حكم بعض العلماء بانهم في الجنة ، و حكم البعض بانهم يمتحنون ، فهل يجوز الترحم عليه و الاستغفار لهم ؟ وهل لاهل العلم اقوال في مسألة الترحم؟
عرض للطباعة
حكم بعض العلماء بانهم في الجنة ، و حكم البعض بانهم يمتحنون ، فهل يجوز الترحم عليه و الاستغفار لهم ؟ وهل لاهل العلم اقوال في مسألة الترحم؟
الاستغفار والترحم على أهل الفترة... رؤية شرعية
السؤال
هل يجوز الترحم على شخص من أهل الفترة كحاتم الطائي، أو الشاعر زهير بن أبي سلمى؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:فإن طلب الرحمة للكفار محرمٌ بالنص والإجماع، كما قال تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة:113}.وراجع الفتوى رقم: 285976.
فمن مات على دينٍ غير الإسلام، فلا يجوز الترحم عليه ولا الاستغفار له، لأن ظاهره الكفر في الدنيا، ولا نعلم مآل المعين في الآخرة، فنحن مخاطبون ومكلفون في أحكام الدنيا بالعمل بالظاهر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس لما أُسِر في بدر وادّعى أنه كان مسلماً: الله أعلم بشأنك، إن يك ما تدعي حقاً، فالله يجزيك بذلك، وأما ظاهر أمرك، فقد كان علينا. رواه الإمام أحمد، وبنحوه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
ويقول الشيخ حمد بن معمر: من كان من أهل الجاهلية عاملاً بالإسلام تاركاً للشرك فهو مسلم، وأما من كان يعبد الأوثان ومات على ذلك قبل ظهور هذا الدين، فهذا ظاهره الكفر، وإن كان يحتمل أنه لم تقم عليه الحجة الرسالية لجهله وعدم من ينبهه، لأنا نحكم على الظاهر، وأما الحكم على الباطن فذلك إلى الله تعالى، لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، كما قال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً {سورة الإسراء آية: 15}. اهـ.
وقال الدكتور أحمد القُصَيِّر في أطروحته للدكتوراة: الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم ـ في جواب سؤال: ما معنى نهي الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لأمه؟ قال: جوابه: أنَّ الله تعالى لم يأذن لنبيه صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لأمه، لأنها ماتت في الفترة، ومصير أهل الفترة مجهول، فلا يُدْرَى ما يصيرون إليه، وقد شاء سبحانه أنْ يكون مصير أمه صلى الله عليه وسلم مخفياً عنه لِحِكَمٍ يريدها سبحانه، وقد يكون من هذه الحِكَم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لو أُذِنَ له بالاستغفار لأُمِّهِ لفُهِمَ منه جواز الاستغفار لأهل الفترة عموماً، ومعلوم أنَّ من أهل الفترة من قضى الله تعالى بأنهم لا يُجيبون، ولا يجوز الاستغفار لمن قضى الله تعالى بأنهم لا يجيبون، لأن حكم هؤلاء هو حكم أهل الكفر والشرك، والذين منع الله من الاستغفار لهم، كما أن الاستغفار فرع تصوير الذنب، وذلك في أوان التكليف ولا يُعقل ذلك فيمن لم تبلغه الدعوة، فلا حاجة إلى الاستغفار لهم، فيمكن أنه ما شرع الاستغفار إلا لأهل الدعوة، لا لغيرهم، وإن كانوا ناجين. اهـ.
وهذا الكلام الأخير بين القوسين عزاه لحاشية السندي على سنن النسائي، ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 200527.
والله أعلم.
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/33...B9%D9%8A%D8%A9
النهي عن الاستغفار للمشركين في الاية علق على اخروي ( التبين ان الرجل من اهل الجحيم )
فيستفاد من ذلك
- ان النهي عن الترحم لا يكفي فيه كون الرجل كان على الشرك في حياته بل التحقق انه مات على ذلك
- في الاية دلالة واضحة على ان من مات على الشرك فقد تبين من حاله انه من اصحاب الجحيم .
- عدم جواز الترحم علق في الاية على امر اخروي . و القول بعدم علم مصير المعين في الاخرة يبطل الاستدلال بالاية اصلا
- ( تبين لهم انهم اصحاب الجحيم ) فيه دلالة واضحة ان التبين و معرفة مآل المعين في الآخرة ممكنة في الدنيا بموته على الشرك . فلو كان معرفة مآله في الآخرة مستحيلا لما علق الحكم على ذلك .
و الله اعلم
هل المحتج بهذه الاية يقصد ان كل اهل الفترة تبين له انهم من اصحاب الجحيم؟
ان كان كذلك ، فاغلب العلماء على خلافه، فماذا عن الترحم على مذهب من يرى انهم في الجنة او يمتحنون؟
و ان لم يكن يرى ذلك ، فما وجه الاحتجاج بالآية و هي فيمن تبين انهم من اصحاب الجحيم؟
اليس في هذا الحديث دعاء (الله يجزيك بذلك) لمن لا يعرف مصيره و حقيقته حتى و لو كان ظاهر امره مخالفا؟
فكيف يحتج به على عكسه؟
و في هذا الحديث ضعف لجهالة شيخ ابن اسحق
فهل هذا الحديث هو المستند الوحيد للاعتماد على الظاهر؟
و لو كان اهل الفترة غير معروف مصيرهم كما نقلت نفس الفتوى ، فكيف تقول هنا بالاعتماد على الظاهر ؟
هل ظاهرهم انهم اهل فترة مجهولو المصير ؟ ام انهم اهل فترة اصحاب جحيم؟ ام انهم اهل فترة ناجون ؟
اليس ظاهرهم انهم اهل فترة يجب ان يختلف عمن ظاهرهم انهم اصحاب الجحيم كمن ورد فيهم نص؟
النقل لفتوى أصحاب موقع إسلام ويب من باب إثراء الموضوع، وتوسعة دائرة النقاش، فحبذا لو ندعم الردود بنقولات للعلماء، بارك الله فيكم.
للفائدة:
حكم أهل الفترة
قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله – في تعريف الفترة: (هي ما بين كل نبيين كانقطاع الرسالة بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم).
وقال الألوسي في تفسيره: (أجمع المفسرون بأن الفترة هي انقطاع ما بين رسولين).
وأهل الفترة: (هم الأمم الكائنة بين أزمنة الرسل الذين لم يرسل إليهم الأول، ولا أدركوا الثاني كالأعراب الذين لم يرسل إليهم عيسى ولا لحقوا النبي صلى الله عليه وسلم..).
ثم صار يطلق عند كثير من العلماء على كل من لم تبلغهم الدعوة، بما فيهم أطفال المشركين.
ومن باب الاختصار سأكتفي بعرض لأهم الأقوال ثم بيان القول الراجح في هذه المسألة...
أقوال العلماء في المسألة:
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال كثيرة ومن أشهرها:
الأول: أن من مات ولم تبلغه الدعوة مات ناجياً، قال السيوطي – رحمه الله-: (وقد أطبقت أئمتنا الأشاعرة من أهل الكلام والأصول، والشافعية من الفقهاء على أن من مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجياً…) (5) ونص بعض الأئمة على دخول أطفال المشركين الجنة- دون غيرهم من أهل الفترة – كالإمام ابن حزم حين قال: (وذهب جمهور الناس إلى أنهم في الجنة وبه نقول). والنووي، والحافظ ابن حجر العسقلاني وذكر أنه ترجيح البخاري، والإمام القرطبي والإمام ابن الجوزي.
الثاني: أن من مات ولم تبلغه الدعوة فهو في النار، قال الإمام ابن القيم – رحمه الله- (وهو قول جماعة من المتكلمين، وأهل التفسير، وأحد الوجهين لأصحاب أحمد وحكاه القاضي نصا عن أحمد، وغلطه شيخنا….) كما هو قول جماعة من أصحاب أبي حنيفة .
الثالث: الوقف في أمرهم، وقد يعبر عنه بأنهم تحت المشيئة (وهو منقول عن الحمادين وابن المبارك وإسحاق بن راهويه، وقال ابن عبد البر: وهو مقتضى صنيع مالك وليس عنده في المسألة شيء منصوص، إلا أن أصحابه صرحوا بأن أطفال المسلمين في الجنة، وأطفال الكفار خاصة في المشيئة).
الرابع: أنهم يمتحنون في عرصات القيامة بنار يأمرهم الله سبحانه وتعالى بدخولها، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ومن لم يدخلها فقد عصى الله تعالى فهو من أهل النار، وهذا قول جمهور السلف، حكاه الأشعري عنهم، وممن قال به محمد بن نصر المروزي، والبيهقي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وابن كثير وغيرهم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (.. ومن لم تقم عليه الحجة في الدنيا بالرسالة كالأطفال والمجانين وأهل الفترات فهؤلاء فيهم أقوال أظهرها ما جاءت به الآثار أنهم يمتحنون يوم القيامة، فيبعث إليهم من يأمرهم بطاعته، فإن أطاعوه استحقوا الثواب، وإن عصوه استحقوا العذاب).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله بعد حكايته المذاهب في أطفال المشركين وأدلتها: (المذهب الثامن: أنهم يمتحنون في عرصات القيامة، ويرسل إليهم هناك رسول وإلى كل من لم تبلغه الدعوة، فمن أطاع الرسول دخل الجنة، ومن عصاه أدخله النار وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة وبعضهم في النار، وبهذا يتألف شمل الأدلة كلها وتتوافق الأحاديث)، ثم ساق أدلة لهذا القول، وقال: (فهذه الأحاديث يشد بعضها بعضا، وتشهد لها أصول الشرع وقواعده، والقول بمضمونها هو مذهب السلف والسنة، نقله عنهم الأشعري رحمه الله..)، ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: (.. وقد اختلف الأئمة رحمهم الله تعالى فيها قديماً وحديثاً وهي الولدان الذين ماتوا وهم صغار وآباؤهم كفار ماذا حكمهم؟ وكذا المجنون والأصم والشيخ الخرف ومن مات في الفترة ولم تبلغه دعوته وقد ورد في شأنهم أحاديث أنا أذكرها لك بعون الله وتوفيقه).
ثم ساق عشرة أحاديث في هذه المسألة، ثم أشار إلى الأقوال في المسألة، ورجح أنهم يمتحنون يوم القيامة حيث قال: (… وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها، وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضه لبعض..).
ويقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – بعدما رجح هذا القول -:(إن الجمع بين الأدلة واجب متى ما أمكن بلا خلاف، لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما ولا وجه للجمع بين الأدلة إلا هذا القول بالعذر والامتحان..) .
ومن أهم أدلتهم على هذا القول دليلان:
الأول: استدلوا بعموم الآيات الدالة على نفي التعذيب قبل بلوغ الحجة، من مثل قوله تعالى عن أهل النار: كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا [الملك: 8-9].
وقوله سبحانه: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء: 15]
وغيرها من الآيات الدالة على عذر أهل الفترة بأنهم لم يأتهم نذير.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي – رحمه الله – في تفسيره لهذه الآية: (والله تعالى أعدل العادلين، لا يعذب أحداً حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ثم يعاند الحجة، وأما من انقاد للحجة، أو لم تبلغه حجة الله تعالى فإن الله تعالى لا يعذبه، استدل بهذه الآية على أن أهل الفترات، وأطفال المشركين، لا يعذبهم الله، حتى يبعث إليهم رسولاً، لأنه منزه عن الظلم).
