-
هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
هذه هي الصوفية *
تأليف
الشيخ عبدالرحمن الوكيل
رحمه الله تعالى
ورفع درجته في عليين
*************************
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
محمد خاتم النبيين وسيد ولد آدم أجمعين.
"أما بعد"
فما زلت أذكر، وأنا طالب في معهد طنطا الديني،
ذلك الشيخ الشيبة يقسم لنا
– وعيناه مخضلتان بالدموع ونبرات صوته أصداء عميقة
بعيدة الغور من الشجو الولهان،
والحنين الهائم، والحرمان الجريح _
يقسم لنا أن في ضريح عبد العال المجاور لضريح البدوي
شعرة من رأس الرسول!،
وأنها معين خير، وفيض بركة ويمن،
ومطاف آمال، ومهوى رجاء!!
وأذكر أنني حين سمعت حديثه، يؤكده بقسم غليظ،
شعرت بقلبي، وكأنما يود أن ينشق عنه الصدر؛
ليهفو في صبابته الملهوفة إلى معبد الشعرة يقبلها،
ويكنُّها في مهجته،
بل شعرت كأنما حملت الملائكة إليَّ بشرى الخلود!!.
وما زلت أذكر أيضاً أنني سألت الشيخ؛
ليطمئن قلبي على هذا الأمل الحلو الساحر الفتنة،
عما جعلهم يوقنون بنسبة هذه الشعرة إلى رأس النبي الأعظم؟
فأجاب – تولاه الله بما قدّم - :
لقد وضعناها في زجاجة، وأقمنا حولها ذكر وإنشاد،
فإذا بالشعرة تذكر مع الذاكرين على دفيف الدفوف،
وحنَّات النايات،
والنغم المطرب المرقص من الأناشيد!!.
وأذكر أنني آمنت بهذه الأسطورة
كأنما هي من الله برهان ساطع!!
وأذكر أن الشيخ تداركنا – حتى يحكم القيد – بحجة أخرى،
فزعم أنهم وضعو الشعرة تحت الشمس،
فلم يجدوا لها ظلاً!!
وكان هذا الوهم الوثني الجديد
حجة عندي تدحض كل ريبة!!.
وأذكر – ويارب غفرانك –
أن خرافة الشيخ هذه غمرتني بنشوة سكرى
خلت فيها أنني أرى الجنة،
أو أنني صحابي يتلو عليه الرسول وحي الله!!.
فكنت أهفو إلى هيكل الشعرة
خاشع الطرف،
ريان القلب بالولاء،
أصلي لها بنجاوى الحب العابد،
وألثم خشب هيكلها وحَجَره
في شغف ثائر الأشواق عربيد التهلف،
وأُنهنِهُ بالأرواح العطرية
– التي أخال أنها تناسمني منها –
دموعي المسكوبة لوعة عشق، وظمأ غرام!!.
******************
* سيتم عرض ما تيسر من مباحث الكتاب باختصار
وللاطلاع على فهارس الكتاب الكاملة ومصادره
وللحصول على نسخة من الكتاب
راجع الرابط التالي مشكوراً
http://majles.alukah.net/t131287/#post722600
-
مقدمة الكتاب
وتعال معي
أذكرك بأنني كنت أطوف حول صنم البدوي،
حتى إذا مثلت أمام الكوة الصغيرة في وثنه النحاسي البراق،
أنفذت منها يديّ – في رعشة التقديس – حتى ألمس ستر القبر،
ثم أخرجها رويداً رويداً في حرص وحذر بالغين،
وقد ضممت قبضتيهما على ...؟
على ماذا ؟
كنت أوقن حينذاك أنني أضمهما على بركات سماوية
تفيض من روح الله على القبر
(يزعم الصوفية أن فوق كل ضريح ولي
نافذة مفتوحة في السماء،
يفيض الله منها بركاته على الطائفين حول الضريح!)
ثم أبسط يدي في جيبي، ثم أمسح بها وجهي،
رجاء أن أكون ميسر الرزق،
داني قطوف النجاح، مشرق الوجه بنور الله!!
وتعال –
ولا تسأم من ذكرياتي، فإنها عبرة ضحية، وعظة مأساة –
أذكرك بذلك الدَوي ترجف منه الأرض، وترتعد جُدُر المعهد
حين كانت توزع أسئلة اختبار آخر العام الدراسي،
أتدري ماذا كان يحدث ؟.
تهب هذه الآلاف المضطربة من الطلبة
رافعة أكفها في ضراعة ناعقة بما لا يسمع، ولا يبصر،
حتى ليبح صوتها، وتتمزق حناجرها إذ تنعق ضارعة:
يا سيد!!
وياويل السمع من طول "ياء النداء"!!.
لقد كانت تطول، وتطول، حتى ليخيل إليك أنها دخان مارد يحترق،
فيلمس دخانه قبة النجم،
ولعلهم كانوا يفعلون ذلك؛
لتصل أصداء ضراعتهم
إلى حيث جثمت على الأرض في غيابة القبر
جيفة مَنْ دَعَوْهُ!!
ولعلك تسألني :
ماذا كان يفعل بك شيوخكم ؟
كانوا يرفعون في سكرة الحب وذل الخشية أيديهم المعروقة،
يمسحون بها وجوههم، أو يمشطون لحاهم،
ومن بين الشفاه الذوابل تنساب هذه الهمهمة :
"رضي الله عنك يا سيد!!"
ثم يلتفتون إلينا،
وعلى وجوههم ألَقُ الرضى ناصحين في تأييد وإعجاب:
"كفاية ما خلاص سمعكم السيد!!"
وتعال
– وناشدتك الله إلا ما أصغيت غير مَالٍّ ولا كاره –
أذكرك بذلك الشيخ الأكبر الذي كان يشرك الدهماء في يوم "الكَنْسة"
وكان يمزق عمامة صنم البدوي مزقاً مزقاً،
ثم يهديها إلى مريديه بركة – في زعمه – من روح الله
التي يغرق صَيِّبُها ذيالكَ الوثن!!.
لقد كان للشيخ الأكبر شيخ هو تاجر خيط في المدينة،
وقد أعطاه العهد، وألبسه "خرقة التصوف"،
وكان التاجر على أمية وجهالة،
بيد أنه كان خبيراً بزندقة الصوفية،
مؤمنا بها، يبثها، ويهوي بالهالكين في حمأتها!!.
ولقد كنا نرى الشيخ الأكبر يخفض من رأسه عبودية للتاجر الصوفي!!
ثم يلثم يديه في خشية ورهبة وإجلال!!
وكنا نهتف إعجاباً بصنيع الشيخ؟
إذ نراه دلائل قوية على إيمان عميق، وتواضع كريم!!.
كذلك كنا نحرص كل الحرص
على أن ننتشي بمشهد الشيخ،
وهو يطوف حول ضريح البدوي،
يتملس نحاسه وستره،
حتى إذا بلغ فمه موضعاً منه،
راح يشويه بسعير القبل من شفتيه الناريتين!!
ونحرص كل الحرص على أن نوفض من منازلنا سراعاً
إلى "مولد: البدوي؛
لنشهد سرادق الشيخ الأكبر
المضروب على أبَدٍ طويل عريض من الأرض
احتفاءً بمولد الوثن الأكبر !!
ولنطعم طعامه، ونشرب شرابه ،
ثم نخرج من السرادق الفخم الضخم مهرولين صوب النصُب الكبير،
أو ما يسميه الدراويش "العمود الصاري" ( 1 )
نقترف هذا لعلنا نصيب بركة من القطب الغوث الذي قيل لنا :
إنه لا يحرص على شيء
كما يحرص على شهود الليلة الخاتمة "للمولد"
هو والأقطاب الآخرون والأوتاد والأبدال والأنجاب!!
ولعلنا نبصر واحداً منهم فيما تجسد فيه من صور ( 2 )
ثم تعال معي
إلى الجامع الأحمدي الكبير،
أو هيكل الطاغوت الأكبر؛
لترى هذه الحشود التي يمور، ويموج بها الجامع
من نساء ورجال وأطفال، وفدوا إلى الصنم من كل فج عميق،
وقد أشعلوا مواقدهم، يطهون الطعام،
أو يصنعون "الشاي، والقرفة"
أمام كل منهم "شوال" خبزه ووعاء "دُقته"
وقد حبا على الأرض الأطفال يبولون، أو يتبرزون!!.
وهنا، وهناك حانات ذكر
يرقص فيها "الدراويش"
وتتخلع "الدرويشات"
*********************
( 1 ) هو عمود طويل من الخشب مفرط في الإرتفاع مثبت في قاعدة من الأسمنت.
( 2 ) كان قد حدثني نقيب صوفي من قريتي عن القطب وأنه رآه.
قال:"كنا بمولد البدوي مرة دون الصاري فسمعت من بعيد – فحيح مزمار،
فرأيت شيخي يهرول إلى باب السرادق، ثم يكسر من قامته، حتى لتكاد تمس رأسه بالأرض،
ويرفع يديه في رعب شديد يحيي بهما رجلاً أشعث أغبر منهتك السوأة،
وبيده عكاز طويل، يدب به على الأرض، وقد تقدمه رجل مثله ينفخ في "مزمار"
ثم تنهد الرجل وهو يستعيد ذكرياته،
ثم قال:"وهكذا رأيت القطب،
فقد سألت شيخي عن الرجل الأول: أليس هو القطب؟
وصاحب المزمار حاجبه؟!
فأجاب : بلى، ولكن اكتم السر!!".
-
مقدمة الكتاب
ويزور بي شيخ أهلي – وأنا صغير- القاهرة،
فيجوب بي الصحراء، ويجتاز الأودية، ويسلك المفاوز،
ويتعثر في الجلاميد
نشداناً لضريح ابن الفارض سعياً على القدم!!
وهناك حيال الوثن الفارضي،
يغني مرافقي قصيدة ابن الفارض:
"نسخت بحبي آية العشق من قبلي"
فتذرف عيناه وعيناي الدموع،
ويحترق قلبي وقلبه شجناً على هذا العاشق المحروم،
عصف به الغرام، وأضناه الحرمان!!
كل هذا كان !!
ثم ماذا ؟!
ثم هداني الله سواء سبيله،
وسلكت بي رعايته مسلك التوحيد والإيمان،
فماذا حدث بعد ؟!
تطلعت نفسي إلى الماضي الوثني
تَطَلُّعَ الناجي من السعير
ما زالت في أتونه المتأجج ضحايا تعسة منكودة
جَنَتْ عليها الصوفية ما جنت عليَّ،
وتطلعت إلى الريف الحزين،
يستعبده شيوخ الطرق،
ويغصبون أراملَه ما هن في حاجة ملهوفة إليه ليسددن خَلَّة، أو يسترن عورة،
ومساكينَه حتى الذبالة المحتضرة من حشاشتهم.
تطلعت إلى الريف الوديع تجعل منه الصوفية
فساد عقيدة،
وضلالة فكر، وذلة ومهانة في الأخلاق،
وردغة بدع وجهالة وخرافة وأساطير،
وعبودية خانعة لهوى الأحبار،
وسدانةً يعكف فيها السدنة على بغي طواغيتهم،
يبشرون بسماحة بره. وأريحية رحمته!!.
وتطلعت إلى المدينة يعبث في أرجائها الصوفية،
فتحيل أهلها – حتى الكثير من المثقفين منهم –
عبيد قبور، وعُبَّاد جيف،
وأحلاس منكر وزور،
وموالي أذلاء لكل طاغية!!.
تطلعت إلى هؤلاء وأولئك،
وذكرت ما كابدته،
فصرخت موجعاً من هول الفاجعة
أحاول إنقاذ الضحايا التعسة.
المُغِذَّةِ السُّرَى وراء الذئاب الضواري من الصوفية!!.
وأكتب ما أكتب،
ضارعاً إلى الله وحده أن يمد بالمعونة
– فمنه وحده يستمد –
وأن يتبين لتلك الضحايا المسكينة
أنها تتجرع الغسلين تحسبه رحيقاً،
وتدين بوثنية
– هي شر ما ابتدع الشيطان لأوليائه من وثنيات،
وتخالها توحيداً مطيباً بروح الله !!.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
هذا الكـتاب
لهذا الكتاب الذي نصدره بهذه المقدمة قصة.
فمن أعوام خلت شكا سماحة شيخ الصوفية إخواناً لي من أنصار السنة،
بدعوى أنهم ينالون من كرامة الصوفية،
فكان أن رجوت وكيل النائب العام أن أقف وحدي موقف المتهم،
فلم يجد المحقق ما يأخذنا به،
وقد قدمنا له الأدلة الدامغة من كتب الصوفية على ما دمغناهم به،
وعلى صفحات "مجلة الهدى النبوي" نشرت – بعد التحقيق معي –
خطاباً مفتوحاً إلى سماحة الشيخ،
فيه ما فيه من حق يصعق باطلاً
وتوحيد يقضي على وثنية؛
ليعلم الشيخ ومن خلفه، أنهم مهما كادوا لنا، أو مكروا بنا،
فإننا لن نسكت عن أساطيرهم،
وألح إخواننا أنصار السنة هنا وفي السودان العزيز وغيره
في طبع الخطاب، فطبعت منه آلاف النسخ،
فكان أن صودر في السودان بأمر الحاكم العام السابق
ولما أن نفدت نسخه طبعه إخواننا في سوريا الشقيقة
وقد ترجم للأندونيسية.
وألح إخواننا في طبعه مرة أخرى،
فعدت إلى الكتاب أكتبه من جديد وأزيده كثيرا من النصوص،
وموضوعات جديدة لم تكن في طبعته الأولى،
حتى أربى الكتاب على ضعفي حجمه الأول،
فليس افتئاتاً على التاريخ أن أسميه "هذه هي الصوفية"
بدلاً من اسمه الأول "صوفيات" ( 1 )
وسيرى القراء كما عودتهم، أنني لم أرم الصوفية بغير ما به تدين،
وأننا لم نعتد بقول أحد في الصوفية،
وإنما اعتددنا بنقل نصوص كثيرة من كتب الصوفية
بينة الدلالة على معتقدهم،
مقارنين بينها وبين بعض آيات القرآن الكريم،
وأحاديث خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم،
هذا لكيلا يفتري صوفي أننا نرميهم بغير ما يفترون على الله.
كنا نستطيع أن نصنع صنيع بعض نقدة الصوفية قديماً وحديثاً،
فنأتي بفتاوى أئمة المسلمين في شأن الصوفية،
أو ننقل ما نقلوه عن الصوفية من نصوص،
بيد أني رأيت أن يكون للعدل والحق والتحقق الرعاية الأولى،
فنقلب دين الصوفية من كتبهم التي يؤمنون بها ذاكراً اسم الكتاب،
وتاريخ ومكان طبعه، ورقم الصفحة التي عنها نقلب؛
لأرمي الظن والريب باليقين الواضح؛
ولأبعد كل شبهة تتوهم أننا نفتات عليهم، أو نبهتهم؛
وليكون كل قارئ مفتياً لنفسه بالحق،
وحكما بين الحق وباطلهم.
وقد يعيب علينا بعض من سحرتهم طقوس الصوفية،
وشاعريتها الكهنوتية العنف في المحاجة،
لكننا لهؤلاء نقول: رويدكم!!
فإنما نسمي الأشياء بأسمائها، ونصفها بصفاتها،
فلا نقول عن الزقوم: إنه تفاح الجنة،
ولا عن الغسلين: إنه رحيق الفردوس،
ولا عن الشرك: إنه توحيد،
بل لا نحب أن نداهن النفاق فنزعم أن شرك الصوفية خطأ، فحسب،
وعجب مغرب في العجب، أن نغضب، بل نرتجف من الحنق
إذا دعينا نحن بغير أسمائنا،
ونحقر من ينتسب إلى غير أهله،
ثم لا نغضب من نعت الباطل بأنه حق!!
وعجب ذاهل الدهشة
أن نرمي بالعمى والجهالة من يسم الليل: بأنه نهار مشمس،
أو من يقول عن المر: أنه حلو،
أو من يقول عن الثلاثة: إنها واحد!!
ثم لا نرمي بهما – بالعمى والجهالة –
من ينعت الصوفية بأنها إسلام صحيح،
ومن يقول عن الطائفين حول القبور،
اللائذين بأحجارها الصم: إنهم مسلمون!!
ثم يمكر؛ ليحسب مع المسلمين،
فيقول عن أولئك: ولكنهم مخطئون!!
عجب أن نكفر القائلين بأن الله ثالث ثلاثة،
ثم نحكم بالإيمان الحق لمن ينسبون إلى النبي أنه الصوفي الأول،
وأنه الموحي بدين الصوفية!!
من يقولون: إن الله عين كل شيء وأنه مليون ملايين!!
نحكم بإيمان هؤلاء،
لا لشيء سوى أن لهم أسماء تشاكل أسماء المسلمين!!.
إن الحق والدفاع عنه يحتمان علينا أن نسمي كل شيء باسمه،
ونصفه بصفاته،
وإلا افترينا عليه، وجعلنا للباطل الصولة،
قولوا عنا ما شئتم،
فإن للحق صولة تجتاح كل صولة أخرى،
ولن ينال منها أن ترموا بعض جنده بالعنف في البيان والمحاجة.
وعجيب أن نُرمى بالعنف،
أو ينتقد علينا هذا في الدفاع عن أعظم مقدسات الدين والفضيلة،
والله يقول:
( يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين، واغلظ عليهم،
ومأواهم جهنم وبئس المصير).
قولوا ما شئتم، فليس بنافع ما تتقولون به في الذياد عن الصوفية
أو الإبقاء على رمقها الشاحب المحتضر!!
بل ستبقى رغم تتقولون به تلك الحقائق الصاعقة العاصفة المدمرة
تدك هياكل الصوفية.
ستبقى شاهد عدل وحق ساطع البرهان
على أن الصوفية عدو الإسلام الألد الخصام،
بيد أن هذا العدو، يسحرك بغزل التقبيل،
ويسكرك بخمرة العناق،
حتى إذا أغمضت عيــنـيـك النشوة الحالمة،
أنفذ إلى صميم قلبك خنجره المسموم.
وما نشتري بما نكتب رضاء الناس،
وإنما نبتغي به رضاء الله،
فلله ما بذلت من جهد،
وأضرع إليه سبحانه أن يدخره لي جهداً في سبيله،
وألا يضيعه بذنب منا نقترفه،
وهو مولانا ونعم النصير.
عبدالرحمن عبد الوهاب الوكيل
القاهرة 11 من ربيع الأخر سنة 1375
26 من نوفمبر سنة 1955
*********************
( 1 ) رد عليه كاتب في السودان سماه "الجياد الصافنات في الرد على صوفيات"
ورد عليه في سوريا بكتاب سماه "نسف الصوفيات"
فكان ردهما أبلغ دليل على أن الصوفية وثنية عفنة،
وحجة على أنهم في ضلال ما دمغناهم به .
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الفصل الأول
ضحية
هذا رجاء شاب مسلم أغوى صباه الغرير سحرُ الصوفية،
فجرَّعتُه زُعافَها يحسبه خمرة الجنة تدهق كئوسها الملائكة،
وغِسلينَها يخاله رحيقاً تُرويه به الحورُ النواعم،
ثم أشرقت على روحه المظلم أشعة الهدى من كتاب الله،
فنظر،
فماذا رأى ؟.
رأى ماضيه الصوفي شيطان كفر مارد يغتال إيمانه،
وشركٍ يعصف بالرمق الشاحب من توحيده،
فيا حَرَّ قلباه !!
كان الفتى اليتيم الروح يأمل أن يمشي على الماء،
وأن يُحلِّق بجناحيه فوق قبة النجوم،
وأن يتحد بالروح الإلهي الأعظم،
وأن يهتك – كالشهاب الثاقب – حُجُبَ "السَّويَّة والغَيْريَّة" ( 1 )
ليشهد حقيقة الوحدة الكبرى، وحدة الوجود، ويسعد بها،
وقد تحققت في ذاته!!
كان يأمل ذلك كله،
فبكل هذه الأساطير المجوسية وعدته الصوفية.
ولكن !!
وآهٍ مما بعده من أدمعٍ وجراح!!.
أمَّلت أن أمشي على الماء،
فكانت الـحُمَمُ المدمدماتُ من سقر!!
أملت أن أحلق بجناحيَّ فوق الأفق،
فإذا هي مأساة المشرك التي قصها الله في كتابه
{ ومن يشرك بالله،
فكأنما خرَّ من السماء، فتخطفه الطيرُ ،
أو تَهْوي به الريح في مكان سحيق } .
فمِن ذروة القمة الحالمِة الخيال هويت
– يدُكُّني الصخر الأصَمُّ الناتئ-
إلى غَوْرٍ سحيق سحيق!!.
وهنالك على الصخور الحدباء بقيت منى أشلاء متأثرة،
تروى لك عبرتي الحزينة المفجوعة!!.
وهنا في القلب الدامي جراحٌ نازفةٌ
تنوح بين يديك بمأساتي الدامية!!.
أمَّلت الاتحاد بالروح الإلهي،
فلم أجد غير الشيطان ينفث في دمي فتونَه،
أملت شهود الوحدة الكبرى!!
وآهٍ من هذه الأسطورة الناعسة الفتنة، المكحولة الآثام!!
فقد وعدتني الصوفية
أن هذه الأسطورة ستجعل مني إلهاً ثائر الرغبات،
عاصف الشهوات،
يَجمَحُ به هواه إلى امتهان ألوهيته
في سبيل هذه الرِّغاب التي تشهَّاها الحرمان
من شاعر ظامئ الجسد.
آه يا يوم التلاقي ليتني كـــنت إلهاً
لأبحــتُ الناسَ للناسِ خدوداً وشفاهاً
وعدتني بالربوبية تتجلى فيَّ بصورة بشرية،
فأصرف الوجودَ بقدري القاهر،
وقضائي الذي لا مردَّ له،
وأسخِّر السماء والأرض، والعواصف والجن، والملائك والحور،
أسخرهم لصَبَوَاتِ شبابي، ونزوات هواي!!.
ألم يبح كاهن الصوفية التلمساني في دينه الأم والأخت،
ويرمي من يحرمهما على الابن والأخ بأنه محجوب ؟! ( 2 )
ألم يؤكد طاغوت الصوفية الأكبر "ابن عربي" ( 3 )
أن الرب الأعظم
غانيةٌ هَلوكٌ تحترق الشفاهُ على ثغرها قبلاً دنسة ملتهبة!!
وأن هذا الرب لا يبلغ كمال تجليه الأعظم
إلا حين يتجسد في صورة أنثى
تجتاح أنوثَتَها خطيئةُ كل عِرْبيد في غيابة الليل!!
قد يتجلي هذا الرب في صورة مَلَك أو رجل،
بَيْدَ أن تَجلِّيه في صورةِ ماجنةٍ تُعْوِل بالشهوة ،
وتصرخ بالرغبة، وتَـتَـقَـتَّــ ل بالمفاتن، وتغازل بالإثم
– تجليه في تلك الصورة أحلى وأجمل، وأتم وأكمل!!.
إذ يتجلى في الرجل بصورة فاعل،
أما في المرأة فيتجلى في صورة فاعل وصورة منفعل،
وصورة فاعل منفعل معاً في مَجْلىً واحد !!. ( 4 )
تـثليث آخر!!
غير أن وراءه شهوة متمردة تَنْزُو به!!
عُذْرَاك إن جَمَحَت بي رغبتي في الذياد عن الحق
إلى ذكر خطايا صوفية، يَدْمى منها حتى الخزي،
وتثير الحياء في صفاقة وجه البَغِي!!
عُذْرَاك فإنما نجاهد لتدمير الطاغوت الأكبر،
وشيخ الصوفية يشكو منا إلى النيابة،
لأننا نكشف لهم ما افتراه الشيطان من أديان وثنية،
فَتَن بها الآبقين من الخَلْق، وسماهم لهم صوفية!!.
فمضى الكهان يبشرون بها على أنها توحيد
يشع منه وحده الحق، وإيمان سماوي الروح، عُذريُّ الحب،
فكان خطرها الناجم الداهم، هو القاصمة،
بل كانت أشد خطراً على المسلمين من المجوسية،
فهذه مُسْتَعْلِنةُ البَغْي لها من قلنسوتها آية.
أما الصوفية،
فبَسَماتٌ حلوة خَلُوب،
ونجاوى ناعمة شَفَّ رقَّتها عشق محروم،
ونغماتٌ عِذَابٌ آسرة،
وعمائم منتفخة كالبطون المُتخمة من الحرام،
ولِحىً بِيضٌ مُرْسَلَة على قلوب سود،
********************
( 1 ) اصطلاحان صوفيان مأخوذان من كلمتي "سوي وغير"
والصوفي الحق في دين الصوفية
من يوقن أنه لا "سوى ولا غير" أي يرى الكل عيناً واحدة!!
( 2 ) ص 177 ج1 مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية.
( 3 ) هو محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي مات سنة 638هـ
( 4 ) سيأتيك نصه بلفظه
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
دين الصوفية
للصوفية مدد من كل نحلة ودين إلا دين الإسلام،
اللهم إلا حين نظن أن للباطل اللئيم مدداً من الحق الكريم،
وأن للكفر الدنس روحاً من الإيمان الطهور.
والصوفية نفسها تبرأ إلا من دين طواغيتها
مؤمنة بأنه هو الحق الخالص.
يقول التلمساني – وهو من كهان الصوفية-
"القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا " ( 1 )
وابن عربي يزعم أن رسول الله أعطاه كتاب فصوص الحكم
– وهو دين زندقته – وقال له:
"اخرج به إلى الناس ينتفعون به –
ويقول :
فحققت الأمنية كما حَدَّه لي رسول الله بلا زيادة ولا نقصان"
ثم يقول:
فمن الله، فاسمعوا ** إلى الله فارجعوا ( 2 )
على حين يذكر الحق وتاريخه الصادق
أن الصوفية تنتسب إلى كل نِحْلَة مارقة،
وتنتهب منها أخبث ما تدين به،
ثم تفتريه لنفسها، مؤمنة به،
وتحمل على الإيمان به كل فراشة تطيف بجحيمه،
وإلا فهل مِن الإسلام
أسطورة وحدة الوجود،
وخرافة وحدة الأديان ؟!
فتلك تزعم أن الله سبحانه عين خلقه،
عينهم في الذات والصفات والأسماء والأفعال،
تزعم أن واهب الحياة، وخالق الوجود
عين الصخر الأصم، والرمة العفنة!!
ووحدة الأديان تزعم أن كفر الكافر، وخطيئة الفاجر
عين إيمان المؤمن، وصالحة الناسك،
تزعم أن دين الخليل هو دين أبيه آزر،
وأن إيمان موسى عين كفر فرعون،
وأن وثنية أبي جهل عين توحيد محمد،
فكلٌّ رب الدين ورسوله!!
كلٌ تَعَـيُّـنٌ للذات الإلهية،
غير أنها سميت في تَعَـيُّـنٍ بمحمد، وفى أخر بأبي جهل،
وهيَ هيَ في مظهريها، أو اسميها!!
تزعم أن دين إبليس وإيمانه
عين دين أمين الوحي، وروح إيمانه،
بل زادت الخطيئة فجوراً،
فزعمت أن إبليس أعظم معرفة بآداب الحضرة الإلهية
من أمين الوحي، وأسمى مقاماً!!
أفمِن دين الإسلام هذه الخطايا الكافرة ؟!
********************
( 1 ) ص 145 جـ 1 مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية
( 2 ) ص 4 فصوص الحكم بشرح بالي ط 1309هـ
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
افتراء على دين الله
ولكن ما بالي أسرف في الِحجاج؛
لأثبت ما ليس في حاجة إلى دليل يثبته،
بل ما الصوفية – نفسها – تقر مؤمنة به؟!
سلوها لم انتبذت من المسلمين مكاناً قصياً
تسمي فيه المدنسين برجسها صوفيين، لا مسلمين،
والاسمان متقابلان تقابل الظلام الجائر، والضوء الباهر؟
سلوها لم تمقت ما سمي به الله من يعبدونه على بصيرة،
وتَجْنَح إلى اسم ماله من دلالة إلا على كفر أو مذلة ؟
سلوها مَنْ هم كهان دينها، وأحبار طقوسها؟
سلوها لم تُورِّث أحقاد طواغيتها على الكتاب والسنة ؟
سلوها لم تفتن الأغرار عن دين الحق،
فتزعم لهم أن الإسلام شريعة وحقيقة،
تعني بالشريعة ما أوحاه الله إلى رسوله،
وبالأخرى وساوس الأبالسة النافثين لبدع الصوفية.
سلوها ، وسلوها ؟
ولكن لا تكدوا أنفسكم،
فهذا ابن عجيبة الفاطمي الهوى، الصوفي الدين
يلهمكم جواب ما عنه تسألون،
فإليكم ما افتراه:
"وأما واضع هذا العلم "يعني التصوف"
فهو النبي صلى الله عليه وسلم علمه الله بالوحي والإلهام،
فنزل جبريل أولاً بالشريعة فلما تقررت،
نزل ثانياً بالحقيقة،
فخص بها بعضاً دون بعض،
وأول من تكلم فيه، وأظهره سيدنا علي كرم الله وجهه،
وأخذه عنه الحسن البصري " ( 1 )
وإنها لفرية جائرة الإفك على رسول الله،
وبَهت له بجريمة ملعونة،
جريمة كتمان العلم، وأي علم ؟
إنه علم الحقيقة في دين الصوفية !!
أفيكتم الرسول الحق وعلمه ودلائله،
وقد توعد كاتم العلم بعقاب شديد من الله
"من كتم علماً يعلمه الله إياه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار " ( 2 )
ثم وراء هذا البهتان اتهام صريح لأبي بكر وعمر وعثمان،
ومعهم خيار الصحابة من السابقين،
بأنهم كانوا أنْضَاء ضلالة وجهالة
بما يعرج بالروح على محبة الله،
وراءه محاولة حقودٌ مصممة على تجريد الجماعة الإسلامية
من خيار سلفها وخيار خلفها من صفة الإيمان الحق.
وحسب الصوفية أن تبوء هي وحدها
بما تبهت به الصديقين والشهداء.
********************
( 1 ) ص 5 إيقاظ الهمم في شرح الحكم لابن عجيبة جـ 1 ط 1913م.
وفي قوله ذاك دليل الصلة الوثيقة بين الصوفية وبين الشيعة التي تؤله أئمتها
( 2 ) أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم وصححة من طريق أبي هريرة
وقال الترمذي: حسن صحيح.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
وسيلة المعرفة عند الصوفية
ويدين الصوفية ببهتان آخر يدمغها بالمروق عن الإسلام،
ذلك هو اعتقادها أن الذوق الفردي ( 1 )
- لا الشرع، ولا العقل –
هو وحده وسيلة المعرفة ومصدرها.
