-
الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى أهل الحوطة
يذكرهم بنعمة الإسلام بسبب الشيخ ابن عبد الوهاب رحمه الله
.بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الإخوان من أهل الحوطة، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
اعلموا أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، فالهدى هو العلم النافع، ودين الحق هو العمل الصالح، ولا يكفي أحدهما عن الآخر، في النجاة والسلامة، من الوعيد الدنيوي والأخروي.
وقد من الله عليكم بدين الإسلام، واختصكم به دون كثير من الأنام،
لما أتاح الله لكم شيخ الإسلام: محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى،
فدعا إلى ما دعت إليه الرسل، من معرفة الله وخشيته وعبادته وحده لا شريك له، والقيام بالأركان الإسلامية، والأصول الإيمانية.
فأعز الله بذلك من قبله ونصره، ورفع قدرهم وشأنهم، وجعلهم ملوكا، تهابهم الأمم، وينقاد لأمرهم جمهور العرب، باديتهم وحاضرتهم؛ ولم يزالوا كذلك قاهرين ظاهرين،
حتى حدث ما حدث، ووقع ما وقع من الإعراض، والقسوة، والتمادي على معاصي الله.
فسلط الله عليهم العدو، وافترقت الكلمة، وانخرم النظام،
وعثا الفجرة اللئام، في دماء أهل الإسلام وأموالهم، وكثر الخوض، ونسي العلم،
والتبس أمر التوحيد والإيمان على كثير من الخلق،
وصارت فتنة عمياء صماء، لا يبصر صاحبها ولا يسمع،
وما زال غمامها لم ينقشع، وليلها يحلو لك ولا يدبر، وأبناؤها بساحتكم تحاول إطفاء نور الله.
فسارعوا وبادروا إلى التوبة والإقلاع والندم والاستغفار،
وتعاونوا على البر والتقوى، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [سورة الأعراف آية: 170] .
فراجعوا دينكم قبل أن يحل من أمر الله ما لا تدفعون، وينْزل من بأسه ما لاتردون {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة آل عمران آية: 104] .
ويجب على من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يعينهم بحسب طاقته، بيده أو بلسانه؛
وهذا من أسباب بقاء التوحيد فيكم والإسلام، وحمايتكم دياركم عن عباد الأوثان والأصنام،
وحفظ ما خولكم الله من سوابغ الفضل والإنعام،
وكثير من الناس يحصل منهم أسباب، ووسائل وذرائع، إلى زوال النعم؛ وحلول السخط والنقم
.منها
: التهاون بنعمة الإسلام والتوحيد، واختلاف القلوب،
والعدواة الظاهرة، وترك نصرة الإسلام والتوجع لمصابه،
والإقبال على الدنيا، ونسيان الآخرة،
والاستخفاف بالأركان الإسلامية،
كإضاعة الصلاة، ومنع الزكاة، وأخذها بغير حقها، وترك السمع والطاعة لولي الأمر، من الأمراء والعلماء.
فهذه أسباب وعلامات على نزول العقوبة، وحلول النقمة، وانتقال النعمة، قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} [سورة الإسراء آية: 16] .
وبلادكم ليست على الحال الأولى في مبدإ الإسلام وبعده،
والعاقل يعرف ذلك في نفسه، وأهل بلده.
وقد ذم الله تعالى من قست قلوبهم، ولم يتضرعوا عند حلول بأسه وانتقامه، فقال تعالى:: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة الأنعام آية: 43] .
وذم تعالى من ليس فيهم بقية ينهون عن الفساد في الأرض، ويأخذون على أيدي السفهاء،
فقال تعالى: {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} [سورة هود آية: 116] .
يخبر تعالى أنهم اتبعوا الشهوات، وآثروا اللذات، فكانوا من جملة المجرمين.وقال تعالى:: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُم ْ إِلَى حِينٍ} [سورة يونس آية: 98] .
فدلت هذه الآية على أن الإيمان والعمل الصالح يكشف العذاب عند نزوله، ويمنع به المؤمن حينا من الدهر.
وقد أمدكم الله بنعمه، وعمر بلدكم ومساكنكم بالإسلام، والسمع والطاعة،
فاحذروا الرجوع على أعقابكم،
وتبديل النعمة، قال تعالى:: {سَلْ بَنِي إِسْرائيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة البقرة آية: 211] .وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم ْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} إلى قوله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [سورة سبأ آية: 15 –19] .
فتدبروا ما في هذه الآيات الكريمات، التي هي من أوضح الواضحات، وأبين الحجج والبينات،
وتفطنوا فيما ذكر من الإعراض عن الشكر، وما اقتضاه من العقوبة والعذاب،
وفقنا الله وإياكم لتدبر القول وحسن العمل والختام، وصلى الله على محمد
[الدرر السنية فى الاجوبة النجدية -ج -14 - ص184].
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى شيخ المدرسين بحرم الرسول لما شاع في البلاد من الفساد]:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا،
وجعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم،
يجددون ما اندرس من أعلام الملة والدين تجديدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأكبره تكبيرا،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا،
وصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، الذين آمنوا به، وعزروه ونصروه، وسلم تسليما كثيرا.
إلى جناب المفضل، والشيخ المبجل، شيخ المدرسين والمتصدرين بحرم الرسول، ومن لديه من العلماء الأفاضل الفحول،
بعد إهداء السلام والتحية، لأنصار الملة الحنيفية،
وحماة الشرعة المحمدية،
صدرت هذه الرسالة، وسودت هذه العجالة.
لما شاع في البلاد العربية، اليمنية منها والعراقية، التهامية والنجدية،
وما دهم الإسلام وعراه،
وأناخ بحرمه وحماه، من الخطب العظيم،
والهول الجسيم،
والكفر الواضح المستبين،
والأمر بهدم أظهر شعار الملة والدين،
وأن لا ينادى بالصلوات الخمس في أوقاتها بالتأذين
والأمر بهتك ستر حرم المسلمين،
وكشف وجوههن للفجرة والفاسقين،
تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا، وتطير قلوب أهل الإسلام إعظاما لشناعته وكفره وردا،
كيف تهدم قواعد الملة والإسلام، وتظهر شعار الكفر وعبادة الأصنام، وترفع راياتها بين الأنام بالحرم والبلدة الحرام؟!.:
فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} [سورة هود آية: 116]
. أما في الزوايا خبايا؟ أما للعلم والرجال بقايا؟.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم، لما وفد عليه بعد أن فر إلى الشام هاربا: ما يفرك؟ أتفر أن يقال: الله أكبر؟ فهل تعلم شيئا أكبر من الله؟
فتعسا لها من حادثة وقضية،
جاءت بهدم الإيمان والأركان الإسلامية
، وقلع القواعد النبوية.يكاد لهذا المستجن بطيبة ...
ينادي بأعلى الصوت يا آل هاشموقد بلغنا عنكم ما يسر به نفوس المسلمين، من رد ذلك الإفك المبين،
والواجب علينا وعليكم أعظم من ذلك، من الجد والاجتهاد في رفع أعلام أوضح الشرائع والمسالك.
وقد تواترت عندنا - بحمد الله - الأخبار عن كافة العرب، من جميع الأقطار، بإنكار ذلك ورده،
والحكم بأنه من أظهر شعار الكفار، ومن فعله وجب معاجلته بالحرب والدمار،
والكل منهم يعاهد على أنه السابق في تلك الحلبة والمضمار فاستعينوا بالله واصبروا، واعلموا أن أنصاركم ومددكم جميع أهل الإسلام، وذوو البصائر من أهل النخوة والإقدام.
فإياكم إياكم والمداهنة، والتساهل في الجهاد والإنكار،
فتزل قدم بعد ثبوتها وتهوي إلى الدرك الأسفل من النار.كفى حزنا بالدين أن حماته ... إذا خذلوه قل لنا كيف ينصرقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين َوَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} [سورة المائدة آية: 57-58] .
فتدبروا هذه الآية الكريمة، وتفطنوا لما دلت عليه أداة الشرط، من نفي الإيمان عمن ترك التقوى، ولم يأتمر بما أمر به، ولم ينته عما نهي عنه، من موالاة أهل الكفر والردي، والعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، كما هو متقرر عند أهل العلم والهدى.
ونحن نعلم أن الله سينصر دينه، ويعلي كلمته، وأنه لا يصلح عمل المفسدين؛
ولكن نحب لكم الاعتصام بحبل الله،
والدخول في جملة أنصاره،:
{وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} .صلى الله عليه وسلم والمعهود عن الدولة العثمانية، من عهد السلطان سليم ابن السلطان بايزيد، من وقت ولايتهم على الحرمين الشريفين، من أوائل القرن العاشر إلى وقتنا، وأوائل عصرنا، هو: المبالغة في تعظيم الحرمين الشريفين، زادهما الله تشريفا وتكريما وتعظيما.
فلعل هذه الحوادث، عن بعض النواب والوزراء، الذين لا خبرة لهم بسبيل الرشد والهدى، ولا علم لهم بأسباب السعادة والشقاء، وصلى الله على إمام المتقين، وعلى آله وصحبه والتابعين.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى عبد الرحمن الألوسي يحذره من أهل الشرك]
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن،
إلى ذي الجناب المكرم، والفضل الباذخ المقدم، السيد عبد الرحمن الألوسي، سلك الله به سبل الاستقامة، وزينه بحلل التوفيق والكرامة، ورفعه إلى رتب السيادة والإمامة، سلام عليكم، ورحمة الله، وبركاته.
أما بعد:
فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، كثير الخير، دائم المعروف على ما أولاه، من سوابغ نعمه، الباطنة والظاهرة، وما ألبسه من ملابس كرامته السنية الفاخرة، التي أعظمها وأجلها على الإطلاق، هدايته لدينه الذي ارتضى لنفسه، واختص به أولياءه، وخاصة أهل كرامته وقدسه
.مع أنه قد اطرد القياس بفساد أكثر الناس،
وتركهم من الإسلام أصله الأعظم والأساس،
وكثر الاشتباه في أبواب الدين والالتباس؛
وجمهورهم عكس القضية، في مسمى الملة الإسلامية،
ولم يميزوا بينها وبين الملة القرشية،
والسنة الجاهلية،
فهم كما وصفهم الله تعالى، بقوله:: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [سورة الفرقان آية: 44] .
وكتابك الكريم وصل إلينا، وحسن موقعه لدينا، لما بلغنا عنك من إظهار الإسلام والسنة، وعيب أهل الشرك والبدعة، وطعنك على الدعاة إلى الضلال، وعيبهم بما يبدونه من سوء العمل، وشنيع المقال؛ وأن الله قمعهم بك، وقواك عليهم فأذلهم وأهانهم.
فأبشر بثواب ذلك،
واعتد به من أفضل أعمالك، وحسناتك
، وفي الحديث: من أحيا شيئا من سنتي، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وضم بين أصبعيه
وفي الأثر: إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا لله يذب عنها، وينطق بعلاماتها، فاغتنم ذلك، وكن من صالح أهله.
واحرص: أن يكون لك في ذلك جماعة وتلامذة، يقومون مقامك إن حدث بك حدث، فيكونوا أئمة بعدك،
ويجري لك مثل أجورهم إلى يوم القيامة،
كما صح به الخبر فاعمل على بصيرة.وسر إلى الله بصلاح القصد والسريرة،
وإياك أن يكون لك من أهل الشرك، الذين يعبدون الأولياء والصالحين، جليس أو صديق،
فقد جاء الأثر: من جالس صاحب بدعة، نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه. ومن مشى إلى صاحب بدعة، مشى في هدم الإسلام، وهذا في بدع لا تخرج عن الملة،
فكيف بالشرك الذي يتضمن العدل والتسوية برب العالمين؟!.
