ذكر فيمن وهمهم الألباني رحمه الله في " إرواء الغليل "
" المجلد الثالث "
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
" أما بعد " :
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
" وبعد " :
فبادئ ذي بدء فإن الشيخ الإمام العلامة محدث العصر بقية السلف محمد بن ناصر الدين الألباني رحمه الله من أوائل الداعين إلى نبذ التقليد ومن أشد الذابين عن السنة النبوية وكان رحمه الله متبعا للمنهج السلفي مبينا أصول المنهج في العديد من كتبه وحرصه على اقتفاء آثار السلف ...
ومن المعلوم أن الشيخ الألباني رحمه الله معلوم لدى العامة والخاصة بذبه عن سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم جريا على أصول المحققين وإسهامه في نشر السنة قام رحمه الله بتخريجات لكتب السلف وتحقيقها وتبين صحيحها من ضعيفها فرحمه الله رحمة وواسعة وأسكنه فسيح جناته
ولا زال العلماء يرد بعضهم على بعض فمنهم من على بينة وعلم ومنهم من على هوى والمعصوم من عصمه الله وغالبية من يرد على الألباني إلا من رحم الله على هوى ورحم الله الإمام الشعبي رحمه الله فقد كان يقول : " تعايش الناس زماناً بالدين والتقوى ثم رفع ذلك فتعايشوا بالحياء والتذمم ثم رفع ذلك فما يتعايش الناس اليوم إلا بالرغبة والرهبة وأظنه سيجئ ما هو أشد من هذا " ولا زال الناس يتعايشون بثلب الموتى ! ولا زال كتب ضائرة بالرد على الألباني وما ذلك إلا لهوى في النفس
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات فقد يسر الله لي إكمال مشروع كنت قد بدأت العمل به وهو جمع للأوهام وتصويبات واستدراكات كان قد جمعها الشيخ في كتبه رحمه الله وكنت قد أنتهيت من السلسلة الصحيحة وقد نصحني أحد الأخوة المحبين بطباعته فاستخرت الله وبدا لي طباعته والحمد لله الذي وفقني لهذا العمل ويسر لي اموره وسبله ونعم الله على العباد كثيرة لا تعد ولا تحصى فأسال الله أن يديم علينا نعمه و العافية ...
والمتأمل في زماننا يرى ويدرك صعوبة هذا الفن – التخريج والتحقيق – وعزة أهله في هذا الزمان إلا ما رحم ربك وكما قال ابن حجر رحمه الله في " نزهة النظر " ( ص 72 ) : " وهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها ولا يقوم به إلا من رزقه الله تعالى فهماً ثاقبا وحفظا واسعاً ومعرفة تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتون ولهذا لم يتكلم فيه إلا قليل من أهل هذا الشأن كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني "
لهذا كان أظهر الأمور وأبين الأشياء صعوبة التصحيح والتضعيف ونقد الأحاديث ولما كان الأمر كما وصفنا قام المحدثون في كل زمان ببذل اٌقصى ما يستطيعه من تنقية السنة من الكذب والخطأ ...وكان في زمان أناس يذبون عن سنة ابي القاسم بما أتاهم الله من علم في الحديث رواية ودراية
لذا قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في " جامع العلوم والحكم "( ص 202)
" ومن ذلك بيان ما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وما لم يصح منه بتبين حال رواته ومن تقبل رواياته ومن لا تقبل وبيان غلط من غلط من ثقاتهم الذين تقبل رواياتهم "
ومن أعظم الأجور واثبت الثوابت وأعظم النصح ......تصحيح حديث وتصويب فهم ورد وهم وتكميل سقط وتبيين تحريف ورد غفلة ثقة وكما قال الجاحظ رحمه الله : " ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفا أو كلمة ساقطة فيكون انشاء عشر ورقات من حر اللفظ وشريف المعاني ايسر عليه من اتمام ذلك النقص حتى يرده الى موضعه من اتصال الكلام "
لذا لا يستهان بمن اشتغل بالحديث دراية ورواية لذا تجد نقدهم لأئمة وذلك فن لا يحسنه إلا من ولج فيه ...