معرفة الله وصفاته، وما يجب له ( 2 ) ،
فهو – أي الذوق – الذي يقوم حقائق الأشياء،
ويحكم عليها بالخيرية أو الشَّرية، بالحسن أو القبح،
بأنها حق أو باطل،
فلا جرم أن تدين الصوفية بعدد عديد من أرباب وآلهة،
ولا عجب أن ترى النِّحلة منها تعبد وثناً بغير ما تعبده به أخرى،
أو تخنع لصنم يكفر به سواها من النحل الصوفية،
لا عجب من ذلك كله،
ما دامت تجعل "الذوق" الفردي حاكماً وقيماً على المسميات وأسمائها،
فيضع للشيء معناه مرة، ثم ينسخه بنقيضه مرة أخرى.
هذه الحِدَّةُ في تَوتُّر التناقض
صبغة الصوفية دائماً في منطقها المخبول،
ولقد ضربت الصوفيين أهواء أحبارهم بالحيرة والفرقة،
فحالوا طرائق قدداً،
تُؤلِّه كل طريقة منها ما ارتضاه كاهنُها صنماً له،
وتعبده بما يفتريه هواه من خرافات!!
على حين يجمعهم على الوحدة هوى واحد، وغاية واحدة،
هي القضاء على الإسلام والجماعة الإسلامية.
وما إخالك يا سماحة الشيخ تمتري فيما ذكرته لك، فأنت به خبير،
وإلا ففيم هذه الشِّيَعُ المتطاحنة ( 3 ) وفيم هذه المشيخات المتنابذة،
كلما دخلت واحدة منها عليك لعنت أختها،
بل فيم هذه الحرب التي يثيرونها عليك في مكر دنيء ورياء ماكر؛
إذ جلست على عرشهم دون أن تكون لك قدم ثابتة في التصوف،
ودون أن تنصب شيخ طريقة من قبل؟!!
قلها صريحة الجرأة يا سماحة الشيخ،
يهب الله لك هداه، ومقام الصديقين،
وإنه للخير الذي تنشده نفس كل مؤمن.
*******************
( 1 ) يعني به الذوق الخاص بكل إنسان
( 2 ) لم نقل: وما يستحيل عليه.
لأن الصوفية تؤمن بأنه سبحانه يجب له كل شيء ، لأنه عين كل شيء،
فلا يستحيل عليه نقص ولا عجز
( 3 ) يقول رويم البغدادي: "لا يزال الصوفية بخير ما تنافروا، فإن اصطلحوا، هلكوا"
ص 181 طبقات الصوفية للسلمي،
فليتنافر المسلمون، وليتطاحنوا فهذا دين الصوفية.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الفصل الثاني
آلهة الصوفية
يفتري الصوفية – فمالهم من سجية غير ذلك –
أنهم الذين يعرفون الله معرفة لا يمس يقينها ريب،
ولا يشوب جلال الحق فيها شبهة،
ويصمون المسلمين بعمى البصيرة ( 1 ) ، وعَمَه العقل،
وخطل الفكر، وجمود العاطفة، وفساد الذوق،
وخمود جذوة الحياة في الشعور،
والإغراق العميق السحيق في المادية الصماء،
والجمود الأحمق على عبادة التاريخ،
وما زالت تلك دعواهم.
فما الرب الذي يعبدونه وإذا شئت إحكام الدقة،
فسلهم: ما الرب الذي اختلقوه، ثم عبدوه ؟
ناشدتك الله
– إن مسَّك فيما أقول وهم ريبة،
أو فتنك منهم عن الحق غزل ابتسامة،
أو ترنيمة عاشقة بتسبيحة أو دعاء،
ناشدتك الله إلا ما قرأت شيئاً من كتبهم،
لتعرف رب الصوفية الأعظم.
اقرأ من الفتوحات، أو الفصوص، أو ترجمان الأشواق،
أو عنقاء مغرب، أو مواقع النجوم، وكلها لابن عربي.
اقرأ من الإنسان الكامل للجيلي،
اقرأ من تائية ابن الفارض وشرحها للنابلسي أو القاشاني،
اقرأ من الطبقات والجواهر والكبريت الأحمر للشعراني،
اقرأ من الإبريز للدباغ،
اقرأ من كتاب الجواهر، والرماح وهما للتيجانية،
وروض القلوب المستطاب لحسن رضوان،
بل اقرأ حتى مجموع الأوراد الذي يتعبدون به الآن
ودلائل الخيرات، "وأحزاب" الكهنة منهم في العشايا والأسحار.
إن الصوفية تنعت ابن عربي
بأنه "الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر" وتخر له ساجدة،
والجيلي بأنه "العارف الرباني والمعدن الصمداني"
وابن الفارض بأنه "سلطان العاشقين"
والشعراني بأنه "الهيكل الصمداني والقطب الرباني"
فما أدعوك إذن إلى تلاوة كتب
تنقم منها الصوفية دلائل الحق، وإشراق الهدى،
بل إلى كتب تقدسها الصوفية على اختلاف نوازعهم،
وتباين أهوائهم، ويجلونها
– ولا أعدو الصدق إذا قلت يعبدونها –
ويرونها الأفق الأسمى لنور التوحيد،
والمنبع السلسال لفيوض الربانية!!
فإن قرأت شيئاً من تلك الكتب،
فتدبر بعده آية واحدة من كتاب الله،
واقذف بنور الحق الإلهي على دياجير الباطل الصوفي،
وثـَمَّتَ يروعك، ويستفز الغِضابَ الثوائر من لعناتك
أن تجد الصوفية تدين برب يتجسد في أحقر الصور،
وتتعين "هُوِيَّتُه وإنِّيَّتُه ( 2 ) في أنتن الجيف،
وتتمثل حقيقته الوجودية صور أوهام في الذهن الكليل،
وظنون حيرى في الفكر الضليل، وتهاويل أسطورية في الخيال.
ألم تُؤَله الصوفية في دين كاهنها التلمساني
رِمَّة كلب تقزز من صديدها الدود ؟! ( 3 )
ومعذرة يا سماحة الشيخ،
فوالذي هدى المسلمين إلى دينه الحق، وأوجب الجهاد دونه،
ما قلت إلا الحق للحق، وما رميت إلا بالحق،
وإن شئت فمرحباً بموعد نلتقي فيه للمحاجة،
فاختر ما شئت من أمكنة،
وإن يكن قبة البدوي!!
وهاك من النصوص ما يكشف لك في جلاء عن معتقدات الصوفية،
وسأختار من النصوص ما لا يمكر به التأويل،
من كتب تتخذها الصوفية شرعة لها ومنهاجاً في الدين،
وتجعل أوثان مَنْ افتروها مطافات تستروح عندها – كما تزعم –
نسائم الجنة، وعبير الخلود، ورَوْح الله،
وتضرع إلى جلاميدها الصُّم
أن تهب للروح السكينة، وللقلب اليقين المطمئن،
وأن تمد الوجود بالحياة الفياضة بالخير واليُمْن والبركة،
وأن تكشف لعبادها حقيقة الربوبية والإلهية ليعرجوا إلى الاتحاد بها،
وترجو ما ينخر في عظامها من سوس،
وينهش لحومها من دود،
أن يصرف كهان الصوفية في أقدار الله،
وأن يجعل لهم السلطان على قضائه،
وأن يُحَلِّق بهم فوق الذرى السامقات
من أقداس الربانية !!
*******************
( 1 ) يقول نيــكلسون: "والصوفية لا يفتئون يعلنون أنهم أمة الله المختارة"
ص 117 الصوفية في الإسلام، ترجمة نور الدين شريبة.
( 2 ) الهوية عندهم هي الحقيقة الباطنة للذات الإلهية،
والإنية هي حقيقتها الظاهرة في مجاليها المتنوعة
( 3 ) مر التلمساني على كلب أجرب ميت في الطريق،
فقال له رفيق له – وكان التلمساني يحدثه عن وحدة الوجود - :
أهذا أيضاً هو ذات الله ؟ مشيراً إلى جثة الكلب.
فقال التلمساني: نعم. الجميع ذاته، فما من شيء خارج عنها .
انظر 145 مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله ابن الفارض ( 1 )
يؤمن هذا الصوفي ببدعة الاتحاد، أو الوحدة سمها بما شئت.
بصيرورة العبد رباً، والمخلوق خلاقاً،
والعدم الذاتي الصرف وجوداً واجباً،
وإذا شئت الحق في صريح من القول،
فقل: هو مؤمن ببدعة الوحدة،
تلك الأسطورة التي يؤمن كهنتها
بأن الرب الصوفي تعين بذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله
في صور مادية، أو ذهنية،
فكان حيواناً وجماداً وإنساً وجناً وأصناماً وأوثاناً.
وكان وهما وظناً وخيالاً،
وكانت صفاته وأسماؤه وأفعاله،
عين ما لتلك الأشياء من صفات وأسماء وأفعال؛
لأنها هيَ هوَ في ماهيته ووجوده المطلق أو المقيد،
وكل ما يقترفه البغاة من خطايا،
وما تنهش الضاريات من لحوم، أو تعرق من عظام،
فهو فعل الرب الصوفي، وخطيئته وجرمه!!
وإخالك الآن تود لو تُسَوَّى بي الأرض،
أو تدهمني – على غِرةٍ صاعقة،
إذ يجري على لسان الحق ذكر ابن الفارض منعوتاً بالزندقة
وتعجب أن يكون سلطان العشق الصوفي زنديقاً!!
وما عليَّ – برحمة الله – مما تود،
ولن يمنعني عجبك في ذهوله
من أن أحكم على ابن الفارض بما ارتضاه هو ديناً له
وتدبر ما سأنقل لك عنه من تائيته،
فلعل يزول عجبك،
جَلَتْ في تجلِّيها الوجودَ لناظري ** ففي كلِّ مَرْئِيٍّ أرآها برؤيةِ
يزعم أن الذات الإلهية هتكت عنه حُجَبَ الغيرية،
وجَلَتْ له الحق المُغَيَّب،
فرأى حقيقة الله متعينة بذاتها في كل مظاهر الوجود،
رأى هذا الكون المادي بكل ما يدب عليه،
أو يغتال الحياة والأعراض في غياهب ليله الساجي، ومغاوره المظلمة،
رآه هو عين الله وماهيته، ورأى وجوده عين وجوده،
فما ثَمَّ من شيء عند ابن الفارض إلا وهو الله،
بل ما للرب – رب ابن الفارض- وجود
سوى وجود تلك الصور المادية،
أو الذهنية المنطبعة عن شيء متحقق، أو متَوهم، أو متخيل.
أما وقد نَعَق بهذا البهتان،
فليفترِ لنفسه ما يترتب على الإيمان به؛
لهذا راح يزعم أنه بذاته اتحد بذات ربه،
فكانت الثنائية في الاسم،
وكانت الوحدة في الحقيقة والوجود،
وأنه في جَلْوَة تلك الوحدة
يشهد في ذاته وصفاته وأفعاله ذات الله وصفاته وأفعاله،
وعن هذا يعبر.
*******************
( 1 ) ابن الفارض هو عمر بن أبي الحسين علي بن المرشد بن علي شرف الدين
الحموي الأصل المصري المولد، توفي سنة 632هـ،
ولم نتحدث عمن سبقه من الصوفية كالحلاج أو البسطامي مثلاً،
لأننى اخترت أن أنقل عمن يجمع الصوفية جميعاً سلفاً وخلفاً على تقديسهم،
أما الحلاج وغيره فيطعن فيه رياء ونفاقاً بعض الصوفية فتركته،
حتى لا يكون لهم رياء معذرة
-
إله ابن الفارض
وأُشهِدتُ غَيبي، إذ بدت، فوجدتُني ** هنالك إياها بجلوةِ خلوتي
شهد "هوية" الوجود الإلهي، أو باطنَه، "إِنِّـيَّةَ" وجوده هو، أو ظاهره،
فلم يجد للرب وجوداً سوى وجوده
ولا لذاته كياناً متقوماً غير كيانه،
فهتف في جَذَل البُشْرَى: أنا الله!!
بَـيْد أنه خشي أن يتوهم أحد أن هذا الشهود وهم طارئ،
أو حال عارض أو صورة من حلم أسْبَل لها فكره وعينه،
خشي هذا، فقال:
ففي الصحوِ بعد المحوِ لم أكُ غَيرها** وذاتي بذاتي،إذ تَحَلـَّت، تَجَلـَّتِ
والصحو في دين الصوفية هو رجوع العارف إلى الإحساس
بعد سكرته بواردٍ قوي،
وفيه يشهد العارف المغايرة بين الذات الإلهية ومظاهرها أو صفاتها،
يشهد أن الكون ليس هو الذات الإلهية،
وإنما هو تجليات أسمائها وصفاتها، ومجال لأفعالها.
أما المحو في دينها فهو امِّحَاء الكثرة والغيرية،
والخَلْقية المتنوعة المتعددة. وفناء السَّوِيَّة،
وتجلي الوحدة المطلقة،
فيرى الصوفي الخلقَ عين الحق، والمربوبَ عينَ الرب.
فَثَمَّتَ إذن فرق عند الصوفية بين الصحو والمحو،
ولكن ابن الفارض أبى أن يؤمن بهذا الفرق المبتدع،
فهتك الستر، ومزق القناع؛
ليكشف لك في قول صريح عن حقيقة معتقد الصوفية،
ومضى مسرعاً يلهث؛
ليدرك فكرك قبل أن يؤمن بذلك الفرق بين الصحو وبين المحو!!
وليؤكد لك أنَّ دين الصوفية قائم من أول مرة
على الإيمان بأن الله سبحانه هو عين خلقه!!
على نفي كل مغايرة
– مطلقة، أو مقيدة، إضافية، أو نسبية –
بين الخالق والخلق،
سواء في ذلك حال الصوفي في الصحو،
وحاله في المحو،
-
إله ابن الفارض
وهكذا صرح ابن الفارض في جرأة شَرُود
بما يرمز عنه سواه من منافقي الصوفية،
حين يَفْجؤهم برهان الحق،
ولذا يقول:
إلى كم أُوَاخي الستر،هاقد هتكتُه**وحَلُّ أَوَاخي الُحْجبِ في عقد بَيْعَتِي
يعني أنه عاهد الحق حين بايعه على أن يهتك كل ستر،
و يحل كل أنشوطة،
حتى يرى كل ذي بصر أن الله يتمثل دائماً في صور الخلق،
وتتعين ذاته بذواتهم!!
وتدبر هذه الصراحة الصارخة الجرأة في قول ابن الفارض:
"وذاتي بذاتي، إذ تَحَلَّت تَجَلَّتِ"
تدبر
تجد الزنديق، يأبى أن يثبت لربه ذاتاً،
ويتعالى أن يجعل وجوده هو فيض وجود ربه،
فلم يقل :"وذاتي بذاته" أو "ذاته بذاتي"
وإنما قال: ليحكم بالعدم الصوفي على رب الوجود الحق، وخالقه:
"وذاتي بذاتي"
فليس ثمت إلا ذاته هو في الحالين !!
ألا تحس الجحودَ طاغي البغي؟!
ما ثم عند ابن الفارض من رب، ولا مربوب.
إلا وهو ابن الفارض إنه الخلاق.
وإنه هو الوجود، وواهب الوجود،
وما الرب الأكبر إلا أثر من آثار قدرته،
أو جزئي تأئهٌ حيران من كُلِّيِّه!!
هذا دين ابن الفارض.
فبماذا تحكم عليه ؟!
فوصفي إذ لم تدع باثنين وصفُها ** وهيئتها – إذ واحدٌ نحن- هيئتي
يزعم أن كل ما وصف به الله نفسَه،
فالموصوف به على الحقيقة هو ابن الفارض؛
لأنه الوجود الإلهي الحق،
في أزليته، وأبديته، وديمومته، وسرمديته.
فإن دُعِيَتْ كنتُ المجيبَ، وإن أكُنْ**منادًى أجابت من دعاني، ولَبَّتِ
إن دعي الله أجاب ابن الفارض؛ لأنه عينه،
وإن دعي ابن الفارض لبى الله، لأنه اسمه ومسماه!
ولكن أتلمح الكبر جائر العُتُوِّ من ابن الفارض على خالقه ؟
إذ يزعم أنه إن دُعِيَ الرب،
فما يفعل ابن الفارض شيئاً سوى أن يجيب،
أما إذا دعي ابن الفارض،
فما يكفي الرب أن يجيب،
وإنما يهرول ملهوفاً إلى التلبية !!.
ما كفاه زعمه أنه الله،
فأكد أن الربَّ الأكبر ما هو إلا صورة شاحبة منه،
وظلٌّ حيران له !!.
-
إله ابن الفارض
فقد رُفِعَتْ (1) تاء المخاطب بيننا**وفي رَفْعِها عن فُرْقَةِ الفَرْق رفعتي
الخطاب يستلزم الإثنينيَّة،
إذ لا بد له من طرفين متقابلين مُخَاطَب ومخاطِب،
ولهذا يكفر ابن الفارض بما يؤكده الخطاب في آيات الله،
أو في دعاء الداعي من دلالة على المغايرة بين المتخاطبين!!
وينفي صدور خطاب أو دعاء منه إلى "غَيْرٍ ما"
فما ثمَّ "غَيْرٌ" حتى يخاطبه، أو يدعوه!!.
فإذا ما صدر منه خطاب، أو دعاء إلى الله،
فلا تحسبن أنه يخاطب غيره؛
إذ الخطاب صادر منه إليه،
والدعاء متوجه به من نفسه إلى نفسه.
لقد كان يقول من قبل أن يُكشَف عنه الغطاء: أنت أنت،
فلما تجلَّت له الحقيقة صار يقول: "أنا أنا"
فما "أنت" تلك إلا "أنا" ذاتاً ووجوداً !!.
ويرى ابن الفارض
أن إثبات الربوبية الخلاقة وحدها لنفسه
شيء دون مقامه الأكبر،
فيفتري أن له الربوبية
بوحدانيتها وصفاتها وأسمائها وأفعالها،
بملكها وملكوتها، برحمانيتها وجبروتها،
بقدرتها القهارة، وعلمها المحيط الشامل،
بما أبدعت من خلق، ومنحت من حياة.
*******************
( 1 ) يصح أن يكون معناه أن الخطاب رفع بينه وبين غيره، لعدم وجود غير،
ويصح أن يكون معناه أن"الفتحة" من تاء الخطاب في مثل "خلقت" بفتح التاء
تحولت إلى ضمة وهي علامة رفع، فصارت "خلقت" بضم التاء لا فتحها
أي صارت تاء المخاطب بفتح الطاء عين تاء المتكلم
-
إله ابن الفارض
ولا فَلَكٌ إلا ومن نور باطني به ** مَلَكٌ يَهْدِى الهدى بمشيئتي ( 1 )
ولا قَطْرَ إلا حَلَّ من فَيْض ظاهري ** به قطرةٌ عنها السحائبُ سَحَّتِ
ولولاي لم يُوجَد وجودٌ، ولم يكن ** شُهُودٌ، ولم تُعْهَد عهودٌ بذمـة
فلا حَيَّ إلا من حياتي حياتُه ** وطوعُ مرادي كلُّ نفسٍ مُريدةِ ( 2 )
فبماذا يحكم المؤمن على زنديق
يفتري أن ملكوت كل شيء بيده،
وأن الوجود كله قطرةُ فيضٍ من جوده ووجوده،
وأن الإرادة البشرية كلها طوع هواه.
وكلُّ الجهات الستِّ نحوي توجهت ** بما تَمَّ من نُسْكٍ وحٍج وعمرةِ
لها صلواتي بالمقام، أقيمها ** وأشهد فيها أنها ليَ صَلَّتِ
هذه الصلوات يقيمها النساك في قدس المحاريب،
وهذه الضراعات يتبتل بها القديسون،
وهذه الدعوات يتهجد بها العباد تحت سَجَواتِ الليل،
وهذه المناسك ينسكها الحجاج والمعتمرون.
إنها لا تُرْفَع في الحقيقة إلى الله،
وإنما تتوجه بها القلوب
إلى ابن الفارض رجاء رحمته، وابتغاء رضاه!.
وهؤلاء المصلون يولون وجوههم شطر المسجد الحرام.
إنهم يولونها شطر هيكل ابن الفارض.
وهذه النذور يحفد بها الملهوفون،
إنها قرابين العبودية منهم،
ويبتغون بها وجهَ ابن الفارض !
والله جل شأنه يقول:
( ولله المشرق والمغرب، فأينما تولوا فَثَمَّ وجهُ الله)
غير أن ابن الفارض يرفع في وجه الحق باطلَه،
فيفتري أنه ما ثَمَّ إلا وجهه هو،
وأن الكونَ كله ما يُوَلِّي بجهاته الست وجهه إلا إليه!.
وذلك الرب الصوفي الهيمان في ملكوت ابن الفارض!
أيعيش عاطلاً بلا عمل ؟
أيخالِفُ عن أمر ابن الفارض؟
كلا
فقد أرغمه ابن الفارض على أن يرتسم خاشعَ الذل
في المعابد يصلي لابن الفارض، ويرجو رحمته.
أرأيت إلى سلطان العاشقين:
كيف يفتري في شعره الوثني
كل هذه الخطايا المجوسية ؟!
ويهفو ابن الفارض لاهث الأنفاث؛
ليفتري لك مرة أخرى.
أنه هو الله.
كلانا مُصَلٍ واحدٌ ساجدٌ إلى ** حقيقته بالجمع ( 3 ) في كل سجدةِ
ولكن لـ( كلانا ) هذه دلالتها الحتمية على وجود اثنين
أو تحقق وجودين يغاير أحدهما الآخر.
لهذا كَرَّ ابن الفارض يعدو في لهفة مجنونة؛
ليستدرك على "كلانا" بما ينسخ ما تُوهِمُهُ، فقال:
وما كان لي صلَّى سوايَ، ولم تكن**صلاتي لغيري في أدا كلِّ سجدةِ
*******************
( 1 ) يقول تعالى لنبيه الأعظم :
( إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء)
فجعل ابن الفارض نفسه أعظم من محمد، وقريناً مساوياً لله!!
( 2 ) أيقول هذه مسلم؟ إنها لله وحده،
فنسبها ابن الفارض إلى نفسه!!
( 3 ) الجمع عند الصوفية هو "شهود الحق "أي الله" بلا خلق.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
عبادة الأنوثة
ولست أدري لمَ يُغْرَم الصوفية دائماً بنعوت المرأة يحملونها على ربهم،
فيزعمون أن ربهم يتجلى – غَزَلِيَّ الجمال –
في صورة أنثى عاشقة ملهوفة
تَـتَـقَـتَّل بفتون أنوثتها الهيم لحيوان يراودها عن نفسها.
إن هذا الإلحاحَ الجسدي في عبادة الأنوثة
يدفعنا إلى محاولة اكْتِنَاهِ ما يَعتلِجُ به من شعور
يتلظى بالنزوات الملتهبات والشهوات العرابيد؛
لتدرك علة ذلك التَّـمَجُّسِ الصوفي الذي يؤلِّه نار الجسد.
أترى حين استبد بالصوفية عشقُ الأنثى، ولوَّعهم بالحرمان،
أراقوا الغَزَل في هوى المعشوقة،
فلم تُنْد أنوثتُها منهم غليلاً،
ولم تُبِح لحمَها للنابِ الملهوف،
أتراهم حين احترقوا تَلَهفًا حتى إلى ظل أنثى مبذولة،
فلم ينالوا،
صوَّر لهم ما يَؤُجُّ في غرائزهم من سعير
أن الأنثى ليست – إذن – إلا ربًا
تعالت كبرياؤه وتسامى عرشه ؟
أم تراهم – والأنوثة تعاطيهم صَهباءَ إثمها –
أبوا إلا أن يترعوا الدِّنَّ كله، فراحوا يُـمِدُّونها في الغي،
فزعموا لها أن الحقيقة الإلهية ليست إلا أنثى مشتهاة مشتهاة،
وأن حقائق الوجود كله أنوثة
تشرب الشهوات خمر جسدها المُعَتَّق ؟!
يمثل ابن عربي الطائفة الأولى، وستأتيك أنباؤه،
أما ابن الفارض ( 1 ) فاسمع إليه يقول:
ففي النشأة الأولى تراءت لآدم ** بمظهر حواء قبل حكم البُنُوَّةِ
وتظهر للعشاق في كل مظهر ** من اللبسِ في أشكال حُسْنٍ بديعةِ
ففي مرة "لُبْنى" وأخرى "بثينة" ** وآونة تُدْعى"بِعَزَّة" عَزَّتِ
يزعم أن ربَّهُ ظهر لآدم في صورة حواء،
و"لِقَيْسٍ" في صورة "لُبنى" و "لجميل" في صورة "بثينة"
و "لِكُثَيِّر" في صورة "عَزَّة".
فما حواء البشر إلا الحقيقة الإلهية،
وما أولئك العشاق سَكِرَتْ على شفاههن خطايا القبل المحرمة،
وتهاوت بهن اللهفة الجسدية الثائرة تحت شهوات العشاق،
ما أولئك جميعاً سوى رب الصوفية
تجسد في صور غَوَانٍ تطيش بهُدَاهُنَّ نَزْوَةٌ وَلْهَى،
أو نَشوةٌ سَكْرى،
أو رغبة تَتَلَظَّى في عين عاشق!!.
ويسرف ابن الفارض في توكيد أنوثة ربه،
وتجليه أبدا في صورة جسد امرأة يَزِلُّ بها موعد الليل، فيقول:
ولَسْنَ سواها، لا، ولا كُنَّ غيرها ** وما إنْ لها في حسنها من شريكةِ
خشي ابن الفارض أن يتوهم أحد في ربه
أنه يغاير حقيقتَه،أو تتباين صفاته،
وهو يتجلى مرة بعد مرة في صورة غانية،
أو أن يَظُنَّ أن هؤلاء الغانيات "لبنى، بثينة، عزة"
تغاير حقائقهن حقيقة ربه في شيء ما،
خشي ابن الفارض ذلك،
فاستدرك على الأوهام بما يحيلها يقيناً ثابتاً في أنوثة ربه،
فقال: " ولسن سواها، لا، ولا كن غيرها"
وهكذا صدق فيهم قول الله :
( إن يدعون من دونه إلا إناثاً،
وإن يدعون إلا شيطاناً مَرِيداً )
ماذا يحدث للشباب المسلم، ومنه
لو أنه آمن بهذه الصوفية ؟!
فليفهم كل عاشق يطويه الليل على خاطئة
أنه حين يقترف الخطيئة مع أنثاه،
وتعربد في جسدها الرَّخْص أنيابُه وأظفاره،
ليفهم كل عاشق أن أنثاه هذه التي يعرق أنوثتها
ليست إلا رب الصوفية الأعظم !!.
وليُصَحِّحْ مؤرخو الأدب تاريخه،
فابن الفارض يؤكد أن أولئك العشاق "قيس، جميل، كثير"
وكل شعراء العشق لم يُريقوا خمور الغزل
إلا للذات الإلهية
متجسدة في صور عشيقاتهن القواتل !!.
أَوَعَيْت إذن علة إطلاق الصوفية على أربابهم أسماء نسوة ( 2 )
جُلُّهن عواطل من الفضيلة،
عوارٍ عن الشرف ؟!
وعلة عبادتهم لأجساد تلظى فيها الشيطان،
وعربد بخطاياه ؟
ذلك لأن كهان الصوفية أوحوا إليهم
أن أربابهم تتجلى دائماً في صور إناث
تَجَرَّدْنَ لخطايا العشق،
وآثام الليل في حانِ الغرام !!.
ومعذرة إلى من يقرءون للهدى
عما أثرته في نفوسهم من غثيان
بذكر هذا القيء القذر من الكفر الصوفي،
وعما يحسونه بنقل تلك الأبيات
من حَرَجٍ تختنق فيه العاطفة ...
******************
( 1 ) يصور لنا أحد أتباع ابن الفارض لوناً من ألوان مجون سلطان العاشقين فيقول:
"دفع إليَّ دارهم، وقال: اشتر لنا بها شيئاً للأكل، فاشتريت ومشينا إلى الساحل،
فنزلنا في مركب، حتى طلع البهنسا، فطرق باباً، فنزل شخص فقال: بسم الله،
وطلع الشيخ، فطلعت معه، وإذا بنسوة بأيديهن الدفوف والشبابات، وهم يغنون له،
فرقص الشيخ إلى أن انتهى، وفرغ ونزلنا، وسافرنا حتى جئنا إلى مصر،
فبقي في نفسي شيء،
فلما كان في هذه الساعة جاءه الشخص الذي فتح له الباب،
فقال له: يا سيدي فلانة ماتت – وذكر واحدة من أولئك الجواري – فقال: اطلبوا الدلال،
وقال: اشتر لي جارية تغني بدلها، ثم أمسك أذني،
فقال: لا تنكر على الفقراء !!"
ص 319 جـ 4 لسان الميزان لابن حجر العسقلاني طبع الهند 1230هـ.
هذا هو ابن الفارض القديس يرقص ويغني والنسوة يرقصن معه ويضربن له الدفوف!!
ومع هذا يحرِّم على تابعه أن ينتقده!!
وهكذا كل الشيوخ
( 2 ) أنصت إلى المنشدين اليوم في حلق الرقص الصوفي أو الذكر كما يزعمون
تجدهم يرقصون الذاكرين على مناجاة "ليلى وسعاد" وغيرهما!!
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
لمن كان سجود الملائكة ؟
ولا يمل ابن الفارض من تكرار إفكه الوثني
يزعم فيه أنه هو الله،
فيضيف إليه أنه عين رسل الله أيضاً،
وعين آدم الأب الأول للبشرية،
وعين الملائكة الذين سجدوا لآدم.
وفيَّ شهدتُ الساجدين لِمَظْهَري (1) ** فَحَقَّقْتُ أني كنتُ آدمَ سَجْدتي
وإليك شرح القاشاني – وهو كاهن صوفي – لهذا البيت:
"أي عاينت في نفسي الملائكة الساجدين لمظهري،
فعلمت حقيقةً أني كنت في سجدتي آدم تلك السجدة،
وأن الملائكة يسجدون لي – والملائكة صفة من صفاتي ( 2 ) ،
فالساجد صفة مني تسجد لذاتي" ( 3 )
أرأيت إلى شرح القاشاني؟
لقد نقلته لك بلفظه مثلا لما يشرح به الصوفية أساطير دينهم؛
لتؤمن أنى لم أمِلْ مع الهوى
فيما شرحت لك به أبيات ابن الفارض،
وأظنني ما بلغت مبلغ القاشاني في الشرح،
فهو صوفي يدين بالتائية.
