-
بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
غاية الإيجاز في الرد على من نفى وجود المجاز
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة الرد على من نفى المجاز بأسلوب مختصر فإن هذا الموضوع من الأهمية بمكان وغالب من كتب فيه من أهل الكلام الذين أولوا صفات الرحيم الرحمن فالله المستعان وعليه التكلان .
-
فصل مفهوم الحقيقة والمجاز :
فصل مفهوم الحقيقة والمجاز : اللفظ في اللغة العربية قد يستعمل فيما وضع له في اللغة فلا يحتاج لدليل لكي يفهم معناه ، وهذا يسميه غالب علماء اللغة حقيقة ، وقد يستعمل اللفظ في غير ما وضع له في اللغة لعلاقة بين اللفظ والمعنى المراد ، فيحتاج هذا اللفظ لدليل يدل على معناه وهذا يسميه غالب علماء اللغة مجاز لذلك فالحقيقة هي ما سبق إلى الفهم من معنى اللفظ دون الحاجة لدليل ( قرينة ) ،والمجاز هو ما لا يسبق إلى الفهم من معنى اللفظ إلا بوجود دليل فقولك رأيت الرجل يتكلم حقيقة فمن الطبيعي أن يتكلم الإنسان ، و الرجل إنسان أما قولك رأيت القمر يتكلم فيستحيل أن يكون هذا الكلام على الحقيقة ؛ لأن الكلام من صفات البشر والقمر ليس بشراً إذاً هذا مجاز شبه الإنسان بالقمر لوجود علاقة بينه وبين القمر وهي الجمال ، وقولك على شخص أنه شجاع فهذا حقيقة أما قولك على شخص أنه أسد فهذا مجاز لاستحالة أن يكون الشخص أسداً فالأسد حيوان أما هذا الشخص فإنسان أي أنك شبهت هذا الشخص بالأسد لوجود علاقة بينه وبين الأسد ، وهي الشجاعة .
-
فصل من أدلة ثبوت المجاز :
فصل أدلة ثبوت المجاز : إن أدلة ثبوت المجاز كثيرة ومنها العمل عمل العرب بمقتضى المجاز فالعرب كانوا يفهمون المعنى الموضوع للفظ في اللغة عند إطلاقه ، ويفهمون المعنى غير الموضوع للفظ في اللغة عند تقييده فالعرب استعملت بعض الألفاظ في معنيين عند الإطلاق يفهم المعنى الموضوع لهذه الألفاظ في الأصل ، وعند التقييد يفهم المعنى المنقول إلى هذه الألفاظ فكلمة أسد عند الإطلاق يراد بها السبع ، وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الشجاعة ، و العرب عند إطلاق كلمة الحمار عند الإطلاق يراد بها البهيمة ،وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الغباء والحماقة ،والعرب عند إطلاق كلمة القمر تريد هذا الجرم السماوي ، وعندما تنسبه إلى إنسان تريد الجمال والحسن والعرب عند إطلاق الكلب تريد هذا الحيوان المعروف ، وعندما تنسبه لإنسان تريد الوقاحة والحقارة ،والعرب عند إطلاق كلمة النخلة تريد هذه النخلة المعروفة ، وعندما تنسبها لإنسان تريد الطول ،ولو كان المعنيان قد وضعا في الأصل معاً للفظ لما سبق إلى الفهم أحد المعنيين دون الحاجة لدليل (القرينة ) ، ومن أدلة وجود المجاز ذكر بعض علماء القرون الثلاثة الأول المجاز كأبي عبيدة معمر بن المثني 114 هـ - 210 هـ عالم لغة له كتاب مجاز القرآن[1] وله كتاب المجاز[2] ، ومن العلماء الذين ذكروا المجاز الخليل الفراهيدي 100هـ -174 هـ قال في كتابه الجمل في النحو : ( وكذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز كقول الله جل وعز في البقرة ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ﴾[3] والتجارة لا تربح فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها ومثله : ﴿جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[4] ولا إرادة للجدار )[5] ، ولأبي العباس أحمد بن يحيى المشهور بثعلب النحوي المتوفى سنة 291هـ كتاب قواعد الشعر أكثر من ذكر الاستعارة فيه والاستعارة ضرب من المجاز ،وقال ابن السراج النحوي المتوفى 316 هـ في كتابه الأصول في النحو : ( وجائز أن تقول لا قام زيد ولا قعد عمرو تريد الدعاء عليه وهذا مجاز )[6] ، وقال أبو العباس المبرد في كتابه المقتضب : ( وقد يجوز أن تقول أعطي زيدا درهم وكسي زيدا ثوب لما كان الدرهم والثوب مفعولين كزيد جاز أن تقيمهما مقام الفاعل وتنصب زيداً ؛ لأنه مفعول فهذا مجاز )[7]ومن الفقهاء الذين ذكروا المجاز في كتبهم محمد بن الحسن الشيباني 132 هـ - 189 هـ حيث قال في كتابه الجامع الصغير: ( فالحاصل أن أبا يوسف أبى الجمع بين النذر واليمين ؛ لأن هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار ؛ لأن الحقيقة معتبر في موضعه والمجاز معتبر في موضعه )[8] ، ومن علماء الحديث الذين ذكروا المجاز في كتبهم ابن قتيبة حيث قال ابن قتيبة : ( والنبات لا يجوز أن يكون شراباً ، وإن كان صاحبه يستغني مع أكله عن شرب الماء إلا على وجه من المجاز ضعيف ، وهو أن يكون صاحبه لا يشرب الماء فيقال إن ذلك شرابه ؛ لأنه يقوم مقام شرابه فيجوز أن يكون قال هذا إن كانت الجن لا تشرب شراباً أصلاً )[9] ومن هنا ندرك أن المجاز ثابت في كتب الفقه واللغة والحديث في القرون الثلاثة الأول فهذا دليل على وجود المجاز .
[1] - انظر الفهرست لمحمد بن إسحاق النديم ص79 دار المعرفة 1398 هـ
[2] - انظر كتاب كشف الظنون لمصطفى الرومي الحنفي 2/1456 دار الكتب العلمية 1413 هـ
[3] - البقرة من الآية 16
[4] - الكهف من الآية 77
[5] - الجمل في النحو للفراهيدي ص73 حققه الدكتور فخر الدين قباوة سنة النشر 1416 هـ
[6] - الأصول في النحو لابن السراج 1/400 مؤسسة الرسالة 1408 هـ الطبعة الثالثة تحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلي
[7] - المقتضب للمبرد 4/51 عالم الكتب بيروت تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة
[8] - الجامع الصغير لابن الحسن الشيباني ص 142عالم الكتب بيروت 1406 هـ
[9] - غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 272 مطبعة العاني بغداد 1397 هـ تحقيق الدكتور عبد الله الجبوري
[10] - البقرة : 31
-
فصل حجج من نفوا المجاز والرد عليها :
فصل حجج من نفوا المجاز والرد عليها : رغم أن أدلة وجود المجاز واضحة إلا أن بعض العلماء الأفاضل خالف ونفى المجاز ومنهم ابن تيمية وابن القيم من القدامى وابن عثيمين والشنقيطي من المحدثين ، وأدلتهم عدم قول سلف الأمة كالخليل ومالك والشافعي وغيرهم من اللغويين والأصوليين وسائر الأئمة بالمجاز فهو إذن قول حادث ، والجواب على ذلك أنه لو سلمنا جدلاً تنزلاً معهم بعدم قول أحد من السلف بالمجاز فليس معنى هذا عدم وجود المجاز فلا ينتسب لساكت قول ، وهناك فرق بين وجود العلم وتدوين العلم فالعلم موجود في ذهن العلماء ، ولكن لم يقم أحد بتدوينه بعد وكان المجاز مستقراً في نفوس العرب فالعربي مثلاً لم يقسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف ، ولكن استخدم الاسم والحرف والفعل فالتدوين يكشف عن وجود الشيء ( العلم )، وليس منشئا له فوجود العلم يعرف بالعمل بمقتضى العلم ويعرف بتدوينه ، والعرب كانوا يفهمون معنى للفظ عند الإطلاق ويفهمون معنى أخر للفظ عند التقييد فالأول سميناه حقيقة والثاني مجاز ولا مشاحة في الاصطلاح ثم قد ذكر بعض علماء اللغة والفقه والحديث المجاز في كتبهم ، وعليه يسقط هذا الدليل ، و أنكر نفاة المجاز أن يكون للغة وضع أول تفرع عنه المجاز باستعمال اللفظ في غير ما وضع له ،والقول بأن أصل اللغة إلهام من الله ثم كان النطق بألفاظ مستعملة فيما أريد منها نقول هذا الكلام غير مسلم ؛فالخلاف في أصل اللغات وواضع اللغة هل اللغة كانت بإلهام من الله أم بالتقليد أم بالتوقيف ؟ فالخلاف في واضع اللغة يثبت أن للغة وضعا فالوضع ملازم لكل مذهب من هذه المذاهب ، والمراد بالوضع النطق أول مرة باللفظة دالا على معناه سواء كان مصدره الإلهام أو التقليد أو التوقيف والخروج عن الدلالة الأولى للألفاظ مستساغ ومعقول، فبعد استقرار استعمال الكلمة فيمعناها الذي كانت هي من أجله يقع فيها التصرف باستعمالها في دلالة أخرى هي الدلالةالمجازية ،وتلازم الوضعللاستعمال مثل تلازم الحياة للحي، ويستحيل استعمال لفظ بمعزل عن اللفظ نفسه، كمايستحيل وضع لفظ بمعزل عن الاستعمال ؛ لأن الواضع يضع اللفظ ويعينه للدلالة على معنى،وتصور وضع لفظ دون أن تكون حقيقة معناه ومسماه ماثلة في ذهن الواضع مستحيلفمن يرى أن أصل اللغة إلهام من الله ، واستعمال لا وضع متقدم على الاستعمال . فحين ألهم اللهالإنسان أن يستعمل كلمة ( بحر) لصحة هذا الاستعمال فلابد من أحد أمرين
إمارؤية مجتمع الماء عيانا حين الاستعمال أو تخيل تلك الصورة إذا لم تكنحاضرة مرئية. وفي كلتا الحالتين فكلمة بحر اخترعت مقرونة بالاستعمال إما حسا وإمامعنى. ومستحيل أن تخترع كلمة (بحر) أو توضع وليس في ذهن الواضع أو المخترع تصورلمسماها فلو سلمنا أن الاستعمال سابق على الوضع فالكلمة في أول استعمال لها حقيقة، وحين تستعمل استعمالا ثانيا بينه وبين الاستعمالالأول صلة معتبرة ، ووجد في السياق دليل يرجح أو يوجب الأخذ بمعنى الاستعمالالثاني دون الأول كان المجاز لا محالة ، وأنكر نفاة المجاز التجريد والإطلاق في اللغة فلا يجوزون القول بأن الحقيقة ما دلت على معناها عندالإطلاق والخلو من القرائن ، والمجاز ما دل على معناه بمعونة القيود والقرائن أي كل الألفاظ في اللغة لم ترد إلا مقيدة بقيود وقرائن توضح المعنى المراد منها فالقول بورود الألفاظ مجردة أو أنها بدون أية قرائن أو قيود تفيد معنىوبالتالي يكون المجرد منها حقيقة والمقيد بالقرائن مجاز قول خطأ ، ومعنى هذا الكلام إنكار أن يكون هناك معنى يسبق إلى الفهم عند إطلاق اللفظ ، وتجرده عن قرائن ، وهذا الكلام يخالف ظاهر القرآن حيث قال تعالى : ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[10] وأسماء الذوات الألفاظالدالة على الأشياء مثل: أرض-سماء-بحر- فرس- إنسان.. إلخ حيننطق الإنسان الأول بها فمن المؤكد أنه نطق بها مجردة قاصدا بها الدلالة على الصورة المتكاملة – سمعية بصرية حسية- كما هي مختزنة في خياله فآدم عليه السلام أطلق الاسماء كالشجرة والبحر ..وأراد هذه الذوات نفسها أي أطلق الشجرة وأراد الشجرة وأطلق البحر وأراد البحر فثبت أن هناك ألفاظاً مجردة عن القرائن يقصد بها الوضع الأول أو الاستعمال الأول للكلمة فالألفاظ عند تجردها عن القرائن يسبق إلى الفهم ويتبادر إلى الذهن معنى هذا المعنى هو الذي وضع اللفظ له في الأصل فعند إطلاق كلمة عين يتبادر للذهن العضو الباصر ، وعند إطلاق كلمة الأنف يقصد بها العضو الشام فإن قيل لماذا لانقول إن تعدد المعاني من باب الاشتراك اللفظي ، وليس من باب المجاز ؟ نقول هذا لا يصح ؛ لأن اللفظ يحمل على المعنى المجازي عند وجود القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي ، وعند عدم وجود هذه القرينة فاللفظ يحمل على المعنى الحقيقي المتبادر للفهم بخلاف الاشتراك فإنه بدون القرينة يجب التوقف ، والذين نفوا المجاز أبطلوا استدلال الجمهور ببعض الآيات كقوله تعالى ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[11] فقالوا بأن هذا على الحقيقة ونقول لهم نسبة الإرادة إلى الجدار في الآية مجازية ؛ لأن الله يقول ( فوجدا فيها جدارا ) أي أن جملة يريد أن ينقض صفة للجدار أي هذه هي الصفة التى رأى موسى عليه السلام والخضر الجدار عليها ، والإرادة لا ترى فيستحيل قطعاً أن يكون المراد بإرادة الجدار الانقضاض الإرادة الحقيقية ، وإنما المراد اقتراب الجدار من السقوط ، وعليه فهذه الآية دليل على وجود المجاز . وقال الذين نفوا المجاز يلزم من وجود المجاز الاختلال في التفاهم إذ قد تخفى القرينة ، نقول هذا على اعتباركم أنه لابد للفظ من قرينة تدل على معناه أما القائلون بالمجاز فيقولون ما يحتاج لقرينة هو المجاز فقط أما الحقيقة فتدل على معناها بلا قرينة هذه هي أهم حجج القوم رددنا عليها .
