[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
بل هم ينقلون
- وبلغ بهم الاستخفاف أنَّهم نقلوا -
كما في "طبقات الشعراني"
أنَّ رابعة العدوية قالت
لما قرئ عندها
قول الله تبارك وتعالى :
{ وفاكهة مما يتخيرون
ولحم طير مما يشتهون } ،
قالت :
يَعدوننا بالفاكهة والطير كأنَّنا أطفال !!!
نعوذ بالله مِن الاستخفاف،
سواء صحَّ عنها أنَّها قالت ذلك أو لم يصح ،
فالمهمُّ :
مَن نقل هذا الكلام :
فهو مقرٌّ بهذا الاستخفاف
بنعيم الله عز وجل وبجنته .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فالتناقض - كما قلنا –
أنَّهم ينقلون مثل هذا الكلام ؛
مع نقلهم أنَّ فلاناً اشتهى الشواء أربعين سنَة ،
وهذا اشتهى الحلوى كذا سنة .
ماذا يريد هؤلاء الزنادقة مِن مثل هذه الأمور ؟
سنتعرض للهدف إن شاء الله :
وهو إسقاط التعبدات ،
بعد أنْ نستكمل بعض قراءات مِن كتاب المالكي ،
هذا الذي - كما قلنا - لم يطلع عليه بعض النَّاس ،
أو ربما رأوه ولم ينتبهوا لما فيه ،
ولم يردَّ عليه أحدٌ ،
ونحن نقول لهؤلاء الخرافيين
الذين يدافعون عن "الذخائر" :
انظروا أيضاً إلى هذا الكتاب ،
واجمعوا فكر الرجل مِن جميع جوانبه ،
ثم انظروا أيضاً ما هي صلته بالإسلام ،
أو بالتصوف الذي هو الدين القديم .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول المالكي في صفحة (145)
قال "رويم" :
مكثتُ عشرين سَنَة
لا يعرِض في سرِّي ذكر الأكل حتى يحضر ! .
يعني :
مِن زهده لا يعرض له في خاطره ذكر الأكل
إلا إذا حضر أمامه .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أولاً :
هذا أمرٌ لم يتعبدنا الله عز وجل به ،
والله عز وجل ذكر الطعام في القرآن ،
وإن كان يخطر ببالِ كلِّ إنسان ،
وورَدَ ذكره في أحاديث كثيرة
- وليس هنا المجال لحصرها -
وليس هناك ما يعيب الإنسان
أن يتذكر الطعام ، أو غيره .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وأيضاً :
ليس هناك ما يرفع درجته بأنَّه لا يتذكر الطعام ؛
لأنَّ الله سبحانه وتعالى لم يتعبدنا بهذا ،
ثمَّ هذا عملٌ وأمرٌ لو حصل لأحدٍ فهو أمرٌ خفيٌّ ؛
لأنَّ الخواطر في القلب ،
فلماذا يظهرُها ويخبر النَّاس بها ؛
إلا وهم - والعياذ بالله -
يحرصون على أن يشتهروا ، أو يُعرفوا .
فهذا العمل الذي لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم ،
ولم يفتخر به الأنبياء :
يأتي مثل هذا الرجل فيذكرونه في الرياء الكاذب ،
هذا هو الرياء الكاذب حقّاً .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ومن الرياء الكاذب أيضاً :
ما ينقله عن بعضهم أنَّه قال في صفحة (146) :
منذ ثلاثين سنة ما تكلمت بكلمةٍ
أحتاج أن أعتذر منها .
وينقل في صفحة (147) عن آخر :
منذ عشرين ما مددتُ رجلي في الخلوة ،
فإنَّ حسن الأدب مع الله تعالى :
أولى .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وبعد هذا الكلام :
قد تقولون : هذه فرعيَّات *!
نعم ،
لكن نربطها بمنهج الرجل .
يعلِّق المالكي على هذا القول الأخير ، يقول :
فإنَّ قيل :
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمدُّ رجلَه في الخلوة ،
وكان أحسن العالمين أدباً ؟
قلنا – أي : المالكي - :
شأن أهل المعرفة أبسط ،
وأوسع من شأن أهل العبادة ،
ولكن لا إنكار عليهم في تضييقهم على أنفسهم ؛
لأنَّ ذلك مقتضى أحوالهم .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
لاحظِ العبارة
" شأن أهل المعرفة أبسط وأوسع من شأن أهل العبادة "!!!! ،
يعني : النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن أهل المعرفة ؛
فشأنه أبسط ،
وأوسع مِن أهل العبادة ،
فيمدُّ رجله
لكنَّ أهل العبادة
لا إنكار عليهم في تضييقهم على أنفسهم ؛
لأنّ ذلك مقتضى أحوالهم !! .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هذه الحال ،
وقضية الحال عند الصوفيَّة ،
وأنَّ الولي يُسلَّم له حاله ،
لا يُعترض على حاله ،
هذه جعلوها طاغوت ،
وركَّبوا عليها مِن القضايا البدعيَّة والشركيَّة
الشيءَ الكثير جدّاً ،
فكون هذا صاحب حالٍ :
لا يُعترض على حاله ؛
لأنَّه صاحب عبادة ،
وهذا صاحب معرفة ! ،
هذا مِنَ العوام ،
وهذا مِن الخاصَّة !
والحال يسلَّم للخاصة !
وفرقٌ بين هذا الرجل وبين غيره
فما كان حلالاً في حقِّ هذا :
فهو حرامٌ في حقِّ الآخر ،
وما كان حسنُ أدبٍ مع هذا :
فهو سوء أدبٍ مع الآخر !! .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ولذلك ينقل في صفحة (149) ، يقول :
إنَّ "الشبلي" - وهو مِن أئمَّتهم -
لا نعلم له مسنداً سوى حديثٍ واحدٍ
عن أبى سعيد رضيَ الله تعالى عنه ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال
"القَ اللهَ عزَّ وجلَّ فقيراً ، ولا تلْقَهُ غَنِيّاً" ،
قال : يا رسولَ الله كيف لي بذلك ؟
قال : هو ذاك ، وإلا فالنَّار" !.
يقول المالكي :
إن قيل :
كيف تجب النَّار بارتكاب أمرٍ مباحٍ في الشرع ؟
قلنا :
حال بلال ، وطبقته مِن الفقراء تقتضي ألا يدَّخروا !
فمتى خالفوا مقتضى حالتهم :
استوجبوا العقوبة على الكذب في دعوى الحال ،
لا على كسبهم ، وادِّخارهم الحلال ! .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
إذاً هنا قضيَّة تشريعيَّة مهمَّة ،
هنا مناط تكليف ،
ومناط تشريع يختلف ،
ليس المناط أو متعلق التكليف
هو أنَّه مسلمٌ ، عاقلٌ ، بالغٌ ، حرٌّ ،
لا ،
أيضاً هناك مناط آخر وضعته الصوفيَّة ،
هل هو صاحب حال ؟
أو صاحب عبادة مِن العامة ؟
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
إنْ كان مِن أهل الشريعة ،
من أهل العبادة ، مِن العامة :
فهذا في حقِّه الأشياء حلال،
لكن إن كـان مِـن أصحاب الأحوال :
فهذا حتى مجرد جمع المال : حرام !
فإمَّا أن يلقى الله عز وجل فقيراً ،
وإلاَّ فليدخل النَّار ،
كما وضعوا هذا الحديث المكذوب
على رسول صلى الله عليه وسلم ،
فيقول - كما يقول المالكي - :
"متى خالفوا مقتضى حالهم :
استوجبوا العقوبة على الكذب في دعوى الحال ،
لا على كسبهم" !! .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يعني :
بلال رضيَ الله عنه وأرضاه
لو جمع مالاً حتى صار غنيّاً :
يدخل النَّار ويعذب
لا على أنَّ المال الذي جمعه حرام
– هو حلال نعم -
لكن على أنَّه مخالف للحال!
كيف يدَّعي حالاً ولا يوافقها !؟
فأية دعوى التي ادعاها بلال ؟ وأية حال ؟
هذه هي المشكلة ؛
أن القوم يضعون تشريعات ، وتقنينات
أصلها مأخوذ من أولئك الزنادقة .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ويأتي في صفحة (151) :
ينقل عن رجل يقال له
"أبو أحمد المُغازَلي" ،
يقول : خطر على قلبي ذكرٌ مِن الأذكار ،
فقلت :
إن كان ذِكرٌ يُمشى به على الماء فهو هذا ،
فوضعتُ قدمي على الماء : فثبتت ،
ثم رفعتُ قدمي الأخرى لأضعها على الماء
فخطر على قلبي كيفية ثبوت الأقدام على الماء
فغاصتا جميعاً !!
أرأيتم هذا الذكر خطرَ على قلبه ،
لا هو مِن "صحيح البخاري" ،
ولا هو مِن "المواهب اللدنيَّة"
التي يرجع إليها هؤلاء الخرافيُّون ،
ولا من السيوطي ، ولا مِن ابن عساكر ،
ولا مِن "الحِلية" ،
إنَما خطر على قلبه ! .
وهنا نقف عند قضية خطيرة في منهج التصوف ،
والتي أشرنا إليها ،
وهي قضية التلقِّي – العلم اللدنِّي - المباشر عن الله .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هم يقولون :
حدَّثني قلبي عن ربِّى ،
ويقولون : أنتم - أي : أهل السنَّة والجماعة –
تأخذون علمَكم ميِّتاً عن ميِّت -
حدثنا فلان عن فلان عن فلان ،
كله ميِّت عن ميِّت -
ونحن نأخذ علمَنا عن الحيِّ الذي لا يموت !!
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وأنا أقول :
إنَّ الحيَّ الذي لا يموت إلى يوم يبعثون
- كما أنبأ الله تعالى - :
هو إبليس
وأنَّه لاشك أنَّ الصوفيَّة
يأخذون هذه الوسوسات مِن إبليس ؛
وإلا كيف خطر على قلب هذا الرجل
ذِكرٌ مِن الأذكار؟
ما هو هذا الذِّكر ؟
ما مدى مشروعيته ؟
ما مدى صحته ؟
لا ندري
فيقول في نفسه :
إن كان ذِكراً يمشى به على الماء فهو هذا ،
ثمَّ يضع قدمه على الماء ،
ثم يمشي على الماء .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
انظروا هذه الخرافات ،
يَنقلها هذا الرجل ، ويقرُّها ،
لا أقصد أن هذه الخرافات في ذاتها فقط خرافة ،
إنَّما أقصد أن نربطها بمنهج الرجل
- منهجه في التلقي -
وهو الاستمداد مِن العلم المتلقَّى اللدنِّي ،
والاستمداد مِن المنامات ،
ومِن الأحلام
- كما يأتي أيضاً بعض إيضاح لذلك - .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ثم ينقل - مِن جملة ما ينقل -
عن إبراهيم الخَوَّاص صفحة (239) ،
يقول :
إنَّ الخوَّاص قال :
سلكتُ البادية إلى مكة سبعة عشر طريقاً ،
منها طريقٌ مِن ذهب !
وطريقٌ مِن فضَّة !
ثم يقول علوي مالكي :
فإنْ قيل :
وهل في الأرض طرقٌ هكذا ؟ ،
قلنا : لا ؛
ولكن هذا مِن جهة
كرامات الأولياء!
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
مَن منكم يفهم هذا الكلام
أو يتخيله في عقله ؟
لكن أنتم مخطئون إذا استخدمتم العقل ؛
لأنَّ الصوفيَّة لا تؤمن بالعقل أصلا ،
بل ولا بالنقل ،
الصوفيَّة تؤمن بالكشف ،
وبالذوق ،
فأنتم ما ذقتم- ولا أنا – شيئاً ،
ما تذوقنا أنَّنا نمشي في البادية إلى مكة سبعة عشر طريقاً ،
منها طريقٌ مِن ذهب ، وطريقٌ مِن فضة ،
إذا قلنا مشينا إلى مكة مَا رأينا شيئاً ،
قالوا : أنتم لست أصحاب حال ،
أنتم مِن العامَّة ، أصحاب شريعة ؛
لكن نحن أصحاب حقيقة !
نرى هذه الطرق ،
فهذه مِن كرامات الأولياء !
هكذا ينقل محمَّد علوي مالكي ،
يستشكل ،
ثمَّ يأتي بالجواب
الذي يعتقد أنَّه جوابٌ مفحِمٌ ، مُسكتٌ .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وينقل عن أخت داود الطائي ،
أنَّها قالت له - وهذا يذكرنا بما يفعله عُبَّاد الهنود ،
كما ذَكَر البيروني وغيره
مما هو معروفٌ عنهم الآن مِن تعاليم النفس – :
لو تنحيتَ مِن الشمس إلى الظلِّ –
[ يعني : ] تقول : انتقل مِن الشمس إلى الظل -
فقال :
هذه خُطىً لا أدري كيف تُكتب .