وحسبنا هذا من سلطان عشاق الصوفية !!
******************
( 1 ) يعني به آدم عليه السلام، فهو في دينه تجسد للذات الإلهية التي هي ابن الفارض
( 2 ) فسرالملائكة بأنها صفات، ليتقي القول بالغيرية والتعدد،ولكيلا يعترض عليه بمثل هذا:
ما دمت تتحدث عن ساجدين وعن مسجود له فقد قلت بذوات كثيرة، وأغيار عديدة..
لا يعترض عليه بمثل هذا
لأنه يزعم أن الملائكة ليست ذوات. وإنما هي صفات للذات الإلهية
والصفات عنده عين الذات،
فلا تعدد، ولا غيرية !!
( 3 ) ص 89 جـ 2 كشف الوجوه الغر على هامش شرح الديوان طبع 1310هـ
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله ابن عربي
أما هذا الطاغوت الأكبر،
فقد افترى للصوفية رباً عجيباً
يجمع بين النقيضين المُتَوتِّرَيْن في ذاته،
وبين الضدين الحقيقيين في صفاته،
فهو الوجود الحق، وهو العدم الصرف،
هو الخلاق، وهو المخلوق،
هو عين كل كائن، وصفاته
عين صفات كل موجود وكل معدوم،
هو الحق الكريم والباطل اللئيم،
هو الفكرة العبقرية، والخرافة الحمقاء،
هو الخاطرة الملهمَة، والوهم الذاهل، والخيال الحيران،
والمستحيل الذي لا يتصور فيه العقل أبداً
أن يخطر حتى مرة واحدة في بال الإمكان،
والممكن الذي يرى فيه الفكر أجلى معاني الإمكان،
والذي لا يتوهم فيه العقل وهم استحالة.
هو المؤمن، وهو الكافر،
هو الموحد الخالص التوحيد، وهو المشرك الأصم الوثنية.
هو الجماد الغليظ،
وهو الحيوان ذو المشاعر المرهفة، والحساسية المتوقدة،
هو الملاك الساجد تحت العرش،
وهو الشيطان الذي يصطرخ في سقر،
هو القديس الناسك يذوب قلبه في دموع التسابيح،
وهو العِربيد يضج الماخور من بغي خطاياه،
هو الراهبة التي تحيا على محبة الله وتقواه ،
وهو الغانية التي تحيا للجسد المبذول ، وتعيش على ثمنه ،
هو النور يغمر الوجود بمباهجه،
وهو الظلام موَّار الكهوف بالفزع والرهبة،
تلك هي بعض ذاتيات رب ابن عربي،
وبعض خصائص الإله الصوفي !!.
ولهذا يؤمن الطاغوت
بأن اليهود عُبَّاد العجل ناجون،
بل يؤمن بأنهم كانوا على علم بحقيقة الألوهية،
لم ينعم موسى ولا [ هارون ] بلمحة من تجلياته،
ولا ببارقة من انكشاف الأسرار الإلهية المغيبة له!!
لأنهم ما قصروا العبادة على فكرة مجردة خاوية كموسى،
وإنما عبدوا الرب متجلياً في صورة عجل،
فأدركوا من حقيقة الأمر ما لم يدركه [ هارون ]،
وهو أن الذات الإلهية لا تُعبد
إلا حين تتجلى في صور خَلْقِيَّة!!.
ويؤمن ابن عربي بقدسية عبدة الأصنام،
ويمجد صدق إيمانهم وإخلاص توحيدهم،
يؤمن بالصابئة عباداً يوحدون الله، ويخلصون له الدين،
يؤمن بسمو إيمان الذين عبدوا ثلاثة آلهة
غير أنه يعيب عليهم قصورهم عن إدراك الحقيقة كاملة؛
إذ عبدوا الله في ثلاثة أقانيم،
على حين كان الواجب أن يعبدوه في كل شيء،
فليس الرب عنده هو تلك الأقانيم فحسب،
وإنما هو عين ما يُرى أو يُحَس،
فأصحاب الثالوث عنده مخطئون؛
لأنهم عبدوا بعض مظاهر الرب،
أو بعض تَعَيُّناته وكان واجباً أن يعبدوه في الكل؛
لأنه هو ذلك الكل فيما ظهر منه، وفيما بطن!! ( 1 )
******************
( 1 ) اقرأ الفص "العيسوي" و "المحمدي" من فصوص الحكم لابن عربي .
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
ربوبية كل شيء
واسمع إليه يؤكد لك أن كل شيء هو الله سبحانه :
" سبحان من أظهر الأشياء، وهو عَيْنُها " ( 1 )
"إن العارف من يرى الحق (الله) في كل شيء
، بل يراه عين كل شيء " ( 2 )
وكلمة "شيء" في دين الطاغوت
تُطْلَق حتى على الصور الذهنية والوهمية وعلى العدميات،
فوق إطلاقها على كل موجود
له كيانه المادي المستقل المتقوم بذاتياته وخصائصه.
فابن عربي كما ترى أصرح الدعاة إلى وحدة الوجود،
بل هو كاهنها الأكبر!!.
******************
( 1 ) ص 604 جـ2 الفتوحات المكية لابن عربي.
( 2 ) ص 374 فصوص بشرح بالي،
ص 382 بشرح قاشاني،
ص 192 جـ1 بتحقيق الدكتور عفيفي.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الربُّ إنسان كبير
واسمع إليه يحكم على ربه
بأنه يجب أن يوصف بما يوصف به الخلق،
حتى بما فيهم من نقص و عجز و حمق و جهالة،
ويُحَدَّ بما يُحَدُّ به كلُّ كائن على حدة:
"فما يُحَدُّ شيء إلا وهو حَدُّ الحق، ( 1 )
فهو الساري في مُسمى المخلوقات والمبدَعات
فهو الشاهد من الشاهد،
والمشهودُ من المشهود،
فالعالم صورته،
وهو روح العالم المدبر له،
فهو الإنسان الكبير " ( 2 )
******************
( 1 ) والحد هو أتم أنواع التعريف، فإذا عرَّفت الصنم مثلا بحد ما،
فهذا التعريف صادق على الرب الصوفي، لأنه هو ذلك الصنم نفسه .
( 2 ) ص 111 فصوص الحكم ط الحلبي.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الرب هو صور العالم
واسمع إليه يؤكد لك أن ربه هو كل ما ترى من صور العالم:
"هي ظاهر الحق؛ إذ هو الظاهر،
وهو باطنها؛ إذ هو الباطن،
وهو الأول؛ إذ كان، ولا هي،
وهو الآخر؛ إذ كان عينَها عند ظهورها ( 1 ) "
وتدبر تعريف ابن عربي لربه بقوله:
"هو عين ما ظهر، وهو عين ما بطن في حال ظهوره،
وما ثَمَّ من يراه غيره ،( 2 )
وما ثم من يبطن عنه،
فهو ظاهر لنفسه، باطن عنه،
وهو المسمى أبا سعيد الخراز ( 3 ) ،
وغير ذلك من أسماء المرئيات " ( 4 )
والعارف الحق بالله عند ابن عربي هو من يرى
"سريان الحق (الله) في الصور الطبيعية والعنصرية،
وما بقيت له صورة
إلا ويرى عينَ الحق فيها " ( 5 )
******************
( 1 ) ص 112 فصوص ط الحلبي
( 2 ) يعني أنك إذا رأيت إنساناً، أو حجراً، فقد رأيت الرب الصوفي،
بل الرائي والمرئي هما عين ذلك الرب .
( 3 ) هو أحمد بن عيسى ممن تكلم في الفناء الصوفي توفي سنة 279
( 4 ) ص 77 جـ 1 فصوص ط الحلبي
( 5 ) ص 181 المصدر السابق
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
صفات الرب صفات الخلق
ويحكم ابن عربي على ربه، ويصفه بالعجز الذليل،
والنقص المشين، والسفه والحماقة،
وبأنه مناط مذمة وتحقير مهانة.
فيقول :
"ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدَثات،
وأخبر بذلك عن نفسه،
وبصفات النقص، وبصفات الذم ؟!
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها
– وكلها حقٌّ له –
كما هي صفات المحدَثات حق للحق " ( 1 ) .
لقد خشي ابن عربي أن يتوهم فيه إنسان
أنه يطلق صفات الخلق على الله سبحانه إطلاقاً مجازياً،
أو يطلق صفات الله على خلقه كذلك.
خشي هذا،
فمحا توهم المجاز عن الأولى بقوله:
"كما هي صفات المحدثات حق للحق
" فلا تتوهم مجازاً مَّا فيما يحكم به ابن عربي على ربه،
أو فيما يصفه به من ذم ونقص وعجز.
ومحاه عن الأخرى بقوله:
"وكلها – أي صفات الله من ربوبية وإلهية وخالقية ورازقية،
وسواها مما هو من صفات الله وحد – حق له"،
فالخلق يوصف بصفات الله على الحقيقة
لا على المجاز!!
ذاك دين ابن عربي.
******************
( 1 ) ص 80 فصوص ، راجع ما كتبته في "دعوة الحق" ص 30 وما بعدها.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
رب الصوفية وجود وعدم
ورب الصوفية في دين ابن عربي
يستغرق كل نسبة عدمية، أو وجودية
"فالعَليُّ لنفسه،
هو الذي يكون له الكمال
الذي يستغرِق به جميعَ الأمور الوجودية، والنسب العدمية،
بحيث لا يمكن أن يفوته نعت منها
وسواء كانت محمودة عرفاً وعقلاً وشرعاً،
أو مذمومة عرفاً وعقلاً وشرعاً،
وليس ذلك إلا لمسمَّى الله تعالى خاصة " ( 1 )
فأي رب هذا
الذي يبعثه وجود ، ويفنيه عدم ؟
أي رب هذا
الذي يكون مناط الذم من الشرع والعقل والعرف ؟
لقد نعت ابن عربي ربه بكل مذمة،
فلماذا لا يذمه الشرع والعقل والعرف ؟!
******************
( 1 ) ص 79 فصوص
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
كلُّ شيءٍ ربٌ للصوفية
لقد كفرت الصابئة؛ لأنهم عبدوا الكواكب،
وكفرت اليهود؛ لأنهم عبدوا العجل،
وكفرت النصارى؛ لأنهم عبدوا ثلاثة أقانيم،
وكفرت الجاهلية؛ لأنهم عبدوا أصناماً أقاموها لمن مات من أوليائهم،
لتكون مقصد الرجاء، ومطاف الآمال،
كما كان أصحابها، وهم ناعمون بالحياة.
فماذا تقول في الصوفية،
أو بماذا تحكم عليها،
وهي تدعو إلى عبادة كل شيء ؟!
ألا يقول الجيلي :
"إن الحق تعالى من حيث ذاته، يقتضي ألا يظهر في شيء،
إلا ويُعْبَد ذلك الشيء،
وقد ظهر في ذرات الوجود ؟! " ( 1 )
ويزيد ابن عربي الفرية جلاء بقوله :
"والعارف المكمَّل
من رأى كلَّ معبود مَجْلى للحق يُعْبَد فيه،
ولذلك سموه كلهم إلهاً،
مع اسمه الخاص بحجر،
أو شجر، أو حيوان،
أو إنسان، أو كوكب، أو ملك" ( 2 ) .
فهل تراني جَنَحْتُ إلى غُلُوٍّ مّا حين قلت لك:
إن الصوفية استمدت من كل كفر،
ودانت بكل ما دان به الكافرون من قبل،
فكانت هي وحدها تاريخ الوثنية كلها،
وحمأتها منذ ابتدعها إبليس ليضل الكافرين ؟!.
ألا ترى ابن عربي حَفِيَّ القلب والشعور والعاطفة
بعبادة الحجر والشجر "آلهة الجاهلية"
وبعبادة الحيوان "آلهة الفرعونية واليهودية"
وبعبادة الإنسان "إله النصرانية والشيعة"
وبعبادة الكوكب والمَلَك "أي آلهة الصابئة" ؟!.
فالصوفية هي كل ذلك الكفر،
ثم تحته وفوقه، وعن شماله ويمينه
ومن خلفه ومن قُدَّامه
كفرها الخاص بها !!
وفيما ذكر ابن عربي
ما يثبِّت اليقين في قلبك بما أقول.
******************
( 1 ) ص 83 جـ 2 الإنسان الكامل للجيلي
( 2 ) ص 195 جـ 1 فصوص، وقد عدَّد في هذا النص آلهة الذين كفروا من قبل،
فعبدوا الحجر والشجر والحيوان والإنسان والكوكب والملك،
يعني الصابئة واليهود والنصارى والذين أشركوا.
وصوَّب عبادتهم،
إذ كل ما عبدوه في دينه ليس إلا رباً تجلى في صورة ذلك المعبود
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
التَّجَسُّد في النساء
وكما عبد ابن الفارض جسد الأنثى، عبده كذلك ابن عربي،
بيْدَ أن الأول عبد المرأة مستباحة العفة له،
وعبدها الآخر مستعصية الشرف عن أهوائه.
وإليك نصاً واحداً من فصوصه
يكشف لك عن مدى إيغال ابن عربي في عبادة الأنثى :
"ولما أحب الرجلُ المرأةَ، طلب الوصلة ( 1 ) ،
أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة،
فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح ( 2 )
ولهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها،
ولذلك أُمِر بالاغتسال منه – فعمت الطهارة،
كما عم الفناء فيها – عند حصول الشهوة،
فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره،
فطهَّره بالغسل ( 3 ) ؛
ليرجع بالنظر إليه فيمن فنى فيه،
إذ لا يكون إلا ذلك،
فإذا شاهد الرجلُ الحقَّ ( 4 ) في المرأة،
كان شهوداً في منفعل،
وإذا شاهده في نفسه – من حيث ظهور المرأة عنه –
شاهده في فاعل،
وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه،
كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة،
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل؛
لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل،
ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة؛
فلهذا أحب صلى الله عليه وسلم النساء؛
لكمال شهود الحق فيهن ( 5 )
إذ لا يُشاهَد الحقُّ مُجَرَّداً عن المواد أبداً،
فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله،
وأعظم الوصلة النكاح ( 6 )
وتستطيع أن تلخص،
وتستخلص من هذا النص وحده دين ابن عربي كله.
إنه يعتقد أن رب الصوفية
يتجلى أعظم تجلٍّ له في صورة أنثى
يهصر جسدها المستسلم حيوانٌ ثائر الجسد.
يعتقد أن العاشقَيْن ينتهبان خطايا الليل،
هما رب الصوفية!!
ويحلف على العشاق عربدت بهم خمرة الأجساد من دنان الإثم
أن يدينوا بأنهم كانوا مع الرب الصوفي
ليلاً وخطيئة وغريزة ولذة !!
فما استغرقوا في اللذة بأنثى،
بل بالرب المتجسد الخطايا
في أنوثة عصفت بها الرذيلة !!
ثم ينحدر ابن عربي في سرعة مجنونة
إلى أعمق الأغوار السحيقة من المادية،
فيؤكد لنا :
أن الرب الصوفي شيء مادي،
وأنه لا يُرى أبداً إلا في مادة !!
هذه هي روحانية الصوفية يا من تذودون عنها !!
روحانية يفتري كاهنها الأكبر هذه الفرية الكبرى فيقول :
"لا يشاهد الحق (الله) مجرداً عن المواد أبداً"
ويقول:
"وهو من حيث الوجود عين الموجودات،
فالمسمى مُحْدَثات هي العلية لذاتها،
وليست إلا هو" ( 7 )
وما ينبغي – احتراماً لعقلك يا سماحة الشيخ – أن أدلك
على أساطير الزندقة في تلك النصوص الصوفية،
فإنها تكاد تنشب مخالبها في العين لتراها !!
أترى تخزك الندامة على أنك شكوتنا،
فنكأت لك الجراح،
أم تراها تخزك لما ظلمت به مَنْ يود لك الخير، ويدعوك إليه،
ولأنك في مكانك هذا
تحمل أوزار الصوفية كلها على ظهرك ؟!
******************( 1 ) يقصد بها ما يحدث بين الذكر والأنثى
( 2 ) يقصد به ماله من معنى في أذهان العامة بدليل ما ذكره بعده.
لا يريد الزواج بل شيئاً آخر
( 3 ) يزعم أن الله لم يأمر بالغسل إلا ليتطهر العبد مما توهمه من أنه كان مع امرأة،
على حين كان هو مع الربة الصوفية جسداً وخطيئة!!
( 4 ) الحق في دين الصوفية هو الذات الإلهية في وجودها المطلق!!
( 5 ) يزعم ابن عربي أن علة حب الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء
هي اعتقاده أنهن الله في أجمل صور تعيناته وتجلياته،
ورغبته في الالتذاذ الجسدي المتنوع بربه!!
( 6 ) ص 217 فصوص جـ 1 ط الحلبي،
ص 437 استامبول بشرح القاشاني،
ص 420 بشرح بالى ط 1309هـ .
( 7 ) ص 76 جـ 1 فصوص لابن عربي ط الحلبي
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
التجسد المسيحي، والتجسد الصوفي
وتلوذ بي عاطفة من إشفاق
تحملني على ألا أزيد جرحك انتكاساً بذكر نصوص أخر،
غير أنني أود تذكير الشيخ
بأن المسيحية حين سلبتها الصوفية رشدها وهداها،
وقداسة الروحانية فيها،
فرغبت بها عن التوحيد الخالص إلى الشرك؛
بعبادة ثلاثة آلهة!!
إن المسيحية حين استعبدتها غواية الصوفية
أبت أن تخبط وراءها في كل مهلكة،
فلم تؤمن بتجسد الذات الإلهية في كل شيء
وإنما اختارت جسداً طيباً طاهراً،
شرف الله صاحبه بالرسالة،
وآمنت بأنه التجسد الأعظم لله!!
ومع هذا لم تنل من الله إلا لعنة الأبد،
وغضب الأبد،
وسعير جهنم يصلونها،
وبئس المصير.
أما شيخكم الأكبر،
فقد هوى به الكفر،
أو هوى هو بالكفر،
إلى أبعد أعماق الهاوية الساحقة الماحقة،
وانحدر به إلى كل منحدر،
فآمن بتجسد ربه في أجساد تقيحت من الدنس،
آمن بتجسد ربه في الجيف،
وفي الأوثان،
وعجل السامري،
وفرعون موسى،
ثم هَفَتْ به غُلْمَتُهُ الآثمة،
فكشفت عن دخيلة نفسه الآبقة
تعبد رباً تتلظى غرائزه،
وتتسعر شهواته، وتشتهى مفاتنه
حين يتجسد في أنثى
طاحت بها نزواتها لقًى
تحت رغبة كل عابر يراود خطيئة !!.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
لماذا عبَدَ ابن عربي المرأة ؟
إن كبريتكم الأحمر هذا أحب امرأة ذات مرة،
هي ابنة الشيخ مكين الدين.
وأين ؟ في مكة !!.
وهفا العاشق يتلمس جسد المرأة، وسبيل أنيابه إليها،
راح يتوسل إليها أن تتجرد له،
وأن تبيح قدس عرضها لخطيئته،
فأبت العذراء،
يتلهب حياؤها كرامة أن يلغ في شرفها ذئب!!.
لقد أرادته للقلب الطاهر، وأرادها هو للجسد الثائر،
أرادته للطهر والمعبد وأرادها هو للدنس والماخور،
فتمنعت الفتاة عن نابه الطحون،
فنظم فيها ديوانَه "ترجمان الأشواق"
قُرْبَاناً من شهواته إلى جسدها الفوَّاح العطر والفتنة،
لعلها تنحدر معه إلى الهاوية،
فتهب له من جسدها مضغة،
أو مِنْ دمها رشْفَةً،
فذادته الفتاةُ عن حَرَم مخدعها الوَرديِّ،
ولَجَّت في إبائها النبيل الكريم،
وأبت إلا أن تكون عذراء متألقة العرض،
روحانية العاطفة، مُمَنَّعَةَ العفة والشرف،
ترى،
هل أراب اليأسُ منها عشقَ ابن عربي ؟
كلا،
فقد استغرق نفسَه، ووجودَه،
وملأ عليه دنياه فتنة ولهفة وقلقاً عاصفاً،
فلم يَعْرُه اليأس، ولا مَسَّ لهبَه خمودٌ،
فعاد إلى ديوانه يشرحه بدين الصوفية،
يؤكد لهذه الجميلة النافرة الأبيَّة
أنها هي الرب
متجسداً في صورة أنثى جميلة،
وأنه ما أحبَّها إلا لأنها أجمل تعيُّنات الحقيقة الإلهية،
وأنه – إذ يتَشَهَّاها –
فإنما يتشهى فيها أنوثة ربه، وجسده الفائر!!
فأبت المرأة إلا أن تكون أنثى شريفة،
لا ربَّاً صوفياً يحتسي الآثام !!
ومضى ابن عربي وراء الأسطورة
موغلا في التيه الموحش، والدغل الرهيب،
مضى وراءها يمجدها، ويهتف بها
حتى صارت الأسطورة حقيقة صوفية صريحة،
منحها ابن عربي وجوداً حياً صريحاً،
وأمدَّها مثله الأحبار الزنادقة معه ومن بعده
وهكذا تغزل الصوفية في "ليلى وبثينة وسعاد" !!
وتسائلهم،
فيزمون الشفاه تهكما من حماقة جهلك!!
ويرمقونك بالنظر الشَّزْر،
وكأنما يقولون لك: مسكين!!
ما زال يجهل أن ربنا أنثى جميلة !!
ضليل !!
لم يهتد إلى أن الغانية اللعوب الهَلُوك
هي الأفق الأعظم لتجليات الربوبية والإلهية،
وإلى أن جسدها المنْهُومَ الجائع إلى الآثام
جسدُ ربنا الأعظم !!
وأنها هي هو
جسداً فاتنا،
ورذيلة سوداء!!
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
فقر الإله الصوفي إلى الخلق
الله سبحانه يقول:
( يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله
والله هو الغني الحميد)
غير أن الصوفية تؤمن بإله هو الفقير إلى الخلق.
فقير إليهم في وجوده
فقير إليهم في علمه،
فقير إليهم في بقائه،
فقير إليهم في طعامه وشرابه،
فقير إليهم في كل شيء يهب له الظهور بعد الخفاء،
والوجود بعد العدم،
ويحول بينه، وبين الفناء.
يقول ابن عربي:
"فوجودنا وجوده،
ونحن مفتقرون إليه من حيث وجودنا،
وهو مفتقر إلينا من حيث ظهوره لنفسه"
ويقول :
"فأنت غذاؤه بالأحكام ( 1 )
وهو غذاؤك بالوجود،
فتعيَّن عليه ما تعيَّن عليك،
والأمر منه إليك، ومنك إليه،
غير أنك تسمَّى : مكلَّفاً،
وما كلفك إلا بما قلت له: كلفني بحالك،
وبما أنت عليه – ولا يُسمَّى مكلفاً.
فيحمدُني، وأحمدُهُ *** ويعبدُني وأعبدُهُ ( 2 )
ذلك هو رب الصوفية الذي افتراه لها ابن عربي،
وبه يدين أقطابها،
وله يسجدون !!
******************
( 1 ) أي أسماؤك أسماؤه، وصفاتك صفاته، وأفعالك أفعاله،
فلولاك ما سُمي ولا وُصف، ولا حُكم عليه بحكم لأنك عينه وذاته
( 2 ) ص 83جـ 1 فصوص ط الحلبي
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله الجيلي ( 1 )
وهذا الكاهن الوثني الأكبر
يدين بدين صنميه ابن الفارض وابن عربي،
غير أن اللون الفاضح الصارخ في زندقته
هو اعتقاده أن الله ما هو إلا إنسان كامل ( 2 ) ،
وأن الإنسان الكامل ما هو إلا الرب الأكبر
الجامع بين الحق والخلق في وحدة،
ولقد سبقه بهذا الإلحاد ابن عربي،
ولكن الجيلي كان حَفِيَّاً به أكثر،
مديراً حول محوره زندقته،
ولقد رأى الجيلي ألا يمن بهذه المرتبة على أحد قبله،
فمضى يؤكد القول أن إنسانيته
هي أفق الربوبية والألوهية الأسمى.
******************
( 1 ) هو عبد الكريم بن إبراهيم الجيلاني أو الجيلي توفي نحو 830هـ
( 2 ) يقول الكمشخانلي:"الإنسان الكامل المتحقق بحقيقة البرزخية الكبرى
عين الله وعين العالم"
ص 111 جامع الأصول في الأولياء
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
ادعاء الجيلي الربوبية العظمى
"لي الملكُ في الدارينِ،لم أرَ فيهما ** سوايَ، فأرجو فضلَه،أو فأخشاهُ
وقد حُزْتُ أنواعَ الكمالِ، وإنني ** جمالُ جلالِ الكل،ما أنا إلا هو"
هذا قول الجيلي.
والله يقول :
{ ولله ملك السموات والأرض
والله على كل شيء قدير }
ولكن الجيلي يفتري أن له وحده ملك الدنيا والآخرة
وأنه ليس للوجود رب سواه،
ولا ليوم الدين ملك غيره،
وأنه الغني بذاته،
فلا تنفح قلبه رغبةٌ في نعمة من أحد؛ لأنه الوهَّاب للنعم.
ولا تلفح نفسه رهبةٌ من سلطان؛ لأنه ملك الكل ومالكهم !!
ولم يكتف الجيلي بهذا،
بل مضى يعدِّد أنواع الخلق،
وصور الوجود المادي والحسي والروحي والمعنوي؛
ليزعم بعدها أنه هو عينها ذاتاً ووجوداً،
فلا يتوهم واهم أن شيئاً ما في الوجود يغاير الجيلي،
أو يخرج عن حقيقة ذاته،
فقال:
"فمهما ترى من معدنٍ ونباتِهِ ** وحَيْوانهِ معْ إنسهِ وسجاياهُ
ومهما ترى من أبحرٍ وقفارِهِ ** ومن شجرٍ، أو شاهقٍ طالَ أعلاهُ
ومهما ترى من صورةٍ معنويةٍ ** ومن مَشْهدٍ للعينِ طابَ مُحَيَّاهُ
ومهما ترى من هيئة مَلَكِيَّةٍ ** ومن منظرٍ إبليسُ قد كانَ معناهُ
ومهما ترى من شهوةٍ بشريةٍ ** لِطَبْعٍ، وإيثارٍ لحقٍ تعاطاهُ
ومهما ترى من عرشهِ ومحيطهِ ** وكرسيهِ، أو رَفْرَفٍ عَزَّ مَجْلاهُ
فإنِّيَ ذاكَ الكلُّ، والكلُّ مَشْهَدي** أنا المُتَجَلِّي في حقيقته، لا هُو
وإنيَ ربٌّ للأنامِ وسيدٌ ** جميعُ الورى إِسمٌ، وذاتي مُسَمَّاهُ ( 1 )
أرأيت إلى الجيلي بأية وثنية ينعق؟
وبأية مجوسية يدين؟
أرأيت إليه في قوله:
"أنا المتجلي في حقيقته لا هو ؟"
يا للجيلي!!
يحكم على الوجود الحق بالعدم الصرف !!
أرأيت إليه في زعمه أنه "رب للأنام وسيد" ؟!
أرأيت إليه – وقد جُنَّت شهوة الزندقة فيه –
يفتري أن الشهوات أحدى مُقَوِّمات الوجود الإلهي،
وأنها في دنسها عين وجوده ؟!
وأن إبليس في غَيِّه وتمرده
هو عين الرب الأعظم ؟!
وأن كل اسم في الوجود هو اسم الله سبحانه،
لأنه عين كل مسمى.
وأن كل صفة لكائن ما، هي لله صفة،
لأنه عين الموصوف بها ؟
فعلامَ يدل كل هذا، أو أثارة واحدة منه؟
وإن تعجب، فعجب تقديس الصوفية للجيلي،
وتبرئة ساحته مما يحكم به الحق والعدل عليه!!
إنها محاولة الرياء الجبان انهتك ستره،
فيلوذ بالبراءة حتى من نفسه،
لتسنح له الفرصة مرة أخرى،
فيجهز على الضحية.
إن تلك الزندقة الجيلية يتوارثها صوفي عن صوفي،
فحق عليهم قول الله :
{ أتَوَاصَوْا به ؟!
بل هم قومٌ طاغون }.
كيف يجعله الصوفية قطباً
عرجت روحه إلى الحق تستلهمه الوحي،
وهو القائل ؟!:
"لي الملكُ والملكوتُ نَسْجي وصنعتي
لي الغيبُ. والجبروتُ منِّي منشاهُ"( 2 )
******************
( 1 ) ص 32 وما بعدها جـ 1 الإنسان الكامل للجيلي ط 1293هـ
( 2 ) ص 23 جـ1 الإنسان الكامل
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
رب الصوفية نقيضان وضدان
دانت الصوفية كما رأيت برب هو عين كل شيء،
وعين كل ما يطيف بالذهن من صور،
ومن الأشياء ضدان، ومن الصور نقيضان،
ورغم هذا لم يحجم الصوفية عن وصف ربهم
بأنه يجمع في ذاته بين الشيء وضده،
وبين الصفة ونقيضها.
يقول الجيلي:
"اعلم أن الله تعالى لما خلق النفس المحمدية من ذاته
– وذات الحق جامعة للضدين –
خلق الملائكة العالمين
من حيث صفات الجمال والنور والهدى من نفس محمد،
وخلق إبليس وأتباعه
من حيث صفات الجلال والظلمة من نفس محمد"(1)
ويقول :
"اعلم أن الوجود والعدم متقابلان وفلَك الألوهية محيط بهما؛
لأن الألوهية تجمع الضدين من القديم والحديث،
والحق والخلق والوجود والعدم،
فيظهر فيها الواجب مستحيلاً بعد ظهوره واجباً ،
ويظهر فيها المستحيل واجباً بعد ظهوره فيها مستحيلاً،
ويظهر الحق فيها بصورة الخلق ( 2 )
ويظهر الخلق بصورة الحق " ( 3 )
"الألوهية في نفسها تقتضي شمول النقيضين وجمع الضدين" ( 4 )
"تجمعتِ الأضدادُ في واحدِ البَهَا * وفيهِ تلاشت فَهْو عنهنَّ ساطعُ (5)
هذا ربٌ عجيب
لم يبتدعه غير خيال الصوفية المخبول.
ربٌ موجود معدوم
واجب مستحيل،
قديم حديث،
وينعم بالحياة،
ويهلكه الموت،
فهو حي ميت
في آن معاً !!
هذا هو رب الصوفية الذي اختلقه الجيلي،
وبه تدين الصوفية
وإيَّاه يعبدون!!
******************
( 1 ) ص 41 جـ 2 المصدر السابق.
وتأمل زعمه أن إبليس خلق من نفس محمد!!
لقد رمانا الصوفية بالكفر، لأنا دعوناهم إلى الصلاة على رسول الله بما شرعه الله.
فماذا يقولون في الجيلي؟
( 2 ) الحق والخلق وجهان أو وصفان للذات الإلهية
فالأول باعتبار باطنها، والآخر باعتبار ظاهرها
( 3 ) ص 27جـ1 المصدر السابق
( 4 ) ص69جـ1نفس المصدر
( 5 ) ص33جـ1المصدر السابق
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله الغزالي ( 1 )
ولعل ما يقلق دهشتك، ويثير ثائرتك أن يقرن بأولئك
هذا الذي افترى له الصوفية أضخم لقب في التاريخ،
وهو "حجة الإسلام" ليفتكوا بهذا اللقب الخادع
بما بقي من ومضات النور الشاحبة في قلوب المسلمين.
فاسمع إلى كاهن الصوفية – لا حجة الإسلام –
يتحدث عن التوحيد ومراتبه
"للتوحيد أربع مراتب ...
والثانية: أن يصدق بمعنى اللفظ قلبه،
كما صدق به عموم المسلمين،
وهو اعتقاد العوام !! ( 2 ) .
والثالثة: أن يشاهد ذلك بطريق الكشف بواسطة نور الحق،
وهو مقام المقربين،
وذلك بأن يرى أشياء كثيرة،
ولكن يراها على كثرتها صادرة عن الواحد القهار ( 3 ) .
والرابعة : ألَّا يرى في الوجود إلا واحداً ،( 4 )
وهي مشاهدة الصدِّيقين،
وتسميه الصوفية: الفناء في التوحيد،
لأنه من حيث لا يرى إلا واحداً،
فلا يرى نفسه أيضاً،
وإذا لم ير نفسه؛ لكونه مستغرقاً بالتوحيد،
كان فانياً عن نفسه في توحيده،
بمعنى أنه فني عن رؤية نفسه والخلق"
ثم يحدثنا الغزالي عن مقامات الموحدين في كل مرتبة،
فيصف صاحب المرتبة الرابعة من التوحيد بقوله:
"والرابع موحد بمعنى أنه لم يحضر في شهوده غير الواحد،
فلا يرى الكل من حيث إنه كثير،
بل من حيث إنه واحد،
وهذه هي الغاية القصوى في التوحيد.
فإن قلتَ. كيف يُتَصَوَّر ألا يشاهد إلا واحداً،
وهو يشاهد السماء والأرض وسائر الأجسام المحسوسة ،
وهي كثيرة ؟
فكيف يكون الكثير واحداً؟
فاعلم أن هذه غاية علوم المكاشفات ،( 5 )
وأسرار هذا العلم لا يجوز أن تُسَطَّر في كتاب ، ( 6 )
فقد قال العارفون: إفشاء سر الربوبية كفر . ( 7 )
ثم يضرب لنا مثلاً عن شهوة الوحدة في الكثرة بقوله :
"كما أن الإنسان كثير
إن التفتَّ إلى روحه وجسده وأطرافه وعروقه وعظامه وأحشائه،
وهو باعتبار آخر ومشاهدة أخرى واحد ..
فكذلك كل مافي الوجود من الخالق والمخلوق
له اعتبارات ومشاهدات كثيرة مختلفة
فهو باعتبار من الاعتبارات واحد،
وباعتبار آخر سواه كثير ومثاله الإنسان،
وإن كان لا يطابق الغرض،
ولكنه ينبه في الجملة
على كيفية مصير الكثرة في حكم المشاهدة واحداً،
ويستبين بهذا الكلام
ترك الإنكار والجحود لمقام لم تبلغه،
وتؤمن إيمان تصديق،( 8 )
وإلى هذا أشار الحسين بن منصور الحلاج ( 9 )
حيث رأى الخواص يدور في الأسفار
فقال: فيماذا أنت؟
فقال : أدور في الأسفار؛ لأصحح حالتي في التوكل،
فقال الحسين: قد أفنيت عمرك في عمران باطنك،
فأين الفناء في التوحيد ؟!
فكأن الخواص (10) كان في تصحيح المقام الثالث،
فطالبه بالمقام الرابع (11)
أرأيت إلى من صَنَّمَتْه الصوفية باللقب الفخم الضخم؛
لتفتن به المسلمين عن هدي الله ؟!
أرأيت إلى الغزالي يدين بوحدة الوجود، أو الشهود ؟!
سَمِّها بما شئت،
فعند الكفر تلتقي الأسطورتان،
لا تقل : إن وحدة الوجود أنشودة من البداية،
ووحدة الشهود أغرودة عند النهاية،
فكلتاهما بدعة صوفية
بيد أنها غايرت بين الاسمين، وخالفت بين اللونين،
ولكن البصر البصير
لا يخدعه اسم الشهد سمي به السم الناقع !!
كلتاهما زعاف الرقطاء،
غير أن واحدة منهما في كأس من زجاج،
والأخرى في كأس من ذهب !!
ولقد فضح الغزالي سره
حين تمثل في إعجاب بتوحيد الحلاج.
وهذا وحده كاف في إدانة الغزالي بالحلَّاجية،
ولقد علمت ما هي !!
******************
( 1 ) هو محمد بن محمد بن أحمد الطوسي أبو حامد الغزالي مات سنة 505هـ
( 2 ) تدبر وصفه لعموم المسلمين بأنهم عوام في الاعتقاد!!.
( 3 ) في هذه المرتبة يقرر وحدة الفاعل، بدليل ما سيقرره بعد،
وهو أنه لا يشاهد إلا فاعلاً واحداً،
فيلزمه نسبة فعل المجرم إلى ذلك الفاعل الواحد
( 4 ) قرر فيما سبق وحدة الفاعل ولكنه لم ينف وجود غيره،
أما في هذه، فيقرر وحدة الموجود أي وحدة الوجود،
يقرر أن الذوات على كثرتها هي في الحقيقة ذات واحدة
( 5 ) يكل المعرفة بأسمى مراتب التوحيد إلى علوم المكاشفات، فما تلك العلوم ؟
إنها قطعاً شيء آخر غير الكتاب والسنة،
إنها أساطير الصوفية التي استمدوها من "أذواقهم ومواجيدهم" ثم سجلوها في كتبهم،
فكأن القرآن وسنة الرسول ليس فيهما ما يصل بالقلب إلى قدس الحق من التوحيد الخالص،
فتدبر تجد الغزالي يهدف إلى صرف المسلمين عن هدي ربهم إلى خرافات الصوفية وضلالاتهم
( 6 ) اقرأ بعد هذا قول الله تعالى "ما فرطنا في الكتاب من شيء "
وأهم شيء هو توحيد الله في ربوبيته وإلهيته،
ولكن الغزالي يزعم أن حقيقة التوحيد الحق لا يجوز أن تسطر في كتاب،
وهذا معناه أنها ليست في كتاب الله،
وأنه لا يعرفها أحد إلا الصوفية أرباب الكشف!!
( 7 ) هذا معناه أنه هو وأمثاله من الصوفية يعرفون أسرار الربوبية، غير أنهم يضنون بها على الكتب،
وأن المسلمين جميعاً لا يعرفون حقيقة التوحيد!!
ومعناه مرة أخرى: أن كتاب الله ليس فيه الحق من التوحيد
( 8 ) بهذا الهراء يستدل الغزالي على الوحدة بين الخلق والخالق، ويحتم علينا الإيمان به!!
كنا نحب أن يأتينا بآية من كتاب الله، أو أثارة من فكر صحيح وبرهان عقلي.
بيد أنه لجأ إلى الخيال السقيم يشبه الوحدة بين الله وعباده بالوحدة بين الإنسان وأعضائه!!
( 9 ) صلب سنة 309هـ لثبوت زندقته
( 10 ) هو إبراهيم بن إسماعيل أبو اسحق الخواص مات 291هـ
( 11 ) كل النصوص التي ذكرتها من كتاب الإحياء للغزالي
جـ4 من ص 212 وما بعدها ط دار الكتب العربية.
وعجيب أن يمجد الغزالي الحلاج، وهو يعلم أنه قائل هذه الأبيات:
سبحان من أظهر ناسوته ** سر سنا لاهوته الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهراً ** في صورة الآكل والشاربْ
حتى لقد عاينه خلقه ** كلحظة الحاجب بالحاجب
* * *
مزجت روحك في روحي كما ** تمزج الخمرة بالماء الزلال
فإذا مسَّك شيء مسني ** فإذا أنت أنا في كل حال
الطواسين للحلاج ص 130، 142.
عجيب أن يمجد الغزالي صوفياً يزعم أن الله آكل شارب، يحب الحياة ويخاف الموت،
ويمحقه العدم ويقتله الحزن، وتزل به الشهوات، لأنه عين خلقه !!
ألم يجد الغزالي من المؤمنين من يتمثل به في بلوغ أسمى مراتب التوحيد ؟
ألم يعطفه توحيد أبي بكر وعمر،
فينصرف عنهما إلى تمجيد زندقة الحلاج ؟!
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
رأي في الغزالي
ولقد فطن إلى حقيقة دين الغزالي المستشرق نـيـكلسون،
وإلى أنه النافث لجرثومة الصوفية،
فقال:
"إن الغزالي أوسع المجال لبعض صوفية وحدة الوجود
أمثال ابن عربي وغير هؤلاء من طوائف الصوفية
الذين كانوا إخوانا في ذلك الدين الحر
بكل ما لكلمة الحر من معنى .) ( 1 )
ولقد كنا نحب أن يفطن إلى ذلك بعض من يمجدون الغزالي،
كما فطن إليه المستشرق المسيحي !! ( 2 )
ويقول جولد زيهر:
"وابن عربي الذي أشرنا من قبل إلى تأثره بالغزالي
يخضع تفسيره الذي نحا فيه منحى التأويل إخضاعاً تاماً
لوجهة النظر التي أخذ بها الغزالي !" ( 3 )
ويقول:
"خلص الغزالي الصوفية من عزلتها التي ألفاها عليها،
وأنقذها من انفصالها عن الديانة الرسمية،
وجعل منها عنصراً مألوفاً في الحياة الدينية، وفي الإسلام،
ورغب في الاستعانة بالآراء والتعاليم بالتصوف،
لكي ينفث في المظاهر الدينية الجامدة "كذا!!".. قوة روحية " ( 4 )
ويقول:
"إن الغزالي رفع من شأن الآراء الصوفية،
وجعلها من العوامل الفعالة في الحياة الدينية في الإسلام " ( 5 )
وهكذا لم يعمل الغزالي للإسلام بل للصوفية،
وبعد أن كان المسلمون على حذر من سمها،
وفي انفصال تام عنها
حملهم بسحر بيانه على أن يعتنقوا أساطيرها.
ويقول كارل بكر:
"ولقد سادت روح "الغنوص" فرق صدر الإسلام كلها،
ثم سادت التصوف
الذي كان يعد في البدء بدعة خارجة عن الدين،
ولكنه أصبح بفضل الغزالي خالياً من السم
معترفاً به من أهل السنة "( 6 )
هذا هو خطر الغزالي !!
صور التصوف للمسلمين رحيقاً خالياً من السم،
فترشفوه،
ففتك بهم.
******************
( 1 ) ص 104"في التصوف الإسلامي" ترجمة الدكتور عفيفي
( 2 ) سبقه إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه،
فكشف كشفاً صريحاً مؤيداً بالنصوص القاطعة عن صوفية الغزالي
وإن كان لم يستشهد بتلك النصوص التي نقلتها من الإحياء فيما قرأت لشيخ الإسلام
( 3 ) ص 259 مذاهب التفسير لجولد زيهر
( 4 ) ص 159 العقيدة والشريعة لجولد زيهر
( 5 ) ص 161 نفس المصدر
( 6 ) ص 10 التراث اليوناني ترجمة الدكتور بدوي
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
رأي في خطر وحدة الوجود
يقول "نـيـكلسون" :
"إن الإسلام يفقد كل معناه،
ويصبح اسما على غير مسمى،
لو أن عقيدة التوحيد المعبر عنها بـ "لا إله إلا الله"
أصبح المراد بها:
لا موجود- على الحقيقة إلا الله.
وواضح أن الاعتراف بوحدة الوجود في صورتها المجردة
قضاء تام على كل معالم الدين المنزل،
ومَحْوٌ لهذه المعالم مَحْوًا كاملاً"
حقيقة ساطعة، يقررها مسيحي،
ويكفر بها شيوخ كبار يزعمون أنهم أحبار الدين وأئمته !!
وهل المقام الرابع للتوحيد في دين الغزالي
إلا مقام القائلين "لا موجود إلا الله" ؟
بل إنها لتسبيحة الصوفية في العشايا والأبكار!!
وإني لعلي بينة من أني بهذا الحق الذي أشهد به،
أثير ثائرة الكبار من الشيوخ،
فكتاب "الإحياء" قرآنهم الأول.
وبما يهرف الغزالي فيه،
يؤولون كتاب الله، ويحرفون آياته.
وفي وجه الحق من هدى الله
يرفعون ضلالة الأساطير من "الإحياء"
وخرافة الأوهام من "المشكاة"!! ( 1 )
ولكني أصرخ بالحق في وجوه الثائرين:
رُوَيْدَكم!!
فما نُؤَلِّه من دون الله أحداً،
وما نتخذ كتاباً يهدينا غير كتابه،
ولا قدوة غير رسوله صلى الله عليه وسلم،
ولا نسجد لصنم،
ولا ننعق بطاغوت،
وإن يكن هو الغزالي، أو كتبه!! ( 2 )
******************
( 1 ) مشكاة الأنوار للغزالي ( حاشية لأبي فراس السليماني )
( 2 ) يحاول السبكي في كتابه طبقات الشافعية تبرئة ساحة الغزالي
بزعمه أنه اشتغل في أخريات أيامه بالكتاب والسنة.
ونحن نسأل الله أن يكون ذلك حقاً،
ولكن لا بد من تحذير المسلمين جميعاً من تراث الغزالي،
فكل ماله من كتب في أيديهم تراث صوفي،
ولم يترك لنا في أخريات أيامه كتاباً يدل على أنه اشتغل بالكتاب والسنة
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
دندنة الغزالي بوحدة الوجود
يقول : "العارفون بعد العروج إلى سماء الحقيقة،
اتفقوا على أنهم لم يروا في الوجود إلا الواحد الحق،
ولكن منهم من كان له هذه الحالة عرفانا علمياً ( 1 )
ومنهم من صار ذوقاً وحالا ( 2 ) ،
وانتفت عنهم الكثرة بالكلية،
واستغرقوا بالفَرْدَانيَّة المحضة،
فلم يبق عندهم إلا الله،
فسكروا سكراً، وقع دونه سلطان عقولهم،
فقال بعضهم: أنا الحق ( 3 )!.
وقال الآخر: سبحاني!. ما أعظم شأني! ( 4 )
وقال الآخر : مافي الجبة إلا الله ( 5 )
وكلام العشاق في حال السكر، يُطوي، ولا يُحكى ( 6 )
فلما خف عنهم سكرهم، وردوا إلى سلطان العقل،
عرفوا أن ذلك لم يكن حقيقة الاتحاد، بل يشبه الاتحاد،
مثل قول العاشق في حال فرط العشق:
أنا من أهوى، ومن أهوى أنا ** نحن روحان حللنا بدنا ( 7 )
وتسمى هذه الحالة بالإضافة إلى المستغرق فيها
بلسان المجاز: اتحاداً
وبلسان الحقيقة توحيداً.
ووراء هذه الحقائق أسرار لا يجوز الخوض فيها " ( 8 )
توحيد مَنْ ؟؟
أتوحيد الرسول صلى الله عليه وسلم،
أم توحيد البررة الأخيار من أصحابه؟
أجيبوا يا ضحايا الغزالي
وسدنة الأصنام من كتبه ؟
******************
( 1 ) أي وصل إليها عن طريق الدليل والبرهان
( 2 ) أي وصل إليها عن طريق الكشف والإلهام
( 3 ) قائلها طيفور البسطامي
( 4 ) قائلها البسطامي
( 5 ) قائلها الحلاج
( 6 ) يصف الغزالي هذه المجوسية الصوفية بأنها هتفات أرواح سكرت بعشق الله،
ولم يجد الغزالي ما ينقد به هذه الصوفية – إن عددته نقداً – سوى قوله: وكلام العشاق يطوى ولا يحكى !!
ولكن ما حكم الله يا غزالي؟ لا يجيب !!،
ولكنه حكم من قبل بأن ذلك أسمى مراتب التوحيد!!
( 7 ) هذا البيت للحلاج وانظر ص 34 طواسين، والبيت الذي بعده.
فإذا أبصرتني، أبصرته ** وإذا أبصرته أبصرتنا
والغزالي يعرف أن ذلك للحلاج غير أنه يتستر على شيطان وحيه،
والحلاج حلولي يؤمن بثنائية الحقيقة الإلهية،
فيزعم أن الإله: له وجهان، أو طبيعتان هما : اللاهوت والناسوت،
وقد حل الأول في الآخر. فروح الإنسان هي لاهوت الحقيقة الإلهية، وبدنه ناسوته.
فإذا كان الغزالي قد رفض القول بالاتحاد، ودان بما يشبهه،
فقد آمن بما هو أخبث منه، وهو الحلول.
بدليل استشهاده بالبيت الذي عبر به الحلاج عن حلوليته!!
( 8 ) ص 122 مشكاة الأنوار للغزالي ط 1934م
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
زَمْزَمَات بالوحدة
وأصِخْ إلى زمزمات الغزالي بأسطورة الوحدة :
"الكل من نوره، بل هو لا هُوِيَّة ( 1 ) لغيره إلا بالمجاز،
فإذن لا نور إلا هو،
وسائر الأنوار أنوارٌ من الوجه الذي تليه، لا من ذاتها،
فَوَجْهُ كلٍّ مُوَجَّه إليه ومُوَلٍّ شطره
(أينما تُوَلَّوا، فَثَمَّ وجه الله)،
فإذن لا إله إلا هو،
فإن الإله عبارة عما الوجوه مولية نحوه بالعبادة، والتأليه،
أعني وجوه القلوب، فإنها الأنوار والأرواح،
بل كما لا إله إلا هو،
فلا هو إلا هو،
فإن هو: عبارة عما إليه الإشارة،
وكيفما كان ، فلا إشارة إلا إليه،
بل كلما أشرت، فهو بالحقيقة الإشارة إليه " ( 2 )
يفتري أن كل هوية في الوجود،
هي عين هوية الله سبحانه،
أي حقيقته!
ولذا لا يمكن أن تقع إشارةٌ ما إلا عليه!
فإن أشرت إلى صنم، أو ميت،
فكلتا إشارتيك واقعة على رب الغزالي،
ولم لا؟
وماهية الصنم أو حقيقته
هي عين ماهية الرب الغزالي.
تلك هي الأسطورة التي ابتدعها الغزالي،
ووصى بها كهنة الصوفية من بعده !!
وإليك خرافة الوحدة مرة أخرى:
"لا إلا الله توحيد العوام!
ولا هو إلا هو توحيد الَخوَاص ! ( 3 )
لأن ذلك أعم، وهذا أخص وأشمل وأحق وأدق،
وأدخل بصاحبه في الفردانية المحضة والوحدانية الصرفة.
ومنتهى معراج الخلائق مملكة الفردانية،
فليس وراء ذلك مِرْقاةٌ!
إذ الرقي لا يُتَصَوَّر إلا بكثرة،
فإنه نوع إضافة يستدعي مامنه الارتقاء،
وما إليه الارتقاء،
وإذا ارتفعت الكثرة، حققت الوحدة،
وبطلت الإضافة، وطاحت الإشارة،
فلم يبق علو، ولا سفل ،( 4 ) ولا نازل، ولا مرتفع،
فاستحال التَّرقِّي، واستحال العروج،
فليس وراء الأعلى عُلُوٌّ ولا مع الوحدة كثرة،
ولا مع انتفاء الكثرة عروج،
فإن كان ثم تغيير من حال، فالنزول إلى السماء الدنيا،
أعني بالإشراق من علو إلى أسفل،
لأن الأعلى – وإن لم يكن له أعلى – فله أسفل،
وهو من العلم الذي هو كنهه المكنون
الذي لا يعلمه إلا العلماء بالله،
فإذا نطقوا به، لم ينكره إلا أهل الغِرَّة بالله ( 5 )
ثم يتابع الغزالي الحديث عن الله،
فيقول: "له نزول إلى سماء الدنيا
وأن ذلك هو نزوله إلى استعمال الحواس، وتحريك الأعضاء،
وإليه الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام:
"صرت سمعه ... الحديث"
فهو السامع والباصر والناطق إذن لا غيره " ( 6 )
والجملة الأخيرة وحدها صريحة
في الكشف عن إيمان الغزالي بالوحدة بين الحق والخلق.
إذ يقرر أن كل سامع وباصر وناطق هو الله !
وما إخال مسلما يلمح إيماضَةً من الحق في تلك الأوهام،
ولا شعاعة من التوحيد في تلك الأمشاج الغزالية،
وإنما يحس بِيَحْمُوم الوحدة الصوفية،
يطغى بسواده هنا، وهناك،
ويخنق الأنفاس حتى تحتضر!
ولقد شعر الغزالي بما في مفترياته من شطط متجانف لإثم،
فخاف على باطله أن يقذف عليه بالحق أهله،
فوصف المنكرين لأساطيره بأنهم : أهل غرة!
وَمَنْ أهل الغرة ؟
إنهم الذين يدينون دين الحق من القرآن،
ويكفرون بأساطير الغزالي!
ليكن يا كاهن الصوفية!
فما أنت الذي نعرف منه فيصل التفرقة بين الكفر والزندقة
– كما سميت كتاباً لك -
وإنما نعرف ذلك من كتاب الله الذي يدينك،
ويحكم عليك
بما يصعق عابديك وكهان دينك ! ( 7 )
******************
( 1 ) الهوية عند الصوفية هي : الحقيقة الباطنة للذات الإلهية،
أو هي الذات قبل التعين في مادة،
يزعم بهذا أن كل ما تحقق من إثبات الوجود، فباطنها هوية اللهّ!!
( 2 ) ص 124 مشكاة الأنوار للغزالي.
وتلك هي الطامة الغزالية؛
إذ يزعم أنك مهما أشرت إلى شيء ما، فإشارتك في الحقيقة واقعة على الله؛
لأنه عين ذلك الشيء المشار إليه!!
( 3 ) يزعم أن الإيمان بما توجبه كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" هو توحيد العوام!!
لأنه يثبت لله وحده الربوبية والإلهية، وينفيهما عن غيره.
ويثبت بالتالي وجود خلاق وخلق، وفي هذا، أي في إثبات وجودين،
أو موجودين يغاير أحدهما الآخر ثنائية تناقض صرافة الوحدة،
وهذا شرك عند الصوفية وكاهنهم.
ولذا يبهت "لا إله إلا الله" بأنها توحيد العوام. يبهتها بذلك، وهي توحيد الرسل جميعاً!!
أما توحيد الخواص عنده، فكلمته "لا هو إلا هو" لأنها تثبت وجوداً واحداً،
وتنفي الغيرية والكثرة والتعدد، تثبت موجوداً واحداً تنوعت مظاهره، فسميت خلقاً،
وتنفي المغايرة بين من نسميهم الخلق وبين من نسميه الخلاق!!
وتثبت أن وجود الأول عين وجود الثاني،
فكما أنه لا وجود إلا وجوده، فكذلك لا ذات إلا ذاته،
أما تلك الكثرة الوهمية في الذوات،
فيؤمن بها عمى القلوب!!
هذا دين الغزالي.
( 4 ) استعمل نفس هذا التعبير العطار الصوفي في تذكرة الأولياء جـ2 ص 216
( 5 ) ص 125 المصدر السابق،
وأقول: إن الله سبحانه أخبر أنه استوى على عرشه،
وأن الملائكة تعرج إليه،
وأن العمل الصالح يرفعه إليه
ولكن الغزالي أبى إلا أن يرفع في وجه الحق وفي حرمه أصنامه هو،
فزعم استحالة العروج، ونفاه نفياً باتاً، لكيلا يتناقض مع ما يدين به من الوحدة المحضة،
فالقول بعروج أحد إلى الله إثبات للتعدد أو للكثرة أو للغيرية،
إذ يسلتزم وجود من منه العروج ووجود من إليه العروج،
وهذه ثنائية تنقض أو تناقض الوحدة التي يؤمن بها الغزالي، وحدة الوجود،
فإذا قيل بعروج ما فالقول به مجازي محض،
إذ العروج، هو من الذات الإلهية نفسها بنفسها إلى نفسها،
فالذي منه العروج عين من إليه العروج،
وإذا ما قيل: نازل أو صاعد فالنازل هو الصاعد إذ هما ذات واحدة،
والنزول عين الصعود، إذ هما وصفان متحدان في الحقيقة؛ مختلفان بالاعتبار،
توصف بهما ذات واحدة في حال واحدة في آن واحد هي الذات الإلهية.
فالملائكة الذين يعرجون إلى الله ( تعرج الملائكة والروح إليه)
هم عين الذات الإلهية في أسماء أخر لها.
والعمل الصالح الذي يرفعه الله إليه، هو عين الذات الإلهية في وصف آخر لها،
وإلا قلت بالكثرة والتعدد، وبأن الله غير الخلق!!
هذا دين الغزالي فتدبره، وثمتَ يلقاك ابن عربي بما تعرفه منه،
ولكن باسم جديد، وزي ساحر، ولقب كبير خادع.
( 6 ) ص 125 المصدر السابق
( 7 ) لا تعجب حين ترى الغزالي يجنح في دهاء إلى السلفية في بعض ما كتب،
فللغزالي وجوه عدة كان يرائي بها صنوف الناس في عصره،
فهو أشعري. لأن نظام الملك صاحب المدرسة النظامية أراده على ذلك،
وهو عدو للفلسفة، لأن الجماهير على تلك العداوة،
وهو متكلم، ولكنه يتراءى بعداوته للكلاميين اتقاء غضب الحنابلة،
أما هو في كتبه "المضنون بها على غير أهلها"
فصوفي إشراقي من قمة رأسه إلى أخمص قدميه،
وفي كتبه الأخرى تجده أشعرياً تارة،
وسلفياً مشوباً بأشعرية تارة أخرى.
وهكذا كان يلقى كل فريق بالوجه الذي يعرف أنهم يحبونه
لا يهمه أكان وجه حق، أم وجه باطل!!
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
أصنام صغيرة
إله ابن عامر البصري ( 1 )
ولكيلا ترتاب في أن ما ذكرته لك هو دين الصوفية جميعاً
من سلفهم إلى خلفهم ومعاصريهم.
أذكر لك دين بعض أصنامهم الصغيرة،
فاسمع إلى ابن عامر في تائيته
التي عارض بها تائية ابن الفارض، وزنا وقافية،
ولطخها بنفس الزندقة الفارضية!
تجلى لي المحبوب من كل وجهة ** فشاهدتُه في كل معنى وصورةِ
وخاطبني مني بكشف سرائر * تعالت عن الأغيار ( 2 ) لطفاً، وجَلَّتِ
فقال :أتدري من أنا؟ قلت : أنت يا * منادى أنا؛ إذ كنتَ أنت حقيقتي
بهذا بدأ ابن عامر قصيدته، فكان صريح الزندقة فيها!
نظرت، فلم أُبْصِرْ سوى مَحْضِ وحدة * بغير شريكٍ، قد تغطَّت بكثرةِ
تكثَّرتِ الأشياءُ، والكلُّ واحد ** صفاتٌ وذات ضُمِّنا في هُوِيَّةِ
ويظل الصوفي يهوي
حتى يبلغ القرار السحيق من وحدة الوجود.
فأنت أنا ! بل : أنا أنت(3). وحدة * مُنَزَّهة عن كل غَيْرٍ وشركةِ (4)
******************
( 1 ) هو عامر بن عامر أبو الفضل عز الدين توفي غالباً أواخر القرن الثامن الهجري
( 2 ) قول المسلم: تعالى الله عن شريك.
أما قول الصوفي : تعالى الله عن الأغيار
أي ما ثَمَّ غير له، إذ هو عين كل شيء!!.
( 3 ) يقول لربه: أنا أنت وأنت أنا،
وإبليس في عتو جحوده وكفره قال لربه: " ربِّ فأنظرني إلى يوم يبعثون"
فلم يكفر اللعين كفر الصوفية، إذا أقر بربوبية الله.
أما هم فيبهتون ربوبية الله بأنها عبودية شائنة.
( 4 ) تائية ابن عامر بتحقيق الشيخ المغربي ط دمشق سنة 1948م.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله الصدر القونوي ( 1 )
يقول في كتابه "مراتب الوجود" :
"فالإنسان هو الحق،
وهو الذات،
وهو الصفات،
وهو العرش،
وهو الكرسي،
وهو اللوح،
وهو القلم،
وهو الملَك،
وهو الجن،
وهو السموات وكواكبها ،
والأرضون وما فيها ،
وهو العالم الدنياوي ،
وهو العالم الأخراوي،
وهو الوجود،
وما حواه،
وهو الحق ( 2 )،
وهو الخلق،
وهو القديم،
وهو الحادث " ( 3 )
وإخال أني أنتقص من فكرك،
إن حاولت أنا أن أدلك
على خطايا الوثنية
في بذاء القونوي.
******************
(1) محمد بن إسحاق توفي سنة 673هـ
(2) أذكرك بأن الصوفية يعنون بالحق الله سبحانه،
أو هو الحقيقة الإلهية قبل تجليها في صور خلقية.
(3) من كتاب مراتب الوجود مخطوط بالظاهرية بدمشق رقم 5895 عام
"نقلا عن الإنسان الكامل ص 115 للدكتور بدوي".
