[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
المقصود :
أن بعضكم - بعض الشباب هناك في أمريكا وغيرها -
يحسبون أنَّ التصوف مجرد زهد ، أذكار ،
احتقار لمتاع الدنيا الفاني ،
وبعضهم قد يتعاطف مع المتصوفة بناءً على هذا الاعتبار ،
الحقيقة يا أخي :
ليس التصوف هو المولد ،
وليس هو مجرد الذِّكر ،
وليس هو الزهد
- كما يدَّعون - ،
وإنَّما الصوفية هي دينٌ آخر ،
هي عالَمٌ آخر ،
إذا دخله الإنسان وبدأ فيه :
فعليه أن يخلع عقلَه عند عتبة الدخول ،
وهناك يدخل في عالم غريب ،
عالَمٌ يخيل إليك - عندما تقرأ في كتب طبقاتهم ، ورجالهم
- تماماً أنَّك تقرأ في القصص الخرافيَّة ،
مثل سيف بن ذي يزن ، مثل عنترة ،
وكتب الأسمار، والأخبار ،
وغير ذلك .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والذي أحب أنْ أقوله :
أنَّ كتاب الرفاعي ، وكتاب البحريني ،
وكتاب المغربييْن هؤلاء ؛
أنَّه جاء على خلاف الأصل
عند الصوفية ،
كيف هذا ؟
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
الأصل عند الصوفية :
أنَّ مصدر التلقِّي ،
ومصدر المعرفة ؛
ليس هو الحديث ،
ليس هو القرآن والسنَّة ؛
حتى يأتي هؤلاء فيقولون :
الله تعالى قال كذا ،
والرسول صلى الله عليه وسلم قال كذا ،
وصحيح أنكم أنتم تضعِّفون الحديثَ ؛
لكن نحن نصححه !
والمسألة : خلافية ،
ولا داعي للتكفير !
لماذا يكفِّر بعضُنا بعضاً في مسألة خلافية ؟
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
حديث نحن صححناه ، وأنتم ضعَّفتموه ،
أو العكس ،
فالمسألة بسيطة ،
ونحن نهتم بحرب الصهيونيَّة ، والشيوعيَّة ،
ولا نختلف فيما بيننا …-
من مثل هذا الافتراء والدجل - .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أقول :
منهج هؤلاء النَّاس :
ليس هو هذا ،
أنت ترثي الإنسان عندما يحارب في غير ميدانه ،
أو عندما يتكلف ما لا قِبَل له به .
فالأصحاب هناك مع المريدين والشيخ
يرقصون في الحضرة !
ويتلقون العلم اللدنِّي
- كما يسمُّونه -
العلم الحقيقي مباشرة ،
وهذا جالس يقول :
هذا الحديث صحيح ، وهذا ضعيفٌ ، وهذا كذا !
هذا خلاف الأصل ،
هو مفروض أن يكون يرقص معهم
يتلقَّى من هناك العلم على زعمهم .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فأقول لك :
إنَّ كلامك في قضية "أنك تقول :
إن بعض الطلبة الكويتيين قالوا :
إن هاشم الرفاعي ليس هو الذي كَتَبَ الكتاب" ،
نعم ،
الحقيقة أنَّ معهم حقٌّ في ذلك
لأنَّ أسلوب الكتاب يذكِّرني
ببعض كتبٍ كتَبَها أناسٌ مِن المبتدعة ،
وردُّوا بها على أهل السنَّة قبل خمس عشر سنة ،
أو نحو ذلك ،
وبعضهم أعرِف أنَّه موجودٌ في الكويت ،
فلا شك أنَّ هناك تعاوناً ،
ومِن أدلة التعاون :
هذا التظافر الموجود ؛ هذا مِن المغرب ،
وهذا مِن البحرين ،
وهذا مِن الكويت ،
وقالوا : واحدٌ – أيضاً – مِن مصر ،
وواحدٌ مِن اليمن ،
يقولون :
ستخرج - كما هو مذكور في هذه الكتب - .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
أقول:
إنَّ هذا ليس أسلوب الصوفيَّة أصلاً ،
أن يأتوا إلى الحديث ، ويصحِّحوه ، ويضعِّفوه ؛
ليأخذوا منه الحقيقة ،
وليأخذوا منه العلم ،
لا .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
"الحلاج" - إمامهم المتقدم –
الذي قُتل بالزندقة -
بعد أن ثبت ذلك عنه –
ما كان يعتكف يتعبَّد ، ويدعو الله عز وجل ،
فتنكشف له بعض الأشياء – مثلاً –
ويقول : هذا علمٌ أطلعني الله عليه
لا ،
ذهب إلى الهند ،
ورأى سحرة الهند
يقف الواحد منهم على رأسه الأيام الطويلة
بدون أكل ، ولا شرب ، ولا نوم ،
فتعلَّم هذه الرياضة منهم ،
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فإذا وقف على رأسه هذه الفترة :
يدخل في المرحلة التي يسمونها ( المالوخوليا )
تأتي له صور ، وخيالات مِن الجوع ،
ومِن هذه الانتكاسة ،
ومِن الشياطين ،
ويخيَّل له بأشياء ، ومخاطبات، وكلام ،
فيقول :
الله خاطبني !
أو الرب كلَّمني !
أو كذا ،
ثمَّ يترقَّى إلى أنْ يقول : أنا الله !!
ما في الجبَّة إلا الله !!
أو سبحاني سبحاني !!
– كما قال هو ، والبسطامي وغيرهم - ،
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ويقول
– كما هو ثابت مِن أبياته في ديوانه - :
كفرتُ بدين الله والكفـرُ واجبٌ
لديَّ وعند المسـلمين قبيحُ
ومرةً ثانيةً ينتكس ، ويقول :
على دين الصليب يكـون موتي
فلا بطحاء أريـد ولا المدينة
يعني :
يذكر أنَّه صليبيٌّ
– والعياذ بالله - ،
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فنفس ما وقع للحلاَّج !
عندما يقول هذا الكلام :
قام علماء السنَّة
فكفروه بناءً على هذه الكفريات الشنيعة ،
فقام المدافعون عنه
– مثل ما قام الرفاعي يدافع عن المالكي –
وتأولوا بعد أن عمل هذا العمل ،
قالوا – أي: المتأولة – انتظروا لم تكفروه ؟
نحن نأتي لكم بأدلة !
ثمَّ قالوا : نعم ،
أبو نعيم في "الحلية" روى كذا ،
أيضاً : عندنا ابن عساكر روى كذا ،
عندنا كذا ،
بعض هذه الأشياء استنتجوها ،
وبحثوا عنها ،
وجدوها بعد أن قُتل الحلاج بسنواتٍ طويلةٍ ،
الحلاج لا قرأها، ولا اطَّلع عليها ،
ولا قال ما قال
لأنَّه اطَّلع على الكتاب والسنَّة ،
ثم استنتج منها هذا الاستنتاج ،
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
بل أنا أضرب لك مثالاً
فيه كتاب عندنا عن تاريخ الدولة الظاهرية
اسمه "الدرَّة المضيئة"
- موجود عندي ، والحمد لله -
يذكر فيه أولَّ ما بدأتْ كلمة "سيدنا"
- أشهد أنَّ سيدنا محمَّداً رسولُ الله ،
متى بدأت هذه الكلمة في الأذان-
يذكر أنَّ أحد سلاطين المماليك
رأى في المنام الرسول صلى الله عليه وسلم ،
فقال له : إذا أذَّنتَ فقل
- أو قل للمؤذِّن إذا أذن يقول -
أشهد أنَّ سيدنا محمَّداً رسول الله ،
فلما استيقظ السلطان هذا ؛
أمر المؤذنَ أنْ يقول ذلك ،
فسمعها بعضُ الخرافيِّين ،
والصوفيَّة فقالوا :
رؤيا حسنة،
فاستحسنوا ذلك .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
نحن الآن في هذا العصر عندما نقول :
هذه الكلمة لا تضاف في الأذان ؛
يقولون : كيف لا تضاف ،
وعندنا أحاديثُ صحيحةٌ
على أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم ،
وأنَّه كذا ، وأنَّه كذا ؟
وأنتم تنكرون سيادة الرسول !
أنتم تكرهون الرسول !
أنتم تعادون الرسول !
فيهاجموننا بهذا الكلام ؛
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
بينما أصلُ القضية
لم يكن أنَّهم قرؤوا البخاري ومسلم ،
وجدوا أحاديث السيادة ،
وضعوها في الأذان ،
أصلها رؤيا ،
فالصوفيَّة تعتمد
في مصدر التلقِّي
على المنامات ،
على الأحلام ،
على التخيُّلات ،
على التكهنات ،
على ما يسمونه "الذوق" ،
أو الوَجْد ،
أو الكشف ،
هذا هو مصدرالقوم .
فبعد ذلك يأتي مَن يفلسف هذه الأشياء
التي ثبتت عندهم ،
ووصلتهم من هذا الطريق،
يأتي من يفلسفها ويقول إنَّ لها أصلاً ،
إنَّها تقوم عليها الأدلة الشرعيَّة ،
إنَّها مأخوذة مِن الكتاب والسنَّة ،
ثم يزعمون - كما زعم الرفاعي -
أنَّهم هم أهل السنَّة والجماعة ،
وهم الذين على الحق ،
وأنَّ المخالفين لهم :
مِن الخوارج ، أو مِن الغلاة ،
أو مِن المتنطعين ،
أو مِن التكفيريين ،
إلى آخر هذا الهراء.
