حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فإن الزيادة في ضروريات الدين القطعية وشعائره ;
كالناقص منها ،
يخرجه عن كونه هو الدين الذي جاء خاتم النبيين
عن الله تعالى القائل فيه
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } ،
فهو تشريع ظاهر مخالف لنص إكمال الدين،
وناقض له،
ويقتضي أن مسلمي الصدر الأول
كان دينهم ناقصاً أو كفاراً .
وقد ورد أن أبا بكر وعمر وابن عباس رضي الله عنهم
قد تركوا التضحية في عيد النحر
لئلا يظن الناس أنها واجبة ،
كما ذكره الإمام الشاطبي في الاعتصام وغيره [1].
أفلا يجب بالأولى
ترك حضور هذه الحفلات المولدية ،
وإن خليت من القبائح ، واشتملت على المحاسن )
=========
[1] - انظر ص 276 ، ج 2 ، من " الاعتصام " .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
إلى أن قال :
( فكيف إذا كانت مشتملة على بدع ومفاسد أخرى ،
كالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
في سيرته وأقواله وأفعاله ،
كما هو المعهود في أكثر القصص المولدية ،
التي اعتيد التغني بها في هذه الحفلات .
وأما القيام عند ذكر وضع أمه له صلى الله عليه وسلم ،
وإنشاد بعض الشعر أو الأغاني في ذلك ،
فهو من جملة هذه البدع ،
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقد صرح بذلك
الفقيه ابن حجر المكي الشافعي،
الذي يعتمد هؤلاء العلويون على كتبه في دينهم
فقال عند ذكر الإنكار على من يقوم عند قرآءة
{ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ }[1] ،
لما ورد في ذلك ،
بسبب قد زال
ما نصه :
( ونظير ذلك فعل كثير عند ذكر مولده صلى الله عليه وسلم ،
ووضع أمه له من القيام ، وهو أيضاً بدعة
لم يرد فيه شيء )
إلى أن قال
( فإن البدعة التي تعتريها الأحكام الخمسة ،
ويقال أن منها حسنة وسيئة ،
هي البدع في العادات ،
وأما البدع في العبادات
فلا تكون إلا سيئة ،
كما صرح به المحققون ) [2] اهـ .
=========
[1] - سورة النحل ، الآية : 1 .
[2] - انظر ج 5 ، ص 2112 ، من فتاوى رشيد رضا .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ثم ذكر المالكي الوجه الثاني فقال :
الوجه الثاني
أن القيام لأهل الفضل مشروع ثابت بالأدلة الكثيرة من السنة ،
إلى آخر قوله .
ونقف معه عند هذا الوجه وقفتين :
إحداهما :
أن القيام في مجالس المولد
لم يكن لأهل الفضل بصورة محسوسة ،
كدخول ذي فضل أو علم أو جاه مجلس قوم ما ;
فيقوم أهل ذلك المجلس احتراماً وتقديراً لذلك الداخل ;
ليسلموا عليه ويصافحوه ،
وإنما القيام في مجالس الموالد
لأمر ادعائي وهمي ،
لا يمكن لأي مجتمع ذي وعي عقلي أن يقرّه ،
أو يضفي عليه صفة التصرف العقلي المقبول ،
فإذا أضيف إلى هذا القيام
ما ينبغي أن تشتمل عليه هيئة تلك المجالس
من وضع بخور وطيب في وسط حلقة الجلوس ،
وماء معطر ويستحسن أن يكون من زمزم ;
لتقوم الحضرة النبوية عند حضورها بالشرب من ذلك الماء ،
والتطيب من ذلك الطيب ،
كملت عندنا صورة التصرف اللاعقلي .
وإن أنكر المالكي ما للطيب والماء والبخور
من قصد مخصوص بالحضرة النبوية ،
فإن لتقية الروافض رائحة فيما يكتب .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقفة الثانية :
عند قوله :
إن القيام لأهل الفضل مشروع وثابت بالأدلة الكثيرة من السنة .
ونقول للمالكي
بأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ،
فكما أن هناك أدلة من السنة قد تدل على مشروعية القيام ،
فإن هناك أدلة شرعية أخرى صريحة وواضحة
تدل على خلاف ذلك ،
ومنها ما روى الترمذي بإسناده
عن أنس رضي الله عنه ،
قال :
لم يكن شخص أحب إلينا
من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وكانوا إذا رأوه لم يقوموا ;
لما يعلمون من كراهته لذلك.
