(تخريج حديث عمود لا إله إلا الله)

بسم الله الرحمنالرحيم(تخريج حديث عمود لاإله إلا الله)

هذا الحديث يروى من أربعة طرق فيما وقفت عليه:

(الطريق الأول): من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.

تفرد بها عَبد الله بن إبراهيم بن أبي عَمْروالغفاري المدني [تالفٌ متهمٌ مجمعٌ على تركه]، عن عَبد الله بن أبي بكر بن المنكدر القرشي التيمي [متروكليس بشيء]، عن صفوان بن سليم القرشي، عنسليمان بن يسار الهلالي[1]، عنه.وهي تروى عن عبد الله هذا من طريقين:(الطريق الأول)من رواية سلمة بن شبيب[2]، عنه..أخرجها كلٌ من:- البزار في مسنده رقم(8065) عنه؛ وقال: (وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نعلمُهُ يُرْوَىعَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم إلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَاالإِسْنَ ادِ، وعَبد اللهِ بْنُ إبراهيم بن أبي عمرة ليس بالقوي في الحديث، وَإنَّماذكرنا هذا الحديث لحسن كلامه).- ابن شاهين في الترغيب رقم (1) عن أحمد بن محمد بن إسحاق المكي[3]، عنه. ومن طريقه ابن الّلمشفي تاريخ دنيسر (ص87)[4].- الدمشقي في أربعينهرقم (25) عن إسحاق بن أحمد، عنه[5].- الشريحي في مئته رقم(60) عن محمد بن صالح بن بكر بن توبة الكيلاني، عنه.- الضياء في منتقىمسموعاته رقم (50) عن زكريا بن يحيى، عنه.- ابن حيويه في جزئه ومنطريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/166) عن محمد بن هارون بن حميد، عنه.- ابن عساكر في تاريخه(6/16) عن أحمد بن صالح الوراق الرازي؛ وعبد الرحمن بن محمد الظهراني، عنه[6].- السبكي في طبقاته(1/38) عن محمد؛ أحسبه الباغندي، عنه.(الطريق الثاني)من رواية محمد بن يونس الكديمي، عنه.. أخرجها كلٌ من:- أبو نعيم في الحلية(3/164) عنه؛ وقال: (غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ،تَفَر َّدَ بِهِ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْرَسَ، عَنْ عَبْدِالصَّمَدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ مِثْلَهُ[7]).- ابن البناء في فضلالتهليل رقم (44) عن عثمان بن علي بن إبراهيم الوكيل، عنه[8].(أقول): هذا الطريق عن أبيهريرة ضي الله عنه بهذا السند واهٍ تالف لا يصح ولا يثبت.. وهو للوضع أقرب.ثم ناهيك عن حال المدار الذي تفرد به؛ قف على الاضطرابوالاختل اف الحاصل في سنده، فإنه قد أختلف في سنده من جهتين:الأولى: الاختلاف فيمن روىعنه صفوان بن سليم؛ بين سليمان بن يسار، وعطاء بن يسار.. وبالمناسبة فإن أبا بكربن المنكدر والد عبد الله يري عن عطاء.الثانية: الاختلاف فيمن روىعنه عبد الله إبراهيم؛ بين عبد الله بن أبي بكر بن المنكدر، والمنكدر بن محمد بنالمنكدر.

---

[1] هكذاهو عند الأكثر؛ عن سليمان، وفي بعض الروايات عن أخوه عطاء.
[2] ذهباسمه الأول من مخطوطة تاريخ دنيسر، فأثبته المحقق (سعيد) هكذا؛ على غلبة ظنه. وهوظن خاطئ.
[3] وقعفي مطبوع الترغيب (أحمد بن إسحاق).
[4] وفيرواية ابن شاهين (عطاء).
[5] وتصحففي مطبوعه؛ يسار إلى (بشار).
[6] وفيرواية ابن عساكر (عطاء).
[7] ولم أقف على هذه الرواية بعد استفراغ الجهد في البحث والتنقيب، وإن كانالكلام صحيحا سالما من التصحيف والتحريف في المطبوعة فإن هذا الوجه متابعا لوجهعبد الله بن إبراهيم الغفاري، ولكن لا يفرح به بالمرة فليس هذا من حديث سفيانالثوري رحمه الله؛ وآفته الضعيف المتروك المتهم محمد بن أشرس السلمي.
[8] أتىعنده بدل عبد الله بن أبي بكر بن المنكدر؛ (المنكدر بن محمد بن المنكدر).

