[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
إذاً الصوفية نستطيع أن نقول أننا الآن أمام أساس
– وسيأتي عرض آخر يبين هذه القضية -
هذه الكلمة
وأنَّه غير إسلامي أصلاً ،
وغير عربي أصلاً ،
وإنَّما هو دينٌ آخر .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
نرجع لكتاب البيروني ؛
مثلاً :
أفتح معك إلى صفحة (51) ،
الكتاب الآن بين يديَّ ،
في صفحة (51) يقول :
إذا كانت النَّفس مرتبطةً في هذا العالم ،
والخلاص – خلاص النفس – مِن العالم ،
وانقطاعها عنه ، ..
كيف أنَّ الهنود يحاولون أن ينقطعوا عن الدنيا ،
وأن يتحدوا بالجوهر الأسمى
– وهو الله سبحانه وتعالى -
يتحدث عن هذا الموضوع
بكلام فيه صعوبة.
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
إنَّما المقصود من ذلك :
أنَّه يقول : إن هناك كتاب هندوسي اسم الكتاب "باتنقل" ،
وأنا سألت بعض إخواننا - هنا -
الهنود عن كتاب "باتنقل" ،
يقول : إنَّ الكتاب معروف إلى الآن ،
وأنَّه مِن كتب الأديان عند الهندوس ،
وفي إمكانكم أنْ تسألوا إذا كان لكم إخوة ،
أو ناس في أمريكا - حتى من الهندوس -
أنْ تسألوهم عن الكتاب .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
كتاب "باتنقل" هذا
يقول البيروني
- بعد أن تكلم عن قضية الاتحاد هذه -
يقول :
وإلى مثل هذا إشارات الصوفية في العارف
إذا وصل إلى مقام المعرفة ؛
فإنَّهم يزعمون - أي : الصوفية –
أنَّه يحصل له روحان :
قديمة لا يجري عليها تغير ، أو اختلاف ،
بِها يعلم الغيب !
ويفعل المعجز ! ،
وأخرى بشرية للتغير ، والتكوين ،
ما يبعد عن مثله
أقاويل النصارى .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
لاحظ أنَّ البيروني يربط بين كلام الصوفية ،
وبين أقاويل النصارى ،
وأنَّهم يقولون :
إنَّ العارف له روحان :
روح أزليَّة ثابتة ، وروح حادثة ،
وهي التي تعتريها البشرية ،
أي: كما قال النصارى
في عيسى بن مريم عليه السلام !! .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وأنا في إمكاني الآن أنْ أقرأ عليك
ما يدل على هذه العقيدة عند الصوفية :
يقول إبراهيم الدسوقي المتوفى سنة 676هـ ،
وهو مِن أكبر الطواغيت الصوفيَّة
المعبودين حالياً في مصر ،
وهو وصل عندهم إلى درجة القطبية العظمى
– وسنشرح لك إن أمكن ما معنى القطب الأعظم ،
وما هي خصائصه - ،
يقول الدسوقي
– كما في ترجمته من "طبقات الشعراني" –
الجزء الأول صفحة (157) :
قد كنتُ أنا ،
وأولياء الله تعالى أشياخاً في الأزل ،
بين يدي قديم الأزل ،
وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وإن الله عز وجل
خلقني مِن نور رسول الله
صلى الله عليه وسلم
– يعني في الأزل - ،
وأمرني أن أخلع على جميع الأولياء ،
فخلعتُ عليهم بيدي – يعني : ألبسهم
– فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا إبراهيم أنت نقيبٌ عليهم
– أي: على الأولياء -.
