رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (101)
الإمام مسلم و كتابه الصحيح(11)
بقية شروح مسلم:
11ــ (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم), لأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي المالكي المتوفى سنة 656 هـ, وهو شرح على مختصر له ، وقد طبع الكتاب عدة طبعات منها طبعة دار الكتاب المصري عام 1413هـ في ثلاث مجلدات ، وطبعة دار ابن كثير عام 1417هـ في سبع مجلدات
12 ــ ( المنهاج في شرح مسلم بن الحجاج) للحافظ أبي زكرياء يحيى بن شرف النووي الشافعي المتوفى سنة 670 هـ. ، وهو أشهر شروح " صحيح مسلم" .
طبع بمصر سنة 1283 في (5) أجزاء, وفي مطبعة بولاق مصر سنة 1292 على هامش (إرشاد الساري للقسطلاني), والمطبعة الميمنية مصر سنة 1325, على هامش (شرح القسطلاني), ثم طبع بعد ذلك طبعات كثيرة .
13 ــ (شرح زوائد مسلم على البخاري) للحافظ سراج الدين عمر بن علي بن الملقن), وهو كبير في أربع مجلدات .
14 ــ (منهاج الابتهاج بشرح صحيح مسلم بن الحجاج) لشهاب الدين أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني الشافعي المتوفى سنة 923 هـ , قال صاحب " كشف الظنون" : بلغ إلى نحو نصفه في ثمانية أجزاء كبار.
15 ــ (الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج), لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ, سماه: قال في مقدمته: وبعد : فلما من الله تعالى وله الفضل بإكمال ما قصدته من التعليق على (صحيح الإمام البخاري ) رضي الله تعالى عنه المسمى بـ: (التوشيح), وجهت الوجهة إلى تعليق مثله على (صحيح) الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج رضي الله تعالى عنه, مسمى: (بالديباج) لطيف مختصر, ناسج على منوال ذلك التعليق... وإذا يسر الله بإنتمامه وجهت الوجهة إلى بقية الكتب الستة, فوضعت على كل تعليقا كذلك لتحصل به المعونة, وتسهل المؤونة . اهـ . طبع عدة طبعات منها طبعة في ستة مجلدات بتحقيق الشيخ أبي إسحاق الحويني سنة 1416هـ.
16 ــ (حاشية على مسلم ) لأبي الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي السندي المتوفى سنة 1138هـ .وقد طبعت أخيرا .
17 ــ ( السراج الوهاج في كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج), لصديق حسن خان القنوجي الهندي . طبع الكتاب عدة طبعات .
18 ــ ( فتح الملهم بشرح صحيح الإمام مسلم ) للعلامة الشيخ شبير أحمد العثماني ، وقد طبع في ثلاثة مجلدات ، طبعته دار القلم ، لكنه لم يتمه ، وأتمه محمد تقي العثماني وطبعته دار القلم أيضا تحت اسم ( تكملة فتح الملهم ) وهو شرح فيه بحوث ونفائس .
19 ــ ( فتح المنعم شرح صحيح مسلم ) للأستاذ الدكتور موسى شاهين لاشين ، وهو شرح مفيد ، وقد طبعته دار الشروق في عشرة مجلدات .
20 ــ ( البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ) لمحمد بن علي بن آدم بن موسى الأتيوبي الولوي ، وهو شرح موسع ، وقد وصل فيه إلى كتاب الحج في أربعة وعشرين مجلدا ، وهو مطبوع .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (102)
الإمام أبو داود وكتابه السنن (1)
أولاً : التعريف بالإمام أبي داود.
اسمه ونسبه ومولده: هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السجستاني البصري . قال أبو عبيد الآجري سمعته يقول : ولدت سنة اثنتين ومئتين.
رحلاته العلمية :الإمام أبو داود أصله من سجستان ، وقد رحل رحلة كبيرة إلى الحجاز والشام ومصر والعراق والجزيرة والثغر وخراسان ، ثم استقر بالبصرة وأصبح محدثها ، وتوفي فيها .
وقد دخل البصرة أول مرة سنة عشرين ومئتين ، ولم يبلغ العشرين سنة .
قال الذهبي : سكن البصرة بعد هلاك الخبيث طاغية الزنج، فنشر بها العلم، وكان يتردد إلى بغداد، ووصفه بقوله : محدث البصرة .
أشهر شيوخه :
ــ إمام أهل لسنة والأثر أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد أبو عبد الله الشيباني المروزي نزيل بغداد .
ـ يحيى بن معين بن عون الغطفاني أبو زكريا البغدادي إمام الجرح والتعديل.
ــ مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي البصري أبو الحسن ثقة حافظ.
أشهر تلاميذه:
- الإمام محمد بن عيسى بن سَورَة بن موسى السلمي أبو عيسى الترمذي .
- ابنه عبدالله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود السجستاني.
- أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي راوي السنن .
ثناء العلماء عليه :
قال أحمد بن محمد بن ياسين الهروي : كان أحد حفاظ الإسلام للحديث وعلمه وعلله وسنده في أعلى درجة مع النسك والعفاف والصلاح والورع .
وقال إبراهيم الحربي : ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود عليه السلام الحديد .
وقال أبو حاتم بن حبان : كان أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً ونسكاً وورعاً وإتقاناً جمع وصنف وذب عن السنن .
وقال الحافظ موسى بن هارون: خلق أبو داود في الدنيا للحديث، وفي الآخرة للجنة.
وقال الحاكم : أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة .
وقال الذهبي : الإمام الثبت سيد الحفاظ . وقال : الإمام شيخ السنة مقدم الحفاظ .
وقال أبو طاهر السلفي : استيفاء ذكر أبي داود وفضله وتقدمه في علم الحديث عند أهله ، ومعرفته بكل نقلته، وجل حملته ووعاته ، يتعذر في هذه المقدمة فيقتصر على القليل منه الذي لا يستغنى عنه .
مؤلفاته : " السنن" ، و المراسيل" ، و " القدر ، و " الناسخ والمنسوخ" ، و " التفرد " ، و" فضائل الأنصار
، و " المسائل ، و "مسند مالك" ، و" الزهد" ، و "دلائل النبوة" ، و " الدعاء" ، و " ابتداء الوحي" ، و "أخبار الخوارج" .
وفاته – رحمه الله - :قال أبو عبيد الآجري : مات لأربع عشرة بقين من شوال سنة خمس وسبعين ومئتين(1).
(1) انظر : " سير أعلام النبلاء" للذهبي( 13/203) ، و"الوافي بالوفيات" للصفدي (15/218) ، و "تهذيب التهذيب" لابن حجر ( 1/5) ( 4/149) ، و" مقدمة معالم السنن" لأبي طاهر االسلفي – مطبوع بآخر "مختصر السنن" (8/148) و" الحطة في ذكر الصحاح الستة " لصديق خان (ص/378).
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (103)
الإمام أبو داود وكتابه السنن (2)
ثانياً : كتابه السنن ومنهجه فيه
اسم الكتاب: سماه أبو داود في رسالته لأهل مكة ( السنن ) .
مقصده من تأليفه : قصد أبو داود تخريج أحاديث الأحكام الفقهية على سبيل الاستقصاء .
قال في رسالته لأهل مكة : وإنما لم أصنف في كتاب (السنن) إلا الأحكام, ولم أصنف في الزهد وفضائل الأعمال وغيرها .
قال الذهبي : كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء، فكتابه يدل على ذلك، وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد، لازم مجلسه مدة، وسأله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول .
أصول أحاديثه : قال أبو بكر بن داسة: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس مئة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب – يعني كتاب " السنن " -، جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثماني مئة حديث ، ذكرت الصحيح، وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث :
أحدها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: " الأعمال بالنيات "
والثاني : قوله: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "
والثالث: قوله: " لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه "
والرابع:قوله " الحلال بين "...الحديث
عرضه كتابه على الإمام أحمد : قال الخطيب : يقال إنه صنف كتابه السنن قديماً وعرضه على أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه .
ثناء أهل العلم على كتابه :
قال زكريا الساجي : كتاب الله أصل الإسلام ، وسنن أبي داود عهد( عماد) الإسلام .
وقال ابن منده : الذين أخرجوا وميزوا الثبات من المعلول والخطأ من الصواب أربعة البخاري ومسلم وبعدهما أبو داود والنسائي .