الثاني: استدلوا بعدد من الأحاديث المصرحة بأن أهل الفترة ومن لم تبلغه الدعوة يمتحنون يوم القيامة، ومن أشهرها ما رواه الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يكون يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم ورجل مات في فترة فأما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً)) .
وعن أبي هريرة مثل هذا غير أنه قال في آخره: ((فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن لم يدخلها سحب إليها)) ، والقول بموجب هذا الحديث فيه جمع للأدلة كما في النقل السابق عن الأئمة – قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-: (وهذا التفصيل يذهب الخصومات التي كره الخوض فيه لأجلها من كرهه، فإن من قطع لهم بالنار كلهم، جاءت نصوص تدفع قوله، ومن قطع لهم بالجنة كلهم، جاءت نصوص تدفع قوله..) ، وقال الشيخ الشنقيطي – رحمه الله – بعد ترجيحه لهذا القول: (وهذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبوته عنه نص في النزاع فلا وجه للنزاع البتة مع ذلك..) .
وردوا على ما ذكر بعض الأئمة كالإمام ابن عبد البر، والإمام القرطبي والحليمي، وملخص قولهم: أن هذه الأحاديث لا تصح وأن (هذا مخالف لأصول المسلمين لأن الآخرة ليست بدار امتحان)
وردوا على هذا القول بما يلي:
1- أن هذه الأحاديث صحيحة وردت من طرق مختلفة...
2- قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: (والتكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار، وأما عرصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ، فيقال لأحدهم: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وقال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ [القلم: 42-43]…)
وقال الطيبي: (لا يلزم من أن الدنيا دار بلاء والآخرة دار جزاء أن لا يقع في واحده منهما ما يخص الأخرى، فإن القبر أول منازل الآخرة، وفيه الابتلاء والفتنة بالسؤال وغيره)
ولخص الإمام ابن القيم رحمه الله الرد على ذلك فقال: (… فإن قيل: فالآخرة دار جزاء، وليست دار تكليف، فكيف يمتحنون في غير دار التكليف؟ فالجواب: أن التكليف إنما ينقطع بعد دخول دار القرار، وأما في البرزخ وعرصات القيامة فلا ينقطع، وهذا معلوم بالضرورة من الدين من وقوع التكليف بمسألة الملكين في البرزخ وهي تكليف، وأما في عرصة القيامة، فقال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ فهذا صريح في أن الله يدعو الخلائق إلى السجود يوم القيامة، وأن الكفار يحال بينهم وبين السجود إذ ذاك) ، وذكروا أحاديث على جواز التكليف في الآخرة ذكرها ابن القيم وابن كثير وغيرهم
https://dorar.net/aqadia/3437/%D8%A7...AA%D8%B1%D8%A9
اشكرك على النقل و الذين يخالف النقل الاول ، فهل يجوز عليه الدعاء لهم؟
هذا الجواب فيه نظر مما جعل الاخ مسافر وحدى يستشكل بقولهاشكال الاخ مسافر وحدى صحيح -اقتباس:
اليس اغلب العلماء على انها في النار ؟اقتباس:
فكيف يجزم ان مصير اهل الفترة كلهم مجهول فضلا عن مصيرها بعينه؟
والجواب الصحيح
ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يدل على أن أبويه في النار .
روى مسلم ( 203 ) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : فِي النَّارِ . فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّار
وروى مسلم (976) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُ هُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي .
قال في "عون المعبود" :
( فَلَمْ يَأْذَن لِي ) : لأَنَّهَا كَافِرَة وَالاسْتِغْفَار لِلْكَافِرِينَ لا يَجُوز اهـ .
وقد جاء التصريح بأنها من أهل النار في ما رواه أحمد وصححه الألباني في ظلال الجنة عن أبي رزين قال: قلت يا رسول الله أين أمي، قال: أمك في النار، قال: قلت: فأين من مضى من أهلك، قال: أما ترضى أن تكون أمك مع أمي في النار. قال في عون المعبود: وقد بسط الكلام في عدم نجاة الوالدين العلامة إبراهيم الحلبي في رسالة مستقلة، والعلامة القارئ في شرح الفقه الأكبر ويشهد لصحة هذا الحديث ُ الصحيحُ وهو: إن أبي وأباك في النار. انتهى
قال الشيخ بن باز رحمه الله :
" والنبي صلى الله عليه وسلم حينما قال : ( إن أبي وأباك في النار ) قاله عن علم ، فهو عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى ، كما قال الله سبحانه وتعالى: ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم/1-4 . فلولا أن عبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم قد قامت عليه الحجة ؛ لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه ما قاله ، فلعله بلغه ما يوجب عليه الحجة من جهة دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فإنهم كانوا على ملة إبراهيم حتى أحدثوا ما أحدثه عمرو بن لحي الخزاعي، وسار في الناس ما أحدثه عمرو ، من بث الأصنام ودعائها من دون الله ، فلعل عبد الله كان قد بلغه ما يدل على أن ما عليه قريش من عبادة الأصنام باطل فتابعهم ؛ فلهذا قامت عليه الحجة. وهكذا ما جاء في الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم استأذن أن يستغفر لأمه فلم يؤذن له ، فاستأذن أن يزورها فأذن له، فهو لم يؤذن له أن يستغفر لأمه ؛ فلعله لأنه بلغها ما يقيم عليها الحجة ،وأنهما ماتا على دين الجاهلية، وعلى دين الكفر، وهذا هو الأصل في الكفار أنهم في النار"
اهـ . فتاوى "نور على الدرب" .
وقد ذهب السيوطي رحمه الله إلى نجاة أبوي الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأن الله تعالى أحياهما له بعد موتهما وآمنوا به .
وهذا القول أنكره عامة أهل العلم ، وحكموا بأن الأحاديث الواردة في ذلك موضوعة أو ضعيفة جداً .
قال في "عون المعبود" :
"وَكُلّ مَا وَرَدَ بِإِحْيَاءِ وَالِدَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيمَانهمَا وَنَجَاتهمَا أَكْثَره مَوْضُوع مَكْذُوب مُفْتَرًى , وَبَعْضه ضَعِيف جِدًّا لا يَصِحّ بِحَالٍ لاتِّفَاقِ أَئِمَّة الْحَدِيث عَلَى وَضْعه كَالدَّارَقُطْن ِيّ وَالْجَوْزَقَان ِيّ وَابْن شَاهِين وَالْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر وَابْن نَاصِر وَابْن الْجَوْزِيّ وَالسُّهَيْلِيّ وَالْقُرْطُبِيّ وَالْمُحِبّ الطَّبَرِيّ وَفَتْح الدِّين بْن سَيِّد النَّاس وَإِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ وَجَمَاعَة . وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَام فِي عَدَم نَجَاة الْوَالِدَيْنِ الْعَلامَة إِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ فِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة , وَالْعَلامَة عَلِيّ الْقَارِي فِي شَرْح الْفِقْه الأَكْبَر وَفِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة , وَيَشْهَد لِصِحَّةِ هَذَا الْمَسْلَك هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح (يعني حديث : إن أبي وأباك في النار) وَالشَّيْخ جَلال الدِّين السُّيُوطِيّ قَدْ خَالَفَ الْحَفاظ وَالْعُلَمَاء الْمُحَقِّقِينَ وَأَثْبَتَ لَهُمَا الإِيمَان وَالنَّجَاة فَصَنَّفَ الرَّسَائِل الْعَدِيدَة فِي ذَلِكَ , مِنْهَا رِسَالَة التَّعْظِيم وَالْمِنَّة فِي أَنَّ أَبَوَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّة" اهـ .
وسُئِلَ شَّيْخ الإسلام رحمه الله تعالى :
هَلْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحْيَا لَهُ أَبَوَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَا عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ مَاتَا بَعْدَ ذَلِكَ ؟
فَأَجَابَ : لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ; بَلْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ . .. وَلا نِزَاعَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ مِنْ أَظْهَر الْمَوْضُوعَاتِ كَذِبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي الْحَدِيثِ ; لا فِي الصَّحِيحِ وَلا فِي السُّنَنِ وَلا فِي الْمَسَانِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةِ وَلا ذَكَرَهُ أَهْلُ كُتُبِ الْمَغَازِي وَالتَّفْسِيرِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَرْوُونَ الضَّعِيفَ مَعَ الصَّحِيحِ . لأَنَّ ظُهُورَ كَذِبِ ذَلِكَ لا يَخْفَى عَلَى مُتَدَيِّنٍ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَوْ وَقَعَ لَكَانَ مِمَّا تَتَوَافَرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الأُمُورِ خَرْقًا لِلْعَادَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ : مِنْ جِهَةِ إحْيَاءِ الْمَوْتَى ، وَمِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ بَعْدَ الْمَوْتِ . فَكَانَ نَقْلُ مِثْلِ هَذَا أَوْلَى مِنْ نَقْلِ غَيْرِهِ ، فَلَمَّا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ الثِّقَاتِ عُلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ . . .
ثُمَّ هَذَا خِلافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَالإِجْمَاعِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ) النساء/17، 18 . فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَّهُ لا تَوْبَةَ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا . وَقَالَ تَعَالَى : ( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ) فَأَخْبَرَ أَنَّ سُنَّتَهُ فِي عِبَادِهِ أَنَّهُ لا يَنْفَعُ الإِيمَانُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ ; فَكَيْفَ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ . . . . ثم ذكر الحديثين الذين تقدما في أول الجواب اهـ . "مجموع الفتاوى" (4/325-327)
نعم هذا الاشكال صحيح كيف يجزم بأن مصير اهل الفترة مجهول هذا خلاف النصوص التى ودرت فى اهل الفترة - وقد بينا ونافشنا فى هذا الموضوعاقتباس:
فكيف يجزم ان مصير اهل الفترة كلهم مجهول فضلا عن مصيرها بعينه؟
سؤال عن حقيقة مذهب ابن تيمية وابن القيم في التحسين والتقبيح العقليين-https://majles.alukah.net/t171881-2/
اقسام اهل الفترة وباختصار
من وحّد الله ولم يشرك به شيئا.
مثاله من وحّد ولم يشرك بالله شيئًا كقس بن ساعدة الأيادي،ومن كلماته“أقسم قسٌّ قسمًا لاريب فيه أن لله دينًا هو أرضى لكم من دينكم” (البداية والنهاية -ابن كثير، 2: 230.).
وكذلك “زيد بن عمرو بن نفيل” كان يقول: “اللهم إني لو أعلم أحبَّ الوجوه إليك عبدتك، ولكني لا أعلم -ثم يسجد على راحلته” (البداية والنهاية -ابن كثير- 2/ 237.).
وقد أدركه النبي – صلى الله عليه وسلم – قبل مبعثه، وكان يتحنث في غار حراء، وكان لا يأكل مما ذبح على النصب، فذُكر عند النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد البعثة فقال: “غفر الله له ورحمه فإنه مات على دين إبراهيم” (انظر (فتح الباري: 7/ 147).
