http://majles.alukah.net/attachment....id=10490&stc=1
عرض للطباعة
حديث جابر مرفوعا:
«من صنع إليه معروف فليجز به،
فإن لم يجد ما يجزي به فليثنِ،
فإنه إذا أثنى فقد شكره،
وإن كتمه فقد كفره،
ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زور»([1]).
==========
([1]) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (69)، والترمذي (2035)،
وابن حبان (2073)، والبغوي في التفسير (8/459).
خاطرة:
الثرثرة بالنعم:
ينبغي لمن تظاهرت نعم الله عليه
أن يظهر منها ما يبين أثرها،
ولا يكشف جملتها،
وإن كان إظهارها حلوا عند النفس،
إلا أنها إن أظهرت لوديد
لم يؤمن تشعث باطنه بالغيظ،
وإن أظهر لعدو فالظاهر إصابته لموضوع الحسد،
وإن شر الحسود في حال البلاء يتشفى،
وفي حال النعم يصيب بالعين.
ولا تكن من المذاييع الغر الذين لا يحملون أسرارهم
حتى يفشونها إلى من لا يصلح،
ورب كلمة جرى بها اللسان
هلك بها الإنسان([1]).
===========
([1]) صيد الخاطر ـ ابن الجوزي ـ (122 – 123).
الاستعانة بالنعم ـ على طاعة الله،
هو ما يقتضيه الشرع والعقل،
فإن من أحسن إليك بشيء
لا يجوز أن تقابله بالإساءة إليه،
ومن فعل ذلك فهو في نظر الناس ناكر للجميل،
فكيف إذا استعان بإحسانه على الإساءة إليه،
فهو أشد جحودا للجميل([1]).
==========
([1]) النهج الأسمى ـ المجلد الأول ـ محمد النجدي ـ (297 – 304) بتصرف.
ولعلنا نقف مع آية عظيمة
وهي قوله تعالى:
{ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }
[الذاريات: 21]،
ولننظر إلى عالم هذا الإنسان المكرم،
وما وهبه الله من النعم،
وكيف نستعين بها على طاعته؟
1- نعمة الإسلام:
إن أجل نعم الله على الإطلاق
هي نعمة الدخول في هذا الدين،
هذه أم النعم،
وبغيرها فإنه لا فلاح ولا سعادة
في الدنيا ولا في الآخرة.
ومن المعلوم أن الله لا يقبل عمل عامل
إلا بشرط الإسلام،
قال تعالى:
{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ
وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[آل عمران: 85].
فهل تذكرت هذه النعمة؟!
وكيف فضلك الله على كثير من خلقه،
فهل حمدت الله على نعمة الإسلام
والتي بها سيكتب لك ـ إن شاء الله ـ النجاة من النيران،
حقا إنها أم النعم!! ([1]).
=============
([1]) التذكرة في شكر النعم ـ عبد العزيز الخطابي ـ (9 – 10).
ما أحوجنا أن نحمد الله دائما على
نعمة الإسلام ، كما قال تعالى:
{ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا
وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ }
[الأعراف: 43].
والله سبحانه وتعالى يدعونا إلى المحافظة على
نعمة الهداية للإسلام
حتى نلقى الله عليها،
قال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ
وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[آل عمران: 102]
ولأن الأمور بخواتيمها،============
ها هو ذا سيدنا يوسف عليه السلام
بعد ما آتاه الله من الملك
يدعو الله أن يتوفاه مسلما
كما قال تعالى:
{ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا
وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }
[يوسف: 101]([1]).
([1]) زاد على الطريق ـ مصطفى مشهور ـ (44 – 45).
قال تعالى:
{ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَنُبَوِّئَنَّـ ـهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا }
[العنكبوت: 58].
فهل شكرنا الله على نعمة الإيمان؟
نعمة الأخوة والصحبة الحسنة:============
هل علمت ما أعد الله للمتحابين فيه
والمتزاورين فيه ؟
قال صلى الله عليه وسلم :
«إن الله تعالى يقول يوم القيامة:
أين المتحابون بجلالي،
اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي»([1])،
وقال:
«المتحابون في جلالي
لهم منابر من نور
يغبطهم النبيون والشهداء»([2]).
([1]) أخرجه مالك في الموطأ 2/952، ومسلم (2566)،
وأحمد (7231)، وابن حبان (574)،
والدارمي (2757) من حديث أبي هريرة.