وقال ابن السبكي في (طبقاته): وهي من دواوين الإسلام, والفقهاء لا يتحاشون من إطلاق لفظ الصحيح عليها,وعلى (سنن الترمذي) انتهى
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: كتاب (السنن لأبي داود)كتاب شريف لم يصنف في علم الدين كتاب مثله, وقد رزق القبول من كافة الناس, وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم, وعليه معول أهل العراق ومصر وبلاد المغرب, وكثير من أقطار الأرض, فكان تصنيف علماء الحديث قبل (أبي داود) الجوامع والمسانيد ونحوها, فيجمع تلك الكتب إلى ما فيها من السنن والأحكام, أخبارا وقصصا ومواعظ وأدبا, فأما السنن المحضة فلم يقصد أحد جمعها, واستيفاءها على حسب ما اتفق (لأبي داود) كذلك حل هذا الكتاب عند أئمة الحديث وعلماء الأثر محل العجب, فضربت فيه أكباد الإبل, ودامت إليه الرحل
وقال الخطابي : سمعت أبا سعيد بن الأعرابي ونحن نسمع عليه هذا الكتاب (يعني سنن أبي داود) يقول: لو أن رجلا لم يكن عنده من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله ثم هذا الكتاب لم يحتج معها إلى شيء من العلم البتة. اهـ .
عدد أحاديثه : قال أبو بكر بن داسة: سمعت أبا داود يقول : كتبت عن رسول اللهخمس مئة ألف حديث،انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب - يعني كتاب " السنن " - جمعت فيه أربعة آلاف حديثوثمان مئة حديث .
وقال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة: ولعل عدد الذي فيكتابي من الأحاديث قدر أربعة آلاف وثمان مئة حديث، ونحو ست مئة حديث من المراسيل(1)
وقد بلغ عدد أحاديث (السنن) كما في طبعة دار الفكر 1994م (5274) حديثا
(1) ينظر " رسالة أبي داود لأهل مكة في وصف سننه" ، و " فهرست ابن خير" ( ص/88) ،و " شروط الأئمة الستة" لابن طاهر المقدسي ( ص/15) ، و" مقدمة معالم السنن" لأبي طاهر االسلفي – مطبوع بآخر "مختصر السنن" (8/148) ، و " شروط الأئمة الخمسة" لأبي بكر الحازمي" ( ص/68)، و"" تدريب الراوي" للسيوطي ( 1/102) ، و "توضيح الأفكار" للصنعاني ( 1/196) ، و " الحطة في ذكر الصحاح الستة " لصديق خان (ص/378).
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (104)
الإمام أبو داود وكتابه السنن (3)
ثالثاً: مجمل منهجه في كتابه :
1- الاستقصاء في ذكر الأحكام و السنن : قال أبو داود في " رسالته لأهل مكة " : وقد ألفته نسقاً على ما وقع عندي فإن ذكر لك عن النبي سنة ليس مما خرجته فاعلم أنه حديث واه ، إلا أن يكون في كتابي من طريق آخر فإني لم أخرج الطرق لأنه يكبر على المتعلم .
2- الاختصار : وذلك باقتصاره على الحديث و الحديثين في الباب .
قال أبو داود : ولم أكتب في الباب إلا حديثا أو حديثين وإن كان في الباب أحاديث صحاح فإنه يكثر وإنما أردت قرب منفعته
3-إخراج أصح ما في الباب : قال أبو داود في رسالته: إنكم سألتموني أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب (السنن) أهي أصح ما عرفت في الباب .. فاعلموا أنه كذلك كله إلا أن يكون قد روي من وجهين, أحدهما أقوى إسنادا, والآخر صاحبه أقدم في الحفظ, فربما كتبت ذلك, ولا أرى في كتابي من هذا عشرة أحاديث .
وقال : فإذا لم يكن مسند غير المراسيل ولم يوجد المسند فالمرسل يحتج به وليس هو مثل المتصل في القوة .
وقال : وإن من الأحاديث في كتابي السنن ما ليس بمتصل وهو مرسل ومدلس وهو إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل وهو مثل الحسن عن جابر والحسن عن أبي هريرة والحكم عن مقسم
4- تكرار الحديث لمعنى فقهي : قال أبو داود : وإذا أعدت الحديث في الباب من وجهين أو ثلاثة فانما هو من زيادة كلام فيه وربما تكون فيه كلمة زيادة على الأحاديث
5- اقتصاره على موضع الشاهد في الأحاديث الطوال: قال أبو داود في رسالته : لأني لو كتبته بطوله لم يعلم بعض من سمعه, ولا يفهم موضع الفقه منه فاختصرته لذلك
6- لم يخرج عن الراوي المتروك: قال أبو داود في رسالته : وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء .
7- بيانه لحال الحديث المنكر وشديد الضعف :قال : وإذا كان فيه حديث منكر بينت أنه منكر .
وقال : وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته(1)
وقد علق على ذلك الذهبي فقال : قلت فقد وفى رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده وبين ما ضعفه شديد ووهنه غير محتمل وكاسر عن ما ضعفه خفيف محتمل فلا يلزم من سكوته والحالة هذه عن الحديث أن يكون حسناً عنده ..
(1) ينظر " رسالة أبي داود لأهل مكة في وصف سننه.
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (105)
الإمام أبو داود وكتابه السنن (4)
رابعاً: مراتب الأحاديث عنده،وبيان شرطه في الرواة:
جمهور العلماء جعلوا مراتب الأحاديث عند أبي داود في " السنن" ست مراتب ، وأخذوا ذلك من كلام أبي داود في قوله : " ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه وما يقاربه" و قال : " وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته ومنه مالا يصح سنده ، ما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض "
قال الذهبي في " السير" : فكتاب أبي داود :
1- أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان وذلك نحو من شطر الكتاب.
2- ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين ورغب عنه الآخر ،
3- ثم يليه ما رغبا عنه وكان إسناده جيداً سالماً من علة وشذوذ ،
4- ثم يليه ما كان إسناده صالحاً وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعداً يعضد كل إسناد منهما الآخر ،
5- ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه فمثل هذا يمشيه أبو داود ويسكت عنه غالباً ،
6- ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه فهذا لا يسكت عنه بل يوهنه غالباً وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته والله أعلم(1)
وقال البقاعي :
1- الأول: الصحيح، ويجوز أن يريد به الصحيح لذاته.
2- والثاني: شبهه، ويمكن أن يريد به الصحيح لغيره.
3 - والثالث: ما يقاربه، ويحتمل أن يريد به الحسن لذاته.
4- والرابع: الذي فيه وهنٌ شديد.
5- وقوله: ما لا، يفهم منه الذي فيه وهنٌ ليس بشديد فهو قسم خامس.
فإن لم يعتضد كان صالحاً للاعتبار فقط،
6- وإن اعتضد صار حسناً لغيره، أي للهيئة المجموعة للاحتجاج وكان قسماً سادساً.(2)
وقد أجمل هذه الأقسام الحافظ ابن طاهر المقدسي في "شروط الأئمة الستة" فقال: وأما أبو داود فمن بعده فإن كتبهم تنقسم على ثلاثة أقسام:
1- القسم الأول: صحيح؛ وهو الجنس المخرج في هذين الكتابين للبخاري ومسلم، فإن أكثر ما في هذه الكتب مخرج في هذين الكتابين، والكلام عليه كالكلام على الصحيحين فيما اتفقا عليه واختلفا فيه.
2- والقسم الثاني: صحيح على شرطهم، حكى أبو عبد الله بن منده أن شرط أبي داود والنسائي: (إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم، إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال)، ويكون هذا القسم من الصحيح ، فإن البخاري قال أحفظ مائتي ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح ومسلم قال أخرجت المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموع . ثم إنا رأيناهما أخرجا في كتابيهما ما اتفقا عليه وما انفردا به ما يقارب عشرة آلاف تزيد أو تنقص فعلمنا أنه قد بقي من الصحيح الكثير .
3- والقسم الثالث : أحاديث أخرجوها للضدية في الباب المتقدم وأوردوها لا قطعا منهم بصحتها وربما أبان المخرج لها عن علتها بما يفهمه أهل المعرفة.(3)
(1) سير أعلام النبلاء" للذهبي ( 13/412)
(2)النكت الوفيه" للبقاعي في مبحث الحديث الحسن .
(3)شروط الأئمة الستة ص 88 .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (106)
الإمام أبو داود وكتابه السنن (5)
خامساً : لماذا خرجوا الحديث الضعيف في ( السنن ):
كتب السنن لها شأن كبير ، ومنزلة عالية ، ومكانتها عند علماء الحديث تأتي في المرتبة الثانية من حيث الصحة والقوة بعد المؤلفات في الصحيح، ولها مزية على سائر المصنفات من المسانيد والمصنفات والمعاجم والأجزاء ونحوها .
لأن الأصل في وضعها و القصد الأساس من تصنيفها العمل بما تضمنته من السنن والآثار فلا يخرج فيها إلا ما يصلح للاحتجاج أو الاستشهاد، بخلاف الكتب المصنفة على المسانيد فإن أصل وضعها مطلق الجمع(1).
قال ابن طاهر : فإن قيل لم أودعوها كتبهم ولم تصح عندهم ؟
فالجواب من ثلاثة أوجه :
أحدها : رواية قوم لها واحتجاجهم بها فأوردوها وبينوا سقمها لتزول الشبهة.