وهذا النوع وردت النصوص التي تدل على أنهم ماتوا على التوحيد.
والنوع الثاني:من اشرك وغير وبدل مع قيام الحجة عليهم ببقايا رسالة ابراهيم عليه السلام والاعراض عن موجب رسالة الرسل
مثاله - عمرو بن لحي : فهو أول من سن عبادة الأصنام؛ فبحّر البحيرة، وسيّب السائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي قال فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: رأيت عمرو بن لحي بن خندف أخا بني كعب هؤلاء يجر قصبه في النار (أخرجه مسلم).
وهذا محمول على أنه غير وبدل وأشرك مع بلوغه الحجةو اعراضه عن الرسالة وموجبها
وكما ورد في عبد الله بن جدعان
“فعن عائشة – رضي الله عنها – أنها سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – عن ابن جدعان قالت: قلت يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه؟ قال: لا، إنه لم يقل يومًا رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين” (أخرجه مسلم).
ما ورد في أبوي الرسول – صلى الله عليه وسلم -، الحديث الذي أخرجه مسلم “أن رجلًا سأل النبي – صلى الله عليه وسلم -، أين أبي؟ قال: في النار، فلما قفا دعاه فقال له: إن أبي وأباك في النار” (أخرجه مسلم).
و ورد بشأن أمه – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه “استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي” (أخرجه مسلم).
وهذا النوع ليس محلًا للنزاع لورود النصوص التي تفيد بأن الدعوة قد بلغتهم.
القسم الثالث كما فى قوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} [يس: 6].
قال ابن القيم رحمه الله
وقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [السجدة: 3].
وهذا القسم هو محل النزاع بين العلماء.
قال بن القيم فى طريق الهجرتين -نعم لا بد فى هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال، وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان واقعان فى الوجود، فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله، وأما العاجز عن السؤال والعلم الذى لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضاً -أحدهما -مريد للهدى مؤثر له محب له، غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات، ومن لم تبلغه الدعوة. الثانى: معرض لا إرادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه. فالأول يقول: يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره، فهو غاية جهدى ونهاية معرفتى. والثانى: راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته، وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق: فالأَول كمن طلب الدين فى الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع فى طلبه عجزاً وجهلاً، والثانى كمن لم يطلبه، بل مات فى شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه، ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض.
فتأمل هذا الموضع، والله يقضى بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله، ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل، فهذا مقطوع به فى جملة الخلق. وأما كون زيد بعينه وعمرو بعينه قامت عليه الحجة أم لا، فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه، بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول.
هذا فى الجملة والتعيين موكول إلى علم الله [عز وجل] وحكمه هذا فى أحكام الثواب والعقاب. وأما فى أحكام الدنيا [فهى جارية مع ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار فى أحكام الدنيا] لهم حكم أوليائهم. وبهذا التفصيل يزول الإشكال فى المسألة. وهو مبنى على أربعة أُصول:
أحدها: أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذَّبِينَ حَتَّى نبعث رَسُولاً} [الإسراء: 15] ، وقال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] ، وقال تعالى: {كُلَّمَا أَلْقِى فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزْنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فكَذَّبْنَا وَقُلنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: 8- 9] ، وقال تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 11] ، وقال تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنْكُمْ يَقُصّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُم ْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىَ أَنْفُسِنَا وَغَرّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىَ أَنْفُسِهِمْ أَنّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ} [الأنعام: 130] ، وهذا كثير فى القرآن، يخبر أنه إنما يعذّب من جاءه الرسول وقامت عليه الحجة، وهو المذنب الذى يعترف بذنبه، وقال تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزخرف: 76] ، والظالم من عرف ما جاءَ به الرسول أو تمكن من معرفته، وأما من لم [يكن عنده من الرسول خبراً أصلاً ولا يمكن من معرفته بوجه] وعجز عن ذلك فكيف يقال إنه ظالم؟
الأصل الثانى: أن العذاب يستحق بسببين، أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم [إرادة العلم] بها وبموجبها. الثانى: العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها. فالأول كفر إعراض والثانى كفر عناد. وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذى نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل.الأصل الثالث: أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فقد تقوم حجة الله على الكفار فى زمان دون زمان وفى بقعة وناحية دون أُخرى كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون وإما لعدم فهمه كالذى لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له. فهذا بمنزلة الأصم الذى لا يسمع شيئاً ولا يتمكن من الفهم، وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم فى حديث الأسود وأبى هريرة وغيرهما.
الأصل الرابع: أن أفعال الله سبحانه وتعالى تابعة لحكمته التى لا يخل بها [سبحانه] ، وأنها مقصودة لغايتها المحمودة وعواقبها الحميدة. وهذا الأصل هو أساس الكلام فى هذه الطبقات [الذى عليه نبنى مع تلقى أحكامها من نصوص التكاب والسنة لا من أراء الرجال وعقولهم ولا يدرى عدد الكلام فى هذه الطبقات] ، إلا من عرف ما فى كتب الناس ووقف على أقوال الطوائف فى هذا الباب والنهى إلى غاية مراتبهم ونهاية إقدامهم، والله الموفق للسداد الهادى إلى الرشاد.https://majles.alukah.net/t171881-2/
ودليل هذا القول ما ساقه سابقا الاخ الفاضل ابو البراء محمد علاوة
سؤال لك اخى مسافر وحدك -من هم العلماء الذين حكموا بأن المشركين الذين لم تقم عليهم الحجة فى الجنة -اتكلم عن علماء اهل السنة - وليس ما زعمه السيوطى عن الاشاعرة فهم مخالفون لاهل السنة فى مسألة التحسين والتقبيح وهم على النقيض من قول المتزلة - والسيوطى حاطب ليل فى هذه المسائل كما ذكر العلماء عنه- - الخلاف بين العلماء فى اطفال المشركين --أما اهل الشرك الذين لم تقم عليهم الحجة فلم يحكم عليهم العلماء بالجنة - ونصوص الكتاب والسنة تدل على ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة. متفق عليه عن أبي هريرة.- وقد ناقشت مع الاخ الفاضل ابو محمد المأربى هذه المسألة فى هذا الموضوع فهذا هو الرابط لعلك تستفيد
https://majles.alukah.net
/t171881-2/
قال ابن باز رحمه الله
الذين ماتوا في الجاهلية وقد بلغتهم دعوة إبراهيم قد قامت عليهم الحجة إذا ماتوا على الكفر بالله، فهم من أهل النار، أما الذين ما بلغتهم الدعوة ولا عرفوا شيئاً فهذا أمرهم إلى الله، يعتبرون من أهل الفترة وأمرهم إلى الله، يمتحنون يوم القيامة فمن نجح دخل الجنة ومن عصى دخل النار، أما من بلغته الدعوة في حياته-دعوة إبراهيم -قبل بعث النبي ﷺ فهذا قد قامت عليه الحجة.
وعلى هذا يحمل ما جرى في حق أمه وأبيه كونه استأذن أن يستغفر لأمه فلم يؤذن له، وقال في أبيه: إن أبي وأباك في النار محمول على أنهم بلغتهم الدعوة، وأما أبو طالب فقد بلغته الدعوة، ودعاه ابن أخيه محمد عليه الصلاة والسلام واجتهد، ودعاه في مرضه فأبى وأصر على الكفر نعوذ بالله من ذلك، فقال النبي ﷺ عند ذلك: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فأنزل الله في ذلك قوله جل وعلا مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113]،
فدل على أن من مات على الكفر بالله فإنه من أصحاب الجحيم
ليس فيه مخالفة، فالنقل الأول دل على عدم جواز الدعاء لأهل الفترة لأن مصيرهم في الآخرة مجهول فمنهم من هو في النار بعد الاختبار، ومنهم من هو في الجنة، وهذا بناء على القول بإنهم يمتحنون في الآخرة ، والنقل الثاني فيه نقل أقوال العلماء في حكم أهل الفترة في الآخرة.
أما قوله في النقل الأول (ومصير أمه مخالف عليه صلى الله عليه وسلم )، يعني فبل الوحي إليه بعدم جواز الاستغفار لها؛ لذا سأل صلى الله عليه وسلم الاستغفار لها فلما تبين له الأمر فامتنع عن الاستغفار وطلب الزيارة فأذن الله له، وهذا البيان لم يكون في شأن كل أهل الفترة _ هذا ما فهمته من كلامه، والله أعلم _.
بارك الله فيك اخى-ابو البراء كلامك صحيح فى نفسه--وكان الصواب ان تبين الخطأ فى قول اى احد كائنا من كان ما دام ليس معصوما من الخطأ- اما توجيه كلامك لكلام الشيخ القصير ان مصير ام النبى صلى الله عليه وسلم قبل ان يوحى اليه بعدم جواز الاستغفار لا يسعفه- وهذا كلامه دقق فيه
فقولكاقتباس:
جوابه: أنَّ الله تعالى لم يأذن لنبيه صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لأمه، لأنها ماتت في الفترة، ومصير أهل الفترة مجهول، فلا يُدْرَى ما يصيرون إليه، وقد شاء سبحانه أنْ يكون مصير أمه صلى الله عليه وسلم مخفياً عنه لِحِكَمٍ يريدها سبحانه،وقد يكون من هذه الحِكَم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لو أُذِنَ له بالاستغفار لأُمِّهِ لفُهِمَ منه جواز الاستغفار لأهل الفترة عموماً، ومعلوم أنَّ من أهل الفترة من قضى الله تعالى بأنهم لا يُجيبون، ولا يجوز الاستغفار لمن قضى الله تعالى بأنهم لا يجيبون، لأن حكم هؤلاء هو حكم أهل الكفر والشرك، والذين منع الله من الاستغفار لهم، كما أن الاستغفار فرع تصوير الذنب، وذلك في أوان التكليف ولا يُعقل ذلك فيمن لم تبلغه الدعوة، فلا حاجة إلى الاستغفار لهم، فيمكن أنه ما شرع الاستغفار إلا لأهل الدعوة، لا لغيرهم، وإن كانوا ناجين. اهـ.
كلام جيد جدا ولكن لا محِل له فى كلام الشيخ القُصَيِّر فى هذا النقلاقتباس:
يعني قبل الوحي إليه بعدم جواز الاستغفار لها
من العلماء الذين قالوا ان اهل الفترة في الجنة
من الحنابلة الشيخ (مرعي) قال "الذي عليه اهل السنة و الجماعة وعلم أنه الحق الواضح الجلي الذي لا غبار عليه أن أبوي النبي ﷺ ناجيان لا عقاب عليهما ، وكذا أهل الفترة جميعهم."
من الشافعية (ابن حجر الهيتمي) قال "اعلم ان الحق الواضح الجلي الذي لا غبار عليه ان ابوي النبي - صلى الله عليه و سلم - ناجيان لا عقاب عليهما ، و كذا اهل الفترة جميعهم .."
