إلا في حال وجوده فعلم أن الاستدلال بمجرد الإمكان باطل.
[البرهان العاشر والرد عليه]
قال الرازي:
(البرهان العاشر: جهة الاحتياج لا بد وأن لا تبقى مع المؤثر، كما كانت لا مع المؤثر، وإلا لبقيت الحاجة مع المؤثر إلى مؤثر آخر، فلو جعلنا الحدوث جهة الاحتياج إلى المؤثر، والحدوث مع المؤثر كهو [لا] (4) مع المؤثر ; لأن (5) الحدوث هو الوجود بعد العدم، وسواء (6) كان ذلك الوجود بالفاعل أو لا بالفاعل، فهو وجود بعد العدم، وسواء (7) أخذ (8) حال الحدوث، أو حال البقاء، فهو في كليهما وجود بعد العدم، فإذن هو [مع] (9) المؤثر كهو لا مع(1) ن، م: الفساد بالضرورة.
(2) أن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) كون: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) لا: ساقطة من (ن) .
(5) أ، ب، ن، م: لأن ; ش: (ص [0 - 9] 92) : أي أن.
(6) ب (فقط) : سواء.
(7) ن، م، أ، ب: سواء. والمثبت من (ش) .
(8) م: وجد.
(9) مع: ساقطة من (ن) ، (م) .
******************************
المؤثر، فيلزم المحال (1) المذكور أما إذا جعلنا الإمكان جهة الاحتياج، فهو عند المؤثر لا يبقى، كما كان عند عدم المؤثر، فإن الماهية مع المؤثر لا تبقى ممكنة ألبتة فعلم أن الحدوث لا يصلح جهة الاحتياج (2)) .
فيقال: هذا من جنس الذي قبله،
والجواب عن هذا من وجوه:أحدها: أن يقال: كون الماهية [مع المؤثر] (3) لا تبقى ممكنة ألبتة هو وصف ثابت لها مع الحدوث أيضا، بل لا يعلم ذلك إلا مع الحدوث، فإن الممكن الذي يعلم أنه يصير واجبا بالفاعل هو المحدث أما القديم الأزلي فهو مورد النزاع.
وجمهور العقلاء يقولون: نعلم ببديهة العقل أنه لا يكون له فاعل، وبتقدير أن تكون المسألة نظرية فالمنازع لم يقم على ذلك دليلا ألبتة إذ لا دليل يدل (4) على قدم شيء من العالم ألبتة، وإنما غاية الأدلة الصحيحة أن تدل على دوام الفاعلية، وذلك يحصل بإحداث شيء بعد شيء، وبكل حال فلا ريب أن الممكن المحدث واجب بفاعله.
وحينئذ فيقال: الحدوث بعد العدم إذا كان بالفاعل اقتضى وجوب المحدث، وأما إذا لم (5) يكن بالفاعل امتنع الحدوث، فلم يكن الحدوث بعد العدم مع المؤثر كهو لا مع المؤثر، فإنه في هذه الحال واجب، وفي هذه ممتنع، كما أن الممكن مع المؤثر واجب، وبدون المؤثر ممتنع،
(1) أ، ب: الحال، وهو تحريف.
(2) ش " فقط: للاحتياج.
(3) مع المؤثر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: إذ لا دليل له.
(5) ن، م: وإذا لم.
*************************
وإذا كان واجبا مع المؤثر مع كونه حادثا لم يحتج مع ذلك إلى مؤثر آخر.
والجواب الثاني: أن يقال: قوله: (الماهية مع المؤثر لا تبقى ممكنة ألبتة) إن أراد به أنها لا تبقى محتاجة إلى المؤثر، أو لا يبقى علة (1) احتياجها هو الإمكان، فهذا باطل، وهو (2) خلاف ما يقولونه دائما، وإن أراد به أنها لا تبقى ممكنة العدم لوجوبها بالغير، فهذا يناقض ما يقولونه من أنها باعتبار ذاتها يمكن وجودها وعدمها مع كونها واجبة بالغير، وحينئذ فبطل (3) قولهم: إن القديم الأزلي يكون ممكنا، فليس شيء من القديم الأولي بممكن (4) ، وهذا ينعكس بانعكاس النقيض، فلا يكون شيء من الممكن بقديم أزلي، فثبت أن كل ممكن لا يوجد إلا بعد عدمه، وهو المطلوب، وإذا بطل المذهب بطلت جميع أدلته ; لأن القول لازم عن الأدلة، فإذا انتفى اللازم انتفت الملزومات كلها.
والجواب الثالث: قوله (جهة الاحتياج لا بد وأن لا تبقى مع المؤثر. كما كانت لا مع المؤثر) ، أتريد به أن المحتاج إلى المؤثر لا يكون مع عدم المؤثر، [كما يكون مع المؤثر] (5) ؟ أم تريد أن علة احتياجه أو شرط احتياجه أو دليل احتياجه يختلف في الحالين، فإن أردت الأول فهذا صحيح، فإن المحدث بعد العدم لا يكون مع المؤثر، كما كان مع عدم المؤثر، فإنه
(1) ن، م: عليها، وهو تحريف.
(2) أ، ب: فهو.
(3) ب (فقط) : يبطل.
(4) أ، ب: ممكنا.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
***********************
مع عدمه معدوم، بل واجب العدم، ومع وجوده موجود، بل واجب الوجود.(* وقوله: (لأن الحدوث هو الوجود بعد العدم سواء كان الوجود بالفاعل أو بغير الفاعل *) (1) [تقدير ممتنع، فإن كونه بغير الفاعل ممتنع، فلا يكون حدوث بعد العدم بغير الفاعل حتى يسوى بينه في هذه الحال وفي حال عدمها،
بل هذا مثل أن يقال: رجحان وجوده على عدمه سواء كان بالفاعل أو بغير الفاعل] (2) .وإن أردت بذلك أنه ما كان علة أو دليلا أو شرطا في أحد الحالين لا يكون كذلك في الحال الأخرى، فهذا باطل فإن علة (3) احتياج الأثر إلى المؤثر إذا قيل: هو الإمكان (4) ، أو الحدوث، أو مجموعهما، فهو كذلك مطلقا، فإنا نعلم أن المحدث لا يحدث إلا بفاعل سواء حدث أو لم يحدث والممكن لا يترجح وجوده إلا بمرجح سواء ترجح أو لم يترجح لكن هذا الاحتياج إنما يحقق في حال وجوده إذ ما دام (5) معدوما، فلا فاعل له.
وقولك: (وإلا لبقيت الحاجة مع المؤثر إلى موثر آخر) إنما يدل على المعنى المسلم دون الممنوع، فإنه يدل على أنه بالمؤثر يحصل وجوده لا يفتقر مع المؤثر إلى شيء آخر لا يدل على أنه مع المؤثر (6) لا يكون
(1) الكلام الذي يقابل هذه الفقرة في نسخة (ن) ناقص ومضطرب.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) علة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : للإمكان.
(5) ن: أو ما دام ; م: وما دام.
(6) عبارة " مع المؤثر ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
**************************
علة حاجتها (1) أو دليلها أو شرطها الحدوث أو الإمكان أو مجموعهما، بل هذا المعنى هو ثابت له حال وجوده أظهر من ثبوته له حال عدمه، فإنه إنما يحتاج إلى ذلك حال وجوده لا حال عدمه.
وحينئذ فإذا قلنا: احتاج إلى المؤثر لحدوثه بعد العدم، وهذا الوصف ثابت له حال وجوده، كنا قد أثبتنا علة حاجته وقت وجوده، والعلة حاصلة.
وإذا قلنا: العلة هي الإمكان، وادعينا انتفاءها عند وجوده كنا قد عللنا حاجته إلى المؤثر بعد (2) وقت وجوده بعلة منتفية وقت وجوده، وهذا يدل على أن ما ذكره حجة عليهم لا لهم، وهذا بين لمن تدبره.وهذا وغيره مما يبين أن القوم لما غيروا فطرة الله التي فطر عليها عباده (3) ، فخرجوا عن صريح المعقول وصحيح المنقول،
ودخلوا في هذا الإلحاد الذي هو من أعظم جوامع الكفر والعناد صار في أقوالهم من التناقض والفساد ما لا يعلمه إلا رب العباد مع دعواهم أنهم أصحاب البراهين العقلية والمعارف الحكمية، وأن العلوم الحقيقية فيما يقولونه لا فيما جاءت به رسل الله الذين هم أفضل الخليقة وأعلمهم بالحقيقة.وهؤلاء الملاحدة يخالفون المعقولات والمسموعات بمثل هذه الضلالات، إذ من البين أن المحتاج إلى الخالق الذي خلقه هو محتاج إليه في حال وجوده وكونه مخلوقا، أما إذا قدر أنه باق على العدم، ففي تلك الحال لا يحتاج عدمه إلى خالق لوجوده بل ولا فاعل لعدمه، وهم
(1) ن، م: حاجته
(2) بعد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ن: فطر الناس عليها عباده.
****************************** ******
وإن قالوا: عدمه يفتقر إلى مرجح، فالمرجح عندهم عدم العلة (1) ، فالجميع عدم،
لم يقولوا: إن العدم يفتقر إلى موجود.وإذا كان هذا بينا، فقوله: (جهة الاحتجاج لا بد وأن لا تبقى مع المؤثر كما كانت لا مع المؤثر) هو كلام ملبس، فإن الاحتياج إنما هو في حال كون المؤثر مؤثرا، فكيف تزول حاجته إلى المؤثر في الحال التي هو فيها محتاج إلى المؤثر. وكيف يكون محتاجا إلى المؤثر حين لم يؤثر فيه، وهو معدوم لا يحتاج إلى مؤثر أصلا. وفي حال احتياجه إليه لا يكون محتاجا إليه؟ .
وإن قالوا: هو. (2) في حال عدمه لا يمكن وجوده إلا بمؤثر،
قلنا: فهذا بعض ما ذكرنا، فإن كونه لا يوجد إلا بمؤثر أمر لازم له،
لا يقال: إنه ثابت له في حال عدمه دون حال وجوده.وإذا تبين أن الفعل مستلزم لحدوث المفعول، وأن إرادة الفاعل أن يفعل مستلزمة لحدوث المراد، فهذا يبين أن كل مفعول وكل ما أريد فعله فهو حادث بعد أن لم يكن عموما، وعلم بهذا أنه يمتنع [أن يكون ثم] (3) إرادة أزلية لشيء من الممكنات يقارنها مرادها أزلا وأبدا سواء كانت عامة لكل ما يصدر عنه (* أو كانت خاصة ببعض المفعولات،
ثم يقال: أما كونها عامة (4) لكل ما يصدر عنه *) (5) فامتناعه ظاهر متفق
(1) ن: عندهم علة العلة ; م: عندهم العلة.
(2) ن: قلنا هو ; م: فإن قيل هو.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: علة.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
*************************
عليه بين العقلاء، فإن ذلك يستلزم أن يكون كل ما صدر عنه بواسطة أو بغير واسطة قديما أزليا، فيلزم أن لا يحدث في العالم شيء، وهو مخالف لما يشهده الخلق من حدوث الحوادث في السماء والأرض وما بينهما من حدوث الحركات والأعيان والأعراض كحركة الشمس، والقمر، والكواكب، وحركة الرياح، وكالسحاب والمطر وما يحدث من الحيوان والنبات (1) ، والمعدن.وأما إرادة شيء معين، فلما تقدم،
ولأنه حينئذ إما أن يقال: ليس له إلا تلك الإرادة الأزلية،
وإما أن يقال: له إرادات (2) تحصل شيئا بعد شيء، فإن قيل بالأول، فإنه (3) على هذا التقدير يكون المريد الأزلي في الأزل مقارنا لمراده الأزلي، فلا يريد شيئا من الحوادث لا بالإرادة القديمة ولا بإرادة متجددة ; لأنه إذا قدر أن المريد الأزلي يجب أن يقارنه مراده كان الحادث حادثا إما بإرادة أزلية فلا يقارن المريد مراده، وإما حادثا بإرادة حادثة مقارنة له،
وهذا باطل لوجهين:أحدهما: أن التقدير أنه ليس له إلا إرادة واحدة أزلية.
الثاني: أن حدوث تلك الإرادة يفتقر إلى سبب حادث، والقول في ذلك [السبب] (4) الحادث كالقول في غيره: يمتنع أن يحدث بالإرادة الأزلية المستلزمة لمقارنة مرادها لها، ويمتنع أن يحدث بلا إرادة لامتناع حدوث الحادث بلا إرادة، فيجب على هذا التقدير أن تكون إرادة(1) أ، ب: النبات والحيوان.
(2) ن، م: إرادة.
(3) أ، ب: فهو.
(4) السبب: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** *****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (44)
صـ 298 إلى صـ 304
الحادث المعين مشروطة بإرادة له، وبإرادة للحادث الذي قبله، وأن الفاعل المبدع لم يزل مريدا لكل ما يحدث من المرادات.وهذا هو التقدير الثاني. وهو أن يقال: لو أراد أن يحصل (1) شيئا بعد شيء، فكل مراد له محدث كائن بعد أن لم يكن، (2 وهو وحده المنفرد بالقدم والأزلية، وكل ما سواه مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن 2) (2) ، وعلى هذا التقدير، فليس فيه إلا دوام الحوادث وتسلسلها، وهذا هو [التقدير] (3) الذي تكلمنا عليه، ويلزم أن يقوم بذات الفاعل ما يريده ويقدر عليه، وهذا هو قول أئمة أهل الحديث وكثير من أهل الكلام والفلسفة، بل قول أساطينهم من المتقدمين والمتأخرين.
فتبين أنه يجب القول بحدوث كل ما سوى الله سواء سمي جسما أو عقلا أو نفسا، وأنه يمتنع كون شيء من ذلك قديما سواء قيل بجواز دوام الحوادث وتسلسلها، وأنه لا أول لها، أو قيل بامتناع ذلك، وسواء قيل بأن الحادث لا بد له من سبب حادث، أو قيل بامتناع ذلك، وأن القائلين بقدم العالم كالأفلاك والعقول والنفوس قولهم باطل في صريح العقل الذي لم يكذب قط على كل تقدير، وهذا هو المطلوب.
[استطراد: الكلام في الحدوث والقدم في أفعال الله وكلامه تصادمت فيه أئمة الطوائف]وقد بسط الكلام على ما يتعلق بهذا في غير هذا الموضع، فإن هذا الأصل هو [الأصل] (4) الذي تصادمت فيه أئمة الطوائف من أهل
(1) ب (فقط) : له إرادات تحصل.
(2) (2 - 2) : ساقط من (م) فقط.
(3) التقدير: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) الأصل: زيادة في (أ) ، (ب) .
**************************
الفلسفة، والكلام، والحديث، وغيرهم، وهو الكلام في الحدوث (1) والقدم في أفعال الله وكلامه، ويدخل في ذلك الكلام في حدوث العالم والكلام في كلام الله وأفعاله، والكلام في هذين الأصلين من محارات (2) العقول، فالفلاسفة القائلون بقدم العالم كانوا في غاية البعد عن الحق الذي جاءت به الرسل الموافق لصريح المعقول وصحيح المنقول، ولكنهم ألزموا أهل الكلام الذين وافقوهم على نفي قيام الأفعال والصفات (3) بذاته، أو على نفي قيام الأفعال بذاته بلوازم قولهم، فظهر بذلك من تناقض أهل الكلام ما استطال به عليهم هؤلاء الملحدون، وذمهم به علماء المؤمنين (4) من السلف والأئمة وأتباعهم، وكان كلامهم من الكلام الذي ذمهم به السلف لما فيه من الخطأ والضلال الذي خالفوا به الحق في (5) مسائلهم ودلائلهم، فبقوا فيه مذبذبين متناقضين لم يصدقوا بما جاءت به الرسل على وجهه ولا قهروا أعداء الملة بالحق الصريح المعقول.
وسبب ذلك أنهم لم يحققوا ما أخبرت به الرسل، ولم يعلموه، ولم يؤمنوا به، ولا حققوا موجبات العقول، فنقصوا في علمهم بالسمعيات والعقليات، [وإن] (6) كان لهم منهما نصيب كبير، فوافقوا في بعض ما
(1) ن، م: وهو الكلام والحدوث.
(2) ن: مجازات ; م، أ: مجارات. والمثبت من (ب) وهو الصواب.
(3) ن، م: الصفات والأفعال.
(4) أ، ب: العلماء المؤمنون.
(5) ن، م: من.
(6) وإن: ساقطة من (ن) ، (م) .
*************************
قالوه الكفار الذين قالوا: {لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} [سورة الملك: 10] وفرعوا من الكلام في صفات الله وأفعاله ما هو بدعة مخالفة للشرع،
وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فهي مخالفة للعقل، كما هي مخالفة للشرع.
والذي نبهنا عليه هنا يعلم به دلالة العقل الصريح على ما جاءت به الرسل، ولا ريب أن كثيرا من طوائف المسلمين يخطئ في كثير من دلائله، ومسائله (1) ، فلا يسوغ،
ولا يمكن نصر قوله مطلقا، بل الواجب أن لا يقال إلا الحق قال تعالى: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق} [سورة الأعراف: 169] .
وإذا كان المقصود نصر حق اتفق عليه أهل الملة أو رد باطل اتفقوا على أنه باطل نصر بالطريق الذي يفيد ذلك وإن لم يستقم دليله على طريقة طائفة من طوائف أهل القبلة (2) بين كيف يمكن إثباته بطريقة مؤلفة من قولها وقول طائفة أخرى، فإن تلك الطائفة أن توافق طائفة من طوائف (3) المسلمين خير لها من أن تخرج عن دين الإسلام، وكذلك أن توافق المعقول الصريح خير من أن تخرج عن المعقول بالكلية، والقول كلما كان أفسد في الشرع كان أفسد في العقل، فإن الحق لا يتناقض، والرسل إنما أخبرت بالحق، والله فطر عباده على معرفة الحق، والرسل بعثت بتكميل الفطرة، لا بتغيير الفطرة. قال تعالى: (4)
(1) ومسائله: ساقطة من (ب) فقط.
(2) ن، م: السنة.
(3) طوائف: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: كقوله تعالى.
****************************** *
{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} [سورة فصلت: 53] .
فأخبر أنه سيريهم الآيات الأفقية (1) والنفسية المبينة لأن القرآن الذي أخبر به عباده حق، فتتطابق الدلالة البرهانية القرآنية، والبرهانية العيانية، ويتصادق موجب الشرع المنقول والنظر المعقول.
لكن أهل الكلام المحدث الذي ذمه السلف والأئمة، من الجهمية والمعتزلة ومن اتبعهم من المنتسبين إلى السنة من المتأخرين ابتدعوا في أصول دينهم حكما ودليلا، فأخبروا عن قول أهل الملل بما لم ينطق به كتاب ولا سنة، واستدلوا على ذلك بطريقة لا أصل لها في كتاب، ولا سنة، فكان القول الذي أصلوه ونقلوه عن أهل الملل والدليل عليه كلاهما بدعة في الشرع لا أصل لواحد منهما في كتاب ولا سنة، مع أن أتباعهم يظنون أن هذا هو دين المسلمين، فكانوا في مخالفة المعقول بمنزلتهم في مخالفة المنقول، وقابلتهم الملاحدة المتفلسفة الذين هم أشد مخالفة لصحيح المنقول وصريح المعقول (2) .
وما ذكرناه هنا هو (3) مما يعلم به حدوث كل ما سوى الله، وامتناع قدم شيء بعينه من العالم بقدم الله يفيد المطلوب على كل تقدير من التقديرات، ويمكن التعبير عنه بأنواع من العبارات، وتأليفه على وجوه (4) من التأليفات، فإن المادة إذا كانت مادة صحيحة أمكن تصويرها بأنواع من الصور، وهي في ذلك يظهر أنها صحيحة بخلاف الأدلة
(1) ن، م: آياته في الأفقية.
(2) ا: لصحيح المعقول وصريح المنقول؛ ب: لصحيح المنقول وصريح المنقول.
(3) هو: ساقطة من (ب) فقط
(4) أ: وجه؛ ب: أوجه.
************************
المغالطية (1) التي قد ركبت على وجه معين بألفاظ معينة، فإنها (2) متى غير ترتيبها وألفاظها، ونقلت من صورة إلى صورة ظهر خطؤها، فالأولى كالذهب الصحيح فإنه إذا نقل (3) من صورة إلى صورة لم يتغير جوهره، بل يتبين أنه ذهب، وأما المغشوش فإنه إذا غير من صورة إلى صورة ظهر أنه مغشوش.
وهذه الأدلة المذكورة دالة على حدوث كل ما سوى الله، وأن كل ما سوى الله حادث (4) كائن بعد أن لم يكن، سواء قيل بدوام نوع الفعل كما يقوله أئمة أهل الحديث وأئمة الفلاسفة أو لم يقل.
ولكن من لم يقل بذلك يظهر بينه وبين طوائف (5) أهل الملل وغيرها من النزاع والخصومات والمكابرات ما أغنى الله عنه من لم يشركه في ذلك، أو تتكافأ عنده الأدلة ويبقى في أنواع من الحيرة والشك [والاضطراب] (6) قد عافى الله منها من هداه وبين له الحق.
قال تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [سورة البقرة: 213] .
(1) ن: الأدلة العقلية المغلظة؛ م، ا: الأدلة المغلطية. والمثبت من (ب) .
(2) ا، ب: فإنه.
(3) ا، ب: خطؤها كما أن الذهب الصحيح إذا نقل.
(4) حادث: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) ا، ب: وبين أئمة طوائف.
(6) والاضطراب: زيادة في (ا) ، (ب) .
***********************
فالخالق سبحانه يمتنع أن يكون مقارنا له في القدم شيء من العالم كائنا ما كان، سواء قيل: إنه يخلق بمشيئته وقدرته كما يقوله المسلمون وغيرهم، أو قيل (1) :
إنه موجب بذاته أو علة مستلزمة للمعلول، أو سمي مؤثرا؛ لكون لفظ التأثير يعم هذه الأنواع، فيدخل فيه الفاعل باختياره، ويدخل فيه بذاته (2) وغير ذلك، بل هو المختص بالقدم الذي استحق ما سواه كونه (3) مسبوقا بالعدم.ولكن الاستدلال على ذلك بالطريقة الجهمية المعتزلية (4) ، طريقة الأعراض والحركة والسكون التي مبناها على أن الأجسام محدثة؛ لكونها لا تخلو عن الحوادث، وامتناع حوادث لا أول لها طريقة (5) مبتدعة في الشرع باتفاق أهل العلم بالسنة، وطريقة (6) مخطرة مخوفة في العقل، بل مذمومة عند طوائف كثيرة وإن (7) لم يعلم (8) بطلانها؛ لكثرة مقدماتها وخفائها والنزاع فيها عند كثير من أهل النظر " كالأشعري في رسالته إلى أهل الثغر (9) "
ومن سلك سبيله في ذلك كالخطابي (10) وأبي عمر
(1) ن، م: أو يقول.
(2) ب (فقط) : الواجب بذاته.
(3) ن، م: بكونه.
(4) ن، م: المعتزلة.
(5) ن، م: طريق.
(6) ن، م: طريق.
(7) ا، ب: وإنه.
(8) ن: وإن لم يعلموا.
(9) ا، ب: رسالة الثغر. وقد طبعت في مجلة كلية الإلهيات بجامعة أنقرة، 1928، ومنها نسخة خطية بالجامعة العربية، وانظر درء تعارض العقل والنقل 7/186 - 219.
(10) أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب، الخطابي، البستي، فقيه أديب محدث ولد سنة 319 وتوفي سنة 388. له " معالم السنن في شرح سنن أبي داود " وله رسالة " الغنية عن الكلام وأهله " (مطبوعة باختصار ضمن صون المنطق والكلام عن فني المنطق والكلام للسيوطي 1/137 - 147 وانظر ما نقله ابن تيمية عنها في " درء تعارض العقل والنقل " في ج [0 - 9] ، 8. انظر ترجمة الخطابي في: وفيات الأعيان 1/453 - 455؛ تذكرة الحفاظ 3/1018 - 1020؛ شذرات الذهب 3/127 - 128؛ الأعلام 2/304.
****************************
الطلمنكي (1) .
وغيرهم، وهي طريقة باطلة في الشرع والعقل (2) عند محققي الأئمة العالمين بحقائق المعقول والمسموع.
والاستدلال بهذه الطريق أوجب (3) نفي صفات الله القائمة به، ونفي أفعاله القائمة به، وأوجبت من بدع الجهمية ما هو معروف عند سلف الأمة، وسلطت بذلك الدهرية على القدح فيما جاءت به الرسل عن الله، فلا قامت بتقرير الدين، ولا قمعت أعداءه الملحدين، وهي التي أوجبت على من سلكها قولهم:
إن الله لم يتكلم، بل كلامه مخلوق، فإنه بتقدير صحتها تستلزم هذا القول.
وأما ما أحدثه ابن كلاب ومن اتبعه من القول بقدم شيء منه (4) معين:
إما معنى واحد، وإما حروف، أو حروف وأصوات معينة يقترن بعضها ببعض أزلا وأبدا، فهي أقوال محدثة بعد حدوث القول بخلق القرآن، وفيها من الفساد شرعا وعقلا ما يطول وصفه، لكن القائلون بها
(1) ن، م: وأبي عمرو. وهو أحمد بن عبد الله، أبو عمر الطلمنكي المعافري الأندلسي. كان من المجودين في القراءات وله تصانيف في القراءة، وروى الحديث، توفي سنة 429. ترجمته في طبقات القراء لابن الجوزي 1/120 (طبعة الخانجي، القاهرة 1351 - 1932) ؛ شذرات الذهب 3/243 - 244؛ تذكرة الحفاظ 3/1098 - 1100؛ الديباج المذهب لابن فرحون (ط. ابن شقرون، القاهرة \ 1351) ص 39 - 40؛ الأعلام 1
(2) ن، م: باطلة في العقل.
(3) م: بهذه الطريقة أوجب؛ ا: بهذا طريق أوجب؛ ب: بهذا طريق أوجبت.
(4) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
**************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (45)
صـ 305 إلى صـ 311
بينوا فساد قول من قال: هو مخلوق من الجهمية والمعتزلة، فكان في كلام كل طائفة من هؤلاء من الفائدة (1) بيان فساد قول الطائفة الأخرى لا صحة قولها؛ إذ الأقوال المخالفة للحق كلها باطلة.
وكان الناس لما بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - في ضلال عظيم كما في صحيح مسلم (2) من حديث عياض بن حمار (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه (4) قال: " «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب،
وإن ربي قال لي: قم في قريش فأنذرهم، فقلت:
أي رب إذن يثلغوا رأسي حتى يدعوه خبزة (5) ،
فقال: إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان، فابعث جندا، ابعث مثليهم (6) ، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأنفق أنفق عليك،
وقال: إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم ألا يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا» . . . " الحديث بطوله (7) .
(1) ا، ب: من هؤلاء الطوائف من الفائدة.
(2) ا، ب: كما في الصحيح.
(3) ا، ب: حماد، وهو خطأ.
(4) أنه: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) قال النووي في شرحه على مسلم: ج [0 - 9] 7، ص [0 - 9] 98: يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة: هي بالثاء المثلثة أي يشدخوه ويشجوه كما يشج الخبز أي يكسر.
(6) ب (فقط) : فابعث جندا نبعث خمسة مثله، وهذه هي رواية مسلم.
(7) الحديث عن عياض بن حمار المجاشعي - رضي الله عنه - مع اختلاف في الألفاظ في مسلم: 4/2197 - 2199 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/162. وأول الحديث في مسلم: " ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم. . الحديث، وفي رواية - وهي التي في المسند -: إن الله أمرني، أو: إن ربي - عز وجل - أمرني. . . ومن الحديث قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . . وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم. . ولم أجد رواية: " ابعث مثليهم ".
***************************
[عرض تاريخي لنشأة البدع والمذاهب الكلامية]
وكان المسلمون على ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول، فلما قتل عثمان [بن عفان] (1) - رضي الله عنه -، ووقعت الفتنة فاقتتل المسلمون بصفين، مرقت المارقة التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -:
" «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين، يقتلهم أولى الطائفتين بالحق» (2) ". وكان مروقها لما حكم الحكمان وافترق الناس على غير اتفاق.وحدثت أيضا بدعة (3) التشيع كالغلاة المدعين لإلهية علي (4) ، والمدعين النص على علي - رضي الله عنه - (5) السابين لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - (6) ، فعاقب [أمير المؤمنين] علي [رضي الله عنه] الطائفتين (7) :
قاتل المارقين، وأمر بإحراق أولئك الذين ادعوا فيه الإلهية، فإنه خرج ذات يوم فسجدوا له فقال لهم: ما هذا؟ فقالوا: (8) أنت هو.
قال: من أنا؟ قالوا: أنت الله الذي لا إله إلا هو. فقال: ويحكم!
(1) بن عفان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) الحديث عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في: مسلم 2/745 - 746 (كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم) ؛ سنن أبي داود 4/300 (كتاب السنة، باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 3/32، 48.
(3) ا، ب: بدع.
(4) ا، ب: الإلاهية في علي.
(5) رضي الله عنه: زيادة في (ن) ، (م) .
(6) رضي الله عنهما: زيادة في (ن) ، (م) .
(7) ن، م: فعاقب علي الطائفتين.
(8) ن، م: قالوا.
**************************
هذا كفر، ارجعوا عنه وإلا ضربت أعناقكم، فصنعوا به في اليوم الثاني والثالث كذلك فأخرهم (1) ثلاثة أيام؛ لأن المرتد يستتاب ثلاثة أيام، فلما لم يرجعوا أمر بأخاديد من نار فخدت (2) عند باب كندة، وقذفهم في تلك النار، وروي عنه أنه قال:
لما رأيت الأمر أمرا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا (3) وقتل هؤلاء واجب باتفاق المسلمين، لكن (4) في جواز تحريقهم نزاع:
فعلي [رضي الله عنه] (5) رأى تحريقهم، وخالفه ابن عباس وغيره [من الفقهاء] (6) قال ابن عباس: أما أنا فلو كنت لم أحرقهم؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعذب بعذاب الله، ولضربت أعناقهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
" «من بدل دينه فاقتلوه» "، وهذا الحديث في صحيح البخاري. (7) وأما السبابة (8) الذين يسبون أبا بكر وعمر فإن عليا لما بلغه ذلك
(1) م، ا، ب: وأخرهم.
(2) ب، م: فحدت.
(3) انظر ما سبق أن ذكرناه عن هذا الرجز (ص 30 ت 6) ، وقد ذكره أيضا المقريزي في الخطط 2/356، القاهرة 1270، وذكر الخبر مختصرا.
(4) ا، ب: واجب بالاتفاق لكن.
(5) رضي الله عنه: زيادة في (ا) ، (ب) .
(6) من الفقهاء: زيادة في (ا) ، (ب) .
(7) الحديث عن عكرمة - رضي الله عنه - في: البخاري 9/15 (كتاب استتابة المرتدين، باب حكم المرتد والمرتدة) .
(8) هم الذين يسبون الصحابة من الرافضة، وقيل: إنهم الذين ينتسبون إلى رجل اسمه عبد الله بن سباب - وسبقت الإشارة إليه (ص 18 ت [0 - 9] ) - وانظر: الدكتور محمد جابر عبد العال: حركات الشيعة المتطرفين، ص [0 - 9] 9 - 61، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، 1373/1954.
********************
طلب ابن السوداء (1) الذي بلغه ذلك عنه، وقيل: إنه أراد قتله فهرب منه إلى أرض (2) قرقيسيا.
وأما المفضلة الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر فروي عنه أنه قال: لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد المفتري، وقد تواتر عنه (3) أنه كان يقول على منبر الكوفة:
خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر (4) ، روي هذا عنه (5) من أكثر من ثمانين وجها، ورواه البخاري وغيره (6) ، ولهذا كانت الشيعة المتقدمون كلهم متفقين (7) على تفضيل أبي بكر وعمر كما ذكر ذلك غير واحد.
فهاتان البدعتان: بدعة الخوارج والشيعة حدثتا في ذلك الوقت لما وقعت الفتنة، ثم إنه في أواخر عصر الصحابة حدثت بدعة القدرية
(1) هناك اختلاف بين العلماء فيما إذا كان ابن السوداء هو عبد الله بن سبأ أم أنه شخص آخر. فابن طاهر البغدادي (الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 44) يذهب إلى أن ابن السوداء كان يهوديا وافق عبد الله بن سبأ على رأيه بغية إثارة الفتنة. وتابع الإسفراييني (التبصير في الدين، ص [0 - 9] 2) ابن طاهر على ذلك. وسبق أن ذكرنا عند الكلام عن عبد الله بن سبأ والسبئية ما نقله النوبختي من أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا وقد نقل ذلك أيضا الشهرستاني (الملل والنحل 1/155) مما يفهم منه أنه وابن السوداء شخص واحد. وانظر أيضا تعليق الشيخ الكوثري في الفرق بين الفرق ص 144؛ أحمد أمين: فجر الإسلام، ص 110.
(2) أرض ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) ن، م: وتواتر.
(4) ن، م: أبو بكر وعمر.
(5) ن، م: وروي عنه.
(6) سبقت الإشارة (ص 12) إلى هذه الرواية، حيث أطلق ابن تيمية على المفضلة لفظ " المفترية ". ونقلنا هناك (ت 3) نص كلام محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب، كما رواه البخاري في صحيحه.
(7) ن، م، ا: متفقون، وهو خطأ.
*************************
والمرجئة، فأنكر ذلك الصحابة والتابعون (1) كعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وواثلة بن الأسقع (2) .
ثم إنه في أواخر عصر التابعين من أوائل المائة الثانية (3) حدثت بدعة الجهمية منكرة الصفات، وكان أول من أظهر ذلك (4) الجعد بن درهم، فطلبه خالد بن عبد الله القسري فضحى به بواسط،
فخطب الناس يوم النحر وقال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله تعالى لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه (5) .
ثم ظهر بهذا المذهب الجهم بن صفوان، ودخلت فيه بعد ذلك المعتزلة، وهؤلاء أول من عرف عنهم في الإسلام أنهم أثبتوا حدوث
(1) ا، ب:. . . عصر الصحابة والتابعين لهم بإحسان. . إلخ.
(2) ن، م: واثلة بن الأسقع، وهو خطأ. قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات، القسم الأول، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 43: توفي بدمشق سنة ست أو خمس وثمانين.
(3) ن، م: الثالثة، وهو خطأ.
(4) ن: ظهر ذلك عنه؛ ا: ظهر ذلك.
(5) كان الجعد بن درهم من الموالي وكان مؤدبا لمروان بن محمد - آخر خلفاء بني أمية - ولكنه أظهر القول بخلق القرآن بعد أن أخذه - كما يحدثنا ابن نباتة - عن إبان بن سمعان وأخذه هذا عن طالوت بن أعصم اليهودي الذي سحر النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد أمر هشام بن عبد الملك خالد بن عبد الله القسري واليه على الكوفة بقتل الجعد لذلك ولقوله بالقدر. انظر جمال الدين محمد بن محمد بن نباتة: سرح العيون شرح رسالة ابن زيدون (تحقيق الأستاذ محمد أبي الفضل إبراهيم) ، ص [0 - 9] 93 - 294، القاهرة، 1383/1964؛ جمال الدين القاسمي: تاريخ الجهمية والمعتزلة، ص 27 - 28، القاهرة 1331؛ لسان الميزان 2/105؛ ميزان الاعتدال 1/185؛ الكامل لابن الأثير 5/160؛ الأعلام 2/114.
**************************
العالم بحدوث الأجسام، [وأثبتوا حدوث الأجسام] (1) بحدوث ما يستلزمها من الأعراض، وقالوا: الأجسام لا تنفك عن أعراض محدثة، وما لا ينفك عن الحوادث أو ما لا يسبق الحوادث فهو حادث؛ لامتناع حوادث لا أول لها.
ثم إنهم تفرقوا عن هذا الأصل، فلما قالوا بامتناع دوام الحوادث في الماضي عورضوا بالمستقبل، فطرد [إماما هذه الطريقة] هذا الأصل،
وهما: إمام الجهمية الجهم بن صفوان (2) ، وأبو الهذيل العلاف إمام المعتزلة، وقالا بامتناع دوام الحوادث في المستقبل والماضي.
ثم إن جهما قال: إذا كان الأمر كذلك لزم فناء الجنة والنار، وأنه يعدم كل ما سوى الله، كما كان ما سواه معدوما.
وكان هذا مما أنكره السلف والأئمة على الجهمية، وعدوه من كفرهم،
وقالوا: إن الله تعالى يقول: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] وقال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على بقاء نعيم الجنة (3) .وأما أبو الهذيل فقال: إن الدليل إنما دل على انقطاع الحوادث فقط، فيمكن بقاء الجنة والنار، لكن تنقطع الحركات، فيبقى أهل الجنة والنار ساكنين ليس فيهما حركة أصلا، ولا شيء يحدث. ولزمه على ذلك أن يثبت أجساما باقية دائمة خالية عن الحوادث، فيلزم وجود أجسام بلا
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ن، م: فطرد هذا الأصل الجهم بن صفوان إمام الجهمية.
(3) ا، ب: النعيم.
****************************
حوادث، فينتقض الأصل الذي أصلوه، وهو أن الأجسام لا تخلو (1) عن الحوادث.
وهذا هو الأصل الذي أصله هشام بن الحكم وهشام بن سالم (2) الجواليقي وغيرهما من المجسمة الرافضة وغير الرافضة (3) كالكرامية، فقالوا: بل يجوز ثبوت جسم قديم [أزلي] (4) لا أول لوجوده، وهو خال عن جميع الحوادث.
وهؤلاء عندهم الجسم القديم الأزلي يخلو عن الحوادث، وأما الأجسام المخلوقة فلا تخلو عن الحوادث،
ويقولون: ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، لكن لا (5) يقولون: إن كل جسم فإنه لا يخلو عن الحوادث.
ثم إن هؤلاء الجهمية أصحاب هذا الأصل المبتدع احتاجوا أن يلتزموا طرد هذا الأصل فقالوا:
إن الرب لا تقوم به الصفات ولا الأفعال (6) فإنها أعراض وحوادث، وهذه لا تقوم إلا بجسم، والأجسام محدثة، فيلزم أن لا يقوم بالرب علم ولا قدرة ولا كلام ولا مشيئة ولا رحمة ولا رضا ولا غضب ولا غير ذلك من الصفات، بل جميع (7) ما يوصف به من ذلك فإنما هو مخلوق منفصل عنه.
(1) ن، م: الجسم لا يخلو.
(2) ن (فقط) : بن مالك، وهو خطأ.
(3) ن، م: الرافضة وغيرهم.
(4) أزلي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) لا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ب (فقط) : الصفات والأفعال.
(7) جميع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (46)
صـ 319 إلى صـ 325
والله تعالى إنما بعث المسيح بدين الإسلام (1) كما بعث سائر الرسل بدين الإسلام، وهو عبادة الله وحده لا شريك له.قال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} [سورة الزخرف: 45] ،
وقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [سورة الأنبياء: 25] ، وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة} [سورة النحل: 36] .
وقد أخبر الله تعالى عن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم (2) وغيرهم من الرسل والمؤمنين [إلى زمن] الحواريين (3) أن دينهم كان الإسلام، قال تعالى عن نوح [عليه السلام] (4) {إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون - فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين} [سورة يونس: 71، 72] (5) ،
وقال [تعالى] عن [إبراهيم] الخليل [عليه الصلاة والسلام] (6) :
(1) ن: الأنصاري؛ م: النصارى.
(2) وعيسى بن مريم: ساقطة من (ا) ، (ب) . وفي (م) : وعيسى.
(3) ن، م: والمؤمنين من الحواريين.
(4) عليه السلام: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) ن، م: عليكم غمة. . إلى قوله: وأمرت أن أكون من المسلمين.
(6) ن، م: وقال عن الخليل.
***************************
{ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين - إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين - ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون - أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون} [سورة البقرة: 130، 133] (1) .
وقال تعالى عن موسى [عليه الصلاة والسلام] (2) : {ياقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين} [سورة يونس: 84] ،
وقال: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا} [سورة المائدة: 44] ،
وقال عن بلقيس: {رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} [سورة النمل: 44] ، وقال عن الحواريين: {وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون} [سورة المائدة: 111] .ولما كان المسيح صلوات الله عليه قد بعث بما بعث به المرسلون قبله من عبادة الله وحده لا شريك له، وأحل لهم بعض ما كان حرم عليهم في التوراة، وبقي أتباعه على ملته (3) مدة - قيل أقل من مائة سنة -، ثم ظهرت فيهم البدع بسبب معاداتهم لليهود صاروا يقصدون خلافهم، فغلوا في المسيح، وأحلوا أشياء حرمها، وأباحوا الخنزير وغير ذلك،
(1) اختصرت (ن) ، (م) . جزءا من آيات سورة البقرة، ولم ترد الآية الأخيرة (133) في (ا) ، (ب) .
(2) عليه الصلاة والسلام: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) ن، م: على مثله، وهو تحريف.
***************************
وابتدعوا شركاء بسبب شرك الأمم، فإن أولئك المشركين من اليونان والروم وغيرهم كانوا يسجدون للشمس والقمر والأوثان، فنقلتهم (1) النصارى عن عبادة الأصنام المجسدة التي لها ظل إلى عبادة التماثيل المصورة في الكنائس، وابتدعوا الصلاة إلى المشرق، فصلوا إلى حيث تظهر الشمس والقمر والكواكب، واعتاضوا بالصلاة إليها والسجود إليها عن الصلاة لها والسجود لها.
والمقصود أن النصارى بعد تبديل دينهم كان ناموسهم ودينهم خيرا من دين أولئك اليونان أتباع الفلاسفة (2) ، فلهذا كان الفلاسفة الذين رأوا دين الإسلام يقولون: إن ناموس محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل من جميع النواميس، ورأوا أنه أفضل من نواميس (3) النصارى والمجوس وغيرهم،
فلم يطعنوا في دين محمد - صلى الله عليه وسلم - كما طعن أولئك المظهرون للزندقة من الفلاسفة، ورأوا أن ما يقوله أولئك المتكلمون فيه ما يخالف صريح المعقول (4) ، فطعنوا بذلك عليهم، وصاروا يقولون: من أنصف ولم يتعصب ولم يتبع الهوى لا يقول ما يقوله هؤلاء في المبدأ والمعاد.
[أقوال الفلاسفة]
وكان لهم أقوال فاسدة في العقل أيضا تلقوها من سلفهم الفلاسفة، (* ورأوا أن (5) ما تقوله فيه ما يخالف العقول، وطعنوا بذلك
(1) ن: فعلهم (وهو تحريف) ؛ م: فنقلهم.
(2) م: الفلسفة.
(3) ا، ب: من ناموس.
(4) ن (فقط) : العقل.
(5) ن: الآن؛ م: لأن، وكلاهما تحريف.
************************
الفلاسفة *) (1) ، ورأوا أن ما تواتر عن الرسل يخالفها فسلكوا طريقتهم الباطنية (2) فقالوا: إن الرسل لم تبين العلم والحقائق التي يقوم عليها البرهان في الأمور العلمية، ثم منهم من قال: إن الرسل علمت ذلك وما بينته،
ومنهم من يقول: إنها لم تعلمه وإنما كانوا بارعين في الحكمة العملية دون الحكمة العلمية، ولكن خاطبوا الجمهور بخطاب تخييلي، خيلت لهم في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر ما ينفعهم اعتقاده في سياستهم، وإن كان ذلك اعتقادا باطلا لا يطابق الحقائق.وهؤلاء المتفلسفة (3) لا يجوزون تأويل ذلك؛ لأن المقصود بذلك عندهم التخييل،
والتأويل يناقض مقصوده، وهم يقرون بالعبادات، لكن يقولون مقصودها إصلاح أخلاق النفس،
وقد يقولون: إنها تسقط عن الخاصة العارفين بالحقائق، فكانت بدعة أولئك المتكلمين مما أعانت إلحاد هؤلاء الملحدين.وقد بسط الكلام (4) في كشف أسرارهم وبيان مخالفتهم لصريح المعقول وصحيح المنقول في غير هذا الموضع، وذكر أن المعقولات (5) الصريحة موافقة لما أخبرت به الرسل لا تناقض ذلك، ونبهنا في مواضع على ما يستوجب الاستغناء عن الطرق الباطلة [المبتدعة] (6) وما به يعلم
(1) ما بين النجمتين ساقط من (ا) ، (ب) .
(2) ن: طريقتهم الفاسدة الباطلة؛ م: طريقتهم الباطلة.
(3) ن، م: الفلاسفة.
(4) ن: وقد بسط في الكلام.
(5) ن: المفعولات، وهو تحريف.
(6) المبتدعة: زيادة في (ا) ، (ب) .
****************************
ما يوافق خبر الرسول، وبينا أن الطرق (1) الصحيحة في المعقول هي مطابقة لما أخبر به الرسول، مثل هذه الطرق وغيرها (2) .
[عود لمسألة قدم العالم]
فإنه يعلم بصريح المعقول أن فاعل العالم إذا قيل: إنه علة تامة أزلية، والعلة التامة تستلزم معلولها لزم أن لا يتخلف عنه في القدم شيء من المعلول، فلا يحدث عنه شيء لا بواسطة ولا بغير واسطة (3) ، ويمتنع أن يصير علة لمفعول بعد مفعول من غير أن يقوم به ما يصير علة للثاني، فيمتنع مع تماثل أحواله أن تختلف مفعولاته ويحدث منها شيء.وهذا مما لا ينازع فيه عاقل تصوره (4) تصورا جيدا، وحذاقهم معترفون بهذا، كما يذكره ابن رشد الحفيد وأبو عبد الله الرازي (5) وغيرهما من أن صدور المتغيرات المختلفة عن الواحد البسيط مما تنكره العقول،
[وكذلك إذ سمي موجبا بالذات] (6) ،
وكذلك إذا قيل: مؤثر تام التأثير في الأزل، أو مرجح تام الترجيح في الأزل، أو نحو ذلك،
وكذلك إذا قيل: هو قادر مختار يستلزم وجود مراده في الأزل، فإنه إذا استلزم وجود مراده في الأزل لزم أن لا يحدث شيء من مراده، فلا يحدث في العالم شيء؛ إذ لا يحدث شيء إلا بإرادته، فلو كانت إرادته أزلية مستلزمة لوجود مرادها معها في الأزل لزم أن لا يكون شيء من المرادات حادثا،
(1) ن، م: وأما الطرق.
(2) انظر كلام ابن تيمية مثلا في " درء تعارض العقل والنقل " و " الرد على المنطقيين " و " الصفدية ".
(3) ن، م: ولا بغيرها.
(4) ن: تصور.
(5) ن، م: والرازي.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
***************************
فلا يكون في العالم حادث وهو خلاف المشاهدة.وهم لا يقولون به ولا (1) يقول عاقل: إنه علة تامة أزلية لجميع معلولاتها، ولا موجب أزلي لجميع العالم حتى أشخاصه.
ولا يقول أحد: إن جميع مراده مقارن له في الأزل، بل يقولون إن أصول العالم كالأفلاك والعناصر هي الأزلية القديمة (2) بأعيانها، وإن الحركات والمولدات قديمة النوع، أو يقولون: إن مواد هذا العالم كالجواهر المفردة (3) أو الهيولى أو غير ذلك هي قديمة أزلية بأعيانها.
وهذا كله باطل؛ إذ كان قدم شيء من ذلك يستلزم أن يكون فاعله مستلزما له في الأزل، سواء سمي موجبا له بذاته في الأزل،
أو علة تامة قديمة مستلزمة لمعلولها أو قيل: إنه فاعل بإرادته الأزلية [المستلزمة] (4) للمفعول المراد في الأزل.[بطلان القول بأن فاعل العالم علة تامة لأصول العالم دون حوادثه]وإذا قيل:
هو علة تامة لأصول العالم دون حوادثه، أو هو مريد بإرادة أزلية مستلزمة لاقتران مرادها بها في الأزل، لكن تلك [الإرادة الأزلية المقارنة] (5) لمرادها إنما تعلقت بأصول العالم دون حوادثه.قيل لهم هذا باطل من وجوه: منها أن مقارنة المفعول المعين لفاعله - لا سيما مقارنته له أزلا
(1) ا، ب: فهم لا يقولون ولا. .
(2) ن، م: هي القديمة الأزلية.
(3) ا، ب: الفردة.
(4) المستلزمة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) وسقطت كلمة " الأزلية " من (م) .
*************************
وأبدا ممتنع في صرائح (1) العقول، بل وفي بداية (2) العقول بعد التصور التام.
وإذا قالوا: العلوم الضرورية لا يجتمع على جحدها طائفة من العقلاء الذين لا يجوز عليهم التواطؤ على الكذب 0قيل لهم: لا جرم هذا القول لم يتفق عليه طائفة من العقلاء من غير تواطئ، بل جماهير العقلاء من الأولين والآخرين ينكرونه غاية الإنكار، وإنما تقوله طائفة واحدة بعضهم عن بعض (3) ،
على سبيل مواطأة بعضهم لبعض، (* وتلقي بعضهم عن بعض، ومع المواطأة تجوز المواطأة *) (4) على تعمد الكذب وعلى الأمور المشتبهة كالمذاهب الباطلة التي يعلم فسادها بالضرورة، وقد توارثها طائفة تلقاها بعضهم عن بعض، بخلاف الأقوال التي يقر بها الناس عن (5) غير مواطأة، فتلك لا يكون منها ما يعلم فساده ببديهة العقل. ولهذا كان في عامة أقوال الكفار وأهل البدع من المشركين والنصارى والرافضة والجهمية وغيرهم ما يعلم فساده بضرورة العقل، ولكن قاله طائفة تلقاه بعضهم عن بعض.ومنها أن يقال:
لو كان هذا حقا لامتنع حدوث الحوادث في العالم جملة، ولم يكن للحوادث محدث أصلا، وهذا من أظهر ما يعلم فساده بضرورة العقل، فإن العلة إذا كانت تامة أزلية قارنها معلولها، وكان ما
(1) ا، ب: صريح.
(2) ن، ا: بداية؛ ب: بداهة.
(3) ا، ب: وإنما قاله طائفة أخذه بعض عن بعض.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(5) ا، ب: من.
