الرد على من زعم أن الأشاعرة هم أهل السنة
مواقف العلماء الآخرين من المذهب الأشعري
يرد على من زعم أن الأشعرية هم أهل السنة
1- موقف أبي نصر السجزي من الأشعرية:
فهذا أبو نصر السجزي: علم من أعلام السنة ومن المشهود لهم بالحفظ وأتباع السنة ينقد الأشعرية نقدًا شديدًا ويصرح بأن الناس لم يزالوا على سنة حتى جاء الأشعري.
قال: (اعلموا أرشدنا الله وإياكم، أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نحلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة، وهم معهم بل أخس حالًا منهم في الباطن. وصرح بأن "المعتزلة مع سوء مذهبهم أقل ضرراً على عوام السنة من هؤلاء).
واتهم الأشعري بأنه كان يجعل أسماء الله تسميات ويهرب من اعتبارها أسماء. وكان يتلاعب في موقفه من القرآن فيعتقد بأنه عبارة، وأن حروفه شيء آخر غير ما تكلم الله به. وأن قول الأشعرية في القرآن حيرة يدعون قرآنًا ليس بعربي وأنه الصفة الأزلية، وأما هذا النظم العربي فمخلوق عندهم. ويقولون الإيمان التصديق".
وشدَّد على أنه ينبغي تأمل قول الكلابية والأشاعرة في الصفات ليعلم أنهم غير مثبتين إلها في الحقيقة. واحتج بما رواه محمد بن عبدالله المالكي المغربي وكان فقيهًا صالحًا عن الشيخ أبي سعيد البرقي وهو من شيوخ فقهاء المالكيين ببرقة عن أستاذه خلف المعلم وكان من فقهاء المالكيين أيضًا أنه قال: أقام الأشعري أربعين سنة على الاعتزال ثم أظهر التوبة فرجع عن الفروع وثبت على الأصول. وهذا كلام خبير بمذهب الأشعري وغوره.
وانتهى إلى تلك الوصية: "ينبغي أن ينظر في كتب من درج وأخبار من سلف: هل قال أحد منهم إن الحروف ليست من كلام الله؟ فإن جاء ذلك عن أحد من الأوائل والسلف قبل مخالفينا الكلابية والأشعرية: عذروا في موافقتهم إياه" (1) .
2- شيخ الإسلام الهروي:
لقد بالغ الهروي في ذم المذهب الأشعري حتى قال: بأن ذبائح الأشعري لا تحل" (2) . وكان الناس يقاطعون من يتمذهب بهذا المذهب الكلامي. فقد انقطع الناس عن أبي عصرون – من علماء الأشاعرة – فقال لهم: لماذا انقطعتم عني؟ قالوا: إن أناساً يقولون: إنك أشعري. فقال: والله ما أنا بأشعري" (3) .
3- ابن خويز منداد فقيه المالكية:
وقال مالك "لا تجوز شهادة أهل البدع" وذكر حافظ المغرب وفقيهها ابن عبدالبر بسنده عن فقيه المالكية أبي بكر بن خويزمنداد أنه قال معلقًا على قول مالك "لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء" قال: "أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع، أشعرياً كان أو غير أشعري ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته" (4) .
4- السيوطي ينتقد الكلام وأهله:
لقد كتب السيوطي كتاب (صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام) وروى من طريق أبي عبدالله الحاكم قال: سمعت أبا زيد الفقيه المروزي يقول: أتيت أبا الحسن الأشعري بالبصرة فأخذت عنه شيئًا من الكلام فرأيت من ليلتي في المنام كأني عميت فقصصتها على المعبر، فقال: إنك تأخذ علمًا تضل به، فأمسكت عن الأشعري، فرآني في الطريق فقال لي: يا أبا زيد، أما تأنف أن ترجع إلى خراسان عالماً بالفروع جاهلا بالأصول، فقصصت عليه الرؤيا فقال: اكتمها عليّ ههنا" (5) .
5- موقف ابن حزم:
لقد تعجب ابن حزم من الأحوال التي يقول بها الأشاعرة حيث يقولون: "إن ههنا أحوالا لا مخلوقة ولا غير مخلوقة ولا معلومة ولا مجهولة ولا حق ولا باطل وأن الناس ليست حارة والثلج ليست باردة" (6) . ووصف الأشعرية بالفرقة الضالة (7) .
6- انتقاد السرهندي الفاروقي للأشعرية:
وانتقد السرهندي الفاروقي النقشبندي مذهب الأشعري في القدر واعتبر مذهبه داخلا في دائرة الجبر الحقيقي، وأن كثيرين من ضعيفي الهمة يحتجون بقدر الأشعري ويميلون إلى مذهبه لهذا السبب (8) .
7- انتقاد السرهندي للماتريدية كذلك:
وانتقد السرهندي المذهب الماتريدي أيضا فقال: "يا ليت شعري! ماذا أراد أصحابنا الماتريدية من قولهم باستقلال العقل في بعض الأمور كإثبات وجود الصانع تعالى ووحدانيته، حتى كلفوا من نشأ في شاهق الجبل وعبد الصنم بهما، وإن لم تبلغه دعوة الرسول، وحكموا بترك النظر فيهما بكفره وخلوده في النار، ونحن لا نفهم الحكم بالكفر والخلود في النار إلا بعد البلاغ المبين والحجة البالغة المنوطة بإرسال الرسل" (9) .
8- أبو الفرج ابن الجوزي يوبخ الأشعري
انتقد ابن الجوزي أبا الحسن الأشعري لأنه فتح على الناس بابًا أدى إلى النزاع على العقائد والاختلاف في القرآن. فقال "لم يختلف الناس حتى جاء علي بن إسماعيل الأشعري، فقال مرة بقول المعتزلة، ثم عن له فادعى أن الكلام صفة قائمة بالنفس، فأوجبت دعواه هذه أنا ما عندنا مخلوق" (10) مع أنهم يصفون ابن الجوزي بأنه من منزهة الحنابلة.