بل يتضمن مسبته تعالى وتقدس،
فسبحان ربك رب العزة عما يصفون،
وسلام على المرسلين،
والحمد لله رب العالمين.
هذا وشيخنا الوالد المكرم، والإمام الفاضل المقدم، يبلغانك السلام، والسلام على من لديك من الإخوان في الله، المحبين لجلاله، ورحمة الله وبركاته
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن،
إلى الإمام المكرم: فيصل بن تركي، وفقه الله لقبول النصائح، وجنبه أسباب الندم والفضائح، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فلا يخفى عليك أن الله تعالى ما أنعم على خلقه نعمة أجل وأعظم، من نعمته ببعثة عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛
فإن الله بعثه وأهل الأرض، عربهم وعجمهم، كتابيهم وأميهم، قرويهم وبدويهم، جهال ضلال، على غير هدي ولا دين يرتضى، إلا من شاء الله من غير أهل الكتاب.فصدع بما أوحي إليه وأمر بتبليغه، وبلغ رسالة ربه، وأنكر ما الناس عليه من الديانات المتفرقة، والملل المتباينة المتنوعة، ودعاهم إلى صراط مستقيم، ومنهج واضح كريم، يصل سالكه إلى جنات النعيم، ويتطهر من كل خلق ذميم.وجاءهم من الآيات والأدلة القاطعة، الدالة على صدق وثبوت رسالته ما أعجزهم وأفحمهم عن معارضته، ولم يبق لأحد على الله حجة؛
ومع ذلك كابر من كابر، وعاند من عاند،
وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق.
ورأوا أن الإنقياد له صلى الله عليه وسلم وترك ما هم عليه من النحل والملل،
يجر عليهم من مسبة آبائهم وتسفيه أحلامهم، أو نقص رياستهم، أو ذهاب مأكلهم، ما يحول بينهم وبين مقاصدهم ومآربهم؛
فلذلك عدلوا إلى ما اختاروه من الرد والمكابرة، والتعصب على باطلهم والمثابرة.
وأكثرهم يعلمون أنه محق، وأنه جاءهم بالهدى ودعا إليه،
لكن في النفوس موانع، وهناك إرادات، ومؤاخاة ورياسات،
لا يقوم ناموسها، ولا يحصل مقصودها، إلا بمخالفته وترك الاستجابة له وموافقته؛
وهذا هو المانع في كل زمان ومكان
، من متابعة الرسل، وتقديم ما جاؤوا به،
ولولا ذلك ما اختلف من الناس اثنان،
ولا اختصم في الإيمان بالله وإسلام الوجه له خصمان
.وما زال حاله صلى الله عليه وسلم مع الناس كذلك،
حتى أيد الله دينه ونصر رسوله،
بصفوة أهل الأرض وخيرهم،
ممن سبقت له من الله السعادة، وتأهل بسلامة صدره لمراتب الفضل والسيادة؛
فأسلم منهم الواحد بعد الواحد،
وصار بهم على إبلاغ الرسالة معاون ومساعد،
حتى من الله على ذلك الحي من الأنصار، بما سبقت لهم به من الحسنى والسيادة الأقدار
.فاستجاب لله ورسوله منهم عصابة حصل بهم من العز والمنعة،
ما هو عنوان التوفيق والإصابة؛ وصارت بلدهم بلد الهجرة الكبرى، والسيادة الباذخة العظمى، هاجر إليها المؤمنون، وقصدها المستجيبون؛ حتى إذا عز جانبهم وقويت شوكتهم، أذن لهم بالجهاد، بقوله تعالى:: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [سورة الحج آية: 39] .
ثم لما أشتد ساعدهم، وكثر عددهم أنزلت آية السيف،
وصار الجهاد من أفرض الفروض،
وآكد الشرائع الإسلامية؛
فاستجابوا لله ورسوله، وقاموا بأعباء ذلك،
وجردوا في حب الله ونصرة دينه السيوف، وبذلوا الأموال والنفوس، ولم يقولوا كما قالت بنو إسرائيل لموسى:: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [سورة المائدة آية: 24] .
فلما علم الله منهم الصدق في معاملته، وإيثار مرضاته ومحبته، أيدهم بنصره وتوفيقه، وسلك بهم منهج دينه وطريقه؛
فأذل بهم أنوفا شامخة عاتية، ورد بهم إليه قلوبا شاردة لاهية، جاسوا خلال ديار الروم والأكاسرة، ومحوا آثار ما عليه تلك الأمم العاتية الخاسرة.
وظهر الإسلام في الأرض ظهورا ما حصل قبل ذلك، وعلت كلمة الله، وظهر دينه فيما هنالك.واستبان لذوي الألباب والعلوم من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ما هو مقرر معلوم،
ولم يزل ذلك في زيادة وظهور، وعلم الإسلام في كل جهة من الجهات مرفوع منصور،
حتى حدث في الناس من فتنة الشهوات، والاتساع والتمادي في فعل المحرمات، ما لا يمكن حصره ولا استقصاؤه.
فضعفت القوى الإسلامية، وغلظت الحجب الشهوانية،
حتى ضعف العلم بحقائق الإيمان،
وما كان عليه الصدر الأول من العلوم والشأن؛
فوقعت عند ذلك فتنة الشبهات، وتوالدت تلك المآثم والسيئات،
وظهرت أسرار قوله تعالى:: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [سورة التوبة آية: 69] الآية، وقوله صلى الله عليه وسلم: لتتبعن سنن من كان قبلكم .ولكن لله في خلقه عناية وأسرار، لا يعلم كنهها إلا العليم الغفار،
من ذلك:
أن الله تعالى يبعث لهذه الأمة، في كل قرن من يجدد لها أمر دينها، ويدعو إلى واضح السبيل ومستبينها، كي لا تبطل حجج الله وبيناته، ويضمحل وجود ذلك وتعدم آياته.
فكل عصر يمتاز فيه عالم بذلك، يدعو إلى تلك المناهج والمسالك،
وليس من شرطه أن يقبل منه ويستجاب، ولا أن يكون معصوما في كل ما يقول،
فإن هذا لم يثبت لأحد دون الرسول.
ولهذا المجدد علامة يعرفها المتوسمون، وينكرها المبطلون،
أوضحها وأجلاها وأصدقها وأولاها؛
محبة الرعيل الأول من هذه الأمة،
والعلم بما كانوا عليه من أصول الدين، وقواعده المهمة،
التي أصلها الأصيل، وأسها الأكبر الجليل: معرفة الله بصفات كماله، ونعوت جلاله،
وأن يوصف بما وصف به نفسه، ووصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا تحريف، ومن غير تمثيل ولا تكييف،
وأن يعبدوه وحده لا شريك له، ويكفروا بما سواه من الأنداد والآلهة.
هذا أصل أديان الرسل كافة، وأول دعوتهم وآخرها،
ولب شرائعهم وحقيقة ملتهم؛
وفي بسط هذه الجملة من العلم به وبشرعه ودينه، وصرف الوجوه إليه، ما لا يتسع له هذا الموضوع،
وكل الدين يدور على هذا الأصل، ويتفرع عنه.
ومن طاف البلاد وخبر أحوال الناس، منذ أزمان متطاولة،
عرف انحرافهم عن هذا الأصل الأصيل،
وبعدهم عما جاءت به الرسل من التفريع والتأصيل
، فكل بلد وكل قطر، وكل جهة فيما نعلم، فيها من الآلهة التي عبدت مع الله، بخالص العبادات،
وقصدت من دونه في الرغبات والرهبات،
ما هو معروف مشهور، لا يمكن جحده ولا إنكاره.بل وصل بعضهم إلى أن الدعاء لمعبوده مشاركة في الربوبية بالعطاء والمنع والتدبيرات؛ ومن أنكر ذلك عندهم، فهو خارجي ينكر الكرامات;
وكذلك هم في باب الأسماء والصفات، ورؤساؤهم وأحبارهم، معطلة،
وكذلك يدينون بالإلحاد والتحريفات، وهم يظنون أنهم من أهل التزين والمعرفة باللغات
ثم إذا نظرت إليهم وسبرتهم، في باب فروع العبادات،
رأيتهم قد شرعوا لأنفسهم شريعة، لم تأت بها النبوات
.هذا وصف من يدعي الإسلام منهم، في سائر الجهات.
وأما من كذب بأصل الرسالة، أو أعرض عنها، ولم يرفع بذلك رأسا،
فهؤلاء نوع آخر،
وجنس ثان، ليسوا مما جاءت به الرسل في شيء،
بل هم كما قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ} [سورة الأعراف آية: 179] الآية.
فمن عرف هذا حق المعرفة، وتبين له الأمر على وجهه، عرف حينئذ قدر نعمة الله عليه،
وما اختصه الله تعالى،
إن كان من أهل العلم والإيمان، لا من ذوي الغفلة عن هذا الشأن.
وقد اختصكم الله تعالى من نعمة الإيمان والتوحيد بخالصة،
ومن عليكم بمنة عظيمة صالحة، من بين سائر الأمم وأصناف الناس، في هذه الأزمان،
فأتاح لكم من أحبار هذه الأمة وعلمائهم حبرا جليلا،
وعلما نبيلا، فقيها عارفا بما كان عليه الصدر الأول،
خبيرا بما انحل من عرى الإسلام وتحول.
فتجرد إلى الدعوة إلى الله،
ورد هذا الناس إلى ما كان عليه سلفهم الصالح، في باب العلم والإيمان، وباب العمل الصالح والإحسان، وترك التعلق على غير الله، من الأنبياء والصالحين، وعبادتهم، والاعتقاد في الأحجار والأشجار،
والعيون والمغار، وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال،
وهجر ما أحدثه الخلوف والأغيار؛ فجادل في الله وقرر حججه وبيناته،
وبذل نفسه لله.وأنكر على أصناف بني آدم، الخارجين عما جاءت به الرسل، المعرضين عنه، التاركين له;
وصنف في الرد على من عاند وجادل وماحل؛ وجرى بينهم من الخصومات والمحاربات ما يطول عده، وكثير بينهم يعرف بعضه.
ووازره على ذلك من سبقت له من الله سابقة السعادة، وأقبل على معرفة ما عنده من العلم وأراده، من أسلافك الماضين وآبائك المتقدمين، رحمهم الله رحمة واسعة،
وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خيرا.فما زالوا من ذلك على آثار حميدة، ونعم عديدة، يصنع لهم تعالى من عظيم صنعه وخفي لطفه، ما هداهم به إلى دينه الذي ارتضاه لنفسه، واختص به من شاء كرامته وسعادته من خلقه،
وأظهر لهم من الدولة والصولة ما ظهروا به على كافة العرب،
فلم يزل الأمر في مزيد حتى توفى الله شيخ هذه الدعوة، ووزيره العبد الصالح رحمهما الله تعالى.
ثم حدث فيهم من فتنة الشهوات ما أفسد على الناس الأعمال والإرادات؛
وجرى من العقوبة والتطهير ما يعرفه الفطن الخبير؛ ثم أدرككم من رحمته تعالى وألطافه، ما رد لكم به الكرة بعد الكرة، ونصركم ببركته المرة بعد المرة
، ولله تعالى عليك خاصة نعم لا يحصيها العد والإحصاء، ولا يحيط بها إلا عالم السر والنجوى.
فكم أنقذك من هول وشدة، وكم أظهرك على من ناوأك، مع كثرة العدد منهم والعدة؛ ولم تزل نعمه عليك تترى، وحوله وقوته يرفعك إلى ما ترى، حتى آلت إليك سياسة هذه الشريعة المطهرة؛ وآل إليك ما كان إلى أسلافك ومن قبلهم،
ممن قام بنصر الدين وأظهره.