يقول :
فكنتُ أنا ، ورسول الله صلى الله إليه وسلم ،
وأخي عبد القادر
– يعني : عبد القادر الجيلاني شيخ القادرية - خلفي ،
وابن الرفاعي
- يعني : أحمد الرفاعي شيخ الرفاعية -
خلف عبد القادر ،
ثم التفت إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وقال :
يا إبراهيم سر إلى مالك – خازن النيران -
وقل له يغلق النيران ،
وسر إلى رضوان - خازن الجنة –
وقل له يفتح الجنان ،
ففعل مالك ما أُمر به ،
وفعل رضوان ما أُمر به ****!!…
إلى آخر ما ذكره من الكلام .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
نعود إلى البيروني :
انتقل إلى صفحة (66) من الكتاب
– إن كان الكتاب عندك – :
يقول : وإلى طريق "باتنقل " - هذا الهندي الذي سبق ذكره -
ذهبت الصوفية في الاشتغال بالحق،
فقالوا : مادمتَ تشير فلستَ بموحدٍ ؛
حتى يستولي الحقُّ على إشارتك بإفنائها عنك ،
فلا يبقى مشيرٌ، ولا إشارةٌ –
أي :
"وحدة الوجود الكاملة " - .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ويقول :
ويوجد في كلامهم ما يدل على القول بالاتحاد ؛
كجواب أحدهم عن الحقِّ ،
وكيف لا أتحقق مَن هو أنا بالإنيَّة ،
ولا أنا بالأَيْنِيَّة .
هذا كلام أحد أئمَّة التصوف
سُئل عن الله
فأجاب بأنه هو يعني نفسه ! .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وقول أبي بكر الشبلي
- وهو مِن أئمَّة التصوف – يقول :
اخلع الكلَّ تصل إلينا بالكلية فتكون ولا تكون ،
إخبارك عنا
– يعني : الكلام الذي تقوله هو عنَّا - ،
وفعلُك فعلُنا .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وكجواب
- والكلام ما يزال للبيروني -
أبي يزيد البسطامي ،
وقد سئل بم نلت ما نلت ؟
قال : إنِّي انسلختُ مِن نفسي ،
كما تنسلخ الحيَّةُ مِن جلدها ،
ثم نظرتُ إلى ذاتي
فإذا أنا هو .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وقالوا
في قول الله تعالى :
{ فقلنا اضربوه ببعضها } :
إنَّ الأمر بقتل الميت لإحياء الميت :
إخبارٌ أنَّ القلب لا يحيا بأنواع المعرفة
إلا بإماتة البدن بالاجتهاد ،
حتى يبقى رسماً لاحقيقة له ،
وقلبك حقيقة ليس عليه أثر مِن المرسومات .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وقالوا :
إنَّ بين العبد وبين الله ألف مقام مِن النُّور والظلمة ،
وإنَّما اجتهاد القوم في قطع الظلمة إلى النُّور ،
فلمَّا وصلوا إلى مقامات النُّور :
لم يكن لهم رجوعٌ .
انتهى كلام البيروني
وهو يقول
إن هذا الكلام بعينه هو كلام الهنود
وهو الذي سار عليه أئمة التصوف .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أقول :
إنَّ الثابتَ مِن الكتب
التي كتبها كثيرٌ مِن المعاصرين عن الصوفية ،
ومِن القدماء:
أنَّ أولَّ مَن أسَّـس التصوف : هم الشيعة ،
وأنَّ هناك – بالذات – رجليْن
كانا لهما دورٌ في ذلك :
الأول : يسمَّى "عبدك" ،
والثاني : يسمَّى "أبو هاشم الصوفي" ،
أو أبو هاشم الشيعي،
فـ "عبدك" ، و"أبو هاشم"
هؤلاء هما اللذان
أسَّـسا دين التصوف .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
عندما نريد أن نتحدث عن "عبدك" ،
وعن أبي هاشم :
ننتقل إلى مصدرٍ مهمٍّ جدّاً
مِن مصادر الفِرَق الإسلاميَّة
وهو كتاب "التنبيه والرد"
لأبي الحسين الملْطي الشافعي
رحمه الله.