كذلك
كذلك انتقد ابن الجوزي أبا حامد الغزالي كثيراً والقشيري صاحب الرسالة القشيرية والفتنة البغدادية – وكلاهما أشعريان – فقال "وجاء عبدالكريم بن هوازن القشيري وصنف لهم كتاب (الرسالة) فذكر فيها العجائب من الكلام في الفناء (أي في الله) والقبض والبسط والجمع والتفرقة والصحو والمحو والسكر والشرب والمكاشفة واللوائح والطوالع واللوامع والتكوين والتمكين والحقيقة والشريعة وغير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء" (11) .
واعتبر ابن الجوزي أن أساس البدع دخلت على الأمة من طريقين:
1) الفلسفة التي عكف عليها خلق من العلماء لم يقنعوا بما قنع به النبي صلى الله عليه وسلم حتى خاضوا في الكلام الذي حملهم على مذاهب ردية أفسدوا بها العقائد. ثم انتقد أبا الحسن الأشعري لأنه فتح على الناس باباً أدى إلى النزاع على العقائد والاختلاف في القرآن فتارة يقول بقول المعتزلة وتارة يزعم أن الكلام صفة قائمة بنفس الله فأوجبت دعواه أن القرآن مخلوق".
2) الرهبنة حيث أخذ خلق من المتزهدين عن الرهبان طريق التقشف" (12) . ويعني بهم الصوفية.
9- الشيخ عبدالقادر الجيلاني:
انتقد الشيخ عبدالقادر الجيلاني قول الأشاعرة إن كلام الله معنى قائم قديم بالنفس. وقال: "ينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، لا على معنى العلو (أي علو المنزلة) والرفعة كما قالت الأشعرية، ولا على معنى الاستيلاء كما قالت المعتزلة. وأنه تعالى ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء لا بمعنى نزول الرحمة وثوابه على ما ادعت المعتزلة والأشعرية" (13) .
فهذا الجيلاني يقرن الأشاعرة بالمعتزلة.
10- محمد أنور الكشميري:
كذلك انتقده الشاه محمد أنور الكشميري الحنفي (14) قائلا: ألا ترى أن الأشعري لما بالغ في التنزيه وشدد فيه لزمه نفي كثير من الصفات التي أثبتها السمع حتى قارن المعطلة، فلم يبق للاستواء المنصوص عنده مصداق، وصار نحو ذلك كله من باب المجازات عنده، فالقرآن يأبى عما يريده الأشعري من تنزيهه هذا".
أضاف "وقد نقلنا لك أننا لم نجد تعبيراً في القرآن أزيد إيهاماً من قوله تعالى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ [طه: 14] ومن قوله بُورِكَ مَن فِي النَّارِ [النمل: 8] وكان ذلك مسموعاً، فالأشعري يزعمه خلاف التنزيه قلت: فعليه أن يكره هذا التعبير أيضاً ولكن القرآن قد أتى به ولم يبال بذلك الإيهام، ولا أراه مخالفاً للتنزيه...".
"وبالجملة قد ثبت إسناد كثير من الأشياء في السمع ولا يرضى الأشعري إلا بقطعها عن الله تعالى، مع أن القرآن على ما يظهر لا يسلك مسلك تلك التنزيهات العقلية" (15) .
وهذا اعتراف منه بأن إثبات الصفات ليس تشبيهاً، وهو كلام جيد، غير أن الرد على الأشعري والسكوت عن الماتريدي ليس من الإنصاف، لأن الكشميري ما تريدي، والتأويل سائغ في مذهبهم. وكلامه هذا حجة على الماتريدية أيضاً.
11- أحمد بن الصديق الغماري
- ومن المعاصرين أبو الفضل أحمد بن الصديق الغماري – أخو عبدالله الغماري – الذي قال عند تفسير قوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة: 64]. "وأما الأشعرية فأنكرت أن تكون لله يد بالمرة، فهم أظلم منهم، وزعموا أن من قال لله يد وعين وقدم: مشبه ومجسم، وحرفوا معنى قوله تعالى بِأَعْيُنِنَا [هود: 37] بالحفظ والقدرة، وهو خلاف الحق ومذهب السلف، فكانوا في ذلك أعلم من الله الذي أثبت ذلك لنفسه على المعنى الذي أراده، لا على معنى الجارحة الذي فهمه الأشعرية وغيرهم من المؤولة، وضل من قال "قدرتاه مبسوطتان" فإنه ليس من المعهود أن يطلق الله على نفسه معنى القدرة بلفظ التثنية، بل بلفظ الإفراد الشامل لجميع الحقيقة كقوله تعالى أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً [البقرة: 165].
وقال في تفسير قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: 54] قال: "استواء يعلمه الله تعالى، ويجب علينا الإيمان به وتسليم معناه لله ورسوله، لا استولى كما يقول الأشعرية المبتدعة تعالى الله عن قولهم وعن مذهبهم علواً كبيراً" (16) .
كل هؤلاء انتقدوا المذهب الأشعري، بينما لم ينتقدوا مذهب أحمد والشافعي في العقائد، مما يؤكد أن الأشعري لم يكن علما من أعلام السنة.
http://www.dorar.net/enc/firq/425 (17)
رد: الرد على من زعم أن الأشاعرة هم أهل السنة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة 2 / 132 :
فلفظ أهل السنة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة ، وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى ويقول: إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يرى في الآخرة ، ويثبت القدر وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل الحديث والسنة ..اهـ
بارك الله فيكم و نفع بكم
هل يوجد مثال على اطلاق لفظ اهل السنة بالمعنى الاول الذي ذكره شيخ الاسلام ؟
فالمعروف من كلام السلف ان المبتدع ينسب الى بدعته .
رد: الرد على من زعم أن الأشاعرة هم أهل السنة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
بارك الله فيكم و نفع بكم
هل يوجد مثال على اطلاق لفظ اهل السنة بالمعنى الاول الذي ذكره شيخ الاسلام ؟
فالمعروف من كلام السلف ان المبتدع ينسب الى بدعته .
بارك الله فيك اخى الكريم الطيبونى - قال الشيخ صالح ال الشيخ - معنى (أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ) أنهم أصحاب السنة الذين لزموها باعتقادهم ولزموها في أقوالهم وأعمالهم - يعني في الجملة - وتركوا غير ما دلت عليه السنة .
والسنة هي الطريقة التي كان عليها رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ وأصحابه المنتخبون الخيرة ومن سار على نهجهم.
والسنة عند أهل الأصول هي ما أضيف إلى النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو وصف .
فهذا يطلق عليه السنة والمراد هنا ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام من الأقوال والأعمال والتقريرات .
فهذا ينسب إليه بهذا الاعتبار أهل السنة فيقال هم أهل السنة يعني هم أهل إتباع أقوال النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ وأهل إتباع أفعاله عليه الصلاة والسلام وأهل إتباع تقريراته .
و أهل السنة – هذا اللفظ - يطلق باعتبارين :
1 – فتارة يطلق ويراد به من خالف الرافضة وفرق الرافضة ، من خالف الشيعة والرافضة وما تفرع من ذلك هذا إطلاق ، ويدخل في هذا الإطلاق – يدخل فيه أهل الأثر ، أهل الحديث – ويدخل فيه الأشاعرة ويدخل فيه الماتريدية ويدخل فيه كل من خالف الرافضة .
فيدخل في أهل السنة الذين عندهم نوع احتجاج بالحديث .
فيخرج الرافضة والشيعة والخوارج والمعتزلة ونحو ذلك .
هذا باعتبار المقابلة – باعتبار مقابلة هذا اللفظ – بأهل التشيع ، فيقال السنة والشيعة ، وأهل السنة وأهل التشيع فيدخل في هذا اللفظ – أهل السنة – من وصفت لك .
2 - ثم يطلق باعتبار آخر وهو أنهم – كما ذكرت لك في التعريف الأول – أنهم أهل إتباع النبي عليه الصلاة والسلام في الأقوال والأفعال والتقريرات ، الذين لا يقدمون شيئاً من العقول على سنة النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ سواءٌ في الأخبار أو في الأحكام أو في السلوك والأخلاق .
وهذا هو الذي يُعْنى به هذه الطائفة ، وهم طائفة أهل الأثر ، طائفة أهل السنة والجماعة ، طائفة أهل الحديث الذين تميزوا بهذا الاعتقاد ، الذين هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة إلى قيام الساعة.
فتلخص إذن أن هذا اللفظ وهو أهل السنة دون لفظ الجماعة دون أن تعطف الجماعة عليها يطلق بأحد هذين الاعتبارين :
- قد يطلق ويراد به ما عدا الرافضة .
- وقد يطلق وهو الأصل ويراد به من لازم السنة على ما وصفت لك .
وأما قوله والجماعة فإن هذا اللفظ استعمله طائفةٌ من أئمة السنة المتقدمين من طبقة مشايخ أحمد وطبقة الإمام أحمد ومن بعدهم وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ استعمل لفظ الجماعة فمنها أنه ذكر أن الفرقة الناجية في حديث الافتراق المشهور حيث قال – بعدما ساق الافتراق – قال (كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة) .
وفي لفظٍ آخر (كلها في النار إلا واحدة) قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) وفي روايةٍ أخرى زاد لفظ (اليوم) بقوله (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) .
فهذا اللفظ – لفظ الجماعة – قد جاء الحث بالتمسك به ، بالتمسك بالجماعة ولزوم الجماعة في أحاديث كثيرة والآيات التي فيها النهي عن التفرق فيها الأمر بلزوم الجماعة بالمفهوم .
وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قال (الجماعة رحمة والفرقة عذاب)
والنصوص في ذكر الجماعة كثيرة وبالحث عليها والحض على لزومها والتحذير من مخالفة الجماعة.
وقد اختلف أهل العلم من المتقدمين اختلفوا في معنى الجماعة وفي تفسير الجماعة:
1- ففسرها طائفة بأن الجماعة هي السواد الأعظم
وهذا التفسير منقولٌ عن ابن مسعود الهذلي الصحابي المعروف رضي الله عنه وعن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنهما ، ساق ذلك عنهما جمعٌ منهم اللالكائي في كتابه (شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة) .
قال إن الجماعة هي السواد الأعظم ، وقد جاء في بعض الأحاديث – وفي إسنادها من لا يحتج به – أنه قال عليه الصلاة والسلام (عليكم بالسواد الأعظم) فأخذوا أن الجماعة هي السواد الأعظم ويعنون بـ (السواد الأعظم) السواد الأعظم في وقتهما وذلك أنه في وقت ابن مسعود في أواخره بدأ ظهور الذين ينقمون على عثمان من الخوارج ومن شابههم وحثوا على لزوم السواد الأعظم وهو سواد عامة صحابة رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ .
2- وفسر طائفة الجماعة– وهذا هو التفسير الثاني – بأن الجماعة هم جماعة أهل العلم والسنة والأثر والحديث، سواءٌ كانوا من أهل الحديث تعلماً وتعليماً ، أو كانوا من أهل الفقه تعلماً أو تعليماً ، أو كانوا من أهل اللغة تعلماً وتعليماً فـأهل الجماعة هم أهل العلم والفقه والحديث والأثر هؤلاء هم الجماعة .
هذا القول هو مجموع أقوال عددٍ من الأئمة حيث قالوا إن الجماعة وإن الفرقة الناجية هم أهل الحديث كما ذكر ذلك الإمام أحمد بقوله إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم ، وذكر ذلك أيضاً عبد الله بن المبارك ويزيد بن هارون وجماعة من أهل العلم ، وقال آخرون هم أهل العلم كما رواه البخاري .
محصل هذا القول أن الجماعة هم أهل العلم وأهل الحديث وأهل الأثر.