لذا قال الخطيب البغدادي رحمه الله في " مقدمة " الموضح "( 1/12-13 :
" ولعل بعض من ينظر فيما سطرناه ويقف على ما لكتابنا هذا ضمناه يلحق سيئ الظن بنا ويرى انا عمدنا للطعن على من تقدمنا وإظهار العيب لكبراء شيوخنا وعلماء سلفنا وانى يكون ذلك ؟ ! وبهم ذكرنا وبشعاع ضيائهم تبصرنا وباقتفاء واضح رسومهم تميزنا وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا وما مثلهم ومثلنا إلا ما ذكر أبو عمر بن العلاء رحمه الله قال : " ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال ولما جعل الله تعالى في الخلق أعلاما ونصب لكل قوم إماما لزم المهتدين بمبين أنوارهم والقائمين بالحق في اقتفاء آثارهم – ممن رزق البحث والفهم وإنعام النظر في العلم – بيان ما أهملوا وتسديد ما أغفلوا إذ لم يكونوا معصومين من الزلل ولآ آمنين من مقارفة الخطأ والخطل وذلك حق العالم على المتعلم وواجب للتالي على المتقدم "
وتلك سنة العلماء وسار عليها اهل العلم المحققين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
ولذا قال الشافعي رحمه الله كما في " المدخل إلى السنن الكبرى " ( ص 285 )
" من تعلم علما فيدقق فيه لئلا يضيع دقيق العلم "
قال ابن حبان رحمه الله في " المجروحين " ( 1/27 )
" فرسان هذا العلم الذين حفظوا على المسلمين الدين وهدوهم إلى الصراط المستقيم الذين آثروا قطع المفاوز والقفار على التنعم في الديار والأوطان في طلب السنن في الأمصار وجمعها بالوجل والأسفار والدوران في جميع الأقطار حتى إن أحدهم ليرحل في الحديث في الحديث الواحد الفراسخ البعيدة وفي الكلمة الواحدة الأيام الكثيرة لئلا يدخل مضل في السنن شيئا يضل به وإن فعل فهم الذابون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الكذب والقائمون بنصرة الدين "
ومما يزيد هذا العلم أهمية أنه من أشد العلوم غموضا فلا يدركه إلا من رزق سعة في العلم والفهم وكان حاد الذهن وثاقب الفهم دقيق النظر ... ويتبين ذلك في
قول الحاكم رحمه الله في " معرفة علوم الحديث " ( ص 103) :
" إن الصحيح لا يعرف بروايته فقط وإنما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع وليس لهذا النوع من العلم عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ليظهر ما يخفى من علة الحديث فّإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصحيحة غير مخرجة في كتابي الإمامين البخاري ومسلم رحمهم الله تعالى لزم صاحب الحديث التنقير عن علته ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته "
لذلك التصحيح والتضعيف فن لا يحسنه إلا من رزق العلم والفهم وحسن النية لذا اصبح شأنه شان العلل في ذلك العصر لذا قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في " شرح علل الترمذي " ( 1/339-340 ) :
" وقد ذكرنا ... شرف علم العلل وعزته وأن أهله المتحققين وان أهله المتحققين به أفراد يسيرة من بين الحفاظ واهل الحديث وقد قال أبو عبد الله بن مندة الحافظ : إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفراً يسيراً من كثير ممن يدعي علم الحديث "
وليس معنى ذلك العصمة لأقوال أحد فالمعصوم من عصمه الله وربما يكشف العالم ما خفي على من هو أعلم منه كما في صحيحا البخاري ومسلم فكم من حديث انتقد عليهما وقد انتقدهم أئمة هذا الشأن كالدراقطني وأبي علي الجياني وأبي مسعود الدمشقي وابن القطان وابن تيمية وابن القيم وابن حجر والالباني رحمهم الله وغيرهم فقد تعقبوا البخاري ومسلم وهما في الحفظ كالجبال ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى : ( 1/183) :
" ولهذا كان جمهور ما أنكر على البخاري مما صححه يكون قوله فيه راجحاً على قول من نازعه بخلاف مسلم بن الحجاج فإنه نوزع في عدة أحاديث مما خرجها وكان الصواب فيها مع من نازعه "