[11] - الكهف من الآية 77
-
فصل حد المجاز في القرآن والسنة :
فصل حد المجاز في القرآن والسنة : ليس معنى وجود المجاز في القرآن والسنة القول به مطلقاً بلا دليل فالضابط أن اللفظ إذا وجد دليل صحيح على أنه منقول عن وضعه في اللغة إلى معنى آخر وجب العمل بالمعنى المنقول إلى اللفظ و إلا فالأصل في الكلام الحقيقة ما لم يأت دليل ، فليس كل ما يستحيل عقلاً يكون مستحيلاً شرعاً ؛ لأن اللغة هي المعبرة عما يستعمله الناس في أغراضهم ، والناس عقولهم لا تدرك إلا المحسوسات ، و لا تدرك الغيبيات لذا الأمور الغيبية لا نحكم فيها عقولنا ، فما أخبر ربنا عنه نؤمن به ولا نحرفه عن معناه فقد قال تعالى : ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾[12] فالله أثبت أن الأشياء تسبحه فنقول كل الأشياء تسبح الله بما يليق بها أن تسبحه ،والله أعلم بكيفية هذا التسبيح ، ولا ننفي التسبيح عن هذه الكائنات لاستحالة إدراكنا هذا التسبيح ، ويجب ألا نتخذ إثبات المجاز في القرآن ذريعة لتأويل صفات الله كما يفعل أهل الكلام فنؤمن بما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه r نؤمن بمعنى الصفة ونفوض كيفية الصفة لله عز وجل فمثلاً قوله تعالى :﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾[13] الله أثبت أن له يدا نقول الله له يد تليق به ليست كيد المخلوقين ؛ لأنه قال :﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾[14]و قال تعالى : ﴿وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[15] فليس معنى اتفاق التسمية اتفاق الحقيقة هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وكتب ربيع أحمد طب عين شمس الفرقة السادسة الأحد 30 محرم 1428هـ 18/2/2007 م
[12] - الإسراء من الآية 44
[13]- المائدة من الآية 64
[14] - الشورى من الآية 11
[15] - النحل من الآية 60
-
بيان
ليس ثبوت المجاز في القرآن والسنة قولي وحدي فهو قول جل علماء الشريعة ومن تكلموا في أصول الفقه لكن البعض قد اتخذ من المجاز وسيلة لتأويل صفات الله ،وهذا خطأ فشرط القول بالمجاز وجود دليل صحيح صريح خالي من عارض معتبر فالأصل في الكلام الحقيقة هكذا علمنا المشايخ
فتوى تؤيد قولي : رقـم الفتوى : 16870
عنوان الفتوى : المجازفي القرآن...بين المثبتين والنافين
تاريخ الفتوى : 14 ربيع الأول 1423 / 26-05-2002
السؤال
هل يجوز القول بوجود المجاز في القرآن ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وقع الخلاف بين العلماء في مسألة وجود المجاز في القرآن، فقال جماهيرأهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وعلماء اللغة والبيان بوجود المجاز في اللغة وفي القرآن والسنة.
وذهب بعضهم إلى نفيه منهم الأستاذ/ أبو إسحاق الإسفراييني و أبو علي الفارسي و الظاهرية و ابن خويزمنداد و منذر بن سعيد البلوطي و ابن تيمية. ونحن نورد لك حجج القائلين بنفي وجود المجاز في القرآن، ورد القائلين بوجوده على هذه الحجج، وذلك بإيجاز إن شاء الله :
- الحجة الأولى : قالوا: المجاز كذب فيمتنع وجوده في القرآن، ولأن المجاز يجوز نفيه وكتاب الله لا يجوز نفي شيء منه، فمن قال: محمد أسد، يقال له: ليس أسداً، بل هو رجل شجاع.
والرد على هذه الحجة من وجوه:
الوجه الأول : أن المجاز اسم مشترك قد يطلق على الباطل الذي لا حقيقة له، وقد يطلق على اللفظ الذي تجوز به عن موضوعه، والقرآن منزه من الأول، أما الثاني : فليس في وجوده فيه ما يدل على نقص، فلا غضاضة في القول بوجوده فيه.
الوجه الثاني: قولهم: إن المجاز يتطرق إليه النفي، والقرآن لا يجوز نفي شيء منه وهم منهم، لأن كذب المجاز إنما يلزم لو كان النفي والإثبات تواردا على جهة واحدة، فشرط التناقض اتحاد الجهة، وهذا غير حاصل في مسألة الحقيقة والمجاز، فإن النفي وارد على الحقيقة، والإثبات وارد على المجاز، فمن قال: رأيت أسداً يقود السيارة، أراد أنه رأى رجلاً شجاعاً، فإثبات الرؤية هنا متجه إلى المعنى المجازي لكلمة أسد، ومن نفى فقال: لم تر أسداً يقود السيارة بل رأيت رجلاً شجاعاً، فنفيه متجه إلى حقيقة اللفظ، فهو لا ينفي ما أثبته الأول، لأن صدق النفي لا يلزم منه كذب الإثبات، لأنهما لا يتنافيان، وإنما يحدث التنافي لو توجه النفي والإثبات على جهة واحدة كقولنا: هو أسد بالحقيقة، ليس أسداً بالحقيقة.
الوجه الثالث : أن المستعير للفظ المجاز يؤول كلامه ويصرفه عن الظاهر، وينصب قرينة تدل على أن الظاهر ليس بمراد له، بخلاف الكاذب فإنه يدعي الظاهر، ويريده ويصرف همته على إثباته، مع كونه غير ثابت في نفس الأمر.
ثم إن المخاطب بالمجاز المتفطن العارف بأساليب الكلام، ووجوه اعتباراته إذا خوطب بالمجاز محتفاً بقرينة حالية أو مقالية، فهم المعنى المجازي، ولا يتبادر ذهنه للمعنى الحقيقي أصلاً.
الحجة الثانية: قالوا: الخطاب بالمجاز طريق إلى الإخلال بالتفاهم لا حتمال خفاء القرينة.
قال الإمام الشوكاني : "المجاز واقع في لغة العرب عند جمهور أهل العلم وخالف في ذلك أبو إسحاق الإسفراييني وخلافه هذا يدل أبلغ دلالة على عدم اطلاعه على لغة العرب. وينادي بأعلى صوت، بأن سبب هذا الخلاف تفريطه في الاطلاع على ما ينبغي الاطلاع عليه من هذه اللغة الشريفة، وما اشتملت عليه من الحقائق والمجازات التي لا تخفى على من له أدنى معرفة بها، وقد استدل بما هو أوهن من خيوط العنكبوت فقال: لو كان المجاز واقعاً في لغة العرب للزم الإخلال بالتفاهم إذ قد تخفى القرينة.
وهذا التعليل عليل فإن تجويز خفاء القرينة أخفى من السها " انتهى.
ولا شك أن هذا التعليل الذي علل به نفاة المجاز لا معنى له، لأن اللفظ إما أن تحتف به قرائن حاليةأو مقالية، فيحمل على مادلت عليه القرائن، وإما أن يخلو منها فالأصل بقاء اللفظ على الحقيقة فلا خفاء في الحالين.
الحجة الثالثة: قالوا: المتكلم لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا ضاقت به الحقيقة وعجز عنها، فيستعير من المجازات ما يبلغ مراده، وهذا مستحيل في حق الله تعالى.
وللرد على هذه الشبهة يقول المثبتون:
أولاً : قال عبد العزيز البخاري -رحمه الله- في كشف الأسرار شرح أصول البزدوي : "والمجاز طريق مطلق" ، أي طريق جاز سلوكه من غير ضرورة، فإنا نجد الفصيح من أهل اللغة القادر على التعبير عن مقصوده بالحقيقة يعدل إلى التعبير عنه بالمجاز لا لحاجة ولا لضرورة.
ثانيا : أن في المجاز من حسن التصوير، وبديع الأسلوب، وجمال العبارة وتشويق النفوس، وشحذ الأذهان ما ليس في الحقيقة.
قال العلامة عبد العزيز البخاري في شرح أصول البزدوي أيضاً: "وقد ظهر استحسان الناس للمجازات فوق ما ظهر من استحسانهم للحقائق، فتبين بهذا أن قولهم هو ضروري فاسد، والدليل عليه أن القرآن في أعلى رتب الفصاحة، وأرفع درج البلاغة، والمجاز موجود فيه، وعد من غريب بدائعه وعجيب بلاغته قوله تعالى:وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24]، وإن لم يكن للذل جناح ..... إلخ.
ثالثاً : أن هناك أسباباً داعية إلى العدول عن الحقيقة إلى المجاز منها : التعظيم كقوله: سلام على المجلس العالي.
ومنها : التحقير لذكر الحقيقة، كما في قوله تعالى:أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ [المائدة:6]والغائط هو المكان المنخفض من الأرض، واستعير هذا اللفظ للخارج من الإنسان مجازاً ترفعاً عن ذكر القبيح.
ومنها : المبالغة في بيان العبارة، كما في قوله تعالى:وَاشْتَعَ َ الرَّأْسُ شَيْبا [مريم:4]، المعنى شاب شعر رأسه بتحوله من السواد إلى البياض، فجاء هذا المعنى في أبلغ عبارة حيث شبه بياض الشعر باشتعال النار، وحذف املضاف وأبقى المضاف إليه، وهذا مجاز بالحذف، والتقدير: واشتعل شعر الرأس شيباً، إلى غير ذلك من المعاني التي أوضحها البيانيون والتي يطول المقام بذكرها.
والحجة الرابعة: قالوا: اللفظ في سياقه حقيقة ولا يسمى مجازاً، فلفظ الأسد -مثلاً- في قوله: رأيت أسداً يحمل السيف ويقاتل الكفار، حقيقة في الرجل الشجاع، والعرب لم تجتمع وتقرر أن هذا اللفظ وضع أولاً لكذا، ثم استخدم مجازاً في كذا، فيكون هذا التقسيم حادثاً لا دليل عليه.
وللرد على هذه الحجة يقول الآخرون :
أولاً : لم يقل المثبتون للمجاز بأن العرب اجتمعوا في صعيد واحد وتم الاتفاق بيهم أن لفظ الأسد حقيقة الحيوان المفترس مجاز في الرجل الشجاع قال الزركشي في البحر المحيط: قال القاضي عبد الوهاب : "المخالف في وقوعه (يعني المجاز) في اللغة والقرآن لا يخلو إما أن يخالف في أن ما فيهما لا يسمى مجازاً، أو في أن ما فيهما ما هو مستعمل في غير موضوعه، فإن كان الأول رجع الخلاف إلى اللفظ، لأنا لا ندعي أن أهل اللغة وضعوا لفظ المجاز لما استعملوه فيما لم يوضع لإفادته، لأن ذلك موضوع (أي لفظ المجاز) في لغتهم للممر والطريق، وإنما استعمل العلماء هذه اللفظة في هذا المعنى اصطلاحاً منهم، وإن كان الثاني تحقق الخلاف في المعنى، لأن غرضنا بإثبات المجاز يرجع إلى كيفية الاستعمال، وأنه قد يستعمل الكلام في غير ما وضع له، فيدل عليهم وجوده في لغتهم بما لا تنكره الآكابر" انتهى.
وقال العطار في حاشيته على شرح جلال الدين المحلي لجمع الجوامع : "وإن أرادوا (أي نفاة المجاز) استواء الكل في أصل الوضع فهذا مراغمة في الحقائق، فإن العرب ما وضعت اسم الحمار للبليد، وإما أنهم ينكرون أن العرب لم تستعمل لفظ أسد في الشجاع مثلا فبعيد جداً، لأن أشعار العرب طافحة بالمجازات" .
ثانياً : أن الحقيقة ما يسبق إلى الذهن عند الإطلاق، وإنكار هذا مكابرة لا معنى لها، فإن لفظ شجرة يتبادر إلى الذهن عند إطلاقه الغرسة المعروفة في الأرض، فإذا قيل : إن الدعوة إلى الله شجرة مثمرة يجني الناس ثمرتها، انصرف المعنى الأول عن الذهن.
والقول بأن السلف لم يتكلموا بتقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز غير صحيح، فقد ورد في كلام الإمام أبي حنيفة و أحمد وغيرهما، وكتب اللغة مليئة بذلك، والقواميس شاهدة بذلك، فمن رجع إليها عرف الأمر وهي الحجة في إثبات أمر في اللغة، وإليها يرجع العلماء قاطبة.
وننبه إلى مسألة هي من أهم المسائل في هذا الباب وهي: أن الأصل هو الحقيقة فلا ينتقل منها إلا بقرينة.
وعليه، فالأصل هو حمل ألفاظ الكتاب والسنة على حقائقها، فإن قوماً ركبوا ظهر المجاز فتوصلوا به إلى تأويل نصوص الوحي بوجه لا يجوز، فنفوا الأسماء وعطلوا الصفات، وشأن أهل السنة في ذلك هو إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفاه عن نفسه ونفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسكتون عما سكت عنه الكتاب والسنة، ويسعنا ما وسع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العلامة ابن القيم : "ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى يكون اتفاق من الأمة أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبادات" انتهى.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
منقول من موقع شبكة الإسلام
-
مزيد إيضاح حول بعض النقاط
المعني الحقيقي هو المتبادر للذهن و المعني المجازي هو الذي يحتاج إلي قرينة والمتبادر للذهن يقصد به العلماء المتبادر للذهن عند الإطلاق أي بلا قرينة أي بلا دليل أي لا يحتاج لدليل ليفهم معناه ،والمجاز ما يحتاج لقرينة ليفهم معناه أي يحتاج لدليل لكي يفهم معناه ،و القرينة هي العلامة الصالحة للدلالة على عدم إرادة المعنى الحقيقي للفظ من قبل المتكلم ( الوجيز في أصول الفقه د. عبد الكريم زيدان ) أي أريد أن أقول أن اللفظ المجازي يحتاج لدليل يدل على معناه فلا يسبق إلى الفهم من معنى اللفظ إلا بوجود دليل فقولك رأيت الرجل يتكلم حقيقة فمن الطبيعي أن يتكلم الإنسان ، و الرجل إنسان أما قولك رأيت القمر يتكلم فيستحيل أن يكون هذا الكلام على الحقيقة ؛ لأن الكلام من صفات البشر والقمر ليس بشراً إذاً هذا مجاز شبه الإنسان بالقمر لوجود علاقة بينه وبين القمر وهي الجمال ، وقولك على شخص أنه شجاع فهذا حقيقة أما قولك على شخص أنه أسد فهذا مجاز لاستحالة أن يكون الشخص أسداً فالأسد حيوان أما هذا الشخص فإنسان أي أنك شبهت هذا الشخص بالأسد لوجود علاقة بينه وبين الأسد ، وهي الشجاعة ،ومن أنواع القرائن : القرينة الحسية ،أي تدرك بالحس والمشاهدة يدل على ذلك كقول الناس أكلت من هذه الشجرة أي من ثمرتها فالحس يمنع من أكل عين الشجرة ، وسلمت على أسد الحس يمنع تسليم الإنسان على أسد إلا ما ندر والنادر لا عبرة به ،وفي المسألة التي نحن بصددها قوله تعالي : (( تجري بأعيننا )) المعني المتبادر للذهن هو الحفظ والرعاية مع اثبات صفة العين لله تعالي معلومة المعني مجهولة الكيف ،و هذا المعنى تبادر للذهن ( الحفظ والرعاية ) كان بالقرينة الحسية ،وليس من ظاهر الكلام فالحس يمنع أن تسير السفينة داخل عين الله فالسفينة في الأرض وصنعت في الأرض وتمشي في الأرض ،والله فوق السماوات مستوي على عرشه ليس كمثله شيء فالحس يأبى هذا المعنى الحقيقي فحمله على المجازي وليس حمله على المعنى المجازي مباشرة لكي يقول القائل هذا معنى حقيقي . من يقول : (الحفظ والرعاية معنى حقيقي لقوله (( تجري بأعيننا )) لأنه المعنى المتبادر للذهن ) فكلامه خطأ ؛لأنه تبادر للذهن بقرينة حسية وليس مباشرة .
من يقول : ( من أثبت المجاز يجعل للفظ معني لا نحتاج لسياق كي نعرفه ) قوله لا يصح فهو كلام تأباه كتب اللغة فالسياق جعل الذهن ينكر أن يكون المقصود بقوله (( تجري بأعيننا )) في الآية المعنى الحقيقي لها بل المعنى المجازي والمعنى المجازي لا ينفي ثبوت العين . من يقول : ( المتبادر للذهن عند القائلين بالمجاز مقصود به اللفظ دون سياق ) قوله لا يصح فهو كلام تأباه كتب اللغة والتفسير فيجب أن نفرق بين معنى اللفظ والمراد من اللفظ فالمراد من اللفظ هو ما دل عليه سياق الكلام ،و معنى اللفظ هو ما دل عليه اللفظ في اللغة العربية ، والمتبادر للذهن عند القائلين بالمجاز يقصد به ما تبادر للذهن من السياق بقرينة وليس مباشرة . من يقول : ( المعني المتبادر للذهن هو المعني الحقيقي )) قوله يحتاج لتفصيل فإن تبادر للذهن بقرينة كان مجازا ، وإن تبادر للذهن بلا قرينة كان حقيقة .
والمعنى المتبادر للذهن هو المعنى الصريح ،والصريح هو اللفظ الذي ظهر المراد منه ظهورا تاما لكثرة استعماله فيه حقيقة كان أو مجاز فمن الأول : أنت طالق ، فإنه حقيقة شرعية في إزالة النكاح صريح فيه . ومن الثاني قوله تعالى : (( وأسأل القرية )) فهو صريح في أن المراد به وأسأل أهل القرية . ومثله أيضا : قول القائل : والله لا آكل من هذه الشجرة ، فإنه مجاز مشتهر لهجر الحقيقة ؛لأن أكل عين الشجرة متعذر عادة فينصرف يمينه إلى المجاز ،وهو أكل ثمرها ( الوجيز في أصول الفقه د. عبد الكريم زيدان ) .
من يقول : ( من نفى المجاز يعني أن اللفظ يستمد معناه من السياق ) قوله لا يصح فمن يثبت المجاز ومن ينفيه لابد أن يفهم المراد من اللفظ من السياق فإذا تبادر للذهن معني بلا قرينة فهو حقيقة ،و إذا تبادر للذهن معنى بقرينة فهو مجاز .
من يقول : ( اللفظ يكون علي الحقيقة في كل أحواله ) قوله تطفح كتب اللغة والفقه والعقيدة بتخطأته فاللفظ تارة يكون حقيقة وتارة يكون مجاز ، والحقيقة ثلاثة أنواع : 1 - حقيقة لغوية : وهي التي يعرف حدها باللغة ، كلفظ : الشمس والقمر ، والسماء والأرض ، ونحو ذلك .
2 - حقيقة شرعية : وهي التي يعرف حدها بالشرع ، كلفظ : الإيمان والإسلام ، والكفر والنفاق ، والصلاة والزكاة والصوم والحج .
3 - حقيقة عرفية : وهي التي يعرف حدها بعرف الناس وعاداتهم ، كلفظ : البيع ، والنكاح ، والدرهم والدينار ، ونحو ذلك .( خلاصة الأصول للشيخ الفوزان ) . أمثلة : مثال 1: قول النبي : « سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر » (متفق عليه) الظاهر من كلمة الكفر الكفر الأكبر لكن ليس الكفر الأكبر المراد،ومعنى قتاله كفر أى قتال المسلم من أفعال الكفار،والمؤمنو ن لهم عدة صفات من أتى بصفة منها يقال أنه أتى بصفة من صفات المؤمنين،وكذلك الكفار لهم عدة صفات من أتى بصفة منها يقال أنه أتى بصفة من صفات الكافرين ، وصرفنا الكفر عن ظاهره لقوله تعالى : ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ (سورة الحجرات : 9 – 10 ) ، فسماهم الله عز وجل مؤمنين مع الاقتتال . ولقوله تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ (سورة النساء : 48 ) ، فدلت الآية الكريمة على أن كل ذنب دون الشرك تحت المشيئة أي إن شاء الله عذبه بقدر ذنبه وإن شاء عفا عنه من أول وهلة ، إلا الشرك به فإن الله لا يغفره كما هو صريح في الآية وقوله تعالى : ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ (سورة المائدة : 72 ) . مثال 2 : قوله : « بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة » رواه مسلم فظاهر الشرك الشرك الأكبر لكن ليس هو المراد في الحديث لقوله : « ثلاث أحلف عليهن لا يجعل الله من له سهم في الإسلام كمن لا سهم له وأسهم الإسلام ثلاثة الصلاة والصوم والزكاة ولا يتولى الله عبدا في الدنيا فيوليه غيره يوم القيامة ،ولا يحب رجل قوما إلا جعله الله معهم ،والرابعة لو حلفت عليها رجوت أن لا آثم لا يستر الله عبدا في الدنيا إلا ستره يوم القيامة » ( رواه أحمد بإسناد جيد ،صحيح الترغيب والترهيب رقم374 وفى صحيح الجامع رقم3021 ) فمادام من فعل شيئاً من الثلاث له نصيب فى الإسلام إذا تارك أى شئ من الثلاث( الصلاة والصوم والزكاة ) ليس بكافر، فالكافر لا نصيب له فى الإسلام ؛ لأن الكفر سبباً فى حبوط العمل ،وقد قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (الزمر : 65 ) ولقوله : « خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة» (سنن أبى داود صححه الألبانى رحمه الله رقم 1420 ) وفى رواية قال : « خمس صلوات افترضهن الله تعالى من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه » (سنن أبى داود صححه الألبانى رحمه الله رقم 425 ) فقد رد النبي أمرمن لم يأت بهن إلى مشيئة الله ،فدل ذلك على أن ترك الصلاة دون الشرك والكفر لقوله تعالى: ﴿إنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾ (النساء : 48 ) فإن قيل المقصود بمن لم يأت بهن أى لم يأت بهن على وضوئهن ومواقيتهن وركوعهن وسجودهن جمعاً بين الأحاديث ،ويؤيد ذلك الرواية التى فيها (فمن وافى بهن على وضوئهن ومواقيتهن وركوعهن وسجودهن كان له عندي بهن عهد أن ادخله بهن الجنة ومن لقيني قد انتقص من ذلك شيئا ً)، ويرد عليهم بأن ما ذكر من شروط وأركان الصلاة التى بدونها لا تصح الصلاة ،فالمراد قطعاً الإتيان بالصلاة التى يدخل فيها الركوع والسجود والخشوع ،والتى لها شروط منها الوضوء ودخول الوقت، فالنفى منصب على الإتيان أى فعل الصلاة نفسه فلو ركع الرجل دون أن يسجد فصلاته باطلة لاتصح ،وإذا صلى بغير وضوء فصلاته باطلة لا تصح ،فالرجل هذا لم يأت بالصلاة أصلاً فكيف يصح أن يقال أنه أتى بالصلاة بلا وضوء أو بلا ركوع ؟!!! ،وإن قيل دل الفعل انتقص فى بعض الروايات على أن الذى يدخل تحت المشيئة هو الذى أتى بالصلوات ،ولكنها ناقصة أى أنه ليس تاركاً للصلاة مطلقاً ؛ لأن الانتقاص يشعر بأن الشئ موجود ولكنه مبالغ فى نقصانه ، ويرد عليهم بأن مادام ترك الكثير من الصلوات كفر فترك القليل منها كفر أيضاً ؛لأن العبرة في الكفر بالفعل لا بعدد الفعل فمادام الفعل كفر فقليله وكثيره سواء كلاهما كفر فسب نبي مثلا كسب كل الأنبياء ، وإنكار حرف من كتاب الله كإنكار القرآن كله ، وتكذيب شيء أخبر الله به كتكذيب كل ما أخبر الله به .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
جزاكم الله خيرا على هذه المشاركة الطيبة
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
موضوع جدير بالقراءة المتأنية لأهميته لغة وفكرا وييانا ؛
فشكر الله لك وأثابك .
تحيتي وتقديري
-
رد: فصل مفهوم الحقيقة والمجاز :
وفقك الله أخي الكريم .
وهذا رد لطيف من خرّيج أزهري بطريقة معتدلة :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع أحمد السلفي
فصل مفهوم الحقيقة والمجاز : اللفظ في اللغة العربية قد يستعمل فيما وضع له في اللغة فلا يحتاج لدليل لكي يفهم معناه ، وهذا يسميه غالب علماء اللغة حقيقة ،
قال الأزهري :
بل ليس في الكلام الفصيح شيء مستعمل في غير موضعه ،
وليس في الكلام البليغ شيء مستعمل في غير مقتضى الحال .
وهذا واضح .
اقتباس:
وقد يستعمل اللفظ في غير ما وضع له في اللغة لعلاقة بين اللفظ والمعنى المراد ، فيحتاج قال الأزهري :
هذا اللفظ لدليل يدل على معناه وهذا يسميه غالب علماء اللغة مجاز
وهل ثَمّ وضعٌ لمعاني الألفاظ اللغوية قبل استعمالها ؟ من أخبرك بهذا ؟؟
اقتباس:
لذلك فالحقيقة هي ما سبق إلى الفهم من معنى اللفظ دون الحاجة لدليل ( قرينة ) ،والمجاز هو ما لا يسبق إلى الفهم من معنى اللفظ إلا بوجود دليل
قال الأزهري :
وهل في الكلام الفصيح ما يتجرد عن القرائن حتى يلزم هذا التقسيم ؟؟
اقتباس:
فقولك رأيت الرجل يتكلم حقيقة فمن الطبيعي أن يتكلم الإنسان ، و الرجل إنسان أما قولك رأيت القمر يتكلم فيستحيل أن يكون هذا الكلام على الحقيقة ؛ لأن الكلام من صفات البشر والقمر ليس بشراً إذاً هذا مجاز شبه الإنسان بالقمر لوجود علاقة بينه وبين القمر وهي الجمال ، وقولك على شخص أنه شجاع فهذا حقيقة أما قولك على شخص أنه أسد فهذا مجاز لاستحالة أن يكون الشخص أسداً فالأسد حيوان أما هذا الشخص فإنسان أي أنك شبهت هذا الشخص بالأسد لوجود علاقة بينه وبين الأسد ، وهي الشجاعة .
قال الأزهري :
إن هذا لخروج عن التعريف السابق ، فلم يعد للوضع في كلامك هذا أهمية ،
بل أصبح المعيار هو ( التبادر إلى الفهم ) !
نقول : ليس يستحيلا أن يكون الإنسان قمرا بمعنى جميلا ،
كما لا يستحيل أن يكون أسدا أو حمارا بمعنى شجاعا أو بليدا !
فأين الخروج هنا من أصل الوضع ؟! وأين الخروج هنا من السبق إلى الفهم ؟
عندما يقول القائل : " إن هذا الرجل لأسد من أسود الله "
أيهما أسبق إلى فهمك : كونه حيوانا مفترسا يمشى على أربع ؟ أم كونه شجاعا مناضلا ؟!
عندما يقول القائل : " أنت يا أخي بدر منير ! "
أيهما أسبق إلى فهمك : كونه قمرا مستديرا في السماء ؟ أم كونه جميلا بهيا ؟!
-
رد: فصل من أدلة ثبوت المجاز :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع أحمد السلفي
فصل أدلة ثبوت المجاز : إن أدلة ثبوت المجاز كثيرة ومنها العمل عمل العرب بمقتضى المجاز فالعرب كانوا يفهمون المعنى الموضوع للفظ في اللغة عند إطلاقه ، ويفهمون المعنى غير الموضوع للفظ في اللغة عند تقييده
قال الأزهري :
هذا دعوى بلا برهان . ويكفي في رده المنع والإنكار .
اقتباس:
فالعرب استعملت بعض الألفاظ في معنيين عند الإطلاق يفهم المعنى الموضوع لهذه الألفاظ في الأصل ، وعند التقييد يفهم المعنى المنقول إلى هذه الألفاظ فكلمة أسد عند الإطلاق يراد بها السبع ، وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الشجاعة ،
قال الأزهري :
- وما علاقة الإطلاق بالوضع ... ؟!
- وإذا قال العربي مثلا : " أسد " من غير ما سياق ولا قيد ولا حال ، إلى أي شيء ينصرف ؟
- وإذا قال العربي مثلا : " قطار " من غير ما سياق ولا حال ولا قيد ، إلى أي شيء ينصرف ؟
- وإذا قال العربي مثلا : " يرغب " من غير سياق ولا قيود / فإلى أي شيء ينصرف ؟؟
اقتباس:
و العرب عند إطلاق كلمة الحمار عند الإطلاق يراد بها البهيمة ،وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الغباء والحماقة ،والعرب عند إطلاق كلمة القمر تريد هذا الجرم السماوي ، وعندما تنسبه إلى إنسان تريد الجمال والحسن والعرب عند إطلاق الكلب تريد هذا الحيوان المعروف ، وعندما تنسبه لإنسان تريد الوقاحة والحقارة ،والعرب عند إطلاق كلمة النخلة تريد هذه النخلة المعروفة ، وعندما تنسبها لإنسان تريد الطول ،ولو كان المعنيان قد وضعا في الأصل معاً للفظ لما سبق إلى الفهم أحد المعنيين دون الحاجة لدليل (القرينة )
قال الأزهري :
نفس وضع هذه الألفاظ في الاستعمال غير منسويا إلى الإنسان دليلٌ ، فتنبه !
اقتباس:
ومن أدلة وجود المجاز ذكر بعض علماء القرون الثلاثة الأول المجاز كأبي عبيدة معمر بن المثني 114 هـ - 210 هـ عالم لغة له كتاب مجاز القرآن[1] وله كتاب المجاز[2] ، ومن العلماء الذين ذكروا المجاز الخليل الفراهيدي 100هـ -174 هـ قال في كتابه الجمل في النحو : ( وكذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز كقول الله جل وعز في البقرة ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ﴾[3] والتجارة لا تربح فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها ومثله : ﴿جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[4] ولا إرادة للجدار )[5] ، ولأبي العباس أحمد بن يحيى المشهور بثعلب النحوي المتوفى سنة 291هـ كتاب قواعد الشعر أكثر من ذكر الاستعارة فيه والاستعارة ضرب من المجاز ،وقال ابن السراج النحوي المتوفى 316 هـ في كتابه الأصول في النحو : ( وجائز أن تقول لا قام زيد ولا قعد عمرو تريد الدعاء عليه وهذا مجاز )[6] ، وقال أبو العباس المبرد في كتابه المقتضب : ( وقد يجوز أن تقول أعطي زيدا درهم وكسي زيدا ثوب لما كان الدرهم والثوب مفعولين كزيد جاز أن تقيمهما مقام الفاعل وتنصب زيداً ؛ لأنه مفعول فهذا مجاز )[7]
قال الأزهري :
ليس في كل هذه النقول تعريف المجاز بأنه خروج عن أصل الوضع في اللغة ،
بل قول ثعلب : " وجائز أن تقول . . . وتريد " أدل على أن مصطلح المجاز عنده من الجواز لا التجوز عن الحقيقة .