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله النابلسي ( 1 )
يقول معقباً على قوله تعالى :
( إن الذين يبايعونك، إنما يبايعون الله)
يقول:
"أخبر تعالى أن نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم
هو الله تعالى وتقدس
وبيعته بيعة الله،
ويده التي مدت للبيعة هي يد الله"
ويفسر قول الله لموسى: ( وأنا اخترتك) بقوله:
"بأن تكون أنا، وأكون أنا أنت،
فاستمع لما يوحَى إليك مني،
وهذا نظير حديث الإنسان الغافل لنفسه،
يحدثها وتحدثه"
ويفسر قوله سبحانه لموسى :
( وألقيت عليك محبة مني، ولتُصنَعَ على عيني)
بقوله:
"أي ذاتي فأظهر بك، وتغيب أنت،
وتظهر أنت، وأغيب أنا،
وما هما اثنان، بل عين واحدة " ( 2 )
وما ألمس من بهتان مُسِفٍّ في فجور الزور، وقحة الكذب؛
كبهتان النابلسي يزعم أن الصوفية تعتد بالكتاب والسنة
في إيمانهم بوحدة الوجود؛
إذ يقول :
"إن عمدتنا وعدتنا هو التمسك بالقرآن العظيم
وسنة نبيه الكريم في معرفتنا بربنا
وإطلاق ما أطلقه على نفسه في كلامه القديم،
وما أطلقه عليه نبيه البر الرحيم " ( 3 )
لم يقنع بالكفر السفيه وحده،
فأضاف إليه بهتاناً دنيئاً؛
إذ يزعم أن كتاب الله هو عدته في التمسك بوحدة الوجود،
ويقيني أنك لو قرأت الفقرة الأخيرة،
وأنت غافل عن عقيدة النابلسي،
لأيقنت أنه مؤمن فاض بنور الحق قلبه،
وهكذا كل صوفي يلبس لكل حال لبوسها،
ويعطيك جانباً منه يرضيك،
حتى إذا سكنت إليه ختلك، فقتلك!
بل هكذا كل نحلة تثير على كتاب الله حرب أضغانها،
فهي لا تستعلن بتكذيب الله في وحيه،
وإنما تزعم – لتفتن الناس عن دينهم الحق – أنها تقدسه
ولكنها – وهي مقنعة الأهداف بريائها الخاتل –
تضع لألفاظ القرآن معانٍ ما أنزل الله بها من سلطان،
وليست لها صلة ما بألفاظها،
اللهم إلا حين تزعم أن الكفر معناه الإيمان،
وأن الباطل هو روح الحق!
ولهذا تجد تكذيبها لله شر وأخبث أنواع التكذيب،
وما البهائية في تخنث كفرها
أو القاديانية في مكر دعوتها
إلا دليل صدق على ما أقول.
فكلتاهما تفتري أنها تؤمن بكتاب الله ورسوله!
وكلتاهما عدو ألد الخصام لله، ولرسله، ولكتبه.
******************
( 1 ) هو عبد الغني بن إسماعيل النابلسي توفي سنة 1143هـ
( 2 ) عن رسالة اسمها "حكم شطح الولي" للنابلسي
مخطوطة بالظاهرية بدمشق رقم 4008
نقلاً عن كتاب "شطحات الصوفية ص 153 للدكتور بدوي
( 3 ) نفس المصدر السابق وبمثل هذا الرياء يخدع الصوفية المسلمين عن دينهم،
إذ يلونون الباطل بلون من الحق، ليمكروا به،
وحق ما يقول جولد زيهر:
"كان التصوف خصوصاً هو الذي عني بتصوير كثير من الأفكار الإفلاطونية المحدثة والغنوصية في صورة إسلامية،
فعن دوائر التصوف صدر الكثير من الأحاديث الموضوعة التي قصد بها إلى تبرير قواعد التصوف"
ويقول : "كل تيار فكري في مجرى التاريخ الإسلامي زاول الاتجاه إلى تصحيح نفسه على النص المقدس
واتخاذ هذا النص سنداً له على موافقته للإسلام ومطابقته لما جاء به الرسول،
وبهذا وحده كان يستطيع أن يدعي لنفسه مقاماً وسط هذا النظام الديني
وأن يحتفظ بهذا المقام"
انظر ص 218 التراث اليونان لبدوي و ص 3 مذاهب التفسير لجولد زيهر
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله ابن بشيش ( 1 )
للوِرْدِ الذي افتراه ابن بشيش سحرُ الأمل،
استهلَّ بعد يأس في مشاعر الصوفية،
ورقة البشائر تأسو الدموع وجراح الأحزان،
إذ يرونه – على اختلاف طرائقهم – وحياً ينفح قداسة وربانية،
وصلاة يخشع بها سُجَّدُ الملائك،
وتسابيح ترتلها الحور في خمائل الفردوس!
وإليك هذا الورد الذي يضرع به الصوفية في معابد الأصنام
كلما قَبَّل السَحَرُ جبين الليل!
"اللهم صل على مَنْ منه انشقت الأسرار، وانفلقت الأنوار،
وفيه ارتقت الحقائق"
همسات غير خافتة بأسطورة الحقيقة المحمدية الصوفية،
بَيْدَ أن هذه الهمسات تعلو رويداً رويداً
حتى تحول صريخاً وفحيحاً
في قوله:
"ولا شيء إلا وهو به منوط؛ إذ لولا الواسطة،
لذهب كما قيل الموسوط،
اللهم إنه سرُّك الجامع الدالُّ عليك،
وحجابك الأعظم القائم لك بين يديك"
ثم تُجَنَّ لهفته، فيهرول مجنون الخطى
إلى هتك الستر عن معتقده،
فيضرع إلى الله بهذه الصوفية الملحدة
"وزُجَّ بي في بحار الأحدية ، ( 2 )
و انشلني من أوحال التوحيد،
و أغرقني في عين بحر الوحدة،
حتى لا أرى، ولا أسمع،
ولا أجد، ولا أحس إلا بها".
أرأيت إلى الصوفية تحت غلائل السَّحَر الوردية،
والليل ساجي الكون لا تسمع فيه سوى رفيف أجنحة الرُّؤى،
وهمسات الأحلام،
والكون في فيض الجمال الغامر،
والبهاء الساحر يثير في القلب المؤمن
أزكى مشاعر الإيمان والحب للخلاق البديع،
فيسجد لله في عبودية خالصة.
في هذه الجلوات الروحية،
وفي تلك المجالي حيث يتألق نور الجمال،
ويهمس الليل بنجوى الوداع في سمع الفجر
يضرع الصوفية إلى الله
أن ينشلهم من أوحال التوحيد ؟؟!
******************
( 1 ) هو عبد السلام بن بشيش أو مشيش من كبار شيوخ الشاذلية
( 2 ) الأحدية "هي مجلى الذات ليس للأسماء، ولا للصفات ولا لشيء من مؤثراتها فيه ظهور،
فهي اسم لصرافة الذات المجردة عن الاعتبارات الحقية والخلقية،
وليس لتجلي الأحدية في الأكوان مظهر أتم منك إذا استغرقت في ذاتك، ونسيت اعتباراتك،
وهو أول تنزلات الذات من ظلمة العماء إلى نور المجالي،
وهذه الأحدية في لسان العموم هي الكثرة المتنوعة"
هذه هي الأحدية عند الصوفية
انظر ص 30 جـ 1 الإنسان الكامل للجيلي
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله الدمرداش ( 1 )
يقول:
لقد كنتُ دهراً قبل أن يُكْشَفَ الغَطَا ** إخالُك أني ذاكرٌ لك شاكرُ
فلما أضاء الليل أصبحتُ شاهداً ** بأنك مذكورٌ وأنك ذاكرُ ( 2 )
حتى هذه الزعنفة التائهة
تزعم أن الغطاء كشف عنها
فرأت أنها هي الله !!
واسمع إليها تقول:
هو الواحدُ الموجودُ في الكلِّ وحدَهُ*سوى أنه في الوهم سُمِّيَ بالسُّوى(3)
والكل هنا تعم الشيئية المطلقة في عمومها وشمولها،
فما ثم إذن عنده من شيء يدركه الحس،
أو يتخيله الوهم، أو تطيش به الغريزة
إلا وهو عين الله ذاتاً وصفة !!
غير أن الوهم الذي حال بين العقول وبين إدراك هذه الحقيقة،
فظنت أن هذه الكائنات المحَسَّة،
وتلك الصور الذهنية شيء آخر غير الله!
ولذا يقول :
" فلا وجود سوى الله ، والغير وهم وخيال "( 4 )
******************
( 1 ) هو محمد الدمرداش المحمدي توفي سنة 929هـ
( 2 ) ص 16 القول الفريد للدمرداش ط 1348هـ
( 3 ) ص 14 المصدر السابق
( 4 ) ص 14 المصدر السابق
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله ابن عجيبة ( 1 )
وهذا الذي تجرَّع الفاطمية الخبيثة
ينقل في شرحه لحكم بن عطاء الله
هذه الأبيات:
أرَبٌّ وعبد، ونَفْيُ ضِدِّ؟ ** قلت له : ليس ذاك عندي
فقال : ما عندكم؟ . فقلنا ** وجودُ فَقْدٍ، وفَقْدُ وَجْدِ
توحيد حَقٍّ بترك حَقٍّ ** وليس حَقٌّ سوايَ وَحْدي
ويشرحها بقوله:
"ومعناها الإنكار على من أثبت الفرق،
بأن جعل للعبودية محلاً مستقلاً منفصلاً
عن أسرار معاني الربوبية، قائماً بنفسه،
ولا شك أن العبودية تضاد أوصاف الربوبية على هذا الفرق،
وأنت تقول في توحيد الحق: لا ضد له، فقد نقضت كلامك.
ولذلك قال : ونفي ضد؟!
فالواو بمعنى: مع، وهو داخل في الإنكار.
أي : أيوجد رب. وعبد مستقل،
مع نفي الضد للربوبية،
والعبودية تُضَادُّ أوصافَ الربوبية ؟ !
والحق أن الحق تعالى تجلى بمظاهر الجمع في قوالب الفرق،
ظهر بعظمة الربوبية في إظهار قوالب العبودية،
فلا شيء، معه " ( 2 )
يريد الفاطمي الخبيث أن يقول:
نحن نؤمن بأن الربوبية لا ضد لها،
فإذا آمنا بوجود عبودية تغاير الربوبية في الذات والصفات،
فقد تناقضنا ونقضنا ما قلناه،
فالذي ينبغي الإيمان به هو الوحدة المطلقة،
هو أن العبدَ عينُ الرب
حتى لا نناقض قولنا:
إن الرب لا ضدَّ له!! ( 3 )
وحسبك هذا من العِلْج الفاطمي!.
******************
( 1 ) هو أحمد بن عجيبة الإدريسي الفاسي نسبة إلى فاس بالمغرب
توفي في منتصف القرن الثالث الهجري
( 2 ) ص 209 وما بعدها إيقاظ الهمم في شرح الحكم لابن عجيبة
( 3 ) يقول جولد زيهر: "عمد الصوفية إلى إقحام آرائهم في القرآن والحديث بطريق التأويل،
وهكذا ورثوا الإسلام تركة فيلون"
ص 140 العقدية والشريعة.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله حسن رضوان ( 1 )
يقول في منظومته الكبرى "روض القلوب":
فليس في الوجود شيء يشهد ** سواه، فالأشيا به تُوَحَّد
والكثرة الموجودة الموهومةْ ** في ذاتها بوحدة معدومةْ
والحقُّ في الأشياء جميعاً ظاهرُ ** وسرُّه قامت به المظاهرُ
وكل ذَرَّةٍ من الذرات** تُنْبي بأن الكلَّ عين الذات
فوحدة الوجود لا تفارقُ ** شيئاً، ولكن يستفاد الفارق
فبالحدوث والفناءِ يوصفُ ** إذن، ولا يضر إذ يُعَرَّفُ ( 2 )
ثم يبشر سالك الطريق الصوفي بقوله:
ولا يزال نوره يزيدُ ** حتى لديه يكمل التوحيدُ
وسر وحدة الوجود ينكشفْ ** لعينه، ومنه ذوقاً يرتشفْ
فتضمحلُّ الكثرة المشهودةْ ** له بنور الوحدة المقصودةْ
فلا يرى بعينه المُوَحِّدةْ ** في الكون شيئاً غير ذات واحدةْ ( 3 )
******************
( 1 ) توفي سنة 1310هـ أي منذ نيف وستين عاماً!!
( 2 ) ص 269 روض القلوب المستطاب ط 1322هـ
( 3 ) ص115المصدر السابق
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
من بواكير الزندقة
وأصخ يا سماحة الشيخ إلى فحيح الزندقة
ينفث سمها الأول
طيفور البسطامي أبو يزيد :
"خرجتُ من الله إلى الله ،
حتى صاح مِنِّي فيَّ:
يا من أنا أنت " ( 1 )
وإليه "سبحاني ما أعظم شأني "! ( 2 )
أرأيت إلى الأصنام الصغيرة.
تدين بدين أمها الكبيرة ؟!
******************
( 1 ) ص 160 جـ 1 تذكرة الأولياء
( 2 ) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
تأليه الحيوان النجس
هأنذا شرقت وغربت، وياسرت، ويامنت مع الصوفية أحباراً وكهاناً،
قدامى ومحدثين، ونقلت عن سلفهم، وسِجِلِّ ماضيهم وحاضرهم،
نقلت ما يدينون به
في أمانةٍ لم يَجْنَحْ بها عن قُدْسِها غِلٌّ ولا حقد ولا غضب،
نقلت هذا كله؛
ليؤمن مَنْ لا يزال على فكره وقلبه غشاوةٌ من سحر الصوفية،
أن الصوفية
– قديماً وحديثاً في النصرانية، وفي اليهودية،
وفي دين مَنْ خدعوك بأنهم مسلمون –
تؤمن بأن هذا الكون كله،
حتى جيفَه ورِمَمَه وخنازيره، وكلابَه
ماهو إلا حقيقةُ الرب الأعظم "هوية وإنية".
ولذا ينقل محمد بهاء الدين عن زعيم صوفي قوله:
وما الكلبُ والخنزيرُ إلا إلهنا ** وما اللهُ إلا راهبٌ في كنيسةِ ( 1 )
وناقل هذا صوفي يتمثل بهذا البيت الصوفي
في روعة الحب الخاشع،
ليكشف لك عن روحانية الجمال الصوفي !.
هذه هي الصوفية في كتابها،
فماذا ترى ؟
تؤمن بأن الله هو عين خلقه،
وبأن الماخور عربدت فيه الأبالسة،
عين المسجد تَبَتَّلَتْ فيه الرسل !.
وأن الوثنية السامرية عين التوحيد الحق،
وأن الحج إلى مَبْكى اليهود،
أو "كَرْمل" ( 2 ) البهائية
عين الحج إلى بيت الله.
وما والله رميتُ الصوفية بفرية،
بل بمَ يدينون به، ويدعون إليه،
ويحبون أن يُعْرَفُوا به،
فما رأي سماحة الشيخ الكبير ؟ ( 3 )
******************
( 1 ) النفحات الأقدسية شرح الصلوات الإدريسية ط 1314هـ
( 2 ) حيث ثوت رمة الهالك ميرزا حسين على الملقب ببهاء الله!!
(3) قبل رأي الشيخ ننقل آراء بعض المستشرقين فيما جاء به الإسلام من التوحيد ،
فهذا غستاف لوبون يقول – وهو يتحدث عن وحدة الوجود - :
"إن الإسلام يختلف عن النصرانية، ولا سيما في التوحيد المطلق الذي هو أصل أساسي،
فالإله الواحد الذي دعا إليه الإسلام مهيمن على كل شيء،
ولا تحف به الملائكة والقديسون وغيرهم،
وللإسلام وحده كل الفخار، بأنه أول دين أدخل التوحيد المحض،
والإسلام وإدراكه سهل
خال مما نراه في الأديان الأخرى، ويأباه الذوق السليم من المتناقضات والغوامض،
ولا شيء أكثر وضوحاً ، وأقل غموضاً من أصول الإسلام القائلة
بوجود إله واحد،
وبمساواة جميع الناس أمام الله"
ص 158 حضارة العرب ترجمة عادل زعيتر،
ويقول سيديو:
"من شأن مبدأ التوحيد الجليل الذي انتشر بين قوم وثنيين أن يضرم الحمية في النفس المتحمسة العالية،
ويسود هذا المبدأ القرآن وإليه يعود إبداعه، ويبدو هذا التوحيد المحض جازماً
تجاه علم اللاهوت الذي تورطت فيه الفرق النصرانية بعد أن زاد عددها بفعل البدع"
ص 88 تاريخ العرب العام لسيديو ترجمة زعيتر
ثم يقول في ص 89 من الكتاب:
" ومحمد إذ كان رسول الخالق بلَّغ أن الله لا ولد له، وإن إله الكون واحد،
وأن الله مصدر كل قوة، وأن إلى الله مرد من لم يجيبوا دعوته،
ويود محمد أن يجتذب الناس
إلى عبادة خالق كل شيء بغير واسطة"
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
نور من القرآن
وإشفاقاً على الصوفية أن يجدوا مشقة في إبصار الحق المتلألئ،
أذكرهم بهدي الله من كتابه؛
ليعرف حقيقة النور مَنْ يخبط في تيه الظلام،
ويدرك الحق من دَوَّخه الباطل،
وينعم بالتوحيد من شقي بالشرك،
ولعل الصوفي الضليل يتخذ من التذكير بآيات الله مَنْجَاةً له،
فيجعلها حَكَماً يصدع بالحق والعدالة في شأن الصوفية.
يقول رب العالمين:
( إنْ كُلُّ مَنْ في السموات والأرض إلا آتي الرحمنِ عبداً،
لقد أحصاهم وعدَّهم عداً،
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً )
( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام،
ثم استوى على العرش،
يدبر الأمر،
ما من شفيع إلا من بعد إذنه،
ذلكم اللهُ ربكم،
فاعبدوه،
أفلا تَذَكَّرون،
إليه مرجعكم جميعاً،
وعد الله حقاً،
إنه يبدأ الخلق، ثم يعيده ).
يقول سبحانه :
إنه خالق السموات والأرض،
فتقول الصوفية: لا، بل هو عين السموات والأرض،
وما فيهن من دابة!
ويقول سبحانه : إنه يدبر الأمر،
فتصرخ الصوفية: مَيْنٌ وبهتان،
فنحن الذين يدبرون الأمر له!
ويقول الله : ذلكم الله ربكم، فاعبدوه،
فيضج كل طاغوت صوفي. لا : بل أنا الله لا إله إلا أنا!
ويقول جل شأنه: إليه مرجعكم جميعاً،
فتزعم الصوفية: إن معنى الرجوع هنا
أن تعود الذات المتكثرة إلى وحدتها،
فتعود حقاً، بعد أن كانت خلقاً!.
( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق،
فاعبد الله مخلصاً له الدين،
ألا لله الدين الخالص،
والذين اتخذوا من دونه ( 1 ) أولياء،
ما نعبدهم ( 2 ) إلا ليقربونا إلى الله زُلْفَى،
إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون،
إن الله لا يهدي مَنْ هو كاذب كفار ( 3 ) ،
لو أراد الله أن يتخذ ولداً،
لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه،
هو الله الواحد القهار،
خلق السموات والأرض بالحق،
يُكَّوِّر الليل على النهار،
ويكوِّر النهار على الليل،
وسخر الشمس والقمر،
كلٌّ يجري لأجلٍ مُسَمَّى ألا هو العزيز الغَفَّار ،
خلقكم من نفس واحدة، ثمَّ جعل منها زوجها،
وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج،
يخلقكم في بطون أمهاتكم
خلقاً من بعد خَلْقٍ في ظلمات ثلاث ( 4 ) ،
ذلكم الله ربكم له الملك ( 5 )
لا إله إلا هو ،
فأنَّى تُصرَفُون ؟ ).
يقول عزَّ من قائل:
( وما اختلفتم فيه من شيء، فحكمه إلى الله ( 6 )
ذلكم الله ربي عليه توكلت، وإليه أنيب.
فاطرُ السموات والأرض
جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ( 7 )
ومن الأنعام أزواجاً،
يذرؤكم فيه،
ليس كمثله شيء ( 8 )
وهو السميع البصير ( 9 ) ).
( قل: هو الله أحد،
الله الصمد،
لم يلد، ولم يولد،
ولم يكن له كفواً أحد ) (10)
فأينَ أينَ مِن هذا التوحيد المشرق بالحق الأعظم.
تلك الأساطير المجوسية التي ينعق بها ابن عربي،
وينعب ابن الفارض،
وينبح الجيلي،
وتعوي الصوفية ؟!
واهاً لشيخ الصوفية الكبير،
أيَغَار على الصوفية من مسلم يدعوهم إلى الإنابة إلى الله،
ولا يغار على المسلمين مما تجنيه الصوفية عليهم،
حتى لتكاد تزهِقُ ما بقي فيهم من أرْماقٍ شاحبة واهنة ؟! .
أيغار على تلك الأساطير ، فيشكو إلى النيابة مسلمًا ،
يحذر المسلمين من الترَدِّي فيها ؛
ثم لا يغار على الإسلام تكيد له كهنة الصوفية
******************
( 1 ) يقولون: أما نحن، فنتخذهم معه!!
وهل الشرك إلا هذا؟
( 2 ) يقولون: أما نحن فندعوهم!!
وهل الدعاء إلا العبادة، أو مخ العبادة؟
( 3 ) وتزعم الصوفية أن الكاذب الكفار هو الرب الأكبر في صورة كاذب كفار
( 4 ) وتزعم الصوفية أن ربها هو ذلك الخلق المتطور في ظلمات ثلاث
" العماء، الأحدية، الواحدية"
( 5 ) ويزعم الجيلي أن له الملك في الدارين ويزعم معه كذلك الأحبار!!
( 6 ) وتقول الصوفية بل حكمه إلى كتب ابن عربي أو الغزالي أو ابن الفارض،
ويقول غيرهم بل: إلى كتب المذاهب الأربعة.
( 7 ) وتزعم الصوفية أن الله هو الذي جعل نفسه أزواجاً،
فبدا حقاً في صورة خلق، أو إلهاً في صورة عبد!!
( 8 ) وتقول الصوفية كما ذكرتك: بل هو عين كل شيء
( 9 ) وتقول الصوفية على لسان ابن عربي والغزالي وغيرهما:
بل هو عين كل سميع وعين كل بصير.
(10) وتقول الصوفية: بل كل شيء هو له كفو
إذ كل شيء في الوجود هو الذات الإلهية.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
جُبْن النفاق
ولقد ناقشت أحد أتباعكم "الغَلابة"،
فاعترف بالفصوص، وأنها حق جليل،
وبالطبقات، وأنها سِجِلُّ كرامات مقدسة،
فجئت بالمسكين صَوْبَ المذياع وكنت أحاضر في مكان كريم،
يصخب عليه "الدراويش" في عيد وثني
يحتفل فيه الصوفية بمولد الوَثن الزينبي
– وبرأ الله زينب رضي الله عنها من بهتان الصوفية –
ورجوت الدرويش الثائر
أن يتلو على الحشود من كرامات الصوفية
المسجلة في طبقات الشعراني،
فما إن قرأ كرامة سيده "علي وحيش"،
ورأى الجريمة الباغية،
حتى ضرب الأرض بالكتاب صارخاً مُرْتاعاً:
هذا مدسوس ( 1 )
فقلت للمسكين المفجوع في معبوده! : حنانـيـكَ،
وهل يمكن أن يكفر الصوفية بهذا الكتاب ؟! ،
أو يعترفون بأنه مدسوس ؟!
فأجاب الدرويش
– والحقد في عينيه جمرات تتوهج، وفي بدنه رِعْدَةٌ غَضبى - :
إن من يدين بهذا، فهو كافر!
ومن لا يعترف بأنه مدسوس، فهو كافر!
ثم فرَّ مذعور الرياء !
وهكذا يا سماحة الشيخ،
كلما خشي صوفي افتضاح معبود له،
قال: مدسوس!
حتى إذا خلا إلى شيطانه،
قال : ينفذ الشيخ ما اطلع عليه من قدر الله المغيَّب!
فعله طاعة، لا معصية!.
وليس هذا شأن الصغار منكم،
بل هو أيضا شأن أحباركم الكبار.
فقد زعم لي مثل ذلك الزعم شيخ التيجانية في مصر
حين صدمته ببهتان ابن عربي أمام دراويشه،
وأمام أناس يحرص على أن يوقروه، ويعظموه!.
ولقد قلت لذلك الصوفي الصغير،
كما قلته من بعد لشيخه الكبير:
سل الصوفية، وشيخهم الأكبر،
أن يكفروا بتلك الكتب،
فإن فعلوا.
كان الخير الذي تظمأ النفس إلى معينه،
وكفى الله المؤمنين القتال!.
فهل تستطيع يا سماحة الشيخ
أن تصنع باسم الله شيئاً كهذا ؟
أيمكن أن تصدر بياناً تعترف فيه بالحق غير هياب، ولا وجل،
فتقول – مثلاً – فيه :
"لما في الفصوص والطبقات و...، ...
من مخالفة صريحة لدين الحق،
فإنا نأمر أتباعنا، أن يكفروا بتلك الكتب ؟!"
أم يمكن – مثلا آخر – أن تقول:
"إن كتاب الفصوص، أو الطبقات، أو ... أو ...
مدسوسٌ على من نسب إليه،
لأن فيه، وفيما هو مثله كُفْراً !؟ "
ليتك يا سماحة الشيخ تقدمها إلى الله صالحة !.
******************
( 1 ) يقص الشعراني في طبقاته كرامات سيده علي وحيش
معقباً على ذكر كل كرامة بقوله:
رضي الله عنه:
"كان الشيخ رضي الله عنه يقيم عندنا في خان بنات الخطا!!
وكان كل من خرج "أي بعد اقتراف الجريمة الباغية"
يقول له: قف، حتى أشفع فيك، قبل أن تخرج، فيشفع فيه!!
وكان إذا رأى شيخ بلد، أو غيره، ينزله من على الحمارة،
ويقول له: أمسك لي رأسها حتى أفعل فيها،
فإن أبى شيخ البلد تسمَّر في الأرض لا يستطيع يمشي خطوة،
وإن سمح حصل له خجل عظيم والناس يمرون عليه"
ص 135 جـ 2 الطبقات ط صبيح.
جريمة فسق منكرة تروى بألفاظ فاسقة وأسلوب فاسق.
وإذا أبى صاحب الدابة إلا صيانة عرضها من وحيش عطبه وحيش!!
ومع هذا يقول الشعراني عن وحيش: "رضي الله عنه"!!.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إيمان الصوفية بكـتبهم
إن الصوفية هنا، وهناك، وفي كل مكان يتربصون فيه بالإسلام،
يؤمنون بكتبهم إيماناً عنيداً طاغياً
يأسر منهم في قبضته القاهرة عواطف القلوب،
ومشاعر النفوس وسبحات الخواطر، وتأملات الفكر،
ويدينون بكل حرف فيها يرمز إلى أسطورة،
وبكل كلمة تُفْشِي خرافة.
فما تناوَحَتْ إحساساتهم بالحب إلا لها،
وما فتك بالقلوب أُخْطُبوطهم إلا بها،
وما قتلت عناكبهم ذباب النفوس إلا بلعابها السام!.
بيْدَ أنهم حين يلقون المؤمنين،
يقولون رياء ومخادعة: مدسوس!.
حتى إذا خلوا إلى شياطينهم،
قالوا: نفتن المؤمنين!.
وإلا،
فإني أُدَوِّي بِصَيْحَةِ الحق،
تتحدَّى الصوفية وطواغيتها
أن يجرؤ واحد منهم على القول:
إن تلك الكتب مدسوسة!.
أو يستنكر ما تطفح به من كفر،
وليأتنا بأثارة من علم، أو ظن
تدل على أنها دعِّيةُ النسب إلى من افتروها!.
نعم أدوِّي بصيحة الحق:
إن تلك الكتب ليست بمدسوسة،
ويشهد بذلك التاريخ الحق،
وتواتر النقل الصحيح،
ولكن هَبُوها كذلك،
فما ينفعكم،
وأنتم بها تدينون،
وتؤمنون إيمان عابد الخمر بالدِّنِّ والكأس والعربدة!.
مدسوسة !
إنها التُّرْسُ الأخير،
يلوذ به من يَنْأَدُّ منكم تحت صدمة الحق الصاعقة !
وشهادة زور تُفْتَرى؛
لينجو بها المجرم من عقاب جريمته!.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
زعمهم أن كـتبهم أسرار ورموز
وآخرون من أُسارى الصوفية
يزعمون أن تلك الكتب أسرار ورموز،
لا يفقهها إلا أولئك الذين أباح لهم الغيب الخفي مكنونه،
وقدس أسراره،
أو الذين هتك الله عنهم الحجاب الأعظم،
فخروا تحت عرشه سجداً يسمعون وحيه،
ويسجلونه رموزا ( 1 )
من صفات القرآن يا هؤلاء أنه "بيان للناس"
ومن الناس عالمون، وجاهلون
ومنهم أميون وكاتبون وقارئون،
ولكن الله جعله بياناً لهم جميعاً،
ميسراً للذكر؛
ليعبد كل امرئ ربه على بصيرة.
بيْدَ أني سأنحدر إلى فرية أولئك،
فأزعم أن كتب الصوفية رموز مُقَنَّعة بالخفاء،
وأسرار ملثَّمة بسحر الغيب!!
ولكني أسائلك،
كيف يُعْبد الله برمز مقنع بالإبهام،
وسر مستغرق في الغموض
يحمل من الكفر وجهاً ظاهراً ؟!
أيحق لامرئ أن يعبد ربه بشيء أطبق عليه الجهل به،
وبغير ما شرعه الله في كتابه،
وأوحاه إلى رسوله ؟!
أسائلك
– ولا تغضب إذا ألحفت في تساؤلي -:
أتفقهون يا كهنة الصوفية دلائل تلك الرموز،
أم لا تفقهونها ؟
فإن تكن الأولى،
فأبينوا لأتباعكم؛ لتطمئن قلوبهم بالمعرفة،
ولنزداد في نقدكم إنصافاً،
وإن تكن الأخرى،
فإنها دين الببغاء تردد ما لا تعي.
أما مع الحق،
فأقول : لقد قرأت لابن عربي، ولابن الفارض،
وغيرهما جُلَّ ما كتبوا،
وما شرح به تلاميذُهم تلك الكتب،
فلم أجد في كل ما قرأت رمزاً مستوراً ولا سِرَّاً خفياً،
بل دلائل صريحة تكشف في جلاء صريح
عن حقيقة معتقد الصوفية !!
ترى أى رمز في قول ابن عربي :
"العارف من يرى الله في كل شيء
بل يراه عين كل شيء" ؟!
إن ابن عربي خشي أن يتوهَّم أتباعُه
حتى "الظَرْفِيَّة" المجازية في كل كلمة "في"
أو الحلولية الحلاجية، وفيها ثُنَائية تناقض الوحدة،
خشي ابن عربي ذلك، فأطاح الوهم بيقينه الجازم؛
ليؤمن الصوفية بوحدة الوجود
إيماناً لا تنال منه شائبةُ وهم،
ليؤمنوا بأن الله هو عين كل شيء،
وأن كل شيء هو الله!
ومن الأشياء القَيحُ المُنْتِن، والعِرْض الذبيح،
والجريمة يشخب منها الدم البرئ !!
أفي ذلك رمز؟
أم بيان صريح وقح الجرأة ،
سفيه الزندقة ؟!