وقد عرفت ما حدث من الخلوف في الأصول والفروع، وما آل إليه الحال في ترك الأخذ بأحكام المنهج المشروع،
حتى ظهر الطعن في العقائد، وتكلم كل كاره للحق معاند، وصار أمر العلم والعقائد لعبا لكل منافق، وحاسد،
وكتب في الطعن على أهل هذه الملة الرسائل والأوراق، وتكلم في عيبهم وذمهم أهل البغي والشقاق.
وصار أمر العلم والدين ممتهنا عند الأكثرين، من العامة والمتقدمين،
وإقبالهم إنما هو على نيل الحظوظ الدنيوية، والشهوات النفسانية،
وعدم الالتفات والنظر للمصالح الدينية، والواجبات الإسلامية؛
وتفصيل ذلك يعرفه من حاسب نفسه قبل أن يحاسب.
والمؤمن من يعلم أن لهذه الأمور غائلة، وعاقبة ذميمة وخيمة، آخرها الأجل المقدور،
وإلى الله عاقبة الأمور.
فالسعيد من بادر إلى الإقلاع والمتاب،
وخاف سوء الحساب، وعمل بطاعة الله قبل أن يغلق الباب، ويسبل الحجاب.
وفقنا الله وإياكم لقبول أوامره وترك مناهيه وخوف زواجره،
وصلى الله على محمد وآله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى من يراه من المسلمين، وفقهم الله لنصر الإسلام والدين،
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد:
فموجب هذا هو التذكير بآيات الله، والحث على لزوم جماعة المسلمين،
وقد ينتفع بالنصائح من أراد الله هدايته، قال تعالى:: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}
.وأهم ما يبدأ به في التعليم، هو معرفة أصول الدين وقواعد الإسلام،
التي لا يحصل بدونها
، ولا يستقيم بناؤه إلا عليها
لا سيما معرفة ما دلت عليه كلمة التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله، من الإيمان بالله ومعرفته وتوحيده، بإخلاص العبادة بأنواعها له سبحانه،
والبراءة من كل معبود سواه، والقيام بذلك علما وعملا
.فإن هذا هو أصل الدين وقاعدته،
وهو الحكمة التي لأجلها خلقت الخليقة، وشرعت الطريقة،
وأرسلت لأجلها الرسل، وبها أنزلت الكتب؛
وجميع أحكام الأمر والنهي تدور عليها، وترجع إليها.
وقد رأيتم ما حدث في هذا الأصل العظيم من الإضاعة والإهمال، والإعراض عن حقائقه، وواجباته
حتى ظهر الشرك،
وظهرت وسائله وذرائعه، ممن ينتسب إلى الإسلام،
ويزعم أنه من أهله،
وذلك بأسباب.منها:
الجهل بحقيقة ما أمر الله به ورضيه لعباده،
من أصول التوحيد والإسلام، وعدم معرفة ما ينافيه ويناقضه،
أو يضاد الكمال والتمام، من موالاة أعداء الله على اختلاف شعبها ومراتبها.
فمنها:
المكفرات والموبقات،
ومنها ما دون ذلك،
وأكبر ذنب وأضله، وأعظمه منافاة لأصل الإسلام:
نصرة أعداء الله ومعاونتهم، والسعي فيما يظهر به دينهم وما هم عليه من التعطيل والشرك والموبقات العظام.
وكذلك انشراح الصدر لهم،
وطاعتهم والثناء عليهم،
ومدح من دخل تحت أمرهم،
وانضم في سلكهم،
وكذلك ترك جهادهم، ومسالمتهم وعقد الأخوة والطاعة لهم،
وما هو دون ذلك، من تكثير سوادهم، ومساكنتهم ومجامعتهم.
ويلتحق بالقسم الأول: حضور المجالس المشتملة على رد أحكام الله وأحكام رسوله، والحكم بقانون الإفرنج والنصارى والمعطلة، ومشاهدة الاستهزاء بأحكام الإسلام وأهله؛ ومن في قلبه أدنى غيرة لله، وتعظيم له، يأنف ويشمئز من هذه القبائح، ومجامعة أهلها ومساكنتهم، ولكن:..
. ... ما لجرح بميت إيلام
فليتق الله عبد يؤمن بالله واليوم الآخر، وليجتهد فيما يحفظ إيمانه وتوحيده،
قبل أن يزل القدم، فلا ينفع حينئذ الأسف والندم.
ومن أهم المقاصد الشرعية، والمطالب العلية:
جهاد أعداء الله ومن صدف عن دينه الذي ارتضاه؛ وقد أوجب الله سبحانه الجهاد في سبيله، وأكده ورغلاب فيه، ووعد أهله بما أعد لأوليائه وأهل طاعته، من مرضاته وكرامته، ومجاورته في دار النعيم.
قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [سورة الصف آية: 10 - 14] إلى آخر السورة.
فانظر إلى ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من لطافة الخطاب،
والإرشاد إلى مناهج الهداية والصواب،
وما رتب على ذلك من غاية الفوز ومنتهى السعادة،
وما فيهما من البشارة بكل فلاح ونجاح، في العاجل والآجل.
وانظر كيف ختم السورة بأمر عباده المؤمنين أن يكونوا أنصارا له،
وأن يقتدوا بمن سلف من الصالحين؛ وانظر إلى ما حكم به من إيمان من نصره وقام بما أمر به
.وتأمل كفر الطائفة المعرضة عن طاعة رسله والجهاد في سبيله؛
وتأمل ما وعد به عباده من النصر والظهور، على من خالفهم وخذلهم،
وكذا قوله تعالى:: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سورة التوبة آية: 111] .وقال تعالى:: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [سورة التوبة آية: 123] .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض
، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من النفاق .
فاغتنموا رحمكم الله حضور المشاهد التي يترتب عليها إعلاء كلمة الله، ونصر دينه ورسوله، ومراغمة أعدائه،
فإن هذه المشاهد من الموجبات للرحمة والمغفرة والسعادة الأبدية وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
.وإذا هم العدو على بلاد الإسلام، صار الجهاد فرض عين فأجمعوا أمركم على جهاد عدوكم، لابتغاء مرضاة ربكم، وأطيعوا ذا أمركم، وأخلصوا النية، وأصلحوا الطوية، فإنما لكل امرئ ما نوى.واتقوا الله عباد الله، وراقبوه مراقبة من يعلم أنه يسمعه ويراه
فقد رأيتم ما بلغ من مكائد الشيطان، وتفريق كلمة أهل الإيمان، حتى انسلخ الأكثر من الدين، ولحق فئام من المسلمين بأعداء الملة والدين.نسأل الله لنا ولكم العافية، والثبات على دينه الذي ارتضاه لنفسه، وارتضاه لعباده، وصلى الله على محمد.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان
الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن
رحم الله الشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن وجزاك الله خيرا اخى واستاذى ابوسفيان
وننتظر المزيد من هذه الرسائل القيمة المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف
ننتظر المزيد من هذه الرسائل القيمة المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى أحد المشائخ يوصيه بتقوى الله وتدبر كتابه
[ولعله الشيخ حمد بن عتيق]
بسم الله الرحمن الرحيم إلى المحب الأديب، اللوذعي النبيل الأريب، الشيخ العلامة، والفاضل الفهامة أسعده الله بالتوفيق، وسلك به أقوم منهج وطريق، وجعله من أهل الفضل والتحقيق.سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سلام نسجته المحبة على منوال الأشواق، وسطرته المودة بسواد مداد الأحداق، وتحيات تلعب بالعقول ما لعبت بالثمول.وبعد: فإني بأيدي الابتهاج أخذت كتابكم الكريم، وحصل لي به من السرور ما الله به عليم، حيث احتوى على حسن أنباء طاب مسموعها; وإن سألتم عن محبتكم على البعاد، فيحمد الله تعالى ويثنى بنعمه عليه،
، نسأل الله تعالى الثبات على ذلك والهداية والقيام بحقوقه فهو رأس العناية.
فإنا والله في زمان قد عميت فيه القلوب،
وتنوعت فيه الهموم والكروب،
وامتحن الناس فيه بما أزالهم عما كانوا عليه، وصدهم عن حقيقة ما خلقوا له ودعوا إليه.
فالذي أوصيك به أخي:
تقوى الله تعالى، وتدبر كتابه الذي جعله تبيانا لكل شيء، ومعرفة دينه الذي بعث به رسله، وأنزل به كتبه،
وهو: إخلاص العبادة بجميع أنواعها لله وحده، ونفي الشرك في العبادة، والبراءة منه وممن فعله ورضيه، ولزوم طاعته بإقامة فرائضه وترك معاصيه، فإن من وفق لذلك نال أسباب السعادة والفلاح،
لأن هذا هو حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله،
وهو أصل دين الإسلام، وقاعدته المستلزمة إفراد الله تعالى بالمحبة.
ومن أيقن بلقاء الله تعالى، وأنه سائله عن كلمتين يسأل عنهما الأولون والآخرون:
ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين;
فواجب عليه طلب معرفة معبوده،
والطريق الموصل إليه.
فليكن هذا الأصل الأصيل، أهم الأمور عندك،
ومن استقر هذا في قلبه،
علم أن الله هو المستحق أن يعبد، خوفا وحبا، ورجاء وإجلالا،
ولم يبق في قلبه محبة لأعدائه ولا موالاة،
لأن المحبة أصل كل عمل من حق وباطل.
فأصل الأعمال الدينية:
حب الله ورسوله، وحب من أحبهما وبغض من عاداهما؛
وأصل الأقوال الدينية:
تصديق الله ورسوله والعمل بما أمر الله به ورسوله،
فلا تصلح الأعمال والأقوال إلا بذلك.وهل حصل الخلل، ووقع الخطأ والزلل، إلا بإهمال هذا الأصل، والوقوف مع الأغراض الدنيوية، والشهوات النفسانية.