و الثاني : أنهم لم يشترطوا ما ترجمه البخاري ومسلم رضي الله عنهما على ظهر كتابيهما من التسمية بالصحة فإن البخاري قال ما أخرجت في كتابي إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول ، ومسلم قال : ليس كل حديث صحيح أودعته هذا الكتاب وإنما أخرجت ما أجمعوا عليه ومن بعدهم لم يقولوا ذلك فإنهم كانوا يخرجون الشيء وضده
و الثالث : أن يقال لقائل هذا الكلام رأينا الفقهاء وسائر العلماء يوردون أدلة الخصم في كتبهم مع علمهم أن ذلك ليس بدليل فكان فعلهما هذا كفعل الفقهاء والله أعلم(2).
بيان شرطه في الرواة :
قال الحافظ ابن رجب في "شرح العلل" ( 2/612) - في شرح قول أبي داود : ليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث سيء الحفظ - قال: ومراده : أنه لم يخرج لمتروك الحديث عنده على ما ظهر له، أو لمتروك متفق على تركه فإنه قد خرج لمن قيل إنه متروك ومن قيل إنه متهم بالكذب (3). اهـ
و قال الذهبي-في معرض شرح طريقة مسلم - : كعطاء بن السائب، وليث، ويزيد بن أبي زياد، وأبان بن صمعة، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وطائفة أمثالهم، فلم يخرج لهم إلا الحديث بعد الحديث إذا كان له أصل .
وإنما يسوق أحاديث هؤلاء، ويكثر منها أحمد في (مسنده)، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم.
فإذا انحطوا إلى إخراج أحاديث الضعفاء الذين هم أهل الطبقة الرابعة، اختاروا منها، ولم يستوعبوها على حسب آرائهم واجتهاداتهم في ذلك.
وأما أهل الطبقة الخامسة، كمن أجمع على اطراحه وتركه لعدم فهمه وضبطه، أو لكونه متهما، فيندر أن يخرج لهم أحمد والنسائي ، ويورد لهم أبو عيسى فيبينه بحسب اجتهاده، لكنه قليل ، ويورد لهم ابن ماجه أحاديث قليلة ولا يبين - والله أعلم -.
وقلما يورد منها أبو داود، فإن أورد بينه في غالب الأوقات .
(1) قال الحافظ ابن حجر في " النكت على ابن الصلاح" (1/466 ) : هذا هو الأصل في وضع هذين الصنفين فإن ظاهر حال من يصنف على الأبواب أنه ادعى على أن الحكم في المسألة التي بوب عليها ما بوب به فيحتاج إلى مستدل لصحة دعواه والاستدلال إنما ينبغي أن يكون بما يصلح أن يحتج به ، وأما من يصنف على المسانيد فإن ظاهر قصده جمع حديث كل صحابي على حدة سواء أكان يصلح للاحتجاج به أم لا .
وهذا هو ظاهر من أصل الوضع بلا شك ، لكن جماعة من المصنفين في كل من الصنفين خالف أصل موضوعه فانحط أو ارتفع فإن بعض من صنف الأبواب قد أخرج فيها الأحاديث الضعيفة بل والباطلة إما لذهول عن ضعفها وإما لقلة معرفة بالنقد.وبعض من صنف على المسانيد انتقى أحاديث كل صحابي فأخرج أصح ما وجد من حديثه . اهـ وبنحو كلام ابن حجر، قال الحافظ البقاعي كما في " توضيح الأفكار" ( 1/228) .
(2)شروط الأئمة الستة .
(3)شرح العلل 2 / 612 .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (107)
الإمام أبو داود وكتابه السنن (6)
سادساً: حكم ما سكت عليه أبو داود :
ذكر الحافظ ابن حجر في كتابه " النكت على ابن الصلاح" ( 1/435) : أن جميع ما سكت عليه أبو داود لا يكون من قبيل الحسن الاصطلاحي ، بل هو على أقسام:
1- منه ما هو في الصحيحين أو على شرط الصحة.
2- ومنه ما هو من قبيل الحسن لذاته.
3- ومنه ما هو من قبيل الحسن إذا اعتضد.
وهذان القسمان كثير في كتابه جدا.
4- ومنه ما هو ضعيف، لكنه من رواية من لم يجمع على تركه غالبا. وكل هذه الأقسام عنده تصلح للاحتجاج بها ، كما نقل ابن منده عنه أنه يخرج الحديث الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وأنه أقوى من رأي الرجال
ثم قال ابن حجر : فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم ويتابعه في الاحتجاج بهم، بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به أو غريب فيتوقف فيه ... ثم أورد الحافظ ابن حجر أمثلة لأحاديث ضعيفة سكت عنها أبو داود(1)
عدد الأحاديث الموضوعة في سننه :
ـ ذكر الحافظ ابن الجوزي في كتابه " الموضوعات " ( 4) أحاديث موضوعة في " سنن أبي داود " وقد درسها د. عمر فلاته في كتابه النفيس
"الوضع في الحديث"(2).
ــ وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية حديثاً واحداً موضوعاً في " سنن أبي داود"
ــ وذكر العلامة الألباني في كتابه " ضعيف سنن أبي داود" حديثين اثنين في " السنن" وهو :
1- حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا نوح بن قيس عن يزيد بن كعب عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال : ( السجل كاتب كان للنبي صلى الله عليه و سلم) .
قال ابن القيم في " تهذيب السنن" ( 8/110) : سمعت شيخنا أبا العباس بن تيمية يقول : هذا الحديث موضوع , ولا يعرف لرسول الله صلى الله عليه و سلم كاتب اسمه السجل قط ، وليس في الصحابة من اسمه السجل ، وكتاب النبي صلى الله عليه و سلم معروفون لم يكن فيهم من يقال له السجل .
قال والآية مكية ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه و سلم كاتب بمكة
والسجل هو الكتاب المكتوب واللام في قوله للكتاب بمعنى على والمعنى نطوي السماء كطي السجل على ما فيه من الكتاب .
2-حدثنا يزيد بن محمد الدمشقي ثنا عبد الرزاق بن مسلم الدمشقي وكان من ثقات المسلمين من المتعبدين قال ثنا مدرك بن سعد قال يزيد شيخ ثقة عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : من قال إذا أصبح وإذا أمسى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه صادقاً كان بها أو كاذباً .
قال الألباني : موضوع .
3- حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة عن داود بن أبي صالح المزني عن نافع عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى أن يمشي يعني الرجل بين المرأتين . قال الألباني : موضوع .
(1)قال الحافظ في " النكت" ( 1/432): حكى ابن كثير في مختصره ىأنه رأى في بعض النسخ من رسالة أبي داود ما نصه: "وما سكت عليه فهو حسن وبعضها أصح من بعض".
فهذه النسخة إن كانت معتمدة فهو نص في موضع النزاع، فيتعين المصير إليه، ولكن نسخة روايتنا والنسخ المعتمدة التي وقفنا عليها ليس فيها هذا. - والله الموفق .
(2)انظر الكتاب 2 / 177 ــ 193 .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (108)
الإمام أبو داود وكتابه السنن (7)
سابعاً : روايات سنن أبي داود :
1- ( رواية ابن داسة ) ، هو أبو بكر محمد بن بكر التمار المعروف بـابن داسة البصري ( ت346هـ), نقل الذهبي في "السير" عن أبي عمر الهاشمي قوله: الزيادات التي في رواية ابن داسة حذفها أبو داود آخرا لأمر رابه في الإسناد(1). اهـ
وقال الذهبي: " وهو آخر من حدث(بالسنن)كاملا ، عن أبي داود "(2)
2-( رواية ابن الأعرابي): وهو أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي ( ت340هـ) .
قال الذهبي : له في غضون الكتاب (أي السنن) زيادات في المتن و السند(3) .اهـ
وقال ابن حجر في " النكت": وليس في روايته كتاب الفتن والملاحم والحروب والخاتم ويسقط عنه في كتاب اللباس نحو نصفه وفاته [ من ] كتاب الوضوء والصلاة والنكاح مواضع كثيرة تشتمل على أوراق عدة روى أكثرها الرملي عن [ أبي داود روى بعضها ابن الأعرابي عن أبي أسامة محمد بن عبد الملك الرواس عن أبي داود ذكر ذلك ابن عبد البر "(4) .
3-( رواية اللؤلؤي): وهو أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي البصري المتوفى سنة 333 هـ .
نقل الذهبي في "السير"(15/307) عن أبي عمر الهاشمي قال: كان أبو علي اللؤلؤي قد قرأ كتاب (السنن) على أبي داود عشرين سنة, وكان يدعى: (وراق أبي داود), والوراق في لغة أهل البصرة القارئ للناس(5).اهـ
4-( رواية الرملي ): وهو أبو عيسى إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي وراق أبي داود
قال ابن حجر في " النكت" ( 1/341) : أن رواية ابن داسة أكمل الروايات, ورواية الرملي تقاربها ... ورواية اللؤلؤي من أصح الروايات, لأنها من آخر ما أملى (أبو داود), وعليها مات(6) .