ولو أن أهل البدع والضلال اكتفوا بالنقولات والتفريعات لكان أهون ولكن ابتدعوا وقاموا بالرد على من خالفهم وتلك سنة الله في خلقه لا يزال أهل البدع يرد على اهل السنة وبذلك شنع أهل البدع على علماء السنة قاطبة واهل الحديث خاصة وتلك سنة ماضية لذا قال الخطيب البغدادي رحمه الله في " شرف أصحاب الحديث " في مقدمة الكتاب :
" ولو أن صاحب الرأي المذموم شغل بما ينفعه من العلوم وطلب سنن رسول رب العالمين واقتفى آثار الفقهاء والمحدثين لوجد في ذلك ما يغنيه عن سواه واكتفى بالأثر عن رأيه الذي يراه لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد وبيان ما جاء من وجوه الوعد والوعيد وصفات رب العالمين تعالى الله عن مقالات الملحدين والأخبار عن صفة الجنة والنار وما أعد الله فيها للمتقين والفجار وما خلق الله في الأرضين والسماوات ..... وقد جعل الله أهله أركان الشريعة وهدم بهم كل بدعة شنيعة فهم آمناء الله في خليقته والواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمته والمجتهدون في حفظ ملته أنوارهم زاهرة وفضائلهم سائرة ومذاهبهم ظاهرة وحجتهم قاهرة وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه وتستحسن رأيا تعكف عليه سوى أصحاب الحديث فإن الكتاب عدتهم والسنة حجتهم والرسول قدوتهم وإليه نسبتهم ولا يعرجون على الأهواء ولا يلتفتون إلى الأهواء ......"
ومن نعم الله التي لا تعد ولا تحصى جعل لهذه الأمة مزية وفضل على باق الأمم حيث جعلها خير أمة أخرجت للناس بامتثال الأوامر واجتناب النواهي وحيث منهم بقية آثار السلف الصالح الى قيام الساعة قوم سلكوا مسلك الصالحين وأتبعوا آثار الماضين وآثاروا الحياة الآخرة على الحياة الفانية أقوام شانهم شأن المحدثين ميزوا الصحيح من السقيم ونافحوا عنها جيلا بعد جيل على مر العصور وتعاقب الشهور متمسكون بحبل الله المتين وهدي خير المرسلين ذابين عن سنته تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين المحيون سنة سيد الخلق أجمعين لا يضرهم كيد الكائدين ولا حقد الحاقدين رافعين رايتهم للمعارضين ولاهل البدع قاصمين ولذلك سماهم الله ورثة الأنبياء والمرسلين فالحمد لله الذي جعل في الأرض بقية الأنبياء صلوات رب العالمين عليهم ..)
وكما قال ابن قتيبة رحمه الله :
" قد يتعثر في الرأي جلة أهل النظر والعلماء المبرزون الخائفون لله الخاشعون ولا نعلم أن الله أعطى أحدا موثقا من الغلط وأمانا من الخطأ فنستنكف له منه بل وصف عباده بالعجز وقرنهم بالحاجة ووصفهم بالضعف ولا نعلمه تبارك وتعالى خص بالعلم قوما دون قوم ولا وقفه على زمن دون زمن بل جعله مشتركا مقسوما بين عباده يفتح للآخر منه ما أغلقه عن الأول وينبه المقل منه على ما أغفل منه عنه المكثر وليحييه بمتأخر يتعقب قول متقدم وتال يعترض على ماض وأوجب على كل من علم شيئا من الحق أن يظهره وينشره وجعل ذلك زكاة العلم كما جعل الصدقة زكاة المال " ا ه
قال ابو العباس المبرد في " الكامل "
" ليس بقدم العهد يفضل القائل ولا لحدثانه يهتضم المصيب ولكن يعطى كل ما يستحق " ا ه
لذا تجد الحسد في بعض اهل العلم سمة تميزهم إلا من رحم الله وفيما نقله البيهقي رحمه الله عن الإمام أحمد في " مناقب الشافعي " ( 2/259 ) : " إن الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئاً من العلم وحرمه قرناؤه وأشكاله حسدوه فرموه بما ليس فيه وبئست الخصلة في أهل العلم "
ولذا قال الشوكاني في " البدر الطالع " ( 1/56) في معرض دفاعه عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهذه قاعدة مطردة في كل عالم متبحر في المعارف العلمية ويفوق أهل عصره ويدين بالكتاب والسنة فإنه لا بد أن يستنكره المقصرون ويقع لهم معه محنة بعد محنة ثم يكون أمره الأعلى وقوله الأولى ويكون له بتلك الزلازل لسان صدق في الآخرين ويكون لعلمه لا يكون لغيره .."