([2]) أخرجه أحمد (22080)،
والترمذي (2390) والهاشمي في مسنده (1385).
جزاكم الله خيرا
وبفضل الله ثم بسبب هؤلاء الجلساء الصالحين==============
نلت المراتب العالية.
كم كنت تغفل فيذكرونك!
وكم كنت تخطئ فيوجهونك!
وكم هم الذين استزلهم الشيطان
بسبب بعدهم عن مجالس الذكر وصحبة الأخيار!!
ثم كان مصيرهم في النهاية مؤلما!
فلنعرف قدر هذه النعمة،
ولنحرص عليها،
كما قال ربنا تبارك وتعالى:
{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ
وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا
وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا }
[الكهف: 28]([1]).
([1]) التذكرة في شكر النعم ـ (11 – 16).
وقال تعالى :===========
{ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا }
[آل عمران: 103].
وإن حياة وسط قوم
يملأ قلوبهم الحقد والغل والشحناء والبغضاء
حياة لا تطاق،
كلها هم وغم وكرب والعياذ بالله ([1]).
فالحمد لله على نعمة الأخوة في الله.
([1]) زاد على الطريق ـ (45 – 46).
نعمة البصر:
هل تتذكر كل يوم هذه النعمة الجليلة؟
فإذا قلت: نسيت،
فليكن لك عبرة في غيرك
من الذين حرمهم الله هذه النعمة.
فلتلهج الألسنة بحمد الله،
ولتكفها عما حرم الله من النظر
فيما لا يجوز النظر إليه،
قال تعالى:
{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ }
[النور: 30].
نعمة السمع:
هل تعلم أن من لم يسمع من مولده لا يتكلم؟
فنعمة السمع نسمع بها من يخاطبنا،
نسمع بها آيات ربنا سبحانه.
تصور لو أنك حرمت هذه النعمة،
كيف سيكون حالك إذا الناس حضروا لسماع محاضرة قيمة مهمة،
وأنت تأتي لتجالسهم
لتعمك رحمة وسكينة ترجوها مع القوم فقط؟!
وإياك أن تستخدم نعمة السمع فيما حرم الله
من سماع غيبة أو نميمة أو غناء محرم،
ولنحفظ هذه النعمة،
قال تعالى:
{ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ
كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }
[الإسراء: 36].
نعمة اليدين:
بهما نأكل،
وبهما نشرب،
وبهما نكتب
وبهما نميط الأذى،
وبهما نحمل فلذات أكبادنا،
وبهما نتصدق من أموالنا.
واحذروا من استعمالها في الشر،
فإنهما سيشهدان عليكم يوم القيامة،
قال تعالى:
{ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ
أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ
بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
[النور: 24].
نعمة العقل:
لقد فضلنا الله على جميع مخلوقاته بهذا العقل،
فلولاه لأصبح الإنسان كالأنعام:
إن زيارة واحدة لأحد مستشفيات الأمراض العقلية
يمكن أن تذكرك بفضلك على من سواك.
نعمة اللسان:
هل وقفت يوما تخاطب إنسانا حرم نعمة الكلام؟
إنها إشارات يومئ بها،
كيف سيكون تعامل هذا المسكين.
تصور نفسك لو صمت عن الكلام يوما كاملا
لا تتكلم فيه ولا كلمة واحدة!!
هل يكون ذلك في استطاعتك؟
فكيف بمن كان عمره كله يقضيه بلا كلام؟!
الحمد لله الذي فضلنا
على كثير ممن خلق تفضيلا.
نعمة الرجلين:
تذكر ـ أيها المسلم ـ
أن الله وهب لك رجلين لتسير بهما إلى المسجد،
ولتطوف بهما حول الكعبة.
ولو فكرت يوما بمن حرموا هذه النعمة؟
لقلت:
هنيئا لمن انطلقت رجلاه إلى المساجد
وشهدتا له يوم القيامة.
وهنيئا لمن انطلقت رجلاه لكي يدعو إلى الله،
ويا تعاسة من زلت قدماه وسارت به إلى ما حرم الله.
ويا ترى هل ستسير على الصراط يوم القيامة
فتجتازه بسرعة وسلامة؟!
نعمة الصحة:
في الحديث:
«اغتنم خمسا قبل خمس»،
وذكر منها:
«صحتك قبل سقمك،
وفراغك قبل شغلك»([1]).