إن الحق بَيِّنٌ يا سماحة الشيخ،
فاهتف به لله، وأنصره لله،
وإلا فالجزاء شديد بين يدي الله
( إذ تَبرَّأ الذين اتُّبِعُوا من الذين اتَّبَعوا،
ورأوا العذاب وتَقطَّعَتْ بهم الأسباب ).
******************
( 1 ) أما الدكتور فيليب حتى، فيقول:
"ودين محمد عملي صريح، وقلما يشير إلى هدف عال يصعب نواله،
ويكاد أن يكون خلواً من العقد اللاهوتية،
وليس فيه أثر للأسرار الرمزية المقدسة، أو مراتب الكهنوت،
وما رتبته أصول الرسامة والتكريس والخلافة الرسولية"
"كلها مناصب دينية في المسيحية" ص 178 جـ 1 تاريخ العرب العام. في شعرهم ونثرهم!.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الفصل الثالث
دين الصوفية في الرسول
"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده، ووالده،
والناس أجمعين " ( 1 )
هذا قول سيد الخلق، خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم.
ولقد بلوتَ مما ذكرَّتك به دينَ الصوفية،
فهل لمحتَ فيه حتى لمحةً حَيْرى من حقٍّ حائر،
أو نفحة وَلْهَى من خَيْر شَرُود ؟!
هل لمحت منه بارقة خابية
من حُبٍّ لله أو لرسوله صلى الله عليه وسلم ؟ ( 2 )
يقينُك،
ويقين كل من يبتلي الصوفية
يجزم بأنها ترفع فوق الكتاب المنزَّل
أيَّةَ خُرافة يهرف بها درويش مَأْفُونٌ مَمْرور.
******************
( 1 ) البخاري وأحمد وابن ماجه عن أنس
( 2 ) ما أروع تلك الكلمة التي قهر بها الحق حمدونا القصار الصوفي،
فدمغ بها الصوفية حين سئل :
ما بال كلام السلف، أنفع من كلامنا؟
فقال: "لأنهم تكلموا لعز الإسلام. ونجاة النفوس، ورضا الرحمن،
ونحن نتكلم لعز النفس، وطلب الدنيا، وقبول الخلق"
هذا قول زعيم صوفي في القرن الثالث الهجري فما بالك بما بعده؟
انظر ص 125 طبقات الصوفية للسلمي.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
أطوار الوجود الصوفية
تدين الصوفية بأن الوجود الإلهي له أطوار، أو مراتب،
أو تَنـَزُّلات، أو تَعَيُّنات أو نسب، أو إضافات،
فكلها ذات مدلول خُرافي واحد !!
وأولى تلك المراتب "العَمَاء"
والوجود الإلهي في هذا الطور لا يوصف بوصف،
ولا يُسمَّى باسم، ولا يُعرَّف بحَدٍّ ولا برسم.
أو كما يقول الكمشخانلي:
"اعلم أن حقيقة الذات الإلهية من حيث هي هي،
امتدادها –أعني مدة بقائها-
غير مضبوط
لأنها من حيث هي كذلك لا وصف لها،
ولا رسم، فهي العماء،
إذ لا يمكن معرفتها بوجه من الوجوه،
ما لم تتعيَّن بصفة.
وأول هذه التعيُّنات علُمها بذاته،
فهذه الصفةُ تَنَزُّلٌ لها من الحضرة الإلهية الذاتية
التي لا نَعْتَ لها إلى الحضرة الواحدِيَّة
التي هي حضرة الأسماء والصفات،
وتُسمَّى : الحضرة الإلهية " ( 1 )
نقلت لك النص بتمامه،
ليستيقن قلبك بأننا ننصف الصوفية،
فلا نَسِمُهم إلا بما يحبون أن يُعرَفوا به.
وقد يسمى الرب الصوفي في تلك المرتبة بالوجود المُطلَق،
بَيْدَ أن النابلسي في غُلُوِّ التجريد الذي ينتهي به إلى العدم المطلق،
ينزه الوجود في تلك المرتبة حتى عن الإطلاق،
لأن وَصْفَهُ بالمطلق قَيْدٌ، أو صفة له،
فيستلزم أن يكون المطلق مقيداً، والمقيد مطلقًا ( 2 ) ،
فيتوتَّر التناقض بين وصفيه،
ويستلزم أن تكون له صفة،
وهو مجرد كل التجريد في ذلك الطور عن الاسم والصفة!!
ولقد أراد هذا "العماء، أو الوجود المطلَق"
أن يتعيَّن في صورة؛ لِيُعْرَف ولِيعْرِف نفسه ( 3 )
فتَعيَّنَ في صورة "الحقيقة المحمدية"،
فكانت هي التعيُّن الأول للذات الإلهية،
أو الفَتْقَ بعد الرَّتْقِ،
أو مِعْبَرَ الوجود من الإطلاق إلى التقييد،
أو من العماء إلى الأحدية ثم الواحدية !!
******************
( 1 ) ص 93 جامع الأصول للكمشخانلي
( 2 ) رغم هذا، فهو واقع في التناقض،
لأن الوصف بالسلب، أي عدم الإطلاق، قيد أيضاً للوجود، كالوصف بالإيجاب!!
( 3 ) هذه علة وضع الحديث الصوفي "كنت كنزاً مخفياً، فأردت أن أُعْرَف،
فخلقت الخلق، فبي عرفوني"
ويفسر الصوفية" فبي" بكلمة "محمد" لأنها تساويها في العدد في حساب الجمل!!
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الحقيقة المحمدية
يعرفها الصوفية بقولهم:
"هي الذاتُ مع التعيَّن الأول، ولها الأسماء الحسنى
وهي اسم الله الأعظم" ( 1 )
فمحمد الصوفية ليس بشراً، ولا رسولاً،
وإنما هو الذات الإلهية في أسمى مراتبها !!
ويقول الدمرداشي :
"حقيقة الحقائق هي المرتبة الإنسانية الكمالية الإلهية
الجامعة لسائر المراتب كلها،
وهي المسماة بحضرة الجميع، وبأحدية الجمع،
وبها تتم الدائرة،
وهي أول مرتبة تعيَّنت في غيب الذات،
وهي الحقيقة المحمدية "( 2 )
ويقول الكمشخانلي :
"صُوَرُ الحق هو محمد ؛
لتحققه بالحقيقة الأحدية والواحدية " ( 3 )
فمحمد عندهم هو الاسم الأعظم،
فما الاسم الأعظم؟
إنه "الجامع لجميع الأسماء،
أو هو اسم الذات الإلهية من حيث هي هي أي المطلقة "!!(4)
ومحمد هو الأحدية ! فما هي؟
إنها "مجلى الذات الإلهية ليس للأسماء، ولا للصفات،
ولا لشيء من مُؤثراتها فيه ظهور،
فهي اسم لِصَرافَةِ الذات المجرَّدة
عن الاعتبارات الـحَقِّيةِ ( 5 ) والـخَلقِيةِ ( 6 ) ".
ومحمد هو الواحدية، فما هي عندهم؟
إنها "عبارة عن مَجْلَى ظهور الذات فيها صفة،
والصفة فيها ذات" ( 7 )
والفرق بين الأحدية والواحدية :
"أن الأحدية لا يظهر فيها شيء من الأسماء والصفات،
أما الواحدية فتظهر فيها الأسماء والصفات"( 8 )
وبهذا يتجلى لك أن الصوفية
تعتقد في محمد أنه هو الله سبحانه ذاتاً وصفة،
وأنه هو الأول والآخر والظاهر والباطن،
وأنه هو الوجود المطلق، والوجود المقيَّد،
أنه كان لا شئ قبله، أو معه،
ثم تعيَّن في صور مادية سُمِّىَ في واحدة منها بجماد،
وفي أخرى بحيوان،
وهكذا حتى اندرج تحت اسمه كل مسمَّى،
وصدقت ماهِيَّتُه على كل ماهيَّة!
******************
( 1 ) انظر تحت المادة جامع الأصول في الأولياء للكمشخانلي والتعريفات للجرجاني
( 2 ) ص 7 رسالة في معرفة الحقائق لمحمد الدمرداشي
( 3 ) ص 107 جامع الأصول للكمشخانلي
( 4 ) ص 92 المصدر السابق
( 5 ) أي لا توصف بأنها حق، أو خلق في تلك المرتبة
( 6 ، 7 ، 8 ) عن جامع الأصول تحت مادتي الأحدية والواحدية
وعن الإنسان الكامل للجيلي جـ 1 ص 30
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
من هدي الله
ذاك هو محمد الصوفية،
أما محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم،
فقد جلا لنا ربُّه وخالقه، ومن اصطفاه رحمة للعالمين.
جلا لنا حقيقته في قوله الحكم:
( قل: إنما أنا بشرٌ مثلكم
يُوحَى إليَّ
أَنَّما إلهكم إله واحد).
ترى هل يصدق على كل بشري
أنه هو ذات الله، واسمه الأعظم ؟
إن الدين الصوفي يستلزم هذه الزندقة ،
بل يستلزم إطلاق تلك الصفات والأسماء
على فرعون وأبي جهل
– وغيرهما من طواغيت الكفر –
فيصف كُلاًّ منهم بأنه :
هو الوجود الإلهي في تعينه الأول؛
إذ كلهم بشر!.
ونحن نؤمن – كما هدى القرآن والسنة –
بأن أول خلق الله هو القلم أو العرش
فمتى خُلقت أسطورة
الحقيقة المحمدية الصوفية ؟!
ونعلم بالتواتر القطعي
أن عبد الله بن عبد المطلب تزوج آمنة بنت وهب،
وأنهما أنجبا طفلاً سمي محمداً،
وأنه نشأ نشأة الخير والطهر والشرف والكرامة،
وضيء الطفولة، نقي الصِّبا طهور الشباب؛
فلم يشب نقاء صباه ريبةٌ،
ولم تهف بقدس شبابه نَزْغةُ هوى،
ولا نَزْغة صَبْوَة،
فكانت دنياه كلها معبداً
يطيب أصائله وعشاياه وأسحاره
بذكر الله وحده.
ونعلم أنه جَدَّ في الحياة راعي غنم، ثم تاجراً،
فكان في حاليه المثل الأعلى في الجِدِّ القوي الصالح،
والأمانة التي تعتصم بالتقوى،
والحكمة الحكيمة في كل ما يُصَرِّف به شئون دنياه،
والرعاية التي تقدس الحق والواجب لكل ما حُمِّل من أمانة،
وأنه كان في كل أطوار حياته الكاملَ في الأدب والخلق،
وحكمة العقل وسمو العاطقة، ونباغة الفكر،
وقوة الإرادة ومضاء العزيمة،
وجلال الشرف، وعزة الكرامة،
ونبل المروءة، وكرم الإيثار والنجدة،
وسماحة النفس،
فلم يغمر قلبه إلا حب الله،
ولم تنزع به الإرادة إلا إلى الخير،
ولا العاطفة إلا إلى السمو،
ولا الفكر إلا فيما ينال به رضاء الله.
جواداً مِسْمَاحاً في سخائه وبِرِّه،
محسناً كل الإحسان في كل ما أنعم الله به عليه،
فلم يغضب إلا للحق،
ولم يجبن إلا عن الذنب،
ولم يطمع إلا فيما هو عند الله،
ثم اصطفاه ربه خاتماً للنبيين،
فجاهد في الله حق جهاده،
وبلَّغ كل ما نُزِّل إليه من ربه،
وشهد الله له بذلك،
ثم قبضه الله إليه بعد أن صارت كلمة الله هي العليا،
وكلمة الذين كفروا السفلى،
فصلوات الله وسلامه عليه.
هذا قبسٌ نستهدي به
من حياة محمد صلى الله عليه وسلم،
فقل لي عن الحقيقة المحمدية،
تلك الأسطورة الصوفية
الموغلة في تيه القِدم والعدم:
مَن أبوها ؟
مَن أمها ؟
ومِم خُلقت ؟
ولمنْ أُرسِلَت ؟
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
شأن محمد
وتزعم الصوفية أن شأن محمد هو شأن الله !!
اسمع إلى صوفي يقول:
"شأنُ محمد في جميع تصرفاته شأن الله،
فما في الوجود إلا محمد"
ويقول :
"لا يُدْرى لحقيقته غاية،
ولا يُعْلَم لها نهاية،
فهو من الغيب الذي نؤمن به"
ويقول :
ولما كانت بشريته صلى الله عليه وسلم نوراً محضاً،
كانت فضلاته مقدسة طاهرة،
ولم يكن لجسمه الشريف ظل كالأجسام الكثيفة،
وهذا النور المحمدي،
هو المَعْنِيُّ بروح الله المنفوخ في آدم،
فروح الله نور محمد " ( 1 )
******************
( 1 ) هذه النصوص عن كتاب النفحات الأقدسية للبيطار ص 9 ، 11، 13
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
المهاجر من مكة
يقول ابن عربي:
"اللهم أفِضْ صِلةَ صلواتك وسلامة تسليماتك
على أول التَّعَيُّنات المفاضة من العماء الرباني ( 1 )،
وآخر التَّنَزُّلات المضافة إلى النوع الإنساني،
المهاجر من مكة – كان اللهَ ( 2 ).
ولم يكن معه شيء ثانٍ – إلى المدينة،
وهو الآن على ما عليه كان،
مُحْصِي عوالم الحضرات الخمس ( 3 ) في وجوده،
سر الهُوِيَّة في كل شيء سارية،
الجامع بين العبودية والربوبية الشامل للإمكانية والوجوبية ( 4 )"
أرأيت إلى قطب الصوفية الأكبر في غَيِّ إلحاده الأكبر،
يفتري أن محمداً هو الله،
وتأمل دهاء مكره، فيما يعبر به عن كفره،
في قوله: "المهاجر من مكة كان الله ولم يكن معه شيء ثان إلى المدينة"
إنك حين تقرأ تلك الجملة دون تدبر ستظن أن فيها خللاً،
وأن جملة "كان الله، ولم يكن معه شيء ثان"
لا صلة لها بما قبلها، ولا بما بعدها،
وأعترف أني خُدِعْت، فظننت أن هذه الجملة مقحمة،
وحرت في إدراك هدف ابن عربي من وضع تلك الجملة
التي تبين عن حق كريم بين باطل عربيد وآخر لئيم!
بيد أني عدت إلى النص أتلوه، وفي فكري دين ابن عربي،
وثَمَّتَ بدالي هدفُه في وضح وجلاء،
وتبين لى أن الجملة ليست مقحمة،
وإنما هي لحمة دينه وسداه،
فَلْنَعُد إلى الجملة نرتبها كما تحتم قواعد اللغة الصحيحة
"المهاجر من مكة إلى المدينة كان اللهَ، ولم يكن معه شيء ثان"
ما زدنا شيئاً على قوله، ولا نقصاً منه،
وكل ما فعلناه هو وضع قوله :
"إلى المدينة" موضعه،
بعد أن نأى به ابن عربي عنه؛ ليمكر به،
ويلتوي على القراء فهمه!
بهذا يبدو لك جلياً أن ابن عربي يفتري
أن المهاجر من مكة إلى المدينة
لم يكن هو محمداً رسول الله،
وإنما كان هو الله
متجلياً في صورةٍ اسمُه فيها "محمد".
ولا ريب في أنك تعرف أن صاحب الرسول في الهجرة كان أبا بكر
غير أن ابن عربي يقول :
"ولم يكن معه شيء ثان"
يعني أن أبا بكر هو الآخر لم يكن إلا الله
متعيناً في صورة اسمه فيها: "أبوبكر"!
ومات محمد صلى الله عليه وسلم، ومات من بعده أبوبكر!
فأيُّ إله هذا الذي يتجرع غصة الموت مرتين؟
بل ما ذلك الإله الذي يموت ويحيا في كل لحظة آلاف المرات ؟!
لقد دانت الصوفية بأن الرب الأكبر هو عين خلقه!
وفي كل لحظة يعبر بها الوجود تفنى حياة، وتنبثق حياة،
فياللصوفية!
يعبدون رباً يموت آلاف المرات،
ويولد آلاف المرات في آن واحد!
ومحمد الصوفية له مظهران، أو اعتباران،
فهو عبد أو خلق باعتبار ظاهرة،
وهو رب أو حَقٌّ باعتبار باطنه،
ولهذا يصفه ابن عربي
– باعتبار ظاهره – بأن له العبودية
ويصفه – باعتباره باطنه – بأنه له الربوبية!
يصفه بأن له الإمكانية باعتبار ناسوته،
وبأن له الوجوبية، باعتبار لاهوته!.
والنابلسي في شرحه لصلاة ابن بشيش يقول :
"ما صلى على محمد إلا محمد،
لأن صلاة العبيد عليه،
صدرت منهم بأمره منهم من صورة اسمه " ( 5 ).
******************
( 1 ) العماء عند الصوفية"هو الحضرة الأحدية، وهذه تتعين بالتعين الأول لأنها محل الكثرة وظهور الحقائق والنسب الأسمائية"
جامع الأصول مادة العين.
( 2 ) نصب لفظ الجلالة باعتباره خبراً لكان، فيكون معنى الجملة
"المهاجر من مكة هو الله".
( 3 ) يجعلها القاشاني ثلاثاً فقط "الفردية وهي حالة وجود الذات الإلهية في عين الجمع حيث كانت، ولم يكن معها شيء ثان،
الثانية حضرة الوترية وهي حالة بقائها بعد فناء كل شيء في مقام الجمع،
الثالثة حضرة المعية وهي حالة وجودها مع كل شيء في عالم التفرقة،
والأولى ما وردت الصفات منها، والثانية ما صدرت إليها،
والثالثة ما وردت إليها ثم صدرت عنها"
كشف الوجوه الغر ص 133
( 4 ) ص 2 مجموع الأحزاب ط استامبول سنة 1298هـ
( 5 ) ص 557 مجموع الأحزاب ط استامبول
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
كَرَّةٌ من الحق على الباطل
أما محمد خاتم النبيين، صلى الله عليه وسلم
فيهدينا الله إلى حقيقته بقوله :
( وما محمد إلا رسول
قد خلت من قبله الرسل،
أَفَإِنْ مات،
أو قُتِلَ انقلبتم على أعقابكم ؟ ).
في قوله سبحانه
" خلت من قبله الرسل "
حجة من الحق تزهق الباطل الصوفي كله.
وأما اعتقاد المسلمين في نبيهم الحق،
فهو أنه صلى الله عليه وسلم "بشر مثلنا يوحى إليه"
فالقرآن – وهو كلام الله وهداه ورحمته –
يفرض عليهم الإيمان بذلك،
فلا مناص من الإخبات له بالقلب والفكر والشعور،
ويزيدنا القرآن هدى؛
إذ يقرر أن بشرية الرسول الأعظم مثل بشريتنا،
في أسلوب من القول مشرق الإعجاز في بلاغة البيان وفصاحته،
في أسلوب يفرض على الفكر الإيمان بمعناه البيِّن
دون أن يشتبه معناه الحق حتى على الأمي الجاهل،
وذلك في قوله :
( قل: إنما أنا بشر مثلكم يوحى إِلَيَّ
أنما إلهكم إلهٌ واحد )
كلامٌ هو الحق والحكمة والهدى في أسلوب جَليٍّ جَليٍّ مُحكَم مُحكَم،
لا يأذن حتى لخاطرة واهية من ظنٍّ أن تقتحم عليك قُدْسَ يقينك،
أو أن تحوم خُفْيَةً حوله
أو تفسد عليك شيئاً ما من فهمك لمعنى الآية.
ومن تدبر " بشر مثلكم" لرأى أشعة الهدى الإلهي الأعظم
تغمر حوله الوجود كله،
وتهديك إلى الحق الذي يجب أن تؤمن به.
ألا تراها تجعل بشريتنا هي المقياس
الذي به نَقيس بشرية رسول الله الكريم،
حتى لا يفتننا حب هذه البشرية الطهور،
فنظنها خلقاً آخر،
أو نوعاً من البشرية يغاير في حقيقته بشريتنا،
فلا ندرك كنهها، ولا شيئاً من خصائصها؛
لأنها لم تتحقق إلا في فرد واحد ؟
لقد كان يكفي في الدلالة على المعنى أن يقال :
"قل: أنا بشر"
أو"أنتم بشر مثلي"
ولكنه سبحانه – وهو الحكيم العليم الخبير –
شاء أن يعرفنا بشرية محمد صلى الله عليه وسلم
بما نعرفه نحن من خصائص هذه البشرية التي فطرنا عليها،
وبما نبتليه من قِيَمِها ومُقوِّماتها،
وبما نعالج من غرائزها وعواطفها ( 1 )
وبما نعلمه- عن الله – من حقيقة بدئها.
وغاية منتهاها،
وبما نتجاوب به مع رُوَّاد الوجود من حب أو كراهية.
ولذا طَعِم صلى الله عليه وسلم، وشرب، وتزوج،
ونَجَل خير البنين.
وذاق الشبع والجوع والمرض،
ومست قلبه الأحزان، وذرفت عيناه الدموع،
وجاشت نفسُه برحمة البكاء،
وغير ذلك مما قضاه الله على البشرية من أقدار في هذه الحياة،
ثم جاءه صلى الله عليه وسلم ملك الموت الذي وُكِّلَ بنا.
غير أن بشريته صلى الله عليه وسلم
آمنت حق الإيمان
بما هداها الله إليه، وأنعم عليها به،
فأدت حق الله كاملاً من الحق والشكر،
وحلَّقت فوق قمة السمو الإنساني الأعظم،
فكانت وحدها هي النجم الأرفع الأسمى،
وتألقت بعبوديتها الخالصة
فوق أعلى أفق للتوحيد الخالص،
فما زلَّت بها عاطفة لإثم،
ولا هفت بها غريزة إلى ذنب؛
لأنه صلى الله عليه وسلم اتخذ الله وحده رباً له،
وجعل رضاه غايته
والدعوة إليه هدف كفاحه وجهاده.
والغاية العظمى لدنياه،
والفلك الأعظم الذي تدور فيه حياته.
ثم تدبر ما حكم الله به على المشركين الذين قالوا :
( ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق )
إنه جلَّ شأنه حكم عليهم بأنه ضلوا فلا يستطيعون سبيلاً!
لتعلم أن هذا الذي استنكره المشركون
ليس إلا قدر الله العدل الحكيم الذي قضاه على البشرية،
وقسطاً من أقساطها في الوجود.
وأنه لا يمس مقام النبوة بأثارة من ضِعَةٍ،
إذ النبي – قبل كل شيء – بشر،
والبشر يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق!.
وتدبر ما وصف الله به رسله جميعاً
( وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين )
( وما أرسلنا قبلك من المرسلين
إلا إنهم ليأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق )
تدبر هذه الآيات؛
لترد بها فرية الوثنية
التي تزعم أن محمد صلى الله عليه وسلم
نجم الحياة الأبدية الخالدة في الدنيا،
وأن فضلاته كانت مقدسة طاهرة
وإشعاعاً من أضواء الربانية!.
لماذا – إذن – كان يتوضأ صلى الله عليه وسلم، ويتيمم، ويغتسل؟.
وتدبر خطاب الله لنبيه
( إنك ميت، وإنهم ميتون )
ذُكِرَ موتنا عقب ذكر موته؛
لنهتدي إلى أن الموت الذي قُضِيَ علينا
هو عين الموت الذي قُضِيَ على نبيه صلى الله عليه وسلم!
ورغم هذا – على ما فيه من وَضَحٍ وجلاء –
وُجِدَ من يزعم أن موت محمد معناه الحياة السرمدية،
وُجِدَ من يضع للفظ نقيض معناه،
أو يضع للفظ إسفاف الشهوة من هواه!.
يقول الصوفية:
"إنه صلى الله عليه وسلم يحضر كل مجلس،
أو مكان أراد بجسده وروحه،
وأنه يتصرف،
ويسير حيث شاء في أقطار الأرض وفي الملكوت،
وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته،
لم يتبدل منه شيء " ( 2 ) .
وتدبر تلك الآيات التي يعاتب الله فيها سبحانه نبيه :
( وإن كادوا ليفتِنُونَكَ عن الذي أوحينا إليك؛
لتفتري علينا غيره،
وإذاً لاتخذُوك خليلا،
ولولا أن ثبَّتناكَ،
لقد كِدْتَ تركن إليهم شيئاً قليلاً،
إذا لأذقناك ضِعْفَ الحياة وضِعْفَ الممات،
ثم لا تجد لك علينا نصيراً ).
وَعِيدٌ جليل الكبرياء، أَحَدِيُّ القهر والجبروت،
أفتدرك منه وعيدَ ربٍّ لمثله، أو لنفسه،
أم وعيدُ قادر قهار متعال
له ملكوت السموات والأرض
لأشرف عباده، وخاتم رسله ؟!
أفلو كان محمد رباً يشرك الله في ربوبيته وإلهيته
– كزعم الصوفية –
أكان يبتليه الله بمثل ذلك الوعيد
الذي يغمر النفس خشيةً ورهبة،
ويقهر عبوديتها قهر الرضى والحب على أن تُخبِتَ لله وحده،
وعلى ألا تتعدى حدوده قَيْدَ لحظة، أو خاطرة !؟.
وهل أشد على نفس المؤمن من أن يتوعده الله بفقدان النصير،
وبعذاب يتجرعه ضعف الحياة، وضعف الممات ؟!
أفي قضايا العقل
– ودينكم يؤمن بربوبية محمد –
أن يتوعَّد الربُّ نفسه،
وينذرها بعذاب الحياة والموت تصلاه ضعفين،
وبالوحدة الصَّمَّاء تقتل في النفس الشعور بالحياة ؟!
******************
( 1 ) غرائز البشرية الصالحة وعواطفها نفس غرائز البشرية الطالحة وعواطفها في الفطرة
والفرق أن صاحب الأولى وجهها وجهة الخير، ووجهها الآخر وجهة الشر
( 2 ) ص 219 جـ 1كتاب رماح حزب الرحيم لعمر بن سعيد الفوني ط 1345
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
أشرف صفات الرسول في أشرف مقاماته
والله سبحانه يصف رسوله بأشرف الصفات
– وهي العبودية –
في أشرف مقاماته، وأخلدها ذكراً، وأجلها أثراً وغاية
( سبحان الذي أسرى بعبده
ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )
يصفه ربه بالعبودية الصرفة الخالصة وحدها
في تلك الليلة التي استشرف فيها قمة السُّمُوِّ الأعظم،
وتألقت أمجادُه الخوالد الذكريات.
آه لو قيل :
"أسرى بمحمد" فحسب،
إذن لراح الصوفية يثيرون ما يفتنون به من شبهات
لا تجد من اللفظ النور القوي الذي يبددها،
أذن لآلَوْا أن محمداً لم يكن بشراً، ولا عبداً،
وإنما كان روحاً إلهياً سُخِّرت لقدرته الآفاق،
وعُبِّدت لقهره مُتونُ الفضاء،
فجاءت كلمة "عبده" في الآية
حجة الحق المتلألئة التي تبيد الظنون،
وتبدد كل شبهة تختلس الفتنة للعقول بأوهامها.
جاءت برهاناً ربانياً – لا ينقض أبداً –
على أن محمداً صلى الله عليه وسلم،
ما كان إلا بشراً يُوحَى إليه،
حتى في تلك الليلة التي وقف فيها دون عرش ربه الأعظم،
يقبس من نور الله وهداه،
فما بالك به في كل أصائل عمره وعشاياه ؟!.
ويصفه سبحانه بالعبودية في مقام الدعوة إليه
( وأنه لما قام عبد الله يدعوه،
كادوا يكونون عليه لبداً )
وتدبر إضافة "عبد" إلى "الله"
ليغمرَ يقينُ الحق قلبك،
فلا يشتبه عليك الفرق الجليل العظيم الكبير
بين عبودية محمد
وربوبية ربه وألوهيته،
ولا تفتنك مجوسية الصوفية
تبهت الحق بزعمها أن محمداً هو الله !!
ويصفه سبحانه بالعبودية في مقام هو الفيصل الحق الأكبر
بين كون محمد دعياً، وكونه نبياً،
ذلك هو مقام التحدي بالمعجزة العظمى،
معجزة القرآن
( وإن كنتم في ريبٍ مما نزَّلنا على عبدنا،
فأتوا بسورة من مثله ).
والرسول نفسه يضع لنا على الطريق منارات؛
حتى لا نحيد عنه، فنهلك،
ويرشدنا إلى الحق؛ حتى لا تزيغ بنا غلواء الشاعرية في الحب،
فيقول صلى الله عليه وسلم:
" لا تطروني، كما أطرت النصارى المسيح بن مريم،
إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله "
ويدوِّي صوته الأخاذ الرائع بصيحة الحق،
يعظ بها ذلك الصحابي الذي جرفه غلو الحب،
فقال لنبيه :"أنت سيدنا!"
فصاح به؛ ليصمت،
ثم أرسلها تعبر الأجيال والأحقاب والدهور
عظةً شافية هادية
" إنما السيد الله تبارك وتعالى " ( 1 )
فما إن تهامست تحت قبة الفلَك
الأصداء الراعشة الخافتة الواهنة المذعورة من قَوْلة الصحابي،
حتى تجاوبَ الوجودُ كله بِدَوِيِّ الصيحة الهادية من الرسول،
تحول بين الأخرى وبين أن تطمئنَّ في سمع،
أو تهز وتراً من قلب،
وما زالت قلوب المؤمنين تتجاوب
بعظة محمد العظيم في حب وإجلال.
فصلى الله عليه وسلم.
وفي الصلاة – وهي شعيرة الحب العابد –
علمنا الرسول عن أمر ربه
أن نشهد أن محمداً عبد الله ورسوله،
ولكن الصوفية تأبى إلا أن تدين
بأن ذلك الحق باطل وخطيئة،
فتكذب الله ورسوله،
وتقول: لا بل محمد هو الرب الأعظم!
وفي حديث الشفاعة يقص علينا الرسول صلى الله عليه وسلم
أن عيسى عليه السلام
– وقد ناشده الخلق أن يستأذن ربه في أن يشفع لهم عيسى عنده –
يقول: "اذهبوا إلى محمد
عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"
ولكن الصوفية تأبى إلا اتهام عيسى بالحقد على محمد،
وجحود فضله،
فتقول :
لا، بل هو رب نعبده،
ونضرع إليه أن يهب لنا ما يملكه الله وحده،
فيهتف الصوفية حتى يصكوا سمع الصخر
– إن كان له سمع -
:"الشفاعةَ يا محمد"!
تدبر ما ذكرتك به من آيات الله؛
لتؤمن أن محمداً صلى الله عليه وسلم،
لم يبلغ ما بلغ من عظمة وكمال وسمو
إلا بإخلاص الدين لله وحده،
وأنه كان بشراً يوحى إليه،
لا الله،
ولا شريكه
كما تفتري الصوفية !
