-
[ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( 1 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج1/ ص 10/ط دار السلام )
" اعترض على البخاري رحمه الله لكونه لم يفتتح الكتاب بخطبة تنبئ عن مقصوده مفتتحة بالحمد والشهادة امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم : " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع "
وقوله : " كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء " أخرجهما أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة .
والجواب عن الأول : " .... الغرض من الافتتاح بما يدل على المقصود وقد صدر الكتاب بترجمة بدء الوحي وبالحديث الدال على مقصوده المشتمل على أن العمل دائر مع النية
والجواب عن الثاني : " أن الحديثيين ليسا على شرطه بل في كل منهما مقال . ) ا ه
( 2 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري ( ج1/ ص 11 )
" ادعى قوم أن البخاري رحمه الله ابتدأ بخطبة فيها حمد وشهادة فحذفها بعض من حمل عنه الكتاب وكأن قائل هذا ما رأى تصانيف الأئمة من شيوخ البخاري وشيوخ شيوخه أهل عصره كمالك في الموطأ " وعبد الرازق في " المصنف " وأحمد في " المسند " وأبي داود في " السنن " إلى ما لا يحصى ممن لم يقدم في ابتداء تصنيفه خطبة " ولم يزد على التسمية وهم الأكثر " والقليل افتتح بخطبة " ا ه
( 3 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج1/ ص11- 12 )
" وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالبسملة وكذا معظم الرسائل ولهذا من افتتح كتابه منهم بخطبة حمد وتشهد كما صنع مسلم واختلف القدماء فيما إذا كان الكتاب كله شعرا فجاء عن الشعبي منع ذلك وعن الزهري قال : مضت السنة أن لا يكتب في الشعر " بسم الله الرحمن الرحيم " وعن سعيد بن جبير جواز ذلك وتابعه على ذلك الجمهور وقال الخطيب هو المختار
( 4 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 12)
" وقد اعترض محمد بن إسماعيل التيمي على ترجمة " بدء الوحي " فقال : لو قال البخاري " كيف كان الوحي لكان أحسن لأنه تعرض فيه لبيان كيفية الوحي لا لبيان كيفية بدء الوحي فقط "
( 5 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 12)
" إن أول أحوال النبيين في الوحي الرؤيا كما رواه أبو نعيم في " الدلائل " بإسناد حسن عن علقمة بن قيس صاحب ابن مسعود قال : إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم ثم ينزل الوحي بعد في " اليقظة "
( 6 )
قال ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج1/ ص 13 )
" ابو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي منسوب إلى حميد بن أسامة بطن من بني أسد بن عبد العزى بن قصي رهط خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع معها في أسد ويجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي وهو إمام كبير مصنف ..فكأن البخاري امتثل قوله صلى الله عليه وسلم " قدموا قريشا " فافتتح كتابه بالرواية عن الحميدي لكونه أفقه قرشي أخذ عنه ومن ثم ثنى بالراوية عن مالك لأنه شيخ أهل المدينة وهي تالية لمكة في نزول الوحي وفي جميع الفضل " ومالك وابن عيينة قرينان قال الشافعي : لولاهما لذهب العلم من الحجاز
( 7 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 13 )
" وقد اعترض على البخاري رحمه الله في ادخاله حديث الاعمال " – إنما الأعمال بالنيات – في ترجمة بدء الوحي وأنه لا تعلق له به أصلا بحيث أن الخطابي في شرحه والإسماعيلي في " مستخرجه " أخرجاه قبل الترجمة لاعتقادهما أنه إنما أورده للتبرك به فقط واستصوب ابو القاسم بن منده صنيع الإسماعيلي في ذلك "
( 8 )
قال ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج1/ ص 14 )
" وقصة مهاجر أم قيس رواها سعيد بن منصور قال : أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله هو ابن مسعود قال : من هاجر يبتغي شيئا فإنما له ذلك هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فكان يقال له مهاجر أم قيس . ورواه الطبراني ممن طريق أخرى عن الأعمش بلفظ : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها فكنا نسميه مهاجر أم قيس وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك " ولم أر في شي من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك "
( 9 )
قال ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج1/ ص 14 )
" قال ابن النمير في " أول التراجم : كان مقدمة النبوة في حق النبي صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى الله تعالى بالخلوة في غار حراء فناسب الافتتاح بحديث الهجرة
( 10 )
" قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج 1/ ص 14 )
" وقد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر حديث " إنما الأعمال بالنيات "
· قال ابو عبد الله ليس في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم شي أجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث
· واتفق عبد الرحمن بن مهدي والشافعي فيما نقله البويطي عنه وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وابو داود والترمذي والدراقطني وحمزة الكناني على أنه ثلث الإسلام " ومنهم من قال ربعه واختلفوا في تعيين الباقي
· قال ابن مهدي أيضا : يدخل في ثلاثين بابا من العلم
· وقال الشافعي : يدخل في سبعين بابا
· قال عبد الرحمن بن مهدي : ينبغي أن يجعل هذا الحديث رأس كل باب
· ووجه البيهقي كونه ثلث العلم بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه
( 11 )
( ج1/ ص 15 )
" ثم إن هذا الحديث – الأعمال بالنيات – متفق على صحته أخرجه الأئمة المشهورون إلا الموطأ ووهم من زعم أنه في الموطأ مغترا بتخريج الشيخين له والنسائي من طريق مالك "
( 12 )
( ج1 / ص 15 )
" وقد عرف بهذا التقرير غلط من زعم أن حديث عمر – الأعمال بالنيات – متواتر إلا إن حمل على التواتر المعنوي فيحتمل نعم قد تواتر عن يحيى بن سعيد ..... وقد تتبعت طرقه من الراويات المشهورة والجزاء المنثورة منذ طلبت الحديث إلى وقتي هذا فما قدرت على تكميل المائة وقد تتبعت طرق غيره فزادت على ما نقل عمن تقدم "
( 13 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 16 )
" ان محل النية القلب وهو متحد فناسب إفرادها بخلاف الأعمال فإنها متعلقة بالظواهر وهي متعددة فناسب جمعها ولأن النية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد للواحد الذي لا شريك له وقع في " صحيح ابن حبان " بلفظ " الأعمال بالنيات " بحذف " إنما " ووقع في روياة مالك عن يحيى عند البخاري في كتاب " الإيمان " بلفظ " الأعمال بالنية " وكذا في " العتق " ووقع عنده في " النكاح " بلفظ " العمل بالنية " بإفراد كل منهما .
( 14 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص17 )
" اختلف الفقهاء هل النية ركن أم شرط ؟ والمرجح أن إيجادها ذكرا في أول العمل ركن واستصحابها حكما بمعنى ان لا يأتي بمناف شرعا شرط.
( 15 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1/ ص 19 )
" من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة فإنه لا يحصل له غسل الجمعة على الراجح لأن غسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيف فلا بد فيه من القصد إليه بخلاف تحية المسجد والله أعلم "
( 16 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 19 )
" قال ابن السمعاني في " أماليه " أفادت أن العمال الخارجة عن العبادة لا تفيد الثواب إلا إذا نوى بها فاعلها القربة كالأكل إذا نوى به القوة على الطاعة "
( 17 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1/ ص 19 )
قال الغزالي : حركة اللسان بالذكر مع الغفلة عنه تحصل الثواب لأنه خير من حركة اللسان بالغيبة بل هو خير من السكوت مطلقا أي المجرد عن التفكر قال : وإنما هو ناقص بالنسبة إلى عمل القلب انتهى )
( 18 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 19 )
" والتحقيق ان الترك المجرد لا ثواب فيه وإنما يحصل الثواب بالكف الذي هو فعل النفس فمن لم تخطر المعصية بباله أصلا ليس كمن خطرت فكف نفسه عنها خوفا من الله تعالى فرجع الحال إلى أن الذي يحتاج إلى النية هو العمل بجميع وجوهه لا الترك المجرد والله أعلم "
( 19 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح البري " ( ج1/ ص 20 )
" وكان من رأي البخاري رحمه الله جواز اختصار الحديث والرواية بالمعنى والتدقيق في الاستنباط وإيثار الأغمض على الأجلى وترجيح الإسناد الوارد بالصيغ المصرحة بالسماع على غيره استعمل جميع ذلك في هذا الموضع بعبارة هذا الحديث متنا وسندا حديث " الأعمال بالنية " انتهى ا ه
( 20 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 21 )
" وقد عرف بالاستقراء من صنيع البخاري رحمه الله ان لا يذكر الحديث الواحد في موضعين على وجهين بل إن كان له أكثر من سند على شرطه ذكره في الموضع الثاني بالسند الثاني وهكذا ما بعده وما لم يكن على شرطه يعلقه في الموضع الآخر تارة بالجزم إن كان صحيحا وتارة بغيره عن كان فيه شيء وما لبس له إلا سند واحد يتصرف في متنه بالاقتصار على بعضه بحسب ما يتفق ولا يوجد فيه حديث واحد مذكور بتمامه سندا ومتنا في موضعين او أكثر إلا نادرا فقد عني بعض من لقيته بتتبع ذلك فحصل منه نحو عشرين موضعا ً "
( 21 )
" قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 22 )
" الدنيا : هي فعلى من الدنو أي القرب سميت بذلك لسبقها للاخرى وقيل سميت لدنوها إلى الزوال واختلف في حقيقتها فقيل ما على الأرض من الهواء والجو وقيل كل المخلوقات من الجواهر والأعراض "
( 22 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 22 )
" وحكي عن ابن مغور أن أبا ذر الهروي في آخر أمره كان يحذف كثيرا من رواية أبي الهيثم الكشميهني حيث ينفرد لانه لم يكن من اهل العلم قلت : وهذا ليس على إطلاقه فان في رواية أبي الهيثم مواضع كثيرة أصوب من رواية غيره "
( 23 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 23 )
" حكى ان سبب هذا الحديث – الأعمال بالنيات – قصة مهاجر أم قيس ولم نقف على تسميته ونقل ابن دحية أن اسمها قيلة بقاف مفتوحة ثم تحتانية ساكنة "
( 24 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 23 )
" حكى ابن بطال عن ابن سراج أن السبب في تخصيص المرأة بالذكر في الحديث ان العرب كانوا لا يزوجون المولى العربية ويراعون الكفاءة في النسب فلما جاء الإسلام سوى بين المسلمين في مناكحتهم فهاجر كثير من الناس إلى المدينة ليتزوج بها من كان لا يصل إليها قبل ذلك انتهى .
( 25 )
قال ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج1 / ص 23 )
" من نوى العبادة وخالطها شيء مما يغاير الإخلاص فقد نقل أبو جعفر بن جرير الطبري عن جمهور السلف ان الاعتبار بالابتداء فإن كان ابتداؤه لله خالصا لم يضره ما عرض له بعد ذلك من إعجاب وغيره . والله اعلم "
-
( 26 )
قال ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج1/ ص 25 )
قوله تعالى { وأزواجه أمهاتهم } أي في الاحترام وتحريم نكاحهن لا في غير مما اختلف فيه على الراجح وإنما قيل للواحدة منهن أم المؤمنين للتغليب وإلا فلا مانع من ان يقال لها أم المؤمنات على الراجح
( 27 )
قال ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج1/ ص 25 )
" الحارث بن هشام المخزومي أخو أبو جهل شقيقه أسلم يوم الفتح وكان من فضلاء الصحابة واستشهد في فتوح الشام "
( 28 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " (ج1 / ص 25 )
" أحيانا : جمع حين يطلق على كثير الوقت وقليله والمراد به الوقت
( 29 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 26 )
" وقد ذكر الحليمي أن الوحي كان يأتيه على ستة وأربعين نوعا فذكرها وغالبها من صفات حامل الوحي "
( 30 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 28 )
" إن الملك يتشكل بشكل البشر وقال المتكلمون : إن الملائكة أجسام علوية لطيفة تتشكل أي شكل أرادوا وزعم بعض الفلاسفة أنها جواهر روحانية .. والحق أن تمثل الملك ليس معناه ان ذاته انقلبت رجلا بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه والظاهر ان القدر الزائد لا يزل ولا يفنى بل يخفى على الرائي فقط والله أعلم
( 31 )
" قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 29 )
حكى العسكري في " التصحيف " عن بعض شيوخه أنه قرأ في الحديث " ليتقصد " بالقاف ثم قال العسكري : إن ثبت فهو من قولهم تقصد الشيء إذا تكسر وتقطع ولا يخفى بعده . انتهى
وقد وقع في هذا التصحيف أبو الفضل بن طاهر فرده عليه المؤتمن الساجي بالفاء قال : فأصر على القاف ." ا ه
( 32 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 33 )
" قوله : في الحديث ( لقد خشيت على نفسي ..) والخشية المذكورة اختلف العلماء في المراد بها على اثنى عشر قولا :
أولها : الجنون وأن يكون ما رآه من جنس الكهانة جاء مصرحا به في عدة طرق وأبطله ابن العربي
ثانيها : الهاجس وهو باطل
ثالثها : الموت من شدة الرعب
رابعها : المرض وقد جزم به ابن أبي جمرة
خامسها : دوام المرض .... الخ
.. وقال أولى هذه الأقوال بالصواب وأسلمها من الارتياب : الموت والمرض ودوامه وما عداها فهو معترض . والله الموفق
( 33 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 34 )
استحباب تأنيس من نزل به أمر بذكر تيسيره عليه وتهوينه لديه وأن من نزل به أمر استحب له أن يطلع عليه من يثق بنصيحته وصحة رأيه
( 34 )
" قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج 1/ ص 34 )
" حفظ التوراة والإنجيل لم يكن متيسرا كتيسر حفظ القرآن الذي خصت به هذه الأمة فلهذا جاء من صفتها : " أناجليها صدورها "
( 35 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ 35 )
" وأما ما تمحل له السهيلي من أن ورقة بن نوفل كان على اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى ودعواهم أنه احد الاقانيم فهو محال لا يعرج عليه في حق ورقة واشباهه ممن لم يدخل في التبديل ولم ياخذ عمن بدل . على أنه ورد عند الزبير بكار من طريق عبد الله بن معاذ عن الزهري أن ورقة قال : " ناموس عيسى " والأصح " ناموس موسى " وعبد الله بن معاذ ضعيف .
|( 36 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 35 )
" في " دلائل النبوة " لأبي نعيم بإسناد حسن إلى هشام بن عروة عن أبيه في قصة أول ما نزل الوحي ان خديجة أولا أتت ابن عمها ورقة فأخبرته الخبر فقال : لئن كنت صدقتني إنه ليأتيه ناموس عيسى الذي لا يعلمه بنو إسرائيل ابناءهم . فعلى هذا فكان ورقة يقول تارة ناموس عيسى وتارة ناموس موسى فعند إخبار خديجة له بالقصة قال لها ناموس عيسى بحسب ما هو فيه من النصرانية وعند إخبار النبي صلى الله عليه وسلم له قال له : ناموس موسى للمناسبة التي ذكرناها وكل صحيح والله أعلم ) ا ه
( 37 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 36 )
" جواز تمني المستحيل إذا كان في فعل خير لأن ورقة تمنى أن يعود شابا وهو مستحيل عادة ويظهر لي أن التمني ليس مقصودا على بابه بل المراد من هذا التنبيه على صحة ما أخبره به والتنويه بقوة تصديقه فيما يجيء به "
( 38 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 37 )
" وقع في تاريخ " احمد بن حنبل " عن الشعبي أن مدة فترة الوحي كانت ثلاث سنين وبه جزم ابن إسحاق وحكى البيهقي أن مدة الرؤيا كانت ستة أشهر ...
( 39 )
قال الحافظ في " الفتح " ( ج1/ ص 38 )
" والرجز في اللغة العذاب وسمي الأوثان رجزا لأنها سببه "
( 40 )
" قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1/ ص 39 )
" ماتت خديجة رضي الله عنها قبل أن تفرض الصلاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم " رأيت لخديجة بيتا من قصب لا صخب فيه ولا نصب "
قال البخاري : يعني : قصب اللؤلؤ "
( 41 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 40 )
" إن " من " إذا وقع بعدها " ما " كانت بمعنى ربما وهي تطلق على القليل والكثير .
( 41 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 42-43 )
" إن مدراسة جبريل القرآن لنبينا في رمضان تجدد له العهد بمزيد غنى النفس والغنى سبب الجود والجود في الشرع إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي وهو أعم من الصدقة وأيضا فرمضان موسم الخيرات لأن نعم الله على عباده فيه زائدة على غيره فكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤثر متابعة سنة الله في عباده " ا ه
( 42 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 43 )
" استحباب الإكثار من قراءة القرآن في رمضان وكونها أفضل من سائر الأذكار إذ لو كان الذكر أفضل أو مساويا لفعلاه
( 43 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 47 )
" إن كسرى أغزى جيشه بلاد هرقل فخربوا كثيرا من بلاده ثم استبطأ كسرى أميره فأراد قتله وتولية غيره فاطلع أميره على ذلك فباطن هرقل واصطلح معه على كسرى وانهزم عنه بجنود فارس فمشى هرقل إلى بيت المقدس شكرا لله تعالى على ذلك .واسم الأمير المذكور شهربراز واسم الغير الذي أراد كسرى تأميره فرحان "
( 44 )
" قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 47)
" والروم من ولد عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام على الصحيح "
( 45 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 48 )
" وعبد مناف الأب الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم وكذا لأبي سفيان وأطلق عليه ابن عم لأنه نزل كل منهما منزلة جده فعبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عم أمية بن عبد شمس بن عبد مناف .. وإنما خص هرقل الأقرب لأنه أحرى بالاطلاع على أموره ظاهرا وباطنا أكثر من غيره ولأن الأبعد لا يؤمن ان يقدح في نسبه بخلاف الأقرب "
( 46 )
قال الحافظ في " فتح الباري ( ج1 / ص 48 )
" وكانوا فيما سبق يستقبحون الكذب إما بالأخذ عن الشرع السابق أو بالعرف "
( 47 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 52 )
" لو تفطن هرقل لقوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي أرسل إليه " أسلم تسلم "
وحمل الجزاء على عمومه في الدنيا والآخرة لسلم لو أسلم من كل ما يخافه ولكن التوفيق بيد الله تعالى "
( 48 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 52 )
" ومما يقوي أن هرقل آثر ملكه على الإيمان واستمر على الضلال أنه حارب المسلمين في غزوة مؤتة سنة ثمان ... فدل ظاهر ذلك على استمراره على الكفر " لكن يحتمل مع ذلك أنه كان يضمر الإيمان ويفعل هذه المعاصي مراعاة لملكه وخوفا من ان يقتله قومه إلا أن في مسند أحمد أنه كتب من تبوك إلى النبي صلى الله عليه وسلم إني مسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كذب بل هو على نصرانيته " وفي كتاب الأموال لأبي عبيد بسند صحيح من مرسل بكر المزني ولفظه فقال : " كذب عدو الله ليس بمسلم "
( 49 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 53 )
" من السنة أن يبدا الكتاب بنفسه – من محمد – وهو قول الجمهور بل حكى فيه النحاس إجماع الصحابة والحق إثبات الخلاف .."
( 50 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 53 )
قوله صلى الله عليه وسلم : " أسلم تسلم " : غاية في البلاغ وفيه نوع من البديع وهو الجناس الاشتقاقي "
( 51 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 54 )
" ( الأريسيين ) : جمع أريسي وهو منسوب إلى أريس بوزن فعيل قال ابن سيده : الأريس الأكار أي الفلاح عند ثعلب وعند كراع : الأريس : هو الأمير وقال الجوهري : هي لغة شامية وأنكر ابن فارس أن تكون عربية وجاء في رواية مرسلة : " عليك إثم الفلاحين " ا ه
( 52 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 55 )
" وابن أبي كبشة أراد به النبي صلى الله عليه وسلم لأن أبا كبشة أحد أجداده وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جد غامض ... وقال ابن قتيبة والخطابي والدراقطني : هو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان فعبد الشعرى فنسبوه إليه للإشتراك في مطلق المخالفة وكذا قاله الزبير قال : واسمه وجز بن عمر بن غالب "
( 53 )
"قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 57 )
" والأسقف : والسقف لفظ أعجمي ومعناه رئيس دين النصاري وقيل عربي وهو الطويل في انحناء .."
( 54 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 57 )
" والسنة التي اعتمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم عمرة الحديبية بلغ المسلمين نصرة الروم على فارس ففرحوا "
( 55 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 57 )
" والبطارقة جمع بطريق بكسر أوله وهم خواص دولة الروم "
-
( 56 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 57)
" الكهانة تارة تستند إلى إلقاء الشياطين وتارة تستفاد من أحكام النجوم وكان كل من الأمرين في الجاهلية شائعا ذائعا إلى أن ظهر الإسلام فانكسرت شوكتهم وأنكر الشرع الاعتماد عليهم "
( 57 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج 1 / ص 57 )
" وكان ما اطلع عليه المنجمين هرقل بمقتضى حسابهم أنهم زعموا أن المولد النبوي كان بقران العلويين ببرج العقرب وهما يقترنان في كل عشرين سنة مرة .. فكان ابتداء العشرين الأولى المولد النبوي في القرآن المذكور وعند تمام العشرين الثانية مجيء جبريل بالوحي وعند تمام الثالثة فتح خيبر وعمرة القضية التي جرت فتح مكة وظهور الإسلام وفي تلك الأيام رأى هرقل ما رأى " ا ه
( 58 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 58 )
" اليهود كانوا بايلياء وهي بيت المقدس كثيرين تحت الذلة مع الروم بخلاف العرب فإنهم وغن كان منهم من هو تحت طاعة ملك الروم كآل غسان لكنهم كانوا ملوكا برأسهم
( 59 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 59)
" أن الكوفيين يجوزون استعمال اسم الإشارة بمعنى الاسم الموصول
( 60 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 59 )
" في رواية ابن إسحاق ان هرقل أرسل دحية إلى ضغاطر الروم وقال : إنه في الروم أجوز قولا مني وغن ضغاطر المذكور أظهر إسلامه وألقى ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا بيضا وخرج إلى الروم فدعاهم إلى الإسلام وشهد شهادة الحق فقاموا إليه فضربوه حتى قتلوه . قال فلما رجع دحية إلى هرقل قال له : قد قلت لك إنا نخافهم على أنفسنا فضغاطر كان أعظم عندهم مني )
( 61 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 60 )
" وحمص كان فتحها على يد أبي عبيدة بن الجراح سنة ست عشرة
( 62 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 61 )
" لما كان أمر هرقل في الإيمان عند كثير من الناس مستبهما ً لأنه يحتمل أن يكون عدم تصريحه بالإيمان للخوف على نفسه من القتل ويحتمل ان يكون استمر على الشك حتى مات كافرا وقال الراوي في آخر القصة فكان ذلك آخر شأن هرقل ختم به البخاري هذا الباب الذي استفتحه بحديث الأعمال بالنيات .."
( 63 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 61 )
" ذكر السهيلي أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيما له وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ثم كان عند سبطه "
( 64 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 62 )
" ما أخرجه ابو عبيد في كتاب الأموال من مرسل عمير بن إسحاق قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر فأما كسرى فلما قرأ الكتاب مزقه وأما قيصر فلما قرأ الكتاب طواه ثم رفعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هؤلاء فيمزقون واما هؤلاء فستكوون لهم بقية
( 65 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 65 )
" لم يستفتح البخاري بدء الوحي بكتاب لأن المقدمة لا تستفتح بما يستفتح به غيرها لأنها تنطوي على ما يتعلق بما بعدها واختلفت الروايات في تقديم البسملة على كتاب أو تأخيرها ولكل وجه الأول ظاهر ووجه الثاني وعليه أكثر الروايات أنه جعل الترجمة قائمة مقام تسمية السورة والأحاديث المذكورة بعد البسملة كالآيات مستفتحة بالبسملة
( 66 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 65 )
" السلف قالوا أن الإيمان هو اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان وأرادوا بذلك ان أن الأعمال شرط في كماله ومن هنا نشأ لهم القول بالزيادة والنقص والمرجئة قالوا هو اعتقاد ونطق فقط والكرامية قالوا : ه و نطق فقط والمعتزلة قالوا : هو العمل والنطق والاعتقاد والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطا في صحته والسلف جعلوها شرطا في كماله "
( 67 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 66 )
" ذهب السلف إلى أن الإيمان يزيد وينقص وأنكر ذلك أكثر المتكلمين وقالوا متى قبل ذلك كان شكا قال الشيخ محيي الدين : والأظهر المختار ان التصديق يزيد وينقص بكثرة النظر ووضوح الأدلة ولهذا كان إيمان الصديق أقوى من إيمان غيره بحيث لا يعتريه الشبة . ..
( 68 )
" قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 67 )
" روى ابن جرير بسنده الصحيح إلى سعيد قال : قوله " ليطمئن قلبي " أي يزداد يقيني وعن مجاهد لأزداد إيمانا إلى إيماني
( 69 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 67 )
" وقال ابن مسعود : اليقين الإيمان كله " هذا التعليق طرف من أثر وصله الطبراني بسند صحيح وبقيته : والصبر نصف الإيمان . وأخرجه ابو نعيم في " الحلية " والبيهقي في " الزهد " من حديثه مرفوعا ولا يثبت رفعه .
( 70 )
قال الحافظ في " فتح الباري " ( ج1 / ص 68 )
" بعض المؤمنين بلغ كنه الإيمان وحقيقته وبعضهم لم يبلغ وقد ورد معنى قوول ابن عمر عند مسلم من حديث النواس مرفوعا وعند أحمد من حديث وابصة وحسن الترمذي من حديث عطية السعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس " وليس فيها شيء على شرط المصنف
( 71 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 68 )
" استدل الشافعي وأحمد وغيرهما على أن الأعمال تدخل في الإيمان بهذه { وما أمروا إلا ليعبدوا الله } – إلى قوله – { دين القيمة } قال الشافعي : ليس عليهم أحج من هذه الآية أخرجه الخلال في كتاب السنة .
( 72 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 69 )
قول البخاري رحمه الله " باب دعاؤكم إيمانكم "
هو من قول ابن عباس في قوله تعالى { قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاءكم }
قال يقول : لولا إيمانكم
ووجه الدلالة للبخاري رحمه الله أن الدعاء عمل وقد أطلقه على الإيمان فيصح إطلاق أن الإيمان عمل
ويوؤيده حديث النعمان بن بشير : " إن الدعاء هو العبادة "
أخرجه أصحاب السنن بسند جيد "
( 73 )
قال ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج1 / ص 69 )
" عكرمة بن خالد ابن سعيد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي وهو ثقة متفق عليه وفي طبقته عكرمة بن خالد بن سلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي وهو ضعيف ولم يخرج له البخاري نبهت عليه لشدة التباسه ويفترقان بشيووخهما ولم يرو الضعيف عن ابن عمر ..
( 75 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 71 )
" وقع عند البخاري تقديم الحج على الصوم وبنى البخاري ترتيبه لكن وقع في مسلم من رواية سعد بن عبيدة عن ابن عمر بتقديم الصوم على الحج
قال فقال رجل : والحج وصيام رمضان فقال ابن عمر : لا صيام رمضان والحج هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . انتهى ففي هذا إشعار بأن رواية التي عند البخاري مروية بالمعنى
( 76 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 72 )
أول حديث وقع ذكره في صحيح البخاري لأبي هريرة رضي الله عنه " الإيمان بضع وستون شعبة ..."
ومجموع ما أخرجه له البخاري من المتون المستقلة أربعمائة حديث وستة وأربعون حديثا على التحرير
( 77 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 72 )
وقد اختلف في اسم ابو هريرة اختلافا كثيرا قال ابن عبد البر : لم يختلف في اسم في الجاهلية والإسلام مثل ما اختلف في اسمه اختلف فيه على عشرين قولاً قلت : وسرد ابن الجوزي في " التلقيح " منها ثمانية عشر
وقال النووي : تبلغ أكثر من ثلاثين قولا
قال ابن حجر : وقد جمعتها في ترجمته في " تهذيب التهذيب " فلم تبلغ ذلك
ولكن كلام الشيخ محمول على الاختلاف في اسمه وفي اسم أبيه معا ً .
( 78 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 72 )
بضع : وهو عدد مبهم مقيد بما بين الثلاث إلى التسع كما جزم به القزاز وقال ابن سيده : إلى العشر وقيل : من واحد إلى تسعة وقيل من اثنين الى عشرة وقيل من اربعة إلى تسعة وعن الخليل : البضع السبع ويرجح ما قاله القزاز ما اتفق عليه المفسرون في قوله تعالى { فلبث في السجن بضع سنين }
( 79 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 72 )
وأخرج ابو عوانة من طريق بشر بن عمرو بن سليمان بن بلال فقال : بضع وستون أو بضع وسبعون كذا وقع التردد في رواية [ مسلم ] من طريق سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار
ورواه أصحاب السنن الثلاثة من طريقه فقالوا : بضع وسبعون من غير شك
ولأبي عوانة في صحيحه من طريق ست وسبعون أو سبع وسبعون
ورجح البيهقي رواية البخاري لأن سليمان لم يشك وفيه نظر
واما رواية الترمذي بلفظ أربع وستون فمعلولة
وترجيح رواية بضع وسبعون لكونها زيادة ثقة – كما ذكره الحليمي ثم عياض
وقد رجح ابن الصلاح الأقل لكونه المتيقن ) ا ه
( 80 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 73 )
" والحياء في اللغة تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به وقد يطلق على مجرد ترك الشيء بسبب والترك إنما هو من لوازمه وفي الشرع : خلق يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ولهذا جاء في الحديث " الحياء خير كله "
( 81 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 73 )
قال القاضي عياض : تكلف جماعة حصر شعب الإيمان بطريق الاجتهاد وفي الحكم بكون ذلك ه المراد صعوبة ولا يقدح عدم معرفة حصر ذلك على التفصيل في الإيمان . ا ه
( 82 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 74 )
في رواية البخاري " الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان "
وفي رواية مسلم من الزيادة : " أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق "
وفي هذا إشارة إلى أن مراتبها متفاوتة
( 83 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 75 )
"الهجرة ضربان : ظاهرة وباطنة فالباطنة ترك ما تدعو إليه النفس المارة بالسوء والشيطان والظاهرة الفرار بالدين من الفتن
( 84 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 76 )
" هذا الحديث " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .." من أفراد البخاري عن مسلم على أن مسلما أخرج معناه من وجه آخر وزاد ابن حبان والحاكم في " المستدرك " من حديث أنس صحيحا : " والمؤمن من أمنه الناس "
( 85 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 77 )
وفي كتاب البخاري ممن يقال له يحيى بن سعيد اثنان وهما يحيى بن سعيد الأنصاري في حديث الأعمال أول الكتاب والآخر يحيى بن سعيد التيمي أبو حيان ويمتاز عن النصاري بالكنية
( 86 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 77 )
يحيى بن سعيد القرشي الأموي يروي عنه ابنه ونسبه البخاري قرشيا بالنسبة الأعمية وفي طبقته يحيى بن سعيد القطان وحديثه في هذا الكتاب أكثر من حديث الأموي وليس له ابن يروي عنه يسمى سعيدا فافترقا "
( 88 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 78 )
" لوحظ بين لفظ أفضل ولفظ خير فرق وقال الكرماني : الفضل بمعنى كثرة الثواب في مقابلة القلة والخير بمعنى النفع في مقابلة الشر فالول من الكمية والثاني من الكيفية فافترقا "
( 89 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 80 )
" ( لا يؤمن ) المراد بالنفي كمال الإيمان ونفي اسم الشيء – على معنى نفي الكمال عنه مستفيض في كلامهم كقولهم : فلان ليس بإنسان "
( 90 )
" قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 80 )
" والخير " كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها . والمحبة إرادة ما يعتقده خيرا قال النووي : المحبة الميل إلى ما يوافق المحب .."
( 91 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 81 )
" قال الكرماني : ومن الإيمان أيضا أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر ولم يذكره لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه فترك التنصيص عليه اكتفاء . والله أعلم .
-
( 92 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 81 )
" وقد أكثر البخاري رحمه الله في كتابه تخريج حديث شعيب بن أبي حمزة عن الزهري وأبي الزناد وأسم أبي حمزة دينار "
( 93 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 81 )
" " جواز الحلف على الأمر المهم توكيدا وإن لم يكن هناك مستحلف
(94 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 81 )
" في الحديث ( ... أحب إليه من والده وولده ) قدم الوالد للأكثرية لأن كل أحد له والد من غير عكس وفي رواية النسائي في حديث أنس تقديم الولد على الوالد وذلك لمزيد الشفقة
( 95 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 81 )
" حديث " فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده "
من أفراد البخاري عن مسلم "
( 96 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 82 )
" التفريق بين " حدثنا " و " أخبرنا " لا يقول به البخاري رحمه الله
( 97 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 82 )
" ورواية شعبة عن قتادة مأمون فيها من تدليس قتادة لأنه كان لا يسمع منه إلا ما سمعه
( 98 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 82 )
عند تعليقه على حديث " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين "
قال النووي : فيه تلميح إلى قضية النفس الأمارة والمطمئنة فإن من رجح جانب المطمئنة كان حبه للنبي صلى الله عليه وسلم راجحا ومن رجح جانب الأمارة كان حكمه بالعكس وفي كلام القاضي عياض لن ذلك شرط في صحة الإيمان لأنه حمل المحبة على معنى التعظيم والإجلال وتعقبه صاحب " المفهم " بأن ذلك ليس مرادا هنا لأن اعتقاد الأعظمية ليس مستلزما للمحبة إذ قد يجد الإنسان إعظام شيء مع خلوه من محبته ... وكما في الحديث فقال : الآن يا عمر . انتهى
( 99 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 83 )
إذا تأمل العبد النفع الحاصل له لتقديم محبته صلى الله عليه وسلم على غيره الذي أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان إما بالمباشرة وإما بالسبب علم أنه سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي وعلم أن نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات فاستحق لذلك ان يكون حظه من محبته أوفر من غيره
( 100 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 83 )
" قال القرطبي : " كل من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إيمانا صحيحا لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة غير أنهم متفاوتون فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى كمن كان مستغرقا في الشهوات محجوبا في الغفلات في أكثر الأوقات لكن كثير منهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اشتاق إلى رؤيته بحيث يؤثرها على اهله وولده وماله ووالده .."
( 101 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 84 )
" قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة : إنما عبر بالحلاوة لأن الله شبه الإيمان بالشجرة في قوله تعالى : { مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة } فالكلمة هي كلمة الإخلاص واشجرة أصل الإيمان وأغصانها اتباع المر واجتناب النهي وورقها ما يهتم به المؤمن من الخير وثمرها عمل الطاعات وحلاوة الثمر جني الثمرة وغاية كماله تناهي نضج الثمرة وبه تظره حلاوتها .
( 102 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 85 )
قال الشيخ محيي الدين : حديث " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ..." حديث عظيم وأصل من أصول الدين ومعنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشاق في الدين وإيثار ذلك على أعراض الدنيا ومحبة العبد لله تحصل بفعل طاعته وترك مخالفته وكذلك الرسول "
( 103 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 85 )
عند تعليقه على حديث " ثلاث من كن فيه ... ان يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما .."
وإنما قال " مما سواهما " ولم يقل : " ممن " ليعم من يعقل ومن لا يعقل
( 104 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 85 )
وفيه دليل على أنه لا بأس بهذه التثنية - سواهما – وأما قوله للذي خطب فقال ومن – يعصهما - : " بئس الخطيب أنت " فليس من هذا لأن المراد في الخطب الإيضاح وأما هنا الإيجاز في اللفظ ليحفظ .. ومن محاسن الأجوبة في الجمع ببن حديث الباب – ثلاث من كن ..- وقصة الخطيب أن تثنية الضمير للإيماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين لا كل واحدة منهما فإنها وحدها لاغية إذا لم ترتبط بالأخرى فمن المركب من المحبتين لا كل واحدة منها فإنها وحدها لاغية إذا لم ترتبط بالأخرى فمن يدعي حب الله مثلا ولا يحب رسوله لا ينفعه ذلك ويشير إليه قوله تعالى { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }
( 105 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 86 )
" في قوله تعالى { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم }
فأعاد " أطيعوا " في الرسول لم يعد في " أولي الأمر " لأنهم لا استقلال لهم في الطاعة كاستقلال الرسول
( 106 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 87 )
" الأنصار " هو جمع ناصر كأصحاب أو جمع نصير كأشراف وشريف واللام للعهد أي أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد " الأوس والخزرج " وكانوا قبل ذلك يعرفون بابني " قيلة " وهي الأم التي تجمع القبيلتين فسماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " الأنصار " فصار بذلك علما عليهم وأطلق على أولادهم وحلفائهم ومواليهم وخصوا بهذه المنقبة العظمى لما فازوا به دون غيرهم ..
( 107 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 89 )
" إن اجتناب المناهي من الإيمان كامتثال الأوامر
( 108 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 89 )
العصابة بكسر العين الجامعة من العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها وقد جمعت على عصائب وعصب "
( 109 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 89 )
خص القتل بالأولاد { ولا تقتلوا أولادكم }
قال محمد بن إسماعيل التيمي وغيره : خص القتل بالأولاد لأنه قتل وقطيعة رحم فالعناية بالنهي آكد ولأنه كان شائعا فيهم وهو وأد البنات وقتل البنين خشية الإملاق أو خصهم بالذكر لأنهم بصدد أن لا يدفعوا عن أنفسهم .
( 110 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 90 )
والحكمة في التنصيص على كثير من المنهيات دون المأمورات ان الكف أيسر من غنشاء الفعل لأن اجتناب المفاسد مقدم على اجتلاب المصالح والتخلي عن الرذائل قبل التحلي بالفضائل "
( 111 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 91 )
" قال القاضي عياض : ذهب أكثر العلماء أن الحدوود كفارات واستدلوا –ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له – ومنهم ومن وقف لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا " لكن حديث عبادة أصح إسنادا ويمكن – يعني على طريق الجمع بينهما – أن يكون حديث أبي هريرة ورد أولا قبل أن يعلمه الله ثم أعلمه بعد ذلك "
( 112 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 92 )
قال اسحاق بن راهويه : إذا صح الإسناد إلى عمرو بن شعيب فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر . ا ه
( 113 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 93 )
وقد أطلت في هذا الموضع – كون الحدود كفارة والتعارض بين الروايات – لأنني لم أر من أزال اللبس فيه على الوجه المرضي والله الهادي .
وللطبراني عن ابن عمرو مرفوعا " ما عوقب رجل عن ذنب إلا جعله الله كفارة لما أصاب من ذلك الذنب "
( 114 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 94 )
وقد بينت الأحاديث الكثيرة أن المصائب تكفر الذنوب فيحتمل أن يراد أنها تكفر ما لا حد فيه والله أعلم
( 115 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 94 )
" إن اقامة الحد كفارة للذنب لو لم يتب المحدود وهو قول الجمهور وثيل لا بد من التوبة وبذلك جزم بعض التابعين وهو قول المعتزلة ووافقهم ابن حزم ومن المفسرين البغوي وطائفة يسيرة واستدلوا باستثناء من تاب في قوله تعالى { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } والجواب في ذلك أنه في عقوبة الدنيا ولذلك قيدت بالقدرة عليه .
( 116 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 94 )
" قال الطيبي : فيه إشارة إلى الكف عن الشهادة بالنار على أحد او بالجنة لأحد إلا من ورد النص فيه بعينه . قلت : أما الشق الاول فواضح واما الثاني فالاشارة اليه انما تستفاد من الحمل على غير ظاهر الحديث وهو متعين .
( 117 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1/ ص 95 )
" عبادة رضي الله ولي قضاء فلسطين في زمن عمر رضي الله عنهما
( 118 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 97 )
" قال إمام الحرمين : أجمع العلماء على وجوب معرفة الله تعالى واختلفوا في أول واجب فقيل : المعرفة وقيل : النظر وقال المقترح : لا اختلاف في أن أول واجب خطابا ومقصودا المعرفة وأول اشتغالا وأداء القصد إلى النظر .
( 119 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 97 )
نقل القدوة أبو محمد بن أبي حمزة عن أبي الوليد الباجي عن أبي جعفر السمناني – وهو من كبار الأشاعرة – أنه سمعه يقول : إن هذه المسألة – أول واجب على العبيد – إن هذه المسألة من مسائل المعتزلة بقيت في المذهب . والله المستعان .
( 120 )
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 97 )
قال النووي : في الآية دليل على المذهب الصحيح أن أفعال القلوب يؤخذ بها إن استقرت وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل " فمحمول على ما إذا لم تستقر . قلت : ويمكن أن يستدل لذلك من عموم قوله : " أو تعمل " لأن الاعتقاد هو عمل القلب .."
( 121 )
( ج1 / ص 97 )
قال الشيخ الإمام ابن باز في حاشية تعليقه على قول ابن حجر – واختلفوا في أول واجب –
قال رحمه الله : الصواب ما ذكره المحققون من أهل العلم أن أول واجب هو شهادة أن لا إله إلا الله علما وعملا وهي أول شيء دعا إليه الرسل وسيدهم وإمامهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أول شيء دعا إليه أن لقومه : قولوا لا إله إلا الله تعلموا . ولما بعث معاذا إلى اليمن قال له : قال له : فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله . ولأن التوحيد شرط لصحة جميع العبادات كما يدل عليه قوله تعالى : { ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون }
( 122 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 98 )
" إن الأعمال الصالحة ترقي صاحبها إلى المراتب السنية من رفع الدرجات ومحو الخطيات "
( 123 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 98 )
" الأولى في العبادة القصد والملازمة لا المبالغة المفضية إلى الترك كما جاء في الحديث الآخر " المنبت – أي المجد في السير – لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى "
( 125 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 98 )
" جواز تحدث المرء بما فيه من فضل بحسب الحاجة لذلك عند الأمن من المباهاة والتعاظم
( 126 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 100 )
" ما ثبت من أمور الآخرة بالشرع لا دخل للعقل فيه
( 127 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 101 )
" " الثدي " جمع ثدي وهو مذكر عند معظم أهل اللغة وحكي أنه مؤنث والمشهور أنه يطلق في الرجل والمرأة وقيل يختص بالمرأة ..
( 128 )
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج1 / ص 102 )
" قال ابن قتيبة : ان الحياء يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي كما يمنع الايمان فسمي ايمانا كما يسمى الشيء باسم ما قام مقامه
( 129 )
" فتح الباري " ( ج1/ ص 102 )
قال الراغب : الحياء انقباض النفس عن القبيح وهو من خصائص الانسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي فلا يكون كالبهيمة وهو مركب من جبن وعفة فلذلك لا يكون المستحي فاسقا وقلما يكون اشجاع مستحيا وقد يكون لمطلق الانقباض كما في بعض الصبيان انتهى ملخصا
وقال الحليمي : حقيقة الحياء خوف الذم بنسبة الشر إليه
وحكي عن بعض السلف : رأيت المعاصي مذلة فتركتها مروءة فصارت ديانة .
وقال بعض السلف : خف الله على قدر قدرته عليك واستحي منه على قدر قربه منك . والله اعلم
( 130 )
( ج1 / ص 104 )
" السنة قد تخفى على بعض أكابر الصحابة ويطلع عليها آحادهم ولهذا لا يلتفت إلى الآراء ولو قويت مع وجود سنة تخالفها ولا يقال كيف خفي ذا على فلان ؟ والله الموفق
( 131 )
( ج1 / ص 105 )
" قبول الأعمال الظاهرة والحكم بما يقتضيه الظاهر والاكتفاء في قبول الإيمان بالاعتقاد الجازم خلافا لمن أوجب تعلم الأدلة .. وترك تكفير أهل البدع المقرين بالتوحيد الملتزمين للشرائع وقبول توبة الكافر من كفره من غير تفصيل بين كفر ظاهر أو باطن .
( 132 )
( ج1 / ص 106 )
فإن قيل كيف الجمع بين الاية { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } و حديث : " لن يدخل أحدكم الجنة بعمله " ؟ فالجواب :
" ان المنفي في الحديث دخولها بالعمل المجرد عن القبول والمثبت في الآية دخولها بالعمل المتقبل والقبول إنما يحصل برحمة الله فلم يحصل الدخول إلا برحمة الله وقيل في الجواب غير ذلك .
( 133 )
( ج1 / ص 109 )
الرهط : عدد من الرجال من ثلاثة إلى عشرة قال القزاز : وربما جاوزوا ذلك قليلا ولا واحد له من لفظه ورهط الرجل بنو أبيه الأدنى وقيل : قبيلته ..
( 134 )
( ج1 / ص 113 )
" وبذل السلام يتضمن مكارم الأخلاق والتواضع وعدم الاحتقار ويحصل به التآلف والتحابب
والإنفاق من الإقتار يتضمن غاية الكرم لأنه إذا أنفق من الاحتياج كان مع التوسع أكثر إنفاقا والنفقة أعم من أن تكون على العيال واجبة ومندوبة أو على الضيف والزائر وكونه من الاقتار يستلزم الوثوق بالله والزهد في الدنيا وقصر الأمل وغير ذلك من مهمات الآخرة
( 135 )
( ج1 / ص 113 )
قال ابو الزناد بن سراج وغيره : إنما كان من جمع الثلاث في الحديث قوله – ثلاث من كن فيه – مستكملا للإيمان لأن مداره عليها لأن العبد إذا اتصف بالإنصاف لم يترك لمولاه حقا واجبا عليه إلا أداه ولم يترك شيئا مما نهاه عنه إلا اجتنبه وهذا يجمع أركان الإيمان وبذل السلام يتضمن مكارم الأخلاق والتواضع وعدم الاحتقار ...
( 136 )
( ج1 / ص 113-114 )
" قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه لباب ( كفران العشير وكفر دون كفر )
مراد المصنف ان يبين أن الطاعات كما تسمى إيمانا كذلك المعاصي تسمى كفرا لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد الكفر المخرج من الملة .
( 137 )
( ج1 / ص 114 )
" خص كفران العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة وهي قوله صلى الله عليه وسلم : " لو أمرت أحدا ان يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " فقرن حق الزوج على الزوجة بحق الله فإذا كفرت المرأة حق زوجها – وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية كان ذلك دليلا على تهاونها بحق الله فلذلك يطلق عليها الكفر لكنه كفر لا يخرج من الملة
( 138 )
( ج1 / ص 114 )
" البخاري يذهب إلى جواز تقطيع الحديث إذا كان يفصله منه لا يتعلق بما قبله ولا بما بعده تعلقا يفضي إلى فساد المعنى فصنيعه كذلك يوهم من لا يحفظ الحديث أن المختصر غير التام لا سيما إذا كان ابتداء المختصر من اثناء التام كما وقع في حديث فإن أوله هنا قوله صلى الله عليه وسلم : " أريت النار " إلى آخر ما ذكر منه وأول التام عن ابن عباس قال : خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر قصة صلاة الخسوف ثم خطبة النبي صلى الله عليه وسلم فمن اراد عد الاحاديث التي اشتمل عليها الكتاب يظن أن هذا الحديث حديثان أو أكثر لاختلاف الابتداء وقد وقع في ذلك من حكى أن عدته بغير تكرار أربعة آلاف أو نحوها كابن الصلاح والشيخ محيي الدين ومن بعدهما وليس الامر كذلك بل عدته على التحرير الفا حديث وخمسمائة وثلاثة عشر حديثا
( 140 )
( ج1 / ص 114 )
" البخاري رحمه الله لا يعيد الحديث إلا لفائدة لكن تارة تكون في المتن وتارة في الإسناد وتارة فيهما
( 141 )
( ج1 / ص 116 )
" كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم فهي من اخلاق الجاهلية والشرك أكبر المعاصي ولهذا استثناه وقد يطلق على المعاصي ب " الكفر " مجازا على إرادة كفر النعمة لا كفر الجحود أراد أن يبين أنه كفر لا يخرج عن الملة خلافا للخوارج الذين يكفرون بالذنوب
( 142 )
( ج1 / ص 116 )
" الأحنف بن قيس مخضرم وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم لكن قبل إسلامه وكان رئيس بني تميم في الإسلام وبه يضرب المثل في الحلم .. وكان الأحنف أراد أن يخرج بقومه إلى علي بن أبي طالب ليقاتل معه يوم الجمل فنهاه أبو بكرة فرجع وحمل ابو بكرة الحديث على عمومه في كل مسلمين التقيا بسيفهما حسما للمادة
( 144 )
( ج1 / ص 117 )
" نقل بعض أهل اللغة أن الحلة لا تكون إلا ثوبين جديدين يحلهما من طيهما فأقاد أصل تسمية الحلة
( 145 )
( ج1 / ص 117 )
" غلام أبي ذر المذكور لم يسم ويحتمل أن يكون أبا مراوح مولى أبي ذر وحديثه في الصحيحين وذكر مسلم في الكنى " أن اسمه " سعد " .
-
( 146 )
( ج1 / ص 118 )
" الأعجمي من لا يفصح باللسان العربي سواء كان عربيا أو عجميا
( 147 )
( ج1 / ص 119 )
" { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم }
وجه الدلالة منه أن الصحابة فهموا من قوله { بظلم } عموم أنواع المعاصي ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إنما بين لهم أن المراد أعظم أنواع الظلم وهو الشرك فدل على ان للظلم مراتب متفاوتة
( 148 )
( ج1 / ص 119 )
" أن المعاصي غير الشرك لا ينسب صاحبها إلى الكفر المخرج عن الملة
قال الخطابي : كان الشرك عند الصحابة أكبر من أن يلقب بالظلم فحملوا الظلم في الآية على ما عداه – يعني من المعاصي – فسألوا عن ذلك فنزلت هذه الآية
كذا قال وفيه نظر والذي يظهر لي أنهم حملوا الظلم على عمومه الشرك فما دونه وهو الذي يقتضيه صنيع المؤلف وإنما حملوه على العموم لأن قوله { بظلم } نكره في سياق النفي لكن عمومها هنا بحسب الظاهر "
( 149 )
( ج1/ ص 119 )
قال المحققون : إن دخل على النكرة في سياق النفي ما يؤكد العموم ويقويه نحو ( من ) في قوله ما جاءني من رجل أفاد تنصيص العموم وإلا فالعموم مستفاد بحسب الظاهر
( 150 )
( ج1 / ص 121 )
في باب " علامة المنافق " آية المنافق ثلاث ..الحديث
وفي حديث " أربع من كن فيه ....."
أجاب القرطبي باحتمال استجد له صلى الله عليه وسلم من العلم بخصالهم ما لم يكن عنده وأقول : ليس بين الحديثين تعارض لأنه لا يلزم من عد الخصلة المذمومة الدالة على كمال النفاق كنها علامة على النفاق لاحتمال ان تكون العلامات دالات على أصل النفاق والخصلة الزائدة إذا أضيفت إلى ذلك كمل بها إلى خلوص النفاق
على أن في رواية مسلم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ما يدل على إرادة عدم الحصر فإن لفظه : " من علامة المنافق ثلاث "
ويكون قد أخبر ببعض العلامات في وقت وببعضها في وقت آخر
وقال القرطبي والنووي : حصل من مجموع الروايتين خمس خصال لانهما تواردتا على الكذب في الحديث والخيانة في الأمانة
.. ووجه الاقتصار على هذه العلامات الثلاث أنها منبهة على ما عداها إذ أصل الديانة منحصر في ثلاث : القول والفعل والنية فنبه على فساد القول بالكذب وعلى فساد الفعل بالخيانة وعلى فساد النية بالخلف ..
( 151 )
( ج1/ ص 122 )
" خلف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزم عليه مقارنا للوعد أما لو كان عازما ثم عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم توجد منه صورة النفاق قاله الغزالي في " الإحياء " وفي الطبراني في حديث طويل ما يشهد له ففيه من حديث سلمان : " إذا وعد وهو يحدث نفسه أنه يخلف " وكذا في باقي الخصال وإسناده لا بأس به ليس فيه من أجمع على تركه وهو عند أبي داود والترمذي من حديث زيد بن أرقم مختصرا بلفظ : " إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف فلا إثم عليه "
( 152 )
( ج1 / ص 122 )
" قال صاحب المحكم : يقال وعدته خيرا ووعدته شرا فإذا أسقطووا الفعل قالوا في الخير : وعدته وفي الشر : أوعدته
وحكى ابن الأعرابي في " نوادره " أوعدته خيرا بالهمزة فالمراد بالوعد في الحديث الود بالخير واما الشر فيستحب إخلافه
( 153 )
( ج1 / ص 122 )
" أربع من كن فيه كان منافقا خالصاً ....."
قال النووي رحمه الله هذا الحديث : عده جماعة من العلماء مشكلا من حيث أن هذه الخصال قد توجد في المسلم المجمع على عدم الحكم بكفره قال : وليس فيه إشكال بل معناه صحيح
والذي قاله المحققون : ان معناه ان هذه خصال نفاق وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق باخلاقهم
قلت : ومحصل هذا الجواب الحمل في التسمية على المجاز أي صاحب هذه الخصال كالمنافق
وقد قيل إن المراد هو نفاق العمل وارتضاه القرطبي
وقيل : المراد بإطلاق النفاق الانذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال وهذا الذي ارتضاه الخطابي
وذكر ايضا أنه يحتمل ان المتصف بذلك هو من اعتاد ذلك وصار له ديدنا .
( 154 )
( ج1 / ص 125)
" حرمي بن حفص : هو اسم بلفظ النسبة وهو بصري يكنى أبا علي
( 155 )
( ج 1 / ص 125 )
عبد الواحد هو ابن زياد البصري العبدي ويقال له الثقفي وهو [ ثقة متقن ]
قال ابن القطان لم يعتل عليه بقادح
وفي طبقته
عبد الواحد بن زيد بصري أيضا لكنه [ ضعيف ] ولم يخرج عنه في الصحيحين شيء
( 156 )
( ج1 / ص 126 )
" دين الإسلام ذو يسر او سمي الدين يسرا مبالغة بالنسبة الى الاديان قبله لان الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم ومن أوضح الأمثلة له أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم
( 157 )
( ج1 / ص 117 )
قال البخاري رحمه الله :
باب الدين يسر وقول النبي صلى الله عليه وسلم " أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة "
· قال ابن حجر :
· المراد بالأديان الشرائع الماضية قبل أن تبدل وتنسخ
· والحنيفية ملة إبراهيم والحنيف في اللغة ما كان على ملة إبراهيم
· وسمي إبراهيم حنيفيا لميله عن الباطل إلى الحق لأن أصل الحنف الميل
· والسمحة السهلة أي أنها مبنية على السهولة
· هذا الحديث المعلق لم يسنده المؤلف في هذا الكتاب لأنه ليس على شرطه
· وصله في كتاب " الأدب المفرد "
· ووصله أيضا أحمد بن حنبل وغيره من طريق محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس و " إسناده حسن "
· واستعمله المؤلف في الترجمة لكونه متقاصرا عن شرطه وقواه بما دل على معناه لتناسب السهولة واليسر .
( 158 )
( ج1 / ص 127 )
حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا الدين يسر ..الحديث
من أفراد البخاري عن مسلم وصححه وغن كان من روياة مدلس بالعنعنة وهو عمر بن علي المقدمي بصري ثقة لكنه مدلس وشديد التدليس وصفه ابن سعد ولتصريحه فيه بالسماع من طريق أخرى
( 160 )
( ج1 / ص 127 )
في الحديث ( ... ولن يشاد الدين أحد ...)
· حكى صاحب المطالع أن أكثر الروايات برفع الدين على أن يشاد لما لم يسم فاعله
· وعارضه النووي بأن أكثر الروايات بالنصب
· قال ابن حجر : ويجمع بين كلاميهما بأنه النسبة إلى روايات المشارقة والمغاربة ويؤيد النصب لفظ حديث بريدة عند أحمد : " إنه من شاد هذا الدين يغلبه "
· والمعنى : لا يتعمق أحد في العمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب
( 161 )
( ج1 / ص 128 )
" الغدوة بالفتح سير أول النهار وقال الجوهري : ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس
والروحة بالفتح السير بعد الزوال
والدلجة بضم اوله وفتحه سير آخر الليل وقيل سير الليل كله
( 162 )
( ج1 / ص 129 )
" أن العلماء اختلفوا في الجهة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوجه إليها للصلاة وهو بمكة فقال ابن عباس وغيره : كان يصلي إلى بيت المقدس لكنه لا يستدبر الكعبة بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس وأطلق آخرون أنه كان كان يصلي إلى بيت المقدس وقال آخرون كان يصلي إلى الكعبة فلما تحول إلى المدينة استقبل بيت المقدس وهذا ضعيف ويلزم منه دعوى النسخ مرتين والول أصح لأنه يجمع بين القولين وقد صححه الحاكم وغيره من حديث ابن عباس
( 163 )
( ج1 / ص 129 )
ليس في شيوخ البخاري من اسمه عمر بن خالد ولا في جميع رجاله بل ولا في أحد من رجال الكتب الستة
( ج1 / ص 130)
في الحديث في البخاري ( وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ..." ")
ورواه ابو عوانة في صحيحه عن عمار بن رجاء وغيره عن أبي نعيم فقال : " ستة عشر " من غير شك وكذا لمسلم من رواية ابي الأحوص وللنسائي من رواية زكريا بن أبي زائدة وكذا لأحمد بسند صحيح عن ابن عباس .
والجمع بين الروايتين سهل بأن يكون من جزم بستة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا والغى الزائد ومن جزم بسبعة عشر عدها معا ومن شك تردد في ذلك "
وشذت اقوال اخرى ففي ابن ماجه من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي اسحاق " ثمانية عشر شهرا " وابو بكر سيء الحفظ وقد اضطرب فيه
ومن الشذوذ ايضا رواية ثلاثة عشر شهرا ورواية تسعة عشر شهرا أو عشرة أشهر ورواية شهرين ورواية سنتين ....والاعتماد على القول الأول ) ا ه
( 165 )
( ج1 / ص 131 )
أول صلاة صلاها متوجها إلى الكعبة صلاة العصر وعند ابن سعد : حولت القبلة في صلاة الظهر أو العصر – على التردد – والتحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة لما مات بشر بن البراء بن معرور الظهر وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر وأما الصبح فهو من حديث ابن عمر بأهل قباء وهل كانت في جمادى الآخرة أو رجب أو شعبان ؟ أقوال .
( 166 )
( ج1 / ص 131 )
الرجل الذي خرج فمر على على أهل المسجد في تحويل القبلة هو عباد بن بشر بن قيظي كما رواه ابن منده وقيل هو عباد بن نهيك وأهل المسجد الذي مر بهم قيل هم من بني سلمة وقيل هو عباد بن بشر الذي أخبر اهل قباء في صلاة الصبح
( 167 )
( ج1 / ص 131 )
واختلف في صلاته إلى بيت المقدس وهو بمكة فروى ابن ماجه من طريق أبي بكر بن عياش " صلينا مع رسول الله صلى الله عليه ووسلم نحوو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخول المدينة بشهرين " وظاهره أنه كان يصلي بمكة إلى بيت المقدس محضا وحكى الزهري خلافا في أنه هل كان يجعل الكعبة خلف ظهره أو يجعلها بينه وبين بيت المقدس ؟
( 168 )
( ج1 / ص 132 )
والذين ماتوا بعد فرض الصلاة وقبل تحويل القبلة من المسلمين عشرة أنفس فبمكة من قريش : عبد الله بن شهاب والمطلب بن ازهر الزهريان والسكران بن عمرو العامري وبارض الحبشة منهم : حطاب ابن الحارث الجمحي وعمرو بن امية الاسدي وعبدالله بن الحارث السهمي وعروة بن عبد العزى وعدي بن نضلة العدويان ومن الانصار بالمدينة البراء بن معرور واسعد بن زرارة فهؤلاء العشرة متفق عليهم .
( 169 )
( ج1 / ص 132 )
ومن مات في المدة ايضا اياس بن معاذ الأشهلي لكنه مختلف في إسلامه ولم اجد في شي من الأخبار أن أحدا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة لكنه لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع
( 170 )
( ج1 / ص 134 )
قال المازري : الكافر لا يصح منه التقرب فلا يثاب على العمل الصالح الصادر منه في شركه لأن من شرط المتقرب ان يكون عارفا لمن يتقرب إليه والكافر ليس كذلك وتابعه القاضي عياض على هذا واستضعف ذلك النووي فقال : الصواب الذي عليه المحققون – بل نقل بعضهم الإجماع – ان الكافر إذا فعل افعالا جميلة كالصدقة وصلة الرحم ثم اسلم ومات على الإسلام ان ثواب ذلك يكتب له وأما دعوى أنه مخالف للقواعد فغير مسلم لأنه قد يعتد ببعض افعال الكافر في الدنيا ككفارة الظهار فإنه لا يلزمه إعادتها إذا أسلم وتجزئه . انتهى .
-
( 171 )
( ج1 / ص 134 )
" قال ابن بطال : لله أن يتفضل على عباده بما شاء ولا اعتراض لأحد عليه واستدل غيره بأن من آمن من أهل الكتاب يؤتى أجره مرتين كما دل عليه القرآن والحديث الصحيح وهو لو مات على إيمانه الأول لم ينفعه شيء من عمله الصالح بل يكون هباء منثورا فدل على أن ثواب عمله الأول يكتب له مضافا إلى عمله الثاني وبقوله صلى الله عليه وسلم لما سألته عائشة عن ابن جدعان : وما كان يصنعه من الخير هل ينفعه ؟ فقال : " إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين فدل على أنه لو قالها بعد أن أسلم نفعه ما عمله في الكفر .
( 172 )
( ج1 / ص 134 )
حكى الماوردي أن بعض العلماء أخذ بظاهر هذه الغاية فزعم أن التضعيف لا يتجاوز سبعمائة في الحديث " ... الحسنة بعشر أمثالها إلى سعمائة ضعف والسيئة بمثلها ..."
ورد عليه بقوله تعالى { والله يضاعف لمن يشاء }
والآية محتملة الأمرين يحتمل أن يكون المراد أنه يضاعف تلك المضاعفة بأن يجعلها سعمائة ويحتمل أنه يضاعف السعمائة بأن يزيد عليها والمصرح بالرد عليه حديث ابن عباس المخرج عند المصنف في الرقاق ولفظه : " كتب الله له عشر حسنات إلى سعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة "
( 173 )
( ج1 / ص 135 )
حديث " إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له له بعشر أمثالها إلى سعبمائة ضعف وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها "
هذا الحديث من نسخة همام بن منبه المروية بإسناد واحد عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن ابي هريرة
وقد اختلف العلماء في إفراد حديث من نسخة هل يساق بإسنادها ولو لم يكن مبتدأ به أو لا ؟ فالجمهور على الجواز ومنهم البخاري وقيل يمتنع وقيل يبدأ أبدا بأول حديث ويذكر بعده ما أراد
وتوسط مسلم فأتى بلفظ يشعر بأن المفرد من جملة النسخة فيقول في مثل هذا إذا انتهى الاسناد "
( 175 )
( ج1 / ص 137 )
قال الجوهري : ( مه ) هي كلمة مبنية على السكون وهي اسم سمي به الفعل والمعنى أكفف يقال مهمهته إذا زجرته
قال الداودي : أصل هذه الكلمة ( ما هذا ) كالإنكار فطرحوا بعض اللفظة
( 176 )
( ج1 / ص 137 )
الملال استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته وهو محال على تعالى باتفاق
قال الإسماعيلي وجماعة من المحققين : إنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازا
( 177 )
( ج1 / ص 137-138 )
حديث عائشة بلفظ : " اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل " لكن في سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف
( 178 )
( ج1 / ص 138 )
قال القاضي أبو بكر بن العربي : معنى المحبة من الله تعلق الإرادة بالثواب أي أكثر الأعمال ثوابا أدومها
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في حاشية تعليقه عليه : هذا من التأويل الباطل والحق الذي عليه أهل السنة أن معنى المحبة غير معنى الإرادة والله سبحانه وتعالى موصوف بها على الوجه الذي يليق بجلاله ومحبته لا تشابه محبة خلقه كما أن إرادته لا تشابه إرادة خلقه وهكذا ساءر صفاته كما قال تعالى { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }
( 179 )
( ج1 / ص 138 )
قال النووي : بداوم القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة .
( 180 )
( ج1 / ص 138 )
قال ابن الجوزي : إنما أحب الدائم لمعنيين : أحدهما أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصل فهو متعرض للذم ولهذا ورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم نسيها وإن كان قبل حفظها لا يتعين عليه .
ثانيها : أن مداوم الخير ملازم للخدمة وليس من لازم الباب في كل وقتا ما كمن لازم يوما كاملا ثم انقطع وزاد المصنف ومسلم من طريق أبي سلمة عن عائشة : " وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل "
( 181 )
( ج1 / ص 139 )
قال ابن بطال : التفاوت في التصديق على قدر العلم والجهل فمن قل عمله كان تصديقه مثلا بمقدار ذرة والذي فوقه في العلم تصديقه بمقدار برة أو شعيرة إلا أن أصل التصديق الحاصل في قلب كل أحد منهم لا يجوز عليه النقصان ويجوز عليه الزيادة بزيادة العلم والمعاينة . انتهى
( 182 )
( ج1 / ص 142 )
رجال إسناد هذا الحديث " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات في اليوم والليلة فقال : هل علي غيرها ؟ .... " كلهم مدنيون ومالك والد أبي سهيل هو ابن أبي عامر الأصبحي حليف طلحة بن عبيد الله وإسماعيل هو ابن أبي أويس ابن أخت مالك فهو من رواية إسماعيل عن خاله عن عمه عن أبيه عن حليفه فهو مسلسل بالأقارب كما هو مسلسل بالبلد . انتهى
( 183 )
( ج1 / ص 143 )
( دوي )
قال القاضي عياض : جاء عندنا في البخاري بضم الدال قال : والصواب الفتح .
قال الخطابي : الدووي صوت مرتفع متكرر لا يفهم وإنما كان كذلك لأنه نادى من بعيد
( 184 )
( ج1 / ص 143 )
" الرجل القادم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس جزم ابن بطال وآخرون بأنه ضمام بن ثعلبة وافد بني سعد بن بكر .
( 185 )
( ج1 / ص 144 )
" وفي البخاري أنه أمر جويرية بنت الحارث ان تفطر يوم الجمعة بعد أن شرعت فيه فدل على أن الشروع في العبادة لا يستلزم الإتمام – إذا كانت نافلة – بهذا النص في الصوم وبالقياس في الباقي
فإن قيل يرد الحج قلنا لأنه امتاز عن غيره بلزوم المضي في فاسده فكيف في صحيحه وكذلك امتاز بلزوم الكفارة في نفله كفرضه . والله أعلم
( 186 )
( ج1 / ص 144 )
قوله ( أفلح إن صدق ) عند البخاري
وقع عند مسلم من رواية إسماعيل بن جعفر : ( أفلح وأبيه إن صدق ) أو ( دخل الجنة وأبيه إن صدق )
ولأبي داود مثله لكن بحذف " أو "
فإن قيل : ما الجامع بين هذا وبين النهي عن الحلف بالآباء ؟ أجيب بأن ذلك كان قبل النهي أو بأنها كلمة جارية على اللسان لا يقصد بها الحلف كما جرى على لسانهم عقرى حلقى وما أشبه ذلك أو فيه إضمار اسم الرب كأنه قال : ورب أبيه وقيل : هو خاص ويحتاج إلى دليل
وحكى السهيلي عن بعض مشايخه انه قال : هو " تصحيف " وإنما كان والله فقصرت اللامان .
واستنكر القرطبي هذا
وغفل القرافي فادعى ان الرواية بلفظ " وأبيه " لم تصح لأنها ليست في الموطأ وكأنه لم يرتض الجواب فعدل إلى رد الخبر وهو صحيح لا مرية فيه وأقوى الأجوبة الاولان .
( 188 )
( ج1 / ص 144 )
( أفلح إن صدق )
قال ابن بطال : دل قوله على أنه إن لم يصدق فيما التزم لا يفلح وهذا بخلاف المرجئة
( 189 )
( ج1 / ص 145 )
" ابن سيرين فسماعه عن أبي هريرة صحيح وأما الحسن فمختلف في سماعه منه والأكثر على نفيه وتوهيم من أثبته وهو مع ذلك كثير الإرسال فلا تحمل عنعنته على السماع "
( 190 )
( ج1 / ص 146 )
" وقد اثبتت هذه الرواية أن القيراطين إنما يحصلان بمجموع الصلاة والدفن وأن الصلاة دون الدفن يحصل بها قيراط واحد وهذا هو المعتمد خلافا لمن تمسك بظاهر بعض الروايات فزعم أنه يحصل بالمجموع ثلاثة قراريط "
( 191 )
( ج1 / ص 147 )
" والمرجئة بضم الميم وكسر الجيم بعدها ياء مهموزة ويجوز تشديدها بلا همز نسبوا إلى الإرجاء وهو التأخير لأنهم أخروا الأعمال عن الإيمان فقالوا : : الإيمان هو التصديق بالقلب فقط ولم يشترط جمهورهم النطق وجعلوا للعصاة اسم الإيمان على الكمال وقالوا : لا يضر مع الإيمان ذنب أصلا ومقالاتهم مشهورة في كتب الأصول "
( 192 )
( ج1 / ص 148 )
قاعدة ذكرها لنا شيخنا أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله وهي : ان البخاري لا يخص صيغة التمريض بضعف الإسناد بل إذا ذكر المتن بالمعنى أو اختصره أتى بها أيضا لما علم من الخلاف في ذلك
( 193 )
( ج1 / ص 149 )
" من اصر على نفاق المعصية خشي عليه أن يفضي به إلى نفاق الكفر وكأن البخاري لمح بحديث عبد الله بن عمرو المخرج عند أحمد مرفوعا قال : " ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون " أي يعلمون أن من تاب تاب الله عليه ثم لا يستغفرون قاله مجاهد وغيره .
وللترمذي عن أبي بكر الصديق مرفوعا : " ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة "
إسناد كل منهما " حسن "
( 194 )
( ج1 / ص 150 )
" ( سباب ) وهو مصدر يقال سب يسب سبا وسبابا وقال ابراهيم الحربي : السباب أشد من السب وهو أن الرجل ما فيه وما ليس فيه يريد بذلك عيبه وقال غيره : السباب هنا مثل القتال قيقتضي المفاعلة
( 195 )
( ج1 / ص 150 )
( فسوق ) الفسق في اللغة الخروج وفي الشرع : الخروج عن طاعة الله ورسوله وهو في عرف الشرع أشد من العصيان
( 196 )
( ج1 / ص 151 )
دلت الأدلة على ان بعض الأعمال يطلق عليها الكفر تغليظا ومثاله " سباب المسلم فسوق ووقتاله كفر " ا ه
( 197 )
( ج1 / ص 151 )
" في الحديث " ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يخبر بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين ...الحديث "
والرجلان افاد ابن دحية أنهما " عبد الله بن أبي حدرد و كعب بن مالك "
( 198 )
( ج1 / ص 151 )
" قال القاضي عياض : ان المخاصمة مذمومة وانها سبب في العقوبة المعنوية أي الحرمان وفيه أن المكان الذي يحضره الشيطان ترفع منه البركة والخير
( 199 )
( ج1 / ص 153 )
" حكى الإسماعيلي عن اهل السنة والجماعة قالوا : إنهما أي ( الإسلام و الإيمان ) تختلف دلالتهما بالاقتران فإن افرد أحدهما دخل الآخر فيه "
قال الخطابي : صنف في المسألة – تغاير الإسلام والإيمان – إمامان كبيران وأكثرا من الأدلة للقولين وتباينا في ذلك والحق أن بينهما عموما وخصوصا فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً . انتهى ملخصا .
( 200 )
" ( ج1 / ص 155 )
" استنبط القرطبي من حديث كان رسول الله يجلس بين اصحابه فيحيء الغريب فلا يدري أيهم هو فطلبنا إليه أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه قال : " فبنينا له دكانا من طين يجلس عليه " انتهى
فاستنبط القرطبي " استحباب جلوس العالم بمكان يختص به ويكون مرتفعا إذا احتاج لذلك لضرورة تعليم ونحوه " .
-
ما شاء الله .. بارك الله في علمك يا شيخنا
-
( 201 )
( ج1 / ص 155 )
" فإن قيل كيف بدأ جبريل في حديث " الإسلام والإيمان والإحسان " بالسؤال قبل السلام ؟
أجيب بأنه يحتمل ان يكون ذلك مبالغة في التعمية لأمره أو ليبين أن ذلك غير واجب أو سلم فلم ينقله الراوي قلت : وهذا الثالث هو المعتمد فقد ثبت في رواية أبي فروة قال : السلام عليك يا محمد فرد عليه السلام .ونحوه في رواية عطاء عن ابن عمر لكن قال : السلام عليك يا رسول الله .
واختلفت الروايات هل قال له يا محمد أو يا رسول الله هل سلم أو لا . فأما السلام فمن ذكره مقدم على من سكت عنه .
( 202 )
( ج1 / ص 158 )
" حدثت بدعة القدر في أواخر زمن الصحابة وقد روى مسلم القصة في ذلك من طريق كهمس عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر قال : كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني قال فانطلقت أنا وحميد الحميري فذكر اجتماعهما بعبد الله بن عمر وأنه سأله عن ذلك فأخبره بأنه بريء ممن يقول ذلك وأن الله لا يقبل ممن لم يؤمن بالقدر عملا .
( 203 )
( ج1 / ص 158 )
حكى المصنفون في المقالات عن طوائف من القدرية إنكار كون الباريء عالما بشيء منأعمال العباد قبل وقوعها منهم وإنما يعلمها بعد كونها قال القرطبي وغيره قد انقرض هذا المذهب ولا نعرف أحدا ينسب إليه من المتأخرين قال: والقدرية اليوم مطبقون على أن الله عالم بأفعال العباد قبل وقوعها وإنما خالفوا السلف في زعمهم بأن أفعال العباد مقدورة لها وواقعة منهم على جهة الاستقلال وهو مع كونه مذهبا باطلا أخف من المذهب الأول وأما المتأخرون منهم فأنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد إفرادا من تعلق القديم بالمحدث وهم مخصومون بما قال الشافعي : إن سلم القدري العلم خصم . يعني يقال له : أيجوز ان يقع في الوجود خلاف ما تضمنه العلم ؟ فإن منع وافق قول أهل السنة وإن اجاز لزمه نسبة الجهل تعالى الله عن ذلك "
( 204 )
( ج1 / ص 159 )
جواز سؤال العالم ما لا يجهله السائل ليعلمه السامع "
( 205 )
( ج1 / ص 159 )
قوله : " ما الإحسان " ؟ قال : ان تعبد الله كأنك تراه "
هذا القدر من الحديث أصل عظيم من أصول الدين وقاعدة مهمة من قواعد المسلمين وهو عمدة الصديقين وبغية السالكين وكنز العارفين ودأب الصالحين وهو من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم
( 206 )
( ج1 / ص 159-160 )
" وقد ندب أهل التحقيق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من التلبس بشيء من النقائص احتراما لهم واستحياء منهم فكيف بمن لا يزال الله مطلعا عليه في سره وعلانيته ؟ انتهى .
( 207 )
( ج1 / ص 160 )
" رؤية الله في الدنيا بالأبصار غير واقعة واما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فذاك لدليل آخر وقد صرح مسلم في روايته من حديث أبي أمامة بقوله صلى الله عليه وسلم : " واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا "
( 208 )
( ج1 / ص 161 )
قال النووي رحمه الله : أن العالم إذا سئل عما لا يعلم يصرح بأنه لا يعلمه ولا يكون في ذلك نقص من مرتبته بل يكون ذلك دليلا على مزيد ورعه .
( 209 )
( ج1 / ص 161 )
هذا السؤال والجواب وقع ايضا بين عيسى ابن مريم وجبريل لكن كان عيسى سائلا وجبريل مسؤولاً
قال الحميدي في نوادره : حدثنا سفيان حدثنا مالك بن مغول عن إسماعيل بن رجاء عن الشعبي قال : سأل عيسى ابن مريم جبريل عن الساعة قال : فانتفض بأجنحته وقال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل عنها بأعلم من السائل .
قال الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
" لا ينبغي الجزم بوقوع هذا من عيسى لأن كلام الشعبي لا تقوم به حجة وإن كان نقله عن بني إسرائيل فكذلك وإنما يذكر مثل هذا بصيغة التمريض كما هو المقرر في علم مصطلح الحديث والله أعلم .
( 210 )
"( ج1 / ص 161 )
" يستفاد من اختلاف الروايات أن التحديث والإخبار والإنباء بمعنى واحد وإنما غاير بينها أهل الحديث اصطلاحا ً .
( 211 )
( ج1 / ص 161 )
" قال القرطبي : علامات الساعة على قسمين : ما يكون من نوع المعتاد أو غيره والمعتاد كما ذكر في حديث جبريل عليه السلام وأما الغير مثل طلوع الشمس من مغربها فتلك مقاربة لها أو مطابقة .
( 212 )
( ج1 / ص 161 )
" الأشراط جمع وأقله ثلاثة على الأصح والمذكور هنا اثنان " ولادة الامة وتطاول الرعاة "
أجاب الكرماني : بأنه قد تستقرض القلة للكثرة وبالعكس . أو لأن الفرق بالقلة والكثرة إنما هو النكرات لا في المعارف أو لفقد جمع الكثرة للفظ الشرط . وفيه جميع هذه الأجوبة نظر ولو أجيب بأن دليل القول الصائر إلى أن أقل الجمع اثنان لما بعد عن الصواب والجواب المرضي ان المذكور من الأشراط ثلاثة وإنما بعض الرواة اقتصر على اثنين منها لأنه هنا ذكر التطاول والولادة وفي التفسير ذكر الولادة وترؤس الحفاة وفي رواية محمد بن بشر التي أخرج مسلم إسنادها وساق ابن خزيمة لفظها عن أبي حيان ذكر الثلاثة وكذا في مستخرج الإسماعيلي من طريق ابن عليه وكذا ذكرها عمارة بن القعقاع ووقع مثل ذلك في حديث عمر .
( 213 )
( ج1 / ص 162 )
المراد " بقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا ولدت الأمة ربها )
وقد اختلف العلماء قديما وحديثا في معنى ذلك قال ابن التين : اختلف فيه على سبعة أوجه فذكرها لكنها متداخلة وقد لخصتها بلا تداخل فإذا هي أربعة أقوال :
الأول : قال الخطابي : معناه اتساع الإسلام واستيلاء اهله على بلاد الشرك وسبيء ذراريهم فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها لأنه ولد سيدها قال النووي وغيره : إنه قول الأكثرين .
قلت : لكن في كونه المراد نظر لأن استيلاد الإماء كان موجودا حين المقالة والاتسلاء على بلاد الشرك وسبي ذراريهم واتخاذهم سراري وقع أكثره في صدر الإسلام وسياق الكلام يقتضي الإشارة إلى وقع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة وقد فسره وكيع في رواية ابن ماجه بأخص من جملة الرعية قال : ان تلد العجم العرب ووجه بعضهم بأن الإماء يلدن الملوك فتصير الأم من جملة الرعية والملك سيد رعيته وهذا لإبراهيم الحربي .
الثاني : أن تبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر ذلك فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها ولدها ولا يشعر بذلك وعلى هذا فالذي يكون من الأشراط غلبة الجهل بتحريم أمهات الأولاد أو الاتهانة بالحكام الشرعية
الثالث : وهو من نمط الذي قبله قال النووي : لا يختص شراء الولد أمه بامهات الأولاد بل يتصور في غيرهن بأن تلد المة حرا من غير سيدها بوطء شبهة أو رقيقا بنكاح أو زنا ثم تباع الأمة في الصوورتين بيعا صحيحا وتدور في الأيدي حتى يشتريها ابنها أو ابنتها .
الرابع : ان يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام فأطلق عليه ربها مجازا لذلك أو المراد بالرب المربي فيكون حقيقة وهذا أوجه الأوجه عندي لعمومه .. ومحصل الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس المور بحيث يصير المربي مربيا والسافل عاليا وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى ان تصير الحفاة ملوك الأرض " انتهى ملخصا .
( 215 )
( ج1 / ص 163 )
قال النووي : ليس فيه دليل على تحريم بيع أمهات الأولاد ولا على جوازه وقد غلط من استدل به لكل من المرين لأن الشيء إذا جعل علامة على شيء آخر لا يدل على حظر ولا إباحة
( 216 )
( ج1 / ص 163 )
الجمع بين الحديثين : من إطلاق الرب على السيد المالك في قوله في الحديث " ربها " وبين ما في الحديث الصحيح الآخر : " لا يقل أحدكم أطعم ربه وضيء ربك اسق ربك وليقل سيدي ومولاي " بان اللفظ هنا خرج على سبيل المبالغة او المراد بالرب هنا المربي وفي المنهي عنه السيد أو أن النهي عنه متأخر او مختص بغير الرسول صلى الله عليه وسلم
( 217 )
( ج1 / ص 164 )
واما ظن الغيب فقد يجوز من المنجم وغيره إذا كان عن أمر عادي وليس ذلك بعلم وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على تحريم أخذ الأجرة والجعل وإعطائها في ذلك وجاء عن ابن مسعود قال : أوتي نبيكم صلى الله عليه وسلم علم كل شيء سوى هذه الخمس . وعن ابن عمر مرفوعا نحوه أخرجهما أحمد وأخرج حميد بن زنجويه عن بعض الصحابة أنه ذكر العلم بوقت الكسوف قبل ظهوره فأنكر عليه فقال : إنما الغيب خمس – وتلا هذه الآية – وما عدا ذلك غيب يعلمه قوم ويجهله قوم "
( 218 )
( ج1 / ص 164 )
" النكتة في العدول عن الإثبات إلى النفي في قوله تعالى { وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ً }
وكذا التعبير بالدراية دون العلم والتعميم إذا الدراية اكتساب علم الشيء بحيلة فإذا انتفى ذلك عن كل نفس مع كونه من مختصاتها ولم تقع منه على علم كان عدم اطلاعها على علم غير ذلك من باب أولى . ا ه ملخصا من كلام الطيبي .
( 220 )
( ج1 / ص 165 )
" أن الملك يجوز أن يتمثل لغير النبي صلى الله عليه وسلم فيراه ويتكلم بحضرته وهو يسمع وقد ثبت عن عمران بن حصين أنه كان يسمع كلام الملائكة والله أعلم .
( 221 )
( ج1 / ص 166 )
دلت الروايات التي ذكرناها على أن النبي صلى الله عليه وسلم ما عرف أنه جبريل إلا في آخر الحال وان جبريل أتاه في صورة رجل حسن الهيئة لكنه غير معروف لديهم
( 222 )
( ج1 / ص 166 )
" ما وقع في رواية النسائي من طريق أبي فروة في آخر الحديث : " وإنه لجبريل نزل في صورة دحية الكلبي " فإن قوله نزل في ضورة دحية الكلبي [ وهم ] لأن دحية معروف عندهم وقد قال عمر رضي الله عنه : " ما يعرفه منا أحد " وقد أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب الإيمان له من الوجه الذي أخرجه منه النسائي فقال في آخره : " فإنه جبريل جاء ليعلمكم دينكم " وهذه الرواية هي المحفوظة لموافقتها باقي الروايات .
( 223 )
( ج1 / ص 166 )
قال ابن المنير في قوله صلى الله عليه وسلم : ( يعلمكم دينكم )
دلالة على ان السؤال الحسن يسمى علما وتعليما لأن جبريل لم يصدر منه سوى السؤال ومع ذلك سماه معلما ً وقد اشتهر قولهم : حسن السؤال نصف العلم .
( 224 )
( ج1 / ص 166 )
قال القرطبي : هذا الحديث – حديث جبريل الطويل – يصلح ان يقال له أم السنة لما تضمنه من جمل علم السنة
( 225 )
( ج1 / ص 166 )
قال الطيبي : لهذه النكتة استفتح به البغوي كتابه " المصابيح " و " شرح السنة " لما تضمنه من علم السنة اقتداء بالقرآن في افتتاحه بالفاتحة لأنها تظمنت علوم القرآن إجمالا
( 226 )
( ج1 / ص 166 )
" قال القاضي عياض : اشتمل هذا الحديث – حديث جبريل الطويل – على جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من عقود الإيمان ابتداء وحالا ومآلا ومن اعمال الجوارح ومن إخلاص السرائر والتحفظ من آفات العمال حتى أن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه "
( 227 )
( ج1 / ص 168 )
الرد على قول الواقدي ومن تبعه بأن النعمان بن بشير لا يصح سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الحلال بين والحرام بين ..الحديث "
( 228 )
( ج1 / ص 168 )
ادعى أبو عمرو الداني أن حديث " الحلال بين والحرام بين " هذا الحديث لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير النعمان بن بشير فإن اراد من وجه صحيح فمسلم وإلا فقد رويناه من حديث ابن عمر وعمار في الأوسط للطبراني من حديث ابن عباس فس الكبير له ومن حديث واثلة في الترغيب للاصبهاني وفي اسانيدها مقال . وادعى ايضا أنه لم يروه عن النعمان غير الشعبي وليس كما قال فقد رواه عن النعمان ايضا خيثمة بن عبد الرحمن عند أحمد وغيره وعبد الملك بن عمير عن أبي عوانة وغيره وسماك بن حرب عند الطبراني ...
( 229 )
" ( ج1 / ص 168 )
: من لم يعرف باجتناب الشبهات لم يسلم لقول من يطعن فيه وفيه دليل على أن من لم يتوق الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه وفي هذا إشارة إلى ان المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروءة .
( 230 )
( ج1 / ص 169 )
قال ابن المنير في مناقب شيخه القباري عنه أنه كان يقول : المكروه عقبة بين العبد والحرام فمن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام والمباح عقبة بينه وبين المكروه فمن استكثر منه تطرق إلى المكروه وهو منزع حسن .
( 231 )
( ج1 / ص 169 )
" أن الحلال حيث يخشى ان يؤول فعله مطلقا إلى مكروه أو محرم ينبغي اجتنابه كالاكثار مثلا من الطيبات فإنه يحوج إلى كثرة الاكتساب الموقع في أخذ ما لا يستحق أو يفضي إلى بطر النفس وأقل ما فيه الاشتغال عن مواقف العبودية وهذا معلوم بالعادة مشاهد بالعيان . .. فالعالم الفطن لا يخفى عليه تمييز الحكم فلا يقع له ذلك إلا في الاستكثار من المباح أو المكروه كما تقرر قبل ولا يخفى ان المستكثر من المكروه تصير فيه جرأة على ارتكاب المنهي في الجملة أو يحمله اعتياده ارتكاب المنهي غير المحرم على ارتكاب المنهي المحرم إذا كان من جنسه أو يكون ذلك لشبهة فيه وهو أن من تعاطى ما نهي عنه يصير مظلم اللب لفقدان نور الورع فيقع في الحرام ولو لم يختر الوقوع فيه ..
( 232 )
( ج1 / ص 170 )
" أن ملوك العرب كانوا يحمون لمراعي مواشيهم أماكن مختصة يتوعدون من يرعى فيها بغير إذنهم بالعقوبة الشديدة
( 233 )
( ج1 / ص 170 )
" ادعى بعضهم أن التمثيل في قوله " كالراعي يرعى حول الحمى .." من كلام الشعبي وأنه مدرج في الحديث حكى ذلك أبو عمر الداني ولم أقف على دليله إلا ما وقع عند ابن الجارود والاسماعيلي من رواية ابن عون عن الشعبي قال ابن عوون في آخر الحديث : لا أدري المثل من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول الشعبي . قلت : وتردد ابن عون في رفعه لا يستلزم كونه مدرجا لأن الأثبات قد جزموا باتصاله ورفعه فلا يقدح شك بعضهم فيه . .. وكذا ثبوت المثل مرفوعا في رواية ابن عباس وعمار بن ياسر ايضا .
( 235 )
( ج1 / ص 170 )
سمي القلب قلباً لتقلبه في الأمور أو لأنه خالص ما في البدن وخالص كل شيء قلبه أو لأنه وضع في الجسد مقلوباً
( 236 )
( ج1 / ص 170 )
" وخص القلب بالصلاح لأنه أمير البدن وبصلاح الأمير تصلح الرعية وبفساده تفسد وفيه تنبيه على تعظيم قدر القلب والحث على صلاحه والإشارة إلى أن لطيب الكسب اثرا فيه والمراد من الفهم الذي ركبه الله فيه ويستدل به على أن العقل في القلب ومنه قوله تعالى { فتكون لهم قلب يعقلون بها } وقوله تعالى { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب } قال المفسرون : أي عقل
( 237 )
( ج1 / ص 171 )
" عظم العلماء أمر هذا الحديث – الحلال بين والحرام بين – فعدوه رابع أربعة تدور عليها الحكام كما نقل عن أبي داود وفيه البيتان المشهوران وهما :
· عمدة الدين عندنا كلمات مسندات من قول خير البرية
· اترك الشبهات وازهد ودع ما ليس يعنيك واعملن بنية
( 238 )
( ج1 / ص 171 )
" لم تقع هذه الزيادة التي أولها : " ألا وإن في الجسد مضغة " إلا في رواية الشعبي ولا هي في أكثر الروايات عن الشعبي إنما تفرد بها في الصحيحين زكريا وتابعه مجاهد عند أحمد ومغيرة عند الطبراني .
( 240 )
" ( ج1 / ص 171 )
" قال القرطبي : اشتمل حديث " الحلال بين والحرام بين " على التفصيل بين الحلال وغيره وعلى تعلق جميع الأعمال بالقلب فمن هنا يمكن ان ترد جميع الأحكام إليه والله المستعان |.
-
( 241 )
( ج1 / ص 172 )
قال القرطبي : أن للمفتي أن يذكر الدليل مستغنيا به عن التصيص على جواب الفتيا إذا كان السائل بصيراً بموضع الحجة .
( 242 )
( ج1 / ص 172 )
" قال النووي رحمه الله : الوفد الجماعة المختارة للتقدم في لقي العظماء واحدهم وافد .
( 243 )
( ج1 / ص 172 )
وفد عبد القيس الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المذكورون كانوا أربعة عشر راكباً كبيرهم الأشج ذكره صاحب التحرير في شرح مسلم وسمى منهم المنذر بن عائذ وهو الأشج المذكور ومنقذ بن حبان ومزيدة بن مالك وعمرو بن مرحوم والحارث بن شعيب وعبيدة بن همام والحارث بن جندب وصحار بن العباس قال : ولم نعثر بعد طول التتبع على أسماء الباقين
( 244 )
( ج1 / ص 173 )
أفاد العسكري أول من قال مرحبا سيف بن ذي يزن .
( 245 )
( ج1 / ص 174 )
تكرر قول النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " مرحبا "
لما أتوه وفد عبد القيس قال لهم : مرحبا بالقوم
وفي حديث أم هانئ : " مرحبا بأم هانيء "
وفي قصة عكرمة بن أبي جهل : " مرحبا بالراكب المهاجر "
وفي قصة فاطمة : " مرحبا بابنتي
وعن بشير الحارثي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل فسلم عليه : مرحبا وعليك السلام .
( 246 )
( ج1 / ص 174 )
كانت مضر تبالغ في تعظيم شهر رجب فلهذا أضيف إليهم في حديث أبي بكرة حيث قال : " رجب مضر " والظاهر أنهم كانوا يخصونه بمزيد التعظيم مع تحريمهم القتال في الأشهر الثلاثة أخرى إلا أنهم ربما أنسؤوها بخلافه "
( 247 )
( ج1 / 174 )
( تقدم إسلام عبد القيس على قبائل مضر الذين كانوا بينهم وبين المدينة وكانت مساكن عبد القيس بالبحرين وما ولاها من أطراف العراق ولهذا قالوا وإنا نأتيك من شقة بعيدة قال ابن قتيبة : الشقة السفر " وقال الزجاج : هي الغاية التي تقصد .
ويدل على سبقهم إلى الإسلام ايضا ما رواه المصنف في الجمعة من طريق أبي جمرة عن ابن عباس قال : إن أول جمعة جمعت – بعد جمعة في مسجد رسول الله – في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين وجواثى هي قرية شهيرة لهم "
( 248 )
( ج1 / ص 177 )
" فرض الحج كان في سنة ست على الأصح . ولكن القاضي عياض يختار ان فرض الحج كان سنة تسع حتى لا يرد على مذهبه أنه على الفور ا ه .
( 249 )
( ج1 / ص 177 )
" احتج الشافعي لكون الحج على التراخي بأن فرض الحج كان بعد الهجرة وان النبي صلى الله عليه ووسلم كان قادرا على الحج في سنة ثمان وفي سنة تسع ولم يحج إلا في سنة عشر وأما قول من قال إنه ترك ذكر الحج لكونه على التراخي فليس بجيد لأن كونه على التراخي لا يمنع من الأمر به وكذا قول من قال : إنما تركه لشهرته عندهم ليس بقووي لأنه عند غيرهم ممن ذكره لهم أشهر منه عندهم وكذا قول من قال إن ترك ذكره لأنهم لم يكن إليه سبيل من أجل كفار مضر ليس بمستقيم لأنه لا يلزم من عدم الاستطاعة في الحال ترك الإخبار به
( 250 )
( ج1 / ص 178 )
ونهاهم عن أربع : الحنتم هي الجرة كذا فسرها ابن عمر في صحيح مسلم وله عن أبي هريرة : الحنتم الجرار الخضر والدباء : هو القرع قال النووي والمراد اليابس منه والمزفت : ما طلي بالزفت ويقال له القير وهو نبت يحرق إذا يبس تطلى به السفن قاله صاحب المحكم .
( 251 )
( ج1 / ص 178 )
في مسند أبي داود الطيالسي عن أبي بكرة قال : أما الدباء فإن أهل الطائف كانوا يأخذون القع فيخرطون فيه العنب ثم يدفنونه حتى يهدر ثم يموت .
وأما النقير فإن أهل اليمامة كانوا ينقرون أصل النخلة ثم ينبذون الرطب والبسر ثم يدعونه حتى يهدر ثم يموت
وأما الحنتم فجرار كانت تحمل إلينا فيها الخمر
واما المزفت فهذه الأوعية التتي فيها الزفت . انتهى
وإسناده حسن
وتفسير الصحابي أولى أن يعتمد عليه من غيره لأنه أعلم بالمراد .
( 252 )
( ج1 / ص 179 )
" استدل الجمهور على اشتراط النية في الوضوء بالأدلة الصحيحة المصرحة بوعد الثواب عليه فلا بد من قصد يميزه عن غيره ليحصل الثواب الموعود وأما الصلاة فلم يختلف في اشتراط النية فيها وأما الزكاة فإنما تسقط بأخذ السلطان ولو لم ينو صاحب المال لأن السلطان قائم مقامه وأما الحج فإنما ينصرف إلى فرض من حج عن غيره لدليل خاص وهو حديث ابن عباس في قصة شبرمة
( 253 )
( ج1 / ص 179 )
ومنهم من لم يشترط النية في الوضوء كما نقل عن الأوزاعي وأبي حنيفة وغيرهما وحجتهم أنه ليس عبادة مستقلة بل وسيلة إلى عبادة كالصلاة ونوقضوا بالتيمم فإنه وسيلة وقد اشترط الحنفية فيه النية . ا ه
( 254 )
( ج1 / ص 179 )
كل صورة لم يشترط فيها النية فذاك لدليل خاص وقد ذكر ابن المنير ضابطا لما يشترط فيه النية مما لا يشترط فقال : كل عمل لا تظهر له فائدة عاجلة بل المقصود به طلب الثواب فالنية مشترطة فيه وكل عمل ظهرت فائدته ناجزة تعاطته الطبيعة قبل الشريعة لملاءمة بينهما فلا تشترط النية فيه إلا لمن قصد بفعله معنى آخر يترتب عليه الثواب .
( 255 )
( ج1 / ص 179 )
وقال ابن المنير : وإنما اختلف العلماء في بعض الصور من جهة تحقيق مناط التفرقة في اشتراط النية قال وأما ما كان من المعاني المحضة كالخوف والرجاء فهذا لا يقال باشتراط النية فيه لأنه لا يمكن أن يقع إلا منويا ومتى فرضت النية مفقودة فيه استحالت حقيقته فالنية فيه شرط عقلي ولذلك لا تشترط النية للنية فرارا من التسلسل
( ( 256 )
( ج1 / ص 179 )
وأما الأقوال فتحتاج إلى النية في ثلاثة مواطن :
أحدها : التقرب إلى الله فرارا من الرياء
الثاني : التمييز بين الألفاظ المحتملة لغير المقصود
الثالث : قصد الإنشاء ليخرج سبق اللسان .
( 257 )
( ج1 / ص 179 )
قوله تعالى { قل كل يعمل على شاكلته }
تفسير الشاكلة بالنية صح عن الحسن البصري ومعاوية بن قرة المزني وقتادة أخرجه عبد بن حميد والطبري عنهم
وعن مجاهد قال : الشاكلة الطريقة أو الناحية وهذا قول الأكثر
وقيل الدين . وكلها متقاربة .
( 258 )
( ج1 / ص 182 )
وقد روي حديث " الدين النصيحة " عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وهو [ وهم ] من سهيل أو ممن روى عنه
قال البخاري رحمه الله في " تاريخه " لا يصح إلا من تميم الدراي
ولهذا الاختلاف على سهيل لم يخرجه البخاري في " صحيحه " بل لم يحتج بسهيل [ أصلا ً ]
وللحديث طرق دون هذه في القوة وقد بينت جميع ذلك في [ تعليق التعليق ]
( 259 )
( ج1 / ص 182)
قال المازري : : النصيحة مشتقة من نصحت العسل إذا صفيته يقال : نصح الشيء إذا خلص ونصح له القول إذا أخلصه له . أو مشتقة من النصح وهي الخياطة بالمنصحة وهي الخياطة بالمنصحة وهي الإبرة "
( 260 )
( ج1 / ص 182 )
" قال الخطابي : النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له وهي من وجيز الكلام بل ليس في الكلام كلمة مفردة تستوفي بها العبارة عن معنى هذه الكلمة "
( 261 )
( ج1 / ص 182 )
" وحديث " الدين النصيحة " من الأحاديث التي قيل فيها إنها أحد أرباع الدين وومن عده فيها الإمام محمد بن أسلم الطوسي
وقال النووي : بل هو وحده محصل لغرض الدين كه لأنه منحصر في الأمور التي ذكرها فالنصيحة لله وصفه بما هو له أهل والخضوع له ظاهرا وباطنا والرغبة في محابه بفعل طاعته والرهبة من مساخطه بترك معصيته والجهاد في رد العاصين إليه "
( 262 )
( ج1 / ص 182 )
" النصيحة لكتاب الله : تعلمه وتعليمه وإقامة حروفه في التلاوة وتحريرها في الكتابة وتفهم معانيه وحفظ حدوده والعمل بما فيه وذ ب تحريف المبطليه عنه .
والنصيحة لرسوله : تعظيمه ونصره حيا وميتا وإحياء سنته بتعلمها وتعليمها والاقتداء به في أقواله وأفعاله ومحبته ومحبة اتباعه
والنصيحة لأئمة المسلمين إعانتهم على ما حملوا القيام به وتنبههم عند الغفلة وسد خلتهم عند الهفوة وجمع الكلمة عليهم ورد القلوب النافرة إليهم ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن )
( 263 )
( ج1 / ص 183 )
المغيرة بن شعبة كان واليا على الكوفة في خلافة معاوية وكانت ووفاته سنة خمسين من الهجرة واستناب عند موته ابنه عروة
( 264 )
( ج1 / ص 184 )
" ختم البخاري كتاب " الإيمان " بباب النصيحة مشيرا إلى أنه عمل بمقتضاه في الإرشاد إلى العمل بالحديث الصحيح دون السقيم ثم ختمه بخطبة جرير المتظمنة للنصيحة
( 265 |)
( ج1 / ص 184 )
" اشتمل كتاب " الإيمان " في صحيح البخاري ومقدمته من بدء الوحي من الأحاديث المرفوعة على أحد وثمانين حديثا بالمكرر .
( 266 )
( ج1 / ص 186 )
" أنكر ابن العربي في " شرح الترمذي " على من تصدى لتعريف العلم وقال : هو أبين من أن يبين قلت : وهذه طريقة الغزالي وشيخه الإمام ان العلم لا يحد لوضوحه أو لعسره
( 267 )
( ج1 / ص 186 )
قال ابو بكر بن العربي : بدأ البخاري رحمه الله بالنظر في فضل العلم قبل النظر في حقيقته وذلك لاعتماده أنه في نهاية الوضوح فلا يحتاج إلى تعريف أو لأن النظر في حقائق الأشياء ليس في فن الكتاب وكل من القدرين ظاهر في " باب فضل العلم " ا ه
( 268 )
( ج1 / ص 186 )
قوله تعالى { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات }
قيل في تفسيرها : يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم ورفع الدرجات تدل على الفضل .
( 269 )
( ج1 / ص 187 )
قوله تعالى { ربي زدني علماً }
واضح الدلالة في فضل العلم لأن الله تعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم والمراد بالعلم العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عبادته ومعاملاته والعلم بالله وصفاته وما يجب له من القيام بأمره وتنزيهه عن النقائص ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه "
( 270 )
( ج1 / ص 187 )
" لم يورد البخاري في " كتاب العلم " من الحاديث النبوية ؟ فالجواب : أنه إما ان يكون قد اكتفى بالآيتين الكريميتين وإما بيض له ليلحق فيه ما يناسبه فلم يتيسر وإما أورد فيه حديث ابن عمر بعد باب رفع العلم ويكون وضعه هناك من تصرف بعض الرواة وفيه نظر
وعن بعض أهل العراق أنه تعمد بعد الترجمة عدم إيراد الحديث إشارة إلى أنه لم يثبت فيه شيء عنده على شرطه قلت : والذي يظهر لي أن هذا محله حيث لا يورد فيه آية أو أثراً .
( 271 )
( ج1 / ص 187 )
" إذا أورد البخاري آية أو أثرا فهو إشارة منه إلى ما ورد في تفسير تلك الآية وأنه لم يثبت فيه شيء على شرطه وما دلت عليه الآية كاف في الباب وإلى ان الأثر الوارد في ذلك يقوى به طريق المرفوع وإن لم يصل في القوة إلى شرطه .
( 273 )
( ج1 / ص 187 )
" الأحاديث في فضل العلم كثيرة صحح مسلم رحمه الله منها حديث أبي هريرة رفعه : " من التمس طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة "
ولم يخرجه البخاري لأنه اختلف فيه على الأعمش والراجح أنه بينه وبين أبي صالح فيه واسطة والله اعلم .
( 274 )
( ج1 / ص 188 )
" أن العلم سؤال وجواب ومن ثم قيل " حسن السؤال نصف العلم "
( 275 )
( ج1 / ص 188 )
" فليح ابن سليمان ابو يحيى المدني من طبقة مالك وهو [ صدوق ] تكلم بعض الأئمة في حفظه ولم يخرج البخاري من حديثه في الأحكام إلا ما توبع عليه وأخرج له في المواعظ والآداب وما شاكلها "
( 276 )
( ج1 / ص 189)
" هلال بن علي عن عطاء بن يسار "
يقال ل " هلال بن علي " هلال بن أبي ميمونة ويقال له هلال بن أبي هلال
فقد يظن ثلاثة وهو واحد وهو من صغار التابعين وشيخه من أوسطهم "
( 277 )
( ج1 / ص 189 )
" أن إسناد الأمر إلى غير أهله إنما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم وذلك من جملة أشراط الساعة كما في ه1ا الحديث " إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة "
( 278 )
( ج1 / ص 189 )
كأن البخاري رحمه الله في " باب من سئل علما وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل " أشار إلى ان العلم إنما يؤخذ عن الأكابر تليمحاً لما روي عن أبي أمية الجمحي أن رسو الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أشراط الساعة ان يلتمس العلم عند الأصاغر "
( 279 )
( ج1 / ص 190 )
" قال ابن رشيد : في هذا التبويب – باب من رفع صوته بالعلم – رمز من البخاري إلى إنه يريد أن يبلغ الغاية في تدوين هذا الكتاب بأن يستفرغ وسعه في حسن ترتيبه وكذلك فعل رحمه الله "
( 280 )
( ج1 / 191 )
" صحة الاحتجاج بمراسيل الصحابة لأن الواسطة بين الصحابي وبين النبي صلى الله عليه ووسلم مقبول اتفاقا وهو صحابي آخر وهذا في أحاديث الأحكام دون غيرها فإن بعض الصحابة ربما حملها عن بعض التابعين مثل كعب الأحبار "
( 281 )
( ج1 / ص 192 )
" منهم من رأى التفرقة بين الصيغ ( حدثنا و أخبرنا و أنبأنا ) بحسب افتراق التحمل :
فيخصوون التحديث بما يلفظ به الشيخ
الإخبار بما يقرأ عليه وهذا مذهب ابن جريج والأوزاعي والشافعي وابن وهب وجمهور أهل المشرق
ثم أحدث اتباعهم تفصيلا آخر : فمن سمع وحده من لفظ الشيخ أفرد فقال : حدثني \
ومن سمع مع غيره جمع
ومن قرأ بنفسه على الشيخ أفرد فقال : أخبرني " ومن سمع بقراءة غيره جمع .
وكذا خصصوا الأنباء بالإجازة التي يشافه بها الشيخ من يجيزه وكل مستحسن وليس بواجب عندهم وإنما ارادوا التمييز بين أحوال التحمل .
( 283 )
( ج1 / ص 193 )
ما رواه أبو داود من حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الأغلوطات – قال الأوزاعي أحد رواته : هي " صعاب المسائل " فإن ذلك محموول على ما لا نفع فيه ا ما خرج على سبيل تعنت المسؤول أو تعجيزه .. "
( 285 )
( ج1 / ص 194 )
قال القرطبي : وقع التشبيه – بين المسلم والنخلة - بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت وأن ما يصدر عنه من العلوم والخير قوت للارواح مستطاب وانه لا يزال مستورا بدينه وأنه ينتفع بكل ما يصدر عنه حيا وميتا . انتهى .
( 286 )
( ج1 / ص 194 )
" من زعم أن موقع التشبية بين المسلم والنخلة من جهة كون النخلة إذا قطع رأسها ماتت أو لأنها لا تحمل حتى تلقح أو لأنها تموت إذا غرقت أو لأن لطلعها رائحة مني الآدمي أو لأنها تعشق أو لنها تشرب من أعلاها فكلها أوجه ضعيفة لأن جميع ذلك من المشابهات مشترك في الآدميين لا يختص بالمسلم .
( 287 )
( ج1 / ص 194 )
" من زعم أن التشبيه بين المسلم والنخلة بسبب لكونها خلقت من فضلة طين آدم فإن الحديث في ذلك لم يثبت والله أعلم .
( 288 )
( ج1 / ص 194 )
" وتشبيه النخلة بالمسلم – فيه ضرب من ضروب الأمثال والأشباه لزيادة الإفهام وتصوير المعاني لترسخ في الذهن ولتحديد الفكر في النظر في حكم الحادثة وفيه إشارة إلى أن تشبيه الشي بالشيء لا يلزم ان يكون نظيره من جميع وجوهه فإن المؤمن لا يماثله شيء من الجمادات ولا يعادله " ا ه
( 289 )
( ج1 / ص 194 )
أن العالم الكبير قد يخفى عليه بعض ما يدركه من هو دونه لأن العلم مواهب والله يؤتي فضله من يشاء "
( 290 )
( ج1 / ص 194 )
" أن الخواطر التي تقع في القلب من محبة الثناء على أعمال الخير لا يقدح فيها إذا كان أصلها لله كما استدل به مالك رحمه الله " ا ه
( 291 )
" ج1 / ص 195 )
" قال البزار في " مسنده " لم يرو هذا الحديث – إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها .. الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا السياق إلا ابن عمر وحده "
( 292 )
( ج1 / ص 195 )
" دعوى الكرماني أن البخاري رحمه الله يقلد في التراجم لمراعاة صنيع مشايخه في تراجم مصنفاتهم "
فإنها غير مقبولة ولم نجد عن أحد ممن عرف حال البخاري وسعة علمه وجودة تصرفه حكى أنه كان يقلد في التراجم ولو كان كذلك لم يكن له مزية على غيره وقد توارد النقل عن كثير من الأئمة ان جملة ما امتاز به كتاب البخاري دقة نظره في تصرفه في تراجم ابوابه والذي أدعاه الكرماني يقتضي أنه لا مزية له في ذلك لأنه مقلد فيه لمشايخه .
ولقد أعاد الكرماني هذا الكلام في شرحه مرارا ولم أجد له سلفا في ذلك والله المستعان .
-
( 293 )
|( ج1 / ص 201 )
قال القرطبي : والزعم القول الذي لا يوثق به قاله ابن السكيت وغيره قلت : وفيه نظر لأن الزعم يطلق على القول المحقق ايضا كما نقله ابو عمر الزاهد في شرح فصيح شيخه ثعلب وأكثر سيبويه من قوله : " زعم الخليل " في مقام الأحتجاج " وقد أشرنا إلى ذلك في حديث سفيان في بدء الوحي .
( 294 )
( ج1 / ص 202 )
ونسبة الشخص إلى جده لا بأس بها إذا كان أشهر من أبيه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين : " انا ابن عبد المطلب "
( 295 )
( ج1 / ص 203 )
" والمكاتبة من أقسام التحمل وهي أن يكتب الشيخ حديثه بخطه أو يأذن لمن يثق به بكتبه ويرسله بعد تحريره إلى الطالب ويأذن له في روايته عنه وقد سوى البخاري رحمه الله بينها وبين المناولة والمناوبة صورتها : أن يعطي الشيخ الطالب الكتاب فيقول له : هذا سماعي من فلان أ هذا تصنيفي فاروه عني وقد سوغ الجمهر الراوية بها .
ورجح قوم المناولة عليها لحصول المشافهة فيها بالإذن دون المكاتبة .
وقال ابن حجر ( ص 205 ) : وشرط قيام الحجة بالمكاتبة أن يكون الكتاب مختوما وحامله مؤتمناً والمكتووب إليه يعرف خط الشيخ إلى غير ذلك من الشروط الدافعة لتوهم التغيير والله اعلم
( 296 )
( ج1 / ص 204 )
" أول مقتول من الكفار في الإسلام هو [ عمرو بن الحضرمي ] وذلك في أول يوم من رجب وغنموا ما كان معهم فكانت أول غنيمة في الإسلام فعاب عليهم المشركون ذلك فأنزل الله تعالى { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه }
( 297 )
( ج1 / ص 205 )
بعث رسول الله بكتابه عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى وهو ابرويز بن هرمز بن أنوشروان ووهم من قال هو [ انوشروان ] وعظيم البحرين هو المنذر بن ساوى .
( 298 )
( ج1 / ص 205 )
" لم يذكر البخاري رحمه الله من أقسام التحمل الإجازة المجردة عن المناولة أو المكاتبة ولا الوجادة ولا الوصية ولا الإعلام المجردات عن الإجازة وكأنه لا يرى بشيء منها
وقد ادعى ابن منده أن كل ما يقول البخاري فيه : " قال لي " فهي إجازة وهي دعوى مردودة بدليل اني استقريت كثيرا من المواضع التي يقول فيها في الجامع قال لي فوجدته في غير الجامع يقول فيها حدثنا والبخاري لا يستجيز في الإجازة إطلاق التحديث فدل على أنها عنده من المسموع لكن سبب استعماله لهذه الصيغة ليفرق بين ما يبلغ شرطه وما لا يبلغ . والله أعلم .
( 299 )
( ج1 / ص 207 )
" باب من قعد حيث ينتهي به المجلس – وقصة ثلاثة نفر 0
· النفر : للرجال من ثلاثة إلى عشرة
· ولم يذكر في الحديث انهما صليا تحية المسجد إما لكون ذلك كان قبل ان تشرع او كانا على غير وضوء أو وقع فلم ينقل للاهتمام بغير ذلك من القصة أو كان في غير وقت تنفل قاله القاضي عياض بناء على مذهبه في أنها لا تصلى في الأوقات المكروهة .
· جواز الإخبار عن أهل المعاصي وأحوالهم للزجر عنهم وأن ذلك لا يعد من الغيبة
( 300 )
( ج1 / ص 211 )
قول البخاري رحمه الله : " باب العلم قبل القول والعمل لقوله تعالى { فاعلم أنه لا إله إلا الله }
قال ابن المنير رحمه الله : أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل فلا يعتبران إلا به فهو متقدم عليهما لأنه مصحح للنية المصححة للعمل .
( 301 )
( ج1 / ص 211 )
" قول البخاري رحمه الله " ومن سلك طريقا يطلب به علما سهل الله به طريقا إلى الجنة "
وقد أخرج هذا الحديث الإمام مسلم من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في حديث غير هذا واخرجه الترمذي وقال : حسن
قال ولم يقل له صحيح لأنه يقال إن الأعمش دلس فيه فقال حدثت عن أبي صالح
قلت : لكن في رواية مسلم عن أبي إسامة عن الأعمش : " حدثنا أبو صالح " فانتفت تهمة تدليسه
( 302 )
( ج1 / ص 213- 214 )
قال البخاري : حدثنا محمد بن يوسف قال : أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا
· سفيان : هو الثوري
· وقد رواه أحمد في مسنده عن ابن عيينة
· محمد بن يوسف يروي عن السفيانين فإذا أطلقه البخاري يريد به الثوري
· كما ان البخاري حيث يطلق محمد بن يوسف لا يريد به إلا الفريابي
· وإن كان البخاري يروي عن محمد بن يوسف البيكندي ايضا
· وقد وهم من زعم إنه هنا البيكندي .
( 303 )
( ج1 / ص 214 )
استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال وغن كانت المواظبة مطلوبة لكنها على قسمين :
- إما كل يوم مع عدم التكلف
- وإما يوما بعد يوم فيكون يوم الترك لأجل الراحة ليقبل على الثاني بنشاط
- وإما يوما في الجمعة ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص
- والضابط الحاجة مع مراعاة وجود النشاط .
( 304 )
( ج1 / ص 219 )
" الحسد : تمني زال النعمة على المنعم عليه وخصه بعضهم بأن يتمنى ذلك لنفسه والحق أنه أعم وسببه ان الطباع مجبولة على حب الترفع على الجنس فإذا رأى لغيره ما ليس له أحب أن يزول ذلك عنه له ليرتفع عليه أو مطلقا ليساويه وصاحبه مذموم إذا عمل يمقتضى ذلك من تصميم أو قول أو فعل . وينبغي لمن خطر له ذلك ان يكرهه كما يكره ما وضع في طبعه من حب المنهيات واستثنا من ذلك ما إذا كانت النعمة لكافر أو لفاسق يستعين بها على معاصي الله تعالى
والحسد المذكر في الحديث " لا حسد إلا في اثنتين .."فهو [ الغبطة ] وأطلق الحسد عليه مجازا وهي ان يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه والحرص على هذا يسمى منافسة فإن كان في الطاعة فهو محمود وإن كان في المعصية فهو مذموم .."
وزاد أبو هريرة في هذا الحديث ما يدل على ان المراد بالحسد المذكور هنا الغبطة ولفظه : " فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل " أوورده البخاري في " فضائل القرآن "
( 305 )
( ج1 / ص 222 )
التماري الذي وقع بين ابن عباس والحر غير التماري الذي وقع بين سعيد بن جبير ونوف البكالي
فإن هذا في صاحب موسى هل ه الخضر أو غيره
وذاك في موسى هل هو موسى بن عمران الذي انزلت عليه التوارة أو موسى بن ميشا بكسر الميم .
( 306)
( ج1 / ص 222 )
يقال إن اسم الخضر بليا بموحدة ولام ساكنة .
( 308 )
( ج1 / ص 224 )
في الحديث دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس " اللهم علمه الكتاب "
المراد بالكتاب : القرآن لأن العرف الشرعي عليه
ووقع في رواية مسدد " الحكمة " بدل " الكتاب " وذكر الإسماعيلي أن ذلك هو الثابت في الطرق كلها عن خالد الحذاء
قال ابن حجر " كذا قال وفيه نظر لأن البخاري أخرجه ايضا من حديث وهيب عن خالد بلفظ " " الكتاب "
وللنسائي والترمذي من طريق عطاء عن ابن عباس قال : دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتى الحكمة مرتين فيحتمل تعدد الواقعة فيكون المراد بالكتاب : القرآن وبالحكمة : السنة .
( 309 )
( ج1/ ص 224 )
ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين " أن أبا مسعود ذكر حديث [ اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ] – يعني لابن عباس - في أطراف الصحيحين
قال الحميدي : وهذه الزيادة ليست في " الصحيحين "
قال ابن حجر " وهو كما قال
نعم هي في رواية سعيد بن جبير عند أحمد وابن حبان والطبراني
( 310 )
( ج1 / ص 224 )
" اختلف الشراح في المراد | بالحكمة " في قوله " اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب " لابن عباس
فقيل " القرآن وقيل العمل به
وقيل : السنة وقيل الإصابة في القول
وقيل : الخشية وقيل : الفهم عن الله
وقيل : العقل وقيل : ما يشهد العقل بصحته
وقيل : نور يفرق بين الإلهام والوسواس
وقيل : سرعةالجواب مع الإصابة
وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التفسير في تفسير قوله تعالى { ولقد آتينا لقمان الحكمة }
والأقرب : المراد بها في حديث ابن عباس الفهم في القرآن
( 311 )
( ج1 / ص 225 )
اشار البخاري في باب " متى يصح سماع الصغير ؟
إلى اختلاف وقع بين أحمد بن حنبل ويحيى بن معين رواه الخطيب فب الكفاية عن عبد الله بن أحمد وغيره أن يحيى قال : أقل سن التحمل خمس عشرة سنة لكون ابن عمر رد يوم أحد إذا لم يبلغها فبلغ ذلك أحمد بن حنبل فقال : بل إذا عقل ما يسمع وإنما قصة ابن عمر في القتال . ثم اورد الخطيب أشياء مما حفظها جمع من الصحابة ومن بعدهم في الصغر وحدثوا بها بعد ذلك وقبلت عنهم وهذا هو المعتمد
( 312 )
( ج1 / ص 225 )
" قوله ( على حمار ) اسم جنس يشمل الذكر والأنثى كقولك بعير .
و( أتان ) هي الأنثى من الحمير ربما قالوا للأنثى ( أتانة ) حكاه يونس وأنكره غيره
و( حمار أتان ) أن فائدة التصيص على كونها أنثى للاستدلال بطريق الأولى أن الأنثى من بني آدم لا تقطع الصلاة لأنهن أشرف وهو قياس صحيح من حيث النظر إلا أن الخبر الصحيح لا يدفع بمثله
( 313 )
( ج1 / ص 227 )
المج : هو إرسال الماء من الفم وقيل لا يسمى مجا إلا إن كان بعد وفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع محمود إما مداعبة معه أو ليبارك عليه بها كما كان ذلك من شأنه مع أولاد الصحابة .
( 314 )
( ج1 / 227 )
قال الوليد بن مسلم : كان الأوزاعي يفضل الزبيدي على جميع من سمع من الزهري وكان من كبار الحفاظ المتقنيين عن الزهري . وقال ابو داود : ليس في حديثه خطأ
( 315 )
( ج1 / ص 229 )
أن البخاري حين يعلق بصيغة الجزم يكون صحيحا وحين يعلق بصيغة التمريض يكون فيه علة .
( 316 )
" أخرج البخاري في كتاب " التوحيد " فقال : ويذكر عن جابر بن عبد الله بن أنيس قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يحشر الله العباد فيناديهم بصوت .. الحديث "
ولفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب يحتاج إلى تأويل فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها ولو اعتضدت
الرد:
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
ليس الأمر كذلك بل إطلاق الصوت على كلام الله سبحانه قد ثبت في غير هذا الحديث عند المؤلف وغيره فالواجب إثبات ذلك على الوجه اللائق بالله كسائر الصفات كما هو مذهب أهل السنة والجماعة والله أعلم .
( 317 )
( ج1 / ص 230 )
وهم ابن بطال رحمه الله فزعم ان الحديث الذي رحل فيه جابر بن عبد الله بن أنيس هو حديث " الستر على المسلم " وهو انتقال من حديث إلى حديث فإن الراحل في حديث الستر هو " أبو أيوب الأنصاري رحل إلى عقبة بن عامر الجهني أخرجه أحمد بسند منقطع
واما حديث الذي رحل فيه جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس هو " يحشر الله الناس يوم القيامة عراة .. فذكر الحديث "
( 318 )
( ج1 / ص 232 )
قال القرطبي رحمه الله وغيره :
" ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء به من الدين مثلا بالغيث العام الذي يأتي في حال حاجتهم إليه وكذا كان الناس قبل مبعثه فكما أن الغيث يحيى البلد الميت فكذا علوم الدين تحيي القلب الميت ثم شبه السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث فمنهم العالم المعلم فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها ومنهم الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه غير أنه لم يعمل بنوافله أو لم يتفقه فيما جمع لكنه أداه لغيره فهو بمنزلة الأرض التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به وهو المشار إليه بقوله " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فأداها كما سمعها " ومنهم من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره فهو بمنزلة الأرض السبخة أو الماساء التي لا تقبل الماء أو تفسده على غيرها وإنما جعل المثل بين الطائفتين الأوليين المحمودتين لاشتراكهما في الانتفاع بهما وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة لعدم النفع بها والله أعلم .
( 319 )
( ج1 / ص 234 )
ربيعة الرأي ) : هو ابن أبي عبد الرحمن الفقيه المدني المعروف بربيعة الرأي ) قيل له ذلك لكثرة اشتغاله بالاجتهاد
( 320 )
( ج1 / ص 249 )
وعبد الله بن المثنى ممن تفرد البخاري بإخراج حديثه دون مسلم وقد وثقه العجلي والترمذي وقال ابو زرعة وابو حاتم : صالح وقال ابن ابي خيثمة عن ابن معين : ليس بشيء
وقال النسائي : ليس بالقوي قلت : لعل اراد في بعض حديثه
وقد تقرر ان البخاري حيث يخرج لبعض من فيه مقال لا يخرج شيءا مما أنكر عليه
وقول ابن معين ليس بشيء أراد به في حديث بعينه سئل عنه
وفي الجملة : فالرجل – عبد الله بن المثنى – إذا ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح إلا إذا كان مفسرا بامرا قادح وذلك غير موجود في عبد الله بن المثنى .
والذي انكر عليه هو من روايته عن غير عمه " ثمامة "
والبخاري إنما أخرج له عن عمه هذا الحديث " أنه كان اذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا .. الحديث "
ولا شك أن الرجل أضبط لحديث آل بيته من غيره .
( 321 )
( ج1 / ص 249 )
" قال ابن التين : فيه – كان اذا تكلم تكلم ثلاثا وإذا سلم سلم ثلاثا – فيه أن الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان
( 322 )
( ج1 / ص 250 )
" صالح بن صالح بن مسلم بن حيان نسب إلى جد أبيه ولقبه [ حي ] وهو أشهر به من اسمه . وهو ثقة مشهور وفي طبقته راو آخر كوفي ايضا يقال له صالح بن حيان القرشي لكن [ ضعيف ]
وقد وهم من زعم ان البخاري أخرج له فإنما أخرج الصالح بن حي .
( 323 )
( ج1 / ص 257 )
" وقد اشتهر حديث " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ... الحديث " من رواية هشام بن عروة قوع لنا من رواية أكثر من سبعين نفسا عنه من أهل الحرمين والعراقين والشام وخراسان ومصر وغيرهما ووافقه على روايته عن أبيه عروة أبو الأسود المدني وحديثه في الصحيحين
( 324 )
( ج1 / ص 258 )
" استدل الجمهور بحديث " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ... على القول بخلو الزمان عن مجتهد ولله الأمر يفعل ما يشاء .
( 325 )
( ج1 / ص 259 )
حديث أخرجه البخاري " ما منكن امراة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار ..الحديث
وأخرجه ايضا من حديث ابي هريرة فقال " ثلاثة لم يبلغوا الحنث "
زيادة طريق أبي هريرة التي زاد فيها التقييد بعدم بلوغ الحنث أي الإثم والمعنى أنهم ماتوا قبل أن يبلغوا لأن الأثم إنما يكتب بعد البلوغ وأن من مات له ولدان حجباه من النار
( 326 )
( ج1 / ص 362 )
" أن معاوية عهد بالخلافة بعده ليزيد بن معاوية فبايعه الناس إلا الحسين بن علي وابن الزبير فأما ابن أبي بكر فمات قبل موت معاوية واما ابن عمر فبايع ليزيد عقب موت أبيه وأما الحسين بن علي فسار إلى الكوفة لاستدعائهم إياه ليبايعوه فكان ذلك سبب قتله وأما ابن الزبير فاعتصم ويسمى عائذ البيت وغلب على أمر مكة فكان يزيد بن معاوية يأمر امراءه على المدينة أن يجهزوا إليه الجيوش فكان آخر ذلك أن أهل المدينة اجتمعوا على خلع يزيد من الخلافة "
( 327 )
( ج1 / ص 264 )
وقد اغتر قوم من الجهلة فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب وقالوا : نحن لم نكذب عليه بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته وما دروا ان تقويله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل يقتضي الكذب على الله تعالى لأنه إثبات حكم من الأحكام الشرعية سواء كان في الإيجاب أو الندب وكان مقابلهما وهو الحرام والمكروه
( 328 )
( ج1 / ص 264 )
ولا يعتد بمن خالف ذلك من الكرامية حيث جوزوا وضع الكذب في " الترغيب والترهيب في تثبيت ما ورد في القرآن والسنة واحتجوا بأنه كذب له لا عليه وهو جهل باللغة العربية وتمسك بعضهم بما ورد في بعض طرق الحديث من زيادة لم تثبت وهي ما أخرجه البزار من حديث ابن مسعود بلفظ : " من كذب علي ليضل به الناس الحديث وقد اختلف في وصله وإرساله ورجح الدراقطني والحاكم إرساله
وعلى تقدير ثبوته فليست اللام فيه للعلة بل للصيرورة كما فسر قوله تعالى { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس } والمعنى أن مآل أمره إلى الإضلال
( 330 )
( ج1 / ص 267 )
قال البخاري : حدثنا مكي بن إبراهيم قال : حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من يقل علي ما لم أقل فليتبؤا مقعده من النار "
هذا الحديث أول ثلاثي وقع في البخاري وليس فيه أعلى من الثلاثيات وقد أفردت فبلغت أكثر من عشرين حديثا .
-
( 331 )
( ج1 / ص 267 )
" ما الذي امتاز به الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوعيد على من كذب على غيره ؟ الجواب من وجهين :
أحدهما : أن الكذب عليه يكفر متعمده عند بعض أهل العلم وهو الشيخ أبو محمد الجويني لكن ضعفه ابنه إمام الحرمين ومن بعده ومال ابن المنير إلى اختياره ... والجمهور على أنه لا يكفر إلا إذا اعتقد حل ذلك
الجواب الثاني : ان الكذب عليه كبيرة والكذب على غيره صغيرة فافترقا ولا يلزم من استواء الوعيد في حق من كذب عليه أو كذب على غيره أن يكن مقرهما واحدا أو طول إقامتهما سواء
( 332 )
( ج1 / ص 268 )
" وقد اعتنى جماعة من الحفاظ بجمع طرق حديث " منكذب علي متعمدا ...الحديث " فأول من وقفت على كلامه في ذلك علي بن المديني وتبعه يعقوب بن شيبة فقال : روي هذا الحديث من عشرين وجها عن الصحابة من الحجازيين وغيرهم ثم ابراهيم الحربي وأبو بكر البزار فقال كل منهما : إنه ورد من حديث أربعين من الصحابة وجمع طرقه في ذلك العصر أو محمد يحيى بن محمد بن صاعد فزاد قليلا وقال ابو بكر الصيرفي شارح رسالة الشافعي : رواه ستون نفسا من الصحابة وجمع طرقه الطبراني فزاد قليلا وقال ابو القاسم بن منده رواه أكثر من ثمانين نفسا وقد جمع طرقه ابن الجوزي في مقدمة كتاب " الموضوعات " فجاوز التسعين وبذلك جزم ابن دحية وقال ابو موسى المديني : يرويه نحو مائة من الصحابة وقد جمعها الحافظان يوسف بن خليل وأبو علي البكري وهما متعاصران فوقع لكل واحد ما ليس عند الآخر وتحصل من مجموع ذلك كله رواية مائة من الصحابة على ما فصلته من صحيح وحسن وضعيف وساقط .
( 333 )
( ج1 / ص 269 )
" نقل النووي أن حديث " من ذكب علي متعمدا ..." جاء عن مائتين من الصحابة ولأجل كثرة طرقه أطلق عليه جماعة أنه متواتر ونازع بعض مشايخنا في ذلك قال شرط التواتر استواء طرفيه وما بينهما في الكثرة وليست موجودة في كل طريق منها بمفردها وأجيب أن المراد بإطلاق كونه متواترا رواية المجموع عن المجموع من ابتدائه الى انتهائه في كل عصر وهذا كاف في إفادة العلم ... وكما قررته في نكت علوم الحديث وفي شرح نخبة الفكر وبينت هناك الرد على من أدعى ام مثال المتواتر لا يوجد إلا في هذا الحديث وبين أن أمثلة المتواتر كثيرة : منها :
- حديث من بنى لله مسجدا
- المسح على الخفين
- ورفع اليدين
- والشفاعة
- والحوض
- ورؤية الله في الآخرة
- والأئمة من قريش وغير ذلك والله المستعان |.
( 334 )
" ( ج1 / ص 269 )
ما نقله البيهقي عن الحاكم ووافقه أنه جاء حديث " من كذب علي متعمدا .." من رواية العشرة المشهورة قال : وليس في الدنيا حديث أجمع العشرة على روايته غيره فقد تعقبه غير واحد لكن الطرق عنهم موجودة فيما جمعه ابن الجوزي ومن بعده – ومن الصحاح علي والزبير ومن الحسان طلحة وسعد وسعيد وأبو عبيدة ومن الضعيف المتماسك طريق عثمان وبقيتها ضعيف وساقط .
( 335 )
( ج1 / ص 269 )
" طريقة البخاري في الأحكام التي يقع فيها الأختلاف أن لا يجزم فيها بشيء بل يوردها على الاحتمال
( 336 )
( ج1 / ص 270 )
" القاعدة :
في كل من روى عن متفقي الاسم ان يحمل من أهمل نسبته على من يكون به خصوصية من إكثار ومحوه كمثل وكيعا ً قليل الروواية عن ابن عيينة بخلاف الثوري .
( 337 )
( ج1 / ص 273 )
أن أبا هريرة كان جازما بأنه ليس في الصحابة أكثر حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم منه إلا عبد الله بن عمرو مع ان الموجود المروي عن عبد الله بن عمرو أقل من الموجود المروي عن أبي هريرة بأضعاف مضاعفة والسبب فيه من جهات :
· أن عبد الله كان مشتغلا بالعبادة أكثر من اشتغاله بالتعليم فقلت الرواية عنه
· أن أكثر مقامه بعد فتوح الأمصار بمصر أو بالطائف ولم تكن الرحلة اليهما ممن يطلب العلم كالرحلة الى المدينة
· كان ابوهريرة متصديا فيها للفتوى والتحديث في المدينة إلى أن مات ويظهر هذا من كثرة من حمل عن أبي هريرة فقد ذكر البخاري انه روى عنه ( ثمانمائة نفس ) من التابعين ولم يقع هذا لغيره
· ما اختص به أبو هريرة من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم له بأن لا ينسى ما يحدثه به
· ان عبدالله كان قد ظفر في الشام بحمل جمل من كتب أهل الكتاب فكان ينظر فيها ويحدث منها فتجنب الأخذ عنه لذلك من أئمة التابعين والله أعلم
( 339 )
( ج1 / ص 274 )
والتوفيق بين قصة أبي شاه أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابة الحديث عنه " اكتبوا لأبي شاه " وهو يعارض حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن " رواه مسلم
والجمع بينهما :
ان النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره والأذن في غير ذلك
أو أن النهي خاص بكتابة غير القرآن مع القرآن في شي واحد والأذن في تفريقهما
أو النهي متقدم والأذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس وهو أقربها مع أنه لا ينافيها وقيل النهي خاص بمن خشي منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ والأذن لمن أمن منه ذلك
ومنهم من أعل حديث أبي سعيد وقال : الصواب وقفه على أبي سعيد قاله البخاري وغيره
وقال العلماء كره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظا كما اخذوا حفظا لكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دونوه وأول من دون الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز ثم كثر التدوين ثم التصنيف وحصل بذلك خير كثير فلله الحمد "
( 340 )
( ج1 / ص 276 )
في الحديث " لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه .." قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده "
اختلف في المراد بالكتاب فقيل : كان أراد أن يكتب كتابا ينص فيه على الأحكام ليرتفع الاختلاف
وقيل : اراد ان ينص على أسامي الخلفاء بعده حتى لا يقع بينهم الاختلاف قاله سفيان بن عيينة ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم قال في أوائل مرضه وهو عند عائشة : " ادعي لي أباك واخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " أخرجه مسلم
( 341 )
" ( ج1 / ص 277 )
الاختلاف قد يكون سببا في حرمان الخير كما وقع في قصة الرجلين الذي تخاصما فرفع تعيين ليلة القدر بسبب ذلك
( 342 )
( ج1 / ص 279 )
في حديث " سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن ..."
في الحديث جواز قول : " سبحان الله " عند التعجب
( 343 )
( ج1 / ص 280 )
قوله ( لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض )
وقال ابن بطال : إنما اراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه المدة تخترم الجيل الذي هم فيه فوعظهم بقصر أعمارهم وأعلمهم أن أعمارهم ليست كأعمار من تقدم من الأمم ليجتهدوا في العبادة
وقال النووي : المراد أن كل من كان تلك الليلة على الأرض لا يعيش بعد هذه الليلة أكثر من مائة سنة سواء قل عمره قبل ذلك أم لا وليس في نفي حياة أحد يولد بعد تلك الليلة مائة سنة
( 344 )
( ج1 / ص 282 )
" قال الشافعي رضي الله عنه : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في عصره
وقد كان ابن عمر يترحم عليه في جنازته ويقول: كان يحفظ على المسلمين حديث النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن سعد .
وقد روى البخاري في " التاريخ " والحاكم في " المستدرك " من حديث طلحة بن عبيد الله شاهدا لحديث أبي هريرة ولفظه " لا أشك أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا نسمع وذلك أنه كان مسكينا لا شيء له ضيفا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
( 345 )
( ج1 / ص 284 )
قوله ( فما نسيت شيئا بعد )
وأما ما أخرجه ابن وهب من طريق الحسن بن عمرو بن أمية قال : تحدثت عند أبي هريرة بحديث فأنكره فقلت إني سمعت منك فقال : إن كنت سمعته مني فهو مكتوب عندي
لكن سندها ضعيف "
وعلى تقدير ثبوته فهو " نادر "
ويلتحق به حديث أبي سلمة عنه " لا عدوى " فإنه قال فيه " إن أبا هريرة أنكره "
قال : فما رأيته نسي شيئا غيره .
( 346 )
( ج1 / ص 285 )
وقد ظن بعضهم إن ( ابن أبي فديك ) أنه محمد بن إبراهيم بن دينار المذكور قبل وليس كما ظن لأن ابن ابي فديك اسمه محمد بن إسماعيل بن مسلم وهو ليثي يكنى أبا اسماعيل وابن دينار جهني يكنى أبا عبد الله لكن اشتركا في الرواية عن ابن أبي ذئب لحديث " قلت : يا رسول الله إني أسمع منك حديثا كثيرا فأنساه .."
( 347 )
" ( ج1 / ص 286 )
" حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم كقوله : أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة
واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة "
( 348 )
( ج1 / ص 287 )
وقد وقع التفريق بين الإنصات والاستماع في قوله تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا }
ومعناها مختلف فالإنصات : هو السكوت وهو يحصل ممن يستمع وممن لا يستمع كأن يكون مفكرا في أمر آخر وكذلك الاستماع قد يكون مع السكوت وقد يكون مع النطق بكلام آخر لا يشتغل الناطق به عن فهم ما يقول الذي يستمع منه
وقد قال سفيان الثوري وغيره : أول العلم الاستماع ثم الإنصات ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر .
( 349 )
( ج1 / ص 289 )
نوف البكالي ) منسوب الى بكال بطن من حمير ووهم من قال إنه منسووب إلى بكيل بكسر الكاف بطن من همدان لأنهما متغايران ونوف المذكور تابعي من أهل دمشق فاضل عالم لاسيما بالإسرائيليات وكان ابن امراة كعب الأحبار وقيل غير ذلك .
وقول ابن عباس له " كذب عدو الله "
قال ابن التين : لم يرد ابن عباس إخراج نوف عن ولاية الله ولكن قلوب العلماء تنفر إذا سمعت غير الحق فيطلقون أمثال هذا الكلام لقصد الزجر والتحذير منه
( 350 )
( ج1 / ص 290 )
" الظاهر أن الخضر نبي بل نبي مرسل
ومن أوضح ما يستدل به على " نبوة الخضر " قوله تعالى { وما فعلته عن أمري }
وينبغي اعتقاد كونه نبيا لئلا يتذرع بذلك أهل الباطل في دعواهم أن الولي أفضل من النبي حاشا وكلا .
( 351 )
( ج1 / ص 291 )
وإن العقل لا يحسن ولا يقبح وإن ذلك راجع إلى لاشرع فما حسنه بالثناء عليه فهو حسن وما قبحه بالذم فهو قبيح
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
" هذا هو قول بعض أهل السنة وذهب بعض المحققين منهم إلى أن العقل يحسن ويقبح لما فطر الله عليه العباد من معرفة الحسن والقبيح وقد جاءت الشرائع الإلهية تأمر بالحسن وتنهى عن القبيح ولكن لا يترتب الثواب ووالعقاب على ذلك إلا بعد بلوغ الشرع كما حقق ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في " مفتاح درا السعادة " وهذا هو الصواب
( 352 )
( ج1 / ص 292 )
وقع لبعض الجهلة ان الخضر أفضل من موسى تمسكا بالقصة وبما اشتملت عليه وهذا إنما يصدر من قصر نظره على هذه القصة ولم ينظر فيما خص الله به موسى عليه السلام من الرسالة وسماع كلام الله وإعطائه التوارة فيما علم كل شيء وإن أنبياء بني اسرائيل كلهم داخلوون تحت شريعته ومخاطبون بحكم نبوته حتى عيسى .. والخضر وإن كان نبيا فليس برسول باتفاق والرسول أفضل من نبي ليس برسول وغاية الخضر أن يكون كواحد من أنبياء بني إسرائيل وموسى افضلهم وإنما كانت قصة الخضر مع موسى امتحانا لموسى ليعتبر .
( 353 )
( ج1 / ص 297 )
قال البخاري : حدثنا عبيد الله بن موسى عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن علي قال : حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟
· معروف بن خربوذ تابعي صغير مكي ليس له في البخاري غير هذا الموضع
· هذا الإسناد من عوالي البخاري لأنه يلتحتق بالثلاثيات من حيث ان الراوي الثالث منه صحابي وهو أبوو الطفيل عامر بن واثلة الليثي آخر الصحابة موتا وليس له في البخاري غير هذا الموضع .
· ومثله قول ابن مسعود : " ما انت محدثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة "
( 354 )
( ج1 / ص 299 )
في الحديث " إذا يتكلوا .."
استدل بعض متكلمي الأشاعرة من قوله : " يتكلوا " على أن للعبد اختيارا كما سبق في علم الله
قال العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في حاشية تعليقه :
" هذا الذي عده الشارح لبعض متكلمي الأشاعرة هو قول أهل السنة وهو أن للعبد اختيارا وفعلا ومشيئة لكن ذلك إنما يقع بعد مشيئة الله كما قال تعالى { لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } فتنبه .
( 355 )
( ج1 / ص 300 )
حدثنا مسدد قال : حدثنا معتمر قال : سمعت أبي قال : سمعت أنسا قال : ذكر لي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ : " من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ... الحديث
" تنبيه "
أورد المزي في الأطراف هذا الحديث في " مسند أنس " وهو من مراسيل انس وكان حقه أن يذكره في المبهمات والله الموفق .
( 356 )
( ج1 / 302 )
" الحياء من الإيمان وهو الشرعي الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام للأكابر وهو محمود وأما ما يقع سببا لترك أمر شرعي فهو مذموم وليس هو بحياء شرعي وإنما هو ضعف ومهانة وهو المراد بقول مجاهد : لا يتعلم العلم مستحي وقول مجاهد وصله أبو نعيم في الحلية وهو اسناد صحيح على شرط البخاري
( 357 )
( ج1 / ص 305 )
" اشتمل كتاب العلم من الأحاديث المرفوعة على مائة حديث وحديثين منها في المتابعات بصيغة التعليق وغيرها ثمانية عشر والتعاليق التي لم يوصلها في مكان آخر أربعة وقد وافقه مسلم على تخريجها إلا ستة عشر حديثا "
( 358 )
" ( ج1 / ص 305 )
" المراد بموافقة مسلم للبخاري موافقته على تخريج أصل الحديث عن صحابيه وإن وقعت بعض المخالفة في بعض السياقات
( 359 )
( ج1 / ص 305 )
قال ابن رشد : ختم البخاري كتاب العلم بباب من أجاب السائل بأكثر مما سأل عنه إشارة منه إلى أنه بلغ الغاية في الجواب عملا بالنصيحة واعتمادا على النية الصحيحة
( 360 )
( ج1 / ص 307 )
" حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء فتوضأ مرة مرة وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به "
ففيه بيان الفعل والقول معا
لكنه حديث ضعيف أخرجه ابن ماجه وله طرق أخرى كلها ضعيفة "
( 361 )
( ج1 / ص 308 )
قوله ( ولم يزد على ثلاث .."
لم يأت في شيء من الحاديث المرفوعة في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم أنه زاد على ثلاث بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم ذم من زاد عليها وذلك فيما رواه أبوداود وغيره من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال : من زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم " اسناده جيد
ولكن عده مسلم في جملة ما أنكر على عمرو بن شعيب لأن ظاهره ذم النقص من الثلاث
وأجيب باقوال منها :
بان الرواة لم يتفقوا على ذكر النقص فيه بل أكثرهم مقتصر على قوله " فمن زاد " فقط كما رواه ابن خزيمة في صحيحه " وغيره .
( 362 )
( ج1 / ص 308 )
ومن الغرائب ما حكاه الشيخ أبو حامد الإسفرايني عن بعض العلماء انه لا يجوز النقص من الثلاث وكأنه تمسك بظاهر حديث " أو نقص .." وهو محجوج بالإجماع
وأما قوول مالك في " المدونة " لا أحب الواحدة إلا من العالم فليس فيه إيجاب زيادة عليها والله أعلم .
( 363 )
( ج1 / ص 308 )
" وقال أحمد وإسحاق ووغيرهما : لا تجوز الزيادة على الثلاث – في الوضوء
وقال ابن المبارك : لا آمن أن يأثم
وقال الشافعي : لا احب أن يزيد المتوضئ على ثلاث فإن زاد لم أكرهه أي لم أحرمه
واًح عند الشافعية أنه مكروه كراهة تنزيه
وحكى الدرامي عن قوم أن الزيادة على الثلاث تبطل الوضوء كالزيادة في الصلاة وهو قياس فاسد
( 365 )
" ( ج1 / ص 308 )
والحديث " الوضوء على الوضوء نور "
حديث ضعيف "
( 366 )
( ج1 / ص 309 )
( نعيم المجمر : هو ابن عبد الله المدني وصف هو وأبوه بذلك لكونهما كانا يبخران مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ")
( ( 367 )
( ج1 / ص 310 )
" في حديث أبي هريرة : إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين .." أي أمة الإجابة وهم المسلمون وقد تطلق أمة محمد ويراد بها ( أمة الدعوة ) .
الغرة : لمعة بيضاء تكون في جبهة الفرس والمراد بها النور الكائن في ووجووه أمة محمد صلى الله عليه وسلم
التحجيل : بياض يكون في ثلاث قوائم من قوائم الفرس
( 368 )
( ج1 / ص 311 )
) فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل (
رواه أحمد من طريق فليح عن نعيم وفي آخره : " قال نعيم لا أدري قوله من استطاع إلخ من قول النبي صلى الله عليه وسولم أو من قول أبي هريرة ولم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه والله أعلم "
( 369 )
( ج1 / ص 311 )
" اختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل فقيل : إلى المنكب والركبة وقد ثبت عن أبي هريرة رواية ورأيا . وعن ابن عمر من فعله أخرجه ابن أبي شيبة وابو عبيد باسناد حسن
وقيل المستحب : الزيادة إلى نصف العضد والساق وقيل الى فوق ذلك
وقال ابن بطال وطائفة من المالكية : لا تستحب الزيادة على الكعب والمرفق لقوله صلى الله عليه وسلم " من زاد على هذا فقد أساء وأظلم " وكلامهم معترض
ورواية مسلم صريحة في الاستحباب فلا تعارض بالاحتمال
وقد صرح باستحباابه جماعة من السلف وأكثر من الشافعية والحنفية
قال ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
" الأصح في هذه المسألة شرعية الإطالة في التحجيل خاصة وذلك بالشروع في العضد والساق تكميلا للمفروض من غسل اليدين كما صرح ابو هريرة برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم والله أعلم .
( 370 )
( ج1 / ص 313 )
" حديث " لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ..الحديث "
قال النووي رحمه الله : هذا الحديث أصل في حكم بقاء الأشياء على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك ولا يضر الشك الطاريء عليها واخذ بهذا الحديث جمهور العلماء
( 371 )
( ج1 / ص 315 )
" وقوله " رؤيا الأنبياء وحي "
رواه مسلم مرفوعا
ووجه الاستدلال من جهة أن الرؤيا لو لم تكن وحيا لما جاز لابراهيم عليه السلام الاقدام على ذبح ولده "
( 372 )
( ج1 / ص 316 )
" وقد روى ابن المنذر بإسناد صحيح ان ابن عمر كان يغسل رجليه في الوضوء سبع مرات وكأنه بالغ فيهما دون غيرهما لأنهما محل الأوساخ غالبا لاعتيادهم المشي حفاة والله أعلم
( 373 )
" ( ج1 / ص 316 )
" الماء الذي توضأ به صلى الله عليه ووسلم ليلتئذ كان من ماء زمزم أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زيادات مسند أبيه بإسناد حسن من حديث علي بن أبي طالب فيستفاد منه الرد على من منع استعمال ماء زمزم لغير الشرب .
( 374 )
( ج1 / ص 319 )
في الحديث " لو أن أحدكم أتى أهله قال : " بسم الله " الحديث ...
أفاد الكرماني أنه رأى في نسخة قرئت على الفربري قيل لأبي عبد الله يعني البخاري المصنف من لا يحسن العربية يقولها بالفارسية ؟ قال : نعم .
( 375 )
( ج1 / ص 319 )
" البخاري في جميع ما يورده من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل ذلك الفن كأبي عبيدة والنظر بن شميل والفراء وغيرهم وأما المباحث الفقهية فغالبها مستمدة له من الشافعي وأبي عبيد وأمثالهم واما المسائل الكلامية فأكثرها من الكرابيسي وابن كلاب ونحوهما .
-
والنظر بن شميل صوابه: النضر بن شميل. فليصحح.
-
" وقوله " رؤيا الأنبياء وحي "
رواه مسلم مرفوعا ".
وهنا سؤال: أين هذا الحديث في صحيح مسلم؟
والجواب عند الإمام الألباني فقد قال في "
ظلال الجنة" (1/ 202):"وعزاه الحافظ في "الفتح" لمسلم مرفوعاً وهو من أوهامه كما نبهت على ذلك في تعليقي على كتابي "مختصر صحيح البخاري" يسر الله إتمامه". وقال في "مختصر صحيح الإمام البخاري" (1/ 69):"قال الحافظ:"عبيد بن عمير من كبار التابعين، ولأبيه عمير بن قتادة صحبة، وقوله: رؤيا الأنبياء وحي. رواه مسلم مرفوعا، وسيأتي في "97 - التوحيد" من رواية شريك عن أنس".
قلت: حديث أنس يأتي هناك "باب 37" بلفظ: " تنام عينه، ولا ينام قلبه"، وليس فيه: رؤيا الأنبياء وحي كما يوهمه كلامه، ولم أره عند مسلم أيضا؛ لا مرفوعاً ولا موقوفاً، وإنما رواه موقوفاً على ابن عباس ابن أبي عاصم في "السنة" (برقم 463 - تحقيقي) بسند حسن على شرط مسلم".
وهنا يقال: لو كان هناك ما يدفع قول الإمام الألباني: إن الحديث لا وجود له في صحيح مسلم مرفوعاً ولا موقوفاً فليأت به مشكوراً.
فإذا اتضح أن الحديث لا وجود له في صحيح مسلم، فيرفع من الفوائد، كما هو ظاهر. مع أن الأخ المطروشي لا يستجيب كما مر في سؤال سابق . والله المستعان.
-
جزاك الله خيرا على التنبيه
أما عن عدم الاستجابة
فهداك الله واصلحك
المؤمن يقبل المعاذير
وفقكم الله وسدد متابعاتكم
واشكر حرصكم على تتبع ما نكتب
وفقتم للخير
-
( 376 )
( ج1 / ص 320 )
الخبث جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة يريد ذكران الشياطين وإناثهم قاله الخطابي وابن حبان وغيرهما
ووقع في نسخة ابن عساكر " قال ابو عبد الله البخاري ويقال الخبث فإن كان من الكلام فهو الشتم وغن كان من الملل فهو الكفر وإن كان من الطعام فهو الحرام وإن كان من الشراب فهوو الضار وعلى هذا فالمراد بالخبائث المعاصي أو مطلق الأفعال المذمومة ليحصل التناسب
ولهذا وقع في الترمذي وغيره " أعوذ بالله من الخبث والخبيث " أو " الخبث والخبائث " هكذا على الشك
( 377 )
( ج1 / ص 327 )
وقوله " كان قصة الإفك قبل نزول آية الحجاب "
قال المعلق على الحاشية :
" قال الحافظ ابن حجر في " الحديث 4750 " قوله " وكنت قد أمليت في أوائل كتاب الوضوء يعني في هذا الموضع أن قصة الإفك وقعت قبل نزول الحجاب وهو سهو والصواب بعد نزول الحجاب فليصلح هناك "
( 378 )
( ج1 / ص 329 )
" باب الاستنجاء بالماء "
" قال أنس بن مالك : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته أجي أنا وغلام معنا إداوة من ماء يعني يستنجي به .
اراد بذه الترجمة الرد على من كرهه وعلى من نفى وقوعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى ابن أبي شيبة باسانيد صحيحة عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه سئل عن الاستنجاء بالماء فقال : إنه لا يزال في يدي نتن
وعن نافع ان أبا ابن عمر كان لا يستنجي بالماء
ونقل ابن التين عن مالك أنه أنكر ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم استنجى بالماء
وعن ابن حبيب من المالكية أنه منع الاستنجاء بالماء لأنه مطعوم
( ( 379 )
( ج1 / ص 329 )
" ( أجي أنا وغلام )
والغلام هو المترعرع قاله أبوعبيد وقال في المحكم : من لدن الفطام إلى سبع سنين وحكى الزمخشري في اساس البلاغة أن الغلام هو الصغير إلى حد الالتحاء فإن قيل له بعد الالتحاء غلام فهو مجاز
( 380 )
( ج1 / ص 331 )
العنزة بفتح النون عصا أقصر من الرمح لها سنان وقيل هي الحربة الصغيرة ووقع في رواية كريمة في العنزة : عصا عليها زج بزاي مضمومة أي سنان وفي الطبقات لابن سعد ان النجاشي كان أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم ويؤيد هذا كانت على صفة الحربة لأنها من الآت الحبشة
( 381 )
( ج1 / ص 331 )
قول البخاري : " باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء "
وفهم بعضهم من تبويب البخاري أنها كانت تحمل ليستتر بها عند قضاء الحاجة وفيه نظر لأن ظابط السترة في هذا ما يستر الأسافل والعنزة ليست كذلك
يحتمل ان يركزها امامه ويضع عليها الثوب الساتر
أو يركزها بجنبه لتكون إشارة إلى منع من يروم المرور بقربه
أو تحمل لنبش الأرض الصلبة
أو لمنع ما يعرض من هووام الأرض لكونه صلى الله عليه وسلم يبعد عند قضاء الحاجة
أو تحمل لأنه كان إذا استنجى توضأ وإذا توضأ صلى وهذا [ أظهر وجه ]
( 383 )
( ج1 / ص 335 )
" باب الاستنجاء بالحجارة :
قوله : حدثنا أحمد بن محمد المكي ..
هو أبو الوليد الأزرقي جد أبي الوليد محمد بن عبد الله صاحب تاريخ مكة وفي طبقته أحمد بن محمد المكي لكن كنيته أو محمد واسم جد عون ويعرف بالقواس
وقد وهم من زعم ان البخاري روى عنه وإنما روى عن أبي الوليد ووهم أيضا من جعلهما واحدا .
( 384 )
( ج1 / ص 336 )
" أبي عبيدة لم يسمع من أبيه على الصحيح فتكون منقطعة "
( 385 )
( ج1 / ص 337 )
حديث سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يستنج أحدكم بأقل من ثلاثة أحجار " رواه مسلم
وأخذ بهذا الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث فاشترطوا أن لا ينقص من الثلاث مع مراعاة الانقاء إذا لم يحصل بها فيزاد حتى ينقى ويستحب الإيتار لقوله : " ومن استجمر فليوتر " وليس بواجب لزيادة في أبي داود حسنة الإسناد : " ومن لا فلا حرج " وبهذا يحصل الجمع بين الروايات .
( 386 )
( ج1 / ص 338 )
قوله ( هذا ركس )
قيل : الركس الرجيع رد من حالة الطهارة إلى حالة النجاسة قاله الخطابي وغيره
قال ابن بطال : لم أر هذا الحرف في اللغة يعني الركس بالكاف
اغرب النسائي فقال عقب هذا الحديث : الركس طعام الجن وهذا إن ثبت في اللغة فهو مريح من الإشكال .
( 387 )
( ج1 / 341 )
" قال الشافعي : يستحب التثليث في المسح كما في الغسل واستدل له بظاهر رواية لمسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا
وقال ابو داود في " السنن " أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة واحدة
وكذا ابن المنذر : إن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح مرة واحدة وبان المسح مبني على التخفيف فلا يقاس على الغسل
وبالغ ابو عبيد فقال : لا نعلم أحدا من السلف استحب تثليث مسح الرأس إلا ابراهيم التيمي وفيما قاله نظر
فقد ابن ابي شيبة وابن المنذر عن أنس وعطاء وغيرهما
وقد روى ابوداود من وجهين صحح أحدهما ابن خزيمة وغيره في حديث عثمان بتثليث مسح الرأس والزيادة من الثقة مقبولة
قال الشيخ ابن باز في حاشية تعليقه :
لكنها رواية شاذة فلا يعتمد عليها كما تقدم من كلام أبي داود رحمه الله تعالى .
( 389 )
( ج1 / ص 343 )
" والاستنثار : هو طرح الماء الذي يستنشقه المتوضىء لتنظيف ما بداخله فيخرج بريح أنفه سواء كان بإعانة يده أم لا .
حكي عن مالك كراهية فعله بغير اليد لكونه يشبه فعل الدابة والمشهور عدم الكراهة .
( 390 )
( ج1 / ص 343 )
" وإذا استنثر بيده فالمستحب أن يكون باليسرى
بوب عليه النسائي وأخرجه مقيدا بها من حديث علي
( 391 )
" ( ج1 / ص 345 )
فكأن البخاري رحمه الله كان يرى جواز جمع الحديثين إذا اتحد سندهما في سياق واحد
وكما يرى جواز تفريق الحديث الواحد إاذ اشتمل على حكمين مستقلين "
( 392 )
( ج1 / ص 345 )
قوله ( اذا استيقظ أحدكم من نومه )
· أخذ بعمومه الشافعي والجمهور استحبوه عقب كل نوم
· وخصه أحمد بنوم اليل لقوله في الحديث " باتت يده " لأن حقيقة المبيت ان يكون في الليل
· قال الرافعي في " شرح المسند " : يمكن ان يقال الكراهة في الغمس لمن نام ليلا أشد منها لمن نام نهارا لأن الاحتمال في نوم اليل أقرب لطوله عادة
· الأمر عند الجمهور على الندب وحمله أحمد على الوجوب في نوم الليل دون النهار
· وعنه في رواية لأحمد استحبابه في نوم النهار
· واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء وقال اسحاق وداود والطبري ينجس واستدلوا بما ورد الأمر بإراقته لكنه حديث ضعيف أخرجه ابن عدي
· والقرينة الصارفة للأمر عن الوجوب عند الجمهور التعليل بأمر يقتضي الشك لأن الشك لا يقتضي وجوبا في هذا الحكم استصحابا لأصل الطهارة
( 395 )
( ج1 / ص 348 )
قوله " ويل ) :
اختلف في معناه على أقوال : أظهرها ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد مرفوعا : " ويل واد في جهنم "
( 396 )
" ( ج1 / ص 348 )
وقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة وضوئه أنه غسل رجليه وهو المبين لأمر الله وقد قال في حديث عمرو بن عنبسة الذي رواه ابن خزيمة في " فضل الوضوء " " ثم يغسل قدميه كما أمره الله " ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا من علي وابن عبا س وأنس وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين رواه سعيد بن منصور
وادعى الطحاوي وابن حزم ان المسح منسوخ والله أعلم .
( 397 )
( ج1 / ص 350 )
" زاد مسلم في رواية ليونس " قال الزهري : كان علماؤنا يقولون هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة " – حديث حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنهم
( 398 )
( ج1 / ص 351 )
وقد تمسك من اكتفى بالمسح بقوله تعالى { وأرجلكم } عطفا على { وأمسحوا برؤوسكم } فذهب إلى ظاهرها جماعة من الصحابة والتابعين فحكي عن ابن عباس في رواية ضعيفة والثابت عنه خلافه وعن عكرمة والشعبي وقتادة وهو قول الشيعة وعن الحسن البصري الواجب الغسل او المسح
وعن بعض أهل الظاهر يجب الجمع بينهما وحجة الجمهور الأحاديث الصحيحة المذكورة من فعل النبي صلى اله عليه وسلم وأجابوا بأجوبة منها :
- قيل المسح في الآية محمول لمشروعية المسح على الخفين فحملوا قراءة الجر على مسح الخفين وقراءة النصب على غسل الرجلين
- وقرر ابو بكر بن العربي تقريرا حسنا فقال ما ملخصه :
- بين القراءتين تعارض ظاهر والحكم فيما ظاهره التعارض أنه إن أمكن العمل بهما وجب وإلا عمل بالقدر الممكن ولا يتأتى الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة لأنه يؤدي الى تكرار المسح لأن الغسل يتضمن المسح والأمر المطلق لا يقتضي التكرار .فيقي أن يعمل بهما في حالين توفيقا بين القراءتين وعملا بالقدر الممكن .
( 399 )
( ج1 / ص 354 )
قال النووي رحمه الله : قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين وما كان بضدهما استحب فيه التياسر .
قال : وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سنة ومن خالفها فاته الفضل وتم وضوؤه . انتهى .
ومراده العلماء : أهل السنة وإلا فمذهب الششيعة الوجوب وغلط المرتضى منهم فنسبه للشافعي وكأنه ظن أن ذلك لازم من قوله بوجوب الترتيب .
ووقع في البيان " للعمراني " والتجريد " للبندنيجي نسبة القول بالوجوب إلى الفقهاء السبعة وهو تصحيف من الشيعة
وفي كلام الرافعي ما يوهم أن احمد قال بوجوبه ولا نعرف ذلك عنه بل قال الشيخ الموفق في " المغني " : لا نعلم في عدم الوجوب خلافاً .
( 400 * )
( ج1 / ص 356 )
قوله ( حتى توضؤوا من عند آخرهم )
قال النووي : من هنا بمعنى إى وهي لغة . وتعقبه الكرماني بأنها شاذة قال : ثم إن إلى لا يجوز ان تدخل على عند ..." ا ه
( 401 )
( ج1 / ص 356 )
" قال ابن بطال رحمه الله : هذا الحديث – يعني حديث " نبع الماء " – شهده جمع من الصحابة إلا أنه لم يرو إلا من طريق أنس وذلك لطول عمره ولطلب الناس علو السند .
قال القاضي عياض : هذه القصة رواها العدد الكثير من الثقات عن الجم الغفير عن الكافة متصلا عن جملة من الصحابة بل لم يؤثر عن أحد منهم إنكار ذلك فهو ملتحق بالقطعي من معجزاته انتهى .
( 402 )
( ج1 / ص ص 357 )
والحكمة ان حكمه صلى الله عليه وسلم حكم جميع المكلفين في الحكام التكليفية إلا فيما خص بدليل وقد تكاثرت الأدلة على طهارة فضلاته وعد الأئمة ذلك في خصائصه فلا يلتفت إلى ما وقع في كتب كثير من الشافعية مما يخالف ذلك فقد استقر الأمر بين أئمتهم على القول بالطهارة وهذا كله في شعر الآدمي أما شعر الحيوان غير المأكول المذكى ففيه اختلاف مبني على ان الشعر هل تحله الحياة فيتنجس بالموت أو لا فالأصح عند الشافعية أنه ينجس بالموت وذهب جمهور العلماء إلى خلافه
( 403 )
( ج1 / ص 357 )
وقال البغووي في " شرح السنة " في قوله صلى الله عليه وسلم في شاة ميمونة " إنما حرم أكلها " يستدل به لمن ذهب إلى أن ما عدا ما يؤكل من أجزاء الميتة لا يحرم الانتفاع به . ا ه
( 404 )
( ج1/ ص 357 )
وصله محمد بن اسحاق الفاكهاني في اخبار مكة بسند صحيح الى عطاء وهو ابن ابي رباح انه كان لا يرى باسا بالانتفاع بشعور الناس التي تحلق بمنى .
( 405 )
( ج1/ ص 358 )
وقع في رواية أبي الحسن القابسي عن أبي زيد المروزي في قول عثمان " يقول الله تعالى " فإن لم تجدوا الماء " وكذا حكاه أبو نعيم في " المستخرج على " البخاري " وفي
باقي " الرويات " { فلم تجدوا } وهو الموافق للتلاوة
قلت : لعل الثوري حكاه بالمعنى وكان يرى جواز ذلك .
( 406 )
( ج1 / ص 358 )
عن ابن سيرين قال : قلت لعبيدة : عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قبل أنس – أو من قبل أهل أنس فقال : لأن تكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدنيا وما فيها
وعن ابن سيرين عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره
· الشعر الذي حصل لأبي طلحة بقي عند آل بيته إلى أن صار لمواليهم منه لأن ابن سيرين والد محمد كان مولى أنس بن مالك وكان أنس ربيب أبي طلحة
· والشعر طاهر وإلا لما حفظوه ولا تمنى عبيدة أن يكون عنده شعرة واحدة منه
· قال النووي : فيه استحباب البداءة بالشق الأيمن من رأس المحلوق وهو قول الجمهوور خلافا لأبي حنيفة وفيه طهارة شعر الآدمي وبه قال الجمهور وهو الصحيح
· وفيه التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم وجواز اقتنائه
( 407 )
( ج1 / ص 360 )
في الحديث عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا شرب الكلب ...."
· ادعى ابن عبد البر أن لفظ " شرب " بم يروه إلا مالك وأن غيره رواه بلفظ " ولغ "
· وليس كما ادعى فقد رواه ابن خزيمة وابن المنذر من طريقين عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة بلفظ : " إذا شرب "
· كذا أخرجه مسلم وغيره من طرق عنه وقد رواه عن أبي الزناد شيخ مالك بلفظ : " إذا شرب "
( 408 )
( ج1 / ص 361 )
قوله : حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال :
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا "
· لم يقع في رواية مالك التتريب ولم يثبت في شيء من الروايات عن أبي هريرة إلا عن ابن سيرين على أن بعض أصحابه لم يذكروها
· اختلف الروواة عن ابن سيرين في محل غسلة التتريب فلمسلم وغيره من طريق هسام بن حسان عنه ( أولاهن ) وهي رواية الأكثر عن ابن سيرين
· وقال ابان عن قتادة ( السابعة )
· وللشافعي عن سفيان عن ابن سيرين ( أولاهن أو إحداهن )
· قطريق الجمع بين هذه الروايات أن يقال إحداهن مبهمة وأولاهن والسابعة معينة وأو إن كانت للتخيير فمقتضاها حمل المطلق على المقيد أن يحمل على أحدهما لأنه فيه زيادة على الرواية المعينة وهو الذي نص عليه الشافعي في " الأم " والبويطي .
· رواية ( أولاهن ) هي أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية ومن حيث المعنى أيضا
· خالف ظاهر هذا الحديث المالكية والحنفية فأما المالكية فلم يقولوا بالتتريب أصلا مع إيجابهم التسبيع على المشهور عندهم لأن التتريب لم يق في رواية مالك قال القرافي منهم : قد صحت فيه الأحاديث فالعجب منهم كيف لم يقولوا بها
· وعن مالك رواية ان المر بالتسبيع للندب والمعروف عند أصحابه أنه للوووجوب لكنه للتعبد لكون الكلب طاهرا عندهم .
( 409 )
" ( ج1 / ص 362 )
" أن الفاظ الشرع إذا دارت بين الحقيقة اللغوية والشرعية حملت على الشرعية إلا إذا قام دليل
( 410 )
( ج1/ ص 462 )
الحنفية فلم يقولوا بوجوب السبع ولا التتريب واعتذر الطحاوي وغيره عنهم بامور منها كون أبي هريرة روابة افتى بثلاث غسلات فثبت بذلك نسخ السبع وتعقب بأنه يحتمل أن يكون افتى بذلك لاعتقاده ندبية السبع لا وجوبها أو كان نسي
( 411 )
( ج1 / ص 363 )
حديث عبد الله بن المغفل الذي أخرجه مسلم ولفظه : " فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة في التراب "
· في رواية لأحمد " بالتراب "
· نقل عن الشافعي أنه قال : هو حديث لم أقف على صحته ولكن هذا لا يثبت العذر لمن وقف على صحته
· جنح بعضهم الترجيح لحديث أبي هريرة على حديث ابن مغفل والترجيح لا يصار إليه مع إمكان الجمع والأخذ بحديث ابن مغفل يستلزم الأخذ بحديث ابي هريرة دون العكس والزيادة من الثقة مقبولة
· لو سلكنا الترجيح في هذا الباب لم نقل بالتتريب أصلا لأن رواية مالك بدونه أرجح من رواية من أثبته
( 412 )
( ج1 / ص 365 )
حكى ابن التين عن الدراودي الشارح أنه أبدل قوله " يرشون " بلفظ " يرتقبوون " وفسره بأن لا يخشون فصحف اللفظ وأبعد عن التفسير لأن معنى الاتقاب الانتظار
( 413 )
( ج1 / ص 368 )
ان البخاري رحمه الله كان يرى أن خروج الدم في الصلاة لا يبطلها بدليل أن ذكر عقبه أثر الحسن البصري قال : ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم وقد صح أن عمر صلى وجرحه ينبع دماً
( 414 )
( ج1 / ص 369 )
سفيان الثوري سمع من عطاء بن السائب قبل اختلاطه .
( 415 )
( ج1 / ص 372 )
" قال صاحب الأفعال : يقال أقحط الرجل إذا جامع ولم ينزل
حكى ابن الجوزي عن ابن الخشاب أن المحدثين يقولون قحط بفتح القاف قال والصواب [ الضم ]
وروايته في امالي ابن علي القالي بالووجهين في [ القاف ]
يقال قحط الناس وأقحطوا إذا حبس عنهم المطر ومنه استعير لتأخر الإنزال
-
أخي الفاضل مجهودك طيب ومشكور، ولكن يقع فيه الأخطاء الإملائية أو السقط أو التحريف، كان في الإمكان عند الوقوع فيها، وذلك بنسخ المراد من "الفتح" من المكتبة الشاملة، ووضعه في ملف، بدلاً من كتابته التي أوقعتك في الأخطاء المشار إليها، والتي يتفق كل من وقف عليها، على تصويبها، كما أدخل فيه أشياء تعقب فيها الحافظ فلا تصلح أن تكون من الفوائد، وسوف أذكر ما يدل على ذلك كله بالأرقام:
1- أن الحديثيين ... والذي في "الفتح": أن الحديثين ...
2- وشيوخ شيوخه أهل عصره كمالك... والذي في "الفتح": وشيوخ شيوخه، وأهل عصره كمالك .... وكذا نقلتم عن الحافظ:"... والقليل افتتح بخطبة". والذي في "الفتح":" ... والقليل منهم من افتتح كتابه بخطبة". لو ابقيته كما لكان أولى.
3- "وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالبسملة وكذا معظم الرسائل ولهذا من افتتح كتابه منهم بخطبة حمد وتشهد كما صنع مسلم واختلف القدماء فيما إذا كان الكتاب كله شعرا فجاء عن الشعبي منع ذلك وعن الزهري قال : مضت السنة أن لا يكتب في الشعر " بسم الله الرحمن الرحيم " وعن سعيد بن جبير جواز ذلك وتابعه على ذلك الجمهور وقال الخطيب هو المختار.
قال أبو عمر غازي عفا الله عنه: قول الحافظ:"ولهذا من افتتح كتابه منهم بخطبة حمد وتشهد كما صنع مسلم". ليس هذا موضعه، إنما هو في سياق كلامه السابق الذي فيه:"... ولم يزد على التسمية وهم الأكثر، والقليل منهم من افتتح كتابه بخطبة ....". ثم قال:"ولهذا من افتتح كتابه منهم بخطبة حمد وتشهد كما صنع مسلم والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح ..."، ولكن صنيعكم هذا أنكم وضعتم قول الحافظ:"ولهذا من افتتح كتابه منهم بخطبة حمد وتشهد كما صنع مسلم"، في غير موضعه وهذا تصرف منك أربك السياق، كما هو ظاهر؛ فلا حاجة لوضعه هنا فإذا أردت ذكره، فينقل كما ذكره الحافظ، على ما سبق بيانه، وتذكر الفائدة هكذا:"وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالبسملة وكذا معظم كتب الرسائل واختلف القدماء فيما إذا كان الكتاب كله شعرا فجاء عن الشعبي منع ذلك وعن الزهري قال مضت السنة أن لا يكتب في الشعر بسم الله الرحمن الرحيم وعن سعيد بن جبير جواز ذلك وتابعه على ذلك الجمهور وقال الخطيب هو المختار". والله أعلم.
58- فإنهم وغن كان منهم ... والصواب كما في "الفتح": فإنهم وإن كان منهم ...
64- واما هؤلاء فستكوون لهم بقية ... والصواب كما في "الفتح":"... وأما هؤلاء فستكون لهم بقية ....
73- ويفترقان بشيووخهما .... والصواب كما في "الفتح" :"... ويفترقان بشيوخهما ...
83- النفس المارة بالسوء ... والصواب كما في "الفتح" :"... النفس الأمارة بالسوء ...
111- أن الحدوود ... والصواب كما في "الفتح" :"...أن الحدود ...
115- وثيل لا بد من التوبة ... والصواب كما في "الفتح" :"... وقيل لا بد من التوبة ...
137- "خص كفران العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة وهي قوله صلى الله عليه وسلم : " لو أمرت أحدا ان يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " فقرن حق الزوج على الزوجة بحق الله فإذا كفرت المرأة حق زوجها – وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية كان ذلك دليلا على تهاونها بحق الله فلذلك يطلق عليها الكفر لكنه كفر لا يخرج من الملة". هذه الفائدة نقلها الحافظ عن أبي بكر بن العربي من شرحه على "صحيح البخاري"، فلو ذكرتم ذلك لكان أولى من ذكره على أنه من قول الحافظ، فقد قال الحافظ:" قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه ... وخص كفران العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة ...
144- فأقاد أصل تسمية الحلة .... والصواب:" ... فأفاد أصل تسمية ...
146- " الأعجمي من لا يفصح باللسان العربي سواء كان عربيا أو عجميا ". هكذا ذكرت هذه الفائدة عن الحافظ!! والذي في "الفتح":" أعجمي: أي غير فصيح بالعربية سواء كان عربي الأصل أم لا". فلو ذكرتها كما هي لكان أولى.
158- وغن كان من روياة مدلس... والصواب: "وإن كان من رواية ...".
412- حكى ابن التين عن الدراودي الشارح أنه أبدل قوله " يرشون " بلفظ " يرتقبوون " وفسره بأن لا يخشون فصحف اللفظ وأبعد عن التفسير لأن معنى الاتقاب الانتظار ... الصواب كما في "الفتح":" حكى ابن التين عن الداودي الشارح أنه أبدل قوله يرشون بلفظ يرتقبون بإسكان الراء ثم مثناة مفتوحة ثم قاف مكسورة ثم موحدة وفسره بأن معناه لا يخشون فصحف اللفظ وأبعد في التفسير لأن معنى الارتقاب الانتظار.
415- وروايته في أمالي ابن علي القالي بالووجهين ... والصواب كما في "الفتح":"... وروايته في أمالي أبي علي القالي بالوجهين ...".
أكتفي بذلك، حتى لا أطيل عليكم. والله ولي التوفيق.
-
وفقكم الله على التنبيه أصبت في بعض واخطأت في بعض وليس لدي ووقت للرد ولكن سالفت نظركم الى بعض التنبيهات
بعض التنبيهات على كلام الأخ ابو عمر غازي :
- ما هي الفائدة من النقل من الشاملة بلا اختصار مجرد نقل
- هناك بعض الزيادات والمتتبع أو القارئ يعرف المغزى من الكلام ام تتبعك بلا فائدة وانتقادك ليس في محله وهذا يقع من الإنسان للعجلة
- غالبية ما انتقدته هو زيادات حرف الواو وهذا بسبب خلل في الجهاز لعلي انشط واصلحه وفقك الله
- قولك أحيانا بلا فائدة مثلا ما الفرق بين الأعجمي و أعجمي مع ذكري له بلا تحريف وباختصار وكل ما في الفوائد عبارة عن مختصر او ليلائم الفائدة
- تسويد صفحات الانتقاد ليس من دأب طالب العلم فكن حريصا على طلب العلم وفقك الله
-
( 416 )
( ج1 / ص 374 )
" لا يفصح البخاري رحمه الله في مسألة الأمور المحتملة بجواز ولا غيره وهذه عادته . ا ه
( 417 )
( ج1 / ص 374 )
" قال النووي : الاستعانة ثلاثة : إحضار الماء ولا كراهة فيه أصلا
قلت : لكن الأفضل خلافه
قال : الثاني مباشرة الأجنبي الغسل وهذا مكروه إلا لحاجة
الثالث : الصب وفيه وجهان : احدهما يكره والثاني خلاف الأولى
وتعقب بأنه إذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله لا يكون خلاف الأولى وأجيب بأنه فعله لبيان الجواز . باختصار
( 418 )
( ج1 / ص 375 )
" روى ابن المنذر عن علي قال : بئس البيت الحمام ينزع فيه الحياء ولا يقرأ فيه آية من كتاب الله وهذا لا يدل على كراهة القراءة وإنما هو إخبار بما هو الواقع بأن شأن من يكون في الحمام أن يلتهي عن القراءة وحكيت الكراهة عن أبي حنيفة وخالفه صاحبه محمد بن الحسن ومالك فالا لا تكره لأنه ليس فيه دليل خاص وبه صرح صاحبا العدة والبيان من الشافعية
وقال النووي في " التبيان عن الأصحاب " لا تكره فأطلق
لكن في شرح الكفاية للصيمري : لا ينبغي ان يقرأ
وسوى الحليمي بينه وبين القراءة حال قضاء الحاجة
ورجح السبكي الكبير عدم الكراهة ) ا ه باختصار
( 419 )
( ج1 / ص 378 )
" قال ابن بطال : الغشي مرض يعرض من طول التعب والوقوف وهو ضرب من الإغماء إلا أنه دونه وإنما صبت اسماء الماء على رأسها مدافعة له ولو كان شديدا لكان كالإغماء وهو ينقض الوضوء إجماعاً انتهى
( 420 )
( ج1 / ص 379 )"
" وموضع الدلالة من الحديث – حديث عبد الله بن زيد – والآية { وامسحوا برءوسكم }
اان لفظ الآية مجمل يحتمل ان يراد منها مسح الكل على أن الباء زائدة أو مسح البعض على أنها تبعيضية
قال الشيخ ابن باز في حاشية تعليقه :
" ليس في الحديث المذكور على ان تعميم الرأس بالمسح ليس بفرض إذا لم يكن عليه عمامة وإنما يدل الحديث على الاجتزاء بمسح ما ظهر تبعا لمسح العمامة عند وجودها وأما عند عدمها فالواجب تعميمه عملا بحديث عبد الله بن زيد وبذلك يتبين أنه ليس بين الحديثين اختلاف والباء في الآية للإلصاق فليست زائدة ولا التبعيض فتنبه .
( 421 )
( ج1 / ص 381 )
" التور بمثناة مفتوحة قال الدراوردي : قدح وقال الجوهري : إناء يشرب منه وقيل هو الطست وقيل يشبه الطست وقيل هو مثل القدر يكون من صفر أو حجارة ..
( 422 )
( ج1 / ص 382 )
وقد اختلف العلماء : هل يدخل المرفقان في غسل اليدين أم لا ؟ فقال المعظم : : نعم وخالف زفر وحكاه بعضهم عن مالك واحتج بعضهم للجمهمور بأن إلى في الآية بمعنى مع كقوله تعالى { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم }
قال ابن القصار : اليد يتناولها الاسم االى االابط لحديث عمار " انه تيمم الى الابط " وهو من اهل اللغة فلما جاء قوله تعالى { الى المرافق } بقي المرفق مغسولا مع الذراعين بحق الاسم . انتهى
( 423 )
( ج1/ ص 382 )
قال الشافعي في " الأم " : لا أعلم مخالفا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء
فعلى هذا فزفر محجوج بالإجماع قبله وكذا من قال بذلك من أهل الظاهر بعده ولم يثبت ذلك عن مالك صريحا وإنما حكى عنه أشهب كلاما محتملا .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
" وأصح من هذه الأحاديث ما رواه مسلم في الصحيح العضد – إلى ان قال – عن أبي هريرة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه : " ثم غسل يديه حتى أشرع في العضد – إلى ان قال – ثم غسل رجليه حتى أشرع في الساق فهذا الحديث صحيح صريح في إدخال الكعبين والمرفقين في المغسول .
( 424 )
( ج1 / ص 383 )
" المشهور ان الكعب هو العظم الناشر عند ملتقى الساق والقدم وحكى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة أنه العظم الذي في ظهر القدم عند معقد الشراك وروي عن ابن القاسم عن مالك مثله والأول هو الصحيح الذي يعرفه أهل اللغة وقد أكثر المتقدمون من الرد على من زعم ذلك .
ومن أوصح الأدلة فيه حديث النعمان بن بشير الصحيح في صفة الصف في الصلاة : " فرأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه "
( 425 )
"( ج1 / ص 384 )
قال الغزالي : مجرد الاغتراف لا يصير الماء مستعملا لأن الاستعمال إنما يقع من المغترف منه وبهذا قطع البغوي .
( 426 )
( ج1 / ص 385 )
" وقد روي مرفوعا أخرجه من حديث أنس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بفضل سواكه " وسنده ضعيف
وقال البخاري : " وأمر جرير بن عبد الله أهله أن يتوضؤوا بفضل سواكه
وذكر أبو طالب في مسائله عن أحمد أنه سأله عن معنى هذا الحديث فقال : كان يدخل السواك في الإناء ويستاك فإذا فرغ توضأ من ذلك الماء .
( 427 )
" ( ج1 / ص 388 )
" قال ابن المنذر : وفي إجماع أهل العلم على أن البلل الباقي على أعضاء المتوضىء وما قطر منه على ثيابه طاهر دليل قوي على طهارة الماء المستعمل .
( 428 )
( ج1 / ص 389 )
" قال ابن السمعاني في ( الاصطلام ) : اختلاف الرواية يحمل على التعدد فيكون مسح تارة مرة وتارة ثلاثا فليس في رواية " مسح مرة " حجة على منع التعدد .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
" كتاب " الأصطلام " كتاب للسمعاني في الرد على أبي زيد الدبوسي
( 429 )
( ج1 / ص 390 )
" ومن أقوى الأدلة على عدم العدد في مسح الرأس الحديث المشهور الذي صححه ابن خزيمة وغيره من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص في صفة الووء حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان فرغ : " من زاد على هذا فقد أساء وظلم "
وفي رواية سعيد بن منصور فيه التصريح بأنه مسح رأسه مرة احدة
فدل على أن الزيادة في مسح الرأس على المرة غير مستحبة " ا ه
( 430 )
( ج1 / ص 390 )
" قال البخاري : " وتوضأ عمر بالحميم من بيت نصرانية
هذا الأثر وصله سعيد بن منصور وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد صحيح بلفظ : " إن عمر كان يتوضأ بالحميم ويغتسل منه "
ومسألةالتطهر بالماء السمخن اتفقووا على جوازه إلا ما نقل عن مجاهد .
( 431 )
( ج1 / ص 391 )
قال الشافعي في " الأم " لا بأس بالوضوء من ماء المشرك وبفضل وضوئه ما لم تعلم فيه نجاسة
وقال ابن المنذر : انفرد ابراهيم النخعي بكراهة فضل المرأة إذا كانت جنبا .
( 432 )
( ج1 / ص 391 )
" البخاري يرى أن الصحابي إذا أضاف الفعل إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم يكون حكمه الرفع وهو الصحيح وحكي عن قوم خلافه لاحتمال أنه لم يطلع وهو ضعيف لتوفر دواعي الصحابة على سؤالهم إياه عن الأمور التي لم تقع لهم ومنهم ...
( 433 *)
( ج1 / ص 391 )
" نقل الميموني عن أحمد أن الأحاديث الواردة في منع التطهر بفضل المرأة وفي جواز ذلك مضطربة قال : لكن صح عن عدة من الصحابة المنع فيما إذا صلت به وعورض بصحة الجواز عن جماعة من الصحابة منهم ابن عباس والله أعلم وأشهر الحاديث في ذلك من الجهتين حديث الحكم بن عمرو الغفاري في المنع وحديث ميمونة في الجواز . أما حديث الحكم بن عمرو فأخرجه أصحاب السنن وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان وأغرب النووي فقال : اتفق الحفاظ على تضعيفه وأما حديث ميمونة فأخرجه مسلم لكن أعله قوم لتردد وقع في رواية عمرو بن دينار .
والمحفوظ ما اخرجه الشيخان بلفظ : " إن النبي وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد "
.. وقول أحمد أن الأحاديث من الطريقين مضطربة إنما يصار إليه عند تعذر الجمع وهو ممكن ..
... وممكن أن تحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء والجواز على ما بقي من الماء وبذلك جمع الخطابي أو يحمل النهي على التنزيه جمعا بين الأدلة والله أعلم .
( 435 )
( ج1/ ص 393 )
رواية سماك بن حرب عن عكرمة أعلها قوم لأنه كان يقبل التلقين لكن أذا رواه عنه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم . ا ه
-
أخي لم أسود الصفحات لكي انتقدك ولكن كان عملي هو تصويب ما وقع من أخطاء حتى يصبح لدينا نسخة جيدة، وقد اطلع على ما ذكرت لك من أخطاء سواء كانت بسبب الواو الزائدة، أو غيرها بعض طلبة العلم فقالوا هذه نصيحة منك لأخيك، ولكن قسوتك في الرد لا أقبلها منك، ولا داعي لسلوك هذا الأسلوب مع رواد هذا المجلس، وسوف أذكر لك مثال جديد لعلك تدرك المراد من النصيحة.
قولك في رقم ( 432 ) :"
( ج1 / ص 391 )
" البخاري يرى أن الصحابي إذا أضاف الفعل إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم يكون حكمه الرفع وهو الصحيح وحكي عن قوم خلافه لاحتمال أنه لم يطلع وهو ضعيف لتوفر دواعي الصحابة على سؤالهم إياه عن الأمور التي
لم تقع لهم ومنهم
...". والذي في "الفتح":"
البخاري يرى أن الصحابي إذا أضاف الفعل إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم يكون حكمه الرفع وهو الصحيح وحكي عن قوم خلافه لاحتمال أنه لم يطلع وهو ضعيف لتوفر دواعي الصحابة على سؤالهم إياه عن الأمور التي تقع لهم ومنهم". فأنت زد (لم)
التي أفسدت الفائدة بلا خلاف ولعل هذا سبق ذهن وهذا يحدث، فكان ماذا لم عملت بنصيحتي وهي الاستعانة بنسخة المكتبة الشاملة بعد استخراج الفائدة من النسخة المطبوعة، والاستقرار عليها، فتستخرجها من نسخة الشاملة وتتأكد من مطابقتها للمطبوع ثم تنسخها حتى لا تكتبها فتقع في الأخطاء كما تتجنبك خلل تكرار الواو. هذا هو مرادي من استخدام نسخة المكتبة الشاملة لا كما فهمت أنت!!
وهذا المثال الذي ذكرته آنفاً يشهد لذلك كان يجنبنا زيادة (لم)، إلا إذا كنت تظن صحتها، فهذا أمر آخر. هذه هي المرة الأخيرة التي أراسلك فيها ولا حاجة لي أن أقرأ تعليقك. والله المستعان.
-
جزاك الله خيرا
ونرى أن لم يخل بالمعنى ولا يضيف ويزيد معنا فلا حرج في ذلك .
ونستفيد من تعليقاتكم وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
والمثال الذي ذكرته صحيح
واستغفر الله واتوب إليه
فما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان
ومن كان من صواب فمن الله الواحد المنان .
نسأل الله ان يعفو عنا ويغفر لنا
-
( 436 )
( ج1 / ص 396 )
قوله ( من سبع قرب )
قال الخطابي رحمه الله : يشبه أن يكون خص السبع تبركا بهذا العدد لأن له دخولا في كثير من أمور الشريعة وأصل الخلقة .
( 437 )
( ج1 / ص 397 )
قوله ( رحراح )
· قال الخطابي : الإناء الواسع الصحن القريب القعر ومثله لا يسع الماء الكثير فهو أدل على عظم المعجزة قلت : وهذه الصفة شبيهة بالطست .
· وروى ابن خزيمة هذا الحديث عن أحمد بن عبدة عن حماد بن زيد فقال بدل ( رحراح ) " زجاج " وبوب عليه الوضوء من آنية الزجاج .. قلت : وهذه اللفظة تفرد بها أحمد بن عبدة وخالفه أصحاب حماد بن زيد فقالوا ( رحراح )
· وفي مسند أحمد عن ابن عباس ان المقوقس أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم قدحا من زجاج لكن في إسناده مقال .
( 438 )
( ج1 / ص 398 )
" المد إناء يسع رطلا وثلثا بالبغدادي قاله جمهور أهل العلم وخالف بعض الحنفية فقالوا المد رطلان
( 439 )
( ج1 / ص 398 )
وقد روى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها انها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد هو الفرق قال ابن عيينة والشافعي وغيرهما : هو ثلاثة آصع وروى مسلم ايضا من حديثهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء يسع ثلاثة أمداد فهذا يدل على اختلاف الحال في ذلك بقدر الحاجة وفيه رد على من قدر الوضوء والغسل بما ذكر في حديث الباب كابن شعبان من المالكية وكذا من قال به من الحنفية مع مخالفتهم له في مقدار المد والصاع وحمله الجمهور على الاستحباب لأن أكثر من قدر وضوءه وغسله صلى الله عليه وسلم من الصحابة قدرهما بذلك
.... وإلى هذا أشار المصنف في أول كتاب الوضوء بقوله " وكره أهل العلم الإسراف فيه وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
( 440 )
( ج1 / ص 399 )
نقل ابن المنذر عن ابن المبارك قال : ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف لأن كل من روي عنه منهم إنكاره فقد روي عنه إثباته
( 441 )
( ج1 / ص 399 )
قال ابن عبد البر : لا أعلم روي عن احد من فقهاء السلف إنكاره إلا عن مالك مع ان الروايات الصحيحة عنه مصرحة بإثباته
وقد أشار الشافعي في " الأم " إلى إنكار ذلك على المالكية والمعروف المستقر عندهم الآن قولان : الجواز مطلقا ثانيهما للمسافر دون المقيم وهذا الثاني مقتضى ما في المدونة وبه جزم ابن الحاجب وصحح الباجي الأول ونقله عن ابن وهب ... "
( 442 )
( ج1 / ص 399 )
" قال ابن المنذر : اختلف العلماء أيهما أفضل : المسح على الخفين أو نزعهما وغسل القدمين ؟
قال : والذي أختاره أن المسح افضل لأجل من طعن فيه من أهل البدع من الخوارج والروافض
قال : وإحياء ما طعن فيه المخالفون من السنن أفضل من تركه ا ه .
( 443 )
( ج1 / ص 399 )
وقال الشيخ محي الدين : وقد صرح جمع من الأصحاب بأن الغسل أفل بشرط أن لا يترك المسح رغبة عن السنة كما قالوه في تفضيل القصر على الإتمام وقد صرح جمع من الحفاظ بان المسح على الخفين متواتر وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين ومنهم العشرة وفي ابن ابي شيبة وغيره عن الحسن البصري حدثني من الصحابة بالمسح على الخفين .
( 444 )
( ج1 / ص 400 )
أن الصفات الموجبة للترجيح إذا اجتمعت في الراوي كانت من جملة القرائن التي إذا حفت خبر الواحد قامت مقام الأشخاص المتعددة وقد يفيد العلم عند البعض دون البعض
( 445 )
( ج1 / ص 400 )
" ان عمر رضي الله عنه كان يقبل خبر الواحد وما نقل عنه التوقف إنما كان عند وقوع ريبة له في بعض المواضع ..." ا ه
( 446 )
( ج1 / ص 400 )
" ان الصحابي القديم الصحية قد يخفى عليه من الأمور الجلية في الشرع ما يطلع عليه غيره لأن ابن عمر رضي الله عنهما أنكر المسح على الخفين مع قديم صحبته وكيرة روايته وقد روى قصته مالك في الموطأ عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه : " إن ابن عمر قدم الكوفة على سعد وهو أميرها فرآه يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه فقال له سعد سل أباك " فذكر القصة .
ويحتمل أن يكون ابن عمر إنما أنكر المسح في الحضر لا في السفر لظاهر هذه القصة ..
( 447 )
( ج1 / ص 401 )
؛ " حديث المغيرة بن شعبة " أنه خرج صلى الله عليه وسلم لحاجته فاتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء فصب عليه ...."
- ذكر البزار أنه رواه عنه ستون رجلا
- استحباب الدوام على الطهارة لأمره صلى الله عليه وسلم المغيرة أن يتبعه بالماء
- الانتفاع بجلود الميتة إذا دبغت
- الانتفاع بثياب الكفار حتى تتحقق نجاستها لأنه صلى الله عليه وسلم لبس الجبة الرومية
- وفيه الرد على من زعم أن المسح على الخفين منشوخ بآية الوضوء التي في المائدة لأنها نزلت في غزوة المريسيع وكانت هذه القصة في غزوة تبوك وهي بعدها باتفاق
- وفيه قبول خبر الواحد في الأحكام ولو كانت امرأة سواء كان ذلك فيما تعم به البلوى أم لا
[ ( 448 ) ]
( ج1 / ص 403 )
" قال البخاري : حدثنا عبدان قال : اخبرنا عبد الله قال : أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي سلمة عن جعفر بن عمرو عن أبيه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه
وتابعه معمر عن يحيى عن أبي سلمة عن عمرو وقال : رأيت النبي .
- تابع الأوزاعي معمر بن راشد في المتن لا في الإسناد وهذا السبب في سياق المصنف الإسناد وليبين أنه ليس في رواية معمر ذكر جعفر
- زاد [ الكشميهني ] : " وخفيه "
- ورواية معمر أخرجها عبد الرزاق في " مصنفه " عن معمر بدون ذكر العمامة وأخرجها ابن منده في " كتاب الطهارة من طريق معمر " بإثباتها .
- أغرب [ الأصيلي ] فيما حكاه ابن بطال فقال : ذكر العمامة في هذا الحديث من خطأ الأوزاعي لن شيبان وغيه رووه عن يحيى بدونها فوجب تغليب رواية الجماعة على الواحد قال : وأما متابعة معمر فليس فيها ذكر العمامة وهي أيضا مرسلة لأن أبا سلمة لم يسمع من عمرو
قلت : سماع ابي سلمة من عمرو ممكن فإنه مات بالمدينة سنة ستين وأبو سلمة مدني ولم يوصف بتدليس وقد سمع من خلق ماتوا قبل عمرو وقد روى بكير بن الأشج عن أبي سلمة أنه أرسل جعفرر بن عمرو بن أمية إلى أبيه يسأله عن هذا الحديث فرجع إليه فأخره به فلا مانع ان يكون أبو سلمة اجتمع بعمرو بعد فسمعه منه ويقويه توفر دواعيهم على الإجتماع في المسجد النبوي .
- وقد ذكرنا أن ابن منده أخرجه من طريق معمر بإثبات ذكر العمامة فيه
- وعلى تقدير تفرد الأوزاعي بذكرها لا يستلزم ذلك تخطئته لأنها تكون زيادة من ثقة حافظ غير منافية لرواية رفقته فتقبل ولا تكون شاذة ولا معنى لرد الروايات الصحيحة بهذه التعليلات الواهية .
( 449 )
( ج1 / ص 403 )
وقد اختلف السلف في معنى المسح على العمامة فقيل : إنه كمل عليها بعد مسح الناصية وقد تقدمت رواية مسلم بما يدل على ذلك وإلى عدم الاقتصار على المسح عليها ذهب الجمهور وقال الخطابي : فرض الله مسح الرأس والحديث في مسح العمامة محتمل للتأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل قال وقياسه على مسح الخف بعيد لأنه يشق نزعه بخلافها وتعقب بأن الذين اجازوا الاقتصار على مسح العمامة شرطوا فيه المشقة في نزعها كما في الخف وطريقة أن تكون محنكة كعمائم العرب وقالوا عضو يسقط فرضه في التيمم فجاز المسح على حائله كالقدمين ..
( 450 )
( ج1 / ص 404 )
يحيى القطان لا يحمل من حديث شيوخه المدلسين إلا ما كان مسموعا لهم صرح بذلك الإسماعيلي .
( 451 )
( ج1 / ص 404 )
حديث صفوان بن عسال : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نمسح على الخفين إذا نحن ادخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ويوما وليلة إذا أقمنا "
- قال ابن خزيمة ذكرته للمزني فقال لي : حديث به أصحابنا فإنه أقوى حجة للشافعي
- وحديث صفوان بن عسال وإن كان صحيحا لكنه ليس على شرط البخاري
- وهو موافق له في الدلالة على اشتراط الطهارة عند اللبس وأشار المزني بما قال إلى الخلاف في المسألة محصله أن الشافعي والجمهور حملوا الطهارة على الشرعية في الوضوء وخالفهم داود فقال : إذا لم يكن على رجليه نجاسة عند اللبس جاز له المسح ولو تيمم ثم لبسها ثم أكمل باقي العضاء لم يبح المسح عند الشافعي ..
( 452 )
( ج1 / ص 405 )
" المسح على الخفين خاص بالوضوء لا مدخل للغسل فيه بإجماع .
( 453 )
( ج1 / ص 405 )
" لو نزع خفيه بعد المسح قبا إنقضاء المدة عند من قال بالتوقيت أعاد الوضوء عند احمد وإسحاق وغيرهما وغسل قدميه عند الكوفيين والمزني وأبي ثور وكذا قال مالك والليث إلا أن تطاول
وقال الحسن وابن أبي ليلى وجماعة : ليس عليه غسل قدميه وقاسوه على من مسح رأسه ثم حلقه انه لا يجب عليه إعادة المسح وفيه نظر
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
وجهه ان الرأس أصل يمسح مع وجود الشعر وعدمه والمسح على الخف بدل من غسل القدم فافترقا وبذلك يترجح القول ببطلان الوضوء إذا خلع الخفين ولا يكفي غسل القدمين لفوات الموالاة والله أعلم .
( 455 )
( ج1 / ص 406 )
حكى البيهقي عن عثمان الدرامي أنه قال : لما اختلفت أحاديث الباب ولم يتبين الراجح منها نظرنا إلى ما عمل به الخلفاء الراشدون بعد النبي صلى الله عليه سولم فرجحنا به أحد الجانبين وارتضى النووي هذا في شرح المهذب وبهذا تظهر حكمة تصدير البخاري بهذا الأثر المنقول عن الخلفاء الثلاثة :
" وأكل ابو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلم يتوضئووا "
( 456 )
( ج1 / ص 407 )
" قال النووي : كان الخلاف فيه معروفا بين الصحابة والتابعين ثم استقر الإجماع على أنه لا وضوء مما مست النار إلا ما تقدم استثناؤه من لحوم الإبل "
وجمع الخطابي بجه آخر وهو ان احاديث المر محمولة على الاستحباب لا على الوجوب والله اعلم
( 457 )
( ج1 / ص 407 )
" ليس لعمرو بن أمية رواية في البخاري إلا هذا الحديث – أن أباه أخبره أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتز من كتف شاة فدعي إلى الصلاة فألقى السكين فصلى ولم يتوضأ " – والذي مضى في المسح فقط .
( 458 )
( ج1 / ص 408 )
قال الخطابي : فيه دليل على ان الوضوء مما مست النار منسوخ لأنه متقدم وخيبر كانت سنة سبع
قلت : لا دلالة فيه لأن أبا هريرة حضر بعد فتح خيبر وروى المر بالوضوء كما في مسلم وكان يفتي به بعد النبي صلى الله عليه وسلم واستدل به البخاري على جواز صلاتين فأكثر بوضوء واحد "
( 459 )
( ج1 / ص 408 )
حديث يحيى بن بكير وقتيبة قالا : حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فمضمض وقال : " إن له دسماً "
- حديث قتيبة أحد الأحاديث التي أخرجها الأئمة الخمسة وهم ( الشيخان وابوداود والنسائي والترمذي ) عن شيخ واحد وهو [ قتيبة ] .
- ورواه ابن ماجه من طريق الوليد بن مسلم قال : حدثنا الأوزاعي فذكره بصيغة المر : " مضمضوا من اللبن " الحديث واسناده حسن
- والدليل على ان الأمر للاستحباب ما رواه الشافعي عن ابن عباس راوي الحديث أنه شرب لبنا فمضمض ثم قال : " لو لم أتمضمض ما باليت :
- وروى ابو داود باسناد حسن عن أنس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فلم يتمضمض ولم يتوضأ "
( 460 )
( ج1 / ص 409 )
وقد روى مسلم في صحيحه في قصة صلاة ابن عباس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالليل : قال " فجعلت إذا أغفيت أخذ بشحمة أذني " فدل على أن الوضوء لا يجب على غير المستغرق "
وروى ابن المنذر عن ابن عباس أنه قال : " وجب الوضوء على كل نائم إلا من خفق خفقة "
والخفقة : قال ابن التين : هي النعسة
قال أهل اللغة : خفق رأسه إذا حركه وهو ناعس
قال ابو زيد خفق برأسه من النعاس : اماله
وحديث أنس : " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرن الصلاة فينعسون حتى تخفق رؤوسهم ثم يقومون إلى الصلاة " رواه محمد بن نصر في قيام الليل واسناد صحيح وأصله عند مسلم .
-
( 461 )
( ج1 / ص 409 )
قوله " ( باب الوضوء من النوم )
ظاهر كلامه أن النعاس يسمى نوما والمشهور التفرقة بينهما وأن من قرت حواسه يسمع كلام جليسه ولا يفهم معناه فهو ناعس وغن زاد على ذلك فهو نائم ومن علامات النوم الرؤيا طالت أو قصرت وفي العين والمحكم النعاس النوم وقيل مقاربته .
( 462 )
( ج1 / ص 410 )
أجمعوا على ان النوم القليل لا ينقض الوضوء وخالف المزني فقال : ينقض قليله وكثيره فخرق الإجماع كذا قال المهلب وتبعه ابن بطال وابن التين وغيرهما وقد تحاملو على المزني في هذه الدعوى
( 463 )
( ج1 / ص 410 )
" وقد نقل ابن المنذر وغيره عن بعض الصحابة والتابعين المصير إلى أن النوم حدث ينقض قليله وكثيره وهو قول أبي عبيد وإسحاق بن راهويه قال ابن المنذر : وبه أقول لعموم حديث صفوان بن عسال يعني الذي صححه ابن خزيمة وغيره ففيه : " إلا من غائط أو بول أو نوم " فسوى بينهما في الحكم والمراد بقليله وكثيره طول زمانه وقصره لا مباديه والذين ذهبوا إلى ان النوم مظنة الحدث اختلفوا على أقوال : التفرقة بين قليله وكثيره وهو قول الزهري ومالك وبين المضطجع وغيره وهو قول الثوري وبين المضطجع والمستند وغيرهما وهو قول أصحاب الرأي وبينهما والساجد بشرط قصده النوم وبين غيرهم وهو قول ابي يوسف .
( 464 )
( ج1 / ص 410 )
وقيل لا ينقض نوم غير القاعد مطلقا وهو قول الشافعي في القديم وعنه التفصيل بين خارج الصلاة فينقض او داخلها فلا وفصل في الجديد بين القاعد المتمكن فلا ينقض وبين غيره فينقض "
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
الصواب في هذه النوم مظنة الحدث فلا ينقض منه النعاس والشيء اليسير إنما ينقض منه ما أزال الشعور مطلقا وبذلك تجتمع الأحاديث الواردة في الباب والله أعلم .
( 465 )
( ج1 / ص 411 )
إن قليل النوم لا ينقض فكيف بالنعاس وما ادعاه من الإجماع منتقض فقد صح عن أبي موسى الأشعري وابن عمر وسعيد بن المسيب أن النوم لا ينقض مطلقا وفي صحيح مسلم وأبي داود : " وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة مع النبي صلى اله عليه وسلم فينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون " فحمل على أن ذلك كان وهم قعود لكن في مسند البزار بإسناد صحيح في هذا الحديث " فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقومون إلى الصلاة "
( 466 )
( ج1 / ص 411 )
" أشار الإسماعيلي إى أن حديث " إذا نعس أحدكم في الصلاة فليتم حتى يعلم ما يقرأ " فيه اضطرابا فقال " رواه حماد بن زيد عن أيوب فوقفه وقال فيه " عن أيوب قرئ علي كتاب عن أبي قلابة فعرفته
ورواه عبد الوهاب الثقفي عن أيوب فلم يذكر أنسا . انتهى
وهذا لا يوجب الاضطراب لن رواية عبد الوارث ارجح بموافقة وهيب والطفاوي له عن أيوب ..
( 467 )
( ج1 / ص 412 )
قوله ( عند كل صلاة )
قال الطحاوي : يحتمل أن ذلك كان واجبا عليه خاصة ثم نسخ يوم الفتح لحديث بريدة يعني الذي أخرجه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد وان عمر سأله فقال : " عمدا فعلته " وقال : " يحتمل أنه كان يفعله استحبابا ثم خشي أن يظن وجوبه فتركه لبيان الجواز
قلت : وهذا أقرب وعلى تقدير الأول فالنسخ كان قبل الفتح بدليل حديث سويد بن النعمان فإنه كان في خيبر وهي قبل الفتح "
( 469 )
( ج1 / ص 413 )
ليس لسويد بن النعمان عند البخاري إلا هذا الحديث الواحد قال : سويد بن النعمان : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى إا كنا كنا بالصهباء صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فلما صلى دعا بالأطعمة فلم يؤت إلا بالسويق فأكلنا وشربنا .. الحديث "
وقد أخرجه في مواضع وهو أنصاري حارثي شهد بيعة الرضوان
وذكر ابن سعد أنه شهد قبل ذلك أحدا وما بعدها "
( 470 )
( ج1 / ص 414 )
قوله ( وما يعذبان في كبير ثم قال : بلى ) : أي إنه لكبير
وصرح بذلك في " الأدب من طريق عبد بن حميد عن منصور فقال : " وما يعذبان في كبير . وإنه لكبير )
وهذا من زيادات رواية منصور على الأعمش ولم يخرجها مسلم .
( 471 )
( ج1 / ص 414 )
استدل ابن بطال برواية الأعمش على أن التعذيب لا يختص بالكبائر بل قد يقع على الصغائر قال لأن الاحتراز من البول لم يرد فيه وعيد يعيي قبل هذه القصة .
( 472 )
( ج1 / ص 414 )
وقد اختلف في معنى قوله " وإنه لكبير "
فقال ابو عبد الملك البوني : يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم ظن أن ذلك غير كبير فأوحي إليه في الحال بأنه كبير فاستدرك وتعقب بأنهيستلزم أن يكون نسخا والنسخ لا يدخل الخبر واجيب بان الحكم بالخبر يجوز نسخه فقوله " وما يعذبان في كبير " إخبار بالحكم فإذا أوحي إليه بأنه كبير فأخبر به كان نسخا لذلك الحكم .... قال الداودي وابن العربي : " كبير " المنفي بمعنى أكبر والمثبت واحد الكبائر أي ليس ذلك بأكبر الكبائر كالقتل مثلا وإن كان كبير في الجملة
وقيل المعنى ليس بكبير في الصورة لأن تعاطي ذلك يدل على الدناءة والحقارة وهوو كبير الذنب وقيل ليس بكبير في اعتقادهما أو في اعتقاد المخاطبين وهو عند الله كبير وقيل ليس بكبير في مشقة الاحتراز أي كان لا يشق عليهما الاحتراز من ذلك وهذا الأخير جزم به البغوي وغيره رجحه ابن دقيق العيد وجماعة وقيل ليس بكبير بمجرده وغنما صار كبيرا بالمواظبة عليه .."
( 473 )
( ج1 / ص 415 )
وسياق الحديث يدل ان للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية يشير إلى ما صححه ابن خزيمة من حديث أبي هريرة مرفوعا : " اكثر عذاب القبر من البول " أي بسبب ترك التحرز منه "
( 474 )
( ج1 / 416 )
" قوله ( يمشي بالنميمة ) قال ابن دقيق العيد : هي نقل كلام الناس والمراد منه : ما كان بقصد الإضرار فأما ما اقتضى فعل مصلحة أو ترك مفسدة فهو مطلوب . انتهى .
قال النووي : وهي نقل كلام الغير بقصد الإضرار وهي من أقبح القبائح وتعقبه الكرماني فقال : هذا لا يصح على قاعدة الفقهاء فإنهم يقولون : الكبيرة هي الموجبة للحد ولا حد على المشي بالنميمة إلا ان يقال الاستمرار هو المستفاد من جعله كبيرة لإن الإصرار على الصغيرة حكمه حكم الكبيرة .
( 475 )
( ج1 / ص 417 )
قوله ( ما لم ييبسا )
- كذا في أكثر الروايات
- وللكشميهني : " إلا أن تيبسا
- وللمستملي : " إلى أن ييبسا .
- قال المازري : يحتمل أن يكون أوحى إليه أن العذاب يخفف عنهما هذه المدة انتهى
- قال القرطبي : وقيل إنه شفع لهما هذه المدة كما صرح به في حديث جابر لأن الظاهر أن القصة واحدة وكذا رجح النووي كون القصة واحدة وفيه نظر لما أوضحناه من المغايرة بينهما
- وقال الخطابي : هو محمول على أنه دعا لهما بالتخفيف مدة بقاء النداوة لا أن في الجريدة معنى يخصه ولا أن في الرطب معنى ليس في اليابس وقد قيل : ان المعنى فيه أن يسبح ما دام رطبا فيحصل التخفيف ببركة التسبيح وعلى هذا فيطرد في كل ما فيه رطوبة من الاشجا وغيرها وكذلك فيما فيه بركة كالذكر وتلاوة القرآن ما باب الأولى
- وقال الطيبي : الحكمة في كونهما ما دامتا رطبتين تمعنان العذاب يحتمل أن تكون غير معلومة لنا كعدد الزبانية
- وقد استنكر الخطابي ومن تبعه وضع الناس الجريد ونحوه في القبر عملا بهذا الحديث
- قال الطرطوشي : لأن ذلك خاص ببركة يده .
- وقال القاضي عياض : لأنه علل غرزهما على القبر بأمر مغيب وهو قوله " ليعذبان "
- وقد تأسى بريدة بن الحصيب الصحابي بلك فأوصى أن يوضع على قبره جريدتان وهو أولى ان يتبع من غيره " ا ه
( 476 )
( ج1 / ص 418 )
قال الشيخ عبد العزيز بن باز على حاشية قول ابن حجر " وهو اولى أن يتبع من غيره في فعل الصحابي بريدة بن الحصيب "
الصواب في هذه المسألة ما قاله الخطابي من استنكار الجريد ونحوه على القبور لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله إلا في قبور مخصوصة اطلع على تعذيب أهلها ولو كان مشروعا لفعله في كل القبور وكبار الصحابة – كالخلفاء – لم يفعلوه وهم أعلم أهل بالسنة من بريدة رضي الله عن الجميع فتنبه .
( 477 )
( ج1 / ص 418 )
" لم يعرف اسم المقبورين ولا أحدهما والظاهر أن ذلك كان على عمد من الرواة لقصد الستر عليهما وهو عمل مستحسن وينبغي ان لا يبالغ في الفحص عن تسمية من وقع في حقه ما يذم به .
( 478 )
( ج1 / ص 418 )
ما حكاه القرطبي في " التذكرة " - عن المقبورين - وضعفه عن بعضهم أن أحدهما سعد بن معاذ فهو قول باطل لا ينبغي ذكره إلا مقرونا ببيانه ومما يدل على بطلان الحكاية المذكورة ان النبي صلى الله عليه وسلم حضر دفن سعد بن معاذ كما ثبت في الحديث الصحيح واما قصة المقبورين ففي حديث أبي أمامة عند أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم : " من دفنتم اليوم ههنا " ؟ فدل على أنه لم يحضرهما وإنما ذكرت هذا ذبا عن هذا السيد الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم : " سيدا " وقال لأصحابه : " قوموا إلى سيدكم " وقال : " إن حكمه قد وافق حكم الله " وقال : " إن عرش الرحمن اهتز لموته " إلى غير ذلك من مناقبه الجليلة خشية ان يغتر ناقص العلم بما ذكر القرطبي فيعتقد صحة ذلك وهو [ باطل ] .
( 479 )
( ج1 / ص 418-419 )
" وقد اختلف في المقبورين فقيل كانا كافرين وبه جزم أبو موسى المديني واحتج بما رواه من حديث جابر بسند فيه ابن لهيعة : " ان النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين من بني النجار هلكا في الجاهلية فسمعهما يعذبان في البول والنميمة " قال ابو موسى : هذا وإن كان ليس بقوي لكن معناه صحيح لأنهما لو كانا مسلمين لما كان لشفاعته إلى ان تيبس الجريدتان معنى .. وجزم ابن العطار في شرح العمدة بأنهما كانا مسلمين وقال لا يجوز ان يقال إنهما كانا كافرين لأنهما لو كانا كافرين لم يدع لهما بتخفيف العذاب ولا ترجاه لهما ولو كان من خصائصه لبينه يعين كما في قصة أبي طالب قلت : وما قاله أخيرا هو الجواب
واحتمال كونهما كافرين فيه ظاهر
أما حديث الباب فالظاهر من مجموع طرقه أنهما كانا مسلمين ...
وفي حديث أبي امامة عند أحمد : " أنه صلى الله عليه وسلم مر بالبقيع فقال : " من دفنتم اليوم ههنا ؟ فهذا يدل على أنهما كانا مسلمين لأن البقيع مقبرة المسلمين ...
( 480 )
( ج1 / ص 419 )
قوله ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب القبر : كان لا يستتر من بوله ولم يذكر سوى بول الناس .
قال ابن بطال : أراد البخاري ان المراد بقوله في رواية الباب : " كان لا يستتر من البول " بول الناس لا بول سائر الحيوان فلا يكون فيه حجة لمن حمله على العموم في بول جميع الحيوان وكأنه أراد الرد عى الخطابي حيث قال : فيه " دليل على نجاسة الأبوال كلها "
وقال القرطبي : قوله : " من البول " اسم مفرد لا يقتضي العموم ولو سلم فهو مخصوص بالأدلة المقتضية لطهارة بول ما يؤكل "
( 481 )
( ج1 / ص 422 )
قوله ( سجلا ً )
قال ابو حاتم السجستاني : هو الدلو ملأى ولا يقال لها ذلك وهي فارغة وقال ابن دريد : السجل دلو واسعة وفي الصحاح الدلو الضخمة .
قوله ( أو ذنوبا )
قال الخليل : الدلو ملأى ماء
وقال ابن فارس : الدلو العظيمة
وقال ابن السكيت : فيها ماء قريب من الملء ولا يقال لها وهي فارغة ذنوب . انتهى
( 482 )
( ج1 / ص 424 )
ان الأرض تطهر بصب الماء عليها ولا يشترط حفرها خلافا للحنفية حيث قالوا : لا تطهر إلا بحفرها كذا أطلق النووي وغيره والمذكور في كتب الحنفية التفصيل بين ما إذا كانت رخوة بحيث يتخللها الماء حتى يغمرها فهذه لا تحتاج إلى حفر وبين ما إذا كانت صلبة فلا بد من حفرها والقاء التراب لأن الماء لم يغمر أعلاها وأسفلها واحتجوا فيه بحديث جاء من ثلاث طرق : أحدها موصول عن ابن مسعود أخرجه الطحاوي لكن إسناده ضعيف قاله أحمد وغيره
والآخران مرسلان أخرج أحدهما ابو داود . ...
( 483 )
( ج1 / ص 425 )
وحديث علي مرفوعا في بول الرضيع " ينضح من بول الغلام ويغسل من بول الجارية "
ليس على شرط " المصنف " – البخاري –
أخرجه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي
وقال قتادة : هذا ما لم يطعما الطعام .
وإسناده صحيح .
( 484 )
( ج1 / ص 425 )
روى الطبراني في " الأوسط " من حديث أم سلمة بإسناد حسن قالت " بال الحسن – أو الحسين – على بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركه حتى قضى بوله ثم دعا بماء فصبه عليه "
( 485 )
( ج1 / ص 426 )
اختلف العلماء في بول الغلام والجارية على ثلاثة مذاهب هي أوجه للشافعية :
أصحها الإكتفاء بالنضح في بول الصبي لا الجارية وهو قول علي وعطاء والحسن والزهري وأحمد ورواه الوليد بن مسلم عم مالك وقال اصحابه هي رواية شاذة .
والثاني : يكفي النضح فيهما وهو مذهب الأوزاعي .
والثالث : هما سواء في وجوب الغسل وبه قال الحنفية والمالكية
قال ابن دقيق العيد : اتبعوا في ذلك القياس وقالوا المراد بقولها : " ولم يغسله " أي غسلا مبالغا فيه وهو خلاف الظاهر ويبعده ما ورد في الأحاديث الآخر ومن التفرقة بين بول الصبي والصبية فإنهم لا يفرقون بينهما .
( 486 )
( ج1 / ص 427 )
" قال الخطابي : ليس تجويز من جوز النضح من أجل أن بول الصبي غير نجس ولكنه لتخفيف نجاسته انتهى
( 487 )
( ج1 / ص 430 )
حديث ابي هريرة قال : " إنما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما لجرح كان في مأبضه " والمأبض باطن الركبة فكأنه لم يتمكن لأجله من القعود ولو صح هذا الحديث لكان فيه غنى لكن ضعفه الدراقطني والبيهقي .
( 488 )
( ج1 / ص 430 )
الأظهر أنه بال قائما لبيان الجواز وكان اكثر أحواله البول عن قعود والله أعلم وسلك ابو عوانة في صحيحه وابن شاهين فيه مسلكا آخر فزعما ان البول عن قيام منسوخ واستدلا عليه بحديث عائشة " ما بال قائما منذ أنزل عليه القرآن " وبحديثها ايضا : " من حدثكم أنه كان يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا " والصواب أنه غير منسوخ والجواب عن حديث عائشة مستند إلى علمها فيحمل ما وقع منه في البيوت وأما في غير البيوت فلم تطلع هي عليه قد حفظه حذيفة وهو من كبار الصحابة وقد ثبت عن عمر وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قياما وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش والله أعلم . ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عنه شيء .
( 490 )
( ج1 / ص 431 )
قال الخطابي : في حديث اسماء قالت : جاءت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : أرأيت إحدانا تحيض ...الحديث .." في هذا الحديث دليل على أن النجاسات إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات لأن جميع النجاسات بمثابة الدم لا فرق بينه وبينها إجماعا وهو قول الجمهور وعن أبي حنيفة وأبي يوسف يجوز تطهير النجاسة بكل مائع طاهر .
( 491 )
( ج1 / ص 433 )
وليس بين حديث الغسل وحديث الفرك تعارض لأن الجميع بينهما واضح على القول بطهارة المني بأن يحمل الغسل على الاستحباب للتنظيف لا على الوجوب وهذه طريقة الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث وكذا الجمع ممكن على القول بنجاسته بأن يحمل الغسل على ما كان رطبا والفرك على ما كان يابساً وهذه طريقة الحنفية والطريقة الأولى أرجح
( 492 )
( ج1 / ص 439 )
قوله ( من عكل أو عرينة )
- مار واه ابو عوانة والطبري من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس قال : كانوا أربعة من عرينة وثلاثة من عكل
- ولا يخالف ما عند المصنف في الجهاد من حديث أنس " أن رهطا من عكل ثمانية " لأحتمال أن يكون الثامن من غير القبيلتين
- وزعم ابن التين تبعا للداودي أن عرينة هم عكل وهو غلط بل هما قبيلتان متغايرتان
- عكل من عدانن وعرينة من قحطان
- وقع عند عبد الرزاق انهم أنهم من بني فزارة وهوغلط لأن بني فزارة من مضر لا يجتمعون مع عكل ولا مع عرينة أصلا .
- ذكر ابن اسحاق في المغازي أي قدومهم كان بعد غزوة ذي قرد وكانت في جمادى الآخرة سنة ست .
- ذكر الواقدي أنها كانت في شوال وتبعه ابن سعد وابن حبان وغيرهما والله أعلم .
-
( 494 )
( ج1 / ص 440 )
" وذهب الشافعي والجمهور إلى القول بنجاسة الأبوال والارواث كلها من مأكول اللحم وغيره واحتج ابن المنذر لقوله بأن الأشياء على الطهارة حتى تثبت نجاستها .." ا ه
قال الشيخ ابن باز في حاشية تعليقه :
" .. والصواب طهارة أبوال الإبل ونحوها مما يؤكل لحمه كما في حديث العرنيين
( 495 )
( ج1 / ص 441 )
واسم راعي النبي صلى الله عليه وسلم في قصة العرنيين المقتول " يسار " بياء تحتانية ثم مهملة خفيفة كذا ذكره ابن إسحاق في المغازي ورواه الطبراني موصولا من حديث سلمة بن الأكوع بإسناد صالح قال : " كان للنبي صلى الله عليه وسلم غلام يقال له يسار "
زاد ابن إسحاق " أصابه في غزوة بني ثعلبة " قال سلمة : فرآه يحسن الصلاة فأعتقه وبعثه في لقاح له بالحرة فكان بها فذكر قصة العرنيين وأنهم قتلوه .
( 496 )
( ج1 / ص 442 )
" ولم أقف على تسمية الراعي الآتي بالخبر والظاهر أنه راعي إبل الصدقة ولم تختلف روايات البخاري في أن المقتول راعي النبي صلى الله عليه وسلم
( 497 )
( ج1 / ص 442 )
قوله ( فبعث في آثارهم )
وفي مسلم من رواية معاوية بن قرة عن أنس أنهم شباب من الأنصار قريب من عشرين رجلا وبعث معهم قائفا يقتفي آثارهم ولم أقف على اسم هذا القائف ولا على اسم واحد من العشرين لكن في مغازي الواقدي ان السرية كانت عشرين رجلا ولم يقل من الأنصار بل سمى منهم جماعة من المهاجرين .. والواقدي لا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف " ا ه
( 498 )
( ج1 / ص 444 )
إذنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة في مرابض الغنم ثابت عند مسلم من حديث جابر بن سمرة نعم ليس فيه دلالة على طهارة المرابض لكن فيه أيضا النهي عن الصلاة في معاطن الإبل فلو اقتضى الإذن الطهارة لاقتضى النهي التنجيس ولم يقل أحد بالفرق لكن المعنى في الإذن والنهي بشيء لا يتعلق بالطهارة ولا النجاسة وهو أن الغنم من دواب الجنة والإبل خلقت من الشياطين والله أعلم .
( 499 )
( ج1 / ص 445 )
وقال الزهري : لا بأس بالماء ما لم يغيره طعم أو ريح أو لون
قال ابن حجر رحمه الله : " مقتضى هذا أنه لا يفرق بين القليل والكثير إلا بالقوة المانعة للملاقي أن يغير أحد أوصافه فالعبرة عنده بالتغير وعدمه ومذهب الزهري صار إليه طوائف من العلماء وقد تعقبه ابو عبيد في كتاب الطهور بأنه يلزم منه أن من بال في إبريق ولم يغير للماء وصفا أنه يجوز له التطهر به وهو مستبشع ولهذا نصر قول التفريق بالقلتين
( 0 50 )
( ج1 / ص 445 )
: وحديث القلتين لم يخرجه البخاري لاختلاف وقع في إسناده لكن رواته ثقات وصححه جماعة من الأئمة إلا أن مقدار القلتين لم يتفق عليه واعتبره الشافعي بخمس قرب من قرب الحجاز احتياطا وخصص به حديث ابن عباس مرفوعا " الماء لا ينجسه شيء " وهو حديث صحيح رواه الأربعة وابن خزيمة وغيرهم
( 501 )
( ج1 / ص 445 )
وقول الزهري : لا بأس بالماء ما لم يغيره طعم أو ريح أو لون
ورد فيه حديث مرفوع
قال الشافعي : لا يثبت أهل الحديث مثله
لكن لا أعلم في المسألة خلافا يعني في تنجيس الماء إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة
والحديث المشار إليه أخرجه ابن ماجه من حديث أبي أمامة واسناده ضعيف وفيه اضطراب ايضا .
( 502 )
( ج1/ ص 446 )
" وأثر ابن سيرين وصله عبد الرزاق بلفظ : " أنه كان لا يرى بالتجارة في العاج بأسا "
وهذا يدل على انه يراه طاهرا لانه لا يجيز بيع النجس ولا المتنجس
والعاج : هو ناب الفيل
قال ابن سيده : لا يسمى غيره عاجا ً
وقال القزاز : أنكر الخليل أن يسمى غير ناب الفيل عاجا
وقال ابن فارس : والجوهري : العاج عظم الفيل فلم يخصصاه ببالناب
وقال الخطابي تبعا لابن قتيبة : العاج الذبل وهو ظهر السلحفاء البحرية وفيه نظر
ففي الصحاح : المسك السوار من عاج أو ذبل
قال القالي : العرب تسمي كل عظم عاجا
( 503 )
( ج1 / 446 )
وقد اختلفوا في عظم الفيل بناء على أن العظم هل تحله الحياة أم لا فذهب إلى الأول الشافعي واستدل بقوله تعالى { قال من يحيى العظام وهي رميم . قل يحييها الذي أنشأها أول مرة }
فهذا ظاهر في أن العظم تحله الحياة وذهب إلى الثاني أبو حنيفة وقال بطهارة العظام مطلقا وقال مالك : هو طاهر إن ذكي بناء على قوله إن غير المأكول يطهر بالتذكية وهو قول أبي حنيفة .
( 505 )
( ج1 / ص 447 )
" حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا معن قال : حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال : خذوها وما حولها فاطرحوه "
- رواه اصحاب الموطأ عنه واختلفوا فمنهم من ذكره عنه هكذا [ كيحيى بن يحيى ]
- ومنهم من لم يذكر فيه ميمونة [ كالقعنبي ]
- ومنهم من لم يذكر فيه ابن عباس [ كأشهب ]
- ومنهم من لم يذكر فيه ابن عباس ولا ميمونة [ كيحيى بن بكير وأبي مصعب ]
· لم يذكر أحدا منهم لفظة " جامد " إلا [ عبد الرحمن بن مهدي ]
· كذا ذكرها أبو داود الطيالسي في مسنده عن سفيان بن عيينة عن ابن شهاب
· ورواه الحميدي والحفاظ من أصحاب ابن عيينة بدونها وجودوا إسناده فذكروا فيه ابن عباس وميمونة وهو [ الصحيح ]
[ ورواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب مجودا وله فيه عن ابن شهاب إسناد آخر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ولفظه " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفأرة تقع في السمن قال : إذا كان جامدا فالقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه "
- حكى الترمذي عن البخاري أنه قال في رواية معمر هذه : هي خطأ
- وقال ابي حاتم عن أبيه : إنها وهم
- وأشار الترمذي إلى أنها ": شاذة
- قال الذهلي في الزهريات : الطريقان عندنا محفوظان لكن طريق ابن عباس عن ميمونة أشهر . والله أعلم .
( 506 )
( ج1 / 448 )
أخذ الجمهور بحديث معمر الدال على التفرقة بين الجامد والذائب ونقل ابن عبد البر الإتفاق على أن الجامد إذا وقعت فيه ميتة طرحت وما حولها منه إذا تحقق أن شيئا من أجزائها لم يصل إلى غير ذلك منه وأما المائع فاختلفوا فيه فذهب الجمهور إلى أنه ينجس كله بملاقاة النجاسة "
( 507 )
( ج1 / 450 )
:" الصواب أن البخاري في الغالب يذكر الشيء كما سمعه جملة لتضمنه موضع الدلالة المطلوبة منه وإن لم يكن باقيه مقصودا كما صنع في حديث عروة البارقي في شراء الشاة .. وقد وقع لمالك نحو هذا في الموطأ إذ أخرج في باب صلاة الصبح والعتمة متونا بسند واحد
( 508 )
( ج1 / ص 450 )
قوله ( نحن الآخرون السابقون )
قال ابن العربي في " القبس "
نرى الجهال يتعبون في تأويلها ..
وقال غيره : وجه المناسبة بينهما ان هذه الأمة آخر من يدفن من الأمم في الأرض وأول من يخرج منها ..
( 509 )
( ج1 / ص 451 )
والظاهر ان نسخة أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة كنسخة معمر عن همام عنه
ولهذذا قل حديث يوجد في هذه إلا وهو في الأخرى
وقد اشتملتا على أحاديث كثيرة أخرج الشيخان غالبها وابتداء كل نسخة منها بحديث : نحن الاخرون السابقون ..."
فلهذا صدر به البخاري فيما أخرجه من كل منهما
وسلك مسلم في نسخة همام طريقا أخرى فيقول في كل حديث أخرجه منها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث ...
( 510 )
( ج1 / ص 451 )
قوله ( الذي لا يجري )
- قيل هو تفسير للدائم وإيضاح معناه
- وقيل احترز به عن راكد كالبرك
- جاء بلفظ ( الراكد ) بدل الدائم وكذا أخرجه مسلم من حديث جابر
- قال ابن الأنباري : الدرائم من حروف الأضداد يقال للساكن والدرائر
- وقيل الدائم والراكد مقابلان للبجاري لكن الدائم الذي له نبع والراكد الذي لا نبع له .
512 )
( ج1 / ص 452 )
اختلافهم في حد القليل وقد تقدم قول من لا يعتبر إلا التغير وعدمه وهو قوي " لكن الفصل بالقلتين أقوى لصحة الحديث فيه وقد اعترف الطحاوي من الحنفية بذلك لكنه اعتذر عن القول به بأن القلة في العرف تطلق على الكبيرة والصغيرة كالجرة ولم يثبت من الحديث تقديرهما فيكون مجملا فلا يعمل به وقواه ابن دقيق العيد لكن استدل له غيرهما فقال ابو عبيد القاسم بن سلام : المراد القلة الكبيرة إذ لو اراد الصغيرة لم يحتج لذكر العدد .... والظاهر ان الشارع عليه السلام ترك تحديدهما على سبيل التوسعة والعلم محيط بأنه ما خاطب الصحابة إلا بما يفهمون فانتفى الإجمال ..
( 513 )
( ج1 / ص 452 )
ولعدم التحديد وقع الخلف بين السلف في مقدراها على تسعة أقوال حكاها ابن المنذر ثم حدث بعد ذلك تحديدهما بالأرطال واختلف فيه أيضا ونقل عن مالك أنه حمل النهي على التنزيه فيما لا يغير وهو قول الباقين في الكثير
وقال القرطبي : يمكن حمله على التحريم مطلقا على قاعدة سد الذريعة لأنه يقتضي إلى تنجيس الماء .
( 514 )
( ج1 / ص 453 )
: ومسألة التيمم – إذا ادرك الماء في وقته لا يعيد – فعدم وجوب الإعادة قول الأئمة الأربعة وأكثر السلف وذهب جمع من التابعين منهم عطاء وابن سيرين ومكحول إلى وجوب الإعادة مطلقا
( 515 )
( ج1 / ص 453 )
و أما مسألة بيان الخطأ في القبلة فقال الثلاثة والشافعي في القديم : لا يعيد وهو قول الأكثر أيضا
وقال في " الجديد " : تجب الإعادة
( 516 )
" ( ج1 / ص 454 )
: عمرو بن ميمون الأودي تابعي كبير مخضرم أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ثم نزل الكوفة وهو غير عمرو بن ميمون الجزري الذي تقدم
( 517 )
( ج1 / ص 455 )
والسلى مقصور بفتح المهملة هي الجلدة التي يكون فيها الولد يقال لها ذلك من البهائم واما من الآدميات فالمشيمة وحكى صاحب المحكم أنه يقال فيهن أيضا سلى .
( 518 )
( ج1 / ص 456 )
أطبق أصحاب المغازي على أن المقتول " ببدر " أمية بن خلف وعلى أن أخاه " أبي بن خلف " قتل بأحد .
519 )
( ج1 / ص 457)
" سماع إسرائيل من أبي إسحاق في غاية الإتقان للزومه إياه لأنه جده " وكان خصيصا به قال عبد الرحمن بن مهدي : ما فاتني الذي فاتني من حديث الثوري عن أبي إسحاق إلا اتكالا على اسرائيل لأنه كان يأتي به أتم . وعن إسرائيل قال : كنت أحفظ حديث أبي إسحاق كما أحفظ سورة الحمد "
( 520 )
( ج1 / ص 457 )
قوله ( وعد السابع فلم نحفظه )
واستشكل بعضهم عمارة بن الوليد في المذكورين في قتلى بدر لأنه لم يقتل ببدر بل ذكر أصحاب المغازي انه مات بأرض الحبشة وله قصة مع النجاشي إذ تعرض لأمراته فأمر النجاشي ساحرا فنفخ في إحليل عمارة من سحره عقوبة له فتوحش وصار مع البهائم إلى أن مات في خلافة عمر وقصته مشهورة .
( 521 )
( ج1/ ص 459 )
" روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعي بأن النخامة ليس بطاهر وقال ابن حزم : صح عن سلمان الفارسي وإبراهيم النخعي أن اللعاب نجس إذا فارق الفم .
( 522 )
( ج1 / ص 460 )
ذهب الأوزاعي إلى جواز الوضوء بالأنبذة كلها وهو قول عكرمة مولى ابن عباس وروي عن علي وابن عباس ولم يصح عنهما وقيده أبو حنيفة في المشهور عنه بنبيذ التمر واشترط أن لا يكون بحضرة ماء وان يكون خارج المصر أو القرية وخالفه صاحباه فقال محمد : يجمع بينه وبين التيمم قيل إيجابا وقيل استحبابا وهو قول إسحاق وقال ابو يوسف بقول الجمهور لا يتوضأ به بحال واختاره الطحاوي .
( 523 )
( ج1 / 461 )
( قوله : كل شراب أسكر )
قال الخطابي : فيه دليل على أن قليل المسكر وكثيره حرام من أي نوع كان لأنها صيغة عموم أشير إلى جنس الشراب الذي يكوون منه السكر
( 524 )
( ج1 / ص 463 )
قوله ( يشوص )
" قال ابن دقيق العيد : فيه استحباب السواك عند القيام من النوم لأن النوم مقتض لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة والسواك آلة تنظيفه فيستحب عند مقتضاه .
( 525 )
( ج1 / ص 464 )
" ما رواه ابوداود بإسناد حسن عن عائشة قالت : : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان فأوحي إليه أن اعط السواك الأكبر "
- قال ابن بطال : فيه تقديم ذي السن في السواك ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام
- قال المهلب : هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس فإذا ترتبوا فالسنة حينئذ تقديم الأيمن وهو صحيح
-
( 526)
( ج1 / 467 )
اشتمل كتاب الوضوء وما معه من أحكام المياه والاستطابة على الاحاديث المرفوعة على مائة وأربعة وخمسين حديثا الموضول منها مئة وستة عشر حديثا والمذكور منها بصيغة التعليق ثمانية وثلاثون حديثا .
( 527 )
( ج1 / ص 467)
واختلفوا في وجوب الدلك فلم يوجبه الأكثر ونقل عن مالك والمزني وجوبه واحتج ابن بطال بالإجماع على وجوب إمرار اليد على اعضاء الوضوء عند غسلها قال : فيجب في الغسل قياسا لعدم الفرق بينهما وتعقب بأن جميع من لم يوجب الدلك أجازوا غمس اليد في الماء للمتوضئ من غير إمرار فبطل الإجماع وانتفت الملازمة .
( 528 )
( ج1 / ص 468 )
حقيقة الإغتسال غسل جميع الأعضاء مع تمييز ما للعبادة عما للعادة بالنية .
( 529 )
( ج1 / 468 )
قال الشافعي رحمه الله في " الأم " : فرض الله تعالى الغسل مطلقا لم يذكر فيه شيئا يبدأ به قبل شيء فكيفما جاء به المغتسل أجزأه إذا أتى بغسل جميع بدنه والاختيار في الغسل ما روت عائشة – ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه ثم يفيض على جلده كله . – ثم روي حديث الباب عن مالك بسنده وهو في الموطأ كذلك
قال ابن عبد البر هو من أحسن حديث روي في ذلك .
( 530 )
( ج1 / ص 469 )
" نقل ابن بطال الإجماع على ان الوضوء لا يجب مع الغسل وهو مردود فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث .
( 531 )
( ج1 / ص 469 )
قوله ( أصول الشعر )
قال القاضي عياض : احتج به بعضهم على تخليل شعر الجسد في الغسل إما لعموم قوله : ( أصول الشعر ) وإما لقياس على شعر الرأس . وفائدة التخليل إيصال الماء إلى الشعر والبشرة ومباشرة الشعر باليد ليحصل تعميمه بالماء وتأنيس البشرة لئلا يصيبها بالصب ما تتأذى به ثم هذا التخليل غير واجب اتفاقا إلا إذا كان الشعر ملبدا بشيء يحول بين الماء وبين الوصول إلى إصوله والله أعلم .
( 532 )
( ج1 / ص 469 )
قوله ( ثلاث غرف ):
فيه استحباب التثليث في الغسل قال النووي : ولا نعلم فيه خلافا إلا ما تفرد به الماوردي فإنه قال : لا يستحب التكرار في الغسل قلت : وكذا قال الشيخ أبو علي السنجي في شرح الفروع وكذا قال القرطبي
( 533 )
( ج1 / ص469 )
قال القاضي عياض : لم يات في شيء من الروايات في وضوء الغسل ذكر التكرار قلت بل ورد ذلك من طريق صحيحة أخرجها النسائي والبيهقي من رواية أبي سلمة عن عائشة أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة . الحديث وفيه " ثم يتمضمض ثلاثا ويستنشق ثلاثا ويغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ثم يفيض على رأسه ثلاثا.
( 534 )
( ج1 / ص 470 )
" اختلف نظر العلماء فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل وعن مالك إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم وعند الشافعية في الأفضل قولان قال النووي أصحهما وأشهرهما ومختارهما أنه يكمل وضوءه قال : لأن أكثر الروايت عن عائشة وميمونة كذلك انتهى .
( 535 )
( ج1 / ص 471 )
جواز تفريق الوضوء وعلى استحباب الإفراغ باليمين على الشمال للمغترف من الماء لقوله في رواية أبي عوانة وحفص وغيرهما " ثم أفرغ بيمينه على شماله " وعلى مشروعية المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة لقوله فيها " ثم تمضمض واستنشق " وتمسك به الحنفية للقول بوجوبهما وتعقب بأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب إلا إذا كان بيانا لمجمل تعلق به الوجوب وليس الأمر هنا كذلك قاله ابن دقيق العيد .
( 536 )
( ج1 / ص 471 )
" استحباب مسح اليد بالتراب من الحائط أو الأرض لقوله في الروايات المذكورة " ثم دلك يده بالأرض أو بالحائط " .
( 537 )
( ج1 / ص 471 )
" استدل به البخاري أيضا على ان الواجب في غسل الجنابة مرة واحدة وعلى ان من توضأ بنية الغسل ثم اكمل باقي أعضاء بدنه لا يشرع له تجديد الوضوء من غير حدث .
( 538 )
( ج1 / ص 471 )
جواز نفض اليدين من ماء الغسل وكذا الوضوء وفيه حديث ضعيف أورده الرافعي وغيره ولفظه " لا تنفضوا أيديكم في الوضوء فإنها مراوح الشيطان "
قال ابن الصلاح :" لم أجده
وتبعه النووي
وقد اخرجه ابن حبان في " الضعفاء " وابن أبي حاتم في " العلل " من حديث أبي هريرة
ولو لم يعارضه هذا الحديث الصحيح لم يكن صالحا ان يحتج به .
( 539 )
( ج1 / ص 472 )
قال ابن دقيق العيد : نفضه الماء بيده يدل على ان لا كراهة في التنشيف لأن كلا منها إزالة وقال النووي : اختلف أصحابنا فيه على خمسة أوجه أشهرها ان المستحب تركه وقيل مكروه وقيل مباح وقيل مستحب وقيل مكرون في الصيف مباح في الشتاء
( 540 )
( ج1 / ص 473 )
قوله ( يقال له الفرق )
· قال ابن التين : الفرق بتسكين الراء ورويناه بفتحها وجوز بعضهم الأمرين
· وقال القتيبي وغيره هو بالفتح
· وقال النووي : الفتح أفصح وأشهر
· وزعم ابو الوليد الباجي انه الصواب قال : وليس كما قال بل هما لغتان
· حكى ابن الأثير ان الفرق بالفتح ستة عشر رطلا وبالإسكان مائة وعشرون رطلا وهو غريب
· وعند مسلم في آخر رواية ابن عيينة عن الزهري قال سفيان بن عيينة : الفرق ثلاثة آصع
· قال النووي : وكذا قول الجماهير
· وقيل الفرق : صاعان .
· لكن نقل ابو عبيد الاتفاق على أن الفرق ثلاة آصع
· قال بعض فقهاء من الحنفية وغيرهم : عن الصاع ثمانية أرطال وتمسكوا بما روي عن مجاهد في الحديث عن عائشة أنه حرز الإناء ثمانية أرطال والصحيح الأول .
( 541 )
( ج1 / ص 474 )
قوله ( وأخو عائشة )
· زعم الداودي أنه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق
· وقال غيره هو أخوها لأمها وهو الطفيل بن عبد الله ولا يصح واحد منهما
· لما روى مسلم من طريق معاذ والنسائي من طريق خالد بن الحارث كلهم عن شعبة في هذا الحديث أنه أخوها من الرضاعة
· قال النووي وجماعة إنه عبدالله بن يزيد معتمدين على ما وقع في صحيح مسلم في الجنائز
· ولم يتعين عندي أنه المراد لأن لها أخا آخر من الرضاعة وهو كثير بن عبيد رضيع عائشة روى عنها أيضا وحديثه في " الأدب المفرد " للبخاري وسنن أبي داود من طريق أبنه سعيد بن كثير عنه . ا ه
( 542 *)
( ج1 / ص 476 )
" أن البخاري لا يرى التسوية بين " عن فلان " وبين " إن فلان " .. وقد حققته فيما كتبته على كتاب ابن الصلاح .
( 544 )
" ( ج1 / ص 477 )
مخول بن راشد ليس له في البخاري سوى هذا الحديث عن جابر بن عبد الله قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يفرغ على رأسه ثلاثاً .
( 545 )
( ج1 / ص 478 )
" الحنفية كانت زوج علي بن أبي طالب تزوجها بعد فاطمة رضي الله عنها فولدت له محمدا فاشتهر بالنسبة إليها .
( 546 )
( ج1 / ص 480-481 )
قوله ( باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل )
· عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب فأخذ بكفه فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ..."
· مطابقة الترجمة لحديث الباب أشكل أمرها قديما وحديثا على جماعة من الأئمة فمنهم من نسب البخاري فيها إلى [ الوهم ] ومنهم من ظبط لفظ الحلاب على غير المعروف
· الطائفة الأولى : أولهم الإسماعيلي قال في " مستخرجه " رحم الله ابا عبد الله – يعني البخاري – من ذا الذي يسلم من الغلط سبق إلى قلبه أن الحلاب طيب وأي معنى للطيب عند الاغتسال قبل الغسل وإنما الحلاب إناء وهو ما يحلب فيه يسمى حلابا ومحلباً . قال : وفي تأمل طرق هذا الحديث بيان ذلك حيث جاء فيه : " كان يغتسل من حلاب " انتهى وقال الخطابي في " شرح أبي داود : الحلاب إناء يسع قدر حلب ناقة قال : وذد ذكره البخاري وتأوله على استعمال الطيب في الطهور وأحسبه توهم أنه اريد به المحلب الذي يستعمل في غسل الأيدي وليس الحلاب من الطيب في شيء .
وتبع الخطابي ابن قرقول في " المطالع " وابن الجوزي وجماعة .
· الطائفة الثانية :
أولهم الأزهري قال في " التهذيب " : الحلاب في هذا الحديث ضبطه جماعة أي ما يحلب فيه كالمحلب فصحفوه وإنما هو الجلاب بضم الجيم وهو ماء الورد فارسي معرب وقد أنكر جماعة على الأزهري هذا من جهة ان المعروف في الرواية بالمهملة والتخفيف ومن جهة المعنى ايضا قال ابن الأثير لأن الطيب لأن يستعمل بعد الغسل أليق منه قبله وأولى لأنه إذا بدأ به ثم اغتسل أذهبه الماء وقال الحميدي في الكلام على " غريب الصحيحين " ضم مسلم هذا الحديث مع حديث الفرق وحديث قدر الصاع في موضع واحد فكأنه تأولها على الإناء وأما البخاري فربما ظن ظان أنه تأولها على أنه نوع من الطيب يكون قبل الغسل وقال القاضي عياض : الحلاب والمحلب إناء يملؤه قدر حلب الناقة وقيل المراد أي في هذا الحديث محلب الطيب . وقد رواه بعضهم في غير الصحيحين الجلاب بضم الجيم يشير إلى ما قاله الأزهري . وقال النووي : وقد أنكر أبو عبيد الهروي على الأزهري ما قاله . وقال القرطبي : الحلاب بكسر المهملة لا يصح غيرها .
الطائفة الثالثة :
فقال المحب الطبري : لم يرد البخاري بقوله الطيب ما له عرف الطيب وإنما اراد تطيب البدن بإزالة ما فيها من وسخ ودرن ونجاسة إن كانت وإنما اراد بالحلاب الإناء الذي يغتسل منه ويبدأ به فيوضع فيه ماء الغسل . .... ويقوي ذلك ما في معظم الروايات " الجلاب أو الطيب " فقوله أو يدل على أن الطيب قسيم الحلاب فيحمل على أنه من غير جنسه وجميع من اعترض عليه حمله على أنه من جنسه فلذلك أشكل عليهم .والمراد بالحلاب على هذا الماء فأطلق على الحال اسم المحل مجازا وقال الكرماني : يحتمل ان يكون أراد بالحلاب الإناء الذي فيه الطيب فالمعنى بدأ تارة بطلب طرف الطيب وتارة بطلب نفس الطيب فدل حديث الباب على الأول ودن الثاني انتهى وهو مستمد من كلام ابن بطال فإنه قال : بعد حكايته لكلام الخطابي : وأظن البخاري جعل الحلاب في هذه الترجمة ضربا من الطيب قال : فغن كان ظن ذلك فقد وهم وإنما الحلاب الإناء الذي كان فيه طيب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يستعمله عند الغسل .
( 547 )
( ج1 / ص 484)
" لم يخرج البخاري عن أفلح بن سعيد شيئاً .
( 548 )
( ج1 / ص 485 )
" النهي عن انغماس الجنب في الماء الدائم إنما هو للتنزيه كراهية أن يستقذر لا لكونه يصير نجسا بانغماس الجنب فيه لأنه لا فرق بين جميع بدن الجنب وبين عضو من اعضائه .
( 549 )
( ج1 / ص 489 )
قوله ( باب إذا جامع ثم عاد )
وقد اجمعوا على ان الغسل بينهما لا يجب ويدل على استحبابه حديث أخرجه ابوداود والنسائي عن أبي رافع : " إنه صلى الله عليه ووسلم طاف ذات يوم على نسائه يغتسل عند هذه وعند هذه قال فقلت : يا رسول الله ألا تجعله غسلا واحدا ؟ قال : هذا أزكى وأطيب وأطهر واختلفوا في الوضوء بينهما فقال ابو يوسف : لا يستحب وقال الجمهور : يستحب وقال ابن حبيب المالكي وأهل الظاهر يجب واحتجوا بحديث أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : : " إذا اتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً " أخرجه مسلم
واشار ابن خزيمة إلى أن بعض العلم حمله على الوضوء اللغوي فقال : المراد به غسل الفرج
ثم رده ابن خزيمة بما رواه من طريق ابن عيينة عن عاصم في هذا الحديث : فقال : " فليتوضأ وضوءه للصلاة "
ثم استدل ابن خزيمة على ان الامر بالوضوء للندب لا للوجوب بقوله " فإنه أنشط للعود " فدل على ان الأمر للإرشاد او للندب .
( 550 )
( ج1 / ص 495 )
قوله ( باب من تطيب ثم اغتسل )
قال ابن بطال : فيه ان السنة اتخاذ الطيب للرجال والنساء عند الجماع .
-
( 551 )
( ج1/ ص 499 )
أن قول الصحابي " كنا نفعل كذا " حكم الرفع سواء صرح بإضافته إلى زمنه صلى الله عليع وسلم أم لا وبه جزم الحاكم .
( 552 )
( ج1 / ص 500 )
قال البخاري : وقال بهز عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أحق أن يستحيا منه من الناس "
وقد أخرجه أصحاب السنن وغيرهم من طرق عن بهز وحسنه الترمذي وصححه الحاكم
وقال ابن أبي شيبة " حدثنا يزيد بن هارون حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت يا نبي الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك . قلت يا رسول الله أحدنا إذا كان خاليا ؟ قال : الله أحق أن يستحيى منه من الناس "
والاسناد إلى بهز صحيح ولهذا جزم به البخاري واما بهز وأبوه فليسا من شرطه . ولهذا لما علق في النكاح شيئا من حديث بهز لم يجزم بل قال : " ويذكر عن معاوية بن حيدة " فعرف من هذا أن مجرد جزمه بالتعليق لا يدل على صحة الإسناد إلا إلى من علق عنه واما فوقه فلا يدل وقد حققت ذلك فيما كتبته على ابن الصلاح وذكرت له امثلة وشواهد .
( 553 )
( ج1 / ص 501 )
مفهوم قوله : " إلا من زوجتك " يدل على انه يجوز لها النظر إلى ذلك منه وقياسه ان يجوز له النظر
( 554 )
( ج1 / ص 501 )
إن ظاهر حديث بهز يدل على ان التعري في الخلوة غير جائز مطلقا لكن استدل المصنف – البخاري – على جوازه في الغسل بقصة موسى وأيوب عليهما السلام وجه الدلالة منه – على ما قال ابن بطال – أنهما ممن أمرنا بالاقتداء به وهذا إنما يأتي على رأي من يقول : شرع من قبلنا شرع لنا والذي يظهر ان وجه الدلالة منه ان النبي صلى الله عليه سلم قص القصتين ولم يتعقب شيئا منهما فدل على موافقتهما لشرعنا وإلا فلو كان فيهما شيء غير موافق لبينه فيجمع بين الحديثين بحمل حديث بهز بن حكيم على الأفضل ورجح بعض الشافعية تحريمه والمشهور عند متقدميهم كغيرهم الكراهة فقط .
( 555 )
( ج1 / 504 )
قوله ( إن الله لا يستحي من الحق )
تقدم في كتاب الإيمان أن الحياء لغة : تغير وانكسار وهو مستحيل في حق الله تعالى فيحمل هنا على ان المراد أن الله لا يأمر بالحياء في الحق أو لا يمنع من ذكر الحق وقد يقال إنما يحتاج إلى التأويل في الإثبات ..
قال الشيخ ابن باز في " تعليقه على الحاشية "
الصواب أنه لا حاجة إلى التأويل مطلقا فإن الله يوصف بالحياء الذي يليق به ولا يشابه فيه خلقه كسائر صفاته وقد ورد وصفه بذلك في نصوص كثيرة فوجب إثباته له على الوجه الذي يليق به وهذا قول أهل السنة في جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة وهو طريق النجاة فتنبه واحذر والله اعلم .
( 556 )
( ج1 / ص 505 )
الرجل لو رأى أنه جامع وعلم أنه انزل في النوم ثم استيقظ فلم ير بللا لم يجب عليه الغسل اتفاقا فكذلك المرأة .
( 557 )
( ج1 / ص 506 )
قوله ( فانخنست )
· كذا للكشميهني والحموي وكريمة
· قال القزاز : وقع في رواية " فانبخست " يعني بنون قال : ولا وجه له .
· الصواب : فانخنست " والمعني : مضيت عنه مستخفيا ولذلك وصف الشيطان بالخناس
· وقال ابن بطال : وقعت هذه اللفظة " فانبخست " يعني كما تقدم
· قال : ولابن السكن بالجيم قال : ويحتمل أن يكون من قوله تعالى { فانبجست منه اثنتا عشرة عينا ً } أي جرت واندفعت وهذه ايضا رواية الأصيلي وابي الوقت وابن عساكر
· ووقع في رواية المستملي " فانتجست " أي اعتقدت نفسي نجسا
( 558 )
( ج1 / ص 506 )
وأغرب القرطبي في الجنائز من شرح مسلم فنسب القول بنجاسة الكافر إلى الشافعي .
( 559 )
( ج1 / ص 508 )
أشار المصنف بترجمة – باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ قبل أن يغتسل – إلى تضعيف ما ورد عن علي مرفوعا " إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة ولا جنب " رواه ابوداود وغيره وفيه نجي الحضرمي ما روى عنه غير ابنه عبد الله فهو مجهول لكن وثقه العجلي وصحح حديثه ابن حبان والحاكم فيحتمل كما قال الخطابي أن المراد بالجنب من يتهاون بالاغتسال ويتخذ تركه عادة لا من يؤخره ليفعله قال : ويقويه أن المراد بالكلب غير ما أذن في اتخذاه وبالصورة ما فيه روح وما لا يمتهن قال النووي : وفي الكلب نظر انتهى .
( 560 )
( ج1 / ص 509 )
محمد بن عبد الرحمن هو أبو الأسود الذي يقال له يتيم عروة .
( 561 )
( ج1 / ص 510 )
حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال : ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الجنابة من الليل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " توضأ واغسل ذكرك ثم نم "
· رواه مالك في الموطأ هكذا باتفاق من رواة الموطأ
· رواه خارج الموطأ عن نفاع بدل عبد الله بن دينار
· قال ابو علي : والحديث محفوظ لمالك عنهما جميعا
· قال ابن عبد البر : الحديث لمالك عنهما جميعا لكن المحفوظ عن عبد الله بن دينار وحديث نافع غريب انتهى .
· وقد رواه عنه كذلك عن نافع خمسة أو ستة فلا غرابة
· وقد ساقه الدراقطني في غراءب مالك فمراده ما رواه خارج الموطأ .
· قال ابن دقيق العيد : جاء الحديث بصيغةالأمر وجاء بصيغة الشرط وهو متمسك لمن قال بوجوبه
· وقال ابن عبد البر : ذهب الجمهور إلى أنه للاستحباب
· وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه وهو شذوذ
· وقال ابن العربي : قال مالك والشافعي لا يجوز للجنب ان ينام قبل ان يتوضأ . واستنكر بعض المتأخرين هذا النقل وقال : لم يقل الشافعي بوجوبه ولا يعرف ذلك أصحابه وهو كما قال .
· واستدل ابن خزيمة على عدم الوجوب بحديث ابن عباس مرفوعا " إنما امرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة "
· ونقل الطحاوي عن أبي يوسف أنه ذهب إلى عدم الاستحباب وتمسك بما رواه ابو إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يجنب ثم ينام ولا يمس ماء رواه ابوداود وغيره وتعقب بان ابو إسحاق غلط فيه ...) ا ه .
· وقال جمهور العلماء : المراد بالوضوء هنا الشرعي والحكمة فيه أنه يخفف الحدث ولا سيما على القول بجواز تفريق الغسل فينويه فيرتفع الحدث عن تلك الأعضاء المخصوصة على الصحيح ويؤيده ما رواه ابن ابي شيبة بسند رجاله ثقات عن شداد بن أوس الصحابي قال : " إذا أجنب أحدكم من الليل ثم اراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة " وقيل : الحكم فيه إنه إحدى الطهارتين . ..) ا ه
( 563 )
( ج1 / ص 512 )
قال ابن الجوزي : الحكمة فيه – التنظيف عند النوم – أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة بخلاف الشياطين فإنها تقرب من ذلك والله أعلم .
( 564 )
( ج1 / ص 515 )
" ابا سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف أكبر قدرا وسنا وعلما من هشام بن عروة وروايته عن عروة من باب رواية الأقران لأنهما تابعيان فقيهان من طبقة واحدة "
( 565 )
( ج1 / ص 515 )
" قوله ( الماء من الماء ) جناس تام والمراد بالماء الأول : ماء الغسل وبالثاني : المني
وذكر الشافعي أن كلام العرب يقتضي ان الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع وإن لم يكن معه إنزال ولم يختلف أن الزنا الذي يجب به الحد هو الجماع ولو لم يكن معه إنزال .
قال ابن العربي : إيجاب الغسل بالإيلاج بالنسبة إلى الإنزال نظير إيجاب الوضوء بمس الذكر بالنسبة إلى خروج البول فهما متفقان دليلا وتعليلا والله أعلم .
( 566 )
( ج1 / ص 517 )
قال الشافعي في " اختلاف الحديث " حديث " الماء من الماء " ثابت لكنه منسوخ
إلى أن قال : فخالفنا بعض أهل ناحيتنا – يعني من الحجازيين – فقالوا : لا يجب الغسل حتى ينزل ا ه
فعرف بهذا أن الخلاف كان مشهورا بين التابعين ومن بعدهم لكن الجمهور على " إيجاب الغسل " وهو الصواب والله أعلم .
( 567 )
( ج 1/ ص 517 )
" اشتمل كتاب الغسل وما معه من أحكام الجنابة من الأحاديث المرفوعة على ثلاثة وستين حديثا "
( 568 )
( ج1 / ص 519 )
روى الحاكم وابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عباس " أن ابتداء الحيض كان على حواء بعد ان اهبطت من الجنة "
( ( 569 )
( ج1 / ص 522 )
" جواز حمل الحائض المصحف لكن من غير مسه
( 570 )
( ج1 / ص 523 )
قوله ( أنفست *)
قال الخطابي : أصل هذه الكلمة من النفس وهو الدم إلا أنهم فرقوا بين بناء الفعل من الحيض والنفاس فقالوا في الحيض نفست بفتح النون وفي الولادة بضمها انتهى . وهذا قول كثير من أهل اللغة
( 571 )
( ج1 / ص 524 )
قوله ( يملك إربه ) قيل المراد عضوه الذي يستمتع به وقيل حاجته والحاجة تسمى إربا بالكسر ثم السكون وأربا بفتح الهمزة والراء وذكر الخطابي أنه روي هنا بالوجهين .
( 572 )
( ج1 / ص 525 )
ذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الذي يمتنع من الاستمتاع بالحائض الفرج فقط وبه قال محمد بن الحسن من الحنفية ورجحه الطحاوي وهو اختيار أصبغ من المالكية وأحد القولين أو الوجهين للشافعية واختاره ابن المنذر وقال النووي : هو الأرجح دليلا لحديث أنس في مسلم : " أصنعوا كل شيء إلا الجماع " وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعا بين الأدلة . وقال ابن دقيق العيد : ليس في حديث الباب ما يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد انتهى .
( 573 )
( ج1 / ص 527 )
قوله ( يا معشر النساء )
المعشر كل جماعة أمرهم واحد ونقل عن ثعلب أنه مخصوص بالرجال وهذا الحديث يرد عليه إلا إن كان مراده بالتخصيص حالة إطلاق المعشر لا تقييده .
( 574 )
( ج1 / ص 528 )
أن الحائض لا تأثم بترك الصلاة زمن الحيض لكنها نقصة عن المصلي وهل تثاب على هذا الترك لكونها مكلفة به كما يثاب المريض على النوافل التي كان يعملها في صحته وشغل بالمرض عنها ؟.
قال النووي : الظاهر أنها لا تثاب والفرق بينها وبين المريض أنه كان يفعلها بنية الدوام عليا مع أهليته والحائض ليست كذلك .
وعندي – ابن حجر – في كون هذا الفرق مستلزما لكونها لا تثاب – وقفة .
( 575 )
( ج1 / ص 529 )
تمسك البخاري ومن قال بالجواز – قراءة الحائض - غيره كالطبري وابن المنذر وداود بعموم حديث " كان يذكر الله على كل أحيانه " لأن الذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره وغنما فرق بين الذكر والتلاوة بالعرف والحديث المذكور وصله مسلم من حديث عائشة وأورد المصنف أثر ابراهيم وهو النخعي :" لا بأس ان تقرأ الآية " إشعاا بأن منع الحائض من القراءة ليس مجمعا عليه ...
( 576 )
( ج1 / ص 530 )
" استدل الجمهور على المنع بحديث علي " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة " رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان وضعف بعضهم رواته والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة لكن قيل : في الاستدلال به نظر لأنه فعل مجرد فلا يدل على تحريم ما عداه وأجاب الطبري عنه بأنه محمول على الأكمل جمعا بين الأدلة .
أما حديث ابن عمر مرفوعا : " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن " فضعيف من جميع طرقه
( 577 )
( ج1 / ص 531 )
" ان المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة لكنها لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤادة أو مقضية لظاهر قوله " ثم توضئي لكل صلاة " وبهذا قال الجمهور وعند الحنفية ان الوضوء متعلق بوقت الصلاة فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة .. وقال أحمد وإسحاق : عن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط
( 578 )
( ج1 / ص 532 )
" استنبط الرازي الحنفي أن مدة اقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة لقوله " قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها " لأن أقل ما يطلق عليه لفظ : " أيام " ثلاثة واكثره عشرة فأما دون الثلاثة فإنما يقال يومان ويوم وأما فوق عشرة فإنما يقال أحد عشر يوما وهكذا إلى عشرين وفي الاستدلال بذلك نظر .
( 579 )
( ج1 / ص 534 )
: وأما من استحيض في عهده صلى الله عليه وسلم من الصحابيات غيرهن فسهلة بنت سهيل ذكرها أبوداود ايضا واسماء بنت مرثد ذكرها البيهقي وغيره وبادية بنت غيلان ذكرها ابن منده وفاطمة بنت أبي حبيش وقصتها عن عائشة في الصحيحين ووقع في سنن أبي داود عن فاطمة بنت قيس فظن بعضهم انها القرشية الفهرية والصواب انها بنت أبي حبيش واسم ابي حبيش قيس
( 580 )
( ج1 / ص 535 )
جواز مكث المستحاضة في المسجد وصحة اعتكافها وصلاتها وجواز حدثها في المسجد عن أمن التلويث ويلتحق بها دائم الحدث ومن به جرح يسيل .
( 581 )
( ج1 / ص 535)
قول ابو حاتم : لم يسمع مجاهد من عائشة وهذا مردود فقد وقع التصريح بسماعه منها عند البخاري في غير هذا الإسناد – عن مجاهد قال : قالت عائشة ما كان لإحدانا ثوب واحد تحيض فيه ..-وأثبته علي بن المديني فهو مقدم على من نفاه
( 582 )
( ج1 / ص537 )
قوله ( كست أظفار )
· قال ابن التين : صوابه " قسط ظفار " كذا قال ولم ار هذا في هذه الرواية لكن حكاه صاحب " المشارق "
· ووجهه بأنه منسوب إلى ظفار مدينة معروفة بسواحل اليمن يجلب إليها القسط الهندي
· حكي في ضبط ظفار وجهين كسر أوله وصرفه أو فتحه للبناء
· ووقع في رواية مسلم من هذا الوجه " من قسط أو أظفار " بإثبات " او " للتخيير
· قال في " المشارق " : القسط بخور معروف وكذلك الأظفار
· قال في " البارع " الأظفار ضرب من العطر يشبه الظفر
( 583 )
( ج1 / ص 538 )
( اسماء بنت يزيد بن السكن بالمهملة والنون الآنصارية التي يقال لها " خطيبة النساء " )
( 585 )
( ج1 / ص 541 )
قوله ( باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض )
أي هل يجب أم لا ؟ وظاهر الحديث الوجوب وبه قال الحسن وطاوس في الحائض دون الجنب وبه قال أحمد ورجح جماعة من أصحابه انه للاستحباب فيهما قال ابن قدامة : ولا أعلم أحدا قال بوجوبه فيهما إلا ما روي عن عبد الله بن عمرو قلت وهو في مسلم عنه وقال النووي : حكاه أصحابنا عن النخعي واستدل الجمهور على عدم الوجوب بحديث أم سلمة : قالت : يا رسول الله إني امرأة أشد ظفر رأسي أفانقضه لغسل الجنابة ؟ قال : لا " رواه مسلم وفي رواية له : للحيضة والجنابة " وحملوا الأمر في حديث الباب على الاستحباب جمعا بين الروايتين أو يجمع بالتفصيل بين من لا يصل الماء إليها إلا بالنقض فيلزم وإلا فلا "
( 586 )
( ج1 / ص 543 )
قوله ( باب مخلقة وغير مخلقة )
قال ابن بطال : غرض البخاري بإدخال هذا الحديث في ابواب الحيض تقوية مذهب من يقول إن الحامل لا تحيض وهو قول الكوفيين وأحمد وأبي ثور وابن المنذر وطائفة وإليه ذهب الشافعي في القديم وقال في الجديد : إنها تحيض وبه قال إسحاق وعن مالك : روايتان
( 587 )
( ج1 / ص 546)
قوله ( باب لا تقضي الحائض الصلاة )
نقل ابن المنذر وغيره إجماع أهل العلم على ذلك وروى عبد الرزاق عن معمر أنه سأل الزهري عنه فقال : أجتمع الناس عليه
وحكى ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج أنهم كانوا يوجبونه .
( 588 )
( ج1 / ص 546 )
قوله ( أحرورية )
· الحروري منسوب إلى حروراء وهي بلدة على ميلين من الكوفة و
· يقال لمن يعتقد مذهب الخوارج حروري لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي بالبلدة المذكورة فاشتهروا بالنسبة إليها وهم فرق كثيرة
· من اصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقا
( 589 )
( ج1 / 549 )
وقصر بني خلف كان بالبصرة وهو منسوب إلى طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي المعروف بطلحة الطلحات وقد ولي إمرة سجستان .
( 590 )
( ج1 / ص 551 )
قال الدارمي : " اخبرنا يعلى بن عبيد حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر هو الشعبي قال : جاءت امرأة إلى علي تخاصم زوجها طلقها فقالت : حضت في شهر ثلاث حيض فقال علي لشريح : اقض بينهما . قال يا أمير المؤمنين وأنت ههنا ؟ اقض بينهما .؟ قال إن جاءت من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته تزعم انها حاضت وثلاث حيض تطهر عند كل قرء وتصلي جاز لها وإلا فلا . قال علي : قالون " قال وقالون بلسان الروم أحسنت .
( 591 )
( ج1 / ص 552 )
اختلف العلماء في أقل الحيض وأقل الطهر ونقل الدراودي أنهم اتفقوا على أن أكثره خمسة عشر يوما وقال ابو حنيفة : لا يجتمع أقل الطهر وأقل الحيض معا قأقل ما تنقضي به العدة عنده ستون يوما وقال صاحباه : تنقضي في تسعة وثلاثين يوما بناء على أن أقل الحيض ثلاثة ايام وأن أقل الطهر خمسة عشر يوما ..
( 592 )
( ج1 / ص 554 )
وإلى هذا ذهب الجمهور قالوا : لا يجب على المستحاضة الغسل لكل صلاة إلا المتحيرة لكن يجب عليها الوضوء .
( 593 )
( ج1 / ص 554 )
قال الطحاوي : حديث أم حبيبة منسوخ بحديث فاطمة بنت أبي حبيش أي لأن فيه الأمر بالوضوء لكل صلاة لا الغسل والجمع بين الحديثين بحمل الأمر في حديث أم حبيبة على الندب أولى والله اعلم .
( 594 )
( ج1 / ص 554-555 )
· حدثنا معلى بن أسد قال حدثنا وهيب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال : رخص للحائض أن تنفر إذا حاضت .
· وكان ابن عمر يقول في أول أمره : إنها لا تنفر ثم سمعته يقول : تنفر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لهن
· كان ابن عمر يفتي بأنه يجب عليها أن تتاخر إلى أن تطهر من أجل طواف الوداع ثم بلغته الرخصة عن النبي صلى الله عليه وسلم لهن في تركه فصار إليه ا كان نسي ذلك فتذكره وفيه دليل على أن الحائض لا تطوف .
( 595 )
( ج1 / ص 560 )
اختلف في التيمم هل هو عزيمة أو رخصة ؟ وفصل بعضهم فقال : هو لعدم الماء عزيمة وللعذر رخصة .
( 596 )
( ج1 / ص 562 )
قال ابن عبد البر " معلووم عند جميع أهل المغازي أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل منذ افترضت الصلاة عليه إلا بوضوء ولا يدفع ذلك إلا جاهل أو معاند .
( 597 )
( ج1 / ص 564 )
وقع في رواية عمار عند أبي داود وغيره في هذه القصة ان العقد المذكور كان من ( جزع ظفار ) وكذا وقع في قصة الإفك والجزع بفتح الجيم وسكون الزاي خرز يمني وظفار مدينة تقدم ذكرها في باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض ..
( 598 )
( ج1 / ص565 )
" وقد ظهر بالاستقراء من صنيع البخاري أنه أورد الحديث عن غير واحد فإن اللفظ يكون للأخير والله أعلم .
( 599 )
( ج1 / ص 565 )
قوله ( حدثنا يزيد الفقير ) هو ابن صهيب يكنى أبا عثمان تابعي مشهور قيل له الفقير لأنه كان يشكو فقار ظهره " ولم يكن فقيرا من المال قال صاحب المحكم رجل فقير مكسور فقار الظهر ويقال له فقير بالتشديد ايضا
( 600 )
( ج1 / ص 567 )
قوله ( وجعلت لي الأرض مسجدا )
والأظهر ما قاله الخطابي وهو ان من قبله إنما أبيحت لهم الصلوات في أماكن مخصوصة كالبيع والصوامع ويؤيده رواية عمرو بن شعيب بلفظ : " وكان من قبلي إنما كانوا يصلون في كنائسهم " وهذا نص في موضع النزاع فثبتت الخصوصية .
( 601 )
( ج1 / ص 568)
قوله ( وأحلت لي الغنائم )
قال الخطابي : كان من تقدم على ضربين منهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم تكن لهم مغانم ومنهم من أذن له فيه لكن كانوا إذا غنموا شيئا لم يحل له ان يأكلوا وجاءت نار فأحرقته
( 602 )
( ج 1 / ص 568 )
" قوله ( وأعطيت الشفاعة )
قال ابن دقيق العيد : المراد الشفاعة العظمى في إراحة الناس من هول الموقف ولا خلاف في وقوعها وكذا جزم النووي
وقيل : الشفاعة التي اختص بها أنه لا يرد فيما يسأل
وقيل الشفاعة لخروج من في قلبه مثقال ذرة من إيمان
وقال البيهقي في " البعث " يحتمل ان الشفاعة التي يختص بها أنه يشفع لأهل الصغائر والكبائر وغيره إنما يشفع لأهل الصغائر دون الكبائر
فالظاهر أن المراد بالشفاعة المختصة في هذا الحديث إخراج من ليس له عمل صالح إلا التوحيد وهو مختص ايضا بالشفاعة الأولى وقد ثبتت هذه الشفاعة في رواية الحسن عن أنس في " كتاب التوحيد ..." ثم ارجع في الرابعة فأقول : يا رب ائذن لي فيمن قال : لا إله إلا الله فيقول وعزتي وجلالي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله "
( 603 )
( ج1 / ص 569 )
( قوله : وبعثت إلى الناس كافة )
· وقع في رواية مسلم : وبعثت إلى كل أحمر وأسود
· قيل المراد بالأحمر : العجم وبالأسود : العرب
· وقيل الأحمر : الإنس والأسود : الجن
· واشملها رواية أبي هريرة عند مسلم : " وأرسلت إلى الخلق كافة "
( 604 )
( ج1 / 569 )
ذكر أبو سعيد النيسابوري في كتاب " شرف المصطفى " أن عدد الذي اختص به نبينا صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء ستون خصلة "
( 605 )
( ج1 / ص 569 )
حديث " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد "
ضعيف أخرجه الدراقطني من حديث جابر .
( 606 )
( ج1 / ص 564 )
فكان نزول آية المائدة بسبب عقد " عائشة " وآية النساء بسبب قلادة " أسماء " .
( 607 )
( ج1 / ص 572 )
اختلف السلف في التيمم في الحضر فذهب مالك إلى عدم وجوب الإعادة على من تيمم في الحضر ووجهه ابن بطال بأن التيمم إنما ورد في المسافر والمريض لإدراك وقت الصلاة فيلتحق بهما الحاضر إذا لم يقدر على الماء قياسا وقال الشافعي : تجب الإعادة لندور ذلك وعن أبي يوسف وزفر : لا يصلي إلى أن يجد الماء ولو خرج الوقت " ا ه .
( 608 )
( ج1 / ص 576 )
الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه والراجح عدم رفعه فأما حديث أبي جهيم فورد بذكر اليدين مجملا وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في " الصحيحين " وبذكر المرفقين في " السنن " وفي رواية إلى نصف الذراع وفي رواية إلى الآباط فأما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع ففيها مقال وأما رواية الآباط فقال الشافعي وغيره : أن كان وقع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكل تيمم صح للنبي صلى الله عليه وسلم بعده فهو ناسخ له وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما امر به ومما يقوي رواةي الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره ولا سيما الصحابي المجتهد .
(610 )
( ج1 / ص 579 )
وقد ابيح عند الأكثر بالتيمم الواحد النوافل مع الفريضة إلا أن مالكا رحمه الله يشترط تقدم الفريضة وشذ شريك القاضي فقال : لا يصلي بالتيمم الواحد أكثر من صلاة واحدة فرضا كانت أو نفلا قال ابن المنذر : إذا صحت النوافل بالتيمم الواحد صحت الفرائض لأن جميع ما يشترط للفرائض مشترط للنوافل إلا بدليل . انتهى . وقد اعترف البيهقي بأنه ليس في المسألة حديث صحيح من الطرفين قال : لكن صح عن ابن عمر إيجاب التيمم لكل فريضة ولا يعلم له مخالف من الصحابة وتعقب بما روواه ابن المنذر عن ابن عباس أنه لا يجب واحتج المصنف لعدم الوجوب بعموم قوله في حديث الباب : " فإنه يكفيك " أي ما لم تحدت أو تجد الماء وحمله الجمهور على الفريضة التي تيمم من أجلها ويصلي به ما شاء من النوافل فإذا حضرت فريضة أخرى وجب طلب الماء فإن لم يجد تيمم والله أعلم .
( ( 611 )
( ج 1/ ص 582 )
قوله ( أسرينا ) قال الجوهري : تقول سريت وأسريت بمعنى إذا سرت ليلا وقال صاحب المحكم السرى سير عامة الليل وقيل سير الليل كله
( 612 )
( ج1 / 588 )
أن الاستيلاء على الكفار بمجرده يوجب رق النساء والصبيان
( 613 )
( ج1 / ص 588 )
قوله ( قال ابو عبد الله : صبأ خرج من دين إلى غيره
وقال ابو العالية : الصابئين وفي نسخة الصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور )
وقال غيره : هم منسوبون إلى صابئ بن متوشلخ عم نوح عليه السلام
وروى ابن مردويه بإسناد حسن عن ابن عباس قال : الصابئون ليس لهم كتاب انتهى .
( 614 )
( ج1 / ص 589 )
قال البخاري : ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة فتيمم وتلا { ولا تقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيما } فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف
وهذا التعليق وصله أبوداود والحاكم من طريق يحيى بن أيوب .. وإسناده قوي لكنه علقه بصيغة التمريض لكونه اختصره .
وقال البيهقي يمكن الجمع بين الروايات بأنه توضأ ثم تيمم عن الباقي وقال النووي : وهو متعين .
( 615 )
( ج1 / ص 592 )
قوله ( باب التيمم ضربة )
الاكتفاء بضربة واحدة في التيمم ونقله ابن المنذر عن جمهور العلماء واختاره .
( 616 )
( ج1 / ص 593 )
اشتمل كتاب التيمم من الأحاديث المرفوعة على سبعة عشر حديثا المكرر منها عشرة
( 617 )
( ج1 / ص 594 )
مناسبة تعقيب الطهارة بالصلاة لتقدم الشرط على المشروط والوسيلة على المقصود وقد تأملت كتاب الصلاة منه فوجدته مشتملا على انواع تزيد على العشرين فاقول :
- بدأ أولا بالشروط السابقة على الدخول في الصلاة وهي الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة ودخول الوقت
- ولما كانت الطهارة تشتمل على أنواع أفردها بكتاب واستفتح كتاب الصلاة بذكر فرضيتها لتعين وقته دون غيره من أركان الإسلام
- وكان ستر العورة لا يختص بالصلاة فبدأ به لعمومه ثم ثنى بالاستقبال للزومه في الفريضة والنافلة.........
( 618 )
( ج1 / ص 596 )
- أن المعراج كان في ليلة الإسراء وقد وقع في ذلك اختلاف فقيل : كانا في ليلة واحدة في يقظته صلى الله عليه وسلم وهذا هو المشهور عند الجمهور
- وقيل : كانا جميعا في ليلة واحدة في منامه
- ووقيل : وقعا جميعا مرتين في ليلتين مختلفتين إحداهما يقظة والأخرى مناما
- وقيل كان الإسراء إلى بيت المقدس خاصة في اليقظة وكان المعراج مناما إما في تلك الليلة أو في غيرها
- الذي ينبغي أن لا يجري فيه الخلاف أن الإسراء إلى بيت المقد كان في اليقظة لظاهر القرآن ولكون قريش كذبته في ذلك ولو كان مناما لم تكذبه فيه ولا في أبعد منه
( 619 )
( ج1 / ص 597 )
قال النووي : في تفسير الحكمة أقوال كثيرة مضطربة صفا لنا منها ان الحكمة العلم المشتمل على المعرفة بالله مع نفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق للعمل به والكف عن ضده والحكيم من حاز ذلك . ا ه ملخصا .
وقد تطلق الحكمة على القرآن وهو مشتمل على ذلك كله وعلى النبوة كذلك وقد تطلق على العلم فقط وعلى المعرفة فقط ونحو ذلك .
( 620 )
( ج1 / ص 599)
أن البيت المعمور في السماء الدنيا وإنه أول بيت يحاذي الكعبة من بيوت السموات ويقال إن اسم البيت المعمور ( الضراح ) بضم المعجمة وتخفيف الراء وآخره مهملة ويقال بل هو اسم سماء الدنيا .
-
( 621 )
( ج1 / ص 602 )
حديث عائشة قالت : " فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا
وحديث ابن عباس : فرضت الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين " أخرجه مسلم .
قالوا يعارض حديث ابن عباس حديث عائشة وأنه يمكن الجمع بينهما فلا تعارض وألزموا الحنفية على قاعدتهم فيما إذا عارض رأي الصحابي روايته بأنهم يقولون : العبرة بما رأى لا بما روى وخالفوا ذلك هنا فقد ثبت عن عائشة أنها كانت تتم في السفر فدل ذلك على أن المروي عنها غير ثابت والجواب عنهم أن عروة الراوي عنها قد قال لما سئل عن إتمامها في السفر إنها تأولت كما تأول عثمان فعلى هذا لا تعارض بين روايتها وبين رأيها فروايتها صحيحة ورأيها مبني على ما تأولت .
( 622 )
( :ج1 / ص 602 )
" ان الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب ثم زيدت بعد الهجرة عقب الهجرة إلا الصبح كما روى ابن خزيمة والبيهقي من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : " فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأطمان زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر النهار " ا ه .
( 623 )
( ج1 / ص 603 )
ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة إلا ما كان وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي وذكر الشافعي عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة ثم نسخ بقوله تعالى { فاقرؤوا ما تيسر منه } فصار الفرض قيام بعض الللي ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس .
( 624 )
( ج1 / ص 603 )
قوله تعالى { خذوا زينتكم }
وقع ف تفسير طاوس قال : الثياب
وصله البيهقي ونحوه عن مجاهد ونقل ابن حزم الاتفاق على أن المراد ستر العورة .
( 625 )
( ج1 / ص 606 )
الحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه قاله في النهاية .
( 626 )
( ج1 / ص 607 )
كان الخلاف في منع جواز الصلاة في الثوب الواحد قديما روى ابن ابي شيبة عن ابن مسعود قال : لا تصلين في ثوب واحد وإن كان أوسع ما بين السماء والأرض " ونسب ابن بطال ذلك لابن عمر ثم قال : لم يتابع عليه ثم استقر الأمر على الجواز .
( 627 )
( ج1 / ص 608 )
قال البخاري ( حدثنا عبيد بن إسماعيل قال : حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه أن عمرو بن أبي سلمة أخبره قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب ... الحديث "
هذا الإسناد له حكم الثلاثيات وإن لم تكن له صورتها لأن أعلى ما يقع للبخاري ما بينه وبين الصحابي فيه اثنان فإن كان الصحابي يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ فيه صورة الثلاثي وغن كان يرويه عن صحابي آخر فلا .."
( 628 )
( ج1 / 608 )
( قال ابن بطال : فائدة الالتحاف المذكور أن لا ينظر المصلي إلى عورة نفسه إذا ركع ولئلا يسقط عند الركوع والسجود .
( 629 )
( ج1 / ص 609 )
جزم ابن هشام في " تهذيب السيرة " بأن اللذين أجارتهما أم هانيء هما الحارث بن هشام وزهير بن أبي أمية المخزوميان وروى الأزرقي بسند فيه الاقدي في حديث أم هانىء هذا أنهما الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة وحكى بعضهم انهما الحارث بن هشام وهبيرة بن أبي وهب وليس بشيء لأن هبيرة هرب عند فتح مكة إلى نجران فلم يزل بها مشركا حتى مات كذا جزم به ابن إسحاق وغيره فلا يصح ذكره فيمن أجارته ام هانيء .
قال الزبير بن بكار : فلان ابن هبيرة هو الحراث بن هشام انتهى .
( 630 )
( ج1 / ص 612 )
قال الخطابي : الاشتمال الذي أنكره هوأن يدير الثوب على بدنه كله لا يخرج منه يده
قلت : كأنه أخذه من تفسير الصماء على أحد الأوجه .
( 631 )
( ج1 / ص 615 )
( وفيه أن صلى الله عليه وسلم كان مصونا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها وفيه النهي عن التعري بحضرة الناس وقد ذكر ابن إسحاق في السيرة أنه صلى الله عليه وسلم تعرى وهو صغير عند حليمة فلكمه لاكم فلم يعد يتعرى .
( 632 )
( ج1 / ص 616)
قال ابن سيده : السراويل فارسي معرب يذكر ويؤنث .
والتبان على هيئة السراويل إلا أنه ليس له رجلان وقد يتخذ من جلد .
والقباء هو فارسي معرب وقيل عربي مشتق من قبوت الشيء إذا ضممت أصابعك عليه وسمي بذلك لانضمام أطرافه وروي عن كعب أن أول من لبسه سليمان بن داود عليهما السلام .
( 633 )
( ج1 / ص 618)
قوله : ( اشتمال الصماء )
قال أهل اللغة : هو ان يخلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانبا ولا يبقي ما يخرج منه يده
قال ابن قتيبة : سميت صماء لنه يسد المنافذ كلها فتصير كالصخرة الصماء ليس فيها خرق
وقال الفقهاء : هو ان يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه باديا
قال النووي : فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروها لئلا يعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل أنكشاف العورة .
( 634 )
( ج1 / ص 618 )
قوله ( وأن يحتبي )
الاحتباء : ان يقعد على أليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوبا . ويقال له الحبوة وكانت من شأن العرب وفسرها في رواية يونس بنحو ذلك .
( 635 )
( ج1 / ص 620 )
" ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم : " الفخذ عورة "
قال النووي : ذهب اكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة وعن أحمد ومالك في رواية : العورة القبل والدبر فقط وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والاصطخري قلت : في ثبوت ذلك عن ابن جرير نظر فقد ذكر المسألة في تهذيبه ورد على من زعم ان الفخذ ليست بعورة ومما احتجوا به قول أنس في هذا الحديث " وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم " إذ ظاهره أن المس كان بدون حائل ومس العورة بدون حائل لا يجوز .." ا ه
( 636 )
( ج1 / ص 623 )
" سمي الجيش خميسا لأنه خمسة أقسام : مقدمة وساقة وقلب وجناحان
وقيل : من تخميس الغنيمة وتعقبه الأزهري بأن التخميس إنما ثبت بالشرع قد كان أهل الجاهلية يسمون الجيش خميسا فبان أن القول الأول أولى .
( 637 )
( ج1 / 640 )
قوله ( يصلي في نعليه ) قال ابن بطال : هو محمول على ما إذا كان لم يكن فيها نجاسة ثم هي من الرخص كما قال ابن دقيق العيد لا من المستحبات ... وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين ومراعاة إزالة النجاسة قدمت الثانية لأنها من باب دفع المفاسد والآخرى من باب جلب المصالح
قال : إلا ان يرد دليل بإلحاقه بما يتجمل به فيرجع إليه ويترك هذا النظر قلت قد روى أبو داود والحاكم من حديث شداد بن أوس مرفوعا " خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم " فيكون استحباب ذلك من جهة قصد المخالفة المذكورة .
( 638 )
( ج1 / ص 640 )
وورد في كون الصلاة في النعال من الزينة المأمور بأخذها في الآية حديث ضعيف جدا أورده ابن عدي في الكامل وابن مردويه في تفسيره من حديث أبي هريرة والعقيلي من حديث أنس .
( 639 )
( ج1 / ص 647 )
قوله ( باب قوله تعالى : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى )
· وقع في روايتنا " واتخذوا " بكسر الخاء على الأمر وهي إحدى القراءتين
· والأخرى على الفتح على الخبر
· والأمر دال على الوجوب لكن انعقد الإجماع على جواز الصلاة إلى جميع جهات الكعبة فدل على عدم التخصيص
· بناء على أن المراد بمقام إبراهيم الحجر الذي فيه أثر قدميه وهو موجود إلى الآن
· قال مجاهد : المراد بمقام إبراهيم الحرم كله والأول أصح وقد ثبت دليله عند مسلم من حديث جابر .
( 640 )
( ج 1 / ص 647 )
( روى الأزرقي في " أخبار مكة " بأسانيد صحيحة ان المقام كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الموضع الذي هو فيه الآن حتى جاء سيل في خلافة عمر فاحتمله حتى وجد بأسفل مكة فأتى به فربط إلى أستار الكعبة حتى قدم عمر فاستثبت في أمره حتى تحقق موضعه الأول فأعاده إليه وبنى حوله فاستقر ثم إلى الآن .
( 641 )
( ج1 / ص 652 )
والحديث دال على عدم ترك استقبال القبلة في الفريضة وهو إجماع لكن رخص في شدة الخوف .
( 642 )
( ج1 / ص 653 )
جواز وقوع السهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الأفعال قال ابن دقيق العيد : وهو قول عامة الفقهاء والنظار وشذت طائفة فقالوا : لا يجوز على النبي السهو وهذا الحديث يرد عليهم لقوله صلى الله عليه وسلم فيه : " أنسى كما تنسون "ولقوله " فإذا نسيت فذكروني " أي بالتسبيح ونحوه ..." ا ه
( 643 )
( ج1 / ص 654 )
قوله ( وافقت ربي في ثلاث ) أي وقائع والمعنى وافقني ربي فأنزل القرىن على وفق ما رأيت .. وليس في تخصيصه العدد بالثلاث ما ينفي الزيادة عليها لأنه حصلت له الموافقة في أشياء غير هذه من مشهورها قصة أسارى بدر وقصة الصلاة على المنافقين وهما في الصحيح وصحيح الترمذي من حديث ابن عمر أنه قال : " ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر إلا نزل القرآن فيه على نحو ما قال عمر " وهو دال على كثرة موافقته .
( 644 )
( ج1 / ص 654 )
أكثر ما وقفنا منها بالتعيين – موافقة عمر للقرآن – خمسة عشر لكن ذلك بحسب المنقول
ومنها مقام إبراهيم
ومسألة الحجاب في تفسير سورة الأحزاب
ومسألة التخيير في تفسير سورة التحريم
( 645 )
( ج1 / ص 655 )
قوله ( في صلاة الصبح )
· ولمسلم ( في صلاة الغداة ) وهو أحد أسمائها وقد نقل بعضهم كراهية تسميتها بذلك
· وهذا فيه مغايرة لحديث البراء المتقدم فإن فيه أنهم كانوا في " صلاة العصر "
· الجواب : أن لا منافاة بين الخبرين لن الخبر وصل وقت العصر إلى من هو داخل المدينة وهو بنو حارثة وذلك في حديث البراء والآتي إليهم بذلك عباد بن بشر أو ابن نهيك ووصل الخبر وقت الصبح إلى من هو خارج المدينة وهم بنو عمرو بن عوف أهل قباء وذلك في حديث ابن عمر
· ومما يدل على تعددهما أن مسلما روى من حديث أنس : أن رجلا من بني سلمة مر وهم ركوع في صلاة الفجر " فهذا موافق لرواية ابن عمر في تعيين الصلاة وبنو سلمة غير بني حارثة .
( 646)
( ج1 / ص 658 )
قوله ( باب كفارة البزاق في المسجد )
· أورد فيه حديث " البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها "
· قال القاضي عياض : إنما تكون خطيئة إذا لم يدفنه وأما من أراد دفنه فلا ورده النووي فقال : هو خلاف صريح الحديث قلت وحاصل النزاع ان هنا عمومين تعارضا وهما قوله : " البزاق في المسجد خطيئة " وقوله : " البزاق في المسجد خطيئة " وقوله " وليبصق عن يساره أو تحت قدمه " فالنووي يجعل الأول عاما ويخص الثاني بما إذا لم يكن في المسجد والقاضي بخلافه يجعل الثاني عاما ويختص بالأول بمن لم يرد دفنها وقد وافق القاضي جماعة منهم ابن مكي في " التنقيب " والقرطبي في : " المفهم " وغيرهما ويشهد ه ما رواه أحمد : " من تنخم في المسجد فليغيب نخامته ان تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه " وأوضح منه ما رواه احمد بإسناد حسن " من تنخم في المسجد فلم يدفنه فسيئة وإن دفنه فحسنة " فلم يجعله سيئة إلا بقيد عدم الدفن ونحوه حديث أبي ذر عند مسلم مرفوعا قال " ووجدت في مساوئ أمتي النخاعة تكون في المسجد لا تدفن " قال القرطبي : فلم يثبت لها حكم السيئة لمجرد ايقاعها في المسجد بل به ويتركها غير مدفونه . انتهى .
( 649 )
( ج1 / ص 664 )
قوله ) فيدفنها ( :
قال النووي في " الرياض " المراد بدفنها ما إذا كان المسجد ترابيا أو رمليا فأما إذا كان مبلطا مثلا فدلكها عليه بشيء مثلا فليس ذلك بدفن بل زيادة في التقذير
( 650 )
( ج1 / ص 664 )
قال القفال في " فتاويه " هذا الحديث محمول على ما يخرج من الفم أو ينزل من الرأس أما ما يخرج من الصدر فهو نجس فلا يدفن في المسجد ا ه . وهذا على اختياره لكن يظهر التفصيل فيما إذا كان طرفا من قيء وكذا إذا خالط البزاق دم والله أعلم .
( 651 )
( ج1 / ص 665 )
أن البصاق طاهر وكذا النخامة والمخاط خلافا لمن يقول : كل ما تستقذره النفس حرام ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح إنما هو بالشرع فإن جهة اليمين مفضلة على اليسار وإن اليد مفضلة على القدم .
( 652 )
ج1 / ص 666)
قوله ( هل ترون قبلتي )
· أي أنتم تظنون أني لا أرى فعلكم لكون قبلتي في هذه الجهة لأن من استقبل شيئا استدبر ما وراءه واختلف في معنى ذلك
· فقيل : المراد بها العلم إما بأن يوحى إليه كيفية فعلهم وإما أن يلهم وفيه نظر
· وقيل المراد أنه يرى من على يمينه ومن عن يساره ممن تدركه عينه مع التفات يسيرر في النادر وهذا ظاهر التكلف وفيه عدول عن الظاهر بلا موجب
· والصواب المختار أنه محمول على ظاهره وأن هذا الإبصار إدراك حقيقي خاص به صلى الله عليه وسلم انخرقت له فيه العادة وعلى هذا عمل المصنف فأخرج هذا الحديث في علامات النبوة فيه يكان يرى من غير قابلة لأن الحق عند أهل السنة ان الرؤية لا يشترط لها عقلا عضو مخصوص ولا مقابلة ولا قرب ووغنما تلك أمور عادية يجوز حصول الإدراك مع عدمها عقلا ولذلك حكموا بجواز رؤية الله تعالى في الدرا الآخرة خلافا لأهل البدع لوقوفهم مع العادة .
( 653 )
( ج1 / ص 667 )
قوله ( باب هل يقال بني فلان )
· أورد فيه حديث ابن عمر وفيه قول ابن عمر " " إلى مسجد بني زريق "
· ويستفاد منه : جواز إضافة المساجد إلى بانيها أ المصلى فيها ويلتحق به جواز إضافة أعمال البر إلى أربابها والجمهور على الجواز
· المخالف في ذلك ابراهيم النخعي فيما رواه ابن أبي شيبة عنه أن كان يكره أن يقول مسجد بني فلان ويقول مصلى بني فلان لقوله تعالى { وأن المساجد لله } وجوابه أن الإضافة في مثل هذا إضافة تمييز لا ملك .
( 655 )
( ج1 / ص 675 )
قال ابن عبد البر في " التمهيد " الرجل الذي سار النبي صلى الله عليه وسلم في قتل رجل من المنافقين هو " عتبان " والمنافق المشار إليه هو مالك بن الدخشن " ... وقال ابن عبد البر : لم يختلف في شهود مالك بدرا وهو الذي أسر سهيل بن عمرو .. وفي المغازي لابن إسحاق ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث مالكا هذا ومعن بن عدي فحرقا مسجد الضرار فدل على انه بريء مما اتهم به من النفاق .. او كان قد أقلع عن ذلك أو النفاق الذي اتهم به ليس نفاق الكفر إنما أنكر الصحابة عليه تودده للمنافقين ولعل له عذرا في ذلك كما وقع لحاطب .
( 656 )
( ج1 / ص 680 )
قوله ( رأينها )
أن تلك الكنيسة في الحبشة كانت تسمى ( مارية ) بكسر الراء وتخفيف الياء التحتانية .
( 657 )
( ج1 / ص 680 )
الاعتبار في الأحكام بالشرع لا بالعقل .
( 658 )
( ج1 / ص 681 )
قوله ( وأرسل إلى بني النجار )
· هم أخوال عبد المطلب لأنه امه سلمى منهم
· اراد النبي صلى الله عليه وسلم النزول عندهم
· والنجار : بطن من الخزرج واسمه " تيم اللات بن ثعلبة "
( 659 )
( ج1 / ص 681 )
قوله ( وفيه خرب )
· قال ابن الجوزي : المعروف فتح الخاء وكسر الراء
· وكذا ضبط في سنن أبي داود وجكى الخطابي كسر أوله
· وللكشميهني : " حرث " بفتح الحاء المهملة وسكون الراء
· وعلى هذا فرواية الكشميهني " وهم "
( 660 )
( ج1 / ص 682 )
قوله ( باب الصلاة في مرابض الغنم )
قال ابن بطال : هذا الحديث حجة على الشافعي في قوله : بنجاسة أبوال الغنم وأبعارها لأن مرابض الغنم لا تسلم من ذلك وتعقب بأن الأصل الطهارة وعدم السلامة منها غالب وإذا تعارض الأصل والغالب قدم الأصل .
( 661 |)
( ج1 / ص 683 )
قوله ( باب الصلاة في موواضع الإبل )
· كأنه يشير إلى ان الاحاديث الواردة في التفرقة بين الإبل والغنم ليست على شرطه
· وقيل علة النهي في التفرقة بين الإبل والغنم بان عادة أصحاب الإبل التغوط بقربها فتنجس اعطانها وعادة أصحاب الغنم تركه حكاه الطحاوي عن شريك واستبعده وغلط ايضا من قال إن ذلك بسبب ما يكون في معاطنها من أبوالها وأرواثها لأن مرابض الغنم تشركها في ذلك
· وقال : إن النظر يقتضي عدم التفرقة بين الإبل والغنم في الصلاة وغيرها كما هو مذهب أصحابه
· وتعقب بانه مخالف للاحاديث الصحيحة المصرحة بالتفرقة فهو قياس فاسد الاعتبار وإذا ثبت الخبر بطلت معارضته بالقياس اتفاقا
· لكن جمع بعض الأئمة بين عموم قوله " وجعلت لي الآرض مسجدا وطهورا " وبين أحاديث الباب بحملها على كراهة التنزيه . وهذا أولى والله اعلم .
( 663 )
( ج1 / ص 683 )
وقع في مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم ولا يصلي في مرابض الإبل والبقر وسنده ضعيف فلو ثبت لأفاد ان حكم البقر حكم الإبل بخلاف ما ذكره ابن المنر ان البقر في ذلك كالغنم .
( 665 )
( ج1 / ص 685 )
حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام "
رجاله ثقات لكن اختلف في وصله وإرساله وحكم مع ذلك بصحته الحاكم وابن حبان .
( 666 )
( ج1 / ص 686 )
قوله ( باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب )
· ويذكر ان عليا رضي الله عنه كره الصلاة بخسف بابل
· ورواه ابو داود مرفوعا من وجه آخر عن علي ولفظه : " نهاني حبيبي صلى الله عليه وسلم أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة " في إسناده ضعف
· ذكر أهل التفسير والخبار أن المراد بذلك ان النمروذ بن كنعان بنى ببابل بنيانا عظيما يقال إن ارتفاعه كان خمسة آلاف ذراع فخسف الله بهم
· قال الخطابي : لا أعلم أحدا من العلماء حرم الصلاة في أرض بابل فإن كان حديث علي ثابتا فلعله نهاه أن يتذخها وطنا لأنه إذا أقام بها كانت صلاته فيها
( 667 )
( ج1 / ص 687 )
روى الحاكم في " الإكليل " عن أبي سعيد الخدري قال : رأيت رجلا جاء بخاتم وجده بالحجر في بيوت المعذبين فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم واستتر بيده أن ينظر إليه وقال : ألقه فألقاه " لكن إسناده ضعيف .
-
( 668 )
( ج1 / ص 688 )
" الاثر الذي وصله عبد الرزاق من طريق أسلم مولى عمر قال : لما قدم عمر الشام صنع له رجل من النصارى طعاما وكان من عظمائهم وقال : أحب أن تجيئني وتكرمني فقال له عمر : إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها يعني التماثيل .
والرجل المذكور من عظمائهم اسمه ( قسطنطين ) سماه مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه أبي مسجعة بن ربعي عن عمر في قصة طويلة أخرجها .
( 669 )
( ج1 / ص 692 )
" إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجلا كان وامرأة عند امن الفتنة وإباحة استظلاله فيه بالخيمة .
( 670 )
( ج1 / ص 693 )
والصفة موضع مضلل في المسجد النبوي كانت تأوي إليه المساكين
( 671 )
( ج1 / ص 694 )
" اعتنى بجمع أصحاب الصفة ابن الأعرابي والسلمي والحاكم وأبو نعيم وعند كل منهم ما ليس عند الآخر "
( 672 )
( ج1 / ص 694 )
قوله ( باب الصلاة إذا قدم من سفر )
وقال كعب بن مالك : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه "
( 673 )
( ج1 / ص 696 )
قوله ( باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين )
أختلف في أقله والصحيح اعتباره فلا تتأذى هذه السنة بأقل من ركعتين واتفق أئمة الفتوى على ان الأمر في ذلك للندب ونقل ابن بطال عن أهل الظاهر الوجووب والذي صرح به ابن حزم عدمه ومن أدلة عدم الوجوب قوله صلى الله عليه وسلم للذي رآه يتخطى : " إجلس فقد آذيت " ولم يأمره بالصلاة كذا استدل به الطحاوي وغيره وفيه نظر ..
( 674 )
( ج1 / ص 696)
حديث أبي قتادة – إذا دخل احدكم المسجد .. الحديث – ورد على سبب وهو " أن أبا قتادة دخل المسجد فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا بين أصحابه فجلس معهم فقال له : ما منعك أن تركع ؟ قال : رأيتك جالساً والناس جلوس . قال : فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين " أخرجه مسلم وعند أبي شيبة من وجه آخر عن أبي قتادة " أعطا المساجد حقها : قيل له : وما حقها ؟ قال : ركعتين قبل أن تجلس "
( 675 )
( ج1 / ص 698 )
ما أخجره ابن ماجه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر مرفوعا : " ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم " رجاله ثقات إلا شيخه جبارة بن المغلس ففيه مقال .
( 676)
( ج1 / ص 699 )
قال ابن بطال وغيره : .أن السنة في بنيان المسجد القصد وترك الغلو في تحسينه فقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه وإنما احتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه ثم كان عثمان والمال في زمانه أكثر فحسنه بما لا يقضي الزخرفة ومع ذلك فقد أنكر بعض الصحابة عليه .
( 677)
( ج1 / ص 699 )
" أول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان وذلك في أواخر عصر الصحابة وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفا من الفتنة ورخص في ذلك بعضهم وهو قول أبي حنيفة – إذا وقع ذلك على سبيل التعظيم للمساجد ولم يقع الصرف على ذلك من بين المال
قال ابن المنير : لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها ناسب أن يصنع ذلك بالمساجد صونا لها عن الاستهانة وتعقب بأن المنع إن كان للحث على اتباع السلف في ترك الرفاهية فهو كما قال وإن كان لشغل بال المصلي بالزخرفة فلا لبقاء العلة .
( 678 )
( ج1 / ص 702 )
روى حديث " تقتل عمارا الفئة الباغية " جماعة من الصحابة منهم :قتادة بن النعمان وأم سلمة عند مسلم وأبوهريرة عند الترمذي وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه وكلها عند الطبراني وغيره وغالب طرقها صحيحة أو حسنة وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم وهذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي ولعمار ورد على النواصب الزاعمين أن عليا لم يكن مصيبا في حروبه " ا ه
( 679 )
( ج1 / ص 703 )
قال ابن بطال : وفيه رد الحديث الشائع : " لا تستعيذوا بالله من الفتن فإن فيها حصاد المنافقين " قلت قد سئل ابن وهب قديما عنه فقال : إنه باطل
( 680 )
( ج1 / ص 705 )
كان بناء عثمان للمسجد النبوي سنة ثلاثين على المشهور وقيل في آخر سنة من خلافته ففي كتاب السير عن الحارث بن مسكين عن ابن وهب أخبرني مالك أن كعب الأحبار كان يول عند بنيان عثمان المسجد : لوددت أن هذا المسجد لا ينجز فإنه إذا فرغ من بنيانه قتل عثمان قال مالك : فكان كذلك .
( 681 )
( ج1 / ص 706 )
( قال ابن الجوزي : من كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيدا من الإخلاص انتهى .
( 682 )
( ج1 / ص 706 )
: من بناه بالأجرة لا يحصل له هذا الوعد المخصوص لعدم الإخلاص وإن كان يؤجر في الجملة وروى أصحاب السنن وابن خزيمة والحاكم من حديث عقبة بن عامر مرفوعا : " إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة : صانعه المحتسب في صنعته والرامي به والممد به "
( 683 )
( ج1 / ص 709 )
وفي الترمذي من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسان منبرا في المسجد فيقووم عليه يهجو الكفار "
وذكر المزي في الأطراف : أن البخاري أخرجه تعليقا نحوه وأتم منه لكني لم أره فيه
قال ابن بطال : ليس في حديث الباب أن حسان أنشد شعرا في المسجد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم لكن رواية البخاري في بدء الخلق من طريق سعيد تدل على أن قوله صلى الله عليه وسلم لحسان : " أجب عني " كان في " المسجد " أنشد ما أجاب به المشركين وقال غيره : يحتمل أن البخاري أراد أن الشعر المشتمل على الحق حق بدليل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لحسان في شعره وإن كان حقا جاز في المسجد كسائر الكلام الحق ولا يمنع منه كما يمنه من غيره من الكلام الخبيث والغو الساقط .
( 684 )
( ج1 / ص 710 )
ما رواه ابن خزيمة في صحيحه والترمذي وحسنه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تناشد الأشعار في المساجد " وإسناده صحيح إلى عمرو فمن يصحح نسخته يصححه .. ويحمل النهي على تناشد اشعار الجاهلية والمبطلين والمأذون فيه ما سلم من ذلك وقيل : المنهي عنه ما إذا كان التناشد غالبا على المسجد حتى يتشاغل به من فيه وأبعد ابو عبد الملك البوني فأعمل أحاديث النهي وادعى النسخ في حديث الإذن ولم يوافق على ذلك حكاه ابن التين عنه .
( 685 )
( ج1 / ص 714 )
" قال الجوهري وغيره : لم يأت من الأسماء على " فعلع " بتكرير العين غير حدرد .
( 686 )
( ج1 / ص 716 )
قوله ( آذنتموني )
زاد مسلم عن أبي كامل الجحدري عن حماد في آخره : " إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم " وإنما لم يخرج البخاري هذه الزيادة لأنها مدرجة في هذا الإسناد وهي من مراسيل ثابت بين ذلك غير واحد من أصحاب حماد بن زيد وقد أوضحت ذلك بدلائله في كتاب " بيان المدرج "
قال البيهقي : يغلب على الظن أن هذه الزيادة من مراسيل ثابت كما قال أحمد بن عبدة أو من رواية ثابت عن أنس يعني كما رواه ابن منده .
( 687 )
( ج1 / ص 721 )
( قال ابن بطال : في هذا الحديث جواز دخول الدواب التي يؤكل لحمها المسجد إذا احتيج إلى ذلك لأن بولها لا ينجسه بخلاف غيرها من الدواب وتعقب بأنه ليس في الحديث دلالة على عدم الجواز مع عدم الحاجة بل ذلك دائر على التلويث وعدمه فحيث يخشى التلويث يمتنع الدخول .."
قال الشيخ ابن باز في حاشية تعليقه :
" هذا الكلام ليس بشيء والصواب طهارة أبوال الإبل ونحوها مما يؤكل لحمه فلا يضر المسجد وجود شيء من ذلك كما أشار ابن بطال فتنبه .
( 678- ب )
( ج1 / ص 724 )
قال ابن بطال : الحكمة في غلق باب الكعبة حينئذ لئلا يظن الناس ان الصلاة في الكعبة سنة فيلتزمون ذلك كذا قال ولا يخفى ما فيه وقال : غيره : يحتمل ان يكون ذلك لئلا يزدحموا عليه لتوفر دواعيهم على مراعاة أفعاله ليأخذوها عنه أو ليكون ذلك أسكن لقلبه وأجمع لخشوعه وإنما أدخل معه عثمان لئلا يظن أنه عزل عن ولاية الكعبة وبلالا واسامة لملازمتهم خدمته .
( 679 )
( ج1 / ص 725 )
" وفي دخول المشرك المسجد مذاهب : فعن الحنفية الجواز مطلقا وعن المالكية والمزني المنع مطلقا وعن الشافعية التفصيل بين المسجد الحرام وغيره للآية وقيل : يؤذن للكتابي خاصة
( ج1 / ص 725 )
" قوله ( باب رفع الصوت في المسجد )
شار بالترجمة إلى الخلاف في ذلك فقد كرهه مالك مطلقا سواء كان في العلم أم في غيره وفرق غيره بين ما يتعلق بغرض ديني أو نفع دنيوي وبين ما لا فائدة فيه وساق البخاري في الباب حديث عمر الدال على المنع وحديث كعب الدال على عدمه إشارة منه إلى المنع فيما لا منفعة فيه وعدمه فيما تلجىء الضرورة إليه .
ووردت أحاديث في النهي عن رفع الصوت في المساجد لكنها ضعيفة أخرج ابن ماجه بعضها فكأن المصنف أشار إليها .
( 680 )
( ج1/ ص 728 )
قوله ( واضعا أحدى رجليه على الأخرى )
قال الخطابي : فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ او يحمل النهي حيث يخشى ان تبدو العورة والجواز حيث يؤمن ذلك قلت : الثاني أولى من إدعاء النسخ لأنه لا يثبت بالاحتمال وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما من المحدثين وجزم ابن بطال : ومن تبعه بأنه منسوخ وقال المازري : إنما بوب على ذلك لأنه وقع في كتاب أبي داود وغيره لا في الكتب الصحاح النهي ان يضع إحدى رجليه على الأخرى لكنه عام قول يتنال الجميع واستلقاؤه في المسجد فعل قد يدعي قصره عليه فلا يؤخذ منه الجواز لكن لما صح ان عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك دل على أنه ليس خاصا به صلى الله عليه وسلم بل هو جائز مطلقا .
( 682 )
( ج1 / ص 736)
" أن ابن عمر كان يتبرك بتلك الأماكن وتشدده في الاتباع مشهور ولا يعارض ذلك ما ثبت عن أبيه أنه رأى الناس في سفر يتبادرون إلى مكان فسأل عن ذلك فقالوا : قد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من عرضت له الصلاة فليصل وإلا فليمض فإنما أهلك اهل الكتاب لأنهم تتبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعا لأن ذلك من عمر محمول على أنه كره زيارتهم لمثل ذلك بغير صلاة أو خشي ان يشكل ذلك على من لا يعرف حقيقة الأمر .." ا ه
( 683 )
( ج1 / ص 738)
عرف من صنيع ابن عمر استحباب تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك بها وقد قال البغوي من الشافعية : عن المساجد التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها – لو نذر احد الصلاة في شيء منها تعين كما تتعين المساجد الثلاثة "
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشيته :
" هذا ضعيف والصواب أنه لا يتعين شيء من المساجد بالنذر سوى المساجد الثلاثة إذا احتاج إلى شد رحل فإن لم يحتج لذلك فهو موضع نظر واختلاف وأما هذه المساجد التي أشار إليها البغوي فالصواب أنه لا يجوز قصدها للعبادة ولا ينبغي الوفاء لمن نذرها سدا لذريعة الشرك ويكفي أن يصلي في غيرها من المساجد الشرعية والله أعلم .
( 684 )
( ج1 / ص 738 )
وقد عين عمر بن شبة منها شيئا كثيرا – لأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم – لكن أكثره في هذا الوقت قد اندثر وبقي من المشهورة الآن مسجد قباء ومسجد الفضيخ وهو شرقي مسجد قباء ومسجد بني قريظة ومشربة أم ابراهيم وهي شمالي مسجد بني قريظة ومسجد بني ظفر شرقي البقيع ويعرف بمسجد البغلة ومسجد بني معاوية ويعرف بمسجد الإجابة ومسجد الفتح ومسجد القبلتين في بني سلمة .
( 685 )
( ج1 / ص 741 )
روى عمر بن شبة في " أخبار المدينة " من حديث سعد القرظ : " أن النجاشي أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حربة فأمسكها لنفسه فهي التي يمشي بها مع الإمام يوم العيد " ومن طريق الليث أنه بلغه أن العنزة التي كانت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كانت لرجل من المشركين فقتله الزبير بن العوام يوم أحد فأخذها منه النبي صلى الله عليه وسلم فكان ينصبها بين يديه إذا صلى ويحتمل الجمع بأن عنزة الزبير كانت أولا قبل حربة النجاشي .
( 686 )
( ج1 / ص 743 )
قال ابن بطال : هذا أقل ما يكون بين المصلي وسترته يعين قدر ممر الشاة وقيل أقل ذلك ثلاثة أذرع لحديث بلال : " عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع " وجمع الداودي بأن أقله ممر الشاة وأكثره ثلاثة أذرع وجمع بعضهم بأن الأول في حال القيام والقعود والثاني في حال الركوع والسجود وقال ابن الصلاح : قدروا ممر الشاة بثلاثة أذرع قلت : ولا يخفى ما فيه .
وقال البغوي : استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجد وكذلك بين الصفوف وقد ورد الأمر بالدنو منها . وهو ما رواه ابو داود من حديث سهل بن أبي حثمة " إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته "
( 687)
( ج1 / ص 745)
أخرج عن ابن جريج عن كثير بن كثير بن المطلب عن أبيه عن جده قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد الحرام ليس بينه وبينهم – أي الناس – سترة " وأخرجه من هذا الوجه ايضا أصحاب السنن ورجاله موثقون إلا أنه معلول "
( 688 *)
( ج1 / ص 747 )
(قوله : باب الصلاة بين السواري في غير جماعة )
· قال الرافعي في " شرح المسند " : احتج البخاري بهذا الحديث أي حديث ابن عمر عن بلال – فسألت بلالا : اين صلى ؟ قال : بين العمودين المقدمين " – على أنه لا بأس بالصلاة بين الساريتين إذا لم يكن في جماعة وأشار إلى أن الأولى للمنفرد أن يصلي إلى السارية فلا كراهة في الوقوف بينهما – أي للمنفرد – وأما في الجماعة فالوقوف بين الساريتين كالصلاة إلى السارية انتهى كلامه .
· وفيه نظر لورد النهي الخاص عن الصلاة بين السواري كما رواه الحاكم من حديث أنس بإسناد صحيح وهو في السنن الثلاثة وحسنه الترمذي
· قال المحب الطبري : كره قوم الصف بين السواري للنهي الوارد عن ذلك ومحل الكراهة عند عدم الضيق والحكمة فيه إما لانقطاع الصف أو لأنه موضع النعال
· وقال القرطبي : روي في سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين .
( 689 )
( ج1 / ص 751 )
اعتبر الفقهاء مؤخرة الرحل في مقدار أقل السترة واختلفا في تقديرها بفعل ذلك فقيل ذراع وقيل ثلثا ذراع وهو أشهر لكن في مصنف عبد الرزاق عن نافع أن مؤخرة رحل ابن عمر كانت قدر ذراع .
( 690 )
( ج1 / ص 753 )
وقد روى عبد الرزاق عن معمر التفرقة بين من يصلي إلى سترة وإلى غير سترة وفي الروضة تبعا لأصلها : ولو صلى إلى غير سترة او كانت وتباعد منها فالأصح أنه ليس له الدفع لتقصيره ولا يحرم المرور حينئذ بين يديه ولكن الأولى تركه .
قال الشيخ ابن باز في الحاشية :
" في هذا نظر وظاهر الأحاديث يقتضي تحريم المرور بين يديه وأنه يشرع له رد المار اللهم أن يظطر المار الى ذلك لعدم وجود متسع إلا ما بين يديه ومتى بعد المار عما بين يدي المصلي إذا لم يلق بين يديه سترة سلم من الإثم لأنه إذا بعد عنه عرفا لا يسمى مارا بين يديه كالذي يمر من وراء السترة .
( 691 )
( ج1 / ص 754 )
قوله ( فليقاتله )
قال النووي : لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بوجوب هذا الدفع بل صرح أصحابنا بأنه مندوب انتهى .
وقد صرح بوجوبه أهل الظاهر فكأن الشيخ لم يراجع كلامهم فيه أو لم يعتد بخلافهم .
( 692 )
( ج1 / ص 755 )
قوله ( فإنما هو شيطان )
· أي فعله فعل شيطان
· قال ابن بطال : في هذا الحديث جواز إطلاق لفظ الشيطان على من يفتن في الدين وأن الحكم للمعاني دون الأسماء لاستحالة ان يصير المار شيطانا بمجرد المرور انتهى .
· وهو مبني على أن لفظ " الشيطان " يطلق حقيقة على الجني ومجازا على " الإنسي "
· في رواية " للإسماعيلي " " فغن معه الشيطان "
· ونحوه لمسلم " فإن معه القرين "
· وقد روى ابن ابي شيبة عن ابن مسعود " إن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته " وروى ابو نعيم عن عمر " لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس " فهذان الأثران مقتضاهما ان الدفع لخلل يتعلق بصلاة المصلي ولا يختص بالمار وهما إن كانا موقوفين لفظا فحكمهما حكم الرفع لأن مثلهما لا يقال بالرأي .
( 693 )
( ج1 / ص 756 )
قوله ( ماذا عليه )
· زاد الكشميهني : " من الإثم " وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره
· والحديث في الموطأ بدونها وكذا رواه باقي الستة وأصحاب المسانيد والمستخرجات بدونها ولم أرها في شيء من الروايات مطلقا
· لكن في " مصنف ابن ابي شيبة " يعني من الإثم " فيحتمل ان تكون ذكرت في أصل البخاري حاشية فظنها الكشمينهي أصلا لأنه لم يكن من أهل العلم ولا من الحفاظ بل كان رواية \
· وقد عزاها المحب الطبري في الأحكام للبخاري وأطلق فعيب عليه وعلى صاحب العمدة في إيهامه أنها في " الصحيحين "
· وأنكر ابن الصلاح في " مشكل الوسيط " على من أثبتها في الخبر فقال : لفظ الإثم ليس في الحديث صريحا
· ولما ذكره النووي في " شرح المهذب " دونها
( 694 )
( ج1 / ص 757 )
قوله ( قال ابو النضر : لا أدري أقال أربعين يوما أو شهر أو سنة " )
هو كلام مالك وليس من تعليق البخاري لأنه ثابت في الموطأ من جميع الطرق .
قال النووي : فيه دليل على تحريم المرور فإن معنى الحديث النهي الأكيد والوعيد الشديد على ذلك انتهى .
ومقتضى ذلك ان يعد من الكبائر .
( 695 )
( ج1 / ص 757 )
" ذكر ابن دقيق أن بعض الفقهاء أي المالكية قسم احوال المار والمصلي في الإثم وعدمه إلى أربعة أقسام :
- يأثم المار دون المصلي وعكسه يأثمان جميعا وعكسه
- فالصورة الأولى : ان يصلي إلى سترة في غير مشرع وللمار مندوحة فيأثم المار دون المصلي
- الثانية " : ان يصلي في مشرع مسلوك بغير سترة او متباعدا عن السترة ولا يجد المار مندوحة فيأثم المصلي دون المار
- الثالثة : مثل الثانية لكن يجد المار مندوحة فيأثمان جميعا
- الرابعة : مثل الأولى لكن لم يجد المار مندوحة فلا يأثمان جميعا انتهى
( 696 )
( ج1 / ص 761 )
وقوله ( باب من قال : لا يقطع الصلاة شيء )
· وقد اختلف العلماء في العمل بهذه الحاديث فمال الطحاوي وغيره ان حديث أبي ذر وما وافقه بحديث عائشة وغيرها وتعقب بأن النسخ لا يصار إليه إلا علم التاريخ وتعذر الجمع والتاريخ هنا لم يتحقق والجمع لم يتعذر ومال الشافعي وغيره إلى تأويل القطع بنقص الخشوع لا الخروج من الصلاة .. وقال أحمد : يقطع الصلاة الكلب الأسود وفي النفس من الحمار والمرأة شيء ووجهه ابن دقيق العيد وغيره بأنه لم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه ووجد في الحمار حديث ابن عباس ووجد في المرأة حديث عائشة "
( 697 )
( ج1 / ص 763 )
قوله ( بنت زينب )
اشار ابن العطار إلى أن الحكمة في ذلك كون والد أمامة كان إذ ذاك مشركا فنسبت إلى أمها تنبيها على أن الولد ينسب إلى أشرف أبويه دينا ونسباً
( 698 )
( ج1 / ص 765 )
وقال الفاكهاني : وكأن السر في حمله امامة في الصلاة دفعا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول "
( 699 )
( ج1 / ص 766 )
قوله ( فإذا سجد أصابني ثوبه )
· قال ابن بطال : هذا الحديث كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا إلى جنبه نائمة .." وشبهه من الأحاديث التي فيها اعتراض المرأة بين المصلي وقبلته يدل على جاوز القعود لا على جاوز المرور انتهى .
( 700 )
( ج1 / ص 768)
اشتملت أبواب استقبال القبلة وما معها من أحكام المساجد وسترة المصلي من الأحاديث المرفوعة على ستة وثمانين حديثا " .
-
( 701 )
( ج2 / ص 6 )
قوله ( كتابا موقوتا )
· بيانا أن قوله ( موقوتا ) من التوقيت فقد جاء عن مجاهد في معنى قوله ( موقوتا ) مفروضا وعن غيره محدودا
· وقال صاحب المنتهى : كل شيء جعل له حين وغاية فهو موقت يقال وقته ليوم كذا أي أجله .
( 701 – ب)
( ج2 / ص 10 )
هذه الآية { منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين } مما استدل به من يرى تكفير تارك الصلاة لما يقتضيه مفهومها وأجيب بأن المراد أن ترك الصلاة من أفعال المشركين فورد النهي عن التشبه بهم لا أن من وافقهم في الترك صار مشركا وهي من أعظم ما ورد في القرآن في فضل الصلاة ومناسبتها لحديث وفد عبد قيس أن في الآية اقتران نفي الشرك بإقامة الصلاة .
( 701 – ج )
( ج2 / ص 11 )
وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول ما يشترط بعد التوحيد إقامة الصلاة لأنها رأس العبادات البدنية ثم أداء الزكاة لنها رأس العبادات المالية .
( 701 - د )
( ج2 / ص 13 )
قوله ( لجميع أمتي كلهم )
احتج المرجئة بظاهره وظاهر الذي قبله على أن أفعال الخير مكفرة للكبائر والصغائر وحمله جمهور أهل السنة على الصغائر عملا بحمل المطلق على المقيد |.
( 701 – ه )
( ج2 / ص 13 )
قوله ( أي العمل أحب إلى الله )
· في رواية مالك بن مغول " أي العمل أفضل "
· ومحصل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره مما اختلفت فيه الأجوبة بأنه أفضل الأعمال أن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين بأن أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه أو بما لهم فيه رغبة أو بما هو لائق بهم أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره . فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال لأنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن من ادائها وقد تظافرت النصوص على ان الصلاة أفضل من الصدقة
( 701 – و )
( ج2 / ص 14 )
قوله ( الصلاة على وقتها )
· اتفق أصحاب شعبة على اللفظ المذكور وهو قوله ( عن وقتها "
· وخالفهم علي بن حفص وهو شيخ صدوق من رجال مسلم فقال : " الصلاة في أول وقتها
· أطلق النووي في " شرح المهذب " أن رواية " في أول وقتها " ضعيفة . ا ه
( 702 )
( ج2 / ص 17 )
قوله ( قالوا لا يبقى )
· قال ابن العربي : وجه التمثيل ان المرء كما يتدنس بالاقذار المحسوسة في بدنه وثيابه ويطهره الماء الكثير فكذلك الصلوات تطهر العبد عن أقذار الذنوب حتى لا تبقي له ذنبا إلا أسقطته . انتهى .
· قال القرطبي : ظاهر الحديث أن الصلوات الخمس تستقل بتكفير جميع الذنوب وهو مشكل لكن روى مسلم قبله حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا " الصلوات الخمس كفارة لما بينها ما اجتنب الكبائر " فعلى هذا المقيد يحمل ما أطلق في غيره .
( 702 )
( ج 2/ ص 17 )
تنبيه : لم أر في شي من طرقه عند أحد من الأئمة الستة وأحمد بلفظ " ما تقول " إلا عند البخاري وليس هو عند أبي داود أصلا وهو عند ابن ماجه من حديث عثمان لا من حديث أبي هريرة ولفظ مسلم " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل كان يبقى من درنه شيء " وعلى لفظه اقتصر عبد الحق في الجمع بين الصحيحين وكذا الحميدي .. ا ه
( 703 )
( ج2 / ص 21 )
قوله ( فإنما يناجي ربه )
· في رواية الكشميهني ( فإنه يناجي ربه )
· قال الكرماني ما حاصله : تقدم أن علة النهي عن البزاق عن اليمين بأن عن يمينه ملكا ً
( 705 )
( ج2 / ص 22 )
قوله ( فأبردوا )
· قال جمهور أهل العلم يستحب تأخير الظهر في شدة الحر إلى ان يبرد الوقت وينكسر الوهج وخصه بعضهم بالجماعة فأما المنفرد فالتعجيل في حقه أفضل وهذا قول أكثر المالكية والشافعي أيضا خصه بالبلد الحار وقيد الجماعة بما إذا كانوا ينتابون مسجدا من بعد فلو كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون في كن فالأفضل في حقهم التعجيل والمشهور عن أحمد التسوية من غير تخصيص ولا قيد وهو قول إسحاق والكوفيين وابن المنذر ...
· وقالوا معنى ( أبردوا ) صلوا في أول الوقت أخذا من برد النهار وهو أوله وهو تأويل بعيد ويرده قوله " فإن شدة الحر من فيح جهنم " إذ التعليل بذلك يدل على أن المطلوب التأخير وحديث أبي ذر صريح في ذلك حيث قال : " انتظر انتظر " والحامل لهم على ذلك حديث خباب " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا " أي فلم يزل شكوانا وهو حديث صحيح رواه مسلم وتمسكوا أيضا بالأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت . وبيان ان الصلاة أكثر مشقة فتكون أفضل ..... ..وجمع بعضهم بين الحديثين بأن الإبراد رخصة والتعجيل أفضل وهو قول من قال إنه أمر إرشاد وعكسه بعضهم فقال : الإبراد أفضل وحديث خباب يدل على الجواز وهو الصارف للأمر عن الوجوب كذا قيل وفيه نظر لأن ظاهره المنع من التأخير وقيل معنى قول خباب " فلم يشكنا " أي فلم يحوجنا إلى شكوى بل أذن لنا في الإبراد حكي عن ثعلب .
( 706 )
( ج1 / ص 24 )
قوله ( فإن شدة الحر )
وقد استشكل حديث " أقصر عن الصلاة عند استواء الشمس فإنها ساعة تسجر فيها جهنم " بأن الصلاة سبب الرحمة ففعلها مظنة لطرد العذاب فكيف أمر بتركها ؟ وأجاب عنه أبو الفتح اليعمري بأن التعليل إذا جاء من جهة الشارع وجب قبوله وإن لم يفهم معناه واستنبط له الزين بن المنير معنى يناسبه فقال : وقت ظهور أثر الغضب لا ينجع فيه الطلب إلا ممن اذن له فيه والصلاة لا تنفك عن كونها طلبا ودعاء فناسب الاقتصار عنها حينئذ . واستدل بحديث الشفاعة حيث اعتذر الأنبياء كلهم للأمم بأن الله تعالى غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله سوى نبينا صلى الله عليه وسلم فلم يعتذر بل طلب لكونه أذن له في ذلك . ويمكن أن يقال سجر جهنم سبب فيحها وفيحها سبب وجود شدة الحر وهو مظنة المشقة التي هي مظنة سلب الخشوع فناسب أن لا يصلي فيها لكن يرد عليه أن سجرها مستمر في جميع السنة والإبراد مختص بشدة الحر فهما متغايران فحكمة الإبراد دفع المشقة وحكمة الترك وقت سجرها لكونه وقت ظهور أثر الغضب والله أعلم .
( 707 )
( ج 2/ ص 24 )
قوله ( واشتكت النار )
اختلف في هذه الشكوى هل هي بلسان المقال أو بلسان الحال ؟ واختار كلا طائفة .
وقال ابن عبد البر : لكلا القولين وجه ونظائر والأول أرجح
وقال عياض : إنه الأظهر
وقال القرطبي : لا إحالة في حمل اللفظ على حقيقته قال : وإذا أخبر الصادق بأمر جائز لم يحتج إلى تأويله فحمله على حقيقته أولى .
وقال النووي نحو ذلك ثم قال : حمله على حقيقته هو الصواب
وقال نحو ذلك التوربشتي
ورجح البيضاوي حمله على المجاز فقال : شكواها مجاز عن غليانها وأكلها بعضها بعضا مجاز عن ازدحام اجزائها وتنفسها مجاز عن خروج ما يبرز منها
وقال الزين بن المنير : المختار حمله على الحقيقة لصلاحية القدرة لذلك . انتهى .
( 708 )
( ج2 / ص 27 )
قوله ( أشد ما تجدون من الحر )
المراد بالزمهرير شدة البرد واستشكل وجووده في النار ولا إشكال لأن المراد بالنار محلها وفيها طبقة زمهريرية : وفي الحديث رد على من زعم من المعتزلة وغيرهم أن النار لا تخلق إلا يوم القيامة .
( 709 )
( ج2 / ص 28 )
قوله ( ثم اراد أن يؤذن فقال له أبرد )
" .. فإن قيل : الإبراد للصلاة فكيف أمر المؤذن به للأذان ؟ فالجواب أن ذلك مبني على أن الأذان هل هو للوقت أو للصلاة ؟ وفيه خلاف مشهور والأمر المذكور يقوي القول بأنه للصلاة . وأجاب الكرماني بأن عادتهم جرت بأنهم لا يتخلفون عند سماع الأذان عن الحضور إلى الجماعة فالإبراد بالأذان لغرض الإبراد بالعبادة قال : ويحتمل أن المراد بالتأذين هنا الإقامة . قلت ويشهد له رواية الترمذي من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة بلفظ " فأراد بلال أن يقيم " لكن رواه ابوعوانة بلفظ " فأراد بلال أن يؤذن " .." انتهى
( 710 )
( ج2 / ص 29 )
" والتلول جمع تل : كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك وهي في الغالب منبطحة غير شاخصة فلا يظهر لها ظل إلا إذا ذهب أكثر وقت الظهر
( 711 )
( ج2 / ص 29 )
وقد اختلف العلماء في غاية الإبراد فقيل حتى يصير الظل ذراعا بعد ظل الزوال وقيل ربع قامة وقيل ثلثها وقيل نصفها وقيل غير ذلك ونزلها المازري على اختلاف الأوقات والجاري على القواعد أنه يختلف باختلاف الأحوال لكن يشترط أن لا يمتد إلى آخر الوقت .
( 711 )
( ج2 / ص 30 )
قوله ( باب وقت الظهر عند الزوال وقال جابر : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالهاجرة ) اشار بهذه الترجمة : الى الرد على من زعم من الكوفيين أن الصلاة لا تجب بأول الوقت .
( 711 )
( ج2 / ص 30 )
" ونقل ابن بطال بأن الفقهاء بأسرهم على خلاف ما نقل عن الكرخي عن أبي حنيفة أن الصلاة في أول الوقت تقع نفلا انتهى . والمعروف عند الحنفية تضعيف هذا القول .
( 711 )
( ج2 / ص 30 )
قوله ( وكان يصلي الظهر بالهاجرة )
والهاجرة : اشتداد الحر في نصف النهار قيل سميت بذلك من الهجر وهو الترك لأن الناس يتركون التصرف حينئذ لشدة الحر ويقيلون .
( 711 )
( ج2 / ص 30 )
قوله ( زاغت )
أي مالت وقد رواه الترمذي بلفظ " زالت "
فإنه يقتضي أن زوال الشمس أول الظهر إذ لم ينقل أنه صلى قبله وهذا هو الذي استقر عليه الإجماع وكان فيه خلاف قديم عن بعض الصحابة أنه جوز صلاة صلاة الظهر قبل الزوال .
( 712 )
( ج2 / ص 32 )
قوله ( أخبرنا خالد بن عبد الرحمن ) وهو السلمي واسم جده بكير
وليس له عند البخاري غير هذا الحديث الواحد " كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر "
وفي طبقته خالد بن عبد الرحمن الخراساني نزيل دمشق
وخالد بن عبد الرحمن الكوفي العبدي ولم يخرج لهما البخاري شيئا .
( 713 )
( ج 2 / ص 32 )
قوله ( باب تأخير الظهر إلى العصر )
وقال الزين بن المنير : أشار البخاري إلى إثبات القول باشتراك الوقتين لكن لم يصرح بذلك على عادته في الأمور المحتملة لأن لفظ الحديث يحتمل ذلك ويحتمل غيره قال : والترجمة مشعرة بانتقاء الفاصلة بين الوقتين وقد نقل ابن بطال عن الشافعي وتبعه غيره فقالوا : قال الشافعي بين وقت الظهر وبين وقت العصر فاصلة لا تكون وقتا للظهر ولا للعصر ا ه . ولا يعرف ذلك في كتب المذهب عن الشافعي وإنما المنقول عنه أنه كان يذهب إلى أن آخر وقت الظهر ينفصل من أول وقت العصر ومراده نفي القول بالاشتراك ويدل عليه أنه احتج بقول ابن عباس " وقت الظهر إلى العصر والعصر إلى المغرب " فكما أنه لا اشتراك بين العصر والمغرب فكذلك لا اشتراك بين الظهر والعصر .
( 714 )
( ج2 / ص 33 )
" جوزا بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض – وقواه النووي وفيه نظر لأنه ل كان جمعه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من به نحو ذلك لعذر والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جمع بأصحابه وقد صرح بذلك ابن عباس في روايته قال النووي : ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم مثلا فبان أن وقت العصر دخل فصلاها قال وهو باطل لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر فلا احتمال فيه في المغب والعشاء ا ه . ... ومنهم من تأوله على أن الجمع المذكور صوري بأن يكون أخر الظهر إلى آخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها قال : وهو احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل ا ه .
وهذا الذي ضعفه استحسنه القرطبي ورجحه قبله إمام الحرمين وجزم به من القدماء ابن الماجشون والطحاوي وقواه ابن سيد الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن ابن عباس قد قال به وذلك فيما رواه الشيخان من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار فذكر هذا الحديث .. وقال ابن سيد الناس : وراوي الحديث أدرى بالمراد من غيره . قلت لم يجزم بذلك بل لم يستمر عليه فقد تقدم كلامه لأيوب وتجويزه لأن يكون الجمع بعذر المطر لكن يقوي ما ذكره من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع فإما ان تحمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر وإما أن تحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج ويجمع بها بين مفترق الأحاديث والجمع الصوري أولى والله اعلم
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
هذا الجمع ضعيف والصواب حمل الحديث المذكور على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلوات المذكورة لمشقة عارضة ذلك اليوم من مرض غالب أو برد شديد أو وحل ونحو ذلك ويدل على ذلك قول ابن عباس لما سئل عن علة هذا الجمع ؟ قال : " لئلا يحرج أمته " وهو جواب عظيم سديد شاف والله أعلم .
( 714 )
( ج2 / ص 34 )
وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث فجوزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا لكن بشرط أن لا يتخذ ذلك عادة وممن قال به ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث واستدل لهم بما وقع عند مسلم في هذا الحديث من طريق سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس لم فعل ذلك ؟ قال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته . ... وقد جاء مثله عن ابن مسعود مرفوعا أخرجه الطبراني ولفظه " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فقيل له في ذلك فقال : صنعت هذا لئلا تحرج أمتي " واردة نفي الحرج يقدح في حمله على الجمع الصوري لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج .
-
( 715 )
( ج2 / ص 35 )
قوله ( باب وقت العصر )
وكأن المؤلف لما لم يقع له حديث على شرطه في تعيين أول وقت العصر وهو مصير ظل كل شيء مثله استغنى بهذا الحديث – كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة العصر والشمس طالعة في حجرتي لم يظهر الفيء بعد - الدال على ذلك بطريق الاستنباط وقد أخرج مسلم عدة أحاديث مصرحة بالمقصود ولم ينقل عن أحد من أهل العلم مخالفة في ذلك إلا عن أبي حنيفة فالمشهور عنه أنه قال أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثليه بالتثنية قال القرطبي خالفه الناس كلهم في ذلك حتى أصحابه يعني الآخذين عنه وإلا فقد انتصر له جماعة ممن جاء بعدهم فقالوا ثبت الأمر بالإبراد ولا يحصل إلا بعد ذهاب اشتداد الحر ولا يذهب في تلك البلاد إلا بعد أن يصير ظل الشيء مثليه فيكون أول وقت العصر مصير الظل مثليه وحكاية مثل هذا تغنى عن رده .
( 715 )
( ج2 / ص 36 )
قوله ( كان يصلي الهجير )
أي صلاة الهجير والهجير والهاجرة بمعنى وهو وقت شدة الحر وسميت الظهر بذلك لأن وقتها يدخل حينئذ قوله تدعونها الأولى قيل سميت الأولى لأنها أول صلاة النهار وقيل لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه و سلم حين بين له الصلوات الخمس
( 715 )
(ج2 / ص 37)
قوله ( والشمس حية )
بيضاء نقية قال الزين بن المنير المراد بحياتها قوة أثرها حرارة ولونا وشعاعا وإنارة وذلك لا يكون بعد مصير الظل مثلي الشيء اه وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح عن خيثمة أحد التابعين قال حياتها أن تجد حرها
( 715 )
( ج2 / ص 38 )
إخراج المصنف لهذا الحديث مشعر بأنه كان يرى أن قول الصحابي " كنا نفعل كذا " مسند ولو لم يصرح بإضافته إلى زمن النبي صلى الله عليه و سلم وهو اختيار الحاكم وقال الدارقطني والخطيب وغيرهما هو موقوف والحق أنه موقوف لفظا مرفوع حكما لآن الصحابي أورده في مقام الاحتجاج فيحمل على أنه أراد كونه في زمن النبي صلى الله عليه و سلم وقد روى بن المبارك هذا الحديث عن مالك فقال فيه كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي العصر الحديث أخرجة النسائي قال النووي قال العلماء كانت منازل بني عمرو بن عوف على ميلين من المدينة وكانوا يصلون العصر في وسط الوقت لآنهم كانوا يشتغلون بأعمالهم وحروثهم فدل هذا الحديث على تعجيل النبي صلى الله عليه و سلم بصلاة العصر في أول وقتها .." ا ه
( 715 )
( ج2 / ص 39)
قوله ( وبعض العوالي )
والعوالي من المدينة على ثلاثة أميال " ، أخرجه الدارقطني عن المحاملي عن أبي عتبة المذكور بسنده فوقع عنده " على ستة أميال " ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري فقال فيه " على ميلين أو ثلاثة " فتحصل من ذلك أن أقرب العوالي من المدينة مسافة ميلين وأبعدها مسافة ستة أميال إن كانت رواية المحاملي محفوظة . ووقع في المدونة عن مالك " أبعد العوالي مسافة ثلاثة أميال " قال عياض : كأنه أراد معظم عمارتها وإلا فأبعدها ثمانية أميال . انتهى . وبذلك جزم ابن عبد البر وغير واحد آخرهم صاحب النهاية . ويحتمل أن يكون أراد أنه أبعد الأمكنة التي كان يذهب إليها الذاهب في هذه الوقعة ، والعوالي عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها ، وأما ما كان من جهة تهامتها فيقال لها السافلة
( 715 )
( ج2 / ص 39 )
قوله ( بعض العوالي )
( تنبيه ) :
قوله ( وبعض العوالي إلخ ) مدرج من كلام الزهري في حديث أنس ، بينه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في هذا الحديث فقال فيه - بعد قوله والشمس حية - قال الزهري : والعوالي من المدينة على ميلين أو ثلاثة ، ولم يقف الكرماني على هذا فقال : هو إما كلام البخاري أو أنس أو الزهري كما هو عادته .
( 715 )
( ج2 / ص 40)
قوله ( ثم يذهب الذاهب منا إلى قباء )
كأن أنسا أراد بالذاهب نفسه كما تشعر بذلك رواية أبي الأبيض المتقدمة . قال ابن عبد البر : لم يختلف على مالك أنه قال في هذا الحديث " إلى قباء " ولم يتابعه أحد من أصحاب الزهري بل كلهم يقولون " إلى العوالي " وهو الصواب عند أهل الحديث . قال : وقول مالك إلى قباء وهم لا شك فيه . وتعقب بأنه روي عن ابن أبي ذئب عن الزهري " إلى قباء " كما قال مالك ، نقله الباجي عن الدارقطني فنسبة الوهم فيه إلى مالك منتقد ، فإنه إن كان وهما احتمل أن يكون منه وأن يكون من الزهري حين حدث به مالكا ، وقد رواه خالد بن مخلد عن مالك فقال فيه " إلى العوالي " كما قال الجماعة ، فقد اختلف فيه على مالك وتوبع عن الزهري بخلاف ما جزم به ابن عبد البر . وأما قوله : الصواب عند أهل الحديث العوالي ، فصحيح من حيث اللفظ . ومع ذلك فالمعنى متقارب ، لكن رواية مالك أخص لأن قباء من العوالي وليست العوالي كل قباء ، ولعل مالكا لما رأى أن في رواية الزهري إجمالا حملها على الرواية المفسرة وهي روايته المتقدمة عن إسحاق حيث قال فيها " ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف " وقد تقدم أنهم أهل قباء ، فبنى مالك على أن القصة واحدة لأنهما جميعا حدثاه عن أنس والمعنى متقارب ، فهذا الجمع أولى من الجزم بأن مالكا وهم فيه . وأما استدلال ابن بطال على أن الوهم فيه ممن دون مالك برواية خالد بن مخلد المتقدمة الموافقة لرواية الجماعة عن الزهري ففيه نظر ، لأن مالكا أثبته في الموطأ باللفظ الذي رواه عنه كافة أصحابه ، فرواية خالد بن مخلد عنه شاذة . فكيف تكون دالة على أن رواية الجماعة وهم ؟ بل إن سلمنا أنها وهم فهو من مالك كما جزم به البزار والدارقطني ومن تبعهما ؟ أو من الزهري حين حدثه به ؟ والأولى سلوك طريق الجمع التي أوضحناها والله الموفق . قال ابن رشيد : قضى البخاري بالصواب لمالك بأحسن إشارة وأوجز عبارة ، لأنه قدم أولا المجمل ثم أتبعه بحديث مالك المفسر المعين
( 715 )
( ج2 / ص 42 )
قوله ( وتر أهله )
وظاهر حديث " الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله "
التغليظ على من تفوته العصر ، وأن ذلك مختص بها . وقال ابن عبد البر : يحتمل أن يكون هذا الحديث خرج جوابا لسائل سأل عن صلاة العصر فأجيب ، فلا يمنع ذلك إلحاق غيرها من الصلوات بها . وتعقبه النووي بأنه إنما يلحق غير المنصوص بالمنصوص إذا عرفت العلة واشتركا فيها . قال : والعلة في هذا الحكم لم تتحقق فلا يلتحق غير العصر بها . انتهى . وهذا لا يدفع الاحتمال . وقد احتج ابن عبد البر بما رواه ابن أبي شيبة وغيره من طريق أبي قلابة عن أبي الدرداء مرفوعا " من ترك صلاة مكتوبة حتى تفوته " الحديث .
قلت : وفي إسناده انقطاع لأن أبا قلابة لم يسمع من أبي الدرداء . وقد رواه أحمد من حديث أبي الدرداء بلفظ " من ترك العصر " فرجع حديث أبي الدرداء إلى تعيين العصر . وروى ابن حبان وغيره من حديث نوفل بن معاوية مرفوعا " من فاتته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله " وهذا ظاهره العموم في الصلوات المكتوبات . وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن نوفل بلفظ " لأن يوتر أحدكم أهله وماله خير له من أن يفوته وقت صلاة " وهذا أيضا ظاهره العموم . ويستفاد منه أيضا ترجيح توجيه رواية النصب المصدر بها ، لكن المحفوظ من حديث نوفل بلفظ " من الصلوات صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله " أخرجه المصنف في علامات النبوة ومسلم أيضا والطبراني وغيرهم ، ورواه الطبراني من وجه آخر وزاد فيه عن الزهري : قلت لأبي بكر - يعني ابن عبد الرحمن وهو الذي حدثه به - ما هذه الصلاة ؟ قال : العصر . ورواه ابن أبي خيثمة من وجه آخر فصرح بكونها العصر في نفس الخبر ، والمحفوظ أن كونها العصر من تفسير أبي بكر بن عبد الرحمن ، ورواه الطحاوي والبيهقي من وجه آخر وفيه أن التفسير من قول ابن عمر ، فالظاهر اختصاص العصر بذلك
( 715 )
( ج2 / ص 42 )
ومما يدل على أن المراد بتفويتها إخراجها عن وقتها ما وقع في رواية عبد الرزاق فإنه أخرج هذا الحديث عن ابن جريج عن نافع فذكر نحوه وزاد " قلت لنافع : حين تغيب الشمس ؟ قال : نعم " وتفسير الراوي إذا كان فقيها أولى من غيره ، لكن روى أبو داود عن الأوزاعي أنه قال في هذا الحديث " وفواتها أن تدخل الشمس صفرة " ولعله مبني على مذهبه في خروج وقت العصر . ونقل عن ابن وهب أن المراد إخراجها عن الوقت المختار . وقال المهلب ومن تبعه من الشراح : إنما أراد فواتها في الجماعة لا فواتها باصفرار الشمس أو بمغيبها . قال : ولو كان لفوات وقتها كله لبطل اختصاص العصر ، لأن ذهاب الوقت موجود في كل صلاة ونوقض بعين ما ادعاه ، لأن فوات الجماعة موجود في كل صلاة لكن في صدر كلامه أن العصر اختصت بذلك لاجتماع المتعاقبين من الملائكة فيها ، وتعقبه ابن المنير بأن الفجر أيضا فيها اجتماع المتعاقبين فلا يختص العصر بذلك ، قال : والحق أن الله تعالى يختص ما شاء من الصلوات بما شاء من الفضيلة . انتهى .
( 715 )
( ج2 / ص 44 )
قوله ( فقد حبط )
وقد استدل بهذا الحديث – من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله - من يقول بتكفير أهل المعاصي من الخوارج وغيرهم وقالوا : هو نظير قوله تعالى ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله ) وقال ابن عبد البر : مفهوم الآية أن من لم يكفر بالإيمان لم يحبط عمله فيتعارض مفهومها ومنطوق الحديث فيتعين تأويل الحديث ، لأن الجمع إذا أمكن كان أولى من الترجيح . وتمسك بظاهر الحديث أيضا الحنابلة ومن قال بقولهم من أن تارك الصلاة يكفر ، وجوابهم ما تقدم . وأيضا فلو كان على ما ذهبوا إليه لما اختصت العصر بذلك . وأما الجمهور فتأولوا الحديث ، فافترقوا في تأويله فرقا . فمنهم من أول سبب الترك ، ومنهم من أول الحبط ، ومنهم من أول العمل فقيل : المراد من تركها جاحدا لوجوبها ، أو معترفا لكن مستخفا مستهزئا بمن أقامها . وتعقب بأن الذي فهمه الصحابي إنما هو التفريط ، ولهذا أمر بالمبادرة إليها ، وفهمه أولى من فهم غيره كما تقدم . وقيل المراد من تركها متكاسلا لكن خرج الوعيد مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد كقوله " لا يزني الزاني وهو مؤمن " وقيل هو من مجاز التشبيه كأن المعنى : فقد أشبه من حبط عمله ، وقيل معناه كاد أن يحبط ، وقيل المراد بالحبط نقصان العمل في ذلك الوقت الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله ، فكأن المراد بالعمل الصلاة خاصة ، أي لا يحصل على أجر من صلى العصر ولا يرتفع له عملها حينئذ ، وقيل المراد بالحبط الإبطال أي يبطل انتفاعه بعمله في وقت ما ثم ينتفع به ، كمن رجحت سيئاته على حسناته فإنه موقوف في المشيئة فإن غفر له فمجرد الوقوف إبطال لنفع الحسنة إذ ذاك وإن عذب ثم غفر له فكذلك . قال معنى ذلك القاضي أبو بكر بن العربي ، وقد تقدم مبسوطا في كتاب الإيمان في " باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله " ومحصل ما قال أن المراد بالحبط في الآية غير المراد بالحبط في الحديث ، وقال في شرح الترمذي : الحبط على قسمين ، حبط إسقاط وهو إحباط الكفر للإيمان وجميع الحسنات ، وحبط موازنة وهو إحباط المعاصي للانتفاع بالحسنات عند رجحانها عليها إلى أن تحصل النجاة فيرجع إليه جزاء حسناته . وقيل المراد بالعمل في الحديث عمل الدنيا الذي يسبب الاشتغال به ترك الصلاة ، بمعنى أنه لا ينتفع به ولا يتمتع ، وأقرب هذه التأويلات قول من قال : إن ذلك خرج مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد ، والله أعلم .
( 716 )
( ج2 / ص 46 )
قوله ( فافعلوا )
قال الخطابي : هذا يدل على أن الرية قد يرجى نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين ا ه . وقد يستشهد لذلك بما أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر رفعه قال : " إن أدنى أهل الجنة منزلة " فذكر الحديث وفيه " وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية " وفي سنده ضعف .
( 716 )
( ج2 / ص 46)
قوله ( ثم قرأ )
قال العلماء : ووجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين – العصر والفجر – عند ذكر الرؤية أن الصلاة أفضل الطاعات وقد ثبت لهاتين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيها ورفع الأعمال وغير ذلك فهما أفضل الصلوات فناسب أن يجازى المحافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النظر الى الله تعالى .
( 716 )
( ج2 / ص 50 )
وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح وان الأعمال ترفع آخر النهار فمن كان حينئذ في طاعة بورك في رزقه وفي عمله والله أعلم .
( 717 )
( ج2 / ص 52 )
إن العرب إذا ارادت تقسيم الشيء على متعدد كررته كما يقال : اقسم هذا المال على بني فلان درهما درهما لكل واحد درهم
-
( 718 )
( ج2 / ص 54 )
جُمْهُورَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَخْبَارِ قَالُوا إِنَّ مُدَّةَ الْفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسَى وَنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ سلمَان وَقِيلَ إِنَّهَا دُونَ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا مِائَةٌ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَهَذِهِ مُدَّةُ الْمُسْلِمِينَ بِالْمُشَاهَدَة ِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ تَمَسَّكْنَا بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّمْثِيلُ بِطُولِ الزَّمَانَيْنِ وَقِصَرِهِمَا لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَطْوَلَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَلَا قَائِلَ بِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَثْرَةُ الْعَمَلِ وَقِلَّتُهُ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم
( 718 )
( ج2 / ص 55 )
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَرِيضِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ كَالْمُسَافِرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّفْقِ بِهِ أَوْ لَا فَجَوَّزَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَجَوَّزَهُ مَالِكٌ بِشَرْطِهِ وَالْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ الْمَنْعُ وَلَمْ أَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا عَنْ أحد من الصَّحَابَة
( 718 )
( ج2 / 55 )
وَالنَّبْلُ هِيَ السِّهَامُ الْعَرَبِيَّةُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا قَالَه بن سِيدَهْ وَقِيلَ وَاحِدُهَا نَبْلَةٌ مِثْلَ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ
( 718 )
( ج2 / 56)
فَائِدَةٌ كَانَ قُدُومُ الْحَجَّاجِ الْمَدِينَةَ أَمِيرًا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ سَنَةَ أَربع وَسبعين وَذَلِكَ عقب قتل بن الزُّبَيْرِ فَأَمَّرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الْحَرَمَيْنِ وَمَا مَعَهُمَا ثُمَّ نَقَلَهُ بَعْدَ هَذَا إِلَى الْعِرَاقِ
( 718 )
( ج2 / ص 56)
قوله ( والعشاء أحيانا واحيانا )
وَالْأَحْيَانُ جَمْعُ حِينٍ وَهُوَ اسْمٌ مُبْهَمٌ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنَ الزَّمَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ الْحِينُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَقِيلَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَحَدِيثُ الْبَابِ يُقَوِّي الْمَشْهُورَ
( 718 )
( ج2 / ص 56)
وَقَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ إِذَا تَعَارَضَ فِي شَخْصٍ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَدِّمَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا أَوْ يُؤَخِّرَهَا فِي الْجَمَاعَةِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّ التَّأْخِيرَ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ وَحَدِيثُ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ فَيُؤَخِّرُ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ مَعَ إِمْكَانِ التَّقْدِيمِ قُلْتُ وَرِوَايَةُ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ تَدُلُّ عَلَى أَخَصِّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ انْتِظَارَ مَنْ تَكْثُرُ بِهِمُ الْجَمَاعَةُ أَوْلَى مِنَ التَّقْدِيمِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إِذَا لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَلَمْ يَشُقَّ على الْحَاضِرين وَالله أعلم
( 718 )
( ج2/ ص 57)
حدثنا المكي بن إبراهيم قال : حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال : " كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم مع المغرب إذا تواردت بالحجاب " وهذا من ثلاثيات البخاري .
-
( 721 )
( ج2 / ص 65 )
قوله ( باب ما يكره من النوم قبل العشاء )
قال الترمذي : كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء ورخص بعضهم في رمضان خاصة . انتهى .
ومن نقلت عنه الرخصة قيدت عنه في اكثر الروايات بما إذا كان له من يوقظه او عرف من عادته أنه لا يستغرق وقت الاختيار بالنوم وحمل الطحاوي الرخصة على ما قبل دخول وقت العشاء والكراهة على ما بعد دخوله .
( 721 )
( ج2 / ص 66 )
قوله ( والحديث بعدها )
أن هذه الكراهة مخصوصة بما إذا لم يكن في أمر مطلوب ، وقيل : الحكمة فيه لئلا يكون سببا في ترك قيام الليل ، أو للاستغراق في الحديث ثم يستغرق في النوم فيخرج وقت الصبح
( 721 )
( ج2 / ص 66 )
قوله ( حدثني أبو بكر )
هو عبد الحميد بن أبي أويس واسمه عبد الله أخو إسماعيل شيخ البخاري ويعرف بالأعشى
( 721 )
(ج2 / ص 69 )
قوله ( باب وقت العشاء إلى نصف الليل )
في هذه الترجمة حديث صريح أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في بيان أول الأوقات وآخرها وفيه " فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل " . قال النووي : معناه وقت لأدائها اختيارا ، وأما وقت الجواز فيمتد إلى طلوع الفجر ، لحديث أبي قتادة عند مسلم " إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى " . وقال الإصطخري إذا ذهب نصف الليل صارت قضاء . قال : ودليل الجمهور حديث أبي قتادة المذكور .
قلت : وعموم حديث أبي قتادة مخصوص بالإجماع في الصبح ، وعلى قول الشافعي الجديد في المغرب فللإصطخري أن يقول إنه مخصوص بالحديث المذكور وغيره من الأحاديث في العشاء والله أعلم
( 721 )
( ج2 / ص 69)
لكن أحاديث التأخير والتوقيت لما جاءت مرة مقيدة بالثلث وأخرى بالنصف كان النصف غاية التأخير ، ولم أر في امتداد وقت العشاء إلى طلوع الفجر حديثا صريحا يثبت .
( 721 )
( ج2 / ص 69)
قوله ( حدثنا عبد الرحيم المحاربي )
هو من قدماء شيوخ البخاري
وليس له في الصحيح عنه غير هذا الحديث الواحد وهو " أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل ثم صلى ... الحديث "
( 722 )
( ج2 / ص 71 )
قوله ( من صلى البردين )
يدل على ذلك قوله في حديث جرير ( صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها )
زاد في رواية لمسلم يعني : " يعني العصر والفجر "
قال الخطابي : سميتا بردين لأنهما تصليان في بردي النهار وهما طرفاه حين يطيب الهواء وتذهب سورة الحر ، ونقل عن أبي عبيد أن صلاة المغرب تدخل في ذلك أيضا .
( 722 )
( ج2 / ص 71 )
قوله : ( حدثنا إسحاق )
هو ابن منصور ، ولم يقع منسوبا في شيء من الكتب والروايات ، واستدل أبو علي الغساني على أنه ابن منصور بأن مسلما روى عن إسحاق بن منصور عن حبان بن هلال حديثا غير هذا .
قلت : رأيت في رواية أبي على الشبوي عن الفربري في " باب البيعان بالخيار " حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا حبان بن هلال فذكر حديثا ، فهذه القرينة أقوى من القرينة التي في رواية مسلم .
( 723 )
( ج2 / ص 72 )
باب وقت الفجر
وأصرح منه ما أخرجه أبو داود من حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم أسفر بالصبح مرة ثم كانت صلاته بعد بالغلس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر وأما ما رواه أصحاب السنن وصححه غير واحد من حديث رافع بن خديج قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر " فقد حمله الشافعي وغيره على أن المراد بذلك تحقق طلوع الفجر ، وحمله الطحاوي على أن المراد الأمر بتطويل القراءة فيها حتى يخرج من الصلاة مسفرا ، وأبعد من زعم أنه ناسخ للصلاة في الغلس . وأما حديث ابن مسعود الذي أخرجه المصنف وغيره أنه قال " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير وقتها ذلك اليوم " يعني في الفجر يوم المزدلفة ، فمحمول على أنه دخل فيها مع طلوع الفجر من غير تأخير ، فإن في حديث زيد بن ثابت وسهل بن سعد ما يشعر بتأخير يسير ، لا أنه صلاها ، قبل أن يطلع الفجر . والله سبحانه وتعالى أعلم .
( 723 )
( ج2 / ص 74 )
قوله ( والمروط )
( والمروط )
جمع مرط بكسر الميم وهو كساء معلم من خز أو صوف أو غير ذلك ، وقيل لا يسمى مرطا إلا إذا كان أخضر ولا يلبسه إلا النساء ، وهو مردود بقوله مرط من شعر أسود
( 723 )
( ج2 / ص 74 )
قوله ( من الغلس )
وفي الحديث استحباب المبادرة بصلاة الصبح في أول الوقت وجواز خروج النساء إلى المساجد لشهود الصلاة في الليل ، ويؤخذ منه جوازه في النهار من باب أولى لأن الليل مظنة الريبة أكثر من النهار ، ومحل ذلك إذا لم يخش عليهن أو بهن فتنة ، واستدل به بعضهم على جواز صلاة المرأة مختمرة الأنف والفم ، فكأنه جعل التلفع صفة لشهود الصلاة . وتعقبه عياض بأنها إنما أخبرت عن هيئة الانصراف ، والله أعلم .
-
(724 )
( ج2/ ص 75 )
قوله (فقد أدرك الصبح )
...وخالفأبو حنيفة فقال من طلعت عليه الشمس وهو في صلاة الصبح بطلت صلاته واحتج لذلك بالأحاديثالوارد ة في النهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وادعى بعضهم أن أحاديث النهى ناسخة لهذاالحديث وهي دعوى تحتاج إلى دليل فإنه لا يصار إلى النسخ بالاحتمال والجمع بين الحديثينممكن بأن تحمل أحاديث النهى على ما لا سبب له من النوافل ولا شك أن التخصيص أولى منادعاء النسخ ومفهوم الحديث أن من أدرك أقل من ركعة لا يكون مدركا للوقت وللفقهاء فيذلك تفاصيل بين أصحاب الأعذار وغيرهم وبين مدرك الجماعة ومدرك الوقت وكذا مدرك الجمعةومقدار هذه الركعة قدر ما يكبر للاحرام ويقرأ أم القرآن ويركع ويرفع ويسجد سجدتين بشروطكل ذلك وقال الرافعي المعتبر فيها أخف ما يقدر عليه أحد وهذا في حق غير أصحاب الأعذارأما أصحاب الأعذار كمن أفاق من إغماء أو طهرت من حيض أو غير ذلك فإن بقي من الوقت هذاالقدر كانت الصلاة في حقهم أداء وقد قال قوم يكون ما أدرك... انتهى .