وقال حديث حسن صحيح غريب ،
وقد أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم ،
وقد ذكره الحافظ في الفتح
وذكر تصحيح الترمذي له ،
وأقره على تصحيحه .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وروى الترمذي أيضاً بإسناده إلى أبي مجلز ،
قال خرج معاوية ،
فقام عبدالله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه ،
فقال : اجلسا
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
من سرّه أن يتمثل له الرجال قياماً
فليتبوأ مقعده من النار .
قال الترمذي وهذا حديث حسن .
وقد أخرجه أحمد وأبو داود .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وللترمذي عن أبي أمامة قال :
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئاً على عصا ،
فقمنا ،
فقال :
لا تقوموا كما تقوم الأعاجم ،
يُعظم بعضها بعضا .
وأخرجه أيضاً أبو داود وابن ماجه .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
قال الشيخ عبدالرحمن المباركفوري
في كتابه " تحفة الأحوذي "
في حكم القيام
شرحاً لهذه الأحاديث ما نصه :
اعلم أنه قد اختلف أهل العلم
في قيام الرجل للرجل عند رؤيته ،
فجوّزه بعضهم كالنووي وغيره ،
ومنعه بعضهم كالشيخ أبي عبدالله بن الحاج المالكي ، وغيره .
وقال النووي في الأذكار :
وأما إكرام الداخل في القيام ،
فالذي نختاره أنه مستحب ،
لمن كان فيه فضيلة ظاهرة ،
من علم أو صلاح أو شرف أو ولاية ونحو ذلك ،
ويكون هذا القيام للبر والإكرام والاحترام ،
لا للرياء والإعظام ،
وعلى هذا استمر عمل السلف والخلف ،
وقد جمعت في ذلك جزءاً ،
جمعت فيه الأحاديث والآثار
وأقوال السلف وأفعالهم الدالة على ما ذكرته ،
وذكرت فيه ما خالفها ،
وأوضحت الجواب عنه ،
فمن أشكل عليه من ذلك شيء ،
ورغب في مطالعته ،
رجوت أن يزول إشكاله ،
انتهى .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
قلت ،
وقد نقل ابن الحاج ذلك الجزء في كتابه " المدخل " ،
وتعقب على كل ما استدل به النووي ،
فمن أقوى ما تمسك به
حديث أبي سعيد عند الشيخين :
إن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد ،
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فجاء فقال :
قوموا إلى سيدكم الحديث .
وقد أجاب عنه ابن الحاج بأجوبة منها :
إن الأمر بالقيام لغير ما وقع فيه النزاع ،
وإنما هو لينزلوه عن دابته ،
لما كان فيه من المرض ،
كما جاء في بعض الروايات ،
انتهى .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
قال الحافظ :
قد وقع في مسند عائشة عند أحمد
من طريق علقمة بن وقاص عنها ،
في قصة غزوة بني قريظة ،
وقصة سعد بن معاذ ومجيئة مطولاً،
وفيها قال أبو سعيد:
فلما طلع قال النبي صلى الله عليه وسلم :
قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ،
وسنده حسن .
وهذه الزيادة تخدش الاستدلال بقصة سعد
على مشروعية القيام المتنازع فيه ،
انتهى .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ومما تمسك به النووي
حديث كعب بن مالك في قصة توبته وفيه :
فقام إليّ طلحة بن عبدالله يهرول،
فصافحني وهنأني.
وأجاب عنه ابن الحاج ;
بأن طلحة إنما قام لتهنئته ومصافحته ،
ولو كان قيامه محل النزاع لما انفـرد به .
فلم ينقـل أن النبي صلى الله عليه وسلم قام له ،
ولا أمر به ،
ولا فعله أحد ممن حضروا ،
وإنما انفرد طلحة لقوة المودة بينهما ،
على ما جرى به العادة ،
أن التهنئة والبشارة و نحو ذلك ،
تكون على قدر المودة والخلطة ،
بخلاف السلام
فإنه مشروع على من عرفت
ومن لم تعرف .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ومما تمسك به النووي حديث عائشة ،
قالت :
( ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ودلاً وهدياً
برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة ،
كانت إذا دخلت عليه قام إليها ،
وأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه ،
وكان إذا دخل عليها قامت إليه
فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها ) .
أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم ،
وأجاب عنه ابن الحاج
باحتمال أن يكون القيام لها
لأجل إجلاسها في مكانه إكراماً لها ،
لا على وجه القيام المنازع فيه ،
لا سيما ما عرف من ضيق بيوتهم،
وقلة الفرش فيها ،
فكانت إرداة إجلاسه لها في موضعه
مستلزمة لقيامه .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ومما تمسك به النووي
ما أخرجه أبو داود عن عمرو بن الحارث ،
أن عمر ابن السائب حدثه
أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً يوماً ،
فأقبل أبوه من الرضاعة ،
فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه ،
ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر ،
فجلست عليه ،
ثم أقبل أخوه من الرضاعة
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأجلسه بين يديه .
وأجاب عنه ابن الحاج
بأن هذا القيام ،
لو كان محل النزاع
لكان الوالدان أولى به من الأخ ،
وإنما قام للأخ إما لأن يوسع له في الرداء أو المجلس .
قلت
هذا الحديث معضل
كما صرح به ابن المنذري في تلخيص السنن ،
فلا يصلح للاستدلال .
وتمسك النووي بروايات أخرى ،
وأجاب عنها ابن الحاج
بأنها ليست من محل النزاع .
والأمر كما قال ابن الحاج ،
وأجاب النووي عن أحاديث كراهية قيام الرجل للرجل ،
بما لا يشفي العليل ،
ولا يروي الغليل
كما بينه ابن الحاج مفصلاً .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
قلت
حديث أنس المذكور
يدل على كراهية القيام المتنازع فيه ،
وهو قيام الرجل للرجل عند رؤيته ،
وظاهر حديث عائشة يدل على جوازه ،
وجواب ابن الحاج عن هذا الحديث غير ظاهر ،
واختلف في وجه الجمع بينهما ،
فقيل حديث أنس محمول على كراهة التنزيه ،
وقيل هو محمول على القيام على طريق الإعظام ،
وحديث عايشة على القيام من سفر ،
أو للتهنئة لمن حدثت له نعمة ،
أو لتوسيع المجلس ،
فهو جائز بالإتفاق .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
نقل العيني في شرح البخاري
عن أبي الوليد بن رشد ،
أن القيام على
أربعة أوجه :
الأول محظور،
وهو أن يقع لمن يريد أن يُقام له تكبراً
أو تعاظماً على القائمين إليه.
والثاني مكروه ،
وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين ،
ولكن يخشى أن يدخل نفسه لسبب ذلك ما يحذر ،
ولما فيه من التشبه بالجبابرة.
والثالث جائز،
وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام
لمن لا يريد ذلك ،
ويؤمن معه التشبه بالجبابرة .
والرابع مندوب ،
وهو أن يقوم لمن قدم من سفر، فرحاً بقدومه ،
يُسلم عليه ،
أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها ،
أو مصيبة فيعزيه بسببها ،
انتهى .
وقال الغزالي
القيام على سبيل الإعظام مكروه ،
وعلى سبيل البر والإكرام لا يُكره ،
قال الحافظ في الفتح
هذا تفصيل حسن ) اهـ [1] .
============
[1] - انظر الجزء الثامن " تحفة الأحوذي " ، ص 29 – 33 .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وذكر الوجه الثالث بقوله :
الوجه الثالث :
ورد في الحديث المتفق عليه
قوله صلى الله عليه وسلم خطاباً للأنصار :
قوموا لسيدكم .
وهذا القيام كان تعظيماً لسيدنا سعد رضي الله عنه ،
ولم يكن من أجل كونه مريضاً ،
وإلا لقال قوموا إلى مريضكم ،
ولم يقل إلى سيدكم ،
ولم يأمر الجميع بالقيام ،
بل أمر البعض .اهـ .
هذا الحديث أجاب عنه ابن الحاج إجابة
ذكرها ابن حجر في الفتح فقال :
وقد اعترض عليه الشيخ أبو عبدالله بن الحاج ،
فقال ما ملخصه:
لو كان القيام المأمور به لسعد هو المتنازع فيه;
لما خص به الأنصار ،
فان الأصل في أفعال القُرَب التعميم ،
ولو كان القيام لسعد على سبيل البر والإكرام ،
لكان هو صلى الله عليه وسلم أول من فعله ،
وأمر به من حضر من أكابر الصحابة ،
فلمّا لم يأمر به ، ولا فعله ولا فعلوه ;
دل ذلك على أن الأمر بالقيام
لغير ما وقع فيه النزاع ،
وإنما هو لينزلوه عن دابته ،
لما كان فيه من المرض ،
كما جاء في بعض الروايات ،
ولأن عادة العرب أن القبيلة تخدم كبيرها ،
فلذلك خصَّ الأنصار بذلك دون المهاجرين ،
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
مع أن المراد بعض الأنصار لا كلهم ،
وهم الأوس منهم ،
لأن سعد بن معاذ كان سيدهم دون الخزرج ،
وعلى تقدير تسليم أن القيام المأمور به
حينئذ لم يكن للإعانة ;
فليس هو المتنازع فيه ،
بل لأنه غائب قدم ،
والقيام للغائب إذا قدم مشروع .