ولا تغتر أخي بعلماء السوء الذين لم يعرفوا عن معنى لا إله إلا الله، إلا ما عرفته غلاة المرجئة والأشاعرة،
حتى ملؤوا الأرض، بمصنفات ملئت بالعقارب والحيات، صرفوا بها العوام عن كتاب الله وسنة رسوله.[ سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة كتبه ابوسفيان]
فعليك بالتمسك بكتاب الله الذي هو النور والهدى، وهو الدواء النافع للقلوب والشفاء، وخذ معاني ذلك من كتب علماء الإسلام، ومصابيح الظلام، من سلف هذه الأمة وأئمتها، أهل القرون المفضلة ومن بعدهم، كالشيخ ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، ومن هو على منهاجهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على محمد، وآله وصحبه وسلم
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى محمد بن عمر بن سليم يقره بأسباب ما حدث للإسلام]
:بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الابن المكرم المحب المفهم، محمد بن عمر بن سليم، سلك الله به الصراط المستقيم، ومنَّ عليه بمخالفة أصحاب الجحيم، ورفع درجته في جنات النعيم. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما تعاقبت غدوات الدهر، وروحاته، سلام ألذ من نسيم الصبا، وأبهى من رونق الصبا.وموجب الخط: إبلاغ السلام والتحية، وتفقد تلك الشمائل المرضية، لا زالت محروسة بعين العناية الربانية. والخط وصل، لا زلت موصولا بنفحات القرب والمحبوبية، محفوظا بالألطاف الخفية والجلية، وسرنا ما أفاده من الأخبار السارة عن تلك الذات، أدام الله سرورها، ورد أيام أنسها وحبورها؛ وصار له عند المحب موقع كريم، بما تضمن من الدعوات والنصائح؛ جعلك الله ممن يدرأ القبائح والفضائح، ويعمل بالحق ويوصي باتباعه، ويبثه في إخوانه وأشياعه وما أشرت إليه من أسباب ما حدث بالإسلام وأهله، وأنه من عقوبات الذنوب، فنعم هو ذلك، كما أخبر به سبحانه وتعالى في كتابه المبين، على لسان نبيه الأمين، وهذا المشهد يوجب للعبد من التوبة والإنابة، وتدارك ما فرط من الشر وأسبابه، ما يطهره من دنس الذنوب والعيوب
ويستقيل به عثراته وهفواته بين يدي علام الغيوب.وفوقه مشهد أكبر منه وأجل، وهو مشهد الأسماء الحسنى، والصفات العلى، فيشهد عزته، ولطفه ورحمته وعفوه، وقيوميته، وجبروته وانتقامه، وما يبدي ويعيد، وما يقدر ويريد.وهذا المشهد من أجل مشاهد التوحيد، ومنه يطلع العبد على أسرار القدر والقضاء، ويدرك به من حقائق الإيمان ونفحات الرضى، ما يتبوأ به منازل الصديقين، ويرى الحوادث الكونية قبل وقوعها، من وراء ستر رقيق؛ فنسأل الله أن يجعل لكم ولنا نصيبا وافرا، وحظا كاملا من العلم به، وحسن عبادته ومعاملته، وأن لا يجعلنا ممن اتبع هواه وكان أمره فرطا.وما ذكرته من الوصايا النافعة باجتماع المسلمين، ولم شعثهم، فنسأل الله التوفيق لذلك، والإعانة على ما هنالك، والأمور بيد فاطر السماوات والأرض، والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن؛ وقد وصل الأمر إلى غاية لا يصل إليها الوعظ والقرآن، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، والعذر عن المكاتبة مقبول، والقلوب شواهد عدول.والدعاء للإخوان بظهر مبذول، فلا تنس أخاك في أوقات المناجاة، وساعات التوجهات، وعليك بالإلحاح في الدعاء، بظهور الإسلام ونصره، وإعلاء كلمة الله، ودحض الباطل وأهله. والله أسأل أن يمن علينا بالاجتماع على حال يرضاها، متمسكين من التقوى بأقوى حبالها وعراها، وأن يعيد أوقاتا سلفت بمذاكرة العلم الشريف.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى محمد بن عمر بن سليم يخبره فيها بحال والده وشرحه لكتاب الكبائر]
:بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ محمد بن عمر بن سليم، سلمه الله تعالى وتولاه، وأسعده بالإيمان به وتقواه، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: فنحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على نعمه، والخطوط وصلت، وصلك الله ما يرضيه، وجعلك ممن يخافه ويتقيه. وقد سرني سلامتك وعافيتك، جعلنا الله وإياك من أهل العافية في الدنيا والآخرة. والمحب لم ينس عهدكم، ولم يؤخر جواب خطكم عن ريبة جفاء، أو تغير مودة وصفاء؛ كيف ولكم من المنْزلة والتكريم، ما يشهد به كل مصاحب وحميم، لكن الأمور بأوقاتها منوطة، وبآجالها مربوطة، والمرء غالبا يؤتى من قبل التسويف، والسماحة خلق جليل شريف، وما أحسن ما قيل:وما الود إدمان الزيارة من ضر ... ولكن على ما في القلوب المعولوالمحب والشيخ الوالد على ما تظنون، من القيام بحقكم، ومراعاة غيبتكم عند الإمام وابنه، ولا نذخر الذب والحماية ما استطعنا. وما أشرت إليه من جهة شرح كتاب الكبائر، فقد هممت به وسودت منه ما تيسر، ونسأل الله أن يمن بالإتمام، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك، وهو على كل شيء قدير، فإن حصل المقصود نسخنا لكم نسخة، إن شاء الله.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى سهل بن عبد الله يذكر له وصية من الشيخ محمد بن عبد الوهاب]
:بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى سهل بن عبد الله، سلمه الله وسهل أمره، وشرح لدينه صدره، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، على جزيل نعمه ووافر عطائه. والخطوط وصلت وسرت، وقرت، حيث أشعرت وأخبرت بسلامة المحب وطيبه،
وعمارة الأوقات بالقراءة في كتب الأصول، والصحاح والتفاسير،
وأن الإخوان في ازدياد،
وأن الأشرار والأضداد في انقماع وانقباض.
فالحمد لله وحده، والشكر على نصر دينه وإظهار حجته،
والله المسؤول أن يمن علينا وعليكم بالثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأن يوزعنا شكر نعمه وحسن عبادته.وتطلب الفائدة، وأرشدك إلى التأمل في قوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} الآية.
فاحذروا معاشر القراء، وأخلصوا العمل لوجهه الكريم الأعلى
وقد حدثني بعض الثقات أنه اجتمع ببعض الأفاضل من أولاد الشيخ محمد بمكة سنة 1230 هـ قال
: فشيعته لما أراد الذهاب إلى وطنه، وسألته الوصية. فقال لي - وقد ثنى رجله على رحله - تأمل قوله تعالى:: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ} إلى قوله:: {إلاّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سورة يونس آية: 61 –62]
ثم ودعني واستقلت به راحلته.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى محمد آل سليم يذكره بالوصية الجامعة]
:بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ محمد بن عمر آل سليم، سلمه الله، وسلك به صراطه المستقيم، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، على نعمه ومزيد إحسانه وكرمه، جعلنا الله وإياكم من عباده الشاكرين، وأحبابه التائبين؛ وحرر هذا لإبلاغ السلام والتحية، وتذكر تلك العهود السالفة المرضية، وتعاهد الأخوة الدينية الشرعية؛ جعلنا الله وإياكم ممن رعاها حق رعايتها، وحفظها في ذات الله وما ضيعها.
والوصية الجامعة:
لزوم التقوى من حيث كنت، مع النظر في حقيقتها، وما اشتملت عليه من أعمال القلوب والجوارح، وتوقفها على العلم، ومعرفة حدود ما أنزل الله على رسوله،
من باب توقف اللازم التقوى على الملزوم،
والسبب على سببه.والجملة شرحها يطول،
ولكن الإشارة كافية،
وهي عند اللبيب تقوم مقام العبارة الوافية.
هذا ومن حق الإخوة ملازمة الدعاء بظهر الغيب، والظن بك عدم الإهمال.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى محمد آل سليم يذكره بما عليه الغالب من عدم المعرفة للدين]
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ المكرم: محمد بن عمر آل سليم، سلك الله بنا وبه صراطه المستقيم، ووفقنا بمنة لمخالفة أصحاب الجحيم، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، على ما أولاه من إنعامه، وما ألبسه من ملابس إكرامه، جعلنا الله وإياكم ممن عرف نعمة الله عليه، واستعملها فيما يقرب إليه; والخط وصل وصلك الله بالرضى، وقد سرنا ما أفاده من سلامة الحال، واعتدال الأوقات، لا زالت أحوالا محروسة، وأوقاتا بذكر الله معمورة مأنوسة.
وما أشرت إليه من قسوة القلوب، وكثرة الذنوب، وانصراف الخلق عما خلقوا له، فنعم؛ قد عم بذلك المصاب، واستحكم الداء وعز الدواء، إلا أن يمن الله على من يشاء من عباده، بالهداية والشفاء; واشتداد الغربة، واستحكام الشدة والكربة، قد وجد منذ أزمان، والشأن في هذا الزمان في نفس الوجود.
فإن غالب الأماكن والقرى والبلدان، لا يعرف فيها للدين حقيقة ولا اسم،
ولا يهتدون سبيلا إلى ما جاءت به الرسل، ولا سيما والإسلام عندهم، هو ما نشؤوا عليه، وتلقوه عن أسلافهم في باب معرفة الله، ومعرفة حقه، وباب معرفة حكمه وشرعه.
فالأول:
حقيقته عندهم هو التعطيل المحض;
والثاني:
خلاصته ولبه فيما بينهم هو التعلق على عباده، وجعلهم شركاء له;
والثالث:
جردوا فيه متابعة الأشياخ والآباء، عما جاءت به الرسل والأنبياء.وهذا هو عين العكس وقلب الحقائق، فاجتهد في الخلاص من شبكات تلك المهالك والمضائق، بلزوم السنة والكتاب، والسلوك على أثر الآل والأصحاب، ومن تبعهم من ذوي الألباب، واجتهد في التضرع إلى الله في الإعانة على ذكره وشكره وحسن عبادته، ولا تنسنا من صالح دعائك
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى حمد بن عبد العزيز يلزمه بالدعوة إلى الله ويقوي عزمه]
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ المحب: حمد بن عبد العزيز، سلمه الله تعالى وتولاه، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وموجب الخط: إبلاغ السلام والتحية، والسؤال عن أخلاقك المحمية، سلك الله بها منهج الطريقة المحمدية; ولا يخفاك أيها الأخ حال أهل الزمان، وغربة الإسلام، وندرة الإيمان بينهم؛ وقد ابتلوا بما رأيت من الفتن والمحن، والتقاطع والتدابر والبغضاء، وصاروا أشتاتا بعد أن كانوا مجتمعين، وشيعا بعد ما كانوا عليه من الإسلام متعصبين.ونسي العلم والتوحيد، وأقفرت الديار من الناصح الرشيد، وهدم الإسلام، وخلت الديار من ذوي العلم والإفهام،
ولا شيء أقرب إلى الله وسيلة، وأرجى من الخيرات فضيلة، من الدعوة إلى سبيله، وإرشاد عبيده، وردهم إلى الله وتعلم دينه وتوحيده. وقد أهّلك الله - وله الحمد والمنة - لذلك، ووضع لك القبول فيما هنالك، وقد أجمع الرأي والمشورة على إلزامك بالدعوة إلى الله، والتذكير بدينه، وتنبيه عبيده على أصل دينهم، وما يجب فيه وعلى ما يضاده وينافيه، من المكفرات والشركيات، وتعطيل الشرائع والنبوات؛