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ومِن المهم جدّاً مِن الناحية الوثائقيَّة
أنْ تعرف أنَّ كتاب الملطي هذا
منقولٌ
عن كتاب الإمام خشيش بن أصرم
- وهذا رجلٌ ، عالِمٌ ، إمامٌ ، ثقةٌ ،
وهو شيخ الإمام أبي داود ، والنسائي ،
وهو مِن الأئمَّة المعاصرين
للإمام أحمد توفى سنة 253هـ - ،
وهذا يعطي كتابَه أهميَّة كبيرة ؛
لأنَّه متقدم في الفترة المبكرة جدّاً
التي لم تكن كلمة صوفي فيها
قد شاعت وانتشرت ،
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فماذا قال الإمام خشيش بن أصرم رحمه الله
– كما نقل عنه الملطي- ،
ماذا قال عن هذه الفِرق – عن "عبدك" ،
وعن أبي هاشم ،
وعن جابر بن حيان الذي يقال له جابر الكيميائي –
وهو أيضاً ممن نُسب أنَّه أول مَن أسَّس التصوف
وقد قرأت له مجموعة رسائل
طبعها أحد المستشرفين
يظهر فيها بجلاء أنَّ الرجل شيعي تماماً ،
وقد عاش جابر في القرن الثاني- .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
قال أبو الحسين الملطي رحمه الله تعالى :
قال أبو عاصم خشيش بن أصرم
– قال سفر : والإسناد عنه في أول الكتاب -
في افتراق الزنادقة يقول :
فافترقت الزنادقة على خمس فرق ،
وافترقت منها فرقة على ست فرق ..
إلى أن يقول :
ومنهم - أي:من أقسام الزنادقة – "العبدكية" ،
زعموا أنَّ الدنيا كلَّها حرامٌ محرَّم ،
لا يحل الأخذ منها إلا القوت ،
من حين ذهب أئمَّة العدل ،
ولا تحل الدنيا إلا بإمام عادل ،
وإلا فهي حرام ،
ومعاملة أهلها حرام ،
فحِلٌّ لك أن تأخذ القوت من الحرام ،
مِن حيث كان !
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وإنَّما سمُّو "العبدكية" :
لأنَّ "عبدك" وضع لهم هذا ،
ودعاهم إليه ،
وأمرهم بتصديقه .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول:
ومنهم الرَّوْحانيَّة ،
وهم أصناف ،
وإنَّما سمُّوا "الروحانية" ؛
لأنَّهم زعموا أنَّ أرواحهم تنظر إلى ملكوت السموات ،
وبها يعاينون الجِنان – أي : الجنات –
ويجامعون الحور العين ،
وتسرح في الجنة ،
وسمُّوا أيضاً :
"الفكرية " لأنَّهم يتفكرون – زعموا –
في هذا حتى يصلون إليه ،
فجعلوا الفكر بهذا غاية عبادتهم ،
ومنتهى إرادتهم ،
ينظرون بأرواحهم في تلك الفكرة
إلى هذه الغاية
فيتلذذون بمخاطبة الله لهم ،
ومصافحته إياهم ،
ونظرهم إليه – زعموا –
ويتمتعون بمجامعة الحور العين ،
ومفاكهة الأبكار ، على الأرائك متكئين ،
ويسعى عليهم الولدان المخلَّدون
بأصناف الطعام ،
وألوان الشراب ،
وطرائف الثمار …إلى آخره .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول :
ومنهم صنف مِن الرَّوْحانيَّة زعموا
أنَّ حُبَّ الله يغلب على قلوبهم ،
وأهوائهم، وإرادتهم
حتى يكون حبُّه أغلب الأشياء عليهم ؛
فإذا كان كذلك عندهم :
كانوا عنده بهذه المنـزلة :
وقعت عليهم الخُلة مِن الله
فجعل لهم السرقة ، والزنا ،
وشرب الخمر ، والفواحش كلها
على وجه الخُلة التي بينهم وبين الله
لا على وجه الحلال
– يعني : تحل لهم على وجه أنَّهم أخلاء لله ،
وسيأتي على هذا نقولٌ كثيرةٌ وشواهد
تدل على ذلك عند الصوفية –