وساق تلك الأقوال الخطيب البغدادي في كتابه (شرف أصحاب الحديث بأسانيدها إلى من قالها) وهذا هو الذي اشتهر عند العلماء بل عُدَّ إجماعاً أن المعنِيَ بالجماعة وبالفرقة الناجية أنهم هم أهل الحديث والأثر يعني في زمن الإمام أحمد وما قاربه لأنهم هم الذين نفوا عن دين الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وهم الذين نصروا السنة ونصروا العقيدة الحقة وبينوها وردوا على من خالفها وأعلوا عليه النكير من كل جهة .
3- القول الثالث أن الجماعة هم أصحاب رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ، وهذا القول منسوبٌ إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز الأموي رضي الله عنه ورحمه رحمةً واسعة .
وهذا القول دليله واضح وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في بعض ألفاظ حديث الافتراق (هي الجماعة) وقال في ألفاظٍ أُخَرْ (ما كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) ومعنى ذلك أن الجماعة هي الصحابة .
4- القول الرابع وهو قولٌ نذكره ولكن دليل عليه أن الجماعة هم أمة الإسلام بعامة ، لكن هذا باطل لأن هذا يناقض حديث الافتراق فإن حديث الافتراق يبين أن أمة الإسلام – يعني أمة الإجابة – تفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة وعدُ الجماعة هي أمة الإسلام يناقض هذا الحديث مناقضةً واضحة صريحة .
5- القول الأخير أن الجماعة يراد بها عصبة المؤمنين الذين يجتمعون على الإمام الحق فيدينون له بالسمع والطاعة ويعقدون له البيعة الشرعية ، واختار هذا القول ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى وجماعة كثيرون من أهل العلم .
قالوا لأنه بهذا يحصل الاجتماع والائتلاف إذا كان على إمامٍ حق .
إذا كان كذلك فهذه الأقوال كما ترى متباينة ولكن في هذا القول وهو تحديد من هم أهل السنة والجماعة نحتاج إلى أن نعلم هذه الأوصاف التي ذُكرت في هذه الأقوال .
وتحقيق المقام أن الأقوال الثلاثة الأُوَلْ :
qوهي القول بأن الجماعة هم السواد الأعظم .
qأو أن الجماعة هم أهل العلم والحديث والأثر .
qأو أن الجماعة هم صحابة رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ .
هذه الأقوال متقاربة وهي من اختلاف التنوع لأن الجماعة الذين هم السواد الأعظم كما فسرها ابن مسعود وأبو مسعود رضي الله عنهما هذا يعنون به صحابة رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ .
ومن فسرها – وهم أكثر أهل العلم – بأن الجماعة هم أهل العلم والأثر والحديث هؤلاء لأنهم تمسكوا بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد ، و الجماعة المراد بها أصحاب رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ .
فتحصل إذن أن هذه الأقوال الثلاثة ترجع إلى معنىً واحد وأن أهل السنة والجماعة هم الذين تابعوا صحابة رسول الله صلى عليه وسلم وتابعوا أهل العلم والحديث والأثر في أمورهم .
أما قول ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى فهذا صحيح وهو أن الجماعة هم عصبة المؤمنين الذين اجتمعوا على الإمام الحق وتبيان ذلك-مما يبين حصيلة هذا الكلام ويقرره أتم تقريرٍ وأوضح تقرير– أن الجماعة مقابلة للفرقة والافتراق يقابله الاجتماع .
وقد ذكر الخطابي رحمه الله تعالى في كتابه (العزلة) كلمة فائقة فيها تحرير هذا المقام .
قال إن الافتراق ينقسم إلى افتراق في الآراء والأديان .
و افتراق في الاجتماع والأبدان أو بالأشخاص والأديان .
افتراق تارةً يكون في الآراء والأديان وتارةً يكون في الأشخاص والأبدان .
هكذا قال وهذا كلامٌ دقيقٌ متين .
قال و الاجتماع يكون اجتماع بمقابل ذلك بالآراء والأديان ويكون اجتماع بالأشخاص الأبدان .
والاجتماع في الأشخاص والأبدان هذا ينقسم إلى آخر ما يحصله كلامه رحمه الله .
نأخذ من هذا أنه لفهم معنى الجماعة فهماً دقيقاً لأنه ينبني على هذا فهم معنى أهل السنة والجماعة حتى لا يُدخل فيهم من ليس منهم .
تحريره أن الجماعة تطلق باعتبارين :
- جماعةٌ باعتبار العقائد والأديان ، باعتبار الآراء والأديان .
فإذا نظرت إلى هذا المعنى في الاجتماع فإنه مأمورٌ به .
والاجتماع على الآراء والأديان ، الأقوال في الدين وعلى الأحكام وعلى العقائد وعلى المنهج ونحو ذلك فهذا لا بد أن يكون له مرجع ، ومرجعه في فهم نصوص الكتاب والسنة هم صحابة رسول الله صلى الله صلى عليه وسلم .
وبهذا يلتقي هذا الفهم مع أقوال أهل العلم الذين قالوا إن الجماعة هم صحابة رسول الله صلى عليه وسلم .
وعلى هذا فالذين أخذوا بما قالته الصحابة وما بينته الصحابة من أحكام الشرع من الأحكام الخبرية -يعني من العقائد– فإنه على الحق وهو الذي لم يكن مع الفرق التي فارقت الجماعة .
وهؤلاء الذين هم مع صحابة رسول الله صلى عليه وسلم هم مع السواد الأعظم قبل أن يفسد السواد الأعظم .
ومعلومٌ أنه لا يحتج بالسواد الأعظم في كل حال وإنما السواد الأعظم الذي يحتج به هو السواد الأعظم لصحابة رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ .
هذه مسألةٌ في غاية الأهمية إذ الاحتجاج بالسواد الأعظم إنما يراد به السواد الأعظم للمهتدين وهم صحابة رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ومن تابعهم في أمور الدين .
فصار إذن هاهنا قولان رجعا إلى هذا المعنى .