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (47)
صـ 326 إلى صـ 332
يحدث غير [معلولها؛ لأنه لو كان معلولا لها] لكان قد تأخر المعلول (1) أو بعض المعلول عن علته التامة، والعلة التامة لا يجوز أن يتأخر عنها لا معلولها ولا بعض معلولها، فكل ما حدث لا يحدث عن علة تامة أزلية، وواجب الوجود عندهم علة تامة أزلية، فيلزم أن لا يحدث عنه حادث لا بواسطة ولا بغير واسطة (2) .
وما يعتذرون به في هذا المكان من قولهم: إنما تأخرت الحوادث لتأخر الاستعداد ونحوه من أفسد الأقوال، فإن هذا إنما يمكن أن يقال فيما يكون علة وجوده غير علة استعداده وقبوله (3) ، كما يحدث عن الشمس، فإنها تارة تلين وترطب كما تلين الثمار بعد يبسها (4) بسبب ما يحصل فيها من الرطوبة، فتجتمع الرطوبة المائية والسخونة الشمسية فتنضج الثمار وتلين، وتارة تجفف وتيبس كما يحصل للثمار بعد تناهي نضجها، فإنه ينقطع عنها الاستمداد من الرطوبة،
فتبقى حرارة تفعل في رطوبة من غير إمداد، فتجففها كما تجفف الشمس والنار وغيرهما لغير ذلك من الأجسام الرطبة.والمقصود أنه في مثل ذلك قد يتأخر فعل الفاعل لعدم استعداد القابل، ولو قدر أن ما يدعونه من العقل الفعال له حقيقة لكان تأخر فيضه حتى تستعد القوابل من هذا الباب. وأما واجب الوجود الفاعل لكل
(1) ا، ب: وكان ما يحدث غير معلول لها لكان قد تأخر المعلول. . إلخ.
(2) ن، م: لا بوسط ولا بغير وسط.
(3) ن، م: وقبولها.
(4) ن، م: بعد قوتها.
******************************
ما سواه الذي لا يتوقف فعله على أمر آخر من غيره - لا إعداد (1) ولا إمداد ولا قبول ولا غير ذلك، بل نفسه هي المستلزمة لفعله - فلو قدر أنه علة تامة أزلية لوجب أن يقارنه معلوله كله، ولا يتأخر عنه شيء من مفعولاته (2) ، وإذا تأخر شيء من مفعولاته ولو كان مفعولا بواسطة، علم أنه لم يكن علة تامة له في الأزل، وأنه صار علة بعد أن لم يكنوإذا قيل الحركة الفلكية هي سبب حدوث الحوادث
قيل: وهذا أيضا مما يعلم بطلانه، فإن الحركة الحادثة شيئا بعد شيء يمتنع أن يكون الموجب لها (3) علة تامة أزلية، فإن هذه يقارنها معلولها أزلا وأبدا، والحركة الحادثة شيئا بعد شيء يمتنع أن تكون مقارنة لعلتها في الأزل، فعلم أن الموجب لحدوثها ليس علة تامة أزلية، بل لا بد أن يكون الرب متصفا بأفعال تقوم به شيئا بعد شيء، بسبب (4) ما يقوم به، يحدث عنه ما يحدث، مثل مشيئته القائمة بذاته وكلماته القائمة بذاته وأفعاله الاختيارية القائمة بذاته.ومنها أن الحوادث بعد ذلك لا بد لها من محدث، ويمتنع أن يحدثها غيره؛ لأنه لا رب غيره،
ولأن القول فيه في ذلك الحدث كالقول فيه: إما أن يكون علة تامة في الأزل، وإما أن لا يكون، ويعود التقسيم.وإذا قالوا: إنما تأخر الثاني لتأخر حدوث القوابل والشروط التي بها قبل الفيض 0
(1) ن، م: لا عداد، وهو تحريف.
(2) ن، م: من معلولاته.
(3) ن، م: له.
(4) بسبب: كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: ويسبب.
******************************
قيل لهم: هذا يعقل فيما إذا (1) كان حدوث القوابل من غيره، كما في حدوث الشعاع عن الشمس، وكما يقولونه في العقل الفعال.
وأما إذا كان هو الفاعل للقابل والمقبول، والشرط والمشروط، وهو علة تامة أزلية لما يصدر عنه (2) وجب مقارنة معلوله كله له، ولم يجز أن يتأخر عنه شيء، فإنه يمتنع أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن من غير إحداثه لشيء،
وإحداثه لشيء (3) مع كونه (4) علة تامة أزلية ممتنع، وكونه علة لنوع الحوادث مع عدم حدوث فعل يقوم به ممتنع.ولأن صدور العالم عن فاعلين ممتنع، سواء كانا مشتركين في جميعه، أو كان هذا فاعلا لبعضه وهذا فاعلا لبعضه، كما قد بسط في غير هذا الموضع (5) وهذا مما لا نزاع فيه، فإنه لم يثبت أحد من العقلاء أن العالم صدر عن اثنين متكافئين في الصفات والأفعال،
ولا قال أحد من العقلاء: إن أصول العالم القديمة صدرت عن واحد، وحوادثه صدرت عن آخر، فإن العالم لا يخلو من الحوادث (6) ، وفعل الملزوم بدون لازمه ممتنع، ولو كان الفاعل للوازمه غيره لزم أن لا يتم فعل واحد منهما إلا بالآخر، فيلزم الدور في الفاعلين، وكون كل [واحد] (7) من الربين لا يصير ربا إلا بالآخر، ولا يصير قادرا إلا بالآخر، ولا يصير فاعلا إلا بالآخر، فلا
(1) إذا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ن، م: عنها.
(3) عبارة " وإحداثه لشيء ": ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : مع أن كونه.
(5) ن، م: كما قد بسط في موضعه.
(6) ن، م: لا يخلو عن الحدوث.
(7) واحد: زيادة في (ا) ، (ب) .
******************************
يصير هذا قادرا حتى يجعله الآخر قادرا، (1 ولا يصير هذا قادرا حتى يجعله الآخر قادرا 1) (1) ، فيمتنع والحال هذه أن يصير واحد منهما قادرا وهذا مبسوط في موضعه.
وذلك مما يبين أنه لا فاعل للحوادث إلا هو، وحينئذ فإن حدثت عنه بدون سبب حادث لزم حدوث الحادث بلا سبب حادث، وهذا إذا جاز جاز حدوث العالم كله بلا سبب (2) حادث.
وأيضا: فإنه يلزم أن يكون العالم قديما أزليا خاليا عن شيء من الحوادث، وأن الحوادث حدثت فيه بعد ذلك بدون سبب حادث، وهذا ممتنع بالاتفاق والبرهان لوجوه (3) كثيرة مثل اقتضائه عدم القديم (4) الواجب بنفسه أو بغيره، فإنه إذا قدر معلول قديم أزلي على حال من الأحوال، ثم حدثت (5) فيه الحوادث فلا بد أن يتغير من صفة إلى صفة (6) :
يزول ما كان موجودا، ويحدث ما لم يكن موجودا، وزوال ما كان موجودا ممتنع، فإن القديم إنما يكون قديما إذا كان واجبا بنفسه أو بغيره، (* فإن (7) ما كان واجبا بنفسه أو بغيره يمتنع عدمه، (8 وما كان قديما يمتنع عدمه 8) (8) أيضا، بل القديم لا يكون قديما إلا إذا كان واجبا بنفسه
(1) (1 - 1) : ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) سبب: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) ا، ب: بوجوه.
(4) ن، م: عدم القدم؛ ا: عديم القديم. والمثبت من (ب) .
(5) ا، ب: ثم حدث.
(6) ن، م: فلا بد أن يتعين من وصفه إلى وصفه.
(7) ب: وإن.
(8) (8 - 8) : ساقطة من (م) ، (ب) .
****************************
أو بغيره، فما علم أنه كان قديما واجبا بنفسه أو بغيره *) (1) يكون العلم بامتناع عدمه أوكد وأوكد.والعالم إذا كان شيء منه قديما أزليا لا حادث فيه، ثم حدث فيه حادث فقد غيره من الحال القديمة الأزلية الواجبة بنفسها أو بغيرها إلى حال أخرى تخالفها، وهذا مع أنه ممتنع، فإذا كان هذا بدون سبب حادث كان ممتنعا من هذا الوجه ومن هذا الوجه.
وأيضا: فالعالم لا يتصور انفكاكه عن مقارنة الحوادث، فإن الأجسام لا تخلو عن مقارنة الحوادث: الحركة وغيرها، والعالم ليس فيه إلا ما هو قائم بنفسه أو بغيره بلا نزاع بين العقلاء، وتلك الأعيان لا تخلو عن مقارنة الحوادث، فإنها لو خلت عنها ثم قارنتها للزم حدوث الحوادث بلا سبب، وهذا باطل، وإن لم يكن هذا باطلا جاز حدوث الحوادث بلا سبب، فبطل القول بقدم العالم.
ثم كثير من النظار يقول: ليس في العالم إلا جسم أو عرض. وهؤلاء منهم من يفسر الجسم بما يشار إليه، ويمنع (2) كون كل جسم مركبا من الجواهر المفردة (3) أو من المادة والصورة، فلا يلزمهم من الإشكال ما يتوجه على غيرهم.
وإن قدر أن فيه ما يخرج عن ذلك كما يذكره من يثبت العقول
(1) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(2) ا، ب: ويمتنع.
(3) ا: المنفردة؛ ب: الفردة.
************************
والنفوس، ويقول: إنها ليست أجساما، فالنفوس لا تفارق الأجسام، بل هي مقارنة لها مدبرة لها (1) فلا تفارق الحوادث.
وأيضا: فالنفوس لا تنفك عن تصورات وإرادات حادثة، فهي دائما مقارنة للحوادث، والعقول علة لذلك مستلزمة لمعلولها لا يتقدم عليها (2) بالزمان، فيمتنع أن يكون في العالم ما يسبق الحوادث، فيمتنع أن يكون شيء منه قديما أزليا سابقا للحوادث، وحينئذ فالمبدع لشيء منه يمتنع أن يبدعه بدون إبداع لوازمه، ولوازمه يمتنع وجودها في الأزل، فيمتنع وجود شيء منه في الأزل.
فإذا قيل: فهو علة تامة أزلية للفلك مع حركته، لزم أن يكون علة أزلية تامة للفلك مع حركته، فتكون حركته أزلية، والحركة لا توجد إلا شيئا فشيئا، فيمتنع أن يكون جميع حركته أزلية (3) .وإذا (4) قيل: هو علة تامة أزلية للفلك دون حركته، احتاجت حركته إلى مبدع آخر، ولا مبدع (5) غيره.
وإن قيل: هو علة للحركة (6) شيئا بعد شيء، لم يكن علة تامة للحركة في الأزل، لكن يصير علة تامة لشيء منها بحسب وجوده، فتكون عليته وفاعليته وإرادته حادثة بعد أن لم تكن، فيمتنع أن يكون علة تامة في
(1) عبارة " مدبرة لها ": ساقطة من (م) فقط.
(2) ن، م: عليه.
(3) ن: أن يكون جميعها أزلية؛ م: أن يكون جميعا أزليا؛ ا: أن تكون جميع حركتها أزلية.
(4) ا، ب: فإن.
(5) عبارة " ولا مبدع ": ساقطة من (ب) فقط.
(6) ا، ب: الحركة.
*****************************
الأزل، وهذا القول [ظاهر] (1) ، لا ينازع فيه من فهمه، وهو مما يبين امتناع كونه علة تامة أزلية لكل موجود، وامتناع كونه علة تامة للفلك مع حركته الدائمة.
وهم لا يقولون: (2) إنه في الأزل علة لكل موجود،
بل يقولون: إنه في الأزل علة لما كان قديما بعينه كالأفلاك، وهو دائما علة لنوع الحوادث، ويصير علة تامة للحادث المعين بعد أن لم يكن علة تامة له، فهذا حقيقة قولهم.
فيقال لهم: كونه يصير علة تامة لشيء بعد أن لم يكن علة له من غير أمر يحدث منه ممتنع لذاته؛ لأنه لا محدث للحوادث سواه، فيمتنع أن غيره يحدث فاعليته، وكونه علة فلا يحدث كونه فاعلا للمعين إلا هو، فيلزم أن يكون هو المحدث؛ لكونه علة للمعين وفاعلا له، وهذه الفاعلية كانت بعد أن لم تكن، فيمتنع أن تكون صدرت عن علة تامة أزلية، لأن العلة الأزلية يقارنها معلولها.
فتبين أنه يمتنع أن يصير فاعلا لشيء بعد أن لم يكن، مع القول بأنه لم يزل علة تامة أزلية، وأنه لا بد أن يقوم به من الأحوال ما يوجب كونه فاعلا لما يحدث عنه من الحوادث، سواء أحدثت (3) بواسطة أم بغير واسطة.
وأيضا: فإذا قدر أنه - كما يقولون - حاله قبل أن يحدث المعين ومع
(1) ظاهر: ساقطة من (ن) فقط.
(2) أ، ب: وهم يقولون.
(3) ن، م: سواء حدث.
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (48)
صـ 333 إلى صـ 339
إحداث المعين وبعد إحداث المعين سواء امتنع إحداث المعين، فيمتنع أن يحدث شيئا (1) .
وأيضا: فلم يكن إحداثه للأول بأولى من إحداثه للثاني، ولا تخصيص (* الأول بقدره ووصفه بأولى من الثاني إذا كان الفاعل لم يكن منه قط سبب يوجب التخصيص *) (2) ، لا بقدر ولا بوصف (3) ولا غير ذلك.
وهم أنكروا على من قال من النظار: إنه فعل بعد أن لم يكن فاعلا (4) ، [وقالوا: العقل الصريح يعلم أن من فعل بعد أن لم يكن فاعلا] (5) فلا بد أن يتجدد له: إما قدرة، وإما إرادة، وإما علم، وإما زوال مانع، وإما سبب ما.
فيقال لهم: والعقل الصريح يعلم أن من فعل هذا الحادث بعد أن لم يكن فاعلا له فلا بد أن يتجدد له سبب اقتضى فعله، فأنتم أنكرتم على غيركم ابتداء الفعل بلا سبب، والتزمتم دوام المفعولات الحادثة بلا سبب، فكان ما التزمتموه من حدوث الحوادث بلا سبب أعظم مما نفيتموه، بل قولكم مستلزم أنه لا (6) فاعل للحوادث ابتداء، بل تحدث بلا فاعل، فإن الموجب للحوادث عندكم هو حركة الفلك (7) ، وحركة الفلك حركة نفسانية تتحرك بما يحدث لها من التصورات والإرادات المتعاقبة، وإن
(1) ا: فيمتنع إحداث شيئا؛ ب: فيمتنع إحداث شيء.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) ا، ب: لا بقدره ولا وصفه.
(4) فاعلا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(6) لا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ن (فقط) : هو الحركة الفلكية.
***************************
كانت تابعة لتصور كلي وإرادة كلية، ثم تلك التصورات والإرادات والحركات تحدث بلا محدث [لها] (1) أصلا على قولكم؛ لأن واجب الوجود عندكم ليس فيه ما يوجب فعلا حادثا أصلا، بل حاله قبل الحادث وبعده ومعه سواء، وكون الفاعل يفعل الأمور الحادثة المختلفة مع أن حاله قبل وبعد ومع سواء (2 أبعد من كونه يحدث حادثا مع أن حاله قبل وبعد ومع سواء 2) (2) .
وإذا قيل: تغير فعله لتغير المفعولات
قيل: فعله إن كان هو المفعولات عندكم - كما يقوله ابن سينا ونحوه من جهمية الفلاسفة نفاة الصفات والأفعال - فالمتغير هو المنفصلات عنه، وهي المفعولات، وليس هنا فعل هو غيرها يوصف بالتغير، فما الموجب لتغيرها واختلافها وحدوث ما يحدث منها مع [أن] (3) الفاعل هو على حال واحدة؟ ! وفساد (4) هذا في صريح العقل أظهر من فساد ما أنكرتموه على غيركم.
وإن كان فعله قائما بنفسه كما يقوله مثبتة الأفعال الاختيارية من أئمة أهل الملل [ومن الفلاسفة] (5) المتقدمين والمتأخرين، فمن المعلوم أن تغير المفعولات إنما سببه (6) هذه الأفعال
(1) لها: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) (2 - 2) : ساقط من (ا) ، (ب) .
(3) أن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: ففساد.
(5) عبارة " ومن الفلاسفة ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ا، ب: إنما هو سببه.
**************************
وهو سبحانه المحدث لجميع المفعولات المتغيرة وتغيراتها، فيمتنع أن تكون هي المؤثرة في تغير فعله القائم بنفسه؛ لأن هذا يوجب كون المعلول المخلوق المصنوع هو المؤثر في الخالق الصانع الذي يسمونه علة [تامة] (1) ،
وهذا يوجب الدور الممتنع، فإن كون كل من الشيئين مؤثرا في الآخر من غير أن يكون هناك أمر ثالث غيرهما يؤثر (2) فيهما هو من الدور القبلي الممتنع، فإن أحد الفاعلين لا يفعل في الآخر حتى يفعل الآخر فيه كما في هذه الصورة، فإن التغير الحادث لا يحدث حتى يحدثه هو؛ لما يقوم به من الفعل، فلو كان ذلك الفعل لا يقوم (3) حتى يحدثه ذلك التغير لزم أن لا يوجد حتى يوجد ذاك، ولا يوجد ذاك حتى يوجد هذا، فيلزم أن لا يوجد واحد منهما حتى يوجد هو قبل أن يوجد بمرتبتين، فيلزم اجتماع النقيضين مرتين.
وإن قيل: المفعول المتغير الأول أحدث في الفاعل تغيرا، وذلك التغير أوجب تغيرا
ثانيا 0قيل: فذلك الأول إنما صدر عن فعل قائم (4) بالفاعل، فالفاعل ما قام به من الفعل هو الفاعل لكل ما سواه من الحوادث المتغيرة أولا وآخرا، ولم يؤثر فيه غيره ألبتة.
وإن قيل: وجود مفعوله الثاني مشروط بمفعوله الأول، فهو الفاعل للأول والثاني، فلم يحتج في شيء من فعله إلى غيره، ولا أثر فيه
(1) تامة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ا: مؤثرا؛ ب: مؤثر.
(3) ب: لا يقوم به. ويوجد شطب على " به " في (ن) .
(4) قائم: ساقطة من (ا) ، (ب) .
*************************
[شيء] (1) .
سواه وهذا كما أنه سبحانه يلهم العباد أن يدعوه [فيدعونه] (2) فيستجيب لهم، ويلهمهم أن يطيعوه فيطيعونه فيثيبهم، فهو سبحانه الفاعل للإجابة والإثابة كما أنه أولا جعل العباد داعين مطيعين، ولم يكن في شيء من ذلك مفتقرا إلى غيره ألبتة.وكل من تدبر هذه الأمور تبين له أنه سبحانه خالق كل شيء من الأعيان وصفاتها وأفعالها بأفعاله الاختيارية القائمة بنفسه كما دلت على ذلك نصوص الأنبياء، واتفق عليه سلف الأمة وأئمتها،
ووافقهم على ذلك أساطين الفلاسفة القدماء، وهذا مما يبين حدوث كل ما سواه وأنه ليس علة أزلية لمعلول قديم مع أنه دائم الفاعلية، ولا يلزم من دوام كونه فاعلا أن يكون معه مفعول معين قديم، بل هذا من أبطل الباطل.
وهؤلاء المتفلسفة القائلون بقدم العالم عن موجب بذاته هو علة تامة أزلية [له] (3) يسلمون أنه ليس علة تامة في الأزل لكل حادث، فإن هذا لا يقوله من يتصور ما يقول، فإن العلة التامة هي التي تستلزم معلولها وتستعقبه، فإذا كان المعلول حادثا بعد أن لم يكن لم يكن المستلزم له أزليا؛ لما في ذلك من تأخر المعلول (4) وتراخيه زمانا لا نهاية له عن العلة التامة الأزلية، فإن كل حادث يوجد في العالم متأخر (5) عن الأزل تأخرا لا نهاية له، فلو كانت علته التامة ثابتة في الأزل لكان المعلول
(1) شيء: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) فيدعونه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن: المعقول؛ م: المفعول، وكلاهما تحريف.
(5) ن، م: متأخرا.
************************
متأخرا عن العلة التامة تأخرا لا نهاية له، والعلة التامة لا يكون بينها وبين معلولها فصل أصلا،
بل النزاع: هل يكون معها في الزمان أو يكون عقبها في الزمان (1) ، ويكون معها (2) كالجزء الثاني من الزمان مع الذي قبله؟ . هذا مما يتكلم فيه الناس إذ كانوا (3) متفقين على أنه متأخر عنها (4) تأخرا عقليا وأنه لا ينفصل عنها.
وهل يتصل بها اتصالا زمانيا أو يقترن بها اقترانا زمانيا؟ هذا محل نظر الناس (5) .
والمقصود هنا أن كل ما يحدث العالم فلا تكون علته التامة المستلزمة تامة (6) قبله بحيث يكون بينهما انفصال، فكيف تتقدم عليه (7) تقدما لا نهاية له؟
لكن غاية ما يقولون: إنه علة تامة أزلية لما كان قديما من العالم كالأفلاك، وأما ما يحدث فيه فإنما يصير علة تامة له عند حدوثه.
ويقولون: إن حدوث الأول شرط في حدوث الثاني كالماشي الذي يقطع أرضا بعد أرض، وكحركة الشمس [التي] تقطع (8) بها مسافة بعد مسافة، كالمتحرك (9) لا يقطع المسافة الثانية حتى يقطع الأولى، فقطع
(1) ن، م، ا،: هل يكون معه في الزمان أو يكون عقبه. والمثبت من (ب) وهو الصواب، والمقصود هل يكون المعلول مع العلة في الزمان أو يكون عقب العلة.
(2) ن، م: ويكون معه؛ ا: وتكون معه؛ ب: يكون معها. ولعل الصواب ما أثبته.
(3) ا: إن كانوا؛ ب: وإن كانوا.
(4) ن، م، ا: على أنها متأخرة عنه.
(5) ن، م: القياس.
(6) ن، م: ثابتة.
(7) ن، م، ا: يتقدم عليها.
(8) ن، م: وكحركة الشمس تقطع؛ ا: وكحركة الشمس الذي تقطع
(9) ا: كالتحرك؛ ب: فالمتحرك.
**************************
الأولى بحركته شرط في قطع الثانية بحركته، والعلة التامة لقطع الثانية إنما وجدت بعد الأولى. وهذا غاية ما يقولونه ويعبرون عنه بعبارات، فتارة (1) يقولون: فيض العلة الأولى والمبدأ الأول أو واجب الوجود - وهو الله تعالى - دائم، لكن يتأخر ليحصل الاستعداد والقوابل، وسبب الاستعداد والقوابل [عند] (2) كثير منهم - أو أكثرهم - هو حركة الفلك، فليس عند هؤلاء سبب لتغيرات العالم إلا حركة الفلك - كما يقوله ابن سينا وأمثاله - وهذا هو المعروف عند أصحاب أرسطو.
وأما آخرون أعلى من هؤلاء - كأبي البركات وغيره -
فيقولون: بل سبب التغيرات ما يقوم بذات الرب من إرادات متجددة، بل ومن إدراكات، كما قد بسطه في كتابه المعتبر.فأولئك - كابن سينا وأمثاله -
يقولون: هو بنفسه علة تامة أزلية للعالم بما فيه من الحوادث المتجددة، وإن الحادث الأول كان شرطا أعد القابل (3) للحادث الثاني. وهذا القول في غاية الفساد، وهو أيضا في غاية المناقضة لأصولهم، وذلك أن علة الحادث الثاني لا بد أن تكون بتمامها موجودة عند وجوده، وعند وجود الحادث الثاني (4) لم يتجدد للفاعل الأول أمر به يفعل إلا عدم الأول، ومجرد عدم الأول لم يوجد عندهم للفاعل لا قدرة ولا إرادة ولا
(1) ا: بعبارة فتارة؛ ن: بعبارات تارة.
(2) عند: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن: القايل؛ م: للمقابل، وكلاهما تحريف.
(4) ا، ب: عند وجوده عند الحادث الثاني؛ م: عند وجوده وهذا الحادث الثاني.
****************************** *
غير ذلك، فإن الأول عندهم لا يقوم به شيء من الصفات والأفعال، ولا له أحوال متنوعة أصلا، فكيف يتصور (1) أن يصدر عنه الثاني بعد أن كان صدوره ممتنعا منه وحاله حاله لم يتجدد إلا أمر عدمي لم يوجب له زيادة قدرة ولا إرادة ولا علم ولا غير ذلك؟ .
وهذا بخلاف (2) ما يمثلون به من حركة الإنسان وغيره من المتحركة (3) بالإرادة أو (4) بالطبع، فإن المتحرك إذا قطع المسافة [الأولى] (5)
صار له من القدرة ما لم يكن له (6) قبل ذلك، وحصل عنده من الإرادة ما لم يكن قبل ذلك، كما يجده الإنسان من نفسه إذا مشى، فإنه يجد من نفسه عجزا عن قطع المسافة البعيدة حتى يصل إليها، وهو قبل وصوله عازم على قطعها، إذا وصل ليس هو مريدا في هذا (7)
الحال لقطعها في هذا (8) الحال، فإذا وصل إليها صار مريدا لقطعها قادرا على قطعها، وعند الإرادة الجازمة والقدرة التامة يجب وجود المراد، فحينئذ تقطع لا لمجرد عدم الحركة التي بها قطع الأولى بل لما تجدد له من القدرة والإرادة، فهذا (9) المتجدد المقتضي له هو ما في نفسه من الإرادة الكلية
(1) ن، م: يتضمن.
(2) ن: خلاف؛ م: يخالف.
(3) ا، ب: الحركات؛ م: المتحركات.
(4) أو: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) الأولى: ساقطة من (ن) فقط.
(6) له: زيادة في (ن) فقط.
(7) ا، ب: هذه.
(8) ا، ب: هذه.
(9) ا، ب: وهذا.
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (49)
صـ 340 إلى صـ 346
والاستعداد للقدرة، وكان قطع الأولى مانعا من ذلك، فلما زال المانع (1) عمل المقتضي عمله، فتمت إرادته وقدرته فقطع المسافة.
وهكذا حركة الحجر من فوق إلى أسفل، كلما نزل تجدد فيه قوة، وقبل [ذلك] (2) لم يكن فيه ذلك.وكذلك حركة الشمس والكواكب، لا سيما وهم يقولون:
إن حركتها اختيارية؛ لما يتجدد [لها] (3) من التصورات الجزئية والإرادات الجزئية التي تحدث لها (4) شيئا فشيئا،
هكذا صرح به أئمتهم: أرسطو وغيره، فإن حركتها عندهم نفسانية، فالمقتضى التام للجزء الثاني من الحركة إنما وجد عنها (5) ، لم يكن المقتضى التام موجودا قبل، وهو قائم بنفس المتحرك أو المحرك وهو النفس التي يتجدد لها تصورات وإرادات جزئية وقوة جزئية يتحرك بها (6) شيئا بعد شيء كحركة الماشي، فلا يمكنهم أن يذكروا محركا ولا متحركا حاله قبل الحركة (7) وبعدها سواء والحركة تصدر عنه شيئا فشيئا، فإن هذا لا وجود له، والعقل الصريح يحيل ذلك، فإن الحادث لا يحدث إلا عند حدوث موجبه التام، وهو علته التامة،
وإن شئت قلت: لا يترجح إلا إذا وجد مرجحه التام المستلزم له 0
(1) ن (فقط) : فلما زال قطع المانع، وهو خطأ.
(2) ذلك: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) لها: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) لها: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) ا، ب: عندها.
(6) ا، ب: لها.
(7) ن (فقط) : حالة قبل حالة الحركة.
****************************** **
والمسلمون يقولون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فالحركة الثانية لو كان مرجحها التام حاصلا عند الأولى لوجب (1) حصولها عند الأولى، بل إنما يتم حصولها عند حصول المرجح التام، إما مقترنة به في الزمان أو متصلة به في الزمان، وإذا كان المرجح التام لا بد أن يحصل بعد أن لم يكن حاصلا، فلا بد أن يحصل للحركة سبب حادث يوجب أن يصيرها حادثة بعد أن لم تكن حادثة، وكذلك السبب الأول القريب من الحركة.
وإن كان الفاعل له إرادة [تامة] (2) عامة كلية لما يحدث شيئا بعد شيء، فتلك وحدها لا تكفي، بل لا بد من إرادة أخرى جزئية لحادث حادث (3) يقارنه، كما يجده الإنسان في نفسه إذا مشى في سفر أو غيره (4) إلى مكة أو غيرها، فلا ريب أن المقتضى العام إما بإرادة أو غيرها قد يكون مقتضاه عاما مطلقا، لكن يتأخر لتأخر الاستعدادات والقوابل إذا كانت من غيره، كما في طلوع الشمس، فإنه من جهتها فيض عام، لكن يتوقف على استعداد [من] (5) القوابل وارتفاع الموانع، ولهذا يختلف تأثيرها ويتأخر بحسب القوابل والشروط، وتلك ليست منها.
وكذلك هم يقولون: (6) إن العقل الفعال دائم الفيض، عنه يفيض كل
(1) ن (فقط) : لوجوب، وهو تحريف.
(2) تامة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) حادث: ساقطة من (ب) فقط.
(4) ن (فقط) : أو في غيره.
(5) من: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ن، م، ا: وكذلك يقولون: هم.
******************************
ما في العالم من الصور (1) النفسانية والجسمانية، فعنه (2) تفيض العلوم والإرادات وغير ذلك، وهم عندهم رب كل ما تحت فلك القمر، لكن ليس مستقلا عندهم، بل فيضه يتوقف على حصول الاستعدادات والقوابل التي تحصل بحركات (3) الأفلاك، وتلك الحركات التي فوق فلك القمر ليست منه بل من غيره، وهذا العقل هو رب البشر عندهم (4) ، ومنه يفيض الوحي والإلهام، وقد يسمونه جبريل، وقد يجعلون جبريل ما قام بنفس النبي من الصورة الخيالية، وهذا كله كلام (5)
من أبطل الباطل، كما قد بسط في موضعه.لكن المقصود هنا أنهم يمثلون فيض واجب الوجود بفيض العقل الفعال وفيض الشمس، وهو تمثيل باطل؛ لأن المفيض هنا ليس مستقلا بالفيض (6) ،
بل فيضه متوقف على ما يحدثه غيره من الاستعداد والقبول (7) ، وإحداث غيره له من فعل غيره.
فأما رب العالمين فهم يسلمون أنه (8) لا شريك له في الفيض، ولا يتوقف شيء من فيضه على فعل من غيره، بل هو رب القابل والمقبول ورب المستعد والمستعد له، ومنه الإعداد ومنه الإمداد.
(1) ا، ب: الصورة.
(2) ا: ففيه؛ ب: فمنه.
(3) ا، ب: بحركة.
(4) ا، ب: عندهم هو رب البشر.
(5) كلام: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن، م: لأن المقصود هنا ليس مستقبلا بالفيض، وهو تحريف.
(7) ن، م: من استعداد القوابل.
(8) ا، ب: أن.
****************************** *
فإذا قالوا بعد هذا: إنه علة تامة أزلية، وإن فيضه عام لكنه (1) يتوقف على حدوث القوابل والاستعدادات، إما بحدوث الأشكال الفلكية والاتصالات الكوكبية، وإما بغير ذلك (2)قيل لهم: إن قلتم: هو علة أزلية لهذا الحادث لزم وجوده في الأزل.
وإن قلتم: لا يصير علة تامة إلا بحدوث القوابلقيل لكم: فإذا كان حدوث القوابل منه فهو المحدث لهما جميعا، فقبل إحداثهما لم يكن علة تامة لا لهذا ولا لهذا، ثم أحدثهما (3) جميعا:
القابل والمقبول، فإذا كان أحدثهما (4) بدون تجدد شيء، لزم أن يكون لم يزل علة تامة لهما أو لم يصر علة تامة لهما، فيلزم إما قدم هذين الحادثين وإما عدمهما.فإنه إن لم يزل (5) علتهما لزم قدمهما، وإن لم يحدث لزم عدمهما، وأنتم تجعلون علة هذين الحادثين حدثت بعد أن لم تكن،
أي حدثت بتمامها بعد أن لم تكن (6) ، وليس هنا شيء أوجب حدوث التمام (7) ، فإن الفاعل للتمام (8) حالة بعد التمام وحالة قبل التمام (9) سواء، فيمتنع أن
(1) ن، م: لكونه، وهو تحريف.
(2) ن، م: هذا.
(3) ن: إلا بحدث.
(4) ب (فقط) : إحداثهما.
(5) ب: فإن لم تزل. .؛ ا: فإنه لم تزل.
(6) ن، م: حدث تمامهما بعد أن لم يكن؛ ا: حدث بتمامها بعد أن لم تكن.
(7) ن، م: التام.
(8) ن، م: التام.
(9) ن، م: بعد التمام وقبل التمام.
************************
يكون علة تامة له في إحدى الحالين دون الأخرى، وكل ما يقدرونه مما حصل تمام العلة (1) هو أيضا حادث عن الأول، فحقيقة قولكم أن حوادث العالم تحدث (2) ، عنه مع أنه لم يزل علة تامة لها (3) ،
أو مع أنه لم يصر علة تامة، مع أن العلة التامة إنما تكون تامة عند معلولها لا قبل ولا بعد، وهذا يتقضى عدم الحوادث أو قدم الحوادث، وكلاهما مخالف للمشاهدة (4) .
ولهذا كان حقيقة قولهم: إن الحوادث تحدث بلا محدث لها (5) ،
وقولهم في حركة الفلك يشبه قول القدرية في حركة الحيوان، فإن القدرية (6) تقول: إن (7) الحيوان قادر مريد، وإنه يفعل ما يفعل (8) بدون سبب أوجب الفعل،
بل مع كون نسبة الأسباب الموجبة للحدوث إلى هذا الحادث وهذا الحادث سواء، فإن عندهم كل ما يؤمن به المؤمن ويطيع به المطيع قد حصل لكل من أمر (9) بالإيمان والطاعة، لكن المؤمن المطيع رجح الإيمان والطاعة بدون سبب اختص به حصل به (10) الرجحان، والكافر بالعكس
(1) ن، م: التمام العلة.
(2) ا: حدوث العالم تحدث؛ ب: حدوث العالم يحدث.
(3) ا، ب: له.
(4) ن، م: بخلاف المشاهدة.
(5) لها: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن (فقط) : فالقدرية.
(7) إن: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(8) عبارة " ما يفعل ": ساقطة من (ب) فقط.
(9) ن، م: لكل من آمن، وهو تحريف.
(10) به: ساقطة من (ا) ، (ب) .
***************************
وهذا يقوله (1) هؤلاء في حركة الفلك:
إنه يتحرك دائما بإرادته وقدرته من غير سبب أوجب كونه مريدا قادرا، مع أن إرادته وقدرته وحركاته حادثة بعد أن لم تكن (2) حادثة من غير شيء جعله مريدا متحركا، فقد حصل الممكن بدون المرجح التام الذي أوجب رجحانه، وحصل الحادث بدون السبب التام الذي أوجب حدوثه.
ثم إنهم ينكرون على القدرية قولهم: إن القادر يرجح أحد مقدوريه بلا مرجح بل بإرادة (* يحدثها [هو] (3) من غير أن يحدث له غيره تلك الإرادة،
ويقولون: إنه أوجب الإرادة بلا إرادة *) (4) .وهؤلاء يقولون ما هو أبلغ من ذلك في حركة الفلك، وهو يناقض أصولهم الصحيحة، فإذا كانوا يسلمون أن الإرادات الحادثة والحركات (5) الحادثة لا تحدث إلا بسبب يوجب حدوثها، وأنه (6) عند كمال السبب يجب حدوثها،
وعند نقصه يمتنع حدوثها، علموا أن ما قالوه في قدم العالم وسبب الحوادث باطل.
فإنه ليس فوق الفلك عندهم سبب يوجب حدوث ما يحدث له من التصورات والإرادات إلا من جنس ما للمخلوق الفقير إلى واجب
(1) ا: وهكذا يقوله؛ ب: وهكذا يقول.
(2) ن (فقط) : حادثة من غير أن لم تكن، وهو تحريف.
(3) هو: زيادة في (ا) فقط.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (ب) فقط.
(5) ن (فقط) : الإرادة الحادثة والحركة.
(6) ا، ب: فإنه، وهو خطأ.
****************************
الوجود، ومعلوم أن ما كان بالقوة لا يخرج إلى الفعل إلا بمخرج، فلا بد أن يكون فوق الفلك ما يوجب حدوث حركته.وما يذكره أرسطو وأتباعه أن الأول هو يحرك الفلك حركة المعشوق لعاشقه، وأن الفلك يتحرك للتشبه به، وأنه بذلك علة العلل وبه قوام الفلك، إذ (1) كان قوام الفلك بحركته، وقوام حركته بإرادته وشوقه، وقيام إرادته وشوقه بوجود [المحبوب] (2) السابق المراد الذي تحرك للتشبه به، فهذا الكلام - مع ما فيه من الكلام الباطل الذي بين في غير هذا الموضع - غايته إثبات العلة الغائية لحركة الفلك،
ليس فيه بيان العلة الفاعلية لحركته إلا أن يقولوا: هو المحدث لتصوراته وحركاته من [غير] (3) احتياج إلى واجب الوجود وإلى العلة الأولى في كونه فاعلا لذلك، كما أن المحب العاشق لا يحتاج إلى المحبوب المعشوق (4) من جهة كونه فاعلا للحركة إليه،
بل من جهة كونه هو المراد المطلوب بالحركة، وهذا قول باستغناء الحركات المحدثة والمتحركات عن رب العالمين، وأنه لا يفعل شيئا من هذه الحوادث ولا هو ربها.
فإن قالوا مع ذلك بأنه لم يبدع الفلك بل هو قديم واجب الوجود بنفسه،
لم يكن رب شيء من العالم وإن قالوا: هو الذي أبدعه، كان تناقضا منهم كتناقض القدرية، فإن إبداعه لذاته وصفاته يوجب أن لا
(1) ن (فقط) : إذا، وهو تحريف.
(2) المحبوب: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) غير: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن، م: المعشوق المحبوب.
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (50)
صـ 347 إلى صـ 353
يَحْدُثَ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا بِفِعْلِ الرَّبِّ لِذَلِكَ وَإِحْدَاثِهِ [لَهُ] (1) ، كَمَا لَا يَحْدُثُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ حَادِثٌ إِلَّا بِخَلْقِ الرَّبِّ لِذَلِكَ وَإِحْدَاثِهِ لَهُ. فَقَوْلُهُمْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ التَّعْطِيلِ الْعَامِّ وَبَيْنَ التَّعْطِيلِ (2) الْخَاصِّ الَّذِي يَكُونُونَ فِيهِ شَرًّا مِنَ الْقَدَرِيَّةِ (3) ، وَرَدُّهُمْ إِنَّمَا كَانَ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ، وَهُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.
وَقَدْ ذُكِرَ (4) مَا ذَكَرُوهُ مِنْ كَلَامِ أَرِسْطُو فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَبَيَّنَ مَا فِيهِ مِنَ الْخَطَأِ وَالضَّلَالِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَنَّ الْقَوْمَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَعْرِفَةِ خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى خَيْرٌ مِنْهُمْ بِكَثِيرٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ الَّتِي سَلَكَهَا أَرِسْطُو وَالْقُدَمَاءُ فِي إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ الْأُولَى هِيَ طَرِيقُ الْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ حَرَكَةِ الْفَلَكِ، وَأَثْبَتُوا عِلَّةً غَائِيَّةً كَمَا ذُكِرَ.
فَلَمَّا رَأَى ابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِي نَ مَا فِيهَا مِنَ الضَّلَالِ عَدَلُوا إِلَى طَرِيقَةِ الْوُجُودِ وَالْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ، وَسَرَقُوهَا مِنْ طَرِيقِ (5) الْمُتَكَلِّمِي نَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ احْتَجُّوا بِالْمُحْدَثِ عَلَى الْمُحْدِثِ، فَاحْتَجَّ أُولَئِكَ بِالْمُمْكِنِ عَلَى الْوَاجِبِ وَهِيَ طَرِيقَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ وُجُودِ وَاجِبٍ، وَأَمَّا إِثْبَاتُ تَعْيِينِهِ فَيَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى دَلِيلٍ آخَرَ، وَهُمْ سَلَكُوا (6)
(1) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(2) ن، م: الْعَامِّ وَالتَّعْطِيلِ.
(3) ن، م: الْخَاصِّ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ أَسْوَأَ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ.
(4) ا، ب: وَقَدْ ذَكَرْنَا.
(5) ن، م: طُرُقِ.
(6) ن، م: يَسْلُكُونَ.
****************************** ****
طَرِيقَةَ التَّرْكِيبِ، وَهِيَ أَيْضًا مَسْرُوقَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ ، وَإِلَّا فَكَلَامُ أَرِسْطُو فِي الْإِلَهِيَّاتِ فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ مَعَ كَثْرَةِ الْخَطَأِ فِيهِ، وَلَكِنَّ ابْنَ سِينَا وَأَمْثَالَهُ وَسَّعُوهُ وَتَكَلَّمُوا فِي الْإِلَهِيَّاتِ وَالنُّبُوَّاتِ وَأَسْرَارِ الْآيَاتِ وَمَقَامَاتِ الْعَارِفِينَ، بَلْ وَفِي مَعَادِ الْأَرْوَاحِ بِكَلَامٍ لَا يُوجَدُ لِأُولَئِكَ، وَمَا فِيهِ مِنَ الصَّوَابِ فَجَرَوْا فِيهِ عَلَى مِنْهَاجِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَا فِيهِ مِنْ خَطَأٍ بَنَوْهُ عَلَى أُصُولِ سَلَفِهِمُ الْفَاسِدَةِ.
وَلِهَذَا كَانَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَ ةِ يَقُولُونَ: إِنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِينَا فِي الْوَحْيِ وَالْمَنَامَاتِ وَأَسْبَابِ الْعِلْمِ بِالْمُسْتَقْبَ لَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هُوَ أَمْرُ ذَكَرَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَقُلْهُ قَبْلَهُ الْمَشَّاءُونَ سَلَفُهُ.
[رد ابن ملكا ومتابعيه على سلفهم من الفلاسفة]
وَأَمَّا أَبُو الْبَرَكَاتِ صَاحِبُ " الْمُعْتَبَرِ " وَنَحْوُهُ، فَكَانُوا بِسَبَبِ عَدَمِ تَقْلِيدِهِمْ لِأُولَئِكَ، وَسُلُوكِهِمْ طَرِيقَةَ النَّظَرِ الْعَقْلِيِّ بِلَا تَقْلِيدٍ، وَاسْتِنَارَتِه ِمْ بِأَنْوَارِ النُّبُوَّاتِ أَصْلَحَ قَوْلًا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، فَأَثْبَتَ (1) عِلْمَ الرَّبِّ بِالْجُزْئِيَّا تِ وَرَدَّ عَلَى سَلَفِهِ رَدًّا جَيِّدًا، وَكَذَلِكَ أَثْبَتَ صِفَاتِ الرَّبِّ وَأَفْعَالَهُ وَبَيَّنَ مَا بَيَّنَهُ مِنْ خُطَّاءِ سَلَفِهِ (2) ، وَرَأَى فَسَادَ قَوْلِهِمْ فِي أَسْبَابِ الْحَوَادِثِ، فَعَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ أَثْبَتَ لِلرَّبِّ مَا يَقُومُ بِهِ الْإِرَادَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَوَادِثِ، وَقَوْلُهُمْ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَدَثَتِ (3) الْحَوَادِثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لِمَا يَقُومُ بِذَاتِ الرَّبِّ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ، فَلَا يُثْبِتُونَ أُمُورًا مُتَجَدِّدَاتٍ مُخْتَلِفَةً
(1) ن، م، ا: فَأَثْبَتُوا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) ب: وَبَيَّنَ مَا بَيَّنَ خَطَأُ سَلَفِهِ.
(3) ا، ب، م: حَدَثَ.
****************************** **
عَنْ وَاحِدٍ بَسِيطٍ لَا صِفَةَ لَهُ وَلَا فِعْلَ كَمَا قَالَ أُولَئِكَ، بَلْ وَافَقُوا قَوْلَ أَسَاطِينِ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ أَرِسْطُو الَّذِينَ يُثْبِتُونَ مَا يَقُومُ بِذَاتِ الرَّبِّ مِنَ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْحَادِثَ الْمُعَيَّنَ إِنَّمَا حَدَثَ لَمَّا حَصَلَتْ عِلَّتُهُ التَّامَّةُ الَّتِي لَمْ تَتِمَّ إِلَّا عِنْدَ حُدُوثِهِ، وَتَمَامُ الْعِلَّةِ كَانَ بِمَا يُحْدِثُهُ الرَّبُّ تَعَالَى وَمَا يَقُومُ بِهِ مِنْ إِرَادَتِهِ وَأَفْعَالِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (1) مِمَّا يَقُولُونَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
وَلِهَذَا يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ مُدَبِّرًا لِهَذَا الْعَالَمِ إِلَّا عَلَى قَوْلِنَا بِحُدُوثِ الْحَوَادِثِ فِيهِ مِنَ الْإِرَادَاتِ وَالْعُلُومِ وَغَيْرِهَا، وَيَقُولُونَ إِنَّ مَنْ نَفَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فَلَمْ يَنْفِهِ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ لِمُجَرَّدِ تَنْزِيهٍ وَإِجْلَالٍ مُجْمَلٍ، وَإِنَّهُ يَجِبُ التَّنْزِيهُ وَالْإِجْلَالُ مِنْ هَذَا التَّنْزِيهِ وَالْإِجْلَالِ.
فَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ: فَعِنْدَ حُدُوثِ الْحَادِثِ (2) الثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ، وَلَا يَكْفِي عَدَمُ الْأَوَّلِ.
قَالُوا (3) : بَلْ حَصَلَ مِنْ كَمَالِ الْإِرَادَةِ الْجَازِمَةِ وَالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ مَا أَوْجَبَ حُدُوثَ الْمَقْدُورِ، وَلَا نَقُولُ إِنَّ حَالَ الْفَاعِلِ (4) قَبْلُ وَبَعْدُ وَاحِدٌ لَمْ يَتَجَدَّدْ أَمْرٌ يَفْعَلُ بِهِ الثَّانِي، [بَلْ تَتَنَوَّعُ] (5) أَحْوَالُ الْفَاعِلِ، وَنَفْسُهُ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِتِلْكَ الْأَحْوَالِ الْقَائِمَةِ بِهِ، لَكِنَّ وُجُودَ الْحَالِ الثَّانِي مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ مَا
(1) ا، ب: وَأَفْعَالِهِ أَوْ أَفْعَالِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. . إِلَخْ.
(2) ن، م: الْحَوَادِثُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(3) قَالُوا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(4) ا: وَلَا يَقُولُونَ إِنَّ الْفَاعِلَ؛ ب: وَلَا يَقُولُ إِنَّ الْفَاعِلَ.
(5) ا، ب: يَفْعَلُ بِهِ الثَّانِي بِتَنَوُّعِ. . إِلَخْ.
*****************************
يُضَادُّهُ، وَنَفْسُ الْفَاعِلِ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِلْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَالِ الثَّانِي.
فَوَاجِبُ الْوُجُودِ لَا يَحْتَاجُ مَا يَحْدُثُ عَنْهُ أَنْ يُضَافَ إِلَى غَيْرِهِ، كَمَا فِي الْمُمْكِنَاتِ، بَلْ نَفْسُهُ الْوَاجِبَةُ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِكُلِّ مَا يَحْدُثُ عَنْهُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ الْفَاعِلُ لِلْمَلْزُومِ وَلَوَازِمِهِ، وَالْفَاعِلُ لِأَحَدِ الْمُتَنَافِيَي ْنِ (1) عِنْدَ عَدَمِ الْآخَرِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.لَكِنَّ اجْتِمَاعَ الضِّدَّيْنِ لَيْسَ بِشَيْءٍ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، بَلْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى تَحْرِيكِ الْجِسْمِ بَدَلًا عَنْ تَسْكِينِهِ، وَعَلَى تَسْكِينِهِ بَدَلًا عَنْ تَحْرِيكِهِ، وَعَلَى تَسْوِيدِهِ (2) بَدَلًا عَنْ تَبْيِيضِهِ، وَعَلَى تَبْيِيضِهِ (3) بَدَلًا عَنْ تَسْوِيدِهِ، وَهُوَ يَفْعَلُ أَحَدَ الضِّدَّيْنِ دُونَ الْآخَرِ إِذَا حَصَلَتْ إِرَادَتُهُ التَّامَّةُ مَعَ قُدْرَتِهِ الْكَامِلَةِ، وَنَفْسُهُ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ كَانَ فِعْلُهَا لِلْأَوَّلِ شَرْطًا فِي حُصُولِ الثَّانِي، فَلَيْسَتْ فِي تِلْكَ مُفْتَقِرَةً إِلَى غَيْرِهَا، بَلْ كُلُّ مَا سِوَاهَا فَقِيرٌ إِلَيْهَا، وَهِيَ غَنِيَّةٌ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهَا.
وَهَؤُلَاءِ تَخَلَّصُوا مِمَّا وَرَدَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ وَمِنْ فَسَادِ تَمْثِيلِهِمْ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ إِذَا مَثَّلُوا قَوْلَهُمْ بِمَا يُعْقَلُ (4) مِنْ حَرَكَةِ الْحَيَوَانِ وَالشَّمْسِ، لَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَرْقِ وَالنَّقْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ [مَا يَرِدُ عَلَى] (5) مَنْ قَبْلَهُمْ.
لَكِنَّ هَؤُلَاءِ (6) يُقَالُ لَهُمْ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ قِدَمُ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ فِي
(1) ن، م: الْمُتَنَاقِضَي ْنِ.
(2) ن، م: وَتَسْوِيدِهِ.
(3) ن، م: وَتَبْيِيضِهِ.
(4) ن، م: بِمَا يَفْعَلُ.
(5) عِبَارَةُ " مَا يَرِدُ عَلَى ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) الْإِشَارَةُ هُنَا إِلَى الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مِثْلَ ابْنِ سِينَا وَمُتَابِعِيهِ.