و مثله قال (سليمان العجيلي) في حاشيته على الجلالين ، و (البيجوري) في تحفة المريد
الا ان رددت اقوالهم بان كلهم من الاشاعرة ، و عندها يصح كلام السيوطي ولا يكون حاطب ليل كما تقول
بالتأكيد فيه مخالفة ، و انما خالفوها لئلا يخالفوا غيرها ، و في مخالفتهم اما انهم ضعفوا تلك الاحاديث ، او تأولوها لتتوافق مع باقي النصوص ، و هذا مثال
https://archive.org/stream/Attadeem....e/n49/mode/2up
فاقرا من صفحة 46- 50
لا تستعجل هذا كلام الشيخ مرعى الذى لم تنقل كلامه كاملا
قال الشيخ الحنبلي : مرعي بن يوسف الكرمي في كتابه منشور بهجة الناظرين وآيات المستدلين ) ، تحت عنوان المسألة السادسة ) :"’ في أهل الفترة".
قال : ( ... وإذا تقررت هذه القاعدة التي مهدها الأشاعرة والآية ظاهرة أو صريحة { يعني آية : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } علم أن المدار في الاعتقاديات ليس الا على ما عليه أهل السنة والجماعة { يعني الاشاعرة } وعلم أن الحق الواضح الجلي الذي لاغبار عليه أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ناجيان لا عقاب عليهما كذا أهل الفترة جميعهم وهم من لم يرسل إليهم رسول يكلفهم بالإيمان فلا يرد من كان في زمن عيسى عليه السلام ومن قبله من العرب لأنهم أعني أنبياء بني إسرائيل لم يرسلوا الى العرب فالعرب في زمن أولئك الأنبياء أهل فترة كما أن الصحيح أنه لم يرسل أحد غير نبينا للجن وإنما كان إيمان فرقة من الجن لموسى تبرعاً منهم كما أن تنصر وتهود بعض العرب إنما كان تبرعاً منهم فهم مع ذلك باقون على كونهم من أهل الفترة لأن تلك الرسل لم يؤمروا بدعايتهم الى الله وتكليفهم الايمان فلزم بقاؤهم على الفترة وقد تقرر في أهلها أنه لا عذاب عليهم ، نعم من ورد فيه حديث صحيح من أهل الفترة بأنه من أهل النار فإن أمكن تأويله فذاك والا لزمنا أن نؤمن بهذا الفرد بخصوصه وإن لم يوافق ما مهده أئمتنا لأن الأدلة الجزئية لايقضى به على الأدلة الكلية وقد قررنا أن الأدلة الكلية ناصّة على أنه لا تعذيب الا بعد بلوغ البعثة إليهم فتأمل هذا الذي قررته ووضحته لتستريح به من إختلافات مبنية على مجرد الظواهر من غير تحقيق للمآخذ ولا تمهيد للقواعد مما لم يحظ كثير من المحدثين به فأخذوا بظواهر رووها جامدين عليها لغفلتهم عما قرره الأئمة الذين عليهم المعتمد في تحقيق العلوم النقلية والعقلية ومن سلك القول بمجرد الظواهر ولم ينظر لما قرره الأئمة ومهدوه أتعب نفسه ولم يتحصل على شيء ) ا.هـ
وانظر الى كتابه أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمتشابهات لتعرف انه أشعرى جلد.
لست انا من قلت انه حاطب ليل ولكن ارجع بالبصر الى المشاركة فقد قلت كما قال العلماء وهذا كلام العلماء فيه بغضّ النظر عن الطوام والشرك فى مؤلفاته
سأوقفك على كلام العلماء انه حاطب ليل واذا اردت الشرك فى مؤلفاته جئتك ايضا بكلام العلماء فيه
قال الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله- في نقده لقول السيوطي في الإتقان:(إن جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ وجاء به إلى محمد): ((هذه المقالة اغتزّ بها الكثير من الجهلة وراجت عليهم، والسيوطي رحمه الله مع طول باعه وسعة اطلاعه وكثرة مؤلفاته ليس ممن يعتمد عليه في مثل هذه الأصول العظيمة، وهذه (المقالة) مبنّية على أصل فاسد وهو القول بخلق القرآن وهذه هي مقالة الجهمية والمعتزلة ومن نحى نحوهم وهذه المقالة الخاطئة حقيقتها الإنكار أن يكون الله متكلماً حقيقة، ويلزم هذه المقالة من الكفر والإلحاد الزندقة وإنكار الرسالة ووصف الله بالخرس وتشبيهه بآلهة المشركين الأصنام التي لا تنطق و غير ذلك من المحاذير الكفرية ما يعرفه أهل العلم)).ا.هـ [الجواب الواضح المستقيم في التحقيق في كيفية إنزال القرآن الكريم. وقد طبع في مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله (1: 214-239)]
قال الألوسي -رحمه الله تعالى- في كتابه النافع غاية الأماني (1/51) ناقلاً عن الشيخ بدر الدين الحلبي في كتابه (الإرشاد والتعليم): ((والسيوطي- كان فيما ألفه من الكتب حاطب ليل في كل كتاب له مذهب ومشرب، وما أتى به في كتابه هذا لا يعول عليه كما سيرد عليك مردوداً)). اهـ
- جاء في فتاوى الشيخ ابن جبرين - (ج 63 / ص 204): ((وقد اشتهر أن السيوطي ينقل عن غيره من غير تمحيص، فهو كحاطب الليل يأخذ ما وجده -وإن كان من مشاهير العلماء-)). ا.هـ
ليس الحديث الاشاعرة او السيوطي حفظك الله ، بل على الترحم على من ظاهره انه من اهل الفترة ، و حالهم لا يخرج عن 3 ، اما انهم في النار ، او في الجنة ، او لم يتحدد مصيرهم بعد ، فلو كنت تقول بانهم في النار فالترحم لا يجوز قطعا ، اما ان كنت تقول ان من ظاهره انه من اهل الفترة اما انه في الجنة (مثل قول من تقول انهم الاشاعرة) ، و اما ان مصيرهم لم يتحدد بعد ( الاحتمال الاخير) ، فعلى هذين الاحتمالين ، الا يجوز الترحم على من ظاهره انه من اهل الفترة ؟
ما دليلهم على ذلك وارى انهم بنوا هذا الدليل على مسألة التحسين والتقبيح
قال الاشاعرة ومن وافقهم أنه لا يجب على الله شيء من قبل العقل، ولا يجب على العباد شيء قبل ورود السمع، فالعقل لا يدل على حسن شيء، ولا على قبحه قبل ورود الشرع، وفي حكم التكليف، وإنما يتلقى التحسين والتقبيح من موارد الشرع وموجب السمع. قالوا: ولو عكس الشرع فحسن ما قبحه، وقبح ما حسنه لم يكن ممتنعا. يرى الأشاعرة أن القبيح ما نهى عنه الشارع والحسن بضده، فلا حكم إذاً للعقل في حسن الأشياء وقبحها، وأنه ليس ذلك عائداً إلى أمر حقيقي في الفعل،
قال شيخ الاسلام فَاسْمُ الْمُشْرِكِ : ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ ؛ فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِوأراد شيخ الإسلام رحمه الله ، ببيان ذلك : الرد على طائفتين :
أولاهما : المعتزلة ومن تابعهم على قولهم : إن المشركين يستحقون العذاب بما تدركه العقول ، وإن لم تقم عليهم الحجة بإرسال الرسول .
ثانيهما : الأشعرية ومن وافقهم على قولهم : إن الشرك والظلم ليس قبحهما ذاتيا ، متعلقا بهما في نفس الأمر ، وإنما يثبت قبحهما بعد الخطاب الشرعي ببيان هذا القبح ، وقيام الحجة به .
ثم بين أن مذهب أهل السنة وسط بين هذين : فالشرك والظلم والفحش كلها أمور مقبوحة مذمومة ، قبل قيام الحجة وبعد قيامها ، تدرك ذلك العقول الصحيحة , والفطر السوية ؛ إلا أن الله تعالى لا يعذب الخلق إلا بعد قيام الحجة عليهم ، وذلك بنص كتابه .
وقال رحمه الله :
" وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا : فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ ؛ وَذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْن ِ : عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ وَقَبِيحٌ ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ : فَإِنَّهُ سَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ وَطَاغِينَ وَمُفْسِدِينَ ؛ لِقَوْلِهِ: ( اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى ) ، وَقَوْلِهِ : ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ ) ، وَقَوْلِهِ : ( إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) ؛ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ : ظَالِمٌ ، وَطَاغٍ ، وَمُفْسِدٌ هُوَ وَقَوْمُهُ ، وَهَذِهِ أَسْمَاءُ ذَمٍّ للأَفْعَالِ ؛ وَالذَّمُّ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْقَبِيحَةِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ تَكُونُ قَبِيحَةً مَذْمُومَةً قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ ، [ لكن ] لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ إتْيَانِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ ؛ لِقَوْلِهِ : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) .
وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ هُودَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ : ( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُفْتَرُونَ ) ؛ فَجَعَلَهُمْ مُفْتَرِينَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِحُكْمِ يُخَالِفُونَهُ ؛ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ .
فَاسْمُ الْمُشْرِكِ : ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ ؛ فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ ، وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى ، وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا قَبْلَ الرَّسُولِ ...
وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ ، يُقَالُ : جَاهِلِيَّة ، وَجَاهِل ، قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ .
وَأَمَّا التَّعْذِيبُ : فَلَا .
وَالتَّوَلِّي عَنْ الطَّاعَةِ ، كَقَوْلِهِ : ( فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) ؛ فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ ، مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ . ( فَكَذَّبَ وَعَصَى ) كَانَ هَذَا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى ) ، وَقَالَ : ( فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) " .
" انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/ 37-38) .
وقال رحمه الله أيضا :
" الْجُمْهُورِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : عَلَى أَنَّ مَا كَانُوا فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ ، مِنْ الشِّرْكِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ : [ كان ] شَيْئًا قَبِيحًا ، وَكَانَ شَرًّا ؛ لَكِنْ : لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ .
وَلِهَذَا :
كَانَ لِلنَّاسِ فِي الشِّرْكِ وَالظُّلْمِ وَالْكَذِبِ وَالْفَوَاحِشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ " ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ":
قِيلَ: إنَّ قُبْحَهُمَا مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ ، وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِهِمْ الرَّسُولُ ؛ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَحَكَوْهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَفْسِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ .
وَقِيلَ: لَا قُبْحَ وَلَا حُسْنَ وَلَا شَرَّ فِيهِمَا قَبْلَ الْخِطَابِ ، وَإِنَّمَا الْقَبِيحُ : مَا قِيلَ فِيهِ : لَا تَفْعَلْ؛ وَالْحَسَنُ : مَا قِيلَ فِيهِ : افْعَلْ ، أَوْ : مَا أُذِنَ فِي فِعْلِهِ ، كَمَا تَقُولُهُ الْأَشْعَرِيَّة ُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ .
وَقِيلَ : إنَّ ذَلِكَ سَيْءٌ وَشَرٌّ وَقَبِيحٌ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ؛ لَكِنَّ الْعُقُوبَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِمَجِيءِ الرَّسُولِ ؛ وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ السَّلَفِ ، وَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ؛ فَإِنَّ فِيهِمَا بَيَانَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْكُفَّارُ : هُوَ شَرٌّ وَقَبِيحٌ وَسَيْءٌ قَبْلَ الرُّسُلِ ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعُقُوبَةَ إلَّا بِالرَّسُولِ .
