تمايز صحة نظم التراكيب في إطار الرتبة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في هذين التركيبين اللذين يتمايزان من حيث صحة النظم في إطار الرتبة نظرا لاختلاف منزلة المعنى بين أجزاء التراكيب .
نقول:نحب الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم.
ولا نقول:نحب الرسول صلى الله عليه وسلم والله تعالى.
التركيب الأول هو التركيب السليم ،حيث يتقدم الله تعالى على رسوله الكريم نحو الفعل نحب بحسب الأهمية المعنوية والفضل والشرف والزمن والطبع ،وأسباب تقديم الله تعالى أكثر من أسباب تقديم الرسول الكريم ،يليه في المحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ،والواو تفيد الترتيب في الذكر والواقع ،أما التركيب الثاني فهو غير سليم لأن إجازته تعني أن حب الرسول صلى الله عليه وسلم يتفوق على حب الله تعالى في القلوب،بسبب تقديم الرسول الكريم على لفظ الجلالة نحو الفعل نحب بحسب قوة العلاقة المعنوية،وهذا لا يرتضيه المسلم ،لأن منزلة المعنى لا تسمح بذلك،كما أن أسباب التقديم غير موجودة ،كما هو الحال في تقديم لفظ الجلالة ،فلا يتقدم بالضابط المعنوي،ولكن إن حصل مثل هذا التقديم في الشعر مثلا فإننا نقول إن التقديم بالضابط اللفظي من العام إلى الخاص ،أو من الأقل أهمية إلى الأهم ،وقد يكون التقديم من أجل تساوي الفواصل القرآنية ،كما هو الحال في قوله تعالى:فألقي السحرة سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى بتقديم هارون على موسى عليهما السلام ، والتقديم بالسبب اللفظي والترتيب من العام إلى الخاص ،عدولا عن الأصل،ومثلما قال الشاعر سحيم عبد بني الحسحاس:
عميرة ودع إن تجهزت غازيا/كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
بتقديم الشيب على الإسلام بالضابط اللفظي.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها.