كتاب: (العلم الخالص في معرفة بعض الخصائص).
شكر وتقدير
من الأشياء التي لا تنفك عن البشر حاجة بعضهم لبعض، فكي تستقيم الحياة جعل الله الناس بعضهم لبعض عونًا، لذا ما من إنسان إلا ولغيره عليه فضل ومنَّة، ولازال الناس يشفع بعضهم لبعض في قضاء حوائجهم، ومما يذكر في قوله تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا) النساء: ٨٥
قال مجاهد بن جبر: (نزلت هذه الآية في شفاعات الناس بعضهم لبعض).([1])
وقال القرطبي في تفسير الآية: (قال مجاهد والحسن وابن زيد وغيرهم: (هي في شفاعات الناس بينهم في حوائجهم، فمن يشفع شفاعة لينفع فله نصيب، ومن يشفع ليضر فله كفل، والكفل: الوزر والإثم، وقيل: الشفاعة الحسنة في البر والطاعة، والسيئة في المعاصي، فمن شفع شفاعة حسنة ليصلح بين اثنين استوجب الأجر، ومن سعى بالنميمة والغيبة أَثِم).([2])
ومن البرِّ والإحسان الاعتراف بالفضل لأهله، لذا أشكر أبي وأمي على حسن رعايتهم وتربيتهم وأسأل الله أن أُرزق برَّهم، وأن يُتمَّ الله عليهم الصحة والعافية في الدنيا والآخرة.
كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير لسماحة الوالد شيخنا عادل بن يوسف العزازي المتواضع صاحب الخلق الحسن الرفيع، فهو الذي أشار علينا بفكرة هذا السِفر، وسدد وأضاف، ولولا الأقدار لأتمَّ الله علينا نعمة هي خير لي مما أنا فيه؛ لكن هي أقدار الله نتقلب فيها كما شاء سبحانه وتعالى، فأسأل الله أن يبارك في عمره وأن ينفعنا وإيَّاه بعلمه في الدنيا والآخرة.
كما أشكر شيخنا المربي الفاضل طه بن حسين بن يعقوب حفظه الله تعالى على نصحه لنا وأدبه الجم.
ولا تسعني كلمات أشكر بها زوجتي أم البراء بارك الله فيها على ما توفره لي من وقت وما تبذله من جهد، فاللهم كافئها بفضلك وعافاها واعفو عنها.
كما أدعو لأولادي رفيدة ونسيبة والبراء، أن يبارك فيهم وأن يجعلهم من أهل التُقى والإيمان والقرآن، وأن يرزقني فيهم الصلاح والإصلاح، وأن يجعلهم من أهل العلم والقرآن.
ولا أنسى إخوانًا لي ساعدوني بقول ونصح وتشجيع وعون بارك الله فيهم.
وأخيرًا أتمثل قول القائل:
أموت ويبقى كل ما كتبتــــــه ... فيا ليت من يقرأ كتابي دعا ليا
لعل إلهي أن يمـن بلطفـــــــــــ ـــــــــــــــ ـه ... ويرحم تقصيري وسوء فعاليـا
([1]) عزاه السيوطي في الدر المنثور: (2/ 653)، لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
([2]) الجامع لأحكام القرآن: (5/ 295).
رد: كتاب: (العلم الخالص في معرفة بعض الخصائص).
13 – أُوتي أُواخر سورة البقرة:
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنِّي أُوتِيتُهُمَا مِنْ كَنْزٍ مِنْ بَيْتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَلَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلِي)، يَعْنِي: الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.([1])
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: (هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ)، فَقَالَ: (هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ)، وَقَالَ: (أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَمْ تُقْرَأْ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ).([2])
قوله: (أَعْطَيْت الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة)، وَهِي الَّتِي أوّلها آمن الرَّسُول.
قوله: (من كنز تَحت الْعَرْش)، يَعْنِي أَنَّهَا ادخرت وكنزت فَلم يؤتها أحد قبله ذكره الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ، وَلذَا قَالَ (لم يُعْطهَا نَبِي قبلي).([3])
فإذا قرأت هاتين الآيتين يؤتيك الله عز وجل أجرًا على كل حرف ويجيبك، ومن فضائل هاتين الآتين ما ثبت عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ).([4])
قال النووي: (كفتاه من قيام الليل، وقيل من الشيطان، وقيل من الآفات، ويحتمل من الجميع).([5])
([1]) أحمد (21343)، وصححه الألبانيُّ في سلسة الأحاديث الصحيحة (3/471) وقال : (صحيحٌ على شرطِ مُسلمٍ).
([2]) مسلم (806).
([3]) التيسير بشرح الجامع الصغير (1/172).
([4]) البخاري (5008) ، مسلم (807).
([5]) شرح مسلم للنووي (6 /92).
رد: كتاب: (العلم الخالص في معرفة بعض الخصائص).
14 – أُوتي فاتحة الكتاب:
لما تقدم في حديث ابن عباس المذكور آنفًا، وفيه: وَقَالَ: (أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَمْ تُقْرَأْ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ).([1])
وللفاتحة فضائل عظيمة غير التي ذكرت من كونها أحد النورين الذين أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فمن تلك الفضائل:
- أنها أعظم وأفضل سورة في القرآن:
عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فِى الْمَسْجِدِ فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى، فَقَالَ: (أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ) ثُمَّ قَالَ لِى لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ)، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ (لأُعَلِّمَنَّك سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ)، قَالَ: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ).([2])
- ما أُنزل مثلها في القرآن والتوراة والإنجيل والزبور:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :وَقَرَأَ عَلَيْهِ أُبَيٌّ أُمَّ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ، وَلَا فِي الزَّبُورِ، وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا، إِنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ).([3])
– أنها رقية:
عن أبي سعيد الخدري، في قصة اللديغ، وفيها فانطلق يتقل عليه ويقرأ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِى وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْه، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِى رَقَى لاَ تَفْعَلُوا، حَتَّى نَأْتِىَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرُوا لَهُ ، فَقَالَ: (وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ -ثُمَّ قَالَ- قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا)، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.([4])
- أنها من أسباب محبة الله للعبد:
عن أبي موسى الأشعري، وفيه: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا، فَعَلَّمَنَا وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: (إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ، فَقُولُوا: آمِينَ، يُحِبُّكُمُ اللَّهُ).([5])
- هذه أصح الرويات التي وردت في فضل سورة الفاتحة، وقد وردت روايات في فضل الفاتحة، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف، وفيما ذكرنا غُنية عن التطويل، والله الموفق.
([1]) مسلم (806).
([2]) البخاري (4474)، وأبو داود (1458).
([3]) صحيح : الترمذي (2878)، وقال حديث حسن صحيح، وأحمد (9334)، وصححه الألباني في المشكاة (2142).
([4]) البخاري (2276)، ومسلم (2201)، ونحوه من حديث ابن عباس عند البخاري (5737).
([5]) مسلم (404)، وأبوداود (972)، واللفظ له.