دور الضابطين :المعنوي واللفظي في استعمال ذي النون وصاحب الحوت في القرآن الكريم
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ، كما هو الحال في استعمال ذي النون وصاحب الحوت في القرآن الكريم بحسب الضابطين المعنوي واللفظي ،كما هو الحال في قوله تعالى:"* وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"* فاختار هنا ذا النون بحسب الأهمية المعنوية لأن السياق اللغوي في المدح ،وذو أبلغ وأشرف من صاحب ،هذا من جهة المعنى ،أما من جهة اللفظ فقد تم اختيار ذي النون بسبب الإيقاع الداخلي الجميل ،لاحظ تكرار حروف الذال والنون والظاء في الآية الكريمة ،وهذا الإيقاع لا يحدث لو جاء مكانها صاحب الحوت ،بينما يقول تعالى:"*فَاصْبِر لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ"*فاختا ر هنا صاحب الحوت لأن السياق اللغوي في اللوم والعتاب ،وكلمة صاحب أقل بلاغة وشرفا من كلمة ذي ،هذا من جهة المعنى ، أما من جهة اللفظ فاختيار صاحب الحوت يحدث إيقاعا داخليا جميلا بسبب تكرار حروف الحاء والصاد والكاف ،وهذا الإيقاع لا يحدث لو جاء مكانها كلمة ذي النون.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها ،وباختصار:الإنس ن يتحدث تحت رعاية الاهمية المعنوية وعلامات المنزلة والمكانة المانعة من اللبس.