وَفِي الصحيح : أن حُذَيْفَةَ قَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ: ( نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ) " انتهى من "مجموع الفتاوى" (11 /676-677) .
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله :
" عدم قيام الحجة : لا يغير الأسماء الشرعية ؛ بل يسمي ما سماه الشارع كفراً أو شركاً أو فسقاً : باسمه الشرعي ، ولا ينفيه عنه ؛ وإن لم يعاقب فاعله إذا لم تقم عليه الحجة ، ولم تبلغه الدعوة ، وفرق بين كون الذنب كفراً ، وبين تكفير فاعله " .قال ابن الأمير المالكي " على اتحاف المريداقتباس:
(مثل قول من تقول انهم الاشاعرة)
القول بنجاةِ أهل الفترة هو ما عليه جمهور السادة الأشعرية ، وعمدتُهم في ذلك قول الحق سبحانه : { وما كنَّا معذبينَ حتى نبعثَ رسولاً } . يقول الشيخُ العلامة " ابن الامير المالكيّ الأزهري " في حاشيتُه على شرح " عبد السلام اللقّاني المالكي " على ( جوهرة ) والده ما نصّه :
[ والحقّ أنّ أهل الفترةِ ناجونَ ، وأطلق الأئمةُ ( ولو بدلوا وغيّروا وعبدوا الأصنام ) كما في حاشية " الملوي " ، وما ورد في بعضهم من العذاب : إمّا أنّه آحاد لا يعارض القطع ، أو أنّه لمعنى يَخصُّ ذلك البعض يعلمه الله تعالى .
إذا كان هذا في أهل الفترة عموماً فأولى نجاةُ والديه صلى الله عليه وسلّم ، فإنّه لا يحلُّ إلا في شريفٍ عند الله تعالى ، والشرف لا يجامع كفراً . قال المحققون : ليس له أب كافرٌ ، وأمّا "آزر" فكان عمَّ إبراهيم فدعاه بالأبِ على عادةِ العرب أو أبوهُ فيكون جداً للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يسجد للصنم بل كان يصنعه لقومه فلمّا أعان على عبادته أسندها له وقال { لمَ تعبدُ } .
وما في الفقه الأعظم لأبي حنيفة إنهما ماتا على الكفر فإمّا مدسوس عليه بل نُوزعَ في نسبة الكتاب من أصله له ، أو يُؤول بأنهما ماتا في زمن الكفر بمعنى الجاهلية وإن كانوا ناجين ، وغلط " ملاّ علي " يغفر الله له ، ومن العجائب ما نسب له مع ذلك من إيمان فرعون اغتراراً بالظواهر في ذلك
وما ورد من نهيه عن استغفاره لهما أو نحو ذلك فمحمول على أنه قبل إخباره بحالهما أو لئلا يقتدي به أولاد من مضى من الكفار الإسرائيليين ونحوهم على أنه قيل : أحياهما الله تعالى له زيادة في الفضل وآمنا به ، أنشد " الغيطي " في المولد للحافظ " الشمس بن ناصر الدين الدمشقي
[حبا الله النبي مزيدَ فضلٍ ** على فضلٍ وكان به رؤوفاً
فأحيا أمه وكذا أباه ** لإيمان به فضلاً منيفاً
فسلّم بالقديم بذا قديرٌ ** وإن كان الحديث به ضعيفاً انتهى
هذا هو موقف جمهور الأشاعرة في المسألة لخصه " ابن الأمير
المصدر - حاشية " ابن الأمير المالكي " على اتحاف المريد صـ 59 من طـ الكتب العلمية .
اما الرد يمكن ان يكون فى وقت آخر إن شاء الله
لعلك تأخذ اذن بقول شيخ الاسلام و هو يقول عن اهل الفترة انهم يمتحنون
"ومن لم تقم عليه الحجة في الدنيا بالرسالة كالأطفال والمجانين وأهل الفترات فهؤلاء فيهم أقوال أظهرها ما جاءت به الآثار أنهم يمتحنون يوم القيامة، فيبعث إليهم من يأمرهم بطاعته، فإن أطاعوه استحقوا الثواب، وإن عصوه استحقوا العذاب"
فان كان من ظاهره انه من اهل الفترة ، و ظاهر اهل الفترة انهم يمتحنون كما قال شيخ الاسلام ، الا ترى انه يجوز الترحم عليهم ؟
الاستغفار يكون للمسلم
احكام الدنيا جارية على ظاهر الامر
قال الشيخ صالح ال الشيخ
من قام به الشرك الأكبر فهو مشرك ترتب عليه آثار ذلك الدنيوية، أنه لا يستغفر له ولا تؤكل ذبيحته ولا يضحى له ونحو ذلك من الأحكام، وأما الحكم عليه بالكفر الظاهر والباطن فهذا موقوف حتى تقام عليه الحجة،... لكن الشرك الذي يُطلق عليه لا تستباح به أمواله ولا يستباح به دمه، بل ذلك موقوف على البيان، موقوف على الدعوة، لابد من البيان والدعوة قبل الاستباحة، لكن الحكم عليه، يُحكم عليه بأنه مشرك وتُرتَّب عليه أحكام الكفار في الدنيا، ولكن لا يشهد عليه بأحكام الكفار في الآخرة؛ يعني بأنه من أهل النار حتى نعلم أنه رد الحجة الرسالية
قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله (أن أقل أحوالهم أن يكونوا مثل أهل الفترة الذين هلكوا قبل البعثة ومن لا تيلغه دعوة نبي من الأنبياء - إلى أن قال - وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم و لا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفر بعضهم وأما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم وأي إسلام يبقى مع مناقضه أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن لا إله إلاّ الله
و مما جمعه الخليفى فى مدونته فى حكم الاستغفار لمن مات على الشرك جاهلا
جاء في الدرر السنية (5/ 154) :" سئل الشيخ حسين والشيخ عبد الله، ابنا الشيخ محمد، رحمهم الله: عمن مات قبل هذه الدعوة ولم يدرك الإسلام، وهذه الأفعال التي يفعلها الناس اليوم، يفعلها ولم تقم عليه الحجة، ما الحكم فيه؟ وهل يسب ويلعن أو يكف عنه؟ وهل يجوز لولده الدعاء له؟ وما الفرق بين من لم يدرك هذه الدعوة، ومن أدركها ومات معادياً لهذا الدين وأهله؟
فأجابا: من مات من أهل الشرك قبل بلوغ هذه الدعوة، فالذي يحكم عليه: أنه إذا كان معروفاً بفعل الشرك، ويدين به، ومات على ذلك، فهذا ظاهره أنه مات على الكفر، فلا يدعى له، ولا يضحى عنه، ولا يتصدق عنه، وأما حقيقة أمره فإلى الله: فإن كان قد قامت عليه الحجة في حياته وعاند، فهذا كافر في الظاهر والباطن، وإن كان لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله. وأما سبه ولعنه فلا يجوز"
وتكرر هذا الجواب في (10/142) وظاهره أنهم لا يجوزون الاستغفار له مع عدم حكمهم عليه بالنار لعدم قيام الحجة
وقال الشيخ عبد الله ابن الإمام محمد بن عبد الوهاب كما في الدرر السنية (10/ 275) :" وأما من مات، وهو يفعل الشرك جهلا لا عنادا، فهذا نكل أمره إلى الله، ولا ينبغي الدعاء له، والترحم عليه، والاستغفار له، وذلك لأن كثيرا من العلماء يقولون: من بلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة، كما قال تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} .
فإذا بلغه القرآن وأعرض عنه، ولم يبحث عن أوامره ونواهيه، فقد استوجب العقاب، قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} ، وقال تعالى: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً خَالِدِينَ فِيهِ} "
واعلم أن الداعي لكتابة هذا أن عبد الله بن قادري الأهدل قال في بحثه ( التكفير والنفاق ومذاهب أهل العلم فيهما ) :" وبسبب ذلك الجهل كفرت أقرب المقربين إلي وهما الأبوان، ولم أكن أستغفر لهما..."
وقد ذكر وفقه الله أن والديه كانا على مذهب القبورية وأن والده مات وهو حمل فكأنه يرى أن ترك الاستغفار لمن مات مشركاً ( وإن كان جاهلاً ) من الغلو والجهل
وليس الأمر كذلك بل هو مذهب لجماعة من كبار العلماء ، بل في الحقيقة لم أقف على من يخالفه من كلام أهل العلم على قصور بحثي والله المستعان
ولعل مما يعضد كلام أئمة الدعوة ما روى الطبري في تفسيره 17332- حدثني المثنى قال، حدثني عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين"، الآية، فكانوا يستغفرون لهم، حتى نزلت هذه الآية. فلما نزلت، أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا، ثم أنزل الله: "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه" ، الآية.
17333- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين"، الآية، ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا نبي الله، إن من آبائنا من كان يُحْسِن الجوار، ويصل الأرحام، ويفك العاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بلى! والله لأستغفرنّ لأبي، كما استغفر إبراهيم لأبيه! قال: فأنزل الله: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين" حتى بلغ: "الجحيم"، ثم عذر الله إبراهيم فقال: "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إيّاه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه"،. قال: وذكر لنا أن نبيَّ الله قال: أوحي إليّ كلمات فدخلن في أذني، ووَقَرْنَ في قلبي: أمرت أن لا أستغفر لمن مات مشركًا، ومن أعطى فَضْلَ ماله فهو خيرٌ له، ومن أمسك فهو شرٌّ له، ولا يلوم اللهُ على كَفافٍ".
وقال ابن كثير في تفسيره (4/225) :" وقال عطاء بن أبي رباح: ما كنت لأدع الصلاة على أحد من أهل القبلة، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا؛ لأني لم أسمع الله حجب الصلاة إلا على المشركين، يقول الله، عز وجل: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ } .
وروى ابنُ جَرير، عن ابن وَكِيع، عن أبيه، عن عصمة بن زامل، عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: رحم الله رجلا استغفر لأبي هريرة ولأمه. قلت: ولأبيه؟ قال: لا. قال: إن أبي مات مشركا"
انتهى من مدونة الخليفى
لا خلاف بين العلماء في أنه لا يُدعى بالمغفرة والرحمة للكافر الذي مات على الكفر .
قال النووي – رحمه الله - :
الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة : حرام بنص القرآن والإجماع .
" المجموع " ( 5 / 119 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنَّة والإجماع .
" مجموع الفتاوى " ( 12 / 489 ) .
وأما الدعاء بالرحمة والمغفرة للكافر الحي : فثمة أقوال كثيرة للعلماء في جواز ذلك ، لا على معنى مغفرة شركه وكفره إن مات عليهما ، ولا أن يرحمه ربه تعالى وقد لقيه كافراً ، ولكن ذلك الدعاء محمول على تحقيق ما يكون سبباً في مغفرته ورحمته وهو أن يوفَّق للإسلام ، وهذا أحد الوجوه التي يُحمل عليها قوله تعالى– على لسان إبراهيم عليه السلام – ( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) إبراهيم/ 36 ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( اللهُمَّ اِغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) - رواه البخاري ( 3290 ) ومسلم ( 1792 ) - .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
( وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ولم يقل " فإنك عزيز حكيم " لأن المقام استعطاف وتعريض بالدعاء ، أي : إن تغفر لهم وترحمهم بأن توفقهم للرجوع من الشرك إلى التوحيد ومن المعصية إلى الطاعة كما في الحديث ( اللهُمَّ اِغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) .
