-
كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
(بناء البيت السعيد)
الحلقة الأولى :
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر
قصة الزواج الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: ((يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)) (1).خلق الله سبحانه الناس من نفس واحدة هي آدم عليه السلام، وخلق من هذه النفس زوجها حواء عليه السلام، خلقها من ضلعه الأيسر من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته فأنس إليها، وأنست إليه، وهو قوله (وجعل منها زوجها ليسكن إليها) (2) أي يألفها ويسكن بها، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خُلقت من ضلع...) (3) وفي الحديث إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام. وأسكنهما الله تعالى الجنة في نعيم عظيم قال سبحانه (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) (4). وقال (فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى، إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى،...) (5)، فأزلهما الشيطان فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم والعيش الرغيد، ونزلا إلى الأرض، وأخرج الله منهما رجالاً كثيراً ونساء (6).
الهوامش:
(1) سورة النساء آية 1.
(2) سورة الأعراف جزء من آية 189.
(3) أخرجه البخاري ك بدء الخلق ح 3331-6/363 مع فتح الباري.
(4) سورة البقرة آية 35. (5) سورة طه آية 118 و119.
(6) انظر المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير ص271 و 855.
-
(بناء البيت السعيد)
الحلقة الثانية :
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر
بسم الله الرحمن الرحيم
الزواج سنة كونية
إن من سنن الله تعالى الكونية أن جعل من كل شيء زوجين اثنين يكمل أحدهما الآخر ويسكن إليه، قال سبحانه: ((وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) (1).
فمن النباتات زوجين قال سبحانه: ((وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)) (2) وقال: ((وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى)) (3).
ومن البهائم زوجين قال سبحانه: ((وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ)) (4)، وقال: ((قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)) (5).
ومن الإنسان زوجين قال سبحانه: ((وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى)) (6) وقال: ((وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا)) (7).
وجعله سبحانه من سنن الأنبياء والمرسلين خير الخلق أجمعين فقال سبحانه: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)) (8).
وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتعطر، والنكاح، والسواك) (9)، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من امتنع عن الزواج تعبداً ورهبانية، فقال: (أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي، وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) (10).
لذا استحب العلماء للمتزوج أن ينوي بزواجه إصابة السنة وصيانة دينه وعرضه.
فلا تخرج أخي / أختي عن سنن هذا الكون الواسع بالعزوف عن الزواج مع القدرة عليه وفقنا الله وإياك.
الهوامش:
(1) سورة الذاريات آية 49.
(2) سورة الرعد آية 3.
(3) سورة طه آية 53.
(4) سورة الشورى آية 11.
(5) سورة هود آية 40.
(6) سورة النجم آية 45.
(7) سورة فاطر آية 11.
(8) سورة الرعد آية 38.
(9) أخرجه الترمذي ك النكاح باب ما جاء في فضل التزويج ح 1086 -2/272، وسعيد بن منصور في سننه ك النكاح باب الترغيب في النكاح ح 503 – 1/141، وأحمد 5/421. والحديث ضعيف لضعف أحد رواته وهو الحجاج بن أرطاة وعنعته مع كونه مدلساً وجهالة أحد رواته، وللحديث شواهد لكنها ضعيفة، وقد ضعف الحديث الألباني رحمه الله في إرواء الغليل ح75-/116-199.
(10) متفق عليه أخرجه البخاري ح 5063 – 9/104 مع فتح الباري، ومسلم 9/175 مع شرح النووي.
-
(بناء البيت السعيد)
الحلقة الثالثة :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
يا شباب هلموا إلى الزواج (1-8)
1- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" [أخرجه البخاري ح 5065 -9/112 مع فتح الباري، ومسلم ح 1400.].
في هذا الحديث حث على النكاح وترغيب فيه؛ فهو سنة الأنبياء والمرسلين، وفي هذا الزمان رغب كثير من الشباب والفتيات عن النكاح استصغارا لشأنه واستهانة لفضلة.
وفي خلال هذه السطور سنلقي الضوء على أحوال َالنَّاسُ فِي النِّكَاحِ وهم عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
الأول: منهم من يجب عليه النكاح؛ وهو مَنْ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي مَحْظُورٍ إنْ تَرَكَ النِّكَاحَ، فَهَذَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ، وَصَوْنُهَا عَنْ الْحَرَامِ، وَطَرِيقُهُ النِّكَاحُ. وهو قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ.
الثَّانِي: مَنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ النكاح؛ وَهُوَ مَنْ لَهُ شَهْوَةٌ يَأْمَنُ مَعَهَا الْوُقُوعَ فِي مَحْظُورٍ، فَهَذَا الِاشْتِغَالُ لَهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَفِعْلِهِمْ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِي إلَّا عَشْرَةُ أَيَّامٍ، وَأَعْلَمُ أَنِّي أَمُوتُ فِي آخِرِهَا يَوْمًا، وَلِي طَوْلُ النِّكَاحِ فِيهِنَّ، لَتَزَوَّجْت مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: قَالَ لِي طَاوُسٌ: لَتَنْكِحْنَ، أَوْ لَأَقُولَنَّ لَك مَا قَالَ عُمَرُ لِأَبِي الزَّوَائِدِ: مَا يَمْنَعُك عَنْ النِّكَاحِ إلَّا عَجْزٌ أَوْ فُجُورٌ.
وقَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: لَيْسَتْ الْعُزْبَةُ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ، فِي شَيْءٍ.
وَهَذَا حَثٌّ عَلَى النِّكَاحِ شَدِيدٌ، وَوَعِيدٌ عَلَى تَرْكِهِ يُقَرِّبُهُ إلَى الْوُجُوبِ.
ومَصَالِحَ النِّكَاحِ كثيرة منها: تَحْصِينِ الدِّينِ، وَإِحْرَازِهِ، وَتَحْصِينِ الْمَرْأَةِ وَحِفْظِهَا، وَالْقِيَامِ بِهَا، وَإِيجَادِ النَّسْلِ، وَتَكْثِيرِ الْأُمَّةِ، وَتَحْقِيقِ مُبَاهَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ.
فبادري أخي وأختي بالقبول بالزوج الصالح؛ فالتأخير مخالفة للسنة، ومدعاة للوقوع في الحرام.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ، إمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ شَهْوَةٌ كَالْعِنِّينِ، أَوْ كَانَتْ لَهُ شَهْوَةٌ فَذَهَبَتْ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ؛ لِعُمُومِ مَا ذَكَرْنَا. وَالثَّانِي: التَّخَلِّي لَهُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَصِّلُ مَصَالِحَ النِّكَاحِ، وَيَمْنَعُ زَوْجَتَهُ مِنْ التَّحْصِينِ بِغَيْرِهِ، وَيُضِرُّ بِهَا، وَيَحْبِسُهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَيُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِوَاجِبَاتٍ وَحُقُوقٍ لَعَلَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقِيَامِ بِهَا، وَيَشْتَغِلُ عَنْ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَالْأَخْبَارُ تُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَهُ شَهْوَةٌ ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا.
-
(بناء البيت السعيد)
الحلقة الرابعة :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
يا شباب هلموا إلى الزواج (2-8)
الزواج حفظ للعرض
2- عن جابر رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة، فأتى امرأته زينب وهي تَمْعَسُ مَنِيئَة (1)، فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه، فقال (إن المرأة تُقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يردّ ما في نفسه) (2).
في الحديث بيان فضيلة الزواج في حفظ العرض وتحصيل الإحصان والتحلي بفضيلة
العفاف عن الفواحش والآثام، وفيه إرشاد لمن رأى امرأة فوقعت في نفسه، أن يأتي
أهله ؛ فإن ذلك كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يردُّ ما في نفسه (3).
وقد حثّ المصطفى صلى الله عليه وسلم الشباب على الزواج لمن وجد القدرة عليه، ورّغبهم فيه لما فيه
من فضيلة الإحصان والإعفاف، وأرشد من لا يجد مؤونة الزواج بالصوم لأنه له وجاء؛ أي حصن من الوقوع في الآثام.
فقال "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ".
الهوامش:
(1) أي تدلك الجلد الموضوع للدباغ
(2) أخرجه مسلم ك النكاح باب ندب من رأى امرأة فوقعت في نفسه إلى أن يأتي امرأته (9/177).
(3) شرح النووي 9/178
-
بارك الله في جهدك أخانا القاضل.
-
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني
بارك الله في جهدك أخانا القاضل.
وفيكم بارك اخى الفاضل
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
-
(بناء البيت السعيد)
الحلقة الخامسة :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
هلموا إلى الزواج (3-8)
الزواج بوابة السعادة
قال سبحانه : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(1).
والآية صريحة في أن من أهداف الزواج حصول السكن النفسي والاستقرار نتيجة للألفة والرحمة التي تتحقق بين الزوجين . فقوله: (لِتَسْكُنُوا) أي تستأنسوا بها، (مَوَدَّةً) أي المحبة والرحمة (2).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة)(3)
فالمرأة سبب سعادة الرجل ، كما أن الرجل سبب سعادة المرأة ، لكن بشرط أن يكونا صالحين ، وإلا كان كل واحد منهما سبب لشقاء الآخر فعن سعد بن أبيوقاص قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( أربع من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ،
والجار الصالح ، والمركب الهنيئ ، وأربع من الشقاء : الجار السوء ، والمرأة السوء، والمركب السوء ، والمسكن الضيق)(4)
ولا يخفى سرور كل من الزوجين بالزواج ، واستمرار هذا السرور باستمرار صلاحهما وانقلاب الحياة الزوجية إلى شقاء بظهور السوء في أحدهما.
(1) سورة الروم آية 21 .
(2) انظر تفسير ابن زمنين 3/359 .
(3) أخرجه مسلم ك الرضاع باب استحباب نكاح البكر 10/56 .
(4) أخرجه ابن حبان ك النكاح ذكر الأخبار عن الأشياء التي هي من سعادة المرء في الدنيا ح 4021-6/135. وفي رواية ( ثلاثة ) دون ذكر الجار أخرجها أحمد 1/168 ، والبزار – انظر كشف الأستار ك النكاح باب في المرأة الصالحة ح 1412-2/156 – ، والطبراني في المعجم الكبير – مجمع البحرين ح329-1/146- قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/272 : رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط ، ورجال أحمد رجال الصحيح .
-
-
واياكم
بارك الله فيكم ونفع بكم
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة السادسة :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
هلموا إلى الزواج (4-8)
الزواج طاعة لله تعالى
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ... ) ، وعن أنس - رضي الله عنه - قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها ، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، قال أحدهم : أما أنا فأنا أصلي الليل أبداً ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني)(1)، وفي الحديث الأخير ردٌ على من ترك الزواج تعبداً ورهبانية ، وبيان أنه سنة من سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ، ومن رغب عنه فقد رغب عن سنته - صلى الله عليه وسلم - .
وبه يحصل الإعفاف والتحصين عن الحرام وهو من مقاصد الشريعة ، عن أبي ذر - رضي الله عنه - أن ناساً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم . قال (أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؛ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة)، قالوا : يا رسول الله أ يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟! قال (أ رأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ، فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجرا)(2).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
قال النووي رحمه الله : (قال القاضي : يُحتمل تسميتها صدقة أن لها أجراً كما للصدقة أجر ، وأن هذه الطاعات تماثل الصدقات في الأجور ، وسماها صدقة على طريق المقابلة ، وتجنيس الكلام ، وقيل معناه أنها صدقة على نفسه والله أعلم)(3) .
والزوجة الصالحة عون لزوجها على طاعة الله تعالى ، وكذا الزوج الصالح عون لزوجته على طاعة الله ؛ فعن ثوبان سأل الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو علمنا أي المال خير فنتخذه ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - (أفضله لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه)(4)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)(5).
وباجتماعهما يكمل لكل منهما نصف دينه ، عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه ، فليتق الله في الشطر الثاني)(6).
فاظفر أخي / أختي بذات الدين وبذي الدين تربت يداكما .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه البخاري ك النكاح باب الترغيب في النكاح ح5063-9/104 مع الفتح ، ومسلم ك النكاح باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤونة 9/175 مع شرح النووي .
(2) أخرجه مسلم باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف ح 1006-2/697 .
(3) انظر شرح النووي 7/91 .
(4) أخرجه الترمذي ك التفسير تفسير سورة التوبة ح 5092-4/341 وقال: هذا حديث حسن سألت محمد بن إسماعيل فقلت له : سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان ؟ فقال : سمع من جابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، وذكر غير واحد من أصحاب النبي -- ، وأخرجه أحمد 5/278 و282، وابن ماجه ك النكاح باب أفضل النساء ح 1856-1/596 .
(5) أخرجه أبو داود ك الصلاة باب قيام الليل ح 1308-2/33 ، وابن ماجه ك إقامة الصلاة باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل ح 1336 -1/424 ، وابن خزيمة ك الصلاة باب فضل إيقاظ الرجل امرأته .. ح 148-2/183 ، وابن حبان ك الصلاة باب فضل إيقاظ المرء أهله لصلاة الليل .. ح2558-4/118 ، والحاكم ك صلاة التطوع 1/309 وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .
(6) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط –انظر مجمع البحرين ك النكاح باب في المرأة الصالحة ح 2246-4/153 – والحاكم ك النكاح 2/161 وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذؤهبي ، ومن طريقه أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ح 5487-4/383 . والحديث حسن لغيره كما قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ح 625- 2/199-202 . والله تعالى أعلم .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة السادسة :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
هلموا إلى الزواج (5-8)
بوابة الرزق الحسن
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الزواج طريق للرزق الحلال الطيب ، قال سبحانه: (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(1). وهذا أمر بالتزويج ، والأيامى جمع أيِّم ، ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له، سواء كان تزوج ثم فارق أو لم يتزوج، قال ابن عباس ططط
: رغَّبهم الله في التزويج ، وأمر به الأحرار والعبيد ، ووعدهم عليه الغنى.
وقال ابن مسعود ططط
: التمسوا الغنى في النكاح يقول الله تعالى: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)(2).
وعن أبي هريرة ططط قال رسول الله (ص)
(ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف)(3).
وفي قوله (حق على الله) تأكيد لهذا العون من الله تعالى ، وقوله: (الذي يريد العفاف) بيان أن عون الله تعالى متحقق لكل من أراد بالزواج التعفف وحفظ نفسه من الوقوع في الحرام.
ومَن تأمل حال المتزوجين حوله وقارنه بما كان عليه حالهم من قبل وجد تصديق هذا الوعد من الله تعالى ؛ فبادر أخي / أختي إلى الزواج ولا يحول بينك وبينه ضيق اليد فالرزاق هو الله تعالى.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) سورة النور آية 32 .
(2) انظر تفسير ابن كثير- المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير ص940 و تفسير الطبري 19/166 .
(3) أخرجه الترمذي ك فضائل الجهاد باب ما جاء في المجاهد والمكاتب والناكح وعون الله إياهم ح 1706-3/103 وقال : هذا حديث حسن ، والنسائي ك النكاح باب معونة الله الناكح الذي يريد العفاف ح 3218-6/61، وابن ماجه باب المكاتب ح 2518-2/841 ، وابن حبان ك النكاح ذكر معونة الله القاصد في نكاحه العفاف .. ح 4019-6/134 ، والحاكم ك النكاح 2/160 وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وغيرهم .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (8) :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
هلموا إلى الزواج (6-8)
بالزواج يستكمل كل من الزوجين خصائصه ؛ فيستكمل الرجل رجولته بالقوامة وتحمل المسؤولية ، وتستكمل المرأة أنوثتها بالتبعل لزوجها وحصولها على الأولاد ورعايتها لمملكتها . فكلاهما اتسعت دائرة اهتمامه وشغله ليشمل الآخر مع ما يحصل لهما من أولاد لكن كل منهما من وجه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله(ص) : (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)(1). ومسؤولية الرجل غير مسؤولية المرأة ؛ فللرجل القوامة وعليه النفقة والحفظقال سبحانه: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )(2)، وللمرأة النفقة وعليها الرعاية وتشارك الرجل في التربية ، إضافة إلى ما يُتوجب على كل منهما من حسن العشرة ، عن ابن عباسططط قال : (.... ثم جاءته امرأة، فقالت: إني رسولة النساء، والله ما منهم امرأة علمت أو لم تعلم إلا وهي تهوى مخرجي إليك الله رب النساء والرجال وإلههن، وأنت رسول الله إلى الرجال والنساء؛ كتب الله الجهاد على الرجال، فإن أصابوا أجروا، وإن استشهدوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، فما يعدل ذلك من النساء؟ قال (طاعتهن لأزواجهن والمعرفة بحقوقهم وقليل منكن تفعله)(3) .
وبذلك يظهر أن الزواج حياة جديدة بأسلوب جديد بعضه حلو ، وبعضه مرّ وفي كله أجر وثواب لمن صبر واحتسب .
(1) أخرجه البخاري ك الأحكام باب قوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (6/2611) ح 6719 ، ومسلم ك الإمارة باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر (3/1459) ح 1820.
(2) سورة النساء آية 34 .
(3) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه باب من نذر لينحر نفسه ح 15914-8/463 ، والطبراني في المعجم الكبير ح 2163-11/410 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (9) :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
هلموا إلى الزواج (7-8)
الحصول على زينة الحياة الدنيا
الحصول على الأولاد الذين هم زينة الحياة الدنيا قال سبحانه: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)(1)، وقال: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)(2).
وبالزواج ُيحفظ النسل ويتوالد النوع الإنساني ويتناسل جيلاً بعد جيل لتكوين المجتمع البشري وإقامة الشريعة وإعلاء الدين وعمارة الكون، قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباًً)(3) وكثرة العدد قوة للأمة فلا فائدة في عتاد بلا عدد، وفيه تكثير لسواد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولذا قال عليه الصلاة والسلام: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)(4).
وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهياً شديداً، ويقول: (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) سورة الكهف آية 46.
(2) سورة آل عمران آية 14.
(3) سورة النساء آية 1.
(4) أخرجه أبو داود ك النكاح باب النهي عن تزويج من لا تلد من النساء ح 2050 -2/227، والنسائي ك النكاح باب كراهية تزويج العقيم ح 3227-6/65، وابن حبان ك النكاح ذكر الزجر عن أن يتزوج المرء من النساء من لا تلد ح 4045-6/144، والحاكم ك النكاح باب تزوجوا الودود الولود 2/162 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ووافقه الذهبي ، وغيرهم.فتح الباري 9/111، نيل الأوطار 6/105.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (10) :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
هلموا إلى الزواج (8-8)
بالزواج تقوم علاقات كثيرة من القرابات والأصهار مما يكون له الأثر الأكبر في الترابط والتناصر وتبادل المنافع . وقد تزوّج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وحفصة رضي الله عنهما ابنتي صاحبيه أبي بكر الصديق وعمر الفاروق، مما زاد أواصر الصداقة بينهم، وتزوج جويرية بنت الحارث رضي الله عنها بعد أن هزم قومها ووقعوا في أسر المسلمين، فكان من نتيجة هذا الزواج، أن فكّ المسلمون أسر من بأيديهم من قومها بلا فداء، قائلين أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسرى بأيدينا ؟! وتزوّج صفية بنت حيي بعد أن انتصر على قومها من اليهود، وكان من نتيجة هذا الزواج أن خفّ كيد اليهود على المسلمين، وهكذا تزوجه عليه الصلاة والسلام ببقية زوجاته كان لكل منها هدف وحكمة.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (11) :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الدين أولاً:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تنكح المرأة لأربع خصال: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)(1) في الحديث إخبار بما يفعل الناس في العادة، وأنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وآخرها عندهم ذات الدين.
وفيه حث على اختيار ذات الدين سواء اجتمعت فيها بقيت الصفات أم لا(2) وتقديم ذات الدين على غيرها من النساء ولو كن أكثر جمالاً منها لأمور؛ منها أن ذات الدين أكثر حفظاً لنفسها ولمال زوجها فعن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أربع من أعطيهن، فقد أُعطي خير الدنيا والآخرة قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وبدناً على البلاء صابراً، وزوجة لا تبغيه خَوْناً في نفسهاوماله)(3).
ومنها أن ذات الدين حسنة التبعل لزوجها وتفعله تديناً، فعن أبي هريرة قال: قيل لرسول الله أي النساء خير؟ قال: (التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره)(4) ولفظ الطبراني (ما أفاد عبد بعد الإسلام خيراً له من زوج مؤمنة، إذا نظر إليها سرّته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
ومنها أن ذات الدين عضو صالح في مجتمع زوجها؛ لأنها تعلم ما عليها من واجبات وما لها من حقوق فتلزم حدودها، وتراقب الله تعالى في أفعالها، ومنها أن ذات الدين تُقدِّر مسؤولياتها تجاه بيتها وزوجها وأولادها، فإن جمعت ذات الدين معه الجمال فهو خير على خير، وقد راعى الإسلام الحاجة النفسية إلى الشكل الذي ترتاح له النفس ولأجل ذلك شرع النظر إلى المخطوبة، لكن ليحذر الشاب من الجري وراء الجمال وإغفال الدين، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم وخضراء الدمن) فقيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: (المرأة الحسناء في المنبت السوء)(5). الودود الولود ثانياً: فتحبب المرأة لزوجها وتوددها إليه من الصفات المطلوبة، والتي ينبغي أن لا يغفلها الخاطب، وهذا مبني أيضاً على دين المرأة فكلما كانت أتقى لله عز وجل كانت أعرف بحق زوجها عليها، وأحرص على رضاه ما لم يكن فيه معصية لله تعالى، عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خير نسائكم من أهل الجنة الودود الولود العوود على زوجها؛ التي إذا أذنبت أو آذت أتت زوجها حتى تضع يدها في كفه، فتقول: لا أذوق غمضاً حتى ترضى)(6).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وكذلك أن تكون المرأة قادرة على الإنجاب بأن لا يكون فيها علة تمنع منه، عن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: (لا) ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: (تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم)(7).
وبعد هذه الصفات تأتي بقية الصفات التي يطلبها الناس عادة؛ من الدراية بأمور البيت والدربة على التربية، والمهارة في التنظيم والتجمل... الخ.
وإذا وفقك الله أخي القارئ لاختيار امرأة ما فصلِ ركعتين - صلاة الاستخارة – ففيها الخير الكثير.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه البخاري ك النكاح باب الأكفاء في الدين ح 5090-9/132 مع الفتح، ومسلم ك النكاح باب استحباب نكاح ذات الدين 10/51 مع شرح النووي.
(2) انظر سبل السلام 3/238، شرح النووي لصحيح مسلم 10/52، فتح الباري 9/135.
(3) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ح 2249-4/155،156 – انظر مجمع البحرين – وفي المعجم الكبير ح 11275-11/109، والبيهقي في كتابه الآداب ح 1030 ص459، قال المنذري في الترغيب والترهيب ح 7-3/67: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وإسناد أحدهما جيد، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/273: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجال الأوسط رجال الصحيح.
(4) أخرجه النسائي ك النكاح باب أي النساء خير ح 3231-6/68، والحاكم ك النكاح باب أي النساء خير 2/161 وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وأحمد 2/251، والطبراني في المعجم الأوسط ح 2136-3/71، وهو حسن الإسناد لأجل محمد بن عجلان.
(5) أخرجه في مسند الشهاب ح 957-2/96.
(6) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال ح493-2/682 قال: في إسناده خلف بن خليفة الأشجعي وهو صدوق . وحسّنه الألباني في صحيح الجامع ح 2604.
(7) أخرجه أبو داود ك النكاح باب النهي عن تزويج من لا تلد من النساء ح 2050-2/227، والنسائي ك النكاح باب كراهية تزويج العقيم ح 3227-6/65، وابن حبان في صحيحه ك النكاح ذكر الزجر عن أن يتزوج المرء من النساء من لا تلد ح 4040 و 4045-6/144 نحوه، والحاكم ك النكاح باب تزوجوا الودود الولود 2/162 نحوه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ووافقه الذهبي، والبيهقي ك النكاح باب استحباب التزوج بالودود الولود 7/81 نحوه. وإسناد أبي داود حسن لوجود راوٍ صدوق هو مستلم بن سعيد لكن يشهد له حديث أنس الآتي الصحيح وبه يرتقي إلى الصحيح لغيره. وانظر فتح الباري 9/111 و نيل الأوطار 6/105.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (12) :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
مَن الذي تقبلينه زوجاً
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
كثيرٌ من الناس لا يقدرون قلق الفتاة عند خطبتها، والبعض منهم يطالب المرأة بالمغامرة والمخاطرة وقبول أي طارق، رغم أن المرأة أحق بالقلق من الرجل، فهي
مقيمة في أسر الرجل ولهذ وصى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال (ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم)(1).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
ولما كان يصعب على المرأة الاطلاع على حقيقة حال الخاطب، أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليها بالسؤال عن الخاطب والتحري عن خبره وحاله فإن كان صالحاً ذا خلق حسن فحيهلا وإلا فلا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إذا خطب إليكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)(2). والمعنى إن لم تزوجوا من ترضون دينه وخلقه، وترغبوا في مجرد الحسب والجمال أو المال يكن فساد كبير ؛ لأنكم إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه، ربما بقي أكثر نسائكم بلا أزواج، وأكثر رجالكم بلا نساء، فيكثر الافتتان، وربما يلحق الأولياء عار، ويترتب عليه قطع النسب وقلة الصلاح والعفة(3).
والولي وغيره ممن يُستشار في الخاطب مؤتمنون، فلا يحق لأحد أن يكذب أو يماري أو يخفي سوءاً يعلمه في الخاطب، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة فعن فاطمة بن قيس رضي الله عنها قالت: ذكرت له – أي للنبي صلى الله عليه وسلم – أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أما جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكحي أسامة بن زيد)، فكرهته ثم قال (أنكحي أسامة) فنكحته فجعل الله فيه خيراً واغتبطت)(4)، فالكلام في الخاطب وذكر ما فيه من عيب ليس من الغيبة المحرمة بل هو من النصيحة لئلا تقع المرأة في المشقة، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُخلص النصيحة لفاطمة بنت قيس لما استشارته، فأخبر عن جهم أنه كثير الضرب، وعن معاوية أنه في غاية الفقر والفاقة، وأشار عليها بالزواج من أسامة لما علم من مصلحتها في ذلك، وكان كذلك، ولذا قالت (فجعل الله فيه) أي فقدّر في أسامة وصحبته خيراً كثيراً، واغتبطت أي به وصرت ذات غبطة بحيث اغتبطتني النساء لحظ كان لي منه(5).
فالدين والخلق الحسن والقدرة المالية على النفقة كلها من الصفات المطلوبة المعتبرة في الرجل.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه الترمذي ك النكاح باب ما جاء في حق المرأة على زوجها ح 1163-5/372 وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه النسائي في سننه الكبرى باب ما جاء في حق المرأة على زوجها ح 9169-5/372. ومعنى عوان أي كالأسيرات أنظر النهاية في غريب الحديث والأثر 3/314، ومختار الصحاح 1/192.
(2) أخرجه الترمذي ك النكاح باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه ح 1084، 1085، وابن ماجه ك النكاح باب الأكفاء ح 1967، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ح 865.
(3) انظر تحفة الأحوذي 4/172، وشرح سنن ابن ماجه 1/141.
(4) أخرجه مسلم ك النكاح ح 1479-2/1114
(5) انظر مرقاة المفاتيح 5/445، سبل السلام 4/194.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (13) :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تتبتلوا
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- قال: (ردّ رسول الله صلى اللهعليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له، لاختصينا). رواه البخاري ومسلم.(1)
قال الطبري(2): التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون؛ تحريم النساء والطيب وكل ما يتلذَّذُ به فلهذا أنزل في حقه: (يَا أَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا لاَتُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَيُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة: 87.
إن منهج التبتل والانقطاع للعبادة والابتعاد عن المشاركة في عمران الأرض وعن الانتفاع بما خلق الله تعالى فيها من الطيبات والخيرات هو منهج يرفضه الإسلام ويأباه، بل إن الإسلام يعتبر ذلك هروباً من حمل الأمانة التي طلب الإنسان أن يحملها دون بقية مخلوقات الله تعالى.
ورغم نهي الإسلام عن سلوك هذا الطريق-العزوف عن الزواج- نجد كثير من المسلمين اليوم من يسير عليه ويدعو إليه لأسباب مختلفة دينية(زعموا) أو دنيوية.