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أقول :
إنَّني سأستعرض معك الآن بعضَ الكتب
التي تدل على أصل التصوف ،
مثلاً بين يدي الآن كتاب للبيروني
"تحقيق ما للهندي من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" ،
الكتاب ألَّفه أبو الريحان البيروني ،
وهو ليس مِن أئمَّة أهل السنَّة والجماعة ،
هو رجلٌ ، مسلمٌ ، مؤرِّخٌ ،
تستطيع أن تقول – بالأحرى – جغرافيٌّ ،
ومتكلمٌ ، ومتفلسفٌ ،
ذهب إلى الهند يبحث عن أديانها ،
وعن عقائدها ، ويكتب عن جغرافيتها ،
وعن أرضها، وعن علومها ؛
هذا الرجل ألَّف الكتاب ،
وذكر فيه حقائق لا يمكن أن يُتهم
بأنَّه تواطأ فيها مع أهل السنَّة والجماعة .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
مثلاً :
يقول في صفحة (24) ،
منهم :
مَن كان يرى الوجودَ الحقيقي للعلة الأولى فقط ،
لاستغنائها بذاتها فيه ، وحاجة غيرها إليه ،
وأنَّ ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره :
فوجوده كالخيال غير حقٍّ ،
والحقُّ هو الواحد الأول فقط ،
وهذا رأي السوفية – كتبها بالسين - ،
وهم الحكماء ،
فإنَّ سوف باليونانية : (الحكمة)
وبها سمي الفيلسوف : بيلاسوفا ،
أي : محب الحكمة ،
ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريبٍ مِن رأيهم
–أي : رأي حكماء الهند - سُمُّو باسمهم – أي: الصوفيَّة - ،
ولم يَعرف اللقبَ بعضُهم
فنسبهم للتوكل إلى الصُفَّة
وأنَّهم أصحابها في عصر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ،
ثمَّ صُحِّفَ بعد ذلك ،
فصُيِّر مِن صوف التيوس ! الخ .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ويقول بعد ذلك :
إنَّ المنصرف بكليته إلى العلة الأولى
متشبهاً بها على غاية إمكانه :
يتحد بها عند ترك الوسائط ،
وخلع العلائق ، والعوائق .
ويقول - في الوحدة هذه "وحدة الوجود" - :
وهذه آراء يذهب إليها السوفية لتشابه الموضوع .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يتكلم عن ديانة الهند ،
وعن فلاسفة الهند - هؤلاء الملاحدة - ،
ثم يذكر أنَّ الصوفيَّة يذهبون إليها لتشابه الموضوع .
فالرجل يقول :
إن الصوفيَّة هم حكماء الهند ،
وأنَّ اسمهم هو "السوفية" ،
وأنَّ ما يُطلق عليهم مِن الأسماء ،
أو يُطلق عليهم مما حدث للاسم مِن التصحيف
– فقيل : إنَّه مِن الصوف أو غير ذلك - :
هذا ليس له حقيقة .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والقشيري نفسه في "الرسالة" يقول :
ليس للاسم أصل في اللغة العربية
- والقشيري مِن أئمَّة الصوفيَّة له كتاب "الرسالة" –
وهو صادقٌ في ذلك .
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هناك مصدر آخر ،
ننتقل - مثلاً - إلى "دائرة المعارف الإسلاميَّة"
- كما سمَّاها المستشرقون -
وهي دائرة معارف استشراقية :
مادة "التصوف" ، الجزء الخامس :
ذكروا أنَّ كلمة "الثيوصوفيا" - الكلمة اليونانيَّة -
يقولون :
هذه هي الأصل كما ينقل كاتبها "ماسنيوم" عن عدد المستشرقين ؛
بأنَّ أصل التصوف : هو مشتق مِن "الثيوصوفية" ،
وهذه "الثيوصوفية" كما يذكر – أيضاً – عبد الرحمن بدوي ،
وينقل عن مستشرق ألماني (فول هومر) يقول :
إن هناك علاقة بين الصوفية ،
وبين الحكماء العراة مِن الهنود ،
ويكتب باللغة الإنجليزية ( جانيوسوفستز)
و"سوفستز" يعني : الصوفيين هؤلاء
إذا ربطنا هذه مع "الثيوصوفية"
– أي : الصوفية –
التي نقول (الثيو) معناها الله عز وجل في لغتهم،
فمثلاً الحكم الثيوقراطي يعنى الحكم الإلهي
( الثيوصوفية ) عشاق الله ،
أو محبو الله سبحانه وتعالى ،
الفيلسوفي هذا : عاشق الحكمة –
"فيـلا" معناها : حكمة - ،
أو محب الحكمة .
عاشق الله
- كما يدَّعون ،
وكما يزعمون -
يسمَّى : الصوفي .