اقتباس:
ومن الفقهاء الذين ذكروا المجاز في كتبهم محمد بن الحسن الشيباني 132 هـ - 189 هـ حيث قال في كتابه الجامع الصغير: ( فالحاصل أن أبا يوسف أبى الجمع بين النذر واليمين ؛ لأن هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار ؛ لأن الحقيقة معتبر في موضعه والمجاز معتبر في موضعه )[8]
قال الأزهري :
هذا جديد علي . . فنظرة إلى ميسرة .
اقتباس:
ومن علماء الحديث الذين ذكروا المجاز في كتبهم ابن قتيبة حيث قال ابن قتيبة : ( والنبات لا يجوز أن يكون شراباً ، وإن كان صاحبه يستغني مع أكله عن شرب الماء إلا على وجه من المجاز ضعيف ، وهو أن يكون صاحبه لا يشرب الماء فيقال إن ذلك شرابه ؛ لأنه يقوم مقام شرابه فيجوز أن يكون قال هذا إن كانت الجن لا تشرب شراباً أصلاً )[9]
قال الأزهري :
تمام الكلام : " ولم أزل لهذا التفسير منكرا لأنه سأله عن شرابهم فأجابه بذكر النبات والنبات لا يجوز أن يكون شرابا " .
اقتباس:
ومن هنا ندرك أن المجاز ثابت في كتب الفقه واللغة والحديث في القرون الثلاثة الأول فهذا دليل على وجود المجاز .
قال الأزهري :
ليس المطلوب وجود لفظ (المجاز) في كتب القوم ، بل وجود التقسيم المزعوم على ما عّرفته سابقا .
-
رد: فصل حجج من نفوا المجاز والرد عليها :
في مشاركة التالية أشياء كثيرة منتقدة ، لكن التركيز يكون لبعض المهمات :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع أحمد السلفي
فصل حجج من نفوا المجاز والرد عليها : رغم أن أدلة وجود المجاز واضحة إلا أن بعض العلماء الأفاضل خالف ونفى المجاز ومنهم ابن تيمية وابن القيم من القدامى وابن عثيمين والشنقيطي من المحدثين ، وأدلتهم عدم قول سلف الأمة كالخليل ومالك والشافعي وغيرهم من اللغويين والأصوليين وسائر الأئمة بالمجاز فهو إذن قول حادث ، والجواب على ذلك أنه لو سلمنا جدلاً تنزلاً معهم بعدم قول أحد من السلف بالمجاز فليس معنى هذا عدم وجود المجاز فلا ينتسب لساكت قول ، وهناك فرق بين وجود العلم وتدوين العلم فالعلم موجود في ذهن العلماء ، ولكن لم يقم أحد بتدوينه بعد وكان المجاز مستقراً في نفوس العرب فالعربي مثلاً لم يقسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف ، ولكن استخدم الاسم والحرف والفعل فالتدوين يكشف عن وجود الشيء ( العلم )، وليس منشئا له فوجود العلم يعرف بالعمل بمقتضى العلم ويعرف بتدوينه ، والعرب كانوا يفهمون معنى للفظ عند الإطلاق ويفهمون معنى أخر للفظ عند التقييد فالأول سميناه حقيقة والثاني مجاز ولا مشاحة في الاصطلاح ثم قد ذكر بعض علماء اللغة والفقه والحديث المجاز في كتبهم ، وعليه يسقط هذا الدليل ،
قال الأزهري :
ليس القضيتان متساوية .
فتقسيم الألفاظ إلى (اسم) و (فعل) و (حرف ليس باسم ولا فعل) راجع إلى نفس اللفظ ،
وأما التقسيم المزعوم للألفاظ إلى الحقيقة والمجاز فهو راجع إلى (الاستعمال بعد الوضع) .
وقد قلت إن الساكت لا ينسب له قول ، فكيف تنسب له التاريخ المصطنع ؟
اقتباس:
و أنكر نفاة المجاز أن يكون للغة وضع أول تفرع عنه المجاز باستعمال اللفظ في غير ما وضع له ،والقول بأن أصل اللغة إلهام من الله ثم كان النطق بألفاظ مستعملة فيما أريد منها نقول هذا الكلام غير مسلم ؛فالخلاف في أصل اللغات وواضع اللغة هل اللغة كانت بإلهام من الله أم بالتقليد أم بالتوقيف ؟ فالخلاف في واضع اللغة يثبت أن للغة وضعا فالوضع ملازم لكل مذهب من هذه المذاهب ، والمراد بالوضع النطق أول مرة باللفظة دالا على معناه سواء كان مصدره الإلهام أو التقليد أو التوقيف والخروج عن الدلالة الأولى للألفاظ مستساغ ومعقول، فبعد استقرار استعمال الكلمة في معناها الذي كانت هي من أجله يقع فيها التصرف باستعمالها في دلالة أخرى هي الدلالةالمجازية ،وتلازم الوضع للاستعمال مثل تلازم الحياة للحي، ويستحيل استعمال لفظ بمعزل عن اللفظ نفسه، كمايستحيل وضع لفظ بمعزل عن الاستعمال ؛ لأن الواضع يضع اللفظ ويعينه للدلالة على معنى،وتصور وضع لفظ دون أن تكون حقيقة معناه ومسماه ماثلة في ذهن الواضع مستحيل فمن يرى أن أصل اللغة إلهام من الله ، واستعمال لا وضع متقدم على الاستعمال . فحين ألهم الله الإنسان أن يستعمل كلمة ( بحر) لصحة هذا الاستعمال فلابد من أحد أمرين
إمارؤية مجتمع الماء عيانا حين الاستعمال أو تخيل تلك الصورة إذا لم تكن حاضرة مرئية. وفي كلتا الحالتين فكلمة بحر اخترعت مقرونة بالاستعمال إما حسا وإمامعنى. ومستحيل أن تخترع كلمة (بحر) أو توضع وليس في ذهن الواضع أو المخترع تصور لمسماها فلو سلمنا أن الاستعمال سابق على الوضع فالكلمة في أول استعمال لها حقيقة، وحين تستعمل استعمالا ثانيا بينه وبين الاستعمالا لأول صلة معتبرة ، ووجد في السياق دليل يرجح أو يوجب الأخذ بمعنى الاستعمال الثاني دون الأول كان المجاز لا محالة ،
قال الأزهري :
يا سلام . . . هذا الكلام أشبه بنقض نظرية ( الحقيقة والمجاز ) منه بإثباته !
مهما قلت إن المراد بالوضع هو الاستعمال الأول ، فأين لك أن الاستعمال الأول للفظ "العين" مثلا يراد به هذا المعنى دون هذا ؟! وأين لك أن "البطن" مستعمل في الاستعمال الأول مضافا إلى الإنسان لا إلى غيره ؟!
وأين لك أنه في الاستعمال الأول مطلقا عن القيود والقرائن - اللفظية منها والسياقية - ؟؟!
اقتباس:
وأنكر نفاة المجاز التجريد والإطلاق في اللغة فلا يجوزون القول بأن الحقيقة ما دلت على معناها عند الإطلاق والخلو من القرائن ، والمجاز ما دل على معناه بمعونة القيود والقرائن أي كل الألفاظ في اللغة لم ترد إلا مقيدة بقيود وقرائن توضح المعنى المراد منها فالقول بورود الألفاظ مجردة أو أنها بدون أية قرائن أو قيود تفيد معنى وبالتالي يكون المجرد منها حقيقة والمقيد بالقرائن مجاز قول خطأ ، ومعنى هذا الكلام إنكار أن يكون هناك معنى يسبق إلى الفهم عند إطلاق اللفظ ، وتجرده عن قرائن ، وهذا الكلام يخالف ظاهر القرآن حيث قال تعالى : ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[10] وأسماء الذوات الألفاظالدالة على الأشياء مثل: أرض-سماء-بحر- فرس- إنسان.. إلخ حيننطق الإنسان الأول بها فمن المؤكد أنه نطق بها مجردة قاصدا بها الدلالة على الصورة المتكاملة – سمعية بصرية حسية- كما هي مختزنة في خياله فآدم عليه السلام أطلق الاسماء كالشجرة والبحر ..وأراد هذه الذوات نفسها أي أطلق الشجرة وأراد الشجرة وأطلق البحر وأراد البحر فثبت أن هناك ألفاظاً مجردة عن القرائن يقصد بها الوضع الأول أو الاستعمال الأول للكلمة فالألفاظ عند تجردها عن القرائن يسبق إلى الفهم ويتبادر إلى الذهن معنى هذا المعنى هو الذي وضع اللفظ له في الأصل فعند إطلاق كلمة عين يتبادر للذهن العضو الباصر ، وعند إطلاق كلمة الأنف يقصد بها العضو الشام
قال الأزهري :
هذا فهم غير صحيح لمراد الأئمة ، ولا جرم أن يصدر منه إلزامات ليس في محلها .
عندما يقول الإنسان : "رأس" ما الذي يتبادر إلى ذهنه وذهن السامع ؟
رأس الإنسان ؟ أم رأس الحيوان ؟ أم رأس الجنى ؟ أم رأس الأمر ؟ أم رأس السنة ؟ أم ماذا ؟!
رأس ذلك الإنسان المتكلم ؟ أم رأس ذلك الإنسان السامع ؟ أم رأس من ؟!
أليس للسياق والقرائن والشهرة والحال وظيفة لتحديد اللدلالة ؟
فأين دعوى التجرد إذن ... ؟!
وأين دعوى استلزام ( التجرد المزعوم ) لذلك ( الوضع المزعوم ) ؟!
اقتباس:
فإن قيل لماذا لانقول إن تعدد المعاني من باب الاشتراك اللفظي ، وليس من باب المجاز ؟ نقول هذا لا يصح ؛ لأن اللفظ يحمل على المعنى المجازي عند وجود القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي ، وعند عدم وجود هذه القرينة فاللفظ يحمل على المعنى الحقيقي المتبادر للفهم بخلاف الاشتراك فإنه بدون القرينة يجب التوقف
قال الأزهري :
ولماذا لا يكون ذلك التعدد بـ"التواطؤ" و "التردد" ؟؟!
اقتباس:
والذين نفوا المجاز أبطلوا استدلال الجمهور ببعض الآيات كقوله تعالى ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[11] فقالوا بأن هذا على الحقيقة ونقول لهم نسبة الإرادة إلى الجدار في الآية مجازية ؛ لأن الله يقول ( فوجدا فيها جدارا ) أي أن جملة يريد أن ينقض صفة للجدار أي هذه هي الصفة التى رأى موسى عليه السلام والخضر الجدار عليها ، والإرادة لا ترى فيستحيل قطعاً أن يكون المراد بإرادة الجدار الانقضاض الإرادة الحقيقية ، وإنما المراد اقتراب الجدار من السقوط ، وعليه فهذه الآية دليل على وجود المجاز .
قال الأزهري :
ليس على هذا اعتماد القوم ، بل هو استرسال في الحجاج قال به الشيخ الشنقيطي رحمه الله .
بل المعتمد أن قوله تعالى ( جدارا يريد أن ينقض ) من مشهور اللغة والأسلوب كما بينه شيخ الإسلام .
اقتباس:
وقال الذين نفوا المجاز يلزم من وجود المجاز الاختلال في التفاهم إذ قد تخفى القرينة ، نقول هذا على اعتباركم أنه لابد للفظ من قرينة تدل على معناه أما القائلون بالمجاز فيقولون ما يحتاج لقرينة هو المجاز فقط أما الحقيقة فتدل على معناها بلا قرينة هذه هي أهم حجج القوم رددنا عليها .
قال الأزهري :
إذا كان هذا كل ما في جعبتك ، فما أضعف هذا الرد وما أجرمه .
ففي كتاب ( الإيمان ) و ( مختصر الصواعق ) كل ما نحتاجه لنسف هذا الاعتراض ، فأين الجديد ؟!
اللهم سلم !
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
ينبغي أولا تحديد محل الخلاف بين الفريقين حتى يكون النقاش مثمرا؛ لأنه يبدو من بحث الأخ صاحب المقال أنه لم ينتبه لموطن النزاع بين الفريقين، فأرجو منه، وكذلك ممن يناقشه أن يحددوا أولا محل النزاع؛ إذ إن كثيرا من الناس يظن أن الخلاف بين الفريقين في كلمة (مجاز) نفسها، أو في استعمال اللفظ في معنى بعيد لقرينة، وهذا كله لا نزاع فيه.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وكذلك في بعض ردود الأخ نضال ما لا يحتاج إليه؛ إذ القرينة المقصودة عندهم هي القرينة اللفظية لا الحالية ولا العقلية.
فإن أردت ما يعم ذلك فكلامك صحيح، وإن أردت الأولى فلا نزاع أن الكلام قد يخلو من هذه القرينة اللفظية.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
وكذلك في بعض ردود الأخ نضال ما لا يحتاج إليه؛ إذ القرينة المقصودة عندهم هي القرينة اللفظية لا الحالية ولا العقلية.
فإن أردت ما يعم ذلك فكلامك صحيح، وإن أردت الأولى فلا نزاع أن الكلام قد يخلو من هذه القرينة اللفظية.
جزاكم الله خيرا شيخنا الحبيب . . . أعلم أن مثلي لا يتكلم بين يديك . لكن جريا على ما هو الطبيعي في المنتديات ، أضطر إلى أن أطلب منكم ذكر جميع المؤاخذات الموجودة في ردودي السابقة ، حتى يتسنى لي مراجعتها علميا .
وبخصوص قضية (القرينة) ، فحتى الآن لم يظهر لي استحالة أن يتجرد ما سموه بـ"الحقائق" من القرائن اللفظية . فهل من المستحيل أن يقول قائل خارج من المسجد : " رأيت أسدا ! " (هكذا مطلقا عن القيود اللفظية ) وأراد بذلك : الخطيب المتحمس الشجاع ؟؟
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وفقك الله يا شيخنا الفاضل، هذا من تواضعكم بارك الله فيكم.
أخي الكريم، إذ قال القائل: ( رأيت أسدًا )، فعندنا احتمالات:
- إما أن نقول: لا يمكن أن نفهم كلامه أصلا؛ لأنه لا يوجد في الكلام قرائن تدل على المراد.
- وإما أن نقول: كلامه يحمل على الأسد الحقيقي لأن هذا هو الأصل، ولا يحمل على الرجل الشجاع لأنه ليس في الكلام ما يدل عليه.
- وإما أن نقول: كلامه يحمل على الرجل الشجاع.