****************************** **
الْعَقْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى [شَيْءٍ مِنْ] (1) ذَلِكَ؟ وَأَنْتُمْ فَجَمِيعُ مَا تَذْكُرُونَهُ أَنْتُمْ وَأَمْثَالُكُمْ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى دَوَامِ الْفِعْلِ، لَا عَلَى دَوَامِ فِعْلٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا مَفْعُولٍ مُعَيَّنٍ، فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ دَوَامُ الْفَلَكِ أَوْ مَادَّةُ الْفَلَكِ (2) أَوِ الْعُقُولُ أَوِ النُّفُوسُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، مِمَّا يَقُولُ الْقَائِلُونَ بِالْقِدَمِ:
إِنَّهُ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ مُقَارِنًا لِلرَّبِّ تَعَالَى قَدِيمًا بِقِدَمِهِ أَبَدِيًّا بِأَبَدِيَّتِهِ ؟ .فَيُخَاطِبُونَ أَوَّلًا مُخَاطَبَةَ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّلِيلِ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ أَصْلًا (3) ، بَلْ إِنَّمَا طَمِعُوا فِي مُنَاظَرَتِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ (4) الَّذِينَ قَالُوا:
إِنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ وَالْفِعْلِ صَارَ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُمْتَنَعًا مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ شَيْءٍ، وَصَارَ الْفَاعِلُ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّهُ يُحْدِثُ الْحَوَادِثَ لَا فِي زَمَانٍ، وَإِنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْقَدِيمُ مُعَطَّلًا عَنِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ، لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَفْعَلُ مِنَ الْأَزَلِ، إِلَى أَنْ تَكَلَّمَ وَفَعَلَ (5) ، ثُمَّ يَقُولُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: إِنَّهُ يَتَعَطَّلُ عَنِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ فَتَفْنَى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، أَوْ تَفْنَى حَرَكَتُهُمَا، كَمَا قَالَهُ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ فِي فَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَكَمَا قَالَهُ أَبُو الْهُذَيْلِ [الْعَلَّافُ] (6) فِي فَنَاءِ الْحَرَكَاتِ.
وَجَعَلُوا مُدَّةَ فِعْلِ الرَّبِّ وَكَلَامَهُ مُدَّةً فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَزَلِ وَالْأَبَدِ.
(1) شَيْءٍ مِنْ: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(2) ن، م: أَوْ مَادَّتُهُ.
(3) ا، ب: أَبَدًا.
(4) أَيْ أَنَّ ابْنَ سِينَا وَأَمْثَالَهُ رَغْمَ ضَعْفِ أَدِلَّتِهِمْ إِنَّمَا اسْتَعْلَوْا وَنَفَقَتْ بِضَاعَتُهُمْ بِسَبَبِ بَعْضِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ (الَّذِينَ قَالُوا كَيْتَ وَكَيْتَ) .
(5) ن، م: إِلَى أَنْ فَعَلَ وَتَكَلَّمَ.
(6) الْعَلَّافُ: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
****************************
فَطَمِعَ هَؤُلَاءِ (1) فِي هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعِين َ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَ ةِ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ (2) فِي أُصُولِهِمْ، وَأَقَامُوا (3) الشَّنَاعَةَ عَلَى أَهْلِ الْمِلَلِ بِسَبَبِ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِي نَ وَالْمُبْتَدِعِ ينَ (4) ، وَظَنُّوا أَنْ لَا قَوْلَ إِلَّا قَوْلُ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعِين َ، أَوْ قَوْلُ أُولَئِكَ الْفَلَاسِفَةِ الْمُلْحِدِينَ (5) ، وَرَأَوْا أَنَّ الْعَقْلَ يُفْسِدُ قَوْلَ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعِين َ، وَرَأَوُا السَّمْعَ إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعِين َ أَقْرَبَ وَعَنِ الْمُلْحِدِينَ أَبْعَدَ،
فَقَالُوا: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ ضَرَبُوا الْأَمْثَالَ وَخَيَّلُوا، وَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْإِخْبَارُ بِالْحَقَائِقِ. وَدَخَلُوا مِنْ بَابِ الْإِلْحَادِ وَتَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ بِحَسَبِ مَا أَنْكَرُوهُ مِنَ السَّمْعِيَّاتِ ، وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ الْفَلَاسِفَةُ الَّذِينَ نَفَوْا صِفَاتِ الرَّبِّ وَأَفْعَالِهِ الْقَائِمَةِ بِهِ - الَّذِينَ قَبْلَ هَؤُلَاءِ - أَعْظَمَ إِلْحَادًا وَتَحْرِيفًا لِلْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ، مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَثْبَتُوا الصِّفَاتِ وَالْأُمُورَ الِاخْتِيَارِيّ َةَ الْقَائِمَةَ بِهِ، وَقَالُوا مَعَ ذَلِكَ (6) بِقِدَمِ الْعَالَمِ.
وَكِلْتَا (7) الطَّائِفَتَيْن ِ خَرَجَتْ عَنْ صَرِيحِ الْمَعْقُولِ، كَمَا خَرَجَتْ عَنْ صَحِيحِ الْمَنْقُولِ، بِحَسَبِ مَا أَخْطَأَتْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ كَانَ ذَلِكَ أَدْعَى لَهُ إِلَى قَبُولِ غَيْرِهِ، وَكَانَ يَلْزَمُهُ مِنْ قَبُولِهِ مَا لَمْ يَلْزَمْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ الْحَقَّ، وَكَانَ الْقَوْلُ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ
(1) الَّذِينَ يَقُولُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ. .
(2) ن، م: وَمَنْ تَبِعَهُمْ.
(3) ن، م: وَإِقَامَةُ.
(4) م، ا، ب: الْمُتَكَلِّمِي نَ الْمُبْتَدِعِين َ.
(5) الَّذِينَ يُنْكِرُونَ النُّبُوَّاتِ مِنْ أَمْثَالِ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ وَأَبِي زَكَرِيَّا الرَّازِيِّ.
(6) ن، م: مَعَ هَذَا.
(7) ن، م، ا: وَكُلًّا، وَهُوَ خَطَأٌ.
****************************** *
الْقَائِمَةِ بِالرَّبِّ بِاخْتِيَارِهِ (1) يُنَافِي كَوْنَهُ فَاعِلًا وَمُحْدَثًا.
وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ سِينَا فِي " إِشَارَاتِهِ " أَقْوَالَ الْقَائِلِينَ بِالْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ، لَمْ يَذْكُرْ إِلَّا قَوْلَ مَنْ أَثْبَتَ قُدَمَاءَ مَعَ اللَّهِ [تَعَالَى] (2) غَيْرَ مَعْلُولَةٍ، كَالْقَوْلِ الَّذِي يُحْكَى عَنْ ذِيمُقَرَاطِيسَ بِالْقُدَمَاءِ الْخَمْسَةِ - وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَكَرِيَّا الْمُتَطَبِّبُ (3) وَقَوْلُ الْمَجُوسِ الْقَائِلِينَ بِأَصْلَيْنِ قَدِيمَيْنِ، وَقَوْلُ الْمُتَكَلِّمِي نَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ، وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَئِمَّةِ الْمِلَلِ وَلَا أَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ أَثْبَتُوا مَا يَقُومُ بِالرَّبِّ مِنَ الْأُمُورِ الِاخْتِيَارِيّ َةِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا [بِمَشِيئَتِهِ] (4)
إِذَا شَاءَ فِعَالًا بِمَشِيئَتِهِ، وَذَكَرَ حُجَجَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاظِرَ (5) أَنْ يَخْتَارَ أَيَّ الْقَوْلَيْنِ تُرَجِّحُ، مَعَ تَمَسُّكِهِ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ، فَإِنَّ هَذَا جَعَلَهُ أَصْلًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خُصُومِهِ (6) .
وَاعْتَرَضَ (7) عَلَيْهِ الرَّازِيُّ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الصِّفَاتِ لَا تَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ. وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ الرَّازِيُّ، بَلْ نَفْيُ الصِّفَاتِ مِمَّا يُقَوِّي شُبْهَةَ
(1) ، ب: وَاخْتِيَارُهُ.
(2) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(3) الْمُتَطَبِّبُ: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(4) بِمَشِيئَتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) ا (فَقَطْ) : الْمَنَاظِرَ.
(6) انْظُرِ ابْنَ سِينَا: الْإِشَارَاتِ وَالتَّنْبِيهَا تِ 3/122 - 132 حَيْثُ يَعْرِضُ لِلْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي مَسْأَلَةِ قِدَمِ الْعَالَمِ، ثُمَّ يَقُولُ (ص [0 - 9] 32) : " فَهَذِهِ هِيَ الْمَذَاهِبُ وَإِلَيْكَ الِاعْتِبَارُ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ بَعْدَ أَنْ تَجْعَلَ وَاجِبَ الْوُجُودِ وَاحِدًا ". انْظُرْ تَعْلِيقَ الْمُحَقِّقِ وَشَرْحَ الطُّوسِيِّ (ص [0 - 9] 32 - 143) .
(7) ن، م: وَأَعْرَضَ.
****************************** ***********
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (51)
صـ 354 إلى صـ 360
الْقَائِلِينَ بِالْقِدَمِ، وَمَعَ (1) إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ الْقَائِمَةِ بِهِ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ أَدِلَّتِهِمْ إِلَى الْغَايَةِ، بَلْ فَسَادُ قَوْلِهِمْ، مَعَ [أَنَّ] (2) نَفْيَ الصِّفَاتِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِ، أَكْثَرَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مُنَازِعِيهِ.
وَلَكِنَّ ابْنَ سِينَا نَشَأَ بَيْنَ (* الْمُتَكَلِّمِي نَ النُّفَاةِ لِلصِّفَاتِ، وَابْنُ رُشْدٍ نَشَأَ بَيْنَ الْكُلَّابِيَّة ِ، وَأَبُو الْبَرَكَاتِ نَشَأَ بِبَغْدَادَ بَيْنَ *) (3) عُلَمَاءِ السُّنَّةِ [وَالْحَدِيثِ] (4) ، فَكَانَ كُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ بُعْدُهُ عَنِ الْحَقِّ بِحَسَبِ بُعْدِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ آثَارِ الرُّسُلِ، وَقُرْبِهِ مِنَ الْحَقِّ بِحَسَبِ قُرْبِهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَهَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَ ةُ رَأَوْا مَا قَالَهُ أُولَئِكَ فِي مَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ بَاطِلًا، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ إِذَا أَبْطَلُوا قَوْلَ هَؤُلَاءِ بَقِيَ قَوْلُهُمْ، وَجَعَلُوا الْقَوْلَ بِدَوَامِ الْفَاعِلِيَّةِ مُجْمَلًا،
كَمَا جَعَلَ أُولَئِكَ قَوْلَهُمْ: " إِنَّ مَا لَا يَسْبِقُ الْحَوَادِثَ فَهُوَ حَادِثٌ " مُجْمَلًا، فَقَوْلُ هَؤُلَاءِ أَوْجَبَ [أَنْ] (5) ظَنَّ كَثِيرٌ مِمَّنْ سَمِعَ قَوْلَ هَؤُلَاءِ امْتِنَاعَ كَوْنِ الرَّبِّ [تَعَالَى] (6) لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، إِذْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ النَّوْعِ وَالْعَيْنِ، وَقَوْلُ أُولَئِكَ أَوْجَبَ أَنْ ظَنَّ كَثِيرٌ [مِمَّنْ] (7) سَمِعَ قَوْلَهُمْ دَوَامَ الْفَلَكِ أَوْ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، إِذْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ النَّوْعِ وَالْعَيْنِ أَيْضًا.
(1) ن، م: بِالْقِدَمِ مَعَ. .
(2) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(4) وَالْحَدِيثِ: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(5) أَنْ: زِيَادَةٌ فِي (ب) فَقَطْ.
(6) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(7) مِمَّنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
****************************** *******
ودوام الفاعلية (* مجمل يراد به دوام الفاعلية المعينة، ودوام الفاعلية *) (1) المطلقة، ودوام الفاعلية (2) العامة.
ومعلوم أن دوام الفاعلية العامة وهو دوام (3) المفعولات كلها مما لا يقوله عاقل، ودوام الفاعلية المعينة لمفعول معين مما ليس لهم عليه دليل أصلا، بل الأدلة العقلية تنفيه كما نفته (4) الأدلة السمعية.
وأما دوام الفاعلية المطلقة فهذه لا تثبت قولهم، بل إنما تثبت خطأ أولئك النفاة الذين خاصموهم من أهل الكلام والفلسفة، ولا يلزم من بطلان هذا القول صحة [القول] (5) الآخر إلا إذا لم يكن إلا هذان القولان. فأما إذا كان هناك قول ثالث لم يلزم صحة أحد القولين، فكيف إذا كان ذلك الثالث هو موجب الأدلة العقلية والنقلية؟ !
والمقصود هنا: أن كلتا (6) الطائفتين التي قالت بقدم الأفلاك ملحدة، سواء قالت بقيام الصفات والأفعال بالرب أو لم تقل ذلك، فهؤلاء الفلاسفة مع كونهم متفاضلين في الخطأ والصواب في العلوم الإلاهية، إنما ردهم المتوجه (7) لهم على (8) البدع التي أحدثها من أحدثها من أهل الكلام، (* ونسبوها إلى الملة.
(1) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(2) عبارة " ودوام الفاعلية ": ساقطة من (ب) فقط.
(3) ن، م: العامة ودوام.
(4) ن، م: تنفيه.
(5) القول: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: كلا؛ أ: كلام.
(7) ن، م: المترجمة، وهو تحريف.
(8) على: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************** ***
وأولئك المتفلسفة أبعد عن معرفة الملة من أهل الكلام *) (1) ، فمنهم من ظن أن ذلك من الملة، ومنهم من كان أخبر بالسمعيات من غيره، فجعلوا يردون من كلام المتكلمين ما لم يكن معهم فيه سمع،
وما كان معهم فيه سمع كانوا فيه على أحد قولين: إما أن يقروه باطنا وظاهرا إن وافق معقولهم، وإلا ألحقوه بأمثاله وقالوا: إن الرسل تكلمت به (2) على سبيل التمثيل والتخييل للحاجة.
وابن رشد ونحوه يسلكون هذه الطريقة، ولهذا كان هؤلاء أقرب إلى الإسلام من ابن سينا وأمثاله، وكانوا في العمليات أكثر محافظة لحدود الشرع من أولئك الذين يتركون واجبات الإسلام ويستحلون محرماته، وإن كان في كل من هؤلاء من الإلحاد والتحريف بحسب ما خالف به الكتاب والسنة، ولهم من الصواب والحكمة بحسب ما وافقوا فيه ذلك.ولهذا كان ابن رشد في مسألة حدوث العالم ومعاد الأبدان مظهرا للوقف ومسوغا للقولين، وإن كان باطنه إلى قول سلفه أميل.
وقد رد على أبي حامد في " تهافت التهافت " ردا أخطأ في كثير منه، والصواب مع أبي حامد، وبعضه جعله من كلام ابن سينا لا من كلام سلفه، وجعل الخطأ فيه من ابن سينا، وبعضه استطال فيه على أبي حامد ونسبه فيه إلى قلة الإنصاف؛ لكونه بناه على أصول كلامية فاسدة، مثل كون الرب لا يفعل شيئا بسبب ولا لحكمة، وكون القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، وبعضه حار فيه جميعا لاشتباه المقام.
(1) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(2) به: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************** ****
وقد تكلمت على ذلك، وبينت تحقيق ما قاله أبوحامد [في ذلك] (1) من الصواب الموافق لأصول الإسلام، وخطأ ما خالفه من كلام ابن رشد وغيره من الفلاسفة، وأن ما قالوه من الحق الموافق للكتاب والسنة لا يرد بل يقبل، وما قصر فيه أبو حامد من إفساد أقوالهم الفاسدة فيمكن رده بطريق أخرى يعان بها أبو حامد على قصده الصحيح، وإن كان هذا وأمثاله إنما استطالوا عليه بما وافقهم عليه من أصول فاسدة، وبما (2) يوجد في كتبه من الكلام الموافق لأصولهم، وجعل هذا وأمثاله ينشدون فيه (3)يوما يمان إذا ما جئت ذا يمن ... وإن لقيت معديا فعدناني (4) ولهذا جعلوا (5) كثيرا من كلامه برزخا بين المسلمين والفلاسفة المشائين، فالمسلم يتفلسف به على طريقة المشائين تفلسف مسلم، والفيلسوف يسلم به إسلام فيلسوف، فلا يكون مسلما محضا ولا فيلسوفا محضا على طريقة المشائين.
وأما نفي الفلسفة مطلقا أو إثباتها فلا يمكن، إذ ليس للفلاسفة مذهب معين ينصرونه، ولا قول يتفقون عليه في الإلهيات والمعاد والنبوات والشرائع، بل وفي الطبيعيات والرياضيات، بل ولا في كثير من المنطق، ولا يتفقون إلا على ما يتفق عليه جميع بني آدم من الحسيات المشاهدة
(1) في ذلك: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: وربما، وهو تحريف.
(3) م (فقط) : مما ينشدون فيه.
(4) ا، ب: وإن أتيت. والبيت ذكره ابن رشد في فصل المقال، ص [0 - 9] 1، طبعة جوتييه، الجزائر، 1938 (الطبعة الثالثة) وفيه: إذا لاقيت. من شعر عمران بن حطين وهو في الكامل للمبرد والشريشي في شرح المقامات.
(5) ن، م: جعل.
****************************
والعقليات التي لا ينازع فيها أحد.
ومن حكى عن [جميع] (1) الفلاسفة قولا واحدا في هذه الأجناس، فإنه غير عالم بأصنافهم واختلاف مقالاتهم، بل حسبه النظر في طريقة المشائين أصحاب أرسطو كثامسطيوس والإسكندر الأفروديسي (2) وبرقلس (3) من القدماء، وكالفارابي وابن سينا والسهروردي المقتول وابن رشد الحفيد وأبي البركات ونحوهم من المتأخرين.
وإن كان لكل من هؤلاء في الإلهيات والنبوات والمعاد قول لا ينقل عن سلفه المتقدمين، إذ ليس لهم في هذا الباب علم تستفيده الأتباع، وإنما عامة علم القوم في الطبيعيات، فهناك يسرحون ويتبجحون، وبه بنحوه (4) عظم من عظم أرسطو، واتبعوه؛ لكثرة كلامه في الطبيعيات وصوابه في أكثر ذلك، فأما (5) الإلهيات فهو وأتباعه من أبعد الناس عن معرفتها.وجميع ما يوجد في كلام هؤلاء وغيرهم من العقليات الصحيحة ليس فيه ما يدل على خلاف ما أخبرت به الرسل، وليس لهم أصلا دليل ظني فضلا عن قطعي على قدم الأفلاك، بل ولا على قدم شيء منها، وإنما عامة أدلتهم أمور مجملة تدل على الأنواع العامة، لا تدل على قدم شيء بعينه من العالم.
فما أخبرت به الرسل أن الله خلقه: كإخبارها أن الله
(1) جميع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: الأفريدوسي؛ ا، ب: الأفرديوسي. والصواب ما أثبتناه، وانظر ما سبق أن ذكرناه (ص [0 - 9] 70 ت [0 - 9] ) .
(3) ن: ترفلس؛ ا، ب: برقس، وهو تحريف.
(4) ا، ب:. . يسرحون ويتبجحون به. وبنحوه. .؛ م:. . يسرحون ويتبجحون فيه وبنحوه.
(5) ن، م: وأما.
****************************
خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، لا يقدر أحد من الناس أن يقيم دليلا عقليا صحيحا على نفي ذلك.
وأما الكلام الذي يستدل به المتكلمون في الرد على هؤلاء وغيرهم فمنه صواب ومنه خطأ، ومنه ما يوافق الشرع والعقل ومنه ما يخالف ذلك. وبكل حال فهم أحذق في النظر والمناظرة والعلوم الكلية الصادقة وأعلم بالمعقولات المتعلقة بالإلهيات (1) ، وأكثر صوابا وأسد قولا من هؤلاء المتفلسفة، والمتفلسفة في الطبيعيات والرياضيات (2) أحذق ممن لم يعرفها كمعرفتهم، مع ما فيها من الخطأ.
والمقصود هنا أن يقال لأئمتهم وحذاقهم الذين ارتفعت عقولهم ومعارفهم في الإلهيات عن كلام أرسطو وأتباعه، وكلام ابن سينا وأمثاله: ما الموجب أولا لقولكم بقدم شيء من العالم، وأنتم لا دليل لكم على قدم شيء من ذلك؟ .
وأصل الفلسفة عندكم مبني على الإنصاف واتباع العلم (3) ، والفيلسوف هو محب الحكمة، والفلسفة محبة الحكمة، وأنتم إذا نظرتم في كلام كل من تكلم في هذا الباب وفي غير ذلك لم تجدوا في ذلك ما يدل على قدم شيء من العالم، مع علمكم أن جمهور العالم من جميع الطوائف يقولون بأن كل ما سوى الله مخلوق كائن بعد أن لم يكن: وهذا قول الرسل وأتباعهم من المسلمين واليهود والنصارى وغيرهم.
(1) ن، م، ا: بالإلهية. والمثبت من (ب) .
(2) ن، م: والإلهيات، وهو خطأ.
(3) ن، م: واتباع العالم.
******************************
[قول أكثر الفلاسفة بتقدم مادة العالم على صورته]
وذلك (1) القول بحدوث هذا العالم هو قول أساطين الفلاسفة الذين كانوا قبل أرسطو، بل هم يذكرون أن أرسطو أول من صرح بقدم الأفلاك،
وأن المتقدمين قبله من الأساطين كانوا يقولون: إن هذا العالم محدث: إما بصورته فقط، وإما بمادته وصورته، وأكثرهم يقولون بتقدم (2) مادة هذا العالم على صورته.وهذا (3) موافق لما أخبرت به الرسل [صلوات الله عليهم] (4) ،
فإن الله أخبر أنه: {خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء} [سورة هود: 7] (5) .
وأخبر أنه: {استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} [سورة فصلت: 11] .
وقد ثبت (6) في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه (7) على الماء " (8) .
(1) ا، ب: وكذلك.
(2) ا (فقط) : بتقديم.
(3) ا، ب: وهو.
(4) صلوات الله عليهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) ن، م: أخبر بخلق السماوات. . على الماء.
(6) ن، م: وثبت.
(7) ا، ب: وعرشه.
(8) الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - في: مسلم 4/44. (كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى - عليهما السلام -؛ سنن الترمذي (ط. المدينة المنورة) 3/311 (كتاب القدر، باب ما جاء في الرضا بالقضاء) ؛ المسند (ط. المعارف) 10/114 (عن أبي عبد الرحمن الحبلي) .
****************************** ***
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (52)
صـ 361 إلى صـ 367
وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - (1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض» "، وفي رواية:
«ثم خلق السماوات والأرض» (2) . والآثار متواترة عن الصحابة والتابعين بما يوافق القرآن والسنة من أن الله خلق السماوات من بخار الماء الذي سماه [الله] (3) دخانا.وقد تكلم علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في أول هذه المخلوقات على قولين حكاهما الحافظ أبو العلاء الهمداني (4) وغيره.
أحدهما: أنه هو العرش،
والثاني: أنه هو القلم. ورجحوا القول الأول لما دل عليه الكتاب والسنة أن الله تعالى لما قدر مقادير الخلائق بالقلم الذي أمره أن يكتب في اللوح كان عرشه على الماء، فكان العرش مخلوقا قبل القلم.
قالوا والآثار المروية أن: " «أول ما خلق الله
(1) ن، م: وثبت في البخاري وغيره عن عمران بن حصين.
(2) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن عمران بن حصين في البخاري 9/124 (كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم) ، 4/105 - 106 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/431، 432، 433، 436؛ سنن الترمذي (مختصرا) 5/389 (كتاب المناقب، باب في مناقب ثقيف وبني حنيفة) .
(3) لفظ الجلالة: ليس في (ن) ، (م) .
(4) هو شيخ الإسلام محمد بن سهل العطار شيخ همدان. له تصانيف منها " زاد المسافر " في خمسين مجلدا، توفي سنة 569. ترجمته في تذكرة الحفاظ للذهبي (حيدر أباد، سنة 1334) 4/114 - 117.
****************************** ******
القلم» " (1) ، معناها من هذا العالم. وقد أخبر الله أنه خلقه في ستة أيام، فكان حين خلقه زمن يقدر به (2) خلقه ينفصل إلى أيام، فعلم أن الزمان كان موجودا قبل أن يخلق الله الشمس والقمر، ويخلق في هذا العالم الليل والنهار.
وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في خطبته عام حجة الوداع:
" «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» (3) ". وفي
(1) الحديث عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في: سنن أبي داود 4/311 (كتاب السنة، باب في القدر) ونصه: ". . قال عبادة بن الصامت لابنه. . سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة " يا بني إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من مات على غير هذا فليس مني ". وجاء الحديث عنه - رضي الله عنه - في سنن الترمذي في موضعين 3/310 - 311 (كتاب القدر، باب منه) وقال الترمذي: " هذا حديث غريب "، 5/96 (كتاب التفسير، سورة ن والقلم) وقال الترمذي " هذا حديث حسن صحيح غريب وفيه ابن عباس ". والحديث أيضا في المسند (ط. الحلبي) 5/317.
(2) ن، م: زمن بقدرته.
(3) هذا جزء من حديث طويل عن أبي بكرة - رضي الله عنه - في البخاري في عدة مواضع منها: 9/133 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة) ، 7/100 (كتاب الأضاحي، باب من قال الأضحى يوم النحر) ، 4/107 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في سبع أرضين) وأول الحديث فيه: " الزمان قد استدار "؛ مسلم 3/1305 - 1306 (كتاب القسامة، باب تغليظ تحريم الدماء. .) وأول الحديث فيه: " إن الزمان. . "؛ سنن أبي داود 2/265 (كتاب المناسك، باب الأشهر الحرم) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/37 وأول الحديث فيه: " ألا إن الزمان. . ".
****************************** ******
الصحيح عن عمر [بن الخطاب] رضي الله عنه (1) قال: «خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم» (2) .
وهكذا في التوراة (3) [ما يوافق] (4) خبر الله (5) في القرآن، وأن الأرض كانت مغمورة بالماء، والهواء يهب (6) فوق الماء، وأن في أول الأمر خلق الله السماوات والأرض، وأنه خلق ذلك في أيام.
ولهذا قال من قال من علماء أهل الكتاب: ما ذكره الله في التوراة يدل على أنه خلق هذا العالم من مادة أخرى، وأنه خلق ذلك في زمان (7) قبل أن يخلق الشمس والقمر.
وليس فيما أخبر [الله تعالى] به (8) في القرآن وغيره أنه خلق السماوات والأرض من غير مادة، ولا أنه خلق الإنس أو الجن أو الملائكة (9) من غير مادة، بل يخبر الله أنه خلق ذلك من مادة، وإن كانت المادة مخلوقة من مادة أخرى، كما خلق الإنس (10) من آدم وخلق آدم من طين، وفي صحيح
(1) ن: عن ابن عمر - رضي الله عنه -؛ م: عن عمر - رضي الله عنه -.
(2) الحديث عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في: البخاري 4/106 (كتاب بدء الخلق، الباب الأول) .
(3) ن، م: وهكذا في التورية؛ ا: وهذا في التوراة؛ ب: هذا وفي التوراة.
(4) ما يوافق: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) م (فقط) : كما أخبر الله.
(6) يهب: ساقطة من (م) فقط.
(7) ا، ب: أزمان.
(8) ن، م: أخبر به.
(9) ن، ا: الإنسان أو الجن أو الملائكة؛ م: الإنسان والجن والملائكة. والمثبت من (ب) .
(10) م (فقط) : الإنسان.
****************************** **
مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجان من مارج من نار (1) ، وخلق آدم مما وصف لكم» " (2) .والمقصود هنا أن المنقول عن أساطين الفلاسفة القدماء لا يخالف ما أخبرت به الأنبياء من خلق هذا العالم من مادة، بل المنقول عنهم أن هذا العالم محدث كائن بعد أن لم يكن.
وأما قولهم في تلك المادة: هل هي قديمة الأعيان، أو محدثة بعد أن لم تكن، أو محدثة من مادة أخرى بعد مادة؟ قد تضطرب النقول عنهم في هذا الباب، والله أعلم بحقيقة ما يقوله كل من هؤلاء، فإنها أمة عربت كتبهم، ونقلت من لسان إلى لسان، وفي مثل ذلك قد يدخل من الغلط والكذب ما لا يعلم حقيقته.
ولكن ما تواطأت به النقول عنهم يبقى (3) مثل المتواتر، وليس لنا غرض معين (4) في معرفة قول كل واحد منهم، بل: {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون} . [سورة البقرة: 134، 141] .
[ضلال أرسطو وأتباعه وشركهم]لكن الذي لا ريب فيه أن [هؤلاء] (5) أصحاب التعاليم كأرسطو وأتباعه كانوا مشركين يعبدون المخلوقات، ولا يعرفون النبوات ولا المعاد البدني، وأن اليهود والنصارى خير منهم في الإلهيات والنبوات والمعاد.
(1) م، ن، ا: وخلقت الجان من نار.
(2) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: مسلم 4/2294 (كتاب الزهد والرقائق، باب في أحاديث متفرقة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/153، 168.
(3) ن: بنفي؛ ا: ينفي، وهو تحريف.
(4) معين: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) هؤلاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************
وإذا عرف أن نفس فلسفتهم توجب عليهم أن لا يقولوا بقدم شيء من العالم، علم أنهم مخالفون لصريح المعقول، كما أنهم مخالفون لصحيح المنقول، وأنهم في تبديل القواعد الصحيحة المعقولة من جنس اليهود والنصارى في تبديل ما جاءت به الرسل، وهذا هو المقصود في هذا الباب.
ثم إنه إذا قدر أنه (1) ليس عندهم من المعقول ما يعرفون به أحد الطرفين، فيكفي في ذلك إخبار الرسل باتفاقهم عن خلق السماوات والأرض وحدوث هذا العالم، والفلسفة الصحيحة المبنية على المعقولات المحضة توجب عليهم تصديق الرسل فيما أخبرت به (2) ، وتبين أنهم علموا ذلك بطريق يعجزون عنها، وأنهم أعلم بالأمور الإلهية والمعاد وما يسعد النفوس (3) ويشقيها منهم، وتدلهم على أن من اتبع الرسل كان سعيدا في الآخرة، ومن كذبهم كان شقيا في الآخرة، وأنه لو علم الرجل من الطبيعيات والرياضيات ما عسى أن يعلم وخرج عن دين الرسل كان شقيا، وأن من أطاع الله ورسوله بحسب طاقته كان سعيدا في الآخرة وإن لم يعلم شيئا من ذلك.
ولكن (4) سلفهم أكثروا الكلام في ذلك؛ لأنهم لم يكن عندهم من آثار الرسل ما يهتدون به إلى توحيد الله وعبادته وما ينفع في الآخرة، وكان
(1) عبارة: " إذا قدر أنه ": ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: فيما أخبروا به.
(3) ا، ب: النفس.
(4) ن، م: لكن.
****************************** **
الشرك مستحوذا عليهم بسبب السحر والأحوال الشيطانية، وكانوا ينفقون أعمارهم في رصد الكواكب ليستعينوا بذلك على السحر والشرك، وكذلك الأمور الطبيعية.
وكان منتهى عقلهم أمورا عقلية كلية، كالعلم بالوجود المطلق (* وانقسامه إلى علة ومعلول وجوهر وعرض، وتقسيم الجواهر، ثم تقسيم الأعراض. وهذا هو عندهم الحكمة العليا والفلسفة الأولى، ومنتهى ذلك العلم بالوجود المطلق *) (1) الذي لا يوجد إلا في الأذهان دون الأعيان.
ومن هنا دخل من سلك مسلكهم من المتصوفة المتفلسفة كابن عربي (2) وابن سبعين (3) والتلمساني (4) وغيرهم، فكان منتهى معرفتهم
(1) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(2) هو أبو بكر محيي الدين محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي، المعروف بابن عربي، والملقب عند الصوفية بالشيخ الأكبر والكبريت الأحمر وغير ذلك. انظر ترجمته في: نفح الطيب 2/361 - 348؛ شذرات الذهب 5/190 - 202؛ طبقات الشعراني 1/163؛ ميزان الاعتدال 3/659 - 660؛ لسان الميزان 5/311 - 315؛ فوات الوفيات 3/478 - 482؛ الأعلام 7/170 - 171 وانظر كتاب " ابن عربي " لآسين بلاثيوس، ترجمة د. عبد الرحمن بدوي، ط. الأنجلو، القاهرة، 1965؛ مناقب ابن عربي لإبراهيم بن عبد الله القارئ، تحقيق د. صلاح الدين المنجد، بيروت، 1959؛ تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للبقاعي مصرع التصوف، تحقيق عبد الرحمن الوكيل، ط. السنة المحمدية القاهرة، 1373/1953.
(3) أبو محمد عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر المعروف بابن سبعين، ولد سنة 613 وتوفي سنة 669. انظر ترجمته في: شذرات الذهب 5/329 - 330؛ الطبقات الكبرى للشعراني 1/177؛ لسان الميزان 3/392؛ فوات الوفيات 1/516 - 518؛ نفح الطيب 2/395 - 406؛ الأعلام 4/51. وانظر رسائل ابن سبعين، تحقيق د. عبد الرحمن بدوي، القاهرة 1965.
(4) ن، م: " ابن سبعين التلمساني " وهو خطأ. وهو عفيف الدين سليمان بن عبد الله علي الكوفي التلمساني، انظر ترجمته في: فوات الوفيات 1/363 - 366، وفيه: " كان كوفي الأصل، وكان يدعي العرفان، قال قطب الدين اليونيني: رأيت جماعة ينسبونه إلى رقة الدين، والميل إلى مذهب النصيرية "؛ البداية والنهاية 13/326؛ النجوم الزاهرة، 8/29 - 31؛ الأعلام 3/193 (وذكر من مؤلفاته شرح مواقف النغرى والصواب: النفرى) ووفاته سنة 69.
****************************** *****
الوجود المطلق. ثم ظن من ظن منهم أن ذلك هو الوجود الواجب، وفي ذلك (1) من الضلال ما قد بسط في غير هذا الموضع (2) .وجعلوا غاية سعادة النفس أن تصير عالما معقولا (3) مطابقا للعالم الموجود، وليس في ذلك إلا مجرد علوم مطلقة، ليس فيها علم بموجود معين، لا بالله ولا بالملائكة ولا بغير ذلك.
وليس فيها محبة لله ولا عبادة لله (4) فليس فيها علم نافع، ولا عمل صالح، ولا ما ينجي النفوس من عذاب الله (5) فضلا على أن يوجب لها السعادة.
وهذا مبسوط في غير هذا الموضع (6) ، وإنما جاء ذكره هنا بالعرض؛ لننبه على أن من عدل عن طريق المرسلين فليس معه في خلافهم لا معقول صريح، ولا منقول صحيح، وأن من قال بقدم العالم أو شيء منه، فليس معه إلا مجرد الجهل والاعتقاد الذي لا دليل عليه، وهذا الخطاب كاف في هذا الباب، وتفصيله مذكور في غير هذا الموضع.
وقد سلك هذا المسلك غير واحد من أهل الملل المسلمين واليهود
(1) ن: الواجب في ذلك:؛ م: الواجب وذلك
(2) ن، م: بسط في موضعه.
(3) ن، م: مفعولا، وهو تحريف.
(4) ن، م: محبة الله ولا عبادته.
(5) ن، م: من العذاب.
(6) ن، م: مبسوط في موضعه.
****************************** ****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (53)
صـ 368 إلى صـ 374
[أدلة السمع على حدوث العالم لا يمكن تأويلها]
والنصارى (1) وغيرهم، فبينوا فساد ما سلكه (2) القائلون بقدم العالم من العقليات، وذكروا الحجج المنقولة عن أرسطو وغيره واحدة واحدة، وبينوا فسادها،
ثم قالوا: نتلقى هذه المسألة (3) من السمع، فالرسل قد أخبرت بما لا يقوم دليل [عقلي] (4) على نقيضه، فوجب تصديقهم في هذا.
ولم يمكن تأويل ذلك لوجوه:
أحدها: أنه قد علم بالاضطرار مرادهم، فليس في تأويل ذلك إلا التكذيب المحض للرسل.
والثاني: أن هذا متفق عليه بين أهل الملل، سلفهم وخلفهم، باطنا وظاهرا، فيمتنع مع هذا أن تكون الرسل كانت مضمرة لخلاف ذلك، كما يقوله [من يقوله] (5) من هؤلاء الباطنية.
الثالث: أنه ليس في العقل ما ينافي ذلك، بل كل ما ينافيه من المعقولات فهو فاسد يعلم فساده بصريح العقل.
الرابع: أن في العقليات ما يصدق ذلك، ثم كل منهم يسلك في ذلك ما تيسر له من العقليات.
الخامس: أنه معلوم بالفطرة [والضرورة] (6) أنه لا بد من محدث
(1) والنصارى: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: ما سلك.
(3) ا، ب: الملة، وهو تحريف.
(4) عقلي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) عبارة " من يقوله ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) والضرورة: ساقطة من (ن) ، (م) .
******************************
للمحدثات، وفاعل للمصنوعات، وأن كون (1) المفعول [مقارنا لفاعله لم يزل ولا يزال معه ممتنع في فطر العقول. وهذا مما يحتج به على هؤلاء، كما قد بسط في موضعه، فإنه إذا بين لهم فساد قول إخوانهم، وتبين لهم أن الفاعل لا بد أن يقوم به من الأحوال مما يصير به فاعلا، امتنع مع هذا أن يكون مفعوله المعين] (2) مقارنا له أزلا (3) وأبدا، فإن هذا إخراج له عن أن يكون مفعولا له.
السادس: أن يقال لهؤلاء وهؤلاء جميعا: أصل ما أنتم عليه الرجوع إلى الوجود، والفلسفة معرفة الوجود على ما هو عليه، والفلسفة الحقيقية هي العلوم الوجودية التي بها يعرف الوجود، وأنتم لا تثبتون [شيئا] (4) في الغالب إلا بقياس:
إما شمولي وإما تمثيلي، فهل علمتم فاعلا يلزمه مفعوله أو يقارنه (5) في زمانه لا يحدث شيئا فشيئا، سواء كان فاعلا بالإرادة أو بالطبع؟ .
وهل علمتم فاعلا لم يزل (6) موجبا لمفعوله، ولم يزل مفعوله معلولا له؟ فهذا شيء لا تعقلونه أنتم ولا غيركم، فكيف تثبتون بالمعقول (7) ما لا يعقل أصلا معينا، فضلا عن أن يعقل مطلقا (8) ؟ والمطلق فرع
(1) ا (فقط) : وإن كان.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (م) ، (ن) .
(3) ن، م: مقارنا لفاعله أزلا. .، وهو خطأ.
(4) شيئا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) م: أو يقاربه؛ ا، ب: ويقارنه.
(6) ن، م: وهل علمتم أنه لم يزل.
(7) ب (فقط) : بالعقول.
(8) ا، ب: عن أن يكون مطلقا.
****************************** *******
المعين، فما لا يكون موجودا معينا لا يعقل لا معينا ولا مطلقا، ولكن يقدر تقديرا في الذهن كما تقدر الممتنعات.يبين ذلك أن العلم بكون الشيء ممكنا في الخارج يكون العلم بوجوده، أو بوجود ما ذلك الشيء أولى بالوجود منه،
كما يذكره الله في كتابه في تقرير إمكان المعاد كقوله: {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} [سورة غافر: 57] ،
وقوله: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} [سورة الروم: 27] ،
وقوله: {ألم يك نطفة من مني يمنى - ثم كان علقة فخلق فسوى - فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى - أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} [سورة القيامة: 37، 40] (1) ،
وقوله: {أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير} [سورة الأحقاف: 33] ،
وقوله: {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} [سورة يس: 78] إلى قوله: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى} [سورة يس: 81] ، وأمثال ذلك مما يدل على أن إعادة الخلق أولى بالإمكان من ابتدائه، وخلق الصغير أولى بالإمكان من خلق العظيم. فأما ما لا (2) يعلم أنه ممكن إذا عرض على العقل ولم يعلم امتناعه، فإمكانه ذهني، بمعنى عدم العلم بالامتناع، ليس إمكانه خارجيا، بمعنى العلم بالإمكان في الخارج.
ولهذا ما تذكره طائفة من النظار كالآمدي وغيره: إذا أراد أن يقرر
(1) آية (40) من سورة القيامة لم ترد في [ن] ، [م] .
(2) لا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************** ****
إمكان الشيء بأنه لو قدر وجوده لم يلزم منه محال، مجرد دعوى.
وغايته أن يقول: لا نعلم أنه يلزم منه محال، وعدم [العلم] (1) ليس علما بالعدم (2) ، فهؤلاء إذا أرادوا أن يثبتوا إمكان كون المفعول لازما لفاعله، لا بد أن يعلموا ثبوت ذلك في الخارج، أو ثبوت ما ذاك أولى بالإمكان منه، وكلاهما منتف. فلا يعلم قط فاعل إلا فاعلا يحدث فعله أو مفعوله، (3) لا يقارنه مفعوله المعين ويلازمه، بل هذا إلى (4) نفي كونه فاعلا ووصفه بالعجز عن نفي اللازم له، أقرب منه إلى كونه فاعلا قادرا، فقد جعلوا الله مثل السوء، وهذا باطل.
والواجب في الأدلة (5) الإلهية أن يسلك بها هذا المسلك فيعلم أن كل كمال كان لمخلوق فالخالق أحق به، فإن كمال المخلوق من كمال خالقه، وعلى اصطلاحهم كمال المعلول من كمال العلة، ولأن الواجب أكمل من الممكن، فهو أحق بكل كمال ممكن لا نقص فيه من كل ممكن، ويعلم أن كل نقص تنزه عنه مخلوق فالخالق أحق بتنزيهه عنه، فإن النقص يناقض الكمال، فإذا كان أحق بثبوت الكمال كان أحق بنفي النقص، وهذه القضية برهانية يقينية، وهم يسلمونها.
وهم يقولون أيضا: إن الفعل صفة كمال، ويردون على من يقول من
(1) العلم: ساقطة من (ن) فقط.
(2) ن: بعدم.
(3) ن، م: ومفعوله.
(4) ا، ب: أولى، وهو خطأ.
(5) الأدلة: ساقطة من (ا) ، (ب) .
*****************************
أهل الكلام إنه ليس صفة كمال ولا نقص، وقد قال تعالى: {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} [سورة النحل: 17] .
وإذا (1) كان كذلك، فمن المعقول أن الفاعل الذي يفعل بقدرته ومشيئته (2) أكمل ممن لا قدرة له ولا إرادة، والفاعل (3) القادر المختار الذي يفعل شيئا بعد شيء، أكمل ممن يكون مفعوله لازما له يقدر على إحداث شيء ولا تغييره من حال إلى حال، إن كان يعقل فاعلا يلزمه مفعوله (4) المعين، فإن الذي يقدر أن يفعل مفعولات متعددة، ويقدر على تغييرها من حال إلى حال، أكمل ممن ليس كذلك. فلماذا يصفون واجب الوجود بالفعل الناقص إن كان ذلك ممكنا؟ كيف وما ذكروه ممتنع، لا يعقل فاعل على الوجه الذي قالوه؟ .
بل من قدر شيئا فاعلا للازمه الذي لا يفارقه بحال، كان مخالفا لصريح المعقول عند الناس،
وقيل له: هذا صفة له (5) أو مشارك له ليس مفعولا له.
ولو قيل لعامة العقلاء السليمي الفطرة: إن الله خلق السماوات والأرض ومع هذا فلم تزالا معه، لقالوا: هذا ينافي خلقه لهما، فلا يعقل خلقه لهما إلا إذا خلقهما بعد أن لم تكونا موجودتين.
وأما إذا قيل: لم تزالا موجودتين (6) كان القول مع ذلك بأنه خلقهما جميعا
(1) ا، ب: فإذا.
(2) ا، ب: بمشيئته وقدرته.
(3) ا، ب: إرادة الفاعل، وهو خطأ.
(4) ن، م:. . يلزمه (فاعله) مفعوله.
(5) له: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن، م، ا: يكونا موجودين. . يزالا موجودين.
*****************************
بين المتناقضين (1) في فطر الناس وعقولهم التي لم تغير (2) عن فطرتها.ولهذا كان مجرد إخبار الرسل بأن الله خلق السماوات والأرض ونحو ذلك كافيا في الإخبار بحدوثهما،
لم يحتاجوا مع ذلك أن يقولوا: خلقهما بعد (3) عدمهما، ولكن أخبروا (4) بزمان خلقهما،
كما في قوله تعالى: {خلق السماوات والأرض في ستة أيام} [سورة يونس: 3] .والإنسان لما كان يعلم أنه خلق بعد أن لم يكن، ذكر بذلك ليستدل به على قدرة الخالق على تغيير (5) العادة.
ولهذا ذكر تعالى ذلك في خلق يحيى بن زكريا [عليه السلام] (6) ، وفي النشأة (7) الثانية،
قال تعالى: {يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا - قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا - قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا} [سورة مريم: 7 - 9] ، [وقال تعالى] : {ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا - أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا} ] (8) [سورة مريم: 66 - 67] .
فذكر الإنسان بما يعلمه من أنه خلقه ولم يك شيئا؛ ليستدل بذلك على قدرته على مثل ذلك، وعلى ما هو أهون منه.
(1) ب: المتنافيين.
(2) ن، م: لا تغير.
(3) ن: عند؛ م: عبد (وهو تحريف) .
(4) ن، م: أخبر.
(5) ن (فقط) : على قدرة، وهو خطأ.
(6) عليه السلام: زيادة في (ا) ، (ب) .
(7) ا، ب:. . . السلام في النشأة. . .
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
****************************** *
الوجه السابع: إن هؤلاء الذين قالوا بقدم العالم عن علة قديمة، قالوا مع ذلك بأنه في نفسه ممكن، ليس له وجود من نفسه، وإنما وجوده من مبدعه، فوصفوا الموجود الذي لم يزل موجودا، الواجب بغيره، بأنه ممكن الوجود. فخالفوا بذلك طريق سلفهم وما عليه عامة بني آدم من أن الممكن لا يكون إلا معدوما، ولا يعقل ما يمكن أن يوجد وأن لا يوجد إلا ما كان معدوما.
وهذا قول أرسطو وقدماء الفلاسفة، ولكن ابن سينا وأتباعه خالفوا هؤلاء. وقد تعقب ذلك عليهم ابن رشد وغيره، وقالوا: إنه لا يعقل الممكن إلا ما أمكن وجوده وأمكن عدمه، فجاز أن يكون موجودا وأن يكون معدوما، أي مستمر العدم.
ولهذا قالوا: إن الممكن (1) لا بد له من محل،
كما يقال: يمكن أن تحمل المرأة (2) وأن تنبت الأرض وأن يتعلم الصبي، فمحل الإمكان هو الرحم والأرض والقلب، فيمكن أن يحدث في هذه المحال (3) ما هي قابلة له من الحرث والنسل والعلم.
أما الشيء الذي لم يزل ولا يزال - إما بنفسه وإما بغيره - فكيف يقال: يمكن أن يوجد ويمكن أن لا يوجد؟
وإذا قيل: هو باعتبار ذاته يقبل الأمرين. [قيل] (4) : إن أردتم بذاته ما هو موجود في الخارج فذاك لا يقبل الأمرين، فإن الوجود الواجب بغيره لا يقبل العدم، إلا أن يريدوا أنه يقبل أن يعدم بعد وجوده، وحينئذ فلا يكون واجبا بغيره دائما، فمتى قبل العدم
(1) ا، ب: الإمكان.
(2) ا: الأرض؛ ب: الرحم.
(3) ن: الحالة؛ م: الحال.
(4) م: قلنا. ومكان الكلمة بياض في (ن) .
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (54)
صـ 375 إلى صـ 381
في المستقيل أو كان معدوما، لم يكن أزليا أبديا [قديما] (1) واجبا بغيره دائما، كما يقول هؤلاء في العالم.فإن أريد بقبول الوجود والعدم في حال واحدة فهو ممتنع. وإن أريد في الحالين (2) : أي يقبل الوجود تارة والعدم أخرى (3) ، امتنع أن يكون أزليا أبديا لتعاقب الوجود والعدم عليه.
وإن أريد أن ذاته التي تقبل الوجود والعدم شيء غير الوجود في الخارج، فذاك ليس بذاته.
وإن قيل: يريد به أن ما يتصوره في النفس يمكن أن يصير موجودا في الخارج ومعدوما، كما يتصوره الإنسان في نفسه من الأمور.
قيل: هذا أيضا يبين أن الإمكان مستلزم للعدم؛ لأن ما ذكرتموه إنما هو في شيء يتصوره الفاعل في نفسه، يمكن أن يجعله موجودا في الخارج ويمكن أن يبقى معدوما، وهذا إنما يعقل فيما يعدم تارة ويوجد أخرى، وأما ما لم يزل موجودا واجبا (4) بغيره، فهذا لا يعقل فيه الإمكان أصلا، وإذا قال قائل: ذاته تقبل الوجود والعدم، كان متكلما بما لا يعقل.وهذا الموضع قد تفطن له أذكياء النظار، فمنهم من أنكره على ابن سينا وأتباعه، كما أنكر ذلك ابن رشد.
ومنهم من جعل هذا سؤالات واردة على الممكن، كما يفعله الرازي وأتباعه، ولم يجيبوا عنه (5) بجواب صحيح.
(1) قديما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ا، ب: في حالين.
(3) ا، ب: تارة.
(4) ن، م: أو واجبا.
(5) ب: عنها.
*************************
وسبب ذلك أنهم اتبعوا ابن سينا في تجويزه أن يكون الشيء ممكنا بنفسه واجبا بغيره دائما أزلا وأبدا.
بل هذا باطل كما عليه جماهير الأمم من أهل الملل والفلاسفة وغيرهم، وعليه نظر المسلمين، [وعليه أئمة الفلاسفة - أرسطو وأتباعه] (1) -: لا يكون الممكن عندهم إلا ما يكون معدوما تارة وموجودا أخرى، فالإمكان والعدم متلازمان.