كذلك من قال إن الجماعة هم أهل العلم والحديث والأثر ومن سار على نهجهم من الفقهاء وأهل اللغة ونحو ذلك هؤلاء إنما أخذوا بأقوال الصحابة رضوان الله عليهم وساروا على ما قرروه فإذن هم مع الجماعة قبل أن تفسد الجماعة ومع السواد الأعظم قبل أن يتفرق الناس عنه .
لهذا جاء ما جاء في أن الجماعة ما كان على الحق وإن كنت وحدك .
الجماعة ما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد الجماعة كما قاله طائفة من علماء السلف وهذا يريدون به ما كان عليه صحابة رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قبل أن يفسد الناس لأنه حصلت فتن وحصلت للناس أمورٌ منكرة وافتراءٌ في الدين .
فكيف تُضبَط هذه المسألة وهي أعظم المسائل التي هي مسألة الاعتقاد وما يجب اعتقاده وما ينهج بالحياة .
قال أهل العلم إن الجماعة يعني التي من تمسك بها فهو على الجماعة ومن حاد عنها فهو من أهل الفرقة .
قالوا هم صحابة رسول الله صلى عليه وسلم وهذا ظاهرٌ كما ترى .
- المعنى الثاني للاجتماع اجتماعٌ بالأبدان – اجتماع في الأشخاص والأبدان – كما عُبِرَ عنه وهذا هو الذي فهمه ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى .
ولا شك أن هذا مأمورٌ به في نصوصٍ كثيرة :
النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ أمر بالجماعة بهذا المعنى – الاجتماع على الإمام – وعدم التفرق عليه وترك الخروج عليه والبعد عن الفتن التي تفرق المؤمنين ، وهذا مما تميز به صحابة رسول الله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ وتميز به أهل السنة في كل عصر .
فنظَرَ ابن جرير رحمه الله تعالى في هذا المعنى إلى ما فعله الإمام أحمد رحمه الله تعالى مع ما حصل من المأمون والمتوكل والواثق فإنه لم ينزع يداً من طاعة لأنه رأى أن الاجتماع إنما يحصل بذلك فأخذ بما جاء في النصوص بهذا المعنى وهكذا أهل السنة والجماعة هم على هذين الأمرين .
فإذن أهل السنة والجماعة تحصل على أن معنى الجماعة– وإن تعددت الأقوال – فإن هذه الأقوال كاختلاف التنوع لأن جميعها صحيح دلت عليه نصوص الشرع .
فباجتماع هذه الأقوال يحصل لنا المعنى الصحيح لأهل السنة والجماعة .
فغلط من غلط في معنى أهل السنة والجماعة فأدخل في أهل السنة والجماعة الفرق ، بعض الضالة كالأشاعرة والماتريدية .
ومن أمثال من غلط من المتقدمين السَفَّاريني في شرحه (لوامع الأنوار البهية) فقال أهل السنة والجماعة ثلاث فرق :
oالأولى الأثرية أتباع الأثر .
oوالثانية الأشعرية أتباع أبي الحسن الأشعري .
oوالثالثة الماتريدية أتباع أبي منصور الماتريدي .
وإذا كان كذلك فإنه على هذا الكلام إن الأشعرية والماتريدية وأهل الأثر هم جميعاُ من الجماعة .
وهذا باطل لأن أهل الأثر هم الذين تمسكوا بما كانت عليه الجماعة وأما الأشاعرة والماتريدية فإنهم يقولون قولتهم المشهورة يقولون كلام السلف أسلم ولكن كلام الخلف أعلم وأحكم .
وهذا لا شك أنه فيه افتراق وفرقة وخلافٌ واختلاف عما كانت عليه الجماعة قبل أن يَذِرَ نجم الابتداع في هذه الأمة.
فإذن هذا الكلام من الكلام الذي هو غلط على أهل السنة والجماعة ولم يقل به أحد أئمة أهل السنة الذين يفهمون كلام أهل السنة وكلام المخالفين .
فإذن أهل السنة والجماعة فرقةٌ واحدة طائفةٌ واحدة لا غير وهم الذين يعتقدون هذا الاعتقاد
رد: الرد على من زعم أن الأشاعرة هم أهل السنة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
هل يوجد مثال على اطلاق لفظ اهل السنة بالمعنى الاول الذي ذكره شيخ الاسلام ؟
سؤال - هل لفظ أهل السنة والجماعة يدخل فيه الأشاعرة إذا أطلقناه في مقابلة الرافضة؟ وإذا كان صحيحًا فهل لهذا التقسيم من أصل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسائل الخلاف المشهورة بين أهل السنة والروافض - كالخلافة، والإمامة، والعقيدة في الصحابة - لم يخالف فيها الأشاعرة، بل وافقوا فيها الحق، وردوا فيها على المبطلين، وكان لهم في ذلك مقامات محمودة؛ ولذلك إذا أطلق لقب السنة في مقابلة الروافض كان الأشاعرة منهم بلا شك، ولهذا التقسيم أصل في كلام أهل العلم:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كان في كلامهم ـ يعني الأشاعرة ـ من الأدلة الصحيحة، وموافقة السنة ما لا يوجد في كلام عامة الطوائف، فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة، والحديث، وهو يعدون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة، والرافضة، وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة، والرافضة، ونحوهم. اهـ.
.............................. .
وجاءفي منهج الأشاعرة في العقيدة: مصطلح أهل السنة والجماعة يطلق ويراد به معنيان:
1) المعنى الأعم: وهو ما يقابل الشيعة، فيقال: المنتسبون للإسلام قسمان: أهل السنة والشيعة ...
2) المعنى الأخص: وهو ما يقابل المبتدعة، وأهل الأهواء، وهو الأكثر استعمالًا، وعليه كتب الجرح والتعديل، فإذا قالوا عن الرجل: إنه صاحب سنة، أو كان سنيًّا، أو من أهل السنة، ونحوها، فالمراد أنه ليس من إحدى الطوائف البدعية، كالخوارج، والمعتزلة، والشيعة، وليس صاحب كلام وهوى، وهذا المعنى لا يدخل فيه الأشاعرة. اهـ.