وقد حذر السلف الصالح رحمهم الله من هذه الطريقة قال عمر بن الخطاب لأبي الزوائد: إنما يمنعك من التزويج عجز أو فجور، أخرجه ابن أبي شيبة وغيره.(3)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وإذا كان سبب العزوف ظروف المعيشة القاسية وقلة ذات اليد فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:ثلاث حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. رواه الترمذي.(4)
وقال أبو بكر الصديق- رضي الله عنه-: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى).(5)
وأما إذا كان السبب الهروب من تحمل المسؤولية وأعباء أسرة-من رعاية ونفقة وتربية- فهذا إهمال لأوامر الشرع، ومخالفة لسنة الأنبياء والمرسلين الذين أمرنا الله بإتباعهم والإقتداء بهم، كما أنه تضيِّيع لأجر عظيم؛ فبالزواج يكسب الفرد الأجر والثواب الجسيم قال عليه الصلاة والسلام: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في امرأتك) متفق عليه.(6)
فبادر أخي المسلم وأختي المسلمة إلى الزواج مادام في العمر بقية امتثالا لأمر الله تعالى وطمعاً بما عنده، قال ابن مسعود: لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوماً ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg (1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: النكاح، باب: ما يكره من التبتل والخصاء، رقم: 4786، ج: 5/1952. ومسلم في صحيحه، كتاب: النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه واشْتغال من عجز عن المؤن بالصوم، رقم: 1402، ج:2/1020.
(2) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تأليف: أبي جعفر محمد بن جرير الطبري(7/12).
(3) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب النكاح، في التزويج من كان يأمر به ويحث عليه، رقم: 15910، ج3/453. وعبد الرزاق في مصنفه، كتاب: النكاح، باب: وجوب النكاح وفضله، رقم: 10384، ج6/170. وسعيد بن منصور في سننه، كتاب: الوصايا، باب: الترغيب في النكاح، رقم: 491، ج1/164.
(4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، رقم: 7410، ج 2/251. والترمذي في سننه، كتاب: فضائل الجهاد، باب: بَاب ما جاء في الْمُجَاهِدِ وَالنَّاكِحِ وَالْمُكَاتَبِ وَعَوْنِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، رقم: 1655، ج 4/184، وقال: هذا حديث حسن، وابن حبان في صحيحه، كتاب: النكاح، ذكر معونة الله جل وعلا القاصد في نكاحه العفاف والناوي في كتابته الأداء، رقم: 4030، ج 9/339، والحاكم في المستدرك، كتاب: النكاح، رقم: 2678، ج 2/174، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وابن ماجه في سننه، كتاب: العتق، باب: المكاتب، رقم: 2518، ج 2/841. والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب: النكاح، باب: رغبة في النكاح، رقم: 13234، ج 7/78. وعبد الرزاق في مصنفه، كتاب: الجهاد، باب: فضل الجهاد، رقم: 9542، ج 5/259.
(5) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ج 8/2582، رقم: 14449.
(6) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب:ما جاء أن الأعمال بالنية، وقم: 56، ج1/30. ومسلم، كتاب الوصية، باب: الوصية بالثلث، رقم: 1628، ج3/1251.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (14) :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
لا إجبار على النكاح
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن). قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: (أن تسكت) رواه الجماعة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله: تستأمر النساء في أبضاعهن، قال: (نعم)، قلت: إن البكر تستأذن وتستحي. قال: (إذنها صماتها). (رواه البخاري ومسلم).
وهذه الأدلة نص في أنه لا سبيل على المرأة بإجبار في النكاح ثيباً كانت أو بكراً، وأن الفرق بينهما إنما هو الفرق في صورة الإذن فالثيب -عادة- لا تستحي من الكلام في الزواج، ولذلك فهي تخطب إلى نفسها أو ترضى وتأمر وليها بولاية عقد نكاحها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (تستأمر) أي يطلب أمرها.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وأما البكر فالغالب عليها الحياء ولذلك تخطب من وليها والولي يستأذنها، فإن أذنت بمقال أو بسكوت يدل على الرضا تزوجت وإلا فلا.
وهذا من محاسن الشريعة الإسلامية حيث أن البيوت المسلمة التي بُنيت على أساس الرضا والرغبة غالبا ما تكون أكثر استقرارا وطمأنينة؛ لأن كل طرف أقبل على الآخر عن اقتناع ورغبة.
وإن المرأة إذا زُوِّجت بدون رضاها فإن العقد باطل، لأنه عقد محرم، فلا يمكن تصحيحه، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، ومذهب الحنفية، وهو رواية عن الإمام أحمد: أن العقد موقوف على إجازة المرأة ، فإن أجازته صح، وإلا فلها الفسخ (1).
ولقد خالف في هذا الحكم بعض الفقهاء-رحمهم الله- واستدلوا بتفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين البكر والثيب في الإذن، وقالوا: إنه يجوز إجبار البكر على الزواج(2)، وهذا خطأ لأن التفريق إنما هو في بيان صورة الرضا والإذن فقط.
ويدل على خطأ القول بإجبار البكر ما رواه ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والدار قطني).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وأخرج النسائي في سننه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: إن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته وأنا كارهة، فقالت عائشة: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله: قد أجزت ما صنع أبي، ولكني أردت أن أعلم النساء.
قال شيخ الإسلام المرأة لا ينبغي لأحد إن يزوجها إلا بإذنها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فإن كرهت ذلك لم تجبر على النكاح إلا الصغيرة البكر، فإن أباها يزوجها ولا إذن لها، وأما البالغ الثيب فلا يجوز تزويجها بغير إذنها لا للأب ولا لغيره بإجماع المسلمين، وكذلك البكر البالغ، ليس لغير الأب والجد تزويجها بدون إذنها بإجماع المسلمين(3) أ.هـ
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر المغني 7 / 364 ، فتح الباري 9 / 194؛ البحر الرائق شرح كنز الدقائق > كتاب النكاح.
(2) التاج والإكليل لمختصر خليل كتاب النكاح؛ والأم للشافعي(5/29)
(3) " مجموع الفتاوى " ( 32/39-40)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (15) :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
لا تجبر... ولو كان الأفضل
عن ابن عمر قال: توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خولة بنت حكيم بن أمية حارثة، وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبد الله: وهما خالاي. فخطبت إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة يعني إلى أمها فأرغبها في المال، فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبتا، حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال قدامة بن مظعون يا رسول الله: ابنة أخي أوصى بها إلي فزوجتها ابن عمتها، فلم أقصر بها في الصلاح، ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة وإنما حطت إلى هوى أمها. قال: فقال رسول الله: (هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها). قال فانتزعت والله مني بعد أن ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة. رواه أحمد والدارقطني
أيها الأولياء... إن إكراه الفتاة بمن لا ترضاه زوجاً سبب في بناء أسرة متفككة الروابط، مثقلة بالمشاكل عبئ على المجتمع المسلم.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وقضية الميل للطرف الآخر والرضا به قاعدة أساسية لبناء البيت المسلم وثباته بإذن الله تعالى، كما أنها قضية أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.أخرجه مسلم.
قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم : قوله صلى الله عليه وسلم: (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) قال العلماء: معناه جموع مجتمعة، أو أنواع مختلفة. وأما تعارفها فهو لأمر جعلها الله عليه، وقيل: إنها موافقة صفاتها التي جعلها الله عليها، وتناسبها في شيمها.
وقيل: لأنها خلقت مجتمعة، ثم فرقت في أجسادها، فمن وافق بشيمه ألِفه، ومن باعده نافره وخالفه . أهـ
فالمال والجاه وغيرها من مقومات الزوج الصالح الني تراها في الخاطب وترفضه الفتاة لأنها لا تجده الزوج الذي ستسكن إليه وتستقر نفسها معه كل ذلك أمور لا ينكرها الشارع الحكيم يقول الله عز وجل: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَمِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) الأعراف: 189.
فالزواج سكن.. ومودة.. وألفة.. واستقرار.. تلوح تباشيره عند أنفاسه الأولى فلا تتجاهلوها..
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (16) :
أ. باسمة بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
مشكلة اختيار الزوجة
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) أخرجه البخاري.
الحياة الزوجية ليست ميدان مجازفة ولا حقل تجارب، ولا يلام الرجل إذا أطنب في البحث عن شريكة حياته وأم أبنائه وحصن بيته.
وإذا أمعنا النظر في قضايا المشاكل الزوجية اليوم وجدنا أن جلها ناجم عن التسرع في اختيار الزوجة دون بحث وتدقيق وأسس اختيار صحيحة.
فالبعض يجعل أساس الاختيار الجمال، والبعض الآخر الجاه ومال، أو الحسب والنسب والمناصب إلى غير ذلك.
والبيوت التي تبنى على أسس اقتصادية، أو مطامع شخصية، أو على مظاهر شكلية ..توشك أن تزول وتنتهي.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وقد ذكر رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ مرغباتِ الزواج من المرأة عادةً فقرر أنها أربعة: وهي المال والحسب والجمال والدين.
وحضَّ على أن يكون المقياس المرغِّب في الزواج هو الدين وهو الحق الذي يعضده حال كثير من الأسر التي أولت هذا الجانب حقه من الاهتمام فهي تنعم في الاستقرار الأسري والحياة السعيدة، بينما بعض الأسر تعصف بها رياح الفتن والنزاعات لأنها أهملت جانب الدين قبل بنائها.
وكون النبي صلى الله عليه وسلم يجعل الدين الأساس في الاختيار لا يعني ذلك تجاهله عن الفطرة البشرية التي يسرها الجمال.
يقول الغزالي - رحمه الله: وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح المرأة لجمالها فلعل جمالها يرديها ولا لمالهافلعل مالها يطغيها وانكح المرأة لدينها) وإنما بالغ في الحث على الدين لأن مثل هذه المرأة تكون عوناً على الدين فأما إذا لم تكن متدينة كانت شاغلة عن الدين ومشوشة له.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
إلى أن قال: وما نقلناه من الحث على الدين وأن المرأة لا تنكح لجمالها ليس زاجر عن رعاية الجمال بل هو زجر عن النكاح لأجل الجمال المحض مع الفساد في الدين فإن الجمال وحده في غالب الأمر يرغب في النكاح ويهون أمر الدين.(1)
فاحرص يا أخي على الفتاة الصالحة؛ فهي زوجة بارة وأم حنون تحفظ العرض وتنشأ ذرية صالحة تنعم ببركتها في حياتك وبعد مماتك.
(1) أحياء علوم الدين للغزالي. كتاب آداب النكاح.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (16) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الكـــــفاءة
المقصود بـ الكفاءة في الزواج المماثلة بين الزوجين، دفعاً للعار في أمور مخصوصة(1). وهي معتبرة في الرجال دون النساء؛ فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من قبائل العرب عامة(2).
وهذه الأمور هي: الدين والنسب والحرية والحرفة والمال.
وقد اتفق العلماء على اعتبار الكفاءة في الدين والصلاح والاستقامة. واختلفوا في البقية. على قولين هما:
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القول الأول: الكفاءة غير معتبرة إلا في الدين، وهذا رأي الإمام مالك وأصحابه(3) والمحققين من العلماء كابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية رحمهم الله جميعاً، قال ابن القيم رحمه الله: (الذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك؛ فإنه حُرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث. ولم يعتبر نسباً، ولا صناعة، ولا غنى ولا حرفة، فيجوز للعبد نكاح المرأة النسيبة الغنية، إذا كان عفيفاً مسلماً، ويجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات)(4).
فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب بنت عمته -زينب بنت جحش القرشية- لزيد بن حارثة مولاه، وأشار على فاطمة بنت قيس حين استشارته في أمر تزوجها بأن تنكح أسامة بن زيد، وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم هذا المعنى – أن المسلمين أكفاء لبعضهم – وعملوا به؛ فعبد الرحمن بن عوف زوج بلالاً أخته، وزوج أبو حذيفة سالماً مولاه من فاطمة بنت الوليد بن عتبة، وتزوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير...(5)؛ بل أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم (إذا خطب إليكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) صريح في الدلالة على اعتبار الكفاءة في الدين فقط.
وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ عليه رجل، فقال (ما تقولون في هذا ؟) قالوا: حَريٌّ إن خطب أن يُنكح، وإن شفع أن يُشفع، وإن قال أن يُستمع، ثم سكت، مر رجل من فقراء المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم (ما تقولون في هذا ؟) قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يستمع. فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم (هذا خيرٌ من ملء الأرض مثل هذا)(6).
ومما يدل أيضاً على عدم اعتبار الكفاءة في المال والحرفة قوله تعالى: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)(7)، ففي هذه الآية حث على تزويج الفقير الصالح، والتبشير برزق من الله تعالى.
ولما حجم أبو هند النبي صلى الله عليه وسلم قال (يا بني بياضة أنكحوا أبا هند، وأنكحوا إليه، وإن كان في شيء مما تداوون خير فالحجامة)(8)، فحث على تزويج أبي هند رغم أنه كان يعمل حجاماً نظراً لديانته وتقواه.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر: مغني المحتاج 3/165، حاشية الوض المربع 6/278.
(2) انظر: بدائع الصنائع 2/320، المبدع /51.
(3) انظر التمهيد لابن عبد البر 9/163.
(4) زاد المعاد 4/22.
(5) انظر الجامع لأحكام القرآن 14/187.
(6) أخرجه البخاري ك النكاح باب الأكفاء في الدين ح 5091.
(7) سورة النور آية 32.
(8) أخرجه أبو داود ك النكاح باب في الأكفاء ح2102-2/240.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (18) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
رؤية المخطوبة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : تزوج رجل من الأنصار امرأة من الأنصار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أ نظرت إليها ؟) قال: لا، قال: (فاذهب فانظر إليها ؛ فإن في أعين الأنصار شيئاً)(1).
وفي الحديث دليل على إباحة النظر إلى المخطوبة، قال ابن قدامة في المغني : (لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها).
كما أن القول باستحبابه متجه ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم به، ولربطه بالوفاق والوئام كما في الحديث الآتي عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال : خطبت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أنظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما)(2). وفي رواية (أحرى).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وأجدر وأحرى بمعنى واحد(3)، يؤدم أي تجتمعا وتتفقا على ما فيه صلاح أمركما(4). وله أن ينظر إليها من دون علمها وقبل خطبتها إذا غلب على ظنه إجابته إلى تزوجها، لعدم اشتراط إذنها في الحديث، لكن لا يخلو بها، ولا ينظر إليها نظر تلذذ ونحوه.
واختلف العلماء فيما يسمح للخاطب أن ينظر إليه من المرأة ؛ فقيل : لا ينظر إلا إلى وجهها وكفيها لدلالة الوجه على الجمال أو ضده، والكفين على خصوبة البدن أو عدمه. وقيل : ينظر إلى ما يظهر منها غالباً. وقيل غير ذلك، ولعل الراجح والله تعالى أعلم النظر إلى ما يظهر غالباً ؛ قال ابن قدامة رحمه الله : (ووجه جواز النظر إلى ما يظهر غالباً لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في النظر إليها من غير علمها عُلم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة ؛ إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور، ولأنه يظهر غالباً فأبيح النظر إليه كالوجه، ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع، فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم) والله تعالى أعلم(5)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه مسلم ك النكاح باب ندب من أراد نكاح امرأة إلى أن ينظر إلى وجهها وكفيها 9/209 -مع شرح النووي – نحوه.
(2) أخرجه النسائي ك النكاح باب إباحة النظر قبل التزويج ح 3235-6/69، والترمذي ك النكاح باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة ح 9093-2/275، والدارمي ك النكاح باب الرخصة في النظر للمرأة عند الخطبة 2/134، وغيرهم، وهو حديث صحيح.
(3) النهاية في غريب الحديث 1/375.
(4) النهاية في غريب الحديث 1/32.
(5) انظر : بداية المجتهد 2/3، معالم السنن 3/168، فتح الباري 9/182، المغني 6/552-554.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (19) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
حكم الخطبة على الخطبة
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى بترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب)(1).
وهذا النهي يفيد التحريم عند عامة العلماء ؛ فمن فعل ذلك فأجيب صحّ نكاحه مع الإثم ما لم يأذن له الخاطب الأول(2). وقوله: (حتى يترك الخاطب الأول) يفيد أن التحريم إنما يكون إذا صرحت المخطوبة أو وليها بالرضا. فإذا رُدّ الأول، أو رجع عن الخطبة، فلا تحرم خطبة الثاني، وكذا لا يحرم على الثاني الخطبة إذا لم يعلم بخطبة الأول. أو أذن له(3).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
العدول عن الخطبة:
الخطبة وعد بالزواج، وليست عقداً ملزماً تبنى عليه الحقوق، فإن رجعا أو رجع أحدهما عن الخطبة لعذر أو غرض فله ذلك، وإن كان لغير عذر أو غرض صحيح كره لما فيه من إخلاف الوعد، والرجوع عن القول ولم يحرم ؛ لأن الحق بعد لم يلزمهما(4).
حكم ما يقدمه الخاطب أثناء مدة الخطبة:
- المــهر: إن كان الخاطب قد قدَم المهـر فله حق استرجاعه، لأن المهر إنما يجب بالزواج، والزواج قد أُلغي فله حق استرجاعه.
- الهدايا: وقد اختلف فيها العلماء على أقوال نجملها فيما يلي:
الأول: ذهب الأحناف إلى رد ما وهب إن كان قائماً على حالته كالأسورة والخواتم ونحوها، أما إذا لم يكن قائماً بأن فقد أو بيع أو أُكل أو خيط فإنه لا يُرد.
الثاني: ذهب المالكية إلى التفريق بين أن يكون الرجوع من الخاطب فلا يرد إليه شيء مما أعطى غير المهر، وبين أن يكون الرجوع من المخطوبة فإنها ترد له ما أخذت، وإن كانالرجوع منهما جميعاً فلا يُرد شيء وفي حال الرد إن كانت الهدايا قد فنيت فتقوّم يوم أهدى وترد القيمة.
الثالث: ذهب الشافعية إلى أن له الرجوع فيما أعطى، لأن ما قدمه كان مقابل عوض وهو الزواج ولم يتم فله الرجوع، وإليه ذهب ابن القيم رحمه الله.
الرابع: ذهب الحنابلة إلى أنه لا يجوز له استرجاع الهدايا لأنها كالهبة والهبة لا يجوز الرجوع فيها.
والذي نراه هو رأي المالكية رحمهم الله تعالى، لما في ترك الخطبة من ضرر على الخاطب إن كان الترك من جهة المخطوبة، أو يكون الضرر على المخطوبة إذا كان الترك من جهة الخاطب، ما لم يكن لدى التارك عذر ومبرر شرعي مقبول شرعي. وقياس الهدايا على الهبة قياس مع الفارق، فالهدايا تختلف عن الهبات ؛ بأن الأولى بعوض، والثانية تبرع بلا عوض. والله تعالى أعلم(5).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه البخاري ك النكاح باب لا يخطب على خطبة أخيه ح5142-9/198 مع الفتح، ومسلم ك النكاح باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه..9/197 مع شرح النووي.
(2) انظر فتح الباري 9/199، وشرح النووي لصحيح مسلم 9/197.
(3) انظر امراجع السابقة وسبل السلام 3/243، حاشية الروض المربع 6/242.
(4) انظر: المغني 7/111. وقد قاس المسألة على من سام سلعة ثم بدا له ألا يبيعها.
(5) وهذا هو رأي القانون المصري انظر نظام الأسرة في الإسلام د. محمد عقلة 1/233. وعزاه إلى كتاب لـ الأحوال الشخصية لـ البرديسي ص11.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (20) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
أركان عقد النكاح (1-4)
أركان الشيء أجزاء ماهيته، والماهية لا توجد بدون جزئها(1).
وأركان العقد خمسة الصيغة (أي الإيجاب والقبول)، والزوجان، والولي، والشاهدان، والصداق(2).
الركن الأول: حصول الإيجاب وهو اللفظ الصادر من أحد العاقدين أولاً دالاً في رغبته في إنشاء العقد، سواء صدر عن الزوج أو وليه أو وكيله، أو صدر عن ولي الزوجة.
وحصول القبول وهو اللفظ الذي يصدر ثانياً عن العاقد الآخر دالاً على رضاه بما أوجبه الأول(3).
الصيغة اللفظية للإيجاب والقبول وتكون بلفظ الإنكاح والتزويج وما اشتق منهما؛ وسواء كانا بصيغة الماضي أو المضارع، أو كان الإيجاب ببصيغة الأمر والقبول بصيغة الماضي....(4)
حكم العقد بالكتابـة:
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
ذهب الجمهور من العلماء إلى أن الإيجاب والقبول يصحان بالكتابة، فإذا كان الرجل غائباً ويتعذر حضوره إلى مجلس العقد، فبعث إلى المرأة كتاباً يتضمن إرادته الزواج بها – الإيجاب – فلما بلغها قامت بقراءته أمام الشهود، أو ذكرت مضمونه أمامهم وأتبعت ذلك بالقبول صح العقد. والدليل على جواز العقد بالكتابة ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى النجاشي ملك الحبشة يخطب أم حبيبة رضي الله عنها فزوجها منه متولياً ذلك بالوكالة وأمهرها عنه.
ويشترط لانعقاد الإيجاب والقبول بالكتابة ما يلي:
1- أن يكون الزوج غائباً عن مجلس العقد.
2- أن تكون الكتابة واضحة.
3- أن تكون موجهة إلى المرأة أو وليها من الخاطب وعليها توقيع ونحوه يثبت صحة نسبتها إليه.
4- أن تقرأ المرأة نص الرسالة أو تذكر فحواها بحضرة الشهود ثم تعلن بولها بحيث يسمع الشهود طرفي العقد – الإيجاب والقبول -.
والأفضل في زماننا – بعد أن انتشرت وقائع الكذب والتزوير في العقود والمعاملات – أن يتم عقد الغائب من خلال ووكالة رسمية لدى كاتب العدل، فيوكل الزوج من يشاء في تزويجه وكالة خاصة أو عامة(5)، وكذا يصح لولي المرأة أن يوك من يزوجها، ووكيل كل ولي يقوم مقامه، غائباً أو حاضراً بشرط إذنها للوكيل بعد توكيله، ويشترط في وكيل ولي ما يشترط فيه(6).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر: المبدع 7/17، كشاف القناع 5/37.
(1) كذا عند الشافعية الأربعة انظر مغني المحتاج 3/139، الإقناع للشربيني 2/408، روضة الطالبين 7/36، وعند المالكية خمسة بإضافة الصداق انظر حاشية الدسوقي 2/294، القوانين الفهية لابن جزي 1/131، وعند الحنابلة الزوجان والصيغة انظر المبدع 7/17، الفروع 5/123، كشاف القناع 5/37،كتب ورسائل ابن تيمية 32/15، حاشية الروض المربع 6/246 وجعلوا الباقي من شروط الصحة، واخترنا قول المالكية لأن العقد لا يصح بغير هذه الأمور والله تعالى أعلم.
(1) انظر حاشية الروض المربع 6/246، منار السبيل 2/146. والمراجع السابقة.
(1) انظر المراجع السابقة.
(1) انظر شرح قانون الأحوال الشخصية لـ السباعي 1/94، أحكام الأحوال الشخصية لـ شقفة 1/154. منقول من حاشية نظام الأسرة في الإسلام لـد. محمد عقلة 1/245.
(1) انظر حاشية الروض المربع 6/272، منار السبيل 2/154.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (21) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
أركان عقد النكاح (2-4)
الركن الثاني: وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح؛ بأن لا تكون المرأة مثلاً من اللواتي يحرمن على هذا الرجل بنسب أو رضاع أو عدة أو غير ذلك، ولا يكون الرجل مثلاً كافراً والمرأة مسلمة وغير ذلك من الموانع الشرعية(1).
والمحرمات في النكاح قسمان:
القسم الأول: محرمات على التأبيد وقد جمعن في قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً)(2)، وهن ثلاثة أنواع؛ الأول: محرمات بالنسب ويشملن الأم والجدة من قبل الأم أو الأب وإن علت، والبنت وبنت الابن وبنتاهما من حلال أو حرام وإن سفلت، وكل أخت شقيقة أو لأب أو لأم، وبنتها وبنت ابنها وإن نزلت، وبنت كل أخ وبنتها، وبنت ابن الأخ وإن سفلت، وكل عمة وخالة وإن علتا من جهة الأب أو الأم، والدليل على كل أولئك قوله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت)، الثاني: محرمات بالرضاع ويحرم به ما يحرم بالنسب للآية (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة)، ولقوله عليه الصلاة والسلام (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)(3)، الثالث: محرمات بالمصاهرة وهن صنفان؛ صنف يحرم بمجرد العقد وإن لم يحصل دخول وهن زوجة الأب ولو من رضاع، وزوجة كل جد وإن علا لقوله تعالى (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء)(4)، وزوجة الابن وإن نزل ولو من رضاع لقوله تعالى (وحلائل أبنائكم)، وتحرم أيضاً أم الزوجة وجداتها لقوله سبحانه (وأمهات نسائكم)، وصنف يحرم بالدخول وهن بنات الزوجة التي دخل بها وبنات أولادها الذكور والإناث وإن نزلن من نسب أو رضاع لقوله تعالى (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن).
القسم الثاني: محرمات إلى أمد وهن ما يلي: االأول: من يحرمن بسبب جمع كالمرأة وأختها لقوله تعالى (وأن تجمعوا بين الأختين)، والمرأة وعمتها أو خالتها لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها)(5)، وكذلك الزواج بخامسة حتى يطلق إحدى زوجاته وتنقضي عدتها فلا يحل له أكثر من أربع لقوله تعال (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)(6) الثاني: من تحرم لعارض وهن: المعتدة من الغير حتى تنقضي عدتها لقوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله)(7)، ومطلقته ثلاثاً حتى تنكح زوجاً نكاح رغبة ثم يطلقها وتقضي عدتها، لقوله تعالى (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون)(8)، والمحرمة حتى تحل من إحرامها لقوله عليه الصلاة والسلام (لا يَنْكِح المحرم، ولا يُنْكَح، ولا يَخْطُب)(9)، والزانية حتى تتوب لقوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين)(10)، والكافرة غير الكتابية حتى تؤمن لقوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن)(11)، وقوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر)(12)، أما الكتابية العفيفة فيحل للمسلم نكاحها لقوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم)(13)(14).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر حاشية الروض المربع 6/246 وعدّ الأكثر ركنين فقط ولم يعرجوا على هذا لوضوحه، وذكره بعض العلماء ضمن الشروط.
(2) سورة النساء آية 23.
(3) أخرجه البخاري ك النكاح باب (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) ح5099-9/140 مع الفتح، ومسلم ك الرضاع 10/18 مع شرح النووي.
(4) سورة النساء آية.
(5) أخرجه البخاري ك النكاح باب لا تنكح المرأة على عمتها ح5109 -9/160 مع الفتح، ومسلم ك النكاح باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها ح33-4/134.
(6) سورة النساء آية 3.
(7) سورة البقرة آية 235.
(8) سورة البقرة آية 230.
(9) أخرجه مسلم ك النكاح باب تحريم نكاح المحرموكراهة خطبته 9/194 مع شرح النوي.
(10) سورة النور آية 3.
(11) سورة البقرة آية 221.
(12) سورة الممتحنة آية 10.
(13) سورة المائدة آية 6.
(14) انظر: شرح الروض المربع 6/294-312، منار السبيل 2/161-171.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (22) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
أركان عقد النكاح (3-4)
الركن الثالث : أن يعقد على المرأة وليها ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا نكاح إلا بولي)
فلو زوجت المرأة نفسها بدون وليها فنكاحها باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ) .
مَن هو الولي : يرى جمهور الفقهاء أن الولي في الزواج يكون من العصبة ويقدم أبو المرأة لأنه لا ولاية لأحد معه عليها ، ثم وصية في تزويج ابنته ، ثم الجد للأب ، ثم الابن ، ثم الأخ الشقيق ، ثم للأب ، ثم أبناء الأخوة ثم العم الشقيق للأب ، ثم أبناء العم .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
شروطه : الإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، والذكورة ، والعدالة .
عضل الأولياء : ليس للولي أن يعضل موليته إذا طُلبت من كفء ، وبصداق مثلها ولها أن ترفع أمرها إلى السلطان ليزوجها إذا عضلت إلا إذا كان الأب هو الولي ففي هذه المسألة خلاف .
قال تعالى : (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن) . قال الحسن : "حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه ، قال زوجت أختاً لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ، ثم جئت تخطبها ، لا تعود إليك أبداً . وكان رجلاً لا بأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه . فأنزل الله هذه الآية (فلا تعضلوهن) فقلت الآن أفعل يا رسول الله ، قال : فزوجها إياه" .
وللبكر أن ترفض تزويج والدها لها من فاسق وللحاكم أن يفرق بينهما إن حصل ذلك .
الحكمة من اشتراط الولي في النكاح :
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
إن من مقاصد هذا التشريع الحكيم صيانة المرأة عن أن تباشر بنفسها ما يُشعر بوقاحتها وميلها إلى الرجال ، مما ينافي حال أرباب الصيانة والمروءة .