وإذا كان ما سوى الرب تعالى ليس موجودا بنفسه، بل كان ممكنا، وجب أن يكون معدوما في بعض الأحوال، ولا بد ليصح وصفه بالإمكان.وهذا برهان مستقل في أن كل ما سوى الله محدث كائن بعد أن لم يكن، وأنه [سبحانه] (2) خالق كل شيء بعد أن لم يكن شيئا، فسبحان من تفرد (3) بالبقاء والقدم، وألزم ما سواه بالحدوث عن العدم.يوضح ذلك أنه إما أن يقال (4) : وجود كل شيء في الخارج عين ماهيته،
كما هو قول نظار أهل السنة الذين يقولون: إن المعدوم ليس بشيء في الخارج [أصلا] (5) ،
ويقولون: إنه ليس في الخارج (6) للموجودات ماهيات غير ما هو الموجود في الخارج،
فيخالفون من يقول: المعدوم شيء، من المعتزلة وغيرهم، ومن قال: إن وجود كل شيء الثابت في الخارج مغاير لماهيته ولحقيقته الثابتة في الخارج، كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة ونحوهم.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) سبحانه: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) ا، ب: انفرد.
(4) ا: لو صح ذلك أن يقال؛ ب: لو صح ذلك إما أن يقال.
(5) أصلا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن: بخارج.
*****************************
وإما أن يقال: وجود الشيء في الخارج زائد على ماهيته.فإن قيل بالأول، لم يكن للعالم في الخارج ذات غير ما هو موجود (1) في الخارج، حتى يقال: إنها تقبل الوجود والعدم.وإن قيل بالثاني، فإن (2) قدر أنه لم يزل موجودا، لم يكن للذات حال تقبل الوجود والعدم، بل لم تزل متصفة بالوجود.
فقول القائل: إن الممكن هو الذي يقبل الوجود والعدم، مع قوله بأنه لم يزل موجودا، جمع بين قولين متناقضين.
وإذا قيل: هو ممكن باعتبار ذاته، كان قوله أيضا متناقضا، سواء عنى بذاته الوجود (3) في الخارج أو شيئا آخر يقبل الوجود في الخارج. فإن تلك إذا لم تزل موجودة، ووجودها واجب، لم تكن قابلة للعدم أصلا، ولم يكن عدمها ممكنا أصلا.
وقول القائل: هي باعتبار ذاتها غير موجودة، مع قوله: [إنها] (4) لم تزل موجودة، معناه أن الذات لم تزل موجودة واجبة بغيرها يمتنع عدمها، هي باعتبار الذات تقبل الوجود والعدم، ويمكن فيها هذا وهذا، وبسط هذا بتمام الكلام على الممكن (5) ، كما قد بسطوه في موضعه.يبين ذلك أن الممكن هو الفقير الذي لا يوجد بنفسه، وإنما يوجده غيره، فلا بد أن يكون هنا شيء يوصف بالفقر والإمكان [وقبول
(1) ن، م: غير ما هي موجودة.
(2) ا، ب: فإذا.
(3) ن، م: الموجود.
(4) إنها: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ا، ب: بتمام الكلام على (أن) الممكن. . . إلخ.
****************************** *
العدم] (1) ، ثم يوصف بالغنى والوجود، فأما ما لم يزل موجودا غنيا، فكيف يوصف بفقر وإمكان؟ فإنه إن حكم بالفقر والإمكان وقبول العدم على الموجود الغني، كان ذلك ممتنعا فيه - كما تقدم - إذا كان لا يقبل العدم ألبتة، وإن حكم بالفقر والإمكان وقبول العدم على ما في الذهن، بمعنى (2) أنه يفتقر وجوده في الخارج إلى فاعل، فهذا يؤيد ما قلناه من أنه لا بد أن يكون معدوما ثم يوجد.
وإن قيل: بل فاعله يتصوره في نفسه مع دوام فعله له، والممكن هو ما في النفس.
قيل: ما في النفس الواجب واجب به لا يقبل العدم، وما في الخارج واجب به لا يقبل العدم، فأين القابل للوجود والعدم؟ .
وإن قيل: ما تصور في النفس يقبل الوجود والعدم في الخارج.
قيل: هذا ممتنع مع وجوب وجوده [دائما (3) في الخارج، بل هذا معقول فيما يعدم تارة ويوجد أخرى، فإذا كان كل ما سوى الله ممكنا فقيرا، وجب أن يكون موجودا تارة ومعدوما أخرى (4) .
وهذا الدليل مستقر في فطر الناس، فكل من يتصور شيئا من الأشياء محتاجا إلى الله مفتقرا إليه، ليس موجودا بنفسه بل وجوده بالله، تصور أنه مخلوق كائن بعد أن لم يكن.
فأما إذا قيل: هو فقير مصنوع محتاج، وأنه دائما معه لم يحدث عن عدم، لم يعقل هذا ولم يتصور إلا كما
(1) وقبول العدم: ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: يعني.
(3) دائما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: واجب أن يكون معدوما تارة وموجودا أخرى.
****************************** ****
تتصور الممتنعات، بأن يقدر في الذهن تقديرا لا يتصور تحققه في الخارج، فإن تحققها (1) في الخارج ممتنع.
وعلى هذا فإذا قيل: المحوج إلى المؤثر هو الإمكان أو هو الحدوث، لم يكن بين القولين منافاة، فإن كل ممكن حادث، وكل حادث ممكن، فهما متلازمان. ولهذا جمع بين القولين من قال: إن (2) المحوج إلى المؤثر هو الإمكان والحدوث جميعا. فالأقوال الثلاثة صحيحة في نفس الأمر، وإنما وقع النزاع لما ظن من ظن أنه يكون الشيء ممكنا مع كونه غير حادث.
وهذا الذي قرر في امتناع كون العالم قديما، وامتناع كون فاعله علة قديمة أزلية صحيح، سواء قيل: إنه مريد بإرادة أزلية مستلزمة لاقتران مرادها بها (3) ، أو قيل: ليس بمريد، وسواء قيل: إنه علة للفلك مع حركته، أو للفلك بدون حركته.
وهكذا القول في كل ما يقدر (4) قديما معه، فإنه لا بد أن يكون مقارنا لشيء من الحوادث، أو ممكنا أن يقارنه شيء من الحوادث.
وعلى التقديرين يمتنع أن يكون قديما مع الله [تعالى] (5) ؛ لأن القديم لا يكون إلا عن موجب تام مستلزم لموجبه، وثبوت هذا في الأزل يقتضي أنه لا يحدث عنه شيء، والحوادث لا تحدث إلا عنه، فلا يكون موجبا أزليا
(1) ب: تحققه.
(2) إن: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) بها: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ن، م: وهذا القول فيما يقدر.
(5) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
******************************
إلا إذا حدث عنه شيء، ولكن فاعل العالم يمتنع أن لا يحدث عنه شيء، فيمتنع أن يكون موجبا بالذات في الأزل.
[الأقوال المختلفة في إرادة الله تعالى]
وإذا قيل: هو مريد بإرادة أزلية مقارنة لمرادها الذي هو العالم، أو يتأخر (1) عنها مرادها الذي هو حوادثه، كان القول كذلك، فإنه إذا لم يكن له [إلا] (2) إرادة أزلية مقارنة لمرادها (3) ، امتنع أن تحدث عنه الحوادث، لكنه يمتنع أن لا تحدث عنه الحوادث، فيمتنع أن لا يكون له [إلا] (4) إرادة أزلية مقارنة لمرادها، مع أن الإرادة لمفعولات لازمة للفاعل غير معقول (5) ، بل إنما يعقل في حق الفاعل بإراداته أن يفعل (6) شيئا بعد شيء،
ولهذا لم يقل أحد: إن الرب (7) يتكلم بمشيئته وقدرته، وإن الكلام المقدور المعين قديم لازم لذاته، فإذا لم يعقل هذا في المقدور القائم به، فكيف يعقل في المباين له؟ .
وإذا قيل: له إرادة أزلية مقارنة للمراد، وإرادة أخرى حادثة [مع الحوادث] (8) .
قيل: فحدوث هذه الإرادة الحادثة: إن كان بتلك الإرادة الأزلية التي يجب مقارنة مرادها لها، كان ذلك ممتنعا؛ لأن الثانية حادثة، فيمتنع أن
(1) ن: ومتأخر؛ م: أو متأخر.
(2) إلا: ساقطة من (ن) فقط.
(3) لمرادها: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) إلا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ا، ن، م: غير مفعول. والمثبت من (ب) وهو الصواب.
(6) عبارة " أن يفعل " ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ن: إن الرجل، وهو تحريف.
(8) عبارة " مع الحوادث " ساقطة من (ن) ، (م) .
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (55)
صـ 382 إلى صـ 388
تكون مقارنة للقديمة التي قارنها (1) مرادها.
وإن كان بدون تلك الإرادة، لزم حدوث الحوادث بدون إرادته، وهذا يقتضي جواز حدوث الحوادث بدون إرادته، فلا يكون فاعلا مختارا، فإن الإرادة الحادثة إن كانت فعله فقد حدثت بغير إرادة، وإن لم تكن فعله كان قد حدث حادث بلا فعله، وهذا ممتنع، وهو مما أنكره جماهير الناس على المعتزلة البصريين في قولهم بحدوث إرادة الله بدون إرادة أخرى، وبقيام إرادته (2) لا في محل.
وإن قيل: بل لم تزل تقوم به الإرادات للحوادث، كما يقول ذلك من يقوله من أهل الحديث والفلاسفة الذين يقولون: لم يزل يتكلم إذا شاء، ولم يزل فعالا لما يشاء.
قيل: فعلى هذا التقدير ليس هنا إرادة قديمة لمفعول قديم.
وإن قيل: يجتمع فيه هذا وهذا.
قيل: فهذا ممتنع من جهة امتناع كون المفعول المعين للفاعل - لا سيما المختار - ملازما له، ومن جهة كون المفعول بالإرادة لا بد وأن تتقدمه الإرادة، وأن تثبت إلى أن يوجد، [بل] (3) هذا في كل مفعول، ومن جهة أن ما قامت به الإرادات المتعاقبة كانت مراداته أيضا متعاقبة، وكذلك أفعاله القائمة بنفسه، وكانت تلك (4) الإرادات من لوازم نفسه،
(1) ن، م: فارقها.
(2) ن، م: إرادة.
(3) بل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن (فقط) : بتلك.
****************************** *
لم يجز أن تكون (1) مرادة لإرادة قديمة؛ لأنها إن كانت ملزومة لمرادها، لزم كون الحادث المعين في الأزل، وإن كان مرادها متأخرا عنها، كانت تلك الإرادة كافية في حصول المرادات المتأخرة، فلم يكن هناك ما يقتضي وجودها فلا [توجد] (2) ؛ إذ الحادث لا يوجد إلا لوجود مقتضيه التام.
فإن قدر أن الفاعل يريد شيئا بعد شيء، ويفعل شيئا بعد شيء، لزم أن يكون هذا من لوازم نفسه، فتكون (3) نفسه مقتضية لحدوث أفعاله شيئا بعد شيء، فتكون (4) مفعولاته شيئا بعد شيء بطريق الأولى [والأحرى] (5) .
وإذا كان كذلك، كانت نفسه مقتضية لحدوث كل من هذه الأفعال والمفعولات، وإذا كانت نفسه مقتضية لذلك، امتنع مع ذلك أن تكون مقتضية لقدم فعل ومفعول مع إرادتهما المستلزمة لهما، فإن ذاته تكون مقتضية لأمرين متناقضين؛ لأن اقتضاءها (6) حدوث أفراد الفعل والمفعول (7) وقدم النوع مناقض (8) لاقتضائها قدم (9) عين الفعل والمفعول (10) .
(1) في جميع النسخ: يكون، والصواب ما أثبته.
(2) توجد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن (فقط) : فكون، وهو تحريف.
(4) ن (فقط) : فكون، وهو تحريف.
(5) والأحرى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(6) ا، ب: لاقتضائها.
(7) ن، م: حدوث أفعال فراد الفعل والمفعول، وهو تحريف.
(8) ا، ب: متناقض.
(9) ن، م: عدم.
(10) ن، م: والمفعولات.
**************************
وإن قدر أن هذا المفعول غير تلك المفعولات، فإنه ملزوم لها لا يوجد بدونها ولا توجد إلا به، فهما متلازمان، وإذا تلازمت المفعولات، فتلازم أفعالها وإرادتها أولى،
فيكون كل من القدماء الثلاثة: الإرادة المعينة (1) ، وفعلها، ومفعولها، ملزوما لحوادث لا نهاية لها لازما (2) .
وحينئذ فالذات في فعلها للمفعول المعين علة تامة أزلية موجبة له، وهي في سائر الحوادث ليست علة أزلية تحدث فاعليتها وتمام إيجابها شيئا بعد شيء.
والذات موصوفة بغاية الكمال الممكن، فإن كان كمالها في أن يكون ما فيها بالقوة هو بالفعل، من غير اعتبار إمكان ذلك، ولا كون (3) دوام الإحداث هو أكمل من أن لا يحدث عنها شيء - كما قد يقوله هؤلاء الفلاسفة - فيجب أن لا يحدث عنها شيء (* أصلا، ولا يكون في الوجود حادث. وإن كان كمالها في أن تحدث شيئا *) (4) بعد شيء؛ لأن ذلك أكمل من أن [لا] (5) يمكنها إحداث شيء بعد شيء، ولأن الفعل صفة كمال، والفعل لا يعقل إلا على هذا الوجه، ولأن حدوث الحوادث دائما أكمل من أن لا يحدث شيء، ولأن هذا الذي بالقوة هو جنس الفعل، وهذا بالفعل دائما.وأما كون كل من المفعولات أو شيء من المفعولات أزليا فهذا ليس
(1) ن، م: العينية.
(2) لازما: ساقطة من (ب) فقط.
(3) ن، م: ولا يكون.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(5) لا: ساقطة من (ن) فقط.
******************************
بالقوة، فيمتنع أن يكون بالفعل، فليس في مقارنة مفعولها المعين لها كمال، سواء كان ممتنعا أو كان نقصا ينافي الكمال الواجب لها، لا سيما ومعلوم أن إحداث نوع المفعولات شيئا بعد شيء أكمل من أن يكون منها ما هو مقارن الفاعل (1) أزليا معه (2) .
فعلى التقديرين يجب نفيه عنها، فلا يكون له (3) مفعول مقارن لها، فلا يكون في العالم شيء قديم، وهو المطلوب. وهذا برهان مستقل متلقى (4) من قاعدة الكمال الواجب له وتنزهه (5) عن النقص.
ومما يوضح ذلك أن يقال: من المعلوم بالضرورة أن إحداث مفعول بعد مفعول لا إلى نهاية أكمل من أن لا يفعل إلا مفعولا واحدا لازما لذاته، إن قدر ذلك ممكنا. وإذا كان ذلك أكمل فهو ممكن (6) ؛ لأن التقدير أن الذات يمكنها أن تفعل شيئا بعد شيء، بل يجب ذلك لها، وإذا كان هذا ممكنا - بل هو واجب لها - وجب اتصافها به دون نقيضه الذي هو أنقض منه، وليس في هذا تعطيل عن الفعل، بل هو اتصاف بالفعل على أكمل الوجوه.
وبيان هذا أن الفعل المعين، والمفعول المعين المقارن له أزلا وأبدا، إما أن يكون ممكنا، وإما أن يكون ممتنعا. فإن كان ممتنعا، امتنع قدم
(1) الفاعل: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: من أن يكون منها ما هو مقارن أزلي معه.
(3) ن، م: لها.
(4) ن: ينافي، وهو تحريف.
(5) ا، ب: وتنزيهه.
(6) ن، م: وإن كان ذلك أكمل وهو ممكن؛ ا: وإذا كان ذلك أكمل وهو ممكن.
****************************** *
شيء من العالم، وهو المطلوب. وإن كان ممكنا، فإما أن يكون هو الأكمل أو لا يكون.
فإن كان هو الأكمل، وجب أن لا يحدث شيء.
وإحداثه حينئذ عدول عن الأكمل، وهو محال. وإن لم يكن هو الأكمل، فالأكمل نقيضه، وهو إحداث شيء بعد شيء، فلا يكون شيء من الأفعال قديما.
وهذا لا يرد عليه إلا سؤالا معلوم الفساد، وهو أن يقال: ما كان يمكن إلا هذا، فلا يمكن في الفلك أن يتأخر وجوده، ولا في الحوادث أن يكون منها شيء قديم.
قيل: إن أردتم امتناع هذا لذاته فهو مكابرة، فإنه لو قدر قبل الفلك فلك، وقبله فلك، لم يكن امتناع هذا بأعظم من امتناع دوام الفلك، بل إذا كان الواحد من النوع يمكن دوامه، فدوام النوع أولى.
ولهذا لا يعقل (1) أن يكون واحد من البشر قديما أزليا، مع امتناع قدم نوعه واحدا بعد واحد.
وإن قدرتم أنه ممتنع لأمر يرجع إلى غيره: لوجود مضاد له، أو لانتفاء حكمة الفاعل، ونحو ذلك، فكل أمر ينافي قدم نوع المفعول، فهو أشد منافاة لقدم عينه.
فإن جاز قدم عينه، فقدم النوع من حدوث الأفراد أجوز، وإن امتنع هذا الثاني، فالأول أشد امتناعا، وكل شيء أوجب حدوث أفراد بعض المفعولات الممكن قدمها، فهو أيضا موجب لحدوث نظيره.
وهب أنهم يقولون: الحركة لذاتها لا تقبل البقاء، لكن الحوادث جواهر كثيرة شيئا بعد شيء، فالعناصر الأربعة إن أمكن أن تكون قديمة
(1) ن (فقط) : ولا يعقل.
*****************************
الأعيان، أمكن إبقاؤها (1) قديمة الصورة، فلا يجوز استحالتها من حال إلى حال، وهو خلاف المشاهدة، وإن لم يمكن قدم أعيانها حصل المطلوب.وإن قيل: هذا ممكن دون هذا، كان مكابرة.وإن قيل: الموجب لاستحالتها حركة الأفلاك.قيل: من المعلوم بالاضطرار إمكان تحرك الأفلاك (2) دون استحالة العناصر، كما أمكن تحرك الفلك الأعلى دون استحالة الثاني. وتقدير استحالة الفلك الثاني والثالث وبقائهما (3) ، كتقدير استحالة العناصر وبقائها، لا يمكن أن يقال: هذا ممكن لذاته (4) دون الآخر. فعلم أن ذلك يرجع إلى أمر خارج يتعلق بالمفعولات المتعلقة بمشيئة الفاعل وحكمته.وهذا لا ريب فيه، فإننا لا ننازع أن فعل الشيء يوجب (5) فعل لوازمه، وينافي وجود أضداده، وأن الحكمة المطلوبة من فعل شيء، قد يكون لها شروط وموانع. فالخالق الذي اقتضت حكمته إحداث أنواع الحيوانات والنباتات والمعادن، اقتضت أن تنقل موادها (6) من حال إلى حال. ولكن المقصود أنه ليس لأحد الجسمين حقيقة اقتضت
(1) ب (فقط) : بقاؤها.
(2) ا، ب: الفلك.
(3) ن، م، ا: وبقاؤها؛ ب: وبقاؤهما: ولعل الصواب ما أثبته.
(4) ن (فقط) : لذاتها.
(5) ن، م: موجب.
(6) ن، م: مواردها.
****************************** ****
اختصاصه بالقدم بحسب ذاته دون الأخرى، لا سيما ولا حقيقة لوجود شيء سوى الموجود الثابت في الخارج، فلا اقتضاء لحقيقته قبل وجود حقيقته، ولكن الباري [تعالى] (1) يعلم ما يريد أن يفعله، فعلمه وإرادته هو الذي يوجب الاختصاص.
فقد تبين أنه إذا كان مقارنة المفعول المعين للفاعل أزلا وأبدا ممتنعا أو نقصا، امتنع قدم شيء من العالم، فكيف إذا كان كل منهما ثابتا هو ممتنع، ومع تقدير إمكانه فهو نقص؟ فإن قدم نوعه أكمل من قدم عينه، وهو أولى بالإمكان منه.
فإذا كان أولى بالإمكان وهو أكمل، امتنع أن يكون نقيضه هو الممكن، وإذا امتنع ذلك امتنع قدم شيء من العالم.
وعلى هذا فكل ما يذكرونه من دوام فاعلية الرب هو حجة عليهم، فإن فاعلية النوع أكمل من فاعلية الشخص، وهو الذي يشهد به [الشخص] (2) قطعا وحسا، فإنا نشهد بفاعلية نوع شيئا بعد شيء، فإن كان دوام الفاعلية ممكنا، فهذا ممكن لوجوده، ولسنا نعلم دوام الفاعلية لشيء معين، فلا يلزم من علمنا بدوام الفاعلية، دوام شيء معين أصلا.
ودوام النوع يقتضي حدوث أفراده، فكل ما سوى الله حادث بعد أن لم يكن، وهو المطلوب، فتبين أن القول بمقارنة مراده له (3) في الأزل ممتنع، يمنع صدور الحوادث عنه.
وهذا لا يحتاج فيه إلى أن يقال: الإرادة الحادثة لا يقارنها مرادها،
(1) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) الشخص: ساقط من (ن) ، (م) .
(3) له: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************** ****
بل يمكن أن يقال مع ذلك: [إن] (1) الإرادة الحادثة يقارنها مرادها، كما يقولون: إن القدرة الحادثة يقارنها مقدورها، وإن كان من الناس من ينازع في ذلك.
[التقديرات الثلاثة في مقارنة المراد للإرادة]والمقصود هنا: أنه إذا قيل بأن الإرادة يجب أن يقارنها مرادها (2) ، كان [ذلك] (3) دليلا على حدوث كل ما سوى الله.
وإن قيل: يجوز أن يقارنها مرادها ويجوز أن لا يقارنها، أو قيل: يمتنع مقارنة مرادها لها، فعلى التقديرات الثلاثة يجب حدوث كل ما سوى الله.أما (4) على تقدير وجوب مقارنة المراد للإرادة، فلأنه إن كانت الإرادة أزلية، لزم أن يكون جميع المرادات أزلية، فلا يحدث شيء، وهو خلاف الحس والعيان.
وهذا مثل قولنا: لو كان موجبا بذاته أزليا (5) ، أو علة تامة لمعلوله، لزم أن يكون جميع موجبه ومعلوله مقارنا له أزليا، فيمتنع حدوث شيء عنه.
وإن كان هناك إرادة حادثة، فإن الكلام (6) فيها كالكلام في غيرها من الحوادث: إن حدثت عن تلك الإرادة الأزلية التي يجب مقارنة مرادها لها كان ممتنعا، وإن حدثت بلا إرادة ولا سبب حادث كان ذلك ممتنعا.
فتبين أنه على القول بوجوب مقارنة المراد للإرادة يمتنع قدم شيء من
(1) إن: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب:. . الإرادة لا يجب أن يقارنها مرادها، وهو خطأ؛ م: الإرادة يجوز أن يقارنها مرادها وهو خطأ أيضا.
(3) ذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: وأما.
(5) ن، م: أزلية.
(6) ن، م: حادثة فالكلام.
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (56)
صـ 389 إلى صـ 395
العالم، سواء قيل بقدم الإرادة أو حدوثها، أو قدم شيء منها وحدوث شيء آخر.
وإن قيل بأن المراد يجوز مقارنته للإرادة ويجوز تأخره عنها، فإنه على هذا التقدير يجوز حدوث جميع (1) العالم بإرادة قديمة أزلية من غير تجدد شيء، كما تقول ذلك الكلابية ومن وافقهم من الأشعرية والكرامية والفقهاء المنسوبين إلى الأئمة الأربعة وغيرهم. وعلى هذا التقدير فإنه يجوز حدوث الحوادث بلا سبب حادث، وترجيح أحد المتماثلين على الآخر بمجرد الإرادة القديمة، وعلى هذا التقدير فإنه يبطل حجة القائلين بقدم العالم.وهؤلاء إنما قالوا هذا لاعتقادهم بطلان التسلسل في الآثار وامتناع حوادث لا أول لها.
فإن كان ما قالوه حقا، وأنه يمتنع حوادث لا أول لها، لزم حينئذ حدوث العالم، وامتنع القول بقدمه؛ لأنه لا يخلو شيء منه عن مقارنة شيء من الحوادث.
حتى العقول والنفوس عند من يقول بإثباتها، فإنها عندهم لا بد أن تقارن الحوادث، فإذا امتنع حوادث لا أول لها، كان ما لم يسبق الحوادث بمنزلتها، يمتنع قدمه كما يمتنع قدمها.
وإن كان ما قاله هؤلاء باطلا، أمكن دوام الحوادث، وعلى هذا التقدير فيجوز مقارنة المراد للإرادة (2) في الأزل، ويمتنع حدوث شيء إلا بسبب حادث، وحينئذ فيمتنع كون شيء (3) من العالم أزليا، وإن جاز أن
(1) جميع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ن (فقط) : للإرادات.
(3) ا، م: الشيء.
*************************
يكون نوع الحوادث دائما لم يزل، فإن الأزل ليس هو عبارة عن شيء محدد، بل ما من وقت يقدر إلا وقبله وقت آخر، فلا يلزم من دوام النوع قدم شيء بعينه.
وإنما قيل: يمتنع قدم شيء بعينه؛ لأنه إذا جاز أن يقارنها المراد في الأزل، وجب أن يقارنها المراد؛ لأن الإرادة التي يجوز مقارنة مرادها لها لا يتخلف عنها مرادها (1) إلا لنقص في القدرة، وإلا فإذا كانت القدرة تامة، والإرادة التي يمكن مقارنة مرادها لها حاصلة، لزم حصول المراد لوجود المقتضى التام للفعل، إذ لو لم يلزم (2) مع كون المراد ممكنا، لكان حصوله بعد ذلك يستلزم ترجيح أحد المتماثلين على الآخر بدون مرجح.
وهو باطل على هذا التقدير.ولهذا كان الذين يقولون بامتناع شيء من الحوادث في الأزل،
يقولون: إن حصول شيء من الإرادات (3) في الأزل ممتنع، لا يقولون بأنه ممكن، وأنه يمكن مقارنة مراده له.
لكن أورد الناس عليهم أنه إذا كان نسبة جميع الأوقات والحوادث إلى الإرادة الأزلية نسبة واحدة، فترجيح أحد الوقتين - أو ما يقدر (4) فيه الوقت بالحدوث - ترجيح بلا مرجح، وتخصيص لأحد المتماثلين بلا مخصص.
(1) ن: مرادها عنها؛ م: مرادها لها، وهو تحريف.
(2) ن، م: لو لم يكن.
(3) ا، ب: المرادات.
(4) ن، م: أما يقدر.
****************************
وهذا الكلام لا يقدح في مقصودنا هنا، فإنا لم ننصر (1) هذا القول، ولكن بينا امتناع قدم شيء من العالم على كل تقدير، وأن دوام الحوادث سواء كان ممكنا أو ممتنعا، فإنه يجب حدوث كل شيء من العالم على التقديرين (2) ، وأن الإرادة سواء قيل بوجوب مقارنة مرادها لها أو بجواز تأخره عنها، يلزم حدوث كل شيء من العالم على كل من التقديرين (3) .
فإن القائلين بتأخر مرادها، إنما قالوا ذلك فرارا من القول بدوام الحوادث ووجود حوادث لا أول لها. وعلى هذا التقدير فيلزم حدوث العالم، وإلا فلو جاز دوام الحوادث، لجاز عندهم وجود المراد في الأزل، ولو جاز ذلك لم يقولوا بتأخر المراد عن الإرادة القديمة الأزلية، مع ما في ذلك من ترجيح أحد المتماثلين على الآخر [بلا مرجح] (4) وما في ذلك من الشناعة عليهم، ونسبة كثير من العقلاء إلى أنهم خالفوا صريح المعقول.فإنهم إنما صاروا إلى هذا القول (5) ؛ لاعتقادهم امتناع حوادث لا أول لها، فاحتاجوا لذلك أن يثبتوا إرادة قديمة أزلية يتأخر عنها المراد، ويحدث بعد ذلك من غير سبب حادث، واحتاجوا أن يقولوا: إن نفس الإرادة تخصص أحد المتماثلين على الآخر.
وإلا فلو اعتقدوا جواز دوام الحوادث وتسلسلها، لأمكن أن يقولوا بأنه
(1) ا، ب: فإنا لم ننص، وهو خطأ؛ ن، م: فإنا ننصر. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(2) ن، م: على التقدير.
(3) ن: على كلا التقديرين؛ م: على كل التقديرين.
(4) بلا مرجح: زيادة في (م) .
(5) القول: ساقطة من (ا) ، (ب) .
**************************
تحدث الإرادات والمرادات، ويقولون بجواز قيام الحوادث بالقديم،
ولرجعوا عن قوله: (* بأن (1) نفس الإرادة القديمة تخصص أحد المثلين في المستقبل، وعن قولهم *) (2) بحدوث الحوادث بلا سبب حادث، وكانوا على هذا التقدير لا يقولون بقدم شيء من العالم،
بل يقولون: إن كل ما سوى الله فإنه حادث كائن (3) بعد أن لم يكن.
وكان هذا لازما على هذا التقدير؛ لأنه حينئذ إذا لم يجز حدوث شيء من الحوادث إلا بسبب [حادث] (4) ، ولم يترجح أحد الوقتين بحدوث شيء فيه إلا بمرجح يقتضي ذلك، لا يكون تأخر المراد عن الإرادة إلا لتعذر المراد، [إذ] (5) لو كان [المراد] (6) ممكنا أن يقارن الإرادة وممكنا أن يتأخر عنها، لكان تخصيص أحد الزمانين بالإحداث تخصيصا بلا مخصص.
فعلم أنه يجب أحد الأمرين على هذا التقدير: وجوب (7) مقارنة المراد للإرادة أو امتناعه (8) ، وأنه يجب مقارنته للإرادة إذا كان ممكنا، وأنه لا يتأخر إلا لتعذر مقارنته: إما (9) لامتناعه في نفسه، وإما لامتناع لوازمه.
(1) ب (فقط) : إن.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) كائن: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) حادث: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) إذ: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) المراد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ا، ب: ووجوب، وهو خطأ.
(8) ن، م، ب: وامتناعه.
(9) ن، م: وإما.
************************
وامتناع اللازم يقتضي امتناع الملزوم، لكن يكون امتناعه لغيره لا لنفسه.
كما يقول المسلمون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فما شاء [الله] وجب (1) كونه بمشيئته لا بنفسه، وما لم يشأ يمتنع كونه لا بنفسه بل لأنه لا يكون إلا بمشيئته، فإذا لم يشأ امتنع كونه.
وإذا كان على هذا التقدير أحد الأمرين لازما: إما مقارنة المراد [للإرادة] (2) ، وإما امتناعه لنفسه أو لغيره، دل ذلك على أنه لو كان شيء من العالم يمكن أن يكون قديما لوجب (3 أن يكون قديما لوجوب 3) (3) مقارنته له في الأزل. إذ التقدير أنه لا بد من وجوب المقارنة أو امتناع المراد، فإن كان المراد ممكنا في الأزل لزم وجوب المقارنة (4) ، لكن وجوب المقارنة ممتنع؛ لأن ذلك يستلزم أن لا يحدث شيء من الحوادث كما تقدم،
فلزم القسم الآخر: وهو امتناع شيء من المراد المعين في الأزل، وهو المطلوب.
فأما إذا قيل بأنه يجب تأخر المراد عن الإرادة - كما يقول [ذلك] كثير (5) من أهل الكلام - فبتقدير كونه مريدا يمتنع قدم شيء من العالم، وهو المطلوب.
فتبين حدوث كل ما سوى الله على كل تقدير، وهو المطلوبواعلم أن من فهم هذه الطريق (6) استفاد بها أمورا:
(1) ن، م: فما شاء وجب. .
(2) للإرادة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) (3 - 3) : ساقط من (ا) ، (ب) .
(4) ا: في الأزل وجب المقارنة؛ ب: في الأزل وجبت المقارنة.
(5) ن، م: كما يقوله كثير.
(6) ن: هذه الطريقة؛ ا: هذا الطريق.
****************************** **
أحدها: ثبوت حدوث كل ما سوى الله، حتى إذا قدر أن هناك موجودا سوى الأجسام - كما يقول من يثبت العقول والنفوس من المتفلسفة والمتكلمة:
إنها جواهر قائمة بأنفسها وليست أجساما - فإن هذه الطريق (1) يعلم بها حدوث ذلك.
وطائفة من متأخري أهل الكلام - كالشهرستاني (2) . والرازي والآمدي وغيرهم - قالوا: إن قدماء أهل الكلام لم يقيموا دليلا على نفي هذه، ودليلهم على حدوث الأجسام لا يتناول هذه.
وقد بين في غير هذا الموضع أن هؤلاء النظار - كأبي الهذيل والنظام (3) والهشامين (4) وابن كلاب وابن كرام والأشعري والقاضي أبي بكر (5) [وأبي المعالي]
(1) ن، م: هذه طريق.
(2) أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني، ولد سنة 479، وتوفي سنة 548. كان من أئمة الأشاعرة وله اطلاع واسع على الفلسفة والمقالات المختلفة، ومن أشهر كتبه: كتاب " الملل والنحل "، وكتاب: " نهاية الأقدام في علم الكلام ". ترجمته في: طبقات الشافعية 6/128 - 130؛ وفيات الأعيان 3/403 - 404؛ الأعلام 7/83 84. وانظر: ياقوت: معجم البلدان، مادة شهرستان.
(3) إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري، ويعرف بالنظام، توفي سنة 231 وقيل: سنة 221 على روايتين، ويعد أعظم شيوخ المعتزلة، وهو رأس الفرقة النظامية. انظر ترجمته والكلام على مذهبه وفرقته في كتاب: " إبراهيم بن سيار النظام " تأليف الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريده، القاهرة 1365/1946؛ الفرق بين الفرق، ص 79 - 91؛ الملل والنحل 1/56 - 61؛ تاريخ بغداد 6/97؛ أمالي المرتضى 1/132؛ خطط المقريزي 1/346؛ اللباب في تهذيب الأنساب 2/230، الأعلام 1/36.
(4) ن: والهشاميين. والمقصود بالهشامين: هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي وسبق الكلام عنهما (ص 71 ت [0 - 9] ، 4) .
(5) محمد بن الطيب بن محمد أبو بكر القاضي المعروف بابن الباقلاني، أو الباقلاني، ولد بالبصرة في الربع الأخير من القرن الرابع، وعاش في بغداد، وتوفي بها سنة 403، وهو يعد أعظم الأشاعرة بعد الأشعري، وقد ألف كتبا كثيرة نقد فيها الفلسفة والمنطق والملل المختلفة. ومن أهمها كتاب " الدقائق " وهو مفقود. ترجمته في: شذرات الذهب 3/160 - 170؛ تبيين كذب المفترى، ص 217 - 226؛ وفيات الأعيان 4/400 - 401؛ تاريخ بغداد 5/379 - 383؛ الأعلام 7/46.
***************************
(1) وأبي علي (2) وأبي هاشم وأبي الحسين البصري (3) وأبي بكر بن العربي (4) وأبي الحسن التميمي والقاضي أبي يعلى و [أبي الوفاء] بن عقيل
(1) وأبي المعالي: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، ويلقب بإمام الحرمين. ولد بنيسابور سنة 419، وتوفي بها سنة 478، بعد أن تولى التدريس بالمدرسة النظامية مدة ثلاثين عاما. وهو من أعظم أئمة الأشاعرة، وقد تتلمذ عليه الغزالي. ترجمته في: شذرات الذهب 3/358 - 362؛ تبيين كذب المفترى، ص 278 - 285؛ طبقات الشافعية 5/165 - 222؛ وفيات الأعيان 2/341 - 343؛ الأعلام 4/306.
(2) أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي المصري والد أبي هاشم الجبائي (سبق الكلام عنه: ص [0 - 9] 78 ت [0 - 9] ) . والفرقة التي تنسب إليه هي فرقة الجبائية من فرق المعتزلة بالبصرة، وقد ولد سنة 235، وتوفي سنة 303. انظر ترجمته والكلام على مذهبه في: ابن المرتضى: المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل، ص [0 - 9] 5 - 48، حيدر آباد، 1316؛ شذرات الذهب 2/241؛ طبقات الشافعية 3/418؛ الفرق بين الفرق، ص 110 - 111؛ الملل والنحل 118 - 129؛ لسان الميزان 5/271؛ وفيات الأعيان 3/398 - 399، اللباب 1/208؛ الأعلام 7/136؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 4/31 - 32.
(3) أبو الحسين محمد بن علي الطيب البصري، من متأخري المعتزلة، توفي سنة 436. وانظر ترجمته والكلام على مذهبه في: شذرات الذهب 3/259؛ وفيات الأعيان 3/401 - 402؛ الملل والنحل 1/130 - 131؛ تاريخ بغداد 3/100؛ لسان الميزان 5/598؛ نهاية الإقدام ص 151، 175، 177، 221، 257.
(4) وأبي بكر بن العربي: جاءت في (ن) ، (م) في آخر الأسماء الواردة وهو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن العربي المعافري، ولد سنة 486، وتوفي سنة 543؛ وهو من أئمة المالكية بالأندلس. ترجمته في: وفيات الأعيان 3/423 - 424. وانظر مقدمة " العواصم من القواصم " بقلم الأستاذ: محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية، القاهرة، 1371؛ نفح الطيب 2/415 - 416؛ الأعلام 7/106.
**************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (57)
صـ 396 إلى صـ 402
وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الزَّاغُونِيِّ (1) وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ (2) - يُثْبِتُونَ (3) امْتِنَاعَ وُجُودِ (4) مَوْجُودٍ مُمْكِنٍ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ لَا يُشَارُ إِلَيْهِ، فَبَيَّنُوا بُطْلَانَ ثُبُوتِ تِلْكَ الْمُجَرَّدَاتِ فِي الْخَارِجِ، لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ أَبْطَلَ ثُبُوتَ مَا لَا يُشَارُ إِلَيْهِ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْطَلَ ذَلِكَ فِي الْمُمْكِنَاتِ.
وَمِمَّا يُسْتَفَادُ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ الَّتِي قَرَّرْنَاهَا: الْخَلَاصُ عَنْ إِثْبَاتِ الْحُدُوثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، وَالْخَلَاصُ عَنْ نَفْيِ مَا يَقُومُ بِذَاتِ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ.
وَمِمَّا يُسْتَفَادُ بِذَلِكَ: أَنَّهَا بُرْهَانٌ بَاهِرٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ الْجَوَابَ (5) عَنْ عُمْدَتِهِمْ.
وَمِمَّا يُسْتَفَادُ بِذَلِكَ: الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُوجِبِ بِالذَّاتِ وَالْفَاعِلِ بِالِاخْتِيَارِ . وَذَلِكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ غَلِطُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا، مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ، وَصَارَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ كَالرَّازِيِّ وَأَمْثَالِهِ مُضْطَرِبِينَ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَتَارَةً يُوَافِقُونَ الْمُعْتَزِلَةَ عَلَى الْفَرْقِ وَتَارَةً يُخَالِفُونَهُم ْ. وَإِذَا خَالَفُوهُمْ فَهُمْ مُتَرَدِّدُونَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَبَيْنَ الْفَلَاسِفَةِ أَتْبَاعِ أَرِسْطُو.
وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ يَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، لَكِنْ هَلْ يَجِبُ وُجُودُ الْمَفْعُولِ عِنْدَ وُجُودِ الْإِرَادَةِ الْجَازِمَةِ وَالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ أَمْ لَا؟ .
_________
(1) ن، م: وَابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ.
(2) وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(3) ن: لَا يُثْبِتُوا؛ ا: يُثْبِتُوا.
(4) وُجُودِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(5) ن، م: وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْحَوَادِثِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
***********************
فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ نُفَاةِ الْقَدَرِ، أَنَّهُ يَجِبُ وُجُودُ الْمَفْعُولِ (1) عِنْدَ وُجُودِ الْمُقْتَضَى التَّامِّ، وَهُوَ الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ وَالْقُدْرَةُ التَّامَّةُ.
وَطَائِفَةٌ [أُخْرَى] (2) مِنْ مُثْبِتَةِ الْقَدَرِ: الْجَهْمِيَّةُ وَمُوَافِقِيهِم ْ، وَمِنْ نُفَاةِ الْقَدَرِ: الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ لَا تُوجِبُ (3) ذَلِكَ، بَلْ يَقُولُونَ: الْقَادِرُ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ، وَيَجْعَلُونَ هَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوجِبِ بِالذَّاتِ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ، كَالْجَائِعِ مَعَ الرَّغِيفَيْنِ وَالْهَارِبِ مَعَ الطَّرِيقَيْنِ.
ثُمَّ الْقَدَرِيَّةُ مِنْ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: الْعَبْدُ قَادِرٌ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ بِلَا مُرَجِّحٍ، كَمَا يَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الرَّبِّ. وَلِهَذَا كَانَ [مِنْ] (4) قَوْلِ هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْعِمْ عَلَى أَهْلِ الطَّاعَةِ بِنِعَمٍ (5) خَصَّهُمْ بِهَا حَتَّى أَطَاعُوهُ بِهَا (6) ، بَلْ تَمْكِينُهُ لِلْمُطِيعِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ؛ لَكِنَّ هَذَا رَجَّحَ الطَّاعَةَ بِلَا مُرَجِّحٍ، بَلْ بِمُجَرَّدِ قُدْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ أَوَجَبَ ذَلِكَ، وَهَذَا رَجَّحَ الْمَعْصِيَةَ بِمُجَرَّدِ قُدْرَتِهِ، مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ أَوْجَبَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْجَبْرِيَّةُ - كَجَهْمٍ وَأَصْحَابِهِ - فَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ أَلْبَتَّةَ.
_________
(1) ا، ب: الْفِعْلِ.
(2) أُخْرَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: لَا يُوجِبُ.
(4) مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) ن، م: بِنِعْمَةٍ.
(6) بِهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
****************************** *******
وَالْأَشْعَرِيّ ُ يُوَافِقُهُمْ فِي الْمَعْنَى فَيَقُولُ: لَيْسَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ (1) مُؤَثِّرَةٌ، وَيُثْبِتُ شَيْئًا يُسَمِّيهِ قُدْرَةً يَجْعَلُ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ، وَكَذَلِكَ الْكَسْبُ الَّذِي يُثْبِتُهُ.
وَهَؤُلَاءِ لَا (2) يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَحْتَجُّوا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ بِأَنَّ رُجْحَانَ فَاعِلِيَّةِ الْعَبْدِ عَلَى تَارِكِيَّتِهِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُرَجِّحٍ - كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الرَّازِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْجَبْرِيَّةِ - وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ الْأَشْعَرِيُّ وَقُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ هَذِهِ الْحُجَّةَ.
وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ - كَالرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ - إِذَا نَاظَرُوا الْمُعْتَزِلَةَ فِي مَسَائِلِ الْقَدَرِ أَبْطَلُوا هَذَا الْأَصْلَ، وَبَيَّنُوا (3) أَنَّ الْفِعْلَ يَجِبُ وُجُودُهُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُرَجِّحِ التَّامِّ، وَأَنَّهُ يُمْتَنَعُ فِعْلُهُ بِدُونِ الْمُرَجِّحِ التَّامِّ، وَنَصَرُوا (4) أَنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ لَا يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إِلَّا بِالْمُرَجِّحِ [التَّامِّ] (5) . وَإِذَا نَاظَرُوا الْفَلَاسِفَةَ فِي مَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ، وَإِبْطَالِ قَوْلِهِمْ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ، سَلَكُوا مَسْلَكَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّة ِ فِي الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَعَامَّةُ الَّذِينَ سَلَكُوا مَسْلَكَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَطِيبِ (6) وَأَمْثَالِهِ (7) تَجِدُهُمْ يَتَنَاقَضُونَ هَذَا التَّنَاقُضَ.
_________
(1) ن، م: لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ.
(2) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(3) ن، م: وَأَثْبَتُوا.
(4) ا: وَيَنْصُرُوا؛ ب: وَيَنْصُرُونَ.
(5) ن، م: إِلَّا بِمُرَجِّحٍ.
(6) ن، م: ابْنِ الْخَطِيبِ. وَهُوَ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ، وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ (ص 168 ت [0 - 9] ) .
(7) ن، م: وَأَمْثَالِهِمْ
****************************** ********
وَفَصْلُ الْخِطَابِ أَنْ يُقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ يُرَادُ بِلَفْظِ الْمُوجِبِ بِالذَّاتِ؟ إِنْ عُنِيَ [بِهِ] (1) أَنَّهُ يُوجِبُ بِذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ عَنِ الْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَةِ، فَهَذِهِ الذَّاتُ لَا حَقِيقَةَ لَهَا وَلَا ثُبُوتَ فِي الْخَارِجِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ مُوجِبَةً.
وَالْفَلَاسِفَة ُ يَتَنَاقَضُونَ، فَإِنَّهُمْ يُثْبِتُونَ لِلْأَوَّلِ غَايَةً، وَيُثْبِتُونَ الْعِلَلَ الْغَائِيَّةَ فِي إِبْدَاعِهِ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ الْإِرَادَةَ.
وَإِذَا فَسَّرُوا الْغَايَةَ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ، وَجَعَلُوا الْعِلْمَ مُجَرَّدَ الذَّاتِ، كَانَ هَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالتَّنَاقُضِ، فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْإِرَادَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ الْعِلْمِ، وَأَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ هُوَ مُجَرَّدُ (2) الْعَالَمِ، لَكِنَّ هَذَا مِنْ تَنَاقُضِ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الْمَعَانِيَ الْمُتَعَدِّدَة َ مَعْنًى وَاحِدًا (3) ، فَيَجْعَلُونَ الْعِلْمَ هُوَ الْقُدْرَةُ وَهُوَ الْإِرَادَةُ، وَيَجْعَلُونَ الصِّفَةَ هِيَ نَفْسُ الْمَوْصُوفِ، كَمَا يَجْعَلُونَ الْعِلْمَ هُوَ [نَفْسُ] (4) الْعَالِمِ، وَالْقَادِرَ هُوَ الْقُدْرَةُ، وَالْإِرَادَةَ هِيَ الْمُرِيدُ، وَالْعِشْقَ هُوَ الْعَاشِقُ.
وَهَذَا قَدْ صَرَّحَ بِهِ فُضَلَاؤُهُمْ - وَحَتَّى الْمُنْتَصِرُون َ لَهُمْ - مِثْلُ ابْنِ رُشْدٍ الْحَفِيدِ، الَّذِي رَدَّ عَلَى [أَبِي حَامِدٍ] الْغَزَالِيِّ (5) فِي " تَهَافُتِ التَّهَافُتِ (6) " وَأَمْثَالِهِ.
وَأَيْضًا: فَلَوْ قُدِّرَ وُجُودُ ذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ عَنِ الْمَشِيئَةِ وَالِاخْتِيَارِ ، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ الْعَالَمُ صَادِرًا عَنْ مُوجِبٍ بِالذَّاتِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ
_________
(1) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(2) مُجَرَّدُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(3) ن، م: فِي مَعْنًى وَاحِدٍ.
(4) نَفْسُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) ن، م: عَلَى الْغَزَالِيِّ.
(6) ا، ب: تَهَافُتِ الْفَلَاسِفَةُ.
****************************** ********
بِالذَّاتِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَسْتَلْزِمُ مُوجِبَهُ وَمُقْتَضَاهُ، فَلَوْ كَانَ مُبْدِعُ الْعَالَمِ مُوجِبًا بِالذَّاتِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ، لَزِمَ أَنْ لَا يَحْدُثَ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُشَاهَدَةِ. فَقَوْلُهُمْ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ صِفَاتِهِ وَنَفْيَ أَفْعَالِهِ وَنَفْيَ حُدُوثِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعْلُومُ الْبُطْلَانِ.
وَأَبْطَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ وَاحِدًا بَسِيطًا، وَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ، ثُمَّ احْتَالُوا فِي صُدُورِ الْكَثْرَةِ عَنْهُ بِحِيَلٍ تَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ (1) حَيْرَتِهِمْ وَجَهْلِهِمْ بِهَذَا الْبَابِ، كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ الصَّادِرَ الْأَوَّلَ هُوَ الْعَقْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَاجِبٌ بِغَيْرِهِ، مُمْكِنٌ بِنَفْسِهِ، فَفِيهِ ثَلَاثُ جِهَاتٍ، فَصَدَرَ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ وُجُوبِهِ عَقْلٌ آخَرُ، وَبِاعْتِبَارِ وَجُودِهِ نَفْسٌ، وَبِاعْتِبَارِ إِمْكَانِهِ [فَلَكٌ. وَرُبَّمَا قَالُوا: وَبِاعْتِبَارِ وَجُودِهِ صُورَةُ الْفَلَكِ، وَبِاعْتِبَارِ إِمْكَانِهِ] (2) مَادَّتُهُ. وَهُمْ مُتَنَازِعُونَ فِي النَّفْسِ الْفَلَكِيَّةِ: هَلْ هِيَ جَوْهَرٌ مُفَارِقٌ لَهُ، [أَمْ] (3) عَرَضٌ قَائِمٌ بِهِ (4) ؟ .
وَلِهَذَا أَطْنَبَ النَّاسُ فِي بَيَانِ فَسَادِ كَلَامِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ الَّذِي فَرَضُوهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ. ثُمَّ قَوْلُهُمْ: الْوَاحِدُ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ، وَهُمْ لَوْ عَلِمُوا ثُبُوتَهَا فِي [بَعْضِ] (5) الصُّوَرِ، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ تَكُونَ كُلِّيَّةً إِلَّا بِقِيَاسِ التَّمْثِيلِ، فَكَيْفَ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَاحِدًا صَدَرَ عَنْهُ شَيْءٌ؟ .
_________
(1) ا، ب: عِظَمِ.
(2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) أَمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) ا، ب: هَلْ هِيَ جَوْهَرٌ مُفَارِقٌ أَمْ عَرَضٌ قَائِمٌ.