رد: ذكر فيمن وهمهم الألباني رحمه الله في " إرواء الغليل "
وهم مؤلف " المنار "
ذكره الشيخ الالباني في " ارواء الغليل " ( ج1/ ص 323 )*
(حديث: عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: " كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر فى ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة , فصلى كل رجل حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل (فأينما تولوا فثم وجه الله) " رواه ابن ماجه (ص 78) .
* حسن.
وعزوه بهذا السياق لابن ماجه خطأ , فإنما هو للترمذى (2/176) , ورواه ابن ماجه (1020) نحوه من طريق الطيالسى وهذا فى مسنده (1145) وعنه البيهقى (2/11) وابن جرير فى تفسيره (1841 , 1843) والدارقطنى (ص 101) وأبو نعيم فى " الحلية " (1/179 ـ 180) وأبو على الطوسى فى " مختصر الأحكام " (ق 36/1) من طريق عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة به.
وزاد الطيالسى: " فقال: مضت صلاتكم , ونزلت: (فأينما تولوا فثم وجه الله) , وقال الترمذى: " هذا حديث ليس إسناده بذاك ".
قلت: وعلته عاصم هذا فإنه سيىء الحفظ , وبقية رجاله عند الطيالسى ثقات رجال مسلم عدا أشعث بن سعيد السمان وقد تابعه عنده عمرو بن قيس وهو الملائى احتج به مسلم.
وللحديث شاهد من حديث من حديث جابر قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسير أو سرية فأصابنا غيم فتحرينا , واختلفنا فى القبلة , فصلى كل رجل منا على حدة , فجعل أحدنا يخطر بين يديه لنعلم أمكنتنا , فلما أصبحنا نظرناه , فإذا نحن قد صلينا على غير القبلة , فذكرنا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال: قد أجزأت صلاتكم ".
أخرجه الدارقطنى والحاكم (1/206) والبيهقى (2/10) من طريق محمد بن سالم عن عطاء عنه.
وقال الحاكم:
هذا حديث محتج برواته كلهم غير محمد بن سالم فإنى لا أعرفه بعدالة ولا جرح " , وتعقبه الذهبى بقوله: " هو أبو سهل واه ".
قلت: وضعفه الدارقطنى والبيهقى كما يأتى , وقد توبع , فرواه الدارقطنى والبيهقى من طريق أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبرى قال: وجدت فى كتاب أبى: حدثنا عبد الملك بن أبى سليمان العرزمى عن عطاء به نحوه.
وعبد الملك هذا ثقة من رجال مسلم لكن أحمد بن عبيد الله العنبرى ليس بالمشهور.
قال الذهبى: قال ابن القطان: مجهول.
قال الحافظ فى " اللسان ": " وذكره ابن حبان فى " الثقات " فقال: روى عن ابن عتبة وعنه ابن الباغندى , لم تثبت عدالته وابن القطان تبع ابن حزم فى إطلاق التجهيل على من لا يطلعون على حاله , وهذا الرجل بصرى شهير , وهو ولد عبيد الله القاضى المشهور ".
وأعله البيهقى بما فيه من الوجادة , وليس بشىء كما بينته فى تخريج " صفة الصلاة ".
وللحديث متابعة أخرى، فرواه البيهقى عن محمد بن عبيد الله العرزمى عن عطاء به نحوه وقال: " تفرد به محمد بن سالم ومحمد بن عبيد الله العرزمى عن عطاء وهما ضعيفان ".