قال الشيخ ولي الله الدهلوي رحمه الله :[ واستبداد النساء بالنكاح وقاحة منهن ، منشؤها قلة الحياء ، واقتضاب على الأولياء ، وعدم اكتراث ، وأيضاً يجب أن يميز النكاح من السفاح بالتشهير ، وأحق التشهير أن يحضره أولياؤها) .
كما أن المرأة - لقلة تجربتها في المجتمع ، وعدم معرفتها شئون الرجال وخفايا أمورهم – غير مأمونة حين تستبد بالأمر لسرعة انخداعها ، وسهولة اغترارها بالمظاهر البراقة دون تزو وتفكير في العواقب ، وقد اشترط إذن الولي مراعاة لمصالحها لأنه أبعد نظراً ، وأوسع خبرة ، وأسلم تقديراً ، وحكمه موضوعي لا دخل فيه للعاطفة أو الهوى ، بل يبنيه على اختيار من يكون أدوم نكاحاً وأحسن عشرة . وكيف لا يكون لوليها سلطان في زواجها وهو الذي سيكون – شاءت أم أبت ، بل شاء هو أو أبى – المرجع في حال الاختلاف ، وفي حالة فشل الزواج يبوء هو بآثار هذا الفشل ، ويجني ثمرات خطأ فتاته التي تمردت عليه وانفردت بتزويج نفسها؟! .
إن الهدف من رقابة الولي على اختيار الزوج ليس فقط تسهيل الزواج ، وإنما أيضاً تأمينه وتوفير عوامل الاستقرار له ، ورعاية مصالح الفتاة التي ائتمنه الله عليها ، وإن قصر نظرها عن إدراكها ، ومن هنا كان مبنى الولاية على حسن النظر والشفقة وذلك معتبر بمظنته ، وهي القرابة ، فأقربهم منها أشفقهم عليها ، وهذا أغلب ما يكون في العصبة .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (23) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
أركان عقد النكاح (4-4)
الركن الرابع: الشهادة على عقد النكاح
لحديث جابر مرفوعاً (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)(1) قال الترمذي : العمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم . ويشترط في الشاهدين أن يكونا ذكرين مسلمين مكلفين عدلين من غير أصلي الزوجين وفرعيهما ؛ لأن شهادتهم لا تقبل للزوجين ، متكلمين ؛ لأن الأخرس لا يتمكن من آداء الشهادة ، وأن يكونا سميعين ؛ لأن الأصم لا يسمع العقد فيشهد به ، واشتراط الشهادة في النكاح احتياط للنسب خوف الإنكار(2).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) عزاه السيوطي إلى البيهقي عن عمران بن الحصين وعن عائشة رضي الله عنهما ، وإلى الطبراني عن أبي موسى رضي الله عنه ، وصححه الألباني . انظر صحيح الجامع ح7433و7434 -6/203 .
(2) انظر حاشية الروض المربع 6/276 ، منار السبيل 2/157 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (24) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الشروط في النكاح ( 1-2 )
الشروط في النكاح قسمان :
القسم الأول : صحيح وهو شرط ما تنتفع به المرأة مثل : اشتراط زيادة في المهر ، أو نقد معين منه ، أو لا يخرجها من دارها أو بلدها ، أو لا يتزوج عليها ، أو لا يفرق بينها وبين أهلها أو أولادها ، أو مواصلة تعليمها ونحو ذلك مما تنتفع به المرأة ولا تتعدى به على الغير ، فالوفاء به واجب ، وإذا لم يفِ به كان لها الفسخ على التراخي ولا يسقط ملكها الفسخ إلا بما يدل على رضاها من قول أو تمكين مع العلم بعدم وفائه لها بما شرطت عليه(1) .
والدليل قول رسول الله e ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج )(2) ، ولعمومات الأمر بالوفاء بالعقود والعهود .
فإن كان في شرطها تعدٍ على حق الغير كاشتراط طلاق ضرتها لم يصح لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في قوله عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ أَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ مَا فِى صَحْفَتِهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَازِقُهَا )(3) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) المبدع 7/80 ، دليل الطالب 1/231 ، الإنصاف للمرداوي 8/154،155 ، منار السبيل 2/157 ، الكافي في فقه ابن حنبل 3/55 ، المغني 7/71 .
(2) أخرجه البخاري باب الشروط في المهر عند عقد النكاح ح 2572-2/970 ، ومسلم باب الوفاء بالشروط في النكاح ح 1418 .
(3) أخرجه مسلم باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها ح 3509-4/136 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (25) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الشروط في النكاح ( 2-2 )
القسم الثاني : فاسد وهو نوعان :
النوع الأول : يبطل الشرط ويصح النكاح مثل أن يشترط أن لا مهر لها ، أو لا نفقة لها ، أو أن تنفق عليه ، أو أن يقسم لها أكثر من ضرتها ، أو أقل أو أكثر ، أو لا يقسم لها إلا في النهار دون الليل ، أو ليلة في الأسبوع ، ...الخ . وهذه الشروط باطلة وإن رضيت بها ، ولها الحق في الرجوع عنها ومطالبته بها والنكاح صحيح ، لمنافاة هذه الشروط مقتضى العقد ، وتضمنها إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل إنعقاده(1) (2).
النوع الثاني : يبطل النكاح ، وله ثلاث صور هي ما يلي :
الصورة الأولى : نكاح الشغار وهو أن يزوج الرجل موليته بشرط أن يزوجه الآخر موليته وليس بينهما مهر. وهذا نكاح باطل(3)، لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار ، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق )(4) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الصورة الثانية : نكاح المحلل وهو أن يتزوج المرأة بشرط أن يحللها لمطلقها ثلاثاً وهو باطل حرام في قول عامة أهل العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن الله المحلل والمحلل له )(5) ، وكذا إذا نوى التحليل دون شرط فلا يصح ، فقد روى نافع عن ابن عمر أن رجلاً قال له : تزوجتها أحلها لزوجها ، لم يأمرني ولم يعلم ؟ قال : لا ، إلا نكاح رغبة ؛ إن أعجبتك أمسكتها ، وإن كرهتها فارقتها(6) .
الصورة الثالثة : النكاح المؤقت وهو أن يتزوج المرأة إلى مدة ، أو يشترط طلاقها بوقت كذا ، أو ينويه بقلبه ولا يشترطه على المرأة أو وليها ؛ فهذه ثلاث حالات .
فأما الحالة الأولى , هي أن يتزوج المرأة إلى مدة معلومة أو غير معلومة ، فهذا هو نكاح المتعة رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم بسبب شدة العزوبة في الغزو والسفر ثم نهى عنه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( كنا نغزوا مع رسول الله وليس معنا نساء فقلنا : ألا نختصي ؟ فنهانا عن ذلك ، ثم رخص لنا أن نستمتع ، فكان أحدنا ينكح المرأة بالثوب إلى أجل )(7) .
وعن سبرة الجهني أنه كان مع رسول الله فقال ( أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء ، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً )(8).
والأحاديث في تحريم نكاح المتعة كثيرة(9) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
أما الحالة الثانية : أن ينكح المرأة ويشترط طلاقها بوقت محدد أو غير محدد ، كقوله حتى أرجع بلدي ، أو تنقضي تجارتي ، أو عاماً ، ...الخ . وهذا نكاح باطل لشبهه بالمتعة ، ومخالفته لمقصود النكاح – العشرة الدائمة وحصول السكن والطمئنينة وإنجاب الأولاد ..._ والفرق بينه وبين المتعة ، أن يفتقر إلى لفظ الطلاق أما المتعة فبمجرد انتهاء المدة يفترقان(10) .
أما الحالة الثالثة : أن ينكح المرأة وهو ينوي طلاقها بقلبه ، وهذا اختلف فيه العلماء على ثلاثة أقوال ؛ القول الأول أن النكاح صحيح إذا استوفى أركانه وشروطه ، ونيته لا تضر لأنه قد تعجبه المرأة أو تنجب له ولداً فيمسكها ، وإليه ذهب جمهور أهل العلم(11) .
القول الثاني : أن النكاح لا يصح لأنه نكاح متعة وإن لم يشترط ، وقياساً على نكاح المحلل الذي نوى التحليل بقلبه ولم يشرطه فقد اتفق العلماء على بطلانه ، وهذا مثله . وإلى هذا ذهب الأوزاعي وجماعة من أهل العلم .
القول الثالث : أن النكاح يصح مع الإثم ، والأولى منعه لما فيه من التغرير بالمرأة ووليها ؛ إذ لو علما بنيته ما قبلا هذا الزواج ، والمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، كما أنه يفتح باب شر كبير من جراء التساهل في الحرمات والسفر بقصد الزواج أياماً معدودة بنية الطلاق دون اشتراط احتيالاً على الشرع فالقصد الاستمتاع لا الزواج(12) .
(1) ونقل عن أحمد ما يحتمل إبطال العقد فروي عنه في النهاريات والليليات " ليس هذا من نكاح أهل الإسلام " وهذه الشروط معروفة في الزواج المعروف اليوم بزواج المسيار ، فيصح النكاح ويبطل الشرط ولها حق مطالبته بالنفقة والقسم . انظر منار السبيل 2/160 ، الكافي في فقه ابن حنبل 3/55 .
(2) انظر : منار السبيل 2/160 ، كتب ورسائل ابن تيمية 32/158 ، سبل السلام 3/264 ، الكافي في فقه ابن حنبل 3/55 ، المغني 7/71 ، القوانين الفقهية لابن جزي 1/145 .
(3) انظر سبل السلام 3/257 ، روضة الطالبين 7/40 ، منار السبيل 2/172 ، دليل الطالب 1/231 .
(4) متفق عليه .
(5) أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح ، وابن ماجه .
(6) انظر : سبل السلام 3/269 ، منار السبيل 2/158 ، حاشية الروض المربع 6/320 .
(7) أخرجه البخاري ومسلم .
(8) أخرجه مسلم .
(9) انظر : سبل السلام 3/266 ، حاشية الروض المربع 6/324 ، منار السبيل 2/159 ، كتب ورسائل ابن تيمية 32/158 ، المغني 7/72 ، وحواشي الشرواني 7/224 ، بدائع الصنائع 2/272 .
(10) انظر المراجع السابقة .
(11) انظر : منار السبيل 2/159 ، فتاوى علماء البلد الحرام ص428،429 .
(12) وهذا رأي الإمام أحمد و الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى انظر فتاوى البلد الحرام ص429 ، حاشية الروض المربع 6/324 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (25) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
ولاية المرأة لعقد النكاح
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين همـــا:
القول الأول : جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، وبعض الحنفية ؛ أن النكاح لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها، ولا غيرها، ولا توكيل غير وليها في تزويجها، فإن فعلت لم يصح النكاح ، وروي هذا عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة - رضي الله عنهم- (1).
واستدلوا بعدة أدلة منها :
1) قوله تعالى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}(2). سبب نزول الآية أن معقل بن يسار كان زوّج أختاً له ابن عم له فطلقها، ثم أراد الزواج وأرادت نكاحه بعد مضي عدتها، فأبى معقل وقال: زوجتك وآثرتك على غيرك فطلقتها لا أزوجكها أبداً .
قال الشافعي رحمه الله تعالى: وهذه أبين آية في كتاب الله تعالى تدل على أن النكاح لا يجوز بغير ولي؛ لأنه نهى الولي عن المنع، وإنما يتحقق المنع منه إذا كان الممنوع في يده.
2) عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا نكاح إلا بولي )(3)، يدل على أن النكاح لا ينعقد ولا يصح بغير ولي .
3) عن عائشة - رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها, فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"(4).
4) حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُنْكِحُ المَرْأةُ المَرْأةَ فإن البَغيَّ إنما تُنْكِحُ نفسها ) وفي رواية (لا تنكح المرأة المرأة ولا تنكح المرأة نفسها ) قال أبو هريرة رضي الله عنه كنا نعدّ التي تنكح نفسها هي الزانية (5) . وهذا صريح في أنه ليس للمرأة أن تتولى عقد النكاح لنفسها ولا لغيرها.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
5) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَتْ عَائِشَةُ - رضي اللَّهُ عَنْهَا- تُخْطَبُ إِلَيْهَا الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِهَا فَتَشْهَدُ فَإِذَا بَقِيَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ قَالَتْ لِبَعْضِ أَهْلِهَا : زَوِّجْ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لاَ تلي عُقْدَةَ النِّكَاحِ (6).
6) ولأن النكاح عقد عظيم ، خطره كبير ، ومقاصده شريفة، ولهذا أظهر الشرع خطره باشتراط الشاهدين فيه من بين سائر المعارضات ، وجعل مباشرته مُفوّضة إلى أولي الرأي الكامل من الرجال؛ لأن النساء ناقصات عقل، والدليل على اعتبار نقصان عقلها أنه لم يجعل إليها من جانب رفع العقد شيء، بل الزوج هو الذي يستبدُّ بالطلاق.
7) ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه رد نكاح امرأة نكحت بغير إذن وليها في أكثر من حادثة، ولم يُنكر عليه أحد من الصحابة(7) .
8) دليل عقلي : ثبوت حق الاعتراض للأولياء إذا وضعت نفسها في غير كفء، ولو ثبتت لها ولاية الاستبداد بالمباشرة لم يثبت للأولياء حق الاعتراض كالرجل ، وكذلك تملك مطالبة الولي بالتزويج، ولو كانت مالكة للعقد على نفسها لما كان لها أن تطالب الولي به.
القول الثاني: الحنفية؛ أن للمرأة أن تلي عقد النكاح فتزوج نفسها أو تزوج غيرها، لكنهم اختلفوا بعد ذلك فيما لو زوّجت نفسها بغير كفء سواء كانت بكراً أو ثيباً، فعند أبي حنيفة - رحمه الله تعالى- النكاح صحيح لكن للأولياء حق الاعتراض.
وفي رواية الحسن - رحمه الله- إن كان الزوج كفؤا لها جاز النكاح، وإن لم يكن كفؤا لها لا يجوز ، وكان أبو يوسف - رحمه الله تعالى- أولاً يقول لا يجوز تزويجها من كفء أو غير كفء إذا كان لها ولي، ثم رجع وقال: إن كان الزوج كفؤا جاز النكاح وإلا فلا، ثم رجع فقال: النكاح صحيح سواء كان الزوج كفؤا لها أو غير كفء لها .
وقال محمد - رحمه الله تعالى- يتوقف نكاحها على إجازة الولي، سواء زوّجت نفسها من كفء أو غير كفء ، فإن أجازه الولي جاز، وإن أبطله بطل، إلا أنه إذا كان الزوج كفؤا لها ينبغي للقاضي أن يجدد العقد إذا أبى الولي أن يزوجها منه(8) .
واستدلوا بما يلي :
1) قول الله تعالى : { فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن } قالوا : لها أن تزوج نفسها وغيرها وتوكل في النكاح؛ لأن الله تعالى أضاف النكاح إليهن، ونهى عن منعهن منه .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
2) في الموطأ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضي اللَّهُ عَنْهَا- : أَنَّهَا زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ غَائِبٌ بِالشَّامِ فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : مِثْلِى يُصْنَعُ هَذَا بِهِ وَيُفَتَاتُ عَلَيْهِ ببناتِه ؟ فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ - رضي اللَّهُ عَنْهَا- الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ الْمُنْذِرُ : فَإِنَّ ذَلِكَ بَيْدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا كُنْتُ لأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِهِ، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاَقًا(9) .
3) لأنه خالص حقها وهي من أهل المباشرة فصح منها كبيع أمتها ، ولأنها إذا ملكت بيع أمتها وهو تصرف في رقبتها وسائر منافعها ففي النكاح الذي هو عقد على بعض منافعها أولى .
وأجابوا عن أدلة الجمهور بما يلي:
- حديث لا نكاح إلا بولي بجوابين؛ الأول: أن يراد بالولي من يتوقف على إذنه، أي لا نكاح إلا بمن له ولاية، لينفي نكاح الكافر المسلمة، والثاني أن المراد نفي الكمال والسنة وليس الصحة .
- وأجابوا عن حديث عائشة - رضي الله عنها-: ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها ... ) بأن مفهومه صحة النكاح بإذن الولي، ولأن المنع لحقه فجاز بإذنه كنكاح العبد الذي يصح بإذن وليه.
الراجح رأي الجمهور من العلماء ، ويُجاب عن الحنفية بما يلي :
- أما إضافة النكاح للنساء في قوله تعالى ( فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) فلأنهن محل له، لا أنه لهن أن ينكحن أنفسهن بدون وليهن، وإلا لما كان للمنع من العضل معنى.
- وأما استدلالهم بفعل عائشة - رضي الله عنها- فيُأوّل على معنى أنها أذنت في التزويج ومهّدت أسبابه ، فلما لم يبق إلا العقد أشارت إلى من يلي أمرها عند غيبة أبيها أن يعقد ، يدل على ذلك ما روي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال : كانت عائشة - رضي الله عنها- تخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد ، فإذا بقيت عقدة النكاح قالت لبعض أهلها : زوج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح .وفي لفظ : فإن النساء لا ينكحن .أسنده البيهقي عنه(10) .
كما أن الإمام مالك الذي أخرج الخبر قيل له: حديث عائشة حين زوّجت حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر بن الزبير أليس قد عقدت عائشة النكاح ؟ قال: لا نعرف ما تفسيره إلا أنا نظن أنها قد وكّلت من عقد نكاحها(11) .
- وأما استدلالهم بمفهوم حديث عائشة - رضي الله عنها-: ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها ... ) فيجاب التخصيص ههنا خرج مخرج الغالب ، فإن الغالب أنها لا تزوّج نفسها إلا بغير إذن وليها ، إذ لو رضي لكان هو المباشر له دونها ، أما القياس على نكاح العبد فهو مع الفارق ؛ فالمرأة غير مأمونة على البضع لنقص عقلها، وسرعة انخداعها، فلم يجز تفويضه إليها كالمبذر في المال , بخلاف العبد فإن المنع لحق الولي خاصة والله أعلم .
(1) - انظر : المدونة 2/117 ، إعانة الطالبين 3/308 ، الأم 9/12 ، المغني 7/337 ، العدة شرح العمدة 2/516 ، شرح مسلم للنووي 9/204 ، معالم السنن للخطابي 3/176 ، فتح الباري 9/193.
فإن حكم بصحة هذا العقد أي بغير ولي حاكم أو كان المتولي لعقده حاكماً لم يجز نقضه وكذلك سائر الأنكحة الفاسدة لأنها مسألة مختلف فيها ويسوغ فيها الاجتهاد فلم يجز نقض الحكم . انظر المغني 7/337 .
(2) - سورة البقرة آية 232 .
(3) - أخرجه أبو داود ك النكاح باب في الولي ح2085-2/236 ، والترمذي ك النكاح باب14 ما جاء لا نكاح إلا بولي ح1107-2/280، والدرامي ك النكاح باب النهي عن النكاح بغير ولي 2/137 ، وأحمد 4/394 ، وابن حبان ك النكاح باب الولي ذكر البيان بأن عقد النساء إلى الأولياء عليهن دونهن ...ح4071-6/154 وقال : سمع هذا الخبر أبو بردة عن أبي موسى مرفوعاً ؛ فمرة كان يحدث به عن أبيه مسنداً ، ومرة يرسله ، فالخبر صحيح مرسلاً ومسنداً معاً لا شك ولا ارتياب في صحته ، والحاكم ك النكاح باب لا نكاح إلا بولي 2/170 وقال بعد أن ساق عدة أسانيد : هذه الأسانيد كلها صحيحة وقد علونا فيه عن إسرائيل ، وقد وصله الأئمة المتقدمون الذين ينزلون في رواياتهم عن مثل عبد الرحمن بن مهدي ، ووكيع ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وغيرهم ، وقد حكموا لهذا الحديث بالصحة ، صححه الألباني بشواهده في إرواء الغليل 6/238 .
(4) - أخرجه أبو داود ك النكاح باب في الولي ح2083-2/235 ، والترمذي ك النكاح باب 14 ما جاء لا نكاح إلا بولي ح1108-2/80 وقال: هذا حديث حسن ، والنسائي في الكبرى ك النكاح باب34 الثيب تجعل أمرها لغير وليها ح5394-3/285 ، والدرامي ك النكاح باب النهي عن النكاح بغير ولي 2/137 ، وابن حبان ك النكاح باب الولي ذكر بطلان النكاح الذي نكح بغير ولي ح4062-6/151 والحاكم ك النكاح باب أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل 2/168 وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، وصححه بمتابعاته ابن حجر في الفتح 9/194 ، والألباني في إرواء الغليل ح1840-6/243 .
(5) - أخرجه الشافعي في مسنده بتربيب السندي ح28 ص1113 وإسناده صحيح ، وابن أبي شيبة في المرأة تزوج نفسها 16210-4/135 ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى باب لا نكاح إلا بولي ح13411-7/110 ، والدارقطني ح30-3/228 .
(6) - أخرجه البيهقي في السنن ك النكاح باب لا نكاح إلا بولي ح14023-7/112 .
(7) - ذكرها الإمام الشافعي في كتابه الأم 9/12 .
(8) - انظر : فتح القدير 6/465 . شرح فتح القدير 2/11 ، المبسوط 5/16-19 ، تبيين الحقائق 2/117 .
(9) - أخرجه الإمام مالك في موطئه رواية محمد بن الحسن باب الرجل يجعل أمر امرأته بيدها ح568-2/499 ورواية يحيى الليثي باب ما لا يبين من التمليك ح1160-2/555 .
(10) - السنن الكبرى للبيهقي 7/112 . وبه قال البيهقي .
(11) - المدونة 2/117 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (27) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
لا إجبار على النكاح
فليس للأب ولا لغيره أن يزوج ابنه البالغ العاقل أو ابنته الثيب البالغة بغير رضاهما ، فإن أُكره أحدهما لم يصح العقد ، فعن عائشة - رضي الله عنها- ( أن فتاة قالت : -تعني للنبي صلى الله عليه وسلم - إن أبي زوّجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته ، وأنا كارهة ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبيها ، فجاء فجعل الأمر إليها ، فقالت : يا رسول الله ، إني قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء ) (1)، وعن خنساء بنت خذام الأنصارية - رضي الله عنها-: أن أباها زوّجها وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فردّ نكاحها )(2)، ظاهر هذا الحديث رد زواج الثيب إذا أكرهت عليه، وهو موضع إجماع .
وكذلك للأب أن يزوج ابنه المجنون، أو البالغ المعتوه، وابنته المجنونة دون إذنهم، إذا ظهرت منهم أمارات الرغبة في الزواج ، وكان في تزويجهم مصلحة .
واختُلف في البكر البالغة والصغير والصغيرة دون البلوغ هل للأب أن يزوجهم دون رضاهم؟
أما البكر البالغ/ فقد اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: لا يجب إذنها، وإنما يستحب، فيجوز للأب إجبارها.
وهذا مذهب مالك(3)، والشافعي(4)، وأحمد(5) .
واستدلوا بمفهوم حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا )(6)؛ لأنه جعل الثيب أحق بنفسها من وليها ، فدلّ على أن ولي البكر أحق بها منها . وأما الاستئذان فهو تطييب لخاطرها.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القول الثاني: يجب استئذانها ولا تجبر على النكاح.
وهذا مذهب أبي حنيفة والثوري وابن المنذر(7) . واستدلوا بما يلي :
-بحديث أبي هريرة ( لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا الثيِّب حتى تستأمر ) ، قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها ـ أي: البكر ـ؟ قال: ( أن تصمت )(8)، فالحديث نصّ على البكر وعلى الثيب، ودلّ على النهي عن تزويج الأب ابنته البكر حتى يستأذنها، ومعناه أنه إذا لم تأذن فليس له تزويجها ، وإلا لما كان للاستئذان فائدة ، كما أن تعليق النكاح على الإذن يدل على أنه واجب .
-وحديث ابن عباس : ( أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِىَ كَارِهَةٌ فَخَيَّرَهَا النبي صلى الله عليه وسلم )(9) . ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ردّ نكاح البكر التي زوجها أبوها وهي كارهة ، فدل على أن إذن البكر لا بد منه في النكاح .
-كما أنه ليس للأب أن يتصرف في مال ابنته الرشيدة بغير إذنها، وبُضعها أعظم من مالها، فكيف يجوز له التصرف في بضعها مع كراهتها ورشدها ؟!.
وهذا القول هو الراجح . ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم ، وقال : [وهو الذي ندين الله به ، ولا نعتقد سواه ، وهو الموافق لحكم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره، ونهيه، وقواعد شريعته، ومصالح أمته ] .
وأجابوا عن حديث ابن عباس بثلاثة أجوبة:
1)أنه استدلال بالمفهوم، وهو مختلف في الاحتجاج به، والمنطوق مقدم عليه.
2)أن المفهوم لا عموم له فيُحمل على البكر الصغيرة غير البالغة.
3)نفس نظم باقي الحديث يخالف المفهوم وهو قوله:( والبكر يستأذنها..) الخ ، فهو خبر يفيد وجوب الاستئذان وهذا مناف للإجبار، كأنه طلب الأمر أو الإذن، وفائدته الظاهرة ليست إلا ليستعلم رضاها أو عدمه، فيعمل على وفقه. وغاية الأمر أنه نص على أحقية كل من الثيب والبكر بلفظ يخصها ؛كأنه قال الثيب أحق بنفسها، والبكر أحق بنفسها أيضاً ، غير أنه أفاد أحقية البكر ضمن إثبات حق الاستئذان والاستئمار لها ؛ وسببه أن البكر لا تخطب إلى نفسها عادة، بل إلى وليها بخلاف الثيب، فلما كان الحال أنها أحق بنفسها، وخطبتها تقع للولي، صرح بإيجاب استئماره إياها، فلا يفتات عليها بتزويجها قبل أن يظهر رضاها بالخاطب . والله تعالى أعلم
أما غير الأب، فلا يجوز له أن يزوج البكر الكبيرة بالاتفاق(10) .
أما الصغير والبكر الصغيرة / أيضاً اختلف فيهما العلماء على قولين هما :
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القول الأول: قول عامة الفقهاء(11)، أن للولي تزويج الصغير، والبكر الصغيرة، دون رضاهما(12)، واستدلوا بما يلي :
1)بما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تزوج عائشة - رضي الله عنها- وهي صغيرة بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين، وزوج صلى الله عليه وسلم بنت عمه حمزة - رضي الله عنه- من عمر بن أبي سلمة وهي صغيرة ، وإنما زوّجها بالعصوبة لا بولاية ثبتت بالنبوة ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يزوج بها قط، وهذا دليل على جواز نكاح الصغير والصغيرة، وأنه ليس خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم .
2)وكذلك قوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}(13)، فقد حدّد الله تعالى عدة الصغيرة التي لم تحض بثلاثة أشهر، والعدة لا تكون إلا من طلاق في نكاح صحيح .
3)كما أن قدامة بن مظعون تزوّج بنت الزبير رضي الله عنه يوم ولدت ، وقال: إن مت فهي خير ورثتي، وإن عشت فهي بنت الزبير . وزوّج علي ابنته أم كلثوم من عمر وهي صغيرة ، وزوّج ابن عمر رضي الله عنه بنتاً له صغيرة من عروة بن الزبير رضي الله عنه ، وزوّج عروة بن الزبير رضي الله عنه بنت أخيه من ابن أخته وهما صغيران (14).
4)أن الحاجة إلى الكفء ثابتة؛ لأن مقاصد النكاح إنما تتم معه، وإنما يظفر به في وقت دون وقت، والولاية لعلة الحاجة، فيجب إثباتها إحرازاً لهذه المصلحة.
لكن مع قولهم بجواز تزويج الصغير والصغيرة، قالوا بضرورة وجود مصلحة للصغير والصغيرة في هذا الزواج، وأن لا يُدخل على الصغيرة حتى تصبح صالحة لذلك.
القول الثاني: قول ابن شبرمة، وأبو بكر الأصم -رحمهما الله تعالى- وغيرهما، أنه لا يزوج الصغير والصغيرة حتى يبلغا ، واستدلوا بعدة أدلة منها :
1)قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}(15)، فلو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذا التحديد فائدة .
2)قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تنكح البكر حتى تستأذن ) أي حتى تصبح من أهل الإذن ، ولا يعتبر إذنها ورضاها حتى تبلغ ، فدلّ على عدم جواز تزويج الصغيرة التي لم تبلغ .
3)قياساً على البكر البالغة، فإذا كان لا يجوز إجبارها فغير البالغة من باب أولى.
4)ولأن ثبوت الولاية على الصغير والصغيرة لحاجة المولى عليه حتى أن فيما لا تتحقق فيه الحاجة لا تثبت الولاية كالتبرعات، ولا حاجة بهما إلى النكاح؛ لأن مقصود النكاح طبعاً هو قضاء الشهوة، وشرعاً النسل والصغر ينافيهما.
5)أن هذا العقد يعقد للعمر، وتلزمهما أحكامه بعد البلوغ، فلا يكون لأحد أن يلزمهما ذلك، إذ لا ولاية لأحد عليهما بعد البلوغ.
والقول بعدم تزويج الصغيرين أولى لما سبق من الأدلة، والكفء غير متعين في زمن دون زمن، والخشية من فواته يقابله الخشية من انتكاسه وتغيره، والقائلون بجوازه منهم من جعل للصغير الخيار عند البلوغ ، وعندئذ يلزم الولي المهر ، وهذا يتنافى مع الحكم بصحة تصرفه ، والله تعالى أعلم (16).
(1) - أخرجه النسائي ك النكاح باب36 البكر يزوجها أبوها وهي كارهة ح30269-6/86 ، وابن ماجه ك النكاح باب12 من زوج ابنته وهي كارهة ح1874-1/602 ، وأحمد 6/136 ، والدارقطني ح45-3/232 ، والبيهقي ك النكاح باب إنكاح الآباء الأبكار 7/119 . إسناده حسن لكنه مرسل
(2) - أخرجه البخاري ك النكاح باب لا يجوز نكاح المكره ح6546-6/2547 .
(3) - انظر : الفواكه الدواني 3/951 .
(4) - انظر : فتح الوهاب 2/61 .
(5) - انظر : حاشية الروض المربع 6/256 ، المبدع شرح المقنع 7/20 .
(6) - أخرجه مسلم نكاح بالنطق والبكر بالسكوت ك النكاح باب استئذان الثيب في اح3542-4/141 .
(7) - أنظر : المبسوط 5/12 ،... ،
(8) - أخرجه البخاري في النكاح باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما ح 5136 ؛ ومسلم بنحوه في النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت ح 3538-4/140 .
(9) - أخرجه بو داود ك النكاح باب 25 في البكر يزوجها أبوها .. ح 2098-2/195 ، وابن ماجه ك النكاح باب 12 من زوج ابنته وهي كارهة ح 1875-1/603 ، وأحمد ح 2469-1/273 وقال محققه الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط البخاري ، وقال لألباني في صحيح أبي داود 6/330 :[ قلت: حديث صحيح، وكذلك قال ابن القطان، وقوّاه ابن القيم والعسقلاني ] .
(10) - انظر لهذه المسألة: إيقاظ الأفهام في شرح عمدة الأحكام 2/35 ، فيض القدير 3/449 ، فتح الباري 9/193 ، شرح صحيح مسلم للنووي 9/203 ، مرقاة المفاتيح 10/69،70، الشرح الممتع 12/ 33 ، الفتاوى الكبرى 3/83 ، مجموع الفتاوى 32/23، زاد المعاد 5/96 ، وما سبق من كتب الفقه المشار إليها .
(11) - الأحناف يرون أن للولي من العصبة أن يزوج الصغير والصغيرة، وأن لهما حق الفسخ إذا بلغا ، أما الإمام مالك فيمنع غير الأب ، ويزيد الشافعي الجد .
(12) - انظر : المبسوط 4/390 ، فتح القدير 7/4 ، حاشية ابن عابدين 3/70 ، الفواكه الدواني 3/959 ، المدونة 2/100 ، روضة الطالبين 7/53 ، شرح الروض المربع 6/256 ، المغني 6/487 .
(13) - سورة الطلاق آية 4 .
(14) - انظر: المبسوط 4/387 ، الفواكه الدواني 3/958 ، فتح الوهاب 2/61 ، المبدع شرح المقنع 7/21 ،
(15) - سورة النساء آية 6 .
(16) - وقد رجحه أيضاً الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى- انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع 12/34 فيما إذا كانت المرأة دون التسع سنوات .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (28) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
حكم تولي شخص واحد طرفي العقد (الإيجاب والقبول) (1-2)
وله صورتان/ الصورة الأولى:
أن يكون الزوج أصيلاً من جهة نفسه في العقد، وولياً من جانب الزوجة ، كابن العم إذا كان ولياً للمرأة، وأراد تزوجها ، فهل يصح توليه لطرفي العقد؟
اختلف العلماء على قولين :
القول الأول: قول الحنفية-غير زفر- والمالكية في المشهور، والحنابلة في رواية ، أن ولي المرأة الذي يحل له نكاحها إذا أذنت له أن يتزوجها ، له أن يتولى طرفي العقد بنفسه ، واستدلوا بما يلي :
قول الله تعالى { وَيَسْتَفْتُونَ كَ فِي النِّسَاءِ قُل اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ }(1).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
عن عائشة قالت: هو الرجل تكون عنده اليتيمة، هو وليها ووارثها قد شَرِكته في ماله، حتى في العَذْق، فيرغب أن ينكحها، ويكره أن يزوِّجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها، فنزلت هذه الآية(2).
ووجه الاستدلال بالآْيَة الكريمَة أَن قوله تعالى { لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } خَرَجَ مَخْرَجَ الْعِتَابِ، فيدل على أَنَّ الولِي يَقُومُ بِنِكاحِ وَلِيَّتِهِ وَحْدَهُ ،إِذْ لَوْ لَمْ يَقُمْ وَحْدَهُ بِهِ لم يكن للعِتَابِ معنى لمَا فِيه مِنْ إِلْحَاقِ الْعِتَابِ بِأَمْرٍ لاَ يَتَحَقَّقُ .
وقوله تعالى { وَأَنْكِحُوا الأَْيَامَى مِنْكُمْ }(3)، هذا أمر بالتزويج من غير فَصْلٍ بَيْنَ الإِْنْكَاحِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ .
وَلَمَّا وَرَدَ " أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَال لأُِمِّ حَكِيمِ بِنْتِ قَارِظٍ : أَتَجْعَلِينَ أَمْرَكِ إِلَيَّ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَقَال : قَدْ تَزَوَّجْتُكِ "(4) فكان بذلك عقداً .
ولأنه يملك الإيجاب والقبول، فجاز أن يتولاهما كما لو زوّج أمته عبده الصغير .
ولأنه عقد وجد فيه الإيجاب من ولي ثابت الولاية ، والقبول من زوج هو أهل للقبول، فصحّ كما لو وجدا من رجلين(5) .
القول الثاني: قول زفر من الحنفية، والشافيعة ، ورواية عند الحنابلة، أنه لا يجوز للولي الذي يريد الزواج من موليته أن يتولى طرفي العقد ، ولكن يُوكل غيره ليُزوِّجه إيَّاها بإذنها، لِحَدِيثِ " أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ خَطَبَ امْرَأَةً هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا فَأَمَرَ رَجُلاً فَزَوَّجَهُ(6).
وَلأَِنَّهُ عَقْدٌ مَلَكَهُ بِالإِْذْنِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْهِ كَالْبَيْعِ(7) .
الراجح القول الأول ؛ لفعل الصحابة - رضي الله عنهم- بلا خلاف، ولا تعارض بين فعل المغيرة وعبد الرحمن، وغايته أن كلا الأمرين جائز؛ ولأن هذه امرأة، ولها ولي حاضر غير عاضل، فلم يلها غيره، كما لو أراد أن يزوجها غيره . والله تعالى أعلم .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) - سورة النساء آية 176 .
(2) - تفسير القرآن العظيم 2/424 .
(3) - سورة النور آية 32 .
(4) - أخرجه البخاري معلقا ( فتح الباري 9 / 188 - ط السلفية )، ووصله ابن سعد في الطبقات،كما في التغليق لابن حجر ( 4 / 416 - ط المكتب الإسلامي ) .
(5) - البحر الرائق 3/146 ، بدائع الصنائع 2/231 ، ومغني المحتاج 3 / 163 ، والمغني 7 / 360 ، وكشاف القناع 5 / 62 . المبدع شرح المقنع 7/39 ، الموسوعة الفقهية الكويتية 41/244
(6) - أخرجه البخاري معلقا ( فتح الباري 9 / 188 - ط السلفية ) ، ووصله البيهقي في الخلافيات، كما في التغليق لابن حجر ( 4 / 416 ) .
(7) - بدائع الصنائع 2 / 231 ، تبيين الحقائق 2/132 ، والحطاب 3 / 439 ، ومغني المحتاج 3 / 163 ، والمغني 7 / 360 . المبدع شرح المقنع 7/39 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (29) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
حكم تولي شخص واحد طرفي العقد (الإيجاب والقبول) (2-2)
الصورة الثانية:
أن يتولى طرفي العقد ولي الزوج والزوجة ؛ كَأَنَّ يَتَوَلَّى جَدٌّ طَرَفَيْ عَقْدٍ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِ ابْنِهِ بِابْنِ ابْنِهِ الآْخَرِ . وقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين (1):
القول الأول/ ذهب الحنفية - غير زفر - والشافعية في الأصح والحنابلة في رواية، أنه يجوز أن يتولى ولي الزوجين طرفي العقد، إلا أن الشافعية يجعلون هذا الحق للجد فقط، دون سائر الأولياء؛ لقوة ولايته. واستدلوا بأنه زوج صلى الله عليه وسلم بنت عمه حمزة - رضي الله عنه- من عمر بن أبي سلمة وهي صغيرة ، وبما روي عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِرَجُلٍ « أَتَرْضَى أَنْ أُزَوِّجَكَ فُلاَنَةَ ». قَالَ نَعَمْ. وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ « أَتَرْضِينَ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلاَنًا ». قَالَتْ نَعَمْ. فَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَدَخَلَ بِهَا الرَّجُلُ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ ، وَكَانَ مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - زوجني فُلاَنَةَ وَلَمْ أَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ أُعْطِهَا شَيْئًا، وإني أُشْهِدُكُمْ أَنِّى أَعْطَيْتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا سهمي بِخَيْبَرَ، فَأَخَذَتْ سَهْمًا فَبَاعَتْهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ(2). وهذا يعم كل الأولياء .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القول الثاني/ عند زفر، ومقابل الأصح عند الشافعية، وفي الرواية الثانية عند الحنابلة، أنه لا يجوز له أن يتولى طرفي العقد، وإنما يوكل رجلاً يزوجها لابن ابنه؛ لأن ركن النكاح اسم لشطرين مختلفين، وهو الإيجاب والقبول، فلا يقومان إلا بعاقدين .
الراجح القول الأول للحديث، كما أن لفظا الإيجاب والقبول صدرا ممن هو أهل لهما، فقام بذلك مقام العاقدين.
(1) - البحر الرائق 3/146 ، بدائع الصنائع 2 / 231 ، تبيين الحقائق 2/132 ، ومغني المحتاج 3 / 163 ، والمغني 6 / 469 - 471 . الموسوعة الفقهية الكويتية 41/244 .
(2) - أخرجه أبو داود ك النكاح باب فيمن تزوج ولم يسم صدااقاً ح2119-2/203 وصححه الألباني .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (30) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
شروط أركان النكاح عند الحنفية(1)
شروط الانعقاد(2) :
هي تلك الاعتبارات التي ينبغي مراعاتها في أركان العقد ( وهي العاقدان والصيغة )، بحيث لو تخلف أحد منها كان العقد باطلاً . وهي ما يلي :
- أن يكون العاقد عاقلاً ؛ فلا ينعقد بالمجنون والصبي غير المميز .
- وأن تكون المرأة غير محرمة على الرجل تحريماً قطعياً .
- وأن لا يختلّ وصف من أوصاف الصيغة ، وذلك بأن تكون الصيغة صريحة (بلفظ التزويج، والإنكاح، وما اشتق منهما)، أو كناية نوى بها التزويج مثل (الهبة، والتمليك، والصدقة، والجعل ) ، وسماع كل من العاقدين كلام صاحبه ، وأن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد ، وأن يكون الزوج والزوجة معلومين.
شروط الصحة(3) :
وهي التي ينبغي توافرها ليصير العقد صالحاً؛ لترتب الآثار عليه، وإلا كان فاسداً ، وشروط الصحة تأتي بعد تحقق أركانه، وتوافر شروط انعقاده . وهذه الشروط هي :
1) الإشهاد وقت إجراء العقد ؛ شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، يشترط فيهم العقل، والحرية، والبلوغ، والإسلام ، وتصح شهادة الأصول والفروع، وكذلك الفاسق(4)، ولكن شهادة هؤلاء وإن كان يعقد بها النكاح إلا أنه لا يثبت بها عند الإنكار، فشهادتهم تنفع في حل الزوجة ديانة لا قضاء؛ فالنكاح له حالتان: حالة الانعقاد، وهذه تصح فيها شهادة الفاسق، والابن، والأب . وحالة إثبات عند الإنكار، وهذه لا تصح فيها شهاداتهم؛ بل يشترط في الشاهد على إثبات النكاح ما يشترط في غيره.
2) ألا يكون أحد الزوجين مكرهاً .
3) ألا يكون الزواج مؤقتاً .
شروط نفاذ :
هي التي تشترط لنفاذه، وعدم توقفه على إجازة أحد بعد انعقاده وصحته .
1) أن يكون كل من العاقدين عاقلاً بالغاً، فإن كانا غير بالغين، وكانا مميزين أوأحدهما، وتولى العقد بنفسه ؛ فإن العقد ينعقد بعبارته ، إلا أنه يكون موقوفاً على إجازة ولي النفس ، فإن أجازه صح ونفذ(5) .
2) أن يكون كل من العاقدين ذا صفة تخول له أن يتولى العقد ، وتجعل له الحق في مباشرته، وذلك بأن يكون أحد الزوجين ، أو وكيلاً عنه ، أو ولياً عليه ، فلو كان أحد العاقدين فضولياً محضاً ، أو كان وكيلاً ولكن خالف فيما وُكل فيه كأن عقد له على غير المرأة التي سماها ، أو كان ولياً ولكن يوجد ولي أقرب منه مقدم عليه ، لم يجز(6).
شروط اللزوم :
وهي التي يتوقف عليها العقد واستمراره، وبعبارة أخرى هي ألا يكون لأحد الزوجين، ولا لغيرهما حق فسخ العقد بعد انعقاده، وصحته، ونفاذه، وهي :
1) أن يكون العاقد لفاقد الأهلية – المجنون، والصبي غير المميز – أو لناقص الأهلية كالمعتوه، والصبي المميز الأب أو الجد ، فهذا العقد يكون لازماً، ولا خيار عند البلوغ والإفاقة ، إلا إذا كان الأب والجد معروفين من قبل العقد بفساد الرأي، وسوء الاختيار .
2) إذا كان الزوج غير كفء، ورفض أحد أولياء المرأة هذا العقد فله الحق في فسخه، ومحل ثبوت هذا الحق للأولياء إذا لم يسكتوا حتى تلد، أو يظهر عليها الحمل؛ تغليباً لحق الحمل على حقهم .(7)
3) أن يكون كل من الزوجين خالياً من العيوب المبيحة للفسخ(8) .
(1) - أفردناه بالذكر لاعتماد بعض القوانين العربية عليه في القضاء .
(2) - انظر : بدائع الصنائع 2/233 ، الفتاوى الهندية 1/267 ، العناية شرح الهداية 4/316 ، الفقه على المذاهب الأربعة 4/11 .
(3) - انظر : تبيين الحقائق 2/97 ، بدائع الصنائع 2/239و253 ، العناية شرح الهداية 4/320 و394 ، المبسوط 5/173 ، الفقه على المذاهب الأربعة 4/13 ، رد المحتار 9/231 ، الموسوعة الفقهية الكويتية 41/248
(4) - سبق عند ذكر الركن الرابع أن الجمهور يشترط الذكورة والعدالة، وأن لا يكون الشاهدين من أصلي الزوجين، ولا فرعيهما .
(5) - بدائع الصنائع 2/233 .
(6) - انظر : بدائع الصنائع 2/233 و249 . تبيين الحقائق 2/132 .
(7) - انظر : العناية شرح الهداية 4/441 ، بدائع الصنائع 2/249 . تبيين الحقائق 2/128 .
(8) - المبسوط 5/173 ،
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (31) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
أوصاف عقد النكاح، والآثار المترتبة عليه
وبناءً على شروط الأركان فإن الآثار المترتبة على عقد نكاح تنقسم عند الحنفية إلى أربعة أقسام هي :
الزواج الباطل(1) :
هو الذي فقد أحد أركانه، كأن يكون زواجًا عديم الأهلية، وقد باشر العقد بنفسه، كالمجنون والمعتوه ، أو يكون الرجل عقد على امرأة محرمة عليه تحريماً قطعياً .
ويعتبر وجود هذا العقد كعدمه، فلا يحل به الدخول، ولا غيره ، ولا يجب به مهر، ولا نفقة، ولا طاعة، ولا توارث، ولا يقع فيه طلاق ، وتجب العدة بالدخول ، ويعتبر الدخول زنا، ويوجب الحد إذا علما الحل والتحريم .
الزواج الفاسد(2) :
وهو الذي فقد شرطاً من شروط الصحة، كعدم وجود الشهود، أو مؤقت . وحكمه قبل الدخول : لا يترتب عليه أثر من آثار الزوجية، لا عدة، ولا مهر، ولا يثبت به حرمة المصاهرة، ولا النسب، ولا التوارث .
بعد الدخول : لا حد لشبهة النكاح ، وجوب مهر المثل والعدة ، وثبوت نسب الولد ، وثبوت حرمة المصاهرة ، لكن لا توارث، ولا نفقة .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الفرق بين الفاسد والباطل، الباطل لا يحتاج إلى طلاق، ولا فسخ، ولا يجب به عدة، ولا مهر بدون الوطء.
الزواج الموقوف(3):
وهو الذي يباشره من ليست له ولاية شرعية ، وحكمه أنه عقد صحيح، إلا أن صحته هذه غير نافذة ، فإن أجازه من له حق في الإجازة كالولي، أو الزوج، إن كان رشيداً اعتبرت هذه الإجازة بمثابة إذن سابق على العقد ، أما إذا حصل الدخول قبل الإذن فيترتب عليه ما يترتب على العقد الفاسد .
الزواج النافذ :
استوفى شروط انعقاده، وشروط صحته ونفاذه . يترتب عليه آثار العقد وهي :
1) حل الاستمتاع 2) وجوب المهر 3) النفقة، إلا إذا امتنعت عن طاعته 4) نسب الولد 5) التوارث 6) حرمة المصاهرة .
(1) - انظر : المغني 7/344 ، الدرر السنية في الكتب النجدية 8/192-200 .
(2) - انظر : المغني 7/343 ، الدرر السنية في الكتب النجدية 8/192-200
(3) - انظر : كتاب اختلاف الأئمة العلماء 2/126 ، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب 2/666 ،
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (32) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
آداب النكاح (1-8)
خطبة النكاح :
يستحب عند إرادة عقد النكاح تقديم خطبة قبله يخطبها العاقد أو غيره من الحاضرين(1) ، ولفظها ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ) الخمسة ويقرأ بعد هذه الخطبة ثلاث آيات من كتاب الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون ) (2)و ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (3) و (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ) (4)(5) .
شرح الحديث :
( أن الحمد لله نحمده ) على جميع آلائه ونعمه ومنها نعمة النكاح ، (ونستعينه ) أي في حمده وغيره وهو وما بعده جمل مستأنفة مبينة لأحوال الحامدين ، ( ونستغفره ) أي في تقصير عبادته وتأخير طاعته ( ونعوذ به من شرور أنفسنا ) أي من ظهور شرور أخلاق نفوسنا الردية وأحوال طباع أهوائنا الدنية ، ( من يهده الله ) بإثبات الضمير أي من يوفقه للعبادة ، ( فلا مضل له ) أي من شيطان ونفس وغيرهما ، ( ومن يضلل فلا هادي له ) أي لا من جهة العقل ولا من جهة النقل ، وقد أضاف الشر إلى الأنفس أولا كسباً والإضلال إلى الله تعالى ثانياً خلقاً وتقديراً ، وفي الحديث جاءت الأفعال المضارعة بنون الجمع في أولها إلا قوله: (وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) وذلك لأن الشهادة لا تصح إلا من قائلها ذاته، فلا يصح قولها عن الغير، أما العون المغفرة والعياذ بالله فيصح طلبها للنفس وللغير فلذلك أتى فيها بنون الجمع في أول المضارع ، (اتقوا الله الذي تساءلون به ) أي تتساءلون فيما بينكم حوائجكم بالله كما تقولون أسألك بالله ، ( والأرحام ) أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها وفيه عظيم مبالغة في اجتناب قطع الرحم ، ( رقيباً ) أي حافظاً ، ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) قال ابن مسعود وابن عباس: هو أن يطاع فلا يعصى قيل وأن يذكر فلا ينسى ، قال أهل التفسير : لما نزلت هذه الآية شق ذلك عليهم فقالوا يا رسول الله ومن يقوى على هذا ؟! فأنزل الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم فنسخت هذه الآية ، وقيل إنها ثابتة والآية الثانية مبينة ( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) النهي في ظاهر الكلام وقع على الموت وإنما نهوا في الحقيقة عن ترك الإسلام ومعناه داوموا على الإسلام حتى لا يصادفكم الموت إلا وأنتم مسلمون ، ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ) أي مخالفته ومعاقبته ( وقولوا قولاً سديداً ) أي صواباً ، وقيل عدلاً ، وقيل صدقاً ، وقيل مستقيماً ، وقيل هو قول لا إله إلا الله ؛ أي داوموا على هذا القول ، ( يصلح لكم أعمالكم ) أي يتقبل حسناتكم ، ( ويغفر لكم ذنوبكم ) أي يمحو سيئاتكم ، ( ومن يطع الله ورسوله ) أي بامتثال الأوامر واجتناب الزواجر ، ( فقد فاز فوزاً عظيماً ) أي ظفر خيراً كثيراً وأدرك ملكاً كبيراً .(6)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر : عمدة القاري شرح صحيح البخاري 29/328 ،عون المعبون 6/110 ، سبل السلام 3/112 ، فتح الباري 9/202 .
(2) سورة آل عمران آية 102 .
(3) سورة النساء آية 1 .
(4) سورة الأحزاب آية 70 .
(5) انظر : الشرح الكبير للدردير 2/216 / المجموع شرح المهذب 16/203، الإقناع في فقه الإمام أحمد 3/162 .
(6) انظر : عون المعبود 6/109 ، شرح سنن أبي داود لعبد المحسن العباد 12/71
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (33) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
آداب النكاح (2-8)
إعلان النكاح والضرب بالدف :
يستحب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف ، عن محمد بن حاطب الجمحي قال رسول الله ( فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت ) (1) ، وعن عائشة رضي الله عنها قال رسول الله ( أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف )(2) .
قال الصنعاني : ( دلت الأحاديث على الأمر بإعلان النكاح ، والإعلان خلاف الإسرار ، وعلى الأمر بضرب الغربال وهو الدف ولكن بشرط أن لا يصحبه محرم من التغني بصوت رخيم من امرأة أجنبية بشعر فيه مدح القدود والخدود ، بل ينظر الأسلوب العربي الذي كان في عصره صلى الله عليه وسلم فهو المأمور به ، ولا كلام في أنه في هذه الأعصار يقترن بمحرمات كثيرة فيحرم لذلك لنفسه ) .
ومن أمثلة ما يجوز التغني به ويُقاس عليه ما روي عن النبي أنه سأل عائشة لما زفت امرأة من الأنصار إلى زوجها ، هل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني ؟ قلت : تقول ماذا ؟ قال ( تقول :
أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم
ولولا الذهب الأحمـ ما حلت بواديكم
ولولا الحنطة السمرا ء ما سمنت عذاريكم )(3)
وشتّان بين ما أشار به النبي من الغناء العفيف ، وبين ما أحدثه الناس اليوم من التغني بالكلمات التي خرجت عن حد الأدب والعفاف مع ما اقترنت به من آلالات اللهو المحرمة فالله المستعان (4) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه الترمذي ك النكاح باب ما جاء في إعلان النكاح ح 1094-2/275 وقال: حديث حسن ، والنسائي ك النكاح باب إعلان النكاح بالصوت .. ح3369-6/127 ، وابن ماجه ك النكاح باب إعلان النكاح ح1896-1/611 ، وأحمد 3/418 ، وحسنه الألباني في آداب الزواج .
(2) أخرجه الترمذي ك النكاح باب ما جاء في إعلان النكاح ح 1095-2/276 قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب ، وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف الحديث ، وعيسى بن ميمون الذي يروي عن ابن نجيح التفسير هو ثقة ، وابن ماجه ك النكاح باب إعلان النكاح ح 1895 – 1/611 ، والبيهقي ك النكاح باب ما يستحب في إظهار النكاح ... 7/290 ، والحديث ضعيف ضعفه ابن حجر في الفتح 6/226 ، وفي التلخيص (2122) والألباني في إرواء الغليل –ح1993-7/50 – والسلسلة الضعيفة –ح978-2/409 – لكن الحديث يرتقي للحسن لغيره بشواهده ومتابعاته انظر إرواء الغليل 7/50 .
(3) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ح 3265-3/315 .
(4) انظر : سبل السلام 3/249 ، فتح الباري 9/226 ، المغني 6/537 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (34) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
آداب النكاح (3-8)
زينة العروس :
يستحب لكلا الزوجين التزين ليوم الزفاف وفي كل حال بكل زينة ، لكن يجتنب ما يحرم كالوصل والوشم والنمص والفلج وغير ذلك من المحرمات . عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِ لَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِ مَة"(1).
وعَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِ مَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّص َاتِ وَالْمُتَفَلِّج َاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِ مَاتِ وَالْمُتَنَمِّص َاتِ وَالْمُتَفَلِّج َاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا لِىَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَىِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ. فَقَالَ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ فَإِنِّى أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الآنَ. قَالَ اذْهَبِي فَانْظُرِي. قَالَ فَدَخَلَتْ عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا. فَقَالَ أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ نُجَامِعْهَا(2). وقال ما حفظت إذا وصية العبد الصالح " وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه"(3).
يدل الحديثان على تحريم بعض أنواع التزين وهي ما يلي :
الوشم هو أن يُغرز الجلد بإبرة ونحوها ثم يحشى بكحل أو نيل فيزرق أثره أو يَخضر(4) .
الواصِلة : التي تَصِل شَعْرَها بشَعْرٍ آخرَ زُور ، والمُسْتَوصِلة : التي تأمُر مَن يَفْعَل بها ذلك(5).
النامصة: التي تَنْتِف الشَّعَر من وجْهِها . ويقال أنه يختص بإزالة شعر الحاجبين لترقيقهما أو ترفيعهما أو تسويتهما .
والمُتَنَمِّصة : التي تأمُر مَن يَفْعل بها ذلك (6)
والمتفلجات جمع متفلجة وهي التي تطلب الفلج أو تصنعه، والفلج : انفراج ما بين الثنيتين والتفلج أن يفرج بين المتلاصقين بالمبرد ونحوه وهو مختص عادة بالثنايا والرباعيات .تصنعه المرأة التي تكون أسنانها متلاصقة لتصير متفلجة، وقد تفعله الكبيرة توهم أنها صغيرة لأن الصغيرة غالباً تكون مفلجة جديدة السن ويذهب ذلك في الكبر(7) .
ويحرم كشف العورات للغير بغرض التزين والتنظف ، فعن أبي المليح قَالَ: دَخَلَ نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أَنْتُنَّ اللَّاتِي تَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ(8) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" مَا مِنْ امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلَّا هَتَكَتْ سِتْرًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ -وفي رواية- إِلَّا هَتَكَتْ سِتْرَهَا )(9)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
( تخلع ) بفتح اللام أي تنزع ( ثيابها ) أي الساترة لها ( في غير بيتها ) أي ولو في بيت أبيها وأمها ، وفي رواية الترمذي وابن ماجه في غير بيت زوجها ( إلا هتكت ) الستر وحجاب الحياء وجلباب الأدب ومعنى الهتك خرق الستر عما وراءه ( ما بينها وبين الله ) تعالى لأنها مأمورة بالتستر والتحفظ من أن يراها أجنبي حتى لا ينبغي لهن أن يكشفن عورتهن في الخلوة أيضاً إلا عند أزواجهن فإذا كشفت أعضاؤها في الحمام من غير ضرورة فقد هتكت الستر الذي أمرها الله تعالى به.
قال الطيبي: وذلك لأن الله تعالى أنزل لباساً ليوارى به سوآتهن وهو لباس التقوى فإذا لم يتقين الله تعالى وكشفن سوآتهن هتكن الستر بينهن وبين الله تعالى. (10)
قال الإمام أحمد : " بهذه الأخبار تنهى النساء عن دخول الحمامات على الإطلاق و ذلك لما بني عليه أمرهن من المبالغة في الستر"(11)وعَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم جارَه ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلاَّ بِمِئْزَرٍ ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ مِنْ نِسَائِكُمْ فَلاَ تَدْخُلْ الْحَمَّامَ ». قَالَ فَنَمَى ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ فِى خِلاَفَتِهِ فَكَتَبَ إِلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ : أَنْ سَلْ مُحَمَّدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنْ حَدِيثِهِ فَإِنَّهُ رِضًا فَسَأَلَهُ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَمَنَعَ عُمَرُ النِّسَاءَ مِنَ الْحَمَّامِ(12).