" مدارج السالكين " ( 1 / 36 ، 37 ) .
وقال بدر الدين العيني – رحمه الله – في شرح حديث (اللهُمَّ اِغْفِرْ لِقَوْمِي ) - :
معناه : اهدهم إلى الإسلام الذي تصح معه المغفرة ؛ لأن ذنب الكفر لا يُغفر ، أو يكون المعنى : اغفر لهم إن أسلموا .
" عمدة القاري شرح صحيح البخاري " ( 23 / 19 ) .
وذكر الحافظ ابن حجر هذين الوجهين في " فتح الباري " ( 11 / 196 ) .
وبجواز الدعاء بالرحمة والمغفرة على هذا المعنى قال طائفة من العلماء :
1. قال القرطبي – رحمه الله - :
وقد قال كثير من العلماء : لا بأس أن يدعوَ الرجل لأبويه الكافرين ويستغفر لهما ما داما حيَّيْن ، فأما من مات : فقد انقطع عنه الرجاء فلا يُدعى له .
" تفسير القرطبي " ( 8 / 274 ) .
جاء في (مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج) (2/ 42):
(ومن المعروف غسله –أي الكافر- إذا مات، ويخالف الصلاة، فإن القصد بها الترحم عليه، والترحم عليه لا يجوز، والقصد بالغسل التنظيف، وذلك يحصل بغسله].
جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن الاستغفار للكافر محظور
. قال الآلوسي – رحمه الله - :
والتحقيق في هذه المسألة : أن الاستغفار للكافر الحي المجهول العاقبة ، بمعنى طلب هدايته للإيمان مما لا محذور فيه عقلاً ونقلاً ، وطلب ذلك للكافر المعلوم أنه قد طُبع على قلبه وأَخبر الله تعالى أنه لا يؤمن وعلم أن لا تعليق في أمره أصلا : مما لا مساغ له عقلاً ونقلاً ، ومثله طلب المغفرة للكافر مع بقائه على الكفر على ما ذكره بعض المحققين ، وكان ذلك - على ما قيل - لما فيه من إلغاء أمر الكفر الذي لا شيء يعدله من المعاصى ، وصيرورة التكليف بالإيمان - الذي لا شيء يعدله من الطاعات - عبثاً ، مع ما في ذلك مما لا يليق بعظمة الله عز وجل .
" روح المعاني "
هاتوا لنا في المقابل قولاً واحداً لعالم من الأولين –قبل اختلاط الأمور وزعزعة الثوابت- جوز الترحم !
تعال نأخذ منقولاتك واحدة واحدة
نقلت في الاول "لكن الشرك الذي يُطلق عليه لا تستباح به أمواله ولا يستباح به دمه"« أن ابن أبي طلحة لم يسمعه -اي التفسير- من ابن عباس» و قال شيخ الاسلام عن هذا السند " وأما ثبوت شيءٍ بمجرد هذا النقل عن ابن عباس، فهذا لا يكون عند أهل المعرفة بالمنقولات"
1- هنا الشيخ يفرق بين شرك و شرك ، دون دليل ايضا
2- لو ذكر الدليل سيكون هو نفسه دليلا ضده في اول كلامه
3- كلام الشيخ ليس عن اهل الفترة
النقل الثاني "فهذا ظاهره أنه مات على الكفر"
قلت : لماذا ظاهره انه مات على الكفر اصلا؟ لماذا لا يقال ظاهره انه من اهل الفترة ؟ و ظاهره انه سيمتحن يوم القيامة كما رجح شيخ الاسلام؟
النقل الثالث "لأن كثيرا من العلماء يقولون: من بلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة"
فواضح انه لا يتكلم عن اهل الفترة
النقل الرابع عن الطبري
معلول باجماع الحفاظ على
امال النقل الخامس عن قتادة فقال فيه الشعبي و سفيان (حاطب ليل)
و النقل السادس عن غير اهل الفترة
و النقل السابع عن ابي هريرة فلا يعرف هل كان ابوه من اهل الفترة ام لا
و النقل الثامن عن النووي و التاسع عن شيخ الاسلام و كل ما يليه ليس من اهل الفترة .
فهذا استدلال في غير محل السؤال
هل تكلم احد من العلماء بدليل صحيح على الاستغفار لاهل الفترة ؟
أهل الفترة: (هم الأمم الكائنة بين أزمنة الرسل الذين لم يرسل إليهم الأول، ولا أدركوا الثاني ثم صار يطلق عند اهل العلم على كل من لم تبلغهم الدعوةاقتباس:
كلام الشيخ ليس عن اهل الفترة
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: (وكثير من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة الذي يندرس فيها كثير من علوم النبوات، حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة، فلا يعلم كثيراً مما يبعث الله به رسوله ولا يكون هناك من يبلغه ذلك،
وقال ابن القيم
قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان، وفي بقعة وناحية دون أُخرى، كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون، وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له
قد نقلت لك كلام شيخ الاسلام سابقا فى التفريق بين الشرك قبل الرسالة وبعدها....اقتباس:
هنا الشيخ يفرق بين شرك و شرك ، دون دليل ايضا
قَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا : فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ
لماذا تنفى ان ظاهره الكفر- لماذا لا تقول الكافر الذى مات او هلك فى الفترةاقتباس:
النقل الثاني "فهذا ظاهره أنه مات على الكفر"
قلت : لماذا ظاهره انه مات على الكفر اصلا؟ لماذا لا يقال ظاهره انه من اهل الفترة ؟ و ظاهره انه سيمتحن يوم القيامة كما رجح شيخ الاسلام؟
السؤال من هو الذى سيمتحن من اهل الفترة الجواب هو الكافر الذى لم تقم عليه الحجةاقتباس:
ظاهره انه سيمتحن يوم القيامة كما رجح شيخ الاسلام؟
من لم تقم عليه الحجة حكمه حكم ارباب الفترات وهذا يختلف باختلاف الازمنه كما تقدم فى تعريف اهل الفترة- انظر ابوى النبى صلى الله عليه وسلم ماتوا فى زمن فترة ومع ذلك قامت عليهم الحجة ببقايا رسالة ابراهيم عليه السلاماقتباس:
"لأن كثيرا من العلماء يقولون: من بلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة"
فواضح انه لا يتكلم عن اهل الفترة
انا لم انقل دليل واحد حتى تضعفة انا نقلت ادلة الكتاب والسنة والاجماع على انه لا يجوز الاستغفار للمشرك واذا اردت ادلة اكثر من ان تحصر فى عدم جواز الاستغفار للمشرك اتيتك بها ان شاء الله ولكن اظن ان ما سبق يكفى فلا معنى ان تقول النقل فى غير اهل الفترة- الاصل عدم الاستغفار للمشرك والكافر بالاجماع هذا مقطوع به -والاستثناء والاختلاف فى حال الحياة لان له توجيه عند بعض العلماء وقد بينا معنى ذلكاقتباس:
« أن ابن أبي طلحة لم يسمعه -اي التفسير- من ابن عباس» و قال شيخ الاسلام عن هذا السند " وأما ثبوت شيءٍ بمجرد هذا النقل عن ابن عباس، فهذا لا يكون عند أهل المعرفة بالمنقولات"
عدم الاستغفار مرتبط بالشرك وليس لكونه من اهل الفترة ام لا - لم يستغفر لابيه لانه مات على الشرك ولم ينظر الى انه من اهل الفترة الذين لم تقم عليه الحجة ام لااقتباس:
النقل السابع عن ابي هريرة فلا يعرف هل كان ابوه من اهل الفترة ام لا
و النقل الثامن عن النووي و التاسع عن شيخ الاسلام و كل ما يليه ليس من اهل الفترة
العجيب انك تطلب منى دليل على ما دل عليه الكتاب والسنة والاجماع هذا من العجائب انت المطالب بالدليل على جواز الاستغفار للمشرك سواء اهل الفترة او غيرهم-الاصل عدم الاستغفار للمشرك الذى مات على الشرك سواء قامت عليه الحجة ام لم تقم لان عدم الاستغفار مرتبط بالموت على الكفر والشرك
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: وقد قال تعالى: ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ـ في الدعاء، ومن الاعتداء في الدعاء: أن يسأل العبد ما لم يكن الرب ليفعله، مثل: أن يسأله منازل الأنبياء وليس منهم، أو المغفرة للمشركين ونحو ذلك. انتهى.
قال ابن عثيمين في (الشرح المختصر لبلوغ المرام ) :
(الكافر لا يجوز أن يصلى عليه ولا أن يدعى له بالرحمة ولا بالمغفرة ، ومن دعا لكافر بالرحمة والمغفرة فقد خرج بهذا عن سبيل المؤمنين ، لأن الله تعالى قال:
{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم }.
فأي إنسان يترحم على الكافر أو يستغفر له فإن عليه أن يتوب إلى الله ، لأنه خرج في هذه المسألة عن سبيل النبي - صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، فعليه أن يتوب إلى ربه ويؤوب إلى رشده ، لأن الكافر مهما دعوت له فإن الله لن يغفر له أبدا ، مهما عمل من خير ، ، كما قال تعالى:
{ وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا }.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَتَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْكَ وَهُمَا مُشْرِكَانِ ؟! فَقَالَ : أَوَلَيْسَ اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ ؟ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ:} مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ { .اقتباس:
النقل الرابع عن الطبري
معلول باجماع الحفاظ
{ اخرجه الترمذى وحسنه الالبانى .
وقد سبق ان نقل الاخ الفاضل ابو البراء فى اول الموضوع عدم جواز الاستغفار للمشرك
جزاكم الله خيرا.
اخي محمد عبد اللطيف
هل مسألة الشهادة لمن مات وظاهره أنه مات كافرا بالنار مرتبطة بكونه مات على الشرك ام لا؟ وهل كونه من اهل الفترة له تأثير في الحكم ام لا؟
أخرج ابن ماجه عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ قَالَ فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ : لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ ) قال الهيثمي (رواه البزار والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح) (مجمع الزوائد) 1/ 118.
وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم امر الصحابي بأن يبشر المشركين بالنار ، فإذا مر بقبر كافرٍ بشره بالنار. وهذا فيه تحديد لكل مشركة بعينه.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
سنوضح اصل هذه المسألة بمثال وصورة المسألة أخى الكريم
رجل كافر يهودى أو نصرانى مات على كفره أيجوز للمسلم أن يشهد عليه بعينه أنه في النار خالدأ فيها ؟؟
الجواب
الأصل أنه يجوز ذلك بل نشهد عليه يقينا أنه في النار ونجزم ونقطع ولا نشك لأن الشك ريب وهو ضد اليقين والمسلم الموحد يعلم يقينا أن الجنة لاتدخلها إلا نفس مسلمة مؤمنة موحدة
ويعلم يقينا أن الكافر حرمت عليه الجنة وأنه خالد في النار قطعا
قال سبحانه { إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار }
قال الله سبحانه وتعالى: **وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً} [النساء:18]،
وقال سبحانه وتعالى: **ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقرة:217]،
دلت هاتان الآيتان على أن كل من مات وهو كافر فقد أعد الله له عذاباً أليماً وأنه من الخالدين في النار
وقال سبحانه { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)
قال الله)تعالى. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا )
(إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيرا} (سورة الأحزاب / ءاية 64-65)
{فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} (سورة الحج / ءاية19)
{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ}
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
قوله سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)
وقوله عز وجل: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ
وقوله سبحانه: هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ)
وقوله عز وجل في سورة الأعراف في شأن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
ثم قال سبحانه بعد ذلك:
( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
(وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
وأما السنة فمنها قوله صلى الله عليه وسلم:
((والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار)) أخرجه مسلم في صحيحه.