******************
( 1 ) عن حديث رواه النسائي بسند جيد
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
آراء المستشرقين ( 1 )
ومما يلوع النفس بالحسرة، والقلب بالأسى أن يدرك المستشرقون
– على عداوتهم للإسلام – هذا الحق،
ويظل الصوفية – ومنهم أحبار كبار يختالون أنهم أئمة الإسلام –
مصرين في جحود أصم على عداوة ذلك الحق.
يقول نيـكـلسون :
"إذا بحثنا في شخصية محمد،
في ضوء ما ورد عنه في القرآن من آيات،
وما أُثر عنه من الحديث في الصدر الأول،
وجدنا الفرق شاسعًا بين الصورة التي صُوِّر بها في ذلك العهد،
وبين الصورة التي صَوَّر بها الصوفية أولياءهم،
أو تلك الصورة صور بها الشيعة إمامهم المعصوم.
وظهر من المقارنة أن صورة شخصية الرسول
لا تـَفْضُل عند الموازنة صورة الولي الصوفي،
أو صورة الإمام الشيعي،
إن لم تكن دونهما،
ذلك أن الولي الصوفي والإمام المعصوم،
قد وُصفا بجميع الصفات الإلهية،
بينما وصف الرسول القرآن بأنه بشر
فيه كل ما للبشر من صفات،
وأنه ينزل عليه الوحي من ربه بين آنٍ وآخر،
ولكنه لا يتلقاه مباشرة عن الله،
بل بواسطة الملَك،
وأنه لم ير الله قط،
أو يطلع على أسراره،
وأنه لا يتنبأ بالغيب،
ولا يفعل المعجزات، أو خوارق العادات،
بل هو عبد من عباد الله ورسول من رسله " ( 2 )
ثم يتحدث الرجل عن محمد عند الصوفية،
فيقول :
" فمحمد إذن ليس المصدر
الذي يستمد منه جميع الأنبياء والأولياء علمهم بالله،
فحسب،
بل هو الحقيقة الإلهية السارية في الوجود بأسره،
كما أنه العلة الأولى في خلق كل ما هو مخلوق،
والعقل الكلي الذي يصل ما بين الوجود المطلق "الله"
وبين عالم الطبيعة،
وليس العالم إلا صورة الحقيقة المحمدية،
كما أن الحقيقة المحمدية
ليست إلا صورة الله" ( 3 )
ويقول جولدزيهر:
"إن صورة النبي كما صورتها السنة،
قد أصابها التعديل والتحوير،
لكي تتلاءم مع تقديس الأولياء،
حتى نجم عن ذلك أن العقائد الشعبية،
وضعت صورة للنبي تتعارض تماماً مع البيانات البشرية
التي صَوَّر بها القرآنُ والسنة مؤسسَ الإسلام الأول " ( 4 )
ويقول هنيرش بكر :
"من الثابت أن الغنوص ( * ) قد أثَّر في إيجاد هذه الصورة
التي صورتها العصور الوسطى الإسلامية المتأخرة لمحمد،
وكان سببًا في إيجاد ما يشبه عبادة محمد،
وهذه العبادة، وتلك الصورة
مخالفتان لما كان عليه الإسلام الأول كل المخالفة،
أما أولياء الله في الإسلام،
ففي مقابل الأرواح القدسية في الهيلينة
"هم الكائنات الروحية الوسيطة
بين الذات الإلهية وبين المادة عند الغنوصية"
حتى أن محمداً – وهو نموذجهم الأعلى –
ينتهي بأن يصبح هو العقل الموجود منذ الأزل،
وأن يكون الرحيم المُخَلِّص القدير،
وعن طريق هذا المذهب، انقلبت فكرة الوحي
التي كانت موجودة في الإسلام الأول إلى ضدها " ( 5 )
ويقول فيليب حتى :
"والعقيدة الثانية في باب الإيمان
هي أن محمداً رسول الله، وخاتم النبيين،
وفي علم الإلهيات القرآني
ليس محمد إلا بشراً
لم يُتم الله على يده من العجائب غير إعجاز القرآن،
إلا أن التقاليد والأساطير التي اصطنعتها العامة، من بعد،
نسجت حول هامة الرسول هالة من النور الإلهي " ( 6 )
وهكذا يدرك يهود ومسيحيون حقائق من الإسلام
يتعامى عنها أحبار الصوفية،
لقد تجرد أولئك المستشرقون قليلاً من التجرد،
ولكنهم فهموا كثيراً من الفهم الصائب،
فوصفوا الحق ببعض صفاته،
ولولا أنك على بينة من عقائدهم الأسطورية الباطلة،
لظننتهم في قولهم هذا مسلمين
يتهجدون في المحاريب في نور من القرآن!.
أوَ يرضيك أن يصدع بذلك الحق،
قوم لم تلن قلوبهم لدين الحق،
وأن يسجد الصوفية للباطل،
يعبدون خرافاته،
ويمجدون أساطيره،
ويزعمون أنهم أئمة الدين وأعلامه!.
لقد تزعمتَ يا سماحة الشيخ
هذه الجماعة التي دَوَّخها الباطل،
فَهَلَّا ذَكَّرتهم بهدي الله،
وجاهدتهم؛ لتحملهم عليه،
فيؤمنوا به، وتخبت له قلوبهم ؟!
******************
( 1 ) لا أذكر رأي هؤلاء احتجاجاً به،
وإنما هو لبيان أن هذا الحق، قد أدركه هؤلاء المستشرقون على عدواتهم، فقرروه.
على حين يعاديه الصوفية ويكفرون به
( 2 ) ص 158 في التصوف الإسلامي ترجمة الدكتور عفيفي
( 3 ) ص 160 المصدر السابق
( 4 ) ص 234 العقيدة والشريعة لجولد زيهر
( 5 ) ص 12 التراث اليوناني ترجمة الدكتور بدوي
( 6 ) ص 177 جـ 1 تاريخ العرب العام لفيليب حتى
==============
( * ) الغنوصية هي ، في الأساس ، مذهب تأليفي أو توفيقي يُراد به تذويب جميع التيارات الفلسفية والدينية لمزجها فيه ، سواء كانت وثنية أو مسيحية .
وهذا المذهب ، الذي يسعى الى إنقاذ الإنسان وخلاصه بواسطة المعرفة ،
محصورة بقلة من البشر يُدعون "الماريّن" أو "المدرّبين" ،
أو "المطلعين"من دون سواهم على أسرار هذه المعرفة
وهو يشبه ، الى حدّ بعيد ، "ديانات الأسرار الخفيّة " التي نجدها عند اليونانيين والشرقيين.
البدع والهرطقات في القرون الأولى للمسيحية
الجزء الخامس / الكاتب نافع البرواري
هذه الحاشية نقلها أبو فراس السليماني
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
كل شيء من نور محمد
بهذا يدين الصوفية، وفيه يتغزلون،
ولقد عبر الدباغ عن هذه الأسطورة إذ يقول:
"اعلم أن أنوار المكونات كلها من عرش وفرش
وسماوات وأرضين وجنات وحجب،
وما فوقها، وما تحتها إذا جمعت كلها،
وجدت بعضاً من نور النبي،
وأن مجموع نوره،
لو وضع على العرش، لذاب،
ولو وضع على الحجب السبعين التي فوق العرش، لتهافتت،
ولو جمعت المخلوقات كلها،
ووضع ذلك النور العظيم عليها،
لتهافتت، وتساقطت " ( 1 ) .
ويقول تيجاني:
"لما خُلِق النور المحمدي،
جمع في هذا النور المحمدي جميع أرواح الأنبياء والأولياء
جميعاً جمعاً أحَدِيًّا،
قبل التفصيل في الوجود العيني،
وذلك في مرتبة العقل الأول " ( 2 ) .
ويقول الحلواني في قصيدته "المستجيرة" يخاطب رسول الله:
أنشاك نوراً ساطعاً قبل الورى ** فرداً لفرد، والبرية في العدم
ثم استمد جميع مخلوقاته ** من نورك السامي، فياعظم الكرم
فلذا إليك الخلق تفزع كلهم** في هذه الدنيا، وفي اليوم الأهم
وإذا دهتهم كربة فرجتها** حتى سوى العقلاء في ذاك انتظم
جُدْ لي، فإن خزائن الرحمن في * يدك اليمين، وأنت أكرم من قسم (3)
والله تعالى يقول :
( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين،
ثم جعلناه نطفة في قرار مكين )،
ومحمد صلى الله عليه وسلم إنسان.
وإلا فليأتوا له بصفة أخرى!
والرسول نفسه صلى الله عليه وسلم يقول:
"خلقت الملائكة من نور،
وخلق الجان من مارج من نار،
وخلق آدم مما وصف لكم " ( 4 ) .
تحدث الرسول عن النور، وعمن خلق منه،
فلم يذكر عن نفسه أنه خلق من نور،
كما ذكر عن الملائكة،
وتحدث عن آدم الأب الأول للبشرية،وعن خلقه،
وأنه خلق مما ذكر الله في القرآن، يعني من طين لازب،
ومحمد صلى الله عليه وسلم ابن آدم!،
فلمن تنتسب الحقيقة المحمدية الصوفية ؟!.
وفي كتاب الله آية واحدة تدكُّ وحدها
كل ما يوفض إليه الصوفية
من نصب أقاموها لهذه الأسطورة،
تلك هي قوله سبحانه لنبيه
( ليس لك من الأمر شيء)
وكلمة شيء
أوسع كلمة في العربية دلالة على العموم والشمول،
حتى أطلقها بعضهم على الموجود والمعدوم،
بل يعمم ابن عربي دلالتها،
حتى يجعلها تتناول الصور الذهنية!
وفوق هذا جاءت كملة "شيء"
نكرة في سياق النفي
فزاد عمومها وشمولها.
وتدبر قوله سبحانه :
( قل : ما كنت بِدْعاً من الرسل،
وما أدري ما يُفْعَل بي، ولا بكم،
إن أتَّبِع إلا ما يوحى إليَّ،
وما أنا إلا نذير مبين).
فهل يدين الصوفية في الرسل جميعاً
بما يدينوه به في محمد،
إذ ليس هو " بِدْعاً من الرسل" ؟!
وتدبر قوله سبحانه لنبيه:
( قل:
إني لا أملك لكم
ضَرًّاً ولا رَشَداً،
قل:
إني لن يجيرني من الله أحد،
ولن أجد من دونه مُلْتَحَدا ).
هذا هو هَدْي القرآن،
فقارن بينه، وبين ما افترته الصوفية من إفك
حول النور المحمدي الذي خلق منه كل شيء !!
وثَمَّتَ توقن أنه ليس في الإمكان
– حتى في النادر المعجز منه –
إيجاد نسَبٍ ما بين ما هدى الله إليه وبه من الحق،
وبين ما ضلَّ به الصوفية،
وأضلَّوا خلقاً كثيراً.
تدبر قول الله تجد الهدى في إشراقه،
والحق في جلاله والحكمة في نورها الإلهي،
وتأمل إفك الصوفية،
تجده قيئاً من الكفر المتقيح !!
******************
( 1 ) ص 84 جـ 2 الإبريز
( 2 ) ص 14 جـ الرماح لعمر بن سعيد
( 3 ) ص 14 وما بعدها من رسالة لأحمد عبد المنعم الحلواني
( 4 ) مسلم وأحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
أكان محمد يعرف القرآن قبل نزوله ؟
مما تأفكه الصوفية
أن جبريل عجب حين رأى محمداً يتلو القرآن
قبل أن يُعلِّمه إيَّاه
فسأل جبريلُ،
فأجابه النبي:
ارفع الستر مَرَّةً حين يُلْقي إليك الوحيُ،
ففعل جبريل،
فرأى محمداً هو الذي يوحي إليه،
فصاح مُسَبِّحًا:
منك، وإليك يا محمد ؟!!
وما زال يهذي بهذه الأسطورة
في الرحاب الفساح من الأزهر
رجل لا عمل له سوى إثارة الحرب
مُؤَرَّثة الأحقاد على الكتاب والسنة!!
ويتناقل هذه الأسطورة صوفي عن صوفي
في كل حمأة وثنية، أو حانة صوفية.
ولم لا؟
وقد فـَحَّ بهذه الفِرية أفعوان الصوفية الأكبر ابن عربي؛
إذ يقول مفسراً قول الله سبحانه:
( ولا تَعْجَلْ بالقرآن من قبل أن يُقضَى إليك وَحْيُه) :
"اعلم أن رسول الله أُعْطِي القرآن مُجْمَلًا قبل جبريل
من غير تفصيل الآيات والسور،
فقيل له: لا تعجل بالقرآن الذي عندك قبل جبريل،
فتلقيه على الأمة مُجْمَلًا ،
فلا يفهمه أحد عنك لعدم تفصيله ( 1 ) .
******************
( 1 ) ص 6 الكبريت الأحمر للشعراني
على هامش اليواقيت والجواهر ط 1307هـ
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
رَدُّ هذه الفِرْية
وبطلان هذه الفِرْية بَدَهِيُّ يحكم به مَنْ في قلبه بارقة من إيمان،
بيد أن غشاوة الصوفية على بصائر مُعتَنِقيها
حالت بينها وبين إدراك الحقيقة الإيمانية الأولى،
وهي أن رب الوجود هو الله
وحده لا شريك له،
فَلِم لا تحول بينها وبين إدراك بطلان تلك الفرية ؟!
لهذا نذكرك بهَدْي الله سبحانه :
( علَّمه شديدُ القوى،
ذو مِرَّةٍ فاستوى؛ وهو بالأفق الأعلى).
آيات بينات
تهديك إلى أن الذي علَّم رسول الله القرآن هو جبريل،
وإلى أنه صلى الله عليه وسلم:
لم يكن على علم بشيء ما منه
قبل أن يَنزِل جبريل به عليه.
( وقال الذين كفروا: لولا نُزِّل عليه القرآنُ جملةً واحدة
كذلك لِنُثَبِّتَ به فؤادَك ورتَّلناه ترتيلاً،
ولا يأتونك بمثل، إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً ).
ويقول ابن عربي
أنه نزل عليه جملة واحدة، فقوله قول الكافرين!!
ومن قوله سبحانه : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر)
نؤمن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم
لم يعلم بآية ما من كتاب ربه إلا في ليلة القدر،
فمتى علم الرسول القرآن مجملاً ؟
أقبل ليلة القدر، أم بعده ؟
ومَنْ عَلَّمه إياه مجملاً ؟
أجبريل، أم غيره ؟
ائتوني بأثارة من علم، إن كنتم صادقين.
ويهب الله للحق برهاناً تنجاب به كل ريبة :
( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا،
ما كنتَ تدري ما الكتاب، ولا الإيمان )
أيفهم الصوفية،
أم هي اللجاجة في العناد ؟
( وإذا تُتْلى عليهم آياتنا بينات،
قال الذين لا يرجون لقاءنا:
إئت بقرآن غير هذا، أو بَدِّله،
قل : ما يكون لي أن أُبَدِّله من تلقاء نفسي،
إن أَتَّبِع إلا ما يُوحَى إليَّ،
إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم،
قل: لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به،
فقد لبثت فيكم عمراً من قبله،
أفلا تعقلون؟ ).
وفرية الصوفية تناقض هذه الحجة الإلهية
على صدق محمد.
أولا يذكر الصوفية أن رسول الله حين فجأه الوحيُ،
كان يقول – وجبريل يغطه:
"ما أنا بقارئ" ؟!
وأنه عاد إلى زوجه الطيبة الطهور في خوف وقلق،
وأن هذه المؤمنة العظيمة قالت له قَوْلَتَها
التي طَيَّبها الإيمانُ بروحانيته
"والله لا يخزيك الله أبداً"
أفكان يحدث هذا، أو بعضه،
لو أنه صلى الله عليه وسلم، كان على بينة من القرآن،
قبل نزوله عليه ؟
لِمَ قال: ما أنا بقارئ ؟
يكررها ثلاثاً؟
لِمَ عاد خائفاً حتى زَمَّلُوه ودَثَّروه ؟
لِمَ بَثَّ ذات نفسه إلى زوجته خديجة،
ولِمَ ذهب معها إلى ورقة بن نوفل ؟!
كل هذا حدث منه صلى الله عليه وسلم
حتى بعد نزول الوحي عليه!!
أهذه دلائل علم سابق بالقرآن،
ويقين جازم به
قبل نزول جبريل عليه به في ليلة القدر ؟،
أم دلائل مشاعر نفس مؤمنة تقية،
فجأها من الله سبحانه، ما لم تكن تدريه من قبل ؟!
واهاً للصوفية!!
تبصر نور الشمس يتوهج،
فتقول ياللظلام الدامس!!
كبعض الطير يعشيه النهار!!
ولقد كان أعداء الرسول يسألونه مُحْرِجين مُتَعَنِّتين،
يبتغون تكذيبه، والتجديف عليه،
فلم يكن يجيبهم بشيء
– لأنه لا يعرف الجواب –
عما سألوه عنه،
إلا بعد أن ينزل جبريل عليه به.
سألوه عن الروح، وعن فتية الكهف، وعن ذي القرنين،
فقال صلى الله عليه وسلم:
غداً أجيبكم!!
وأنساه حرصه النبيل على إقامة الحجة عليهم وهدايتهم،
فلم يقل: إن شاء الله،
ففتر عنه الوحي حتى حَزَبه الأمرُ،
وبلغت به الشدة مبلغها،
ولم لا؟
وعدُوُّه مُتَرَبِّصٌ به، حريص على تكذيبه،
وعلى أن يثير الشبهات حول رسالته،
ورغم هذا يفتر عنه الوحي!!
ثم مَنَّ الله عليه به،
فعلم عن الله جواب ما سألوه عنه
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لجبريل:
"لقد رِثْتَ عليَّ، حتى ظن المشركون كل ظن"
فنزل قوله تعالى :
( وما نتنزل إلا بأمر ربك ) ( 1 ) .
أفكان يحدث هذا،
لو أن رسول الله، كان على بينة من القرآن قبل نزوله ؟
لماذا لم يجب مَنْ سألوه ؟
لأنه لم يكن يعرف الجواب،
ولكن ابن عربي يكفر بكل تلك الدلائل،
ويفتري أسطورته،
فَتَؤُجُّ في الصوفية كالنار في الهشيم،
وتنتشر كالوباء الفتَّاك،
وتظل ديناً يكتبه الشعراني
ويهرف به حمقى الصوفية !!
وعذرنا في إطالة الرد على هذه الفرية
أنها دين قوم يُحسبون على الإسلام، ومن أئمته،
وما زال عَدُوُّ ربه "فلان"
ينعب بها حتى اليوم في رحاب الأزهر،
يضج بها نعيبُه،
والمؤذن يقول : الله أكبر!!
******************
( 1 ) انظر تفسير ابن كثير في هذه الآية
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
تعالوا إلى كلمة سواء
فما رأي صاحب السماحة في تلك الوثنيات ؟
ألا يذكي في نفسك الحسرة،
وفي أعماق قلبك السعير،
أن ترى الصوفية تبهت الحقَّ
بما لم يَبْهَتْهُ به إلحادٌ من قبل،
وتجحد به جحوداً،
ليس كعناده عناد، ولا كبغيه بَغْيٌ.
لا تدعْ رُعْبَ القلق يعصف بك،
فيقلب على السهد جنبيك
بحثاً عن كيد تكيد لنا به،
بل
( تعالَوْا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم،
ألَّا نعبد إلا الله،
ولا نشرك به شيئاً،
ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله ).
نحب أن نحتكم إلى الكتاب والسنة.
لا تقولوا: قال فلان،
فما أذكركم إلا بقول الله.
اذكروا ابن عباس حبر هذه الأمة،
وهو يقول لمن جادله بقول نسبه إلى العمرين:
"يوشك أن ينزل الله عليكم ناراً من السماء، فتحرقكم
أأقول لكم: قال الله.
وتقولون لي: قال أبوبكر، وقال عمر؟"
فاحذروا أن يقع بكم
ما أشفق من ابن عباس على مجادليه،
واختر يا سماحة الشيخ للمحاجَّة أي مكان تشاء،
ولن أقول لك قبلها:
أنا المصيب،
وإنما أقول لك ما علمه الله لنبيه
– وهو الذي ملأ الله قلبه باليقين الثابت والهدى والحق –
( وإنا، أو إيَّاكم، لعلى هدى، أو في ضلال مبين ).
أما أن تشكو منا إلى النيابة – ولها احترامها –
فهو فرار جبان من صدمة الحق،
وعجز ذليل في الدفاع عن الرأي،
ولا نرتضي – رغم ما صنعت بنا –
أن تَمَسَّك ريبةٌ من تلك النقائص،
وأنت العالم الكبير
الذي تولى من قبل الخطير الكبير من مناصب الأزهر!.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الفصل الرابع
وحدة الأديان
آمنت الصوفية بأن الله سبحانه هو عين خلقه،
هذه الأسطورة – أسطورة وحدة الوجود –
استلزمت عند الصوفية الإيمان بوحدة الأديان
سواء منها ما نسجته عناكب الأوهام،
وافترته أساطير الخيال،
وفارت به الشهوات،
أو ما أوحاه الله إلى رسله،
ولهذا آمن الصوفية سلفهم وخلفهم
بأن الإيمان والتوحيد عين الكفر والشرك،
وبأن الإسلام على هداه وقدسه،
عين الدين المجوسي في ضلاله ورجسه.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
دين ابن عربي
وكعهدك بي أُذكرك بما اختلقوه من إفك حول تلك الأسطورة؛
ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا مَنْ حَيَّ عن بينة.
يقول ابن عربي:
عقد الخلائق في الإله عقائداً ** وأنا اعتقدت جميع ما عقدوه ( 1 )
ويقول:
لقد كنتُ قبل اليوم أنكر صاحبي ** إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
لقد صار قلبي قابلاً كل صورة ** فمَرْعى لِغزْلانٍ، ودير لرهبانِ
وبيتٌ لأوثانٍ، وكعبةُ طائفٍ ** وألواحُ توراةٍ، ومصحف قرآنِ
أدينُ بدين الحب أنَّى تَوَجَّهَتْ ** ركائبُه، فالدين ديني وإيماني ( 2 )
ويحذر ابن عربي أتباعه أن يؤمنوا بدين خاص،
ويكفروا بما سواه،
فيقول: "فإياك أن تتقَيَّد بعقد مخصوص،
وتكفر بما سواه،
فيفوتك خير كثير،
بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه،
فكن في نفسك "هَيُولي" ( 3 ) لصور المعتقَدات كلها،
فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عَقْد دون عَقْد،
فالكلُّ مصيبٌ،
وكل مُصيبٍ مأجورٌ،
وكل مأجورٍ سعيدٌ،
وكل سعيدٍ مَرْضِيٌّ عنه ( 4 ).
وهذا الدين الأسطوري
يستلزم حتمًا نفي عذاب الآخرة،
فَرَبُّ الصوفية في دينهم
كل مشرك وكل موحِّد،
ويستحيل أن يعذب الرب نفسه،
ولهذا يقول ابن عربي:
فلم يبق إلا صادق الوعد وحدَه ** وما لِوَعيد الحقِّ(5) عينٌ تُعايِنُ
وإن دخلوا دارَ الشقاء، فإنهم ** على لَذَّةٍ فيها نعيمٌ مُبَاينُ
نعيمُ جنان الخُلدِ فالأمر واحد ** وبينهما عند التَّجَلِّي تَبايُنُ
يُسَمَّى عَذاباً من عُذوبةِ طعمِهِ * وذاك له كالقشر، والقشرُ صائنُ(6)
وهكذا يوغل ابن عربي إيغالاً سحيقاً
في الغُلُوِّ العجيب من التناقض،
ويكدح شيطانيته؛
لتبتدع من البدع
ما يقضى به على بقية الخير اليتيمة
من إيمان المسلمين!
لقد آمن بأن الرب عين العبد،
وأن الإيمان صِنْوُ الكفر حقيقة وغاية ،
فما الذي يمنعه من الإيمان بأن الوعد عين الوعيد ؟
وأن نعيم الجنة وكوثرها عين عذاب السعير وغسلينها ؟
لم يمنعه شيء،
فصرح كما ترى به!
فأي قضاء على الدين والأخلاق،
أشد طغياناً من ذلك،
إذا كان العمل الصالح يستوي والعملَ الخبيث،
وإذا كانت الفضيلة عين الرذيلة،
وإذا كان الخيرُ قرينَ الشر،
وما مصير الإنسانية
لو أنها آمنت بهذه الصوفية ؟!
******************
( 1 ) انظر شرح الفصوص لعبد الرحمن جامي شرح الفص الهودي
( 2 ) ص 39 ذخائر الأعلاق شرح ترجمان الأشواق لابن عربي
( 3 ) الهيولي لفظ يوناني بمعنى الأصل والمادة، وفي الاصطلاح الفلسفي هي
"ما به الشيء بالقوة، أو جوهر في الجسم قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال"،
وقد استعملها ابن عربي هنا بمعنى القابل،
أي الذي تنطبع فيه صور المعتقدات كلها، وينفعل بها،
وتصدر عنه أفعاله طبقاً لمعتقداته المتنوعة.
( 4 ) ص 191 وما بعدها فصوص الحكم بشرح بالي ط 1309هـ
( 5 ) يعني بالوعد النعيم في الآخرة، ويعني بالوعيد عذاب الآخرة.
يريد من هذا نفي العذاب مطلقاً في الآخرة حتى للمشركين
( 6 ) ص 94 فصوص جـ 1 بتحقيق الدكتور عفيفي.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الحكم بنجاة فرعون
وبهذا يحكم ابن عربي بنجاة فرعون موسى،
يقول معقباً على قوله تعالى : ( قرة عين لي ولك ) :
" فبه قَرَّت عينُها بالكمال الذي حصل لها،
وكان قرة عين لفرعون بالإيمان
الذي أعطاه الله عند الغرق،
فقبضه طاهراً مطهراً،
ليس فيه شيء من الخبث ". ( 1 )
ويقول عن فرعون أيضاً :
"فنجاه الله من عذاب الآخرة في نفسه،
ونجَّى بدنه،
فقد عمته النجاة حِسًّا ومعنى ".( 2 )
واقرأ بقية ما افتراه في "الفص الموسوي" من كتابه الفصوص،
ففيه يفضِّل فرعون على موسى!.
******************
( 1 ) ص 201 فصوص جـ 1 بتحقيق الدكتور عفيفي.
( 2 ) ص 212 فصوص جـ 1 بتحقيق الدكتور عفيفي.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
دين الجيلي
الجيلي يؤمن بوحدة الوجود، كما بينت لك،
وأنقل لك هنا نصاً يدينه، ويكشف عن معتقده هذا،
وهو إيمانه بأن الله عين خلقه.
وما الخلق في التمثال إلا كثلجة ** وأنت بها الماء الذي هو تابع
وما الثلج في تحقيقه غير مائه * وغَيْران في حكم دعته الشرائع (1)
ولكن بِذَوْبِ الثلج يُرْفَع حكمُه ** ويوضع حكمُ الماء، والأمر واقع
تَجَمَّعت الأضدادُ في واحد البَها * وفيه تلاشت، وهْوَ عنهن ساطع(2)
ولإيمان الجيلي بوحدة الوجود، آمن بوحدة الأديان.
وأسلمتُ نفسي حيث أسلمني الهوى ** وماليَ عن حكم الحبيب تنازع
فَطَوْراً تراني في المساجد راكعا ** وإنيَ طوراً في الكنائس راتع
إذا كنتُ في حكم الشريعة عاصيًا** فإنيَ في علم الحقيقة طائع(3)
ويقول مفسراً لا إله إلا الله:
"يعني الإلهية المعبودة ليست إلا أنا،
فأنا الظاهر في تلك الأوثان،
والأفلاك والطبائع،
وفي كل ما يعبده أهلُ كل ملة ونِحْلة،
فما تلك الآلهة كلها إلا أنا؛
ولهذا أثبت لهم لفظ الآلهة،
وتسميته لهم بهذا اللفظ من جهة ما هم عليه في الحقيقة
تسمية حقيقية لا مجازية...
إنه أراد أن يبين لهم أن تلك الآلهة مظاهر،
وأن حكم الألوهية فيهم حقيقة،
وأنهم ما عبدوا في جميع ذلك إلا هو،
فقال : لا إله إلا أنا،
أي ما ثَم من يُطلَق عليه اسم الإله إلا وهو أنا ..
لا إله إلا أنا،
أي ما ثَمَّ إلا أنا،
وكل ما أطلقوا عليه اسم الإله، فهو أنا ". ( 4 )
هذه الوثنية الطاغية الجاحدة
تُبشِّر بها الصوفية على أنها التوحيد الخالص ،
ورَفيفُ الروحانية من قُدُس السماء !
******************
( 1 ) تأمل سخريته بالشرائع، لا لشيء سوي أنها تحكم بالمغايرة بين الخلق والخالق في الذات والصفات.
والجيلي يشبه الوحدة بين الله وخلقه بالوحدة بين الثلج والماء،
فكلاهما عين الآخر، فالثلج ماء متجمد، والماء ثلج ذائب،
فالمغايرة بينهام في الاسم، لا في الحقيقة،
كذلك الله وخلقه،
إذ المغايرة بينهما في الاسم فقط، كالمغايرة بين الماء في حال تجمده، وبينه في حال ذوبانه
( 2 ) ص 23جـ1 الإنسان الكامل للجيلي ط 1293هـ
( 3 ) ص 143جـ1 إيقاظ الهمم في شرح الحكم لابن عجيبة ط 1231هـ
( 4 ) ص 69 جـ 1 الإنسان الكامل للجيلي،
وتراه يصوِّب عبادة الأصنام، وعبادة الأفلاك، وعبادة الطبيعة،
لأن هذه الأشياء التي عبدت ليست إلا ذات الله متعينة في تلك الصور،
ومسماة بتلك الأسماء!!
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إبليس عند الجيلي
وعجب يدهش منه العجب ،
أن ترى الصوفية حَفِيَّة دائماً
بتقديس عدو الله ، كفرعون، وإبليس،
ثم تزعم للناس أن أقطابها أحِبَّاءُ الله وأوِدَّاؤه،
وأنهم مشارق ألوهية وربوبية،
وأن لهم القدرة الخلاقة القهارة
التي تُسَخِّر الوجود كله لقبضتها الظلوم!
لقد مَجَّد ابنُ عربي فرعونَ،
حتى فضَّله على موسى كليم الله،
وهاهو الجيلي يمجد إبليس العدو الأول لله وللبشرية!