(5) بَعْضِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
****************************** ******
وَمَا (1) يُمَثِّلُونَ بِهِ مِنْ صُدُورِ التَّسْخِينِ عَنِ النَّارِ وَالتَّبْرِيدِ عَنِ الْمَاءِ بَاطِلٌ، فَإِنَّ تِلْكَ الْآثَارَ لَا تَصْدُرُ إِلَّا عَنْ شَيْئَيْنِ: فَاعِلٌ وَقَابِلٌ، وَالْأَوَّلُ تَعَالَى كُلُّ مَا سِوَاهُ صَادِرٌ عَنْهُ، لَيْسَ هُنَاكَ قَابِلٌ مَوْجُودٌ.
وَإِنْ قَالُوا: الْمَاهِيَّاتُ الثَّابِتَةُ فِي الْخَارِجِ الْغَنِيَّةُ عَنِ الْفَاعِلِ هِيَ الْقَابِلُ، كَانَ هَذَا بَاطِلًا مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا: أَنَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمُ الْفَاسِدِ، وَهُوَ إِثْبَاتُ مَاهِيَّاتٍ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ مُغَايِرَةٍ لِلْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ، وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا. وَمَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ أَنَّ الْمُثَلَّثَ (2) يُتَصَوَّرُ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ وُجُودُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ (3) الْمُثَلَّثِ (4) فِي الْخَارِجِ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ فِي الذِّهْنِ، وَلَا رَيْبَ فِي حُصُولِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا فِي الْأَذْهَانِ وَمَا فِي الْأَعْيَانِ. وَمِنْ هُنَا كَثُرَ غَلَطُهُمْ، فَإِنَّهُمْ تَصَوَّرُوا أُمُورًا فِي الْأَذْهَانِ، فَظَنُّوا ثُبُوتَهَا فِي الْأَعْيَانِ، كَالْعُقُولِ وَالْمَاهِيَّات ِ الْكُلِّيَّةِ وَالْهَيُولَى وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَاهِيَّاتِ هِيَ بِحَسَبِ مَا يُوجَدُ، فَكُلُّ مَا وُجِدَ لَهُ عِنْدَهُمْ مَاهِيَّةٌ، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْمَعْدُومَ شَيْءٌ، مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ، فَلَا يَجُوزُ (5) قَصْرُ الْمَوْجُودَاتِ عَلَى أُمُورٍ لِتَوَهُّمِ (6) أَنَّهُ لَا مَاهِيَّةَ تَقْبَلُ الْوُجُودَ غَيْرَهَا.
_________
(1) ن: وَمِمَّا؛ م: مِمَّا.
(2) ا، ب: الْمُثْبَتَ.
(3) ا، ب: ثَبَاتِ.
(4) ا، ب: الْمُثْبَتِ.
(5) ن: وَمِنْهَا فَلَا يَجُوزُ؛ ا، ب: وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ.
(6) ن، م: كَتَوَهُّمِ.
*****************************
وَمِنْهَا: أَنْ يُقَالَ: الْمَاهِيَّاتُ الْمُمْكِنَةُ فِي نَفْسِهَا لَا نِهَايَةَ لَهَا.
وَمِنْهَا: أَنْ يُقَالَ: الْوَاحِدُ الْمَشْهُودُ الَّذِي تَصْدُرُ عَنْهُ الْآثَارُ لَهُ قَوَابِلُ مَوْجُودَةٌ، وَالْبَارِي تَعَالَى هُوَ الْمُبْدِعُ لِوُجُودِ كُلِّ مَا سِوَاهُ، فَلَا يُعْلَمُ أَمْرٌ صَادِرٌ عَنْ مُمْكِنٍ إِلَّا عَنْ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُ التَّأْثِيرَ (1) ، وَلَيْسَ فِي الْمَوْجُودَاتِ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ وَحْدَهُ شَيْءٌ إِلَّا اللَّهُ [تَعَالَى] (2) .
[بطلان ما يزعمه الفلاسفة من أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد]
فَقَوْلُهُمْ: الْوَاحِدُ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ: إِنْ أَدْرَجُوا فِيهَا [مَا] (3) سِوَى اللَّهِ فَذَاكَ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ وَحْدَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا بِهَا إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ فَهَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ وَمَوْضِعُ الدَّلِيلِ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ هُوَ الدَّلِيلُ، وَذَلِكَ الْوَاحِدُ لَا يَعْلَمُونَ حَقِيقَتَهُ وَلَا كَيْفِيَّةَ الصُّدُورِ عَنْهُ؟ .
وَأَيْضًا: فَالْوَاحِدُ الَّذِي يُثْبِتُونَهُ، هُوَ وُجُودٌ مُجَرَّدٌ عَنِ الصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ عَنْ [بَعْضِهِمْ]- كَابْنِ سِينَا وَأَتْبَاعِهِ (4) - أَوْ عَنِ الثُّبُوتِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّة ِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَهَذَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، بَلْ يُمْتَنَعُ تَحَقُّقُهُ فِي الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا هُوَ [أَمْرٌ] (5) يُقَدَّرُ فِي الْأَذْهَانِ، كَمَا تُقَدَّرُ الْمُمْتَنَعَات ُ. وَلِهَذَا (6) كَانَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِينَا فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا نَازَعَهُ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ، وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا لَيْسَ [هُوَ] قَوْلُ [أَئِمَّةِ] الْفَلَاسِفَةِ (7) ، وَإِنَّمَا ابْنُ
_________
(1) ن (فَقَطْ) : النَّاسَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(2) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(3) مَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(4) ن، م: عِنْدَ ابْنِ سِينَا وَمَنْ تَابَعَهُ.
(5) أَمْرٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) ا: كَمَا تُقَدَّرُ وَلِهَذَا؛ ب: كَمَا تَقَدَّمَ وَلِهَذَا.
(7) ن (فَقَطْ) : لَيْسَ قَوْلَ الْفَلَاسِفَةِ.
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (58)
صـ 403 إلى صـ 409
سينا وأمثاله أحدثوه، ولهذا لم يعتمد عليه أبو البركات [صاحب " المعتبر "] (1) ، وهو من أقرب هؤلاء إلى اتباع الحجة الصحيحة بحسب نظره، والعدول عن تقليد سلفهم، مع أن أصل (2) أمرهم وحكمتهم أن العقليات لا تقليد فيها.
. وأيضا: فإذا لم يصدر [عنه] (3) إلا واحد - كما يقولونه في العقل الأول فذلك الصادر الأول إن كان واحدا من كل وجه، لزم أن لا يصدر عنه إلا واحد، وهلم جرا. وإن كان فيه كثرة ما بوجه من الوجوه - والكثرة وجودية - كان قد صدر (4) عن الأول أكثر من واحد، وإن كانت عدمية لم يصدر عنها وجود، فلا يصدر عن الصادر الأول واحد.
وأما احتجاجهم على ذلك بقولهم: لو صدر عنه شيئان، لكان مصدر هذا غير مصدر ذلك (5) ، ولزم التركيب.
فيقال أولا: ليس الصدور عن الباري كصدور الحرارة عن النار، بل هو فاعل بالمشيئة والاختيار، ولو قدر تعدد المصدر فهو تعدد أمور إضافية، وتعدد الإضافات والسلوب ثابتة له بالاتفاق، ولو فرض أنه تعدد صفات، فهذا يستلزم القول بثبوت الصفات، وهذا حق.
وقولهم: إن هذا تركيب، والتركيب (* ممتنع، قد بينا [فساده] بوجوه
_________
(1) صاحب المعتبر: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) أصل: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) عنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ا: كان بمقدر؛ ب: كان يصدر.
(5) ن، م: غير مصدر هذا.
****************************** ****
كثيرة [في غير هذا الموضع] وبينا أن (1) لفظ التركيب والافتقار والجزء والغير ألفاظ مشتركة مجملة، وأنها لا تلزم بالمعنى الذي دل الدليل على نفيه، وإنما تلزم بالمعنى الذي لا *) (2) ينفيه الدليل، بل يثبته الدليل.
والمقصود هنا (3) أن الموجب بالذات إذا فسر بهذا فهو باطل، وأما إذا فسر الموجب بالذات [بأنه] (4) الذي يوجب مفعوله بمشيئته وقدرته، لم يكن هذا المعنى منافيا لكونه فاعلا بالاختيار، بل يكون فاعلا بالاختيار، موجبا بذاته التي هي فاعل قادر مختار، وهو موجب بمشيئته وقدرته.
وإذا تبين أن الموجب بالذات يحتمل معنيين: أحدهما لا ينافي كونه فاعلا بمشيئته [وقدرته] (5) (5 والآخر ينافي كونه فاعلا بمشيئته وقدرته 5) (6) ، فمن قال: القادر لا يفعل إلا على وجه الجواز - كما يقوله من يقوله من القدرية والجهمية - يجعل الفعل بالاختيار منافيا للإيجاب، لا يجامعه (7) بوجه من الوجوه، ويقولون: إن القادر المختار لا يكون قادرا [مختارا] (8) إلا إذا فعل على وجه الجواز لا على وجه الوجوب.
_________
(1) ن (فقط) : قد بينا بوجوه كثيرة وبينا أن. .
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(3) ن: بها.
(4) بأنه: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) وقدرته: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) (5 - 5) ساقطة من (ن) فقط.
(7) لا يجامعه: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(8) مختارا: ساقطة من (ن) فقط.
****************************** *******
والجمهور (1) من أهل السنة وغيرهم يقولون: القادر هو الذي إن شاء فعل وإن لم يشأ (2) لم يفعل، لكنه إذا شاء أن يفعل مع قدرته، لزم وجود فعله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فإنه قادر على ما يشاء، ومع القدرة التامة والمشيئة الجازمة يجب وجود الفعل.
ولهذا صارت الأقوال ثلاثة: فالفلاسفة يقولون بالموجب بالذات المجردة عن الصفات، أو الموصوف بالصفات الذي يجب أن يقارنه موجبه المعين أزلا وأبدا.
والقدرية من المعتزلة وغيرهم [من الجهمية، ومن وافقهم من غيرهم] (3) ، يقولون بالفاعل المختار الذي يفعل على وجه الجواز لا على وجه الوجوب (4) .
ثم منهم من يقول: يفعل لا بإرادة، بل المريد عندهم هو الفاعل العالم. ومنهم من يقول بحدوث الإرادة، وما يحدثه (5) من إرادة أو فعل فهو يحدثه (6) بمجرد القدرة، فإن القادر عندهم يرجح (7) بلا مرجح. ثم القدرية من هؤلاء يقولون: يريد (8) ما لا يكون، ويكون ما لا يريد، وقد يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء، [بخلاف المجبرة] (9) .
_________
(1) ن (فقط) : والمقصود، وهو تحريف.
(2) ا، ب: وإن شاء.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن، م:. . بالفاعل المختار الذي لا يفعل على وجه الوجوب.
(5) ا، ب: وما يحدث.
(6) ا، ب: فهو يرجحه.
(7) ن، م: ترجيح.
(8) ب (فقط) : قد يريد.
(9) عبارة " بخلاف المجبرة ": ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** ********
والجمهور من أهل السنة وغيرهم المثبتين للقدر والصفات، يقولون: إنه فاعل بالاختيار، وإذا شاء شيئا كان، وإرادته وقدرته من لوازم ذاته، سواء قالوا بإرادة واحدة قديمة، أو بإرادات متعاقبة، أو بإرادات (1) قديمة تستوجب حدوث إرادات أخر. فعلى كل قول (2) من هذه الأقوال الثلاثة يجب عندهم وجود مراده.
وإذا فسر الإيجاب بالذات بهذا المعنى كان النزاع لفظيا، فالدليل الذي ذكرناه يمكن (3) تصوره (4) بلفظ الموجب بالذات، ولفظ العلة والمعلول، ولفظ المؤثر والأثر، ولفظ الفاعل المختار، وهو بجميع هذه العبارات يبين امتناع قدم شيء من العالم، ووجوب حدوث كل ما سوى الله.
وهنا أمر آخر، وهو أن الناس تنازعوا في الفاعل المختار: هل يجب أن تكون إرادته قبل الفعل ويمتنع مقارنتها له؟ أم يجب مقارنة إرادته - التي هي القصد - للفعل، وما يتقدم الفعل يكون عزما لا قصدا؟ أم يجوز كل من الأمرين؟ على ثلاثة أقوال.
ونحن قد بينا وجوب حدوث كل ما سوى الله على كل قول (5) من الأقوال الثلاثة: قول من يوجب المقارنة، [وقول من يقول (6) بأن المقارنة] (7) ممتنعة، وقول من يجوز الأمرين.
_________
(1) ا، ب: أو بإرادة.
(2) قول: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) ا، ب: لا يمكن.
(4) ن، م: تصويره.
(5) قول: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ا، ب: ومن يقول.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
****************************** ****
وكذلك تنازعوا في القدرة: هل يجب مقارنتها للمقدور [ويمتنع تقديمها] (1) ؟ أم يجب تقدمها على المقدور (2 ويمتنع مقارنتها؟ أم تتصف بالتقدم والمقارنة 2) (2) ؟ على ثلاثة أقوال أيضا (3) .
وفصل الخطاب أن الإرادة الجازمة مع القدرة التامة مستلزمة للفعل ومقارنة له، فلا يكون [الفعل] (4) بمجرد قدرة متقدمة غير مقارنة، ولا بمجرد إرادة متقدمة غير مقارنة، بل لا بد عند وجود الأثر من وجود المؤثر التام، ولا يكون الفعل بفاعل معدوم حين الفعل (5) ، ولا بقدرة معدومة حين الفعل، (6 ولا بإرادة معدومة حين الفعل 6) (6) ، وقبل [الفعل] (7) لا تجتمع الإرادة الجازمة والقدرة التامة، فإن ذلك مستلزم للفعل، فلا يوجد إلا مع الفعل، لكن قد يوجد قبل الفعل قدرة بلا إرادة، وإرادة بلا قدرة، كما قد يوجد عزم على أن يفعل، فإذا حضر وقت الفعل قوي العزم فصار قصدا، فتكون الإرادة حين الفعل أكمل مما كانت (8) قبله، [وكذلك القدرة حين الفعل أكمل مما كانت قبله] (9) .
وبهذا كان العبد قادرا قبل الفعل القدرة المشروطة في الأمر التي بها
_________
(1) ويمتنع تقدمها: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) (2 - 2) : بدلا من هذه العبارات في (ن) ، (م) : أم يجوز الأمران.
(3) أيضا: زيادة في (ن) فقط.
(4) الفعل: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ن (فقط) : ولا يكون الفاعل بفعل معدوم حين الفعل، وهو خطأ.
(6) (6 - 6) : ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) الفعل ساقطة من (ن) فقط.
(8) ن: كان.
(9) ما بين النجمتين ساقط من (ن) فقط.
****************************** *****
يفارق العاجز (1) كما في قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن: 16] ، وقوله: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [سورة آل عمران: 97] ، وقوله: {فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} [سورة المجادلة: 4] . فإن هذه الاستطاعة لو لم تكن [إلا] (2) مقارنة للفعل، لم يجب الحج على من لم يحج، ولا وجب على من لم يتق الله أن يتقي الله، ولكان كل من لم يصم الشهرين المتتابعين غير مستطيع للصيام، وهذا كله خلاف هذه النصوص وخلاف إجماع المسلمين.
فمن نفى هذه القدرة من المثبتين للقدر، وزعم أن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل، فقد بالغ في مناقضة القدرية الذين يقولون: لا تكون الاستطاعة إلا قبل الفعل.
فإن هؤلاء أخطئوا حيث زعموا ذلك، وقالوا: إن كل ما يقدر (3) به العبد على الإيمان والطاعة فقد (4) سوى الله فيه بين المؤمن والكافر، بل سوى بينهما في كل ما يمكن (5) أن يعطيه للعبد (6) مما به يؤمن ويطيع.
وهذا القول فاسد قطعا، فإنه لو كانا متساويين في جميع أسباب الفعل، لكان اختصاص أحدهما بالفعل دون الآخر ترجيحا لأحد المتماثلين على الآخر من غير مرجح. وهذا هو أصل هؤلاء القدرية
_________
(1) ن: في الأمر فارق بها العاجز؛ م: في الأمر التي فارق بها العاجز.
(2) إلا: ساقطة من (ن) فقط.
(3) ن (فقط) : كل ما قدر.
(4) ن، م: قد.
(5) ن، م، ا: يمكنه.
(6) ا، ب: العبد.
****************************** ***
الذين يقولون: إن الفاعل القادر يرجح أحد طرفي مقدوريه (1) على الآخر بلا مرجح، وهذا باطل وإن وافقهم عليه بعض المثبتين للقدر.
وأما المثبتون للقدر المخالفون لهم في هذا الأصل، فمنهم طائفة إذا تكلموا في مسائل القدر وخلق أفعال العباد، (2 قالوا: إن القادر لا يرجح أحد مقدوريه على الآخر إلا بمرجح 2) (2) ، لكن إذا تكلموا في مسائل فعل الله، وحدوث العالم، والفرق بين الموجب والمختار، ومناظرة الدهرية، تجد كثيرا منهم يناظرهم مناظرة من قال من القدرية والجهمية المجبرة بأن الفاعل المختار يرجح أحد مقدوريه بلا مرجح.
وبهذا ظهر (3) اضطرابهم في هذه الأصول [الكبار] (4) ، التي يدورون فيها بين أصول القدرية والجهمية المجبرة المعطلة لحقيقة الأمر والنهي، والوعد والوعيد، ولصفة (5) الله في خلقه وأمره، وبين أصول الفلاسفة الدهرية المشركين.
[نقد فلاسفة اليونان المشركين]
وإن كانوا من الصابئين فهم من الصابئين (6) المشركين، لا من الصابئين الحنفاء الذين أثنى عليهم القرآن، فإن أولئك يعبدون (7) الكواكب ويبنون لها (8) الهياكل، ويتخذون فيها الأصنام، وهذا دين
_________
(1) ن، م، ا: مقدوره.
(2) (2 - 2) : ساقط من (ا) ، (ب) .
(3) ا، ب: ولهذا يظهر.
(4) الكبار: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م، ا: لصفة.
(6) الصابئين: ساقطة من (ب) فقط.
(7) ا، ب: فإنهم يعبدون.
(8) ن، م: ويثبتون لها، وهو تحريف.
****************************** *****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (59)
صـ 410 إلى صـ 416
المشركين، وهو دين أهل مقدونية وغيرها من مدائن هؤلاء الفلاسفة الصابئة المشركين.
والإسكندر الذي وزر له أرسطو هو (1) الإسكندر بن فيلبس المقدوني الذي تؤرخ له اليهود والنصارى، وكان قبل المسيح [عليه السلام] (2) بثلاثمائة عام، ليس هو ذا القرنين المذكور في القرآن، فإن هذا كان متقدما عليه وهو من الحنفاء، وذاك هو ووزيره [أرسطو] (3) كفار يقولون بالسحر والشرك.
ولهذا كانت الإسماعيلية أخذت ما يقوله هؤلاء في (4) العقل والنفس، وما تقوله المجوس من النور والظلمة، فركبوا من ذلك ومن التشيع، وعبروا عن ذلك بالسابق والتالي، كما قد بسط في موضعه.
وأصل المشركين والمعطلة (5) باطل، وكذلك أصل المجوس، والقدرية تخرج بعض (6) الحوادث عن خلق الله وقدرته، ويجعلون له شريكا في الملك.
وهؤلاء الدهرية شر منهم في ذلك، فإن قولهم يستلزم إخراج جميع الحوادث عن خلق الله وقدرته وإثبات شركاء كثيرين له في الملك، بل يستلزم تعطيل الصانع بالكلية. ولهذا كان (7) معلمهم الأول أرسطو
_________
(1) ب (فقط) : وهو.
(2) عليه السلام: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) أرسطو: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : من.
(5) ا، ب: المشركين المعطلين.
(6) ن (فقط) : بعد، وهو تحريف.
(7) ن، م: بالكلية وكان.
*************************
وأتباعه إنما يثبتون الأول - الذي يسمونه العلة الأولى - بالاستدلال بحركة الفلك (1) ، فإنهم قالوا: هي اختيارية شوقية، فلا بد أن يكون لها محرك [منفصل] (2) عنها، وزعموا أن المتحرك بالإرادة لا بد له من محرك منفصل عنه، وإن كان هذا قولا لا دليل عليه، بل هو باطل.
قالوا: والمحرك لها يحركها، كما يحرك الإمام المقتدى به للمأموم المقتدي، وقد يشبهونها بحركة المعشوق للعاشق، فإن المحبوب المراد يتحرك [إليه] (3) المحب المريد من غير حركة من (4) المحبوب. قالوا: وذلك العشق هو عشق التشبه بالأول (5) .
[موافقة الفارابي وابن سينا لأرسطو في القول بالحركة الشوقية]
وهكذا وافقه متأخروهم كالفارابي وابن سينا وأمثالهما، وهؤلاء كلهم يقولون: إن سبب الحوادث في العالم إنما هو حركات الأفلاك (6) ، وحركات الأفلاك حادثة عن تصورات حادثة وإرادات (7) حادثة شيئا بعد شيء، وإن كانت تابعة لتصور كلي [وإرادة كلية] (8) ، كالرجل الذي يريد
_________
(1) ا، ب: بالاستدلال بالحركة حركة الفلك.
(2) منفصل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) إليه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) من: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) هذا الذي يذكره ابن تيمية عن أرسطو مصداقه في كتاب " ما بعد الطبيعة " لأرسطو. انظر: Aristotle ****physica، english translation by ross (.) book. 7، 1072 a - 1072 b 2 nd ed. O \ ford، 1928 وانظر أيضا: Gomperz (.) - greek thinkers. Iv،. 211، english tr.، london، 1912.
(6) ن، م، ا: إن سبب الحوادث في العالم إنما هي حركات الأفلاك، وهو خطأ والمثبت من (ب) .
(7) ن، م: وأمور.
(8) عبارة " وإرادة كلية ": ساقطة من (ن) فقط.
******************************
القصد إلى بلد معين، مثل مكة مثلا، فهذه إرادة كلية [تتبع تصورا كليا] (1) ، ثم إنه لا بد أن يتجدد له تصورات لما يقطعه من المسافات، وإرادات لقطع تلك المسافات، فكهذا حركة (2) الفلك عندهم. لكن مراده الكلي هو التشبه (3) بالأول، ولهذا قالوا: الفلسفة هي التشبه بالأول بحسب الإمكان (4) .
فإذا (5) كان الأمر كذلك عندهم، فمعلوم أن العلة الغائية المنفصلة عن المعلول لا تكون هي العلة الفاعلة، وإذا كان الفلك ممكنا متحركا بإرادته واختياره، فلا بد من مبدع [له] (6) أبدعه كله بذاته وصفاته وأفعاله كالإنسان، ولا بد لهذه التصورات والإرادات والحركات الحادثة أن تنتهي إلى واجب بنفسه قديم تكون صادرة عنه، سواء قيل: إنها صادرة بوسط أو بغير وسط.
وهؤلاء لم يثبتوا شيئا من ذلك، بل لم يثبتوا إلا علة غائية للحركة،
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن: حركات.
(3) ب (فقط) : التشبيه.
(4) انظر الفارابي: ما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة، ص 13، طبعة المكتبة السلفية، القاهرة، 1328/1910؛ ابن سينا: النجاة 3/293، الطبعة الثانية، القاهرة، 1357/1938. وهذه الفكرة التي تجعل غاية الفلسفة والفيلسوف هي التشبه بالله، مصدرها الأول أفلاطون، وقد ذكر ما يشبهها في محاورة " تيتياتوس ". وانظر في ذلك. Rosenthal (. .) political thought in medieval islam: pp. 122 - 3. 272، cambridge، 1958. وقارن الدكتور عبد الرحمن بدوي: أفلاطون، ص 212، الطبعة الثالثة، القاهرة، 1954.
(5) ا، ب: وإن.
(6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** ***
فكان حقيقة قولهم أن جميع الحوادث من العالم العلوي والسفلي ليس لها فاعل يحدثها أصلا، بل ولا لما يستلزم هذه الحوادث (1) [والعناصر] (2) ، وكل من أجزاء العالم مستلزم للحوادث (3) .
ومن المعلوم في بدائة (4) العقول أن الممكن المفتقر إلى غيره ممتنع (5) وجوده بدون واجب الوجود، وأن الحوادث يمتنع وجودها بدون محدث. ومتأخروهم - كابن سينا وأمثاله - يسلمون (6) أن العالم كله ممكن [بنفسه] (7) ليس بواجب بنفسه، ومن نازع في ذلك من غلاتهم فقوله معلوم الفساد بوجوه كثيرة، فإن الفقر والحاجة لازمان (8) لكل جزء من أجزاء العالم، لا يقوم منه شيء (9) إلا بشيء منفصل عنه.
وواجب الوجود مستغن عنه (10) بنفسه، لا يفتقر إلى غيره بوجه من الوجوه، وليس في العالم شيء يكون [هو] (11) وحده محدثا لشيء من الحوادث، وكل من الأفلاك له حركة تخصه، ليست حركته عن حركة
_________
(1) ن، م: بل ولا (ثم بياض بمقدار كلمتين) ، لعل الصواب: بل ولا (وجود عندهم) لما يستلزم. . . إلخ.
(2) والعناصر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: للحركات.
(4) ن، ا: بداية؛ ب: بداهة.
(5) ا: لا يمتنع، وهو خطأ؛ ب: يمتنع.
(6) ن، م: وهم يسلمون.
(7) بنفسه ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م، ا: لازم. والمثبت من (ب) .
(9) ا، ب: شيء منه.
(10) عنه: ساقطة من (ا) ، (ب) . والمقصود عن العالم.
(11) هو: زيادة في (ا) ، (ب) .
****************************** ****
الأعلى حتى يقال (1) أن الأعلى هو المحدث لجميع الحركات، ولا في الوجود شيء حادث (2) عن سبب بعينه - لا عن حركة الشمس ولا القمر ولا الأفلاك (3) ولا العقل الفعال ولا شيء مما يظن - بل أي جزء من العالم اعتبرته وجدته لا يستقل بإحداث شيء، ووجدته إذا كان له أثر في شيء - كالسخونة التي تكون للشمس مثلا - فله مشاركون في ذلك الشيء بعينه، كالفاكهة التي للشمس مثلا أثر في إنضاجها ثم إيباسها وتغيير ألوانها ونحو ذلك، لا يكون إلا بمشاركة من الماء والهواء والتربة (4) وغير ذلك من الأسباب، ثم كل من هذه الأسباب لا يتميز أثره عن أثر الآخر، بل هما متلازمان.
فإذا قالوا: العقل الفعال للفعل (5) خلع عليه صورة عند استعداده، [و] بالامتزاج (6) قبل الصورة، مثلا كالطين (7) الذي يحدث [فيه] (8) عن امتزاج الماء والتراب (9) أثر ملازم لهذا الامتزاج، لا يمكن وجود أحدهما دون الآخر، فإذا كان المؤثر فيهما اثنين (10) لزم أن يكونا متلازمين، لامتناع
_________
(1) ا، ب: يظن.
(2) ن، م: ولا في وجود شيء خارج.
(3) ن، م: الشمس والقمر ولا الفلك.
(4) ا، ب: والطينة.
(5) للفعل: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن، م: عند استعداده بالامتزاج.
(7) ن، م: بالطين.
(8) فيه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن، م: والطين.
(10) ن، م، ا: اثنان، وهو خطأ.
****************************** *****
وجود أثر أحدهما دون (1) الآخر، ويمتنع اثنان متلازمان كل منهما واجب الوجود؛ لأن واجب الوجود لا يكون وجوده مشروطا بوجود غيره، ولا تأثيره مشروطا بتأثير غيره، إذ لو كان كذلك لكان مفتقرا إلى غيره، فلا يكون واجبا بنفسه غنيا عما سواه، فكل ما (2) افتقر إلى غيره في نفسه أو شيء من صفاته أو أفعاله (3) ، لا يكون مستغنيا بنفسه، بل يكون مفتقرا إلى غيره، [ومن كان فقيرا إلى غيره ولو بوجه] (4) ، لم يكن غناه ثابتا له بنفسه.
وقد علم بالاضطرار أنه لا بد من (5) وجود غني بنفسه عما سواه من (6) كل وجه، فإن الموجود إما ممكن وإما واجب، والممكن لا بد له من واجب، فثبت وجود الواجب على التقديرين.
وكذلك يقال للوجود (7) : إما محدث وإما قديم، والمحدث لا بد له من قديم، فثبت وجود القديم على التقديرين.
وكذلك يقال: إما فقير وإما غني، والفقير لا بد له من غني، فثبت وجود الغني على التقديرين.
وكذلك يقال: الموجود (8) إما قيوم وإما غير قيوم، وغير القيوم لا بد له من قيوم، فثبت وجود القيوم على التقديرين.
_________
(1) ا: وجود أثرهما دون؛ ب: وجود أحدهما دون. .
(2) ا: فكما؛ ب: فلما.
(3) ن، م، ا: أو أفعاله إلى غيره.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) ب (فقط) : لا بد له من. . .
(6) ن: عن.
(7) م: الموجود. وسقطت الكلمة من (ا) ، (ب) .
(8) ن، م: الوجود، وهو تحريف.
****************************** ******
وكذلك يقال: إما مخلوق وإما غير مخلوق، والمخلوق لا بد له من خالق غير المخلوق، فثبت وجود الموجود الذي ليس بمخلوق على التقديرين.
ثم ذلك الموجود الواجب بنفسه [القديم] (1) الغني بنفسه القيوم الخالق الذي ليس بمخلوق، يمتنع أن يكون مفتقرا إلى غيره بجهة من الجهات، فإنه إن افتقر إلى مفعوله، ومفعوله مفتقر إليه، لزم الدور في المؤثرات. وإن افتقر إلى غيره، وذلك الغير مفتقر إلى غيره، لزم التسلسل في المؤثرات. وكل من هذين معلوم البطلان بصريح العقل واتفاق العقلاء.
فإن امتنع (2) أن يكون فاعلا [لنفسه، فهو يمتنع أن يكون فاعلا لفاعل] (3) بنفسه بطريق الأولى، وسواء عبر (4) بلفظ الفاعل أو الصانع (5) أو الخالق أو العلة أو المبدأ أو المؤثر، فالدليل يصح بجميع هذه العبارات.
وكذلك يمتنع تقدير مفعولات ليس فيها فاعل غير مفعول، وهو تقدير آثار (* ليس فيها مؤثر، وتقدير ممكنات ليس فيها واجب بنفسه، فإن كل واحد من ذلك *) (6) ممكن فقير، ومجموعها مفتقر إلى كل من آحادها (7) ، فهو
_________
(1) القديم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ا، ب: فإذا كان يمتنع.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(4) ن: غير (وهو تحريف) ؛ ا: ب: عبروا.
(5) ن، م: والصانع.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (ب) فقط.
(7) ن: أوحدها؛ م: واحدها.
***************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (60)
صـ 417 إلى صـ 423
أيضا فقير ممكن، وكلما زادت السلسلة زاد (1) الفقر والاحتياج، وهو في الحقيقة تقدير معدومات لا تتناهى، فإن كثرتها لا تخرجها عن كونها معدومات، فيمتنع أن يكون فيها موجود، وهذا كله مبسوط في موضعه.
والمقصود هنا أنه لا بد من وجود الموجود الغني القديم الواجب بنفسه، الغني عما سواه من كل وجه، بحيث لا يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، وكل ما في العالم فهو مفتقر إلى غيره، والفقر (2) ظاهر في كل جزء من العالم لمن تدبره، لا يحدث شيئا (3) بنفسه ألبتة، بل لا يستغني بنفسه ألبتة، فيمتنع أن يكون واجب الوجود.
فلا بد أن يكون الواجب القيوم الغني مباينا للعالم، ويجب أن يثبت له كل كمال [ممكن الوجود] (4) لا نقص فيه، فإنه إن لم يتصف به (* لكان الكمال: إما ممتنعا عليه، وهو محال: لأن التقدير أنه ممكن الوجود، ولأن (5) الممكنات *) (6) متصفة (7) بكمالات عظيمة، والخالق أحق بالكمال من المخلوق، والقديم أحق به من الحادث، والواجب أحق به من الممكن؛ لأنه أكمل وجودا منه، والأكمل أحق بالكمال من غير الأكمل، ولأن كمال المخلوق من الخالق، فخالق الكمال أحق بالكمال، وهم يقولون:
_________
(1) ب (فقط) : يزداد.
(2) ن (فقط) : والفقير.
(3) ب: شيء.
(4) ممكن الوجود: ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن: الوجود لأن. . .
(6) ما بين النجمتين ساقط من (ن) فقط.
(7) ا، ب: موصوفة.
****************************** ***
كمال المعلول من كمال (1) العلة. وإذا لم يكن الكمال ممتنعا عليه، فلا بد أن يكون واجبا له، إذ لو كان ممكنا غير واجب ولا ممتنع لافتقر في ثبوته له إلى غيره، وما كان كذلك لم يكن واجب الوجود بنفسه، فما أمكن له من الكمال فهو واجب له.
[امتناع مقارنة المفعول للواجب]
ويمتنع (2) أن يكون مفعوله مقارنا له أزليا معه لوجوه: أحدها: أن مفعوله مستلزم للحوادث لا ينفك عنها، وما يستلزم الحوادث يمتنع (3) أن يكون معلولا لعلة تامة أزلية، فإن معلول العلة التامة الأزلية لا يتأخر منه (4) شيء، ولو تأخر منه (5) شيء لكانت علة (6) بالقوة لا بالفعل، ولافتقرت في كونها فاعلة له إلى شيء منفصل عنها، وذلك ممتنع. فوجب أن يكون مفعولا له لا يكون عنه إلا شيئا (7) بعد شيء (8) ، فكل ما هو مفعول له فهو حادث بعد أن لم يكن، ولأن كونه مقارنا له في الأزل يمنع (9) كونه مفعولا له، فإن كون الشيء مفعولا مقارنا ممتنع عقلا.
ولا يعقل في الموجودات شيء معين هو علة تامة لمعلول مباين له
_________
(1) كمال: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ن (فقط) : ويمكن، وهو خطأ.
(3) ن (فقط) : يمكن، وهو خطأ.
(4) ن، م، ا: عنه، وهو خطأ. والصواب ما في (ب) . وهو الذي أثبته.
(5) ن: عليه؛ م: علته.
(6) ن: عليه؛ م: علته.
(7) ا، ب: مفعوله لا يكون إلا شيئا.
(8) ب (فقط) : بعد شيئا، وهو خطأ.
(9) ن، م: يمتنع.
****************************** *
أصلا، [بل] (1) كل ما يقال: إنه علة: إما أن يكون تأثيره متوقفا على غيره فلا تكون تامة، وإما أن [لا] (2) يكون مباينا له على رأي من يقول: العلم علة للعالمية عند من يثبت الأحوال، وإلا فجمهور الناس يقولون: العلم هو العالمية.
وأما إذا قيل: الذات موجبة للصفات أو علة لها، فليس لها (3) في الحقيقة فعل ولا تأثير أصلا.
وإما إذا قدر شيء مؤثر في غيره، وقدر أنهما متقارنان (4) متساويان لم يسبق أحدهما الآخر سبقا زمانيا، فهذا لا يعقل أصلا.
وأيضا: فكونه متقدما على غيره من كل وجه صفة كمال، إذ المتقدم على غيره من كل وجه أكمل ممن يتقدم (5) من وجه دون وجه.
وإذا قيل: الفعل أو تقدير الفعل لا يجوز أن يكون له ابتداء أو غير ذلك كالحركة أو الزمان.
قيل: إن كان هذا باطلا فقد اندفع، وإن كان صحيحا فالمثبت إنما هو الكمال الممكن الوجود.
وحينئذ فإذا كان النوع دائما، فالممكن والأكمل (6) هو التقدم على كل فرد من الأفراد، بحيث لا يكون في أجزاء العالم شيء يقارنه (7) بوجه من
_________
(1) بل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) لا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ا، ب: فليس هنا.
(4) ن، م: مقارنان.
(5) ن، م: تقدم.
(6) ن، م: فالممكن الأكمل.
(7) ن: يقاربه، وهو تحريف.
****************************** ****
الوجوه، وأما دوام الفعل فهو أيضا من الكمال، فإن الفعل إذا كان صفة كمال، فدوامه دوام الكمال، وإن لم يكن صفة كمال، لم يجب دوامه. فعلى التقديرين لا يكون شيء من العالم قديما معه، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع.
[وجه الارتباط بين الكلام في قدم العالم ومسألة الحكمة والتعليل]
وإنما [كان] المقصود [هنا] التنبيه (1) على مآخذ المسلمين في مسألة التعليل. فالمجوزون للتعليل يقولون: الذي دل عليه الشرع والعقل أن كل ما سوى الله محدث كائن بعد أن لم يكن، وأما كون الرب لم يزل معطلا عن الفعل ثم فعل، فهذا ليس في الشرع ولا في العقل (2) ما يثبته، بل كلاهما يدل على نقيضه.
وإذا عرف الفرق بين نوع الحوادث وبين أعيانها، وعلم الفرق بين قول المسلمين وأهل الملل وأساطين الفلاسفة الذين يقولون بحدوث كل واحد واحد من العالم العلوي والسفلي، وبين قول أرسطو وأتباعه الذين يقولون بقدم الأفلاك والعناصر، تبين (3) ما في هذا الباب من الخطأ والصواب، وهو من أجل المعارف وأعلى العلوم، فهذا جواب من يقول بالتعليل لمن احتج عليه بالتسلسل في الآثار (4) .
[حجة الاستكمال]
وأما حجة الاستكمال (5) فقالوا: الممتنع أن يكون الرب تعالى مفتقرا
_________
(1) ن، م: وإنما المقصود التنبيه.
(2) ا، ب: فليس في الشرع ولا العقل.
(3) ا، ب: وبين.
(4) يتبين هنا أن كل ما سبق من الاستطراد في الكلام على مسألة قدم العالم، إنما كان لاتصاله بمسألة الحكمة والتعليل التي سبق الكلام عليها في ص 141 من كتابنا هذا.
(5) وهي الحجة الثانية المذكورة في ص 141.
****************************** *
إلى غيره، أو أن يكون ناقصا في الأزل عن كمال يمكن وجوده في الأزل كالحياة والعلم. وإذا كان هو القادر الفاعل لكل شيء، لم يكن محتاجا إلى غيره بوجه من الوجوه، بل العلل المفعولة هي مقدورة ومرادة له. والله تعالى يلهم عباده الدعاء ويجيبهم، ويلهمهم التوبة ويفرح بتوبتهم إذا تابوا، ويلهمهم العمل ويثيبهم إذا عملوا، ولا يقال: إن المخلوق أثر في الخالق (1) أو (2) جعله فاعلا للإجابة (3) والإثابة والفرح [بتوبتهم] (4) ، فإنه سبحانه هو الخالق لذلك كله، له الملك وله الحمد لا شريك له في شيء من ذلك، ولا يفتقر فيه إلى غيره. والحوادث التي لا يمكن وجودها إلا متعاقبة، لا يكون عدمها في الأزل نقصا.
قالوا (5) : وأما قولهم هذا يستلزم قيام الحوادث به (6) .
فيقال: أولا: هذا قول من هم من أكبر شيوخ المعتزلة والشيعة (7) - كهشام بن الحكم وأبي الحسين البصري ومن تبعهما - وهو لازم لسائرهم، والشيعة المتأخرون أتباع المعتزلة البصريين (8) في هذا الباب، هم والمعتزلة البصريون يقولون: إنه صار مدركا بعد أن لم يكن، (* لأن
_________
(1) ا، ب: إن للمخلوق أثرا في الخالق.
(2) أو: ساقطة من (ب) فقط.
(3) ن (فقط) : في الإجابة.
(4) بتوبتهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) قالوا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) به: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ا، ب: هذا قول من هم أكبر من أئمة المعتزلة والشيعة، وهو خطأ.
(8) البصريين: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************** ****
الإدراك عندهم كالسمع والبصر إنما يتعلق بالموجود، وهم يقولون: صار مريدا بعد أن لم يكن *) (1) . وأما البغداديون فإنهم وإن أنكروا الإدراك والإرادة فهم يقولون (2) : صار فاعلا بعد أن لم يكن. قالوا: وهذا قول بتجدد أحكام له وأحوال.
ولهذا قيل: إن هذه المسألة تلزم سائر الطوائف حتى الفلاسفة، وقد قال بها من أساطينهم الأولين وفضلائهم المتأخرين غير واحد، ويقال (3) : إن [الأساطين] (4) الذين كانوا قبل أرسطو أو كثيرا منهم (5) كانوا يقولون بها، وقال بها أبو البركات صاحب " المعتبر " وغيره، وهو قول طوائف من أهل الكلام من المرجئة والشيعة (6) والكرامية وغيرهم كأبي معاذ التومني (7) والهشامين.
وأما جمهور أهل السنة والحديث فإنهم يقولون بها أو بمعناها، وإن كان منهم من لا يختار إلا (8) أن يطلق الألفاظ الشرعية، ومنهم من يعبر
_________
(1) ما بين النجمتين ساقط من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: وأما البغداديون فإنهم أنكروا الإدراك فهم يقولون. .
(3) ا، ب: غير واحد يقال. .
(4) الأساطين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) عبارة " أو كثيرا منهم ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ا، ب: من الشيعة والمرجئة.
(7) من أئمة المرجئة، ورأس فرقة التومنية منهم وهو ينتسب إلى تومن، ولم أتمكن من معرفة تاريخ وفاته. وانظر مقالات الأشعري 1/204، 326، 2/232؛ الفرق بين الفرق 123 - 124؛ الملل والنحل 1/128؛ ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب (ط. القدسي، 1357) 1/187؛ ياقوت: معجم البلدان، مادة: تومن.
(8) إلا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************** *****
عن المعنى الشرعي (1) بالعبارات الدالة عليه، مثل حرب الكرماني (2) ، ونقله عن الأئمة، ومثل عثمان بن سعيد الدارمي (3) ، ونقله عن أهل السنة، ومثل البخاري صاحب الصحيح، [وأبي بكر] بن خزيمة (4) الملقب إمام الأئمة، ومثل أبي عبد الله بن حامد (5) ، وأبي إسماعيل الأنصاري (6) الملقب بشيخ الإسلام، ومن لا يحصي عدده إلا الله.
والمعتزلة كانوا ينكرون أن يقوم بذات الله (7) صفة أو فعل، وعبروا عن ذلك بأنه لا تقوم به الأعراض والحوادث، فوافقهم [أبو محمد عبد الله بن سعيد] بن كلاب (8) على [نفي] (9) ما يتعلق بمشيئته وقدرته، وخالفهم في
_________
(1) ن، م: بالمعنى الشرعي، وهو تحريف.
(2) حرب بن إسماعيل بن خلف الحنظلي الكرماني صاحب الإمام أحمد، ومن أئمة الحنابلة، توفي سنة 280. ترجمته في شذرات الذهب 2/176؛ طبقات الحنابلة 1/145 - 146.
(3) أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي السجزي، محدث وله مؤلفات في الرد على المبتدعة، توفي سنة 280. ترجمته في شذرات الذهب 2/176؛ تذكرة الحفاظ 3/621 - 622؛ الأعلام 4/366؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 4/31؛ سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ص [0 - 9] 1 - 32.
(4) ن، م: وابن خزيمة.
(5) هو أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه له " الجامع " في مذهب الحنابلة، وله " شرح الخرقي " توفي سنة 403. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/171 - 177؛ تذكرة الحفاظ 3/1078؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/315.
(6) هو أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي الأنصاري، كان يدعى شيخ الإسلام، وكان إمام أهل السنة بهراة، ويسمى خطيب العجم، لتبحر علمه وفصاحته ونبله، توفي سنة 481. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/247 - 248؛ الذيل لابن رجب 1
- 68؛ الأعلام 4/267.
(7) ن، م: أن يقوم بالله.
(8) ن، م: فوافقهم ابن كلاب.
(9) نفي: ساقطة من (ن) فقط.
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (61)
صـ 424 إلى صـ 430
نفي الصفات ولم يسمها أعراضا. ووافقه على ذلك الحارث المحاسبي أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي من شيوخ الصوفية، توفي ببغداد سنة 243 ترجمته في طبقات الشافعية 2/275 - 279؛ شذرات الذهب 2؛ الشعراني: الطبقات الكبرى 1/64؛ السلمي: طبقات الصوفية، ص 56 - 60؛ الخلاصة للخزرجي، ص 57؛ ميزان الاعتدال 1/430 - 431؛ الأعلام 2/153 - 154؛ سزكين م [0 - 9] ج 1، ص [0 - 9] 13 - 119.، ويقال إنه رجع عن ذلك، وبسبب مذهب ابن كلاب هجره الإمام أحمد بن حنبل، وقيل: إنه تاب منه.
وصار النزاع في هذا [الأصل] الأصل: ساقطة من (ن) فقط. بين طوائف الفقهاء، فما من طائفة من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي [وأحمد] إلا [وفيهم] من يقول (1) بقول ابن كلاب في هذا الأصل، كأبي الحسن التميمي والقاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى [وأبي المعالي] الجويني (2) وابن عقيل وابن الزاغوني، وفيهم من يقول بقول جمهور أهل الحديث كالخلال (3) وصاحبه أبي بكر عبد العزيز (4) وأبي عبد الله بن حامد وأبي
_________
(1) ن (فقط) : والشافعي إلا من يقول.
(2) ن، م: والجويني.
(3) ن، ا، ب: كالجلال؛ م (غير منقوطة) والصواب ما أثبتناه. وهو أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر المعروف بالخلال، من أئمة الحنابلة، له التصانيف الدائرة والكتب السائرة، مثل " الجامع " و " العلل " و " السنة "، توفي سنة 311. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/12 - 15؛ تذكرة الحفاظ 3/7؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/313 - 314؛ الأعلام 1/196.
(4) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف، أبو بكر المعروف بغلام الخلال. من أهم مصنفاته " الشافي " و " المقنع "، توفي سنة 363. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/119 - 127؛ شذرات الذهب 3/45 - 46؛ الأعلام 4/139.
****************************** **
عبد الله بن منده (1) وأبي إسماعيل الأنصاري وأبي نصر السجزي (2) وأبي بكر محمد بن إسحق بن خزيمة وأتباعه (3) .
وجماع [القول في] ذلك ن، م: وجماع ذلك. أن الباري تعالى هل يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته كالأفعال الاختيارية على هذين القولين؟ .
قال المثبتون لذلك وللتعليل: نحن نقول لمن أنكر ذلك من المعتزلة والشيعة ونحوهم: أنتم تقولون: [إن الرب] (4) كان معطلا في الأزل لا يتكلم ولا يفعل شيئا، ثم أحدث الكلام والفعل بلا سبب حادث أصلا، فلزم ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر بلا مرجح، وبهذا استطالت عليكم الفلاسفة وخالفتهم أئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة في ذلك، وظننتم أنكم أقمتم الدليل على حدوث العالم بهذا، حيث ظننتم أن ما لا يخلو عن نوع الحوادث يكون حادثا لامتناع حوادث لا نهاية لها.
وهذا الأصل ليس معكم به كتاب ولا سنة ولا أثر عن الصحابة والتابعين، بل الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة [والقرابة] وأتباعهم (5)
_________
(1) هو محمد بن إسحاق بن محمد أبو عبد الله بن منده الأصبهاني، من أئمة الحنابلة، قال عنه ابن أبي يعلى: بلغني عنه أنه قال: كتبت عن ألف شيخ وسبعمائة شيخ، توفي سنة 395. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/167؛ شذرات الذهب 3/337؛ تذكرة الحفاظ 3/220 - 224.
(2) هو أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري السجزي (نسبة إلى سجستان) نزيل الحرم ومصر المتوفى سنة 444. ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/206 - 207، 1118 - 1120.
(3) في (ن) ، (م) سقطت عبارة " وأبي بكر عبد العزيز " واختلف ترتيب الأسماء عما أثبته من (ا) ، (ب) .
(4) إن الرب: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ن، م: وآثار الصحابة وأتباعهم.
****************************** *******
بخلاف ذلك، والنص والعقل دل على أن كل ما سوى الله [تعالى مخلوق] حادث (1) كائن بعد أن لم يكن، ولكن لا يلزم (2) من حدوث كل فرد فرد مع كون الحوادث متعاقبة [حدوث النوع] (3) ، فلا يلزم من ذلك أنه لم يزل الفاعل المتكلم معطلا عن الفعل (4) والكلام، ثم حدث ذلك بلا سبب (5) ، كما لم يلزم [مثل] (6) ذلك في المستقبل، فإن كل فرد فرد من المستقبلات المنقضية (7) فان، وليس النوع فانيا. كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، وقال: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] . فالدائم الذي لا ينفد - أي لا ينقضي - هو (8) النوع، وإلا فكل فرد من أفراده نافد منقض ليس بدائم.
وذلك أن الحكم الذي توصف به الأفراد إذا كان لمعنى موجود في الجملة [وصفت به الجملة، مثل وصف كل فرد بوجود أو إمكان أو بعدم، فإنه يستلزم وصف الجملة] (9) بالوجود والإمكان والعدم؛ لأن طبيعة الجميع هي (10) طبيعة كل واحد واحد، وليس المجموع إلا الآحاد الممكنة أو الموجودة أو المعدومة.
_________
(1) ن، م: كل ما سوى الله حادث.
(2) ن، م: لا يستلزم.
(3) عبارة " حدوث النوع " سقطت من (ن) واختلف ترتيبها في الجملة في (م) .
(4) ن (فقط) : عن العقل، وهو تحريف.
(5) ا، ب: بالسبب.
(6) مثل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن: المقتضية، وهو تحريف.
(8) ب (فقط) : هذا.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(10) هي: ساقطة من (ا) ، (ب) .
*****************************
وأما إذا كان ما وصف به الأفراد لا يكون صفة للجملة، لم يلزم أن يكون حكم الجملة حكم الأفراد، كما في أجزاء البيت والإنسان [والشجرة] (1) ، فإنه ليس كل منها بيتا ولا إنسانا [ولا شجرة] (2) ، وأجزاء الطويل والعريض والدائم والممتد لا يلزم أن يكون كل منها طويلا وعريضا ودائما وممتدا (3) .