والله أعلم.http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...waId&Id=253570
رد: الرد على من زعم أن الأشاعرة هم أهل السنة
نعم بارك الله فيك اخي محمد
قد استفدت مما نقلته اخي الكريم
لكن الاشكال ان هذا الاطلاق حادث . لم يستعمله السلف في رجل مبتدع و لا في طائفة فارقت اهل السنة في اصل من اصولها حتى في ردودهم على الرافضة . و الله اعلم
و عامة من يستعمل ذلك ينظر الى الاشاعرة و الماتريدية و هي فرق قد تاخر ظهورها مع ان اصولها التي خالفت فيها اهل السنة ترجع الى اصول الجهمية .
و لو نظرنا الى الضابط المذكور للزم ان يطلق اهل السنة بالاعتبار العام على كل من وافق اهل السنة في الرد على
المخالف في ذلك ؟
و لله اعلم
رد: الرد على من زعم أن الأشاعرة هم أهل السنة
وَالآنَ أَهْجُو الأَشْعَرِيَّ وَحِزْبَهُ * وَأُذِيعُ مَا كَتَمُوا مِنَ الْبُهْتَانِ
يَا مَعْشَرَ الْمُتَكَلِّمِي نَ عَدَوْتُمُ * عُدْوَانَ أَهْلِ السَّبْتِ في الْْحِيتَانِ
عِلْمُ الْكَلاَمِ وَعِلْمُ شَرْعِ مُحَمَّدٍ * يَتَغَايَرَانِ وَلَيَسْ يَشْتَبِهَانِ
حَمَلُوا الأُمُورَ عَلَى قِيَاسِ عُقُولِهِمْ * فَتَبَلَّدُوا كَتَبَلُّدِ الْحَيْرَانِ
اللهُ صَيَّرَنِي عَصَا مُوسَى لَكُمْ * حَتَّى تَلَقَّفَ إِفْكَكُمْ ثُعْبَانِي
بِأَدِلَّةِ الْقُرْآنِ أُبْطِلُ سِحْرَكُمْ * وَبِهِ أُزَلْزِلُ كُلَّ مَنْ لاَقَانِي
هُوَ مَلْجَئِي هُوَ مَدْرَئِي هُوَ مُنْجِنِي * مِنْ كَيْدِ كُلِّ مُنَافِقٍ خَوَّانِ
إِنْ حَلَّ مَذْهَبُكُمْ بِأَرْضٍ أَجْدَبَتْ * أَوْ أَصْبَحَتْ قَفْرًا بِلاَ عُمْرَانِ
وَاللهُ صَيَّرَنِي عَلَيْكُمْ نِقْمَةً * وَلِهَتْكِ سِتْرِ جَمِيعِكُمْ أَبْقَانِي
أَنَ في حُلُوْقِ جَمِيعِهِمْ عُودُ الْحَشَا * أَعْيَى أَطِبَّتَكُمْ غُمُوضُ مَكَانِي
أَنَ حَيَّةُ الْوَادِي أَنَا أَسَدُ الشَّرَى * أَنَ مُرْهَفٌ مَاضِي الْغِرَارِ يَمَانِي
دَارَيْتُمُ عِلْمَ الْكَلاَمِ تَشَزُّرًا * وَالْفِقْهُ لَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ يَدَانِ
الْفِقْهُ مُفْتَقِرٌ لِخَمْسِ دَعَائِمٍ * لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهَا لَكُمْ ثِنْتَانِ
حِلْمٌ وَإِتْبَاعٌ لِسُنَّةِ أَحْمَدٍ * وَتُقًى وَكَفُّ أَذًى وَفَهْمُ مَعَانِ
يَا أَشْعَرِيَّةُ هَلْ شَعَرْتُمْ أَنَّنِي * رَمَدُ الْعُيُونِ وَحِكَّةُ الأَجْفَانِ
أَنَ في كُبُودِ الأَشْعَرِيَّةِ قَرْحَةٌ * أَرْبُو فَأَقْتُلُ كُلَّ مَنْ يَشْنَانِي
وَلَقَدْ بَرَزْتُ إِلَى كِبَارِ شُيُوخِكُمْ * فَصَرَفْتُ مِنْهُمْ كُلَّ مَنْ نَاوَانِي
وَقَلَبْتُ أَرْضَ حِجَاجِهِمْ وَنَثَرْتُهَا * فَوَجَدتُّهَا قَوْلاً بِلاَ بُرْهَانِ
وَاللهُ أَيَّدَنِي وَثَبَّتَ حُجَّتِي * وَاللهُ مِنْ شُبُهَاتِهِمْ نَجَّانِي
وَالْحَمْدُ للهِ الْمُهَيْمِنِ دَائِمًا * حَمْدًا يُلَقِّحُ فِطْنَتِي وَجَنَانِي
أَحَسِبْتُمُ يَا أَشْعَرِيَّةُ أَنَّنِي * مِمَّنْ يُقَعْقِعُ خَلْفَهُ بِشِنَانِ
أَفَتُسْتَرُ الشَّمْسُ الْمُضِيئَةُ بِالسُّهَا * أَمْ هَلْ يُقَاسُ الْبَحْرُ بِالْخُلْجَانِ
عَمْرِي لَقَدْ فَتَّشْتُكُمْ فَوَجَدتُّكُمْ * حُمُرًا بِلاَ عِنَنٍ وَلاَ أَرْسَانِ
أَحْضَرْتُكُمْ وَحَشَرْتُكُمْ وَقَصَدتُّكُمْ * وَكَسَرْتُكُمْ كَسْرًا بِلاَ جُبْرَانِ
أَزَعَمْتُمُ أَنَّ الْقَرَانَ عِبَارَةٌ * فَهُمَا كَمَا تَحْكُونَ قُرْآنَانِ
إِيمَانُ جِبْرِيلٍ وَإِيمَانُ الَّذِي * رَكِبَ الْمَعَاصِي عِنْدَكُمْ سِيَّانِ