فاغتنم أخي ذلك المشهد، وسارع إليه فإن الجزاء خطير، والثواب كبير شهير. وهذا خط الإمام عبد الرحمن وأصلك فلا تجاوب بلا ولن، فإنها داعية الهم والحزن، ولولا أني أخشى على النفس من كثير من أهل نجد، لتجشمت القيام بذلك، ولوجدتني حول المياه وبين المسالك، وإلى الله المشتكى من عدم المعين والنصير، وغلبة الجهال والكثير.نسأل الله العون على مرضاته وذكره وشكره، وأن يجعلنا من الدعاة إلى سبيله، قال بعضهم في تفسير قوله تعالى، عن المسيح عليه السلام:: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ} [سورة مريم آية: 31] ،
أي: مذكرا بالله داعيا إلى سبيله، والسلام
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى خالد بن إبراهيم، ومحمد بن عيسى، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.ومن جهة الفائدة،
فأجل الفوائد وأشرفها، ما دل عليه الكتاب العزيز، من معرفة الله بصفات كماله، ونعوت جلاله، وآياته ومخلوقاته، ومعرفة ما يترتب على ذلك من عبادته وطاعته، وتعظيم أمره ونهيه؛ وأدلة ذلك مبسوطة في كتاب الله، وأكثر الناس ضل عن هذين الأصلين، مع أنهما زبدة الرسالة، ومقصد النبوة، ومدار الأحكام عليها. والعجب كل العجب أن حفظة القرآن، وحملة الأحاديث والآثار، ضلوا عما هو محفوظ في صدورهم، متلو بألسنتهم، وطلبوا العلم من غيره فضلوا وأضلوا; فعليكم بطلب العلم النافع، لا سيما ما يسأل عنه العبد في قبره: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ اعرفوا تفاصيل هذا، ومعنى الرب في هذا المحل، وتفقهوا في هذه الأصول، قبل أن تزل قدم وتزول.وأما الفرق، بين المداراة والمداهنة: فالمداهنة ترك ما يجب لله من الغيرة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتغافل عن ذلك، لغرض دنيوي، وهوى نفساني، كما في حديث: أن من كان قبلكم كانوا إذا فعلت فيهم الخطيئة أنكروها ظاهرا، ثم أصبحوا من الغد يجالسون أهلها، ويواكلونهم، ويشاربونهم، كأن لم يفعلوا شيئا بالأمس فالاستئناس والمعاشرة، مع القدرة على الإنكار، هي عين المداهنة، شعرا:وثمود لو لم يداهنوا في ربهم ... لم تدم ناقتهم بسيف قداروأما المداراة، فهي: درء شر المفسد بالقول اللين، وترك الغلظة، أو الإعراض عنه إذا خيف شره، وحصول شيء منه أكبر مما هو ملابس; وفي الحديث: شركم من اتقاه الناس خشية فحشهوعن عائشة رضي الله عنها: أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: بئس أخو العشيرة هو. فلما دخل ألان له الكلام، فقالت عائشة: قلت فيه يا رسول الله ما قلت، فقال: إن الله يبغض الفحش والتفحش والمسألة تحتاج لبسط; وأنتم تفكروا وتدبروا كلام العلماء، من أوله وآخره، مرة بعد مرة، الله الله; والسلام.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى بعض الإخوان يوصيهم بتقوى الله ويحثهم على الصبر على مقام الدعوة]
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الإخوان المكرمين: محمد بن علي، وإبراهيم بن مرشد، وإبراهيم بن راشد، وعثمان بن مرشد، سلمهم الله تعالى وعافاهم، وأصلح بالهم وتولاهم، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: فنحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، على نعمه وأقداره وحكمه؛ والله المسؤول أن يمن علينا وعليكم عند الوحشة بذكره، والأنس بمجالسته، وعند ذهاب الإخوان بروح منه وسلطان.والذي أوصيكم به تقوى الله، ومعرفة تفاصيل ذلك على القلوب والجوارح، ومعرفة الأحكام الشرعية الدينية، عند تغير الزمان وكثرة الفتن، وظهور الهرج، وقد ورد أن الله يحب البصر النافذ عند ورود الفتن والشبهات، والعقل الراجح عند منازعة الشهوات واستحضاره، عند ذكر الفتن والملاحم; وذكر ابن رجب رحمه الله في رسالته: "كشف الكربة في فضل الغربة" ما يسلي المؤمن ويعزيه. وذكر ابن القيم رحمه الله في المدارج جملة صالحة; وفي الأثر: العبادة في الهرج، كهجرة إليَّ 1، وفي حديث الغرباء: للعامل منهم أجر خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 2.والذي أرى لكم في هذه الخلطة: الصبر على مقام الدعوة، والتلطف بإبلاغ عن نبيكم؛ وهذا مع القدرة وأمن الفتنة، أفضل من العزلة؛ والإقلال من مخالطة الناس لمن أمكنه أسلم: وإني لأود أن أكون مثل أحدكم في هذا الزمان، ولكني ابتليت بالناس، وحيل بيني وبين ذلك; والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله; وصلى الله على محمد.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى بعض الإخوان يوصيهم بميراث النبوة]
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الإخوان المكرمين: إبراهيم بن راشد، وإبراهيم بن مرشد، وعثمان بن مرشد، سلمهم الله تعالى وتولاهم في الدنيا والآخرة، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: فأحمد إليكم الله على سوابغ إنعامه، ومزيد إحسانه وإكرامه؛ جعلنا الله وإياكم ممن عرف قدر نعمة الله عليه، واستعملها فيما يقربه إليه. كم بما أوصيتمونا به، ونزيدكم الوصية بميراث نبيكم والرغبة فيه، والمذاكرة في كل أوقاتكم، فإنكم في زمان قبض فيه العلم، وفشا الجهل، وعدمت الحقائق الدينية؛
وإنما هي عادات ورسوم ينتحلها أكثر الخلق.أما الخيام فإنها كخيامهم وأرى نساء الحي غير نسائها
وبلغوا سلامنا إخوانكم، ولا تغفلوا بصالح الدعوات في هذه الليالي المباركات. جعلنا الله وإياكم من الفائزين بالقبول والرضا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى عبد الله الدوسري يوصيه بلزوم الكتاب والسنة]
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ عبد الله بن عبد العزيز الدوسري، وفقه الله لما يحبه ويرضاه، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على نعمه، جعلنا الله وإياك شاكرين; والخط وصل بما تضمن من الوصية، وفقنا الله وإياك لقبول الوصايا الشرعية، وأعاذنا من سيئات الأعمال الكسبية.وأوصيك بما أوصيتني به، وبلزوم الكتاب والسنة، والرغبة فيهما؛ فإن أكثر الناس نبذوهما ظهرا، وزهدوا فيما تضمناه من العلم والعمل، اللهم إلا أن يوافق الهوى، واذكر قوله صلى الله عليه وسلم لحذيفة، لما سألة عن الفتن، قال: إقرأ كتاب الله واعمل بما فيه كررها ثلاثا.والحكمة - والله أعلم - شدة الحاجة وقت الفتن، وخوف الفتنة والتقلب، وأكثر الناس من أهل نجد وغيرهم، ليسوا على شيء في هذه الأزمان،
والمؤمن من اشترى نفسه، ورغب فيما أعرض عنه الجهال والمترفون؛ نسأل الله لنا ولكم الثبات والعفو والعافية.ولا تذخر المذاكرة فيما ابتلي به الناس، من فتنة العساكر ومن والاهم، فإن هذا من أعظم ما دهم الإسلام وأهله، ومن أسباب محو الدين والإيمان وهدم قواعده، ومن أفضل الأعمال:
القيام لله عند ذلك على بصيرة، والدعوة إلى سبيله، والسلام.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[ما كتبه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى بعض الولاة بسبب أنه توسم به محبة الخير وقبولا للنصيحة]
بسم الله الرحمن الرحيم كتب الشيخ: عبد اللطيف بن عبد الرحمن، أدام الله إفادته، إلى بعض الولاة، بسبب أنه توسم به محبة الخير وقبولا للنصيحة ما صورته حفظه الله من طوائف الشيطان، ووفقه للعلم والإيمان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ونحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، على ما أسبغ علينا من جزيل نعمائه; واعلم أنه إنما حملني على مكاتبتك،
وابتدائك بالخطاب، ما بلغني عنك من الميل إلى الإسلام والسنة، ومحبة أهله ونصرتهم؛ وهذا من أجل النعم، وأفضل العطايا الإلهية، والمنح الربانية،
وأنت في مكان وزمان قل خيره، وكثر شره، وقبض فيه العلم، وفشا الجهل، وكثر الجدال والمراء، وتطاول أهل البدع والأهواء.
فإن من الله عليك بقبول الإسلام والسنة، ونصرتها ومحبة أهلها، والقيام بما أمر الله به من أداء الواجبات، وترك الفواحش والمنكرات، رجوت لك الظهور والنصر، والإقبال في الدنيا والآخرة؛
وربما كثر لديك محب الدين والقائم به، واستأنس بك أهل الخير، وصرت حصنا ومعقلا يرجع إليه في نصرة الدين.
ولعمر الله إن هذا من أفضل شعب الإيمان الواجبة، وأعلاها وأحبها إلى الله وأسناها، بل هو أفضل من نوافل العبادة القاصرة،
وأين تقع النوافل؟ ومتى ينتفع بها من أهل نصرة الإسلام والسنة، مع القدرة على ذلك؟!
وهل يرجى الخير من رجل يرى حرمات الله تنتهك، ودينه يمتهن، وسنة نبيه تترك وتطرح، ولا يجد من نفسه حمية ولا غيرة، ولا أنفة من ترك دين الله، ومن معصيته وهجو ما جاء به رسوله، من توحيد الله تعالى والإيمان به؟
هذا الصنف لا يرجى خيره، وإن زعم أنه من عباده المؤمنين الأفراد،
فتأمل هذا وليكن منك على بال،
قول الشاعر:
قد رشحوك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الشيخ مسفر بن عبد الرحمن يحثه على الاجتهاد في الدعوة إلى الملة الحنيفية]
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ المكرم الشيخ: مسفر بن عبد الرحمن، لا زالت أيامه تسفر بالسعادة، وأوقاته معمورة بالإفادة، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، على جزيل نعمه ومزيد فضله وكرمه، جعلنا الله وإياكم ممن عرف النعمة لمعطيها، وأثنى بها على مسديها وموليها. والخط وصل وبه الإنس حصل؛ حيث أفاد بسلامتكم وعافيتكم، ودعوتكم من لديكم إلى الملة الحنيفية، والشريعة المحمدية،
فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.وعليك بالجد والاجتهاد في تلك المقامات، فإن غربة الدين قد اشتدت، وآثاره طمست وعفت؛ والقائم لله بهذا الدين، أجره كأجر خمسين من السابقين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
[رسالة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى محمد آل سليم يخبره بحاجة الناس إلى مثله ويحثه على نشر العلم]
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ المكرم: محمد بن عمر آل سليم، سلمه الله تعالى وأسبغ عليه سوابغ فضله العميم، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: فلا يخفاك حاجة الناس إلى تعليم مثلك، وتدريسه وإفتائة،
وقد يتعين الأمر على أمثالكم. ونشر العلم، والحكم بالقسط والعدل، في مواطن القضاء،
من أفضل الأعمال، ومن موجبات الإثابة والرضى.
وقد أذنت لك بالإقراء والتدريس والإفتاء، بما ترجح عندك من كلام أهل العلم، بشرط أن يكون لك فيه سلف صالح من مشائخ الإسلام، وأئمة الهدى، ونسأل الله لك التوفيق والتسديد
وملازمة التقوى من أعظم الأسباب التي تحصل بها الهداية، وتدرك بها الإصابة، ويظهر بها الحق،
قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [سورة الطلاق آية: 2] ،
وهي وصية الله إلى عباده،
لكنها تحتاج إلى العلم بأصولها وتفاصيلها، على القلوب والجوارح.