إلا إن كانت هناك حاجة للمرأة في دخول الحمام من مرض ونحوه فلا بأس، فعَنْ مَكْحُولٍ ، قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ بن الخطاب إلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ : أَنْ لاَ يَدْخُلَ رَجُلٌ الْحَمَّامَ إِلاَّ بِمِئْزَرٍ ، وَلاَ امْرَأَةٌ إِلاَّ مِنْ سُقَمٍ.(13)
وكذا ينبغي عدم التساهل في الطهارة للصلاة خوفاً على الزينة ونحوها ، أو تأخير الصلاة عن وقتها ، وغير ذلك من ألوان التساهل في المحرمات في مثل هذا اليوم .
(1) أخرجه البخاري باب الموصولة ح 5598-5/2218 ، ومسلم باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة ح5693-6/166 .
(2) أخرجه البخاري بنحوه ك التفسير باب سورة الحشر ح4604-4/1853 ، ومسلم واللفظ له باب في تحريم فعل الواصلة والمستوصلة ح5695-6/166 .
(3) مسند أحمد بن حنبل 1/415 .
(4) النهاية في غريب الحديث 5/189 .
(5) النهاية في غريب الحديث 5/425 .
(6) انظر : النهاية في غريب الحديث 5/253 ، غريب الحديث لابن الجوزي 2/437 ، تحفة الأحوذي 8/55 ، عون المعبود 11/150 ، فتح الباري 10/377 .
(7) انظر : فتح الباري 10/372 ، النهاية في غريب الحديث 3/912 ، آداب الزفاف ص131 ،
(8) يقصد بالحمامات ؛ الحمامات البخارية وما يعرف الآن بالمغربية ونحوها .
(9) أخرجه أحمد في عدة مواضع ح25407-42/251 وح25446 وح25668 وح26347 وح25647 وح26304 بإسناد صحيح ، وقد صححه أيضاً الشيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند ، وأخرجه ابن ماجه في باب دخول الحمام ح3750-2/1234 وصححه الشيخ الألباني في تحقيقه لسنن ابن ماجه ، والحاكم في مستدركه ك الأدب ح7780-4/321 وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم ، والطبراني في معجمه الأوسط ح4743-5/84 ، وأبو يعلى في مسنده ح4680-8/138 ، وعبد الرزاق في مصنفه باب الحمام للنساء ح1132-1/294 ، والبيهقي في شعب الإيمان فصل في الحمام ح7771-6/157 .
(10) عون المعبود 11/32 . وبنحوه قال المناوي في فيض القدير 3/176 .
(11) نقله عنه البيهقي في شعب الإيمان 6/158 .
(12) أخرجه ابن حبان في صحيحه ك الحظر والإباحة ح 5597-12/409 وقال محققه الأرناؤوط:حديث صحيح ، والحاكم ك الأدب ح 7783-4/321 وقال:هذا حديث صحيح ولم يخرجاه . وقال الذهبي: صحيح ، والبيهقي في السنن الكبرى باب ما جاء في دخول الحمام ح 15204-7/309 ، والطبراني في المعجم الأوسط ح 8658-8/287 ، والبيهقي في شعب الإيمان فصل في الحمام ح 7769-6/156 ،
(13) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه باب من كان يقول إذا دخلته فادخله ... ح1186-1/110 . وعبد الرزاق في مصنفه باب الحمام للنساء ح1133-1/259 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (35) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
آداب النكاح (4-8)
الوليمة:
وهي كل طعام يُتخذ لسرور حادث ، وتختص بوليمة العرس .
وقتها : عند العقد ، أو بعد الدخول ، أو عند الدخول . والأفضل فعلها بعد الدخول لأنه صلى الله عليه وسلم لم يولم على نسائه إلا بعد الدخول(1).
مقدارها : تجزئ الوليمة بكل طعام ولا يشترط الذبح فعن أنس قال : أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يُبنى عليه بصفية ، فدعوت المسلمين إلى وليمته ، فما كان فيها من خبز ولا لحم ، وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت ، فألقي عليها التمر والأقط والسمن )(2).
حكم إجابة الوليمة : واجبة إلا لعذر أو منكر بها يعلمه ولا يقدر على إزالته(3) لحديث ( إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها )(4) .
النثار : وهو أن يُنثر في الوليمة طعام، أو دراهم ، أو ثياب، فهذا مكروه ، فإن كان المنثور طعاماً، فمكروه لسببين:
الأول: إن فيه امتهاناً للنعمة.
الثاني: أن فيه دناءة وخلافاً للمروءة .
وأما إن كان المنثور دراهماً فيكره لما فيه من إضاعة للمال .
ويكره كذلك التقاط النثار لمخالفته للمروءة(5).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر إعانة الطالبين 3/357 ، المجموع شرح المهذب 16/390 .
(2) أخرجه البخاري باب غزوة خيبر ح3976-4/1543 .
(3) انظر إعانة الطالبين 3/358 ، المجموع شرح المهذب 16/402 .
(4) أهرجه البخاري باب حق إجابة الوليمة ... ح4878-5/1984 ، ومسلم باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوته ح3584-4/152 .
(5) انظر المجموع شرح المهذب 16/392 ، إعانة الطالبين 3/369 ، الشرح الممتع 12/145
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
.
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (36) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
آداب النكاح (5-8)
الوصية عند الزفاف:
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زفوا امرأة إلى زوجها يأمرونها بحسن صحبة الزوج وخدمته ورعاية حقه ، فيستحب وصية الزوجين عند زفافهما بحسن الصحبة ورعاية حق كل منهما على الآخر ، والتوادد والتراحم ... ونحو ذلك .
ومن الوصايا التي اشتهرت وصية أسماء بن خارجة الفَزاري لابتنه عند التزوج حيث قال لها :[ إنك خرجت من العش الذي فيه درجت ، فصرت إلى فراش لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، فكوني له أرضاً ، يكن لك سماءً ، وكوني له مهاداً ، يكن لك عماداً ، وكوني له أمة ، يكن لك عبداً ، لا تلحفي به فيقلاك(1)، ولا تبعدي عنه فينساك ، إن دنا منك فاقربي منه ، وإن نأى عنك فابعدي عنه ، واحفظي أنفه وسمعه وعينه ، فلا يشمن منك إلا طيباً ، ولا يسمع منك إلا حسناً ، ولا ينظر إلا جميلاً ](2).
وأوصت أمامة بنت الحارث ابنتها حين زفت إلى زوجها ، فقالت : [ أي بنية : إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب ، أو لتقدم حسب ، لزويت ذلك عنك ، ولأبعدته منك ، ولكنها تذكرة للغافل ، ومعونة للعاقل .
أي بنية : لو أن امرأة استغنت عن زوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها ، كنت أغنى الناس عن ذلك ، ولكن النساء للرجال خلقن ، ولهن خلق الرجال .
أي بنية : إنك قد فارقت الحمى الذي منه خرجت ، وخلفت العش الذي فيه درجت ، إلى وكر لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، فأصبح بملكه عليك مليكاً ، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً ، واحفظي له خصالاً عشراً تكن لك ذخراً :
أما الأولى والثانية : فالصحبة بالقناعة ، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة ، فإن في القناعة راحة القلب ، وفي حسن المعاشرة مرضاة للرب .
وأما الثالثة والرابعة : فالمعاهدة لموضع عينيه ، والتفقد لموضع أنفه ، فلا تقع عيناه منك على قبيح ، ولا يشم منك إلا أطيب ريح .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وأما الخامسة والسادسة : فالتعاهد لوقت طعامه ، والتفقد لحين منامه ، فإن حرارة الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مغضبة !
وأما السابعة والثامنة : فالاحتراس بماله ، والإرعاء على حشمه وعياله ، وملاك الأمر في المال حسن التقدير ، وفي العيال حسن التدبير .
وأما التاسعة والعاشرة : فلا تفشين له سراً ، ولا تعصين له أمراً ، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره ، وإن عصيت أمره أوغرت صدره ، واتقي مع ذلك كله الفرح إذا كان ترحاً ، والاكتئاب إذا كان فرحاً ، فإن الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير ، وأشد ما تكونين له إعظاماً أشد ما يكون لك إكراماً ، وأشد ما تكونين له موافقة أطول ما يكون لك مرافقة ، واعلمي يا بنية إنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك ، وتقدمي هواه على هواك فيما أحببت أو كرهت ، والله يضع لك الخير ، وأستودعك الله ](3)
(1) أي لا تلحي عليه فيكرهك .
(2) أحكام النساء لابن الجوزي ص73 .
(3) أحكام النساء ص74 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (37) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
آداب النكاح (6-8)
زفاف الرجل مع عروسه ودخوله على النساء:
عن أبي صالح قال : جاء عمرو بن العاص إلى منزل علي بن أبي طالب يلتمسه فلقم يقدر عليه ثم رجع فوجده فلما دخل كلم فاطمة فقال له علي : ما أرى حاجتك إلا إلى المرأة قال : أجل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندخل على المغيبات (1).
"لا تلجوا" : أي لا تدخلوا . "المغيبات" : جمع المغيبة وهى التي غاب عنها زوجها (2).
أي اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء والنساء أن يدخلن عليكم .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وعن عقبة بن عامر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تدخلوا على النساء » فقيل : الحمو ، قال : « ذاك الموت »(3).
من هذا يُعلم عدم جواز ما يحدث من دخول الرجل مع عروسه على النساء وفعل الأمور التي تخالف الأدب والحياء أمامهن .
(1) أخرجه ابن حبان ك الحظر والإباحة ح5584-12/397 ، وأحمد ح17796-4/96 وقال محققه الأرناؤوط : حديث صحيح بطرقه وشواهده ، وأبو يعلى ح 7348-13/275 وقال محققه حسين سليم أسند: إسناده صحيح ، والطبراني في معجمه الأوسط ح 1391-2/103 قال الأرناؤوط:إسناد صحيح ، وابن أبي شيبة في مصنفه باب ما قالوا في الجارية تشوف ... ح17956-4/410 ، وعبد الرزاق باب دخول الرجل على امرأة رجل غائب ح12542-7/137 .
(2) انظر : جامع الأحاديث للسيوطي 16/331 ، تحفة الأحوذي 4/280 .
(3) أخرجه الروياني في مسنده ح 167-1/200 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (38) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
آداب النكاح (7-8)
التهنئة :
عن أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفأ من تزوج قال ( بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير )(1) .
الرِّفاء : الإلْتِئَام والاتِّفاقُ والبَركة والنَّمَاء(2) .
كانت عادة العرب إذا تزوّج أحدهم قالوا له بالرفاء والبنين فنهى الشرع عن ذلك وأبدله بالدعاء المذكور فيكره أن يقال له بالرفاء والبنين .
واختلف في علة النهي عن ذلك ؛ فقيل لأنه لا حمد فيه ولا ثناء ولا ذكر لله ، وقيل لما فيه من الإشارة إلى بغض البنات لتخصيص البنين بالذكر .
ولا شك أنها لفظة جامعة يدخل فيها كل مقصود من ولد وغيره فقال (بارك الله لك) أي كثّر لك الخير في هذا الأمر المحتاج إلى الإمداد ، والبركة النماء والزيادة والسعادة ، (وبارك عليك) وفي رواية ( وبارك عليكم ) بنزول الخير والرحمة والرزق والبركة في الذرية ، ( وجمع بينكما في خير ) ، أي في طاعة وصحة وعافية وسلامة وملاءمة وحسن معاشرة وتكثير ذرية صالحة .
قيل : قال أولاً بارك الله لك لأنه المدعو له أصالة ، أي بارك لك في هذا الأمر ثم ترقى منه ودعا لهما وعدَّاه بعلى بمعنى بارك عليه بالذراري والنسل لأنه المطلوب من التزوج ، وأخَّر حسن المعاشرة والمرافقة والاستمتاع تنبيهًا على أن المطلوب الأول هو النسل وهذا تابع(3).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه أبو داود ك النكاح باب ما يقال للمتزوج ح 2130-2/248 ، والترمذي ك النكاح باب ما جاء ما يقال للمتزوج ح 1097-2/276 وقال: حديث حسن صحيح ، والنسائي في السنن الكبرى ك عمل اليوم والليلة باب ما يقال له إذا تزوج ح 10089-6/73 ، وابن ماجه ك النكاح باب تهنئة النكاح ح 1905-1/614 ، والدارمي ك النكاح باب إذا تزوج الرجل ما يقال له 2/134 ، وأحمد 2/381 ، والحاكم ك النكاح باب الدعاء في حق الزوجين عند النكاح 2/183 وقال: هذا حديث على شرط مسلم . ووافقه الذهبي .
(2) النهاية في غريب الأثر 2/591 .
(3) انظر : فتح الباري 9/222 ، التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي 1/169 ، فيض القدير 5/176 ، مشكاة المصابيح 8/427 ، ومرعاة المفاتيح للمباركفوري 8/198 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (39) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
آداب النكاح (8-8)
الدعاء عند التزوج:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه ، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه ، ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة )(1).
وقال عليه الصلاة والسلام ( أما لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ، ثم قُدر بينهما في ذلك ولد لم يضره الشيطان أبداً )(2).
معنى الحديث : قال القرطبي :[ مقصود هذا الحديث والله تعالى أعلم أن الولد الذي يُقال له ذلك يُحفظ من إضلال الشيطان وإغوائه ، ولا يكون للشيطان عليه سلطان ؛ لأنه يكون من جملة العباد المحفوظين المذكورين في قوله تعالى ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا )(3) ، وذلك ببركة نيّة الأبوين الصالحين وبركة اسم الله تعالى والتعوّذ به والالتجاء إليه ، وكأنّ هذا شوب من قول أم مريم ( وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )(4)ولا يُفهم من هذا نفي وسوسته وتشعيثه وصرعه ، فقد يكون كل ذلك ، ويحفظ الله تعالى ذلك الولد من الضرر في قلبه ودينه وعاقبة أمره والله أعلم ](5).
وقال ابن حجر بعد أن ذكر عدة معاني محتملة كان أولها هذا :[ ويتأيد الحمل على الأول بأن الكثير ممن يعرق هذا الفضل العظيم يذهل عنه عند إرادة المواقعة ، والقليل الذي قد يستحضره ويفعله لا يقع معه الحمل ، فإذا كان ذلك نادراً لم يبعُد ](6) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه أبو داود ك النكاح باب في جامع النكاح ح2160-2/255 ، وابن ماجه ك النكاح باب ما يقول الرجل إذا دخلت عليه أهله ح1918-1/617 ، والبيهقي ك النكاح باب ما يقول إذا نكح امرأة ودخل عليها 7/148 ، والحاكم ك النكاح باب الدعاء لمن أفاد جارية أو امرأة 2/185 وقال: هذا حديث صحيح على ما ذكرناه من رواية الأئمة الثقات عن عمرو بن شعيب ولم يخرجاه عن عمرو بن شعيب ، ووافقه الذهبي . والحديث حسن جوّد إسناده العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 1/298 ، والألباني في آداب الزفاف ص21 ، ومحققا شرح السنة للبغوي 5/118 . فاد جارية أو امرأة
(2) أخرجه البخاري في عدة مواضع منها ك بدء الخلق باب صفة إبليس وجنوده ح3271-6/335 مع فتح الباري ، ومسلم ك النكاح باب ما يستحب أن يقال عند الجماع 10/5 مع شرح النووي .
(3) سورة الإسراء آية 65 .
(4) سورة آل عمران آية 36 .
(5) المفهم 4/160 .
(6) فتح الباري 9/229 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (40) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (1 - 7)
أولاً/ الحث على التوادد والتراحم وإن لم يحصل الحب:
قال الله تعالى (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )(1).
أي جعل بينكم بالمصاهرة مودة تتوادّون بها، وتتواصلون من أجلها،(وَرَحْمَةً) رحمكم بها، فعطف بعضكم بذلك على بعض ، من غير أن يكون بينكم سابقة معرفة ولا رابطة مصححة للتعاطف من قرابة أو رحم ، وإنما هذه المودة والرحمة من قبل الله تعالى ؛ فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو لرحمة بها، بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما، وغير ذلك(2).
فليس الحب هو سر استمرار الحياة الزوجية وسعادتها ، وإنما المعاشرة بالمعروف والتوادد والتراحم . فمع تحريم الشرع الكذب ، وتشديده فيه ، غير أنه أباح طرفاً منه ليتألَّف كل زوج صاحبه ويستطيب نفسه ، ، فعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِى خَيْرًا ». قَالَت : وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ الْحَرْبُ وَالإِصْلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا (3).
وهكذا فعل كل ما من شأنه تحقيق التآلف والتراحم بين الزوجين مما أحله الله تعالى .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) سورة الروم آية 20 .
(2) انظر : تفسير القرآن العظيم 6/309 ، الدر المنثور 7/56 ، فتح القدير 4/312 ، تفسير الطبري 20/86 .
(3) أخرجه مسلم باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه ح6800-8/28 وانظر شرح النووي 16/158 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (41) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (2- 7)
ثانياً/ التذكير بالمأموول من الخير وحسن العاقبة والخيرة:
قال سبحانه (... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً )(1).
أي لدمامة أو سوء خلق من غير ارتكاب فاحشة أو نشوز ؛ فهذا يندب فيه إلى الاحتمال ، فعسى أن يؤول الأمر إلى أن يرزقه الله منها أولاداً صالحين.
قال ابن عباس: ربما رزق الله منهما ولدا فجعل الله في ولدها خيرا كثيراً .
وقال مكحول : سمعت ابن عمر يقول : إن الرجل ليستخير الله تعالى فيُخار له ، فيسخط على ربه عز وجل فلا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خير له(2).
وهذا كثير معاين في الواقع ، فكم من رجل كره امرأته فأمسكها وصبر فكانت عوناً له على أمر دينه ودنياه ، أو رُزق منها أولاداً بررة صالحين ، وغير ذلك من الفتوح .
قال العلامة ابن الجوزي رحمه الله :[ وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهة لها ونبهت على معنيين أحدهما أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح فرب مكروه عاد محموداً ومحمود عاد مذموماً، والثاني أن الإنسان لا يكاد يجد محبوباً ليس فيه ما يكره فليصبر على ما يكره لما يحب وأنشدوا في هذا المعنى ...
ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
... ومن يتتبع جاهداً كل عثرة ... يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب ](3) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) سورة النساء آية 19 .
(2) انظر الجامع في أحكام القرن للقرطبي 5/98 . وزاد المسير 2/42 .
(3) زاد المسير 2/42 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (42) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (3- 7)
ثالثاً/ النظر إلى الحسنات والغض عن السيئات:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ». أَوْ قَالَ « غَيْرَهُ »(1) .
الفرك : هو بغض أحد الزوجين الآخر(2).
فلا ينبغي للرجل أن يبغضها إذا رأى منها ما يكره لأنه إن كره منها خلقاً رضي منها آخر فيقابل هذا بذاك .
ولا شكّ أن تركيز الفكر فيما يُرضي كل طرف عن صاحبه من الخلال الطيبة طريق للهناء والسرور ، فالكمال عزيز ، ولا تخلو امرأة من نقص ، كما هو الحال أيضاً بالنسبة للرجل .
وسلامة الدين أكبر غنيمة وأعظم نعمة ، وما دونه يهون ، وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم « فاظفر بذات الدين ».
وأخيراً ... أراد شعيب بن حرب أن يتزوج امرأة ، فقال لها : إني سيء الخلق، فقالت : أسوأ منك خلقاً مَن أحوجك أن تكون سيء الخلق، فقال : إذاً أنت امرأتي(3) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه مسلم باب الوصية بالنساء ح3721-4/178 .
(2) النهاية في غريب الأثر 3/840 .
(3) أحكام النساء ص82 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (43) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (4- 7)
رابعاً/ الحث على مداراة المرأة :
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن المرأة خلقت من ضلع فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها )(1) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا »(2).
وفي رواية ( استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء )(3) .
قال ابن حجر [قوله (وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه ) قيل فيه إشارة إلى أن أعوج ما في المرأة لسانها ... وفائدة هذه المقدمة أن المرأة خلقت من ضلع أعوج فلا ينكر اعوجاجها ، أو الإشارة إلى أنها لا تقبل التقويم كما أن الضلع لا يقبله .
قوله (فإن ذهبت تقيمه كسرته) قيل هو ضرب مثل للطلاق أي إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها ويؤيده قوله في رواية الأعرج عن أبي هريرة عند مسلم (وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها )](4).
[ وفي هذا الحديث ملاطفة النساء والإحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب وأنه لا يطمع باستقامتها والله أعلم ](5).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه ابن حبان باب معاشر الزوجين ح 4178-9/485 قال الأرناؤوط:إسناد على شرك مسلم ، والحاكم ك البر والصلة ح7333-4/192 وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، وأحمد ح20105-5/8 .
(2) أخرجه مسلم باب الوصية بالنساء ح 3719-4/178 .
(3) أخرجه البخاري باب قول الله تعالى ( وإذ قال ربك إني جاعل في الأرض خليفة ) ح3153-3/1212 .
(4) فتح الباري 6/368 .
(5) شرح مسلم للنووي 10/57 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (44) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (5- 7)
خامساً/ الحث على الصبر على الزوجة واحتمال الأذى منها :
قال الغزالي رحمه الله : [ واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها ، والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام وتهجره الواحدة منهن يوماً إلى الليل وراجعت امرأة عمر رضي الله عنه في الكلام فقال : أتراجعيني يا لكعاء! فقالت : إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يراجعنه وهو خير منك](1)(2).
وكان صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة « إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَىَّ غَضْبَى ». قَالَتْ فَقُلْتُ وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ « أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ ». قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ(3).
وينبغي كذلك للزوج أن يتغاضى عما يراه من خطإ يبدر من زوجه ولا يتعقب الأمور صغيرها وكبيرها ما لم يكن في حق من حقوق الله تعالى ؛ فالخطأ من سمات البشر لا يسلم منه أحد .
وذلك ما يرشدنا إليه قوله تعالى (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِير )(4).
قال العلامة السعدي رحمه الله :[ قوله: { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا } قال كثير من المفسرين: هي حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، أسرَّ لها النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا، وأمر أن لا تخبر به أحدًا، فحدَّثت به عائشة رضي الله عنهما، وأخبره الله بذلك الخبر الذي أذاعته، فعرَّفها صلى الله عليه وسلم ببعض ما قالت، وأعرض عن بعضه، كرمًا منه صلى الله عليه وسلم ، وحلمًا](5).
وأخيراً ...
ذكر ابن العربي بسنده عن أبي بكر بن عبد الرحمن حيث قال : كان الشيخ أبو محمد بن أبي زيد من العلم والدين في المنزلة والمعرفة، وكانت له زوجة سيئة العشرة وكانت تقصر في حقوقه وتؤذيه بلسانها ؛ فيقال له في أمرها ويُعذَل بالصبر عليها ، فكان يقول : أنا رجل قد أكمل الله علي النعمة في صحة بدني ومعرفتي وما ملكت يميني ، فلعلها بعثت عقوبة على ذنبي فأخاف إن فارقتها أن تنزل بي عقوبة هي أشد منها(6).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) أخرجه مسلم في حديث طويل باب في الإيلاء واعتزال النساء ح3768-4/192 [قَالَ كُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ - قَالَ - وَكَانَ مَنْزِلِى فِى بَنِى أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَوَالِى فَتَغَضَّبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِى فَإِذَا هِىَ تُرَاجِعُنِى فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِى. فَقَالَتْ مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ. فَانْطَلَقْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ نَعَمْ. فَقُلْتُ أَتَهْجُرُهُ إِحْدَاكُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ قَالَتْ نَعَمْ. قُلْتُ قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُنَّ وَخَسِرَ أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هِىَ قَدْ هَلَكَتْ لاَ تُرَاجِعِى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ تَسْأَلِيهِ شَيْئًا وَسَلِينِى مَا بَدَا لَكِ وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ - يُرِيدُ عَائِشَةَ -]
(2) إحياء علوم الدين 4/72 .
(3) أخرجه البخاري باب غيرة النساء ووجدهن ح4930-5/2004 ، ومسلم باب في فضل عائشة ح6438-7/134 .
(4) سورة التحريم آية 3 .
(5) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص872 .
(6) الجامع في أحكام القرآن 5/98 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (45) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (6- 7)
سادساً/ اتخاذ عدة خطوات لتأديب المرأة:
قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً {34} وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً{35}}النساء(1) .
والنشوز هو العصيان ، ولعلاجه يتخذ الخطوات التالية :
الخطوة الأولى : الوعظ بالرفق واللين فإن لم ينفع فلينتقل إلى :
الخطوة الثانية : الهجر في المضجع وذلك بأن يولّيها ظهره في المضجع ، لكن ينبغي ألا يبلغ بالهجر في المضجع أربعة أشهر ، وينبغي أن يقصد من الهجر التأديب والاستصلاح لا التشفي والانتقام ، ولا يهجرها في الكلام أكثر من ثلاثة أيام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث )(2) .
الخطوة الثالثة : الضرب غير المخوف، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده ، ولا امرأة ، ولا خادمًا ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نِيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه ، إلا أن يُنتهك شيء من محارم الله فينتقم )(3) .
متى يجوز الضرب ؟ الآية على الترتيب فالوعظ عند خوف النشوز ، والهجر عند ظهور النشوز ، والضرب عند تكرره ، واللجاج فيه ، ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز .
شروط الضرب : منها أن تصر على النشوز والعصيان حتى بعد تدرجه معها في التأديب على النحو الذي سبق ذكره .
ومنها أن يتناسب العقاب مع نوع التقصير، فلا يبادر إلى الهجر في المضجع في أمر لا يستحق إلا الوعظ والإرشاد ـ ولا يبادر إلى الضرب وهو لم يجرب الهجر في المضجع ، وذلك لأن العقاب بأكثر من حجم الذنب والتقصير ظلم .
ومنها أن يراعي أن المقصود من الضرب العلاج والتأديب والزجر لا غير، فيراعي التخفيف فيه على أبلغ الوجوه ، وهو يتحقق باللكزة ونحوها ، أو بالسواك ونحوه . وفي خطبة حجة الوداع قال صلى الله عليه وسلم (فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنّ َ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُ مْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ. فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ )(4).
قال عطاء : قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح ؟ قال : السواك وشبهه يضربها به(5). قال الفقهاء: هو ألا يكسر فيها عضواً ولا يؤثر فيها شيئاً(6) .
ومنها أنها إذا ارتدعت وتركت النشوز فلا يجوز له بحال أن يتمادى في عقوبتها ، أو يتجنى عليها بقول أو فعل لقوله تعالى: { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً }النساء34.
ومنها أن يكون الضرب نافعاً في الإصلاح فإن كان يترتب عليه مفسدة أكبر وفتنة أشد فلا ، وقد اتفق العلماء على أن ترك الضرب والاكتفاء بالتهديد أفضل لما رواه إياس بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لاَ تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ ». فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. فَرَخَّصَ فِى ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم « لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ »(7) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
قال ابن الجوزي:[ وليعلم الإنسان أن من لا ينفع فيه الوعيد والتهديد لا يردعه السوط ، وربما كان اللطف أنجح من الضرب فإن الضرب يزيد قلب المعرض إعراضاً ](8) .
الخطوة الرابعة : إذا استمر الشقاق بين الزوجين يلجآن إلى حكمين أحدهما من أهله والآخر من أهلها على أن يكونا مسلمين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين ، ويعرفان الجمع والتفريق ، فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه ، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب ، فإن لم يستطع أحدهما ذلك أقنعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق . ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلان عنه .
فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله ، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح فرقا بينهما .
(1) سورة النساء آية 34و35 .
(2) أخرجه البخاري ك الأدب باب ما ينهى عنه من التحاسد ح6065 – 10 / 481 مع الفتح .
(3) أخرجه مسلم ك الفضائل باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام ح2327 .
(4) أخرجه مسلم باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ح3009-4/39 مطولاً .
(5) تفسير الطبري 8/314 .
(6) تفسير ابن كثير 2/295 .
(7) أخرجه أبو داود باب في ضرب النساء ح2148-2/211 وصححه الألباني ، والنسائي في السنن الكبرى باب ضرب الرجل زوجته ح9167-5/371 ، والدارمي باب في النهي عن ضرب النساء ح2219-2/198 وصححه حسين سليم أسد ، وابن حبان باب معاشر الزوجين ح4189-9/499 وصححه الأرناؤوط ، والحاكم ك النكاح ح2765-2/205 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ، والحميدي ح876-2/386 ، والطبراني في المعجم الكبير ح784-1/270 .