(الطريق الثاني): من رواية علي بن أبي طالبرضي الله عنه.

تفرد بها علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسينبن علي، عنه.وهي تروى عن علي بن موسى من طريقين:(الطريق الأول): من رواية داودبن سليمان بن يوسف الفراء القزويني الجرجاني، عنه.. أخرجها كلٌ من:- الشحامي في الإلهياتكما في اللآلئ المصنوعة (2/290)، والسيوطي في بغية الوعاة رقم (51)، والقمي فيالصحيفة الرضوية رقم (40) عن علي بن محمد بن مهرويه القزويني، عنه.(الطريق الثاني): من رواية أحمدبن عامر الطائي، عنه.. أخرجها كلٌ من:- الشحامي في الإلهياتكما في اللآلئ المصنوعة (2/290)، والقمي في الصحيفة الرضوية رقم (40) عن ابنه عبدالله الطائي، عنه.(أقول): هذا الطريق بهذا الإسنادعن علي بن أبي طالب رضي الله تالف لا يصح ولا يثبت.. وهو للوضع أقرب.فإن عبد الله بن أحمد الطائي يروي عن أبيه نسخةمختلقة مكذوبة عن علي بن موسى الرضا عن آبائه.قال السهمي: (سَمِعْتُأبا محمد الحسن بن علي يقول: عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح الطائي؛ أبوالقاسم كان أميًا، لم يكن بالمرضي).وأبوه شخصٌ مجهول الحال لا يعرف.. وقد ألصق ابنالجوزي البلاء فيه.. وواقعا هو وابنه آفاتٌ منزله.أما داود بن سليمان فهو وحده آفة بنفسه مستقله؛كذاب أفاك هالك ساقط يشتري الكتب وينسبها لنفسه.. له نسخة موضوعة عن علي بن موسىالرضا عن آبائه.وعلي بن محمد بن مهرويه وإن كان شيخٌ صدوق إلاأنه سمع من داود بن سليمان الغازي هذا نسخة علي بن موسى الرضا، قال صالح بن أحمد فيطبقات أهل همذان: (سمعت منه مع أبي، وكان يأخذ الدراهمعلى نسخة الرضا، وتكلموا فيه، وكان صويلحا).وقال شيرويه الهمذاني: (قال عبد الرحمن: روى نسخة الرّضا ظاهرًا وباطنًا، فما رواه سرًالم أسمعه، وكان يأخذ عليه، وتكلَّموا فيه).. قال الذهبي: كأنه كان شيعيًّا.

(الطريق الثالث): من رواية أنس بن مالك رضيالله عنه.

وهو يروى عنه من وجهين:(الوجه الأول) أخرجه الديلمي فيمسنده كما في اللآلئ (2/290)؛ قال:أنبأنا أبو طالب بن هشيم[1][لم أقف له على ترجمة]، حدثنا عبد الله بن أحمد بن مهين المقرئ[2]، حدثنا أبو بكر محمد بن عليبن محمد بن عامر النهاوندي[3][لم أقف له على ترجمة]، حدثنا أبي [صدوق]، حدثنا خالد بن حيان الرقي [صدوق فيه لينٌ، يخطئ ويغرب]، حدثنا محمد بن إبراهيم[4]، حدثنا علي بن عاصم [ضعيفجدا؛ متهمٌ قد تكلم فيه بشدة]، عن حميد[5][مدلس]، عنه.(الوجه الثاني) أخرجه الجوزجانيفي الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير (1/ 180)؛ قال:أخبرنا حمد بن نصر بن أحمد الحافظ، حدثنا القاضيأبو سعيد عبد الكريم بن أحمد بن طاهر بن أحمد الطبري المعروف بالوزان، قال: حدثنا أبونصر منصور بن رامش، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن عتاب العبدي، قال: حدثنا أبو عبدالله الأيلي الحافظ، قال: حدثنا أبو يعلى الملطي، قال: حدثنا علي بن سلمة، عن يحيىبن أبي أنيسة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عنه.وقال: (هذا حديث باطل،لم يروه، عن هشام بن حسان إلا يحيى بن أبي أنيسة، ويحيى هذا هو أخو زيد بن أبي أنيسة،وهو أصغر من زيد، قال عبد الله بن جعفر الرقي: حدثنا عبيد الله بن عمرو، قال: قال ليزيد بن أبي أنيسة: لا تحدث عن يحيى بن أبي أنيسة فإنه كذاب).(قلت): وهو كما قال.. مجمعٌ على تركه والحطعليه.. والراويان قبله مجهولان لا يعرفان.(أقول): هذا الطريق عن أنسرضي الله عنه بهاذين الاسنادين تالف مظلم لا يصح ولا يثبت.. وهو إلى الوضع أقرب.

---

[1]الصيرفي.
[2] هكذاورد اسمه في المطبوع؛ وأكاد أجزم أن فيه تصحيف. ولم أعرفه.
[3] تحرففي المطبوع إلى (التاربدي).
[4] لمأعرفه.
[5] ابنأبي حميد الطويل.

(الطريق الرابع): من رواية عبد الله بن عباسرضي الله عنه.

وهو يروى عنه من وجهين:(الوجه الأول): تفرد به عبدوسبن بشر بن شعيب الرازي[I][لا بأس به إذا توبع]، عن عبد العزيز بن عبد الواحد العسقلاني [مجهوللا يعرف حاله]، عن عمر بن صبح البلخي [كذابوضاع هالك ليس بشيء]، عن مقاتل بن حيان، عنالضحاك بن مزاحم[II]،عنه.. أخرجه كلٌ من:- ابن شاهين في فضائلهرقم (2) عن محمد بن مخلد بن حفص، عنه.. ومن طريقه ابن قدامة في صفة العلو رقم(35).- الدارقطني[III] ومن طريقه ابن الجوزي فيالموضوعات (3/166) عنه.(الوجه الثاني): تفرد بهعطاء بن أبي مسلم الخراساني [ضعيف ولا كرامة وإن كان صدوق فينفسه ومن أهل العبادة، قد جرحه الأئمة تجريحا مفسرا مخبورا، مدلس ذو أوهام وغفلة وإرسال،لا يحتمل تفرده بالمرة[IV]]،عنه.وهو يروى عن عطاء هذا من طريقين قدأختلف عليه فيهما رفعا ووقفا:الأول: من روايةمحمد بن الصباح بن[V]عبد السلام أبو بكر [مجهولٌ لا يعرف]، عنداود بن[VI] سليمان [مجهولٌلا يعرف]، عن حجر بن هشام [مجهولٌلا يعرف]، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه(مرفوعا).. أخرجه كلٌ من:- الختلي في الديباج قم(133) عنه[VII].. ومن طريقه الجوزجاني فيالأباطيل والصحاح رقم (46) ؛ وابن سمعون في أماليه رقم (172) ومن طريقه الدمشقي فيأربعينه رقم (9)[VIII].قال الجوزجاني: (هَذَاحَدِيثٌ بَاطِلٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ هَذَا خُرَاسَانِيُّ، قَالَ عَمْرُو بْنُعَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ: هُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ).(قلت): وهو كما قال؛ واهٍ ليس بشيء، يروي عنأبيه المناكير والموضوعات.. قد ترك الأئمة حديثة.الثاني: من روايةأبي يحيى أحمد بن محمد بن صالح بن عبد الله السمرقندي [مجهولٌ لا يعرف]، عن محمد بن عقيل الفريابي [فقيه مستور؛ في روايته نكارة]، عن معاذ بن عيسى [مجهول لا يعرف]، عن محمد بن عبد الملك التميمي [مجهوللا يعرف؛ وليس هو القرشي]، عن الحسن بنمسلم [مجهول لا يعرف]، عن نهشل[IX][لم أتبينه، ولا أراه إلا مجهولٌ منمجاهيل السند المتصلة]، عنه (موقوفا)..أخرجه:- الخطيب في تاريخه(6/182) عن الحسن بن أبي طالب، عن يوسف بن عمر القواس، عنه.(أقول): وهذا الطريق عن عبد الله بن عباس منهذين الوجهين تالف ساقط لا يصح ولا يثبت.. وهو للوضع أقرب.- مجاهيل، متهمين، مخالفة...فبان معك من خلال هذه الدراسة أن هذا الحديثباختلاف طرقه وأوجهه كذب موضوع لا يصح ولا يثبت، ولا يتقوى بمجموعها ولا كرامة؛ بلهي على كثرتها ما زادته إلا ضعفا على ضعف.

والحمد رب العالمين

---

[I] واسمهعبد الله.. وقد تحرف في صفة العلو بشر إلى (بشير).
[II] ولمأقل تفرد به الضحاك بن مزاحم لأنه منه براء. فتنبه
[III] لعلهفي الأفراد له.
[IV] ولايأتيني من يقول قد تابعه الضحاك بن مزاحم في رواية الحديث عن ابن عباس رضي الله؛فهو أصلا لم يصح وروده عن الضحاك أساسا. فتأمل
[V] تحرففي مطبوع الجوزجاني إلى (عن).
[VI] تحرففي مطبوع الجوزجاني إلى (أبو).
[VII] وقدطمس السند في مخطوط الديباج ولم يظهر إلا عثمان وأبيه.
[VIII] تحرففي مطبوعته الختلي إلى (الحنبلي).
[IX] سقطمن مطبوعة اللآلئ.

أعتذر من الجميع.. فقد أفسد الموقع تنسيقي للتخريج برمته؛ فتداخلت مباحثه.

أخي الفاضل؛ لا علاقة للموقع بما صُنع بتخريجك ، عندك ظبط للخطوط ، وتنسيق له ، بإمكان أن تستعين به ، بارك الله فيك .

حفظك الله.. لو كنت قد شاركت بالموقع قبل تطويره لما أشرت عليّ بهذا الرأي.. فلم أكن أفعل سوى إضافة موضوع فينزل كما كتبته.
وفق الله الجيع

حتى لا يضيع التخريج ولا تحرم الفائدة منه إن شاء الله؛ فهذا هو مرفق لمن أراده.
دعواتكم.

بوركتم.. لا ينسب الفضل إلى غير أهله حفظكم الله.

بارك الله فيكم
وهو كما قال
حفظ الله الجميع

عود أحمد يا شيخ ..طالت غيبتك والله.. وذهبت بنا الواسوس كل مذهب !!
حتى أوشكت على وضع مشاركة في هذا المجلس للسؤال عنك والاطمئنان عليك !!
فالحمد لله على عودتك إلينا..وأهلا وسهلا بك بين إخوانك ومحبيك

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي

- السبكي في طبقاته(1/38) عن محمد؛ أحسبه الباغندي، عنه.

---

قلت: هو محمد بن هارون بن حميد جاء منسوباً في إسناد ابن الجوزي !!

بارك الله فيك ورضي عنك أيها الأخ الحبيب أبا عبد الاله، والحمد لله على كل حال.

تعقيبا على تعليقك حفظك الله؛ أقول: قد اطلعت على الأسانيد كلها برجالها، ولم يفتني اسناد ابن الجوزي رحمه الله، والذي جعلني لا أقول أنه هو؛ عدم تيقني الجازم وشكي أن يكون هو.. فالأظهر عندي أنه غيره، فلا أعرف لابن حيويه رواية عن محمد بن هارون.

وجزاك الله خير الجزاء وأعظمه

وإليك ولجميع الأحبة أهدي هذا العمل الآخر.

بالمناسبة؛ فقد نسيت تبيين ذلك في البحث:
وهم بعض المتأخرين المتشبعين أن الضمير في سند أبي نعيم في الحلية (حدثني أبي...) أن المقصود هو عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه الإمام، وأنه من مروياته في الزهد، فعزوه له في الزهد بلا برهان، وليس شيئا من ذلك بالمره. فاعرف

معذرة..
يستدرك على تخريج خبر العصيان؛ ما يلي:
(أولا): يزاد على من رواه من طريق داود بن سليمان الغازي.. زيادة على الرافعي؛ أحمد بن عبد الواحد البخاري في جزء من تخريجه رقم (4).
(ثانيا): يزاد على من رواه من طريق أحمد بن عامر الطائي.. زيادة على ابن ناصر الدين؛ أحمد بن عبد الواحد في جز من تخريجه رقم (4).

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي

تعقيبا على تعليقك حفظك الله؛ أقول: قد اطلعت على الأسانيد كلها برجالها، ولم يفتني اسناد ابن الجوزي رحمه الله، والذي جعلني لا أقول أنه هو؛ عدم تيقني الجازم وشكي أن يكون هو.. فالأظهر عندي أنه غيره، فلا أعرف لابن حيويه رواية عن محمد بن هارون.

---

بارك الله فيك شيخنا الحبيب
السبكي في الطبقات رواه من طريق ابن الجوزي -مقرونا بجماعة من الشيوخ- !!
وقولك: "لا أعرف لابن حيويه رواية عن محمد بن هارون" عجيب !!

وفيك بارك حفظك الله..

وأرجع وأقول لك رعاك الله: لا يخفاني إسناد ابن الجوزي رحمه الله.. وقد قتلته وغيره دراسة وتمحيصا.. وأخبرتك بأنه عندي ليس محمد الذي ذكرته نت وأنه من في اسناد طبقات السبكي.. وأخبرتك أنه لا يلزم من محمد هناك نفس محمدا هنا. فتأمل
وتتبعت من روى عن محمد هذا المفرد فوجدته لا يروي عمن ذكرته فيما أعرفه وبحثته.. فأين الغرابة حفظك الله؟!

وبالمناسبة حفظك الله.. ليس طريق ابن الجوزي الذي في الطبقات هو نفس الطريق الذي في الموضوعات. فتأمل فيه مدققا

متّعك الله بحواسك يا شيخنا الحبيب
قولنا: إن السبكي روى الحديث من طريق ابن الجوزي
فهذا يعني: أن رجال إسناد السبكي من ابن الجوزي إلى منتهاه هم أنفسهم رجال إسناد ابن الجوزي
سأذكر لك الإسناديْن وتأمل فيهما:

* هذا إسناد ابن الجوزي في "الموضوعات":
(أنبأنا به هبة الله بن أحمد الحريري ، أنبأنا أبو إسحاق البرمكي، أنبأنا أبو عمر بن حيويه، حدّثنا محمد بن هارون بن حميد، حدثنا سلمة بن شبيب، عن عبد الله ابن إبراهيم المدني، حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن صفوان بن سليم، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة )
* وهذا إسناد السّبكي في "الطبقات":
(أخبرنا محمد بن إسماعيل الحموي قراءة عليه، وأنا أسمع، أخبرنا ابن البخاري، أخبرنا ابنُ طبرزد سماعا، وأبو الفرج بن الجوزي ، ومحمدُ بن أحمد بن بختيار المندائي، وعبد الله بن أبي بكر بن أبي القاسم بن الطويلة، والحسين بن سعيد بن الحسين بن شُنيف، إجازة ، قالوا كلهم:
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري(*) المعروف بابن الطبر قراءة عليه، ونحن نسمع متفرقين،
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي سماعا، أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكرياء بن حيويه
حدثنا محمد ، حدثنا سلمة بن شبيب ، عن عبد الله بن إبراهيم المدني، حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن صفوان بن سليم عن سليمان بن يسار ، عن أبي هريرة)
ألا ترى أنّ:
- شيخ ابن الجوزي في إسناد السبكي= أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري المعروف بابن الطبر
هو نفسه شيخ ابن الجوزي في الموضوعات = هبة الله بن أحمد الجريري
- وشيخ شيخه عند السبكي= أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي
هو نفسه شيخ شيخه في الموضوعات = أبو إسحاق البرمكي
- وشيخ شيخ شيخه عند السبكي =أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكرياء بن حيويه
هو نفسه ذلك الشيخ في الموضوعات = أبو عمر بن حيويه
ثم الإسناد بعد محمد غير المنسوب عند السبكي، ومحمد المنسوب عند ابن الجوزي هو نفسه في الكتابيْن =
.. حدثنا سلمة بن شبيب، عن عبد الله بن إبراهيم المدني، حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن صفوان بن سليم عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة.

* فلا يُمكن بعد هذا كله أن يكون محمدٌ شيخ ابن حيويه عند السبكي
إلاّ محمّد بن هارون بن حميد شيخ ابن حيويه عند ابن الجوزي
ذُكر مهملاً في إسناد السبكي منسوبا عند ابن الجوزي

* أما التعجّب من قولك: "لا أعرف لابن حيويه رواية عن محمد بن هارون"
فما أسرعك لنفي ما أثبته بنفسك قبل سطور قلائل !!
ألم تقل في تخريجك: "[أخرجه] ابن حيويه في جزئه ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات عن محمد بن هارون بن حميد "
ولو قتلتَ الإسناد دراسةً وتمحيصاً لوجدتَ أن ابن حيويه ذكره الخطيب البغدادي فيمن روى عن محمّد بن هارون بن حميد أبي بكر البيّع،
المعروف بابن المجدر فراجع ترجمة ابن المجدر في تاريخ بغداد 4/ 567
_________
(*) في المطبوع "الجزري" وذكر في الهامش أن في المطبوعة،د: "الحريري"
قلتُ: وهو الصواب، تَرْجَمَهُ ابن الجوزي في مشيخته

الله أكبر ولله الحمد.. لم أكذب بقولي أني قتلت أسانيده وفحصتها، وأدنى مشاهدة للعمل يعرف ذلك، فلا أقف كثيرا على هذا الأمر، فهو للمنصف كشعاع الشمس بلا غيم.

أما كوني جادلتك بتعقيبك علي في تبيين من هو محمد المبهم هذا؛ فهو جدال الخرف الهرم الذي أسأل الله تعالى أن يستجيب دعائك له، فاللهم متعنا بحواسنا كلها ما أحييتنا.
فجزاك الله عني خير الجزاء وبارك الله فيك وأسعد وأنالك الخير في الدنيا والآخرة.
فقد أصاب أبا عبد الإله ووهم أبا عصام.

فيكون صواب الأمر هكذا..

- ابن حيويه في جزئه ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/166) ومن طريق ابن الجوزي السبكي في طبقاته (1/38) عن محمد بن هارون بن حميد، عنه.

بارك الله في الشيخ أبي عصام التميمي ما أعقله وما أنصفه .. ويعلم الله محبتي له في الحديث وأهله
الله يحفظه ويرعاه ويجزيه خيراً على خدمة حديث نبيّنا (ص) والذّب عن سنته

وهذا تخريجه للحديث القدسي(=خبر العصيان القدسي) الذي أرفقه مع هذا التخريج والحديث هو:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى: يا ابن آدم ما تُنصفني، أتحبّبُ إليك بالنّعم وتمقت إليّ بالمعاصي، خيري إليك مُنزل، وشَرُّك إليَّ صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عند كل يوم وليلة بعمل قبيح، يا بن آدم لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف لسارعت إلى مقته "