وكذا قال الدارقطنى.
وبالجملة فالحديث بهذا الشاهد مع طرقه الثلاث عن عطاء يرقى إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى
والله أعلم
رد: ذكر فيمن وهمهم الألباني رحمه الله في " إرواء الغليل "
تعليق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على نسخة الترمذي
في الحديث الذي ذكره الالباني في " إرواء الغليل " ( ج1 / ص 325 ) حديث رقم ( 292 )
عند تعليقه على حديث " قوله صلى الله عليه وسلم " ما بين المشرق والمغرب قبلة " رواه ابن ماجه والترمذي وصححه ( ص 78-79 )
" صحيح "
* صحيح.
أخرجه الترمذى (2/171) وابن ماجه (1011) من طريق أبى معشر عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا.
وقال الترمذى: " حديث أبى هريرة قد روى عنه من غير هذا الوجه , وقد تكلم بعض أهل العلم فى أبى معشر من قبل حفظه , واسمه نجيح , قال محمد: لا أروى عنه شيئا , وقد روى عنه الناس ".
قلت: وقال النسائى فى سننه (1/313) : " وأبو معشر المدنى اسمه نجيح , وهو ضعيف , ومع ضعفه أيضا كان اختلط , عنده أحاديث مناكير , منها: محمد بن عمرو ... " قلت: فذكر هذا الحديث ".
قلت: لكن له طريق أخرى.
فقال الترمذى: حدثنا الحسن بن أبى بكر المروزى , حدثنا المعلى بن منصور حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمى عن عثمان بن محمد الأخنسى عن سعيد المقبرى عن أبى هريرة مرفوعا به وقال: " هذا حديث حسن صحيح ".
قال محمد (يعنى البخارى) : هو أقوى من حديث أبى معشر وأصح ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات غير شيخ الترمذى " الحسن بن أبى بكر " كذا هو فى نسخ السنن " أبى بكر " حتى النسخة التى صححها أحمد شاكر رحمه الله تعالى , وهو
خطأ , والصواب " الحسن بن بكر " بحذف لفظ (أبى) كما فى " التهذيب " و" التقريب " وهو الحسن بن بكر بن عبد الرحمن أبو على نزيل مكة , قال مسلمة: " مجهول
" لكن قد روى عنه جماعة من الثقات ذكرهم فى " التهذيب " وكأنه لذلك قال فى " التقريب ": إنه صدوق , والله أعلم.
وللحديث شاهد من رواية ابن عمر مرفوعا.
أخرجه الدارقطنى (ص 101) والحاكم (1/206) وعنه البيهقى (2/9) عن يزيد ابن هارون أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن المجبر عن نافع عنه.
وقال
الحاكم: " صحيح , وابن مجبر ثقة ".
قلت: كلا , بل ليس بثقة , بل اتفقوا على تضعيفه , وقد أورده الذهبى فى " الميزان " وكذا الحافظ فى " اللسان " فلم يذكرا عن أحد توثيقه , بل كل من حكوا كلامه فيه ضعفه , إلا الحاكم فلا يعتمد على توثيقه.
لكنه لم يتفرد به , فقد أخرجه الدارقطنى , وعنه الضياء فى " المختارة " , والحاكم أيضا (1/205) من طريق أبى يوسف يعقوب بن يوسف الواسطى حدثنا شعيب بن أيوب حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , فإن شعيب بن أيوب ثقة وقد أسنده ".
ووافقه الذهبى.
قلت: ولكن شعيبا لم يخرج له الشيخان شيئا , إنما أخرج له أبو داود فقط , فالحديث صحيح فقط إن كان الراوى عنه يعقوب بن يوسف أبو يوسف الخلال الواسطى ثقة , فإنى لم أجد له ترجمة فيما عندى من كتب الرجال , وقد تفرد به كما قال البيهقى , قال: " والمشهور رواية الجماعة: حماد بن سلمة وزائدة بن قدامة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر من قوله. قال: وروى عن أبى هريرة مرفوعا , وروى يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا "
قلت: فالحديث بهذه الطرق صحيح , والله أعلم