-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
273- من جهد البلاء
قيل إن "أحمد بن المدبر" قال: حُبِست في حبس "لابن طولون" ضَيِّق، وفيه خَلقٌ, وبعضنا على بعض، فحُبِسَ معنا أعرابي, فلم يجد مكاناً يَقْعُدُ فيه، فقال: يا قوم، لقد خِفْتُ من كل شيء إلا أني ما خِفتُ قطُ ألا يكون لي موضع في الأرض في الحبس أقعد فيه، ولا خطر ذلك ببال، فاستعيذوا بالله من حالنا.
المصدر: [ فوات الوفيات 1 / 133 ]
قلت - رحم الله والدي-:
لا نملك إلا أن ندعو بالدعاء الماثور فنقول: "اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء, ومن درك الشقاء", وإِن تعجب فعجبٌ من قومٍ نُزِعت من قلوبهم الرحمة على خلق الله, ولا بُدَّ من يومٍ تجتمعُ فيه الخصوم, ويُنتصف مِن الظالمِ للمظلوم, وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة أشدهم عذابا للناس في الدنيا", أخرجه "الإمام أحمد" في "المسند" 4 / 90, قال العلامة "الالباني" رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" 3 /428: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال مسلم, غير خالد بن حكيم وهو ثقة
توضيح وبيان: أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبيد الله المدبر الضبي الكاتب, ترجم له "الذهبي" في"السير" 13 /124, ضمن ترجمة أخيه "أبي إسحاق إبراهيم بن محمد", وكذا في "فوات الوفيات" 1 /133, و"الوافي بالوفيات" 8 /38
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
274- خائن وأمين
حمزة بن بِيض -بكسر الباء الموحدة وسكون الياء والضاد المعجمة- الحنفي , كوفي شاعر مجيد سائر القول كثير المجون، كان منقطعاً إلى المهلب بن أبي صفرة وولده [ت120هـ]
أودع عند "ناسك" ثلاثين ألف درهم، ومثلُها عند رجل "نباذ"، فأما الناسك فبنى بها دارَهُ, وزَوَّجَ بناتَهُ, وأنفقَهَا وجَحَدَهُ، وأما "النباذ" فأدّى إليه الأمانة في ماله، فقال "حمزة":
ألا لا يغرّك ذو سجدةٍ ... يظلّ بها دائماً يخدع
كأنّ بجبهته جلبةً ... تسبح طوراً وتسترجع
وما للتُّقَى لزِمَت وجهَه ... ولكن ليغترّ مستودعُ
فلا تنفرنّ من أهل النبيذ ... وإن قيل يشرب لا يُقْلِعُ
فعندي علمٌ بما قد خبرتُ ... إن كان علمٌ بهم ينفعُ
ثلاثون ألفاً حواهَا السجودُ ... فليست إلى أهلها تَرجعُ
بنى الدار من غير ما ماله ... فأصبح في بيته يرتعُ
مهائر من غير مالٍ حواه ... يقاتون أرزاقهم جوّع
وأدى أخو الكاسِ ما عنده ... وما كنتُ في رَدِّهَا أَطمَعُ
المصدر : [ فوات الوفيات 1 / 397 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
275- جزاءا وِفاقا
"سهل بن هارون بن راهيون الدستميساني"، أبو عمر, تولى خزانة الحكمة "للمأمون"، وكان حكيماً فصيحاً شاعراً، فارسي الأصل شعوبي المذهب, كان نهاية في البخل، وله فيه حكايات,
عمل "كتاباً" في البخلِ ومَدَحَهُ، وبعثه إلى "الحسن بن سهل" يستمنحه, فَوَقَّعَ إليه "الحسن بن سهل": لقد مدحتَ ما ذَمَّ الله, وحَسَّنْتَ ما قَبَّحْ، وما يَقُومُ لفسادِ معناكَ صلاحُ لفظِكَ، وقد جَعَلْنَا ثَوَابَكَ قبولَ قولِك، فما نُعطيكَ شيئاً.
المصدر: [ فوات الوفيات 2 / 84 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
276- كتاب الشكوك
حُكِي أنه توفي "لصالح بن عبد القدوس" ولدٌ, فحضر إليه "أبو الهذيل العلاف", ومعه "إبراهيم النظـام", وهوصغير, فوجداه يَتَلَظَّى حُزنا على ولده, فقال له [ أبو الهذيل ]: لا أرى لتَحَرُّقِكَ وجهـا إذ الناس إذ عندك كالنبات, فقال: يا "أبا الهذيل" إنما تَحَرُّقِي لأنه لم يقرأ "كتـاب الشكوك", فقال: وما هذا ؟ , قال: كتاب وضعته, من قرأه شك فيما كان حتى كأنه لم يكن, وفيما لم يكن حتى كأنه كان, فقال له "إبراهيم النظام": فابْنِ أنت على أنه لم يمت وإن كان قد مات, وعلى أنه قرأ الكتاب وإن لم يكن قرأه, فلم يُحِر جوابا
المصدر : [ الغيث المنسجم 1/81 ]
قلت - رحم الله والدي-: نسأل الله أن يحفظ علينا أدياننا, وأن يعافينا من مضلات الأهواء والشبهات, ما ظهر منها وما بطن, وأن يلحقنا بالسلف الصالحين غير مُبدِّلين ولا مُغَيِّرين, آمين
"صالح بن عبد القدوس", ترجم له "ابن خلكان" في "وفياته"[ 2/ 492] فقال: أبو الفضل صالح بن عبد القدوس البصري مولى الأزد، أحد الشعراء، اتهمه "المهدي" بالزندقة, فأمر بحمله، فأحضر، فلما خاطبه أُعْجِبَ بغزارة أدبه وعلمه, وبراعته وحسن بيانه, وكثرة حكمته, فأمر بتخلية سبيله، فلما ولى رَدَّهُ, وقال: ألست القائل:
والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا ارعوى عاد إلى جهله ... كذي الضنى عاد إلى نكسه
قال: بلى يا أمير المؤمنين, قال: فأنت لا تترك أخلاقك، ونحن نحكم فيك بحكمك في نفسك، ثم أمر به فقتل وصلب على الجسر
ويقال" أن "المهدي" أبلغ عنه أبياتاً عرض فيها بذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فأحضره "المهدي" وقال له: أنت القائل هذه الأبيات, قال: لا والله يا أمير المؤمنين، ما أشركت بالله طرفة عين، فاتق الله, ولا تسفك جمي على الشبهة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ادرأوا الحدود بالشبهات"، وجعل يتلو عليه القرآن حتى رق له, وأمر بتخليته, فلما ولى قال: أنشدني قصيدتك "السينية"، فأنشده حتى بلغ إلى قوله فيها:
والشيخ لا يترك أخلاقه ... *************
فأمر به حينئذ فقتل, ومن مستحسنات قصائد "صالح" المذكور القصيدة التي أولها:
المرء يجمع والزمان يفرق ... ويظل يرقع والخطوب تمزق
وقال"ياقوت" في"معجمه"[4/ 1445]: له أخبار يطول ذكرها، وأشهر شعره قصيدته "البائية" التي مطلعها:
صرمت حبالك بعد وصلك زينب ... والدّهر فيه تصرّم وتقلّب
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
277- كتابٌ لعامَّةِ الناس لا لخاصَّتِهم
"تمام بن غالب بن عمرو" يعرف بـ: "ابن التياني", أبو غالب المرسي الأندلسي [ت 436 هـ]
له كتاب: «تلقيح العين» في اللغة، لم يُؤَلَّفْ مِثلُهُ اختصارا وإكثارا، وله فيه قصة تدلّ على فضله، وذلك أن الأمير "أبا الجيش مجاهد بن عبد الله العامري" وَجَّهَ إلى "أبي غالب" هذا أيام غلبته على "مُرسية"، وأبو غالب ساكن بها، ألف دينار أندلسية على أن يزيد في ترجمة هذا الكتاب:
«مما ألفه تمام بن غالب لأبي الجيش مجاهد», فردّ الدنانير, ولم يفعل, وقال: والله لو بذل لي ملء الدنيا ما فعلت, ولا استجزت الكذب، فإني لم أجمعه له خاصة, لكن لكلّ طالب عامة.
قال "الحميدي": فاعْجَبْ لِهِمَّةِ هذا الرئيسِ وعُلُوِّهَا، واعجب لنفس هذا العَاِلِم ونزاهتها
المصدر : [ معجم الأدباء 2/ 769 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:ـ
إن العبد لا يصاب بشئ أعظم من الغفلة,والغفلة ركن من أركان الكفر كما قال أهل العلم .قال تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}و مرض الغفلة هذا مرض خطير فتجد المرء ينتبه لكل شيئ إلا الدين, وتجد أحدهم يعتني بكل شيئ : بسيارته ,بمطعمه,بملبسه ,بمشربه ,بكل شأن من شؤون الحياة ولكنه لا يعرف الدين.عرف الإنسان جهاز الحاسوب وما عرف الطريق إلى الله . فهو مستعد أن يضحي بكل وقت إلا في الإستقامة, مستعد أن يتكلم عشرات الساعات لكن بغير ذكر الله, وأن يقرأ من المجلات والصحف ما شاء لكن في غير كتب العلم .ولذلك تجد بعض الناس في غفلة عجيبة لا يريد من يفقهه في الدين ولا من يذكره, يعيش في غفلة وفي سبات عميق لا يعلمه إلا الله .
: ومن أسباب الغفلة :
سكنى البوادي , ونحن لا نقول لأهل البوادي : تعالوا إلى المدن ..لا,لكن نقول لهم:اعتنوا بدينكم وانتبهوا.وسكنى القرى من أسباب الغفلة ,قال صلى الله عليه وسلم في حديث ثوبان وفي سنده نظر ,أورده البخاري في كتاب "الأدب المفرد":يا ثوبان :لا تسكن الكفور,فساكن الكفور كساكن القبور.يعني لا تسكن القرى.ولذلك بعض القرى يمر عليها سنة لا تسمع فيه درسا ولا محاضرة فهذا من أسباب الغفلة التي ما بعدها غفلة .
قال ابن تيمية:هؤلاء يفهمون مجمل الدين, ولا يفهمون تفصيل الدين ,لأن الدين يحتاج منك كل يوم أن تفهم معلومة وأن تفهم آية وأن تفهم حديثا.أما تعيش ستين سنة وأنت على دينك الأول فهذا ليس بصحيح .
فأنت لم ترض في الدنيا في بيت واحد هذه الفترة أو ترضى بسيارة واحدة أو بثوب واحد فكل يوم أنت تجدد إلا الدين .
قال رجل لأبي هريرة : أريد أن أطلب العلم لكن أخاف أن أنساه , فقال أبو هريرة :كفى بتركك طلب العلم إضاعة .يقول:الآن ضيعت العلم, ما دمت تخاف أن تنساه.فواجب المسلم أن يصرف عن نفسه الغفلة بالذكر والعلم ,فواجبه أن يتعلم ولو كان في الثمانين وأن يطلب وأن يتفقه وأن يجالس أهل العلم وطلبة العلم لعل الله أن يفتح عليه قال تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ},{وَ ُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا},{وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }, وكان وهب بن المنبه يسير في ليلة ممطرة فألجأه المطر إلى قوم جالسين,فقال: الحمد لله لقد وفقني الله بأخيار ما بعدهم أخيار وقد رأيت لحاهم وعمائمهم.
فإذا أحدهم يقول للآخر : متى أتى ابنك ؟ وهل أتى بمال ؟
ويقول الآخر:هل بعت سلعتك ؟
قال وهب بن المنبه: لقد ساء ظني بكم .
قالوا:لماذا ؟
قال : مثلي ومثلكم كمثل رجل أتى عليه مطر وليل فرأى بابا مفتوحا فظن أن وراء الباب بيتا فدخل هاربا من المطر ثم دخل الباب فوجده مكشوفا من السماء فلا بيت وراءه.
وقالوا لعيسى عليه السلام وهو طفل وقد مر بقوم:ألا تلعب معنا ؟
قال :ما خلقني الله للعب .قال تعالى{وَآتَيْنَ هُ الْحُكْمَ صَبِيًّا},{أَفَح سِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ,فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}.
كان بعض السلف إذا واجه بعض الناس,قال:في كم ختمت القرآن ؟ كم قرأت اليوم ؟ كم سبحت ؟
كم صليت ؟ ليس من باب الرياء,لكن ليتشجع بعضهم ببعض .
((هذا وصلا الله على نبينا محمد عليه افضل الصلوات واتم التسليم))
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
278- شعرٌ مسروق
" أبو العباس أحمد بن علي بن محمد بن عبد الملك الكناني الإشبيلي" المعروف بـ: "اللص"، لكثرة سرقته أشعار الناس, ومن أعجب ما وقع له في السرقة :
أن واليا قدم "إشبيلية", فانتدبَ أدباؤُهَا لمدحه، قال: فطمعتُ تلك الليلة أن يَسْمَح خَاطِرِي بشيء, فلم يَسْمَح، فنظرت في مُعَلَّقَاتِي، فإذا قَصِيدٌ "لأبي العباس الأعمى" مكتوب عليه: "لم يُنْشَدْ" فأدغمتُ فيه اسمَ الوالي، فلما أصبحنا وأنشد الناس أنشدتُ تلك القصيدةَ؛ فقام شخصٌ وأخرج القصيدةَ من كُمِّهِ؛ وقد صَنَعَ فيها ما صنعتُ، و وَقَعَ لهُ ما وقع؛ فضحِكَ الوالي من ذلك، وكَثُرَ العَجَبُ من التواردِ على السرقة
المصدر : [بغية الوعاة 1/ 345]
المصدر : [بغية الوعاة 1/ 345]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
279- دية كلب
أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة الفزاري, أحد الأجواد من الطبقة الأولى من التابعين من الكوفة/ ت 66هـ
قال "الكلبي": خرج "أسماء" في أيام الربيع إلى ظاهر الكوفة, فنزل في رياض معشبة، وهناك رجل من "بني عبس" نازل، فلما رأى قِبابَ "أسماء" وخيامَه قَوَّضَ خيامه ليرحل، فقال له "أسماء": ما شأنك؟ , فقال: لي كلبٌ هو أحب إِلَيَّ من ولدي، وأخاف أن يؤذيكم فيقتله بعض غلمانكم، فقال له "أسماء": أقم وأنا ضامن كلبك، ثم قال لغلمانه: إذا رأيتم كلبه قد ولغ في قدوري وقصاعي فلا تُهيجوه، وأقام على ذلك مدة، ثم ارتحل "أسماء", ونزل في الروضة رجل من "بني أسد"، وجاء الكلب على عادته فضربه "الأسدي" فقتله، فجاء "العبسيُ" إلى "أسماء", فقال له: أنت قَتَلتَ كلبي، قال له: وكيف؟ قال: عَوَّدْتَهُ عادةً ذَهَبَ يَرُومُهَا من غيرِك فقُتْلَ، فأمر له بمائة ناقة ديةَ الكلبِ.
المصدر : [ فوات الوفيات 1 / 169]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
280- شتان ما بيننا
"فتح بن عبد الله" الْفَقِيه أ"َبُو نصر السندي", الْمُتَكَلّم مولى لآل الْحسن بن الحكم ثمَّ عتق, وَقَرَأَ الْفِقْه وَالْكَلَام على "أبي عَليّ الثَّقَفِيّ"
[ قال الحافظ أبو الفضل ابن طاهر رحمه الله ]: أخبرنَا أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الأديب, قَالَ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ, قَالَ حَدثنِي عبد الله بن الْحُسَيْن, قَالَ:
كُنَّا يَوْمًا مَعَ "أبي نصر السندي" وَفينَا كَثْرَة حواليه, وَنحن نمشي فِي الطين, فَاسْتقْبلنَا "شرِيف" سَكرَان, قد وَقع فِي الطين, فَلَمَّا نظر إِلَيْنَا شتم "أَبَا نصر", وَقَالَ: يَا قن, يَا عبد, أَنا كَمَا ترى, وَأَنت تمشي وخلفك هَؤُلَاءِ, فَقَالَ "أَبُو نصر": أَيهَا الشريف, تَدْرِي لم هَذَا ؟, لِأَنِّي مُتبع آثَار جدك, وَأَنت مُتبع آثَار جدي
المصدر : [ المؤتلف والمختلف لابن القيسراني 1 / 81 ]
قلت - رحم الله والدي-:
صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من بطأ به نسبه لم يسرع به حسبه", وقال: " إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين"
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
281- بأسهم بينهم
[ قال الحافظ أبو الفضل ابن طاهر رحمه الله ]: قلت يَوْمًا "للمرتضى أبي الْحسن المطهر بن عَليّ الْعلوِي" بِالريِّ:
"الزيدية" فرقتان": "الصالحية", و"الجارودية", أَيهمَا خير ؟, فَقَالَ: لَا تقل أَيهمَا خير, وَلَكِن قل" أَيهمَا شَرّ
وكنتُ يَوْمًا فِي مجْلِس "يحيى بن الْحُسَيْن الزيدي" الْعلوِي الصَّالِحِي, فَجرى ذكر "الإمامية", فأغلظ القَوْل فيهم وَقَالَ: لَو كَانُوا من الْبَهَائِم لكانوا الْبَقر, وَلَو كَانُوا من الطير لكانوا الرخم, فِي فصل طَوِيل
فَقلت فِي نَفسِي: قد كفى الله أهل السّنة الوقيعة فيهم بوقيعة بَعضهم فِي بعض, وَكَانَا إمَامِيْ الْفرْقَتَيْنِ فِي وقتهما
المصدر: [ المؤتلف والمختلف لابن القيسراني ص 88]
قلت - رحم الله والدي-:
كذلك حالُ أهل الأهواء والبدع من خوارج ورافضة -لا كثرهم الله-, قد ألقى الله تعالى بينهم البغضاء والعداوة والشنآن, فكل فرقة منهم تفترق وتنقسم إلى عدة فرق, وتعادي الأخرى وتتبرا منها, ونظرة في كتب الملل والنحل يتبين لك الأمر, وتتضح الصورة, فالحمد لله على الإسلام والسنة
وقد كان دائما ما بين "الزيدية" وغلاة "الإمامية الإثناعشرية" متبباعدا جدا, وقد يتقاربون إذا اتحدت مصلحتهم, وقد كان شيء من ذلك في عهد "المقبلي" رحمه الله, وسطر ذلك في كتابه "العَلَم الشامخ"[ص62] فقال: ...رأيناهم إذا وفد "إِمَامِيٌّ" على هذه الدولة المباركة في اليمن الآن هَشُّوا إليه, وأجهشوا، وعششوا وانتعشوا، وقلتُ للخطيبِ المشار إليه في خطبة هذه "الأبحاث"... أراكم يفد على هذه الدولة المباركة الرجل من "الإمامية" فكأنما وَفَدَ عليكم مَلِك, ومن أصولهم البراءةِ منكم, ومن سائر الفرق الإسلامية المنكرين للنَّصِ على أئمتهم, لأنهم أنكروا ما عُلِم من الدين ضَرُورةً بزعمهمم, وأن أئمتكم منذ "زيد بن علي" إلى يومنا هذا رؤساءُ الضلال والكفر -صانهم الله تعالى-, ويسمون من خالفهم كافرا ومنافقا, وإذا جاءكم الرجل من أهل المذاهبِ الأربعة فكأنما رأيتم شيطانا, ومن أصولهم وأمهات المسائل عندهم أن لا يُكَفَّرُ أحدٌ من أهل القبلة, فأخبرني ما هذا؟, فما وجد من الجواب إلا أن قال: "الإمامية" لم يشتَغِلُوا بنا ولا بأَذِيَّتِنَا, وهؤلاء يرموننا بالابتداع, فقلت أيهما أعظم: الرمي بالبدعة مع الشهادة لكم بالإسلام أم الرمي بالكفر واستحلال دمائكم وسبي نسائكم, وأبنائكم, واغتنام أموالكم ؟ , فأُلْجِمَ.اهـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
282- شباب الحي
[ قال الحافظ أبو الفضل ابن طاهر رحمه الله ]:أخبرنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف الْقرشِي الصُّوفِي بالموصل, حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم سعيد بن مُحَمَّد بن الْحسن الأندلسي بصيداء, قَالَ أنشدنا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن شنبويه الْأَصْبَهَانِي ّ بِصَنْعَاء بِبَاب دمشق, قَالَ أنشدنا أَبُو عبد الله الْفَقِيه المراغي الشَّافِعِي رَحمَه الله:
إِذا رَأَيْت شباب الْحَيّ قد نشأوا *** لَا ينقُلُون قِلالِ الحِبر والوَرَقا
وَلَا تراهم لَدَى الْأَشْيَاخ فِي حلق *** يَعُونَ من صَالحِ الْأَخْبَار مَا اتَّسَقَا
فذرهم عَنْك وَاعْلَم أَنهم همج *** قد بدلُوا بعلو الهمة الحُمُقَا
المصدر : [ المؤتلف والمختلف لابن القيسراني 1 / 90 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
283- مقدمة كتاب
[ قال الحافظ أبو الفضل ابن طاهر رحمه الله ]: سَمِعت القَاضِي "أَبَا بكر مُحَمَّد بن عَليّ الميانجي" يَقُول: سَمِعت أبي يَقُول:
دخلت على الْوَزير "أبي عَليّ الْحسن بن عَليّ بن إِسْحَاق", وَبَين يَدَيْهِ كتاب من تصنيف "أبي الْمَعَالِي بن الْجُوَيْنِيّ" الْمُتَكَلّم, فناولنيه, وَقَالَ: أنظر فِيهِ, ففتحته فَإِذا فِي أَوله: "الْحَمد لله القيوم الْحَيّ", فَتركتُ الْكتاب, وَلم أنظر مَا بعده, فَقَالَ لي: لم تركته ؟, فَقلت: لِأَنَّهُ خَالف النَّص فِي أول الْكتاب, فَلَا أنظر فِيمَا بعده, فَقَالَ: وَمَا مُخَالفَته النَّص ؟ , قلت: قَالَ الله عز وَجل: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم}, وَهُوَ يَقُول: القيوم الْحَيّ, وَهَذَا خلاف النَّص, وتغيير نظم الْقُرْآن, فَسكتَ, وَلم يُجِبْ بِشَيْء
المصدر : [ المؤتلف والمختلف لابن القيسراني ص 137 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
284- امتحان محدث
أبو الفضل محمد بن هبة الله بن العلاء بن عبد الغفار، البروجردي، الحافظ، من أهل برجرد, شيخ عالم، صحب أبا الفضل محمد بن طاهر المقدسي، واستفاد منه، وتلمذ له, وكان من المتميزين الفهمين.
قال الحافظ :أبو سعد السمعاني" -رحمه الله- : أول ما لقيته أني كنت قاعدًا في "جامع بروجرد" أنسخ شيئًا من الحديث، فدخل شيخٌ عليه هيئةٌ رَثةٌ, وسَلَّمَ وقَعَدَ, فرددتُ وسَكَتُّ، فبعد ساعة قال لي: إيش تكتب؟ , فكرهتُ جوابَه، وقلتُ في نفسي: مالَهُ وهذا السؤال !؟, ثم قلت متبرمًا: الحديث, فقال: كأنكك تطلب الحديث؟ , قلت: بلى، فقال: من أين أنت؟, فقلت: من مرو، فقال: عن من يروي البخاري الحديث من المراوزة ؟ , فقلت: عن عبدان، وصدقة، وعلي بن حجر، وجماعة من هذه الطبقة، فقال: ما اسم عبدان؟ , فقلت: عبد الله بن عثمان بن جبلة، فقال: لم قيل له عبدان ؟ , فوقفتُ، فتَبَسَّمَ، فنظرتُ إليه بعينٍ أُخرى، وقلت: يذكُرُه الشيخُ، فقال: كنيته أبو عبد الرحمن، واسمه عبد الله، فاجتمع في كنيته واسمه العبدان، فقيل له: عبدان، ففرحتُ بهذه الفائدةِ، فقلت له: عن من سمعت هذا ؟ , فقال: عن "أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي"
ثم بعد ذلك كتبت عنه أحاديث من أجزاء انتخبتها عليه.
المصدر : [ المنتخب من معجم شيوخ 3 / 1641 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
285- نذر العجائز
قال الحافظ "أبو سعد السمعاني" -رحمه الله- : أبنا محمد بن أبي سعيد الدرغاني قراءة عليه، أبنا أبو الفتح عبيد الله بن محمد بن أردشير بن محمد الهشامي، أخبرنا جدي أبو العباس أردشير بن محمد الهشامي، سمعت أبا العباس أحمد بن سعيد المعداني، يقول: وقال الحسين:
تذاكروا الشجاعة والفرسان يومًا في مجلس المأمون، فأكثروا, فقال المأمون: لم يكن في الإسلام بعد "علي بن أبي طالب"، و"الزبير بن العوام" أهل بيت شملتهم الشجاعة كـ: "المهلب بن أبي صفرة"، وولده, لقد حدثت عن "داود بن المساور العبدي"، قال:
دخلنا على "يزيد بن المهلب" حين ظفر "بعدي بن أرطاة"، وغلب على البصرة، فبينا نحن عنده إذ أتاه رجل من العرب، فقال: أصلح الله الأمير، إني جعلت لله نذرًا علي لإن رأيتك في هذا القصر أميرًا أن أقبل رأسك, فقال "يزيد": وما للرجال والنذور في القُبَل، لله در عسكرين؛ كنا في أحدهما، و"الأزارقة" في الآخر، ما كان أبعدهم أن تكون نذرهم مثل ما نذرت يا شيخ.
لقد رأيتني يومًا وأنا واقف بين "الحريش بن هلال السعدي"، وبين مولى له, إذ خرج ثلاثة نفر من صنف "الخوارج"، فشدوا على صفنا, فخرقوه حتى دخلوا إلى عسكرنا، ففعلوا ما أرادوا، ثم رجعوا سالمين، وأحدهم آخذ بسنان رمحه يجره في الأرض, وهو يقول:
وإنا لقوم ما نعودُ خيلنا ... إذا ما التقينا أن تَحِيد وتنفرا
ونُنكِرُ يوم الورع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى نحسب الجوز أشقرًا
وليس بمعروفٍ لنا أن نَردها ... صِحاحًا ولا مستنكرًا أن تعقرا
فقلت عند ذلك: ما رأيت ثلاثة نفر بلغوا من عسكر فيه من في عسكرنا ما بلغ هؤلاء, فقال "الحريش": فما يمنعك من مثلها "أبا خالد" ؟ , فقلت: من؟ , قال: بي، وبك، وبمولاي هذا, فشددنا ثلاثتنا فصنعنا بصفهم كما صنعوا بصفنا، ثم خرج "الحريش" آخذًا بزج رمحه يجره، وهو يقول:
حتى خرجن بنا من تحت كوكبهم ... حمرًا من الطعن أعناقًا وأكفالًا
تلك المكارم لا قعبان من لبن شِيبَا ... بماء فعاد أبعد أبوالا
فمثل هذا فاصنعوا وانذروا، ولا تنذروا نذر العجائز الضعاف، ثم قال: ادن يا شيخ، فاوف بنذرك، فدنا فقبل رأسه.
المصدر : [ المنتخب من معجم الشيوخ 3 / 1665 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
286- شدائد الدنيا
[قال الحافظ "أبو سعد السمعاني" -رحمه الله-] : سمعت "أبا القاسم التميمي" بأصبهان، سمعت "أبا الفضل يونس بن أحمد بن محمد بن علي الحبال الجواليقي" الكاتب، لفظًا في دارنا، يقول:
" شدائد الدنيا أربع : البناتُ ولو كانت واحدة، وغَمُّ الدَّيْنِ وإن كان درهمًا، وغَمُّ الغُربة وإن كان يومًا، وغَمُّ الفقر وإن كان ساعة"
المصدر " [ المنتخب من معجم الشيوخ / 660 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
287- أحياء موتى
[ قال الحافظ "أبو سعد السمعاني" -رحمه الله- ] : أخبرنا الحسن بن نصر القاضي بكش، ثنا مسعود بن الحسين الخطيب إملاء بسمرقند، أنشدنا أبو اليسر محمد بن الحسين البزدوي إملاء، قال: أنشدنا الحافظ "أبو نصر الحسين بن عبد الواحد الشيرازي"، قال: أنشدت "للمبرد" في "عبد الله بن طاهر":
يقول أناسٌ إن مصرًا بعيدةٌ ... وما بَعُدَتْ مصرُ وفيها ابن طاهر
وأبعَدُ من مصر رجالٌ نَعُدُّهُمْ ... بحَضرتِنا مَعْرُوفُهُم غير حَاضِرِ
عن الخير مَوْتَى ما تبالي أَزُرتَهُمْ ... على طَمَعٍ أم زُرْتَ أهل المقابرِ؟
المصدر " [ المنتخب من معجم الشيوخ 3 / 679 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
ح- و"لبدر الدين محمد بن أبي بكر الـدماميني"(ت 827هــ) : "نزول الغيث على الغيث" في نقد شرح "الصفدي"/ مخطوط في ليدن 658-657 وباريس 3124 واﻹسكوريال ثان 560، 1 ، 325 ، ونقد هذا الشرح "نور الدين علي بن محمد اﻷقبرسي" (ت 862هــ), سماه: "تحكيم العقول بأفول البدر بالنزول" / مخطوط له في باريس 3125 .
أخي أبا يعلى البيضاوي ، أشكرك على هذه المعلومات المفيدة ، كما أحب أن أشير إلى أن كتاب (تحكيم العقول بأفول البدر بالنزول) لابن أقبرس ، قام بتحقيقه الدكتور عادل محمد الرفاعي ، وكان التحقيق بغرض الحصول على درجة الماجستير، وكان تحقيقه من أجود ما يكون، فقد نال إعجاب الأساتذة المناقشون والمشرف على الرسالة، وأوصوا بطباعة الكتاب ونشره.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
288- يكتب برجله
أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن علي بن الحسن بن فطيمة البيهقي, من أهل خسروجرد؛ إحدى قرى بيهق، وهو قاضيها.
كان شيخًا فاضلًا، مسنًا كبيرًا، جليل القدر، حسن السيرة، مليح الأخلاق، كثير المحفوظ، ...اتفق أن لحقته علة الدم بكرمان فقطعت أصابعه العشرة، ولم يبق له إلا الكفان فحسب، ومع هذا كان يأخذ القلم بكفيه ويضع الكاغذ على الأرض, ويمسكه برجل, ويكتب بكفه خطًا حسنًا مقروءًا مبينًا، وربما يكتب في كل يوم خمس طاقات من الكاغذ، وهذا عجيب ما رأيته
المصدر : [المنتخب من معجم شيوخ السمعاني 2 / 688 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
289- الفراق شديد
[ قال السمعاني رحمه الله ] أبنا أبو منصور الصالحاني، بقراءتي عليه، أخبرتنا عائسة بنت الحسن الوركانية، قالت: أنا أبو الحسين عبد الواحد بن محمد بن الشاه الشيرازي، حدثني عبد الواحد بن بكر الورثاني، حدثني إبراهيم بن علي الصوفي، قال:
قيل لعبد الله بن إبراهيم الدسوقي: ما بال الشمس عند غروبها تصفر وتلون؟ , قال: خوف الفراق.