أما الاحتمال الثالث فهو بعيد، وأما الاحتمال الأول فيلزم منه إسقاط التكاليف، فلم يبق إلا الاحتمال الثاني.
وأما قولك ( هل من المستحيل .... إلخ)
فنقول: هذا ليس بمستحيل، ولكن هل كل ما ليس بمستحيل يلزم القول به؟
وهل يلزم القول بكل الاحتمالات إذا كان بعضها أقوى من بعض؟
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
وفقك الله يا شيخنا الفاضل، هذا من تواضعكم بارك الله فيكم.
وفيكم بارك الله شيخنا الحبيب . . الذي قلته مجرد محاولة لوضع نفسيى موضعها اللائق بها لا أكثر .
وطالما أن قد وجهتم لي الأسئلة ، فعليّ الجواب قدر الإمكان - مباحثة إن شاء الله لا تعالما - :
اقتباس:
أخي الكريم، إذ قال القائل: ( رأيت أسدًا )، فعندنا احتمالات:
- إما أن نقول: لا يمكن أن نفهم كلامه أصلا؛ لأنه لا يوجد في الكلام قرائن تدل على المراد.
- وإما أن نقول: كلامه يحمل على الأسد الحقيقي لأن هذا هو الأصل، ولا يحمل على الرجل الشجاع لأنه ليس في الكلام ما يدل عليه.
- وإما أن نقول: كلامه يحمل على الرجل الشجاع.
أما الاحتمال الثالث فهو بعيد، وأما الاحتمال الأول فيلزم منه إسقاط التكاليف، فلم يبق إلا الاحتمال الثاني.
هناك احتمال رابع ، وهو : أن نفهم كلامه ذاك بالاستناد إلى القرائن الحالية والعقلية والعادية . فإن كان الحال والعقل والعادة يقتضي أن ذلك المرئي ليس حيوانا مفترسا ، فنفهم من كلامه أنه أراد رجلا شجاعا .وإن كان الحال والعقل والعادة يقتضي أن المرئي ليس رجلا ، فنحمله على إرادة الحيوان المعروف . لأنه عندئذ أقوى من الأول ، كما أن الأول أقوى في الحالة الأولى من هذا الثاني ( مع اتحادهما في التجرد عن القرائن اللفظية ) .
فالفهم أبدا لا ينفك عن القرائن . . إما اللفظية مع الحالية ، وإما الحالية مع العرفية .
اقتباس:
وأما قولك ( هل من المستحيل .... إلخ)
فنقول: هذا ليس بمستحيل، ولكن هل كل ما ليس بمستحيل يلزم القول به؟
وهل يلزم القول بكل الاحتمالات إذا كان بعضها أقوى من بعض؟
كل ما ليس بمستحيل ، فليس لنا إلا أن نقول : إنه ليس مستحيلا . أي : ممكن الوقوع .
بالإضافة إلى أن هذا الكلام لا ينطبق على ما مثلته في المشاركة السابقة .
فإن في مثالي أن العادة والحال يرجح أن يكون المراد " خطيبا شجاعا " لا " حيوانا مفترسا " .
فالرجل المتكلم خارج من المسجد ، وليس فيه في العادة ذلك الحيوان المفترس ، وحال المتكلم يدل على أنه تعجب من الشجاعة لا من الافتراس . فالقرائن غير اللفظية - في تلك الحالة - لا تقوي إلا إرادة الرجل الشجاع . فالقول والفهم إذن : دائم الدوران مع أقوى الاحتمالين ، من غير تحديد بمعيار الحاجة إلى القيود اللفظية أو عدمها . هذا ما أراه صوابا ، والله أعلم .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وفقك الله يا شيخنا الفاضل
أنا قدمتُ لك أنك إن كنت تقصد بالقرائن ما يعم القرائن الحالية والعقلية والعادية، فكلامك صحيح.
لكن الذين فرقوا بين الحقيقة والمجاز بأن الأول ما خلا عن القرينة والثاني ما لم يخل منها، عنوا القرينة اللفظية.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
فهمت هذا من قبل يا سيدي . . . كلامي متجه إلى ما تجرد عن القرائن اللفظية من كلا الإرادتين ( كما هو الواضح في المثال ) .
يعنى :
- قال رجل : رأيت أسدا ! ( وهو خارج من حديقة الحيوان )
- وقال آخر : رأيت أسدا ! ( وهو خارج من المسجد بعد الصلاة )
كلاهما يتجرد عن القيود اللفظية .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
ما سموه مجازات قد يتجرد عن القيود اللفظية مثل الحقائق . فالتقسيم غير صحيح .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
تصحيح لمشاركة لي ( رقم 16 ) .
المكتوب :
"وبخصوص قضية (القرينة) ، فحتى الآن لم يظهر لي استحالة أن يتجرد ما سموه بـ"الحقائق" من القرائن اللفظية . فهل من المستحيل أن يقول قائل خارج من المسجد : " رأيت أسدا ! " (هكذا مطلقا عن القيود اللفظية ) وأراد بذلك : الخطيب المتحمس الشجاع ؟؟"
والصحيح كما اقتضاه السياق :
"وبخصوص قضية (القرينة) ، فحتى الآن لم يظهر لي استحالة أن يتجرد ما سموه بـ"المجازات" من القرائن اللفظية . فهل من المستحيل أن يقول قائل خارج من المسجد : " رأيت أسدا ! " (هكذا مطلقا عن القيود اللفظية ) وأراد بذلك : الخطيب المتحمس الشجاع ؟؟"
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
ما سموه مجازات قد يتجرد عن القيود اللفظية مثل الحقائق . فالتقسيم غير صحيح .
وفقك الله، القرينة الحالية قد تكون أقوى من القرينة اللفظية، كما إذا لم يمكن التعبير عنها إلا باللفظ، كما فعلتَ أنت هنا؛ إذ عبرتَ عن القرينة الحالية باللفظ، وبغير هذا اللفظ لا يمكن معرفة هذه القرينة الحالية.
والقرائن العقلية والحالية والعادية لا يخلو منها الكلام مطلقا.
فإذا كانت هذه القرائن ( أعني غير اللفظية ) لا ترجح أحد الاحتمالين، فحينئذ يحمل لفظ (الأسد) على الحيوان إن تجرد من القرائن اللفظية، ويحمل على الشجاع إن اقترن بقرينة لفظية تدل على ذلك.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
والاحتمال الرابع الذي ذكرتَه يا شيخنا الفاضل مبني على افتراض أن القرائن غير اللفظية سوف ترجح أحدَ الوجهين، وهذا لا ناقش فيه، ولكن النقاش فيما لو تعارضت هذه القرائن أو لم ترجح أحد الوجهين؟
فحينئذ لا يتبقى إلا الاحتمال الثاني الذي ذكرتُه.
وإذا تصفحت كلام أهل العلم قديما وحديثا وجدتهم يقولون: الأصل أن يحمل اللفظ على ظاهره إلا أن يأتي ما يصرفه عن هذا الظاهر، فلو كان الظاهر أيضا يحتاج إلى قرينة لما اختلف الأمر بين ظاهر وغير ظاهر في كلامهم.
والخلاصة يا شيخنا الفاضل أن الألفاظ التي تحتمل عدة معان إما أن يكون بعضها مشهورا يسبق إليه الذهن، وإما أن تتساوى في الشهرة، فإن كان بعضها أشهر من بعض فإن هذه الشهرة بعينها قرينة ترجح المراد إن خلا الكلام من القرائن الأخرى.
وهذا معناه أن المجاز قد يصير حقيقة إذا اشتهر، فيسمونه حقيقة عرفية أو حقيقة لغوية أو حقيقة شرعية، فلا مشاحة في الاصطلاح.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
جميل يا شيخنا الفاضل !
لا أظن أن يبق بيننا خلاف ،
فإن قولى "القرائن العادية" يشمل ( الشهرة ) بالدرجة الأولى .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وهذا بعينه بيت القصيد .
وهو أننا في حال نزولنا إلى التسليم بهذا التقسيم الثنائي : ( الحقيقة - المجاز ) ،
فعلينا أن نعرفهما بأن :
- الحقيقة : ما استعمل من الألفاظ للدلالة على معناه المعتاد الشائع الأشهر الأقرب ،
- والمجاز : ما استعمل من الألفاظ للدلالة على معناه البعيد الذي لا يصار إليه إلا بزيادة البيان وتعيين القرائن له .
وعندها . . أصبح هذا التقسيم : تقسيم نسبي ، لأن الشهرة متفاوتة بتفاوت الزمان والمكان والأوضاع .
ففي الزمان الذي اشتهر فيه أن معنى ( القرية ) شامل للحال والمحل ، يكون قوله تعالى "واسأل القرية" حقيقة ،
وفي الزمان الذي اشتهر فيه أن معنى ( القرية ) خاص بالمحل ، يكون ذلك الكلام مجازا بالتعريف السابق الذكر .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وفقك الله
هل تقصد بقولك ( القرية شامل للحال والمحل ) أنه من قبيل المشترك اللفظي؟
إن كنت تعني ذلك فإن الذي يمنع منه أن استقراء كلام العرب لا يدل عليه، والأصل عدم الاشتراك في الألفاظ.
وأنا لم أقل إن المشتهر هو الحقيقة وغير المشتهر هو المجاز، بل قلت إن الاشتهار قرينة من القرائن التي تحدد المراد، بغض النظر عن كونه حقيقة أو مجازا، وقوله تعالى ( واسأل القرية ) معناه ( واسأل أهل القرية)، فهذا هو المفهوم من اللفظ بالاتفاق، وأما تسمية ذلك حقيقة أو تسميته مجازا، فهو اصطلاح ولا مشاحة فيه.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
لم أقصد ذلك يا شيخنا الفاضل - بارك الله فيك .
بل أقصد به ما يقصده الناس من أن لفظ "الإنسان" شامل للروح والجسد ،
ثم قد يعود الحكم - في سياق معين - إلى أحدهما أو كليهما .
وقد يسمى هذا "تواطؤا" أو "ترددا" أو "فحوى الكلام" أو "لحن الخطاب" أو "دلالة اللزوم" أو "الاشتراك الخاص" أو ما شئنا من المصطلحات .
وأما قصة التعريف بقيد ( الاشتهار ) ، فهو كما قلت : في حال نزولنا إلى التسليم بهذا التقسيم الثنائي .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
وقوله تعالى ( واسأل القرية ) معناه ( واسأل أهل القرية)، فهذا هو المفهوم من اللفظ بالاتفاق.
باتفاق مَن؟!!!!!!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومن الأمثلة المشهورة لمن يثبت المجاز في القرآن : { واسأل القرية } . قالوا: المراد به أهلها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فقيل لهم : لفظ القرية والمدينة والنهر والميزاب ؛ وأمثال هذه الأمور التي فيها الحال والمحال كلاهما داخل في الاسم . ثم قد يعود الحكم على الحال وهو السكان وتارة على المحل وهو المكان وكذلك في النهر يقال : حفرت النهر وهو المحل . وجرى النهر وهو الماء ووضعت الميزاب وهو المحل وجرى الميزاب وهو الماء وكذلك القرية قال تعالى : { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة } . وقوله : { وكم من قريةأهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون } { فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين } . وقال في آية أخرى : { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون } . فجعل القرى هم السكان . وقال : { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } . وهم السكان . وكذلك قوله تعالى { وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا } . وقال تعالى : { أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها } . فهذا المكان لا السكان لكن لا بد أن يلحظ أنه كان مسكونا ؛ فلا يسمى قرية إلا إذا كان قد عمر للسكنى مأخوذ من القرى وهو الجمع ، ومنه قولهم : قريت الماء في الحوض إذا جمعته فيه.
نظير ذلك لفظ " الإنسان " يتناول الجسد والروح ثم الأحكام تتناول هذا تارة وهذا تارة لتلازمهما ؛ فكذلك القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لأهلها ؛ فما يصيب أحدهما من الشر ينال الآخر ؛ كما ينال البدن والروح ما يصيب أحدهما . فقوله : { واسأل القرية } . مثل قوله { قرية كانت آمنة مطمئنة } . فاللفظ هنا يراد به السكان من غير إضمار ولا حذف فهذا بتقدير أن يكون في اللغة مجاز ، فلا مجاز في القرآن . بل وتقسيم اللغة إلى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع محدث لم ينطق به السلف . والخلف فيه على قولين وليس النزاع فيه لفظيا ؛ بل يقال : نفس هذا التقسيم باطل لا يتميز هذا عن هذا ولهذا كان كل ما يذكرونه من الفروق تبين أنها فروق باطلة وكلما ذكر بعضهم فرقا أبطله الثاني»
وهذا عين ما قاله نضال ونفسه وروحه وفحواه وظاهره وباطنه.
أم تقصد اتفاق أهل المجاز؟
فكيف تحتج عليه باتفاق خصمه؟
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
جزاكم الله خيرا شيخنا عيد الحبيب .
كلام شيخ الإسلام هذا لا يعدل عنه .
لكن من باب الإنصاف ،
يحسن بنا مقارنته بكلام من تقدمه رحمهم الله ،
لندرك شيئا من التباين ينهم في منهج تناول الموضوع .
مثل قول الإمام الشافعي رحمه الله في ( الرسالة ) :
* الصنف الذي يدل لفظه على باطنه دون ظاهره * قال الله تبارك وتعالى وهو يحكي قول إخوة يوسف لأبيهم { ما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون } . فهذه الآية في مثل معنى الآيات قبلها لا تختلف عند أهل العلم باللسان أنهم إنما يخاطبون أباهم بمسألة أهل القرية وأهل العير لأن القرية والعير لا ينبئان عن صدقهم .
قال قبل ذلك رحمه الله :
* باب الصنف الذي يبين سياقه معناه * قال الله تبارك وتعالى { وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إنما تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون } . فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر فلما { إذ يعدون في السبت } الآية دل على أنه إنما أراد أهل القرية لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون . وقال { وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون } . وهذه الآية في مثل معنى الآية قبلها فذكر قصم القرية فلما ذكر أنها ظالمة بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها دون منازلها التي لا تظلم ولما ذكر القوم المنشئين بعدها وذكر إحساسهم الباس عند القصم أحاط العلم انه إنما أحس البأس من يعرف الباس من الآدميين .
قلت : مع أنه قد يجمع ين المنهجين بأن يقال : قولنا ( أهل القرية ) أيضا لا ينحصر معناه في إرادة "أهل المكان" ، بل قد يعنى به ما يعنيه القوم بقولهم : "أهل قريش" و "أهل كنانة" و "أهل سعيد" ، وكلها - قريش وكنانة وسعيد - في الأصل : أسماء الرجال لا الأمكنة .
قلت : لكن ليس هكذا منهج الشافعي رحمه الله ، لأنه قال : " لأن القرية والعير لا ينبئان عن صدقهم " .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
أعد النظر في كلام الإمام الشافعي:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
الصنف الذي يدل لفظه على باطنه دون ظاهره
تراه ماذا يقصد بالباطن والظاهر هنا؟ وما العلاقة بينهما؟
أهي علاقة المجاز بالحقيقة؟
أم علاقة الروح بالجسد؟
لو دققت النظر في قوله:
اقتباس:
أن الظالم إنما هم أهلها دون منازلها
لاهتديت إلى الصواب، ولعلمت أن كلام الشافعي وكلام ابن تيمية يخرجان من مشكاة واحدة
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
قد يخرجان من مشكاة واحدة ،
لكن يختلفان في النهج والصورة
( أي في طريق التحليل وتناول القضية )
فالشافعي قال : ( إنما أراد "أهل القرية" لأن "القرية" لا تكون عادية ) ،
وابن تيمية قال : ( فاللفظ هنا يراد به السكان من غير إضمار ولا حذف ) .
ومثل هذا التباين قد يصعب جمعه لدى العوام ،
لا سيما مع قول شيخ الإسلام : ( القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لأهلها ) .
لم يقل مثلا : ( القرية ، إذا عذب أهلها خربت منازلها ، وإذا خربت منازلها كان عذابا لأهلها ) .
هذا وأمثاله هو الذي جعلني أقول :
http://majles.alukah.net/showpost.ph...99&postcount=5
وقد يقول لي قائل : ليس لأحوالك أهمية بحال !! (ابتسامة)
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
لكن يختلفان في النهج والصورة
( أي في طريق التحليل وتناول القضية )
أبدا
لا فيه اختلاف في النهج ولا في الصورة ولا يحزنون
تقول:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
لا سيما مع قول شيخ الإسلام : ( القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لأهلها ) .
لم يقل مثلا : ( القرية ، إذا عذب أهلها خربت منازلها ، وإذا خربت منازلها كان عذابا لأهلها )
أقول لك:
اقتباس:
والشافعي أيضا قال: ( الظالم إنما هم أهلها دون منازلها )
ولم يقل مثلا: ( الظالم إنما هم أهلها دون القرية نفسها)
والحدق يفهم يا عمّنا
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
باتفاق أهل العلم جميعا حتى شيخ الإسلام، ولكن الخلاف في كلمة القرية نفسه، هل تطلق على أهلها ( كما هو قول شيخ الإسلام )، أو أن ذلك من مجاز الحذف كما تفضلت بالنقل.
هذا هو الخلاف، أما المعنى فلا خلاف فيه، وهذا هو مرادي كما هو واضح.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيد فهمي
أبدا
لا فيه اختلاف في النهج ولا في الصورة ولا يحزنون
تقول: .............................. .....
أقول لك:
والشافعي أيضا قال: ( الظالم إنما هم أهلها دون منازلها )
ولم يقل مثلا: ( الظالم إنما هم أهلها دون القرية نفسها)
والحدق يفهم يا عمّنا
كيف إذن يفهم الحدق قول الشافعي : ( إنما أراد "أهل القرية" لأن "القرية" لا تكون عادية ) ؟
ههنا قد قال إن نفس القرية لا تكون عادية ، وإنما الاعتداء من أهلها ؟؟
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
باتفاق أهل العلم جميعا حتى شيخ الإسلام، ولكن الخلاف في كلمة القرية نفسه، هل تطلق على أهلها ( كما هو قول شيخ الإسلام )، أو أن ذلك من مجاز الحذف كما تفضلت بالنقل.
هذا هو الخلاف، أما المعنى فلا خلاف فيه، وهذا هو مرادي كما هو واضح.
على فكرة . . مثال ( القرية ) هذا لا يساعد أهل المجاز .
لأن هذا اللفظ عندهم غير منقول المعنى من معناه الوضعي إلى معنى آخر ،
بل إنما حال محل المحذوف في الإعراب ، فأصبح مفعولا بعد أن كان مضافا إليه .
فحقيقة القرية - عندهم - مكان ، وهو هنا أيضا : مكان ، لا يتغير من معناه الأول .
وإن قالوا : هذا من المجاز التركيبي ، بطلت النظرية من أساسه .
هذا بخلاف مثال ( الأسد ) الذي عند التركيب البسيط تحتمل معنيين أحدهما أسبق إلى الذهن من الآخر ( مع اختزال القرائن العادية والحالية ) .
وقد قال في مختصر الصواعق : هذا غاية ما تقدرون عليه من الفرق ، وهو أقوى ما عندكم ، ونحن لا ننكره ، لكن نقول : اللفظ الواحد تختلف دلالته عند الإطلاق والتقييد ، ويكون حقيقة في المطلق والمقيد .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
كلام ابن القيم الأخير يدل على أن الخلاف في هذه النقطة لفظي.
لأن ما يسميه دلالة الإطلاق هو عندهم الحقيقة، وما يسميه دلالة التقييد هو عندهم المجاز، ولا مشاحة في الاصطلاح.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
المشكلة يا شيخنا الفاضل ، أن اصطلاح القوم لا يطرد ولا يستقيم .
فهم لا يسمى قول الخارج من الجامع " رأيت أسدا " حقيقة مع تجرده عن القرائن اللفظية .
أما ابن القيم رحمه الله ، فليس في قواعده تفريق حاسم بين قرينة وقرينة مثل ما لأهل المجاز .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
والشأن لا يعترض المثال .............. إذ قد كفى الفرض والاحتمال
ومسألة الضوابط والتفريق الحاسم لا يصح الاعتراض بها دائما؛ لأن كثيرا من القواعد التي وضعها أهل العلم يرد عليها الخوارم، وفي خاطري كتابة مقال عن هذه المسألة؛ لأن بعض الناس وخاصة من المبتدئين يعترضون على أهل العلم بقولهم (ما الضابط؟!!) ظانين أنهم بذلك قد أتوا بما لم يأت به الأوائل، وجاءوا بما يفحم القوم، ولا يدرون أنهم إنما أتوا من جهلهم.
-فمثلا: لا يشك اثنان أن هناك أمورا يقطع بها الإنسان وأمورا لا يقطع بها، فإذا حاولت أن تضع لذلك ضابطا أعيتك الحيل.
-ومثلا العلماء يصنفون الرواة ثقات وضعفاء وما بين ذلك درجات، فإذا شئت أن تضع ضابطا للحد الفاصل بين أقل درجات الثقة وأعلى درجات الضعيف أعيتك الحيل.
-ومثلا العلماء قد تكلموا عن شروط المجتهد، ولكنك إذا شئت أن تأتي بالحد الفاصل الذي يصير بعده العالم مجتهدا ولم يكن قبله مجتهدا أعيتك الحيل.
-ومثلا جماهير العلماء يعملون بالعرف، ويرجعون إليه فيما لا نص فيه، فإذا رحت تبحث عن ضابط لهذا العرف، ومتى يصير عرفا، وما عدد الناس الذي يصير به العرف عرفا، أعيتك الحيل.
وهكذا إذا تصفحت مسائل العلوم المختلفة فستجد عشرات بل مئات المسائل من هذا الباب، وكلها يكاد يكون من المستحيل أن تضع ضابطا لها، ومع ذلك لا يشك اثنان في صحتها.
فالخلاصة أن المثال لا يعترض به على القواعد؛ لأن المثال قد يكون شاذا، وقد يكون له تخريج، وقد يكون غير ذلك، فلو كان كل مثال يشذ عن القاعدة يخرمها، لما استقامت لنا قاعدة.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
لكن كلامنا خاص بقضية (الحقيقة) و (المجاز) .
هل يقول أصحاب المجاز إن تقسيمهم الثنائي تقسيم نسبي ؟
هل يقولون إن هناك واسطة بين الحقيقة والمجاز ؟
هل يقولون إن هناك واسطة بين الحقيقة اللغوية والمجاز اللغوي ؟
أليس جل ردود شيخ الإسلام وابن القيم متجه إلى إبطال التفريق والتقسيم لعدم الانضباط ؟؟؟؟
قاعدتهم لم تثبت بعد وليست هي مسلمة لأصحابها بعد ، فكيف لا يجوز الاعتراض عليها ؟؟؟
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
هم أصلا مختلفون اختلافا كبيرا في هذا التقسيم، وقد رأيت زعم ابن جني أن أكثر اللغة مجاز، وأنا أرى أنه يريد أن كل اللغة مجاز، ولكنه تلطف في العبارة حتى تروج عنه، واختلفوا أيضا في التوكيد هل هو مجاز؟ وكذلك في الكناية، وغير ذلك كثير.
ولذلك ينبغي توجيه الكلام عند الرد إلى قول معين من هذه الأقوال، وهذا ما فعله ابن القيم رحمه الله؛ فإنه يفترض قولا لهم ثم يجيب عنه، ثم يفترض آخر ثم يجيب عنه، وهكذا.
وأما الرد على القول لعدم انضباطه، فاعلم يا أخي أن عدم الانضباط نوعان:
- نوع يكون فيه كل ما يدعى أنه من أحد القسمين يمكن جعله من القسم الآخر، والعكس.
- ونوع يكون فيه أشياء متفق عليها أنها من أحد القسمين، وأشياء متفق عليها أنها من القسم الآخر، وأشياء تختلف فيها وجهات النظر أو لا قد تتخلف عن الانضباط.
فالرد بعدم الانضباط إنما يرد على النوع الأول، ولا يرد على النوع الثاني؛ لأن النوع الثاني لا تكاد تخرج عنه قاعدة من القواعد.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وهل نظرية (الحقيقة) و (المجاز) يا شيخنا الفاضل - من حيث هي هي - إلا من النوع الأول ؟؟؟
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
فتبين أنه ليس لمن فرق بين الحقيقة والمجاز فرق معقول يمكن به التمييز بين نوعين . فعلم أن هذا التقسيم باطل ... ولهذا لما ادعى كثير من المتأخرين أن فى القرآن مجازا وذكروا ما يشهد لهم رد عليهم المنازعون جميع ما ذكروه .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
نعم هي من النوع الأول إن زعمنا وجود حقيقة مجردة عن الاستعمال، أما إن كان المقصود استعمال اللفظ في غير ما استعمل له فهذا اصطلاح ولا مشاحة فيه.
كما إذا قلنا: ( فلان صاروخ ) أي سريع جدا، فمما لا نزاع فيه أن كلمة ( صاروخ ) لم توضع لهذا المعنى.
وشيخ الإسلام لا ينازع في هذا، ولكنه يقول إن هذا استعمال وهذا استعمال، وهم يقولون: هذا وضع وهذا استعمال.
وليس عندهم دليل على أن اللفظ وضع هكذا مجردا عن الاستعمال، وحتى لو افترضنا أن اللفظ وضع مجردا عن الاستعمال، فمما لا نزاع فيه بينهم أن المجاز قد يكثر فيصير أشهر من الحقيقة حتى يشتق منه مجاز آخر، وعلى هذا فلا مانع عندهم من أن تكون الحقيقة مجازا لحقيقة أخرى قبلها.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
هو من النوع الأول حتى وإن عرّفنا ( الوضع ) بأنه الاستعمال الأول . بل عندها أصبح التمييز متعذرا لجهلنا بذاك الاستعمال الأول .
وأما قولكم : " فمما لا نزاع فيه أن كلمة ( صاروخ ) لم توضع لهذا المعنى " ، فماذا تعنون يا شيخنا بالوضع هنا ؟
إن عنيتم به ( تواضعا لمعناه قبل الاستعمال ) فهذا لا تقولون به ،
وإن عنيتم به ( الاستعمال الأول ) ، فهو إذن إنما يكون مجازا في أول نقله . وأما بعد النقل ، فقد صار حقيقة لأنه قد استعمل في ذلك المعنى الثاني . . فيكون كون اللفظ مجازا كائنا مؤقتا مرة واحدة عند النقل ، وبعدها صار حقيقة في الموضعين !
بالإضافة إلى أن لفظ الصاروخ هنا لا يستعمل في نفس السياق والتركيب الذي استعمل فيه استعماله الأول . فلماذا لا نقول : إن كلمة صاروخ موضوع لمعنى الكابسول إذا استعمل في تركيب معين ، وموضوع لإرادة معنى السرعة إذا استعمل في تركيب معين آخر ؟؟؟
وإن عنيتم بالوضع هنا : مطلق الاستعمال ، فقولكم متناقض . لأن ما يفترض موجودا لا يفترض في نفس الحال معدوما .
وإن عنيتم بالوضع غير ما تقدم ، فتفضلوا بذكره لننظر في أمره .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
الاستعمال نوعان:
- استعمال عام، واستعمال خاص، ولا يمكن التسوية بينهما، فالذي يقول ( فلان صاروخ ) لا يقصد أن يضيف معنى جديدًا لكلمة ( صاروخ )، وإنما يقصد المبالغة في التشبيه.
والمنازعة في ذلك لا تسوغ؛ لأن هذا يُرجع فيه إلى مراد المتكلم نفسه، والأدباء مجمعون على أنهم يريدون ذلك.
ولكن إذا أعجب الناس بهذا التشبيه واستعملوه وكثر استعماله بينهم حتى صار عرفا شائعا، صار حينئذ حقيقة عرفية كما تفضلتَ، لا سيما إذا استعملوه من غير استحضار للأصل.
أما إذا لم يحدث هذا فلا يمكن التسوية بين المعنيين.
فيمكن القول بأن الاستعمال الأول هو الحقيقة والاستعمال الثاني هو المجاز، فإذا كثر صار حقيقة يتأتى استخراج مجاز منها، وهكذا.
فقولكم ( بعد النقل صار حقيقة ) ليس على إطلاقه، بل هذا يعتمد على شهرة النقل وذياعه، فإن كان عاما صح قولكم، وإن كان خاصا ظل مجازا.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
وقد قال في مختصر الصواعق : هذا غاية ما تقدرون عليه من الفرق ، وهو أقوى ما عندكم ، ونحن لا ننكره ، لكن نقول : اللفظ الواحد تختلف دلالته عند الإطلاق والتقييد ، ويكون حقيقة في المطلق والمقيد.
لئن كان هذا كلام ابن القيم فقد قال بالمجاز شاء أم أبى وكتاب المختصر غير متوفر لدي، والأصل غير مكتمل وليس هذا فيه.
ولعله قصد بالإطلاق السبق إلى الذهن فلم يحسن التعبير.
لكن للإنصاف: الإقرار بظاهر ما قاله إقرار بالمجاز وإن زعم خلاف ذلك.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
كيف إذن يفهم الحدق قول الشافعي : ( إنما أراد "أهل القرية" لأن "القرية" لا تكون عادية ) ؟
كما فهم قول ابن تيمية:
اقتباس:
القرية إذا عُذِّب أهلها خربت
ولم يقل: عُذِّبت
وقال:
اقتباس:
وإذا خربت كان عذابا لأهلها
ولم يقل: خرابا لأهلها.
هل ما زال الأمر يحتاج إلى شرح؟
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
سبحان الله !!
تتكلم وكأن التكلم بكلمة ( مجاز ) نفسها هو المحرم والممنوع؟
هذا كلام ابن القيم، وبنحوه قال شيخ الإسلام، وبنحوه قال الشنقيطي رحم الله الجميع.