يقص الله علينا إباء إبليس عن السجود لآدم،
وقوله :" أنا خير منه "
فيقول الجيلي:
"وهذا الجواب يدل على
أنَّ إبليس من أعلم الخلق بآداب الحضرة،
وأعرفهم بالسؤال، وما يقتضيه من الجواب"
واقرأ بقية خطاياه في كتابه "الإنسان الكامل"؛
لتراه في إعجابه الرائع بإبليس، وتقديسه له،
وحكمه بأنه في الفردوس يوم القيامة،
يقول الجيلي ص 42 جـ 2 من الإنسان الكامل :
" لا يُلْعَن إبليس أي لا يطرد من الحضرة الإلهية
إلا قبل يوم الدين؛ لأجل ما يقتضيه أصله،
وهي الموانع الطبيعية التي تمنع الروح
عن التحقق بالحقائق الإلهية،
وأما بعد ذلك
فإن الطبائع تكون لها من جملة الكمالات فلا لعنة،
بل قربٌ محض،
فحينئذ يرجع إبليس إلى ما كان عليه
عند الله من القرب الإلهي..
قيل إن إبليس لما لُعن هاج وهام لشدة الفرح
حتى ملأ العالم بنفسه،
فقيل له: أتصنع هكذا، وقد طردت من الحضرة ؟
فقال: هي خِلْعَةٌ أفردني الحبيب بها
لا يلبسها مَلَكٌ مقرب ولا نبيٌ مرسل"
هذا نص الجيلي بلفظه!
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
دين ابن الفارض
يقول في تائيته الكبرى:
فبِي مجلسُ الأذكار سَمْعُ مُطَالِعٍ ** ولي حانَةُ الخمار عينُ طليعةِ
وما عقد الزُّنَّارَ(1) حُكْمًا سوى يدي * وإن حُلَّ بالإقرار بي، فَهْي حَلَّتِ
وإن نار بالتنزيل محرابُ مسجدٍ ** فما بار بالإنجيل هيكلُ بَيْعَةِ (2)
وأسفارُ توراة الكليم لقومه ** يناجي بها الأحبارُ في كل ليلةِ
وإن خَرَّ للأحجار في البُدِّ (3) عاكفٌ ** فلا وَجْهَ للإنكار بالعصبيةِ
وما زاغت الأبصارُ من كل مِلَّةٍ ** وما راغت الأفكار من كل نحلةِ
وما احتار مَنْ للشمس عن غِرَّة صَبا(4) **
وإشراقُها من نور إسفار غُرَّتي
وإن عبد النارَ المجوسُ ، وما انطفت **
كما جاء في الأخبار في ألف حجةِ (5)
فما قصدوا غيري، وإن كان قصدهم **
سواي، وإن لم يُظْهِروا عَقْد نيةِ
حانات الخمر، ومواخير الخطايا،
وصَلَوات ( 6 ) اليهود وبِيَع النصارى
وهياكل المجوس والصابئة،
وبيوت الأصنام،
ومجالس الذكر، ومساجد الله،
كلها عند ابن الفارض ساح فِسَاحٌ
يُعْبَد فيها الله عبادة يحبها ويرضاها ؛( 7 )
لأنه المعبود فيها والعابد !!
وهذا المشرك العاكف على الأصنام يسجد لصخورها الصُّم ،
وهذا الصابئ الساجد في معبد الكوكب ،
وهذا المجوسي يتبتل بضراعته إلى النار ،
وهذا اليهودي التائه يريق الدموع على مَبْكَاهُ ،
ويُؤَجِّج سعير الحقد على الله ،
كلُّ هؤلاء عند ابن الفارض
على بينة من الهدى والفرقان ،
فما هم في دينه إلا الذات الإلهية
متعينة في صور بشرية !!
******************
( 1 ) هو ما يشده النصارى على أوساطهم
( 2 ) معبد النصارى
( 3 ) الصنم أو بيت الأصنام
( 4 ) مال قلبه
( 5 ) يشير إلى ما يقال من أن نار المجوس التي ظلت تشتغل ألف عام خمدت ليلة مولد النبي
( 6 ) أمكنة عبادتهم
( 7 ) يقول جولد زيهر: "مهما تظاهر الصوفيون بتقديرهم للإسلام،
فلغالبيتهم نزعة مشتركة إلى محو الحدود التي تفصل بين العقائد والأديان،
وعندهم أن هذه العقائد كلها لها نفس القيمة النسبية إزاء الغاية المثلى التي ينبغي الوصول إليها "
ص 151 العقيدة والشريعة.
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الفصل الخامس
شيوخ الصوفية وكراماتهم (1)
عبادة الأحبار والكهان
ما ألحفت الصوفيةُ في شيء
إلحافها في الدعوة إلى اتخاذ شيوخها
أرباباً من دون الله،
ففرضت على الدرويش أن يكون وِطاءً ذليلًا لشيخه
مُستَعبَدَ الفكر سليب الإرادةَ
كجثة الميت في يد الغاسل،
وجعلت هذه العبودية الممتهنة
أولى الدلائل على طاعة المريد لشيخه،
وعلى حبه له،
وعلى أنه يرقى معارج الوصول إلى حظائر القدس.
اسمع إلى طيفور البسطامي يقول :
"من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان" ( 2 )
وإلى صاحب لطائف المنن يزعم :
"من لم يكن له أستاذ يصله بسلسلة الأتباع،
ويكشف له عن قلبه القناع،
فهو في هذا الشأن لقيط لا أب له،
دعيٌّ لا نسب له " ( 3 )
وإلى محمد عثمان يقرر آداب المريد مع شيخه:
"ومشاهدتك له في كل حال وَرَدَ عليك أنه بواسطته إليك يا فتى،
ومنها أن تجلس جلوس الصلاة عنده،
وأن تفنى فيه،
وألا تجلس فوق سجادته،
وألا تتوضأ بإبريقه
ولا تتَّكئَ على عكازه،
واسمع ما قال بعض الأصفياء:
من قال لشيخه: لمَ؟!
لا يفلح،
ولتكن محضره في قلبك وخيالك،
فإن غفلت عنه وقتاً،
فهذا من مقتك،
واجتهد في أن تنال مقام الفناء فيه،
فَمِنْ ثَمَّ ترقى إلى مقام البقاء به " ( 4 )
وقد نظمها مصطفى البكري، فقال:
وسَلِّم الأمرَ لهُ، لا تعترضْ ** ولو بعصيانٍ أتى أذًى فُرِضْ
وكن لديه مثلَ مَيْتٍ فاني ** لدى مُغَسِّلٍ؛ لتمسي داني
ولا تَطَأ له على سجادة ** ولا تَنَمْ لهُ على وسادة (5)
وقد سبقه الجيلي بهذا.
وكُنْ عنده كالميْتِ عند مُغَسِّلٍ ** يُقَلِّبْه كيف يشاء، وهو مطاوعُ(6)
وتُحتم الصوفية على المريد ألا يعصي شيخه في أمر أو نهي،
وإن رآه يخالف السنة المحمدية ( 7 )
ولكي يظل الدرويش تحت قبضة الشيخ يستذل كرامته،
ويغصبه ماله وعرضه،
قررت الصوفية على لسان الشعراني
أن من أشرك بشيخه شيخاً آخر وقع في الشرك بالله،( 8 )
وأن من أخذ الطريق على غير شيخه، كان على غير دين .( 9 )
وكتب الصوفية طافحة بمثل تلك المنكرات
التي تهدر الكرامة والقيم الإنسانية النبيلة،
وتجعل من الإنسان لِقًى طريح الذل والهوان والصغار،
وموطئاً مستعبدا لكل نعل نجسة باغية الوَطْء،
تـنـزو بالرجس الحقير،
وهذا سر ما ترى عليه الصوفية من انشطارها شطرين،
شطر معبود، وآخر عابد،
وسرُّ ما يروعك إذ تبصر شيخاً كبيراً كبيراً
يلعق نعل طفل صغير
ما زال يتعثر في خراءته،
ويتلطخ بنجاسة بوله!!
لا لشيء سوى أنه حفيد مولاه شيخ الطريقة،
ففيه سِرُّه، وفيه ربَّانِيَّتُه !! (10)
وسر مخالفة الصوفية جميعاً عن أمر الله؛
لما يدينون به من أن شيوخهم
لا يهمسون بهمسة
إلا عن وحي من الله،
فقلوبهم العروش التي استوى عليها برحمانيته،
وسماوات كبريائه وجلاله وجماله،
وأقداس وحيه التي يفيض منها هداه !!
يقول القشيري:
"من صحب شيخاً من الشيوخ،
ثم اعترض عليه بقلبه،
فقد نقض عهد الصحبة،
ووجبت عليه التوبة !!
على أن الشيوخ قالوا:
حقوق الأستاذين لا توبة منها " (11)
******************
( 1 ) لا ينكر مسلم إكرام الله لأوليائه
بما وعدهم به من أن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة،
ونستطيع أن نعرف من القرآن ما يكرم الله به أولياءه
فقد وصفهم الله بأنهم المؤمنون المتقون،
فاقرأ في القرآن ما أعده الله للمؤمنين المتقين،
تعرف ما يكرمهم الله به،
ولكنك لن تجد فيه ما يزعمه الصوفية
( 2 ) ص 147 كتاب الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية ط 1913م
( 3 ) ص 146 المصدر السابق
( 4 ) الهبات المقتبسة لمحمد عثمان ط 1939م
( 5 ) بلغة المريد للبكري
( 6 ) منحة الأصحاب للرطبي ص 75
( 7 ) انظر ص 131 قواعد الصوفية
( 8 ) ص 154 المصدر السابق
( 9 ) ص 103 جـ 2 لطائف المنن وقد شاكلوا الإسماعيلية في ذلك
إذ يزعمون أن من أشرك مع إمامه سلطة أخرى أو ارتاب في وجوب الطاعة له،
كان كمن أضاف للنبي نبياً آخر، وكمن شك في نبوته،
وبذا صار كمن وضع مع الله إلهاً آخر.
انظر ص 218 العقدية والشريعة لجولد زيهر
(10) نصبت مشيخة الطرق طفلاً سنه خمس سنوات شيخاً لسجادة كبرى في مصر
انظر ص 154 المجموعة الدمرداشية!!
(11) ص 151 الرسالة للقشيري
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
لماذا يتوسل الصوفية بالقبور
لن أجادلك هنا يا سماحة الشيخ
في توسل الصوفية بالمقبور، وبالقبور ( 1 )
فإنه أهون ما تقترف الصوفية وضحاياها من وثنية،
وأحبارها لا يتراءون بالولاء الخاشع لأصنام القبور
حُباً في المقبور،
بل لما يُجْمَع لأوثان الموتى من نذور!!
******************
( 1 ) قال الجنيد عن قبر معروف الكرخي:
"قبر معروف ترياق مجرب يستشفى به ويتبرك"
انظر ترجمة معروف في الرسالة للقشيري والطبقات للسلمي،
وهكذا عبدت الصوفية القبور منذ نشأتها!!
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
آراء المستشرقين في التوسل
يقول جولد زيهر:
"بقي كثير من عناصر الديانات السابقة للإسلام،
واستأنفت حياتها في المظاهر العديدة الخاصة بتقديس الأولياء.
وفي الحق
ليس من شيء أشد خروجاً على السنة القديمة
من هذا التقديس المبتدع
المفسد لجوهر الإسلام والماسخ لحقيقته،
وإن السني الصادق الحريص على اتباع السنة
لا بد أن يعده من قبيل الشرك
الذي يستثير كراهيته واشمئزازه"
ويتحدث عن تقديس العامة للأولياء،
فيقول:
"وأضرحة الأولياء والأماكن المقدسة الأخرى
هي موضع عبادتهم التي يرتبط بها أحياناً ما يظهره العامة
من تقديس وثني غليظ لبعض الآثار والمخلفات،
بل إن العامة تخص الأضرحة ذاتها
بمالا يقل عن العبادة المحضة"
ويتحدث عن الولي المحلِّي:
"ويخشى الواحد منهم أن يحنث في يمين حلف فيه باسم الولي
أكثر مما يحمر خجلاً عندما يحلف بالله باطلاً " ( 1 )
ويقول رونلدسن:
"بالرغم من التوحيد المصرَّح به في القرآن
فإن الأمم الإسلامية، لا زالت تحتفظ بكثير من العادات الوثنية؛
فإن من أهم الصفحات في الحياة الدينية للعوام
في جميع الأمم الإسلامية،
هو تقديسهم لقبور الصالحين،
وفي هاتين القضيتين ساير العلماء المحدثون ( 2 ) اندفاعَ الرأي العام،
وقد أصبح لكل قوم
أئمة محليون
يزورون قبورهم وآثارهم،
فيفرح ذلك الإمام،
ويشفع لهم،
وينجيهم
من الفقر والمرض " !! ( 3 )
وهكذا يدع الصوفية الفرصة سانحة لعدو الإسلام،
ليجدف عليه بما يقترف الصوفية!!
تأمل فيما قاله،
تجده صوفية مُصَوَّرة بكل خبثها!!.
لن أجادلك في التوسل،
وفي أنه شرك أصم،
إذ التوسل خَبَثُ شرك آخر أشد خبثاً منه،
فالصوفية يعتقدون
أن أولياءهم ليسوا بشراً،
وإنما هم آلهة
تخلق ما تشاء وتختار،
أو هم
– كما نقلنا لك من قبل –
ذات الله سبحانه وتعالى
تجسدت مرة فكانت تيجانية،
وأخرى، فكانت نقشبندية،
وأخرى، فكانت رفاعية،
أو شاذلية،
أو برهامية !!
******************
( 1 ) النصوص السابقة عن ص 234، 232 العقيدة والشريعة
( 2 ) التعميم الخطأ، فالمحدثون يرون هذه البدعة من الشرك،
ولعله يقصد من وضعوا الأحاديث التي نسبت زوراً إلى رسول الله،
وترشح لقبول هذه البدعة
( 3 ) ص 266 عقيدة الشيعة
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
صوفي يخطب الجمعة عارياً
الشعراني كاهن الخطايا الصوفية، يبشر بها،
ويكافح في سبيل الدعوة إليها،
وعجيب أن ترى الشعراني
يعقد على ذكر كل اسم صوفي يتنزَّى جسده فاحشة بقوله:
"رضي الله عنه" !
اسمع إلى الكاهن يبشر بهتك العورة كرامة!
"ومنهم الشيخ إبراهيم العريان، كان يطلع المنبر،
ويخطبهم عرياناً،
فيقول: السلطان، ودمياط، وباب اللوق،
بين الصورين، وجامع طولون،
الحمد لله رب العالمين،
فيحصل للناس بسط عظيم " ( 1 ) .
أَمِنْ رَفِيفِ الروحانية بعبير القدسية مَنُّ الولي
على حشد محشود بعورة مكشوفة،
وهذيان مخبول ؟!
تصور،
واجعل خيالك رحيباً رحيباً مُجَنَّحاً بتهاويل الشاعرية،
حتى يمكن أن يتصور
مشهد ولي يبارك المصلين
بهتك عورته !!
تصور ذلك المعبود
يصعد إلى المرقاة الأخيرة من المنبر في يوم جمعة،
حتى إذا أنعم الشهود فيه الأبصار،
وحدَّقوا إليه بالأفكار،
ورَنَوْا إليه بالقلوب،
ابتغاء تَرَشُّف العظة الهادية.
حتى إذا هوَّمت عليه النواظر،
وطافت به المشاعر،
وحوَّمت حوله الأحلامُ والعواطف،
هتك الستر عن عورته فضلاً منه ونعمة ؟!
ذلك المعبود على منبره، في جامعه،
في جمعته يجمع الناس حوله؛
ليعظهم عظة تصلهم بأسباب السماء،
فيسمعهم ذلك الهراء المخبول،
وهو مُنْهَتِكُ السوءة:
"باب اللوق. الخ".
تلك الصورة الوثنية التي يراها الخيال الفسيح
الذي قد يستشرف غيب الأبد،
ويهب للمستحيل أحياناً وجوداً في تَهْويماته
– يراها أشد استعصاء عليه من تصور وجود المستحيل،
بيد أن الشعراني يؤكد لنا أنها حقيقة صوفية،
فيدين بها، ويبشر بها،
ويدعو الله أن يَغمُرَ مُقترِفَها برضاه،
ولا يأخذنَّك العجبُ؛
فإنه صوفي!.
إننا نعرف من كتاب الله أن الآدمية
عوقبت على ذنبها الأول بكشف السَّوْءَة!
( فَدَلاهما بغرور،
فلما ذاقا الشجرة،
بَدَتْ لهما سَوْءَاتُهما ).
فماذا يريد الشعراني من دين؟
******************
( 1 ) ص 129 جـ 2 الطبقات الشعراني ط ابن شقرون
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
صوفي يبهت البريء بذنبه
ويمضي الشعراني في تمجيد شيخه العريان فيقول :
"وكان يُخرج الريح بحضرة الأكابر،
ثم يقول: هذه ضرطة فلان،
ويحلف على ذلك،
فيخجل ذلك الكبير منه ". ( 1 )
ولَشَدَّ ما يَشْدَخ العجب رأسه من العجب
من صوفي يقدس الصوفية خطاياه،
ويجعلون من معجزات قُطْبانيَّته
بَهْتُ البريء بذنبٍ افترى هو جريرته،
أو بخطيئة "ذَوْقية" يمجها حتى ذوق الخنفساء!.
هذا مع استحلال الكذب المفضوح العريان،
مقسماً بالله على صدقه!.
أرأيت إلى الصوفية كيف تعبد خاطئاً
ينفث مثل هذه اليحاميم المنتنة الخانقة
في مجالس العظماء،
ثم لا يمنعه فساد ذوقه،
وسوء أدبه من أن يقذف سواه بذنبه،
ويحلف بالله على صدق بهتانه ؟!
******************
( 1 ) ص 129 جـ 2 الطبقات الشعراني ط ابن شقرون
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الصوفي يؤجر على كشف عورته
وإليك ما يأفكه الدباغ:
"إن غير الولي إذا انكشفت عورته، نفرت منه الملائكة الكرام،
والمراد بالعورة: العورة الحسية،
والعورة المعنوية التي تكون بذكر المجون وألفاظ السفه،
وأما الولي،
فإنها لا تنفر منه، إذا وقع له ذلك؛
لأنه إنما يفعله لغرض صحيح،
فيترك ستر عورته لما هو أولى منه ". ( 1 )
لقد جعلها الشعراني كرامة خاصة بالعريان،
أما الدباغ، فيجعل كشف العورة
دستوراً في الولاية الصوفية !،
أما الكمشخانلي، فيحدثنا عن أنواع الأولياء المتصرفين،
فيقول:
"والرحمانيون وهم ثلاثة أيضاً،
وهم عند الوحي يجلسون عرايا،
ويسمعون الوحي ويفهمون المراد منه ".! ( 2 )
فتأمل
الصوفية تزعم أن أولياءها يسمعون الوحي!
ومن هم؟
سفهاء عرابيد،
اتخذتهم الخطايا دعاة مجونها وسفهها!
وألسنة تعبر عن سوءاتها!.
جرد يا سماحة الشيخ كتيبة من علمك،
وسلطان منصبك؛
لتؤدب هؤلاء الأقطاب الذين يهتكون عوراتكم،
ولعل هذه العورات المتكشفة في فجور
أجدر بأن تشكوها إلى النيابة
ممن يدعوكم إلى سترها،
ورتق فتوقها المفتضحة!.
******************
( 1 ) ص 43 جـ 2 الإبريز للدباغ ط 1292هـ
( 2 ) ص 123 جامع الأصول في الأولياء
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
تطور الصوفيين إلى وحوش وغيرها
يقول الشعراني عن الغمري:
"ودخل عليه سيدي محمد بن شعيب،
فرآه جالساً في الهواء، وله سبع عيون"
ويقول عن الشيخ أبو علي:
"تدخل عليه تجده جندياً،
ثم تدخل عليه، فتجده سبعاً،
ثم تدخل عليه فتجده فيلًا،
وكان يقبض من الأرض، ويناول الناس الذهب والفضة " .( 1 )
ترى لو أن مسلماً قتل صوفياً وهو" فيل، أو سبع"
أتلزمه الدية، أم يلزمه القصاص ؟
يزعم الشعراني أن ذلك الشيخ المتطور إلى فيل وسبع
قد قطعه بعض الناس بسيوفهم،
وأخذوه في تليس،
ثم أصبحوا، فوجدوا الشيخ حياً جالساً "! ( 2 )
خطايا:
ثم ذكر الشعراني من جرائم شيوخه
ما يفسد الصبي على أمه الطهور
بأسلوب تستحي حتى البغي أن تهمس به في حانتها المعربدة،
فاقرأه، تجد ثورة الخطيئة من جسد أوجعه الشبق!.
اقرأ ما سجله عن كرامات علي وحيش وأبو خودة ( 3 ) وغيرهما،
ثم اذكر ما كان يقترفه المجرمون من قوم لوط،
وبأية جريرة منكرة أخذهم الله أخذة رابية!
وثمت ترى الشعراني يجعل من هذه الفاحشة الموبقة
كرامة لسادته هؤلاء!
معقباً على ذكر كل جريمة يقترفها فاسق منهم بقوله:
رضي الله عنه!
ولا تعجب،
فتلك الجريمة دين الصوفية من قديم.
قال يوسف بن الحسين الرازي:
"نظرت في آفات الخلق، فعرفت من أين أُتُوا،
ورأيت آفة الصوفية في صحبة الأحداث،
ومعاشرة الأضداد، وأرقاق النسوان ". ( 4 )
وإنه ليعترف بعدها بما يدينه بتلك الخطايا فيقول:
"كل ما رأيتموني أفعله، فافعلوه
إلا صحبة الأحداث،
فإنه أفتن الفتن " ( 5 )
ويقول: "عاهدت ربي أكثر من مائة مرة، ألا أصحب حدثاً،
ففسخها علي حسن الخدود، وقوام القدود، وغنج العيون،
وما سألني الله تعالى معهم عن معصية " ( 6 )
ويقص الخراز أنه رأى إبليس في النوم، فقال له:
"تركت لي فيكم لطيفة. قلت: ما هي؟
قال: صحبة الأحداث،
قال أبو سعيد : وقَلَّ من يتخلص من هذا من الصوفية ". ( 7 )
ولقد وبخ الله سبحانه قوم لوط بقوله:
( أتأتون الذكران من العالمين ) ؟
ولعنهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل،
فما بالك بالصوفية،
وقد اقترفت هذه الجريمة في صورة نكراء منكرة
مسفة في الخزي والضعة والحقارة،
اقترفتها مع الذكران ومع العجماوات من الدواب!؟
وأين؟ على قارعة الطريق،
وعلى مشهد من كل رائح إلى السوق، أو غادٍ منه!
ذلك ما ذكره الشعراني،
وجعله كرامة ربانية لأوليائه، ويزيدها تفصيلاً،
فيزعم أن "وحيشاً" كان يرغم صاحب الدابة
على أن يستذلها له عند اقتراف الجريمة! ( 8 )
وينازعني الحياء؛
لكيلا أسطر لك جرائم الصوفية بأسلوب الشعراني،
فخذ بكتابه، وطالع فيه أية ترجمة لصوفي،
وثمت تطالعك الجريمة
بوجهها الدميم الصفيق الغليظ المنكر!.
******************
( 1 ) ص 80، 81 جـ2 الطبقات
( 2 ) ص 80 المصدر السابق
( 3 ) ص 122، 123جـ2 طبقات ط صبيح ويقول الشعراني عن أبي خودة:
"وكان رضي الله عنه إذا رأى امرأة، أو أمرداً راوده عن نفسه، وحسس على مقعدته
سواء كان ابن أمير أو ابن وزير ولو كان بحضرة والده أو غيره،
ولا يلتفت إلى الناس"
( 4 ) ص 190 طبقات الصوفية للسلمي
( 5 ) ص 189 نفس المصدر
( 6 ) ص 191 نفس المصدر
( 7 ) ص 232 نفس المصدر
( 8 ) طالعها في الطبقات جـ 2 ص 135 ط صبيح
-
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
رِمَّةٌ تـتصرف في الوجود
يقول الشعراني: "إن شيخي أخذ عليَّ العهد في القبة
تجاه وجه سيدي أحمد البدوي، وسلمني إليه بيده،
فخرجت اليد الشريفة من القبر،( 1 ) وقبضت على يدي
قال سيدي الشناوي:
يكون خاطرك عليه، واجعله تحت نظرك،
فسمعت سيدي أحمد يقول من القبر: نعم!.
ولما دخلت بزوجتي، وهي بكر،
مكثت خمسة أشهر لم أقرب منها،
فجاء، وأخذني، وهي معي، وفرش فرشاً فوق ركن قبته،
وطبخ لي حلوى، ودعا الأحياء والأموات إليه،
وقال: أزل بكارتها هنا،
فكان الأمر تلك الليلة،
وتخلفت عن حضوري للمولد، وكان هناك بعض الأولياء،
فأخبروني أن سيدي أحمد البدوي
كان ذلك اليوم يكشف الستر عن الضريح،
ويقول: أبطأ عبد الوهاب، ما جاء!"
ثم يزعم أن البدوي يدعو العرب والعجم ويسوقهم إلى مولده،
وأنه أرى الشعراني كثيراً من الأحياء والأموات
من الشيوخ والزَّمْنَى بأكفانهم يمشون ويزحفون معه
يحضرون المولد! ( 2 )
ويقول عن الحريثي:
"قصدته في حاجة، وأنا فوق سطوح مدرسة أم خوند بمصر،
فرأيته خرج من قبره يمشي من دمياط.
إلى أن صار بيني وبينه نحو خمسة أذرع،
فقال: عليك بالصبر، ثم اختفى "!. ( 3 )
هنا يكاد الإنسان يفقد عقله!
إذ لا يتصور حتى ممن به مسكة ولهى من عقل
أن يهرف، ويخرف بمثل ذلك الخبال
ولكن لا عجب،
فكل صوفي عدو للعقل فوق عداواته للشرع.
كل صوفي يؤمن بأن "الذوق" وحده هو وسيلة المعرفة،
أما العقل عندهم، فطاغوت أخرق،
أما الشرع، فماديَّةٌ تنشب مخالبها في الصخر،
دون أن ترمق السماء بنظرة واحدة!
أو هو نوع من عبادة التاريخ الميت؛
ولهذا تتباين عندهم قيم الأشياء، تبعاً لتباين الأذواق!
وقد يرى الصوفي الباطل، فيما يرى غيره فيه الحق!
ولا يضيرهم أن يتوتر التناقض بين ما يؤمن به صوفي،
ويكفر به آخر غيره،
فكلاهما في الدين الصوفي على حق.
ولعل هذا سر فريتهم "من اعترض، انطرد!"
إذ ربما حكمت بالشرع أو بالعقل على شيء ما بأنه باطل،
وهو في "ذوق "( 4 ) شيخك حق!
فتعرض نفسك للطرد من حظيرته.
على هذا يحمل الشيوخُ الدراويشَ، ويستعبدونهم،
فما يفعل الشيخ من شيء،
إلا ويوحي إلى درويشه أنه فعله عن أمر إلهي،
وإن يكن ما فعله خطيئة خاطئة.
ولا يملك الدرويش إلا أن يؤمن!
ألا ترى الجنيد يجيب – حين سئل: أيزني العارف ؟ -
بقوله: "نعم!
وكان أمر الله قدراً مقدوراً" !
حَقٌّ لوَّنه بباطل.
ذلك الجنيد!
زانٍ ويسميه عارفاً!
أي مؤمناً بلغ ذروة الإيمان،
لأنه رأى القضاء في لوح الغيب فنفذه .!( 5 )
والرسول يقول:
"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن".
تنكر الصوفية على العقل أنه وسيلة إلى المعرفة،
ويرهقها حنقاً من أن يحكم بالمغايرة بين الضدين، أو بين النقيضين،
وتنكر على الشرع تفرقته بين الإيمان والكفر، أو الخير والشر؛
إذ لا تؤمن بغير "الذوق"
سماء وحي، وقدس إلهام!
ولهذا كان من اصطلاحاتهم المشهورة:
" من ذاق عرف "
أي من جعل " الذوق " وحده الوسيلة إلى المعرفة،
كان حقاً من العارفين بكنه الحقائق الربانية!
أرأيت إلى الشعراني
يؤكد أن سيده البدوي حيٌّ
رغم تعفن البلى في رمته ؟!،
وأنه يطبخ ويغسِل،
ويدعو الأحياء والموتى إلى مولده ؟!
أرأيت إليه يؤكد
أنه حين أخطر "الحريثي" في باله،
قام من قبره،
وهرول إلى مصر
على قدميه من دمياط ؟!.
******************
( 1 ) يذكر الصاوي في حاشيته على شرح الخريدة للدردير،
أن الرفاعي وقف تجاه قبر الرسول، وناجاه بهذين البيتين:
في حالة البعد روحي كنت أرسلها ** تقبل الأرض عني، وهي نائبتي
وهذه دولة الأشباح، قد حضرت ** فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي!!
قالوا: فخرجت اليد من القبر،
ويظهر أن الشعراني أبى إلا أن تكون له ولسيده البدوي تلك الكرامة!!
( 2 ) اقرأ ترجمة السيد البدوي في طبقات الشعراني
( 3 ) جـ 2 ص 154 المصدر السابق ويروون أن رجلاً قصد إلى ضريح صوفي "
مشتكياً فمد له من القبر بعود الريحان خطاباً مكتوباً فيه بيت من الشعر لم يجف مداده"
انظر ص 318 جـ 2 شرح الحكم لابن عجيبة
( 4 ) يعرف القيصري الذوق بقوله:
"ما يجده العالم على سبيل الوجدان والكشف لا البرهان والكسب،
ولا على طريق الأخذ بالإيمان والتقليد" ص 193 مطلع خصوص الكلم،
أو هو "أول درجات شهود الحق بالحق في أثناء البوارق المتوالية
عند أدنى لبث من التجلي البرقي" ص 101 جامع الأصول للكمشخانلي،
ويقول ابن عربي: "اعلم أن العلوم الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى
الحاصلة مع كونها ترجع إلى عين واحدة" ص 107 فصوص الحكم ط الحلبي،
ويعني بالعين الواحدة : الذات الإلهية!!
( 5 ) يقول الدباغ: "إن الولي الكبير فيما يظهر للناس يعصي، وهو ليس بعاصٍ،
وإنما روحه حجبت ذاته، فظهرت في صورتها، فإذا أخذت في المعصية فليست بمعصية"
ص 43 جـ 2 الإبريز.
ويقول: "يتصور في طور الولاية أن يقعد الولي مع قوم يشربون الخمر، وهو يشرب معهم،
فيظنونه أنه شارب الخمر، وإنما تصورت روحه في صورة من الصور وأظهرت ما أظهرت"
ص 41 المصدر السابق.
وهكذا يقررون أن الرذيلة فضيلة.