هَذَا الْجُوَيْهِرُ وَالْعُرَيْضُ بِزَعْمِكُمْ * أَهُمَا لِمَعْرِفَةِ الْهُدَى أَصْلاَنِ
مَنْ عَاشَ في الدُّنْيَا وَلَمْ يَعْرِفْهُمَا * وَأَقَرَّ بِالإِسْلاَمِ وَالْفُرْقَانِ
أَفَمُسْلِمٌ هُوَ عِنْدَكُمْ أَمْ كَافِرٌ * أَمْ عَاقِلٌ أَمْ جَاهِلٌ أَمْ وَانِي
عَطَّلْتُمُ السَّبْعَ السَّمَوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشَ أَخْلَيْتُمْ مِنَ الرَّحْمَنِ
وَزَعَمْتُمُ أَنَّ الْبَلاَغَ لأَحْمَدٍ * في آيَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ
هَذِي الشَّقَاشِقُ وَالْمَخَارِفُ وَالْهَوَى * وَالْمَذْهَبُ الْمُسْتَحْدَثُ الشَّيْطَانِي
سَمَّيْتُمُ عِلْمَ الأُصُولِ ضِلاَلَةً * كَاسْمِ النَّبِيذِ لِخَمْرَةِ الأَدْنَانِ
وَنَعَتْ مَحَارِمُكُمْ عَلَى أَمْثَالِكُمْ * وَاللهُ عَنْهَا صَانَنِي وَحَمَانِي
إِنِّي اعْتَصَمْتُ بِحَبْلِ شَرْعِ مُحَمَّدٍ * وَعَضَضْتُهُ بِنَوَاجِذِ الأَسْنَانِ
أَشَعَرْتُمُ يَا أَشْعَرِيَّةُ أَنَّنِي * طُوفَانُ بَحْرٍ أَيُّمَا طُوفَانِ
أَنَ هَمُّكُمْ أَنَ غَمُّكُمْ أَنَ سُقْمُكُمْ * أَنَ سُمُّكُمْ في السِّرِّ وَالإِعْلاَنِ
أَذْهَبْتُمُ نُورَ الْقُرَانِ وَحُسْنَهُ * مِنْ كُلِّ قَلْبٍ وَالِهٍ لَهْفَانِ
فَوَحَقِّ جَبَّارٍ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * مِنْ غَيْرِ تَمْثِيلٍ كَقَوْلِ الْجَانِي
وَوَحَقِّ مَنْ خَتَمَ الرِّسَالَةَ وَالْهُدَى * بِمُحَمَّدٍ فَزَهَا بِهِ الْحَرَمَانِ
لأُقَطِّعَنَّ بِمِعْوَلِي أَعْرَاضَكُمْ * مَا دَامَ يَصْحَبُ مُهْجَتِي جُثْمَانِي
وَلأَهْجُوَنَّك ُمُ وَأَثْلِبُ حِزْبَكُمْ * حَتَّى تُغَيِّبَ جُثَّتِي أَكْفَانِي
وَلأَهْتِكَنَّ بِمَنْطِقِي أَسْتَارَكُمْ * حَتَّى أُبَلِّغَ قَاصِيًا أَوْ دَانِي
وَلأَهْجُوَنَّ صَغِيرَكُمْ وَكَبِيرَكُمْ * غَيْظًا لِمَنْ قَدْ سَبَّنِي وَهَجَانِي
وَلأُنْزِلَنَّ بِكُمْ أَلِيمَ صَوَاعِقِي * وَلَتُحْرِقَنَّ كُبُودَكُمْ نِيرَانِي
وَلأَقْطَعَنَّ بِسَيْفِ حَقِّي زُورَكُمْ * وَلَيُخْمِدَنَّ شُوَاظَكُمْ طُوْفَانِي
وَلأَقْصِدَنَّ اللهَ في خِذْلاَنِكُمْ * وَلَيَمْنَعَنَّ جَمِيعَكُمْ خِذْلاَنِي
وَلأَحْمِلَنَّ عَلَى عُتَاةِ طُغَاتِكُمْ * حَمْلَ الأُسُودِ عَلَى قَطِيعِ الضَّانِ
وَلأَرْمِيَنَّك ُمُ بِصَخْرِ مَجَانِقِي * حَتَّى يَهِدَّ عُتُوَّكُمْ سُلْطَانِي
وَلأَكْتُبَنَّ إِلَى الْبِلاَدِ بِسَبِّكُمْ * فَيَسِيرَ سَيْرَ الْبُزْلِ بِالرُّكْبَانِ
وَلأُدْحِضَنَّ بِحُجَّتِي شُبُهَاتِكُمْ * حَتَّى يُغَطِّيَ جَهْلَكُمْ عِرْفَانِي
وَلأَغْضَبَنَّ لِقَوْلِ رَبِّي فِيكُمُ * غَضَبَ النُّمُورِ وَجُمْلَةِ الْعِقْبَانِ
وَلأَضْرِبَنَّك ُمُ بِصَارِمِ مِقْوَلِي * ضَرْبًا يُزَعْزِعُ أَنْفُسَ الشُّجْعَانِ
وَلأَسْعَطَنَّ مِنَ الْفُضُولِ أُنُوفَكُمْ * سَعْطًا يُعَطَّسُ مِنْهُ كُلُّ جَبَانِ
إِنِّي بِحَمْدِ اللهِ عِنْدَ قِتَالِكُمْ * لَمُحَكَّمٌ في الْحَرْبِ ثَبْتُ جَنَانِ
وَإِذَا ضَرَبْتُ فَلاَ تَخِيبُ مَضَارِبِي * وَإِذَا طَعَنْتُ فَلاَ يَرُوغُ طِعَانِي
وَإِذَا حَمَلْتُ عَلَى الْكَتِيبَةِ مِنْكُمُ * مَزَّقْتُهَا بِلَوَامِعِ الْبُرْهَانِ
الشَّرْعُ وَالْقُرْآنُ أَكْبَرُ عُدَّتِي * فَهُمَا لِقَطْعِ حِجَاجِكُمْ سَيْفَانِ
ثَقُلاَ عَلَى أَبْدَانِكُمْ وَرُؤُوسِكُمْ * فَهُمَا لِكَسْرِ رُؤُوسِكُمْ حَجَرَانِ