(8) أحكام النساء ص82 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (46) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (7- 7)
سابعاً : بقليل من التنازلات وبمزيد من الإحسان تستقيم الحياة ؛ ويتغير الحال ، وتُحفظ الأسرة
فالإسلام يُرشد الزوجة إذا لمست من زوجها جفوة ، وأحست منه غلظة ، أن تُبادر إلى شيء من التنازل عن حقوقها حفظاً لأسرتها واستقرارها ، فعسى أن يؤول الحال إلى ما يسرّ ، ويحصل الصلح ، والصلح خير ، قال الله تعالى ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )( 1 )
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
ثم ذكر سبحانه ما قد يمنع من الصلح بقوله: ( وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحّ ) أي: جبلت النفوس على الشح، وهو: عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان للآخرين ، والحرص على الحق الذي له، فالنفوس مجبولة على ذلك طبعاً، لا سيما مع شنآن النفوس وإعراضها ، وعندئذ لا يقتصر الشح على الأموال والأفعال ، بل يتجاوزه إلى الشح بالعواطف والكلمات ، وتكون المحاسبة الشديدة فيما له وفيما ناله من الحقوق ، ومع الشح لا يمكن الصلح (وإن تحسنوا وتتقوا) ببذل الحق الذي عليكم ، والاقتناع ببعض الحق الذي لكم ، يذهب شنآن نفوسكم ويتحقق الصلح .
ولعل في ذكر التقوى تذكير لأهميتها ؛ فغالباً ما تغيب عند حصول الخلاف ، ويحل الظلم ، ويُنسى الإحسان الذي ربما يكون قد دام سلفاً أطول من الإساءة .
ألا فليتقِ الله كل زوج وليتقه في الآخر ، وليَصر إلى العدل والإحسان ، ولينزِل كل واحد للآخر عن القليل من حقه تكرماً وفضلاً وحفاظاً على كيان الأسرة.
( 1 ) سورة النساء آية 128 . وانظر تفسيرها في تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/426 ، وتفسيسر الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/206 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (47) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الطــلاق حل لا مشكلة (1-12)
يعدُّ بعض الناس الطلاق مشكلة من المشاكل الأسرية ، ويبذل قصارى جهده لمنع وقوعه ، مع أنه في بعض الأحيان حينما تُستعصى الأمور يكون الحل هو الطلاق ، فالناظر إلى التشريعات الإسلامية في الطلاق يجد أن الإسلام جعله حلاً مناسباً للإصلاح بين الزوجين ؛ فكثيراً ما يكون الزوجان تحت ضغط المشاكل غير قادرين على التفكير السديد ، والنظر في إيجابيات الطرف الآخر ، والنظر في المصالح والمفاسد ، فإذا وقعت الطلقة الأولى سنحت الفرصة لكل منهما في فترة العدة لمعاودة التفكير الجاد والبعيد عن المؤثرات السلبية ، فإذا راجعا نفسيهما وقررا العودة أمكنهما ذلك في العدة ، فإن انقضت العدة ورغبا في الرجوع تكلّف الزوج مهراً جديداً وعقداً جديداً مما يبرهن على صدق رغبتهما في الصلح ، فإن استأنفا المشاكل من جديد ، كانت أمامهما فرصة ثانية ، فإن أضاعاها اشتدّ الحكم في قضيتهما ، وعُلم أن صلاح الحال بينهما عسير ، والفرقة خير من الاجتماع ، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً آخر نكاح رغبة فيطلقها أو يموت عنها ، فقد يدرك كل منهما فضل صاحبه إذا جرّب غيره ، وربما كان امتداد العمر بهما سبب لصقل خبرتهما في الحياة الزوجية .
وسوف نستعرض في الصفحات القادمة التشريعات الإسلامية في الطلاق
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (48) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الطــــلاق (2-12)
تعريـف الطـلاق:
الطلاق في اللغة عبارة عن رفع القيد(1) .
وفي عرف الفقهاء عبارة عن حكم شرعي برفع القيد النكاحي بألفاظ مخصوصة(2).
الحكمة من مشروعية الطلاق:
[إن الله تعالى شرع النكاح لمصلحة العباد لأنه ينتظم به مصالحهم الدينية والدنيوية ، ثم شرع الطلاق إكمالاً للمصلحة ؛ لأنه قد لا يوافقه النكاح فيطلب الخلاص فمكّنه من ذلك ، وجعله عدداً ، وحكمه متأخراً ليجرّب نفسه في الفراق كما جرّبها في النكاح ، ثم حرّمها عليه بعد فراغ العدد قبل أن تتزوج بزوج آخر ليتأدب بما فيه غيظه وهو الزوج الثاني على ما عليه جبلة الفحولة بحكمته ولطفه بعباده ، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضرراً مجرداً بإلزام الزوج النفقة والسكنى وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه (3)]
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الحكمة من جعل الطلاق بيد الرجل دون المرأة :
قال ابن القيم رحمه الله: [ والله سبحانه جعل الطلاق بيدِ الزوج لا بيد المرأة رحمةً منه وإحساناً، ومراعاةً لمصلحة الزوجين.نعم له أن يُملكها أمرها باختياره، فيخيرها بين القيام معه وفراقها. وأما أن يخرجَ الأمرُ عن يد الزوج بالكلية إليها، فهذا لا يمكن. فليس له أن يُسقط حقَّه مِن الرجعة، ولا يملك ذلك، فإن الشارع إنما يملك العبد ما ينفعُه ملكه، ولا يتضرر به، ولهذا لم يملكه أكثر من ثلاث، ولا ملكه جمع الثلاث، ولا ملَّكه الطلاق في زمن الحيض والطهر المواقع فيه، ولا ملكه نكاح أكثر من أربع، ولا ملك المرأةَ الطلاق، وقد نهى سبحانه الرجال: أن يُؤتُوا السفهاء أموالهم الَّتي جعل الله لهم قياماً، فكيف يجعلون أمر الأبضاع إليهن في الطلاق والرجعة، فكما لا يكون الطلاقُ بيدها لا تكون الرجعة بيدها ](4)
(1) انظر الصحاح في اللغة 1/428 ، لسان العرب 10/225 .
(2) انظر : العناية 5/160، ونحوه تبيين الحقائق 2/188 والبحر الرائق 3/253 و مغني المحتاج 3/279 والمغني 8/234 والمبدع 7/230 لكن لم يقولا بألفاظ مخصوصة .
(3) انظر : العناية 5/160، والمغني 8/235 .
(4) زاد المعاد 5/676 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (49) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الطـــلاق (3-12)
أحكام الطلاق(1):
هو مشروع والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }(2) وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }(3) .
وأما السنة فما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَ ا ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ (4) .
والطلاق على خمسة أضرب هي ما يأتي :
واجب : وهو طلاق المولي بعد التربص إذا أبى الفيئة ، وطلاق الحكمين في الشقاق إذا رأيا ذلك ، وعند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها ولا يمكنه إجبارها عليها أو تكون له امرأة غير عفيفة ، لأن فيه نقصاً لدينه ولا يأمن إفسادها لفراشه وإلحاقها به ولداً ليس هو منه ، ولا بأس بعضلها في هذه الحال والتضييق عليها لتفتدي منه قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنّ َ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا }(5)
ومكروه : وهو الطلاق من غير حاجة إليه لأنه مزيل للنكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها فيكون مكروهاً .
ومباح : وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض بها .
ومندوب إليه : وهو الطلاق في حال الشقاق وفي الحال التي تخرج المرأة إلى المخالعة لتزيل عنها الضرر كبغضها لزوجها .
وأما المحظور : فهو الطلاق البدعي كالطلاق في الحيض، والنفاس، وطهر وطئ فيه .
(1) انظر : المبسوط 6/2 ، الفواكه الدواني 3/1004 ، روضة الطالبين 8/3 ، شرح زاد المستقنع 6/482 ، المغني 8/234 ،
(2) سورة البقرة آية 229 .
(3) سورة الطلاق آية 1 .
(4) أخرجه البخاري باب سورة الطلاق ح4625-4/1864 ، ومسلم تحريم طلاق الحائض بغير رضاها ح3725-4/179 واللفظ له
(5) سورة النساء آية 19 .
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (50) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الطـــلاق (4-12)
أقسام الطـلاق :
للطلاق عدة أقسام بثلاثة اعتبارات :
الأول : باعتبار صيغة الطلاق ينقسم إلى ألفاظ صريحة ، وألفاظ كناية (1) .
الألفاظ الصريحة :
ثلاثة ألفاظ الطلاق والفراق والسراح، وما تصرّف منهن ؛ لأن الطلاق ثبت له عرف الشرع واللغة، والسراح والفراق ثبت لهما عرف الشرع ، فإنه ورد بهما القرآن بمعنى الفرقة بين الزوجين فكانا صريحين فيه كلفظ الطلاق قال الله تعالى : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } وقال { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنّ َ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ }(2) وقال سبحانه : { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنّ َ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف }(3) وقال سبحانه { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِه}(4) وقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ َ سَرَاحًا جَمِيلًا}(5).
ويقع بها الطلاق من غير حاجة إلى نية .
مسألة : إذا قال لامرأته: أنت طالق، أو طلقتك، أو أنت مطلقة أو سرحتك، أو أنت مسرحة، أو فارقتك، أو أنت مفارقة، ثم قال: أردت غيرها فسبق لساني إليها لم يُقبل، لأنه يدّعي خلاف الظاهر، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه يحتمل ما يدعيه .
مسألة : إن قال: أنت طالق ، وقال أردت طلاقاً من وثاق، أو قال سرحتك وقال أردت تسريحاً من اليد، أو قال فارقتك، وقال أردت فراقاً بالجسم، لم يُقبل في الحكم، لأنه يدّعي خلاف ما يقتضيه اللفظ في العرف، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه يحتمل ما يدعيه، فإن علمت المرأة صدقه فيما دِين فيه الزوج جاز لها أن تقيم معه.
مسألة : إن قال أنت طالق من وثاق، أو سرحتك من اليد، أو فارقتك بجسمي لم تطلق، لأنه اتصل بالكلام ما يصرف اللفظ عن حقيقته.
مسألة : لو قال له رجل: طلقت امرأتك ؟ أو امرأتك طالق ؟ أو فارقتها أو سرحتها ؟ فقال: نعم ، فإن كان صادقاً فيما أخبر به من الطلاق وقع عليها الطلاق في الظاهر والباطن، وإن لم يكن طلاق قبل ذلك وإنما كذب بقوله نعم، وقع الطلاق في الظاهر دون الباطن .
ألفاظ الكناية :
هي الألفاظ التي تشبه الطلاق وتدل على الفراق، وذلك مثل قوله: أنت بائن، وخلية وبرية وبتة وبتلة وحرة وواحدة وبِيني وابعدي واغربي واذهبي واستفلحي والحقي بأهلك وحبلك على غاربك، واستتري وتقنعي واعتدي وتزوجي وذوقي وتجرعي وما أشبه ذلك(6)، فإن خاطبها بشيء من ذلك ونوى به الطلاق وقع، وإن لم ينو لم يقع، لأنه يحتمل الطلاق وغيره، فإذا نوى به الطلاق صار طلاقاً، وإذا لم ينو به الطلاق لم يصر طلاقاً، كالإمساك عن الطعام والشراب لما احتمل الصوم وغيره، إذا نوى به الصوم صار صوماً، وإذا لم ينو به الصوم لم يصر صوماً .
(1) انظر : البحر الرائق 3/263 ، الاستذكار 6/24 ، المجموع شرح المهذب 17/96 ، المغني 8/264 .
(2) سورة البقرة آية 231 .
(3) سورة الطلاق آية 2 .
(4) سورة النساء آية 130 .
(5) سالأحزاب آية 28 .
(6) قوله " بائن الخ " أي مفارقة من البين وهو الفراق، وخلية، أي خالية عن الزوج فارغة منه، وبرية أي بريئة عما يجب من حقوقي وطاعتي، وبتة القطع وبتلة مثلها، ومنه التبتل أي الانقطاع عن النكاح، وحرّة أي لا سلطان لي على بضعك كما لا ملك في رقبة الحرة، وواحدة أي أنت فردة عن الزوج، ويحتمل طلقة واحدة ، وبِيني وهو من البعد والفراق واغربى مثله ،واستفلحي من الفلاح والفوز، أي فوزي بأمرك واسْتَبِدِّي برأيك ويحتمل أن يكون من الفلح وهو القطع، أي اقطعي حبل الزواج من غير نزاع ، وحبلك على غاربك، أي امضي حيث شئت، وتقنعى، أي غطي رأسك ،وقيل معناه استتري مني ولا يحل لي نظرك.، وتجرعي ، يقال: جرعه غصص الغيظ إذا أذاقه الشدة مما يكره . انظر : المجموع شرح المهذب 17/103 .
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (51) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
الطــــلاق (5-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
أقسام الطلاق باعتبار زمن إيقاع الطلاق ينقسم إلى طلاق سني ، وطلاق بدعي(1) .
الطلاق السني له صورتان :
الصورة الأولى : أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه .
والصورة الثانية : أن يطلقها حاملاً ؛ بأن يطلقها واحدة متى شاء ويمهلها حتى تضع حملها
وكلا الصورتين وردتا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَ ا ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ »(2).
وعَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَ ا ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلاً »(3).
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الطلاق البدعي : هو الذي يوقعه صاحبه على الوجه المحرم ، ويسمى طلاق البدعة لأن المطلق خالف السنة وترك أمر الله تعالى ورسوله .
وله قسمان :
القسم الأول : طلاق بدعي من حيث الوقت ، وله كذلك صورتان :
الصورة الأولى : أن يطلقها وهي حائض أو نفساء .
والصورة الثانية : أن يطلقها في طهر جامعها فيه .
وكلا الصورتين مذكورتين في حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق ، وقد أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريم الصورتين .
وهناك صورة ثالثة(4) عند جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة وهي أن يطلقها في كل طهر طلقة إلى ثلاث طلقات ، أما الحنفية فيعدون هذه الصورة من الطلاق الجائز .
(1) انظر : المبسوط 6/11، البحر الرائق 22/257 و3/260 ، المدونة 2/3 ، الفواكه الدواني 3/1004 ، مغني المحتاج 3/307 ، المغني 8/234 . المبدع شرح المقنع 7/239 ، مجموع الفتاوى 33/6 .
(2) أخرجه مسلم ك الطلاق باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها ح3725-4/179 .
(3) أخرجه مسلم في الموضع السابق ح3732-4/181 ،
(4) انظر : مواهب الجليل 5/300 ، المدونة 2/3 ، الاستذكار 6/203 ، المغني 8/236 . العناية شرح الهداية 5/162 ،
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (52) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
الطــــلاق (6-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
مسألــة : هل يقع الطلاق البدعي من حيث الوقت ؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين هما :
القول الأول : جمهور العلماء)1) أن الطلاق البدعي يقع ويأثم صاحبه واستدلوا بعدة أمور :
- حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال عليه الصلاة والسلام (مره فليراجعها) والرجعة لا تكون إلا بعد الطلاق . كما أنه ورد في رواية عند مسلم من طريق سالم بن عبد الله عن ابن عمر قال (وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاَقِهَا وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-))2)
- ولأنه طلاق من مكلف في محل الطلاق فوقع كطلاق الحامل .
- ولأنه ليس يقر به فيعتبر لوقوعه موافقة السنة بل هو إزالة عصمة وقطع ملك فإيقاعه في زمن البدعة أولى تغليظاً عليه وعقوبة له .
- إن تحريمه لا يمنع ترتب أثره عليه قياساً على الظهار فمع كونه محرماً ومنكراً من القول يقع ، فكذلك الطلاق البدعي .
- قياساً على طلاق الهازل فإنه يقع مع أنه لم يقصد وقوع الطلاق .
القول الثاني : الطلاق البدعي لا يقع)3)وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية)4) وتلميذه ابن القيم)5) رحمهما الله ، واستدلوا بما يلي :
- قالوا : لو كان الطلاق قد لزم لم يكن في الأمر بالرجعة ليطلقها طلقة ثانية فائدة ؛ بل فيه مضرة عليهما ؛ فإن له أن يطلقها بعد الرجعة بالنص والإجماع وحينئذ يكون في الطلاق مع الأول تكثير الطلاق ؛ وتطويل العدة وتعذيب الزوجين جميعاً ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجب عليه أن يطأها قبل الطلاق ؛ بل إذا وطئها لم يحل له أن يطلقها حتى يتبين حملها ؛ أو تطهر الطهر الثاني . وقد يكون زاهداً فيها يكره أن يطأها فتعلق منه ؛ فكيف يجب عليه وطؤها ولهذا لم يوجب الوطء أحد من الأئمة الأربعة وأمثالهم من أئمة المسلمين ؛ ولكن أخّر الطلاق إلى الطهر الثاني .
- ولأنه إذا امتنع من وطئها في ذلك الطهر ثم طلقها في الطهر الثاني دلَّ على أنه محتاج إلى طلاقها ؛ لأنه لا رغبة له فيها إذ لو كانت له فيها رغبة لجامعها في الطهر الأول .
- وقالوا : لأنه لم يأمر ابن عمر بالإشهاد على الرجعة كما أمر الله ورسوله ولو كان الطلاق قد وقع وهو يرتجعها لأمر بالإشهاد .
- ولأن الله تعالى لما ذكر الطلاق في غير آية لم يأمر أحداً بالرجعة عقيب الطلاق ؛ بل قال : { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنّ َ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } فخيَّر الزوج إذا قارب انقضاء العدة بين أن يمسكها بمعروف - وهو الرجعة - وبين أن يسيَّبها فيخلي سبيلها إذا انقضت العدة ؛ ولا يحبسها بعد انقضاء العدة كما كانت محبوسة عليه في العدة قال الله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ) .
- وأيضاً فلو كان الطلاق المحرم قد لزم لكان حصل الفساد الذي كرهه الله ورسوله وذلك الفساد لا يرتفع برجعة يباح له الطلاق بعدها والأمر برجعة لا فائدة فيها مما تنزه عنه الله ورسوله ؛ فإنه إن كان راغباً في المرأة فله أن يرتجعها وإن كان راغباً عنها فليس له أن يرتجعها ، فليس في أمره برجعتها مع لزوم الطلاق له مصلحة شرعية ؛ بل زيادة مفسدة ويجب تنزيه الرسول صلى الله عيلة وسلم عن الأمر بما يستلزم زيادة الفساد .
وأجابوا عن أدلة القائلين بوقوع الطلاق البدعي بما يلي :
- أما حديث ابن عمر رضي الله عنهما فأجابوا عنه بعدة أجوبة منها :
أحدُها: صريح قوله ( فردّها عليَ ولم يرها شيئاً ) )6).
الثاني: أنه قد صحَّ عن ابن عمر رضي الله عنه بإسناده من رواية عبيد الله، عن نافع عنه، في الرجل يُطلِّق امرأته وهى حائض، قال: لا يُعْتَدُّ بذلك)7).
الثالث : قوله (حسبت) مراده بها أن ابن عمر إنما طلَّقها واحدة، ولم يكن ذلك منه ثلاثاً ؛ أي طلق ابن عمر امرأته واحدة على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره.
الرابع : قوله (فليراجعها) فلأنه فارقها ببدنه كما جرت العادة من الرجل إذا طلق امرأته اعتزلها ببدنه واعتزلته ببدنها ؛ { فقال لعمر : مره فليراجعها } ولم يقل : فليرتجعها . " والمراجعة " مفاعلة من الجانبين : أي ترجع إليه ببدنها فيجتمعان كما كانا ؛ لأن الطلاق لم يلزمه فإذا جاء الوقت الذي أباح الله فيه الطلاق طلقها حينئذ إن شاء .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
- وأجابوا عن قياسهم الطلاق على الظهار .
أولاً: هذا قياسُ يدفعه النص (لم يرها شيئاً) ، وسائر تلك الأدلة التي هي أرجح منه. ثانياً: هذا معارَض بمثله سواء معارضة القلب بأن يقال: تحريمُه يمنع ترتب أثره عليه كالنكاح ؛ فالنكاح الفاسد لا تترتب آثاره عليه .
ثالثاً: ليس للظهار جهتانِ: جهة حل وجهة حرمة، بل كُلُّه حرام فإنه منكر من القول وزور، فلا يُمْكِنُ أن ينقسِمَ إلى حلال جائز، وحرام باطل، بل هو بمنزلة القذف والرِّدة، فإذا وجد لم يُوجد إلا مع مفسدته، فلا يتُصوَّر أن يقال: منه حلال صحيح، وحرام باطل، بخلاف النكاح والطلاق والبيع ، وإلحاقُ الطلاق بالنكاح، والبيع والإجارة والعقود المنقسمة إلى حلالٍ وحرامٍ، وصحيحٍ وباطلٍ، أولى.
- وأما قياسهم على طلاق الهازل ؛ فطلاقُ الهازِلِ إنما وقع، لأنه صادف محلاً، وهو طهر لم يُجامع فيه فنفذ ، وكونُه هزل به إرادة منه أو لا يترتب أثرُه عليه، وذلك ليس إليه، بل إلى الشارع، فهو قد أتى بالسبب التام، وأراد ألا يكونَ سببه، فلم ينفعْه ذلك، بخلاف من طلَّق في غير زمن الطلاق، فإنه لم يأت بالسَّببِ الَّذي نصَبه اللهُ سبحانه مفضياً إلى وقوع الطلاق، وإنما أتي بسبب مِن عنده، وجعله هو مفضياً إلى حكمه، وذلك ليس إليه.
والراجح والله أعلم عدم وقوع الطلاق لما سبق من الأدلة .
(1) انظر : البحر الرائق 3/311 ، العناية شرح الهداية 5/166 ، الاستذكار 6/142 ، المدونة 2/3 المجموع شرح المهذب 17/78 ، المغني 8/238 .
(2) باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها ح3730-4/180 .
(3) وبه أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله انظر فتاوى إسلامية 3/204 ، وفتاوى الإسلام سؤال وجواب 1/5893 ، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 11/235
(4) انظر مجموع الفتاوى 33/22 .
(5)انظر زاد المعاد 5/227 وما بعدها .
(6) أخرجه أبو داود باب في طلاق السنة ح2187-2/222 ، وأحمد ح5524-2/80 .
(7) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه باب ما قالوا في الرجل يطلق امرأته وهي حائض ح18051-5/5 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (53) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
الطــــلاق (7-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القسم الثاني طلاق بدعي من حيث العدد
بأن يقيد الطلاق الصريح بعدد صريح كأن يقول لها : أنت طالق اثنتين أو يقول ثلاثاً ، أو يقول : أنت طالق طالق طالق ، أو يفصل بينها بـ (الواو) أو (أو) فهل يلزم بعدد الطلقات أو تحسب واحدة ؟ (1) .
إن ادّعى الزوج أن تكراره للفظ الطلاق إنما هو لإفهامها أو إسماعها ونحو ذلك وقعت واحدة ديانة لا قضاء اتفاقاً .
وإن قصد الطلاق و لم ينو شيئاً فقد اختلف العلماء على قولين :
القول الأول : جمهور العلماء منهم أئمة المذاهب الأربعة ؛ أن الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد يقع ثلاثاً وتبين منه امرأته . واستدلوا بما يلي :
1) قوله تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ(2)) يدل على وقوع الثلاث معاً مع كونه منهياً عنه؛ لأن قوله تعالى: {الطلاق مرتان} تنبيه إلى الحكمة من التفريق، ليتمكن من المراجعة، فإذا خالف الرجل الحكمة، وطلق اثنتين معاً، صح وقوعهما إذ لا تفريق بينهما، ثم إن قوله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُون) (3)يدل على تحريمها عليه بالثالثة بعد الاثنتين ، ولم يفرق بين إيقاعهما في طهر واحد أو في أطهار.
2) قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) (4) والطلاق المشروع ما يعقبه عدة، وهو منتف في إيقاع الثلاث في العدة، وفيها دلالة على وقوع الطلاق لغير العدة، إذ لو لم يقع لم يكن ظالماً لنفسه بإيقاعه لغير العدة، ومن لم يطلق للعدة بأن طلق ثلاثاً مثلاً، فقد ظلم نفسه.
3) ومنه آية (وَلِلْمُطَلَّقَ اتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين) (5) وغيرها من آيات الطلاق. تدل ظواهر هذه الآيات على ألا فرق بين إيقاع الطلقة الواحدة والاثنتين والثلاث.
وأجيب: بأن هذه عمومات مخصصة، وإطلاقات مقيدة بما ثبت من الأدلة الدالة على المنع من وقوع ما فوق الطلقة الواحدة.
4) السنة: منها حديث سهل بن سعد في المتلاعنين قَالَ سَهْلٌ: فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (6). ولم ينقل إنكار النبي صلى الله عليه وسلم .
وأجيب: إنما لم ينكره عليه؛ لأنه لم يصادف محلاً مملوكاً له ولا نفوذاً.
5) حديث مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَانًا ثُمَّ قَالَ ( أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ) حَتَّى قَامَ رَجُلٌ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَقْتُلُهُ (7) .
هذا يدل على أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يكون ثلاثاً، ويلزم بها المطلّق ، وإن كان عاصياً في إيقاع الطلاق بدليل غضب النبي عليه الصلاة والسلام.
وأجيب بأنه حديث مرسل؛ لأن محمود بن لبيد لم يثبت له سماع من رسول الله e ، وإن كانت ولادته في عهده عليه السلام . وهذا مردود ؛ لأن مرسل الصحابي مقبول.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القول الثاني : قال شيخ الإسلام ابن تيمية(8)وتلميذه ابن القيم أن الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع واحدة(9)واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
1) آية(الطلاق مرتان) إلى قوله تعالى في الطلقة الثالثة: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) أي أن المشروع تفريق الطلاق مرة بعد مرة، لأنه تعالى قال: {مرتان} ولم يقل «طلقتان» .
ويرد عليه بأن الآية ترشد إلى الطلاق المشروع أو المباح، وليس فيها دلالة على وقوع الطلاق وعدم وقوعه إذا لم يكن مفرقاً، فيكون المرجع إلى السنة، والسنة بينت أن الطلاق الثلاث يقع ثلاثاً.
2) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ الطَّلاَقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِى بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ طَلاَقُ الثَّلاَثِ وَاحِدَةً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ. فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ.وفي رواية أخرى أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَتَعْلَمُ أَنَّمَا كَانَتِ الثَّلاَثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِى بَكْرٍ وَثَلاَثًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَعَمْ. (10)
وهذا واضح الدلالة على جعل الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة.
وأجيب عنه بأنه محمول على صورة تكرير لفظ الطلاق ثلاث مرات، بأن يقول: (أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق) فإنه يلزمه واحدة إذا قصد التوكيد، وثلاث إذا قصد تكرير الإيقاع، فكان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الغالب عليهم الصدق وسلامة المقصد ، ولم يظهر فيهم خب ولا خداع، وكانوا يصدقون في إرادة التوكيد، فلما رأى عمر في زمانه أموراً ظهرت، وأحوالاً تغيرت، وفشا إيقاع الثلاث جملة بلفظ لا يحتمل التأويل، ألزمهم الثلاث في صورة التكرير، إذ صار الغالب عليهم قصدها، وقد أشار إليه بقوله: «إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة» .
3) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ طَلَّقَ رُكَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَزِيدَ أَخُو الْمُطَّلِبِ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا قَالَ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( كَيْفَ طَلَّقْتَهَا قَالَ طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا قَالَ فَقَالَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَارْجِعْهَا إِنْ شِئْتَ ) قَالَ فَرَجَعَهَا فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى أَنَّمَا الطَّلَاقُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍِ (11) .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم { في مجلس واحد } مفهومه أنه لو لم يكن في مجلس واحد لم يكن الأمر كذلك ؛ وذلك لأنها لو كانت في مجالس لأمكن في العادة أن يكون قد ارتجعها ؛ فإنها عنده والطلاق بعد الرجعة يقع . وقد روى أبو داود وغيره { أن ركانة طلق امرأته ألبتة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اللهما أردت إلا واحدة ؟ فقال : ما أردت بها إلا واحدة . فلو كان أراد ثلاثاً لوقعت ثلاثاً .
وأجيب على هذا الاستدلال بأنه يدل على أن الطلاق الثلاث يقع ثلاثاً ما لم ينو خلافه المطلِّق ؛ وإلا لما كان لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم ركانة عن مقصده وجه ، كما أن حزن ركانة دليل على أنه من المستقر عندهم يومئذ أن الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد يقع ثلاثاً .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الراجح والله تعالى أعلم : قول الجمهور أن الطلاق المجموع يقع بعدده لقوة أدلتهم وسلامتها من الاعتراض المؤثر. وقد ثبت عن عدد من الصحابة قولهم بوقوع الطلاق (12)منهم عمر بن الخطاب وابنه عبد الله ، وابن عباس ، وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين .
(1) انظر البحر الرائق 3/311 ، المبسوط 6/7 ، المدونة 2/3 ، الاستذكار 6/4 ، الأم 5/139 و181، المجموع شرح المهذب 17/132 ، المغني 8/400 ، إعلام المقعين 3/30 ، إغاثة اللهفان 1/325 ،
(2) سورة البقرة آية 229 .
(3) سورة البقرة من آية 229-231 .
(4) سورة الطلاق آية 1 .
(5)سورة البقرة آية 241 .
(6) أخرجه البخاري باب التلاعن في المسجد ح5003-5/2033 ، ومسلم باب وحدثنا يحيى بن يحيى ح3816-4/205 واللفظ له .
(7) أخرجه النسائي باب الثلاث المجموعة وما فيها من التغليظ ح3401-6/142 قال الألباني:ضعيف .
(8) نظر مجموع الفتاوى 33/13 .
(9) قال أد. وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته 9/384 :[ وأخذ القانون في مصر وسورية بهذ الرأي،نص القانون السوري على ما يلي:
(م 91) - يملك الزوج على زوجته ثلاث طلقات. (م 92) - الطلاق المقترن بعدد لفظاً أو إشارة لا يقع إلا واحداً. ]
(10) أخرجه مسلم باب طلاق الثلاث ح3746و3747 -4/183 .
(11) أخرجه أحمد في مسنده ح2387-4/215 قال شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف... وقال الخطابي : وكان أحمد بن حنبل يضعف هذه الأحاديث كلها . ( قلنا ) ونص ابن قدامة في المغني على أن أحمد ضعف إسناد حديث ركانة هذا وتركه . وقال الحافظ في الفتح : إن أبا داود رجح أن ركانة إنما طلق امرأته ألبتة كما أخرجه هو من طريق آل بيت ركانة وهو تعليل قوي لجواز أن يكون بعض رواته حمل ألبتة على الثلاث فقال طلقها ثلاثا فبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس . قلنا : ومع هذا فقد جود ابن تيمية سند هذا الحديث في الفتاوى وصححه ابن القيم في الزاد وأحمد شاكر في تعليقه على المسند . وأخرجه أبو يعلى ح2500-4/379 قال حسين سليم أسد: رجاله ثقات
(12) انظر الاستذكار 6/4 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (54) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
أقسام الطلاق باعتبار الرجعة (8-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
ينقسم الطلاق باعتبار الرجعة(1) إلى قسمين : طلاق رجعي ، وطلاق بائن .
الطلاق الرجعي:
وهو الذي يمكنه أن يرتجعها فيه بغير اختيارها وذلك إذا طلق زوجته بعد الدخول الطلقة الأولى أو الثانية ، لقوله تعالى (وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنّ َ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا) (2)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (نص في أن الرجعة إنما ثبتت لمن قصد الصلاح دون الضرار) (3)
ويسن أن يُشهد على الرجعة(4)لقوله تعالى (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنّ َ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) (5)
الطلاق البائن :
هو الذي لا يمكنه أن يرتجعها ، وله قسمان :
القسم الأول: ويسمى بينونة صغرى وله صورتان :
الأولى: أن يطلق امرأته ويدعها حتى تنقضي عدتها على أن تكون هذه الطلقة الأولى أو الثانية وعندئذ تحرم عليه ويكون خاطباً من الخطاب لا تباح له إلا بعقد جديد .
الصورة الثانية : إذا طلق زوجته قبل الدخول فلا عدة عليها ، ولا ترجع إلا بعقد ومهر جديدين . بدليل قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُن َّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) (6) وإذا لم تجب العدة فلا تمكن المراجعة؛ لأن الرجعة لا تكون إلا في العدة، فيكون الطلاق بائناً غير رجعي.
وأما بعد الخلوة الصحيحة ، فيقع الطلاق بائناً، وإن وجبت العدة؛ لأن وجوب العدة إنما هو للاحتياط لثبوت النسب
القسم الثاني: يسمى بينونة كبرى وهو فيما إذا طلقها ثلاث تطليقات ؛ بأن يطلقها ثم يرتجعها في العدة ، أو يتزوجها ثم يطلقها ثم يرتجعها أو يتزوجها ، ثم يطلقها الطلقة الثالثة . فهذا الطلاق المحرم لها حتى تنكح زوجاً غيره باتفاق العلماء . ولا يستحق زوجها عليها رجعة .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر مجموع الفتاوى 33/9 . المدونة 2/3 ، المجموع شرح المهذب 17/262 ، المغني 7/589 ،
(2) سورة البقرة آية 228 .
(3) الفتاوى الكبرى 6/54 .
(4) وهذا رأي الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعي في الجديد وأصح الروايتين عن أحمد انظر : البحر الرائق 4/55 ،العناية شرح الهداية 5/399 ، المجموع شرح المهذب 17/269 ، المغني 8/482 .
(5) سورة الطلاق آية 2 .
(6) سورة الأحزاب آية 49 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (55) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
طــلاق فاقد العقل (9-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
مسألــة طلاق المجنون(1) :
أجمع أهل العلم على أن الزائل العقل بغير سكر أو معناه لا يقع طلاقه.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال( رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ) ، ولأنه قول يزيل الملك فاعتبر له العقل كالبيع .
مسألــة طلاق السكران (2):
من شرب الخمر لغير عذر فسكر أو شرب دواء لغير حاجة فزال عقله، ففي طلاقه قولان.
(أحدهما) قول عند الشافعية ورواية عن أحمد ، وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن السكران لا يقع طلاقه كما لا يصح بيعه وعتقه ولا ينعقد نكاحه ، لكن يؤاخذ بقتله وسرقته ، واستدلوا بما يأتي:
- عن عثمان رضي الله عنه قال : ليس لمجنون ولا سكران طلاق.
- لأنه زائل العقل أشبه المجنون والنائم .
- ولأنه مفقود الإرادة أشبه المكره .
- ولأن العقل شرط للتكليف إذ هو عبارة عن الخطاب بأمر أو نهي ولا يتوجه ذلك إلى من لا يفهمه ولا فرق بين زوال الشرط بمعصية أو غيرها بدليل أن من كسر ساقيه جاز له أن يصلي قاعداً ولو ضربت المرأة بطنها فنفست سقطت عنها الصلاة ولو ضرب رأسه فجن سقط التكليف .
(والثاني) مذهب الحنفية وقول عند المالكية والشافعية ورواية عن أحمد يقع طلاقه ويشترط في وقوع طلاق السكران أن يتناول شيئاً عالماً بأنه يغيب العقل أو شاكاً فيه وفي هذه الحالة يكون تناوله حراماً بلا فرق بين أن يكون خمراً . أو لبناً رائباً . أو غير ذلك أما إذا تحقق أنه غير مسكر أو غلب على ظنه أنه كذلك وشربه فسكر وطلق فإن طلاقه لا يقع .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
- لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى)فخاطبهم في حال السكر فدل على أن السكران مكلف.
- وإن سلمنا بأن السكران غير مخاطب حال السكر لكنه مكلف بقضاء العبادات بأمر جديد .
- لقول النبي صلى الله عليه وسلم [ كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه ] (3)
- ولأن الصحابة جعلوه كالصاحي في الحد بالقذف بدليل ما روى أبو وبرة الكلبي قال أرسلني خالد إلى عمر فأتيته في المسجد ومعه عثمان وعبد الرحمن وطلحة والزبير فقلت : إن خالداً يقول إن الناس انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فقال عمر : هؤلاء عندك فسلهم فقال علي : نراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون فقال عمر : أبلغ صاحبك ما قال فجعلوه كالصاحي .
- ولأنه إيقاع للطلاق من مكلف غير مكره فوجب أن يقع كطلاق الصاحي ويدل على تكليفه أنه يقتل ويقطع بالسرقة وبهذا فارق المجنون .
- تغليظاً عليه لعصيانه .
- السكران يلزمه الحد فكذلك يلزمه الطلاق إذا طلق ؛ لأن الحد يحتال لدرئه والطلاق يحتاط فيه ، فلما وجب ما يحتال لدرئه لأن يقع ما يحتاط أولى.
(1) انظر : البحر الرائق 3/268 ، مواهب الجليل 5/307 ، المغني 8/255 ، الشرح الكبير 8/237 .
(2) انظر : البحر الرائق 3/266 ، مواهب الجليل 5/307 ، الفواكه الدواني 3/1003 ، المجموع 17/62 ، مغني المحتاج 3/279، المغني 8/156 . المبدع شرح المقنع 7/232 . الشرح الكبير 8/238 . اغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص45 .
(3) أخرجه الترمذي باب طلاق المعتوه ح1191-3/496 قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن عجلان و عطاء بن عجلان ضعيف ذاهب الحديث والعلم على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن طلاق المعتوه المغلوب على عقله لا يجوز إلا أن يكون معتوها يفيق الأحيان فيطلق في حال إفاقته . قال الشيخ الألباني : ضعيف جداً والصحيح موقوف .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (56) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
طــلاق فاقد العقل (10-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
مسألــة طلاق الغاضب(1) :
قسّم بعض العلماء الغضب إلى ثلاثة أقسام :
الأول : أن يكون الغضب في أول أمره فلا يُغير عقل الغضبان بحيث يقصد ما يقوله ويعلمه ، فالغضبان بهذا المعنى يقع طلاقه وتنفذ عباراته باتفاق .
الثاني : أن يكون الغضب في نهايته بحيث يغيّر عقل صاحبه ويجعله كالمجنون الذي لا يقصد ما يقول ولا يعلمه ولا ريب في أن الغضبان بهذا المعنى لا يقع طلاقه لأنه هو والمجنون سواء .
الثالث : أن يكون الغضب وسطاً بين الحالتين بأن يشتدّ بصاحبه ولا يبلغ به زوال عقله بل يمنعه من التثبت والتروي ويخرجه عن حال اعتداله ، ولكنه لا يكون كالمجنون الذي لا يقصد ما يقول ولا يعلمه ، وهذا القسم وقع فيه الخلاف بين العلماء على قولين هما :
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القول الأول: قول الجمهور(1)وهو أن طلاق الغضبان يقع ، ولو لم نقُل به لم يقع على أحد طلاق لأنه لا يطلق أحدٌ حتى يغضب .
القول الثاني: أحد القولين من مذهب أحمد ، ورأي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن طلاق الغضبان لا يقع لأن الغضبان لا قصد له ، وقياساً على طلاق المكره فإنه لا يقع ، وعلى لغو اليمين فإنه لا ينعقد ، قال الله تعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيم)(2)
وحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي غَلاَقٍ)((3)) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْغِلاَقُ أَظُنُّهُ في الْغَضَبِ. وكذا فسّره الشافعي والقاضي إسماعيل وأحمد ومن قبلهم مسروق (44
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وحقيقةُ الإغلاق: أن يُغلق على الرجل قلبُه، فلا يقصِدُ الكلام، أو لا يعلم به، كأنه انغلق عليه قصدُه وإرادتُه(5)
وهو من أحسن التفسير ؛ لأن الغضبان غلق عليه باب القصد بشدة غضبه وهو كالمكره بل الغضبان أولى بالإغلاق من المكره لأن المكره قد قصد رفع الشر الكثير بالشر القليل الذي هو دونه فهو قاصد حقيقة ومن هنا أوقع عليه الطلاق من أوقعه .
وقال الطحاوي :أن الإغلاق هو الإطباق على الشيء ، فاحتمل بذلك عندنا أن يكون في هذا الحديث أريد به الإجبار الذي يغلق على المعتق وعلى المطلق حتى يكون منه العتاق والطلاق على غير اختيار منه لهما (6)
لكن قال أبو بكر: سألت أبا محمد وابن دريد وأبا عبد الله وأبا طاهر النحويين عن قوله لا طلاق ولا عتاق في إغلاق قالوا : يريد الإكراه لأنه إذا أُكره انغلق عليه رأيه .
وكذا فسّره علماء الغريب بالإكراه كابن الجوزي(7) وابن الأثير(8)وغيرهم .
وعلى كل حال إما تكون دلالة الحديث عند أصحاب هذا القول على عدم وقوع طلاق الغاضب مباشرة أو بالقياس على المكره .
الراجح والله أعلم :
وقوع طلاق الغاضب الذي لا يبلغ به الغضب زوال عقله بل يمنعه من التثبت والتروي ؛ لأن الطلاق لا يقع غالباً إلا في هذا الحال ، وقياساً على الهازل الذي يقصد اللفظ ولا يرض به ويقع طلاقه ، والغاضب أولى .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر : إعانة الطالبين 4/5 ، حاشية الروض المربع 6/490 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/3 .
(2) سورة البقرة آية 225 .
(3) أخرجه أبو داود باب الطلاق على غيظ ح2195-2/224 وقال الألباني : حسن ، وابن ماجه باب طلاق المكره والناسي ح2046-1/660 ، قال الألباني:حسن ، والدارقطني في سننه ك الطلاق ح98-4/36 ، وأخرجه أحمد ح26405-6/276 ، وأبو يعلى في مسنده ح4444-7/421 ، والحاكم ك الطلاق ح2802-2/216 وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ،قال الذهبي: ومحمد بن عبيد لم يحتج به مسلم وقال أبو حاتم ضعيف .
(4) انظر عون المعبود 6/187 . زاد المعاد 5/214 ، إعلام الموقعين 3/52،53 .
(5)نقله عنه تلميذه ابن القيم في زاد المعاد 5/215 .
(6)مشكل الآثار 2/151 .
(7)غريب الحديث 2/161 .
(8)النهاية في غريب الحديث 3/716 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (57) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
طــلاق فاقد العقل (11-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
مسألـة طلاق الهازل(1):
وصورة الهزل أن يلاعبها بالطلاق بأن تقول في معرض الدلال والاستهزاء: طلقني . فقال: طلقتك . فتطلق ؛ لأنه خاطبها قاصدا ًمختاراً .
لحديث ( ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَة )(2)
مسألـة طلاق المكره(3) :
جمهور العلماء أن المكره على الطلاق بغير حق لا يقع طلاقه ، واستدلوا بما يلي:
لحديث ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) (4) .
ولحديث (لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي غَلاَقٍ) وقد فسر الإغلاق بالإكراه .
ولأنه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح كالمسلم إذا أُكره على كلمة الكفر.
ولا يصير مكرهاً إلا بثلاثة شروط :
(أحدها) أن يكون المكره قاهراً له لا يقدر على دفعه
(والثاني) أن يغلب على ظنه أن الذي يخافه من جهته يقع به
(والثالث) أن يكون ما يهدّده به مما يلحقه ضرر به كالقتل والقطع والضرب المبرح والحبس الطويل ونحوه.
وأما الضرب القليل في حق من لا يبالي به أو أخذ القليل من المال أو الحبس القليل فليس بإكراه.
وأما المكره بحق كالمولي إذا أكرهه الحاكم على الطلاق وقع طلاقه.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
خلافاً للحنفية الذين يقولون بوقوع طلاق المكره قياساً على الهازل كما في حديث ( ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ )
فالمكره مختار في التكلم اختياراً كاملاً إلا أنه غير راض بالحكم ، وقد عرف الشرَّين فأختار أهونهما عليه . والهازل كذلك مختار في الكلام غير راضٍ به .
وأجابوا عن حديث (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) أنه من باب المقتضى ولا عموم له فلا يجوز تقدير الحكم الشامل لحكم الدنيا والآخرة ؛ بل إما حكم الدنيا وإما حكم الآخرة وقد انعقد الإجماع على أن المراد بالحديث المؤاخذة في الآخرة ، فلا يراد الآخر معه وهو المؤاخذة في الدنيا وإلا يلزم عمومه ، ولا يقول به أحد .
وأجابوا عن قياس المكره في الطلاق على المكره على الكفر ؛ بأن الردة تنبني على الاعتقاد وهو التكلم بخبر عن اعتقاده وقيام السيف على رأسه دليل ظاهر على أنه غير معتقد وأنه في إخباره كاذب . بخلاف المكره على الطلاق فهو مختار له قاصداً .
الراجح والله أعلم :
عدم وقوع طلاق المكره ، قال ابن القيم رحمه الله :[ والفرق بينه وبين الهازل ؛ أن الهازل قاصد للفظ غير مريد لحكمه، وذلك ليس إليه، فإنما إلى المكلف الأسباب، وأما ترتب مسبباتها وأحكامها، فهو إلى الشارع قصده المكلف أو لم يقصده، والعبرة بقصده السبب اختياراً في حال عقله وتكليفه، فإذا قصده، رتّب الشارع عليه حكمه جدَّ به أو هزل، وهذا بخلاف النائم والمبرسم، والمجنون والسكران وزائل العقل، فإنهم ليس لهم قصد صحيح، وليسوا مكلفين، فألفاظهم لغو بمنزلة ألفاظ الطفل الذي لا يعقل معناها، ولا يقصده.
وسر المسألة الفرق بين من قصد اللفظ، وهو عالم به ولم يرد حكمه، وبين من لم يقصد اللفظ ولم يعلم معناه، فالمراتب التي اعتبرها الشارع أربعة.
إحداها: أن يقصد الحكم ولا يتلفظ به.
الثانية: أن لا يقصد اللفظ ولا حكمه.
الثالثة : أن يقصد اللفظ دون حكمه.
الرابعة : أن يقصد اللفظ والحكم. فالأوليان لغو، والآخرتان معتبرتان. هذا الذي أستفيد من مجموع نصوصه وأحكامه، وعلى هذا فكلام المكره كله لغو لا عبرة به.
وقد دل القرآن على أن من أكره على التكلم بكلمة الكفر لا يكفر، ومن أكره على الإسلام لا يصير به مسلماً، ودلَّت السنة على أن الله سبحانه تجاوز عن المكره، فلم يؤاخذه بما أكره عليه، وهذا يراد به كلامه قطعاً، وأما أفعاله، ففيها تفصيل، فما أبيح منها بالإكراه فهو متجاوز عنه، كالأكل في نهار رمضان، والعمل في الصلاة، ولبس المخيط في الإحرام ونحو ذلك، وما لا يباح بالإكراه، فهو مؤاخذ به، كقتل المعصوم، وإتلاف ماله .
والفرق بين الأقوال والأفعال في الإكراه ؛ أن الأفعال إذا وقعت، لم ترتفع مفسدتها، بل مفسدتها معها بخلاف الأقوال، فإنها يمكن إلغاؤها. وجعلها بمنزلة أقوال النائم والمجنون، فمفسدة الفعل الذي لا يباح بالإكراه ثابتة بخلاف مفسدة القول، فإنها إنما تثبت إذا كان قائله عالماً به مختاراً له ] (5).
(1) انظر : البحر الرائق 3/263 ، المبسوط 24/106 ، المجموع شرح المهذب 17/100 ، إعانة الطالبين 4/5 ، روضة الطالبين 8/54 ، حاشية الروض المربع 6/490 .
(2) أخرجه أبو داود باب الطلاق على الهزل ح2196-2/225 وحسنه الألباني ، والترمذي باب الجد والهزل في الطلاق ح1184-3/490 وقال: هذا حديث حسن غريب والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي e وغيرهم ، وابن ماجة باب من طلق أو نكح أو راجع لاعباً ح2039-1/658 ، والدارقطني باب المهر ح45-3/256 ، وحسنه الألباني في إرواء الغليل ح1826-6/224.
(3) انظر : البحر الرائق 3/264 ، تبيين الحقائق 2/195 ، شرح فتح القدير 3/488 ، حاشية إعانة الطالبين 4/9 ، المجموع شرح المهذب 17/65
، حاشية الروض المربع 6/489 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/4 .
(4) أخرجه ابن حبان في صحيحه باب فضل الأمة ح7219-16/202 قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط البخاري ، وابن ماجة باب طلاق المكره والناسي ح2045-1/659 ، والدارقطني ك النذور ح33-4/170 ، وصححه الألباني في مختصر إرواء الغليل ح82-1/17 .
(5) انظر زاد المعاد 5/206 باختصار يسير .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (58) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
طــلاق فاقد العقل (12-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
مسألــــة
إذا طلقها طلقة بائنة ثم تزوجها هل يستأنف الطلقات الثلاث أم يبني على ما سبق من الطلاق(1)
للمسألة حالتان :
الحالة الأولى إن كان طلقها طلاقاً بائناً بينونة صغرى ثم تزوجها فإنها ترجع إليه على ما بقي من طلاقها بغير خلاف .
أما إن تزوجت آخر ودخل بها ثم طلقها أو مات عنها فتزوجت الأول ، فهل تعود إليه على ما بقي من الطلقات أم يستأنف الطلاق من جديد ؟ خلاف بين العلماء على قولين هما :
القول الأول : قول الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كعمر وعلي وأبي بن كعب وعمران بن
الحصين وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم ، وأهل الحديث وفيهم مالك والشافعي وأحمد أنها تعود إليه على ما بقي من الطلقات ، واستدلوا بما ذكر ابنُ المبارك، عن عثمانَ بنِ مِقْسَمٍ، أنه أخبره، أنه سمع نُبَيْهَ بنَ وهب، يُحدِّث عن رجل من قومه، عن رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى في المرأة يُطلِّقُها زوجُها دونَ الثلاث، ثم يرتجِعُها بعد زوج أنها على ما بقي من الطلاق(2).
وقالوا : لما كانت إصابة الثاني شرطاً في حِلِّ المطلقة ثلاثاً للأول لم يكن بُدٌّ مِن هدمها وإعادتها على طلاق جديدٍ، وأما مَنْ طُلِّقَت دونَ الثلاث،فلم تُصادِف إصابة الثاني فيها تحريماً يُزيلُه، ولا هي شرطٌ في الحِلِّ للأول، فلم تَهْدِمْ شيئاً، فوجودُها كعدمها بالنسبة إلى الأول، وإحلالها له، فعادت على ما بقي كما لو لم يُصبها، فإن إصابتَه لا أثر لها البتة، ولا نكاحه.
القول الثاني : أنها تعود على الثلاث نكاح جديد وطلاق جديد وهو قول ابنُ عمر،
وابنُ عباس، رضي الله عنهم وأبو حنيفة، فإن الزَّوج الثاني إذا هَدَمَتْ إصابتُه الثلاثَ، وأعادتها إلى الأول بطلاقٍ جديدٍ، فما دُونها أولى .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الحالة الثانية : إذا طلّق الرجل زوجته طلاقاً بائناً بينونة كبرى ، فتزوجت آخر ودخل بها ثم طلقها أو مات عنها ، فتزوجت الأول ، فإنها تعود إليه على الثلاث الطلقات من جديد بغير خلاف
)1) انظر : شرح فتح القدير 4/184 ، المدونة 2/75 ، الاستذكار 6/200 ، زاد المعاد 5/279 .
(2) قال ابن القيم وهذا الأثر وإن كان فيه ضعيف ومجهول فعليه أكابر الصحابة .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (59) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
الإيــلاء(1)(1-5)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
العلاقة بين الطلاق والإيلاء:
التحريمات التي تنفذ من الزوج بحكم ملك النكاح أربعة أنواع : الطلاق ، والإيلاء ، واللعان ، والظهار .
فيبدأ بالطلاق لأنه الأصل والمباح للزوج في وقته .
ثم أدنى درجة منه في الإباحة الإيلاء ، لأنه من حيث إنه يمين مشروع، ولكن فيه معنى الظلم فيحرم، وسببه سبب الطلاق الرجعي وهو عدم الموافقة ، وهما متشابهان في أن الإبانة فيهما مؤقتة إلى وقت، لكن من الناس من يختار الطلاق الرجعي؛ لأن التدارك فيه لا يستعقب مكروهاً .
ومنهم من يختار الإيلاء لما أن التدارك فيه غير متضمن نقصان عدد الطلاق ، بخلاف الطلاق الرجعي .
قال قتادة: كان الإيلاء طلاقاً لأهل الجاهلية، وقال سعيد بن المسيب: كان ذلك من ضرار أهل الجاهلية، كان الرجل لا يحب امرأته ولا يريد أن يتزوجها غيره، فيحلف أن لا يقربها أبداً، فيتركها لا أيّماً ولا ذات بعل، وكانوا عليه في ابتداء الإسلام، فضرب الله له أجلاً في الإسلام
تعريف الإيلاء لغة :
هو عبارة عن اليمين .
يقال آلى يولي إيلاء : إذا حلف .
تعريفه شرعاً :
يَمِينُ الزوج على تَرْكِ قُرْبَانِ زوجته أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِالْقَسَمِ أو بِتَعْلِيقِ ما يَسْتَشِقُّهُ على الْقُرْبَان .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر : البحر الرائق 4/65 ، العناية شرح الهداية 5/441 ، الدر المختار 3/422 ، الاستذكار 6/35 ، المدونة 2/366 ، الكافي في فقه أهل المدينة 2/598 ، إعانة الطالبين 4/33 ، الأم 5/265 ، روضة الطالبين 8/229 ، المغني 8/505-508 ، حاشية الروض المربع 6/619 ، الفتاوى الكبرى 3/275،276 و 5/504 ،كتب رسائل وفتاوى ابن تيمية 20/381 ، زاد المعاد 5/344 ، تفسير الطبري 4/456 ، تفسير البغوي 2/36 ، تفسير الثعلبي 1/266 ، تفسير ابن كثير 1/604 ، تفسير الألوسي 2/232 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (60) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
أقسام الإيلاء (2-5)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
ويظهر من تعريف الإيلاء أن له قسمان هما :
القسم الأول : حلف زوج يمكنه الوطء بالله تعالى أو صفته على ترك وطء زوجته أبداً، أو أكثر من أربعة أشهر .
وهذا القسم من الإيلاء متفق عليه وأصله قول الله تعالى { لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ }(1) فالإيلاء المطلق إنما هو القسم . ولهذا قرأ أُبي وابن عباس رضي الله عنهما يقسمون مكان يؤلون ، وروي عن ابن عباس في تفسير يؤولون قال : يحلفون بالله .
القسم الثاني : أن يحلف على ترك الوطء بطلاق أو عتاق أو صدقة المال أو الحج
وهذا اختلف فيه العلماء على قولين :
القول الأول : أنه لا يكون مولياً وهو قول الشافعي في القديم ، ورواية مشهورة عن أحمد ، واستلوا بما يلي :
- أن التعليق بشرط ليس بقسم ولهذا لا يؤتى فيه بحرف القسم ولا يجاب بجوابه ولا يذكره أهل العربية في باب القسم فلا يكون إيلاء وإنما يسمى حلفاً تجوزاً لمشاركته القسم في المعنى المشهور في القسم وهو الحث على الفعل أو المنع منه أو توكيد الخبر والكلام عند إطلاقه لحقيقته يدل على هذا قول الله تعالى { فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وإنما يدخل الغفران في اليمين بالله .
- وأيضا قول النبي صلي الله عليه وسلم [ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت](2) ، وإن سلمنا أن غير القسم حلف لكن الحلف بإطلاقه إنما ينصرف إلى القسم وإنما يصرف إلى غير القسم بدليل ولا خلاف في أن القسم بغير الله تعالى وصفاته لا يكون إيلاء لأنه لا يوجب كفارة ولا شيئاً يمنع من الوطء فلا يكون إيلاء كالخبر بغير القسم .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القول الثاني : هو مول وروي عن ابن عباس أنه قال: كل يمين منعت جماعها فهي إيلاء ولا يكون مولياً إلا أن يحلف بما يلزمه بالحنث فيه حق كقوله إن وطئتك فعبدي حر أو فأنت طالق أو فأنت علي كظهر أمي أو أنت علي حرام أو فلله علي صوم سنة أو الحج أو صدقة فهذا يكون إيلاء لأنه يلزمه بوطئها حق يمنعه من وطئها خوفه من وجوبه .
وبذلك قال الشعبي و النخعي و مالك وأهل الحجاز و الثوري و أبو حنيفة وأهل العراق و الشافعي و أبو ثور و أبو عبيد وغيرهم واستدلوا بقولهم :
- لأنها يمين منعت جماعها فكانت إيلاء كالحلف بالله .
- ولأن تعليق الطلاق والعتاق على وطئها حلف بدليل أنه لو قال متى حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال إن وطئتك فأنت طالق طلقت في الحال.
- ولأن هذه الصيغة تشترك مع صيغة اليمين في كونهما منع لحق المرأة وإلحاق الظلم بها ، وترتب ما يستشق على قربانه زوجته سواء كفارة يمين ، أو غيره من صيام وعتق..
(1) سورة البقرة آية 622 .
(2) أخرجه البخاري: في الأيمان باب: لا تحلفوا بآبائكم 11 / 530. ومسلم: في الأيمان والنذور باب: النهي عن الحلف بغير الله برقم (1646) 3 / 1266 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (61) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
تعليق الإيلاء (3-5)
وتعليق الإيلاء على شرط قسمان هما :
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القسم الأول : تعليق الإيلاء على شرط مستحيل
إذا علق الإيلاء بشرط مستحيل كقوله : والله لا وطئتك حتى تصعدي السماء أو تقلبي الحجر ذهباً ... فهو مول لأن معنى ذلك ترك وطئها ؛ فإن ما يُراد إحالةُ وجودِه يُعلّق على المستحيلات قال الله تعالى في الكفار { وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ }الأعراف40 ومعناه لا يدخلون الجنة أبداً.