فماذا بقي إذن من أهل العلم لم يقل بذلك ؟
يا جماعة الخير أكثر الخلاف بين أصحاب المجاز ومنكريه خلاف لفظي، وحتى الخلاف الحقيقي بينهم لا يؤثر في مسألة الصفات، ولذلك كانت طريقة ابن تيمية وابن القيم الرد عليهم مرتين: مرة بإنكار المجاز، ومرة حتى مع إثباته.
فحتى لو أثبتنا هذه التفرقة فلا يلزم من ذلك تأويل الصفات لله عز وجل.
وأما من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار هذا التقسيم فقد أتى بباطل من القول وزور.
ومثله مثل من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار وجود الجوهر الفرد.
ومثله مثل من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن تقريره إلا بإثبات سكون الأرض، ودوران الشمس حولها.
مذهب أهل السنة حقائق ثابتة ثابتة، فهي حق في نفسها، ولا تتأثر بهذه العوارض، ولا يلزم من ثبوت شيء مما سبق أو نفيه إنكار شيء من مذهب أهل السنة.
فلا يلزم من إثبات التقسيم تأويل الصفات، كما لا يلزم من إنكار التقسيم ذلك، وقس على هذا.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
تتكلم وكأن التكلم بكلمة ( مجاز ) نفسها هو المحرم والممنوع؟
مَن أوحى لك بهذا التصور السقيم عني؟
أتراني أجهل أن هذا اللفظ (مجاز) ورد على لسان الإمام أحمد ومعمر بن المثنى وأبو حاتم الرازي وكبار الأئمة؟
القضية قضية معانٍ وليست ألفاظ يا باشمهندس
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
وأما من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار هذا التقسيم فقد أتى بباطل من القول وزور.
ومَن الذي زعم ذلك أيضا، وأين وجدته في كلامي سبحانك ربي!
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
هذا كلام ابن القيم، وبنحوه قال شيخ الإسلام
غريبة!!!
كأنك لم تقرأ كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة بعينها!!!
فاقرأ إذًا:
قال شيخ الإسلام:
«وأما من فرق بين الحقيقة والمجاز ؛ بأن الحقيقة ما يفيد المعنى مجردا عن القرائن ، والمجاز ما لا يفيد ذلك المعنى إلا مع قرينة ، أو قال : " الحقيقة " : ما يفيده اللفظ المطلق . و " المجاز " : ما لا يفيد إلا مع التقييد . أو قال : " الحقيقة " هي المعنى الذي يسبق إلى الذهن عند الإطلاق . " والمجاز " ما لا يسبق إلى الذهن . أو قال : " المجاز " ما صح نفيه و " الحقيقة " ما لا يصح نفيها ، فإنه يقال : ما تعني بالتجريد عن القرائن والاقتران بالقرائن؟ إن عني بذلك القرائن اللفظية مثل كون الاسم يستعمل مقرونا بالإضافة أو لام التعريف ويقيد بكونه فاعلا ومفعولا ومبتدأ وخبرا فلا يوجد قط في الكلام المؤلف اسم إلا مقيدا . وكذلك الفعل إن عني بتقييده أنه لا بد له من فاعل وقد يقيد بالمفعول به وظرفي الزمان والمكان والمفعول له ومعه والحال فالفعل لا يستعمل قط إلا مقيدا وأما الحرف فأبلغ فإن الحرف أتي به لمعنى في غيره . ففي الجملة لا يوجد قط في كلام تام اسم ولا فعل ولا حرف إلا مقيدا بقيود تزيل عنه الإطلاق . فإن كانت القرينة مما يمنع الإطلاق عن كل قيد فليس في الكلام الذي يتكلم به جميع الناس لفظ مطلق عن كل قيد سواء كانت الجملة اسمية أو فعلية ولهذا كان لفظ " الكلام " و " الكلمة " في لغة العرب بل وفي لغة غيرهم لا تستعمل إلا في المقيد . وهو الجملة التامة اسمية كانت أو فعلية أو ندائية إن قيل إنها قسم ثالث . فأما مجرد الاسم أو الفعل أو الحرف الذي جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل فهذا لا يسمى في كلام العرب قط كلمة وإنما تسمية هذا كلمة اصطلاح نحوي كما سموا بعض الألفاظ فعلا وقسموه إلى فعل ماض ومضارع وأمر ، والعرب لم تسم قط اللفظ فعلا ؛ بل النحاة اصطلحوا على هذا فسموا اللفظ باسم مدلوله فاللفظ الدال على حدوث فعل في زمن ماض سموه فعلا ماضيا وكذلك سائرها . وكذلك حيث وجد في الكتاب والسنة بل وفي كلام العرب نظمه ونثره لفظ كلمة ؛ فإنما يراد به المفيد التي تسميها النحاة جملة تامة كقوله تعالى : { وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا } { ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا } . وقوله تعالى { وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا } . وقوله تعالى { تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } . وقوله : { وجعلها كلمة باقية في عقبه } . وقوله : { وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم " { أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل } وقوله " { كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم } " . وقوله . " { إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ به ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ به ما بلغت يكتب الله بها سخطه إلى يوم القيامة } " . وقوله : " { لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلته منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله عدد خلقه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله مداد كلماته } " . وإذا كان كل اسم أو فعل أو حرف يوجد في الكلام فإنه مقيد لا مطلق لم يجز أن يقال للفظ الحقيقة ما دل مع الإطلاق والتجرد عن كل قرينة تقارنه . فإن قيل : أريد بعض القرائن دون بعض قيل له : اذكر الفصل بين القرينة التي يكون معها حقيقة والقرينة التي يكون معها مجاز ولن تجد إلى ذلك سبيلا تقدر به على تقسيم صحيح معقول.»
وللكلام بقية بعد الصلاة ...
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وفقك الله
قرأت كلام شيخ الإسلام منذ خمس عشرة سنة.
ولكن يبدو أنك لم تقرأ بقية الكلام.
أبلغني عندما تصل إلى آخره، وأخبرني بما قال عن القرينة العدمية.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
وفقك الله
قرأت كلام شيخ الإسلام منذ خمس عشرة سنة.
ولكن يبدو أنك لم تقرأ بقية الكلام.
أبلغني عندما تصل إلى آخره، وأخبرني بما قال عن القرينة العدمية.
ياااااااااااااا اه
كل هذا كتب أثناء وقت ذهابي للصلاة وما بعده الذي لم يتجاوز ساعة واحدة!
على العموم لا يخفى عليكم أن ما قيل في الرد والمناظرة لا يتساوى مع ما قيل في الإثبات والتقرير، فقد يرُدّ المتكلم بكلام تنزلا مع الخصم دون إقرار له في حقيقة الأمر.
وعلى فرض إقراره فلم يُسمِّ شيخ الإسلام مثل ذلك (إطلاقا) ولا أقر به بل ما هو إلا تقييد بالتجريد أو السكوت أو الإمساك أو الاقتصار أو ترك الزيادة، وكل هذا يعتبر أمرا وجوديا فإن أكثر الناس يقولون: الترك أمر وجودي يقوم بذات التارك، وذهب أبو هاشم وطائفة إلى أنه عدمي ويسمون الذمية.
فهل أفهم من تسميتك التي ذكرتها أنك تميل إلى القول الثاني يا مولانا؟
أعيذك من ذلك.
ورغم كل ذلك فقضية التجريد لها عندي كلام آخر ليس هذا موضعه وفيما ذُكر كفاية على قدر ما قُصد إليه.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
يا جماعة الخير أكثر الخلاف بين أصحاب المجاز ومنكريه خلاف لفظي، وحتى الخلاف الحقيقي بينهم لا يؤثر في مسألة الصفات، ولذلك كانت طريقة ابن تيمية وابن القيم الرد عليهم مرتين: مرة بإنكار المجاز، ومرة حتى مع إثباته.
فحتى لو أثبتنا هذه التفرقة فلا يلزم من ذلك تأويل الصفات لله عز وجل.
وأما من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار هذا التقسيم فقد أتى بباطل من القول وزور.
ومثله مثل من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار وجود الجوهر الفرد.
ومثله مثل من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن تقريره إلا بإثبات سكون الأرض، ودوران الشمس حولها.
مذهب أهل السنة حقائق ثابتة ثابتة، فهي حق في نفسها، ولا تتأثر بهذه العوارض، ولا يلزم من ثبوت شيء مما سبق أو نفيه إنكار شيء من مذهب أهل السنة.
فلا يلزم من إثبات التقسيم تأويل الصفات، كما لا يلزم من إنكار التقسيم ذلك، وقس على هذا.
شيخنا . . . أكثر هذا الأمر معلوم معروف لدينا معاشر محبي أهل السنة .
فما الداعى إلى تكرار ذكره ؟؟؟
قضيتنا ليست قضية العقائد بقدر ما هي قضية لغوية أو تاريخية . وهذا معلوم .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
معلوم لك يا شيخنا الفاضل، ولكنه ليس معلوما لكثير من الناس، واخبر تقله.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
الاستعمال نوعان:
- استعمال عام، واستعمال خاص، ولا يمكن التسوية بينهما، فالذي يقول ( فلان صاروخ ) لا يقصد أن يضيف معنى جديدًا لكلمة ( صاروخ )، وإنما يقصد المبالغة في التشبيه.
والمنازعة في ذلك لا تسوغ؛ لأن هذا يُرجع فيه إلى مراد المتكلم نفسه، والأدباء مجمعون على أنهم يريدون ذلك.
ولكن إذا أعجب الناس بهذا التشبيه واستعملوه وكثر استعماله بينهم حتى صار عرفا شائعا، صار حينئذ حقيقة عرفية كما تفضلتَ، لا سيما إذا استعملوه من غير استحضار للأصل.
أما إذا لم يحدث هذا فلا يمكن التسوية بين المعنيين.
فيمكن القول بأن الاستعمال الأول هو الحقيقة والاستعمال الثاني هو المجاز، فإذا كثر صار حقيقة يتأتى استخراج مجاز منها، وهكذا.
فقولكم ( بعد النقل صار حقيقة ) ليس على إطلاقه، بل هذا يعتمد على شهرة النقل وذياعه، فإن كان عاما صح قولكم، وإن كان خاصا ظل مجازا.
قولي ( بعد النقل صار حقيقة ) يتوجه إلى ما تفضلت بالإشارة إليه من التعريف :
اقتباس:
أما إن كان المقصود استعمال اللفظ في غير ما استعمل له فهذا اصطلاح ولا مشاحة فيه.
فقبل أن يستعمل مستعمِلٌ لفظ ( صاروخ ) للدلالة على مطلق السرعة لغير الكابسول - نقلا أو تشبيها - ، لم يزل هذه اللفظة في عرف القوم لا دلالة له إلا الكابسول . فإذا استعمله مستعمل بعد ذلك للدلالة على غير ذلك المعنى - بزيادة قيد لفظي أو بغير زيادة - صار اللفظ في هذا الاستعمال منقولا ( وهو المسمى بالمجاز على مقتضى هذا التعريف ) . وأما بعد هذا النقل ، فقد صار اللفظ حقيقة سواء أريد به معنى الكابسول ، أو أريد به مطلق السرعة ، أو أريد به التشبيه .
لماذا . . . ؟
لأنه أصبح مستعملا في ما قد استعمل له قبل ذلك الاستعمال (أي : ولو مرة واحدة ) .
وأما قضية الاشتهار ، فهي كما قلت : ضابط نسبي ، يكون التقسيم المبني عليه تقسيم نسبي .
وأنى للمجازيين تسليم بهذا ؟؟؟
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيد فهمي
كما فهم قول ابن تيمية:
ولم يقل: عُذِّبت
وقال:
ولم يقل: خرابا لأهلها.
هل ما زال الأمر يحتاج إلى شرح؟
نعم يا شيخنا . . . هي بحاجة شديدة إلى تحليل الإشكال .
فإن ابن تيمية قال إن المكان داخل في اسم القرية وليس هو كلها .
وأما الشافعي ، فالظاهر أن في عرفه وعرف أصحابه أن (القرية) اسم للمكان - المنازل والمباني - .
فإذا أطلق في الكلام لفظ "القرية" وأريد به السكان ، كان عند الشافعي : ثمَّ محذوفٌ
(أي مثل قوله تعالى : "ولكن البر من آمن" ، وقوله : "الحج أشهر معلومات") .
وأما عند شيخ الإسلام ، فاسم القرية شامل للمكان والسكان ، فليس في الإطلاق محذوف .
وهذا الاختيار هو الراجح ، لما شاع في القرآن من ذكر (القرية) مع إرادة السكان ، بل هذا هو الأكثر استعمالا فيه .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيد فهمي
لئن كان هذا كلام ابن القيم فقد قال بالمجاز شاء أم أبى وكتاب المختصر غير متوفر لدي، والأصل غير مكتمل وليس هذا فيه.
ولعله قصد بالإطلاق السبق إلى الذهن فلم يحسن التعبير.
لكن للإنصاف: الإقرار بظاهر ما قاله إقرار بالمجاز وإن زعم خلاف ذلك.
جائز أن يحصل في المختصر شيئ من تغيير العبارات عن وجهها فيأتي إثره الخلل ،
وقد ناقشوا ما فيه من ذكر حكم شيخ الإسلام لكلام الإمام الترمذي حول حديث الادلاء .
لكن نص الكلام الذي نقلته لا يدل على الإقرار بالمجاز .
فإن الذي فيه : "اللفظ الواحد تختلف دلالته عند الإطلاق والتقييد ، ويكون حقيقة في المطلق والمقيد"
لم يقل مثلا : "اللفظ الواحد تختلف دلالته عند الإطلاق من كل قيد وعند التقييد بأي قيد" .
لا سيما وأنه مثل بعد ذلك بلفظ (العمل) الدال نسبيا عند الإطلاق من قيد النسبة إلى القلب على : عمل الجوارح .
والحذق - كما قالو - يفهم .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
ما طوّل علينا شيخنا يا حنون . . !
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
قد اتفقت معي على أن لفظ القرية يتناول السكان والمنازل نظير لفظ الإنسان يتناول الروح والجسد ((ثم الأحكام تتناول هذا تارة وهذا تارة لتلازمهما ؛ فكذلك القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لأهلها ؛ فما يصيب أحدهما من الشر ينال الآخر؛ كما ينال البدن والروح ما يصيب أحدهما)) أ.هـ من مجموع فتاوى ابن تيمية
فلو طبقنا ذلك على جملة الشافعي وجملة ابن تيمية يتبين المراد
فابن تيمية يقول: القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان ذلك عذابا لأهلها
وعلى شبهه تقول:الإنسان إذا قبضت روحه مات وإذا مات كان ذلك قبضا لروحه
والشافعي يقول في قوله (القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت): دل على أنه إنما أراد أهل القرية لأن القرية لا تكون عادية
وعلى شبهه تقول في أثر (إني لأرى حضرة ما هم بإنس ولا جن، ثم قُبِض): دل على أنه إنما أراد روح الإنسان لأن الإنسان لا يكون مقبوضا
وقد يصعب على البعض حمل كلام الشافعي بخلاف كلام ابن تيمية وليس ذلك إلا لكون ابن تيمية كان يتكلم عن هذه المسألة بعينها فلذلك حرّر لفظه ليتضح للقارئ أما الشافعي فكان يتكلم على صليقته دون استحضار لهذه المسألة؛ لأنها لم تكن أثيرت ولا ظهرت فهي كما قال ابن تيمية محدثة بعده
ومع ذلك فمن دقّق النظر في كلام الشافعي وجده يدل على ذلك دلالة بيّنة
وأستدل على ذلك بثلاثة أدلة:
1- ما ذكرته قبل ذلك من قوله: (وقال {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون}. وهذه الآية في مثل معنى الآية قبلها فذكر قصم القرية فلما ذكر أنها ظالمة بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها دون منازلها التي لا تظلم) فاختياره للفظ منازلها هنا يؤكد ذلك:
لأن الظلم يصلح إطلاقه على أهل القرية بلا نزاع ويصلح إطلاقه على القرية نفسها بدليل القرآن (من قرية كانت ظالمة) -تنزلا في الكلام[1] - لكن لا يصلح إطلاقه على المنازل
ومثله القبض يصلح إطلاقه على روح الإنسان بلا نزاع ويصلح إطلاقه على الإنسان بدليل السنّة (قبض بين سحري ونحري) -تنزلا في الكلام[1] - لكن لا يصلح إطلاقه على الجسد
2- تسميته للباب الأول: (الصنف الذي يدل لفظه على باطنه دون ظاهره)
ولم يقل: (يدل على مجازه دون حقيقته) ولا قال: (يدل على محذوف ولا مقدر).والضمير في باطنه وظاهره يعود على اللفظ فدل على أن كلاهما من جملة اللفظ وليس واحد منهما خارجا عنه كما يزعم أرباب المجاز من علاقة الأهل بالقرية،
أليس علاقة باطن اللفظ باللفظ كعلاقة روح الإنسان بالإنسان،
وكذلك علاقة ظاهر اللفظ باللفظ كعلاقة جسد الإنسان بالإنسان؟
3- تسميته للباب الآخر (الصنف الذي يبين سياقه معناه) أليس هذا ما يدندن حوله ابن تيمية أن معنى اللفظ لا يعرف إلا بالسياق؟
فأين الخلاف بينهما؟
هل ما زال الأمر يحتاج إلى مزيد شرح؟
ــــــــــ
[1] لأن هذا معروف في لسان العرب ولكن أتيت بدليل نصي لحسم مادة الاعتراض
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
جزاكم الله خيرا شيخنا عيد وبارك فيكم .
لكن ، لا زال الأمر بحاجة إلى شرح وفيّ .
ليس الإشكال في النتائج ، وإنما في التعليل .
ليس الإشكال في كلام شيخ الإسلام ، فإن مسالكه واضحة جلية .
وإنما الإشكال في تفهمنا لكلام الإمام المطلبي رحمه الله لهذه النقطة بالذات (لفظ "القرية") .
كيف نقول إن الشافعي يرى ما يراه ابن تيمية أن (القرية) اسم للسكان والمكان ،
وليس في نصوصه رحمه الله ما يدل على ذلك لا من قريب ولا من بعيد !؟
واختياره للفظ (المنازل) لا يدل على ما قلتموه ،
لأنه (القرية) كالمكان فيها منازل وجدار وأراضي وبساتين وهلم جرا ،
أو لأنه في مقام التبيين فاختار بسليقته أنسبها للمقام ،
وإلا ، فقد قال مصرحا : إن القرية والعير لا ينبئان عن كذا وكذا .
وقوله : (الصنف الذي يبين سياقه معناه) لا يدل على شيء من هذا .
فإنه يمكن أن نوجهه بأنه أراد أن السياق يبين أن في الكلام محذوفًا .
مثله مثل كلام شيخ الإسلام في قوله تعالى (الحج أشهر معلومات) .
لم يقل شيخ الإسلام إن (الحج) اسم للعمل والزمن للتلازم بينهما ،
وإنما قال إن في الكلام محذوفًا (دل عليه العقل والسياق) تقديره : وقت الحج أشهر معلومات .
يعنى : هل يرى الإمام المطلبي أن لفظ (القرية) من جنس لفظ (الإنسان) الجامع بين الروح والجسد ؟
أم أنه يرى أن قوله تعالى (واسأل القرية) هو من جنس قوله تعالى (ولكن البر من آمن) ؟؟؟
وقبل ذلك يا شيخنا الحبيب : هل اقتنعتم بما قلتموه سابقا - من اتحاد مسلك الإمامين - تمام الاقتناع ؟ :)
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
وقبل ذلك يا شيخنا الحبيب : هل اقتنعتم بما قلتموه سابقا - من اتحاد مسلك الإمامين - تمام الاقتناع؟)
ليس بعد
وقبل حدوث ذلك لا بد من البحث في مدى صحة هذه المقولة:
اقتباس:
الإمام الشافعي حجة في اللغة
وليس ذلك تقليلا من شأن الإمام رحمه الله، وإنما هو بحث علمي سيترتب عليه نتائج عملية.
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيد فهمي
أما الشافعي فكان يتكلم على صليقته
سليقته
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
ففاقد الاقتناع كيف يعطيه ؟؟؟
اقتنعوا إذن - شيخنا الفاضل - برأيي (لمدة أسبوع على الأقل) :)
أي إلى حين وجود حل أفضل وفهم أسد
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
ففاقد الاقتناع كيف يعطيه؟؟؟
أنا لا أعطي أحدا اقتناعا وإنما أناقش المسألة بتجرد وحيادية وإلا
فهل كان يصعب عليّ ادّعاء الاقتناع؟
وهل يمكن لأحد من البشر أن يشق عن صدري لمعرفة حقيقة الأمر؟
ولكن ليس هذا مسلك البحث العلمي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
اقتنعوا إذن - شيخنا الفاضل - برأيي (لمدة أسبوع على الأقل) :)
أي إلى حين وجود حل أفضل وفهم أسد
لو اقتنعت تمام الاقتناع فلن أكتب
لأني إنما أكتب لأناقش لأقتنع
فلو وصلت إلى الغاية فانشغالي بالوسائل بعد ذلك عبث
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيد فهمي
لو دققت النظر في قوله: ......................
لاهتديت إلى الصواب، ولعلمت أن كلام الشافعي وكلام ابن تيمية يخرجان من مشكاة واحدة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيد فهمي
أبدا
لا فيه اختلاف في النهج ولا في الصورة ولا يحزنون
.............
والحدق يفهم يا عمّنا
هل مثل هذا الكلام صادر من غير المقتنع ؟؟؟
عموما ، المسالة بحاجة إلى مزيد البحث ، والله الموفق .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
هل مثل هذا الكلام صادر من غير المقتنع ؟؟؟
صادر ممن يستنفر أولي الهمم العالية من أمثالكم ليثروا البحث بمشاركاتهم النافعة لعلهم يكونون سببا في الوصول إلى مرحلة الاقتناع فيعم النفع الجميع.
والحدق يفهم يا عمنا
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
فهمت الآن والحمد لله
مبارك فيك شيخنا الحبيب
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وما ذكرته من عدم الخلاف بين الشافعي ابن تيمية أنا مقتنع به فلا يرد عليه الاعتراض.
وإنما المسألة عندي هي:
هل كان الشافعي عنده نفس التصور الدقيق للمسألة كما هو الحال عند ابن تيمية؟
وهل اتسعت مداركه لاستيعاب المسألة من جميع جوانبها وهو العربي المطلبي كما اتسعت مدارك ابن تيمية الحراني؟
وكما قالوا: كم ترك الأول للآخر
ولذلك أوردت سؤالي حول الكلمة المشهورة: ((الإمام الشافعي حجة في اللغة))
والله الموفق
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
فكلام الإمام الشافعي قد يمكن حمله على موافقة كلام الإمام ابن تيمية كما فعلتُ قبلُ، لكنه كما بينتم لا يصل بالقارئ له إلى درجة الاقتناع.
فالمسألة كما ذكرتم تحتاج إلى بحث وتأني
فنحن -الأقزام- نتكلم عن جبلين شامخين من جبال العلم، وإمامين جليلين من أئمة الدين.
وهمّتكم معانا نصل إن شاء الله
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
بارك الله فيكم شيخنا الحبيب .
قال الإمام في الأم :
أخبرنا الثقة عن سليمان بن موسى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياه فيما بين الشام إلى مكة جمعوا إذا بلغتم أربعين رجلا قال الشافعي: فإذا كان من أهل القرية أربعون رجلا والقرية البناء والحجارة واللبن والسقف والجرائد والشجر لأن هذا بناء كله وتكون بيوتها مجتمعة ويكون أهلا لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا ظعن حاجة مثل ظعن أهل القرى وتكون بيوتها مجتمعة اجتماع بيوت القرى فإن لم تكن مجتمعة فليسوا أهل قرية ولا يجمعون ويتمون إذا كانوا أربعين رجلا حرا بالغا فإذا كانوا هكذا رأيت والله تعالى أعلم إن عليهم الجمعة فإذا صلوا الجمعة أجزأتهم .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وقال أيضا :
( أخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا إسمعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال جاء رجل إلى علي رضي الله تعالى عنه فقال إني وجدت ألفا وخمسمائة درهم في خربة بالسواد فقال علي كرم الله وجهه أما لأقضين فيها قضاء بينا إن كنت وجدتها في خربة يؤدى خراجها قرية أخرى فهي لأهل تلك القرية وإن كنت وجدتها في قرية ليس يؤدي خراجها قرية أخرى فلك أربعة أخماسه ولنا الخمس ثم الخمس لك ) .
وقال أيضا :
( ولو كان ميقات القوم قرية فأقل ما يلزمه في الإهلال أن لا يخرج من بيوتها حتى يحرم وأحب إلى إن كانت بيوتها مجتمعة أو متفرقة أن يتقصى فيحرم من أقصى بيوتها مما يلي بلده الذي هو أبعد من مكة وإن كان واديا فأحب إلى أن يحرم من أقصاه وأقربه ببلده وأبعده من مكة وإن كان ظهرا من الأرض فأقل ما يلزمه في ذلك أن يهل مما يقع عليه اسم الظهر أو الوادي أو الموضع أو القرية إلا أن يعلم موضعها فيهل منه وأحب إلى أن يحرم من أقصاه إلى بلده الذي هو أبعد من مكة فإنه إذا أتى بهذا فقد أحرم من الميقات يقينا أو زاد والزيادة لا تضر وإن علم أن القرية نقلت فيحرم من القرية الأولى وإن جاوز ما يقع عليه الاسم رجع أو أهراق دما ) .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وقال أيضا :
( وهكذا لو مات المستودع فأوصى إلى رجل بماله والوديعة أو الوديعة دون ماله فهلكت فإن كان الموصي إليه بالوديعة أمينا لم يضمن الميت وإن كان غير أمين ضمن ولو استودعه إياها في قرية آهلة فانتقل إلى قرية غير آهلة أو في عمران من القرية فانتقل إلى خراب من القرية وهلكت ضمن في الحالين ولو استودعه إياها في خراب فانتقل إلى عمارة أو في خوف فانتقل إلى موضع آمن لم يكن ضامنا لأنه زاده خيرا ) .
وقال في موضع :
( وكذلك أن يوجد قتيل بصحراء أو ناحية ليس إلى جنبه عين ولا أثر إلا رجل واحد مختضب بدمه في مقامه ذلك أو يوجد قتيل فتأتي بينة متفرقة من المسلمين من نواح لم يجتمعوا فيثبت كل واحد منهم على الانفراد على رجل أنه قتله فتتواطأ شهادتهم ولم يسمع بعضهم شهادة بعض وإن لم يكونوا ممن يعدل في الشهادة أو يشهد شاهد واحد عدل على رجل أنه قتله لأن كل سبب من هذا يغلب على عقل الحاكم أنه كما أدعى ولي الدم أو شهد من وصفت وادعى ولي الدم ولهم إذا كان ما يوجب القسامة على أهل البيت أو القرية أو الجماعة أن يحلفوا على واحد منهم أو أكثر ) .
وقال أيضا :
( . . . قلت له : لسان العرب واسع وقد تنطق بالشيء عاما تريد به الخاص فيبين في لفظها ولست أصير في ذلك بخبر إلا بخبر لازم. وكذلك أنزل في القرآن فبين في القرآن مرة وفي السنة أخرى . قال : فاذكر منها شيئا ! قلت : قال الله عز وجل : "الله خالق كل شيء" ، فكان مخرجا بالقول عاما يراد به العام ، وقال : "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ، فكل نفس مخلوقة من ذكر وأنثى فهذا عام يراد به العام وفيه الخصوص . وقال : "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ، فالتقوى وخلافها لا تكون إلا للبالغين غير المغلوبين على عقولهم . وقال : "يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له" ، وقد أحاط العلم أن كل الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يدعون من دونه شيئا ، لأن فيهم المؤمن ومخرج الكلام عاما فإنما أريد من كان هكذا . وقال : "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت" ، دل على أن العادين فيه أهلها دونها . وذكرت له أشياء مما كتبت في كتابي . فقال : هو كما قلت كله ) .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
وكثيرا ما يقارن بين القرية والبادية ، وهما مكان لا سكان .
-
رد: بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
جزاكم الله خيرا على هذه النقولات
لكنها لن تؤثر في القضية التي نبحثها
فإطلاق القرية على المنازل والأبنية لا خلاف فيه ولا ينبغي أن يتصور أن فيه خلافا
وذلك كإطلاق الإنسان على الجسد فتقول: ((غسلتُ فلانا)) وإنما غسلت جسده بعد خروج روحه
وحتى توصيف الشافعي لحد القرية وعدم ذكر الناس فيه لا دليل فيه؛
لأنه إنما يصفها للتمييز بين ما يسمى قرية وما لا يسمى قرية من البيوت والمساكن
وذلك كمن أراد أن يصف إنسانا فسيصف جسده الظاهر دون روحه، وليس معنى ذلك أن الروح لا تدخل في مسمى الإنسان
ودليل ذلك أنه يقابل ذلك بالبادية
وهذا لا يحتاج إلى النقل عن الشافعي فقد جاء مثله في القرآن
قال تعالى: فففأَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَاققق
قال ابن كثير وغيره من المفسرين: فففوَهِيَ خَاوِيَةققق أي: ليس فيها أحد.
فسمى المنازل التي ليس فيها أحد قرية.
وما نحتاجه هو نقل صريح عن الشافعي أن القرية لا تطلق على أهلها وساكنيها حقيقة أو ما يدل على هذا المعنى
أعلم أنه أمر مستبعد لعدم استخدام الشافعي لمصطلح الحقيقة كقسيم للمجاز أو العكس
ولذلك أقول: إنه مبحث ليس بالهين
واستمر في البحث بارك الله لك