قال :
ويحتمل أن يكون القيام المذكور
إنما هو لتهنئته بما حصل له من تلك المنزلة الرفيعة ،
من تحكيمه والرضا بما يحكم به ،
والقيام لأجل التهنئة مشروع أيضاً .
إلى آخر ما ذكره مما يطول إيراده .[1] .
============
[1] - انظر الجزء 11 ، ص 51 ، فتح الباري شرح صحيح البخاري .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فهذا الوجه والوجه الثاني والوجه الرابـع ;
كلها تدور حول حكـم القيـام للرجـل ،
للتقدير والإكرام والإجلال ،
ولا يخفى ما في المسألة من خلاف بين أهل العلم ،
و قد ذكر ابن حجر رحمه الله
في شرحه حديث الأمر بالقيام لسعد رضي الله عنه
ملخص ما في المسألة من خلاف ،
وما بين العالمين الكبيرين النووي وابن الحاج
من أخذ ورد في الموضوع ،
جرى منا ذكر ملخصه
فيما ذكره المباركفوري
في كتابه " تحفة الأحوذي " .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ثم ذكر المالكي الوجه الخامس بقوله :
الوجه الخامس
قد يقال :
إن ذلك في حياته وحضوره صلى الله عليه وسلم ،
وهو في حالة المولد غير حاضر .
فالجواب عن ذلك :
إن قارئ المولد الشريف مستحضر له صلى الله عليه وسلم
بتشخيص ذاته الشريفة ،
فهو عليه الصلاة والسلام
قادم في العالم الجسماني من العالم النوراني ;
من قبل هذا الوقت بزمن الولادة الشريفة ،
وحاضر عند قول التالي :
فولد صلى الله عليه وسلم ، بحضور ظلي ،
هو أقرب من حضوره الأصلي ،
ويُؤيد هذا الاستحضار التشخيصي و الحضور الروحاني
أنه عليه الصلاة والسلام متخلق بأخلاق ربه ،
وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي :
أنا جليس من ذكرني .
وفي رواية أنا مع من ذكرني .
فكان مقتضى تأسيه بربه ، وتخلقه بأخلاقه ،
أن يكون صلى الله عليه وسلم حاضراً مع ذاكره
في كل مقام يذكر فيه بروحه الشريفة ،
ويكون استحضار الذاكر ذلك
موجباً لزيادة تعظيمه صلى الله عليه وسلم .اهـ .
لنا مع المالكي في هذا الوجه الذي ذكره
وقفتان :
الوقفة الأولى :
عند قوله :
قد يقال إن ذلك في حياته وحضوره صلى الله عليه وسلم
وهو في حالة المولد غير حاضر .
إننا نؤكد على المالكي
إن كان محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولسنـّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما يرغبه ،
وينشرح له صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ;
أن يرجع إلى الأحاديث الصحيحة الثابتة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيما رواه أنس وأبو أمامه ومعاوية ،
فهي صريحة في نهيه صلى الله عليه وسلم عن القيام ،
ومعرفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أن ذلك
مما يكرهه صلى الله عليه وسلم ،
وأنهم لذلك لا يقومون له
إذا حضر مجلسهم ،
هذا في حياته صلى الله عليه وسلم ،
فإذا افترضنا أن روحه صلى الله عليه وسلم
تشترك مع المحتفلين بالمولد ;
فهل من الأدب مع روحه صلى الله عليه وسلم
أن نقابلها بما تكره ؟
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ثم إننا نكرر ما قلناه
بأن المالكي يتخبط فيما يقول
- وإن كنا نعذره في ذلك ،
لأن هذه عادة وطريقة أهل البدع والمحدثات -
فتارة يقول إن القيام تعظيم لكمال تصوره صلى الله عليه وسلم في الذهن ،
ومثلنا لمسألة التصور والقيام تعظيماً لذلك التصور
بما يعطي الكفاية من الإزدراء والسخرية بعقول أهل هذا النظر .
وتارة يقول بحضور روحه الشريفة مجالس الذكر ،
وذكرنا خطأ هذا الاعتقاد
وخطورة القول به على العقيدة ،
وأنه أوسع الأبواب للدجل
والابتداع
والتخريف
وانتهاك حرمات العقول .