-
في ترجمة على بن يوسف بن شمس الدين الفناري الرومي
.. وكان مهتما بالاشتغال بالعلم ، وكان له مكان على جبل فوق مدينة بروسه ، وكان يمكث فيه الفصول الثلاثة من السنة ، ويسكن في المدينة الفصل الرابع ، وربما ينزل هناك ثلج مرات كثيرة ، ولا يمنعه ذلك عن المكث فيه كل ذلك لمصلحة الاشتغال بالعلم ، وكان لا ينام على فراش ، وإذا غلب عليه النوم يستند على الجدار ، والكتب بين يديه ، فإذا استيقظ ينظر الكتب .. .
الشقائق النعمانية ص111، و البدر الطالع ص505، والسياق للأول .
-
قال الإمام المروذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم " ص69:
قلت لأبي عبد الله [أحمد بن حنبل] يقول رجل لمثل سوار القاضي : أصلحك الله ؟!
قال: فأي شيء عليه أن يصلحه الله ؟!
هذه العبارة (أصلحك الله) ما زالت تزعج بعض من تقال له ! مع أنها دعوة فاضلة !
-
قال الإمام المروذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم " ص87:
سمعت هارون بن عبد الله يقول حدثنا كثير بن هشام حدثنا جعفر قال دخل ـ يعني ـ ميمون مع عبد الله بن عمر ونفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن عامر في مرضه الذي مات فيه فشكى إلى القوم ما كان فيه ، فقالوا : لقد وصلت الرحم ، وبنيت المنارات ، واتخذت المصانع ، وحفرت الآبار ، وحملت ابن السبيل ، وذيت وذيت ، وعين عبد الله بن عامر إلى ابن عمر أي شيء يقول ؟
فقال ابن عمر: إذا طابت المكسبة زكت النفقة ، وسترد فترى .
قال جعفر : وحدثني ميمون قال : لما صرنا بالباب ، أو خرجنا قال ابن عمر : لئن كان ليس عليكم تبعة فيما أخذتم ، وأجرتم فيما أنفقتم = لقد سبقتم الناس سبقا بعيدا . اهـ
وروى مسلم في صحيحه (224) ".. دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض فقال: ألا تدعو الله لي يا ابن عمر ؟
قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول ، وكنت على البصرة ".
قال الذهبي فيه: ولي البصرة لعثمان رضي الله عنه .. كان من كبار ملوك العرب وشجعانهم ، وأجوادهم ، وكان فيه رفق وحلم .
قلت: إذا كان هذا الكلام قيل في ابن عامر ! فماذا عسى أن يقال اليوم ؟! اللهم لطفك بنا .
-
قال الإمام المروذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم " ص116:
قرئ على أبي عبد الله : هاشم قال حدثنا مبارك قال حدثني عبد الله بن العيزار ، قال : كان مطرف يقول:
وأعوذ بك أن أقول من الحق شيئا أريد به غير وجهك .
قال الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله : .. وإذا كان مبتدعا يدعوا إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة ، أو يسلك طريقا يخالف الكتاب والسنة ، ويخاف أن يضل الرجل الناس بذلك = بين أمره للناس ؛ ليتقوا ضلاله ، ويعلموا حاله ، وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح ، وابتغاء وجه الله تعالى ، لا لهوى الشخص مع الإنسان مثل أن يكون بينهما عداوة دنيوية ، أو تحاسد ، أو تباغض ، أو تنازع على الرئاسة ؛ فيتكلم بِمَسَاوِيْهِ مظهرا للنصح ، وقصده في الباطن الغض من الشخص ، واستيفاؤه منه ! = فهذا من عمل الشيطان ، و" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" ، بل يكون الناصح قصده أن الله يصلح ذلك الشخص ، وأن يكفى المسلمين ضرره في دينهم ، ودنياهم ويسلك في هذا المقصود أيسر الطرق التي تمكنه . مجموع الفتاوى 28/221.
.. ثم القائل في ذلك بعلم لابد له من حسن النية ، فلو تكلم بحق لقصد العلو في الأرض أو الفساد كان بمنزلة الذي يقاتل حمية ، ورياء ، وإن تكلم لأجل الله تعالى مخلصا له الدين كان من المجاهدين في سبيل الله من ورثة الأنبياء خلفاء الرسل . مجموع الفتاوي 28/235.
-
قال الإمام المروذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم " ص134:
قال لي أبو عبد الله [أحمد بن حنبل] قد جاء يحيى بن خاقان [والي الخليفة على ديوان الخراج] ومعه شوي فجعل يقلله أبو عبد الله ويقلله ، قلت له : قالوا : إنها ألف دينار ، قال : هكذا قال ، وقال : فرددتها عليه ، فبلغ الباب ثم رجع فقال : إن جاءك أحد من أصحابك بشيء تقبله ؟
قلت: لا .
قال : إنما أريد أن أخبر الخليفة بهذا .
قلت لأبي عبد الله : أي شيء كان عليك لو أخذتها فقسمتها ؟
فكلح وجهه ، وقال: إذا أنا قسمتها ، أي شيء أريد ؟
أن أكون له قُهْرمَانا ؟! اهـ
القهرمان : أمين الملك ووكيله الخاص بتدبير دخله وخرجه .
وانظر حكاية مشابهة للإمام طاووس قبل هذه .
-
قال الإمام المروذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم " ص135:
سمعت هارون بن عبد الله البزاز يذكر عن جعفر بن عون قال مسعر أخبرناه عن موسى بن أبي كثير عن سعيد بن المسيب قال : قسم عمر عليه السلام يوما مالا فجعلوا يثنون عليه ، فقال: ما أحمقكم ، لو كان هذا لي ما أعطيتكم منه درهما واحدا .
-
قال الإمام المروذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم " ص142:
سمعت أبا عبد الله يقول حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال قال لي : يا سليمان إن أمراءنا هؤلاء ليس عندهم واحدة من ثنتين ، ليس عندهم تقوى أهل الإسلام ، ولا أحلام أهل الجاهلية .
-
قال الإمام المروذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم " ص172:
سمعت بندار بن بشار يقول حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن يحيى بن حصين قال : سمعت طارق بن شهاب قال : كان بين خالد بن الوليد وسعد [بن أبي وقاص] كلام ، فقال رجل : مَن خالد عند سعد ؟
فقال [سعد]: إن الذي بيننا لم يبلغ ديننا .
-
قال الإمام المروذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم " ص197:
سمعت أبا عبد الله يقول: وسئل عن الحب في الله ؟ فقال : هو أن لا تحبه لطمع دنيا .
قلت: لا بد أن تستحضر أن من طمع الدنيا أن تحبه وتصحبه لتفخر بصحبته .
-
قال الرافعي في تاريخ آداب العرب ص16:
ولم تسقط دولة العقول في هذه الأمة إلا منذ ابتدأ العلماء يعتبرون العلم فهم العلم كما هو ؛ فتهافتوا على ذلك باختصار الكتب ،وشرحها وتفتيقها بالحواشي والتعاليق " الهوامش" ، وتلخيص المتون ؛ ونحو ذلك مما يورث الاضمحلال ، ويفقد العقل معنى الاستقلال ، ويجعل القرائح كالظل المتنقل : كل آونة يقرب إلى الزوال.
وفي هامش تلك الصفحة : مما نورده تفكها أن بعض العلماء كان لا يقرأ دروسه إلا في كتب مخطوطة ـ تحققا بالعلم ـ ومن عادتهم في المخطوطات أن يكتبوا أوائل الكلمات في الشروح والحواشي بالحمرة ؛ فكان صاحبنا يدفع نسخته لأنبغ طلبته ، يقرأ فيها ثم يشرح هو بعده ، وكان إذا فرغ القارئ من جملة في المتن ، أعادها الشيخ ومطل بها صوته وفخم كلماتها حتى يفرغ منها على هذا الوجه ، ثم يبتدئ الشرح بقوله للقارئ : قال أيه ، قال :" شوف عندك الحمرا ياسيدي شوف "..
-
في ترجمة الإمام أبي مظفر السمعاني في طبقات الشافعية الكبرى 5/336:
خرج إلى الحجاز على غير الطريق المعتاد ـ فإن الطريق كان قد انقطع بسبب استيلاء العرب ـ فقطع عليه وعلى رفقته الطريق ، وأسروا واستمر أبو المظفر مأسورا في أيدي عرب البادية صابرا إلى أن خلصه الله تعالى فحكي أنه لما دخل البادية وأخذته العرب كان يخرج مع جمالها إلى الرعي ، قال: ولم أقل لهم إني أعرف شيئا من العلم ، فاتفق أن مقدم العرب أراد أن يتزوج ، فقالوا: نخرج إلى بعض البلاد ليعقد هذا العقد بعض الفقهاء ، فقال أحد الأسراء : هذا الرجل الذي يخرج مع جمالكم إلى الصحراء فقيه خراسان!
فاستدعوني وسألوني عن أشياء فأجبتهم ، وكلمتهم بالعربية ، فخجلوا واعتذروا ، وعقدت لهم العقد ففرحوا وسألوني أن أقبل منهم شيئا ، فامتنعت وسألتهم فحملوني إلى مكة في وسط السنة ، وبقيت بها مجاورا ، وصحبت في تلك المدة سعدا الزنجاني .
قلت: في هذه القصة بيان عملي لمكانة العلماء عند العامة بل حتى عند اللصوص و الفساق.
-
قال أبو نعيم في حلية الأولياء 5/53 :
حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن القاسم ثنا مساور ثنا الوليد بن الفضل العتري ثنا مندل بن علي قال: خرج الأعمش ذات يوم من منزله بسحر ، فمر بمسجد بني أسد ، وقد أقام المؤذن الصلاة ، فدخل يصلي ، فافتتح إمامهم البقرة في الركعة الأولى ، ثم قرأ في الثانية آل عمران ، فلما انصرف ، قال له الأعمش: أما تتقي الله أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من أم الناس فليخفف فإن خلفه الكبير والضعيف وذا الحاجة " ؟
فقال : الإمام قال الله تعالى { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} !
فقال الأعمش: فأنا رسول الخاشعين إليك أنك ثقيل!
-
في كتاب الأغاني لأبي الفرج 3/135:
وكان بشار [ بن برد ]يقول : هجوت جريرا ، فأعرض عني واستصغرني * ، ولو أجابني = لكنت أشعر الناس.
قلت: قد أحسن جرير في الإعراض عنه، وهكذا ينبغي للكبار الإعراض عن الصغار، والسفلة ، وعدم الالتفات لتهويشهم = فهو أنفع دواء لهم .
* توفي جرير عام 110هـ و ولد بشار عام 95هـ .
وانظر: العمدة لابن رشيق 1/171، فعنده باب: من رغب من الشعراء عن ملاحاة غير الأكفاء، وذكر عددا من الأخبار.
-
قال العلامة أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة 1/30:
كنت أمتحنت بالأسار سنة عارضت القرامطة الحاج بالهبير ، وكان القوم الذين وقعت في سهمهم عربًا عامتهم من هوازن ، وأختلط بهم أصرام من تميم ، وأسد بالهبير نشئوا في البادية يتتبعون مساقط الغيث أيام النجع ، ويرجعون إلى أعداد المياه ، ويرعون النعم ، ويعيشون بألبانها ، ويتكلمون بطبائعهم البدوية ، وقرائحهم التي اعتادوها ، ولا يكاد يقع في منطقهم لحن أو خطأ فاحش فبقيت في أسارهم دهرا طويلا وكنا نتشتى الدهناء ، ونتربع الصمان ، ونتقيظ الستارين ، واستفدت من مخاطبتهم ومحاورة بعضهم بعضا ألفاظا جمة ، ونوادر كثيرة أوقعت أكثرها في مواقعها من الكتاب اهـ.
قلت: رب ضارة نافعة ، فقد كان علماء اللغة يطلبونها عند الأعراب ، وربما مكثوا سنين طويلة .
وهذا من توفيق له الله أن جعل في محنته منحة .
وقد وقع نحو هذا لكثير الفضلاء الذي ابتلوا بالسجن ؛ فوفقوا للحفظ، وقراءة كثير من الكتب المطولة التي ما كان يخطر لهم على بال أن يتمكنوا من قراءتها .
-
قال أبو نعيم في الحلية 9/138:
حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن عبدالله النسائي ثنا الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: وقف أعرابي على ربيعة، وهو يسجع في كلامه، فأعجب ربيعة كلام نفسه، فقال: يا أعرابي ما تعدون البلاغة فيكم ؟
فقال: خلاف ما كنت فيه منذ اليوم !
-
وقال الإمام المروذي في أخبار الشيوخ ص53 : سمعت عبد الوهاب بن عبد الحكم يذكر عن جامع ختن إبراهيم بن أبي نعيم عن الوليد قال : وسمعت الأوزاعي يقول: من حضر سلطانا، فأمر بأمر ليس بحق، ولا يتخوف فيه الفوت، فلا يكلمه فيه عند تلك الحال، ليخل به، وإذا رأيته يأمر بأمر يخاف فيه الفوت = فلا بد لك من كلامه أصابك منه ما أصابك .
قلت : ما أعظم هذا الفقه .
-
وقال الإمام المروذي في أخبار الشيوخ ص112: سمعت نوح بن حبيب القُومسي يقول: سمعت وكيعا يقول: لما مات أبو يوسف القاضي بعث إلينا هارون ، قال: فجئت أنا وابن إدريس وحفص ، فقعدنا في سفينة إلى بغداد ، فلما دخلنا على هارون كان بابن إدريس ارْتِعاش ، قال : فازداد ابن إدريس على بابه ، فجعل ينفض يديه ، قال: وإذا هارون قعد على سرير ومعه تركي عريض الوجه ، عظيم البطن ، أو قال : كبير البطن .
قال : قلت: لم يجد أحد يقعد معه إلا هذا التركي ؟!
قال: فتكلم هارون ، فلما رأى ما بابن إدريس ، قال: ليس في ابن إدريس حيلة ، أو ليس ينتفع به .
قال : ثم أقبل على حفص فأراد أن يصيره قاضي القضاة ، فأبى عليه حفص ،وجعل يراده ويكلمه ، وحفص يأبى ، قال: فأرادونا فأبينا عليه ، وجهدوا فأبينا ، فتكلم التركي وإذا هو من أفصح قريش لسانا ، ثم قال: لو ولّى أمير المؤمنين عليكم مثل أبي السرايا ،وأبي الرعد وحمادا البربري ، وذكر غير واحد = لقلتم إن أمير المؤمنين ظالم ، ولى علينا من لا ينبغي ، وإذا دعاكم إلى أن يصيركم أبيتم عليه ، قال: فلم يزل بحفص حتى قال له : إن كان ولا بد فكن على الكوفة ، واقعد في بيتك .
قال وكيع: سألت عن التركي ، فقالوا : ذاك عيسى بن جعفر [بن أبي حعفر المنصور].
قلت: كلام عيسى صحيح ، فقد كان امتناع بعض الصالحين من تولي بعض المناصب سببا لدخول من لا يحمد في دين ولا عقل ولا مروءة = فنتج عنه ضررٌ عامٌ بسببِ ظنِ مصلحةٍ خاصةٍ .
-
قال أبو نعيم في حلية الأولياء 4/229: حدثنا عبدالله بن محمد ثنا عبدالرحمن بن محمد ثنا هناد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: إن الرجل ليتكلم بالكلام على كلامه المقت ينوي به الخير =فيُلقي الله له العذر في قلوب الناس حتى يقولوا: ما أراد بكلامه إلا الخير .
وإن الرجل ليتكم الكلام الحسن لا يريد به الخير= فيُلقي الله في قلوب الناس حتى يقولوا: ما أراد بكلامه الخير .
-
قال أبو نعيم في حلية الأولياء 2/264:
حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عباس بن الفضل الأسقاطي قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حصن بن أبي بكر الباهلي .
وحدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا عثمان بن عمر الضبي قال ثنا القاسم بن أمية الحذاء قال ثنا الحكم بن سنان كلاهما عن يحيى بن عتيق قال: قلت: لمحمد بن سيرين الرجل يتبع الجنازة لا يتبعها حِسبة ، يتبعها حياء من أهلها له في ذلك أجر ؟
قال: أجر واحد ؟! بل له أجران: أجر لصلاته على أخيه ، وأجر لصلته الحي.
-
قال الحافظ أبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1/335:
حدثني هشام قال الحافظ أبو زرعة الدمشقي حدثني هشام قال: حدثنا مغيرة بن مغيرة عن رجاء بن أبي سلمة عن خالد بن دريك قال: كانت في ابن محيريز خصلتان ، ما كانتا في أحد ممن أدركت من هذه الأمة: كان أبعد الناس أن يسكت عن حق بعد أن يتبين له [حتى يـ]ـتكلم فيه ، غضب فيه من غضب ، ورضي من رضي ، وكان من أحرص الناس أن يكتم من نفسه أحسن ما عنده.
وهو في الحلية 5/144 والتصويب منه .