كم هم الذين ينامون على الأسرة البيضاء،
فكن ممن يصرفون نعمة الصحة في الطاعة
قبل أن يفاجئك المرض،
ثم تريد أن تنشط للعبادة،
فلا تستطيع،
============
([1]) أخرجه ابن المبارك في الزهد (2)،
والحاكم 4/306، والمنذري في الترغيب 4/251.
قال صلى الله عليه وسلم :
« تعرَّف إلى الله في الرخاء
يعرفك في الشدة »([1]).
المعنى:
إن العبد إذا اتقى الله في حال رخائه وصحته
فقد تعرف بذلك إلى الله،
فعرف ربه في الشدة،
فنجاه من الشدائد بتلك المعرفة.
وهذه معرفة خاصة تقتضي القرب من الله عز وجل
ومحبته لعبده وإجابته لدعائه،
وليس المراد المعرفة العامة،
فإن الله لا يخفى عليه حال أحد من خلقه.
==============
([1]) أخرجه أحمد (2803)، والترمذي (2516)،
والبيهقي في شعب الإيمان (1074)، وفي الأسماء والصفات 75 – 76،
والطبراني في الكبير (12989).
قال الضحاك بن قيس:
اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة،
فيونس عليه السلام كان يذكر الله
فلما وقع في بطن الحوت نجاه الله،
قال تعالى:
{ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ *
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }
[الصافات: 143 - 144].
وإن فرعون كان طاغيا ناسيا لذكر الله،
فلما أدركه الغرق،
قال: آمنت،
فقال تعالى:
{ آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ
وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }
[يونس: 91 - 92].
وحديث الثلاثة الذين دخلوا الغار وانطبقت عليهم الصخرة ([1])
يشهد لهذا أيضا،
فإنهم فُرِّج عنهم بدعائهم لله
بما كان سبق منهم من
الأعمال الخالصة في حال الرخاء
من بر الوالدين،
وترك الفجور،
والأمانة الخفية.
===========
([1]) أخرجه ابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة (8)، وأحمد (18417)،
والطبراني في الدعاء (190)، وفي المعجم الأوسط (2328)،
وأبو نعيم في الحلية 4/79، والبزار (3178) من حديث النعمان بن بشير.
فإذا علم أن التعرف إلى الله في الرخاء=============
طريق لمعرفة الله لعبده في الشدة،
فلا شدة يلقاها العبد في الدنيا
أعظم من شدة الموت،
(حيث تتكاثف الشياطين
الذين يريدون أن يحولوا بين العبد وبين ختم حياته بالخير
فإن الله يعينه ويؤيده) ([1])،
وهي أهون مما بعدها
إن لم يكن مصير العبد إلى الخير،
وإن كان مصيره إلى خير
فهي آخر شدة يلقاها.
فمن أطاع الله واتقاه وحفظ حدوده في حياته،
تولاه الله عند وفاته
وتوفاه على الإيمان
وثبته بالقول الثابت في القبر عند سؤال الملكين،
ودفع عنه عذاب القبر،
وآنس وحشته في تلك الوحدة والظلمة.
([1]) التوضيح والبيان لشجرة الإيمان ـ السعدي ـ (46) بتصرف.
وكذلك أهوال القيامة وأفزاعها وشدائدها،
إذا تولى الله عبده المطيع له في الدنيا،
أنجاه من ذلك كله.
وأما من لم يتعرف إلى الله في الرخاء،
فليس من يعرفه في الشدة
لا في الدنيا ولا في الآخرة ([1]).
===========
([1]) نور الاقتباس في مشكاة وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس
ـ ابن رجب ـ (54 – 60).
نعمة الوقت:
ما أعظم شأن هذه النعمة،
وما أكثر الناس الذين يضيعونها إلا من رحم الله ـ
والمؤمن يستغل ولا يسرف ـ
واعلم أن الساعة التي تمر عليك
لا تعود إلى يوم الحساب،
فإما أن تصرفها في خير يعود عليك،
وإما أن تصرفها في شر وتجني أثر ذلك،
وإما أن تضيعها في المباحات
فيضيع عليك خير عظيم! ([1]).
============
([1]) التذكرة في شكر النعم.