وقال الحافظ ابن حجر في " المعجم المفهرس" في بيان اختلاف روايات " سنن أبي داود " قال : وهذه الروايات عن أبي داود مختلفة : إلا أن روايتي اللؤلؤي وابن داسة متقاربتان إلا في بعض التقديم والتأخير ، وأما رواية ابن الأعرابي فتنقص عنهما كثيراً ... "(7)
وقال ابن عطية في " فهرسته": الذي أعتمد عليه من هذه الروايات رواية أبي بكر بن داسة فهي أكمل الروايات وأحسنها(8)
وقال الشاه عبد العزيز الدهلوي كما في " الحطة": رواية (اللؤلؤي) مشهورة في المشرق, ورواية (ابن داسة) مروجة في المغرب, وأحدهما يقارب الآخر, وإنما الاختلاف بينهما بالتقديم والتأخير دون الزيادة والنقصان(9).
طبعات سنن أبي داود :
طبع مرات عديدة في القاهرة سنة 1280 هـ - وفي لكنو سنة 1840 ، 1877 ، 1888 ر 1305 هـ 1318 هـ - وفي دلهي 1171 هـ 1272 هـ 1283 هـ - وفي حيدر أباد 1321 هـ وعلى الهامش شرح الموطأ للزرقاني وفي القاهرة 1310 هـ 1320 هـ ، وفي بيروت دار الكتاب العربي وسنة 1388 هـ دار الحديث حمص مع شرحه للخطابي
أفضل الطبعات لسنن أبي داود :
ــ طبعة محي الدين عبد الحميد في مجلدين .
ــ طبعة عزت الدعاس وهي التي يعتمد عليها الشيخ الألباني .
ــ طبعة محمد عوامة .
ــ طبعة دار الرسالة العالمية بتحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط .
(1)السير 15/ 307 .
(2)السير 15 / 538 .
(3)السير 15 / 408 .
(4)النكت 1 / 341 .
(5)السير 15 / 307 .
(6)النكت 1 / 341 .
(7)المعجم المفهرس ص16 .
(8)فهرست ابن عطية ص 81 .
(9)الحطة ص 210 .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (109)
الإمام أبو داود وكتابه السنن (8)
ثامناً: شروح سنن أبي داود(1):
ذكر حاجي خليفة في " كشف الظنون " ( 2/1004) ، وبروكلمان في " تاريخ الأدب العربي " ، و سزكين في " تاريخ التراث العربي " نحو ثلاثين عملاً على سنن أبي داود.
وذكر الباحث الأستاذ أبو يعلى البيضاوي المغربي في (التعليقات المستظرفة على الرسالة المستطرفة ) نحو ( 36) عملاً على " سنن أبي داود" .
1- (معالم السنن),لأبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي المتوفى سنة 388هـ, وطبع معه حاشية ابن القيم على (مختصر المنذري),ثم طبع مفرداً .
وأملى عليه الحافظ أبو طاهر السلفي المتوفى سنة 576 هـ مقدمة في (جزء) طبعت في آخر (معالم السنن) .
لخصه : الحافظ شهاب الدين أحمد بن محمد المقدسي ( ت 765هـ) وسماه : ( عجالة العالم من كتاب المعالم ) ذكره صاحب " كشف الظنون"
2- (الإيجاز في شرح سنن أبي داود) لأبي زكرياء يحيى بن شرف النووي الشافعي المتوفى سنة 670 هـ, قال السيوطي : كتب منه يسيراً .
طبع في دار الكيان الرياض, ومكتبة ابن تيمية الشارقة, بتحقيق حسين بن عكاشة في مجلد واحد، فيه بعض أبواب الطهارة .
5- (شرح السنن) لعلاء الدين مغلطاي بن قليج المتوفى سنة 762هـ, ولم يكمله, قال ابن حجر : قطعة .
6-( تهذيب سنن أبي داود ) للحافظ العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية ( ت 751), وهو على (مختصر السنن للمنذري), طبع مع (مختصر المنذري) بتحقيق الشيخ أحمد شاكر ومعه (معالم السنن للخطابي), و طبع أخرى مع (عون المعبود)، وطبع أخيرا مستقلا في خمسة مجلدات .
7-(انتحاء السنن واقتفاء السنن) لشهاب الدين أبو محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هلال المقدسي المتوفى سنة 765 هـ . ذكره صاحب " كشف الظنون"
8- (شرح زوائده على الصحيحين) لسراج الدين عمر بن على بن الملقن المتوفى سنة 804 هـ, في مجلدين .
9- (شرح سنن أبي داود) لأبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي المتوفى سنة 826 هـ. قال السخاوي: شرح (السنن لأبي داود) كتب منه إلى أثناء سجود السهو سبع مجلدات, سوى قطعة من الحج ومن الصيام, أطال فيه النفس, وهو من أوائل تصنيفه لم يكمله ولم يهذبه.اهـ
وقال السيوطي: هو شرح مبسوط جدا كتب منه من أوله إلى أثناء سجود السهو, (7) مجلدات, ولو كمل لجاء أكثر من أربعين مجلدا اهـ
(1) من أراد الاستزادة من معرفة المؤلفات و الدراسات المعاصرة على سنن أبي داود، فليراجع :
( المعجم المصنف لمؤلفات الحديث الشريف ) لمحمد خير رمضان .
( التصنيف في السنة النبوية وعلومها من 1351هـ- 1425) د. خلدون الأحدب .
( معجم المطبوعات المغربية ) لإدريس بن الماحي .
( دليل رسائل الدكتوراه و الماجستير لقسم السنة بكلية أصول الدين ) على موقع الكلية .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (110)
الإمام أبو داود وكتابه السنن (9)
تاسعاً : (تابع شروح السنن)
10- (شرح سنن أبي داود ) لشهاب الدين أحمد بن الحسين الرملي الشافعي المعروف بـ : (ابن رسلان)(1), المتوفى سنة 844 هـ, قال السخاوي في الضوء اللامع: هو في أحد عشر مجلداً, وربما استمد فيه من شيخنا ببعض الأسئلة, ونقل عنه في باب تنزيل الناس منازلهم من الأدب, بقوله قال شيخنا ابن حجر.اهـ,
11- (المنن في شرح السنن) لأبي ياسر شمس الدين محمد بن عمار المصري المالكي المتوفى سنة 844 هـ.
12- (شرح سنن أبي داود ) لبدر الدين محمود بن أحمد العيني الحنفي المتوفى سنة 855 هـ . طبع في دارالرشد بالرياض بتحقيق أبي المنذر خالد بن إبراهيم المصري في (7) مجلدات
13- (مرقاة الصعود إلى سنن أبى داود) لجلال الدين لسيوطي ، طبع حديثاً بتحقيق د. محمد إسحاق إبراهيم .
14- (فتح الودود على سنن أبي داود), لأبي الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي السندي المتوفى سنة 1138هـ, سماه: وهو شرح لطيف, طبع في الهند ، وطبع في مصر في أربعة مجلدات.
15- (بذل المجهود في حل أبى داود) لخليل أحمد السهارنفوري الهندي المتوفى سنة 1346هـ, ساعده على تأليفه تلميذه محمد زكرياء الكاندهلوي المتوفى سنة 1402 هـ,طبع في دارالكتب العلمية بيروت في (10) مجلدات, وعليه تعليقات للكاندهلوي .
وللشيخ محمد بن عبد الرحمن الخميس حفظه الله عليه انتقادات من الناحية العقدية سماها: ( فتح المعبود في بيان الهفوات في كتاب بذل المجهود), في جزء صغير طبع في دار الصميعي الرياض 1416هـ
16- (غاية المقصود في حل سنن أبي داود) لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي ( ت 1329هـ) وهو شرح كبير واسع ، وقد وصل المؤلف في شرحه هذا الكتاب إلى باب في الدعاء للميت إذا وضع في قبره ، طبع منه الجزء الأول ، ثم طبع مرة أخرى سنة 1417هـ .
وقدم له بمقدمة تتضمن عدة محاور منها :
الأول : فضائل سنن أبي داود الثاني : ترجمة أبي داود .
الثالث : نسخ السنن و اختلافها . الرابع : عناية العلماء بسنن أبي داود .
17- ( عون المعبود شرح سنن أبي داود)، للشيخ محمد أشرف العظيم أبادي أخي أبي الطيب ، المنسوب لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي(2)
- طبع في الهند سنة 1313 هـ في (4) أجزاء, ثم في دارالكتب العلمية في (7) مجلدات, وفي مكتبة ابن تيمية القاهرة 1417 بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان
18- (المنهل المورود شرح سنن أبي داود) للشيخ محمود بن محمد خطاب السبكي المصري المتوفى سنة 1352هـ , وهو شرح كبير في (10) أجزاء ولم يتم , وقد وصل المؤلف في شرحه إلى باب التلبيد من كتاب الحج , طبع في مطبعة الاستقامة مصر سنة 1353هـ .
19-( فتح الملك المعبود تكملة المنهل العذب المورود) لأمين محمود خطاب السبكي ( ت1383هـ) طبع سنة 1359 في ( 6 مجلدات ) وقد وصل في شرحه إلى كتاب الطب من السنن.(3)
(1)حقق من هذا الكتاب جزء كبير في سبع رسائل دكتوراه بقسم السنة كلية أصول الدين بجامعة الإمام من عام 1410هـ- 1418هـ
(2)اختلف في مؤلف هذا الكتاب فالمشهور أنه لأبي الطيب شمس الحق ، وقيل لشقيقه أبي عبدالرحمن شرف الحق -كما هو مثبت على بعض أجزاء الطبعة الهنديّة الحجريّة ، وقيل لمجموعة مِن العلماء ذكره العلامة تقي الدين الهلالي ، ورجح الشيخ مشهور حسن في بحث له أنه لشقيقه شرف الحق .
وذكر د . عبدالله البراك –قبله- : أن الشرح لشرف الحق و أن الشيخ شمس الحق العظيم آبادي كان له دور التوجيه والمراجعة فقط، واستفاد من شرح أخيه و شيخه الكبير «غاية المقصود» .
وانظر كتاب ( حياة الشيخ شمس الحق و أعماله) للشيخ محمد عزير شمس
(3) انظر : مناهج المحدثين للدكتور عبد العزيز الشايع .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (111)
الإمام الترمذي وكتابه " الجامع "( 1 )
( 209-279هـ)
أولاً : التعريف بالإمام الترمذي.
اسمه ونسبه ومولده:
هو محمد بن عيسى بن سَورَة بن موسى بن الضحاك السلمي أبو عيسى الترمذي . ولد في حدود سنة عشر و مائتين . واختلف في مولده فقيل : ولد أعمى ، والصحيح أنه أضر في كبره بعد رحلته وكتابته العلم .
رحلاته العلمية :
ارتحل الإمام الترمذي إلى نواحي خراسان مثل : بخارى ، ومرو ، والري ، وسمرقند ، ونسف .
ورحل إلى : بغداد ، والبصرة ، وواسط ، والكوفة . ثم الحرمين بعد ذلك . وكانت رحلته إلى بغداد بعد وفاة الإمام أحمد ، ولم يرتحل إلى مصر والشام .
أشهر شيوخه:
للإمام الترمذي شيوخ كثر من أشهرهم :
- عبد الله بن معاوية بن موسى الجمحي أبو جعفر البصري مات سنة ثلاث وأربعين وقد زاد على المئة .
- قتيبة بن سعيد بن جَميل بن طريف أبو رجاء الثقفي، ثقة ثبت خرج له الجماعة .
- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي أبو عبد الله البخاري إمام الدنيا في وقته.
أشهر تلاميذه :
- محمد بن أحمد بن محبوب المروزي المحبوبي أشهر رواة " السنن " عن الإمام الترمذي
- الهيثم بن كليب الشاشي صاحب "المسند" . وهو راوي كتاب " الشمائل .
- حماد بن شاكر الوراق أبو محمد النسفي .
ثناء العلماء عليه:
لقد كثر ثناء العلماء على الإمام الترمذي ــ رحمه الله تعال ــ وهذه شذرات من أقوالهم
قال البخاري : ما انتفعت به أكثر مما انتفع بي .
وقال ابن حبان : كان أبو عيسى ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر .
قال السمعاني : أحد الأئمة الحفاظ المبرزين ، و من نفع الله به المسلمين .
وقال الذهبي : الحافظ العلم الإمام البارع . و قال : ثقة مجمع عليه .
مؤلفاته:
" الجامع " المشهور بـ" السنن" ، و " شمائل النبي " ، و " تسمية أصحاب رسول الله " ، و " العلل المفرد" المشهور بـ" العلل الكبير" ، و " الزهد" ، و " الأسماء والكنى" ، و" الموقوف" ، و" التاريخ" ، و " التفسير "
وفاته – رحمه الله - :
قال غنجار : توفي بترمذ لثلاث عشر ليلة مضت من رجب، سنة تسع وسبعين ومئتين(1)
(1)انظر : " شروط الأئمة الستة" لابن طاهر المقدسي ( ص/17، 22) ، و " شروط الأئمة الخمسة" لأبي بكر الحازمي" ( ص/68) ، و"جامع الأصول" لابن الأثير ( 1/193) ،و" تهذيب الكمال" للمزي( 26/250) ، و" سير أعلام النبلاء" ( 13/270)، و " تذكرة الحفاظ" ( 2/633) ، و" الكاشف" ( 3/77) جميعها للذهبي ، و" النفح الشذي" لابن سيد الناس ( 1/164) ، و "البدر المنير" لابن الملقن ( 1/305) ، و " تهذيب التهذيب" ( 9/387)، و " النكت على ابن الصلاح" ( 1/481) ، و " تقريب التهذيب" ( ص/500) جميعها لابن حجر .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (112)
الإمام الترمذي وكتابه " الجامع "( 2 )
ثانياً : التعريف بكتابه الجامع ومنهجه فيه :
اسمه العلمي :
اسمه الكامل: (الجامع المختصر من السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل) هكذا سماه ابن خير الإشبيلي في " الفهرست" ( ص/98) .
وقد عرف الكتاب بأسماء عديد منها : ( السنن ) وهو أشهرها ، و ( الجامع الكبير ) و ( صحيح الترمذي ) و ( الجامع ) وهو أقربها لواقع الكتاب ، ووجه تسميته بذلك : أن الجامع عند المحدثين ما كان مستوعباً لنماذج فنون الحديث الثمانية ، وهي العقائد ، والأحكام ، والرقاق ، والفتن والملاحم ، والشمائل والمناقب ، والآداب والأخلاق ، والمغازي والسير ، والتفسير . فسُمِّيَ الكتاب جامعاً لوجود هذه الأبواب فيه . .
مقصده في الجامع :
قصد الإمام الترمذي في كتابه :
1 ــ تخريج أحاديث الأحكام
2 ــ مع بيان العلل
3 ــ وبيان مذاهب العلماء ، وإليه يرشد عنوان كتابه .
عرضه الكتاب على مشايخه:
قال أبو عيسى : صنفت هذا الكتاب يعني المسند الصحيح فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا به ، ومن كان هذا الكتاب ، يعني الجامع في بيته ، فكأنما في بيته نبي .
عدد أحاديثه و كتيه:
بلغ عدد أحاديث كتاب الجامع لإمام الترمذي رحمه الله ( 3956) حديثاً
وبلغ عدد الكتب فيه 46 كتاباً
منهج الإمام الترمذي في كتابه :
يمكن إجمال منهج الإمام الترمذي في كتابه الجامع في النقاط التالية :
1 ــ رتبه على الأبواب على طريقة الجوامع: فبدأ بكتاب الطهارة ، وختمه بكتاب العلل الذي بين فيه جوانب من منهجه في كتابه
2 ــ يبين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والضعيف والغريب والمعلل .
قال ابن رجب : " وأول من علمناه بين ذلك أبو عيسى الترمذي رحمه الله ، وقد بين في كلامه هذا أنه لم يسبق إلى ذلك "
3 - يذكر مذاهب الفقهاء ووجوه الاستدلال لكل مذهب .
قال ابن رجب : " وزاد الترمذي أيضاً ذكر كلام الفقهاء ، وهذا كان قد سبق إليه مالك في الموطأ وسفيان في الجامع ، وكان أحمد يكره ذلك وينكره رضي الله عنه ، حتى أنه أمر بتجريد أحاديث الموطأ وأثاره عما فيه من الرأي الذي يذكره مالك من عنده ، وكره أحمد أيضاً أن يكتب مع الحديث كلام يفسره ويشرحه (1)
4- حسن الترتيب وقلة التكرار .
5- يكثر جداً من الأحاديث المعلقة ، وذلك في قوله : وفي الباب ، وقد صنفت في وصلها مصنفات عديدة في القديم والحديث منها كتاب الحافظ ابن حجر ( اللباب فيما يقول فيه الترمذي وفي الباب )
6- بيان أسماء الرواة وكناهم وألقابهم .
7- بيان أحوال جملة من الرواة جرحاً و تعديلاً .
(1) علق ابن رجب على هذا فقال : ولكن عند بعد العهد بكلام السلف وطول المدة وانتشار كلام المتأخرين في معاني الحديث والفقه انتشاراً كثيراً بما يخالف كلام السلف الأول ، فتعين ضبط كلام السلف من الأئمة وجمعه وكتابته والرجوع إليه ، ليتميز بذلك ما هو مأثور عنهم بما أحدث بعدهم مما هو مخالف لهم ، وكان ابن مهدي يندم على أن لا يكون كتب عقب كل حديث من حديثه تفسيره .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (113)
الإمام الترمذي وكتابه " الجامع "( 3 )
( 3 ) بيان شرط الإمام الترمذي في كتابه ومراتب الأحاديث عنده :
تقدم في كلام ابن طاهر على " سنن أبي داود" تقسيمه أحاديث السنن ثلاثة أقسام :
1- القسم الأول: صحيح متفق عليه
2- والقسم الثاني: صحيح على شرطهم.
3- القسم الثالث: أحاديث أخرجوها للضدية في الباب المتقدم.
قال أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق : الجامع على أربعة أقسام :
1- قسم مقطوع بصحته ،
2- وقسم على شرط أبي داود والنسائي كما بينا ،
3- وقسم أخرجه للضدية وأبان عن علته .
4- وقسم رابع أبان عنه فقال : ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثاً قد عمل به بعض الفقهاء سوى حديث ( فإن شرب في الرابعة فاقتلوه ) وسوى حديث ( جمع بين الظهر والعصر بالمدينة من غير خوف ولا سفر ) .
وقد علق عليه الذهبي في " سير أعلام النبلاء" فقال : في الجامع علم نافع وفوائد غزيرة ورؤوس المسائل وهو أحد أصول الإسلام ، لولا ما كدره بأحاديث واهية بعضها موضوع وكثير منها في الفضائل .
وقال الذهبي أيضاً : وأما أهل الطبقة الخامسة، كمن أجمع على اطراحه وتركه لعدم فهمه وضبطه، أو لكونه متهما، فيندر أن يخرج لهم أحمد والنسائي ، ويورد لهم أبو عيسى فيبينه بحسب اجتهاده، لكنه قليل ، ويورد لهم ابن ماجه أحاديث قليلة ولا يبين - والله أعلم -.
وقلما يورد منها أبو داود، فإن أورد بينه في غالب الأوقات .
وأما أهل الطبقة السادسة كغلاة الرافضة والجهمية الدعاة، وكالكذابين والوضاعين، وكالمتروكين المهتوكين، كعمر بن الصبح، ومحمد المصلوب، ونوح بن أبي مريم، وأحمد الجويباري، وأبي حذيفة البخاري، فما لهم في الكتب حرف، ما عدا عمر، فإن ابن ماجه خرج له حديثاً واحداً فلم يصب ، وكذا خرج ابن ماجه للواقدي حديثاً واحداً .
وقال الحافظ ابن رجب : واعلم أن الترمذي رحمه الله خرج في كتابه :
- الحديث الصحيح والحديث الحسن - وهو ما نزل عن درجة الصحيح وكان فيه بعض ضعف - والحديث الغريب ، كما سيأتي .
- والغرائب التي خرجها فيها بعض المناكير - ولا سيما في كتاب الفضائل - ولكنه يبين ذلك غالباً ولا يسكت عنه ،
- ولا أعلمه خرج عن متهم بالكذب متفق على اتهامه حديثاً بإسناد منفرد ، إلا أنه قد يخرج حديثاً مروياً من طرق ، أو مختلفاً في إسناده ، وفي بعض طرقه متهم ، وعلى هذا الوجه خرج حديث محمد بن سعيد المصلوب ، ومحمد بن السائب الكلبي .
- نعم قد يخرج عن سيء الحفظ ، وعمن غلب على حديثه الوهم ، ويبين ذلك غالباً ولا يسكت عنه ، وقد شاركه أبو داود في التخريج عن كثير من هذه الطبقة ، مع السكوت على حديثهم ، كإسحاق بن أبي فروة وغيره .
وقد قال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة : ( ليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك شئ ، وإذا كان فيه حديث منكر بيبنت أنه منكر ) .
ومراده أن لم يخرج لمتروك الحديث عنده ، على ما ظهر له ، أو لمتروك متفق على تركه ، فإنه قد خرج لمن [ قد ] قيل : إنه متروك ، ومن [ قد ] قيل : إنه متهم بالكذب ، وقد كان أحمد ابن صالح المصري وغيره ، لا يتركون إلا حديث من اجتمع على ترك حيدثه ، وحكي مثله عن النسائي .
والترمذي رحمه الله يخرج حديث الثقة الضابط ، ومن يهم قليلاً ، ومن يهم كثيراً ، ومن يغلب عليه الوهم يخرج حديثه نادراً ، ويبين ذلك ولا يسكت عنه.
وقد خرج حديث كثير بن عبد الله المزني ولم يجمع على ترك حديثه بل قد قواه قوم ، وقدم بعضهم حديثه على مرسل ابن المسيب ، وقد ذكرنا ذلك في مواضع .
وقد حكى الترمذي في العلل عن البخاري : أنه قال في حديثه في تكبير العيدين : ( هو أصح حديث في هذا الباب ، قال : وأنا أذهب إليه ) .
وأبو داود : قريب من الترمذي في هذا بل هو أشد انتقاداً للرجال منه .
وأما النسائي : فشرطه أشد من ذلك ، ولا يكاد يخرج لمن يغلب عليه الوهم ، ولا لمن فحش خطؤه وكثر .
وأما مسلم : فلا يخرج إلا حديث الثقة الضابط ، ومن في حفظه بعض الشئ وتكلم فيه لحفظه ، لكنه يتحرى في التخريج عنه ولا يخرج عنه إلا ما لا يقال: إنه مما وهم فيه .
وأما البخاري : فشرطه أشد من ذلك ، وهو أنه لا يخرج إلا للثقة الضابط ولمن ندر وهمه ، وإن كان قد اعترض عليه في بعض من خرج عنه اهـ .
وقال ابن حجر : وفي الجملة فكتاب النسائي أقل الكتب بعد الصيحيحين حديثاً ضعيفاً ورجلاً مجروحاً ويقاربه كتاب أبي داود وكتاب الترمذي(1) .
(1) انظر : " شروط الأئمة الستة" لابن طاهر المقدسي ( ص/17، 22) ، و " شروط الأئمة الخمسة" لأبي بكر الحازمي" ( ص/68)، و" سير أعلام النبلاء" للذهبي ( 13/274)، و "البدر المنير" لابن الملقن ( 1/302)، و"النكت على ابن الصلاح" لابن حجر ( 1/484) ، و" تدريب الراوي" للسيوطي ( 1/102) ، و "توضيح الأفكار" للصنعاني( 1/224) ، و " الحطة في ذكر الصحاح الستة " لصديق خان (ص/370)، أعلام المحدثين للدكتور محمد أبو شهبة 239 ــ 253 ، في رحاب الكتب الصحاح الستة 116 ــ 126، الموازنة بين جامع الترمذي والصحيحين للدكتور نور الدين عتر ، ومناهج المحدثين للدكتور عبد العزيز الشايع .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (114)
الإمام الترمذي وكتابه " الجامع "( 4 )
( 4 ) عدد الأحاديث الموضوعة في سننه :
- ذكر الحافظ ابن الجوزي في كتابه " الموضوعات " ( 29) حديثاً موضوعاً في " جامع الترمذي " وافقه ابن ماجه في ستة منها ، وقد درسها د. عمر فلاته في كتابه النفيس "الوضع في الحديث" في نحو 180 صفحة ( 2/193-372) .
-وذكر العلامة الألباني في كتابه " ضعيف جامع الترمذي " الأحاديث الموضوعة فبلغت ( 18) حديثاً .
ثناء أهل العلم على " جامع الترمذي"
قال أبو عيسى: صنفت هذا الكتاب، وعرضته على علماء الحجاز، والعراق وخراسان، فرضوا به، ومن كان هذا الكتاب -يعني: (الجامع)- في بيته، فكأنما في بيته نبي يتكلم .
وقال أبو إسماعيل الهروي : جامع الترمذي أنفع من كتاب البخاري ومسلم لأنهما لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم والجامع يصل إلى فائدته كل أحد .
وقال الذهبي -كما تقدم- : في (الجامع) علم نافع، وفوائد غزيرة، ورؤوس المسائل، وهو أحد أصول الإسلام، لولا ما كدره بأحاديث واهية، بعضها موضوع، وكثير منها في الفضائل
وقال الذهبي أيضاً : جامعه قاض له بإمامته وحفظه وفقهه ولكن يترخص في قبول الأحاديث ولا يشدد ، ونفسه في التضعيف رخو .
رواة " جامع الترمذي" :
ــ أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي ( ت 346هـ )
قال الذهبي في " السير" ( 15/537) : وكانت الرحلة إليه في سماع(الجامع) ، وسماعه مضبوط بخط خاله أبي بكر الأحول، وكانت رحلته إلى ترمذ للقي أبي عيسى في خمس وستين ومائتين، وهو ابن ست عشرة سنة.
قال الحاكم:سماعه صحيح.
وهو أشهر رواة الترمذي
ــ أبو حامد أحمد بن محمد التاجر المروزي.