وأوصيك بالدعاء لأخيك، فإنه من أرجى الأدعية إجابة سؤال لأخيه المؤمن، في ظهر الغيب، والسلام.[ الدرر السنية فى الاجوبة النجدية - المجلد الرابع عشر]
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان
الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن
جزاك الله خيرا اخى ابوسفيان
لإتمام الفائدة هذه رسائل الابن البار
عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، رحمهم الله تعالى
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
قال الشيخ: عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن،
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين:إلى من بلغه هذا الكتاب، من إخواننا المسلمين، وفقنا الله وإياهم لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وأصلح لنا ولهم الأقوال والأعمال، والنيات، سلام عليكم، ورحمة الله وبركاته.أما بعد، فقد قال الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الذاريات آية: 55] .وقال تعالى: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} [سورة الأعلى آية: 10] .وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [سورة الأعراف آية: 164] .وأنفع الوصايا والنصائح لمن قبلها، وعرف تفاصيلها، ما وصى الله به الأولين والآخرين، بقوله: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [سورة النساء آية: 131] .وأصل التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين النار وقاية تقيه منها، بفعل ما أمر الله به، واجتناب ما نهاه الله عنه، ومعرفة ذلك علما وعملا.وأيضا: تذكيركم بما من الله به عليكم من نعمة الإسلام، وما اختصكم به من الانتساب إليه في هذه الأزمان التي تشبه أزمان الفترات، لقلة من يعرف الإسلام على الحقيقة، ويلتزم مبانيه، ويعرف حدوده وحقوقه، وفرائضه ومكملاته.وأكثر الناس قد غلب عليه الجهل بهذا، ورغب عن تعلمه وتعليمه، حتى جهلت حقيقة دين الإسلام الذي كان علية النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، كما أخبر صلى الله عليه وسلم بقوله: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة. قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي.ولا صلاح للعباد في معاشهم ومعادهم، إلا بمعرفة ما خلقوا له من توحيد ربهم الذي بعث به رسله، وأنزل به كتبه، وقبوله وإيثاره والعمل به، ومحبته واستفراغ الوسع في ذلك علما وعملا، والدعوة إليه، والرغبة فيه؛ وأن يكون ذلك أكبر هم الإنسان، ومبلغ علمه، ليحصل له بذلك النجاة في الدنيا والآخرة وقد علمتم ما وقع من العقوبات بسبب التفريط إلى شكر هذه النعمة، والتهاون بها، وعدم الرغبة فيها.وقد ذم الله تعالى في كتابه أهل الغفلة والإعراض عن ذكره، بقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [سورة طه آية: 124] .وقد أراكم الله من آياته ما فيه عظة للمتعظين، وعبرة للمعتبرين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [سورة المائدة آية: 11] .وقال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [سورة إبراهيم آية: 7] . فاشكروا الله تعالى بامتثال أمره، واجتناب نهيه، ولا تعدوا حدوده.واعلموا: أن كل شر في الدنيا والآخرة، فسببه الذنوب والمعاصي، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [سورة الشورى آية: 30] .وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [سورة الروم آية: 41] .وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [سورة الرعد آية: 11] .وكلما أحدث الناس شرا وفجورا، أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل، في أغذيتهم وأهويتهم وفواكهم ومياههم، وأبدانهم وخلقهم وصورهم، ما هو موجب أعمالهم وفجورهم، ولا يظلم ربك أحدا. وقد علمتم ما وقع من الخلل بترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والغفلة عن ذلك، وعدم الإحساس به، وذلك مما يوجب حلول العقوبات، كما قيل: إذا كثر الإمساس قل الإحساس، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة آل عمران آية: 104] ، قال بعض العلماء: فروض الكفاية أشد على الناس من فروض العين، لأن فرض العين تخص عقوبته، وفرض الكفاية تعم عقوبته كل من كان له قدرة.وقد ابتلاكم الله، لتذكروا وتنيبوا، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [سورة الأعراف آية: 94] .وأخبر تعالى عن الأمم الماضية الذين أرسل إليهم الأنبياء، أنه أخذهم بالبأساء والضراء، يعني بالبأساء هو ما يصيبهم في أبدانهم من الأمراض والأسقام، والضراء هو ما يصيبهم من فقر وحاجة، ونحو ذلك، لعلهم يتضرعون وينيبون.وأعظم التوبة والإنابة القيام بالوظائف الدينية، وأعظمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [سورة المائدة آية: 78] .والمعاصي مذهبة للنعم، موجبة لحلول النقم.وأعظم المعاصي: ترك الصلاة، قال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [سورة مريم آية: 59] . ومن الناس من يترك حضورها في الجماعة، ويظن في نفسه أنه قد أدى فريضة على الوجه المطلوب، وهيهات هيهات.قال بعض السلف، على قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ} [سورة مريم آية: 59] : والله ما تركوها، ولو تركوها لكانوا كفارا.وعن عبد الله بن عمرو مرفوعا: أنه ذكر الصلاة، فقال: من حافظ عليها وحفظها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة يوم القيامة، وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف .وفي الحديث: من ترك الصلاة متعمدا برئت منه ذمة الله ورسوله . وفي حديث آخر: من أخرها عن وقتها من غير عذر.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا ظهرت المعاصي في أمة، عمهم الله بعذاب من عنده
وعن ابن مسعود رضي الله عنه:
إذا ظهر الزنا والربا في قرية، أذن الله بهلاكها،
وفي حديث: ما من قوم يظهر فيهم الزنى إلا أخذوا بالفناء.وفيه أيضا: لن تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا ظهرت فيهم الطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم . وفي حديث: يلبس الزاني درعا من نار، لو أن حلقة منه وقعت على جبل من جبال الدنيا لذاب.فاطلبوا رضى الله تعالى، وتوبوا إليه جميعا أيها المؤمنون، واغضبوا لغضبه، وقوموا بعزيمة صادقة، ونية صالحة، ولا تأخذكم في الله لومة لائم.واحذروا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن بني إسرائيل: أنه إذا عمل العامل منهم بالخطيئة، جاءه الناهي فنهاه تعذيرا، فإذا كان الغد، جالسه وواكله وشاربه، كأنه لم يره على خطيئة بالأمس. فلما رأى الله ذلك منهم، ضرب قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على ألسنة أنبيائهم داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون.والذي نفس محمد بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض.وفي بعض الآثار: أن الله أوحى إلى يوشع بن نون: إني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم، وستين ألفا من شرارهم، قال يا رب: هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟
فقال: إنهم لم يغضبوا لغضبي. وفي أثر آخر: أن الله أوحى إلى ملك من الملائكة، أن اخسف بقرية كذا وكذا، قال: يا رب! إن فيهم فلانا العابد، قال: به فابدأ، فإنه لم يتمعر وجهه فيّ يوما قط.ومن أعظم ما ظهر بين الناس بسبب غربة الدين، والمحنة التي أصابت المسلمين: كثرة التلاعن والتقاذف، وهو من الكبائر; كان السلف يؤدبون الصغار على أقل من ذلك; قال إبراهيم النخعي، وهو في زمن التابعين: كانوا يضربوننا على الشهادة، والعهد، ونحن صغار.وعن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا: إن العبد إذا لعن شيئا، صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتأخذ يمنة ويسرة، فإذا لم تجد مساغا، رجعت إلى قائلها . وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن امرأة لعنت ناقتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصحبنا ناقة عليها لعنة.وعن ثابت بن الضحاك، رضي الله عنه مرفوعا: لعن المؤمن كقتله 2، وعن أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا: لا يرمي رجل رجلا بالفسق أو الكفر إلا ردت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك 3 وعن مرة مرفوعا: لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار. ومن قذف رجلا بالزنى، فعليه الحد في ذلك فاحذروا شر اللسان، وورطاته. سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم 1.وكذلك ما حدث من المفاخرة، والخيلاء، والإسبال في الثياب، والسرف في الأكمام وجرها، التي أحدثها في القديم أهل الفخر والخيلاء من الأمراء، وسموه أمير الإخراج وهذا من الكبائر.وقال تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} [سورة الإسراء آية: 37] . وفي الحديث: من جر إزاره خيلاء، لم ينظرالله إليه يوم القيامة . وفي الحديث: بينما رجل يتبختر في برديه، وينظر في عطفيه، إذ نظر الله إليه، فخسف الله به 3.فالواجب علينا وعليكم التوبة إلى الله، والقيام بحقه، والتعاون على البر والتقوى، وقد أعطاكم الله - سبحانه وبحمده - من نعمه، وصرف عنكم كيد عدوكم، ورد لكم الكرة، وولى عليكم من همته في هذا الدين، ومحبته له ودعوته إليه. جعلنا الله وإياكم وإياهم ممن قام بالحق، وقال الصدق، وعمل لله بما يحب، وجاهد في الله حق جهاده. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
رسالة الشيخ: عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد اللطيف، إلى كافة الإخوة، سلمهم الله تعالى، ووفقهم لسلوك صراطه المستقيم، ورزقهم البصيرة والفهم، في مقام الدعوة إلى الدين القويم، آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أما بعد: فالموجب لهذا هو الوصية بتقوى الله تعالى، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [سورة النساء آية: 131] .وحقيقة معناها التي ترجع إليه، هو: أن يجعل العبد بينه وبين النار وقاية تقيه منها، بفعل ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه، وتفاصيل ذلك على القلوب والأعضاء، لا يحصيها إلا من حقق مقام العبودية، علما وعملا.ومن أعظم ذلك: معرفة أوجب الواجبات، وأهم المهمات، وهو: معرفة حقيقة دين الإسلام، الذي لا يقبل الله من أحد سواه، والاعتناء بذلك في جميع الساعات، وتجديده في كل الأوقات، إذ بصحته واستقامته، يستقيم للعبد جميع فرائضه ونوافله، وبالخلل فيه يختل على العبد نظام توحيده وجيمع مقاصده.وهذه النعمة هي أجل نعمة على الإطلاق، قد امتن الله بها على عباده، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [سورة آل عمران آية: 164] .وقال: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [سورة الجمعة آية: 2] .فببعث الأنبياء وإرسال الرسل، يحصل بيان التوحيد، وحقيقة دين الإسلام، ويحصل لمن قبل ذلك منهم، وصدق به، كل فلاح وصلاح، وسعادة في الدنيا والآخرة; بل كل خير في الدنيا والآخرة، إنما حصل بواسطة الرسل، والإيمان بما جاؤوا به، وكل شر في الدنيا والآخرة إنما حصل بالجهل بما جاؤوا به، والإعراض عنه، ومخالفته.وقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن غربة الإسلام، وأنه سيعود غريبا كما بدأ، وأن لهذا الدين إقبالاً وإدباراً؛ وأن من إقبال الدين: أن تفقه القبيلة بأسرها، حتى لا يوجد فيها إلا منافق أو منافقان، فهما مقهوران ذليلان. وإن من إدبار الدين: أن تجفو القبيلة بأسرها، حتى لا يوجد فيها إلا مؤمن أو مؤمنان، فهما خائفان مضطهدان.وقد وقع مصداق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم حتى عاد المعروف منكرا، والمنكر معروفا؛ نشأ على ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، واعتقد أكثر الناس الشرك دينا لجهلهم، والإسلام شركا حتى كفروا من اعتقده ودان به، فالله المستعان.