القسم الثاني: الايلاء بتعليق الوطء على أمر ممكن . وذلك على خمسة ضرب :
أحدها : ما يعلم أنه لا يوجد قبل أربعة أشهر كقيام الساعة فإن لها علامات تسبقها فلا يوجد ذلك في أربعة أشهر ، فهذا مول لأن يمينه على أكثر من أربعة أشهر
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
الثاني : ما الغالب أنه لا يوجد في أربعة أشهر كخروج الدجال والدابة وغيرهما من أشراط الساعة أو يقول حتى أموت أو تموتي أو يموت ولدك أو زيد أو حتى يقدم زيد من مكة والعادة أنه لا يقدم في أربعة أشهر فيكون مولياً ؛ لأن الغالب أن ذلك لا يوجد في أربعة أشهر .
الثالث : أن يعلقه على أمر يحتمل الوجود في أربعة أشهر ويحتمل أن لا يوجد احتمالاً متساوياً كقدوم زيد من سفر قريب أو من سفر لا يعلم قدره فهذا ليس بإيلاء لأنه لا يعلم حلفه على أكثر من أربعة أشهر ولا يظن ذلك.
الرابع : أن يعلقه على ما يعلم أنه يوجد في أقل من أربعة أشهر أو يظن ذلك كذبول بقل وجفاف ثوب ومجيء المطر في أوانه وقدوم الحاج في زمانه فهذا لا يكون مولياً لما ذكرناه ؛ ولأنه لم يقصد الإضرار بترك وطئها أكثر من أربعة أشهر فأشبه ما لو قال والله لا وطئتك شهراً .
الخامس : أن يعلقه على فعل منها هي قادرة عليه أو فعل من غيرها وذلك ينقسم أقساما ثلاثة أحدها: أن يعلقه على فعل مباح لا مشقة فيه كقوله والله لا أطؤك حتى تدخلي الدار أو تلبسي هذا الثوب أو حتى أتنفل بصوم يوم ، فهذا ليس بإيلاء لأنه ممكن الوجود بغير ضرر عليها فيه فأشبه الذي قبله .
والثاني: أن يعلقه على محرم كقوله والله لا أطؤك حتى تشربي الخمر أو تزني أو تسقطي ولدت أو تتركي صلاة الفرض أو حتى أقتل زيدا أو نحوه فهذا إيلاء لأنه علقه بممتنع شرعاً فأشبه الممتنع حساً .
الثالث: أن يعلقه على ما على فاعله فيه مضرة مثل أن يقول والله لا أطؤك حتى تسقطي صداقك عني أو دينك أو حتى تكفلي ولدي أو تهبيني دارك أو نحو ذلك فهذا إيلاء ؛ أخذه لمالها أو مال غيرها من غير رضا صاحبه محرم فجرى مجرى شرب الخمر .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (62) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الإيلاء وأركانه (4-5)
وحكمـه :
حرام لما فيه من ظلم للمرأة ، وإضرار بها .
أركـانـه :
أركانه ستة حالف ومحلوف به ومحلوف عليه ومدة وصيغة وزوجة .
1) شرط في الحالف : أن يكون زوجاً مكلفاً مختاراً يتصور منه الجماع فلا يصح من غير الزوج كسيد ولا من غير مكلف إلا السكران ولا من مكره ولا ممن لا يتصور منه الجماع كمجبوب وأشل .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
2) وشرط في المحلوف به : أن يكون واحداً من ثلاثة إما اسم من أسمائه تعالى أو صفة من صفاته تعالى وإما تعليق طلاق أو عتق وإما التزام ما يلزم بالنذر كصلاة وصوم وغيرهما من القرب . ومن حلف بشيء غير الله تعالى فليس بحانث ولا كفارة عليه إذا حنث كما لو قال والكعبة أو والفجر أو والليل أو وشيء مما يشبه هذا لا أقربك لم يكن مولياً لأن كل هذا خارج من اليمين
3) وشرط في المحلوف عليه : ترك وطء شرعي فلا إيلاء بحلفه على امتناعه من تمتعه بها بغير وطء ولا من وطئها في نحو حيض أو إحرام
4) وشرط في المدة : أن تكون زائدة على أربعة أشهر فلو كانت أربعة أشهر أو أقل فلا يكون إيلاء بل مجرد حلف ، لأن المرأة تصبر على الزوج أربعة أشهر فعن عمرو بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول:
تطاوَلَ هذا الليلُ واسودّ جانِبُهْ ... وأرقني ألا خليلَ ألاعِبُهْ ...
فوالله لولا الله أني أراقبهْ ... لحرِّكَ من هذا السرير جوانبه ...
فسأل عمر ابنته حفصة، رضي الله عنها: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر أو أربعة أشهر. فقال عمر: لا أحبس أحدًا من الجيوش أكثر من ذلك .
5) الصيغة : لفظ يشعر بإيلاء وهو إما صريح مثل: لا أجامعك لا أطؤك لا أباضعك لا أغتسل منك من جنابة . وهذا لا يشترط فيه النية ، فلو ادعى أنه لم يعن الجماع لا يصدق قضاء ويصدق ديانة .
والكناية كل لفظ لا يسبق إلى الفهم معنى الوقاع ويحتمل غيره ما لم ينو نحو لا أمسك ولا آتيك ولا أغشاك لا ألمسك لأغيظنك لأسوءنك لا أدخل عليك لا أجمع رأسي ورأسك لا أضاجعك لا أدنو منك لا أبيت معك في فراش لا يمس جلدي جلدك لا أقرب فراشك فلا يكون إيلاء بلا نية ويدين في القضاء .
6) ويصح الإيلاء عن الزوجة وعن المطلقة الرجعية .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (63) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
الأمور التي تترتب على الإيلاء (5-5)
يترتب عليه : أمران هما :
الأمر الأول : لزوم الكفارة أو الجزاء المعلق إذا حنث . فوعد المغفرة بسبب
الفيء الذي هو مثل التوبة لا ينافي إلزام الكفارة لأنه حكم دنيوي وذاك أخروي .
الأمر الثاني : إذا انقضت المدة ولم يرجع ويفيء فالعلماء على قولين :
القول الأول : وقوع طلقة بائنة بمجرد انقضاء المدة وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله . واستدلوا بما يلي :
-بقراءة ابن مسعود صلى الله عليه وسلم للآية (فإن فاءوا فيهن) ، وقالوا : فإضافة الفيئة إلى المدة تدل على استحقاق الفيئة فيها، وهذه القراءة إما أن تُجرى مجرى خبر الواحد، فتوجب العمل، وإن لم تُوجب كونها مِن القرآن، وإما أن تكون قرآناً نسخ لفظه، وبقى حكمه لا يجوز فيها غير هذا البتة.
-لأنه ظلمها بمنع حقها فجازاه الشرع بزوال نعمة النكاح عند مضي هذه المدة .
-ولأنه حدد هذه المدة للتخلص من الظلم ولا يكون بالرجعي لأنه له أن يردها إلى عصمته ويعيد الإيلاء فتعيّن البائن لتملك نفسها وتزول سلطته عنها جزاء لظلمه .
-أن الله عز وجل جعل التربص في الإيلاء أربعة أشهر كما جعل في عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً وفي عدة الطلاق ثلاثة قروء فلا تربص بعدها .
-ولأنه كان طلاقاً في الجاهلية فحكم الشرع بتأجيله إلى انقضاء المدة .
-أن الله سبحانه جعل مدة الإيلاء أربعة أشهر، فلو كانت الفيئةُ بعدها، لزادت على مدة النص، وذلك غيرُ جائز.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
القول الثاني : يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء فإن أبى الفيء وأبى الطلاق فإن القاضي يطلقها طلقة رجعية لأنه منع حقها في الجماع فينوب القاضي منابه في التسريح كما في الجب والعنة . وإن قال أنا أفيء لم يعجل عليه بالطلاق واختبره القاضي مرة وثانية فإن تبيّن كذبه طلق عليه . وهذا مذهب الثلاثة ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، وعن سليمان بن يسار قال أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يقول بوقف المولي .
قال الجمهور: لنا مِن آية الإيلاء عشرة أدلة ، نذكر أهمها :
أحدها: أنه أضاف مدة الإيلاء إلى الأزواج، وجعلَ لهم شيئاً، وعليهم شيئين، فالذي لهم تربُّصُ المدة المذكورة، والذي عليهم إما الفيئةُ وإما الطلاقُ، والقول بأن الطلاق يقع بائناً بمجرد انقضاء المدة خلاف ظاهر النص ؛ فليس عليهم عندئذ إلا الفيئة في المدة وأما الطلاق فليس عليهم، بل ولا إليهم، وإنما هو إليه سبحانه عند انقضاء المدة، فيُحكم بطلاقها عقيب انقضاء المدة شاء أو أبى .
الدليل الثاني: قوله: {فَإنْ فَاءُوا فَإنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، فذكر الفيئةَ بعد المدة بفاء التعقيب، وهذا يقتضى أن يكونَ بعدَ المدة، ونظيرُه قولُه سبحانه: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}(1)وهذا بعدَ الطلاق قطعاً .
الدليل الثالث: قوله: {وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ}(2)، وإنما العزم ما عزم العازمُ على فعله، والعزمُ هو إرادة جازمة لفعل المعزوم عليه أو تركه، وإيقاع الطلاقَ بمجرد مضيِّ المدة دون اعتبار عزمه مخالف للآية .
الدليل الرابع: أن الله سبحانه خيَّره في الآية بين أمرين: الفيئةِ أو الطلاقِ، والتخييرُ بين أمرين لا يكون إلا في حالة واحدة كالكفارات، ولو كان في حالتين، لكانتا ترتيباً لا تخييراً، وإذا تقرر هذا، فالقول بأن الفيئة في نفس المدة، وعزمُ الطلاق بانقضاء المدة، غير صحيح ؛ إذ لم يقع التخييرُ في حالة واحدة .
الدليل الخامس: أنه سبحانه قال :{وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. فاقتضى أن يكون الطلاقُ قولاً يُسمع، ليحسن ختم الآية بصفة السمع.
الدليل السادس: أنه لو قال لغريمه: لك أجلُ أربعة أشهر، فإن وفّيتني قبلتُ منك، وإن لم تُوفني حبستُك، كان مقتضاه أن الوفاء والحبس بعد المدة لا فيها، ولا يَعْقِلُ المخاطبُ غيرَ هذا.
-قالوا: ولأنها يمين بالله تعالى توجب الكفارةَ. فلم يقع بها الطلاق كسائر الأيمان .
-ولأنها مدة قدّرها الشرعُ، لم تتقدمها الفرقة، فلا يقع بها بينونة، كأجل العنِّين
-ولأنه لفظ لا يَصِحُّ أن يقع به الطلاق المعجَّل، فلم يقع به المؤجَّلُ كالظهار.
-قالوا: ولأن الطلاقَ إنما يقع بالصريح والكناية، وليس الإيلاء واحداً منهما، إذ لو كان صريحاً، لوقع معجَّلاً إن أطلقه، أو إلى أجل مسمَّى إن قيَّده، ولو كان كنايةٍ، لرجع فيه إلى نيته .
قالوا: وأما قراءةُ ابن مسعود، فغايتُها أن تدُلَّ على جواز الفيئة في مدة التربُّص، لا على استحقاقِ المطالبة بها في المدة، وهذا حقٌّ لا ننكِرُه.
وأما قولُكم: إنه لو كانت الفيئة بعد المدة، لزادت على أربعة أشهر، فليس بصحيح، لأن الأربعة أشهر مدة لزمن الصبرِ الذي لا يستحِقُّ فيه المطالبة، فبمجرد انقضائها يستحِقُّ عليه الحقُّ، فلها أن تعجِّل المطالبة به. وإمَّا أن تُنْظِرَه، وهذا كسائِرِ الحقوقالمعلَّقة بآجال معدودة، إنما تُستحق عند انقضاء آجالها، ولا يُقال: إن ذلك يستلزِمُ الزيادةَ على الأجل، فكذا أجلُ الإيلاء سواء.
1 -سورة البقرة آية 229 .
2-سورة البقرة آية 227 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (64) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة (64) الظــــهار(1)
(1-4)
وكان طلاقاً في الجاهلية ، وقيل في أول الإسلام ، ويقال كانوا في الجاهلية إذا كره أحدهم امرأته ولم يرد أن تتزوج بغيره آلى منها أو ظاهر فتبقى لا ذات زوج ولا خلية تنكح غيره فغيّر الشارع حكمه إلى تحريمها بعد العود ولزوم الكفارة .
وحقيقته الشرعية
تشبيه الزوجة غير البائن بأنثى لم تكن حلا
أي تشبيه الحلال بالحرام ولهذا وصفه الله تعالى بكونه منكرا من القول وزورا فقال سبحانه وتعالى في آية الظهار ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِين َ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) )(2)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
(1) انظر : بدائع الصنائع 3/299 ، البحر الرائق 6/308 ، المدونة 2/309 ، المجموع شرح المهذب 17/343 ، مغني المحتاج 3/352 ، المغني 8/560 ، حاشية الروض المربع 6/628 ، الإنصاف 9/140 .
(2) سورة المجادلة آية 2 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (65) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
الظــــهار(1)
(2-4)
وللظهار ثلاثة أركان :
الأول : المظاهر وهو كل من يصح طلاقه ؛ بأن يكون بالغاً عاقلاً مسلماً .
مسألة : هل يشترط في المظاهر أن يكون رجلاً ، بمعنى هل يصح ظهار المرأة من زوجها؟
القول الأول : وهو الصحيح أنه لا يصح ظهار المرأة من زوجها لأن الله تعالى قال " والذين يظاهرون منكم من نسائهم " ولم يقل اللائي يظاهرن منكن من أزواجهن .
ولأن الحل والعقد والتحليل والتحريم في النكاح بيد الرجال ليس بيد المرأة منه شيء .
وهذا هو رأي جمهور العلماء . لكن إن ظاهرت المرأة من زوجها ، فالجمهور كأبي حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم أن ظهارها ليس بشيء .
وقال الأوزاعي وإسحاق والزهري وعطاء والحسن بن زياد : إذا قالت المرأة لزوجها أنت على كظهر فهي يمين وعليها كفارة يمين .
وقال الزهري : أرى أن تكفر كفارة الظهار، ولا يحول قولها هذا بينها وبين زوجها أن يصيبها .
القول الثاني : قال صاحب أبي حنيفة أبو يوسف لا يشترط أن يكون المظاهر رجلاً ، فيصح ظهار المرأة وعليها كفارة الظهار ، وقالوا : أن الظهار تحريم يرتفع بالكفارة وهي من أهل الكفارة فكانت من أهل الظهار .
الركن الثاني : المظاهر منها والظهار يلزم في كل زوجة مدخول بها أو غير مدخول بها من زوج يجوز طلاقه .
الركن الثالث : الصيغة وهي نوعان : صريحة وكناية ؛ أما الصريحة فبأن يشبه امرأته أو عضواً منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد أو بها أو بعضو منها ، كقول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي .
وأما الكناية أن يقول: أنت علي كأمي أو مثل أمي لم يكن ظهاراً إلا بالنية ، لأنه يحتمل أنها كالأم في التحريم أو في الكرامة فلم يجعل ظهاراً من غير نية كالكنايات في الطلاق.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
إلا إن وجدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يخرجه مخرج الحلف، كقوله إن فعلت كذا فأنت علي كروح أمي، أو قال ذلك حال الخصومة والغضب فهو ظهار، لأنه إذا خرج مخرج الحلف فالحلف يراد للامتناع من شيء أو الحث عليه، وإنما يحصل ذلك بتحريمها عليه، ولأن كونها مثل أمه في صلتها أو كرامتها لا يتعلق على شرط فيدل على انه إنما أراد الظهار، ووقوع ذلك في حال الخصومة والغضب دليل على أنه أراد به ما يتعلق بأذاها ويوجب اجتنابها وهو الظهار.
وإن عدم هذا فليس بظهار لأنه محتمل لغير الظهار احتمالا كثيراً.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (66) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
الظــــهار(1)
توقيت الظهار وتعليقه (3-4)
مسألة توقيت الظهار :
القول الأول : يصح الظهار مؤقتاً ، وهو أن يقول أنت علي كظهر أمي يوماً أو شهراً لحديث سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ : كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لاَ يُصِيبُ غَيْرِي ، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ خِفْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنَ امْرَأَتِي شَيْئًا يُتَابَعُ بِي حَتَّى أُصْبِحَ فَظَاهَرْتُ مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَخْدُمُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيءٌ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُم ُ الْخَبَرَ وَقُلْتُ امْشُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . قَالُوا : لاَ وَاللَّهِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ « أَنْتَ بِذَاكَ يَا سَلَمَةُ ». قُلْتُ أَنَا بِذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَأَنَا صَابِرٌ لأَمْرِ اللَّهِ فَاحْكُمْ فيَّ مَا أَرَاكَ اللَّهُ قَالَ « حَرِّرْ رَقَبَةً ». قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا وَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي قَالَ « فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ». قَالَ وَهَلْ أُصِبْتُ الَّذِي أُصِبْتُ إِلاَّ مِنَ الصِّيَامِ قَالَ « فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ». قُلْتُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ مَا لَنَا طَعَامٌ قَالَ « فَانْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيَّتَهَا ». فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي فَقُلْتُ وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْي وَوَجَدْتُ عِنْدَ النبي -صلى الله عليه وسلم- السَّعَةَ وَحُسْنَ الرأي وَقَدْ أَمَرَنِي- أَوْ أَمَرَ لِي - بِصَدَقَتِكُم )(1)
فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلّت المرأة بلا كفارة. ولا يكون عائداً بالوطء في المدة . وهو قول ابن عباس وعطاء وقتادة والثوري وإسحاق وأبى ثور والشافعي وأحمد بن حنبل.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
وحديث سلمة بن صخر صريح في ذلك ففيه " تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصابها في الشهر فأمره بالكفارة ولم يعتبر عليه تقييده .
ولأنه منع نفسه بيمين لها كفارة فصح مؤقتاً كالإيلاء ، ولأنها يمين لم يحنث فيها فلا يلزمه كفارتها كاليمين بالله تعالى .
القول الثاني : وقال أبو حنيفة وابن أبى ليلى والليث لا يكون ظهاراً ؛ لأن الشرع ورد بلفظ الظهار مطلقاً . وهذا لم يطلق فأشبه ما لو شبهها بمن تحرم عليه في وقت دون آخر .
القول الثالث : وقال مالك: يسقط التأقيت ويكون ظهاراً مطلقاً . لأن هذا لفظ يوجب تحريم الزوجة فإذا وقّته لم يتوقف كالطلاق .
الراجح :
القول الأول لما سبق من أدلتهم ، ويُجاب عن أدلة القولين الآخرين بما يلي :
- تشبيه الظهار المؤقت بما لو شبه زوجته بمن تحرم عليه في وقت دون وقت ؛ أنه تشبيه مع الفارق لأن تحريمها غير كامل. وهذه حرمها في هذه المدة تحريماً كاملاً .
- وأما تشبيه الظهار الموقت بالطلاق الموقت فهو تشبيه مع الفارق ؛ فالطلاق يزيل الملك فلا يمكن توقيته ، وأما الظهار فهو يوقع تحريماً يرفعه التكفير فجاز توقيته .
مسألة تعليق الظهار بشرط :
فإذا قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي ، أو قال إن قدّم فلان ، أو قال شاء زيد ، فمتى شاء زيد أو دخلت الدار أو قدم فلان صار مظاهراً وإلا فلا.
وبهذا قال جمهور العلماء لأنه يمين فجاز تعليقه على شرط كالإيلاء.
ولأن الظهار أصله كان طلاقاً والطلاق يصح تعليقه بالشرط فكذلك الظهار .
(1) أخرجه ابو داود باب في الظهار ح2215 – 2/233، والترمذي في سورة المجادلة ح3299-5/405 وقال: هذا حديث حسن ، وابن ماجة في الظهار ح2062-1/665 ، والدارمي في الظهار ح2273-1/217 ، وصححه الألباني في تحقيقه لسنن ابن ماجه .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (67) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
الظــــهار(1)
مسائل في الظهار(4-4)
مسألة : بيان ما يحرم وما يباح من المرأة المظاهر منها قبل التكفير
- يحرم على المظاهر وطء امرأته قبل أن يكفر وليس في ذلك اختلاف إذا كانت الكفارة عتقاً أو صوماً لقول الله تعالى : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } وقوله سبحانه : { {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } وأكثر أهل العلم على أن التكفير بالإطعام مثل ذلك وأنه يحرم وطؤها قبل التكفير منهم عطاء و الزهري و الشافعي وأصحاب الرأي .
وذهب أبو ثور إلى إباحة الجماع قبل التكفير بالإطعام وعن أحمد ما يقتضي ذلك لأن الله تعالى لم يمنع المسيس قبله كما في العتق والصيام . والراجح الأول : لما روى عكرمة [ عن ابن عباس: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها فقال يا رسول الله ! إني قد ظاهرت من زوجتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال وما حملك على ذلك يرحمك الله ؟ قال رأيت خلخالها في ضوء القمر قال فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به ](1) .
ولأنه مظاهر لم يكفر فحرم عليه جماعها كما لو كانت كفارته العتق أو الصيام وترك النص عليها لا يمنع قياسها على المنصوص الذي في معناها
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
- فأما التلذذ بما دون الجماع من القبلة واللمس والمباشرة ، ففيه روايتان إحداهما : يحرم وهو اختيار أبي بكر وهو قول الزهري و مالك و الأوزاعي و أبي عبيد وأصحاب الرأي وروي ذلك عن النخعي وهو أحد قولي الشافعي لأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام . والثانية : لا تحرم قال أحمد أرجو أن لا يكون به بأس وهو قول الثوري و إسحاق و أبي حنيفة وحكي عن مالك وهو القول الثاني للشافعي لأنه وطء يتعلق بتحريمه مال فلم يتجاوزه التحريم كوطء الحائض .
مسألة : من أراد الوطء قبل الكفارة
ينبغي على المرأة منع زوجها المظاهر من مقاربتها ولها أن تشكوه إلى القاضي ليحول بينه وبينها حتى يكفِّر ، وللسلطان أن يؤدبه .
مسألة : إذا امتنع من التكفير مع قدرته :
إذا ظاهر من امرأته فقال لها: أنت علي كظهر أمي وامتنع عن التكفير ، عُلم أنه مضار ، وصار مولياً إما أن يفيء ويكفر وإما أن يطلق ، وهو وإن لم يكن يميناً إلا أنه لما كف عن الوطء
وهو يقدر على الكفارة علم أنه مضار، فلا بد أن يحمل محمل المولي . وبه قال مالك وغيره .
(1)أخرجه الترمذي باب المظاهر يواقع قبل أن يكفر ح 1199-3/503 وقال : هذا حديث حسن غريب صحيح ، وحسّنه الألباني في تحقيقه للسنن ، والنسائي باب الظهار ح 3475-6/479 ، والبيهقي في السنن الكبرى ح 15036-7/386 ، و الطبراني في المعجم الكبير ح 11600-11/236 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (68) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
اللعـــــان(1)
(1-3)
وهو مشتق من اللعن لأن كل واحد من الزوجين يلعن نفسه في الخامسة إن كان كاذباً وقيل : سمي بذلك لأن الزوجين لا ينفكان من أن يكون أحدهما كاذباً فتحصل اللعنة عليه وهي الطرد والإبعاد
تعريفه شرعاً:
هو شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة باللعن والغضب قائمة مقام حد قذف في جانبه وحد زنى في جانبها .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
عن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِىَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىِّ فَقَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ يَا عَاصِمُ لَوْ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَسَلْ لِى عَنْ ذَلِكَ يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ لَمْ تَأْتِنِى بِخَيْرٍ قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَسْأَلَةَ الَّتِى سَأَلْتُهُ عَنْهَا. قَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا. فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا ». قَالَ سَهْلٌ فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنَي ْنِ. قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ حَامِلاً فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَى أُمِّهِ. ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا(2)
(1) انظر : بدائع الصنائع 3/242، مغني المحتاج 3/367 ، المبدع شرح المقنع 8/65، عمدة الفقه 1/111 ، حاشية الروض المربع 7/29 ، المغني 9/3 .
(2) أخرجه البخاري باب التلاعن في المسجد ح5003-5/2033 ، ومسلم باب وحدثنا يحيى بن يحيى ح3816-4/205 واللفظ له .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (69) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
اللعـــــان(1)
صفة اللعان وشروطه (2-3)
صفـة اللعـــان :
أن يبدأ الزوج فيقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى . ويشير إليها ، وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها ، حتى يكمل ذلك أربع مرات ، ثم يقول في الخامسة : وإن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى .
ثم تقول هي : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى أربع مرات ، ثم تقول في الخامسة: وإن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى .
فإن نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئاً ، أو بدأت باللعان قبله ، أو تلاعنا بغير حضرة الحاكم ، أو نائبه لم يعتد به . وإن أبدل لفظة أشهد بـ أقسم أو أحلف أو لفظة اللعنة بـ الإبعاد أو الغضب بـ السخط فعلى وجهين .
ويسن تلاعنهما قياماً بحضرة جماعة أربعة فأكثر ، بوقت ومكان معظمين ، وأن يأمر حاكم من يضع يده على فم زوج وزوجة عند الخامسة ويقول: اتق الله فإنها الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
ولا يصح إلا بشروط ثلاثة
"1- كونه بين زوجين مكلفين" لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فلا لعان بقذف أمة، ولا حد. وأما اعتبار التكليف، فلأن قذف غير المكلف لا يوجب حداً ، واللعان إنما وجب لإسقاط الحد .
"2- أن يتقدمه قذفها بالزنى ولو في دبر، لأنه قذف يجب به الحد. ولا فرق بين الأعمى والبصير لعموم الآية.
"3- أن تكذبه" الزوجة في قذفها
"ويستمر تكذيبها إلى انقضاء اللعان" لأن اللعان إنما ينتظم بتكذيبها فإن صدقته، أو عفت عن الطلب بحد القذف، أو سكتت فلم تقر ولم تنكر لحقه النسب، ولا لعان، لأن الحق لها، فلا يستوفى من غير طلبها وإن كان بينهما نسب يريد نفيه، فله أن يلاعن، لأنه محتاج إليه، وهو حق له، فلا يسقط برضاها .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg
-
رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg
(بناء البيت السعيد)
الحلقة (70) :
د. إلهام بدر الجابري
بسم الله الرحمن الرحيم
اللعـــــان
صفة اللعان وشروطه (3-3)
و إذا تم اللعان بينهما ثبت أربعة أحكام:
"1- سقوط الحد أو التعزير" الذي أوجبه القذف عنها وعنه. ولو قذفها برجل سماه سقط حكم قذفه بلعانه، لأن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن سحماء، ولم يذكره في لعانه، ولم يحده النبي صلى الله عليه وسلم، لشريك ولا عزره له، ولأن اللعان بينة في أحد الطرفين فكان بينة في الآخر كالشهادة .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
"2- الفرقة ولو بلا فعل حاكم" لأنه معنى يقتضي التحريم المؤبد فلم يقف على تفريق الحاكم، كالرضاع وتفريق النبي صلى الله عليه وسلم ، بينهما بمعنى: أنه أعلمهما بحصول الفرقة باللعان. وعنه لا تحصل الفرقة حتى يفرق الحاكم بينهما، لقول ابن عباس في حديثه: ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينهما. وفي حديث عويمر: أنه قذف امرأته، فتلاعنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم متفق عليه. فدل على أن الفرقة لم تحصل بمجرد اللعان. قدمه في الكافي.
"3- التحريم المؤبد" لقول سهل بن سعد: مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعا أبدا رواه الجوزجاني. وقال عمر، رضي الله عنه: المتلاعنان يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا رواه سعيد، وعن علي وابن مسعود نحوه.
4-"انتفاء الولد، ويعتبر لنفيه ذكره صريحا، كـ: أشهد بالله لقد زنت، وما هذا ولدي" وظاهر كلام أبي بكر صحة نفي الحمل في لعانه لظاهر حديث هلال بن أمية، فإنه لاعنها قبل الوضع، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انظروها فإن جاءت به كذا وكذا" . الحديث. ونفي عنه الولد قال ابن عبد البر: الآثار على هذا كثيرة، وأوردها، ولم ينقل ملاعنة بعد وضعه وشرط لنفيه أن لا يتقدمه إقرار به أو بتوأمه، أو تهنئة به، فيسكت، أو يؤمن على الدعاء أو يؤخر النفي بلا عذر لأنه خيار لدفع ضرر، فكان على الفور كخيار الشفعة.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg