[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول محمد علوي مالكي في هذا الكتاب
- صفحة (134) -
عن السري السَقَطي – يقول :
رأيتُ كأنِّي وقفتُ بين يدي الله عز وجل ،
فقال : يا سري !
خلقتُ الخلقَ فكلُّهم ادَّعوْا محبتي ،
فخلقتُ الدنيا فذهب منِّي تسعةُ أعشارهم !
وبقيَ معي العشر ،
قال:
فخلقتُ الجنَّة فهرب منِّي تسعةُ أعشار العشر ،
فسلَّطتُ عليهم ذرةً مِن البلاء ؛
فهرب تسعةُ أعشار عشر العشر!
فقلتُ للباقين معي :
لا الدنيا أردتم ،
ولا الجنَّة أخذتم ،
ولا مِن النَّار هربتم ،
فماذا تريدون ؟
قالوا : إنَّك لَتعلم ما نريد !
فقلتُ لهم :
فإنِّي مسلِّطٌ عليكم مِن البلاء بعدد أنفاسكم ؛
مالا تقوم له الجبال الرواسي ،
أتصبرون ؟
قالوا :
إذا كنتَ أنتَ المبتلي لنا
فافعل ما شئتَ .
فهؤلاء عبادي حقا.
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
لاحظوا هذا الكلام !!
متى خاطب الله السري ؟
هل كلَّم اللهُ أَحَداً بعد موسى عليه السلام ؟
هل عن طريق الوحي ؟
هل نزل جبريل على أحدٍ
بعد محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلم ؟
انظروا هذه هي الأقوال
التي أقول إنَّها أساس الخلاف بيننا وبين الصوفيَّة ،
وهو : التلقِّي ،
إنَّهم لا يتلقَّوْن مِن الكتاب والسنَّة ،
بل يتلقَّوْن مِن المخاطبة المباشرة
– علم الحقيقة ، العلم اللدني ، العلم المباشر عن الله –
كما يدَّعون أنَّ الله يكلِّمهم ،ويخاطبهم
مثل ما ذكر هؤلاء الأئمة
– خشيش ، أو الرازي ،
أو السكسكي، أو الأشعري - .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هذا الكلام ينقله محمد علوي مالكي عن السريِّ السقطي ،
فلنفرض أنَّ السريَّ السقطي أخذ هذا الكلام مِن كتاب "باتنقل"
- كتاب الهند الذي قال عنه البيروني - ،
أو كتاب "زندادست" هذا ، أو أي كتاب ،
أو أي مصدر ،
كيف ينقله محمد علوي مالكي ؟ .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
السؤال هنا للمالكي :
كيف تنقل هذا النصَّ وتقرُّه ؟
وأين هم هؤلاء
الذين يعبدون الله لا خوفا مِن النَّار ،
ولا حبًّا في الجنَّة ؟ ،
هؤلاء أفضل مِن أنبياء الله
الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم
{ إنهم كانوا يسارعون في الخيرات
ويدعوننا رغباً ورهباً
وكانوا لنا خاشعين }
والأنبياء
– صلوات الله وسلامه عليهم –
تعوَّذوا مِن البلاء
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ومتى امتحن الله تعالى الخلقَ
بعددِ ذراتِهم مِن البلاء
ما لا تصبر له الجبال الرواسي ،
وهؤلاء هم – فقط – مَن يحبُّون الله ؟
والله عز وجل
بيَّن لنا طريق محبتِه أعظمَ البيان ،
فقال الله تبارك وتعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا مَن يرتدَّ منكم عن دينه
فسوف يأتي الله بقوم
يحبهم ويحبونه
أذلةٍ على المؤمنين
أعزةٍ على الكافرين
يقاتلون في سبيل الله
ولا يخافون لومة لائم } ،
ويقول الله سبحانه وتعالى :
{ قل إن كنتم تحبون الله
فاتَّبعوني
يحببكم الله
ويغفر لكم ذنوبكم } .
فذكر أنَّهم يجاهدون في سبيل الله ،
وأنَّهم يتَّبعون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ،
هؤلاء هم الذين يحبُّون الله .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وننتقل إلى نصٍّ آخر ،
يقول محمد علوي مالكي
صفحة (135)
- في هذا الكتاب المختار -
نقلاً من كلام علي بن موفق ،
يقول :
قال اللهمَّ إن كنتَ تعلم
أنِّي أعبدك خوفاً مِن نارك
فعذِّبني بها!