وقد أنعم الله علينا وعليكم، في أواخر هذه الأزمان - التي هي من أزمان الفترات، وأوقات الغربة، واندراس. الإسلام، وأفول شموسه، وظهور الجاهلية - بحبر من أحبار هذه الأمة وعلمائها، من برز في أنواع العلوم، ووقف على كثير من المنقول والمفهوم، وجمع ما تفرق في غيره من المكارم والفضائل.فسلك على منهاج السلف الصالح وأعيان الأماثل، وشابههم في هديه وسمته وعلمه، وحاكاهم في معتقده، وزهده وفهمه، يعرف هذا من عرف الرجال بالعلم، وبحث في هذه الصناعة من أهل الإنصاف والفهم، وهو: شيخ الإسلام، إمام الدعوة النجدية، محمد بن عبد الوهاب.فإنه لم يزل رحمه الله، وشكر عمله ومسعاه، يدعو إلى هذا الدين، وعنه يناضل مع كل فاضل وخامل، حتى كشف الله عن هذه الملة الغراء، والشريعة الظاهرة السمحاء، حجب الجهل والتأويل.وأماط عن شمس الرسالة سحب العوائد والتضليل، وقد كانت شموسها قبل ظهوره وبحوثه مكسوفة، وعزائم الطلاب إلى غير حياضها مجذوبة مصروفة، ومستقيم أصولها قد هدمت بمعاول التأويل والتقليد، وقواعد بنيانها قد خلعت بأكف أهل الدراسة والترديد. أما التوحيد العلمي الاعتقادي - الذي تضمنته سورة الإخلاص، ونظائرها من آي القرآن، الذي حقيقته: معرفة الله بأسمائه وصفاته، وإثبات ما أثبته لنفسه من الصفات، ونفي ما نفى عنه من النقائص، ومشابهة المخلوقات - فسفت عليه قوانين اليونان والجهمية، ومن تفرع عنهم من أهل البدع على اختلافهم، غبار التأويل والتعطيل، حتى عز من يعرفه ويدين به، ويعرف ما كان عليه السلف الأول في باب الاعتقاد.حتى آل الحال إلى أن معتقد السلف، لا يعرف ولا يفتى به، ولا يؤتم به في هذا الباب، ولا يهتدى، بل هو عندهم من أغرب الأشياء وأعزها وجودا؛ وغالب من يحكي ما كان عليه السلف الصالح، لا يعرفه ولا يدريه، ولا يعرف أن الواقع من أكثر الخلق يضاده وينافيه.وأما التوحيد العملي الإرادي، وهو: إفراد الله بالقصد والإرادة، والبراءة مما عبد من دونه واعتزاله، فقد سحبت عليه قوانين الجاهلية أطراف ذيولها، وأجلبت عليه برجلها وخيولها، حتى عفت آثاره، وتهدمت مناره، ونسيت شرائطه وأركانه.وغالب سكان البسيطة إلا ما شاء الله منهم قد صرف اعتقاده وملاذه، إما على صاحب قبر، أو مدر أو شجر، أو حجر أو غار، أو صنم أو طائر صفر؛ والكتاب إنما يتلى عليهم للتبرك لا للعلم والعمل؛ وآخر منهم يعتقد أن النطق بالشهادتين كاف في الإسلام، وأن من نطق بالشهادتين لا يكفر، ولا يؤثم، ولو أتى بالنواقض العظام، التي لا يستقيم معها مسمى الإسلام والمستنكر عندهم والساكت بريء الذمة، لا يعرف الكفر من الإسلام؛ لا يعرف الكفر ولا يشهد على أهله به، بل يحط في قدر من أنكره وتبرأ من أهله وينسبه إلى طلب الفرقة والشعبذة، ويرى أن السكوت عن البراءة من الشرك وأهله من باب طلب الألفة والاجتماع، لا ينكر هذا ولا يجحده إلا من أعمى الله بصيرته، وتراكمت عليه أنواع الظلمات.وأما باب تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم وتحقيق الشهادة له بذلك، في الأقوال والأفعال، والسير على المنهاج والمنوال، فذلك قد نسخته حرفة التقليد; وكل قوم يرون أن مذهبهم ورأيهم هو الواجب السديد.ففتح الله على يد هذا الشيخ، قدس الله روحه، ما أغلق من تلك الأبواب، وأشرقت بوجوده شموس السنة والكتاب؛ وبدت حياضها للواردين والطالبين، وارتوى من كوثرها عباد الله، من المؤمنين والموحدين؛ وجرّت به نجد ذيول افتخارها، وتطهرت به من أوساخ شرك الجاهلية وعارها. وبحث وناظر، وصنف وجادل وماحل حتى استبان الحق في الأصول والفروع، واستقامت هذه الدعوة الإسلامية، وانقطع الخلاف واستقام سوق الجماعة والائتلاف فينبغى لنا ولكم معرفة هذه النعمة، ورعايتها، والقيام بشكرها، وأن لا يحدث منا ولا منكم تغيير لها، لا في الأصول ولا في الفروع؛ وأن نقتصر على بيان هذه الدعوة، وتجريدها وغرسها، وترك الإغلاظ في بعض المستحبات، لئلا يكون ذلك سببا للصد عن هذه الدعوة، والاشتغال عنها بغيرها، أو بمستحب عما هو أهم منه.كذلك تتبع أقوال العلماء رحمهم الله، في بعض المسائل التي هي من مسائل الفروع قد كفيتم ذلك بما قدمناه لكم، من حال الشيخ رحمه الله، وحاشا وكلا أن يكون الشيخ ومن قبله من الأئمة الأعلام قد تبينت لهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول أو عمل واختاروا غيرها عليها.فالواجب عليكم السير على منهاجهم، وسلوك طريقهم؛ فإن خلافهم دليل على فساد المقاصد والنيات، ومن أعظم الوسائل إلى الطعن في الداعين إلى الله والمنتسبين إلى ذلك.فتنبهوا لذلك، فإن الاختلاف بينكم في مسائل الفروع من وساوس الشيطان التي تصد عن العمل بالمشروع; ولتكن كلمتكم واحدة: الدعوة إلى الله وفي الذب عن دينه، ومجاهدة أعدائه، والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، فإنكم في زمان غربة، المقام فيه مقام دعوة، لا في زمان إقبال فإن زمان الإقبال ينتقل فيه إلى الجهاد باللسان، والإغلاظ.ومن قواعد الدين الكلية: ارتكاب أخف الضررين، لدفع أعلاهما، وترك إحدى المصلحتين، لتصليح أولاهما، فكونوا على بصيرة من أمر دينكم، ولا يستهوينكم الشيطان، وعليكم بالإخلاص
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد اللطيف، إلى محمد بن علي الموسى، سلمه الله تعالى، ووفقه لأداء ما افترض عليه، من الجهاد والنصيحة لله، ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: لا يخفاك ما من الله سبحانه وتعالى به على أهل الأرض من بعثة عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. وقد كان الناس قبل ذلك على غير دين، متفرقين في عباداتهم ودياناتهم، إلا من شاء الله من غير أهل الكتاب; فصدع بأمر ربه، وأكمل الله لأهل الأرض ببركته الدين، وأتم عليهم النعمة، ورضي لهم الإسلام دينا، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً}ومثلك يعرف ذلك إجمالا وتفصيلا، وأنت تعلم حال غربة الإسلام، وإعراض أكثر الخلق عنه، وعما يكون سببا لظهروه وقوته، إيثارا للشهوات النفسانية، والإرادات الشيطانية، ولضعف من يعرف ذلك، وعدم عزمه، وتقديمه لعل وعسى، فعياذا بالله من إحدى الخصال الثلاث والله سبحانه وتعالى قد أنعم عليك من بين سائر عشيرتك، بالتعلم والبحث، وأنت مطالب بالعمل، وقد ذكر الله في حق نساء نبيه: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [سورة الأحزاب آية: 30] ، إلى قوله:: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [سورة الأحزاب آية: 31] .وقال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا} [سورة الزمر آية: 9] .وهذه الفتنة الواقعة اليوم، قد أزاح الله فيها ما يلقى في الفتنة بالأمس، من الوساوس والشبهات، وقد أوجب الله عليكم، بعد معرفة الحق، العمل به.وأنتم تفهمون ما أنعم الله به على أهل نجد، بعد تقادم العهد بآثار النبوة ونور الرسالة، في القرن الحادي عشر، من هجرته صلى الله عليه وسلم من ظهور الشيخ: محمد، رحمه الله تعالى، ودعوته إلى ما دعا إليه المرسلون.ووازره من سبقت له من الله السعادة، وصبروا في ذات ربهم، على ما نالهم من الشدة والعداوة، وجعلهم الله ملوكا بذلك، ودانت لهم العرب. ثم لم يزالوا على ذلك مستمرين، حتى حدث من فتنة الشهوات، ما أوجب العقوبة، فسلط الله العسكر المصري، طهرة وتمحيصا واختبارا.ثم رد الله الكرة لمن عرف الأمر الأول، وحام حول الحمى، وحصل له بعض المقصود؛ ثم جرى من العقوبة ثانيا، فرد الله الكرة بمن تبع أثر من قبله، وحام حوله فحصل له بعض المقصود.ثم حدثت الفتنة الكبرى، والمصيبة العظمى، وفتن في الأمر من هو من أهله، من هؤلاء القوم، وذلك لأنه عاش في ثياب لا يعرف من حاكها، وما درس، وصار سنة لكل جاهل، لا يعرف سابقة الأمر، وتطاول الشر، ودخل في أمر الإسلام من ليس من أهله، وذلك لقلة أعوان الإسلام وأنصاره.والآيات في وجوب الجهاد، وتفاصيله، أكثر من أن تحصر، وتقرؤها بحمد الله، بالغداة والعشي، والأحاديث كذلك.ومن أجمع الأحاديث، قوله صلى الله عليه وسلم: لا إسلام إلا بجماعة 1 وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يغل عليهن قلب عبد مسلم: إخلاص العمل لله، ولزوم جماعة المسلمين، ومناصحة ولاة الأمور، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم 2.وقد رأيت خطك لعيالك، وسرني ذلك، وسرنا همتكم فيما قصدتم، والحق عليك خصوصا أكثر من غيرك من طلبة العلم، لأنك من القوم، ولا تعرف عنك المداراة الدنيوية، وقوتكم وما أعطاكم الله في وطنكم، لا يكون حظكم كثرة الدنيا، وأنفسكم خاصة، بل يلزمكم بذل النفس والمال، وما يكون صالحا لظهور الإسلام، والاجتماع عليه.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد اللطيف ومحمد بن عبد اللطيف، إلى من يراه من إخواننا المسلمين، من أهل الجنوب، ومن والاهم، سلمهم الله تعالى، ورزقنا وإياهم الاستقامة، وأعاذنا وإياهم من أسباب الخزي والندامة، آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أما بعد: فالذي نوصيكم به: تقوى الله تعالى وطاعته، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، وهي السبب الموصل إلى مرضاة رب العالمين، ومرافقة النبيين والصديقين، قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [سورة النساء آية: 131] .وحقيقة التقوى: القيام بما أمر الله به من توحيده وطاعته، وطاعة رسوله، واجتناب ما نهى عنه ورسوله، وهذا هو النور والهدى لمن نور الله قلبه.وأصل الدين: معرفة الله، ومعرفة توحيده وعبادته التي خلق الله الخلق لها، وتعبدهم بها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [سورة آل عمران آية: 102-103] .فأمر الله تعالى عباده بتقواه، وهي فعل ما أمر الله به، ومجانبة ما نهى عنه، في الأقوال والأعمال; وأمرهم بلزوم الإسلام الذي عرفهم به، وأخرجهم به من الظلمات إلى النور، وحثهم على التمسك به، والعض عليه بالنواجذ حتى الممات، بقوله: {وَلا تَمُوتُنَّ إلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران آية: 102] ، فأمرهم بلزومه والاستقامة عليه، في جميع أوقات العمر وساعاته، ومن عاش على شيء مات عليه.وأمرهم أيضا: بالاعتصام بحبل الله، وهو دينه وشرعه، وما دل عليه كتابه المبين، من الأمر بعبادته وترك عبادة ما سواه؛ لأن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، كالدعاء والخوف والرجاء، والحب والخضوع والذل، والخشوع والتوكل، والذبح والنذر، والاستغانة والاستعاذة، وغير ذلك من أنواع العبادة التي تعبد الله العباد بها، وخلقهم لأجلها، وجعل نجاتهم من النار موقوفة على صحتها، وترك ما ينافيها ويناقضها، من الاعتقادات الباطلة الخارجة عن الصراط المستقيم. والائتمار بأوامره، وترك نواهيه فإن سعادة الدنيا والآخرة موقوفة على ذلك وهو من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، ولا يتم هذا الواجب إلا بموالاة من دان به، ومحبته ونصرته، ومعاداة من خالفه ولم يقبله وينقد له، وبغضه وجهاده.ثم ذكر عباده نعمته عليهم بأن جمعهم بعد الفرقة والاختلاف، وألف بين قلوبهم بعد العداوة والبغضاء، وعرفهم ما هم فيه قبل الإسلام من التفرق والاختلاف.فاشكر ا نعمة الله عليكم عباد الله، واذكروا ما أنتم فيه سابقا قبل دخلوكم في الإسلام، من اختلاف الكلمة، وسفك الدماء، ونهب الأموال، وقطيعة الأرحام، وظهور المنكرات والفواحش، والتدين بدين أهل الجاهلية، فأنقذكم الله من هذه المهلكات، وفتح بصائركم لطلب الهدى فهذه نعمة عظيمة.وقد منَّ الله علينا وعليكم بمعرفة هذا الدين، والإقبال عليه، وأخرجكم من الظلمات إلى النور، بعد أن كنتم في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، وجمعكم على إمام يدعوكم إلى دين الله ودين رسوله؛ وهذه من أكبر النعم؛ لأنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بالسمع والطاعة فاعرفوا حقوق الإمامة والزموها، لأن من خرج عن الجماعة قيد شبر، فَمَيْتَتُه ميتة جاهلية. وفي الحديث: الدين النصيحة، قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم 1.ومما نوصيكم به، بعد معرفة الإسلام وحقوقه: المحافظة على الصلوات في الجماعات، لأنها أعظم شعائر الدين بعد الإسلام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر 2، وقال صلى الله عليه وسلم رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله 3.وقوموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على بصيرة، كما قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [سورة يوسف آية: 108] . فمن لم يكن له بصيرة في مقام الدعوة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ففساده أكثر من صلاحه، ولو حسنت نيته.وشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أن يكون عالما بما يأمر به، عالما بما ينهى عنه، حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه رفيقا فيما يأمر به: رفيقا فيما ينهى عنه.واعلموا أن الدين بين الغالي والجافي، فمن غلا فيه فهو والجافي سواء؛ فتأدبوا بالآداب الشرعية، والأخلاق المرضية، ولازموا معرفة دينكم، لتكونوا على بصيرة فيه.وتعاونوا على البر والتقوى، وكونوا عباد الله إخوانا؛ المسلمون يد واحدة على من سواهم. والهجر الحقيقي الذي هو من واجبات الدين، لمن أظهر الكفر، أو استهزأ بدين الله، فهذا الذي يجب هجره ومقاطعته. نسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