ــ أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي ( ت 353) .
قال الذهبي : الإمام، الحافظ، الثقة، الرحال، أبو سعيد الهيثم بن كليب بن سريج. بن معقل الشاشي التركي صاحب المسند الكبير
ــ أبو ذر محمد بن إبراهيم بن محمد الترمذي.
ــ أبو محمد الحسن بن إبراهيم القطان.
أفضل طبعات الجامع :
- طبعة الشيخ أحمد شاكر، لكنه لم يكمل تحقيق الكتاب .
- طبعة بشار عواد معروف في ستة مجلدات .
- طبعة عزت الدعاس .
ـ طبعة الشيخ شعيب الأرناؤوط وآخرون
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (115)
الإمام الترمذي وكتابه " الجامع "( 5 )
( 5 ) شروح جامع الترمذي.
ذكر حاجي خليفة في " كشف الظنون " ( 1/559) ، وبروكلمان في " تاريخ الأدب العربي" ( 3/190)، وسزكين في " تاريخ التراث العربي " ( 1/302) نحو ( 15) عملاً على جامع الترمذي غالبها من الشروح ، وفيما يأتي جملة من الشروح :
1-( شرح الترمذي ) للحسين بن مسعود البغوي ( ت 516هـ) ، ذكره سزكين في " تاريخ التراث" .
قال الشيخ أحمد معبد : لم أجد في عدد من مصادر ترجمة البغوي ذكر هذا الشرح في مؤلفاته ، كما أن السيوطي قد ذكر أنه لا يعلم أحداً شرح الترمذي كاملاً إلا القاضي ابن العربي المالكي .
2-(عارضة الأحوذي في شرح الترمذي) للحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله الإشبيلي الشهير بابن العربي المالكي المتوفى سنة 540 هـ ، وقد طبع بالهند سنة 1299هـ ضمن مجموعة أربعة شروح على الترمذي : شرح فارسي لسراج أحمد السرهندي, و (شرح السندي), و (قوت المغتدي للسيوطي), وطبع بعدها عدة طبعات .
3-(النفح الشذي في شرح جامع الترمذي), للحافظ أبي الفتح محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري الشافعي المتوفى سنة 734 هـ, لكنه لم يكمله بلغ فيه إلى نحو دون ثلثي (الجامع) في نحو عشرة مجلدات ولم يتم, ولو اقتصر على فن الحديث لكان تماما, قال الصفدي: لم يكمل, جمع فأوعى, وكان قد سماه: (العرف الشذي) فقلت له: سمه: (النفح الشذي) ليقابل الشرح بالنفح, فسماه كذلك.
وطبع أوله في مجلدين في دار العاصمة بالرياض، بتحقيق شيخنا د. أحمد معبد عبدالكريم .
4-(تكملة شرح جامع الترمذي لابن سيد الناس ) (1) للحافظ زين الدين عبد الرحيم بن حسين العراقي,ولم يكمله أيضاً .
قال ابن فهد : وهي من باب : "ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" ، إلى قوله في أثناء كتاب البر والصلة : "باب ما جاء في الستر على المسلمين" ثلاثة عشر مجلدا خرج من ذلك إلى أثناء الصيام قريبا من ست مجلدات، قرأ عليه ابنه شيخنا الحافظ أبو زرعة من ذلك بحثا وتدبرا بحضرة جماعة نحوا من خمس مجلدات .
1- ( تكملة شرح العراقي ) لابنه أبي زرعة العراقي ، ذكره عبدالرؤوف المناوي ، قال شيخنا د.أحمد معبد : لم أقف على نسخة من تلك التكملة ، أو نقول عنها .
6- (شرح الترمذي ) للحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي المشهور بابن رجب المتوفى سنة 795هـ, قال مترجموه : هو في نحو عشرين مجلدا, وقد احترق في الفتنة .اهـ
والموجود منه : قطعة من كتاب اللباس في (10) ورقات ، وشرح آخر الجامع وهو كتاب العلل ، وهو مطبوع .
7-(انجاز الوعد الوفي في شرح جامع الترمذي), لسراج الدين عمر بن على بن الملقن الشافعي المتوفى سنة 804هـ, شرح لزوائده على الصحيحين وأبي داود, منه قطعة تنتهي في الكلام على التشهد من كتاب الصلاة . وسماه في (الحطة): (العرف الشذي على جامع الترمذي) .
قال ابن فهد : " بلغت مصنفاته في الحديث والفقه قريباً من ثلاث مئة مؤلف"
وقال : "كان كثير الكتب جداً فاحترق غالبها قبل موته "
8- (العرف الشذي على جامع الترمذي), لسراج الدين عمر بن رسلان البلقيني المتوفى سنة 805هـ, كتب منه قطعة ولم يكمله . وهناك شرح بهذا الاسم لعالم من علماء الهند .
قال السخاوي في " الضوء اللامع" ( 3/191) : ولم يكمل من مصنفاته إلا القليل لأنه كان يشرع في الشيء فلسعة علمه يطول عليه الأمر حتى أنه كتب من شرح البخاري على نحو عشرين حديثاً مجلدين .
9-(شرح الترمذي ) للحافظ ابن حجر أشار إليه في فتح الباري في كتاب الوضوء باب البول عند سباطة قوم . قال : كما بينته في أوائل (شرح الترمذي) .
لكنه لم يكمله, فقد كتب منه قدر مجلدة مسودة, وفتر عزمه عنه,قال السخاوي: ولو كمل لجاء في خمسة عشر سفرا, أو ستة أسفار كبار, حسبما قرأته بخطه في موضعين .
(1) قام مجموعة من الباحثين بالجامعة الإسلامية بتحقيقه في رسائل ماجستير عام 1419هـ
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (116)
الإمام الترمذي وكتابه " الجامع "( 6 )
( 6 ) بقية شروح الجامع للإمام الترمذي :
10-(تكملة شرح الترمذي للعراقي), للحافظ شمس الدين السخاوي ، كتب منه أكثر من مجلدين . قال في " المقاصد الحسنة" عند حديث ( لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون من قتل المسلم ) ، وكذا ( ليس شيء أكرم على الله من المؤمن ) وقد أشبعت الكلام عليه فيما كتبته على الترمذي في ( باب ما جاء في تعظيم المؤمن ) قبيل الطب .
11-(قوت المغتذي على جامع الترمذي), لجلال الدين السيوطي, طبع مرات عديدة . منها بالهند سنة 1299 هـ ، وطبع بتحقيق أخينا وزميلنا الفاضل الدكتور محمد إسحاق ، وهو تعليق لطيف على طريقته في تعليقه على البخاري المسمى بالتوشيح ، وعلى مسلم المسمى بالديباج ، و على أبي داود المسمى بمرقاة الصعود .
12- (شرح الترمذي ) لأبي الطيب السندي الحنفي المتوفى في بضع وتسعين وتسع مائة ,, طبع بالهند سنة 1299 هـ ضمن مجموعة الشروح الأربعة
13- ( حاشية على الترمذي ) لأبي الحسن نور الدين محمد بن عبدالهادي السندي المتوفى سنة 1138هـ, بالحرم النبوي .
14- (العرف الشذي على جامع الترمذي), لمحمد أنور الكشميري الهندي, وفرغ من تبييضه يوم الاثنين 24 من جمادى الأولى سنة 1338 , طبع في الهند, وفي مؤسسة ضحى للنشر والتوزيع بتحقيق محمود أحمد شاكر, ودار الكتب العلمية بيروت في (4) مجلدات
15- (تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي) للعلامة محمد عبد الرحمن المباركفوري الهندي ( ت 1353هـ)،
قدم له مؤلفة بمقدمة تشتمل على مباحث مفيدة في مجلد ، وجعلها في بابين الباب الأول: مباحث في علوم الحديث : بتعريفه و وفضله و أنواع المصنفات الحديثية ( الجوامع و المسانيد و السنن و المستدركات و المستخرجات و المسلسلات و المعاجم والأمالي و الأجزاء و الأربعينيات ... )
وخصص فصلاً في الكلام على الكتب الستة و مؤلفيها
الباب الثاني : التعريف بالإمام الترمذي و كتابه الجامع وعناية العلماء به
طبع بالهند سنة 1353 هـ , ثم طبع عدة طبعات.
16 ــ ( معارف السنن شرح سنن الترمذي ) للشيخ السيد محمد يوسف الحسيني البنوري ( ت1397 هـ ) وقد انتهى فيه إلى آخر أبواب الحج ، وقد طبع في ستة مجلدات ، وقامت بنشره دار التصنيف بجامعة العلوم الإسلامية بباكستان
17 ــ ( منهاج السنن شرح جامع السنن للإمام الترمذي ) للعلامة محمد فريد الزروبوي ، انتى فيه إلى باب ( ما جاء عن النهي في المسالة ) من كتاب الزكاة ، وهو مطبوع في ثلاثة أجزاء ، وقد طبعته مؤتمر المصنفين ــ دار العلوم ــ بباكستان
18-( التعليق على جامع الترمذي ) للعلامة أحمد شاكر ( ت 1377هـ) ، لكنه لم يكمل علق على ( 616) حديثاً في مجلدين(1)
(1) انظر : مقدمة النفح الشذي لشيخنا الدكتور أحمد معبد ، ومناهج المحدثين لأخينا الفاضل الدكتور عبد العزيز الشايع .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (117)
سنن الإمام النسائي (1)
أولاً : التعريف بالإمام النسائي .