ومن دقيق نعم الله على العبد،
التي لا يكاد يفطن لها،
أنه يغلق عليه بابه،
فيرسل الله إليه من يطرق عليه الباب يسأله شيئا،
ليعرف نعمته عليه،
وقال سلام بن أبي مطيع:
دخلت على مريض أعوده،
فإذا هو يئن،
فقلت له:
اذكر المطروحين على الطريق،
اذكر الذين لا مأوى لهم
ولا لهم من يخدمهم،
قال:
ثم دخلت عليه بعد ذلك فسمعته يقول لنفسه:
اذكري المطروحين في الطريق،
اذكري من لا مأوى له
ولا له من يخدمه.
من صور الشكر:
سجود الشكر:
يقول ابن تيمية رحمه الله:
لا يحرم على من كان محدثا
أن يسجد للشكر وهو على غير طهارة ([1]).
===========
([1]) الشرح الممتع على زاد المستقنع ـ ابن عثيمين ـ ج1 ـ (271).
ودليل سجود الشكر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسره
خرَّ لله ساجدا
شاكرا له عز وجل.
وذكر محمد بن إسحاق في كتاب (الفتوح)، قال:
لما جاء المبشر يوم بدر بقتل أبي جهل
استحلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثلاثة أيمان بالله الذي لا إله إلا هو،
لقد رأيته قتيلا،
فحلف له،
فخرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا.
فإن قيل:
فنعم الله دائما مستمرة على العبد،
فما الذي اقتضى تخصيص النعمة الحادثة
بالشكر دون الدائمة،
وقد تكون المستدامة أعظم؟
قيل:
الجواب من وجوه:
أحدها:
أن النعمة المتجددة تذكر بالمستدامة،
والإنسان موكل بالأدنى.
الثاني:
أن النعمة المتجددة تستدعي عبودية مجددة،
وكان أسهلها على الإنسان وأحبها إلى الله
السجود شكرا له.
الثالث:
أن النعمة المتجددة لها وقع في النفوس،
والقلوب بها أعلق،
ولهذا يهنى بها ويعزى بفقدها.
الرابع:
أن حدوث النعم يوجب فرح النفس وانبساطها،
وكثيرا ما يجر ذلك إلى الأشر والبطر،
والسجود ذل وعبودية وخضوع،
فإذا تلقى به نعمته لسروره وفرح النفس وانبساطها،
فكان جديرا بدوام تلك النعمة،
وإذا تلقاها بالفرح الذي لا يحبه الله والأشر والبطر،
كما يفعله الجهال عندما يحدث الله لهم من النعم،
كانت سريعة الزوال، وشيكة الانتقال،
وانقلبت نقمة، وعادت استدراجا،
فإن الله إذا أحدث لعبده نعمة
أحب أن يحدث لها تواضعا.
شكر من أجرى الله سبحانه النعمة على يده:
فقد أمر الله سبحانه به في قوله تعالى:
{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }
[لقمان: 14].
فأمره بشكره ثم بشكر الوالدين،
إذ كانا سبب وجوده في الدنيا،
وسهرا وتعبا في تربيته وتغذيته،
فمن عقهما أو أساء إليهما، فما شكرهما،
بل جحد أفضالهما عليه،
ومن لم يشكرهما فإنه لم يشكر الله
الذي أجرى النعم على أيديهما،
وقد قال صلى الله عليه وسلم :
«لا يشكر الله ن لا يشكر الناس»([1]).
==========
([1]) أخرجه أحمد (7504)، وأبو داود (4811)، والترمذي (1954)،
والبيهقي في السنن 6/182، وابن حبان (3407) من حديث أبي هريرة.