بسم الله الرحمن الرحيم
(خبر العصيان القدسي)

هذا الخبر لا يروى مرفوعا إلا من طريق علي بن موسى الرضا عن آبائه من تلك النسخة المفبركة المدسوسة المصطنعة المكذوبة.
يرويها عن علي بن موسى أربعة من الكذابين التالفين الواهين الساقطين _ ولن ألتفت إلى الرواة قبلهم رغم ضعفهم وسقوطهم أيضا _؛ وهم:
- أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي.. فيما رواه:
(-) ابن عساكر في معجمه رقم (1270) بسندٍ لا يلتفت إليه ولا يعبأ به.
- أبو أحمد داود بن سليمان القزويني الغازي.. فيما رواه:
(-) الديلمي في "مسنده" -كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر؛ و"زهر الفردوس" (مخطوطان)، عن إسحاق بن محمد بن كيسان.
(-) الرافعي في "التدوين" (3/3)، ابن النّجار في "ذيل بغداد" (19/136 العلمية)، أحمد بن عبد الواحد البخاري في جزء من تخريجه رقم(4) عن علي بن محمد بن مهرويه القزويني.
وأيضا كلا الطريقين مرويين بسندٍ لا يلتفت إليه ولا يعبأ به.
- أحمد بن عامر الطائي.. فيما رواه:
(-) ابن ناصر الدين في "نفحات الأخيار" (ص206)، أحمد بن عبد الواحد البخاري في جزء من تخريجه رقم(4) من طريق ابنه عنه بسندٍ تالفٍ لا يلتفت إليه ولا يعبأ به.
- علي بن مهدي بن صدقة الرقي.. فيما رواه:
(-) ابن لطيف في "جزئه" ؛ ومن طريقه أبو نصر الغازي في "جزء من أماليه" (مخطوطان) من طريق ابنه عنه بسندٍ تالفٍ لا يلتفت إليه ولا يعبأ به.

(*) بينما رواه مالك بن دينار، ووهب بن منبه عن بعض الكتب القديمة وجادة:
فأخرجه عن مالك بن دينار كلٌ من:
- ابن أبي الدنيا في "الشكر" رقم (43) ومن طريقه البيهقي في "الشعب" رقم (4269) والفراء الحنبلي في "طبقاته" (1/194) وأبو نعيم في "الحلية" (2/377) ومن طريقه ابن قدامة في "العلو" رقم (73).
قال الإمام الذهبي في العلو: (إسناده مظلم).
(قلت): وهو كما قال رحمه الله، شيخ المصنف ضعيف جداً يخطئ ويهم قد تركه الأكثر، والراويين فيما بينه وبين مالك بن دينار مجهولا الحال والعين لا يعرفان.

وأخرجه عن وهب بن منبه؛ كلٌ من:
- الدينوري في المجالسة رقم (181) ومن طريقه ابن جماعة في مشيخته (ص373) عن إدريس بن سنان.
(قلت): وسنده تالف بالمرة؛ يرويه الدينوري من طريق عبد المنعم بن إدريس عن أبيه، وعبد المنعم هذا متروك كذاب أفاك عليه من الله ما يستحق، وأبوه ضعيف جدا قد ترك الأئمة حديثه على قلته؛ خاصة ما كان من طريق ابنه الكذاب.
- أبو نعيم في الحلية (3/174، 179 دار الحديث) عن بكار بن عبد الله.
(قلت): وسنده ضعيف جدا؛ يرويه أبو نعيم عن أبيه، عن راويين مجهولين لا يعرفان، عن عبد الرزاق.. ناهيك عن لين والد أبو نعيم رغم صدقه في نفسه.

وما ذكر الإمام ابن القيم بأنه أثر حسن فمن جهة لفظه ومعناه لا سنده والحكم عليه. فتنبه
فبان معك أن هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن غيره حتى؛ لا يصح ولا يثبت بل هو كذبٌ وأفك مفترى.
والحمد لله رب العالمين