وإن كنتَ تعلم أنِّي أعبدك حبّاً لجنتك
فاحرمني منها !
وإن كنتَ تعلم أنِّي أحبُّك حبّاً منِّي لك ،
وشوقاً إلى وجهك الكريم :
فأبِحْنيه ،
واصنع بي ما شئت !!!
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هذا كلام عجيب !
يعني أدعية النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلم الكثيرة
في الاستعاذة مِن النَّار،
وما أمرنا به سبحانه وتعالى
أن نقوله في القرآن
{ ربنا آتنا في الدنيا حسنة
وفى الآخرة حسنة
وقنا عذاب النَّار }،
ودعاء الذين ذكرهم الله تعالى
في آخر سورة آل عمران
{.. فقنا عذاب النَّار } ،
هذه كلها باطل !
ولهو !
ولعب !
عند الصوفيَّة !
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والصحيح ،
والدين الحق – عندهم - :
هو المحبة المطلقة ،
كما قلنا : العشق المطلق ،
يعني : كلمة "ثيوصوفية" ،
عِشق الله عِشقاً مطلقاً ، محبة مطلقة ،
هذه هي التي كانت عند الهنود ،
وهذه التي ينقلها محمد علوي مالكي وجماعته ،
ويقولون : إنَّهم لا يشتهون الجنَّة ،
وإنَّهم زهَّاد في الدنيا ،
ومع ذلك ينقل هو - المالكي-
في صفحة (129)
من كتابه عن بشر الحافي ،
أنَّه اشتهى الشواء أربعين سنةً!!
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أقول :
فكيف يجمع المالكي بين نقله عن هؤلاء
الذين لا يشتهون الجنَّة ،
وبين نقله عن بشر ،
وعن – أيضاً - رجلٍ يُدعى إسماعيل الدويري
أنَّه اشتهى حلوى كذا سنين .
يعني هذا التناقض كيف يوفِّق بينه هذا الرجل ؟
علماً بأنَّه
– أي : بشر الحافي رحمه الله -
مِن أمثلهم ، وأفضلهم ،
بل هو ليس صوفياً ،
إنَّما رجلٌ ، فاضلٌ ، عابدٌ .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والإمام أحمد رحمه الله
إنما أخذ على بشر أنه لم يتزوج ،
وهذا مأخذ شرعي ،
رحم الله الإمام أحمد في ذلك ،
فهو يثبت لبشر الحافي التعبُّد ، والزهد ، والورع ،
ولكنَّه لأنَّه لم يتزوج :
فقد عدَّه الإمام أحمد مخالفاً للسنَّة في هذا .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ونعود إلى كلام المالكي
نستعرض ما في هذا الكتاب
الذي سمَّاه كما قلنا
"المختار من كلام الأخيار" ،
والأخيار عند الصوفيَّة
هم البهاليل ،
أو المجانين ،
أو المجاذيب منهم !!
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول في صفحة (142)
عن إبراهيم بن سعد العلوي ،
يقول : مِن كراماته :
معرفة ما في الخاطر،
والمشي على الماء ،
وحرَّك شفتيه فخرجت الحيتان مِن البحر
مدَّ البصر رافعةً رؤوسها ،
فاتحةً أفواهها ..إلى أخره ،
يعني :
إبراهيم هذا كان يعرف ما في الخاطر ،
وكان يستطيع أن يمشى على الماء،
وكان يجمع الحيتان مدَّ البصر بحركة مِن شفتيه !!
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
مثل هذه الكرامات - علم الغيب -
هذا يربطنا بقضيةٍ كبيرةٍ جداً
تعرَّض لها هؤلاء الخرافيُّون الأربعة
– وهمالرفاعي ، والبحريني ، والمغربييْن -،
تعرضوا لهذه القضية ،
وهيَ قضية : أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب !
ودافعوا عن علوي مالكي في ذلك.
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
الصوفيَّة حينما يدَّعون
أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب ،
وحين يُكثرون من الكلام على معجزات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم :
يريدون أن يثبتوا بذلك الكرامات الأولياء ؛
لأنَّهم يقولون كل ما ثبت للنَّبيِّ معجزة :
فهو للولي كرامة ،
فإذا أيقنتَ ، وآمنتَ أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب :
فيجب عليك – تبعاً –
أنْ توقن ، وأنْ تؤمن بأنَّ الأولياء يعلمون الغيب أيضاً ،
لأنَّ هذه للنَّبيِّ معجزة ، وهذه للوليِّ كرامة ،
والفرق بينهما :
أنَّ النَّبيّ يدعي النُّبوة ،
والوليُّ لا يدعيها
وأما ظاهر أو صورة الخارق للعادة :
فهي صورة واحدة
، وهذا سيأتي له بسط إن شاء الله فيما بعد.
المقصود :
أنَّ هـذا الرجـل ينقـل هـذا الهراء ،
وهذه الخرافات ،
ويسميها كرامات.
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ونستمر معه أيضا في صفحة (144)
يتكلم عن النُّوري
ويقول سئل النُّوري عن الرضا،
فقال :
عن وجدي تسألون أم عن وجد الخَلق ؟
فقيل : عن وجدك ،
فقال : لو كنتُ في الدرك الأسفل مِن النَّار :
لكنتُ أرضى ممن هو في الفردوس!!
نسأل الله العافية .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
معنى كلامه هذا :
إنَّه لو وضعه الله عز وجل في الدرك الأسفل مِن النَّار :
سيكون أرضى عن الله تعالى ،
وعمَّا هو فيه ممن هو في الفردوس !!
لماذا هذا الرضا ؟
يَظنون أنَّهم بهذا يرتفعون عن درجة العامَّة ،
هم خاصة الله ، أهل الرضا ،
محبتهم بلغت بهم إلى هذا الحد
مِن محبة الله بزعمهم ،
أمَّا العامَّة ،
ومنهم – في نظرهم ،
والعياذ بالله -: الأنبياء
فهؤلاء يخافون مِن النَّار ، ولا يرضون بها ،
هم بزعمهم أعلى درجةً مِن الأنبياء !
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وحصلت لهم أحداث
تدل على كذبهم في ذلك ؛
فإنَّ "سامون" ،
وقيل : إنَّه "رويم"
لما أراد أن يَمتحن محبته ،
فصنع بيتاً من الشعر فقال :
لم يــبق لي في سـواك بد
فكيفما شئتَ فامتحنيِّ
فامتحنه الله بعسر البول ،
فحبس بوله عن الخروج ،
فكان يصرخ في الطريق ،
وينادي الصبيان ،
ويقول : احثوا التراب على عمِّكم المجنون ،
أو انظروا إلى عمكم المجنون .
هذه بعض الأمثال ،
نسأل الله سبحانه وتعالى العافية ،
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ولا يدَّعي كما يدَّعي هؤلاء الزنادقة
- وهم فعلاً زنادقة -
يعتقدون عبادة الله عز وجل بالحب وحده ،
وكما نعلم جميعاً
أن السلف قالوا :
مَن عَبَد الله بالخوف وحده فهو : حروري
- يعني : خارجي مِن الخوارج – ،
ومَن عَبَد الله بالحبِّ وحده فهو : زنديق ،
ومَن عبده بالرجاء وحده فهو : مرجئ ،
ومَن عبده
بالخوف والرجاء والحب فهو :
السنيِّ .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فمن عبده بالحب وحده فهو زنديق
وهذا يتفق عليه مع ما ذكره أصحاب الفرق ،
أو المؤلِّفون في الفرق وهم :
الإمام خشيش ، والأشعري ، والرازي ، والسكسكي
- هؤلاء كلهم أئمَّة فرَقٍ وذكرنا النُّقول عنهم -
في أنَّ هؤلاء زنادقة ،
فهذه العبارة أيضاً تتفق مع ذلك ،
فما كان المدَّعون للحبِّ المجرد عند السلف إلا زنادقة ؛
لأنَّهم يُبطنون ، ويخرجون جزءاً مهمّاً جدّاً
مِن أعمال القلوب مِن تعبداتها ،
مِن أنواع العبادات العظمى ،
وهي : عبودية الرجاء ،
وعبودية الخوف ،
فيسقطونها بالحب .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والله سبحانه وتعالى - كما قلنا -
ذكر عن أنبيائه أنَّهم يسألونه الجنَّة ،
ويستعيذون به من النَّار ،
وإمام الموحدين
إبراهيم عليه السلام
يقول كما في سورة الشعراء :
{ واجعلني من ورثة جنة النعيم }.
فكيف يدَّعي هؤلاء
أنَّهم أعظم مِن خليل الرحمن - سبحانه وتعالى -
وأعلى درجةً ،