( 724)
( ج2/ ص 76)
وقد وضح لنا بالاستقراء أن جميع ما يقع في تراجم البخاري ممايترجم بلفظ الحديث لا يقع فيه شيء مغاير للفظ الحديث الذي يورده إلا وقد ورد من وجهآخر بذلك اللفظ المغاير فلله دره ما أكثر اطلاعه
( 724 )
( ج2 / ص 76)
قوله ( منأدرك من الصلاة ركعة )
وقال الكرمانيالفرق بينهما أن الأول فيمن أدرك من الوقت قدر ركعة وهذا فيمن أدرك من الصلاة ركعةكذا قال وقال بعد ذلك وفي الحديث أن من دخل في الصلاة فصلى ركعة وخرج الوقت كان مدركالجميعها وتكون كلها أداء وهو الصحيح انتهى
( 724)
( ج2/ ص76 )
قوله ( منادرك من الصلاة ركعة )
وقال التيميمعناه من أدرك مع الإمام ركعة فقد أدرك فضل الجماعة وقيل المراد بالصلاة الجمعة وقيلغير ذلك وقوله فقد أدرك الصلاة ليس على ظاهره بالإجماع لما قدمناه من أنه لا يكون بالركعةالواحدة مدركا لجميع الصلاة بحيث تحصل براءة ذمته من الصلاة فإذا فيه إضمار تقديرهفقد أدرك وقت الصلاة أو حكم الصلاة أو نحو ذلك ويلزمه إتمام بقيتها
( 724 )
( ج2 / ص 76)
قوله ( فقد أدرك الصلاة )
ليس على ظاهره بالإجماع لما قدمناه من أنه لا يكون بالركعة الواحدةمدركا لجميع الصلاة بحيث تحصل براءة ذمته من الصلاة فإذا فيه إضمار تقديره فقد أدركوقت الصلاة أو حكم الصلاة أو نحو ذلك ويلزمه إتمام بقيتها وقد تقدم بقية مباحثه فيالباب الذي قبله ومفهوم التقييد بالركعة أن من أدرك دون الركعة لا يكون مدركا لها وهوالذي استقر عليه الاتفاق وكان فيه شذوذ قديم منها إدراك الإمام راكعا يجزئ ولو لم يدركمعه الركوع وقيل يدرك الركعة ولو رفع الإمام رأسه ما لم يرفع بقية من ائتم به رؤوسهمولو بقي واحد وعن الثوري وزفر إذا كبر قبل أن يرفع الإمام رأسه أدرك إن وضع يديه علىركبتيه قبل رفع الإمام وقيل من أدرك تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع أدرك الركعة وعنأبي العالية إذا أدرك السجود أكمل بقية الركعة معهم ثم يقوم فيركع فقط وتجزيه
( 724 )
( ج2 / ص 77 )
قوله( باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس )
قالالزين بن المنير : لم يثبت حكم النهي لأن تعين المنهي عنه في هذا الباب مما كثرفيه الاختلاف وخص الترجمة بالفجر مع اشتمالالأحاديث على الفجر والعصر لأن الصبح هي المذكورة أولا في سائر أحاديث الباب قلت أولأن العصر ورد فيها كونه صلى الله عليه و سلم صلى بعدها بخلاف الفجر
( 724)
( ج2/ ص 78 )
قوله( حتى تشرق )
قال النوويأجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في الأوقات المنهي عنها واتفقوا على جواز الفرائضالمؤداة فيها واختلفوا في النوافل التي لها سبب كصلاة تحية المسجد وسجود التلاوة والشكروصلاة العيد والكسوف وصلاة الجنازة وقضاء الفائتة فذهب الشافعي وطائفة إلى جواز ذلككله بلا كراهة وذهب أبو حنيفة وآخرون إلى أن ذلك داخل في عموم النهى واحتج الشافعيبأنه صلى الله عليه و سلم قضى سنة الظهر بعد العصر وهو صريح في قضاء السنة الفائتةفالحاضرة أولى والفريضة المقضية أولى ويلتحق ما له سبب قلت وما نقله من الإجماع والاتفاقمتعقب فقد حكى غيره عن طائفة من السلف الإباحة مطلقا وأن أحاديث النهى منسوخة وبه قالداود وغيره من أهل الظاهر وبذلك جزم بن حزم وعن طائفة أخرى المنع مطلقا في جميع الصلواتوصح عن أبي بكرة وكعب بن عجرة المنع من صلاة الفرض في هذه الأوقات وحكى آخرون الإجماععلى جواز صلاة الجنازة فى الأوقات المكروهة وهو متعقب فقد حكى غيره عن طائفة منالسلف الإباحة مطلقا وان أحاديث النهي منسوخة وبه قال داود وغيره من اهل الظاهروبذلك جزم ابن حزم وعن طائفة أخرى المنع مطلقا في جميع الصلوات وصح عن ابي بكرةوكعب بن عجرة المنع من صلاة الفرض في هذه الأوقات وحكى اخرون على جواز صلاة الجنازةفي الأوقات المكروهة وهو متعقب وما ادعاه بن حزم وغيره من النسخ مستندا إلى حديث منأدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها أخرى فدل على إباحة الصلاة فيالأوقات المنهية انتهى وقال غيرهم ادعاء التخصيص أولى من ادعاء النسخ فيحمل النهى علىما لا سبب له ويخص منه ما له سبب جمعا بين الأدلة والله أعلم * وقال البيضاوي اختلفوافي جواز الصلاة بعد الصبح والعصر وعند الطلوع والغروب وعند الاستواء فذهب داود إلىالجواز مطلقا وكأنه حمل النهى على التنزيه قلت بل المحكى عنه أنه ادعى النسخ كما تقدمقال وقال الشافعي تجوز الفرائض وماله سبب من النوافل وقال أبو حنيفة يحرم الجميع سوىعصر يومه وتحرم المنذورة أيضا وقال مالك تحرم النوافل دون الفرائض ووافقه أحمد لكنهاستثنى ركعتي الطواف
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في الحاشية * :
"هذا القول هو من أصح الأقوال وهو مذهبالشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامةابن القيم وبه تجتمع الأخبار والله أعلم .
( 724 )
( ج2 / ص 81 )
قوله ( لا صلاة )
قال ابن دقيق العيد وصيغة النفي في ألفاظ الشارع إذا دخلت علىفعل كان الأولى حملها على نفى الفعل الشرعى لا الحسى لأنا لو حملناه على نفى الفعلالحسى لاحتجنا في تصحيحه إلى أضمار والأصل عدمه وإذا حملناه على الشرعى لم نحتج إلىإضمار فهذا وجه الأولوية وعلى هذا فهو نفى بمعنى النهى والتقدير لا تصلوا وحكى أبوالفتح اليعمري عن جماعة من السلف أنهم قالوا إن النهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصرإنما هو إعلام بأنهما لا يتطوع بعدهما ولم يقصد الوقت بالنهى كما قصد به وقت الطلوعووقت الغروب ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن عن النبي صلى الله عليهو سلم قال لا تصلوا بعد الصبح ولا بعد العصر إلا أن تكون الشمس نقية وفي رواية مرتفعةفدل على أن المراد بالبعدية ليس على عمومه وإنما المراد وقت الطلوع ووقت الغروب وماقاربهما والله أعلم ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن الصلاة المنهية غير صحيحة فلازمهأن لا يقصد لها المكلف إذ العاقل لا يشتغل بما لا فائدة فيه قوله لا صلاة بعد الصبحأي بعد صلاة الصبح وصرح به مسلم من هذا الوجه في الموضعين
-
( 725 )
( ج2/ ص 87 )
فائدة:
فهمت عائشة رضي الله عنها من مواظبته صلى الله عليه وسلم على الركعتين بعد العصر أننهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة حتى تغرب الشمس مختص بمن قصد الصلاة عند غروبالشمس لا إطلاقه فلهذا قالت ما تقدم نقله وهو – ( ولاذي ذهب به ما تركهما حتى لقيالله ) وقولها في الرواية الأخرى ( ما ترك السجدتين بعد العصر عندي قط ) وفيالرواية الأخرى ( لم يكن يدعهما سرا ولا علانية ) – وكانت تتنفل بعد العصر وقدأخرجه المصنف في الحج من طريق عبد العزيز بن رفيع قال : رأيت ابن الزبير يصليركعتين بعد العصر ويخبر أن عائشة حدثته ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل بيتهاإلا صلاهما .
( 726 )
( ج2 / ص87 )
" من عادة البخاري أن يترجم ببعض ما تشتمل عليه الفاظالحديث ولو لم يوردها بل ولو لم يكن على شرطه فلا ايراد عليه .
( 727 )
( ج2/ ص 88 )
"فائدة "
المرادبالتبكير المبادرة إلى الصلاة في أول الوقت وأصل التبكير فعل الشيء بكرة والبكرةأول النهار ثم استعمل في فعل الشيء في أول وقته .
( 728 )
( ج2/ ص 89 )
قوله( إن الله قبض ارواحكم )
هوكقوله تعالى ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها )
ولايلزم من قبض الروح الموت فالموت انقطاع تعلق الروح بالبدن ظاهرا وباطنا والنوومانقطاعه عن ظاهره فقط زاد مسلم " اما إنه ليس في النوم تفريط "
( 729 )
( ج2/ ص 90 )
وفيه مشروعية الجماعة في الفوائت .. واستدل به بعض المالكية على عدم قضاء السنة الراتبةلأنه لم يذكر فيها أنهم صلوا ركعتي الفجر ولا دلالة فيه لأنه لا يلزم من عدم الذكرعدم الوقوع لا سيما وقد ثبت أنه ركعهما في حديث أبي قتادة عند مسلم
( 730)
( ج2/ص 93 )
ذهب مالك إلى أن من ذكر بعد ان صلى صلاة أنه لم يصل التي قبلها فإنه يصلي التي ذكر ثم يصلي التي كان صلاها مراعاة للترتيب . انتهى .
-
( 730)
( ج2 / ص93 )
باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة وقال إبراهيم من ترك صلاة واحدة عشرينسنة لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة
ويحتمل أن يكون البخاري أشار بقوله " ولا يعيد إلاتلك الصلاة " إلى تضعيف ما وقع في بعض طرق حديث أبي قتادة عند مسلم في قصة النوم عن الصلاة حيثقال " فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها " فإن بعضهم زعم أن ظاهره إعادة المقضيةمرتين عند ذكرها وعند حضور مثلها من الوقت الآتي ، ولكن اللفظ المذكور ليس نصا في ذلكلأنه يحتمل أن يريد بقوله " فليصلها " عند وقتها أي الصلاة التي تحضر لاأنه يريد أن يعيد التي صلاها بعد خروج وقتها ، لكن في رواية أبي داود من حديث عمرانبن حصين في هذه القصة من أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحا فليقض معها مثلها قال الخطابي : لا أعلم أحدا قال بظاهره وجوبا . قال : ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحبابليحوز فضيلة الوقت في القضاء . انتهى . ولم يقل أحد من السلف باستحباب ذلك أيضا ، بلعدوا الحديث غلطا من راويه . وحكى ذلك الترمذي وغيره عن البخاري . ويؤيد ذلك ما رواه النسائي من حديثعمران بن حصين أيضا أنهم قالوا : يا رسول الله ألا نقضيها لوقتها من الغد ؟ فقال -صلى الله عليه وسلم - : لا ينهاكم الله عن الربا ويأخذه منكم .
( 731 )
( ج2 / ص96)
باب ما يكره من السمر بعد العشاء
وقد أكثر البخاري من هذه الطريقة إذا وقع في الحديث لفظةتوافق لفظة في القرآن يستغني بتفسير تلك اللفظة من القرآن وقد استقرئ للبخاري أنهإذا مر له لفظ من القرآن يتكلم على غريبه .
( 732 )
( ج2 / ص 99 )
وقع بالاستقراء فكان آخر من ضبط أمره ممن كان موجودا حينئذأبو الطفيل عامر بن واثلة وقد أجمع أهل الحديث على أنه كان آخر الصحابة موتا وغايةما قيل فيه انه بقي إلى سنة عشر ومائة وهي رأس مائة سنة من مقالة النبي صلى اللهعليه وسلم والله أعلم .
( 733)
( ج2/ ص 99 )
قال النووي وغيره : احتج البخاري ومن قال بقوله بهذا الحديث – أرأيتكم ليلتكم هذه فإنرأس مائة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد " – على موت الخضر والجمهورعلى خلافه وأجابوا عنه بأن الخضر كان حينئذ من ساكني البحر فلم يدخل في الحديثقالوا : ومعنى الحديث لا يبقى ممن ترونه أ تعرفونه فهو عام أريد به الخصوص ...
قالالشيخ ابن باز في حاشية تعليقه على الحافظ ابن حجر رحمهم الله :
"الذي عليه أهل التحقيق أن الخضر قد مات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لأدلةكثيرة في محلها ولو كان حيا في حياة نبينا صلى الله عليه وسلم لدخل في هذا الحديثوكان ممن أتى عليه الموت قبل رأس المائة كما أشار إليه الشارح فتنبه والله أعلم .
( 734)
( ج2/ ص 101 )
"اشتمل كتاب المواقيت على مائة حديث وسبعة عشر حديثا المعلق من ذلك ستة وثلاثونحديثا والباقي موصول .
-
( 1 ) كتاب الآذان
( ج2 / ص 102 )
الآذان لغة : الإعلام قوله تعالى { وأذان من الله ورسوله }
وشرعا : الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة
قال القرطبي وغيره : الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ بالأكبرية وهي تتضمن وجود الله وكماله ثم ثنى بالتوحيد ونفي الشريك
ثم بإثبات الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ثم دعا الى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول
( 2 )
( ج2/ ص 102 )
وَاخْتُلِفَ أَيُّمَا أَفْضَلُ الْأَذَانُ أَوِ الْإِمَامَةُ ثَالِثُهَا إِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ فَهِيَ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالْأَذَانُ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُومِئُ إِلَيْهِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ يُكْرَهُ وَفِي الْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ لَوْ أُطِيقُ الْأَذَانَ مَعَ الْخِلَافَةِ لَأَذَّنْتُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ
(3 )
( ج2/ ص 103 )
وَاخْتُلِفَ فِي السَّنَةِ الَّتِي فُرِضَ فِيهَا الآذان فَالرَّاجِحُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَقِيلَ بَلْ كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وروى عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ فَرْضَ الْأَذَانِ نَزَلَ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ أَخْرَجَهُ أَبُو الشيخ .
( 4 )
( ج2 / ص 104 )
وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي تَرْجَمَةِ بَدْءِ الْأَذَانِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مَعَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زيد من طرق وَحكى بن خُزَيْمَةَ عَنِ الذُّهْلِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي طُرُقِهِ أَصَحُّ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ وَشَاهِدُهُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلًا وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَهُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَالْمُرْسَلُ أَقْوَى إِسْنَادًا وَوَقَعَ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيّ ِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَيْضًا رَأَى الْأَذَانَ وَوَقَعَ فِي الْوَسِيطِ لِلْغَزَالِيِّ أَنَّهُ رَآهُ بِضْعَةُ عَشَرَ رَجُلًا وَعِبَارَةُ الْجِيلِيِّ فِي شَرْحِ التَنْبِيهِ أَرْبَعَةُ عَشَرَ رجلا وَأنْكرهُ بن الصَّلَاحِ ثُمَّ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَ مُغْلَطَايْ أَنَّ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ رَآهُ سَبْعَةٌ وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَقِصَّةُ عُمَرَ جَاءَتْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَفِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ بِسَنَدٍ وَاهٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ جِبْرِيلُ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا فَسَمِعَهُ عُمَرُ وَبِلَالٌ فَسَبَقَ عُمَرُ بِلَالًا فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ فَقَالَ لَهُ سَبَقَكَ بِهَا عُمَرُ فَائِدَتَانِ الْأُولَى وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مِنْهَا لِلطَّبَرَانِيّ ِ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ الْأَذَانَ فَنَزَلَ بِهِ فَعَلَّمَهُ بِلَالًا وَفِي إِسْنَادِهِ طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ مَتْرُوك ...
وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْء من هَذِه الْأَحَادِيث وَقد جزم بن الْمُنْذِرِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِغَيْرِ أَذَانٍ مُنْذُ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِلَى أَنْ وَقَعَ التَّشَاوُرُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثُمَّ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ انْتَهَى وَقَدْ حَاوَلَ السُّهيْلي الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فَتَكَلَّفَ وَتَعَسَّفَ وَالْأَخْذُ بِمَا صَحَّ أولى فَقَالَ بانيا على صِحَة الْحِكْمَةُ فِي مَجِيءِ الْأَذَانِ عَلَى لِسَانِ الصَّحَابِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَهُ فَوق سبع سماوات وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْوَحْيِ فَلَمَّا تَأَخَّرَ الْأَمْرُ بِالْأَذَانِ عَنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَأَرَادَ إِعْلَامَهُمْ بِالْوَقْتِ فَرَأَى الصَّحَابِيُّ الْمَنَامَ فَقَصَّهَا فَوَافَقَتْ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَهُ فَقَالَ إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ وَعَلِمَ حِينَئِذٍ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ بِمَا أَرَاهُ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً فِي الْأَرْضِ وَتَقَوَّى ذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ عُمَرَ لِأَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِ وَالْحِكْمَةُ أَيْضًا فِي إِعْلَامِ النَّاسِ بِهِ عَلَى غَيْرِ لِسَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّنْوِيهُ بِقَدْرِهِ وَالرَّفْعِ لذكره بِلِسَان غَيره ليَكُون أقوى لأَمره.....
( 5 )
( ج2/ 105 )
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَعْرَضَ الْبُخَارِيُّ عَنِ التَّصْرِيحِ بِحُكْمِ الْأَذَانِ لِعَدَمِ إِفْصَاحِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِيهِ عَنْ حُكْمٍ مُعَيَّنٍ فَأَثْبَتَ مَشْرُوعِيَّتَه ُ وَسَلِمَ مِنَ الِاعْتِرَاضِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ وَمَنْشَأُ الِاخْتِلَافِ أَنَّ مَبْدَأَ الْأَذَانِ لَمَّا كَانَ عَنْ مَشُورَةٍ أَوْقَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ بِرُؤْيَا بَعْضِهِمْ فَأَقَرَّهُ كَانَ ذَلِكَ بِالْمَنْدُوبَا تِ أَشْبَهَ ثُمَّ لَمَّا وَاظَبَ عَلَى تَقْرِيرِهِ وَلَمْ يُنْقَلُ أَنَّهُ تَرَكَهُ وَلَا أَمَرَ بِتَرْكِهِ وَلَا رَخَّصَ فِي تَرْكِهِ كَانَ ذَلِكَ بِالْوَاجِبَاتِ أَشْبَهَ .
( 6 )
( ج2/ 106 )
وَمِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِ الآذان مُطْلَقًا الْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُد وبن الْمُنْذِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَحَكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقِيلَ وَاجِبٌ فِي الْجُمُعَةِ فَقَطْ وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مُنْشَأِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَأَخْطَأَ مَنِ اسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَالله أعلم
-
( 7 )
( ج2 / ص 105 )
" لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ ذَكَرُوا أَنْ يَعْلَمُوا وَقْتَ الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ يَعْرِفُونَهُ فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَارًا أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ رَوْحِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ خَالِدٍ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ وَلَفْظُهُ فَقَالُوا لَوِ اتَّخَذْنَا نَاقُوسًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ لِلنَّصَارَى فَقَالُوا لَوِ اتَّخَذْنَا بُوقًا فَقَالَ ذَاكَ لِلْيَهُودِ فَقَالُوا لَوْ رَفَعْنَا نَارًا فَقَالَ ذَاكَ لِلْمَجُوسِ فَعَلَى هَذَا فَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَارِثِ اخْتِصَارٌ كَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ وَالْبُوقَ فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَاللَّفُّ وَالنَّشْرُ فِيهِ مَعْكُوسٌ فَالنَّارُ لِلْمَجُوسِ وَالنَّاقُوسُ لِلنَّصَارَى وَالْبُوقُ لِلْيَهُودِ ..."
( 8 )
( ج2/ ص 106)
وممن قال بوجوب الآذان مُطْلَقًا الْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُد وبن الْمُنْذِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَحَكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقِيلَ وَاجِبٌ فِي الْجُمُعَةِ فَقَطْ وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مُنْشَأِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَأَخْطَأَ مَنِ اسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَالله أعلم
( 9 )
( ج2/ ص 107 )
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَوَى قِصَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعَانٍ مُتَقَارِبَةٍ وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ وَهَذَا أَحْسَنُهَا
( 10 )
( ج2/ ص 108)
قَوْله يَا بِلَالُ قُمْ قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ فِيهِ حُجَّةٌ لشرع الْأَذَان قَائِما قلت وَكَذَا احْتج بن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذِرِ وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قُمْ أَيِ اذْهَبْ إِلَى مَوْضِعٍ بَارِزٍ فَنَادِ فِيهِ بِالصَّلَاةِ لِيَسْمَعَكَ النَّاسُ قَالَ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْقِيَامِ فِي حَالِ الْأَذَانِ انْتَهَى وَمَا نَفَاهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَإِنَّ الصِّيغَةَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ أَرْجَحَ وَنَقَلَ عِيَاضٌ أَنَّ مَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ الْأَذَانَ قَاعِدًا لَا يَجُوزُ إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ وَوَافَقَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْخِلَافَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبِأَنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كُلِّهِمْ أَنَّ الْقِيَامَ سُنَّةٌ وَأَنَّهُ لَوْ أَذَّنَ قَاعِدًا صَحَّ وَالصَّوَابُ مَا قَالَ بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ مِنَ السُّنَّةِ
-
تابع / الآذان
( 11 )
( ج2/ ص 108 )
فَائِدَةٌ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي يُنَادِي بِهِ بِلَال للصَّلَاة قَوْله الصَّلَاة جَامِعَة أخرجه بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ مِنْ مَرَاسِيلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ بِلَالًا حِينَئِذٍ إِنَّمَا أُمِرَ بِالْأَذَانِ الْمَعْهُودِ فَذَكَرَ مُنَاسَبَةَ اخْتِصَاصِ بِلَالٍ بِذَاكَ دُونَ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ كَانَ لَمَّا عُذِّبَ لِيَرْجِعَ عَنِ الْإِسْلَامِ فَيَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌ فَجُوزِيَ بِوِلَايَةِ الْأَذَانِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ وَهِيَ مُنَاسَبَةٌ حَسَنَةٌ فِي اخْتِصَاصِ بِلَالٍ بِالْأَذَانِ .."
( 12 )
( ج2 / ص 109)
وَقَدِ اسْتُشْكِلَ إِثْبَاتُ حُكْمِ الْأَذَانِ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ مُقَارَنَةِ الْوَحْيِ لِذَلِكَ أَوْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِمُقْتَضَاهَا لِيَنْظُرَ أَيُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَا سِيَّمَا لَمَّا رَأَى نَظْمَهَا يَبْعُدُ دُخُولُ الْوَسْوَاسِ فِيهِ وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ اجْتِهَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَحْكَامِ وَهُوَ الْمَنْصُورُ فِي الْأُصُولِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا رَأَى الْأَذَانَ جَاءَ لِيُخْبِرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ الْوَحْيَ قَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ فَمَا رَاعَهُ إِلَّا أَذَانُ بِلَالٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَقَكَ بِذَلِكَ الْوَحْيُ وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا حَكَى الدَّاوُدِيُّ عَنِ بن إِسْحَاقَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَذَانِ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَعُمَرُ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَأَشَارَ السُّهَيْلِيُّ إِلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ابْتِدَاءِ شَرْعِ الْأَذَانِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّنْوِيهُ بِعُلُوِّ قَدْرِهِ عَلَى لِسَانِ غَيره ليَكُون أفخم لشأنه وَالله أعلم.
( 12 )
( ج2/ ص 109 )
" فائدة "
ثبت لفظ " الآذان مثنى مثنى " في حديث لابن عمر مرفوع أخرجه ابو داود الطيالسي في مسنده فقال فيه " مثنى مثنى " وهو
عند أبي داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وغيره من هذا الوجه لكن بلفظ " مرتين مرتين "
( 13 )
( ج2 / ص 110 )
قوله " وان يوتر الإقامة إلا الإقامة )
ادّعى بن مَنْدَهْ أَنَّ قَوْلَهُ إِلَّا الْإِقَامَةَ مِنْ قَوْلِ أَيُّوبَ غَيْرَ مُسْنَدٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ فِي رِوَايَةِ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ هَذِهِ إِدْرَاجًا وَكَذَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيُّ قَوْلُهُ إِلَّا الْإِقَامَةَ هُوَ مِنْ قَوْلِ أَيُّوبَ وَلَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ وَفِيمَا قَالَاهُ نَظَرٌ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ بِسَنَدِهِ مُتَّصِلًا بِالْخَبَرِ مُفَسَّرًا وَلَفْظُهُ كَانَ بِلَالٌ يُثَنِّي الْأَذَانَ وَيُوتِرُ الْإِقَامَةَ إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالسَّرَّاجُ فِي مُسْنَدِهِ وَكَذَا هُوَ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَلِلْإِسْمَاعِ يلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَيَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ فِي الْخَبَرِ فَهُوَ مِنْهُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَلَا دَلِيلَ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَحَصَّلُ مِنْهَا أَنَّ خَالِدًا كَانَ لَا يَذْكُرُ الزِّيَادَةَ وَكَانَ أَيُّوبُ يَذْكُرُهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ فَكَانَ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ زِيَادَةٌ مِنْ حَافِظٍ فَتُقْبَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
( 14 )
( ج2/ ص 111)
قوله ( وأن يوتر الإقامة )
احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِإِفْرَادِ قَوْلِهِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَالْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَإِنَّ احْتَجَّ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عُورِضَ بِعَمَل أهل مَكَّة وَمَعَهُمْ الحَدِيث الصَّحِيح قَوْلَهُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ
( 15 )
( ج2/ ص 112 )
(قَوْله بَابُ الْإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ خَالَفَ الْبُخَارِيُّ لَفْظَ الْحَدِيثِ فِي التَّرْجَمَةِ فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى قَوْلِهِ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ لَفْظَ الْوِتْرِ غَيْرَ مُنْحَصِرٍ فِي الْمَرَّةِ فَعَدَلَ عَنْ لَفْظٍ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ إِلَى مَا لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ قُلْتُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً مُرَاعَاةً لِلَفْظِ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ عِنْد بن حبَان فِي حَدِيث بن عُمَرَ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الْمَاضِي وَلَفْظُهُ الْأَذَانُ مَثْنَى وَالْإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِي ُّ وَحَسَّنَهُ فِي حَدِيثٍ لِأَبِي مَحْذُورَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً قَوْله إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ هُوَ لَفْظُ مَعْمَرٍ
-
باب فضل التأذين "
( 1 )
قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط ...الحديث "
قوله ( له ضراط )
قال عياض : يمكن حمله على ظاهره لأنه جسم متغذ يصح منه خروج الريح .
ويحتمل : أنها عبارة عن شدة نفارة ويقويه رواية مسلم " له حصاص " فقد فسره الأصمعي وغيره بشدة العدو .
قال الطيبي : شبه شغل الشيطان نفسه عن سماع الأذان بالصوت الذي يملأ السمع ويمنعه عن سماع غيره ثم سماه ضراطا تقبيحا له "
-
تابع /( ج2 / ص 115 ) باب فضل التأذين
قوله ( إذا ثوب )
قال الجمهور : المراد بالتثويب هنا : الإقامة وبذلك جزم أبو عوانة في صحيحه والخطابي والبيهقي وغيرهم
قال القرطبي : ثوب بالصلاة : إذا أقيمت
يدل عليه رواية مسلم في رواية أبي صالح عن أبي هريرة : " فإذا سمع الإقامة ذهب "
زعم بعض الكوفيين ان المراد بالتثويب قول المؤذن بين الأذان والإقامة " حي على الصلاة حي على الفلاح "
قال الخطابي : لا يعرف العامة التثويب إلا قول المؤذن في الأذان " الصلاة خير من النوم "
لكن المراد به في هذا الحديث " الإقامة " والله أعلم .
( 2 )( ج2/ 116)
قوله ( لما لم يكن يذكر )
وفي رواية لمسلم ( لما لم يكن يذكر من قبل )
ومنه استنبط أبو حنيفة للذي شكا إليه أنه دفن مالا ثم لم يهتد لمكانه أن يصلي ويحرص أن لا يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا ففعل
فذكر مكان المال في الحال "
( 4 ) ( ج2/ ص 118)
قال ابن بطال :
يشبه أن يكون الزجر عن خروج المرء من المسجد بعد أن يؤذن المؤذن من هذا المعنى لئلا يكون متشبها بالشيطان الذي يفر عند
شماع الأذان والله اعلم .
( 5 ) ( ج2 / 119 )
" باب ما يحقن بالأذان من الدماء )
قال الخطابي : فيه أن الأذان شعار الإسلام وأنه لا يجوز تركه ولو أن أهل بلد اجتمعوا على تركه كان للسلطان قتالهم عليه .
وأنه لا يجوز تركه ولو أن أهل بلد اجتمعوا
وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ فِي الْمَذْهَب وَأغْرب بن عَبْدِ الْبَرِّ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَأَنَّ قَوْلَ أَصْحَابِنَا مَنْ نَطَقَ بِالتَّشَهُّدِ فِي الْأَذَانِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ عِيسَوِيًّا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مُطْلَقُ حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّ الْعِيسَوِيَّةَ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ حَدَثَتْ فِي آخِرِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ فَاعْتَرَفُوا بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ إِلَى الْعَرَبِ فَقَطْ وَهُمْ مَنْسُوبُونَ إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو عِيسَى أحدث لهم ذلك .
( 6 ) ( ج2/ ص 120 )
فَائِدَةٌ اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَى مَالِكٍ أَيْضًا لَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أخرجه النَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ُ حَدِيثُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ أَصَحُّ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَخْرَجَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ إِنَّهُ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى وَفِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ دُونَ مَا ذُكِرَ لَا نُطِيلُ بِهِ .
-
تابع / فضل التأذين
( 7 )
( ج2/ ص 120 )
قَوْلُهُ ( إِذَا سَمِعْتُمْ )
ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْإِجَابَةِ بِمَنْ يَسْمَعُ حَتَّى لَوْ رَأَى الْمُؤَذِّنَ عَلَى الْمَنَارَةِ مَثَلًا فِي الْوَقْتِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لَكِنْ لَمْ يَسْمَعَ أَذَانَهُ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ لَا تُشْرَعُ لَهُ الْمُتَابَعَةُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
( 8 )
( ج2/ ص 120)
قَوْله ( فَقولُوا مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن )
ادّعى بن وَضَّاحٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ مَدْرَجٌ وَأَنَّ الْحَدِيثَ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ مِثْلَ مَا يَقُولُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْإِدْرَاجَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَقَدِ اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ عَلَى إِثْبَاتِهَا وَلَمْ يُصِبْ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ فِي حَذْفِهَا
( 9 )
( ج2/ ص 121 )
قَوْلُهُ مَا يَقُولُ
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ مَا يَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ لِيُشْعِرَ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُ بَعْدَ كُلِّ كَلِمَةٍ مِثْلَ كَلِمَتِهَا قُلْتُ وَالصَّرِيحُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى يَسْكُتَ وَأَمَّا أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ فَقَالَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ عَقِبَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَضَمَّنَتْ إِجَابَةَ كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسَاوَقَةُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الَّذِي عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ يُجَاوِبْهُ حَتَّى فَرَغَ اسْتُحِبَّ لَهُ التَّدَارُكُ إِنْ لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَحْثًا وَقَدْ قَالُوهُ فِيمَا إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَالصَّلَاةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مِثْلَ أَنَّهُ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ لَكِنَّ حَدِيثَ عُمَرَ أَيْضًا وَحَدِيثَ مُعَاوِيَةَ الْآتِي يَدُلَّانِ عَلَى أَنه يسْتَثْنى من ذَلِك حىعلى الصَّلَاةِ وَحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَيَقُولُ بَدَلَهُمَا لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كَذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِهِ بن خُزَيْمَة وَهُوَ الْمَشْهُور عِنْد الْجُمْهُور وَقَالَ بن الْمُنْذِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ فَيَقُولُ تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِي نَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ إِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَجَبَ إِعْمَالُهُمَا قَالَ فَلِمَ لَا يُقَالُ يُسْتَحَبُّ لِلسَّامِعِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَيْعَلَةِ وَالْحَوْقَلَةِ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْد الْحَنَابِلَة وَأجِيب عَنِ الْمَشْهُورِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّ الْأَذْكَارَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْحَيْعَلَةِ يَشْتَرِكُ السَّامِعُ وَالْمُؤَذِّنُ فِي ثَوَابِهَا وَأَمَّا الْحَيْعَلَةُ فَمَقْصُودُهَا الدُّعَاءُ إِلَى الصَّلَاةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ مِنَ الْمُؤَذِّنِ فَعُوِّضَ السَّامِعُ عَمَّا يَفُوتُهُ مِنْ ثَوَابِ الْحَيْعَلَةِ بِثَوَابِ الْحَوْقَلَةِ...
( 10 )
( ج2 / ص 121 )
وَقَالَ الطِّيبِيُّ مَعْنَى الْحَيْعَلَتَيْ نِ هَلُمَّ بِوَجْهِكَ وَسَرِيرَتِكَ إِلَى الْهُدَى عَاجِلًا وَالْفَوْزِ بِالنَّعِيمِ آجِلًا فَنَاسَبَ أَنْ يَقُولَ هَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا أَسْتَطِيعُ مَعَ ضَعْفِي الْقِيَامَ بِهِ إِلَّا إِذَا وَفَّقَنِي اللَّهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ وَمِمَّا لُوحِظَتْ فِيهِ الْمُنَاسَبَةُ مَا نَقَلَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثْتُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُنْصِتُونَ لِلْمُؤَذِّنِ إِنْصَاتَهُمْ لِلْقِرَاءَةِ فَلَا يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا قَالُوا مِثْلَهُ حَتَّى إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالُوا لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالُوا مَا شَاءَ اللَّهُ انْتَهَى وَإِلَى هَذَا صَارَ بعض الْحَنَفِيَّة وروى بن أَبِي شَيْبَةَ مِثْلَهُ عَنْ عُثْمَانَ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ يَقُولُ فِي جَوَابِ الْحَيْعَلَةِ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَوَرَاءَ ذَلِكَ وُجُوهٌ مِنَ الِاخْتِلَافِ أُخْرَى قِيلَ لَا يُجِيبُهُ إِلَّا فِي التَّشَهُّدَيْن ِ فَقَطْ وَقِيلَ هُمَا وَالتَّكْبِيرُ وَقِيلَ يُضِيفُ إِلَى ذَلِكَ الْحَوْقَلَةَ دُونَ مَا فِي آخِرِهِ وَقِيلَ مَهْمَا أَتَى بِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ كَفَاهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ
( 11)
( ج2 / ص 122 )
وَحَكَوْا أَيْضا خلافًا هَل يُجيب فِي الترجيع أَولا وَفِيمَا إِذَا أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ آخَرُ هَلْ يُجِيبُهُ بَعْدَ إِجَابَتِهِ لِلْأَوَّلِ أَوْ لَا قَالَ النَّوَوِيُّ لم أر فِيهِ شَيْئا لِأَصْحَابِنَا وَقَالَ بن عَبْدِ السَّلَامِ يُجِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ بِإِجَابَةٍ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ وَإِجَابَةُ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ إِلَّا فِي الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُمَا مَشْرُوعَانِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْمِثْلِ لَا يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِثْلَ مَا يَقُولُ لَا يُقْصَدُ بِهِ رَفْعُ الصَّوْتِ الْمَطْلُوبِ مِنَ الْمُؤَذِّنِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ وَقَعَتْ فِي الْقَوْلِ لَا فِي صِفَتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُجِيبِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ مَقْصُودُهُ الْإِعْلَامُ فَاحْتَاجَ إِلَى رَفْعِ الصَّوْتِ وَالسَّامِعَ مَقْصُودُهُ ذِكْرُ اللَّهِ فَيَكْتَفِي بِالسِّرِّ أَوِ الْجَهْرِ لَا مَعَ الرَّفْعِ نَعَمْ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يُجْرِيَهُ عَلَى خَاطِرِهِ مِنْ غَيْرِ تلفظ لظَاهِر الْأَمر بالْقَوْل وَأغْرب بن الْمُنِيرِ فَقَالَ حَقِيقَةُ الْأَذَانِ جَمِيعُ مَا يَصْدُرُ عَنِ الْمُؤَذِّنِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَهَيْئَةٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَذَانَ مَعْنَاهُ الْإِعْلَامُ لُغَةً وَخَصَّهُ الشَّرْعُ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ فَإِذَا وُجِدَتِ وجد الْأَذَانُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ هَيْئَةٍ يَكُونُ مِنْ مُكَمِّلَاتِهِ وَيُوجَدُ الْأَذَانُ مِنْ دُونِهَا وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا أَطْلَقَ لَكَانَ مَا أَحْدَثَ مِنَ التَّسْبِيحِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَقَبْلَ الْجُمُعَةِ وَمِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَذَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ فِي الصَّلَاةِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَلِأَنَّ الْمُجِيبَ لَا يَقْصِدُ الْمُخَاطَبَةَ وَقِيلَ يُؤَخِّرُ الْإِجَابَةَ حَتَّى يَفْرُغَ لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا وَقِيلَ يُجِيبُ إِلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْ نِ لِأَنَّهُمَا كَالْخِطَابِ لِلْآدَمِيِّينَ وَالْبَاقِي مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَلَا يَمْنَعُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ مَنْ يُبَدِّلُ الْحَيْعَلَةَ بِالْحَوْقَلَةِ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّهَا من ذكر الله قَالَه بن دَقِيق الْعِيد وَفرق بن عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فَلَا يُجِيبُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ مُوَالَاتِهَا وَإِلَّا فَيُجِيبُ وَعَلَى هَذَا إِنْ أَجَابَ فِي الْفَاتِحَةِ اسْتَأْنَفَ وَهَذَا قَالَهُ بَحْثًا وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ الْإِجَابَةِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ يُؤَخِّرُهَا حَتَّى يَفْرُغَ وَكَذَا فِي حَالِ الْجِمَاعِ وَالْخَلَاءِ لَكِنْ إِنْ أَجَابَ بِالْحَيْعَلَةِ بَطَلَتْ كَذَا أَطْلَقَهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْإِقَامَةِ قَالُوا إِلَّا فِي كَلِمَتَيِ الْإِقَامَةِ فَيَقُولُ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَقِيَاسُ إِبْدَالِ الْحَيْعَلَةِ بِالْحَوْقَلَةِ فِي الْأَذَانِ أَنْ يَجِيءَ هُنَا لَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَذَانَ إِعْلَامٌ عَامٌّ فَيَعْسُرُ عَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَكُونُوا دُعَاةً إِلَى الصَّلَاةِ وَالْإِقَامَةَ إِعْلَامٌخَاصٌّ وَعَدَدُ مَنْ يَسْمَعُهَا مَحْصُورٌ فَلَا يَعْسُرُ أَنْ يَدْعُوَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ قَوْمٍ مِنَ السَّلَفِ وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وبن وَهْبٍ وَاسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ مُؤَذِّنًا فَلَمَّا كَبَّرَ قَالَ عَلَى الْفِطْرَةِ فَلَمَّا تَشَهَّدَ قَالَ خَرَجَ مِنَ النَّارِ قَالَ فَلَمَّا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ غَيْرَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ عَلِمْنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ لِلِاسْتِحْبَاب ِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ ..."
( 12 )
( ج2 / ص 125)
اسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِمِثْلِ مَا يَقُولُ بَلْ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الذِّكْرِ الْمَذْكُورِ كَفَاهُ وَقَدْ بَيَّنَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمُرَادَ وَأَنَّ الْحِينَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَاسْتدلَّ بِهِ بن بَزِيزَةَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ لِظَاهِرِ إِيرَادِهِ لَكِنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَدَّعِي الْوُجُوبَ قال قَالَ الْحَنَفِيَّة وبن وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَخَالَفَ الطَّحَاوِيُّ أَصْحَابَهُ فَوَافَقَ الْجُمْهُورَ
( 13 )
( ج2/ ص 125 )
قَوْلُهُ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ بِفَتْحِ الدَّالِ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالْمُرَادُ بِهَا دَعْوَةُ التَّوْحِيد
( 14 )
( ج2/ ص 125 )
قَوْلُهُ الْوَسِيلَةَ هِيَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى الْكَبِيرِ يُقَالُ تَوَسَّلْتُ أَيْ تَقَرَّبْتُ وَتُطْلَقُ عَلَى الْمَنْزِلَةِ الْعَلِيَّةِ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْحَدِيثَ
( 15 )
( ج2/ ص 125 )
قَوْلُهُ وَالْفَضِيلَةَ أَيِ الْمَرْتَبَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى سَائِرِ الْخَلَائِقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَنْزِلَةً أُخْرَى أَوْ تَفْسِيرًا لِلْوَسِيلَةِ قَوْلُهُ مَقَامًا مَحْمُودًا أَيْ يُحْمَدُ الْقَائِمُ فِيهِ وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي كُلِّ مَا يَجْلِبُ الْحَمْدَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ وَنُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيِ ابْعَثْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَقِمْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا ..
( 16)
( ج2/ ص 125 )
قَالَ بن الْجَوْزِيِّ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةُ وَقِيلَ إِجْلَاسُهُ عَلَى الْعَرْشِ وَقِيلَ عَلَى الْكُرْسِيِّ وَحَكَى كُلًّا مِنَ الْقَوْلَيْنِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ لَا يُنَافِي الْأَوَّلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِجْلَاسُ عَلَامَةَ الْإِذْنِ فِي الشَّفَاعَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُور وَأَنْ يَكُونَ الْإِجْلَاسُ هِيَ الْمَنْزِلَةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بالوسيلة أَو الْفَضِيلَة وَوَقع فِي صَحِيح بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا يَبْعَثُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ هُوَ الثَّنَاءُ الَّذِي يُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيِ الشَّفَاعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ مَجْمُوعُ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَيُشْعِرُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ " حلت له شفاعتي "
-
باب / الاستهام في الآذان
( 1 ) ( ج2 / ص 127 )
الْقَادِسِيَّةُ مَكَانٌ بِالْعِرَاقِ مَعْرُوفٌ نُسِبَ إِلَى قَادِسٍ رَجُلٍ نَزَلَ بِهِ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدَّسَ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَلِذَلِكَ صَارَ مَنْزِلًا لِلْحَاجِّ وَكَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ مَشْهُورَةٌ مَعَ الْفُرْسِ وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَكَانَ سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ الْأَمِيرَ عَلَى النَّاسِ .
( 2 ) ( ج2 / ص 131)
" ما نقله النووي عن أبي حنيفة وداود ان أذان الأعمى لا يصح فقد تعقبه السروجي بأنه غلط على أبي حنيفة نعم في المحيط للحنفية أنه يكره "
( 3 )
( ج2 / ص 131-132 )
قَوْله ابن أُمِّ مَكْتُومٍ اسْمُهُ عَمْرٌو كَمَا سَيَأْتِي مَوْصُولًا فِي الصِّيَامِ وَفَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَقِيلَ كَانَ اسْمُهُ الْحصين فَسَماهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ اسْمَانِ وَهُوَ قُرَشِيٌّ عَامِرِيٌّ أَسْلَمَ قَدِيمًا وَالْأَشْهَرُ فِي اسْمِ أَبِيهِ قَيْسُ بْنُ زَائِدَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْرِمُهُ وَيَسْتَخْلِفُه ُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فَاسْتُشْهِدَ بِهَا وَقِيلَ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَاتَ وَهُوَ الْأَعْمَى الْمَذْكُورُ فِي سُورَةِ عَبَسَ وَاسْمُ أُمِّهِ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيَّ ةُ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ وُلِدَ أَعْمَى فَكُنِّيَتْ أُمُّهُ أُمَّ مَكْتُومٍ لِانْكِتَامِ نُورِ بَصَرِهِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ عَمِيَ بَعْدَ بَدْرٍ بِسَنَتَيْنِ
( 4 )
( ج2/ ص 137)
حِكْمَة هَل يشرع الآذان قبل الفجر " أَولا وَإِذَا شُرِعَ هَلْ يُكْتَفَى بِهِ عَنْ إِعَادَةِ الْأَذَان بعد الْفجْر أَولا وَإِلَى مَشْرُوعِيَّتِه ِ مُطْلَقًا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَإِلَى الِاكْتِفَاءِ مُطْلَقًا ذَهَبَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وأصحابهم وَخَالف بن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذِرِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ ..
( 5 )
( ج2 / ص 138 )
صِفَةَ الْفَجْرِ الصَّادِقِ لِأَنَّهُ يَطْلُعُ مُعْتَرِضًا ثُمَّ يَعُمُّ الْأُفُقَ ذَاهِبًا يَمِينًا وَشِمَالًا بِخِلَافِ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ ذَنَبُ السِّرْحَانِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِي أَعْلَى السَّمَاءِ ثُمَّ يَنْخَفِضُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ رَفَعَ وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِ يِّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ سُلَيْمَانَ فَإِنَّ الْفَجْرَ لَيْسَ هَكَذَا وَلَا هَكَذَا وَلَكِنَّ الْفَجْرَ هَكَذَا فَكَأَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ كَانَ بِهَذَا اللَّفْظِ مَقْرُونًا بِالْإِشَارَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُرَادِ وَبِهَذَا اخْتَلَفَتْ عِبَارَةُ الرُّوَاةِ وَأَخْصَرُ مَا وَقَعَ فِيهَا رِوَايَةُ جَرِيرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ الْفَجْرَ الْمُعْتَرِضَ وَلَكِنِ الْمُسْتَطِيلَ.. "
-
باب / كم بين الآذان والإقامة
( 1 )
( ج2 / ص 140 )
وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ وَالْمُعْتَصِرُ إِذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ لَكِنْ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ أَخْرَجَهُمَا أَبُو الشَّيْخِ وَمِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ وَكُلُّهَا وَاهِيَةٌ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ بِذَلِكَ لَمْ يثبت وَقَالَ بن بَطَّالٍ لَا حَدَّ لِذَلِكَ غَيْرَ تَمَكُّنِ دُخُولِ الْوَقْتِ وَاجْتِمَاعِ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي التَّطَوُّعِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إِلَّا فِي الْمَغْرِبِ
( 2 )
( ج2 / ص 141)
قوله ( بين كل آذنين )
أي أذان وإقامة ولا يصح حمله على ظاهره لأن الصلاة بين الآذانين مفروضة ... وتوارد الشراح على أن هذا من باب " التغليب " كقولهم
" القمرين " للشمس والقمر "
( 3)
( ج2 / ص 142 )
وَحَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ حَدِيثَ الْبَابِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ دَلَّ قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ عَلَى أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ بَيْنَهُمَا بَلْ كَانُوا يَشْرَعُونَ فِي الصَّلَاةِ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ وَيَفْرُغُونَ مَعَ فَرَاغِهِ قَالَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ حَيَّانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ إِلَّا الْمَغْرِبَ اه وَفِي قَوْلِهِ وَيَفْرُغُونَ مَعَ فَرَاغِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ شُرُوعِهِمْ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ ذَلِكَ وَأَمَّا رِوَايَةُ حَيَّانَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتَانِي َّةِ فَشَاذَّةٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَدُوقًا عِنْدَ الْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّهُ خَالَفَ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِ يِّ وَكَانَ بُرَيْدَةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَلَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مَحْفُوظًا لَمْ يُخَالِفْ بُرَيْدَةُ رِوَايَتَهُ
( 5 )
( ج 2/ ص 143 )
وَقَدْ نقل بن الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الْفَلَّاسِ أَنَّهُ كَذَّبَ حيانا الْمَذْكُورَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ كَانَ أَمْرًا أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَلَيْهِ وَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى كَانُوا يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَكَأَنَّ أَصْلَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ وَأَمَّا كَوْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّهِمَا فَلَا يَنْفِي الِاسْتِحْبَابَ بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ الرَّوَاتِبِ وَإِلَى اسْتِحْبَابِهِم َا ذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ
-
باب / الآذان للمسافرين "
( 1 ) ( ج1 / ص 145 )
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ التَّأْذِينَ جَمِيعًا بَنُو أُمَيَّةَ
( 2 ) ( ج2/ ص 145 )
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ بَعْدَ مُؤَذِّنٍ وَلَا يُؤَذِّنُ جَمَاعَةٌ مَعًا وَإِنْ كَانَ مَسْجِدٌ كَبِيرٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنْهُ مُؤَذِّنٌ يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ
( 3 ) ( ج2 / ص 146 )
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّمَا التَّأْذِينُ لِجَيْشٍ أَوْ رَكْبٍ عَلَيْهِمْ أَمِيرٌ فَيُنَادَى بِالصَّلَاةِ لِيَجْتَمِعُوا لَهَا فَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَإِنَّمَا هِيَ الْإِقَامَةُ وَحُكِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي بَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ وَهُوَ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ وَبَالَغَ عَطَاءٌ فَقَالَ إِذَا كُنْتَ فِي سَفَرٍ فَلَمْ تُؤَذِّنْ وَلَمْ تُقِمْ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَرَى ذَلِكَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ
( 4 )
( ج2 / ص 147 )
قَوْله حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف هُوَ الْفِرْيَانِيُّ وَبِذَلِك صرح أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَيْضا عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة لكنه مُحَمَّد بن يُوسُف البيكندي وَلَيْسَت لَهُ رِوَايَة عَن الثَّوْريّ والفريانى وَأَن كَانَ يروي أَيْضا عَن بن عُيَيْنَة لكنه إِذا أطلق سُفْيَان فَإِنَّمَا يُرِيد بِهِ الثَّوْريّ وَإِذا روى عَن بن عُيَيْنَة بَينه
-
( 5 )
( ج2 / ص 149 )
وَفِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ أَوْ ذَاتُ رِيحٍ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الثَّلَاثَةِ عذر فِي التَّأْخِير عَن الْجَمَاعَة وَنقل بن بَطَّالٍ فِيهِ الْإِجْمَاعَ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الرِّيحَ عُذْرٌ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ اخْتِصَاصُ الثَّلَاثَةِ بِاللَّيْلِ لَكِنْ فِي السُّنَنِ من طَرِيق بن إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَالْغَدَاةِ الْقَرَّةِ وَفِيهَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ مُطِرُوا يَوْمًا فَرَخَّصَ لَهُمْ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ التَّرَخُّصَ بِعُذْرِ الرِّيحِ فِي النَّهَار صَرِيحًا لَكِن الْقيَاس يقتضى إِلْحَاقه وَقد نَقله بن الرِّفْعَةِ وَجْهًا قَوْلُهُ فِي السَّفَرِ ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ وَرِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ الْآتِيَةُ فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مُطْلَقَةٌ وَبِهَا أَخَذَ الْجُمْهُورُ لَكِنَّ قَاعِدَةَ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَقْتَضِي أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمُسَافِرِ مُطْلَقًا وَيُلْحَقُ بِهِ مَنْ تَلْحَقُهُ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ فِي الْحَضَرِ دُونَ مَنْ لَا تَلْحَقُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( 6 )
(ج2 / ص 151 )
وَفِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لَهُ هُنَا إِشَارَةٌ إِلَى اخْتِيَارِ قَوْلِ النَّخَعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّين َ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَذْكَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الطَّهَارَةِ وَلَا مِنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْخُشُوعُ الَّذِي يُنَافِيهِ الِالْتِفَاتُ وَجَعْلُ الْإِصْبَعِ فِي الْأُذُنِ وَبِهَذَا تُعْرَفُ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ لِهَذِهِ الْآثَارِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَلِاخْتِلَافِ نَظَرِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا أَوْرَدَهَا بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ
( 7 )
( ج2 / ص 152 )
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ الِاسْتِدَارَةَ عَنَى اسْتِدَارَةَ الرَّأْسِ وَمَنْ نَفَاهَا عَنَى اسْتِدَارَةَ الْجَسَدِ كُلِّهِ وَمَشى بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَاسْتَدَلَّ بِهِ على جَوَاز الاستدارة بِالْبدنِ كُله قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِدَارَةِ الْمُؤَذِّنِينَ لِلْإِسْمَاعِ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِالْحَيْعَلَتَ يْنِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَسْتَدِيرُ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ أَوْ بِوَجْهِهِ فَقَطْ وَقَدَمَاهُ قَارَّتَانِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ يَسْتَدِيرُ فِي الْحَيْعَلَتَيْ نِ الْأُولَيَيْنِ مَرَّةً وَفِي الثَّانِيَتَيْن ِ مَرَّةً أَوْ يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عَنْ شِمَالِهِ وَكَذَا فِي الْأُخْرَى قَالَ وَرَجَّحَ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَكُونُ لِكُلِّ جِهَةٍ نَصِيبٌ مِنْهُمَا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ وَفِي الْمُغْنِي عَنْ أَحْمَدَ لَا يَدُورُ إِلَّا إِنْ كَانَ عَلَى مَنَارَةٍ يَقْصِدُ إِسْمَاعَ أَهْلِ الْجِهَتَيْنِ وَأَمَّا وَضْعُ الْإِصْبَعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ فَقَدْ رَوَاهُ مُؤَمَّلٌ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَلَهُ شَوَاهِدُ ذَكَرْتُهَا فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ مِنْ أَصَحِّهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَّامٍ الدِّمَشْقِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْهَوْزَنِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ قُلْتُ لِبِلَالٍ كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ بِلَالٌ فَجَعَلْتُ إِصْبَعِي فِي أُذُنِي فَأَذَّنْتُ وَلِابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ الْقَرَظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَرْفَعَ لِصَوْتِهِ وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ بِلَال
( 8 )
( ج2 / ص 152 )
تَنْبِيهٌ آخَرُ وَقَعَ فِي الْمُغْنِي لِلْمُوَفَّقِ نِسْبَةُ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ بِلَفْظٍ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ إِلَى تَخْرِيجِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَهُوَ وَهَمٌ وَسَاقَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فَمَا أَجَادَ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُمَا مُتَوَافِقَتَان ِ وَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنَ الْإِدْرَاجِ وَسَلَامَةَ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ ذَلِك وَالله الْمُسْتَعَان
-
( ج2 / ص 152 )
قال البخاري رحمه الله :
كره ابن سيرين أن يقول : فاتتنا الصلاة ولكن ليقل : لم ندرك وقول النبي صلى الله عليه وسلم أصح .
قال ابن حجر رحمه الله :
قوله ( وقول النبي صلى الله عليه وسلم ) كلام المصنف رادا على ابن سيرين ووجه الرد ان الشارع أطلق لفظ الفوات فدل على الجواز وابن سيرين مع كونه كرهه من جهة اللفظ لأنه قال : " وليقل لم ندرك " وهذا محصل معنى الفوات .
( ج2 / ص 155 )
قال ابن حجر رحمه الله
" فائدة " : الحكمة في الأمر ( لا تسرعوا ) تستفاد زيادة وقعت في مسلم من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة
فذكر نحو حديث الباب وقال في آخره " فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة "
أي : أنه في حكم المصلي .
( ج2 / ص 155 )
قوله (والوقار )
* قال عياض والقرطبي : هو بمعنى السكينة وهو على سبيل التأكيد
* قال النووي : الظاهر ان بينهم فرقا وأن السكينة التأني في الحركات واجتناب العبث والوقار في الهيئة كغض البصر وخفض الصوت وعدم الالتفات .
( ج2 / ص 155 )
قوله ( لا تسرعوا )
عدم الإسراع يستلزم كثرة الخطا وهو معنى مقصود لذاته وردت فيه أحاديث كحديث جابر عند مسلم " إن بكل خطوة درجة "
ولأبي داود من طريق سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار مرفوعا " إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لم يرفع قدمه
اليمنى إلا كتب الله له حسنة ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عنه سيئة فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له فإن أتى وقد صلوا بعضا وبقى بعض
فصلى ما أدرك وأتم ما بقى كان كذلك وإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك "
( ج2 / ص 155 )
قوله ( فما أدركتم فصلوا )
استدل بهذا الحديث على حصول فضيلة الجماعة بإدراك جزء من الصلاة لقوله : " فما أدركتم فصلوا "
ولم يفصل بين القليل والكثير وهذا قول الجمهور وقيل : لا تدرك الجماعة بأقل من ركعة للحديث السابق
" من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك " وقياسا على الجمعة |.. وانه ورد في الأوقات وأن في الجمعة حديثا خاصا بها "
( ج2 / ص 156 )
استدل ابن المنذر على أنهم أجمعوا على ان تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى
-
( ج2 / ص 157 )
قال : حدثنا مسلم بن ابراهيم قال : حدثنا هشام قال : كتب إلي يحيي عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت ...
قال ابن حجر : ظاهره انه لم يسمع منه وهو من تدليس الصيغ وقد رواه الإسماعيلي من طريق هشيم عن هشام عن يحيى وصرح ابو نعيم في " المستخرج " من وجه آخر عن هشام ان يحيى كتب إليه ان عبد الله بن أبي قتادة حدثه فأمن بذلك تدليس يحيى " .
( ج2 / ص 157 )
قال مالك في " الموطأ " : لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة بحد محدود إلا أني أرى ذلك على طاقة الناس فإن منهم الثقيل والخفيف وذهب الاكثرون الى انهم إذا كان الإمام معهم في المسجد لم يقوموا حتى تفرغ الإقامة وعن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذن " " قد قامت الصلاة " رواه ابن المنذر وغيره وعن سعيد بن المسيب قال : " إذا قال المؤذن الله وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَجَبَ الْقِيَامُ وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عُدِّلَتِ الصُّفُوفُ وَإِذَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُومُونَ إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَإِذَا قَالَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ حَتَّى يَرَوْهُ وَخَالَفَ مَنْ ذَكَرْنَا عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي شَرَحْنَا وَحَدِيثُ الْبَابِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ
( ج2 / ص 157 )
جَوَازُ الْإِقَامَةِ وَالْإِمَامُ فِي مَنْزِلِهِ إِذَا كَانَ يَسْمَعُهَا وَتَقَدَّمَ إِذْنُهُ فِي ذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ تُقَامُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِهِ وَهُوَ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ بِلَالًا كَانَ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ بِلَالًا كَانَ يُرَاقِبُ خُرُوجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأول مايراه يَشْرَعُ فِي الْإِقَامَةِ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ غَالِبُ النَّاسِ ثُمَّ إِذَا رَأَوْهُ قَامُوا فَلَا يَقُومُ فِي مَقَامِهِ حَتَّى تَعْتَدِلَ صُفُوفُهُمْ قُلْتُ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج عَن بن شِهَابٍ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا سَاعَةَ يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ يَقُومُونَ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَأْتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامَهُ حَتَّى تَعْتَدِلَ الصُّفُوفُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي قَرِيبًا بِلَفْظِ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَسَوَّى النَّاسُ صُفُوفَهُمْ ...
-
( ج2 / ص 159 )
قوله " باب هل يخرج من المسجد لعلة ) أي لضرورة
وكأنه يشير إلى تخصيص ما رواه مسلم وابو داود وغيرهما من طريق أبي الشعثاء عن أبي هريرة " أنه رأى رجلا خرج من المسجد بعد أن أذن المؤذن فقال :
أما هذا فقد عصى أبا القاسم "
فإن حديث الباب يدل على أن ذلك مخصوص بمن ليس له ضرورة فيلحق بالجنب المحدث والراعف والحاقن ونحوهم
وكذا من يكون إماما لمسجد آخر ومن في معناه
وقد أخرجه الطبراني في " الأوسط " من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه فصرح برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وبالتخصيص ولفظه " لا يسمع النداء في مسجد ثم يخرج منه إلا لحاجة ثم لا يرجع إليه إلا منافق "
-
( ج2 / ص 161 )
" باب إذا قال الإمام : مكانكم حتى أرجع
( 1 )
" فَائِدَةٌ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَيِ الْبُخَارِيِّ إِذَا وَقَعَ هَذَا لِأَحَدِنَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا قَالَ نَعَمْ قِيلَ فَيَنْتَظِرُونَ الْإِمَامَ قِيَامًا أَوْ قُعُودًا قَالَ إِنْ كَانَ قبل التَّكْبِيرِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْعُدُوا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ انْتَظَرُوهُ قِيَامًا
( 2 )
قال البخاري : حدثنا إسحاق قال : حدثنا محمد بن يوسف قال : حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة
قال الحافظ : قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَات غير مَنْسُوب وَجوز بن طَاهِرٍ وَالْجَيَّانِيّ ُ أَنَّهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَبِهِ جزم الْمزي وَكنت أجوز أَنه بن رَاهْوَيْهِ لِثُبُوتِهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ إِلَى أَنْ رَأَيْتُ فِي سِيَاقِهِ لَهُ مُغَايِرَةً وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ وَقَدْ أَكْثَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ قَوْلُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ لَهُ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ ..
-
( ج2 / ص 164 )
قال البخاري رحمه الله : " باب وجوب صلاة الجماعة "
قال الحسن : إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة لم يطعها
( 1 ) * قال ابن حجر رحمه الله في " شرحه " : "
هَكَذَا بَتَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِقُوَّةِ دَلِيلِهَا عِنْدَهُ لَكِنْ أَطْلَقَ الْوُجُوبَ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ وُجُوبُ عَيْنٍ أَوْ
كِفَايَةٍ إِلَّا أَنَّ الْأَثَرَ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ الْحَسَنِ يُشْعِرُ بِكَوْنِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ وُجُوبُ عَيْنٍ
( 2 ) عُرِفَ مِنْ عَادِة البخاري رحمه الله أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ الْآثَارَ فِي التَّرَاجِمِ لِتَوْضِيحِهَا وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْيِينِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَات ِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَبِهَذَا يُجَابُ مَنِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِبِأَنَّ قَوْلَ الْحَسَنِ يُسْتَدَلُّ لَهُ لَا بِهِ وَلَمْ يُنَبِّهْ أَحَدٌ مِنَ الشُّرَّاحِ عَلَى مَنْ وَصَلَ أَثَرَ الْحَسَنِ وَقَدْ وَجَدْتُهُ بِمَعْنَاهُ وَأَتَمَّ مِنْهُ وَأَصْرَحَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ يَصُومُ يَعْنِي تَطَوُّعًا فَتَأْمُرُهُ أُمُّهُ أَنْ يُفْطِرَ قَالَ فَلْيُفْطِرْ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَجْرُ الصَّوْمِ وَأَجْرُ الْبِرِّ قِيلَ فَتَنْهَاهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهَا هَذِهِ فَرِيضَةٌ
( 3 ) فَظَاهِرٌ فِي كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمْ يُهَدَّدْ تَارِكُهَا بِالتَّحْرِيقِ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ لَكَانَتْ قَائِمَةً بِالرَّسُولِ وَمَنْ مَعَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ التَّهْدِيدُ بِالتَّحْرِيقِ الْمَذْكُورِ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِي حَقِّ تَارِكِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ كَمَشْرُوعِيَّة ِ قِتَالِ تَارِكِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّحْرِيقَ الَّذِي قَدْ يُفْضِي إِلَى الْقَتْلِ أَخَصُّ مِنَ الْمُقَاتَلَةِ وَلِأَنَّ الْمُقَاتَلَةَ إِنَّمَا تُشْرَعُ فِيمَا إِذَا تَمَالَأَ الْجَمِيعُ عَلَى التَّرْكِ
( 4 ) وَإِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ كَأَبِي ثَوْر وبن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذر وبن حِبَّانَ وَبَالَغَ دَاوُدُ وَمَنْ تَبِعَهُ فَجَعَلَهَا شَرْطًا فِي صِحَة الصَّلَاة وَأَشَارَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ إِلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا وَجَبَ فِي الْعِبَادَةِ كَانَ شَرْطًا فِيهَا فَلَمَّا كَانَ الْهم الْمَذْكُورُ دَالًّا عَلَى لَازِمِهِ وَهُوَ الْحُضُورُ وَوُجُوبُ الْحُضُورِ دَلِيلًا عَلَى لَازِمِهِ وَهُوَ الِاشْتِرَاطُ ثَبَتَ الِاشْتِرَاطُ بِهَذِهِ الْوَسِيلَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِتَسْلِيمِ أَنَّ مَا وَجَبَ فِي الْعِبَادَةِ كَانَ شَرْطًا فِيهَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ الْغَالِبُ وَلَمَّا كَانَ الْوُجُوبُ قَدْ يَنْفَكُّ عَنِ الشَّرْطِيَّةِ قَالَ أَحْمَدُ إِنَّهَا وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ انْتَهَى
( 5 ) وَظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُتَقَدِّمِي نَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّ ةِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْبَاقِينَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَدْ أَجَابُوا عَنْ ظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا وَهُوَ ثَانِيهَا وَنَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن بن خُزَيْمَةَ وَالَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ الْوُجُوبُ حَسْبَمَا قَالَ بن بَزِيزَةَ إِنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَنْبَطَ مِنْ نَفْسِ الْحَدِيثِ عَدَمَ الْوُجُوبِ لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَّ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْمُتَخَلِّفِي نَ فَلَوْ كَانَتِ الْجَمَاعَةُ فَرْضَ عَيْنٍ مَا هَمَّ بِتَرْكِهَا إِذَا تَوَجَّهَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِمَا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ قُلْتُ وَلَيْسَ فِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَتَدَارَكْهَا فِي جَمَاعَةٍ آخَرِينَ وَمِنْهَا وَهُوَ ثَالِثُهَا مَا قَالَ بن بطال وَغَيره لوكانت فَرْضًا لَقَالَ حِينَ تَوَعَّدَ بِالْإِحْرَاقِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ لَمْ تُجْزِئْهُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْبَيَان وَتعقبه بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الْبَيَانَ قَدْ يَكُونُ بِالتَّنْصِيصِ وَقَدْ يَكُونُ بِالدَّلَالَةِ فَلَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ هَمَمْتُ إِلَخْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْحُضُورِ وَهُوَ كَافٍ فِي الْبَيَانِ وَمِنْهَا وَهُوَ رَابِعُهَا مَا قَالَ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ مَوَرِدَ الزَّجْرِ وَحَقِيقَتُهُ غَيْرُ مُرَادَةٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ وَعِيدُهُمْ بِالْعُقُوبَةِ الَّتِي يُعَاقَبُ بِهَا الْكُفَّارُ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ عُقُوبَةِ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْعَ وَقَعَ بَعْدَ نَسْخِ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ جَائِزًا بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي فِي الْجِهَادِ الدَّالِّ عَلَى جَوَازِ التَّحْرِيقِ بِالنَّارِ ثُمَّ عَلَى نَسْخِهِ فَحَمْلُ التَّهْدِيدِ عَلَى حَقِيقَتِهِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَمِنْهَا وَهُوَ خَامِسُهَا كَوْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ تَحْرِيقَهُمْ بَعْدَ التَّهْدِيدِ فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا مَا عَفَا عَنْهُمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَمَّ وَلَمْ يَفْعَلْ زَادَ النَّوَوِيُّ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضَ عين لما تَركهم وَتعقبه بن دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لايهم إِلَّا بِمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ لَوْ فَعَلَهُ وَأَمَّا التَّرْكُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونُوا انْزَجَرُوا بِذَلِكَ وَتَرَكُوا التخلف ...
( 6 ) وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي الْمُنَافِقِينَ لِقَوْلِهِ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ الْآتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ الْحَدِيثَ وَلِقَوْلِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ إِلَخْ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَائِقٌ بِالْمُنَافِقِي نَ لَا بِالْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ لَكِنِ الْمُرَادُ بِهِ نِفَاقُ الْمَعْصِيَةِ لَا نِفَاقُ الْكُفْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ عَجْلَانَ لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاءَ فِي الْجَمِيعِ وَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ لَا يَشْهَدُونَ الْجَمَاعَةَ
( 7 ) وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنِّفَاقِ فِي الْحَدِيثِ نِفَاقَ الْكُفْرِ فَلَا يدل على عدم الْوُجُوب لِأَنَّهُ يتَضَمَّن أَن ترك الْجَمَاعَة من صِفَات الْمُنَافِقين وَقد نهينَا عَن التَّشَبُّه بهم وَسِيَاق الحَدِيث يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ مِنْ جِهَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي ذَمِّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا قَالَ الطِّيبِيُّ خُرُوجُ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا الْوَعِيدِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ إِذَا سَمِعُوا النِّدَاءَ جَازَ لَهُمُ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّخَلُّفَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِمْ بَلْ هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقين وَيدل عَلَيْهِ قَول بن مَسْعُودٍ لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ إِلَّا مُنَافِقٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ انْتَهَى كَلَامُهُ
( 8 ) ثُبُوتُ نَسْخِ مَا يَتَضَمَّنُهُ التَّحْرِيقُ مِنْ جَوَازِ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ وَيَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي تَفْضِيلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا لِأَنَّ الْأَفْضَلِيَّة َ تَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي أَصْلِ الْفَضْلِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الْجَوَازُ
( 9 ) مَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ فَرْضِيَّةَ الْجَمَاعَةِ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِأَجْلِ سَدِّ بَابِ التَّخَلُّفِ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ ثُمَّ نُسِخَ حَكَاهُ عِيَاضٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَقَوَّى بِثُبُوتِ نَسْخِ الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ فِي حَقِّهمْ وَهُوَ التَّحْرِيقُ بِالنَّارِ كَمَا سَيَأْتِي وَاضِحًا فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَكَذَا ثُبُوتُ نَسْخِ مَا يَتَضَمَّنُهُ التَّحْرِيقُ مِنْ جَوَازِ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ وَيَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي تَفْضِيلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ...
( 10 ) أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ الْجُمُعَةُ لَا بَاقِي الصَّلَوَاتِ وَنَصَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَتُعُقِّبَ بِالْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْعِشَاءِ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ اخْتَلَفَتْ فِي تَعْيِينِ الصَّلَاةِ الَّتِي وَقَعَ التَّهْدِيدُ بِسَبَبِهَا هَل هِيَ الْجُمُعَة أَوِ الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ مَعًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَادِيثَ مُخْتَلِفَةً وَلَمْ يَكُنْ بَعْضُهَا أَرْجَحَ مِنْ بَعْضٍ وَإِلَّا وَقَفَ الِاسْتِدْلَالُ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إِلَّا إِنْ تَعَيَّنَ كَوْنُهَا غَيْرَ الْجُمُعَةِ أَشَارَ إِلَيْهِ بن دَقِيقِ الْعِيدِ ثُمَّ قَالَ فَلْيُتَأَمَّلِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ في ذلك انتهى .
( 11 ) وَقَدْ تَأَمَّلْتُهَا فَرَأَيْتُ التَّعْيِينَ ورد فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وبن أم مَكْتُوم وبن مَسْعُودٍ أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَحَدِيثُ الْبَابِ من رِوَايَة الْأَعْرَج عَنهُ يومى إِلَى أَنَّهَا الْعِشَاءُ لِقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَعْنِي الْعِشَاءَ وَلَهُمَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ أَيْضًا الْإِيمَاءُ إِلَى أَنَّهَا الْعشَاء والفجروعينها السَّرَّاجُ فِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْعِشَاءَ حَيْثُ قَالَ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ أَخَّرَ الْعِشَاءَ لَيْلَةً فَخَرَجَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَلِيلًا فَغَضِبَ فَذكر الحَدِيث وَفِي رِوَايَة بن حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي الصَّلَاتَيْنِ الْعِشَاءَ وَالْغَدَاةَ وَفِي رِوَايَةِ عَجْلَانَ وَالْمَقْبُرِيّ ِ عِنْدَ أَحْمَدَ التَّصْرِيحُ بِتَعْيِينِ الْعِشَاءِ ثُمَّ سَائِرِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى الْإِبْهَامِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ جَعْفَرَ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْهُ فَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بإبهام الصَّلَاة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ السراج وَغَيره من طُرُقٍ عَنْ جَعْفَرٍ وَخَالَفَهُمْ مَعْمَرٌ عَنْ جَعْفَرٍ فَقَالَ الْجُمُعَةُ
( 12 ) وَاعْتمد بن خُزَيْمَة وَغَيره حَدِيث بن أُمِّ مَكْتُومٍ هَذَا عَلَى فَرْضِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَرَجَّحُوهُ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَبِالْأَحَادِي ثِ الدَّالَّةِ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ قَالُوا لِأَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ وَاجِبٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَوَرَاءَ ذَلِكَ أَمْرٌ آخَرُ أَلْزَمَ بِهِ بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَنْ يَتَمَسَّكُ بِالظَّاهِرِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا وَأَشَارَ لِلِانْفِصَالِ عَنْهُ بِالتَّمَسُّكِ بِدَلَالَةِ الْعُمُومِ لَكِنْ نُوزِعَ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ بِمَا ذُكِرَ أَولا ظاهرية مَحْضَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّ قَاعِدَةَ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَقْتَضِيهِ..