ولايشكل هنا قول الطحاوى رحمه الله (ولانشهد لمعين من اهل القبلة بجنة ولانار إلا ماشهد له القرآن والسنة ولكن نرجوا للمحسن ونخشى على المسيئ )فهذا وأمثاله لاإشكال فيه ولايعارض الأصل بل يقويه لأن هذا في أهل القبلة فيخرج منه غيرهم من أهل الكفر ممن سمعوا بالإسلام
وهو مبنى على قاعدة العمل بالظاهر
{أحكام الدنيا تجرى على الظاهر من إسلام وكفر فمن أظهر لنا الإسلام حكمنا بإسلامه , ومن أظهر لنا الكفر والشرك حكمنا بكفره }
ولابد من التفريق في هذه القاعدة بين الكافر الأصلى والكافر المرتد , حتى تنضبط مسألة الظاهر والباطن في الدنيا والأخرة وهذا مهم
قال الدكتور عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف فمن علم أنه مات على الكفر، وقد بلغته دعوة الإسلام فقامت عليه الحجة، فإنه يشهد عليه بالنار لما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار" أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فإن كانت لم تبلغه الدعوة ... فلا يشهد عليه بالخصوص لقول الله تعالى: **وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء:15]، ولقول الله تعالى: **وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام:19]،
وقد أجمع العلماء على أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة لجميع الثقلين، وأن من لم يؤمن به ويتبع ما جاء به فهو من أهل النارمن الكفار سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو هندوكيا أو بوذيا أو شيوعيا أو غير ذلك.
فمن هلك ومضى وأنت تعلم يقيناً أنه مات على الكفر ولا تعلم له توبة، فاشهد أنه مات على الكفر.
فإن قيل: أنت لا تعلم حاله في الباطن؟
قلنا: نحن لا نتكلم عن الباطن، لكن الله تعبدنا أن نحكم بالظاهر والله تعالى يتولى السرائر، فلو لم نكفر من مات على الكفر لاختل الأمر وأصبح الناس في شك؛ لأنه يمكن أن يموت بعض الكفار على الإسلام، فإذا جوزنا الإمكان فإنه يرد على كل.
فنقول: إذا وجدت قرائن تصلح لأن تكون شبهات تحول دون الإطلاق فلا نطلق الحكم، وإن لم يكن إلا مجرد الاحتمال فلا يجوز البناء على الاحتمال ما دام أن الله تعالى أو الرسول صلى الله عليه وسلم نص على خلافه، فما حكم الله سبحانه وتعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم على قائله أو فاعله أو معتقده بالكفر، ونحن نعلم يقيناً أن رجلاً كان عليه إلى أن مات، فلا يرد احتمال أنه تاب قبل أن يموت، ونقول: من كان عنده بينة فليخبرنا، أما ما نعلمه يقيناً عنه فإنه لا يزول بمجرد الاحتمال أو الشك؛ فإن اليقين لا يزول بالشك.
يقول المصنف رحمه الله: [فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت]، أي: أن الشهادة بذلك هي حكم من يموت وهو يهودي أو نصراني أو من أهل الكفر والشرك الأصلي، أما المسلم أو من كان من أهل القبلة فإننا لا نطلق ذلك عليه إلا في مثل ما تجوز عليه الشهادة، بأن نشهد له على يقين؛ لأن هذه الأحكام لازمة ومترتبة على هذا القول.
ونوضح ذلك بمثال على الشهادة لمعين من أهل الكفر بأنه من أهل النار:
مثال ذلك: رجل يهودي نشأ مع اليهود ومات على دين اليهودية ، فهل نشهد له بالنار أم لا؟
الجواب: لا شك في هذا، ولا يأخذنا الورع فنقول: لا ندري! ولا يعني ذلك أنه لم يسلم منهم أحد؛ لكن مجرد الاحتمال لا يلغي الأصل.
أما حكمه عند الله فهذا شيء آخر، فمن مات و لم يبلغه الدين ولا الحق،[ ولم تقم عليه الحجة الرسالية]، فهذا حكمه حكم أهل الفترة، والراجح في حكم أهل الفترة أنهم يمتحنون يوم القيامة، وبذلك يصدق عليهم أن الله سبحانه وتعالى لا يظلم أحداً، ولن يدخلهم النار إلاَّ وهم مستحقون، فينتفي الظلم وتتحقق الرحمة والحكمة والعدل من الله سبحانه وتعالى بأن يمتحنهم، وهذا أصل كلي يدل على ذلك ويشهد له.
و هنا النبي يشهد على المعين بالنار
[بتصرف للغليفى]
قال الشيخ صالح ال الشيخ - :
"السؤال / ما حكم تكفير الكافر المعين والحكم عليه بالخلود في النار بعد الممات، وما معنى قول أهل السنة ولا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له، إلى آخره؟
ج/ الجواب:
أن قول أهل السنة ولا نشهد لأحد بجنة ولا بنار إلا من شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛
يعني من هذه الأمة من المنتسبين للقبلة،
أما المشرك الأصلي أو الكافر اليهودي أو النصراني
فإنه يستصحب الأصل الذي كان عليه؛
فإذا مات على الكفر فإننا نقول هو كافر ومات عليه وهو من أهل النار، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لنا (حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار)ر أبشر بالنار، هذا لا يدخل في قول أهل السنة
لأن المقصود من ذلك أهل القبلة، لا نشهد لمعين بجنة من أهل القبلة ولا لمعين من أهل القبلة بنار، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم في الذين يدخلون الجنة وفي الذي غل وفي الذي قتل نفسه؛ وجع نفسه بحديدة ونحو ذلك، من شهد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنار من أهل القبلة فنشهد عليه بالنار وأما المشركون والكفار من أهل الكتاب فلا كرامة لهم
فإذا ماتوا شهدنا عليهم بالنار وكفرناهم في حياتهم وبعد مماتهم،
ولا يقال في حقهم لا نكفر إلا من بلغته الحجة أو لا نشهد عليهم بالنار إلا من قامت عليه الحجة ونحو ذلك"
وقال الشيخ صالح ال الشيخ على قول الطحاوى
قال رحمه الله (ولا ننزل أحدا منهم جنة ولا نارا، ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق، ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى)
يريد العلامة الطحاوي رحمه الله أن أهل السنة والجماعة يتبعون في الأمور الغيبية ما دل عليه الدليل من كتاب الله - عز وجل - ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يقفون ما ليس لهم به علم ولا يقولون على الله - عز وجل - ما لا يعلمون امتثالا لقوله سبحانه {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}[الإسراء:36]، وامتثالا لقوله - عز وجل - {وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}[الأعراف:33]، فحرم الله - عز وجل - القول عليه بلا علم، ومن القول عليه بلا علم أن يشهد في أمر غيبي أن الله - عز وجل - لا يغفر لفلان، أو أن فلانا من أهل الجنة؛ يعني قد غفر له، أو أنه من أهل النار المعين لأنه لم يشأ الله أن يغفر له.
فأصل هذه المسألة وهي ما قرره من أننا لا ننزل أحدا من أهل القبلة جنة ولا نارا، هذه لأجل أن هذا الأمر غيبي والله - عز وجل - حكمه في أهل القبلة قد يعذب وقد يغفر؛ يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، فمن نزل جنة أو نارا أحدا من أهل القبلة ممن لم يدل الدليل على أنه من أهل الجنة أو من أهل النار فقد قال على الله بلا علم وتجرأ على الرب جل جلاله.
فالواجب اتباع النص وتقديس الرب - عز وجل - وتعظيم صفات الرب جل جلاله، وأن لا يشهد على معين من أهل القبلة بأنه من أهل الجنة جزما أو من أهل النار جزما إلا من أخبر الوحي بأنه في هذا الفريق أو في هذا الفريق.
وهذا نص عليه خلافا لأهل الضلال في مسائل الأسماء والأحكام من المعتزلة والخوارج قبلهم ومن يرون السيف ونحو ذلك ممن يشهدون لمن شاءوا بالجنة ولمن شاءوا بالنار؛ بل قد شهدوا على بعض الصحابة بأنهم من أهل النار وعلى بعضهم من أنهم من أهل الجنة بمحض أهوائهم وآرائهم.
وأهل السنة يخالفون الفرق الضالة في هذا الباب ويتبعون ما دل عليه الدليل ويعظمون الله - عز وجل -، ولا يتجاسرون على الغيب، ويعظمون صفة الرب سبحانه بأنه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.
وتحت هذه الجملة مسائل:[المسألة الأولى]:
أن هذا الحكم ذكر أنه مختص بأهل القبلة فقال (ولا ننزل أحدا منهم) يعني من أهل القبلة (جنة ولا نارا)؛ لأن أهل القبلة ظاهرهم الإسلام والله - عز وجل - قد وعد المسلم بالجنة، وقد توعد من عصاه من أهل الإسلام بالنار.
فهذا الحكم مختص بأهل القبلة، فمن مات من أهل الإسلام لا يشهد عليه بأنه من أهل النار ولا يشهد له بالجنة، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي.
وإذا تبين هذا فلا يدخل في كلامه من مات على الكفر وقد كان في حياته كافرا؛ كان طول حياته نصرانيا، أو كان طول حياته يهوديا، أو كان طول حياته وثنيا أو مشركا الشرك الأكبر المعروف؛ يعني من أهل عبادة الأوثان أو ممن لا دين له.
فهؤلاء لا يدخلون في هذه العقيدة؛ بل يشهد على من مات منهم بأنه من أهل النار؛ لأنه مات على الكفر وهو الأصل.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «حيثما مررت بقبر كفار فبشره بالنار»(1) وهذا عموم وهو الموافق للأصل، وهو أن من مات على الكفر نحكم عليه بالظاهر، ولا نقول قد يكون مات على الإسلام؛ لأن هذا خلاف الأصل.
والقواعد المقررة تقضي باتباع واستصحاب الأصل.
لهذا المسلم نستصحب أصله -كما سيأتي- فلا نشهد عليه بشرك ولا كفر ولا نفاق إذا مات، كذلك نستصحب الأصل في من مات على الكفر من النصارى واليهود والوثنيين وأشباه هؤلاء.
ومن أهل العلم من أدخل الحكم على المعين الذي ورد في هذه الجملة الكفار بأنواعهم فقال: حتى الكافر لا نشهد عليه إذا مات لأننا لا ندري لعله أسلم قبل ذلك.