إِنْ أَنْتُمُ سَالَمْتُمُ سُولِمْتُمُ * وَسَلِمْتُمُ مِنْ حَيْرَةِ الْخِذْلاَنِ
وَلَئِنْ أَبَيْتُمْ وَاعْتَدَيْتُمْ في الْهَوَى * فَنِضَالُكُمْ في ذِمَّتِي وَضَمَانِي
يَا أَشْعَرِيَّةُ يَا أَسَافِلَةَ الْوَرَى * يَا عُمْيُ يَا صُمٌّ بِلاَ آذَانِ
إِنِّي لأُبْغِضُكُمْ وَأُبْغِضُ حِزْبَكُمْ * بُغْضًا أَقَلُّ قَلِيلِهِ أَضْغَانِي
لَوْ كُنْتُ أَعْمَى الْمُقْلَتَيْنِ لَسَرَّنِي * كَيْلاَ يَرَى إِنْسَانَكُمْ إِنْسَانِي
تَغْلِي قُلُوبُكُمُ عَلَيَّ بِحَرِّهَا * حَنَقًا وَغَيْظًا أَيَّمَا غَلَيَانِ
مُوتُوا بِغَيْظِكُمُ وَمُوتُوا حَسْرَةً * وَأَسًى عَلَيَّ وَعَضُّو كُلَّ بَنَانِ
لَمْ أَدَّخِرْ عَمَلاً لِرَبِّيَ صَالِحًا * لَكِنْ بِإِسْخَاطِي لَكُمْ أَرْضَانِي
أَنَ تَمْرَةُ الأَحْبَابِ حَنْظَلَةُ الْعِدَا * أَنَ غُصَّةٌ في حَلْقِ مَنْ عَادَانِي
وَأَنَا الْمُحِبُّ لأَهْلِ سُنَّةِ أَحْمَدٍ * وَأَنَا الأَدِيبُ الشَّاعِرُ الْقَحْطَانِي
يَا أَشْعَرِيَّةُ يَا جَمِيعُ مَنِ ادَّعَى * بِدَعًا وَأَهْوَاءً بِلاَ بُرْهَانِ
جَاءَتْكُمُ سُنِّيَّةٌ مَأْمُونَةٌ * مِنْ شَاعِرٍ ذَرِبِ اللِّسَانِ مُعَانِ
خَرَزَ الْقَوَافِي بِالْمَدَائِحِ وَالْهِجَا * فَكَأَنَّ جُمْلَتَهَا لَدَيَّ عَوَانِي
يَهْوِي فَصِيحُ الْقَوْلِ مِنْ لَهَوَاتِهِ * كَالصَّخْرِ يَهْبِطُ مِنْ ذُرَى كَهْلاَنِ
إِنِّي قَصَدتُّ جَمِيعَكُمْ بِقَصِيدَةٍ * هَتَكَتْ سُتُورَكُمُ عَلَى الْبُلْدَانِ
هِيَ لِلرَّوَافِضِ دِرَّةٌ عُمَرِيَّةٌ * تَرَكَتْ رُؤُوسَهُمُ بِلاَ آذَانِ
هِيَ في رُؤُوسِ الْمَارِقِيْنَ شَقِيقَةٌ * ضُرِبَتْ لِفَرْطِ صُدَاعِهَا الصُّدْغَانِ
هِيَ في قُلُوبِ الأَشْعَرِيَّةِ كُلِّهِمْ * صَابٌ وَفي الأَجْسَادِ كَالسَّعْدَانِ
لَكِنْ لأَهْلِ الْحَقِّ شَهْدٌ صَافِيًا * أَوْ تَمْرُ يَثْرِبَ ذَلِكَ الصَّيْحَانِي
وَأَنَا الَّذِي حَبَّرْتُهَا وَجَعَلْتُهَا * مَنْظُومَةً كَقَلاَئِدِ الْمَرْجَانِ
وَنَصَرْتُ أَهْلَ الْحَقِّ مَبْلَغَ طَاقَتِي * وَصَفَعْتُ كُلَّ مُخَالِفٍ صَفْعَانِ
مَعَ أَنَّهَا جَمَعَتْ عُلُومًا جَمَّةً * مِمَّا يَضِيقُ لِشَرْحِهَا دِيوَانِي
أَبْيَاتُهَا مِثْلُ الْحَدَائِقِ تُجْتَنَى * سَمْعًا وَلَيْسَ يَمَلُّهُنَّ الْجَانِي
وَكَأَنَّ رَسْمَ سُطُورِهَا في طِرْسِهَا * وَشْيٌ تُنَمِّقُهُ أَكُفُّ غَوَانِي
وَاللهَ أَسْأَلُهُ قَبُولَ قَصِيدَتِي * مِنِّي وَأَشْكُرُهُ لِمَا أَوْلاَنِي
صَلَّى الإِلَهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ * مَا نَاحَ قُمْرِيٌّ عَلَى الأَغْصَانِ
وَعَلَى جَمِيعِ بَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ * وَعَلَى جَمِيعِ الصَّحْبِ وَالإِخْوَانِ
رد: الرد على من زعم أن الأشاعرة هم أهل السنة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
و لو نظرنا الى الضابط المذكور للزم ان يطلق اهل السنة بالاعتبار العام على كل من وافق اهل السنة في الرد على
المخالف في ذلك ؟
و لله اعلم
الامام القرطبى والامام النووى معدودين عند اهل العلم من الاشاعرة- بل كثير من المصنفين لكتب الحديث والفقه اشاعره-فكلام اهل العلم على هؤلاء--والامر كما قال الشيخ صالح -فيدخل في أهل السنة بالاعتبار والقيد السابق الذين عندهم نوع احتجاج بالحديث ---اما اهل السنة بالمعنى الاخص - أهل السنة والجماعة فرقةٌ واحدة طائفةٌ واحدة لا غير وهم الذين يعتقدون الاعتقاد الحق