هذه رسالة مفيدة لعلماء الدعوة النجدية من الدرر السنية فى الاجوبة النجدية
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى من يراه من المسلمين، وفقنا الله وإياهم لما يوصل إلى رضاه والجنة، آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فالواجب علينا وعليكم تقوى الله سبحانه وتعالى، قال تبارك وتعالى:: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران آية: 102] .وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها 1 الحديث. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثير، قال طلق ابن حبيب في تفسيره التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخشى عقاب الله. وقال ابن جرير، وابن كثير: التقوى هي امتثال أمر الله واجتناب نهيه.وأعظم أمرٍ أمرنا الله به: التوحيد، الذي هو مضمون شهادة أن لا إله لا الله، ومن ذلك الدعوة إلى ذلك، علما وعملا واعتقادا، والحذر من الإعراض عن ذلك، قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} [سورة طه آية: 124] .وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [سورة الزخرف آية: 36] .وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} [سورة السجدة آية: 22] . والآيات في هذا كثيرة، فاحذروا رحمكم الله من الإعراض، فإن أمره أمر وخيم.وقد من الله علينا بدعوة هذا الشيخ، أعني: شيخ الإسلام، محمد بن عبد الوهاب، فوفق لها من وفق وخذل عنها من خذل؛ فأراها اليوم قد أسملت واخلولقت عند كثير من الناس، فالواجب علينا وعليكم شكر هذه النعمة، والتحدث بها، والاعتراف بها باطنا وظاهرا، والحذر من كفرانها، والهمز واللمز بها وبأهلها، المنتسبين إليها، لأنها حقيقة دعوة الرسل، من أولهم إلى آخرهم.ولا يخفاكم أن الساخر بدعوة الرسل، والمستهزئ بها، والمنتسبين إليها، ليس له نصيب في الإسلام; كذلك الواجب عليكم: التعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [سورة آل عمران آية: 110] وقال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [سورة آل عمران آية: 104] .وقال صلى الله عليه وسلم لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم 1 يعني بني إسرائيل.وقد جرى في هذا الزمان من العبر ما لا يخفى على عاقل، وذلك إنما حدث بذنب، فالواجب علينا وعليكم التوبة والإنابة إلى الله بالطاعة، وترك المعصية؛ ولا تظنوا أن غلاء هذه الأسعار عادة; بل إنما حدث بسبب ذنوب; وكذلك ما جرى من تكسر النخيل بسبب الريح، وغير ذلك من الحوادث.ومن أعظم ذنب تعجل به العقوبة: الزنى، وفشو الربا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [سورة البقرة آية: 278-279] .ومما نهى الله عنه: كون الإنسان لا يأمن جليسه، بل متى يغيب عنه يعقره، ويأكل عرضه; وبالجملة: فالواجب عليكم امتثال أمر الله ما استطعتم، واجتناب ما عنه نهاكم، قال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه 2، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم باجتناب كل ما نهى عنه. ولا يخفاكم أن التقصير حاصل في الأمر، وأن الإفراط حاصل في النهي؛ فنحن مقصرون في أوامر ربنا، مفرطون في ارتكاب نواهيه، وإلا فالآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، هم الناجون، قال تعالى: {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ} [سورة هود آية: 116] الآية.قال ابن القيم رحمه الله: الغرباء في هذا العالم هم أهل هذه الصفة المذكورة في هذه الآية، وهم الذين أشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء، قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس 1.وفي حديث عبد الله بن عمر، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ونحن عنده: طوبى للغرباء، قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: ناس صالحون قليل، في ناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم 2.فأهل الإسلام بين أكثر الناس غرباء، وأهل الإيمان بين أهل الإسلام غرباء، وأهل العلم في المؤمنين غرباء، وأهل السنة الذين تميزوا بها عن الأهواء والبدع، فيهم غرباء، والدّعون إليها، الصابرون على أذى المخالفين لهم، أشد غربة.ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا، فلا غربة عليهم، وإنما غربتهم بين الأكثرين، قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [سورة الأنعام آية: 116] .فأولئك هم الغرباء، من الله ورسوله ودينه، وغربتهم هي الغربة الموحشة، وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم; فالغربة ثلاثة أنواع:غربة أهل الله; وأهل سنة رسوله بين هذا الخلق; وهذه الغربة هي التي مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر عن الدين الذي جاء به أنه بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، وأن أهله يصيرون غرباء.وقال الحسن: المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذلها، ولا ينافس في عزها، للناس حال وله حال.ومن صفات هؤلاء الغرباء، الذين غبطهم النبي صلى الله عليه وسلم: التمسك بالسنة إذا رغب عنها الناس، وترك ما أحدثوه وإن كان هو المعروف عندهم، وتجريد التوحيد وإن أنكر ذلك أكثر الناس، وترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله، لا صديق ولا مذهب ولا طائفة.بل هؤلاء الغرباء ينتسبون إلى الله تعالى بالعبودية له وحده، وإلى رسوله بالاتباع لما جاء به وحده؛ وهؤلاء هم القابضون على الجمر، فلغربتهم بين هذا الخلق يعدونهم أهل شذوذ، وأهل بدعة ومفارقة للسواد الأعظم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنهم النّزاع من القبائل 1 انتهى فالواجب التوبة إلى الله، والسعي في الاتصاف بهذه الصفة، وأن لا يكون هم الإنسان دنياه، والحذر من تخويف الشيطان، قال تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة آل عمران آية: 175] .وفقنا إلله وإياكم لما يحبه ويرضاه، وجعلنا وإياكم من حزبه وأوليائه، لا من حزب الشيطان وأوليائه، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.[الدرر السنية ]
-
رد: الرسائل المفيدة للشيخ الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ- متجدد
من رسائل علماء الدعوة النجدية
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى من يراه من المسلمين، وفقهم الله لسلوك صراطه المستقيم، وجعلهم من أهل دينه القويم، المفضي بأهله إلى جنات النعيم، آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد: فقد تعين النصح، والتعاون على البر والتقوى، لا سيما في هذه الأوقات، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [سورة المائدة آية: 2] . والتقوى: كلمة جامعة لكل خير، لأن الخير كله بحذافيره، في امتثال أمر الله، واجتناب نهيه، وهذا هو معنى التقوى.قال ابن جرير، رحمه الله: التقوى هي امتثال أمر الله واجتناب نواهيه. فمن أمر الله الذي أمرنا به، وحضنا عليه، اتباع كتابه، وسنة نبيه، قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [سورة الأعراف آية: 3] الآية.وما أنزل إلينا من ربنا، هو كتابه وسنة نبيه.فحقيق بمن نصح نفسه: أن يجلس بها ويحاسبها، وينظر: هل نفسه تشتاق إلى ذلك، وتألفه وتحبه؟ أم هي معرضة عنه، نافرة منه، مبغضة لأهله نافرة عنهم؟! فيا خسارة من حاله حال البطالين، المعرضين النافرين، المنفرين عما جاء به سيد المرسلين، فحسرته أعظم حسرة، وندامته أعظم ندامة.إذا علم هذا؛ فأعظم ما أمر الله به في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم توحيده الذي هو إفراد الله بالعبادة، وترك عبادة من سواه، والبراءة منه ومن عابدة فحق على كل مسلم ومسلمة البحث عن حقيقة التوحيد، وعن أركانه وأنواعه، وواجباته، وما يلزمه مع أهله.ومن أعظم ما نهى الله عنه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: الشرك بالله، ووسائله، وذرائعه المفضية إليه، وترك العمل به.فإن بالبحث عن هذين الأمرين - أعني التوحيد والشرك - يخرج الإنسان من زمرة المعرضين المفرطين الجاهلين، إلى زمرة المقبلين المتعلمين، المتسببين بالأسباب النافعة، التي توصل فاعلها برحمة الله إلى رضاه وجناته، وتخلصه من غضبه وعقوباته. فالله الله، في البحث عما ذكرت لكم، وإياكم والجفاء والإعراض؛ فإنهما يهلكان لمن اتصف بهما، قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [سورة طه آية: 124-126] ، فنسيان آياته: ترك العمل بها.فاحذروا رحمكم الله نسيان آياته، فإن نسيانها يورث نسيان الله لعبده، وهو تركه في العذاب، ولا يخلص من ذلك إلا الإقبال على كتابه، وسنة رسوله، والعمل بها باطنا وظاهرا.ومما أمرنا الله بالعمل به، في كتابه: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تبارك وتعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [سورة آل عمران آية: 104] .وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [سورة آل عمران آية: 110] .والمعروف: كلمة جامعة لكل ما أمر الله به، أمر إيجاب أو أمر استحباب، والمنكر: كلمة جامعة، لكل ما نهى الله عنه; فأعظم ما نهى الله عنه الشرك، والكفر، ووسائلهما، وذرائعهما.ومن ذلك: ما هو واقع على ألسن كثير من الناس، وهو: الاستهزاء بدين الله أو بشيء منه، ومن الاستهزاء بدين الله: الاستهزاء بمن انتسب إليه، قولا أو فعلا.فمن القول: قول الجهال: هؤلاء مطاوعة الصحفة، هؤلاء الخوان، هؤلاء أصحاب الدفاتر، عندي اليوم وعندك باكر؛ وغير ذلك مما هو جار اليوم كثير.ومن الفعل: رمش بالعين، ومد اللسان، وما أشبه ذلك; فحق على كل من أراد نجاته وسلامته، من غضب الله وعقابه أن يبحث عن هذه الأقوال، والأفعال، ويجتنبها، وينكر على من صدرت منه، ولا يخاف في الله لومة لائم. قال تعالى:: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [سورة المائدة آية: 54] .واعلموا: أن كل بلد لا يكون فيها من يدعو إلى الخير، وينهى عن الشر، ويحذر عنه، فهي بلد ما هي من استيطان الشيطان لها ببعيد - أعاذنا الله وإياكم -. فالله الله في استجلاب ما يطرد الشيطان، ويبعده عن دياركم، وذلك بتعلم العلم وتعليمه.فإن البلد التي فيها عالم يعلم الخير، وينهى عن الشر، قد طردت منها الشياطين، واستوطنتها الملائكة. فعليكم معاشر المسلمين بالجد والاجتهاد في ذلك، والعمل به، وإياكم والغفلة والتغافل عن ذلك، وترك العمل به، فإنه والله الهلكة.أسأل الله العظيم الرؤوف الرحيم، أن يتولاني وإياكم فيمن تولى، بولايته الخاصة، وألا يكلني وإياكم إلى أنفسنا طرفة عين، فإنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم [الدرر السنية فى الاجوبة النجدية]