وهذا خلاف الصواب وخلاف ما قرره أهل التوحيد وأئمة الإسلام في عقائدهم، فإن كلامهم كان مقيدا بمن مات من أهل القبلة
أما من لم يكن من أهل القبلة فلا يدخل في هذا الكلام.
[المسألة الثانية]:
ذكرنا لك أن أصل هذه العقيدة تعظيم صفات الله - عز وجل - وعدم الخوض في الأمور الغيبية، والعلماء في إعمال هذا الأصل في هذه المسألة لهم أقوال:
1- القول الأول: من قال: لا أشهد لأحد ولا على أحد مطلقا، وإنما نشهد للوصف للجنس دون المعين، فنقول: المؤمن في الجنة، والظالم في النار، والمؤمن المسدد في الجنة، ومرتكب الكبيرة متوعد بالنار، ونحو ذلك من ذكر الجنس والنوع دون ذكر المعين، إعمالا منهم للأصل الذي ذكرنا، وأن الحكم بالخاتمة أمر غيبي لا ندري هل حصل الختام بالتوحيد أم لا.
2- القول الثاني: وهو قول جمهور أهل العلم وأئمة أهل الحديث والسنة والأثر أن هذه المسألة غيبية فمجالها ومدارها على قاعدة الأمور الغيبية أنه يقتفى فيها الدليل دون تجاوز للقرآن والحديث، فلا ينزل أحد جنة ولا نار إلا من أنزله الله - عز وجل - الجنة أو أنزله النار بدليل من الكتاب أو من السنة، وسواء في هذا النوع الوصف الجنس أو المعين.
فجاءت الشهادة لأبي بكر رضي الله عنه بأنه من أهل الجنة في القرآن، وجاءت الشهادة لأهل البيت بأنهم مطهرون أيضا بالقرآن منهم علي رضي الله عنه وفاطمة وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم الذين قال الله - عز وجل - فيهم {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}[الأحزاب:33] ونحو ذلك، وجاء في السنة الشهادة على معينين من الصحابة بأنهم في الجنة كما في العشرة المبشرين بالجنة: الخلفاء الأربعة، وطلحة بن عبيد الله، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وسعد بن أبي وقاس، وسعيد بن زيد إلى آخره، وكذلك الشهادة لبلال رضي الله عنه، ونحو ذلك ممن جاء في الحديث أنه من أهل الجنة، وكذلك من شهد عليه بالنار ممن هو منتسب إلى القبلة مما جاء في السنة فإننا نشهد عليه بالنار.
وهذا القول هو المراد بكلام الطحاوي هذا وهو قول جمهور أهل الحديث والسنة.
3- القول الثالث: فهو مثل القول الثاني؛ لكنه زاد عليه بأن الشهادة المستفيضة للإنسان من أهل القبلة بأنه من أهل الجنة أو أنه من أهل الوعيد فإنه يشهد للمعين أو يشهد عليه بالشهادة المستفيضة.
وهذا جاء رواية عن الإمام أحمد وعن غيره من الأئمة واختارها الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية رحمهم الله تعالى، وقال (دلت السنة على هذا الأصل فإن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فأثني عليها خيرا فقال «وجبت»، ثم مر بجنازة أخرى فأثنى الصحابة عليها شرا، فقال «وجبت»، قالوا يا رسول الله ما وجبت؟ قال «تلك أثنيتم عليها خيرا فوجبت لها الجنة، وهذه أثنيتم عليها شرا فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في أرضه»، وأيضا جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار» قالوا وكيف ذلك يا رسول الله قال «بالثناء الحسن وبالثناء السيئ»
فيدخل في هذا القول المعروفون الذين شهد لهم بقدم الصدق من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك من شهد له من أئمة الإسلام بهذا المقام كالإمام مالك مثلا والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم ونحوهم من أئمة الإسلام.
* والأظهر هو القول الثاني وهو قول الجمهور؛ لأن الشهادة بالاستفاضة هذه الدليل يتقاصر على أن يشهد له مطلقا، ولكن يكون الرجاء فيه أعظم، ولهذا في الحديث الأول قال «وجبت»، فدل على أن شهادتهم له في مقام الشفاعة له لأنه قال «أثنيتم عليها خيرا فوجبت» فدل على أن الوجوب له بالجنة مترتب على الثناء عليه بالخير، وليس الثناء عليه بالخير نتيجة وإنما هو سبب لوجوب الجنة، فكأنه في مقام الشفاعة له والدعاء له، وليس هذا مطلقا.
والحديث الثاني أيضا يحمل على هذا بأنه في مقام الشفاعة والدعاء له، بالإضافة إلى أن القول الأول هو قول الأكثر من أئمة أهل الإسلام.
[المسألة الثالثة]:
أننا إذا لم نشهد لأحد أو على أحد فإن المقصود المعين، أما الجنس والنوع فنشهد للجنس والنوع، فنشهد على الظالم بالنار دون تنزيله على معين، ونشهد للمطيع بالجنة دون تنزيله على معين.
والمقصود إذا مات على ذلك، إذا مات المطيع على الطاعة، وإذا مات الظالم على الظلم؛ لأن المسألة مبنية على ما يختم للعبد، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها»(1)، وهذا يدل على أن الأعمال بالسوابق -سوابق الكتاب- وبالخواتيم، وهذا يمنع من الشهادة المعينة لأن الأعمال بالسوابق والخواتيم، والله - عز وجل - خلق الجنة وخلق لها أهلا وهذا غيبي، وخلق النار وخلق لها أهلا وهذا أمر غيبي.
فإذا الشهادة على الجنس أو للجنس بالجنة أو على نوع بالنار هذا المقصود من مات على ذلك، من مات على الطاعة فإننا نشهد لجنس الميتين على الطاعة، ولجنس من مات على الكبيرة بأنه متوعد بالعذاب قد يغفر الله - عز وجل - له وقد يؤاخذه بذنوبه.
[المسألة الرابعة]:
أننا مع ذلك كله فإننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء.
أهل السنة أهل رحمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان رحيما بهذه الأمة، فيرث أهل السنة الرحمة من صفاته صلى الله عليه وسلم، فيرحمون هذه الأمة، ومن رحمتهم لها أنهم يرجون لأهل الإحسان ويخافون على أهل الإساءة.
ورجاؤهم لأهل الإحسان يحملهم على أن يدعو لهم وأن يصلوا عليهم إذا ماتوا؛ لأن حق المسلم على مسلم ست ومنها أنه إذا مات يصلي عليه ويدعو له.
وتحملهم الرحمة للمسيء أنه إذا مات على الإساءة أنه يخاف عليه الإساءة، فيسأل الرب - عز وجل - أن يغفر له ذنبه وأن يتجاوز عن خطيئته وأن يبارك له في قليل عمله، ونحو ذلك من آثار الرحمة.
ولهذا يدعو المسلم لجميع المسلمين لمن كان منهم صالحا ومن كان منهم غير صالح؛ بل من الدعاء الذي تداوله أهل السنة والعلماء أن يسأل الرب - عز وجل - أن يشفع المحسن في المسيء، وأن يوهب المسيء للمحسن، مثل ما في دعاء القنوت الذي يتداوله الأكثرون: وهب المسيئين منا للمحسنين، (هب المسيئين) يعني من كان مسيئا عاصيا عنده ذنوب هبه للمحسن فشفع المحسن فيه في هذا المقام بالدعاء.
وهذا كله من آثار الرحمة التي كان عليها صلى الله عليه وسلم، فإنه كان بهذه الأمة رحيما؛ بل كان رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم.
فإذا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء، ولرجائنا للمحسن آثار، ولخوفنا على المسيء آثار.
فرجاؤنا للمحسن يحملنا على توليه وكثرة الدعاء له ونصرته واقتفاء أثره.
وخوفنا على المسيء يحملنا على الدعاء له والاستغفار ونحو ذلك، فكان أسيرا للشيطان، ونسأل الله - عز وجل - له المغفرة الرضوان.
[المسألة الخامسة]
وهي مسألة الشهادة بما يدل على الشهادة بالجنة، مثل أن يقال فلان شهيد، إذا كان شهيدا فالله - عز وجل - ذكر ونص على أن الشهداء بالجنة.
وكذلك الشهادة له بالمغفرة، المغفور له، المرحوم، النفس المطمئنة، ونحو ذلك، مما هو من أسباب دخول الجنة.
فإذا شهد له بهذه الأوصاف بأنه غفر له فقد شهد له بأمر غيبي، فإذا شهد له بأنه مرحوم فقد شهد له بأمر غيبي، إذا شهد له بأن نفسه مطمئنة {ارجعي إلى ربك راضية مرضية(28)فادخلي في عبادي(29)وادخلي جنتي}[الفجر:28-30]، فقد شهد له بالجنة.
فإذا الشهادة للمعين بالجنة ممنوعة، وكذلك بما يدل على أنه يشهد له بالجنة، مثل هذه الأسباب ونحوها.
من ذلك الشهادة له بأنه شهيد وقد جاء في صحيح البخاري بحث هذه المسألة، وبوب عليها هل يقال فلان شهيد؟ وذكر أثر عمر (إنكم تقولون لمن مات في معارككم فلان شهيد فلان شهيد، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، والله أعلم بمن يقتل في سبيله)
لأنه هل كان يقاتل يريد أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى؟
هذا أمر غيبي فلذلك لا تجوز الشهادة لمعين؛ لكن نرجوا له، من مات في أرض المعركة نرجوا له الشهادة، نقول نرجوا له أن يكون شهيدا وهذا تبع للأصل أننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء.
والمسألة فيها خلاف بين اهل العلم ولكن الصواب والمذهب ما قاله الشيخ صالح ال الشيخ
نعماقتباس:
والقواعد المقررة تقضي باتباع واستصحاب الأصل.
لهذا المسلم نستصحب أصله -كما سيأتي- فلا نشهد عليه بشرك ولا كفر ولا نفاق إذا مات،
كذلك نستصحب الأصل في من مات على الكفر من النصارى واليهود والوثنيين وأشباه هؤلاء.
ومن أهل العلم من أدخل الحكم على المعين الذي ورد في هذه الجملة الكفار بأنواعهم
فقال: حتى الكافر لا نشهد عليه إذا مات لأننا لا ندري لعله أسلم قبل ذلك.
وهذا خلاف الصواب وخلاف ما قرره أهل التوحيد وأئمة الإسلام في عقائدهم، فإن كلامهم كان مقيدا بمن مات من أهل القبلة
أما من لم يكن من أهل القبلة فلا يدخل في هذا الكلام.
إثراء للموضوع:
قال ابن تيمية: (لكن هذا مثل الشهادة لمعين بالجنة، وفيها ثلاثة أقوال:
قيل: لا يشهد بذلك لغير النبي. وهو قول أبي حنيفة، والأوزاعي، وعلي ابن المديني، وغيرهم.
وقيل: يشهد به لمن جاء به نص، إن كان [خبرا] صحيحا، كمن شهد له النبيّ بالجنة فقط. وهذا قول كثيرٍ من أصحابنا، وغيرهم.
وقيل: يشهد به لمن استفاض عند الأمة أنه رجل صالح؛ كعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وغيرهما، وكان أبو ثور يشهد لأحمد بن حنبل بالجنّة). [النبوات: (1 / 154- 155)].
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.