وكذلك إذا وصف كل واحد واحد من المتعاقبات بفناء أو حدوث، لم يلزم أن يكون النوع منقطعا أو حادثا (4) بعد أن لم يكن؛ لأن حدوثه معناه أنه وجد بعد أن لم يكن، كما أن فناءه معناه أنه عدم بعد وجوده. وكونه عدم بعد وجوده، أو وجد بعد عدمه أمر (5) يرجع إلى وجوده وعدمه، لا إلى نفس الطبيعة الثابتة للمجموع، كما في الأفراد الموجودة (6) أو المعدومة أو الممكنة، فليس إذا كان هذا المعين (7) لا يدوم، يلزم أن يكون نوعه (8) لا يدوم؛ لأن الدوام تعاقب الأفراد، وهذا أمر يختص به المجموع، لا يوصف به الواحد، وإذا حصل للمجموع بالاجتماع حكم
_________
(1) والشجرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ولا شجرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) في (ن) ، (م) : بعد كلمة " وممتدا ": قال تعالى: (أكلها دائم وظلها) وقال: (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) فالدائم الذي لا ينفد أي لا ينقضي هو النوع، وإلا فكل فرد من أفراده نافد منقض ليس بدائم. وهذه الزيادة في (ن) ، (م) تكرار لما سبق ولا موضع لها هنا والمعنى يتم بدونها.
(4) ب (فقط) : فانيا أو حادثا.
(5) أمر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن (فقط) : كما في الأفراد المجموعة الموجودة.
(7) ن، م: المعنى، وهو خطأ.
(8) ن، م: عدمه، وهو خطأ.
****************************** **
يخالف به حكم الأفراد، لم يجب مساواة المجموع للأفراد في أحكامه.
وبالجملة، فما يوصف به الأفراد قد توصف به الجملة وقد لا توصف به، فلا يلزم من حدوث الفرد حدوث النوع إلا إذا ثبت أن هذه الجملة موصوفة بصفة هذه الأفراد.
وضابط ذلك أنه إن كان بانضمام هذا الفرد إلى هذا الفرد يتغير ذلك الحكم الذي لذلك الفرد (1) ، لم يكن حكم المجموع حكم الأفراد، وإن لم يتغير ذلك الحكم الذي لذلك الفرد، كان حكم المجموع حكم أفراده (2) .
مثال الأول: أنا إذا ضممنا هذا الجزء إلى هذا الجزء، صار المجموع (3) أكثر وأطول وأعظم من كل فرد، فلا يكون في مثل هذا حكم (4) المجموع حكم الأفراد. فإذا قيل: إن (5) هذا اليوم طويل، لم يلزم أن يكون جزؤه طويلا. وكذلك إذا قيل: هذا الشخص أو الجسم (6) طويل أو ممتد، أو قيل: إن هذه الصلاة طويلة، أو قيل: [إن] (7) هذا النعيم دائم، لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائما.
قال الله تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، وليس كل جزء
_________
(1) ا، ب: الذي للفرد.
(2) ن، م، ا: أمثاله، والصواب ما أثبته من (ب) .
(3) ن، م: صار الكل.
(4) ن (فقط) : في حكم هذا مثل حكم. .
(5) إن: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن، م: والجسم.
(7) إن: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************
من أجزاء (1) الأكل دائما. وكذلك في الحديث (2) الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم -: " «أحب العمل إلى الله أدومه» " (3) وقول عائشة [رضي الله عنها] (4) : «وكان عمله ديمة» (5) . فإذا كان عمل المرء دائما، لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائما.
_________
(1) أجزاء: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ن، م، ا: وكذلك قوله في الحديث.
(3) جاء الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في المسند (ط. الحلبي) 6/51 بلفظ: إن أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه. وأوله: مه عليكم بما تطيقون. . الحديث. وعقد مسلم في صحيحه 1/540 - 541 فصلا (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره) أورد فيه أربعة أحاديث كلها عن عائشة - رضي الله عنها - وفيها معنى الحديث الذي ذكره ابن تيمية منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وجاء في حديث آخر عن أم سلمة - رضي الله عنها - في المسند (ط. الحلبي) 6/319 ونصه: " ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صلاته قاعدا إلا المكتوبة وكان أحب العمل إليه ما داوم العبد عليه وإن كان يسيرا ". وأورد البخاري حديثين عن عائشة - رضي الله عنها - بمعنى هذا الحديث مع اختلاف الألفاظ: الأول 1/13 (كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله أدومه) ولفظه: وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه. والثاني 3/38 - 39 (كتاب الصوم، باب صوم شعبان) ولفظه: وأحب الصلاة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما داوم عليه وإن قلت. وجاء الحديث عن عائشة في: سنن أبي داود 2/65 (كتاب التطوع، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة) .
(4) رضي الله عنها: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: البخاري 8/98 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ونصه: عن علقمة قال: سألت أم المؤمنين عائشة قلت: يا أم المؤمنين كيف كان عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل كان يخص شيئا من الأيام؟ قالت: لا كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستطيع. وجاء الحديث أيضا في: البخاري 3/42 (كتاب الصوم، باب هل يخص شيئا من الأعمال) ؛ مسلم 1/541 (كتاب صلاة المسافرين، باب فضيلة العمل الدائم. .) ؛ سنن أبي داود 2/66 (كتاب التطوع، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/43، 55، 189.
****************************** *****
وكذلك إذا قيل: هذا المجموع عشر أوقية أو نش (1) أو إستار (2) ، لم يلزم أن يكون كل جزء (3) من أجزائه عشر أوقية ولا نشا ولا إستارا (4) ؛ لأن المجموع حصل بانضمام الأجزاء بعضها إلى بعض، والاجتماع ليس موجودا (5) للأفراد.
وهذا بخلاف ما إذا قيل (6) : كل جزء من الأجزاء معدوم أو موجود أو ممكن أو واجب أو ممتنع، فإنه يجب في المجموع أن يكون معدوما أو موجودا أو ممكنا أو واجبا أو ممتنعا، وكذلك إذا قلت: كل واحد من الزنج أسود، فإنه يجب أن يكون معدوما أو موجودا أو ممكنا أو واجبا أو ممتنعا، وكذلك إذا قلت: كل واحد من الزنج أسود، فإنه يجب أن يكون المجموع سودا؛ لأن اقتران الموجود بالموجود لا يخرجه عن كونه موجودا، واقتران المعدوم بالمعدوم لا يخرجه عن العدم (7) ، واقتران الممكن لذاته والممتنع لذاته بنظيره لا يخرجه عن كونه ممكنا لذاته وممتنعا لذاته.
بخلاف ما لا يكون ممتنعا لذاته (8) إلا إذا انفرد وهو بالاقتران يصير
_________
(1) ن، م، ا: أو بيت، وهو خطأ. وفي اللسان: النش: وزن نواة من ذهب. وقيل هو وزن عشرين درهما.
(2) ن، م، ا: أو إنسان، وهو خطأ. وفي اللسان: الإستار أيضا وزن أربعة مثاقيل ونصف، والجمع: الأساتير.
(3) عبارة " كل جزء " ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ب: أن يكون من أجزائه عشر أوقية ولا نش ولا إستار؛ ا: أن يكون من أجزائه عشرة ولا قبة ولا بيتا ولا إنسانا؛ ن، م: أن يكون كل جزء من الأجزاء عشرة ولا شيئا ولا أوقية ولا إنسانا؛ وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(5) ن، م: ليس بموجود.
(6) ا، ب: إذا قلت.
(7) ن، م: عن المعدوم.
(8) لذاته: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (62)
صـ 431 إلى صـ 437
ممكنا، كالعلم مع الحياة، فإنه وحده ممتنع ومع الحياة ممكن. وكذلك أحد الضدين هو وحده ممكن ومع الآخر ممتنع اجتماعهما، فالمتلازمان يمتنع انفراد أحدهما، والمتضادان يمتنع اجتماعهما.
وبهذا يتبين الفرق بين دوام الآثار الحادثة الفانية واتصالها، وبين وجود علل ومعلولات ممكنة لا نهاية لها. فإن من الناس من سوى بين القسمين في الامتناع، كما يقوله كثير من أهل الكلام، ومن الناس من توهم أن التأثير واحد في الإمكان والامتناع، ثم لم يتبين له امتناع علل ومعلولات لا تتناهى، وظن أن هذا موضع (1) مشكل لا يقوم على امتناعه حجة، وإن لم يكن قولا لأحد، كما ذكر ذلك الآمدي في " رموز الكنوز " (2) . والأبهري (3) [ومن اتبعهما] (4) .
والفرق بين النوعين حاصل، فإن الحادث المعين إذا ضم إلى الحادث المعين، حصل من الدوام والامتداد وبقاء النوع ما لم يكن حاصلا للأفراد، فإذا كان المجموع طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما، لم يلزم أن يكون كل فرد طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما. وأما العلل والمعلولات المتسلسلة فكل منهما ممكن، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج عن الإمكان، وكل منهما معدوم، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج
_________
(1) موضع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) سبقت ترجمة الآمدي في هذا الجزء، ص 248. وانظر في ترجمته أيضا: ميزان الاعتدال 1/349؛ لسان الميزان 3/134 - 135؛ مرآة الجنان لليافعي 4؛ مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/49 brock: gal gi. 393، si، 678
(3) سبقت ترجمة الأبهري في هذا الجزء، ص 220.
(4) ومن اتبعهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** **
عن العدم. فاجتماع المعدومات الممكنة (* لا يجعلها موجودة، بل ما فيها من الافتقار إلى الفاعل حاصل عند اجتماعها *) (1) ، (2) أعظم من حصوله عند افتراقها (3) ، وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
[أدلة القائلين بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث والرد عليهم]
وعمدة من يقول بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث، إنما هي دليل التطبيق والموازنة (4) والمسامتة المقتضي تفاوت الجملتين، ثم يقولون: (5) والتفاوت فيما لا يتناهى (* محال، مثال ذلك أن يقدروا الحوادث من [زمن] (6) الهجرة إلى ما لا يتناهى *) (7) في المستقبل أو الماضي، والحوادث من زمن الطوفان إلى ما لا يتناهى [أيضا] (8) ثم يوازنون الجملتين، فيقولون: إن تساوتا (9) لزم أن يكون الزائد كالناقص، وهذا ممتنع، فإن إحداهما زائدة على الأخرى بما بين الطوفان والهجرة، وإن تفاضلتا لزم أن يكون فيما لا يتناهى تفاضل، وهو ممتنع.
والذين نازعوهم من أهل الحديث والكلام والفلسفة منعوا هذه المقدمة، وقالوا: لا نسلم أن حصول مثل هذا التفاضل [في ذلك]
_________
(1) ن، ا: اجتماعهما.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) ا (فقط) : افتراقهما.
(4) ن، م: والموازاة.
(5) ن: نقول؛ م: يقول.
(6) زمن: ساقطة من (ن) .
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(8) أيضا: زيادة في (ا) ، (ب) .
(9) ن، ا، ب: تساويا.
****************************** **
ممتنع (1) ، بل نحن نعلم أنه من الطوفان إلى ما لا نهاية له في المستقبل أعظم من الهجرة إلى ما لا نهاية له في المستقبل، وكذلك [من الهجرة إلى ما لا بداية له (2) في الماضي أعظم من الطوفان إلى ما لا بداية له في الماضي، وإن كان كل منهما لا بداية له (3) ، فإن] (4) ما لا نهاية له من هذا الطرف وهذا الطرف، ليس أمرا محصورا محدودا موجودا حتى يقال هما متماثلان (5) في المقدار، فكيف يكون أحدهما أكثر؟ بل كونه لا يتناهى معناه أنه يوجد شيئا بعد شيء دائما، فليس هو مجتمعا محصورا.
والاشتراك في عدم التناهي لا يقتضي التساوي في المقدار، إلا إذا كان كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى له قدر محدود (6) ، وهذا باطل. فإن ما لا يتناهى ليس له حد محدود ولا مقدار معين، بل هو بمنزلة العدد المضعف، فكما أن اشتراك الواحد والعشرة والمائة والألف في التضعيف (7) الذي لا يتناهى لا يقتضي تساوي مقاديرها، فكذلك هذا.
وأيضا: فإن هذين هما متناهيان من أحد الطرفين وهو الطرف المستقبل، وغير متناهيين من الطرف الآخر وهو الماضي.
_________
(1) ن، م: حصول مثل هذا. والتفاضل ممتنع.
(2) م: ما لا نهاية له.
(3) م: لا نهاية له.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) ا: متلازمان؛ ب: متوازنان.
(6) ا: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدر محدود؛ ب: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدرا محدودا. .
(7) ن: الضعيف؛ م: الضعف، وكلاهما تحريف.
****************************** *
وحينئذ فقول (1) القائل: يلزم (2) التفاضل فيما لا يتناهى غلط، فإنه إنما حصل في المستقبل وهو الذي يلينا وهو متناه، ثم هما لا يتناهيان من الطرف الذي لا يلينا وهو الأزل (3) وهما متفاضلان (4) من الطرف الذي يلينا وهو طرف الأبد.
فلا يصح أن يقال: وقع التفاوت فيما لا يتناهى، إذ هذا (5) يشعر بأن التفاوت حصل في الجانب الذي لا آخر له، وليس الأمر (6) كذلك، بل إنما حصل التفاضل (7) من الجانب [المنتهى] (8) الذي له آخر فإنه لم ينقض (9) .
ثم للناس في هذا جوابان (10) ، أحدهما: قول من يقول: ما مضى من الحوادث فقد عدم، وما لم يحدث لم يكن، فالتطبيق في مثل هذا أمر يقدر في الذهن لا حقيقة له في الخارج، كتضعيف الأعداد: فإن تضعيف الواحد أقل من تضعيف العشرة، وتضعيف العشرة أقل من تضعيف المائة، وكل ذلك لا نهاية له، لكن ليس هو أمرا موجودا في الخارج.
_________
(1) ن، م: فيقول:
(2) ا، ب: للزم.
(3) ن، م: الأول.
(4) ن، م: متناهيان.
(5) ن، م: فيما لا يتناهى وهذا. .
(6) الأمر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ن، م: التفاوت.
(8) المنتهى: ساقطة من (ن) . وفي (م) : الآخر.
(9) ن، م:. . فإنه لا يزال.
(10) ا: هذا ثم للناس هنا جوابان؛ ب: هذا ثم هنا للناس جوابان.
****************************** ************
ومن قال هذا فإنه يقول: إنما يمتنع (1) اجتماع ما لا يتناهى إذا كان مجتمعا في الوجود، سواء كانت أجزاؤه (2) (3 متصلة كالأجسام، أو كانت 3) (3) منفصلة كنفوس الآدميين (4) ، ويقول: كل ما اجتمع في الوجود فإنه يكون متناهيا، ومنهم من يقول: المتناهي هو المجتمع المتعلق بعضه ببعض بحيث يكون له ترتيب وضعي كالأجسام، أو طبيعي (5) كالعلل وأما ما لا يتعلق بعضه ببعض كالنفوس، فلا يجب هذا فيها، فهذان قولان.
وأما القائلون بامتناع ما لا يتناهى وإن عدم بعد وجوده، فمنهم من قال به في الماضي والمستقبل، كقول جهم (6) وأبي الهذيل، ومنهم من فرق بين الماضي والمستقبل، وهو قول كثير من أهل الكلام ومن وافقهم. قالوا: لأنك إذا (7) قلت: لا أعطيك درهما إلا أعطيك (8) بعده درهما، كان هذا ممكنا. ولو قلت: لا أعطيك درهما حتى أعطيك قبله درهما، كان هذا ممتنعا، وعلى هذا اعتمد (9) أبو المعالي في " إرشاده " (10) وأمثاله
_________
(1) ن، م: يمنع.
(2) ن، م: أجزاء.
(3) (3 - 3) : ساقط من (ا) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : كنفوس الآدميين أو لا.
(5) ن: طبعي.
(6) ن، م:. . والمستقبل كجهم. .
(7) ا، ب: لو.
(8) م: إلا أعطيتك.
(9) ن، م: امتنع، وهو تحريف.
(10) هذا المثال يذكره أبو المعالي الجويني في كتابه " الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد "، ص [0 - 9] 6 - 27؛ القاهرة 1369/1950. وانظر كلامه عن استحالة حوادث لا أول لها، ص 25 - 27.
****************************** ***
من النظار.
وهذا التمثيل والموازنة ليست صحيحة، بل الموازنة الصحيحة أن تقول: ما أعطيتك درهما إلا أعطيتك قبله درهما، فتجعل ماضيا قبل ماض، كما جعلت هناك مستقبلا بعد مستقبل.
وأما قول القائل: لا أعطيك حتى أعطيك، فهو نفي للمستقبل حتى يحصل مثله (1) في المستقبل ويكون قبله، فقد (2) نفى المستقبل حتى يوجد المستقبل، وهذا ممتنع، لم ينف (3) الماضي حتى يكون قبله ماض فإن هذا ممكن، والعطاء المستقبل ابتداؤه من المعطي، والمستقبل الذي له ابتداء وانتهاء لا يكون قبله ما لا نهاية له، فإن وجود ما لا نهاية له فيما يتناهى ممتنع.
فهذه الأقوال الأربعة للناس فيما لا يتناهى.
[التسلسل نوعان]
والتسلسل نوعان: تسلسل في المؤثرات كالتسلسل في العلل والمعلولات، وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء.
ومن هذا الباب تسلسل الفاعلين والخالقين والمحدثين مثل أن يقول: هذا المحدث له محدث، وللمحدث محدث [آخر] (4) إلى ما لا يتناهى. فهذا مما اتفق العقلاء - فيما أعلم - على امتناعه؛ لأن كل محدث لا
_________
(1) مثله: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: فعل. وهو خطأ.
(3) م (فقط) : لأنه لم ينف.
(4) آخر: زيادة في (ا) ، (ب) .
****************************** ******
يوجد بنفسه، فهو معدوم باعتبار نفسه، [وهو ممكن باعتبار نفسه] (1) ، فإذا قدر من ذلك ما لا يتناهى، لم تصر الجملة موجودة واجبة بنفسها، فإن انضمام المحدث إلى المحدث والمعدوم إلى المعدوم والممكن إلى الممكن، لا يخرجه عن كونه مفتقرا (2) إلى الفاعل له، بل كثرة ذلك تزيد حاجتها وافتقارها إلى الفاعل، وافتقار المحدثين الممكنين أعظم من افتقار أحدهما، كما أن عدم الاثنين أعظم من عدم أحدهما. فالتسلسل في هذا والكثرة لا تخرجه عن الافتقار والحاجة، بل تزيده حاجة وافتقارا.
فلو قدر من الحوادث والمعدومات والممكنات ما لا نهاية له، وقدر أن بعض ذلك معلول لبعض أو لم يقدر ذلك، فلا يوجد [شيء من] (3) ذلك إلا بفاعل صانع لها خارج عن هذه الطبيعة المشتركة المستلزمة للافتقار والاحتياج، فلا يكون فاعلها معدوما ولا محدثا ولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، بل لا يكون إلا موجودا بنفسه واجب الوجود لا يقبل العدم قديما ليس بمحدث، فإن كل ما ليس كذلك فإنه مفتقر إلى من يخلقه وإلا لم يوجد.
وأما التسلسل في الآثار كوجود حادث بعد حادث، فهذا فيه الأقوال الثلاثة المتقدمة: إما منعه في الماضي والمستقبل، كقول جهم وأبي الهذيل. وإما منعه في الماضي فقط، كقول كثير من أهل الكلام. وإما
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ن: منقص، وهو تحريف.
(3) شيء من: ساقطة من (ن) فقط.
****************************** **
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (63)
صـ 438 إلى صـ 444
[الدور نوعان]
تجويزه فيهما، كقول أكثر أهل الحديث والفلاسفة، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.
وكذلك الدور نوعان: دور قبلي: وهو أنه لا يكون هذا إلا بعد هذا، ولا هذا إلا بعد هذا، وهذا ممتنع باتفاق العقلاء. وأما الدور المعي الاقتراني مثل المتلازمين اللذين يكونان في زمان واحد كالأبوة والبنوة، وعلو أحد الشيئين على الآخر مع سفول الآخر، وتيامن هذا عن ذاك مع تياسر (1) الآخر عنه، ونحو ذلك من الأمور المتلازمة التي لا توجد إلا معا، فهذا الدور ممكن. وإذا لم يكن واحد منهما فاعلا للآخر ولا تمام للفاعل (2) ، بل كان الفاعل لهما غيرهما، جاز ذلك.
وأما إذا كان أحدهما فاعلا للآخر (3) ، أو من تمام كون الفاعل فاعلا، صار من الدور الممتنع.
[امتناع وجود إلهين]
ولهذا امتنع ربان مستقلان أو متعاونان. أما المستقلان، فلأن استقلال أحدهما بالعالم (4) يوجب أن يكون (5) الآخر لم يشركه فيه، فإذا كان الآخر مستقلا لزم أن يكون كل منهما فعله، وكل منهما لم يفعله، وهو جمع بين النقيضين.
وأما المتعاونان، فإن قيل: إن كلا منهما قادر على الاستقلال حال كون الآخر مستقلا به (6) ، لزم القدرة على اجتماع النقيضين وهو ممتنع،
_________
(1) ن، م: عن ذاك وتياسر. . .
(2) ا، ب: الفاعل.
(3) للآخر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ن (فقط) : بالعلم، وهو خطأ.
(5) يكون: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) به: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************
فإنه حال قدرة أحدهما على الاستقلال يمتنع قدرة الآخر على الاستقلال، ولا يكونان (1) في حال واحدة كل منهما قادر على الاستقلال، فإن ذلك يقتضي وجوده مرتين في حال واحدة. لكن الممكن أن يقدر هذا إذا لم يكن الآخر فاعلا (2) وبالعكس، فقدرة كل منهما مشروطة بعدم فعل الآخر معه، ففي حال فعل كل واحد (3) منهما يمتنع قدرة الآخر.
وإن قيل: إن المتعاونين لا يقدران في حال واحدة على الاستقلال، كما هو الممكن الموجود في المتعاونين من المخلوقين، كان هذا باطلا [أيضا كما سيأتي] (4) .
والمقصود أنهما إن كانا قادرين على الاستقلال، أمكن أن يفعل هذا مقدوره وهذا مقدوره، فيلزم اجتماع النقيضين، وإلا لزم أن تكون قدرة أحدهما مشروطة بتمكين الآخر له، وهذا ممتنع كما سيأتي.
وأيضا، فيمكن أن يريد أحدهما (5) ضد مراد الآخر، فيريد هذا تحريك جسم وهذا تسكينه، واجتماع الضدين ممتنع. وإن لم يمكن أحدهما إرادة الفعل إلا بشرط موافقة الآخر له، كان عاجزا وحده، ولم يصر قادرا إلا بموافقة الآخر
_________
(1) ن، م: فلا يكون.
(2) ب (فقط) : لكن الممكن أن يقدر هذا فاعلا إذا لم يكن الآخر فاعلا، والصواب ما أثبتناه، وهو الذي في (ن) ، (م) ، (ا) .
(3) واحد: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ما بين المعقوفتين زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) ب: كما سيأتي أيضا. فيمكن أن يريد أحدهما. . . إلخ.
****************************** *
وكذا (1) إذا قدر أنه ليس واحد منهما قادرا على الاستقلال، بل لا يقدر إلا بمعاونة الآخر كما في المخلوقين، أو قيل: يمكن كل (2) منهما الاستقلال بشرط تخلية الآخر بينه وبين الفعل، ففي جميع هذه الأقسام يلزم أن تكون قدرة كل منهما لا تحصل إلا بإقدار الآخر له، وهذا ممتنع، فإنه من جنس الدور في المؤثرات في الفاعلين والعلل الفاعلة (3) . فإن ما به يتم كون الفاعل فاعلا يمتنع فيه الدور، كما يمتنع في ذات الفاعل، والقدرة شرط في الفعل، فلا يكون الفاعل فاعلا إلا بالقدرة، (* فإذا كانت قدرة هذا لا تحصل إلا بقدرة ذاك (4) ، وقدرة ذاك (5) لا تحصل إلا بقدرة هذا *) (6) كان هذا دورا ممتنعا.
كما أن ذات ذاك إذا لم تحصل إلا بهذا، وذات هذا لم تحصل إلا بذات ذاك (7) كان هذا دورا ممتنعا، إذ كان كل منهما هو الفاعل للآخر، بخلاف ما إذا كان ملازما له أو شرطا فيه (8) والفاعل غيرهما، فإن هذا جائز، كما ذكر في الأبوة والبنوة.
وكذلك الواحد الذي يريد أحد الضدين بشرط (9) أن لا يريد الضد
_________
(1) ا، ب: وهكذا.
(2) ب (فقط) : كلا.
(3) ا: والعلل والفاعلة؛ ب: والعلل والفاعلية.
(4) ن، ا: هذا.
(5) ن (فقط) : هذا.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(7) ن، م، ا: وذات ذاك لم تحصل إلا بذات هذا. والصواب ما أثبتناه من (ب) .
(8) ا: ملازما له وشرطا فيه؛ ب: لازما له وشرطا فيه.
(9) ن (فقط) : يشترط.
****************************** ****
الآخر، فإن هذا لا يقدح في كونه قادرا. وأما إذا كان لا يقدر حتى يعينه الآخر على القدرة، أو حتى يخليه فلا يمنعه من الفعل، فإن ذلك يقدح في كونه وحده قادرا.
وهذه المعاني قد بسطت في غير هذا الموضع، لكن لما كان الكلام في التسلسل والدور كثيرا ما يذكر في هذه المواضع المشكلة المتعلقة بما يذكر من الدلائل في توحيد الله وصفاته وأفعاله، وكثير من الناس قد لا يهتدي للفروق الثابتة بين الأمور المتشابهة، حتى يظن فيما هو دليل صحيح أنه ليس دليلا صحيحا، أو يظن ما ليس بدليل دليلا، أو يحار ويقف ويشتبه الأمر عليه، أو يسمع كلاما طويلا مشكلا لا يفهم معناه، أو يتكلم بما لا يتصور حقيقته، نبهنا (1) على ذلك هنا تنبيها لطيفا؛ إذ هذا ليس (2) موضع بسطه.
[الأخطاء التي وقع فيها المعتزلة والشيعة نتيجة ظنهم أن التسلسل نوع واحد]
والناس لأجل هذا دخلوا في أمور كثيرة، فالذين قالوا: القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة من المعتزلة والشيعة [وغيرهم] (3) ، إنما أوقعهم ظنهم أن التسلسل نوع واحد، فالتزموا لأجل ذلك أن الخالق لم يكن متكلما (4) ولا متصرفا بنفسه حتى أحدث كلاما منفصلا عنه، وجعلوا خلق كلامه كخلق السماوات والأرض. فلما طالبهم الناس بأن الحادث لا بد له من سبب حادث، وقعوا في المكابرة، وقالوا: يمكن
_________
(1) ا، ب: فنبهنا.
(2) ا، ب: إذ ليس هذا.
(3) وغيرهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) ا، ب: متمكنا ممكنا.
****************************** *
القادر أن يرجح أحد المثلين بلا مرجح، كما في الجائع مع الرغيفين، والهارب مع الطريقين.
وجمهور العقلاء قالوا: نعلم بالاضطرار أنه إن لم يوجد المرجح التام لأحد المثلين امتنع الرجحان، وإلا فمع التساوي من كل وجه يمتنع الرجحان.
[تجويز المعتزلة والشيعة الترجيح بلا مرجح مكن الفلاسفة من القول بقدم العالم]
والفلاسفة جعلوا هذا (1) حجة في قدم العالم، فقالوا: الحدوث بلا سبب حادث ممتنع، فيلزم أن يكون قديما صادرا عن موجب بالذات.
وكانوا أضل من المعتزلة من وجوه متعددة: مثل كون قولهم يستلزم أن لا يحدث شيء، ومن جهة أن قولهم يتضمن أن الممكنات لا فاعل لها، فإن الفعل بدون الإحداث غير معقول، ومن جهة (* أن في قولهم من وصف الله [تعالى] (2) بالنقائص في ذاته وصفاته وأفعاله ما يطول وصفه (3) ، ومن جهة *) (4) أن العالم مستلزم للحوادث ضرورة؛ لأن الحوادث مشهودة، فإما أن تكون لازمة [له] (5) أو حادثة فيه، والموجب بالذات المستلزم لمعلوله لا يحدث عنه شيء، فيلزم أن لا يكون للحوادث فاعل بحال، وهم يجوزون حوادث لا تتناهى - كما يوافقهم عليه جمهور أهل الحديث والسنة - وحينئذ فلا يمتنع أن يكون كل [شيء] (6) من العالم حادثا.
_________
(1) ن: هذه.
(2) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) ا، ب وصفه هنا
(4) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(5) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) شيء: زيادة في (ب) فقط، والصواب إثباتها.
****************************** ********
والله تعالى لم يزل موصوفا بصفات الكمال: [لم يزل] (1) متكلما إذا شاء قادرا على الفعل، وليس شيء من الفعل والمفعول إلا حادثا معينا (2) ، إذ كل فعل [معين] (3) يجب أن يكون مسبوقا بعدمه، وإلا فالفاعل إن (4) قدر موجبا بذاته، لزمه مفعوله ولم يحدث عنه شيء، هو مكابرة للحس. وإن قدر غير موجب بذاته، لم يقارنه شيء من المفعولات (5) - وإن كان دائم الفعل - إذ كان نوع الفعل من لوازم ذاته.
وأما الأفعال والمفعولات المعينة فليست لازمة للذات، بل كل منها معلق بما قبله؛ لامتناع اجتماع الحوادث في زمان واحد. فالفعل الذي لا يكون إلا حادثا يمتنع أن يجتمع في زمان واحد، فضلا عن أن يكون كل من أجزائه أزليا، بل يوجد شيئا فشيئا.
وأما الفعل الذي لا يكون إلا قديما، فهذا أولا ممتنع لذاته؛ فإن الفعل والمفعول المعين (6) المقارن للفاعل ممتنع، فلا يحدث به شيء من الحوادث؛ لأن الفعل القديم إذا قدر أنه فعل تام لزمه (7) مفعوله.
وهذه المواضع قد بسطنا الكلام عليها في غير هذا الموضع (8) ، وبينا
_________
(1) لم يزل: ساقطة من (ن) فقط.
(2) معينا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) معين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ا، ب: إذا.
(5) ن: المعقولات، وهو تحريف.
(6) ن، م: المعين والمقارن.
(7) ا، ب: لزم.
(8) عبارة في غير هذا الموضع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************** ****
نزاع الناس في كل واحد واحد (1) منها. وإنما كان القصد هنا التنبيه على [أصل] (2) مسألة التعليل، فإن هذا المبتدع أخذ يشنع على أهل السنة، فذكر (3) مسائل لا يذكر حقيقتها ولا أدلتها، وينقلها على الوجه الفاسد.
وما ينقله عن أهل السنة خطأ أو كذب عليهم أو على كثير منهم، وما قدر أنه صدق فيه عن بعضهم، فقولهم فيه خير من قوله. فإن غالب شناعته على الأشعرية ومن وافقهم، والأشعرية خير من المعتزلة والرافضة عند كل من يدري ما يقول، ويتقي الله فيما يقول.
وإذا قيل: إن في كلامهم - وكلام من قد وافقهم (4) أحيانا من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم - ما هو ضعيف، فكثير من ذلك الضعيف إنما تلقوه من (5) المعتزلة، فهم أصل الخطأ في هذا الباب، وبعض ذلك أخطئوا فيه لإفراط المعتزلة في الخطأ، فقابلوهم مقابلة انحرفوا فيها، [كالجيش الذي يقاتل الكفار فربما حصل منه إفراط وعدوان] (6) ، وهذا مبسوط في موضعه.
_________
(1) واحد: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) أصل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: يذكر.
(4) ا، ب: يوافقهم وبعد هذه الكلمة لا توجد صفحة كاملة من مصورة (م) هي ص 36 منها وسأنبه عند بداية ظ [0 - 9] 6 بإذن الله.
(5) ا، ب: عن.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
****************************** **
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (64)
صـ 445 إلى صـ 451
[رد الأشاعرة ومن وافقهم على المعتزلة والشيعة]
قال هؤلاء للمعتزلة والشيعة (1) : ولما كان هذا الدليل عمدتكم، استطال عليكم الفلاسفة الدهرية، كابن سينا وأمثاله، وهذا الدليل مناف في الحقيقة لحدوث العالم لا مستلزم له، فإنه إذا كان هذا الحادث لا بد له من سبب حادث، وكان هذا الدليل مستلزما لحدوث الحادث بلا سبب، لزم أن لا يكون الله أحدث شيئا. فإذا جوزنا ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح، انسد طريق إثبات الصانع الذي سلكتموه.
وقالوا أيضا للمعتزلة والشيعة (2) : أنتم مع هذا عللتم (3) أفعال الله تعالى بعلل حادثة. فيقال لكم: هل توجبون للحوادث سببا حادثا أم لا؟ فإن قلتم: نعم، لزم تسلسل الحوادث، وبطل ما ذكرتموه.
وإن لم توجبوا ذلك، قيل لكم: وكذلك ليس لها غاية حادثة بعدها، فإن المعقول أن الفاعل المحدث لا بد لفعله من سبب ولا بد له من غاية. فإذا قلتم: لا سبب لإحداثه. قيل لكم: ولا غاية مطلوبة له بالفعل.
فإن قلتم: لا يعقل فاعل لا يريد حكمة إلا وهو عابث (4) . قيل لكم: ولا نعقل فاعلا يحدث شيئا بغير سبب حادث أصلا، بل هذا أشد امتناعا في العقل من ذاك، فلماذا أثبتم الغاية ونفيتم السبب الحادث؟ .
(1) ن: فإن هؤلاء المعتزلة والشيعة؛ ا، ب: قال هؤلاء المعتزلة والشيعة. والصواب ما أثبتناه، والمعنى: قال هؤلاء الأشاعرة - ومن وافقهم - للمعتزلة. . إلخ.
(2) وقالوا أيضا للمعتزلة والشيعة: كذا في النسخ الثلاث، وهو يتفق مع قراءتنا للفقرة السابقة.
(3) ن: علمتم، وهو تحريف.
(4) ا، ن: إلا وهو غائب. والمثبت من (ب) .
****************************** *******
وقيل لكم (1) أيضا: الذي يعقل من الفاعل أن يفعل لغاية تعود إليه، وأما (2) فاعل يفعل لغاية تعود إلى غيره، فهذا غير معقول.
وإذا كان هذا قول الشيعة المتبعين للمعتزلة في حكمة الله تعالى، فقد يقال: [قول] (3) من يقول: إنه يفعل لمحض المشيئة بلا علة (4) ، خير من هذا القول، فإن هذا سلم (5) من التسلسل، وسلم من كونه يفعل لحكمة منفصلة عنه. والمعتزلة تسلم له (6) امتناع التسلسل، فعلم أن قول هؤلاء خير من قول هذا المنكر عليهم.
وأما من قال بالتعليل من أهل [السنة] والحديث، [كما تقدم] ، فذاك (7) سلم من هذا وهذا، وقد كتبت في مسألة التعليل مصنفا (8) مستقلا بنفسه لما سئلت عنها (9) وليس هذا موضع بسطه.
والمقصود هنا التنبيه على أن أقوال أهل السنة خير من أقوال الشيعة، وأنه إن كان قول بعض أهل السنة ضعيفا، فقول الشيعة أضعف منه
(1) ن: الحادث قيل لكم.
(2) ن: وإنما.
(3) قول: ساقطة من (ن) .
(4) وهو قول الأشعري ومتبعيه.
(5) ا، ب: من هذا القول وهذا سلم. .
(6) له: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ن: من أهل الحديث فذاك. .
(8) ن: مكتوبا.
(9) ذكر ابن القيم في: " أسماء مؤلفات ابن تيمية "، ص [0 - 9] 0، أن لابن تيمية: " جواب في تعليل مسألة الأفعال "، نحو ستين ورقة. وذكره ابن عبد الهادي في " العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية " ص 49، (ط. القاهرة 1356/1938) وسماه: قاعدة في تعليل الأفعال.
****************************** ******
[استمرار مناقشة مزاعم ابن المطهر]
[فصل قول الرافضي بأن أهل السنة جوزوا على الله فعل القبيح والإخلال بالواجب والرد عليه]
(فصل (1)) وأما قول الرافضي (2) " وجوزوا عليه فعل القبيح والإخلال بالواجب (3) ".
فيقال له: ليس في [طوائف] (4) المسلمين من يقول: إن الله تعالى يفعل قبيحا أو يخل بواجب، ولكن المعتزلة ونحوهم ومن وافقهم من الشيعة النافين للقدر، يوجبون على الله من جنس ما يوجبون على العباد، ويحرمون عليه ما يحرمونه على العباد، ويضعون له شريعة [بقياسه] (5) على خلقه، فهم مشبهة الأفعال (6) .
وأما المثبتون للقدر من أهل السنة والشيعة، فمتفقون على أن الله تعالى لا يقاس بخلقه في أفعاله، كما لا يقاس بهم في ذاته وصفاته، فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وليس
(1) كل ما سبق كان متصلا بالاستطراد الذي بدأ في ص 148 للرد على قول الفلاسفة بقدم العالم وبيان مقالة أهل السنة وسائر الفرق بهذا الصدد.
(2) ن: وأما قوله.
(3) انظر ص 125 - 126، وكلام ابن تيمية هنا هو في الواقع استمرار لكلامه في الوجه الرابع من وجوه رده على مزاعم ابن المطهر، انظر ص 133.
(4) طوائف: ساقطة من (ن) .
(5) بقياسه: ساقطة من (ن) .
(6) ن: فهم مشبهون في الأفعال.
****************************** *****
ما وجب على أحدنا وجب مثله على الله [تعالى] (1) ، ولا ما حرم على أحدنا حرم مثله على الله [تعالى] (2) ، ولا ما قبح منا قبح من الله، ولا ما حسن من الله [تعالى] (3) حسن من أحدنا، وليس لأحد منا أن يوجب على الله [تعالى] (4) شيئا ولا يحرم عليه شيئا.
فهذا أصل قولهم الذي اتفقوا عليه، واتفقوا على أن الله [تعالى] (5) إذا وعد عباده بشيء كان وقوعه واجبا بحكم وعده، فإنه الصادق في خبره الذي لا يخلف الميعاد، واتفقوا على أنه لا يعذب أنبياءه ولا عباده الصالحين، بل يدخلهم الجنة (6) ، كما أخبر.
لكن تنازعوا في مسألتين: إحداهما: أن العباد هل يعلمون بعقولهم حسن بعض الأفعال (7) ، ويعلمون أن الله متصف بفعله، ويعلمون قبح بعض الأفعال، ويعلمون أن الله منزه عنه؟ (8) على قولين معروفين (9) : أحدهما: أن العقل لا يعلم به حسن فعل ولا قبحه، أما في حق الله فلأن القبيح منه ممتنع لذاته، وأما في حق العباد فلأن الحسن والقبح لا يثبت إلا بالشرع. وهذا قول الأشعري وأتباعه، وكثير من الفقهاء من
(1) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(6) ا: بل بدخولهم جنته؛ ب: بل يدخلوهم جنته.
(7) ن: الأعمال.
(8) ن: منه.
(9) معروفين: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************** *
أصحاب مالك والشافعي وأحمد. وهؤلاء لا ينازعون في الحسن والقبيح (1) إذا فسر بمعنى الملائم والمنافي أنه قد يعلم بالعقل، وكذلك لا ينازعون - أو لا ينازع أكثرهم أو كثير منهم - في أنه إذا عني به كون الشيء صفة كمال أو صفة نقص (2) أنه يعلم بالعقل.
والقول الثاني: أن العقل [قد] يعلم [به] حسن كثير (3) من الأفعال وقبحها في حق الله وحق عباده. وهذا مع أنه قول المعتزلة فهو قول الكرامية وغيرهم [من الطوائف] (4) ، وهو قول جمهور الحنفية، وكثير من أصحاب مالك والشافعي (5) وأحمد، كأبي بكر الأبهري (6) وغيره من أصحاب مالك، وأبي الحسن التميمي، وأبي الخطاب [الكلوذاني] (7) [من أصحاب أحمد] (8) ، وذكر أن هذا [القول] قول (9) أكثر أهل العلم،
(1) ن: في الحسن والقبح.
(2) ن: نقض، وهو تحريف.
(3) ن: أن العقل يعلم حسن كثير.
(4) من الطوائف: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) ن: والشافعي ومالك.
(6) أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح التميمي المالكي الأبهري. ولد سنة 289 وتوفي سنة 375، وينسب إلى أبهر وهي بليدة بالقرب من زنجان. انظر: معجم البلدان، مادة أبهر؛ ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 1/20؛ الديباج المذهب، ص [0 - 9] 55 - 258؛ الأعلام 7/98.
(7) ن: وأبي الخطاب؛ ا: والخطاب الكلوذاني؛ ب: وأبي الخطاب الكلواذي. وهو أبو الخطاب الكلوذاني، ويقال أيضا: الكلوذي، والكلواذاني. وسبق التعريف به (ص [0 - 9] 44 ت [0 - 9] ) ، وهو ينسب إلى كلواذى وهي قرية كانت بجوار بغداد وقد خربت. انظر معجم البلدان، مادة كلواذى؛ ابن الأثير: لباب الأنساب 3/49.
(8) من أصحاب أحمد: ساقطة من (ن) .
(9) ن: أن هذا قول. .
****************************** *
وهو قول أبي علي بن أبي هريرة و [أبي بكر] القفال (1) وغيرهما من أصحاب الشافعي، و [هو قول] طوائف (2) من أئمة أهل الحديث.
وعدوا القول الأول من أقوال أهل البدع، كما ذكر ذلك أبو نصر السجزي في رسالته المعروفة في السنة، وذكره صاحبه أبو القاسم سعد بن علي الزنجاني (3) في شرح قصيدته المعروفة في السنة.
وفي المسألة قول ثالث اختاره الرازي في آخر مصنفاته، وهو القول بالتحسين والتقبيح العقليين (4) في أفعال (5) العباد دون أفعال الله تعالى.
وقد تنازع أئمة الطوائف في الأعيان قبل ورود السمع، فقالت الحنفية وكثير من الشافعية والحنبلية: إنها على الإباحة، مثل ابن سريج (6) ، وأبي إسحاق المروزي (7) ، وأبي الحسن التميمي، وأبي الخطاب
(1) ن: والقفال.
(2) ن: وطوائف. .
(3) ن: سعيد بن علي، وهو خطأ. وأبو القاسم سعد بن علي بن محمد بن علي الزنجاني، ينسب إلى بلدة زنجان من نواحي الجبال بين أذربيجان وبينها، نزيل الحرم كان حافظا ثقة زاهدا، توفي في أول سنة 471 أو في آخر سنة 470. ترجمته في شذرات الذهب 3/339 - 340؛ تذكرة الحفاظ 3/1174 - 1178. وانظر معجم البلدان، مادة زنجان.
(4) ن: بالتحسين والقبيح العقلي؛ ا: بالتحسين والتقبيح العقلي.
(5) ن: في فعل. . . .
(6) أبو العباس أحمد بن عمرو بن سريج شيخ الشافعية وكان يقال له: الباز الأشهب، ولد سنة 249 وتوفي ببغداد سنة 306. ترجمته في: شذرات الذهب 2/247 - 248؛ طبقات الشافعية 3/21 - 39؛ وفيات الأعيان 1/49 - 51؛ الأعلام 1/178 - 179.
(7) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي صاحب ابن سريج، انتهت إليه رياسة مذهب الشافعي ببغداد، ومات بمصر سنة 340. ترجمته في: شذرات الذهب 2/355 - 356؛ وفيات الأعيان 1/7 - 8؛ الأعلام 1/22 - 23.
****************************** **
وقالت طوائف: إنها على الحظر، كأبي علي بن أبي هريرة، وابن حامد، والقاضي أبي يعلى، وعبد الرحمن الحلواني، (1) وغيرهم.
مع أن أكثر الناس يقولون: إن القولين لا يصحان إلا على قولنا بأن العقل يحسن ويقبح، وإلا فمن قال: إنه لا يعرف بالعقل حكم امتنع أن يصفها قبل الشرع بحظر أو إباحة (2) كما قال ذلك الأشعري، وأبو الحسن الجزري، (3) وأبو بكر الصيرفي (4) و [أبو الوفاء] بن عقيل، (5) وغيرهم.
المسألة الثانية: تنازعوا هل يوصف الله [تعالى] (6) بأنه أوجب على نفسه وحرم على نفسه، أو لا معنى للوجوب إلا إخباره (7) بوقوعه، ولا للتحريم (8) إلا إخباره بعدم وقوعه.
(1) أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن علي الحلواني. الفقيه الحنبلي الإمام، ولد سنة 490 وتوفي سنة 546 ترجمته في: شذرات الذهب 4/144؛ الذيل لابن رجب 1/221 - 222.
(2) ن: وإباحة.
(3) ن: والجزري. وهو عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري، صاحب الكامل في التاريخ المتوفى سنة 630. ترجمته في تذكرة الحفاظ 4/1399 - 1400؛ وفيات الأعيان 3/33 - 35؛ الأعلام 5/153.
(4) أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي الفقيه الشافعي كان إماما في الفقه والأصول، تفقه على ابن سريج، وتوفي سنة 330. ترجمته في: شذرات الذهب 2/325؛ اللباب في تهذيب الأنساب 2/66؛ طبقات الشافعية 3/186 - 187؛ الأعلام 7/96.
(5) ن: وابن عقيل.
(6) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(7) ن: إلا اختياره، وهو تحريف.
(8) ن: بالتحريم. وهو تحريف.
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (65)
صـ 452 إلى صـ 458
فقالت طائفة بالقول الثاني، وهو قول من يطلق أن الله لا يجب عليه شيء ولا يحرم عليه شيء.وقالت طائفة: بل هو أوجب (1) على نفسه، وحرم على نفسه كما نطق بذلك الكتاب والسنة في مثل قوله [تعالى] (2) {كتب ربكم على نفسه الرحمة} [سورة الأنعام: 54] وقوله {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} [سورة الروم: 47] وقوله في الحديث الإلهي [الصحيح] (3) " «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما» " (4) .
وأما أن العباد يوجبون عليه ويحرمون عليه فممتنع عند أهل السنة [كلهم] (5) . ومن قال: إنه أوجب على نفسه (6) أو حرم على نفسه فهذا الوجوب (7) والتحريم يعلم عندهم بالسمع، وهل يعلم بالعقل؟ على قولين لأهل السنة.
وإذا كانت (8) هذه الأقوال كلها معروفة لأهل السنة، بل لأهل
(1) ن: واجب، وهو تحريف.
(2) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) الصحيح: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) الحديث عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - في: صحيح مسلم 4/1994 (كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم) ؛ سنن ابن ماجه 2/1422 (كتاب الزهد، باب ذكر التوبة) ؛ سنن الترمذي 4/67 - 68 (كتاب صفة القيامة، باب حدثنا هناد. .) (ولم ترد هذه العبارة من الحديث فيه) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/154، 160، 177.
(5) كلهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
(6) على نفسه: ساقطة من (ن) .
(7) ن: فهذا الوجوب عندنا، وهو خطأ.
(8) عند عبارة " وإذا كانت " تعود نسخة (م) وفيها: فإذا كانت.
****************************** *
المذهب الواحد منهم، كمذهب أحمد وغيره من الأئمة (1) فمن قال من أهل السنة: إن الله لا يجب عليه شيء ولا يحرم عليه شيء امتنع عنده أن يكون مخلا بواجب أو فاعلا لقبيح، ومن قال: إنه أوجب على نفسه أو حرم على نفسه فهم متفقون على أنه لا يخل بما كتبه على نفسه ولا (2) يفعل ما حرمه على نفسه.
فتبين أنه ليس في أهل السنة من يقول إنه يخل بواجب أو يفعل قبيحا، لكن هذا المبتدع (3) سلك مسلك أمثاله فحكى (4) عن أهل السنة أنهم يجوزون عليه [تعالى] (5) الإخلال بالواجب وفعل القبيح.
وهذا حكاه بطريق الإلزام لإحدى الطائفتين الذين يقولون: لا يجب عليه شيء فله أن يخل بكل شيء، فقال: هؤلاء يقولون: (6 إنه يخل بالواجب، أي ما هو عندي واجب. وكذلك هؤلاء يقولون 6) (6) : لا يقبح منه شيء. فقال: إنهم جوزوا عليه فعل القبيح، (7 أي: فعل ما هو قبيح عندهم 7) (7) أو فعل ما هو قبيح من أفعال العباد. فهذا نقل عنهم بطريق الإلزام الذي اعتقدوه (8) .
(1) من الأئمة: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: فلا.
(3) ا، ب: المبدع.
(4) ا، ب: يحكي.
(5) ا: على الله تعالى. وسقطت تعالى من (ن) ، (م) .
(6) (6 - 6) ساقط من (ا) ، (ب) .
(7) (7 - 7) بدلا من هذه العبارات جاء في (ن) ، (م) : أي ما هو عندي قبيح.
(8) ا، ب: بطريق اللزوم الذي اعتقده.
****************************** ******
وأيضا، فأهل السنة يؤمنون بالقدر، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن الهدى بفضل منه. والقدرية يقولون: إنه يجب عليه أن يفعل بكل عبد ما يظنونه هم واجبا عليه، ويحرم عليه ضد ذلك، فيوجبون عليه أشياء ويحرمون [عليه] (1) أشياء، وهو لم يوجبها على نفسه ولا علم وجوبها بشرع ولا عقل، ثم يحكون عن (2) من لم يوجبها أنه يقول: إن الله يخل بالواجب، وهذا تلبيس في نقل المذهب وتحريف له.
[وأصل قول هؤلاء القدرية تشبيه الله بخلقه في الأفعال، فيجعلون ما حسن منه حسن من العبد، وما قبح من العبد قبح منه، وهذا تمثيل باطل] (3) .
[فصل الرد على قول الرافضي إن الله لا يفعل لغرض ولا حكمة]
وأما قوله: " وذهبوا إلى أنه لا يفعل لغرض، بل كل أفعاله لا لغرض من الأغراض ولا لحكمة ألبتة (4) ".
(1) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ا، ب: يحكمون على.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط وسقطت بعض كلماته من (م) .
(4) انظر ما سبق ص 125. وفي هامش (ا) كتب أمام هذا الموضع: (في التعليل) .