اسمه ونسبه ومولده :
هوالإمام الحافظ شيخ الإسلام ــ كما وصفه الذهبي في تذكرته ــ أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخرساني القاضي صاحب السنن وغيرها من الكتب القيمة ، كان إمام أهل عصره في الحديث والمقدم على أضرابه ، وفضلاء عصره .
ولد بنسا في سنة خمس عشرة ومائتين ، وقيل سنة أربع عشرة ومائتين
رحلاته العلمية :
طلب العلم في صغره فارتحل إلى قتيبة في سنة ثلاثين ومائتين فأقام عنده سنة فأكثر عنه ، وجال في طلب العلم في خراسان ، والحجاز، ومصر، والعراق والجزيرة ، والشام ، والثغور ثم استوطن مصر ورحل الحفاظ إليه ولم يبق له نظير في هذا الشأن
أشهر شيوخه :
قتيبة بن سعيد بن جَميل بن طريف أبو رجاء الثقفي ، ثقة ثبت ، مات سنة أربعين ومائتين عن تسعين سنة ، خرج له الجماعة .
إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي ، أبو محمد بن راهويه المروزي ، ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد بن حنبل ، مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين وله اثنتان وسبعون سنة .
محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري ، أبو بكر بندار ، ثقة مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين وله بضع وثمانون سنة ، خرج له الجماعة .
أشهر تلاميذه :
أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي المصري أبو جعفر الطحاوي الحنفي صاحب التصانيف الشهيرة . توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة .
أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الهاشمي مولاهم الدينوري المشهور بابن السني الإمام الحافظ الثقة توفي سنة أربع وستين وثلاث مئة .
سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي أبو القاسم الطبراني الإمام العلامة الحجة بقية الحفاظ مسند الدنيا توفي سنة ستين وثلاث مئة .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (118)
سنن الإمام النسائي(2)
صفات الإمام النسائي الخِلقية والخُلقية.
كان الإمام النسائي حسن الوجه ، مشرق اللون ، يضرب لونه إلى الحمرة مع كبر السن ، وكان يكثر أكل الديوك الكبار ، وكان يؤثر لباس البرود النونية ، وكان مجتهدا في العبادة بالليل والنهار ، ومواظبا على الحج والجهاد ، وقد خرج مع أمير مصر غازيا ، فوصفوا من شهامته وشجاعته وإقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين ، واحترازه من مجالس الأمير الذي خرج معه الشيء الكثير ، وهكذا فليكن العلماء ينشرون العلم ، فإذا ما دعا داعي الجهاد أسرعوا إلى تلبية النداء ، وقد بلغ من ورعه وتقواه أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما ، وهو هدي نبي الله داود عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام .
ثناء العلماء عليه :
قد حظي الإمام النسائي بثناء كثير من أئمة الحديث وجهابذته مما يدل على سعة حفظه وتبحره وإتقانه ومعرفته بالعلل والرجال .
قال أبو علي النيسابوري : أخبرنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي .
وقال الدارقطني: أبو عبدالرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.
وقال القاضي تاج الدين السبكي سألت شيخنا الذهبي : أيهما أحفظ مسلم بن الحجاج أو النسائي فقال : النسائي ثم ذكرت ذلك لوالدي فوافق عليه .
وقال الذهبي أيضاً : ولم يكن أحد في رأس الثلاث مئة أحفظ من النسائي هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم ومن أبي داود ومن أبي عيسى وهو جار في مضمار البخاري وأبي زرعة .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (119)
سنن الإمام النسائي (3)
تحري الإمام النسائي وتشدده في الرواية .
لقد كان الإمام النسائي شديد التحري عن الرجال ومن المتشددين في قبول المرويات .
قال أبو علي النيسابوري : " للنسائي شرط في الرجال أشد من شرط مسلم بن الحجاج "
وقال سعد بن على الزنجاني :" لأبي عبد الرحمن ــ يقصد النسائي ــ شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم "
والحق أن في العبارتين شيئا من المبالغة والمغالاة ، فللشيخين شروط أعلى من غيرهما لا محالة ، ولذلك لم يسلم بعض العلماء المحققين لهما هذا القول ، إلا أنهما تدلان مهما كان المحمل على شدة تحريه في نقد الرجال وعلمه بعلل الحديث ، وقد كان مبرزا فيهما ولا شك ، وقد دعاه هذا المنهج في التحري والتوثق إلى ترك أحاديث ابن لهيعة .
قال أحمد بن نصر الحافظ : من يصبر على ما يصبر عليه النسائي ؟ عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة ، يعني عن قتيبة عنه فما صنفها ، قال ابن حجر : وكان عنده عاليا عن قتيبة عنه ــ يعني ابن لهيعة ــ ولم يحدث به لا في السنن ولا في غيرها .
وكان النسائي شديد التحري في الألفاظ أيضا ، فلا يتساهل في وضع حدثنا مكان أخبرنا ، ولا أخبرنا مكان حدثنا ، وليس أدل على ذلك من طريقة روايته عن الحارث بن مسكين ، وذلك أن الحارث كان يتولى القضاء بمصر ، وكان بينه وبين أبي عبد الرحمن شيء لم يمكنه من حضور مجلسه ، فكان يستتر في موضع ويسمع حيث لا يراه ، فلذلك تورع وتحرى فلم يقل : " حدثنا وأخبرنا " ولكن يقول " الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع " وهذا غاية الأمانة .
فقهه :
كان الإمام النسائي إلى حفظه للحديث ومعرفته بالعلل والرجال فقيها .
قال الدارقطني فيه : " وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال "
وقال الحاكم أبو عبد الله : أما كلام أبي عبد الرحمن على فقه الحديث فأكثر من أن نذكر ، ومن نظر في كتابه السنن له ،تحير في حسن كلامه .
وقد ذكر مجد الدين ابن الأثير في مقدمة جامع الأصول أنه كان شافعي المذهب ، وله مناسك ألفها على مذهب الشافعي .
رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)
تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين
ا.د.فالح بن محمد الصغير
الحلقة (120)
سنن الإمام النسائي (4)
مؤلفات الإمام النسائي ووفاته :
لقد ألف الإمام النسائي كتبا كثيرة منها:
1 ــ " السنن الكبرى " ويدخل فيها جملة من الكتب التي نشرت مفردة منها : عمل اليوم والليلة ، وخصائص علي، و التفسير ، والاستعاذة .
2 ــ " السنن الصغرى –المجتبى-"
3ـ " الضعفاء"
4ــ " الكنى "
5 ـ " مسند الثوري وابن جريج "
6 ـ " الإغراب"
7 ـ " الإخوة والأخوات"
8ـ " أسماء الرواة والتمييز بينهم"
9ـ " مسند علي"
10ـ " مسند مالك"
11ـ " مسند منصور بن زاذان"
12ـ " حديث الفضيل بن عياض"
13 ـ " غرائب الزهري"
14 ـ " مجلسان من أماليه"
15 ـ " منسك" .
وفاته – رحمه الله - :
قال أبو سعيد ابن يونس في " تاريخه" : كان أبو عبدالرحمن النسائي إماماً حافظاً ثبتاً خرج من مصر في شهر ذي القعدة من سنة اثنتين وثلاث مئة، وتوفي بفلسطين في يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث ، وله ثمان وثمانون سنة(1).
(1) ينظر : " شروط الأئمة الستة" لابن طاهر المقدسي ( ص/23)، و " شروط الأئمة الخمسة" لأبي بكر الحازمي ( ص/68) ، و " ختم النسائي برواية ابن الأحمر" للسخاوي ، و" الإرشاد" لأبي يعلى الخليلي(1/435) و" تهذيب الكمال" للمزي ( 1/328) ، و" سير أعلام النبلاء" ( 14/125)، و " تذكرة الحفاظ" ( 2/698) ، و" الكاشف" ( 1/95) جميعها للذهبي ، ،و" طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي (3/14) ،و " تهذيب التهذيب" ( 1/32)، و " النكت على ابن الصلاح" ( 1/481) ، و " تقريب التهذيب" جميعها لابن حجر ( ص/80) ، و " الحطة في ذكر الصحاح الستة " لصديق خان (ص/395)، وأعلام المحدثين للدكتور محمد أبو شهبة 260 ــ 265 .