نبينا محمد من هاشمِ
إلى الذبيحِ دون شكٍّ ينتمي
أرسلهُ الله إلينا مرشداً
ورحمةً للعالمينَ وهدى
مولده بمكةَ المطهرة
هجرته لطيبةَ المنورة
بعد أربعين بدأ الوحيُّ بهِ
ثم دعا إلى سبيلِ ربهِ
عشرَ سنينَ أيها الناس اعبدوا
ربا تعالى شأنهُ ووحدوا
وكانَ قبل ذاك في غارِ حِرا
يخلو بذكرِ ربهِ عن الورى
وبعد خمسين من الأعوامِ
مضت لعمر سيد الأنامِ
أسرى به الله إليه في الظُلَم
وفرضَ الخمسَ عليه وحَتَم
وبعد أعوامٍ ثلاثةٍ مضت
من بعدِ معراجِ النبي وانقضت
أُذن بالهجرةِ نحو يثربا
مع كل مسلمٍ له قد صحبا
وبعدها كُلِّف بالقتالِ
لشيعةِ الكفرانِ والضلالِ
حتى أتوا للدينِ منقادينا
ودخلوا في السلمِ مذعنينا
وبعدَ أن قد بلَّغَ الرسالة
واستنقذَ الخلقَ من الجهالة
وأكملَ اللهُ به الإسلاما
وقامَ دينُ الحقِّ واستقاما
قبضهُ اللهُ العلي الأعلى
سبحانهُ إلى الرفيقِ الأعلى
نشهدُ بالحقِّ بلا ارتيابِ
بأنهُ المرسلُ بالكتابُ
وأنهُ بلَّغ ما قد أُرسلا
به وكل ما إليه أُنزلا
وكل مَنْ مِنْ بعده قد ادعى
نبوةً فكاذبٌ فيما ادعى
فهو ختامُ الرسلِ باتفاقِ
وأفضلُ الخلقِ على الإطلاقِ
منظومة سلم الوصول
للعلامة حافظ الحكمي
رحمه الله تعالى
ظاهرة الافتراق في الدين
وأدلة صحة مذهب السلف
للشيخ سلطان العميري
جزاه الله تعالى خير الجزاء
http://taseel.com/display/pub/defaul...6350&ct=3&ax=3
ويقول ابن تيمية رحمه الله:
لكن لا يبلغ من حق أحد وإنعامه،
أن يُشكر بمعصية الله،
أو أن يُطاع بمعصية الله،
فإن الله هو المنعم بالنعم العظيمة،
التي لا يقدر عليها مخلوق ([1]).
============
([1]) الحسنة والسيئة ـ ابن تيمية ـ (96).
كفر النعم:
إظهار النعمة والتحدث بها
من صفات المؤمنين الشاكرين،
وأما أن يكتم المرء النعمة،
ويظهر أنه فاقد لها إما بلسان الحال أو المقال،
فهو كفر لها،
وهو من صفات الكافرين الجاحدين.
وإنما سمي الكافر كافرا،
لأنه يغطي نعمة الله التي أسبغها عليه
ويجحدها ولا يقر بها.
وقد وصفهم الله بذلك في كتابه،
فقال:
{ يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا
وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ }
[النحل: 83].
...[ 528 ] ...
ومما لاشك فيه
أن الكفر بنعم الله تعالى
مؤذن بزوالها عمن كفر بها،
قال تعالى:
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ
فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ
فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ
بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }
[النحل: 112].
وقد قص الله سبحانه علينا قصة "سبأ"
وأنهم كانوا في نعم كثيرة،
وأموال ممدودة، وفواكه منتشرة،
وأسفار بلا أخطار،
ثم إنهم غيروا بأنفسهم فغيَّر الله سبحانه أحوالهم،
فأرسل الله عليهم سيلا عارما،
جرف أشجارهم وحدائقهم وأموالهم،
وبدلوا بعد ذلك بأشجار مُرَّة أو ذات شوك،
وأشجار لا ثمار لها،
وكان خير الأشجار التي أعطوها
(شجر السدر) وثمره يسير،
قال تعالى:
{ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا
وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ }
[سبأ: 17].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
يستعيذ من زوال النعمة في دعائه:
«اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك،
وتحول عافيتك،
وفجأة نقمتك،
وجميع سخطك»([1]).
===============
([1])أخرجه مسلم (2739)، وأبو داود (1550)،
والبغوي في شرح السنة 5/168، والحاكم 1/531.
من صور الكفران:
1- الشرك:
إن أعظم الشكر لله سبحانه هو
توحيده وعبادته وحده لا شريك له،
لأنه هو الذي خلق وأوجد من العدم،
ورزق الإنسان أرزاقا كثيرة،
ولم يشاركه في ذلك أحد،
فلا يستحق أحد العبادة معه،
ولكن أكثر الناس كما قال تعالى
أعرضوا عن هذه الحقيقة،
وجعلوا له أندادا.
فمن الشرك الذي يقع من العباد:
نسبتهم ما يحصل لهم من الأرزاق إلى المخلوقين،
قال البخاري رحمه الله في صحيحه:
باب قول الله تعالى:
{ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ }
[الواقعة: 82]،
قال ابن عباس:
شكركم.