( 13 ) وَفِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا فِي الْجَمَاعَةِ أَيْضًا انْتِظَامُ الْأُلْفَةِ بَيْنَ الْمُتَجَاوِرِي نَ فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ وَلِيَخْتِمُوا النَّهَارَ بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّاعَةِ وَيَفْتَتِحُوهُ كَذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ تَخْصِيصُ التَّهْدِيدِ بِمَنْ حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَسَيَأْتِي تَوْجِيهُ كَوْنِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ أَثْقَلُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ غَيْرِهِمَا وَقَدْ أَطَلْتُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِارْتِبَاطِ بَعْضِ الْكَلَامِ بِبَعْضٍ وَاجْتَمَعَ مِنَ الْأَجْوِبَةِ لِمَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْوُجُوبِ عَشَرَةُ أَجْوِبَةٍ لَا تُوجَدُ مَجْمُوعَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الشَّرْحِ ) انتهى
( 14 ) قَوْلُهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ هُوَ قَسَمٌ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يُقْسِمُ بِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَمْرَ نُفُوسِ الْعِبَادِ بِيَدِ اللَّهِ أَيْ بتقديره وتدبيره فَإِنَّ قَاعِدَةَ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَقْتَضِيهِ وَفِيهِ جَوَازُ الْقَسَمِ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى عِظَمِ شَأْنِهِ وَفِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ كَرِهَ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ لَقَدْ هَمَمْتُ اللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ وَالْهَمُّ الْعَزْمُ وَقِيلَ دُونَهُ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ فَأَفَادَ ذِكْرَ سَبَبِ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ بِحَطَبٍ لِيُحْطَبَ كَذَا لِلْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِ ي بِلَامِ التَّعْلِيلِ وَلِلْكُشْمِيهَ نِيِّ وَالْبَاقِينَ فَيُحْطَبَ بِالْفَاءِ وَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَمَعْنَى يُحْطَبُ يُكْسَرُ لِيَسْهُلَ اشْتِعَالُ النَّارِ بِهِ
( 15 ) قَوْلُهُ عَرْقًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا قَافٌ قَالَ الْخَلِيلُ الْعُرَاقُ الْعَظْمُ بِلَا لَحْمٍ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ لحم فَهُوَ عرق وَفِي الْمُحكم عَنِ الْأَصْمَعِيِّ الْعَرْقُ بِسُكُونِ الرَّاءِ قِطْعَةُ لَحْمٍ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْعَرْقُ وَاحِدُ الْعِرَاقِ وَهِيَ الْعِظَامُ الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا هُبَرُ اللَّحْمِ وَيَبْقَى عَلَيْهَا لَحْمٌ رَقِيقٌ فَيُكْسَرُ وَيُطْبَخُ وَيُؤْكَلُ مَا عَلَى الْعِظَامِ مِنْ لَحْمٍ دَقِيقٍ وَيَتَشَمَّسُ الْعِظَامَ
( 16 ) وعَنِ الْبُخَارِيِّ الْمِرْمَاةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ مِثْلُ مِسْنَاةٍ وَمِيضَاةٍ مَا بَيْنَ ظِلْفَيِ الشَّاةِ مِنَ اللَّحْمِ قَالَ عِيَاضٌ فَالْمِيمُ عَلَى هَذَا أَصْلِيَّةٌ وَقَالَ الْأَخْفَشُ الْمِرْمَاةُ لُعْبَةٌ كَانُوا يَلْعَبُونَهَا بِنِصَالٍ مَحْدُودَةٍ يَرْمُونَهَا فِي كَوْمٍ مِنْ تُرَابٍ فَأَيُّهُمْ أَثْبَتَهَا فِي الْكَوْمِ غَلَبَ وَهِيَ الْمِرْمَاةُ وَالْمِدْحَاةُ قُلْتُ وَيَبْعُدُ أَن تَكُونَ هَذِهِ مُرَادُ الْحَدِيثِ لِأَجْلِ التَّثْنِيَةِ وَحَكَى الْحَرْبِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّ الْمِرْمَاةَ سَهْمُ الْهَدَفِ
( 17 ) والْإِشَارَةُ إِلَى ذَمِّ الْمُتَخَلِّفِي نَ عَنِ الصَّلَاةِ بِوَصْفِهِمْ بِالْحِرْصِ عَلَى الشَّيْءِ الْحَقِيرِ مِنْ مَطْعُومٍ أَوْ مَلْعُوبٍ بِهِ مَعَ التَّفْرِيطِ فِيمَا يُحَصِّلُ رَفِيعَ الدَّرَجَاتِ وَمَنَازِلَ الْكَرَامَةِ
-
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري ( ج2 / ص 171- 178 )
* " قال البخاري رحمه الله : ( 30 )" باب فضل صلاة الجماعة "
" وكان الاسود إذا فاتته الجماعة ذهب إلى مسجد آخر "
" وجاء أنس إلى مسجد قد صلي فيه فأذن وأقام وصلى جماعة "
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " شرحه " :
( 1 ) أَشَارَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِلَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ يُنَافِي التَّرْجَمَةَ الَّتِي قَبْلَهَا ثُمَّ أَطَالَ فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ وَيَكْفِي مِنْهُ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ وَاجِبًا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ ذَا فَضِيلَةٍ وَلَكِنَّ الْفَضَائِلَ تَتَفَاوَتُ فَالْمُرَادُ مِنْهَا بَيَانُ زِيَادَةِ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ
( 2 ) قَوْلُهُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً قَالَ التِّرْمِذِيُّ عَامَّةُ مَنْ رَوَاهُ قَالُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَّا بن عُمَرَ فَإِنَّهُ قَالَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ قلت ( ابن حجر ) لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ فِيهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ لَكِنَّ الْعُمَرِيَّ ضَعِيفٌ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهِيَ شَاذَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الْحُفَّاظِ مِنْ أَصْحَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَصْحَابِ نَافِعٍ وَإِنْ كَانَ رَاوِيهَا ثِقَةً وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ فَلَيْسَتْ مُغَايِرَةٌ لِرِوَايَةِ الْحُفَّاظِ لِصِدْقِ الْبِضْعِ عَلَى السَّبْعِ ..
( 3 ) وَأَمَّا غير بن عُمَرَ فَصَحَّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا فِي هَذَا الْبَاب وَعَن بن مَسْعُود عِنْد أَحْمد وبن خُزَيْمَة وَعَن أبي بن كَعْب عِنْد بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ وَعَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ عِنْدَ السَّرَّاجِ وَوَرَدَ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ عَنْ مُعَاذٍ وَصُهَيْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَكُلُّهَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى خمس وَعِشْرِينَ سِوَى رِوَايَةِ أُبَيٍّ فَقَالَ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ عَلَى الشَّكِّ وَسِوَى رِوَايَةٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ فِيهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَفِي إِسْنَادِهَا شَرِيكٌ الْقَاضِي وَفِي حِفْظِهِ ضَعْفٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ بِضْعًا وَعِشْرِينَ وَلَيْسَتْ مُغَايِرَةً أَيْضًا لِصِدْقِ الْبِضْعِ عَلَى الْخَمْسِ فَرَجَعَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إِلَى الْخَمْسِ وَالسَّبْعِ إِذْ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ ..
( 4 ) وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّهِمَا أَرْجَحُ فَقِيلَ رِوَايَةُ الْخَمْسِ لِكَثْرَةِ رُوَاتِهَا وَقِيلَ رِوَايَةُ السَّبْعِ لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةٌ مِنْ عَدْلٍ حَافِظٍ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْحَدِيثِ وَهُوَ مُمَيِّزُ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فَفِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ دَرَجَةً أَوْ حَذْفُ الْمُمَيِّزِ إِلَّا طُرُقَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِي بَعْضِهَا ضِعْفًا وَفِي بَعْضِهَا جُزْءًا وَفِي بَعْضِهَا دَرَجَةً وَفِي بَعْضِهَا صَلَاةً وَوَقَعَ هَذَا الْأَخِيرُ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَنَسٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ التَّفَنُّنِ فِي الْعبارَة وَأما قَول بن الْأَثِيرِ إِنَّمَا قَالَ دَرَجَةً وَلَمْ يَقُلْ جُزْءًا وَلَا نَصِيبًا وَلَا حَظًّا وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَابَ مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ فَإِن تِلْكَ فَوْقَ هَذِهِ بِكَذَا وَكَذَا دَرَجَةً لِأَنَّ الدَّرَجَاتِ إِلَى جِهَةِ فَوْقُ فَكَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ لَفْظُ دَرَجَةٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ لَكِنْ نَفْيُهُ وُرُودَ الْجُزْءِ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ وَكَذَلِكَ الضِّعْفُ وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ رِوَايَتَيِ الْخَمْسِ وَالسَّبْعِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ ذِكْرَ الْقَلِيلِ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَكِنْ قَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَحُكِيَ عَنْ نَصِّهِ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِالْخَمْسِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ بِالسَّبْعِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى التَّارِيخِ وَبِأَنَّ دُخُولَ النَّسْخِ فِي الْفَضَائِلِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَكِنْ إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَنْعِ تَعَيَّنَ تَقَدُّمُ الْخَمْسِ عَلَى السَّبْعِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْفَضْلَ مِنَ اللَّهِ يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ لَا النَّقْصَ ثَالِثُهَا أَنَّ اخْتِلَافَ الْعَدَدَيْنِ بِاخْتِلَافِ مُمَيِّزِهِمَا وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ الدَّرَجَةُ أَصْغَرُ مِنَ الْجُزْءِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ الْجُزْءُ رُوِيَ عَنْهُ الدَّرَجَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْجُزْءُ فِي الدُّنْيَا وَالدَّرَجَةُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغَايُرِ رَابِعُهَا الْفَرْقُ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ وَبُعْدِهِ خَامِسُهَا الْفَرْقُ بِحَالِ الْمُصَلِّي كَأَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ أَوْ أَخْشَعَ سَادِسُهَا الْفَرْقُ بِإِيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي غَيْرِهِ سَابِعُهَا الْفَرْقُ بِالْمُنْتَظِرِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهِ ثَامِنُهَا الْفَرْقُ بِإِدْرَاكِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا تَاسِعُهَا الْفَرْقُ بِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ وَقِلَّتِهِمْ عَاشِرُهَا السَّبْعُ مُخْتَصَّةٌ بِالْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ وَقِيلَ بِالْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَالْخَمْسُ بِمَا عَدَا ذَلِكَ حَادِي عَشَرَهَا السَّبْعُ مُخْتَصَّةٌ بِالْجَهْرِيَّة ِ وَالْخَمْسُ بِالسِّرِّيَّةِ وَهَذَا الْوَجْهُ عِنْدِي أَوْجَهُهَا لِمَا سَأُبَيِّنُهُ ثُمَّ إِنَّ الْحِكْمَةَ فِي هَذَا الْعَدَدِ الْخَاصِّ غَيْرُ مُحَقَّقَةِ الْمَعْنَى
( 4 ) أَشَارَ الْكِرْمَانِيُّ إِلَى احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ كَوْنَ الْمَكْتُوبَاتِ خَمْسًا فَأُرِيدَ الْمُبَالَغَةُ فِي تَكْثِيرِهَا فَضُرِبَتْ فِي مِثْلِهَا فَصَارَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ ذَكَرَ لِلسَّبْعِ مُنَاسَبَةً أَيْضًا مِنْ جِهَةِ عَدَدِ رَكَعَاتِ الْفَرَائِضِ وَرَوَاتِبِهَا وَقَالَ غَيْرُهُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرٍ لِلْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا فَإِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ آخَرُ بَلَغَتْ عِشْرِينَ ثُمَّ زِيدَ بِقَدْرِ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ يُزَادُ عَدَدَ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هَذَا وَقِيلَ الاعداد عشرات ومئين وَأُلُوفٌ وَخَيْرُ الْأُمُورِ الْوَسَطُ فَاعْتُبِرَتِ الْمِائَةُ وَالْعَدَدُ الْمَذْكُورُ رُبْعُهَا وَهَذَا أَشَدُّ فَسَادًا مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ
( 5 ) وَقَرَأْتُ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُلْقِينِيِّ فِيمَا كَتَبَ عَلَى الْعُمْدَةِ ظَهَرَ لِي فِي هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ شَيْء لم أسبق إِلَيْهِ لِأَن لفظ بن عُمَرَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ وَمَعْنَاهُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَحْكُومِ لَهُ بِذَلِكَ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَأَدْنَى الْأَعْدَادِ الَّتِي يَتَحَقَّقُ فِيهَا ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَتَى بِحَسَنَةٍ وَهِيَ بِعَشَرَةٍ فَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهِ ثَلَاثُونَ فَاقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْفَضْلِ الزَّائِدِ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ دُونَ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ ذَلِكَ انْتَهَى
( 6 ) وَظَهَرَ لِي فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ إِمَامٌ وَمَأْمُومٌ فلولا الإِمَام مَا سمي الْمَأْمُوم مَأْمُوم وَكَذَا عَكْسُهُ فَإِذَا تَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً بِزِيَادَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةٍ حُمِلَ الْخَبَر الْوَارِد بلفظها علىالفضل الزَّائِدِ وَالْخَبَرُ الْوَارِدُ بِلَفْظِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ عَلَى الْأَصْلِ وَالْفَضْلِ وَقَدْ خَاضَ قَوْمٌ فِي تَعْيِينِ الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة للدرجات الْمَذْكُورَة قَالَ بن الْجَوْزِيّ وَمَا جاؤوا بِطَائِلٍ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي ثَالِثَ أَحَادِيثِ الْبَابِ إِشَارَةً إِلَى بَعْضِ ذَلِكَ وَيُضَافُ إِلَيْهِ أُمُورٌ أُخْرَى وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ فَصَّلَهَا بن بَطَّالٍ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّارِحِينَ وَتَعَقَّبَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ وَاخْتَارَ تَفْصِيلًا آخَرَ أَوْرَدَهُ وَقَدْ نَقَّحْتُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَحَذَفْتُ مَا لَا يَخْتَصُّ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَأَوَّلُهَا إِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ وَالتَّبْكِيرُ إِلَيْهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْمَشْيُ إِلَى الْمَسْجِدِ بِالسَّكِينَةِ وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ دَاعِيًا وَصَلَاةُ التَّحِيَّةِ عِنْدَ دُخُولِهِ كُلُّ ذَلِكَ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ سَادِسُهَا انْتِظَارُ الْجَمَاعَةِ سَابِعُهَا صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ وَاسْتِغْفَارُه ُمْ لَهُ ثَامِنُهَا شَهَادَتُهُمْ لَهُ تَاسِعُهَا إِجَابَةُ الْإِقَامَةِ عَاشِرُهَا السَّلَامَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ حِينَ يَفِرُّ عِنْدَ الْإِقَامَةِ حَادِيَ عَاشِرَهَا الْوُقُوفُ مُنْتَظِرًا إِحْرَامَ الْإِمَامِ أَوِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِي أَي هَيْئَة وجده عَلَيْهَا ثَانِيَ عَشَرَهَا إِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَذَلِكَ ثَالِثَ عَشَرَهَا تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ وَسَدُّ فُرَجِهَا رَابِعَ عَشَرَهَا جَوَابُ الْإِمَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ خَامِسَ عَشَرَهَا الْأَمْنُ مِنَ السَّهْوِ غَالِبًا وَتَنْبِيهُ الْإِمَامِ إِذَا سَهَا بِالتَّسْبِيحِ أَوِ الْفَتْحِ عَلَيْهِ سَادِسَ عَشَرَهَا حُصُولُ الْخُشُوعِ وَالسَّلَامَةِ عَمَّا يُلْهِي غَالِبًا سَابِعَ عَشَرَهَا تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ غَالِبًا ثَامِنَ عَشَرَهَا احْتِفَافُ الْمَلَائِكَةِ بِهِ تَاسِعَ عَشَرَهَا التَّدَرُّبُ عَلَى تَجْوِيدِ الْقِرَاءَةِ وَتَعَلُّمِ الْأَرْكَانِ وَالْأَبْعَاضِ الْعِشْرُونَ إِظْهَارُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ إرغام الشَّيْطَان بالاجتماع على الْعِبَادَة والتعاون علىالطاعة وَنَشَاطِ الْمُتَكَاسِلِ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ السَّلَامَةُ مِنْ صِفَةِ النِّفَاقِ وَمِنْ إِسَاءَةِ غَيْرِهِ الظَّنَّ بِأَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ رَأْسًا الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الِانْتِفَاعُ بِاجْتِمَاعِهِم ْ عَلَى الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَعَوْدُ بَرَكَةِ الْكَامِلِ عَلَى النَّاقِصِ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ قِيَامُ نِظَامِ الْأُلْفَةِ بَيْنَ الْجِيرَانِ وَحُصُولُ تَعَاهُدِهِمْ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ خَصْلَةً وَرَدَ فِي كُلٍّ مِنْهَا أَمْرٌ أَوْ تَرْغِيبٌ يَخُصُّهُ وَبَقِيَ مِنْهَا أَمْرَانِ يَخْتَصَّانِ بِالْجَهْرِيَّة ِ وَهُمَا الْإِنْصَاتُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَالِاسْتِمَاعُ لَهَا وَالتَّأْمِينُ عِنْدَ تَأْمِينِهِ لِيُوَافِقَ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ أَنَّ السَّبْعَ تَخْتَصُّ بِالْجَهْرِيَّة ِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( 7 ) مَا أخرجه بن أبي شيبَة من طَرِيق عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَالَ فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً قَالَ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى عَدَدِ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ رَجُلٌ وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ قَالَ نَعَمْ وَهَذَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / ص 178-180 )
( 31 ) - باب فضل صلاة الفجر في جماعة
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) وَمُنَاسَبَةُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَزِيَّةٍ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ عَلَى غَيرهَا
( 2 ) وَزعم بن بَطَّالٍ أَنَّ فِي قَوْلِهِ وَتَجْتَمِعُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الدَّرَجَتَيْنِ الزَّائِدَتَيْن ِ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ تُؤْخَذُ من ذَلِك وَلِهَذَا عقبه بِرِوَايَة بن عُمَرَ الَّتِي فِيهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ
( 3 ) قَوْلُهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي نُكَتِهِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ خَمْسٍ بِحَذْفِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ أَوَّلِهِ وَالْهَاءِ مِنْ آخِرِهِ
( 4 ) قَوْلُهُ سَمِعت سالما هُوَ بن أَبِي الْجَعْدِ وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ هِيَ الصُّغْرَى التَّابِعِيَّةُ لَا الْكُبْرَى الصَّحَابِيَّةُ لِأَنَّ الْكُبْرَى مَاتَتْ فِي حَيَاةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَاشَتِ الصُّغْرَى بَعْدَهُ زَمَانًا طَوِيلًا وَقَدْ جَزَمَ أَبُو حَاتِمٍ بِأَنَّ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَعَلَى هَذَا لَمْ يُدْرِكْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ الْكُبْرَى وَفَسَّرَهَا الْكِرْمَانِيُّ هُنَا بِصِفَاتِ الْكُبْرَى وَهُوَ خَطَأٌ لِقَوْلِ سَالِمٍ سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ اسْمَ الصُّغْرَى هَجِيمَةُ وَالْكُبْرَى خَيِّرَةُ
( 5 ) حَالَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النُّبُوَّةِ كَانَ أَتَمَّ مِمَّا صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَهَا ثُمَّ كَانَ فِي زَمَنِ الشَّيْخَيْنِ أَتَمَّ مِمَّا صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَهُمَا وَكَأَنَّ ذَلِكَ صَدَرَ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي أَوَاخِرِ عُمُرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَيَا لَيْتَ شِعْرِي إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَصْرُ الْفَاضِلُ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَكَيْفَ بِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنَ الطَّبَقَاتِ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ
( 6 ) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الْغَضَبِ عِنْدَ تَغَيُّرِ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِإِظْهَارِ الْغَضَبِ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَكْثَرَ مِنْهُ
( 7 ) أَنَّ السَّبَبَ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ وُجُودُ الْمَشَقَّةِ بِالْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَشْيُ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ أَشَقُّ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا وَإِنْ شَارَكَتْهَا الْعِشَاءُ فِي الْمَشْيِ فِي الظُّلْمَةِ فَإِنَّهَا تَزِيدُ عَلَيْهَا بِمُفَارَقَةِ النَّوْمِ الْمُشْتَهَى طَبْعًا
( 8 ) وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنَ الشُّرَّاحِ نَبَّهَ عَلَى مُنَاسَبَةِ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ لِلتَّرْجَمَةِ إِلَّا الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ تَدْخُلُ صَلَاةُ الْفَجْرِ فِي قَوْلِهِ يُصَلُّونَ جَمِيعًا وَهِيَ أَخَصُّ بِذَلِكَ من بَاقِي الصَّلَوَات وَذكر بن رَشِيدٍ نَحْوَهُ وَزَادَ أَنَّ اسْتِشْهَادَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ قُرْآنَ الْفجْر كَانَ مشهودا يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الِاهْتِمَامَ بِهَا آكَدٌ
( 10 ) وَأَقُولُ تَفَنَّنَ الْمُصَنِّفُ بِإِيرَادِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ فِي الْبَابِ إِذْ تُؤْخَذُ الْمُنَاسَبَةُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِطَرِيقِ الْخُصُوصِ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَفْظُ التَّرْجَمَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ فَضْلُ الْفَجْرِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ وَأَنْ يُرَادَ بِهِ ثُبُوتُ الْفَضْلِ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ شَاهِدٌ لِلْأَوَّلِ وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ شَاهِدٌ لِلثَّانِي وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى شَاهد لَهما وَالله أعلم انتهى
قلت : " كنوز وفوائد ودرر للشيخين رحمهم الله "
( 5 )
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / ص 182 )
- " باب احتساب الآثار "
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
( 1 ) أَيْ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهَا لِتَشْمَلَ كُلَّ مَشْيٍ إِلَى كُلِّ طَاعَةٍ
( 2 ) قَوْلُهُ يَا بَنِي سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُمْ بَطْنٌ كَبِيرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْخَزْرَجِ وَقَدْ غَفَلَ الْقَزَّازُ وَتَبِعَهُ الْجَوْهَرِيُّ حَيْثُ قَالَ لَيْسَ فِي الْعَرَبِ سَلِمَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ غَيْرَ هَذَا الْقَبِيلِ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الَّذِينَ صَنَّفُوا فِي الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ذَكَرُوا عَدَدًا مِنَ الْأَسْمَاءِ كَذَلِكَ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَيْدِ الْقَبِيلَةِ أَوِ الْبَطْنِ فَلَهُ بَعْضُ اتِّجَاهٍ
( 3 ) قَالَ وَالْمَعْنَى أَلَا تَعُدُّونَ خُطَاكُمْ عِنْدَ مَشْيِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّ لِكُلِّ خُطْوَةٍ ثَوَابًا اه
وَالِاحْتِسَابُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْعَدُّ لَكِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي مَعْنَى طَلَبِ تَحْصِيلِ الثَّوَابِ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ
( 4 ) قَوْله وَحدثنَا بن أَبِي مَرْيَمَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ وَقَالَ بن أَبِي مَرْيَمَ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَطْرَافِ بِلَفْظِ وَزَادَ بن أَبِي مَرْيَمَ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَا رِوَايَةٍ يَعْنِي مُعَلَّقًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْكِتَابِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ فِي الْأُصُولِ
( 5 ) وَفِي قَوْلِهِ وَآثَارَهُمْ قَالَ خُطَاهُمْ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا التَّعْلِيقِ إِلَى أَنَّ قِصَّةَ بَنِي سَلِمَةَ كَانَتْ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس أخرجه بن مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ
( 6 ) وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ إِذَا كَانَتْ خَالِصَةً تُكْتَبُ آثَارُهَا حَسَنَاتٍ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّكْنَى بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِمَنْ حَصَلَتْ بِهِ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى أَوْ أَرَادَ تَكْثِيرَ الْأَجْرِ بِكَثْرَةِ الْمَشْيِ مَا لَمْ يَحْمِلْ
( 7 ) وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ كَانَتْ دَارُهُ قَرِيبَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَارَبَ الْخُطَا بِحَيْثُ تُسَاوِي خُطًا مِنْ دَارِهِ بَعِيدَةً هَلْ يُسَاوِيهِ فِي الْفَضْلِ أَوْ لَا وَإِلَى الْمُسَاوَاة جنح الطَّبَرِيّ وروى بن أبي شييبة مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ قَالَ مَشَيْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَارَبَ بَيْنَ الْخُطَا وَقَالَ أَرَدْتُ أَنْ تَكْثُرَ خُطَانَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْفَضْلِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي كَثْرَةِ الْخَطَّا فَضِيلَةً لِأَنَّ ثَوَابَ الْخُطَا الشَّاقَّةِ لَيْسَ كَثَوَابِ الْخُطَا السَّهْلَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمَاضِي قَبْلَ بَابٍ حَيْثُ جَعَلَ أَبْعَدَهُمْ مَمْشًى أَعْظَمَهُمْ أَجْرًا وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُهُمُ اسْتِحْبَابَ قَصْدِ الْمَسْجِدِ الْبَعِيدِ وَلَوْ كَانَ بِجَنْبِهِ مَسْجِدٌ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَهَابِهِ إِلَى الْبَعِيدِ هَجْرُ الْقَرِيبِ وَإِلَّا فَإِحْيَاؤُهُ بِذِكْرِ اللَّهِ أَوْلَى وَكَذَا إِذَا كَانَ فِي الْبَعِيدِ مَانِعٌ مِنَ الْكَمَالِ كَأَنْ يَكُونَ إِمَامُهُ مبتدعا
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري ( ج2 / ص 184-188 )
" باب فضل العشاء في الجماعة "
( 1 ) أَنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا ثَقِيلَةٌ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاة إِلَّا وهم كسَالَى وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ أَثْقَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِمَا لِقُوَّةِ الدَّاعِي إِلَى تَرْكِهِمَا لِأَنَّ الْعِشَاءَ وَقْتُ السُّكُونِ وَالرَّاحَةِ وَالصُّبْحُ وَقْتُ لَذَّةِ النَّوْمِ
( 2 ) وَفِي أَفْرَادِ الدَّارَقُطْنِي ِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي الْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيّ ِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَيْضًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ فَقَامَ رَجُلٌ فَصَلَّى مَعَهُ فَقَالَ هَذَانِ جَمَاعَةٌ وَالْقِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ دُونَ قَوْلِهِ هَذَانِ جَمَاعَةٌ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ صَحِيحٍ
( 3 ) وَتكلم بن بَطَّالٍ هُنَا عَلَى مَسْأَلَةِ أَقَلِّ الْجَمْعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَرَدَّهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ الِاثْنَانِ جَمَاعَةٌ أَنْ يَكُونَ أقل الْجمع اثْنَيْنِ وَهُوَ وَاضح
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري ( ج2 / ص 188- 192 )
" حديث سبعة يظلهم الله في ظله "
( 1 ) لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ خُبَيْبٍ فَقَالَ عَن أبي سعيد أَو أبي هُرَيْرَةَ عَلَى الشَّكِّ وَرَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَجَعَلَهُ عَنْهُمَا وَتَابَعَهُ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَشَذَّا فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ حَفِظَهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ خَالِهِ وَجَدِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( 2 ) سَبْعَةٌ ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْمَذْكُورِينَ بِالثَّوَابِ الْمَذْكُورِ وَوَجَّهَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِمَا مُحَصِّلُهُ أَنَّ الطَّاعَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الرب أَو بَينه وَبَين الْخلق فَالْأولى بِاللِّسَانِ وَهُوَ الذِّكْرُ أَوْ بِالْقَلْبِ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِالْبَدَنِ وَهُوَ النَّاشِئُ فِي الْعِبَادَةِ وَالثَّانِي عَامٌّ وَهُوَ الْعَادِلُ أَوْ خَاصٌّ بِالْقَلْبِ وَهُوَ التَّحَابُّ أَوْ بِالْمَالِ وَهُوَ الصَّدَقَةُ أَوْ بِالْبَدَنِ وَهُوَ الْعِفَّةُ
( 3 ) وَقَدْ نَظَمَ السَّبْعَةَ الْعَلَّامَةُ أَبُو شَامَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِيمَا أَنَشَدَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ التَّنُوخِيُّ إِذْنًا عَنْ أَبِي الْهُدَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شَامَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمَاعًا مِنْ لَفْظِهِ قَالَ وَقَالَ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى إِنَّ سَبْعَةً يُظِلُّهُمُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِظِلِّهِ مُحِبٌّ عَفِيفٌ نَاشِئٌ مُتَصَدِّقٌ وَبَاكٍ مُصَلٍّ وَالْإِمَامُ بِعَدْلِهِ
( 4 ) وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيُسْرِ مَرْفُوعًا مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَهَاتَانِ الْخَصْلَتَانِ غَيْرُ السَّبْعَةِ الْمَاضِيَة فَدلَّ على أَن الْعدَد الْمَذْكُورَ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَقَدْ أَلْقَيْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْعَالِمِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ عَطَاءٍ الرَّازِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْهَرَوِيِّ لَمَّا قَدِمَ الْقَاهِرَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ يَحْفَظُ صَحِيحَ مُسْلِمٍ فَسَأَلْتُهُ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ الْمُؤَيَّدِ عَنْ هَذَا وَعَنْ غَيْرِهِ فَمَا اسْتَحْضَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ تَتَبَّعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَزَادَتْ عَلَى عَشْرِ خِصَالٍ وَقَدِ انْتَقَيْتُ مِنْهَا سَبْعَةً وَرَدَتْ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ وَنَظَمْتُهَا فِي بَيْتَيْنِ تَذْيِيلًا عَلَى بَيْتَيْ أَبِي شَامَةَ وَهُمَا
وَزِدْ سَبْعَةً إِظْلَالَ غَازٍ وَعَوْنَهُ وَإِنْظَارَ ذِي عُسْرٍ وَتَخْفِيفَ حِمْلِهِ
وَإِرْفَادَ ذِي غُرْمٍ وَعَوْنَ مُكَاتَبٍ وَتَاجِرَ صِدْقٍ فِي الْمَقَالِ وَفِعْلِهِ
***** فَأَمَّا إِظْلَالُ الْغَازِي فَرَوَاهُ بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَأَمَّا عَوْنُ الْمُجَاهِد فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَمَّا إِنْظَارُ الْمُعْسِرِ وَالْوَضِيعَةُ عَنْهُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا إِرْفَادُ الْغَارِمِ وَعَوْنُ الْمُكَاتِبِ فَرَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا التَّاجِرُ الصَّدُوقُ فَرَوَاهُ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ وَأَبُو الْقَاسِمِ التَّيْمِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( 5 ) وَقَدْ أَوْرَدْتُ الْجَمِيعَ فِي الْأَمَالِي وَقَدْ أَفْرَدْتُهُ فِي جُزْءٍ سَمَّيْتُهُ مَعْرِفَةَ الْخِصَالِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الظِّلَالِ قَوْلُهُ فِي ظِلِّهِ
( 6 ) قَالَ عِيَاضٌ إِضَافَةُ الظِّلِّ إِلَى اللَّهِ إِضَافَةَ مِلْكٍ وَكُلُّ ظِلٍّ فَهُوَ مِلْكُهُ كَذَا قَالَ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ لِيَحْصُلَ امْتِيَازُ هَذَا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ بَيْتُ اللَّهِ مَعَ أَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا مِلْكُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِظِلِّهِ كَرَامَتُهُ وَحِمَايَتُهُ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ فِي ظِلِّ الْمَلِكِ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَقَوَّاهُ عِيَاضٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ ظِلُّ عَرْشِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَلْمَانَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ ظِلَّ الْعَرْشِ اسْتَلْزَمَ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَهُوَ أَرْجَحُ وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بن الْمُبَارَكِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ ظِلُّ طُوبَى أَوْ ظِلُّ الْجَنَّةِ لِأَنَّ ظِلَّهُمَا إِنَّمَا يحصل لَهُم بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ لِجَمِيعِ مَنْ يَدْخُلُهَا
( 7 ) في الصدقة - نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إِظْهَارَ الْمَفْرُوضَةِ أَوْلَى مِنْ إِخْفَائِهَا
( 8 ) قَوْلُهُ حَتَّى لَا تَعْلَمَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا قَوْلُهُ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ هَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَقْلُوبًا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث أغفله بن الصَّلَاحِ وَإِنْ كَانَ أَفْرَدَ نَوْعَ الْمَقْلُوبِ لَكِنَّهُ قَصَرَهُ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْإِسْنَادِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ وَمَثَّلَ لَهُ بِحَدِيث أَن بن أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ وَقَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ الْمَعْكُوسَ انْتَهَى
( 9 ) وَالْأَوْلَى تَسْمِيَتُهُ مَقْلُوبًا فَيَكُونُ الْمَقْلُوبُ تَارَةً فِي الْإِسْنَادِ وَتَارَةً فِي الْمَتْنِ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمُدْرَجِ سَوَاءً وَقَدْ سَمَّاهُ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ مَقْلُوبًا قَالَ عِيَاضٌ هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي وَصَلَتْ إِلَيْنَا مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهُوَ مَقْلُوبٌ أَوِ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمَعْهُودَةَ فِي الصَّدَقَةِ إِعْطَاؤُهَا بِالْيَمِينِ وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي الزَّكَاةِ بَابُ الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْوَهْمُ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لَمَّا أَوْرَدَهَا عَقِبَ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ لَبَيَّنَهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي قَوْلِهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ انْتَهَى وَلَيْسَ الْوَهْمُ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ وَلَا مِنْهُ بَلْ هُوَ مِنْ شَيْخِهِ أَوْ مِنْ شَيْخِ شَيْخِهِ يَحْيَى الْقَطَّانِ فَإِنَّ مُسْلِمًا أخرجه عَن زُهَيْر بن حَرْب وبن نُمَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى وَأَشْعَرَ سِيَاقُهُ بِأَنَّ اللَّفْظَ لِزُهَيْرٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ زُهَيْرٍ وَأَخْرَجَهُ الْجَوْزَقِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَنْ أَبِي حَامِدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ كَذَلِكَ وَعَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَامِدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ يَقُولُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عِنْدَنَا وَاهِمٌ فِي هَذَا إِنَّمَا هُوَ حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ قُلْتُ وَالْجَزْمُ بِكَوْنِ يَحْيَى هُوَ الْوَاهِمُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ عَلَى الصَّوَابِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ وَفِي الزَّكَاةِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ وَحَفْصِ بْنِ عُمَرَ وَكُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى وَكَأَنَّ أَبَا حَامِدٍ لَمَّا رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَدْ تَابَعَ زُهَيْرًا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَنَّ الْوَهْمَ مِنْ يَحْيَى وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بِأَنْ يَكُونَ مِنْهُ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ هَذَيْنِ خَاصَّةً مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْوَهْمُ مِنْهُمَا تَوَارَدَا عَلَيْهِ وَقَدْ تَكَلَّفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِي نَ تَوْجِيهَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمَقْلُوبَةِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ الْمَخْرَجَ مُتَّحِدٌّ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ شَيْخِ يَحْيَى فِيهِ وَلَا عَلَى شَيْخِهِ خُبَيْبٍ وَلَا عَلَى مَالِكٍ رَفِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيهِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ عِيَاضٍ عَلَى أَنَّ الْوَهْمَ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ مِثْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَدْ عَكَسَهُ غَيْرُهُ فَوَاخَذَ مُسْلِمًا بِقَوْلِهِ مِثْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ لِكَوْنِهِمَا لَيْسَتَا مُتَسَاوِيَتَيْ نِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُسْلِمًا لَا يَقْصُرُ لَفْظَ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَاوِي فِي جَمِيعِ اللَّفْظِ وَالتَّرْتِيبِ بَلْ هُوَ فِي الْمُعْظَمِ إِذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَعْنَى وَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنَّمَا هُوَ إِخْفَاءُ الصَّدَقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري " ( ج2 / ص 192-200 )
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
* 1- قوله " ففاضت عينه " قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَفَيْضُ الْعَيْنِ بِحَسَبِ حَالِ الذَّاكِرِ وَبِحَسَبِ مَا يُكْشَفُ لَهُ فَفِي حَالِ أَوْصَافِ الْجَلَالِ يَكُونُ الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَفِي حَالِ أَوْصَافِ الْجَمَالِ يَكُونُ الْبُكَاءُ مِنَ الشَّوْقِ إِلَيْهِ قُلْتُ قَدْ خُصَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْأَوَّلِ فَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ الْجَوْزَقِيِّ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يُصِيبَ الْأَرْضَ مِنْ دُمُوعِهِ لَمْ يُعَذَّبْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ...
( 2 ) تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ ذِكْرُ الرِّجَالِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يَشْتَرِكُ النِّسَاءُ مَعَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ إِلَّا إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ الْعَادِلِ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى وَإِلَّا فَيُمْكِنُ دُخُولُ الْمَرْأَةِ حَيْثُ تَكُونُ ذَاتَ عِيَالٍ فَتَعْدِلُ فِيهِمْ وَتَخْرُجُ خَصْلَةُ مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْمُشَارَكَة ُ حَاصِلَةٌ لَهُنَّ حَتَّى الرَّجُلُ الَّذِي دَعَتْهُ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي امْرَأَةٍ دَعَاهَا مَلِكٌ جَمِيلٌ مَثَلًا فَامْتَنَعَتْ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ حَاجَتِهَا أَوْ شَابٌّ جَمِيلٌ دَعَاهُ مَلِكٌ إِلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ مَثَلًا فَخَشِيَ أَنْ يَرْتَكِبَ مِنْهُ الْفَاحِشَةَ فَامْتَنَعَ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ الثَّانِي اسْتَوْعَبْتُ شَرْحَ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا شَرَطْتُ لِأَنَّ أَلْيَقَ الْمَوَاضِعِ بِهِ كِتَابُ الرِّقَاقِ ...
( 3 ) فَالْمُرَادُ بِالْغُدُوِّ الذَّهَابُ وَبِالرَّوَاحِ الرُّجُوعُ وَالْأَصْلُ فِي الْغُدُوِّ الْمُضِيُّ مِنْ بُكْرَةِ النَّهَارِ وَالرَّوَاحُ بَعْدَ الزَّوَالِ ثُمَّ قَدْ يُسْتَعْمَلَانِ فِي كُلِّ ذَهَابٍ وَرُجُوعٍ تَوَسُّعًا
( 4 ) (قَوْلُهُ بَابُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسلم وَأَصْحَاب السّنَن وبن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتُلِفَ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِ الْبُخَارِيِّ لَمْ يُخَرِّجْهُ وَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ صَحِيحًا ذَكَرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ وَأَخْرَجَ فِي الْبَابِ مَا يُغْنِي عَنْهُ
( 5 ) وَقَوْلُهُ فَلَا صَلَاةَ أَيْ صَحِيحَةً أَوْ كَامِلَةً وَالتَّقْدِيرُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى نَفْيِ الْحَقِيقَةِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقْطَعِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْمُصَلِّي وَاقْتَصَرَ عَلَى الْإِنْكَارِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْكَمَالِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَيْ فَلَا تُصَلُّوا حِينَئِذٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا فِي نَحْوِ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ وَنَهَى أَنْ يُصَلِّيَا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَوَرَدَ بِصِيغَةِ النَّهْيِ
( 6 ) قَوْله يُقَال لَهُ مَالك بن بُحَيْنَةَ هَكَذَا يَقُولُ شُعْبَةُ فِي هَذَا الصَّحَابِيِّ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عَوَانَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَكَمَ الْحُفَّاظُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والإسماعيلي وبن الشَّرْقِي وَالدَّارَقُطْن ِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ وَآخَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْوَهْمِ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ بُحَيْنَةَ وَالِدَةُ عَبْدِ اللَّهِ لَا مَالِكٍ وَثَانِيهُمَا أَنَّ الصُّحْبَةَ وَالرِّوَايَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ لَا لِمَالِكٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْقِشْبِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَهُوَ لَقَبٌ وَاسْمُهُ جُنْدُبُ بن نَضْلَة بن عبد الله قَالَ بن سَعْدٍ قَدِمَ مَالِكُ بْنُ الْقِشْبِ مَكَّةَ يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَحَالَفَ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَتَزَوَّجَ بُحَيْنَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُهَا عَبْدَةُ وَبُحَيْنَةُ لَقَبٌ وَأَدْرَكَتْ بُحَيْنَةُ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَتْ وَصَحِبَتْ وَأَسْلَمَ ابْنُهَا عَبْدُ اللَّهِ قَدِيمًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مَالِكًا فِي الصَّحَابَةِ إِلَّا بَعْضٌ مِمَّنْ تَلَقَّاهُ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ مِمَّنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ وَكَذَا أَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ فَقَالَ هَذَا الِاخْتِلَافُ لَا يَضُرُّ فَأَيُّ الرَّجُلَيْنِ كَانَ فَهُوَ صَاحب وَحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ اخْتِلَافًا فِي بُحَيْنَةَ هَلْ هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ أُمُّ مَالِكٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَنْبَغِي أَن يكْتب بن بُحَيْنَةَ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَيُعْرَبَ إِعْرَابُ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا فِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ
( 7 ) لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ لَمْ يَحْصُلْ إِنْكَارٌ أَصْلًا لِأَنَّ بن بُحَيْنَةَ سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قَطْعًا ثُمَّ دَخَلَ فِي الْفَرْضِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ قَضَاءَهُمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مُتَّصِلًا بِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَى بن بُحَيْنَةَ إِنَّمَا كَانَ لِلتَّنَفُّلِ حَالَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِعُمُومِ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ
( 8 ) وَقَدْ فَهِمَ بن عُمَرَ اخْتِصَاصَ الْمَنْعِ بِمَنْ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا خَارِجًا عَنْهُ فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَحْصِبُ مَنْ يَتَنَفَّلُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ الْإِقَامَةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى مَعَ الْإِمَامِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ السُّنَّةُ فَمَنْ أَدْلَى بِهَا فَقَدْ أَفْلَحَ وَتَرْكُ التَّنَفُّلِ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَتَدَارُكُهَا بَعْدَ قَضَاءِ الْفَرْضِ أَقْرَبُ إِلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ
( 9 ) وَاسْتُدِلَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ لِمَنْ قَالَ يَقْطَعُ النَّافِلَةَ إِذَا أُقِيمَتِ الْفَرِيضَةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَخَصَّ آخَرُونَ النَّهْيَ بِمَنْ يُنْشِئُ النَّافِلَةَ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يَخْشَى فَوْتَ الْفَرِيضَةِ فِي الْجَمَاعَةِ فَيَقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا
( 10 ) وَقَالَ حَمَّاد يَعْنِي بن سَلَمَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَآخَرُونَ وَكَذَا أخرجه الطَّحَاوِيّ وبن مَنْدَهْ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِهِ وَوَهِمَ الْكِرْمَانِيُّ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ حَمَّادًا وَافَقَ شُعْبَةَ فِي قَوْلِهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ وَقَدْ وَافَقَهُمَا أَبُو عَوَانَةَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْهُ لَكِنْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ فَوَقع فِي روايتهما عَن بن بُحَيْنَةَ مُبْهَمًا وَكَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْ قُتَيْبَةَ فِي وَقْتٍ عَمْدًا لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الصَّوَابِ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ مَالِكُ بْنُ بُحَيْنَةَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
" فتح الباري " ( ج2/ ص 198- 202 )
قال ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) قَوْلُهُ بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ)
قَالَ بن التِّين تبعا لِابْنِ بطال معنى الْحَد هَا هُنَا الْحِدَّةُ وَقَدْ نَقَلَهُ الْكِسَائِيُّ وَمِثْلُهُ قَوْلُ عُمَرَ فِي أَبِي بَكْرٍ كُنْتُ أَرَى مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ أَيِ الْحِدَّةِ قَالَ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الحض على شُهُود الْجَمَاعَة قَالَ بن التِّينِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هُنَا جِدٌّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ فِي الْأَمْرِ لَكِنْ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا رَوَاهُ بِالْجِيمِ انْتَهَى وَقَدْ أَثْبَتَ بن قرقول رِوَايَة الْجِيم وَعَزاهَا للقابسى وَقَالَ بن رَشِيدٍ إِنَّمَا الْمَعْنَى مَا يُحَدُّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ مَعَهُ الْجَمَاعَةُ فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ الْحَدَّ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ شُهُودُهَا وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ خُرُوجُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ شِدَّةِ الضَّعْفِ فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ مَنْ بَلَغَ إِلَى تِلْكَ الْحَالِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ تَكَلُّفُ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَةِ إِلَّا إِذَا وَجَدَ مَنْ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِ
( 2 ) فَقَالَ مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ وَصَوَاحِبُ جَمْعُ صَاحِبَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُنَّ مِثْلُ صَوَاحِبِ يُوسُفَ فِي إِظْهَارِ خِلَافِ مَا فِي الْبَاطِنِ ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْخِطَابَ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَالْمُرَادُ بِهِ وَاحِدٌ وَهِيَ عَائِشَةُ فَقَطْ كَمَا أَنَّ صَوَاحِبَ صِيغَةُ جَمْعٍ وَالْمُرَادُ زُلَيْخَا فَقَطْ وَوَجْهُ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ أَنَّ زُلَيْخَا اسْتَدْعَتِ النِّسْوَةَ وَأَظْهَرَتْ لَهُنَّ الْإِكْرَامَ بِالضِّيَافَةِ وَمُرَادُهَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَى حُسْنِ يُوسُفَ وَيَعْذُرْنَهَا فِي مَحَبَّتِهِ وَأَنَّ عَائِشَةَ أَظْهَرَتْ أَنَّ سَبَبَ إِرَادَتِهَا صَرْفَ الْإِمَامَةِ عَنْ أَبِيهَا كَوْنُهُ لَا يُسْمِعُ الْمَأْمُومِينَ الْقِرَاءَةَ لِبُكَائِهِ وَمُرَادُهَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ وَقَدْ صَرَّحَتْ هِيَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَقَدْ رَاجَعْتُهُ وَمَا حَمَلَنِي عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِي أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا
( 3 ) وَبِهَذَا التَّقْرِيرُ يَنْدَفِعُ إِشْكَالُ مَنْ قَالَ إِنَّ صَوَاحِبَ يُوسُفَ لَمْ يَقَعْ مِنْهُنَّ إِظْهَارٌ يُخَالِفُ مَا فِي الْبَاطِنِ وَوَقع فِي مُرْسل الْحسن عِنْد بن أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ تُكَلِّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ عَنْهُ فَأَرَادَتِ التَّوَصُّلَ إِلَى ذَلِكَ بِكُلِّ طَرِيقٍ فَلَمْ يَتِمَّ وَوَقَعَ فِي أمالى بن عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ النِّسْوَةَ أَتَيْنَ امْرَأَةَ الْعَزِيزِ يُظْهِرْنَ تَعْنِيفَهَا وَمَقْصُودُهُنّ َ فِي الْبَاطِنِ أَنْ يَدْعُونَ يُوسُفَ إِلَى أَنْفُسِهِنَّ كَذَا قَالَ وَلَيْسَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ مَا يُسَاعِدُ مَا قَالَ فَائِدَةٌ زَادَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الَّذِي أَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ تُشِيرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَأْمُرَ عُمَرَ بِالصَّلَاةِ أَخْرَجَهُ الدَّوْرَقِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَزَادَ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا وَمِثْلُهُ لِلْإِسْمَاعِيل ِيِّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَإِنَّمَا قَالَتْ حَفْصَةُ ذَلِك لِأَن كَلَامهَا صَادف الْمرة الثَّالِثَة من الْمُعَاوَدَةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُرَاجَعُ بَعْدَ ثَلَاثٍ
( 4 ) قَوْلُهُ فَوَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ حَذْفٌ كَمَا تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ وَأَوْضَحُ مِنْهُ رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً وَعَلَى هَذَا لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ الْعِشَاءُ
( 5 ) قَوْلُهُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْ حَدِيثَيِ الْبَابِ أَنَّهُمَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ الْمَذْكُورَةِ وَجَدَ خِفَّةً مِنْ نَفْسِهِ فَخَرَجَ بَيْنَ بَرِيرَةَ وَنُوبَةَ وَيُجْمَعُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَيْنَ هَذَيْنِ وَمِنْ ثَمَّ إِلَى مَقَامِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّدِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِي ِّ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَالْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَأَمَّا مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ فَذَاكَ فِي حَالِ مَجِيئِهِ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ
( 6 ) تَنْبِيهٌ نُوبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَبِالْمُوَحَّد َةِ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي النِّسَاءِ الصَّحَابِيَّات ِ فَوَهِمَ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدٌ أَسْوَدُ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ سَيْفٍ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَالِمِ بن عبيد فِي صَحِيح بن خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ خَرَجَ بَيْنَ بَرِيرَةَ وَرَجُلٍ آخَرَ
( 7 ) وَأَغْرَبَ الْقُرْطُبِيُّ شَارِحُ مُسْلِمٍ لَمَّا حَكَى الْخِلَافُ هَلْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا فَقَالَ لَمْ يَقَعْ فِي الصَّحِيحِ بَيَانُ جُلُوسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ انْتَهَى
( 8 ) رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ بِسَنَدِهِ هَذَا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فىالصف وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُقَدَّمُ وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بكر أخرجه بن الْمُنْذِرِ وَهَذَا عَكْسُ رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى وَهُوَ اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ عَنْهَا أَيْضا اخْتِلَاف فَأخْرجهُ بن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ عَنْ شَقِيقٍ عَنْهُ بِلَفْظِ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ شَقِيقٍ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تُشَاهِدِ الْهَيْئَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَكِنْ تَضَافَرَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهَا بِالْجَزْمِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ هُوَ الْإِمَامُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ
( 9 ) وَخَالَفَهُ شُعْبَةُ أَيْضًا فَرَوَاهُ عَنْ مُوسَى بِلَفْظِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفِّ خَلْفَهُ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ سَلَكَ التَّرْجِيحَ فَقَدَّمَ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مَأْمُومًا لِلْجَزْمِ بِهَا وَلِأَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ أَحْفَظُ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ عَكْسَ ذَلِكَ وَرَجَّحَ أَنَّهُ كَانَ إِمَامًا وَتَمَسَّكَ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي بَابِ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ حَيْثُ قَالَ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ الْجَمْعَ فَحَمَلَ الْقِصَّةَ عَلَى التَّعَدُّدِ وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَيُؤَيِّدُهُ اخْتِلَافُ النَّقْلِ عَنِ الصَّحَابَةِ غَيْرِ عَائِشَةَ فَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مَأْمُومًا
( 10 ) قَوْلُهُ قَالَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ من رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لَا تَطِيبُ نَفْسًا لَهُ بِخَيْرٍ وَلِابْنِ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَكِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَذْكُرَهُ بِخَيْرٍ وَلَمْ يَقِفِ الْكِرْمَانِيُّ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِعِبَارَةٍ شَنِيعَةٍ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ تَنَطَّعَ فَقَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ ذَلِكَ بِعَائِشَةَ وَرَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا أَبْهَمَتِ الثَّانِيَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي جَمِيعِ الْمَسَافَةِ إِذْ كَانَ تَارَةً يَتَوَكَّأُ عَلَى الْفَضْلِ وَتَارَةً عَلَى أُسَامَةَ وَتَارَةً عَلَى عَلِيٍّ وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْآخَرُ هُوَ الْعَبَّاسُ وَاخْتُصَّ بِذَلِكَ إِكْرَامًا لَهُ وَهَذَا تَوَهُّمٌ مِمَّنْ قَالَهُ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ لِأَنَّ بن عَبَّاسٍ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ جَازِمٌ بِأَنَّ الْمُبْهَمَ عَلِيٌّ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَدَعْوَى وُجُودِ الْعَبَّاسِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَالَّذِي يَتَبَدَّلُ غَيْرُهُ مَرْدُودَةٌ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ عَاصِمٍ الَّتِي قَدَّمْتُ الْإِشَارَةَ إِلَيْهَا وَغَيْرُهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعَبَّاسَ لَمْ يَكُنْ فِي مَرَّةٍ وَلَا فِي مَرَّتَيْنِ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
" فتح الباري " ( ج2 / ص 207 -212 )
قال ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) قَوْلُهُ بَابُ إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ حُذِفَ جَوَابُ الشَّرْطِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِشْعَارًا بِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالْحُكْمِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ انْتَهَى
( 2 ) وقد أَشَارَ بِالْأَثَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْن ِ فِي التَّرْجَمَةِ إِلَى مَنْزَعِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فَإِن بن عُمَرَ حَمَلَهُ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَأَشَارَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى تَقْيِيدِهِ بِمَا إِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَشْغُولًا بِالْأَكْلِ وَأثر بن عُمَرَ مَذْكُورٌ فِي الْبَابِ بِمَعْنَاهُ وَأَثَرُ أَبِي الدَّرْدَاء وَصله بن الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ
( 3 ) قَوْله حَدثنَا يحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَيْضًا لَكِنَّ لَفْظَهُ إِذَا حَضَرَ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ إِذَا حَضَرَ وَقَالَ بَعْدَهُ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَوُهَيْبٌ عَنْ هُشَيْمٍ إِذَا وَضَعَ انْتَهَى وَرِوَايَةُ وُهَيْبٍ وَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِ يُّ وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة بن نُمَيْرٍ وَحَفْصٍ وَوَكِيعٍ بِلَفْظِ إِذَا حَضَرَ وَوَافَقَ كلا جمَاعَة مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ هِشَامٍ لَكِنَّ الَّذِينَ رَوَوْهُ بِلَفْظِ إِذَا وَضَعَ كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ أَكْثَرُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ أَنَّ الْحُضُورَ أَعَمُّ مِنَ الْوَضْعِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ حَضَرَ أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ لِتَأْتَلِفَ الرِّوَايَاتُ لِاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ الْآتِي بَعْدَهُ بِلَفْظِ إِذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ وَلِمُسْلِمٍ إِذَا قُرِّبَ الْعَشَاءُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُنَاطُ الْحُكْمُ بِمَا إِذَا حَضَرَ الْعِشَاءُ لَكِنَّهُ لَمْ يُقَرَّبْ لِلْأَكْلِ كَمَا لَوْ لَمْ يُقَرَّبْ
( 5 ) قَوْلُهُ وأقيمت الصَّلَاة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ وَلَا عَلَى تَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْمغرب لقَوْله فابدؤوا بِالْعَشَاءِ وَيَتَرَجَّحُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَغْرِبِ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فابدؤوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَالْحَدِيثُ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأَحَدُكُمْ صَائِمٌ انْتَهَى
( 6 ) قَوْله فابدؤوا بِالْعَشَاءِ حَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِمَنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى الْأَكْلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَزَادَ الْغَزَالِيُّ مَا إِذَا خَشِيَ فَسَادَ الْمَأْكُولِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَعَلِيهِ يدل فعل بن عمر الْآتِي وأفرط بن حَزْمٍ فَقَالَ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَمِنْهُمْ مَنِ اخْتَارَ الْبُدَاءَةَ بِالصَّلَاةِ إِلَّا إِنْ كَانَ الطَّعَامُ خَفِيفًا نَقله بن الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ تَفْصِيلٌ قَالُوا يُبْدَأُ بِالصَّلَاةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقَ النَّفْسِ بِالْأَكْلِ أَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ لَكِنْ لَا يُعَجِّلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ فَإِنْ كَانَ يُعَجِّلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ بَدَأَ بِالطَّعَامِ وَاسْتُحِبَّتْ لَهُ الْإِعَادَةُ
( 7 ) وَرَوَاهُ بن حبَان من طَرِيق بن جريج عَن نَافِع أَن بن عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ أَحْيَانًا يَلْقَاهُ وَهُوَ صَائِمٌ فَيُقَدَّمُ لَهُ عَشَاؤُهُ وَقَدْ نُودِيَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ تُقَامُ وَهُوَ يَسْمَعُ فَلَا يَتْرُكُ عَشَاءَهُ وَلَا يَعْجَلْ حَتَّى يَقْضِيَ عَشَاءَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي انْتَهَى وَهَذَا أَصْرَحُ مَا وَرَدَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ
( 8 ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يُرِيدُ أَكْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ كَمَالِ الْخُشُوعِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَهَذَا إِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ فَإِنْ ضَاقَ صَلَّى عَلَى حَالِهِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ وَحَكَى الْمُتَوَلِّي وَجْهًا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَكْلِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الْخُشُوعُ فَلَا يَفُوتُهُ انْتَهَى
( 9 ) وَحَكَى الْمُتَوَلِّي وَجْهًا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَكْلِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الْخُشُوعُ فَلَا يَفُوتُهُ انْتَهَى وَهَذَا إِنَّمَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُوجِبُ الْخُشُوعَ ثُمَّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَفْسَدَتَيْ نِ إِذَا تَعَارَضَتَا اقْتَصَرَ عَلَى أَخَفِّهِمَا وَخُرُوجُ الْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْ تَرْكِ الْخُشُوعِ بِدَلِيلِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالْغَرِيقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِذَا صَلَّى لِمُحَافَظَةِ الْوَقْتِ صَحَّتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَتُسْتَحَبُّ الْإِعَادَة عِنْد الْجُمْهُور
( 10 ) وَادّعى بن حَزْمٍ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةً عَلَى امْتِدَادِ الْوَقْتِ فِي حَقِّ مَنْ وُضِعَ لَهُ الطَّعَامُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ الْمَحْدُودُ وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي حَقِّ النَّائِمِ وَالنَّاسِي وَاسْتَدَلَّ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَاعْتَرَضَهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ التَّوْسِعَةُ إِلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ التَّوْسِعَةِ فَمُسَلَّمٌ وَلَكِنْ لَيْسَ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فَإِنَّ بَعْضَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ضِيقِ وَقْتِهَا جَعَلَهُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِقْدَارُ مَا يَتَنَاوَلُ لُقَيْمَاتٍ يَكْسِرُ بِهَا سُورَةَ الْجُوعِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى أَنَّ شُهُودَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالْأَكْلِ وَإِنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ بَعْضَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْوُجُوبِ كَابْنِ حِبَّانَ جَعَلَ حُضُورَ الطَّعَامِ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ حِينَئِذٍ عَلَى إِسْقَاطِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ فَضِيلَةِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَة ِ بِقَوْلِهِ فابدؤوا عَلَى تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِمَنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْأَكْلِ وَأَمَّا مَنْ شَرَعَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا يَتَمَادَى بَلْ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ النَّوَوِيّ وصنيع بن عُمَرَ يُبْطِلُ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَابُ
( 11 ) وروى سعيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وبن عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَأْكُلَانِ طَعَامًا وَفِي التَّنُّورِ شِوَاءٌ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ لَهُ بن عَبَّاسٍ لَا تَعْجَلْ لِئَلَّا نَقُومَ وَفِي أَنْفُسِنَا مِنْهُ شَيْء وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ لِئَلَّا يَعْرِضَ لَنَا فِي صَلَاتِنَا وَله عَن الْحسن بن عَلِيٍّ قَالَ الْعَشَاءُ قَبْلَ الصَّلَاةِ يُذْهِبُ النَّفْسَ اللَّوَّامَةَ وَفِي هَذَا كُلِّهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ تَشَوُّفُ النَّفْسِ إِلَى الطَّعَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُدَارَ الْحُكْمُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَلَا يَتَقَيَّدُ بِكُلٍّ وَلَا بَعْضٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الصَّائِمُ فَلَا تُكْرَهُ صَلَاتُهُ
( 12 ) فَائِدَتَانِ الْأُولَى قَالَ بن الْجَوْزِيِّ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ حَقِّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ صِيَانَةٌ لِحَقِّ الْحَقِّ لِيَدْخُلَ الْخَلْقُ فِي عِبَادَتِهِ بِقُلُوبٍ مُقْبِلَةٍ ثُمَّ إِنَّ طَعَامَ الْقَوْمِ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يَقْطَعُ عَنْ لِحَاقِ الْجَمَاعَةِ غَالِبًا الثَّانِيَةُ مَا يَقَعُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَالْعشَاء فابدؤوا بِالْعَشَاءِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ بِهَذَا اللَّفْظِ كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِشَيْخِنَا أَبِي الْفَضْلِ لَكِنْ رَأَيْتُ بِخَطِّ الْحَافِظِ قُطْبِ الدّين أَن بن أبي شيبَة أخرج عَن إِسْمَاعِيل وَهُوَ بن علية عَن بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَحَضَرت الْعشَاء فابدؤوا بِالْعَشَاءِ فَإِنْ كَانَ ضَبَطَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِلَفْظِ وَحَضَرت الصَّلَاة ثمَّ راجعت مُصَنف بن أَبِي شَيْبَةَ فَرَأَيْتُ الْحَدِيثَ فِيهِ كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمد وَالله أعلم
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
" فتح الباري " ( ج2 / ص 210- 216 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) قَوْلُهُ بَابُ إِذَا دُعِيَ الْإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)
قِيلَ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ وَقَدْ قَدَّمْنَا قَوْلَ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ مَا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَكْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَانَ يَرَى التَّفْصِيلَ وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى تَخْصِيصَهُ بِهِ
( 2 ) وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِالْعَزِيمَةِ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى الطَّعَامِ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالرُّخْصَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى مُدَافَعَةِ الشَّهْوَةِ قُوَّتُهُ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ انْتَهَى
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري " ( ج2 / ص 210- 216 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) قَوْلُهُ بَابُ إِذَا دُعِيَ الْإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)
قِيلَ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ وَقَدْ قَدَّمْنَا قَوْلَ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ مَا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَكْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَانَ يَرَى التَّفْصِيلَ وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى تَخْصِيصَهُ بِهِ
( 2 ) وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِالْعَزِيمَةِ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى الطَّعَامِ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالرُّخْصَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى مُدَافَعَةِ الشَّهْوَةِ قُوَّتُهُ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ انْتَهَى
( 3 ) قَوْلُهُ فِي مَهْنَةِ أَهْلِهِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْهَاءِ فِيهِمَا وَقَدْ فَسَّرَهَا فِي الْحَدِيثِ بِالْخِدْمَةِ وَهِيَ مِنْ تَفْسِيرِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ شَيْخِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي الْأَدَبِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ وَفِي النَّفَقَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَغُنْدَرٍ وَالْإِسْمَاعِي لِيِّ من طَرِيق بن مَهْدِيٍّ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بِدُونِهَا
( 4 ) وَفِي الصِّحَاحِ الْمَهْنَةُ بِالْفَتْحِ الْخِدْمَةُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ لَكِنْ فَسَّرَهَا صَاحِبُ الْمُحْكَمِ بِأَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْمَهْنَةُ الْحِذْقُ بِالْخِدْمَةِ وَالْعَمَلُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ فِي مَهْنَةِ بَيْتِ أَهْلِهِ وَهِيَ مُوَجَّهَةٌ مَعَ شُذُوذِهَا
( 5 ) وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ التَّشْمِيرُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثِّيَابِ لِلتَّنْزِيهِ لِكَوْنِهَا لَمْ تَذْكُرْ أَنَّهُ أَزَاحَ عَنْ نَفْسِهِ هَيْئَةَ الْمَهْنَةِ كَذَا ذكره بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ
( 6 ) تَنْبِيهٌ أَخْرَجَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَ مُسلم من حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة "
( ج2 / ص 213-216 ) - فتح الباري " :
قال ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَعْلَمَ وَالْأَفْضَلَ أَحَقُّ مِنَ الْعَالِمِ وَالْفَاضِلِ وَذِكْرُ الْفَضْلِ بَعْدَ الْعِلْمِ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ
( 2 ) قَوْلُهُ وَقَالَ عُقَيْلٌ وَمَعْمَرٌ إِلَخْ قَالَ الْكرْمَانِي الْفرق بَين رِوَايَة الزبيدِيّ وبن أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى وَبَيْنَ رِوَايَةِ عُقَيْلٍ وَمَعْمَرٍ أَنَّ الْأُولَى مُتَابَعَةٌ وَالثَّانِيَةُ مُقَاوَلَةٌ اه وَمُرَادُهُ بِالْمَقَاوَلَة ِ الْإِتْيَانُ فِيهَا بِصِيغَةِ قَالَ وَلَيْسَ فِي اصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ صِيغَةُ مُقَاوَلَةٍ وَإِنَّمَا السِّرُّ فِي تَرْكِهِ عَطْفُ رِوَايَةِ عُقَيْلٍ وَمَعْمَرٍ على رِوَايَة يُونُس وَمن تَابَعَهُ أَنَّهُمَا أَرْسَلَا الْحَدِيثَ وَأُولَئِكَ وَصَلُوهُ أَيْ أَنَّهُمَا خَالَفَا يُونُسَ وَمَنْ تَابَعَهُ فَأَرْسَلَا الْحَدِيثَ فَأَمَّا رِوَايَةُ عُقَيْلٍ فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ وَأما معمر فَاخْتلف عَلَيْهِ فَرَوَاهُ عبد الله بن الْمُبَارك عَنهُ مُرْسلا كَذَلِك أخرجه بن سَعْدٍ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِهِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ مَوْصُولًا
" باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته "
( 1 ) قَوْلُهُ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرو بن عَوْف أَي بن مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ وَالْأَوْسُ أَحَدُ قَبِيلَتَيِ الْأَنْصَارِ وَهُمَا الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بَطْنٌ كَبِيرٌ مِنَ الْأَوْسِ فِيهِ عِدَّةُ أَحْيَاءٍ كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ بِقُبَاءٍ مِنْهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَبَنُو ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ وَبَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَالسَّبَبُ فِي ذَهَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ مَا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْمَذْكُورَةِ قَالَ وَقَعَ بَيْنَ حَيَّيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَلَامٌ وَلِلْمُؤَلِّفِ فِي الصُّلْحِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ
( 2 ) وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ فَقَالَ لِبِلَالٍ إِنْ حَضَرَتِ الْعَصْرُ وَلَمْ آتِكَ فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ ثُمَّ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ وَنَحْوُهُ لِلطَّبَرَانِيّ ِ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ
( 3 ) قَوْلُهُ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ أَيْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَلَفْظُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورُ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ وَفِي رِوَايَةِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فَاسْتَفْتَحَ أَبُو بَكْرٍ الصَّلَاةَ وَهِيَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ حَيْثُ امْتَنَعَ أَبُو بَكْرٍ هُنَا أَنْ يَسْتَمِرَّ إِمَامًا وَحَيْثُ اسْتَمَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى خَلْفَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الصُّبْحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي فَكَأَنَّهُ لَمَّا أَنْ مَضَى مُعْظَمُ الصَّلَاةِ حَسُنَ الِاسْتِمْرَارُ وَلَمَّا أَنْ لَمْ يَمْضِ مِنْهَا إِلَّا الْيَسِيرُ لَمْ يَسْتَمِرَّ
( 4 ) وَكَذَا وَقَعَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَيْثُ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ اسْتَمَرَّ فِي صَلَاتِهِ إِمَامًا لِهَذَا الْمَعْنَى وَقِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ
( 5 ) قَوْلُهُ فَصَفَّقَ النَّاسُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيحِ قَالَ سَهْلٌ أَتَدْرُونَ مَا التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ انْتَهَى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَرَادُفِهِمَا عِنْدَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ
( 6 ) قَوْلُهُ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْحَمْدِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ شُكْرًا لله وَرجع الْقَهْقَرِي وَادّعى بن الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ أَشَارَ بِالشُّكْرِ وَالْحَمْدِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ تَلَفَّظَ وَيُقَوِّي ذَلِكَ مَا عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ يَا أَبَا بَكْرٍ لِمَ رَفَعْتَ يَدَيْكَ وَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ قَالَ رَفَعْتُ يَدَيَّ لِأَنِّي حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَيْتُ مِنْكَ زَادَ الْمَسْعُودِيُّ فَلَمَّا تَنَحَّى تَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَوْلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْحَمَّادَيْنِ وَالْمَاجِشُونِ أَنْ يَؤُمَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِنْكَارَ إِنَّمَا حَصَلَ عَلَيْهِمْ لِكَثْرَتِهِ لَا لِمُطْلَقِهِ
|( 7 ) وَفِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ بِإِمَامَيْنِ أَحَدُهمَا بَعْدَ الْآخَرِ وَأَنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ إِذَا غَابَ يَسْتَخْلِفُ غَيْرَهُ وَأَنَّهُ إِذَا حَضَرَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ نَائِبُهُ فِي الصَّلَاةِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ أَوْ يَؤُمَّ هُوَ وَيَصِيرُ النَّائِبُ مَأْمُومًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَلَا يُبْطِلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ صَلَاة أحد من الْمَأْمُومين وَادّعى بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُوقِضَ بِأَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عِنْد الشَّافِعِيَّة الْجَوَاز وَعَن بن الْقَاسِمِ فِي الْإِمَامِ يُحَدِّثُ فَيَسْتَخْلِفُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَخْرُجُ الْمُسْتَخْلِفُ وَيُتِمُّ الْأَوَّلُ أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)
( 1 ) في هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَع فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ مُنْتَزَعَةٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ مَرْفُوعًا يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا الْحَدِيثَ وَمَدَارُهُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ عَنْهُ وَلَيْسَا جَمِيعًا من شَرط البُخَارِيّ وَقد نقل بن أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ شُعْبَةَ كَانَ يَتَوَقَّفُ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَكِنْ هُوَ فِي الْجُمْلَةِ يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ عَلَّقَ مِنْهُ طَرَفًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ
(2 ) تَنْبِيهٌ ضَمْعَجٌ وَالِدُ أَوْسٍ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا جِيمٌ مَعْنَاهُ الْغَلِيظُ
( 3 ) وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ أَقْرَؤُهُمْ قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَفْقَهُ وَقِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَبِحَسَبِ ذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا الْأَفْقَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَقْرَأِ فَإِنَّ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَضْبُوطٌ وَالَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْفِقْهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فَقَدْ يَعْرِضُ فِي الصَّلَاةِ أَمْرٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاةِ الصَّلَاةِ فِيهِ إِلَّا كَامِلُ الْفِقْهِ وَلِهَذَا قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْبَاقِينَ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَقْرَأُ مِنْهُ كَأَنَّهُ عَنَى حَدِيثَ أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ قَالَ وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْأَقْرَأَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ هُوَ الْأَفْقَهُ قُلْتُ وَهَذَا الْجَوَابُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ نَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهُ أَقْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ كَانَ أَفْقَهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ فَيَفْسُدُ الِاحْتِجَاجُ بِأَنَّ تَقْدِيمَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ لِأَنَّهُ الْأَفْقَهُ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ فِي الْهِجْرَةِ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ مُطْلَقًا انْتَهَى
( 4 ) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْحِرْصِ عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ حَظٌّ وَافَقَ حَقًّا
( 5 ) قَوْلُهُ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ ظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَكْبَرِ بِكَثِيرِ السِّنِّ وَقَلِيلِهِ وَأَمَّا مَنْ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْكِبَرِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ السِّنِّ أَوِ الْقَدْرِ كَالتَّقَدُّمِ فِي الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالدِّينِ فَبَعِيدٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فَهْمِ رَاوِي الْخَبَرِ حَيْثُ قَالَ لِلتَّابِعِيِّ فَأَيْنَ الْقِرَاءَةُ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ كِبَرَ السِّنِّ وَكَذَا دَعْوَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْأَكْبَرِ عَلَى الْأَقْرَأِ وَالثَّانِي عَكْسُهُ ثُمَّ انْفَصَلَ عَنْهُ بِأَنَّ قِصَّةَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَاقِعَةُ عَيْنٍ قَابِلَةٌ لِلِاحْتِمَالِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ تَقْرِيرُ قَاعِدَةٍ تُفِيدُ التَّعْمِيمَ قَالَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَكْبَرُ مِنْهُمْ كَانَ يَوْمَئِذٍ هُوَ الأفقه
( 6 ) (قَوْلُهُ بَابُ إِذَا زَارَ الْإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)
قِيلَ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ُ وَحَسَّنَهُ مَرْفُوعًا مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ عَدَا الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مُرَادُهُ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُ إِذَا حَضَرَ بِمَكَانٍ مَمْلُوكٍ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ مَالِكُ الدَّارِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ حَقِّ الْإِمَامِ فِي التَّقَدُّمِ وَحَقِّ الْمَالِكِ فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانُهُ وَلَا يجلس على تكرمته إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنَّ مَالِكَ الشَّيْءِ سُلْطَانٌ عَلَيْهِ وَالْإِمَامُ الْأَعْظَمُ سُلْطَانٌ عَلَى الْمَالِكِ وَقَوْلُهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يحْتَمل عَوْدُهُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ الْإِمَامَةِ وَالْجُلُوسِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَحْمَدُ كَمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ فَتَحْصُلُ بِالْإِذْنِ مُرَاعَاةُ الْجَانِبَيْنِ
( 7 ) قَوْلُهُ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ أَنَّ الْإِغْمَاءَ جَائِزٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالنَّوْمِ قَالَ النَّوَوِيُّ جَازَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ مَرَضٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَلَمْ يَجُزْ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ نَقْصٌ
( 8 ) وَقَدْ كَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْمِعُ الْآيَةَ أَحْيَانًا فِي الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ
( 9 ) وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ بِالنَّاسِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ هَذِهِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا قَاعِدًا وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا أَوَّلًا إِمَامًا ثُمَّ صَارَ مَأْمُومًا يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ
( 10 ) وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ اسْتِخْلَافَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ إِذَا اشْتَكَى أَوْلَى مِنْ صَلَاتِهِ بِهِمْ قَاعِدًا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ وَلَمْ يُصَلِّ بِهِمْ قَاعِدًا غَيْرَ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الْقَاعِدِ الْمَعْذُورِ بِمِثْلِهِ وَبِالْقَائِمِ أَيْضًا وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ مَرْفُوعًا لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا وَاعْتَرَضَهُ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ قَدْ عَلِمَ مَنِ احْتَجَّ بِهَذَا أَنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَمِنْ رِوَايَةِ رَجُلٍ يَرْغَبُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ يَعْنِي جَابِرًا الْجُعْفِيَّ وَقَالَ بن بَزِيزَةَ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَنْعَ الصَّلَاةَ بِالْجَالِسِ أَيْ يُعْرَبُ
( 11 ) لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْقَاعِدِ بِالْقَائِمِ مَرْجُوحَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَلَاةِ الْقَائِمِ بِمِثْلِهِ وَهَذَا كَافٍ فِي بَيَانِ سَبَبِ تَرْكِهِمُ الْإِمَامَةَ مِنْ قُعُودٍ وَاحْتُجَّ أَيْضًا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّقَدُّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِنَهْيِ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْأَئِمَّةَ شُفَعَاءُ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ شَافِعًا لَهُ وَتُعُقِّبَ بِصَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ ثَابِتٌ بِلَا خِلَافٍ وَصَحَّ أَيْضًا أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْعَجَبُ أَنَّ عُمْدَةَ مَالِكٍ فِي مَنْعِ إِمَامَةِ الْقَاعِدِ قَوْلُ رَبِيعَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ مَأْمُومًا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَإِنْكَارُهُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَكَيْفَ يَدَّعِي أَصْحَابُهُ عَدَمَ تَصْوِيرِ أَنَّهُ صَلَّى مَأْمُومًا وَكَأَنَّ حَدِيثَ إِمَامَتِهِ الْمَذْكُورَ لَمَّا كَانَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ رَدُّهُ سَلَكُوا فِي الِانْتِصَارِ وُجُوهًا مُخْتَلِفَةً وَقَدْ تَبَيَّنَ بِصَلَاتِهِ خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَنْعِ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي غَيْرِ الْإِمَامَةِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الْأَئِمَّةِ شُفَعَاءَ أَيْ فِي حَقِّ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى الشَّفَاعَةِ ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّهُ أَحَدٌ لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْعِ إِمَامَةِ الْقَاعِدِ وَقَدْ أَمَّ قَاعِدًا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَجَابِرٌ وَقَيْسُ بْنُ قَهْدٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَالْأَسَانِيدُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ صَحِيحَةٌ أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وبن أبي شيبَة وَغَيرهم بل ادّعى بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الْقَاعِدِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ لَا جَوَابَ لِأَصْحَابِنَا عَنْ حَدِيثِ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْلُصُ عِنْدَ السَّبْكِ وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَوْلَى وَالتَّخْصِيصُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( 12 ) فَنَقْصُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَنِ الْقَائِمِ لَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ وَيُتَصَوَّرُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ رَدُّهُ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ النَّقْصَ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْقَادِرِ فِي النَّافِلَةِ وَأَمَّا الْمَعْذُورُ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا نَقْصَ فِي صَلَاتِهِ عَنِ الْقَائِمِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى نَسْخِ الْأَمْرِ بِصَلَاةِ الْمَأْمُومِ قَاعِدًا إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ قَاعِدًا لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ الصَّحَابَةَ عَلَى الْقِيَامِ خَلْفَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ هَكَذَا قَرَّرَهُ الشَّافِعِيُّ وَكَذَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْبَابِ عَنْ شَيْخِهِ الْحُمَيْدِيِّ وَهُوَ تِلْمِيذُ الشَّافِعِيِّ وَبِذَلِكَ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَحَكَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ نَسْخَ الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ وَجَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِتَنْزِيلِهِمَ ا عَلَى حَالَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا إِذَا ابْتَدَأَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ الصَّلَاةَ قَاعِدًا لِمَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ فَحِينَئِذٍ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ قُعُودًا ثَانِيَتُهُمَا إِذَا ابْتَدَأَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ قَائِمًا لَزِمَ الْمَأْمُومِينَ أَنْ يُصَلُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا سَوَاءٌ طَرَأَ مَا يَقْتَضِي صَلَاةَ إِمَامِهِمْ قَاعِدًا أَمْ لَا كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي مَرَضِ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ تَقْرِيرَهُ لَهُمْ عَلَى الْقِيَامِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمُ الْجُلُوسُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ بِهِمْ قَائِمًا وَصَلَّوْا مَعَهُ قِيَامًا بِخِلَافِ الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ جَالِسًا فَلَمَّا صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَيُقَوِّي هَذَا الْجَمْعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّسْخِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَسْتَلْزِمُ دَعْوَى النَّسْخِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي حُكْمِ الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَقَدْ نُسِخَ إِلَى الْقُعُودِ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى إِمَامُهُ قَاعِدًا فَدَعْوَى نَسْخِ الْقُعُودِ بَعْدَ ذَلِكَ تَقْتَضِي وُقُوعَ النَّسْخِ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَأَبْعَدُ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ نَقْلِ عِيَاضٍ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي وُقُوعَ النَّسْخِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ أَحْمَدَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّة كَابْن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذر وبن حِبَّانَ
( 13 ) فَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْهَاءِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ إِمَامًا لَهُمُ اشْتَكَى لَهُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَكَانَ يَؤُمُّنَا وَهُوَ جَالِسٌ وَنحن جُلُوس وروى بن الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فَاشْتَكَى فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ شَكْوَاهُ فَأَمَرُوهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَلِّيَ قَائِمًا فَاقْعُدُوا فَصَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا وَهُمْ قُعُودٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ إِمَامَنَا مَرِيضٌ قَالَ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قعُودا وَفِي إِسْنَاده انْقِطَاع وروى بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ اشْتَكَى فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا وَصَلَّوْا مَعَهُ جُلُوسًا وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَفْتَى بذلك وَإِسْنَاده صَحِيح أَيْضا وَقد ألزم بن الْمُنْذِرِ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الصَّحَابِيَّ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ مَا رَوَيَ بِأَنْ يَقُولَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَجَابِرًا رَوَيَا الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ وَاسْتَمَرَّا عَلَى الْعَمَلِ بِهِ وَالْفُتْيَا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ مَنْ قَالَ إِنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا رَوَى وَعَمِلَ بِخِلَافِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا عَمِلَ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى
( 14 ) وَقَدِ ادّعى بن حِبَّانَ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ السكوتى لِأَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ وَقَالَ إِنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرِهِمُ الْقَوْلَ بِخِلَافِهِ لَا مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ وَكَذَا قَالَ بن حَزْمٍ إِنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافَ ذَلِكَ
( 15 ) نَازَعَ فِي ثُبُوتِ كَوْنِ الصَّحَابَةِ صَلَّوْا خَلْفَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَاعِدٌ قِيَامًا غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ قَالَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ صَرِيحًا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ بِمَا لَا طَائِلَ فِيهِ وَالَّذِي ادَّعَى نَفْيَهُ قَدْ أَثْبَتَهُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ إِنَّهُ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ ثُمَّ وَجَدْتُهُ مُصَرَّحًا بِهِ أَيْضًا فِي مُصَنَّفِ عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَفْظُهُ فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ وَرَاءَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَصَلَّى النَّاسُ وَرَاءَهُ قِيَامًا وَهَذَا مُرْسَلٌ يَعْتَضِدُ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي عَلَّقَهَا الشَّافِعِيُّ عَنِ النَّخَعِيِّ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النّظر فَإِنَّهُم ابتدؤا الصَّلَاةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ قِيَامًا بِلَا نِزَاعٍ فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُمْ قَعَدُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْبَيَان ثمَّ رَأَيْت بن حِبَّانَ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ قَعَدُوا بَعْدَ أَنْ كَانُوا قِيَامًا بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ إِنْ كِدْتُمْ لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ فَلَا تَفْعَلُوا الْحَدِيثَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ لَكِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ سَقَطَ عَنِ الْفَرَسِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا قَالَ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا بِالْمَدِينَةِ فَصَرَعَهُ عَلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ الْحَدِيثُ أخرجه أَبُو دَاوُد وبن خُزَيْمَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَلَا حُجَّةَ عَلَى هَذَا لِمَا ادَّعَاهُ إِلَّا أَنَّهُ تَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ وَقَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَنَّ صَلَاتَهُ فِي مَرَضِهِ الْأَوَّلِ كَانَتْ فِي مَشْرَبَةِ عَائِشَةَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى مَنْ يُسْمِعُهُمْ تَكْبِيرَهُ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ بِجَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَاحْتَاجَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُسْمِعَهُمُ التَّكْبِيرَ انْتَهَى
( 16 ) الْخَبَرُ الصَّرِيحُ بِأَنَّهُمْ صَلَّوْا قِيَامًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي مُرْسَلِ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ بَلْ فِي مُرْسَلِ عَطَاءٍ أَنَّهُمُ اسْتَمَرُّوا قِيَامًا إِلَى أَنِ انْقَضَتِ الصَّلَاةُ نَعَمْ وَقَعَ فِي مُرْسَلِ عَطَاءٍ الْمَذْكُورِ مُتَّصِلًا بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَصَلَّى النَّاسُ وَرَاءَهُ قِيَامًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا صَلَّيْتُمْ إِلَّا قُعُودًا فَصَلُّوا صَلَاةَ إِمَامِكُمْ مَا كَانَ إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا وَهَذِه الزِّيَادَة تقوى مَا قَالَ بن حِبَّانَ إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهَا نَسْخُ الْأَمْرِ بِوُجُوبِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِينَ قُعُودًا إِذَا صَلَّى إِمَامُهُمْ قَاعِدًا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهُمْ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِعَادَةِ لَكِنْ إِذَا نُسِخَ الْوُجُوبُ يَبْقَى الْجَوَازُ وَالْجَوَازُ لَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ فَيُحْمَلُ أَمْرُهُ الْأَخِيرُ بِأَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ رُفِعَ بِتَقْرِيرِهِ لَهُمْ وَتَرْكِ أَمْرِهِمْ بِالْإِعَادَةِ هَذَا مُقْتَضَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( 17 ) قَوْلُهُ وَهُوَ شَاكٍ بِتَخْفِيفِ الْكَافِ بِوَزْنِ قَاضٍ مِنَ الشِّكَايَةِ وَهِيَ الْمَرَضُ وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ بعده أَنه سَقَطَ عَنْ فَرَسٍ قَوْلُهُ فَصَلَّى جَالِسًا قَالَ عِيَاضٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَصَابَهُ مِنَ السَّقْطَةِ رض فِي الْأَعْضَاء مَنعه من الْقيام قلت وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَتْ قَدَمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم انفكت كَمَا فِي رِوَايَة بشر بن الْمفضل عَن حميد عَن أنس عِنْد الْإِسْمَاعِيلِ يّ وَكَذَا لأبي دَاوُد وبن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ
( 18 ) وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ جُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ جُحِشَ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى السُّطُوحِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنُ قَدَمِهِ انْفَكَّتْ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْجَحْشِ بِأَنَّهُ الْخَدْشُ وَالْخَدْشُ قَشْرُ الْجِلْدِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ يَهْوِي بِالتَّكْبِيرِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُ مِنَ الزُّهْرِيِّ شِقَّهُ الْأَيْمن فَلَمَّا خرجنَا قَالَ بن جريج سَاقه الْأَيْمن قلت وَرِوَايَة بن جُرَيْجٍ أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَلَيْسَتْ مُصَحَّفَةً كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ لِمُوَافَقَةِ رِوَايَةِ حُمَيْدٍ الْمَذْكُورَةِ لَهَا وَإِنَّمَا هِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَحَلِّ الْخَدْشِ مِنَ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِأَنَّ الْخَدْشَ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُ وَحَاصِلُ مَا فِي الْقِصَّةِ أَنَّ عَائِشَةَ أَبْهَمَتِ الشَّكْوَى وَبَيَّنَ جَابِرٌ وَأَنَسٌ السَّبَبَ وَهُوَ السُّقُوطُ عَنِ الْفَرَسِ وَعَيَّنَ جَابِرٌ الْعِلَّةَ فِي الصَّلَاةِ قَاعِدًا وَهِي انفكاك الْقدَم وَأفَاد بن حِبَّانَ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ فِي ذِي الْحجَّة سنةخمس مِنَ الْهِجْرَةِ
( 19 ) قَوْلُهُ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ الِائْتِمَامُ الِاقْتِدَاءُ وَالِاتِّبَاعُ أَيْ جُعِلَ الْإِمَامُ إِمَامًا لِيُقْتَدَى بِهِ وَيُتَّبَعَ وَمِنْ شَأْنِ التَّابِعِ أَنْ لَا يَسْبِقَ مَتْبُوعَهُ وَلَا يُسَاوِيَهُ وَلَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي مَوْقِفِهِ بَلْ يُرَاقِبُ أَحْوَالَهُ وَيَأْتِي عَلَى أَثَرِهِ بِنَحْوِ فِعْلِهِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ وَاجِبةٌ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ فَذَكَرَ الرُّكُوعَ وَغَيْرَهُ بِخِلَافِ النِّيَّةِ فَإِنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ وَقَدْ خَرَجَتْ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَكَأَنَّهُ يَعْنِي قِصَّةَ مُعَاذٍ الْآتِيَةَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهَا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْحَصْرَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي أَفعاله لافى جَمِيعِ أَحْوَالِهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ حَامِل نَجَاسَة فَإِن الصَّلَاة خَلفه تصح لمن لَمْ يَعْلَمْ حَالَهُ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ ثمَّ مَعَ وجوب الْمُتَابَعَة لَيْسَ شَيْء مِنْهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ إِلَّا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَاخْتُلِفَ فِي الِائْتِمَامِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ اشْتِرَاطُهُ مَعَ الْإِحْرَامِ وَالْقِيَامِ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَخَالف الْحَنَفِيَّة فَقَالُوا تَكْفِي الْمُقَارَنَةُ قَالُوا لِأَنَّ مَعْنَى الِائْتِمَامِ الِامْتِثَالُ وَمَنْ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِ إِمَامِهِ عُدَّ مُمْتَثِلًا
( 20 ) فَائِدَة جزم بن بطال وَمن تبعه حَتَّى بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ فَكَبِّرُوا لِلتَّعْقِيبِ قَالُوا وَمُقْتَضَاهُ الْأَمْرُ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْمَأْمُومِ تَقَعُ عَقِبَ فِعْلِ الْإِمَامِ لَكِنْ تُعُقِّبَ بِأَنَّ الْفَاءَ الَّتِي لِلتَّعْقِيبِ هِيَ الْعَاطِفَةُ وَأَمَّا الَّتِي هُنَا فَهِيَ لِلرَّبْطِ فَقَطْ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ جَوَابًا لِلشَّرْطِ فَعَلَى هَذَا لَا تَقْتَضِي تَأَخُّرَ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِ عَنِ الْإِمَامِ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِتَقَدُّمِ الشَّرْطِ عَلَى الْجَزَاءِ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ إِنَّ الْجَزَاءَ يَكُونُ مَعَ الشَّرْطِ فَعَلَى هَذَا لَا تنتفى الْمُقَارَنَةَ لَكِنَّ رِوَايَةَ أَبِي دَاوُدَ هَذِهِ صَرِيحَةٌ فِي انْتِفَاء التَّقَدُّمِ وَالْمُقَارَنَة ِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( 21 ) قَوْلُهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ كَذَا لِجَمِيعِ الرُّوَاةِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَكَذَا لَهُمْ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ إِلَّا فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي بَابِ إِيجَابِ التَّكْبِيرِ فَلِلْكُشْمِيهَ نِيِّ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَرُجِّحَ إِثْبَاتُ الْوَاوِ بِأَنَّ فِيهَا مَعْنًى زَائِدًا لِكَوْنِهَا عَاطِفَةً عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ رَبَّنَا اسْتَجِبْ أَوْ رَبَّنَا أَطَعْنَاكَ وَلَكَ الْحَمْدُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ مَعًا وَرَجَّحَ قَوْمٌ حَذْفَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْدِيرِ فَتَكُونُ عَاطِفَةً عَلَى كَلَامٍ غَيْرِ تَامٍّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ كَمَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا وَالْوَجْهَانِ جَائِزَانِ بِغَيْرِ تَرْجِيحٍ
( 22 ) وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَأَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِهِ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي تَرْكَ فِعْلِهِ نَعَمْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقُول رَبنَا لَكَ الْحَمْدُ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَأَمَّا مَنْعُ الْإِمَامِ مِنْ قَوْلِ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مَا يَقُولُ عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
52 - " باب متى يسجد من خلف الإمام ؟
قال ابن حجر في " فتح الباري " ( ج2/ ص 235- 236 )
( 1 ) في هذا الحديث الذي ذكره البخاري - حديثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال : حدثني أبو اسحاق قال : حدثني عبد الله بن يزيد
قال : حدثني البراء وهو غير كذوب قال : .. الحديث "
* قَوْلُهُ عَنْ سُفْيَانَ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْخَطْمِيُّ كَذَا وَقَعَ مَنْسُوبًا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِ يِّ فِي رِوَايَةٍ لِشُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى خَطْمَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ بَطْنٌ مِنَ الْأَوْسِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ أَمِيرا على الْكُوفَة فِي زمن بن الزُّبَيْرِ
* فيه لطيفة " : وهي رواية صحابي ابن صحابي عن صحابي ابن صحابي كلاهما من الأنصار ثم من الأوس وكلاهما سكن الكوفة " .
* قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْحُمَيْدِيُّ فِي جَمْعِهِ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ لَكِنْ رَوَى عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ هُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ إِنَّمَا يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الرَّاوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ لَا الْبَرَاءَ وَلَا يُقَالُ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ كَذُوبٍ يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ إِنَّمَا تَحْسُنُ فِي مَشْكُوكٍ فِي عَدَالَتِهِ وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَزْكِيَةٍ
* وَقَدْ تَعَقَّبَ الْخَطَّابِيُّ ابن معين فَقَالَ هَذَا الْقَوْلُ لَا يُوجِبُ تُهْمَةً فِي الرَّاوِي إِنَّمَا يُوجِبُ حَقِيقَةَ الصِّدْقِ لَهُ قَالَ وَهَذِهِ عَادَتُهُمْ إِذَا أَرَادُوا تَأْكِيدَ الْعِلْمِ بِالرَّاوِي وَالْعَمَلَ بِمَا رَوَى كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ خَلِيلِي الصَّادِقَ المصدوق وَقَالَ بن مَسْعُودٍ حَدَّثَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ وَقَالَ عِيَاضٌ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ لَا وَصْمَ فِي هَذَا عَلَى الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْدِيلَ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ تَقْوِيَةَ الْحَدِيثِ إِذْ حَدَّثَ بِهِ الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ وَقَدْ قَالَ بن مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُمَا قَالَ وَهَذَا قَالُوهُ تَنْبِيهًا عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ لَا أَنَّ قَائِلَهُ قصد بِهِ تَعْدِيل رَاوِيه وَأَيْضًا فتنزيه بن مَعِينٍ لِلْبَرَاءِ عَنِ التَّعْدِيلِ لِأَجْلِ صُحْبَتِهِ وَلَمْ يُنَزِّهْ عَنْ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ انْتَهَى كَلَامُهُ
* يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ لَا يُثْبِتُ صُحْبَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَقَدْ نَفَاهَا أَيْضًا مُصْعَبُ الزَّبِيرِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُد وأثبتها بن الْبَرْقِيِّ وَالدَّارَقُطْن ِيُّ وَآخَرُونَ وَقَالَ النووي مَعْنَى الْكَلَامِ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ كَمَا عَلِمْتُمْ فَثِقُوا بِمَا أُخْبِرُكُمْ بِهِ عَنْهُ
* وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِي نَ عَلَى التَّنْظِيرِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ كَأَنَّهُ لَمْ يُلِمَّ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الْبَيَانِ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ قَوْلِنَا فُلَانٌ صَدُوقٌ وَفُلَانٌ غَيْرُ كَذُوبٍ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ إِثْبَاتُ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَفِي الثَّانِي نَفْيُ ضِدِّهَا عَنْهُ فَهُمَا مُفْتَرِقَانِ قَالَ وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّ نَفْيَ الضِّدِّ كَأَنَّهُ يَقَعُ جَوَابًا لِمَنْ أَثْبَتَهُ يُخَالِفُ إِثْبَاتَ الصِّفَةِ انْتَهَى
* وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يَقَعُ فِي الْإِثْبَاتِ بِالْمُطَابَقَة ِ وَفِي النَّفْيِ بِالِالْتِزَامِ لَكِنَّ التَّنْظِيرَ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِاللَّفْظَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَزْكِيَةٌ فِي حَقٍّ مَقْطُوعٍ بِتَزْكِيَتِهِ فَيَكُونُ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَيَحْصُلُ الِانْفِصَالُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَفْخِيمُ الْأَمْرِ وَتَقْوِيَتُهُ فِي نفس السَّامع وَذكر بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَلَامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بِقَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَكَانَ غَيْرُ كَذُوبٍ قَالَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا قُلْتُ لَكِنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الْأَوَّلِ وَقَدْ وَجَدْتُ الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَفِيهِ قَوْلُهُ أَيْضًا حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدٍ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ فَذَكَرَهُ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ قَوْلُهُ وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ وَهَذَا يُقَوِّي أَنَّ الْكَلَامَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
* فَائِدَةٌ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ هَذَا شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى سَبَبِ رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِهِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِالْكُوفَةِ فَكَانَ النَّاس يضعون رؤوسهم قَبْلَ أَنْ يَضَعَ رَأْسَهُ وَيَرْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِنْكَارِهِ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ نَزَلْ قِيَامًا
* وَاسْتدلَّ بِهِ بن الْجَوْزِيِّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَشْرَعُ فِي الرُّكْنِ حَتَّى يُتِمَّهُ الْإِمَامُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا التَّأَخُّرُ حَتَّى يَتَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِالرُّكْنِ الَّذِي يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ بِحَيْثُ يَشْرَعُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ شُرُوعِهِ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَكَانَ لَا يَحْنِي أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَسْتَتِمَّ سَاجِدًا وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ حَتَّى يَتَمَكَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّجُودِ وَهُوَ أَوْضَحُ فِي انْتِفَاءِ الْمُقَارَنَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ على طول الطُّمَأْنِينَة ِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْإِمَامِ لِاتِّبَاعِهِ فِي انْتِقَالَاتِهِ
*
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
53- باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام
( 691 ) قال البخاري : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا شعبة عن محمد بن زياد قال : سمعت أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" أما يخشى أحدكم - أو لا يخشى أحدكم - إذا رفع رأسه قبل الإمام ان يجعل الله رأسه رأس حمار ... الحديث "
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " ( ج2 / ص 235-237 ) :
* مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ هُوَ الْجُمَحِيُّ مَدَنِيٌّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ وَلَهُ فِي الْبُخَارِيِّ أَحَادِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي التَّابِعِينَ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ وَلَهُ عِنْدَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ فِي الْمُزَارَعَةِ
* فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ رِوَايَةِ مُلَيْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا الَّذِي يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ قَبْلَ الْإِمَامِ إِنَّمَا نَاصِيَتُهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَوْقُوفًا وَهُوَ الْمَحْفُوظُ
*يَجْعَلُ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ الشَّكُّ مِنْ شُعْبَةَ ....... فَأَمَّا الْحَمَّادَانِ فَقَالَا رَأْسَ وَأَمَّا يُونُسَ فَقَالَ صُورَةَ وَأَمَّا الرَّبِيعُ فَقَالَ وَجْهَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ قَالَ عِيَاضٌ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مُتَّفِقَةٌ لِأَنَّ الْوَجْهَ فِي الرَّأْسِ وَمُعْظَمُ الصُّورَةِ فِيهِ قُلْتُ لَفْظُ الصُّورَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْوَجْهِ أَيْضًا وَأَمَّا الرَّأْسُ فَرُوَاتُهَا أَكْثَرُ وَهِيَ أَشْمَلُ فَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ
* وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الرَّفْعِ قَبْلَ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ تَوَعَّدَ عَلَيْهِ بِالْمَسْخِ وَهُوَ أَشَدُّ الْعُقُوبَاتِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمَعَ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهُ يَأْثَمُ وَتُجْزِئُ صلَاته وَعَن بن عُمَرَ تَبْطُلُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ
* وَفِي الْمُغْنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ فِي رِسَالَتِهِ لَيْسَ لِمَنْ سَبَقَ الْإِمَامَ صَلَاةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ صَلَاةٌ لَرُجِيَ لَهُ الثَّوَابُ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ الْعِقَابُ
* وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ فَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ ذَلِكَ إِلَى أَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ فَإِنَّ الْحِمَارَ مَوْصُوفٌ بِالْبَلَادَةِ فَاسْتُعِيرَ هَذَا الْمَعْنَى لِلْجَاهِلِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَيُرَجِّحُ هَذَا الْمَجَازِيَّ أَنَّ التَّحْوِيلَ لَمْ يَقَعْ مَعَ كَثْرَةِ الْفَاعِلِينَ لَكِن لَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل على أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ وَلَا بُدَّ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ فَاعِلِهِ مُتَعَرِّضًا لِذَلِكَ وَكَوْنِ فِعْلِهِ مُمْكِنًا لِأَنْ يَقَعَ عَنْهُ ذَلِكَ الْوَعِيدُ وَلَا يلْزم من التَّعَرُّض للشئ وُقُوع ذَلِك الشَّيْء قَالَه بن دَقِيق الْعِيد
* وَقَالَ بن بَزِيزَةَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّحْوِيلِ الْمَسْخُ أَوْ تَحْوِيلُ الْهَيْئَةِ الْحِسِّيَّةِ أَوِ الْمَعْنَوِيَّة ِ أَوْ هُمَا مَعًا وَحَمَلَهُ آخَرُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ جَوَازِ وُقُوعِ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ الْمَسْخِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ فِي الْمَغَازِي فَإِنَّ فِيهِ ذِكْرُ الْخَسْفِ وَفِي آخِرِهِ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
* وَيُقَوِّي حمله على ظَاهره أَن فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ كَلْبٍ فَهَذَا يبعد الْمجَاز لانْتِفَاء الْمُنَاسَبَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا مِنْ بَلَادَةِ الْحِمَارِ وَمِمَّا يُبْعِدُهُ أَيْضًا إِيرَادُ الْوَعِيدِ بِالْأَمْرِ الْمُسْتَقْبَلِ وَبِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى تَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ الْحَاصِلَةِ وَلَوْ أُرِيدَ تَشْبِيهُهُ بِالْحِمَارِ لِأَجْلِ الْبَلَادَةِ لَقَالَ مَثَلًا فَرَأْسُهُ رَأْسُ حِمَارٍ وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ وَهِيَ الْبَلَادَةُ حَاصِلَةٌ فِي فَاعِلِ ذَلِكَ عِنْدَ فِعْلِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ لَهُ يُخْشَى إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَنْ تَصِيرَ بَلِيدًا مَعَ أَنَّ فِعْلَهُ الْمَذْكُورَ إِنَّمَا نَشَأَ عَن البلادة
* وَقَالَ بن بَزِيزَةَ اسْتَدَلَّ بِظَاهِرِهِ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ عَلَى جَوَازِ التَّنَاسُخِ قُلْتُ وَهُوَ مَذْهَبٌ رَدِيءٌ مَبْنِيٌّ عَلَى دَعَاوَى بِغَيْرِ بُرْهَانٍ وَالَّذِي اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مِنْهُمْ إِنَّمَا اسْتَدَلَّ بِأَصْلِ النَّسْخِ لَا بِخُصُوصِ هَذَا الْحَدِيثِ
* لَطِيفَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ لَيْسَ لِلتَّقَدُّمِ قَبْلَ الْإِمَامِ سَبَبٌ إِلَّا طَلَبُ الِاسْتِعْجَالِ وَدَوَاؤُهُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ قَبْلَ الْإِمَامِ فَلَا يَسْتَعْجِلُ فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ وَاللَّهُ أعلم
*
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 239 -240 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ لأبي داود مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا غُلَامُهَا ذكْوَان فِي الْمُصحف وَوَصله بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ غُلَامًا لَهَا عَنْ دُبُرٍ فَكَانَ يَؤُمُّهَا فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ وَوَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَائِشَةَ بِأَعْلَى الْوَادِي هُوَ وَأَبُوهُ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَنَاسٌ كَثِيرٌ فَيَؤُمُّهُمْ أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ لَمْ يُعْتَقْ وَأَبُو عَمْرٍو الْمَذْكُورُ هُوَ ذَكْوَانُ
( 2 ) وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الْعَبْدِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ مَالِكٌ فَقَالَ لَا يَؤُمُّ الْأَحْرَارَ إِلَّا إِنْ كَانَ قَارِئًا وهم لَا يقرؤون فَيَؤُمُّهُمْ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهَا تُجْزِئُهُ إِذَا حَضَرَهَا
( 3 ) قَوْلُهُ فِي الْمُصْحَفِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْمُصَلِّي مِنَ الْمُصْحَفِ وَمَنَعَ مِنْهُ آخَرُونَ لِكَوْنِهِ عَمَلًا كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( 4 ) وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ إِمَامًا رَاتِبًا وَعِلَّتُهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يعير مُعَرَّضًا لِكَلَامِ النَّاسِ فَيَأْثَمُونَ بِسَبَبِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْغَالِبِ مَنْ يَفْقَهُهُ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ
( 5 ) وَالْأَعْرَابِي ُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَتِهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا وَخَالَفَ مَالِكٌ وَعِلَّتُهُ عِنْدَهُ غَلَبَةُ الْجَهْلِ عَلَى سكان الْبَوَادِي وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ يُدِيمُونَ نَقْصَ السُّنَنِ وَتَرْكَ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ غَالِبًا
( 6 ) الْمُصَنِّفَ رَاعَى اللَّفْظَ الْوَارِدَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ فِيمَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا لَا يَؤُمُّ الْغُلَامَ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ أَنه كَانَ يؤم قومه وَهُوَ بن سَبْعِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّمَا لَمْ يُسْتَدَلَّ بِهِ هُنَا لِأَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ تَوَقَّفَ فِيهِ فَقِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذ لَك وَقِيلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ زَمَانَ نُزُولِ الْوَحْيِ لَا يَقَعُ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ التَّقْرِيرُ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ
( 7 ) وَاحْتج بن حَزْمٍ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ قَالَ فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا يَؤُمُّ مَنْ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ بِمَأْمُورٍ لِأَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْهُ فَلَا يَؤُمُّ كَذَا قَالَ وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَأْمُورُ مَنْ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ مِنَ الْبَالِغِينَ بِأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ مَنِ اتَّصَفَ بِكَوْنِهِ أَكْثَرَ قُرْآنًا فَبَطَلَ مَا احْتَجَّ بِهِ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الصَّبِيِّ ذَهَبَ أَيْضًا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَكَرِهَهَا مَالِكٌ وَالثَّوْرَيُّ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمَا الْإِجْزَاءُ فِي النَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ قَوْلُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ فَكُلُّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ جَازَتْ إِمَامَتُهُ مِنْ عَبْدٍ وَصبي وَغَيرهمَا وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ
( 8 ) وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ أَقْرَؤُهُمْ عَلَى أَنَّ إِمَامَةَ الْكَافِرِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ لَهُ قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ الْعَبْدُ مِنَ الْجَمَاعَةِ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُعَلَّقِ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
تابع / ( فتح الباري ) ( ج2/ ص 240-244)
( 9 ) قَوْلُهُ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ قِيلَ شَبَّهَهُ بِذَلِكَ لِصِغَرِ رَأْسِهِ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي الْحَبَشَةِ وَقِيلَ لِسَوَادِهِ وَقِيلَ لِقِصَرِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَتَفَلْفُلِهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ عَلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ إِذَا أُمِرَ بِطَاعَتِهِ فَقَدْ أَمر بِالصَّلَاةِ خَلفه قَالَه بن بَطَّالٍ
( 10 ) وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى السَّلَاطِينِ وَإِنْ جَارُوا لِأَنَّ الْقِيَامَ عَلَيْهِمْ يُفْضِي غَالِبًا إِلَى أَشَدِّ مِمَّا يُنْكَرُ عَلَيْهِمْ
( 11 ) وَالْإِمَامَةُ الْعُظْمَى إِنَّمَا تَكُونُ بِالِاسْتِحْقَا قِ فِي قُرَيْشٍ فَيَكُونُ غَيْرُهُمْ مُتَغَلِّبًا فَإِذَا أَمَرَ بِطَاعَتِهِ اسْتَلْزَمَ النَّهْيَ عَن مُخَالفَته وَالْقِيَام عَلَيْهِ ورده بن الْجَوْزِيِّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِلِ هُنَا مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ الْإِمَامُ لَا مَنْ يَلِي الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّاعَةِ الطَّاعَةُ فِيمَا وَافَقَ الْحَقَّ انْتَهَى
( 12 ) قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ أَيْ ثَوَابُ صَلَاتِكُمْ زَادَ أَحْمَدُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى بِهَذَا السَّنَدِ وَلَهُمْ أَيْ ثَوَابُ صَلَاتِهِمْ وَهُوَ يُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ تَوْجِيهِ حَذْفِهَا وَتَمَسَّكَ بن بَطَّالٍ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمَحْذُوفَةِ فَزَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بالاصابة هُنَا إِصَابَة الْوَقْت وَاسْتدلَّ بِحَدِيث بن مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا لَعَلَّكُمْ تُدْرِكُونَ أَقْوَامًا يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِغَيْرِ وَقْتِهَا فَإِذَا أَدْرَكْتُمُوهُ مْ فَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ صَلُّوا مَعَهُمْ وَاجْعَلُوهَا سُبْحَةً وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ فَالتَّقْدِيرُ على هَذَا فَإِن أَصَابُوا الْوَقْت وَإِن أخطؤوا الْوَقْتَ فَلَكُمْ يَعْنِي الصَّلَاةَ الَّتِي فِي الْوَقْتِ انْتَهَى
( 13 ) وَغَفَلَ عَنِ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاتُهُمْ مَعَهُمْ لَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْه ِمَا مِنْ طُرُقٍ عَنِ الْحسن بن مُوسَى وَقد أخرج بن حِبَّانَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَصْرَحَ فِي مَقْصُودِ التَّرْجَمَةِ وَلَفْظُهُ يَكُونُ أَقْوَامٌ يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ فَإِنْ أَتَمُّوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَأَصَابَ الْوَقْتَ فَلَهُ وَلَهُمْ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنْ صَلَّوُا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَأَتَمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَهِيَ لَكُمْ وَلَهُمْ فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَرْكِ إِصَابَةِ الْوَقْتِ
( 14 ) قَالَ بن الْمُنْذِرِ هَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ إِذَا فَسَدَتْ فَسَدَتْ صَلَاةُ من خَلفه قَوْله وَأَن أخطؤا أَيِ ارْتَكَبُوا الْخَطِيئَةَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَطَأَ الْمُقَابِلَ لِلْعَمْدِ لِأَنَّهُ لَا إِثْمَ فِيهِ
( 15 ) وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا صَلَّى بِقَوْمٍ مُحْدِثًا أَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ غَيْرُهُ عَلَى أَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ صِحَّةُ الِائْتِمَامِ بِمَنْ يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ رُكْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إِذَا أتم الْمَأْمُوم وَهُوَ وَجه عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ هُوَ الْخَلِيفَةُ أَوْ نَائِبُهُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ إِلَّا بِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَطَأِ مَا يُقَابِلُ الْعَمْدَ قَالَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيّ َةِ كَمَنْ يُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا يَرَى قِرَاءَةَ الْبَسْمَلَةِ وَلَا أَنَّهَا مِنْ أَرْكَانِ الْقِرَاءَةِ وَلَا أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ بَلْ يَرَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ تُجْزِئُ بِدُونِهَا
( 16 ) وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ خَطَأَ الْإِمَامِ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ إِذَا أَصَابَ تَنْبِيهٌ حَدِيثُ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَفِيهِ مَقَالٌ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
1- ( ج2/ ص 244 )
" قَوْلُهُ وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ قِيلَ عَبَّرَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ شَيْخِهِ فِي الْمُذَاكَرَةِ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ حَدَّثَنَا وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَحَمَّلَهُ بِالْإِجَازَةِ أَوِ الْمُنَاوَلَةِ أَوِ الْعَرْضِ وَقِيلَ هُوَ مُتَّصِلٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ مُنْقَطِعٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالَّذِي ظَهَرَ لِي بِالِاسْتِقْرَا ءِ خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ لَكِنَّهُ لَا يُعَبِّرُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَتْنُ مَوْقُوفًا أَوْ كَانَ فِيهِ رَاوٍ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَالَّذِي هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ من رواية محمد بن يحيى . قال : حدثنا محمد بن يوسف الفريابي
2 - ( ج2/ ص 245 *)
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ مِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ لِكَوْنِهِ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عُثْمَانُ مِنْ أَقَارِبِ أُمِّهِ
3- ( ج2/ ص 245 )
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلْوِيُّ أَحَدُ رُؤُوس المصريين الَّذين حصروا عُثْمَان قَالَه بن وضاح فِيمَا نَقله عَنهُ بن عبد الْبر وَغَيره وَقَالَهُ بن الْجَوْزِيِّ وَزَادَ إِنَّ كِنَانَةَ بْنَ بِشْرٍ أَحَدُ رؤوسهم صَلَّى بِالنَّاسِ أَيْضًا قُلْتُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَإِنَّ سَيْفَ بْنَ عُمَرَ رَوَى حَدِيثَ الْبَابِ فِي كِتَابِ الْفُتُوحِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ فَقَالَ فِيهِ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ وَكِنَانَةُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقُلْتُ كَيْفَ تَرَى الْحَدِيثَ وَقَدْ صَلَّى بِالنَّاسِ يَوْمَ حُصِرَ عُثْمَانُ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيِّ لَكِنْ بِإِذْنِ عُثْمَانَ
4- ( ج2 / 246)
سَيْفًا رَوَى فِي الْفُتُوحِ عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَرِهَ النَّاسُ الصَّلَاةَ خَلْفَ الَّذِينَ حَصَرُوا عُثْمَانَ إِلَّا عُثْمَانَ فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ دَعَا إِلَى الصَّلَاةِ فَأَجِيبُوهُ انْتَهَى فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَقْصُودَهُ بِقَوْلِهِ الصَّلَاةُ أَحْسَنُ الْإِشَارَةُ إِلَى الْإِذْنِ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ وَفِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ إِمَامُ فِتْنَةٍ
5- ( ج2 / ص 246 )
وَفِي هَذَا الْأَثَرِ الْحَضُّ عَلَى شُهُودِ الْجَمَاعَةِ وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ لِئَلَّا يَزْدَادَ تَفَرُّقُ الْكَلِمَةِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ أَوْلَى من تَعْطِيل الْجَمَاعَة وَفِيه رد على من زَعْمِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا يُجْزِئُ أَنْ تُقَامَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ
6- ( ج2 / 247 )
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ بِحِذَائِهِ يُخْرِجُ هَذَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ سَوَاءً أَيْ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ وَفِي انْتِزَاعِ هَذَا مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ بُعْدٌ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُ دُونَهُ قَلِيلًا وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ رِوَايَةِ مَخْرَمَةَ عَن كريب عَن بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ وَظَاهِرُهُ الْمُسَاوَاةُ وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاس نَحوا من هَذِه الْقِصَّة
7- ( ج2 / ص 247 )
وروى بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ الرَّجُلُ يُصَلِّي مَعَ الرَّجُلِ أَيْنَ يَكُونُ مِنْهُ قَالَ إِلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ قُلْتُ أَيُحَاذِي بِهِ حَتَّى يَصُفَّ مَعَهُ لَا يَفُوتُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَتُحِبُّ أَنْ يُسَاوِيَهُ حَتَّى لَا تَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ قَالَ نَعَمْ
8- ( ج 2/ ص 248 )
وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُهُمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ الْوَاحِدَ يَقِفُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ إِلَّا النَّخَعِيَّ فَقَالَ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ وَرَجُلٌ قَامَ الرَّجُلُ خَلْفَ الْإِمَامِ فَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ أَحَدٌ قَامَ عَنْ يَمِينِهِ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَامَ مَظِنَّةُ الِاجْتِمَاعِ فَاعْتُبِرَتْ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ إِبْرَاهِيمَ إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ حَيْثُ يَظُنُّ ظَنًّا قَوِيًّا مَجِيءَ ثَانٍ
9- ( ج2/ ص 249 )
وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَن يَنْوِي الإِمَام الْإِمَامَة وَاسْتدلَّ بن الْمُنْذِرِ أَيْضًا بِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ وَجَاءَ آخَرُ فَقَامَ إِلَى جَنْبِي حَتَّى كُنَّا رَهْطًا فَلَمَّا أَحَسَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا تَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ الْحَدِيثَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ ابْتِدَاءً وَائْتَمُّوا هُمْ بِهِ وَأَقَرَّهُمْ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ
10- ( ج2 / ص 249 )
وَذَهَبَ أَحْمَدُ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ فَشَرَطَ أَنْ يَنْوِيَ فِي الْفَرِيضَةِ دُونَ النَّافِلَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ أَلا رجل يتَصَدَّق على هَذَا فَيصَلي مَعَه أخرجه أَبُو دَاوُد وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
11- ( ج2 / ص 250 )
وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ فَيُصَلِّي بِهِمُ صلاة العشاء أَيِ الْمَذْكُورَةَ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا بقَوْمه
12 - ( ج2 / ص 250 )
ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَنِي سَلِمَةَ فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ وَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِأَنَّ قَوْمَهُ هُمْ بَنُو سَلِمَةَ وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْهُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ فِي بَنِي سَلِمَةَ وَلِأَحْمَدَ ثمَّ يرجع فيؤمنا قَوْله فَصَلَّى الْعِشَاءَ كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ
13 - ( ج2 / ص 250 )
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَارِبٍ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْمَغْرِبَ وَكَذَا لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَغْرِبِ الْعِشَاءُ مَجَازًا تَمَّ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ
14- ( ج2 / ص 251 )
فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْبَقَرَةَ بل يَقُول سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِ يِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلِمُسْلِمٍ عَن بن عُيَيْنَةَ نَحْوُهُ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الرُّوَاةِ
15 - _ ج2 / ص 251 )
وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بِإِسْنَاد قوي فَقَرَأَ اقْتَرَبت السَّاعَة وَهِيَ شَاذَّةٌ إِلَّا إِنْ حُمِلَ عَلَى التَّعَدُّدِ
16- ( ج2 / ص 251 )
وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَة ِ تَسْمِيَةُ هَذَا الرَّجُلِ لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ طَالِبِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرَّ حَزْمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِقَوْمِهِ صَلَاةَ الْعَتَمَةِ فَافْتَتَحَ بِسُورَةٍ طَوِيلَةٍ وَمَعَ حَزْمٍ نَاضِحٌ لَهُ الْحَدِيثَ
17- ( ج2 / ص 252 )
قال البزار لا نعلم أحدا سَمَّاهُ عَن جَابر إِلَّا بن جَابِرٍ اه وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ طَالِبٍ فَجَعَلَهُ عَن بن جَابر عَن حزم صَاحب الْقِصَّة وبن جَابِرٍ لَمْ يُدْرِكْ حَزْمًا وَوَقَعَ عِنْدَهُ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَهُوَ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي رِوَايَة محَارب وَرَوَاهُ بن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فَسَمَّاهُ حازما وَكَأَنَّهُ صحفه أخرجه بن شَاهِينَ مِنْ طَرِيقِهِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو يعلى وبن السَّكَنِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ قَالَ كَانَ مُعَاذُ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فَدَخَلَ حَرَامٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَ نَخْلَهُ الْحَدِيثَ كَذَا فِيهِ بِرَاءٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ خَالُ أَنَسٍ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ لَكِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي الرِّوَايَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَصْحِيفًا مِنْ حَزْمٍ فَتَجْتَمِعُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ وَإِلَى ذَلِك يُومِئ صَنِيع بن عَبْدِ الْبَرِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الصَّحَابَةِ حَرَامَ بْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَذَكَرَ لَهُ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَعَزَا تَسْمِيَتَهُ لِرِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ وَلَمْ أَقِفْ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى تَسْمِيَةِ أَبِيهِ وَكَأَنَّهُ بَنَى عَلَى أَنَّ اسْمَهُ تَصَحَّفَ وَالْأَبُ وَاحِدٌ سَمَّاهُ جَابِرٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَنَسٌ وَجَاءَ فِي تَسْمِيَتِهِ قَوْلٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يُقَالُ لَهُ سُلَيْمٌ
18 - ( ج2 / ص 252 )
وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ وَأَيَّدَ ذَلِكَ بِالِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ هَلْ هِيَ الْعِشَاءُ أَوِ الْمَغْرِبُ وَبِالِاخْتِلَا فِ فِي السُّورَةِ هَلْ هِيَ الْبَقَرَةُ أَوِ اقْتَرَبَتْ وَبِالِاخْتِلَا فِ فِي عُذْرِ الرَّجُلِ هَلْ هُوَ لِأَجْلِ التَّطْوِيلِ فَقَطْ لِكَوْنِهِ جَاءَ مِنَ الْعَمَلِ وَهُوَ تَعْبَانٌ أَوْ لِكَوْنِهِ أَرَادَ أَنْ يَسْقِيَ نَخْلَهُ إِذْ ذَاكَ أَوْ لِكَوْنِهِ خَافَ عَلَى الْمَاءِ فِي النَّخْلِ كَمَا فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا الْجَمْعُ لِأَنَّهُ لَا يُظَنُّ بِمُعَاذٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُهُ بِالتَّخْفِيفِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى التَّطْوِيلِ وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَرَأَ أَوَّلًا بِالْبَقَرَةِ فَلَمَّا نَهَاهُ قَرَأَ اقْتَرَبَتْ وَهِيَ طَوِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السُّوَرِ الَّتِي أَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ أَوَّلًا وَقَعَ لِمَا يُخْشَى مِنْ تَنْفِيرِ بَعْضِ مَنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَمَّا اطْمَأَنَّتْ نُفُوسُهُمْ بِالْإِسْلَامِ ظَنَّ أَنَّ الْمَانِعَ زَالَ فَقَرَأَ بِاقْتَرَبَتْ لِأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَصَادَفَ صَاحِبَ الشُّغْلِ وَجَمَعَ النَّوَوِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَرَأَ فِي الْأُولَى بِالْبَقَرَةِ فَانْصَرَفَ رَجُلٌ ثُمَّ قَرَأَ اقْتَرَبَتْ فِي الثَّانِيَةِ فَانْصَرَفَ آخَرُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَّا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ وَيُقَوِّي رِوَايَةَ مَنْ سَمَّاهُ سُلَيْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
20 - ( ج2 / ص 253 )
اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقْطَعَ الْقُدْوَةَ وَيُتِمَّ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا وَنَازَعَ النَّوَوِيُّ فِيهِ فَقَالَ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ فَارَقَهُ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ بَلْ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ سَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَطَعَ الصَّلَاةَ مِنْ أَصْلِهَا ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ الصَّلَاة وإبطالها لعذر
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
ج٢/ ص ٢٥٣
استدل بحديث جابر بن عبدالله قال كان معاذ بن جبل يصلي ...الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل بناء على ان معاذا كان ينوي بالاولى الفرض وبالثانية النفل
ويدل عليه ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرهم من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب زاد هي له تطوع ولهم فريضة
وهو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح
وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه فانتفت تهمة تدليسه
ج٢ / ص ٢٥٤
ابن جريج اسن واجل من ابن عيينة واقدم اخذا عن عمرو بن دينار منه
ج٢ / ص ٢٥٧
قال ابن دقيق العيد التطويل والتخفيف من الامور الاضافية فقد يكون الشيء خفيفا بالنسبة الى عادة قوم طويلا بالنسبة لعادة اخرين
ج٢ / ص ٢٥٧
قول الفقهاء لا يزيد الامام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات لا يخالف ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يزيد على ذلك لان رغبة الصحابة في الخير يقتضي ان لا يكون ذلك تطويلا
ج٢ / ص ٢٥٨
وحد التخفيف كما في الحديث الذي اخرجه ابوداود والنسائي عن عثمان بن ابي العاص ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له
انت امام قومك واقدر القوم باضعفهم
واسناده حسن واصله في مسلم
ج٢ / ص ٢٥٨
قال اليعمري الاحكام انما تناط بالغالب لا بالصورة النادرة فينبغي للأئمة التخيف مطلقا
قال وهذا كما شرع القصر في صلاة المسافر وعلل بالمشقة وهو مع ذلك يشرع عملا بالغالب
لانه لا يدري ما يطرأ عليه .
ج٢ / ص ٢٦٣
قال ابن بطال احتج به من قال يجوز للامام اطالة الركوع اذا سمع بحس داخل ليدركه وتعقبه ابن المنير بأن التخفيف نقيض التطويل فكيف يقاس عليه ؟ قال ثم ان فيه مغايرة للمطلوب لان فيه ادخال مشقة على جماعة لاجل واحد انتهى .
ج٢ / ص ٢٦٣
قال ابن حجر يمكن ان يقال محل ذلك ما لم يشق على الجماعة وبذلك قيده احمد واسحاق وابو ثور وما ذكره ابن بطال سبقه اليه الخطابي ووجهه بانه اذا جاز التخفيف لحاجة من حاجات الدنيا كان التطويل لحاجة من حاجات الدنيا اجوز وتعقبه القرطبي بان في التطويل زيادة عمل في الصلاة غير مطلوب بخلاف التخفيف فانه مطلوب انتهى .
وفي هذه المسألة خلاف عند الشافعية وتفصيل
واطلق النووي عن المذهب استحباب ذلك
وقال محمد بن الحسن اخشى ان يكون شركا
ج٢ / ص ٢٦٦
قال الزين بن المنير : اراد ان محل الخلاف في - مسألة هل ياخذ الامام اذا شك بقول الناس - هو ما اذا كان شاكا اما اذا كان على يقين من فعل نفسه فلا خلاف انه لا يرجع الى احد انتهى .
ج ٢ / ص ٢٦٦
قال ابن التين :يحتمل ان يكون صلى الله عليه وسلم شك باخبار ذي اليدين فسألهم ارادة تيقن احد الامرين فلما صدقوا ذا اليدين علم صحة قوله .
قال : وهذا الذي اراد البخاري بتبويبه
وقال ابن بطال بعد ان حكى الخلاف في هذه المسألة: حمل الشافعي رجوعه عليه الصلاة والسلام على انه تذكر فذكر وفيه نظر لانه لو كان كذلك لبينه لهم ليرتفع اللبس ولو بينه لنقل ومن ادعى ذلك فليذكره .
قال ابن حجر : قد ذكره ابو داود من طريق الاوزاعي عن الزهري عن سعيد وعبيد الله عن ابي هريرة بهذه القصة قال :
ولم يسجد سجدتي السهو حتى يقنه الله ذلك .
ج٢ / ص ٢٦٧
قال ابن حجر رحمه الله :
وعن الشعبي والنخعي والثوري ان البكاء والانين يفسد الصلاة .
وعن المالكية والحنفية ان كان لذكر النار والخوف لم يفسد
وفي مذهب الشافعي ثلاثة اوجه اصحها ان ظهر منه حرفان افسد والا فلا
ج٢ / ص ٢٦٧
قال ابن حجر رحمه الله :
اطلق جماعة التسوية بين الضحك والبكاء
وقال المتولي : لعل الاظهر في الضحك البطلان مطلقا لما فيه من هتك حرمة الصلاة وهذا اقوى من حيث المعنى والله اعلم
ج٢ / ص ٢٦٧
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
وفي حديث عبد الله بن الشخير ( رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا وفي صدره أزيز كازيز المرجل من البكاء )
رواه ابو داود والنسائي والترمذي في الشمائل واسناده قوي
وابن حبان والحاكم
ووهم من زعم ان مسلما اخرجه .
المرجل القدر اذا غلت
والازيز صوت القدر اذا غلت
وفي لفظ اخر ( كازيز الرحى ) .
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / ص 268 )
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
الْوَعِيدِ فِيمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ وَفِيهِ مِنَ اللَّطَائِفِ وُقُوعُ الْوَعِيدِ مِنْ جِنْسِ الْجِنَايَةِ وَهِيَ الْمُخَالَفَةُ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ وَاجِبٌ وَالتَّفْرِيطُ فِيهِ حَرَامٌ
( ج2 / ص 268 )
وَيُؤَيِّدُ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ لَتُسَوُّنَّ الصُّفُوفَ أَوْ لَتُطْمَسَنَّ الْوُجُوهُ أَخْرَجَهُ أَحْمد وَفِي إِسْنَاده ضعف وَلِهَذَا قَالَ بن الْجَوْزِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فنردها على أدبارها وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَجَازِ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
ج٢ / ص ٢٧١
قال البخاري : حدثنا ابو الوليد قال : حدثنا شعبة عن قتادة عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
سووا صفوفكم فان تسوية الصفوف من اقامة الصلاة "
قال ابن حجر : التحديث زاد الاسماعيلي من طريق ابي داود الطيالسي قال : " سمعت شعبة يقول : داهنت في هذا الحديث لم اسأل قتادة أسمته من انس أم لا ؟ انتهى .
ولم اره عن قتادة الا معنعنا .
ولعل هذا هو السر في ايراد البخاري لحديث ابي هريرة معه في الباب تقوبة له .
ج٢ / ص ٢٧١
استدل ابن حزم بقوله اقامة الصلاة
على وجوب تسوية الصفوف قال : لان اقامة الصلاة واجبة وكل شيء من الواجب واجب ولا يخفى ما فيه ولا سيما وقد بينا ان الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة
ج٢/ ص ٢٧١
تمسك ابن بطال بظاهر لفظ حديث ابي هريرة - انما جعل الامام ليؤتم به ..الحديث - فاستدل على ان التسوية سنة
قال : لان حسن الشيء زيادة على تمامه واورد عليه رواية "" من تمام الصلاة ""
ج٢ / ص ٢٧٣
قال البخاري :
قال عقبة بن عبيد عن بشير بن يسار : قدم علينا أنس بن مالك المدينة .......
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وعقبة هو عقبة بن عبيد ابو الرحال وهو اخو سعيد بن عبيد راوي الاسناد وليس لعقبة في البخاري الا هذا الموضع المعلق
واراد البخاري بيان سماعه من بشير بن يسار له من انس
وقد وصله احمد في مسنده عن يحيى القطان ...
ج٢ / ص ٢٧٣
قال الحافظ
ظاهر الحديث فيها انه انكر تاخير الظهر الى اول وقت العصر كما مضى
وهذا الانكار
غير الانكار تضييع الصلاة حيث قال
لا اعرف شيئا مما كان على عهد النبي صلى الله عليه الا الصلاة التي وقد ضيعت ...
فان ذاك كان بالشام وهذا بالمدينة .
وهذا يدل على ان اهل المدينة كانوا في ذلك الزمان امثل من غيرهم في التمسك بالسنن .
ج٢ / ص ٢٧٤
قال البخاري رحمه الله في باب الزاق المنكب بالمنكب
وقال النعمان بن بشير رايت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه انتهى .
قال الحافظ
المراد بالكعب في اية الوضوء العظم الناتىء في جانبي الرجل وهو عند ملتقى الساق والقدم
خلافا لمن ذهب ان المراد بالكعب مؤخر القدم وهو قول شاذ ينسب الى بعض الحنفية ولم يثبته محققوهم واثبته بعضهم في مسالة الحج لا الوضوء
وانكر الاصمعي قول من زعم ان الكعب في ظهر القدم .
زاد معمر عن حميد بلفظ قال انس : في روايته كما اخرجها الاسماعيلي
ولو فعلت ذلك باحدهم اليوم لنفر كأنه بغل شموس .
ج٢ / ص ٢٧٥
قال البخاري رحمه الله باب المرأة وحدها تكون صفا
قال الحافظ رحمه الله
وبهذا يندفع اعتراض الاسماعيلي حيث قال الشخص الواحد لا يسمى صفا واقل ما يقوم الصف اثنين
ثم ان هذه الترجمة لفظ حديث اخرجه ابن عبد البر من حديث عائشة مرفوعا
" المرأة وحدها صف "
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
ج1/ ص 275 )
قال ابن حجر رحمه الله :
" وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ فَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي مَوْقِفِ الِاثْنَيْنِ أَنْ يَصُفَّا خَلْفَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ إنَّ أَحَدَهُمَا يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَن يسَاره وحجتهم فِي ذَلِك حَدِيث بن مَسْعُودٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَقَامَ عَلْقَمَةَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْأَسْودَ عَنْ شِمَاله وَأجَاب عَنهُ بن سِيرِينَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِضِيقِ الْمَكَانِ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُهُ وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا فِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصُفُّ مَعَ الرِّجَالِ وَأَصْلُهُ مَا يُخْشَى مِنَ الِافْتِتَانِ بِهَا فَلَوْ خَالَفَتْ أَجْزَأَتْ صَلَاتُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَهُوَ عَجِيبٌ وَفِي تَوْجِيهِهِ تَعَسُّفٌ حَيْثُ قَالَ قَائِلُهُمْ دَلِيلُهُ قَوْلُ بن مَسْعُودٍ أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَحَيْثُ ظَرْفُ مَكَانٍ وَلَا مَكَانَ يَجِبُ تَأَخُّرُهُنَّ فِيهِ إِلَّا مَكَانَ الصَّلَاةِ فَإِذَا حَاذَتِ الرَّجُلَ فَسَدَتْ صَلَاةُ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ تَأْخِيرِهَا وَحِكَايَةُ هَذَا تُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ جَوَابِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ
( ج2 / ص 275 )
فَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ وَأُمِرَ لَابِسُهُ أَنْ يَنْزِعَهُ فَلَوْ خَالَفَ فَصَلَّى فِيهِ وَلَمْ يَنْزِعْهُ أَثِمَ وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ فَلِمَ لَا يُقَالُ فِي الرَّجُلِ الَّذِي حَاذَتْهُ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَأَوْضَحُ مِنْهُ لَوْ كَانَ لِبَابِ الْمَسْجِدِ صُفَّةٌ مَمْلُوكَةٌ فَصَلَّى فِيهَا شَخْصٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهَا إِلَى أَرْضِ الْمَسْجِدِ بِخُطْوَةٍ وَاحِدَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَأَثِمَ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَةِ الَّتِي حَاذَتْهُ ...
( ج2 / ص 276 )
وَقَالَ بن رَشِيدٍ الْأَقْرَبُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَصَدَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ يَعْنِي أَنه مُخْتَصّ بِالرِّجَالِ والْحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ
( ج2/ 276 )
وَاسْتدلَّ بِهِ بن بَطَّالٍ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ خِلَافًا لِأَحْمَدَ قَالَ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ كَانَ لِلرَّجُلِ أَوْلَى لَكِنْ لِمُخَالِفِهِ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا سَاغَ ذَلِكَ لِامْتِنَاعِ أَنْ تَصُفَّ مَعَ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَصُفَّ مَعَهُمْ وَأَنْ يُزَاحِمَهُمْ وَأَنْ يَجْذِبَ رَجُلًا مِنْ حَاشِيَةِ الصَّفِّ
( ج2/ ص 276 )
قوله ( باب ميمنة المسجد والإمام )
الْحَدِيثَ إِنَّمَا وَرَدَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا أَمَّا إِذَا كَثُرُوا فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى فَضِيلَةِ مَيْمَنَةِ الْمَسْجِدِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ وَلِأَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا أَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ بن ماجة عَن بن عُمَرَ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مَيْسَرَةَ الْمَسْجِدِ تَعَطَّلَتْ فَقَالَ مَنْ عَمَّرَ مَيْسَرَةَ الْمَسْجِدِ كُتِبَ لَهُ كِفْلَانِ مِنَ الْأَجْرِ فَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَإِنْ ثَبَتَ فَلَا يُعَارِضُ الْأَوَّلَ لِأَنَّ مَا وَرَدَ لِمَعْنًى عَارِضٍ يَزُول بزواله
( ج2 / ص 280 )
قَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّمَا حَثَّ عَلَى النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ لِكَوْنِهِ أَخْفَى وَأَبْعَدَ مِنَ الرِّيَاءِ وَلِيَتَبَرَّكَ الْبَيْتُ بِذَلِكَ فَتَنْزِلُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَيَنْفِرَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ
( ج2 / ص 281 )
حَدِيث بن عُمَرَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى تَعَيُّنِ لَفْظِ التَّكْبِيرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْظِيمِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَوَافَقَهُمْ أَبُو يُوسُف وَعَن الْحَنَفِيَّةِ تَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُقْصَدُ بِهِ التَّعْظِيمُ وَمِنْ حُجَّةِ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ رِفَاعَةَ فِي قِصَّةِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِلَفْظِ لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَيَضَعَ الْوُضُوءَ مَوَاضِعَهُ ثُمَّ يُكَبِّرَ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَخْرَجَهُ بن ماجة وَصَححهُ بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَهَذَا فِيهِ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالتَّكْبِيرِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَرَوَى الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ
( ج2 / ص 282 )
فَائِدَةٌ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ رُكْنٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ شَرْطٌ وَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّة وَقيل سنة قَالَ بن الْمُنْذِرِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرُ الزُّهْرِيِّ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ والْأَوْزَاعِيّ ِ وَمَالِكٍ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَصْرِيحًا وَإِنَّمَا قَالُوا فِيمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا تُجْزِئُهُ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ نَعَمْ نَقَلَهُ الْكَرْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ وَأَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ وَمُخَالَفَتُهُ مَا لِلْجُمْهُورِ كَثِيرَةٌ
-
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / ص 283 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
" وَرَدَ تَقْدِيمُ رفعُ عَلَى التَّكْبِيرِ وَعَكْسُهُ أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ فَفِي حَدِيثِ الْبَابِ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ بن جريج وَغَيره عَن بن شِهَابٍ بِلَفْظِ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَفِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عِنْدَهُ كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَفِي الْمُقَارَنَةِ وَتَقْدِيمِ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْمُقَارَنَةُ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ التَّكْبِيرِ عَلَى الرَّفْعِ
( ج2/ ص 283 )
وَيُرَجِّحُ الْأَوَّلَ حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ وَقَضِيَّةُ الْمَعِيَّةِ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِانْتِهَائِهِ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَنَقَلَهَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا أَنَّهُ لَا حَدَّ لانتهائه .
(
ج2/ ص 283 )
وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْأَصَحُّ يَرْفَعُ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِأَنَّ الرَّفْعَ نَفْيُ صِفَةِ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ وَالتَّكْبِيرُ إِثْبَاتُ ذَلِكَ لَهُ وَالنَّفْيُ سَابِقٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الرَّفْعِ مَا ذَكَرَ وَقَدْ قَالَ فَرِيقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحِكْمَةُ فِي اقْتِرَانِهِمَا أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمُّ وَيَسْمَعَهُ الْأَعْمَى وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي ذَلِكَ مُنَاسَبَاتٌ أُخَرُ فَقِيلَ مَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إِلَى طَرْحِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَقِيلَ إِلَى الِاسْتِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ لِيُنَاسِبَ فِعْلُهُ قَوْلَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَقِيلَ إِلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ وَقِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى تَمَامِ الْقِيَامِ وَقِيلَ إِلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَعْبُودِ وَقِيلَ لِيَسْتَقْبِلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ قال القرطبي هذا أنسبها "
( ج2/ ص 283 )
وَقَالَ الرَّبِيعُ قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ مَا مَعْنَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ قَالَ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ نبيه وَنقل بن عبد الْبر عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ مِنْ زِينَةِ الصَّلَاةِ وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ بِكُلِّ رَفْعٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ بِكُلِّ إِصْبَعٍ حَسَنَةٌ
(ج2 / ص 283 )
قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ الْقَعْنَبِيُّ وَفِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ عَنْ مَالِكٍ خِلَافُ مَا فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ مِنْ رِوَايَتِهِ بِلَفْظِ الْمُوَطَّأِ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْقَعْنَبِيّ ُ وَسَرَدَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ قَالَ وَحَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأ بن الْمُبَارك وبن مهْدي وَالْقطَّان وَغَيرهم بإثباته وَقَالَ بن عبد الْبر كل من رَوَاهُ عَن بن شِهَابٍ أَثْبَتَهُ غَيْرُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ خَاصَّةً
( ج2 / ص 283 )
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ على اسْتِحْبَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنَ الرَّفْعِ إِلَّا أَنَّهُ حُكِيَ وُجُوبُهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَنْ دَاوُدَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ مِنْ أَصْحَابِنَا اه وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ تَنَاقُضٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الْمُعْتَرِضُ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِجْمَاعَ مَنْ قَبْلَ الْمَذْكُورِينَ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ عَنْهُمَا أَوْ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَبِالِاعْتِذَا رِ الْأَوَّلِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ مَنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ إِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ مِنْهُمْ وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ متقدميهم
( ج2 / ص 284 )
وَأسلم الْعبارَات قَول بن الْمُنْذِرِ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتتح الصَّلَاة وَقَول بن عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَمِمَّنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ أَيْضا الْأَوْزَاعِيّ والْحميدِي شيخ البُخَارِيّ وبن خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ وَحَكَاهُ الْقَاضِي حسن عَن الإِمَام أَحْمد وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ كُلُّ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ الْإِيجَابُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِتَرْكِهِ إِلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحُمَيْدِيّ ِ قُلْتُ وَنَقَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَأْثَمُ تَارِكُهُ وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَنَقله بن الْمُنْذِرِ وَنَقَلَ الْعَبْدَرِيُّ عَنِ الزَّيْدِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ وَنَقَلَ الْقَفَّالُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَيَّارٍ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ وَإِذَا لَمْ يَرْفَعْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَفِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ فَقَدْ نُقِلَ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ عَنْ بَعْضِ مَنْ تَقَدَّمَهُ وَنَقَلَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ أَحْمَدِ بْنِ سَيَّارٍ الَّذِي مَضَى وَنَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِهِ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ بن خُزَيْمَة إِنَّه ركن وَاحْتج بن حَزْمٍ بِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي
( ج2 / ص 284 )
قَدْ صَنَّفَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذِهِ مسألة " رفع اليدين " جُزْءًا مُنْفَرِدًا وَحَكَى فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ وَحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ
قَالَ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْحَسَنُ أحدا
( ج2 / ص 285)
وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ كُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ تَرْكُ الرَّفْعِ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ رُوِيَ عَنْهُ فعله إِلَّا بن مَسْعُودٍ
( ج2 / ص 285 )
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ إِلَّا أهل الْكُوفَة
( ج2 / ص 285 )
وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ ترك الرّفْع فيهمَا إِلَّا بن الْقَاسِمِ وَالَّذِي نَأْخُذُ بِهِ الرَّفْعَ عَلَى حَدِيثِ بن عمر وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ بن وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَحْكِ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَهُ وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ أَنَّهُ آخِرُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَصَحُّهُمَا وَلَمْ أَرَ لِلْمَالِكِيَّة ِ دَلِيلًا عَلَى تَرْكِهِ وَلَا متمسكا إِلَّا بقول بن الْقَاسِمِ
( ج2/ ص 285 )
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَعَوَّلُوا عَلَى رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ أَنه صلى خلف بن عُمَرَ فَلَمْ يَرَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَأُجِيبُوا بِالطَّعْنِ فِي إِسْنَادِهِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ رَاوِيَهُ سَاءَ حِفْظُهُ بِآخِرِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَقَدْ أَثْبَتَ ذَلِكَ سَالِمٌ وَنَافِعٌ وَغَيْرُهُمَا
( ج2 / ص 285 )
وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أولى من وَاحِد لَا سِيمَا وَهْمْ مُثْبِتُونَ وَهُوَ نَافٍ مَعَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ مُمْكِنٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَاهُ وَاجِبًا فَفَعَلَهُ تَارَةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْء رفع الْيَدَيْنِ عَن مَالك أَن بن عُمَرَ كَانَ إِذَا رَأَى رَجُلًا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذا ركع وَإِذا رفع رَمَاه بالحصا وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ لَا يَعُودُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَرَدَّهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ قَالَ وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ الْمُثْبِتُ مُقَدَّمًا عَلَى النَّافِي وَقَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ
( ج2 / ص 285 )
والطَّحَاوِيُّ إِنَّمَا نَصَبَ الْخِلَافَ مَعَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ كَالْأَوْزَاعِي ِّ وَبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَنَقَلَ الْبُخَارِيُّ عقب حَدِيث بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ لِحَدِيثِ بن عمر
( ج2 / ص 285 )
وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَزَادَ وَكَانَ عَلِيٌّ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَمُقَابِلُ هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَنَسَبَ بَعْضُ مُتَأَخَّرِي الْمَغَارِبَةِ فَاعِلَهُ إِلَى الْبِدْعَةِ وَلِهَذَا مَالَ بَعْضُ مُحَقِّقِيهِمْ كَمَا حَكَاهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ إِلَى تَرْكِهِ دَرْءًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ فَقَدْ طَعَنَ فِي الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَرْكُهُ قَالَ وَلَا أَسَانِيدَ أَصَحُّ مِنْ أَسَانِيدِ الرَّفْعِ انْتَهَى
( ج2 / ص 285 )
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ مِمَّنْ رَوَاهُ الْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرَةُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَافِظُ أَنَّهُ تَتَبَّعَ مَنْ رَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَبَلَغُوا خَمْسِينَ رَجُلًا
( ج2 / ص 285 )
وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ كُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ تَرْكُ الرَّفْعِ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ رُوِيَ عَنْهُ فعله إِلَّا بن مَسْعُودٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ
ج٢ / ص ٢٨٧
لم يجزم البخاري رحمه الله بالحكم ب الى اين يرفع يديه كما جزم به قبل
لكن الارجح عنده محاذاة المنكبين لاقتصاره على ايراد دليله .
ج٢ / ص ٢٨٧
المنكب مجمع عظم العضد والكتف وبهذا اخذ الشافعي والجمهور
وذهب الحنفية الى حديث مالك بن الحويرث ذكره عند مسلم وفي لفظ له عنه
حتى يحاذي بهما فروع اذنيه
وعند ابي داود من رواية عاصم بن كليب عن ابيه عن واءل بن حجر بلفظ " حتى حاذتا اذنيه "
ورجح الاول لكون اسناده اصح