****************************** *******
فيقال له:
أما تعليل أفعاله وأحكامه بالحكمة، ففيه قولان مشهوران لأهل السنة، والنزاع في كل مذهب من المذاهب الأربعة، والغالب عليهم عند الكلام في الفقه وغيره التعليل. وأما في الأصول فمنهم من يصرح بالتعليل ومنهم من يأباه، وجمهور أهل السنة على إثبات الحكمة والتعليل في أفعاله وأحكامه.
وأما لفظ الغرض فالمعتزلة تصرح، به وهم من القائلين بإمامة أبي بكر وعمر وعثمان [رضي الله عنهم] (1) . وأما الفقهاء ونحوهم فهذا اللفظ يشعر عندهم بنوع من النقص: إما ظلم وإما حاجة، فإن كثيرا من الناس إذا قال: فلان له غرض في هذا، أو فعل هذا لغرضه، أرادوا أنه فعله لهواه ومراده المذموم، والله منزه عن ذلك. فعبر أهل السنة بلفظ الحكمة والرحمة والإرادة ونحو ذلك مما جاء به النص. [وطائفة من المثبتين للقدر من المعتزلة يعبرون بلفظ الغرض أيضا، ويقولون: إنه يفعل لغرض، كما يوجد ذلك في كلام طائفة من المنتسبين إلى السنة] (2) .
وأما قوله: " إنه يفعل الظلم والعبث " (3) .
فليس في أهل الإسلام من يقول: إن الله يفعل ما هو ظلم (4) منه ولا عبث منه. تعالى الله عن ذلك.
(1) رضي الله عنهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) انظر ص 123.
(4) منه: زيادة في (ا) ، (ب) .
****************************** **
بل الذين يقولون: إنه خالق كل شيء [من أهل السنة والشيعة] (1) .
يقولون: إنه خلق أفعال عباده، فإنها من جملة الأشياء، ومن المخلوقات ما هو مضر لبعض الناس، ومن ذلك الأفعال (2) التي هي ظلم من فاعلها وإن لم تكن ظلما من خالقها، كما أنه إذا خلق فعل العبد الذي هو صوم لم يكن هو صائما، وإذا خلق فعله الذي هو طواف لم يكن هو طائفا، وإذا خلق فعله الذي هو ركوع وسجود لم يكن هو راكعا ولا ساجدا (3) ، وإذا خلق جوعه وعطشه لم يكن جائعا ولا عطشانا؛ فالله تعالى إذا خلق في محل صفة أو فعلا لم يتصف هو بتلك الصفة ولا ذلك الفعل، إذ لو كان كذلك لاتصف بكل ما خلقه من الأعراض.
ولكن هذا الموضع زلت فيه الجهمية من المعتزلة، ومن اتبعهم من الشيعة الذين يقولون: ليس لله كلام إلا ما خلقه في غيره، وليس له فعل إلا ما كان منفصلا عنه، فلا (4) يقوم به عندهم لا فعل ولا قول، وجعلوا (5) كلامه الذي يكلم (6) به ملائكته وعباده، والذي كلم به موسى، والذي أنزله على عباده، هو ما خلقه في غيره.
فيقال لهم (7) : الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ا) ، (ب) .
(2) ن، م: ومن ذلك يقولون الأفعال. . .
(3) ن، م: لم يكن راكعا وساجدا.
(4) ن، م: ولا.
(5) ن، م: وجعل.
(6) ا: تكلم؛ ب: كلم.
(7) ا، ب: فقيل لهم.
******************************
لا على غيره (1) فإذا خلق حركة في محل كان ذلك المحل هو المتحرك بها لم يكن المتحرك بها هو الخالق لها. وكذلك إذا خلق لونا أو ريحا أو علما أو قدرة في محل، كان ذلك المحل هو المتلون بذلك اللون، المتروح بتلك الريح، العالم بذلك العلم، القادر بتلك القدرة. فكذلك إذا خلق كلاما في محل، كان ذلك المحل (2) هو المتكلم بذلك الكلام، وكان ذلك الكلام كلاما لذلك المحل لا لخالقه، فيكون الكلام الذي سمعه موسى وهو قوله {إنني أنا الله} [سورة طه: 14] كلام الشجرة لا كلام الله، لو كان ذلك مخلوقا.
واحتجت المعتزلة وأتباعهم الشيعة (3) على ذلك بالأفعال، فقالت: كما أنه عادل محسن بعدل وإحسان يقوم بغيره، فكذلك هو متكلم بكلام يقوم بغيره. وكان هذا حجة على من سلم الأفعال لهم كالأشعري ونحوه، فإنه ليس عنده فعل يقوم به، بل يقول: الخلق هو المخلوق لا غيره، وهو قول طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، وهو أول قولي القاضي أبي يعلى.
لكن جمهور الناس يقولون: الخلق غير المخلوق، وهذا مذهب الحنفية، وهو الذي (4) ذكره البغوي (5) \ 248. عن أهل السنة، والذي ذكره (6)
(1) ن، م: لأجل غيره، وهو تحريف.
(2) عبارة " ذلك المحل ": ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) ب: المعتزلة وأتباعهم للشيعة؛ ن، م: المعتزلة والشيعة، والصواب ما أثبته من (ا) .
(4) ا، ب: والذي.
(5) أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد، المعروف بالفراء، البغوي، الفقيه الشافعي المحدث المفسر، توفي سنة 510. ترجمته في: وفيات الأعيان 1/402؛ طبقات الشافعية 7 - 80؛ تذكرة الحفاظ 4/1257؛ الأعلام 2
(6) ن، م: وذكره.
****************************
أبو بكر الكلاباذي عن الصوفية في كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف (1) ، وهو قول أئمة أصحاب أحمد كأبي بكر عبد العزيز، وابن حامد، وابن شاقلا (2) ، وغيرهم (3) ، [وهو] آخر قولي القاضي [أبي يعلى] (4) ، واختيار أكثر (5) أصحابه كأبي الحسين ابنه (6) وغير هؤلاء، وإنما اختار القول الآخر (7) طائفة منهم كابن عقيل ونحوه.
ولما كان هذا قول الأشعري [ونحوه] (8) ، وهو مع سائر أهل السنة
(1) ن: التعريف لأهل التصوف؛ م، ا، ب: التعرف لمذهب التصوف. وهو أبو بكر محمد بن إسحاق البخاري الكلاباذي المتوفى سنة 380، صاحب كتاب " التعرف لمذهب أهل التصوف " وقد نشره الأستاذ آرثر جون آربري، القاهرة، 1352/1933، ثم نشر بتحقيق د. عبد الحليم محمود والأستاذ طه سرور، ط. عيسى الحلبي، 1380/1960. وانظر عن الكلاباذي: الأعلام 6/184. والقول الذي يشير إليه ابن تيمية مذكور في الكتاب (ط. الحلبي) ص 38.
(2) ا، ب: أبي الحسن بن شاقلا، ورجحت أن تكون الكنية قد أخطأ الناسخ في كتابتها. وإبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا، أبو إسحاق البزار، المتوفى سنة 369. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/128 - 139؛ شذرات الذهب 3/68؛ تاريخ بغداد 6/17؛ العبر للذهبي 2/351.
(3) وغيرهم: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ن، م: وآخر قولي القاضي.
(5) ن (فقط) : بعض.
(6) ا، ب: كأبى الحسن وهو خطأ، وهو القاضي أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أبي يعلى المتوفى سنة 526، مؤلف كتاب " طبقات الحنابلة ". انظر ترجمته في: شذرات الذهب 4/79؛ الذيل لابن رجب 1/176 - 178؛ الأعلام 7/249؛ مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، ص 529.
(7) ن (فقط) : الأول.
(8) ونحوه: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (66)
صـ 459 إلى صـ 465
يقولون: إن الله خالق أفعال العباد، لزمه أن يقول: إن أفعال العباد فعل لله تعالى (1) ، إذ كان فعله عنده هو مفعوله (2) ، فجعل أفعال العباد فعلا لله، ولم يقل: هي فعلهم - في المشهور عنه - إلا على وجه المجاز، بل قال: هي كسبهم. وفسر الكسب بأنه ما يحصل (3) في محل القدرة المحدثة مقرونا به. ووافقه على ذلك [طائفة من الفقهاء] (4) من أصحاب مالك والشافعي وأحمد.وأكثر الناس طعنوا في هذا الكلام، وقالوا: عجائب الكلام ثلاثة: طفرة النظام، وأحوال أبي هاشم، وكسب الأشعري. وأنشد في ذلك:
مما يقال ولا حقيقة تحته ... معقولة تدنو إلى الأفهام
الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي (5) وطفرة النظام (6) .
وأما سائر أهل السنة فيقولون: [إن] (7) أفعال العباد فعل لهم حقيقة، وهو أحد القولين للأشعري. ويقول جمهورهم الذين (8) يفرقون بين
(1) ن: إن أفعال العباد فعلا لله تعالى؛ ب: إن أفعال العباد هي فعل الله تعالى. والمثبت من (م) .
(2) ن، م: إذ كان فعله عنهم هو مفعوله، وهو تحريف.
(3) ا، ب: ما حصل.
(4) من الفقهاء: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) ا، ب، م: الهاشمي.
(6) في هامش (ا) كتب أمام الموضع عبارات ظهر منها ". . النظام أن القاطع للشيء يقطع بعضه ويطفر بعضه. . . أبو هاشم الجبائي زعم أن الأحوال لا معلومة ولا مجهولة ولا موجودة ولا معدومة. . مذكورة وتفصيل ذلك. . في محله. الفقير نعمان ".
(7) إن: زيادة في (ا) ، (ب) .
(8) ن، م: ويقول جمهور الذين. . .
****************************
الخلق والمخلوق: إنها مخلوقة لله ومفعولة له، ليست هي نفس فعله وخلقه الذي هو صفته القائمة به.
فهذه الشناعات التي يذكرها هؤلاء لا تتوجه على قول جمهور أهل السنة، وإنما ترد على طائفة من المثبتة كالأشعري وغيره.
فقوله عن أهل السنة: إنهم يقولون: إنه يفعل الظلم والعبث، إن أراد ما هو منه ظلم وعبث فهذا [منه] (1) فرية عليهم (2) وإن قاله بطريق الإلزام فهم لا يسلمون له أنه ظلم، ولهم في تفسير الظلم نزاع قد (3) تقدم تفسيره. وإن أراد ما هو ظلم وعبث من العبد، فهذا لا محذور في كون (4) الله يخلقه، وجمهورهم لا يقولون: إن هذا الظلم والعبث فعل الله (5) ، بل يقولون: إنه فعل العبد لكنه مخلوق لله، كما أن قدرة العبد وسمعه وبصره مخلوق لله تعالى، وليس هو سمع الحق ولا بصره ولا قدرته.
[فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن الله تعالى لا يفعل الأصلح]
فصل.
وأما قوله عنهم: إنهم يقولون: [إنه] (6) لا يفعل ما هو الأصلح
(1) منه: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) عليهم: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) قد: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) ن، م: لا محذور فيه في كون. . .
(5) ن، م: فعل الله.
(6) إنه: زيادة في (ا) ، (ب) .
****************************
لعباده بل ما هو الفساد؛ لأن فعل (1) المعاصي وأنواع الكفر وجميع أنواع الفساد الواقعة في العالم مسندة إليه، تعالى الله عن ذلك.
يقال: هذا الكلام وإن قاله طائفة من متكلمي أهل الإثبات، فهو قول طائفة من متكلمي الشيعة أيضا. وأئمة أهل السنة وجمهورهم لا يقولون ما ذكر، بل الذي (2) يقولونه: إن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، وإنه لا يخرج عن ملكه وخلقه وقدرته شيء، وقد دخل في ذلك جميع أفعال الحيوان، فهو خالق لعبادات الملائكة والمؤمنين وسائر حركات العباد.
والقدرية ينفون عن ملكه خيار ما في ملكه، وهو طاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين (3) فيقولون: لم يخلقها الله تعالى، ولا يقدر على أن يستعمل العبد فيها، ولا يلهمه إياها، ولا يقدر أن يجعل من لم يفعلها فاعلا لها.
وقد قال الخليل - عليه السلام -: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة: 128] فطلب من الله أن يجعله مسلما لله (4) ومن ذريته أمة مسلمة له، وهو صريح في أن الله تعالى يجعل الفاعل فاعلا. وقال: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: 40] ، فقد طلب من الله [تعالى] أن (5) \ 3 461 3 يجعله مقيم الصلاة، فعلم
(1) ن، م، أ، ب: كفعل. والصواب ما أثبته، وهو ما جاء من قبل (ص 125) وما ذكر في " منهاج الكرامة ".
(2) أ، ب: الذين. وهو خطأ.
(3) أ، ب: الأنبياء والملائكة والمؤمنين.
(4) لله: ليست في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: فطلب من الله أن. . .
******************************
أن الله هو الذي يجعل المصلي (1) مصليا. وقد أخبر عن الجلود والجوارح إخبار مصدق لها أنها قالت: {أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] فعلم أنه ينطق جميع الناطقين.
وأما كونه لا يفعل ما هو الأصلح لعباده أو لا يراعي مصالح العباد، فهذا مما اختلف فيه الناس.
فذهبت طائفة من المثبتين للقدر إلى ذلك، وقالوا: خلقه وأمره متعلق بمحض المشيئة لا يتوقف على مصلحة، وهذا قول الجهم (2)
وذهب جمهور العلماء إلى أنه إنما أمر العباد بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم، وأن فعل المأمور به مصلحة [عامة] (3) لمن فعله، وأن إرساله الرسل مصلحة عامة، وإن كان فيه ضرر على بعض الناس لمعصيته، فإن الله كتب في كتاب (4) فهو عنده [موضوع] (5) فوق العرش: " «إن رحمتي تغلب غضبي» "، وفي رواية: " «إن رحمتي سبقت غضبي» " أخرجاه في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (6) .
(1) أ، ب: العبد.
(2) أ، ب: الجهمية. .
(3) عامة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: كتب كتابا.
(5) موضوع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) سبق هذا الحديث من قبل في هذا الجزء ص 137. وهو في مواضع أخرى في البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - 9/120 - 121 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (ويحذركم الله نفسه. .) 9/125 (كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء. . .) 9/135 (كتاب التوحيد، باب (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين) . واختلف أول الحديث: لما خلق الله الخلق. . أو. . إن الله لما قضى الخلق. . أو لما قضى الله الخلق.
***************************
فهم يقولون: فعل المأمور به وترك المنهي عنه مصلحة لكل فاعل وتارك، وأما نفس الأمر وإرسال الرسل فمصلحة عامة (1) للعباد وإن تضمن شرا لبعضهم، وهكذا سائر ما يقدره الله تغلب فيه المصلحة والرحمة والمنفعة، وإن كان في ضمن ذلك ضرر لبعض الناس فلله في ذلك (2) حكمة أخرى.
وهذا قول أكثر الفقهاء وأهل الحديث والتصوف، [وطوائف من] أهل الكلام (3) - غير المعتزلة - مثل الكرامية، وغيرهم. وهؤلاء يقولون: وإن كان في بعض ما يخلقه ما فيه ضرر لبعض الناس، أو هو سبب ضرر - كالذنوب - فلا بد في كل ذلك من حكمة ومصلحة لأجلها خلقها الله، وقد غلبت رحمته غضبه، وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع.
وهو لم يذكر إلا مجرد حكاية الأقوال، فبينا ما في ذلك النقل من الصواب والخطأ. فإن هذا الذي نقله ليس من كلام شيوخه الرافضة، بل هو من كلام المعتزلة كأصحاب أبي علي، وأبي هاشم، وأبي الحسين البصري، وغيرهم.
وهؤلاء ذكروا ذلك ردا على الأشعرية (4) خصوصا، فإن الأشعرية وبعض المثبتين للقدر وافقوا الجهم بن صفوان في أصل قوله في الجبر، وإن نازعوه في بعض ذلك نزاعا لفظيا أتوا بما لا يعقل، لكن لا يوافقونه
(1) عامة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: ففيه في ذلك.
(3) ن، م: والتصوف وأهل الكلام. .
(4) أ، ب: الأشعري.
*************************
على قوله \ في نفي الصفات بل يثبتون الصفات؛ فلهذا (1) بالغوا في مخالفة (2) المعتزلة في مسائل القدر حتى نسبوا إلى الجبر، وأنكروا الطبائع والقوى التي في الحيوان أن يكون لها تأثير أو سبب في الحوادث (3) أو يقال: فعل بها، وأنكروا أن يكون للمخلوقات حكمة وعلة (4) .
ولهذا قيل: إنهم أنكروا أن يكون الله يفعل لجلب منفعة لعباده أو دفع مضرة. وهم لا يقولون: إنه [لا] يفعل مصلحة ما (5) فإن هذا مكابرة، بل يقولون: إن ذلك (6) ليس بواجب عليه وليس بلازم وقوعه منه، ويقولون: إنه لا يفعل شيئا لأجل شيء ولا بشيء، وإنما اقترن هذا بهذا لإرادته لكليهما (7) ، فهو يفعل أحدهما مع صاحبه لا به ولا لأجله (8) ، والاقتران بينهما (9) مما جرت به عادته لا لكون (10) أحدهما سببا للآخر ولا حكمة له، ويقولون: إنه ليس في القرآن في خلقه وأمره لام تعليل.
(1) أ، ب: فكذا.
(2) ن، م: في خلاف.
(3) ن، م: الحيوان.
(4) وعلة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن: إنه يفعل مصلحة ما؛ م: إنه يفعل مصلحة؛ أ، ب: إنه لا يفعل مصلحة. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(6) أ، ب: هذا.
(7) ن، م، أ: لكلاهما، وهو خطأ.
(8) أ، ب: لا به ولأجله.
(9) في جميع النسخ: بهما. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(10) أ، ب: يكون.
*****************************
وقد وافقهم على ذلك طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، مع أن أكثر الفقهاء الذين يوافقونهم على هذا في كتب الكلام، يقولون بضد ذلك في مسائل الفقه والتفسير والحديث وأدلة الفقه، وكلامهم في أصول الفقه تارة يوافق هؤلاء وتارة يوافق هؤلاء.
لكن جمهور أهل السنة من هؤلاء الطوائف وغيرهم يثبتون القدر، [ويثبتون] الحكمة [أيضا] والرحمة (1) وأن لفعله غاية محبوبة وعاقبة محمودة، وهذه مسألة عظيمة جدا قد بسطت في غير هذا الموضع.
ففي الجملة لم تثبت المعتزلة والشيعة نوعا من الحكمة والرحمة، إلا وقد أثبت أئمة أهل (2) السنة ما هو أكمل من ذلك وأجل منه، مع إثباتهم قدرة الله التامة ومشيئته النافذة وخلقه العام (3) .
هؤلاء لا يثبتون هذا، ومتكلمو الشيعة المتقدمون كالهشامين وغيرهما (4) كانوا يثبتون القدر، كما يثبته غيرهم، وكذلك الزيدية منهم من يثبته ومنهم من ينفيه. فالشيعة في القدر على قولين، كما أن المثبتين لخلافة الخلفاء الثلاثة [في القدر] (5) على قولين.
فلا يوجد لأهل السنة قول ضعيف إلا وفي الشيعة من يقوله ويقول
(1) ن، م: القدر والحكمة والرحمة.
(2) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن (فقط) : العالم.
(4) ن، م: كالهشاميين وغيرهم؛ أ: كالهاشميين وغيرهما.
(5) في القدر: ساقطة من (ن) فقط.
****************************** ***
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (67)
صـ 466 إلى صـ 472
ما هو أضعف منه، ولا يوجد للشيعة (1) قول قوي إلا وفي أهل السنة من يقوله ويقول ما هو أقوى منه، ولا يتصور أن (2) يوجد للشيعة قول قوي لم يقله [أحد من] (3) أهل السنة. فثبت أن أهل السنة أولى بكل خير منهم، كما أن المسلمين أولى بكل خير من اليهود والنصارى.[فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن المطيع لا يستحق ثوابا والعاصي لا يستحق عقابا]
فصل.
وأما قوله: إنهم يقولون:
" إن المطيع لا يستحق ثوابا، والعاصي لا يستحق عقابا، بل قد يعذب المطيع طول عمره المبالغ في امتثال أوامره كالنبي، ويثيب العاصي طول عمره بأنواع المعاصي وأبلغها كإبليس وفرعون (4) ".
فهذا (5) فرية على أهل السنة، ليس فيهم من يقول: إن الله يعذب نبيا ولا مطيعا، ولا من يقول: إن الله يثيب إبليس وفرعون (6) [بل] (7) ولا يثيب عاصيا على معصيته؛ لكن يقولون: إنه يجوز أن يعفو عن
(1) ن، م: في الشيعة.
(2) عبارة " يتصور أن ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أحد من: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) انظر ما سبق ص [0 - 9] 25 - 126.
(5) أ، ب: فهذه.
(6) ن: فرعون وإبليس.
(7) بل: زيادة في (أ) ، (ب) .
******************************
المذنب (1) من المؤمنين، وأنه يخرج أهل الكبائر من النار فلا يخلد فيها أحدا من (2) أهل التوحيد، ويخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان. والإمامية توافقهم (3) على ذلك.
وأما الاستحقاق فهم يقولون: إن العبد لا يستحق بنفسه على الله شيئا وليس له أن يوجب على ربه شيئا لا لنفسه ولا لغيره؛ ويقولون: إنه لا بد أن يثيب المطيعين كما وعد، فإنه صادق في وعده لا يخلف الميعاد، فنحن نعلم أن الثواب يقع لإخباره (4) لنا بذلك. وأما إيجابه ذلك على نفسه، وإمكان معرفة ذلك بالعقل، فهذا فيه نزاع بين أهل السنة كما تقدم [التنبيه عليه] (5) .
فقول القائل: إنهم يقولون: إن [المطيع] لا يستحق (6) ثوابا: إن أراد أنه هو لا يوجب بنفسه على ربه ثوابا (7) ولا أوجبه (8) غيره من المخلوقين، فهكذا (9) تقول أهل السنة. وإن أراد أن هذا الثواب ليس أمرا ثابتا معلوما وحقا واقعا، فقد أخطأ. وإن أراد أنه هو سبحانه وتعالى لا يحقه
(1) ن، م: الذنب.
(2) أ، ب: فلا يخلد فيها أحد.
(3) أ: يوافقوهم؛ ب: يوافقونهم.
(4) ن: بإخباره؛ م: باختياره، وهو تحريف.
(5) التنبيه عليه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: إنه لا يستحق.
(7) ثوابا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ن: ثوابا وجنة؛ م: ثوابا أوجبه.
(9) ن، م: فهذا يقول.
**************************
بخبره (1) فقد أخطأ على أهل السنة. وإن أراد أنه لم يحقه (2) بمعنى أنه لم (3) يوجبه على نفسه، ويجعله حقا على نفسه كتبه على نفسه، فهذا فيه نزاع [قد] (4) تقدم.
وهو بعد أن وعد بالثواب، أو أوجب مع ذلك على نفسه الثواب، يمتنع منه خلاف خبره، وخلاف حكمه الذي كتبه على نفسه، وخلاف موجب أسمائه الحسنى وصفاته العلى.
ولكن لو قدر أنه عذب من يشاء لم يكن لأحد منعه، كما قال تعالى {قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا} [سورة المائدة: 17] .
وهو سبحانه لو ناقش من ناقشه من خلقه يعذبه، كما ثبت في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من نوقش الحساب عذب " قالت: قلت: يا رسول الله أليس الله يقول: {فأما من أوتي كتابه بيمينه - فسوف يحاسب حسابا يسيرا} [سورة الانشقاق: 7، 8] فقال (5) : " ذلك العرض ومن نوقش الحساب عذب» (6) .
(1) أ، ب: أنه هو سبحانه وتعالى لم يخلقه بخبره؛ ن، م: أن هو لا محقه بخبره. والصواب ما أثبته ومعناه: أن الله تعالى لم يجعله حقا واجبا على نفسه بمجرد إخباره لنا بذلك.
(2) أ، ب: لم يجعله؛ ن: بحقه. والصواب ما أثبته من (م) .
(3) لم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: قال.
(6) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة في البخاري 1/28 (كتاب العلم، باب من سمع شيئا راجع حتى يعرفه) 6/167 (كتاب التفسير، سورة (إذا السماء انشقت) ؛ مسلم 4/2204 - 2205 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب إثبات الحساب) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/47، 48. وانظر تفسير الطبري 9/244 - 245 (ط. المعارف، بتحقيق الأستاذ محمود محمد شاكر) وقد استوفى الأستاذ المحقق في تعليقه (ت 5 ص [0 - 9] 44 - 245) الكلام على طرق الحديث في صحاح البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي، كما أشار إلى مواضع أخرى ورد فيها في تفسير الطبري وتفسير ابن كثير وفي الدر المنثور للسيوطي.
**************************
وفي الصحيح عنه [صلى الله عليه وسلم] (1) أنه قال: " «لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله ". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» " (2) وفي الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: " «لو أن الله عذب (3) أهل سماواته وأهل (4) أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا [لهم] (5) من أعمالهم» (6) .
(1) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) الحديث - مع اختلاف في بعض الألفاظ - عن أبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهما - في البخاري 7/121 (كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت) ، 8/98 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ؛ مسلم 4/2169 - 2171 في أربعة مواضع (كتاب المنافقين، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله) ؛ سنن ابن ماجه 2/1405 (كتاب الزهد، باب التوقي على العمل) ؛ سنن الدارمي 2/305 - 306 (كتاب الرقاق، باب لا ينجي أحدكم عمله) ؛ المسند (ط. المعارف) 12/192.
(3) أ، ب: إن الله لو عذب. .
(4) ن: أو أهل.
(5) ن، م: خير من.
(6) جاء هذا الحديث مرفوعا وموقوفا، وهو في المسند (ط. الحلبي) 5/185 عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - مرفوعا ونصه فيه:. . . عن ابن الديلمي قال: وقع في نفسي شيء من القدر فأتيت زيد بن ثابت فسألته فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم، ولو كان لك جبل أحد أو مثل جبل أحد ذهبا أنفقته في سبيل الله ما قبله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار ". والحديث في سنن أبي داود 4/310 - 311 (كتاب السنة، باب في القدر) ونصه فيه:. . عن ابن الديلمي قال: أتيت أبي بن كعب فقلت له: وقع في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي، قال: لو أن الله عذب أهل سماواته. . . . ولو مت على غير هذا لدخلت النار. قال: ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك، والحديث في سنن ابن ماجه 1/29 - 30 (المقدمة، باب في القدر) . وصحح الألباني الحديث في صحيح الجامع الصغير 1/57 - 58. "
****************************** *
وهذا قد يقال لأجل المناقشة في الحساب والتقصير في [حقيقة] الطاعة (1) ،
وهو قول من يجعل الظلم مقدورا غير واقع، وقد يقال بأن الظلم لا حقيقة له، وأنه مهما قدر من الممكنات لم يكن ظلما. والتحقيق أنه إذا قدر أن الله فعل ذلك فلا يفعله إلا بحق، لا يفعله وهو ظالم، لكن إذا لم يفعله فقد يكون ظلما يتعالى الله عنه.
[فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن الأنبياء غير معصومين]
فصلوأما ما نقله عنهم أنهم يقولون: " إن الأنبياء غير معصومين " (2) فهذا الإطلاق نقل باطل عنهم.فإنهم متفقون على أن الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله
(1) ن: في طاعته.
(2) انظر ما سبق، ص 126.
******************************
[تعالى] (1) ، وهذا هو مقصود الرسالة، فإن الرسول هو الذي يبلغ عن الله أمره ونهيه وخبره (2) ، وهم معصومون في تبليغ الرسالة (3) باتفاق المسلمين، بحيث لا يجوز أن يستقر في ذلك شيء من الخطأ.
وتنازعوا هل يجوز أن يسبق على لسانه ما يستدركه الله تعالى ويبينه له بحيث لا يقره على الخطأ. كما نقل أنه ألقي على لسانه [صلى الله عليه وسلم] (4) : تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن (5) لترتجى؛ ثم إن الله تعالى نسخ ما ألقاه الشيطان وأحكم آياته. فمنهم من لم يجوز ذلك ومنهم من جوزه إذ لا محذور فيه؛ فإن الله [تعالى] (6) ينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته والله عليم حكيم، {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد} [سورة الحج: 53] (7) .
وأما قوله بل (8) قد يقع منهم الخطأ (9) "
(1) تعالى: ليست في (ن) .
(2) ب (فقط) : وغيره، وهو تحريف.
(3) ن (فقط) : في تلك الرسالة.
(4) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م، أ: شفاعتها.
(6) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) انظر خبر الغرانيق وتفسير الآية في تفسير الطبري 17/131 - 134، ط. بولاق، 1328؛ تفسير ابن كثير 5/438 - 442 (ط. الشعب) ؛ نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، دمشق، 1372/1952.
(8) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) انظر ما سبق، ص [0 - 9] 24.
**************************
فيقال له: هم متفقون على أنهم لا يقرون [على] (1) خطأ في الدين أصلا ولا على فسوق (2) ولا كذب، ففي الجملة كل ما يقدح في نبوتهم وتبليغهم عن الله فهم متفقون على تنزيههم عنه. وعامة الجمهور الذين يجوزون عليهم الصغائر يقولون: إنهم معصومون من الإقرار عليها، فلا يصدر عنهم ما يضرهم.
كما جاء في الأثر: كان داود بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة، والله يحب التوابين ويحب المتطهرين [سورة البقرة: 222] ، وإن العبد ليفعل السيئة فيدخل بها الجنة.
وأما النسيان والسهو في الصلاة فذلك واقع منهم، وفي وقوعه حكمة استنان المسلمين بهم كما روي في موطأ مالك: " «إنما أنسى أو أنسى لأسن» " (3) . وقد قال - صلى الله عليه وسلم - " «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني» " أخرجاه في الصحيحين (4) . «ولما صلى
(1) على: ساقطة من (ن) فقط.
(2) أ، ب: فسق.
(3) الحديث في الموطأ 1/100 (كتاب السهو، باب العمل في السهو) ونصه فيه: " وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إني لأنسى أو أنسى لأسن ". قال المحقق: " قال ابن عبد البر: لا أعلم هذا الحديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم مسندا ولا مقطوعا من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة التي في الموطأ التي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة، ومعناه صحيح في الأصول ".
(4) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في البخاري 1/85 (كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان) وأول الحديث فيه:. . . عن علقمة قال: قال عبد الله: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال إبراهيم: لا أدري زاد أم نقص فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: " وما ذاك؟ " قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: " إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم. . الحديث. وهو في مسلم 1/402 - 403 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له) ؛ سنن أبي داود 1/368 (كتاب الصلاة، باب إذا صلى خمسا) ؛ سنن ابن ماجه 1/380 (كتاب إقامة الصلاة، باب السهو في الصلاة) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/212، 6/52 - 53، 102.
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (68)
صـ 473 إلى صـ 479
بهم خمسا، فلما سلم قالوا: له [يا رسول الله] (1) أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمسا» ، [فقال] الحديث (2) .وأما الرافضة فأشبهوا النصارى، فإن الله تعالى أمر الناس بطاعة الرسل فيما أمروا به، وتصديقهم فيما أخبروا به، ونهى الخلق عن الغلو والإشراك بالله، فبدلت النصارى دين الله، فغلوا في المسيح فأشركوا به، وبدلوا دينه فعصوه وعظموه فصاروا عصاة بمعصيته، وبالغوا فيه خارجين عن أصلي الدين وهما الإقرار لله بالوحدانية ولرسله بالرسالة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فالغلو أخرجهم عن التوحيد حتى قالوا بالتثليث والاتحاد، وأخرجهم عن طاعة الرسول وتصديقه حيث أمرهم أن يعبدوا الله ربه وربهم، فكذبوه في قوله: إن الله ربه وربهم (3) وعصوه فيما أمرهم به.
(1) يا رسول الله: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) فقال: زيادة في (أ) ، (ب) والحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في البخاري 2/68 (كتاب السهو، باب إذا صلى خمسا) ؛ مسلم 1/401 - 402 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة) ؛ سنن أبي داود 1/369 (كتاب الصلاة، باب إذا صلى خمسا) ؛ سنن ابن ماجه 1/380 (كتاب إقامة الصلاة، باب من صلى الظهر خمسا وهو ساه) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/193 - 194.
(3) وربهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
*****************************
وكذلك الرافضة غلوا في الرسل، بل في الأئمة، حتى اتخذوهم أربابا من دون الله، فتركوا عبادة الله وحده لا شريك له التي أمرهم بها الرسل، وكذبوا الرسول فيما أخبر به (1) من توبة الأنبياء واستغفارهم، فتجدهم يعطلون المساجد التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فلا يصلون فيها جمعة ولا جماعة، وليس لها عندهم كبير (2) حرمة، وإن صلوا فيها صلوا فيها وحدانا، ويعظمون المشاهد المبنية (3) على القبور فيعكفون عليها مشابهة للمشركين، ويحجون إليها كما يحج الحاج إلى البيت العتيق، ومنهم من يجعل الحج إليها أعظم من الحج إلى الكعبة، بل يسبون من لا يستغني بالحج إليها عن الحج الذي فرضه الله على عباده، ومن لا يستغني بها عن الجمعة والجماعة.
وهذا من جنس دين النصارى والمشركين الذين يفضلون عبادة الأوثان على عبادة الرحمن. وقد ثبت في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» " (4) . وقال قبل أن يموت بخمس: «إن من كان قبلكم كانوا
(1) ن، م: الرسل فيما أخبروا به.
(2) ن، م: كثير.
(3) ن، م: الميلامه، وهو تحريف.
(4) يحذر ما فعلوا ن، م: ما صنعوا. والحديث مع اختلاف يسير في اللفظ - عن عائشة وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - في البخاري 1/91 (كتاب الصلاة، باب حدثنا أبو اليمامة. .) . وهو عن عائشة - رضي الله عنها - في البخاري 2/88 (كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور) 2/88، 102 - 103 (كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، باب ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. .) ؛ مسلم 1/376 377 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة فيها، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. .) ؛ سنن أبي داود 3/294 (كتاب الجنائز، باب في البناء على القبر) ؛ سنن النسائي 2/33 (كتاب المساجد، باب النهي عن اتخاذ القبور مساجد) ، 5/78 (كتاب الجنائز، باب اتخاذ القبور مساجد) . والحديث في سنن الدارمي وفي الموطأ وفي المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] حديث رقم 1884، ج [0 - 9] 4 حديث رقم 7818 وفي مواضع أخرى
***************************
يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» ". رواه مسلم (1) . وقال: " «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد» " رواه [الإمام] أحمد وابن حبان (2) في صحيحه (3) وقال " «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ". رواه مالك في الموطأ (4) .
(1) الحديث عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - في مسلم 1/377 - 378 (كتاب المساجد. .، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . . .) ونصه فيه: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمس وهو يقول: " إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله تعالى قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك ".
(2) أ، ب: رواه الإمام وابن حبان؛ ن، م: رواه أحمد وابن حبان.
(3) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في المسند (ط. المعارف) 5/324، 6/90، 162. وصحح المحقق - رحمه الله - الحديث في كل هذه المواضع وقال 5/324: وهو في مجمع الزوائد 2/27 وقال (أي الهيثمي) : " رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن " وهو فيه أيضا 8/13 وقال: " رواه البزار بإسنادين، في أحدهما عاصم بن بهدلة، وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح " وجاء الجزء الأول من الحديث إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. . وهم أحياء في البخاري 9/49 (كتاب الفتن، باب ظهور الفتن) .
(4) الحديث في الموطأ 1/172 (كتاب قصر الصلاة في السفر، باب جامع الصلاة) ونصه فيه:. . عن عطاء بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "، قال المحقق: " قال ابن عبد البر: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث ". وجاء حديث مرفوع بألفاظ مقاربة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وصحح الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - الحديث وانظر تعليقه المطول.
**************************
وقد صنف شيخهم ابن النعمان، المعروف عندهم بالمفيد -[وهو شيخ الموسوي والطوسي] (1) - كتابا سماه: " مناسك المشاهد " جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج [الكعبة] (2) البيت الحرام الذي جعله الله قياما للناس، وهو أول بيت وضع للناس فلا يطاف إلا به، ولا يصلى إلا إليه (3) ولم يأمر الله إلا بحجه (4) .
وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بما ذكروه من أمر المشاهد، ولا شرع لأمته مناسك عند قبور الأنبياء والصالحين، بل هذا من دين المشركين الذين قال الله فيهم: {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا} [سورة نوح: 23] قال ابن عباس [وغيره] : (5) هؤلاء كانوا قوما صالحين في
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وانظر ترجمة المفيد والموسوي والطوسي فيما سبق، ص 56 ت [0 - 9] ، 3، 4.
(2) الكعبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: إلا له.
(4) أ، ب: ولم يأمر إلا بحجه.
(5) وغيره: زيادة في (أ) ، (ب) .
************************
قوم نوح لما ماتوا عكفوا على قبورهم، فطال عليهم الأمد، فصوروا تماثيلهم ثم عبدوهم. (1)
وقد ثبت في الصحيح (2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه قال: " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» " (3) . [وقد ثبت في] صحيح مسلم وغيره (4) عن أبي الهياج الأسدي قال: قال [لي] (5) علي بن أبي طالب: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أدع قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته» (6) . فقرن بين طمس التماثيل وتسوية القبور المشرفة؛ لأن كليهما (7) ذريعة إلى
(1) الأثر مروي بمعناه عن ابن عباس في البخاري 6/16 (كتاب التفسير، سورة (إنا أرسلنا) . وانظر تفسير ابن كثير لآية 23 من سورة نوح.
(2) عبارة " في الصحيح ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الحديث عن أبي مرثد الغنوي - رضي الله عنه - في مسلم 2/668 (كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه) ؛ سنن أبي داود 3/294 (كتاب الجنائز، باب في كراهية القعود على القبر) ؛ سنن الترمذي 2/257 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في كراهية الوطء على القبور والجلوس عليها) ؛ سنن النسائي 2/53 (كتاب القبلة، باب النهي عن الصلاة إلى القبر) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/135.
(4) ن، م: وفي صحيح مسلم وغيره.
(5) لي: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) الحديث عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في مسلم 2/666 - 667 (كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر) ؛ سنن أبي داود 3/291 (كتاب الجنائز، باب في تسوية القبر) ؛ سنن الترمذي 2/256 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في تسوية القبر) ؛ سنن النسائي 4 (كتاب الجنائز، باب تسوية القبور إذا رفعت) ؛ المسند (ط. المعارف) 2/105، 236 - 237.
(7) ن، م، أ: لأن كلاهما. والمثبت من (ب) وهو الصواب.
**********************
الشرك كما في الصحيحين أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأينها بأرض الحبشة. وذكرتا من حسنها وتصاوير فيها، فقال: " إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة " (1) .
والله أمر في كتابه (2) بعمارة المساجد، ولم يذكر المشاهد. فالرافضة بدلوا دين الله فعمروا المشاهد، وعطلوا المساجد، مضاهاة للمشركين، ومخالفة للمؤمنين.
قال تعالى {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد} [سورة الأعراف: 29] لم يقل: عند كل مشهد. وقال: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون - إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} [سورة التوبة: 17، 18] ولم يقل: إنما يعمر (3) مشاهد الله، بل عمار المشاهد يخشون بها غير الله ويرجون غير الله (4) .
(1) الحديث - مع اختلاف في اللفظ - عن عائشة عن أم حبيبة وأم سلمة - رضي الله عنهن - في البخاري 1/89 \ 90 - 91 (كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية. . .، باب في الصلاة في البيعة) ، 2/90 - 91 (كتاب الجنائز، باب بناء المسجد على القبر) ؛ مسلم 1/375 - 376 (كتاب المساجد. . .، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. .) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/51.
(2) ن، م: في كتابه أمر. .
(3) عبارة " إنما يعمر ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: ويرجون غيره.
*****************************
وقال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} [سورة الجن: 18] ولم يقل: وأن المشاهد [لله. وقال: {ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا} [سورة الحج: 40] ولم يقل: ومشاهد] (1) . وقال: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال - رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} [سورة النور 36، 37] (2) .
وأيضا فقد علم بالنقل المتواتر، بل علم بالاضطرار (3) من دين الإسلام، أن رسول الله (4) - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته عمارة المساجد بالصلوات، والاجتماع للصلوات الخمس ولصلاة الجمعة والعيدين وغير ذلك، وأنه لم يشرع لأمته أن يبنوا على قبر نبي ولا رجل صالح (* لا من أهل البيت ولا غيرهم، لا مسجدا (5) ولا مشهدا. ولم يكن على عهده - صلى الله عليه وسلم - *) (6) في الإسلام مشهد (6 مبني على قبر، وكذلك على عهد خلفائه الراشدين وأصحابه الثلاثة وعلي بن أبي طالب ومعاوية، لم يكن على عهدهم مشهد 6) (7) مبني لا على قبر نبي ولا غيره، لا على قبر إبراهيم الخليل ولا على (8) غيره.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) في (أ) ، (ب) : ويذكر فيها اسمه. . . الآية.
(3) أ، ب:. . المتواتر وبالاضطرار.
(4) أ، ب: أن الرسول. .
(5) أ، ب: من أهل البيت ولا غيره مسجدا.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(7) (6 - 6) ساقط من (أ) ، (ب) .
(8) على: زيادة في (ن) .
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (69)
صـ 480 إلى صـ 486
بل لما قدم المسلمون إلى الشام غير مرة، ومعهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهم، ثم (1) لما قدم عمر لفتح بيت المقدس، ثم لما قدم لوضع الجزية على أهل الذمة ومشارطتهم، ثم لما قدم إلى سرغ (2) ، ففي جميع هذه المرات (3) لم يكن أحدهم يقصد السفر إلى قبر (4) الخليل، ولا كان هناك مشهد، بل كان هناك البناء المبني على المغارة، وكان مسدودا (5) بلا باب [له] (6) مثل حجرة (7) النبي - صلى الله عليه وسلم -.ثم لم يزل الأمر هكذا في خلافة بني أمية وبني العباس، إلى أن ملك النصارى تلك البلاد في أواخر المائة الخامسة، فبنوا ذلك البناء واتخذوه كنيسة [ونقبوا باب البناء؛ فلهذا تجد الباب منقوبا لا مبنيا] (8) ، ثم لما استنقذ المسلمون منهم تلك الأرض اتخذها من اتخذها مسجدا.
بل كان الصحابة إذا رأوا أحدا بنى مسجدا على قبر نهوه عن ذلك، ولما ظهر قبر دانيال بتستر (9) كتب فيه أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -
(1) ثم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) في معجم البلدان: هو أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك من منازل حاج الشام.
(3) ن، م: المراتب.
(4) ن: قرية.
(5) أ، ب: مدورا.
(6) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: حجر.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(9) في معجم البلدان: تستر. . أعظم مدينة بخوزستان.
******************************
إلى عمر - رضي الله عنه -، فكتب إليه عمر أن تحفر بالنهار ثلاثة عشر قبرا، وتدفنه بالليل في واحد منها لئلا يفتتن الناس به (1) .
وكان عمر بن الخطاب إذا رآهم يتناوبون مكانا يصلون فيه لكونه موضع نبي ينهاهم عن ذلك، ويقول: إنما هلك من كان قبلكم باتخاذ آثار أنبيائهم مساجد، من أدركته الصلاة فيه فليصل (2) وإلا فليذهب.
فهذا وأمثاله مما كانوا يحققون به التوحيد الذي أرسل الله به الرسول إليهم، ويتبعون في ذلك سنته - صلى الله عليه وسلم -.
والإسلام مبني على أصلين: أن لا تعبد إلا الله، وأن نعبده بما شرع، لا نعبده بالبدع.
فالنصارى خرجوا عن الأصلين، وكذلك المبتدعون من هذه الأمة من الرافضة وغيرهم.
وأيضا، فإن النصارى يزعمون أن الحواريين الذين اتبعوا المسيح أفضل من إبراهيم وموسى وغيرهما من الأنبياء والمرسلين، ويزعمون أن الحواريين رسل شافههم الله بالخطاب؛ لأنهم يقولون: إن الله هو المسيح، ويقولون أيضا: إن المسيح ابن الله.
والرافضة تجعل الأئمة الاثني عشر أفضل من السابقين الأولين من
(1) هذه الواقعة ذكرها الطبري في كلامه عن فتح السوس في حوادث السنة السابعة عشر، كما ذكرها البلاذري (أحمد بن يحيى بن جابر) في الكلام عن فتح السوس، ص [0 - 9] 86 (الطبعة الأولى، القاهرة) 1319/1901.
(2) ن، م: فليفعل.
******************************
المهاجرين والأنصار، وغاليتهم يقولون: إنهم أفضل من الأنبياء لأنهم يعتقدون فيهم الإلهية كما اعتقدته النصارى في المسيح.
والنصارى يقولون: إن الدين مسلم للأحبار والرهبان، فالحلال ما حللوه والحرام ما حرموه، والدين ما شرعوه.
(1 والرافضة تزعم أن الدين مسلم إلى الأئمة، فالحلال ما حللوه والحرام ما حرموه، والدين ما شرعوه 1) (1) .
وأما من دخل في غلوة الشيعة كالإسماعيلية الذين يقولون بإلهية الحاكم ونحوه من أئمتهم، ويقولون: إن محمد بن إسماعيل نسخ (2) شريعة محمد بن عبد الله، وغير ذلك من المقالات التي هي من مقالات الغالية (3) من الرافضة، فهؤلاء شر من أكثر الكفار من اليهود والنصارى والمشركين، وهم ينتسبون إلى الشيعة يتظاهرون بمذاهبهم (4) .
[اعتراض: الغلو موجود في كثير من المنتسبين إلى السنة والرد عليه]
فإن قيل: ما وصفت به الرافضة من الغلو والشرك والبدع موجود كثير منه في كثير من المنتسبين إلى السنة، فإن في كثير منهم غلوا في مشايخهم وإشراكا بهم وابتداعا لعبادات غير مشروعة، وكثير منهم يقصد قبر من يحسن الظن به: إما ليسأله حاجاته (5) وإما ليسأل الله به حاجة (6) ، وإما لظنه أن الدعاء عند قبره أجوب منه في المساجد.
(1) (1 - 1) موجود في (ن) ولكن عليه شطب.
(2) أ، ب: شيخ، وهو خطأ.
(3) ب: من المقالات التي هي من الغالية.
(4) ن، م: بمذهبهم.
(5) ن، م: حاجة. .
(6) حاجة: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
**************************
ومنهم (1) من يفضل زيارة قبور شيوخهم على الحج، ومنهم من يجد عند قبر من يعظمه من الرقة والخشوع ما لا يجده في المساجد والبيوت، وغير ذلك مما يوجد في الشيعة.
ويروون أحاديث مكذوبة من جنس أكاذيب الرافضة، مثل قولهم: لو أحسن أحدكم ظنه بحجر نفعه الله به. وقولهم: إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور. وقولهم: قبر فلان هو الترياق المجرب.
ويروون عن بعض شيوخهم أنه قال لصاحبه: إذا كان لك حاجة فتعال إلى قبري واستغث بي، ونحو ذلك، فإن في المشايخ من يفعل بعد مماته كما كان يفعل في حياته. وقد يستغيث الشخص بواحد منهم، فيتمثل له الشيطان في صورته: إما حيا وإما ميتا، وربما قضى حاجته أو [قضى بعض حاجته] (2) ، كما يجري نحو ذلك للنصارى مع شيوخهم، ولعباد الأصنام من العرب والهند والترك وغيرهم.
قيل: هذا كله مما نهى الله عنه ورسوله، وكل ما نهى الله عنه ورسوله فهو مذموم منهي عنه، سواء كان فاعله منتسبا إلى السنة أو إلى التشيع، ولكن الأمور المذمومة المخالفة للكتاب والسنة في هذا وغيره هي في الرافضة أكثر منها في أهل السنة، [فما يوجد في أهل السنة] (3) من الشر ففي الرافضة أكثر منه، وما يوجد في الرافضة من الخير ففي أهل السنة أكثر منه.
(1) أ، ب: وفيهم.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
****************************
وهذا حال أهل الكتاب مع المسلمين: فما يوجد في المسلمين شر إلا وفي أهل الكتاب أكثر منه، ولا يوجد في أهل الكتاب خير إلا وفي المسلمين أعظم منه.
ولهذا يذكر سبحانه مناظرة الكفار من المشركين وأهل الكتاب بالعدل، فإن ذكروا عيبا في المسلمين لم يبرئهم منه، لكن يبين أن عيوب الكفار أعظم.
كما قال [تعالى] (1) : {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} ثم قال: {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} [سورة البقرة: 217] .
وهذه الآية نزلت لأن سرية من المسلمين ذكر أنهم قتلوا ابن الحضرمي في آخر يوم من رجب، فعابهم المشركون بذلك، فأنزل الله هذه الآية. (2) .
وقال تعالى: {قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون - قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل} [سورة المائدة: 59، 60] (3) ، أي من لعنه الله وجعل منهم الممسوخين وعبدة
(1) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) انظر تفسير الآية، وخبر مقتل عمرو بن الحضرمي في تفسير الطبري (طبعة المعارف بتحقيق الأستاذ محمود شاكر) 4/299 - 315.
(3) ن، م: وعبد الطاغوت. . الآية.
****************************
الطاغوت فـ: " جعل " معطوف على " لعن "، ليس المراد: وجعل (1) منهم من عبد الطاغوت، كما ظنه بعض الناس، فإن اللفظ لا يدل على ذلك والمعنى لا يناسبه، فإن المراد ذمهم على ذلك لا الإخبار بأن الله جعل فيهم من يعبد الطاغوت، إذ مجرد الإخبار بهذا لا ذم فيه لهم (2) ، بخلاف جعله منهم القردة والخنازير فإن ذلك عقوبة منه لهم على ذنوبهم وذلك خزي لهم (3) ، فعابهم بلعنة الله وعقوبته بالشرك الذي فيهم وهو عبادة الطاغوت. (4) .
والرافضة فيهم من لعنة الله وعقوبته بالشرك ما يشبهونهم به من بعض الوجوه، فإنه قد ثبت بالنقول المتواترة أن فيهم من يمسخ كما مسخ (5) أولئك. وقد صنف الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد [المقدسي] (6) كتابا سماه: " النهي عن سب الأصحاب، وما ورد فيه من
(1) وجعل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: لازم لهم فيه، وهو خطأ.
(3) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) انظر وجوه تأويل هاتين الآيتين في تفسير الطبري 10/433 - 444؛ القرطبي (طبعة دار الكتب، القاهرة 1357/1938) ، 6/233 - 236.
(5) ن، م: كما يمسخ.
(6) المقدسي: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو الإمام العالم الحافظ الحجة، محدث الشام، شيخ السنة، ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي المقدسي، ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي. ولد سنة 569، وتوفي سنة 643. ترجمته في تذكرة الحفاظ 4/190 - 192؛ شذرات الذهب 5/225 - 226؛ الذيل لابن رجب 2/236 - 240 (وذكر من كتبه، ص [0 - 9] 39: كتاب " النهي عن سب الأصحاب " جزء) ؛ الأعلام 7/134.
*************************
الذم والعقاب " وذكر فيه حكايات (1 معروفة في ذلك، وأعرف أنا حكايات 1) (1) أخرى لم يذكرها هو.
وفيهم من الشرك والغلو ما ليس في سائر طوائف الأمة؛ ولهذا أظهر ما يوجد الغلو في طائفتين: في النصارى والرافضة. ويوجد أيضا في طائفة ثالثة من أهل النسك والزهد والعبادة الذين يغلون في شيوخهم ويشركون بهم. (2)
[فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن النبي لم ينص على إمامة أحد وإنه مات عن غير وصية]
[النصوص الدالة على استحقاق أبي بكر الخلافة]
فصل
وأما قوله عن أهل السنة:.
إنهم يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص على إمامة أحد (3) وإنه مات عن غير وصية (4) .
فالجواب أن يقال: ليس هذا قول جميعهم، بل قد ذهبت طوائف من أهل السنة إلى أن إمامة أبي بكر ثبتت بالنص (5) ، والنزاع في ذلك معروف في مذهب أحمد وغيره [من الأئمة] (6) .
(1) (1 - 1) ساقط من (م) .
(2) ن، م:. . . ويشركون بهم والله أعلم.
(3) ن: واحد.
(4) انظر ما سبق ص 126.
(5) في هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " مطلب في ثبوت الخلافة لأبي بكر بالنص ".
(6) من الأئمة: ساقط من (ن) ، (م) .
****************************** ****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (70)
صـ 487 إلى صـ 493
وقد ذكر القاضي أبو يعلى (1) في ذلك روايتين عن [الإمام] (2) أحمد: إحداهما أنها ثبتت بالاختيار (3) . قال: " وبهذا قال جماعة من أهل الحديث والمعتزلة والأشعرية "، وهذا اختيار القاضي أبي يعلى وغيره.والثانية: أنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة [قال] (4) : " وبهذا قال الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث " (5) وبكر بن أخت عبد الواحد (6) ، والبيهسية من الخوارج (7) .
وقال شيخه أبو عبد الله بن حامد (8) : " فأما الدليل على استحقاق
(1) أ، ب: أبو يعلى وغيره.
(2) الإمام: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ب: بالإخبار، وهو خطأ، والمثبت من (ن) وقد ذكر الذهبي في مختصره " المنتقى من منهاج الاعتدال " القراءة الصحيحة، ص 51 - 52، وانظر تعليق 2 ص 51.
(4) قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) قال القاضي أبو يعلى في كتاب " المعتمد في أصول الدين "، ص 410: تحقيق د. وديع زيدان حداد، ط. بيروت 1974: " وطريق ثبوت الخلافة الاختيار من أهل الحل والعقد وليس طريق ثبوتها النص، وبهذا قال جماعة من أصحاب الحديث والمعتزلة والأشعرية، وروى عن أحمد - رحمه الله - كلاما يدل على أن خلافة أبي بكر ثبتت بالنص الخفي والإشارة، وبهذا قال الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث ".
(6) بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد؛ انظر الكلام على مذهبه في مقالات الإسلاميين 1/317 - 318؛ الفرق بين الفرق. ص 129.
(7) ن، م: البنهسية، وهو خطأ، وهم أصحاب أبي بيهس الهيصم بن جابر، وهو أحد بني سعد بن ضبيعة، انظر الكلام على مذهبهم في مقالات الإسلاميين 1/177 - 182، الملل والنحل 1/113 - 115.
(8) أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه، له " الجامع " في مذهب الحنابلة وله " شرح الخرقي "، كان شيخا للقاضي أبي يعلى، كما ذكر ذلك ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 2/176 - 177 (وانظر 2/171 - 177، 2/195) توفي سنة 403. وانظر ترجمته أيضا في تذكرة الحفاظ 3/1078 - 1079؛ المنتظم 7/263 - 264؛ الأعلام 2/201.
****************************** *******
أبي بكر الخلافة دون غيره من أهل البيت والصحابة فمن كتاب الله وسنة نبيه ".
قال: " وقد اختلف أصحابنا في الخلافة: هل أخذت من حيث النص أو الاستدلال؟ فذهب طائفة من أصحابنا إلى أن ذلك بالنص، وأنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر ذلك نصا، وقطع البيان على عينه حتما. ومن أصحابنا من قال إن ذلك بالاستدلال الجلي ".
قال ابن حامد: والدليل على إثبات ذلك بالنص أخبار.
من ذلك ما أسنده البخاري، عن جبير بن مطعم، قال: «أتت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن ترجع إليه. فقالت: أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ كأنها تريد الموت. قال: " إن لم تجديني فأتي أبا بكر» ".
وذكر [له] (1) سياقا آخر (2) وأحاديث أخر. قال: وذلك نص على إمامته ".
(1) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) الحديث عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - في البخاري 5/5 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا من أمتي خليلا) 9/81 (كتاب الأحكام، باب الاستخلاف) 9/110 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الأحكام التي تعرف بالدلائل. . .) ؛ مسلم 4/1856 - 1857 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر. .) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/82 - 83.
****************************** *****
قال: وحديث سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» " (1) .
قال: (2) " وأسند البخاري، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (3) «بينا أنا نائم (4) رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها (5) ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له (6) ، ثم استحالت غربا فأخذها عمر بن الخطاب فلم أر عبقريا يفري فريه (7) ، حتى ضرب الناس بعطن» (8) " قال: " وذلك نص في الإمامة ".
(1) جاء الحديث بهذا اللفظ أحيانا، وجاء أحيانا أخرى بلفظ: " إني لا أدري ما قدر بقائي فاقتدوا باللذين. . . . الحديث. والحديث عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 5/271 - 272 (كتاب المناقب، باب منه) ، وقال الترمذي: " وفي الباب عن ابن مسعود. هذا حديث حسن "؛ سنن ابن ماجه 1/37 (المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/382، 399، \ 402، وصحح الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 1/372.
(2) قال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: قال.
(4) ن، م: بين النائم واليقظان.
(5) ن: عنها.
(6) ب (فقط) : والله يغفر له ضعفه.
(7) أ، ب: فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر.
(8) جاء هذا الحديث عن أبي هريرة وعن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - بألفاظ متقاربة في عدة مواضع من البخاري: 5/6 (كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي لو كنت متخذا من أمتي خليلا. . . .) ، 9/38 - 39 (كتاب التعبير، باب نزع الماء من البئر حتى يروى الناس، باب نزع الذنوب والذنوبين من البئر بضعف، باب الاستراحة في المنام) ، 9/139 (كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة. . . قول الله تعالى: تؤتي الملك من تشاء. .) ؛ مسلم 4/1860 - 1862 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر. .) ؛ سنن الترمذي 3/369 (كتاب الرؤيا، باب ما جاء في رؤيا النبي. . .) ؛ المسند (ط. المعارف) الأرقام: 4814، 4972، 5629، 5817، 5859، 16/103 (رقم 8222) 17/9 - 10 (رقم 8794) ، المسند (ط. الحلبي) 2/450. وسيرد الحديث مرة أخرى في هذا الجزء (ص 511) . والقليب هي البئر. وفي فتح الباري 7/38 - 39: " أنزع منها: أي أملأ بالدلو. قوله: فنزع ذنوبا أو ذنوبين بفتح المعجمة وبالنون وآخره موحدة: الدلو الكبير إذا كان فيها الماء. . . . " قوله: وفي نزعه ضعف: أي أنه على مهل ورفق. . . قوله: فاستحالت في يده غربا. . . أي دلوا عظيمة. قوله: فلم أر عبقريا. . . المراد به كل شيء بلغ النهاية، وأصله أرض يسكنها الجن ضرب بها العرب المثل في كل شيء عظيم. . . قوله: يفري. . . فريه. . .: ومعناه يعمل عمله البالغ. . . قوله: حتى ضرب الناس بعطن. . .: هو مناخ الإبل إذا شربت ثم صدرت ".
****************************** *****
قال: " ويدل عليه ما أخبرنا أبو بكر بن مالك، وروى عن مسند أحمد، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة (1) ، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما: " «أيكم رأى رؤيا؟ " فقلت: أنا رأيت يا رسول الله كأن ميزانا دلي من السماء، فوزنت بأبي بكر فرجحت بأبي بكر، ثم وزن أبو بكر بعمر فرجح أبو بكر بعمر، ثم وزن عمر بعثمان فرجح عمر بعثمان، ثم رفع الميزان. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك لمن (2) يشاء» (3) ".
(1) ن (فقط) : عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو خطأ.
(2) ن، م: من.
(3) ورد هذا الحديث في سنن أبي داود مرتين عن أبي بكرة - رضي الله عنه - الأولى منهما رواية صحيحة أولها: " من رأى منكم رؤيا؟ ". . الحديث وهو في سنن أبي داود 4/289 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) ؛ سنن الترمذي 3/368 - 369 (كتاب الرؤيا، باب ما جاء في رؤيا النبي. . .) وقال الترمذي: " هذا حديث حسن صحيح ". وجاء الحديث أيضا في المستدرك للحاكم 3/70 - 71 (كتاب معرفة الصحابة) ، 4/394 (كتاب تعبير الرؤيا) وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه " والرواية الثانية أولها بلفظ " أيكم رأى رؤيا؟ " وفيها الزيادة التي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء " وهي في الصفحة التالية في سنن أبي داود 4/290 وقال المحقق عن هذا الحديث إن فيه علي بن زيد وهو ابن جدعان ولا يحتج بحديثه. وجاء الحديث في المسند (ط. الحلبي) 5/44، 50. وانظر المسند (ط. الحلبي) 4/63، 5/376. وسيرد هذا الحديث مرة أخرى في هذا الجزء إن شاء الله (ص 513) .
***************************
قال: " وأسند أبو داود، عن جابر الأنصاري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «رأى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر. " قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا: أما الرجل (2) الصالح فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه» (3) .
قال: " ومن ذلك حديث صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، «عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله
(1) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) الرجل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الحديث عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 4/290 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) وأوله: " أري الليلة رجل صالح. . . الحديث. وقال الأستاذ المحقق في تعليقه: إنه حديث منقطع. والحديث في المسند (ط. الحلبي) 3/355؛ المستدرك للحاكم 3/71 - 72 (كتاب معرفة الصحابة) وقال الحاكم: " ولعاقبة هذا الحديث إسناد صحيح عن أبي هريرة ولم يخرجاه ". وقال الذهبي في " تلخيص المستدرك " ذيل 3: صحيح. وضعف الألباني الحديث في " ضعيف الجامع الصغير وزيادته " 1/260 - 261. "
******************************
عليه وسلم - اليوم الذي بدئ (1) به فيه، فقال: " ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا ". ثم قال: " يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر» ". وفي لفظ: " «فلا يطمع في هذا الأمر طامع» ". وهذا الحديث في الصحيحين (2) .
ورواه من طريق أبي داود الطيالسي، عن ابن أبي مليكة، «عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر لأكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس " (3) . ثم قال: " معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر» (4) ". وذكر أحاديث
(1) به: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: في الصحيح. وجاء هذا الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين وفي المسند في عدة مواضع، وأقرب الروايات الرواية المذكورة هنا هي في المسند (ط. الحلبي) 6/144 ونصها: " حدثنا عبد الله حدثني أبي. . . عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الذي بدئ فيه، فقلت: وارأساه. فقال: " وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك " قالت: فقلت غيرى: كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك. قال: " وأنا وارأساه ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا، فإني أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن. قال: " وأنا أولى. ويأبى الله - عز وجل - والمؤمنون إلا أبا بكر ". والحديث - مع اختلاف في الألفاظ - في البخاري 7/119 (كتاب المرضى، باب قول المريض: إني وجع. . .) وقال ابن حجر في " فتح الباري " 10/125: " وزاد في رواية عبيد الله: " ثم بدئ في وجهه الذي مات فيه - صلى الله عليه وسلم -) 9/80 - 81 (كتاب الأحكام، باب الاستخلاف) ؛ مسلم 4/1857 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق. .) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/47، 106 (وفيها: لكيلا يطمع في أمر أبي بكر طامع. .) .
(3) الناس: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) الحديث في مسند أبي داود الطيالسي (طبعة حيدر أباد، 1321) ، ص [0 - 9] 10 - 211. وفيه: ثم قال: دعيه معاذ الله. . . إلخ.
****************************
تقديمه في الصلاة، وأحاديث أخر لم أذكرها لكونها ليست مما يثبته (1) أهل الحديث.
[أدلة ابن حزم على أن الرسول نص على خلافة أبي بكر نصا جليا]
وقال أبو محمد بن حزم في كتابه في (2) " الملل والنحل " (3) اختلف الناس في الإمامة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت (4) طائفة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف أحدا، ثم اختلفوا (5) فقال بعضهم: [لكن] (6) لما استخلف أبا بكر (7) على الصلاة كان ذلك دليلا على أنه أولاهم بالإمامة والخلافة على الأمر (8) . وقال بعضهم: لا، ولكن كان أبينهم (9) فضلا فقدموه لذلك.
وقالت طائفة: بل نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على استخلاف أبي بكر بعده على أمور الناس نصا جليا.
قال أبو محمد: وبهذا نقول لبراهين، أحدها إطباق الناس كلهم،
(1) ن (فقط) : يبينه.
(2) في ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الفصل في الملل والأهواء والنحل " والكلام التالي في 4/176 تحقيق د. محمد إبراهيم نصر، د. عبد الرحمن عميرة، ط. عكاظ، الرياض 1/402 \ 1982.
(4) : ف الفصل: قد اختلف الناس في هذا فقالت. .
(5) ثم اختلفوا: ليست في (ف) .
(6) لكن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ف: أبا بكر - رضي الله عنه -
(8) ف: الأمور.
(9) أبينهم: كذا في (م) ، (ف) ، وفي (ن) ، (م) ، (أ) : أثبتهم.
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (71)
صـ 494 إلى صـ 500
وهم الذين قال الله فيهم: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} [سورة الحشر: 8] .فقد اتفق (1) هؤلاء الذين شهد الله لهم بالصدق وجميع إخوانهم من الأنصار - رضي الله عنهم - على أن سموه خليفة رسول - الله صلى الله عليه وسلم -.
ومعنى الخليفة في اللغة هو الذي يستخلفه المرء لا الذي يخلفه دون أن يستخلفه [هو] (2) ، لا يجوز غير هذا ألبتة في اللغة بلا خلاف. تقول: (3) استخلف فلان فلانا يستخلفه فهو خليفة (4) ومستخلفه، فإن قام مكانه دون أن يستخلفه (5) لم يقل إلا: خلف فلان فلانا يخلفه فهو خالف.
قال (6) : " ومحال أن يعنوا بذلك الاستخلاف على الصلاة لوجهين ضرورين: أحدهما: أنه لم (7) يستحق أبو بكر قط (8) هذا الاسم على
(1) ف: أصفق، وهي بمعنى اتفق، انظر اللسان، مادة: صفق.
(2) هو: ساقطة من (ن) ، (م) وهو في (ف) .
(3) ن، أ: يقول؛ ب: يقال.
(4) أ، ب: خليفته.
(5) ف: يستخلفه هو.
(6) بعد الكلام السابق مباشرة.
(7) م: لا، وهو خطأ.
(8) قط: من (م) . وفي (ف) : رضي الله عنه قط.
****************************** **
الإطلاق في حياة رسول الله (1) - صلى الله عليه وسلم -، وهو حينئذ خليفته [على الصلاة] (2) ، فصح [يقينا] (3) أن خلافته المسمى بها (4) هي غير خلافته على الصلاة.
والثاني أن كل من استخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته كعلي في غزوة تبوك، وابن أم مكتوم في غزوة الخندق، وعثمان بن عفان في غزوة ذات الرقاع، وسائر من استخلفه على البلاد باليمن والبحرين والطائف وغيرها، لم يستحق أحد منهم قط بلا خلاف بين أحد من الأمة (5) أن يسمى خليفة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (6) ، فصح يقينا بالضرورة التي لا محيد عنها أنها الخلافة (7) بعده على أمته.
ومن المحال (8) أن يجمعوا على ذلك وهو (9) لم يستخلفه نصا، ولو لم يكن هاهنا (10) إلا استخلافه في الصلاة (11) لم يكن (12) أبو بكر أولى بهذه التسمية (13) من سائر من ذكرنا (14) ".
(1) ن، أ، ب: النبي.
(2) ن، م، أ، ب: وهو حينئذ خليفة، والصواب ما أثبته وهو الذي في (ف) .
(3) يقينا: ساقطة من (ن) ، وهي في (ف) .
(4) ف: هو بها.
(5) ف 4/177: من أحد من الأمة؛ ن، م: بين أهل العلم.
(6) ف:. . . . صلى الله عليه وسلم على الإطلاق. وسقطت " صلى الله عليه وسلم " من (ن) .
(7) ف: للخلافة.
(8) ف: ومن الممتنع.
(9) ف: وهو عليه السلام.
(10) ن، م: هنا.
(11) ف: استخلافه إياه على الصلاة.
(12) ف: ما كان.
(13) ب: بهذا الاسم؛ أ: بهذا اسمه، وهو تحريف.
(14) ف: من غيره ممن ذكرنا.
******************************
قال (1) : " وأيضا فإن الرواية قد صحت «أن (2) امرأة قالت: يا رسول الله أرأيت إن رجعت فلم (3) أجدك؟ كأنها تعني (4) الموت. قال: فأتى أبا بكر» " قال (5) : " وهذا نص جلي على استخلاف أبي بكر ".
قال (6) : " وأيضا فإن الخبر قد جاء من الطرق الثابتة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة (7) في مرضه الذي توفي فيه (8) : " لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك، وأكتب كتابا وأعهد عهدا، لكيلا (9) يقول قائل: أنا أحق، أو يتمنى متمن، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (10) .
(* وروي (11) : «ويأبى الله ورسوله والمؤمنون [إلا أبا بكر» ] (12) *) (13) . وروي
(1) بعد الكلام السابق في (ف) بجملة هي: " وهذا برهان ضروري نعارض به جميع الخصوم ".
(2) ف: بأن.
(3) ف: ولم.
(4) ف: تريد.
(5) بعد الكلام السابق مباشرة.
(6) بعد الكلام السابق مباشرة.
(7) ف: لعائشة - رضي الله عنها -.
(8) توفي فيه عليه السلام.
(9) ن، م: لئلا.
(10) (10 - 10) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(11) وروي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(12) إلا أبا بكر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(13) ما بين النجمتين ساقط من (ف) فقط.
***************************
[أيضا] (1) : «ويأبى الله والنبيون إلا أبا بكر» " قال: (2) " فهذا نص جلي على استخلافه - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على ولاية الأمة " بعده.
قال (3) : " واحتج من قال: لم يستخلف [أبا بكر] (4) بالخبر المأثور عن عبد الله بن عمر عن عمر (5) ، أنه قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني - يعني أبا بكر - وإلا أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبما روي عن عائشة [رضي الله عنها] (6) إذ (7) سئلت: من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخلفا لو استخلف؟ (8) ".
(1) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) بعد الكلام السابق مباشرة.
(3) بعد الكلام السابق (ف) بثلاثة أسطر.
(4) (أبا بكر) ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في البخاري 9/81 (كتاب الأحكام، باب الاستخلاف) ؛ مسلم 3/1454 - 1455 (كتاب الإمارة، باب الاستخلاف وتركه) ؛ سنن أبي داود 3/184 (كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب الخليفة يستخلف) : سنن الترمذي 3/341 (كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلافة) وقال الترمذي: " هذا حديث صحيح وقد روي من غير وجه عن ابن عمر "؛ المسند (ط. المعارف) 2/284، 323، 333.
(6) رضي الله عنها: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: أنها.
(8) هذا الأثر عن عائشة - رضي الله عنها - في مسلم 4/1856 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر. .) وتمامه فيه:. . . قالت: أبو بكر. فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر. ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح، ثم انتهت إلى هذا. والأثر بمعناه في المسند (ط. الحلبي) 6/63.
****************************** ***
قال (1) " ومن المحال (2) أن يعارض إجماع الصحابة الذي (3) ذكرنا عنهم (4) ، والأثران الصحيحان المسندان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لفظه، بمثل هذين الأثرين الموقوفين على عمر وعائشة (5) - رضي الله عنهما - (6) مما لا تقوم به (7) حجة ظاهرة (8) ، من أن (9) هذا الأثر خفي على عمر (10) كما خفي عليه كثير من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالاستئذان (11)
(1) بعد الكلام السابق مباشرة في (ف) .
(2) ف: فمن المحال.
(3) ن، م: الذين.
(4) عنهم: ليست في (ن) .
(5) ن، م: عائشة وعمر.
(6) رضي الله عنهما: ليست في (أ) ، (ب) .
(7) ن، ف: يقوم به.
(8) ظاهرة: ساقطة من (ف) ، وبدلا منها عبارة زائدة وهي: " مما له وجه ظاهر ".
(9) أ، ب: مع أن. والمثبت من (ن) ، (ف) 4/178. وسقطت (أن) من (م) .
(10) ف: عمر - رضي الله عنه -.
(11) في البخاري 8/54 - 55 (كتاب الاستئذان، باب التسليم والاستئذان ثلاثا) عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع ". فقال: " والله لتقيمن عليه بينة. أمنكم أحد سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم. فكنت أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك. وهذا الحديث في مسلم 3/1695 - 1696 (كتاب الآداب، باب الاستئذان) ؛ الموطأ 2/964 (كتاب الاستئذان، باب الاستئذان) بألفاظ متقاربة وجاء حديث بمعناه قبله مباشرة 2/963 عن أبي موسى الأشعري ونصه: " الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك فادخل، وإلا فارجع ".
***************************
وغيره، أو أنه (1) أراد استخلافا بعهد مكتوب، ونحن نقر أن استخلاف أبي بكر (2) لم يكن بعهد مكتوب (3) .
وأما الخبر في ذلك عن عائشة (4) فكذلك أيضا (5) . وقد يخرج كلاهما (6) على سؤال سائل، وإنما الحجة في روايتهما لا في قولهما (7) . ".
قلت: والكلام في تثبيت خلافة أبي بكر وغيره مبسوط في غير هذا الموضع، وإنما المقصود هنا البيان لكلام الناس في خلافته: هل حصل عليها نص جلي أو نص خفي؟ (8) وهل ثبتت بذلك أو بالاختيار من أهل الحل والعقد؟
فقد تبين أن كثيرا من السلف والخلف قالوا فيها بالنص الجلي أو الخفي، وحينئذ فقد بطل قدح الرافضي في أهل السنة بقوله: إنهم يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص على إمامة أحد، وأنه مات من غير وصية، وذلك (9) أن هذا القول لم يقله جميعهم، فإن كان
(1) أ، ب: وأنه.
(2) أ، ب: أن استخلافه.
(3) ف: بكتاب.
(4) أ، ب: عائشة - رضي الله عنها -.
(5) ف: نصا، وهو خطأ.
(6) ن، م: كل منهما؛ ف: كلامها.
(7) ف، ن: في روايتها لا في قولها؛ م: في رواتها، وهو تحريف.
(8) أ، ب: نص خفي أو جلي؟
(9) أ، ب: وكذلك.
*****************************
حقا فقد قاله بعضهم، وإن كان الحق هو نقيضه فقد قال بعضهم ذلك. فعلى التقديرين لم يخرج الحق عن أهل السنة.
[قول الراوندية بالنص على خلافة العباس]
وأيضا فلو قدر أن القول بالنص هو الحق لم يكن في ذلك حجة للشيعة، فإن الراوندية (1) تقول بالنص على العباس كما قالوا هم بالنص على علي.
قال القاضي أبو يعلى وغيره: " واختلف الراوندية فذهب جماعة منهم إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على العباس بعينه واسمه، وأعلن ذلك وكشفه وصرح به، وأن الأمة جحدت (2) هذا النص وارتدت وخالفت أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (3) عنادا. ومنهم من قال: إن النص على العباس وولده من بعده إلى أن تقوم الساعة " (4) يعني هو نص خفي.
فهذان قولان للراوندية كالقولين للشيعة، فإن الإمامية تقول: إنه نص على [علي بن أبي طالب]- رضي الله عنه - (5) من طريق التصريح والتسمية
(1) سبقت الإشارة من قبل ص 14 ت 4 إلى الراوندية القائلين بإمامة العباس بن عبد المطلب وإلى ما ذكره الأشعري عنهم في المقالات 1/94، والرازي في اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص 63. وسيرد بعد قليل كلام ابن حزم عنهم في الفصل 4/154.
(2) أ، ب: كفرت.
(3) أ، ب: أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(4) يقول القاضي أبو يعلى في كتابه " المعتمد في أصول الدين " ص 223: " وذهب قوم من الراوندية إلى أن النص على العباس وولده من بعده إلى أن تقوم الساعة ".
(5) ن، م: علي - رضي الله عنه -، أ، ب: علي بن أبي طالب.
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (72)
صـ 501 إلى صـ 507
بأن هذا هو الإمام من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا. والزيدية (1) تخالفهم في هذا.ثم من الزيدية من يقول: إنما نص عليه بقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» (2) ، «وأنت مني بمنزلة هارون من موسى» (3) ، وأمثال ذلك من النص
(1) ن، م: والراوندية، وهو خطأ. وسبق الكلام على الزيدية (انظر مثلا: ص [0 - 9] 4 - 35؛ وانظر ت 9 ص 35) وانظر عنهم أيضا: مقالات الإسلاميين 1/129 - 141؛ الملل والنحل 1/137 - 143؛ الفرق بين الفرق، ص 19، 22 - 25.
(2) الحديث في سنن الترمذي 5/297 (كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب. . .) ونصه: حدثنا محمد بن بشار. . قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ". قال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب. وروى شعبة هذا الحديث عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. وأبو سريحة هو حذيفة بن أسيد صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ". وصحح الألباني الحديث في تعليقه على " مشكاة المصابيح " للتبريزي 3/243، وعلق على عبارة، شك شعبة. بقول: " قلت: وهو في المسند عن زيد بدون شك ". كما صحح الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 5/353، والحديث عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 1/45 (المقدمة، فضل علي. . .) ؛ المسند (ط. المعارف) عن علي - رضي الله عنه -: الأرقام: 641 (ضعف أحمد شاكر سنده) ، 950، 951، 952، 961، 964 (ضعف أحمد شاكر سنده) ، 1310، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، رقم 3062، (ط. الحلبي) عن البراء - رضي الله عنه - 4/281، عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - 4/368، 370، 372، 372 - 372، عن بريدة - رضي الله عنه - 5/361، عن خمسة أو ستة من الصحابة 5/366، عن زيد بن أرقم 5/370، عن أبي أيوب الأنصاري مع طائفة من الأنصار 5/419، وجاء الحديث في كتاب " فضائل الصحابة " للإمام أحمد بن حنبل (تحقيق وصي الله بن محمد بن عباس) ، إصدار جامعة أم القرى 1403/1983) الأرقام: 947، 959، 1007، 1021، 1048، 1167، 1177، 1206.
(3) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في البخاري 5/19 (كتاب فضائل أصحاب النبي. . .، باب مناقب علي بن أبي طالب) ؛ مسلم 4/1871 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب) ؛ سنن الترمذي 5/301 - 302 (كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب) ؛ سنن ابن ماجه 1/42 - 43، 45 (المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فضل علي بن أبي طالب. .) ؛ المسند (ط. المعارف) 3/97. والحديث في " فضائل الصحابة " الأرقام: 954، 957، 1030، 1045، 1091، 1143، 1153.
******************************
الخفي الذي يحتاج إلى تأمل لمعناه. وحكي عن الجارودية من الزيدية (1) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على علي بصفة لم تكن توجد إلا فيه، لا من جهة التسمية.
فدعوى الراوندية في النص من جنس دعوى الرافضة، وقد ذكر في الإمامية أقوال أخر.
قال [أبو محمد] بن حزم (2) " اختلف القائلون بأن الإمامة (3) لا تكون (4) إلا في صليبة قريش (5) ، فقالت طائفة: هي جائزة في
(1) ن، م: الجارودية والزيدية. وهو خطأ. والجارودية هم من فرق الزيدية وينتسبون إلى من يعرف بأبي الجارود. انظر عن مذهبهم: مقالات الإسلاميين 1/133 - 135؛ الملل والنحل 1/140 - 141؛ الفرق بين الفرق، 22 - 24.
(2) ن، م: ابن حزم. والكلام التالي في (ف) 4/154. وأوله في (ف) : واختلف.
(3) ن: الإمامية، وهو تحريف.
(4) ف: لا تجوز.
(5) ف 4/154: صلبة؛ أ، ب: صبية، والصواب ما أثبتناه، وهو الذي في (ن) ، (م) والمعنى أن الإمامة لا تكون إلا في قرشي خالص النسب. وفي " أساس البلاغة " للزمخشري، مادة: " صلب ": عربي صليب: خالص النسب.
****************************** ******
جميع ولد فهر بن مالك بن النضر (1) ؛ وهذا قول أهل السنة وجمهور المرجئة (2) وبعض المعتزلة.
وقالت طائفة: لا تجوز الخلافة إلا في ولد العباس [بن عبد المطلب] (3) ، وهم الراوندية (4) .
وقالت طائفة: لا تجوز [الخلافة] (5) إلا في ولد علي بن أبي طالب (6) .
وقالت طائفة: لا تجوز [الخلافة] (7) إلا في ولد جعفر بن أبي طالب (8) (* ثم قصروها (9) على عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب *) (10) . وبلغنا عن بعض بني الحارث بن عبد المطلب أنه كان
(1) ف: فهر بن مالك فقط.
(2) ن، م: جمهور أهل السنة والمرجئة.
(3) بن عبد المطلب: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ف: وهو قول الراوندية.
(5) الخلافة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(7) الخلافة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(9) ف: ثم قصورها، وهو تحريف.
(10) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) . وترجمة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب في لسان الميزان 3/363 - 365، وفيها (ص 364) : قال أبو نعيم في تاريخه: قدم المداين متغلبا عليها أيام مروان بن محمد ومعه أبو جعفر المنصور، فبقي من سنة (28) إلى انقضاء سنة (29) ، ثم هرب إلى خراسان فسجنه أبو مسلم إلى أن مات مسجونا سنة إحدى وثلاثين ومائة. ثم نقل ابن حجر عن ابن حزم قوله: كان عبد الله بن معاوية ردي الدين معطلا يصحب الدهرية.
**************************
يقول: لا تجوز الخلافة إلا لبني (1) عبد المطلب خاصة، ويراها في جميع ولد (2) عبد المطلب، وهم: أبو طالب وأبو لهب والعباس والحارث (3) ".
قال (4) : " وبلغنا (5) [عن رجل كان بالأردن يقول: لا تجوز الخلافة إلا في بني عبد شمس (6) ، وكان له (7) في ذلك تأليف مجموع ".
قال (8) : " ورأينا (9) كتابا مؤلفا لرجل من ولد عمر بن الخطاب (10) يحتج فيه أن (11) الخلافة لا تجوز إلا في ولد أبي بكر وعمر خاصة (12) "، وسيأتي تمام الكلام على تنازع الناس في الإمامة إن شاء الله تعالى.
والمقصود هنا أن أقوال الرافضة معارضة بنظيرها، فإن دعواهم النص على علي، كدعوى أولئك النص على العباس، وكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار، ولم يقل أحد من أهل العلم شيئا من هذين القولين،
(1) ف: إلا في بني.
(2) أ، ب: بني.
(3) ف والحارث والعباس، وهم عموم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو طالب اسمه عبد مناف، وأبو لهب هو عبد العزى. . سيرة ابن هشام 1/113، طبعة مصطفى الحلبي، القاهرة، 1355/1936.
(4) بعد الكلام السابق مباشرة.
(5) بعد كلمة " وبلغنا " يوجد سقط كبير في (ن) سنشير إلى نهايته فيما بعد إن شاء الله.
(6) ف: إلا في بني أمية بن عبد شمس؛ م: إلا في أولاد عبد شمس.
(7) عند عبارة " وكان له " يبدأ سقط كبير في (م) وينتهي مع نهاية سقط (ن) .
(8) بعد الكلام السابق مباشرة.
(9) ف: وروينا.
(10) ف: بن الخطاب - رضي الله عنه -.
(11) ف: بأن.
(12) ف: إلا لولد أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -.
***************************
وإنما ابتدعهما أهل الكذب كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه؛ ولهذا لم يكن أهل الدين من ولد العباس وعلي يدعوان هذا ولا هذا، بخلاف النص على أبي بكر فإن القائلين به طائفة من أهل العلم، وسنذكر إن شاء الله تعالى فصل الخطاب في هذا الباب.
لكن المقصود أن لهم أدلة وحججا من جنس أدلة المستدلين في موارد النزاع، ويكفيك أن أضعف ما استدلوا به استدلالهم بتسميته خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قد تقدم أن القائلين بالنص على أبي بكر منهم من قال بالنص الخفي، ومنهم من قال بالنص الجلي.
وأيضا، فقد روى ابن بطة (1) بإسناده، قال حدثنا أبو الحسن بن أسلم الكاتب (2) ، حدثنا الزعفراني (3) ، حدثنا يزيد بن هارون (4) حدثنا المبارك بن فضالة (5) ، أن عمر بن عبد العزيز بعث محمد بن الزبير
(1) المتوفى سنة 387، وسبق الكلام عليه (ص 61 ت [0 - 9] ) .
(2) لم أجده فيما بين يدي من المراجع.
(3) أبو علي الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني من أعيان أصحاب الشافعي وقد توفي سنة 249، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 2/318 - 319؛ الأنساب للسمعاني، ص 274؛ اللباب في تهذيب الأنساب 1/502.
(4) المتوفى سنة 206، وسبقت ترجمته (ص 60 ت 4) .
(5) ترجمته في ميزان الاعتدال 3/5 - 6. وفيها: قال يحيى بن معين: صالح. وقال أبو داود: شديد التدليس، فإذا قال: حدثنا، فهو ثبت. وقال النسائي وغيره: ضعيف. . وقال ابن عدي: عامة أحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة، وتوفي سنة 164 أو 165 أو 166 على ثلاث روايات. وذكره ابن العماد (شذرات الذهب 1/259 - 260) في وفيات سنة 164. وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ 1/188.
****************************** *
الحنظلي (1) إلى الحسن فقال: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر؟ فقال: أوفي شك صاحبك؟ نعم، والله الذي لا إله إلا هو استخلفه، لهو أتقى من أن يتوثب عليها. قال ابن المبارك: استخلافه هو أمره أن يصلي بالناس، وكان هذا عند الحسن استخلافا ".
قال: " وأنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد (2) حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب (3) ، حدثنا يحيى بن سليم (4) . حدثنا جعفر بن
(1) محمد بن الزبير التميمي الحنظلي البصري: في ميزان الاعتدال 3/57: عن أبيه، والحسن، وعمر بن عبد العزيز. . . قال النسائي: ضعيف، وقال ابن معين: لا شيء، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي في حديثه إنكار، وقال البخاري: روى عن حماد بن زيد منكر الحديث وفيه نظر. وانظر ترجمته أيضا في تهذيب التهذيب 9/167؛ الخلاصة للخزرجي، ص 287.
(2) عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم ابن بنت أحمد بن منيع البغوي، أورد الذهبي طعن ابن عدي وغيره فيه، ولكنه دافع عنه وقال في آخر ترجمته (ميزان الاعتدال 2) : قلت: الرجل ثقة مطلقا، وانظر لسان الميزان 3/338 - 341. وقد توفي البغوي سنة 317. وهو من شيوخ ابن بطة. انظر طبقات الحنابلة 1/190 - 192، 2/144.
(3) زهير بن حرب بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي. ترجمته في تهذيب التهذيب 3/342 - 344، وفيها: وعنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وروى له النسائي. . مات سنة 234.
(4) يحيى بن سليم الطائفي الحذاء الخزاز المتوفى سنة 195، وثقه البعض وضعفه آخرون، ترجمته في ميزان الاعتدال 3/292؛ تهذيب التهذيب 11/226 - 227. وقد يكون الصواب: يحيى بن سعيد، وهو يحيى بن سعيد القطان المتوفى سنة 143 أو 144 أو 146. ترجمته في تهذيب التهذيب 11/221 - 224. وفي ترجمة جعفر الصادق (تهذيب التهذيب 2) : وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وهو من أقرانه. . . وقال يحيى بن المديني: سئل يحيى بن سعيد عنه فقال: في نفسي منه شيء ومجالد أحب إلي منه، قال: وأملى على جعفر الحديث الطويل، يعني في الحج
****************************** **
محمد (1) - 105، وفيها أنه مات 148.، عن أبيه (2) ، عن عبد الله بن جعفر (3) قال: ولينا أبو بكر فخير خليفة أرحمه بنا وأحناه علينا (4) . قال: وسمعت معاوية بن قرة (5) يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر " (6) .
ثم القائلون بالنص على أبي بكر من قال بالنص الجلي، واستدلوا على ذلك باتفاق الصحابة على تسميته خليفة رسول الله
(1) جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الهاشمي أبو عبد الله، المعروف بجعفر الصادق. قال عنه الذهبي (ميزان الاعتدال 1/192) : أحد الأئمة الأعلام بر صادق كبير الشأن لم يحتج به البخاري. . . وقال أبو حاتم: ثقة لا يسأل عن مثله. وترجمته في تهذيب التهذيب 2
(2) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو جعفر الباقر. . روى عن أبيه. . وروى عنه ابنه جعفر. . قال ابن سعيد: كان ثقة كثير الحديث وليس يروي عنه من يحتج به. . والأصح أنه مات سنة أربع عشرة (ومائة) - تهذيب التهذيب 9/350 - 352.
(3) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، أبو محمد وأبو جعفر، وهي أشهر، مات سنة ثمانين. ترجمته في الإصابة لابن حجر 2/280 - 281.
(4) هنا ينتهي سقط كبير في (ن) وهو الذي يبدأ بعد كلمة: وبلغنا (ص 504 س [0 - 9] ) . ويوجد بدلا منه في (ن) هذه الجملة: " قال: وبلغنا عن الحسن يحلف بالله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر ".
(5) معاوية بن قرة بن إياس بن هلال بن رباب المزني، أبو إياس البصري. ترجمته في تهذيب التهذيب 10/216 - 217، وفيها: عن يحيى بن معين: ثقة. وكذا قال العجلي والنسائي وأبو حاتم. وقال ابن سعد: كان ثقة وله أحاديث، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مطر الأعنق عن معاوية بن قرة: لقيت من الصحابة كثيرا، منهم خمسة وعشرون من مزينة. قال خليفة وغيره: مات سنة ثلاث عشرة ومائة.
(6) هنا ينتهي سقط (م) ويوجد بدلا منه: " وكان له في الحسن يحلف بالله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر ".
****************************** ***********
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (73)
صـ 508 إلى صـ 514
- صلى الله عليه وسلم - قالوا (1) : والخليفة إنما يقال لمن استخلفه غيره، واعتقدوا أن الفعيل بمعنى المفعول، فدل ذلك على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف (2) على أمته.والذين نازعوهم في هذه الحجة قالوا: الخليفة يقال لمن استخلفه غيره، ولمن خلف غيره فهو فعيل بمعنى فاعل، كما يقال: خلف فلان فلانا. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين (3) : " «من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا» " (4) . وفي الحديث الآخر: " «اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا» " (5) .
(1) ن، م: قال.
(2) ن، م: استخلفه.
(3) أ، ب: في الحديث الصحيح.
(4) الحديث عن زيد بن خالد - رضي الله عنه - في البخاري 4/27 (كتاب الجهاد، باب فضل من جهز غازيا) ؛ مسلم 3/1506 - 1507 (كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي. . . .) ؛ سنن أبي داود 3/18 (كتاب الجهاد، باب ما جاء فيمن جهز غازيا؛ المسند (ط. الحلبي) 4/115، 116، 117، 5/193.
(5) أ، ب: أهلينا. والحديث بهذا اللفظ هو الجزء الأول من حديث عن عبد الله بن سرجس - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 5/161 (كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافرا) وقال الترمذي: " وهذا حديث حسن صحيح ". وهو جزء من حديث آخر عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 5/165 (كتاب الدعوات، باب ما جاء فيما يقول إذا ركب دابة) وأول الحديث: عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر فركب راحلته كبر ثلاثا وقال: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) . ثم يقول: اللهم إني أسألك في سفري هذا. . . الحديث. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن ". وهذا الحديث الآخر في المسند (ط. المعارف) 9/138 - 139. وجاء الجزء الأول من هذه العبارات وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل " في أحاديث كثيرة، منها حديث عن ابن عمر في مسلم 2/978 (كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره) ؛ المسند (ط. المعارف) 9/185. ومنها حديث عن أبي هريرة في سنن الترمذي 5/160 (كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافرا) ؛ المسند (ط. المعارف) 18/21 - 22، (ط. الحلبي) 2/433. ومنها حديث عن ابن عباس في مسند أحمد (ط. المعارف) 4/87،، 255.
****************************** ***
وقال تعالى: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات} [سورة الأنعام: 165] . وقال تعالى: {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} [سورة يونس: 14] (1) وقال تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} [سورة البقرة: 30] . وقال: {ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} [سورة ص: 26] (2) ، أي خليفة عمن قبلك من الخلق، ليس المراد أنه (3) خليفة عن الله، وأنه من الله كإنسان العين من العين، كما يقول ذلك بعض الملحدين القائلين بالحلول والاتحاد، كصاحب " الفتوحات المكية "، وأنه الجامع لأسماء الله الحسنى، وفسروا بذلك قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} [سورة البقرة: 31] (4) وأنه مثل الله الذي نفي عنه
(1) في (ن) ، (م) ورد جزء من ألفاظ الآيتين فقط.
(2) في (ن) ، (م) جاء جزء من الآية حتى قوله تعالى. . في الأرض.
(3) ن، م: ليس المراد به.
(4) هذه الآراء يذكرها صاحب كتاب " الفتوحات المكية "، وهو ابن عربي في كتابه " فصوص الحكم "، تحقيق الدكتور أبي العلا عفيفي، ص 49 - 51، القاهرة، 1365/1946. حيث يقول: " فسمي هذا المذكور إنسانا وخليفة، فأما إنسانيته فلعموم نشأته وحصره الحقائق كلها، وهو للحق بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر وهو المعبر عنه بالبصر؛ فلهذا سمي إنسانا. . فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود. . إلخ ".
****************************** ***
الشبه (1) بقوله {ليس كمثله شيء} (2) ، [سورة الشورى: 11] ، إلى أمثال هذه المقالات التي فيها من تحريف المنقول (3) وفساد المعقول ما ليس هذا موضع بسطه (4) .
والمقصود هنا أن الله لا يخلفه غيره، فإن الخلافة إنما تكون عن غائب، وهو سبحانه شهيد مدبر لخلقه لا يحتاج في تدبيرهم إلى غيره، وهو [سبحانه] (5) خالق الأسباب والمسببات جميعا، بل هو سبحانه يخلف عبده المؤمن إذا غاب عن أهله. ويروى (6) أنه قيل لأبي بكر: يا خليفة الله. فقال: بل أنا خليفة رسول الله، وحسبي ذاك.
[الأحاديث الدالة على ثبوت خلافة أبي بكر]
وقالت طائفة: بل ثبتت بالنص المذكور في الأحاديث التي تقدم
(1) ن، م: الشبهة، وهو خطأ.
(2) انظر كلام ابن عربي عن هذه الآية، وعن التشبيه والتنزيه في " فصوص الحكم " 1/68 - 71.
(3) ن، م: القول.
(4) ن، م: ما ليس هذا موضعه.
(5) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: وروي.
****************************** **
[إيراد بعضها] (1) مثل قوله في الحديث الصحيح: «لما جاءته المرأة (2) تسأله عن أمر، فقالت: أرأيت إن لم أجدك؟ كأنها تعني الموت، فقال: " ائتي أبا بكر» " (3) . ومثل (4) قوله - صلى الله عليه وسلم - (5) في [الحديث] الصحيح لعائشة [رضي الله عنها] (6) : " «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس بعدي ". ثم قال: " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» " (7) .
ومثله قوله في [الحديث] الصحيح (8) : " «رأيت (9) كأني على قليب أنزع منها، فأخذها ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذها ابن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا [من الناس] (10) يفري فريه حتى ضرب (11) الناس بعطن» " (12) .
(1) ن، م: في الأحاديث المتقدمة.
(2) ن: امرأة.
(3) ورد هذا الحديث من قبل مرتين (ص 488، 496) وسبق الكلام عليه (ص 488، ت [0 - 9] ) .
(4) ن، م: ومثله.
(5) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: في الصحيح لعائشة.
(7) ورد هذا الحديث من قبل (ص 492، 496) وسبق الكلام عليه (ص 492 ت [0 - 9] ) ، وورد مع اختلاف في اللفظ من رواية الطيالسي (ص 492) .
(8) ن، م: ومثله في الصحيح؛ ب: ومثل قوله في الحديث الصحيح.
(9) رأيت: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) من الناس: ساقطة من (ن) ، (م) .
(11) ن، م، أ: صدر.
(12) سبق الكلام على هذا الحديث، ص [0 - 9] 89.
*****************************
ومثل قوله: " «مروا أبا بكر فليصل بالناس» ". وقد روجع في ذلك مرة بعد مرة، فصلى بهم مدة مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - من يوم الخميس إلى يوم الخميس إلى يوم الاثنين، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة فصلى بهم جالسا، وبقي أبو بكر يصلي بأمره سائر الصلوات، وكشف الستارة يوم مات وهم يصلون خلف أبي بكر فسر بذلك (1) ، وقد قيل: إن آخر صلاة صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت خلف أبي بكر، وقيل: ليس كذلك.
ومثل قوله في [الحديث] (2) الصحيح على منبره: " «لو كنت متخذا من أهل (3) الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر» " (4) .
(1) هذه الأخبار جاءت في كتب السيرة، انظر مثلا: سيرة ابن هشام 4/298 - 306؛ جوامع السيرة لابن حزم، ص 262 - 265، وجاءت بعض هذه الأخبار في كتب السنة في أحاديث عن عائشة وأنس - رضي الله عنهما -. انظر مثلا: البخاري 1/139 - 140 (كتاب الأذان، باب من أسمع الناس تكبير الإمام) ، 1/147 (كتاب الأذان، باب هل يلتفت لأمر ينزل به. . .) ، 2/63 (كتاب التهجد، باب من رجع القهقرى في صلاته) ، 4/149 - 150 (كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) ، 6/12 - 13 (كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته) ، 9/97 - 98 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من التعمق والنزاع في العلم) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/361، 6/96.
(2) الحديث: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) جاء هذا الحديث في قسمه الأول إلى قول النبي: لاتخذت أبا بكر خليلا، في مواضع كثيرة عن عدد من الصحابة، وأما الحديث بهذه الألفاظ فقد جاء عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في البخاري 1/96 (كتاب الصلاة، باب الخوخة والممر في المسجد) وأوله: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده. . . الحديث، وهو في البخاري 5/4 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب المهاجرين، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر) ؛ مسلم 4/1854 - 1855 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر. .) ؛ سنن الترمذي 5/278 (كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر الصديق) والحديث فيه عن عائشة. وقال الترمذي " وفي الباب عن أبي سعيد "؛ المسند (ط. الحلبي) 3/18. وفي " فتح الباري " 7/14؛ والخوخة طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء ولا يشترط علوها، وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها لاستقراب الوصول إلى مكان مطلوب ".
******************************
وفي سنن أبي داود وغيره من حديث الأشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم: " من رأى (1) منكم رؤيا؟ " فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزانا نزل (2) من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ثم وزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان. فرأيت الكراهية في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم» - " (3) .
ورواه أيضا من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكر مثله، ولم يذكر الكراهية. فاستاء لها (4) النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني ساءه ذلك - فقال: " «خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء» " (5) . فبين [النبي] (6)
(1) ب: أي، وهو تحريف ظاهر.
(2) أ، ب: أنزل.
(3) ورد هذا الحديث من قبل (ص 490) .
(4) ن: قال فاشتكاها، وهو تحريف.
(5) مضى هذا الحديث من قبل، ص 490.
(6) النبي: زيادة في (أ) ، (ب) .
******************************
- صلى الله عليه وسلم - أن ولاية هؤلاء خلافة نبوة (1) ، ثم بعد ذلك ملك، وليس فيه ذكر علي؛ لأنه لم يجتمع الناس في زمانه بل كانوا مختلفين، لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك.
وروى أبو داود أيضا من حديث ابن شهاب، عن عمرو بن أبان، عن جابر أنه كان يحدث «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أري (2) الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر ". قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما المنوط بعضهم ببعض، فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه» " (3) .
وروى أبو داود أيضا من حديث حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن سمرة بن جندب، «أن رجلا قال: يا رسول الله، رأيت كأن دلوا أدلي من السماء، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها (4) فشرب شربا ضعيفا، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها (5) فشرب حتى تضلع،
(1) نبوة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: رأى.
(3) سبق الكلام على هذا الحديث ص 491 وهو في سنن أبي داود 4/290، وفيها: وأما تنوط. . وفي " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير 4/182 (ط. القاهرة، 1311) : نيط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي علق (بضم العين وتشديد اللام وكسرها) .
(4) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
(5) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
****************************** ****