المصدر : [المنتخب من معجم شيوخ السمعاني 2/ 711 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
290- شكوى إلى الطبيب
[ قال السمعاني رحمه الله ]: سمعت أبا علي النسفي الأديب، في داره بنسف، يقول: سمعت الخطيب أبا القاسم الكشاني، بسمرقند إملاء، يقول: سمعت الأديب الشاوغري، يحكي عن عبد الله بن محمد بن عقبة، أنه قال:
كنت يومًا بالبصرة أدور في بعض سككها, إذا انتهيت إلى أعرابي عليل, طريح في مزبلة، فدنوتُ منه, وسألته عن حاله, فوجدته ضعيفًا، ثم قال: وجهني إلى القبلة، فوجهته إلى القبلة، وقلت له: ما تشتهي؟ , فقال لي: المغفرة، فقلت: ليس ذاك إلي، ثم قال: ألا تعالج؟ , فأنشدني:
يا فارج الغَمِّ عن نُوح وأسرتِهِ ... وصاحبِ الحوتٍ مولَى كُلِّ مَكْرُوبِ
وفالقِ البحرِ عن موسى وشيعتِه ... ومُذْهِبِ الهَمِّ عن ذي البَثِّ يعقوبِ
وجاعل النار لإبراهيم باردة ... ورافع السقم عن أوصال أيوب
إن الأطباء لا يُغْنُوَن عن وصب ... أنت الطبيبُ طبيب غير مغلوبِ
المصدر : [ المنتخب من معجم شيوخ السمعاني 2 / 727 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
291- إسناد الأمور إلى غير أهلها
علي بن أحمد بن سلّك الفالي:- بالفاء- يعرف بالمؤدّب، من أهل بلدة فالة- موضع قريب من إيذج. وليس بأبي علي القالي بالقاف، ذلك آخر اسمه إسماعيل وكنية هذا أبو الحسن، ...كان يقول الشعر ومنه:
تَصَدَّرَ للتَّدْرِيس كُلُّ مهوس ... بَلِيد يسمّى بالفقيه المُدَرِّسِ
فَحُقَّ لأهل العلمِ أن يَتَمَثَّلُوا ... ببيت قديمٍ شاعَ في كلّ مجلسِ
لقد هزلَت حتى بَدَا من هزالها ... كلاها وحتى سَامَهَا كُلّ مُفلِسِ
المصدر : [ معجم الأدباء 4 / 1646 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
292- ومنه أيضا
قال "أبو زكرياء يحيى بن علي الخطيب التبريزي" : أنشدنا "أبو الحسن الفالي" لنفسه:
لما تبدلت المنازلُ أوجهاً ... غير الذين عَهِدتُ من علمائها
ورأيتُهَا محفوفةً بسِوى الأُلَى ... كانوا ولاةَ صدورِها وفِنائها
أنشدتُ بيتاً سائراً متقدماً ... والعينُ قد شَرقت بجَارِي مائِها
أما الخِيَامُ فانها كخِيامِهم ... وأرَى نِساءَ الحَيِّ غير نِسائها
المصدر : [ معجم الأدباء 4 / 1646 ]
قلت - رحم الله والدي -:
أظن أن "الفالي" كان يؤلمه ما يرى في زمنه من المتصدرين وليسوا بأهل, فلذلك كان يكثر التشكي والتالم فينفس عن نفسه ومكنون صدره بهذه الأبيات الشعرية, فكيف لو أدرك - رحمه الله- زماننا, ورأى كثرة من يصعد المنابر ويؤلف الكتب والدفاتر, ويفتي في الإذاعات والفضائيات , إذا لرأى العجب العجاب, فالله المستعان
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
293- فراق أنيس
حدث "أبو زكرياء التبريزي" قال : رأيت نسخة ب «كتاب الجمهرة» لابن دريد باعها "أبو الحسن الفالي" بخمسة دنانير من القاضي "أبي بكر ابن بديل التبريزي", وحملها إلى تبريز، فنسخت أنا منها نسخة، فوجدت في بعض المجلدات رقعة بخط "الفالي" فيها:
أَنِسْتُ بها عشرين حولاً وبعتُهَا ... فقد طالَ شوقي بعدَها وحنيني
وما كان ظنّي أنني سأبيعُهَا ... ولو خلّدتني في السجونِ دُيُوني
ولكن لضعفٍ وافتقارٍ وصبيةٍ ... صغارٍ عليهم تستهلُّ شُؤُوني
فقلتُ ولم أملك سوابقَ عَبرةِ ... مقالةَ مَشْوِيِّ الفؤادِ حزينِ
وقد تخرجُ الحاجاتُ يا أمَّ مالك ... كرائم من ربٍّ بهنَّ ضنينِ
فأريتُ القاضي "أبا بكر" الرقعةَ والأبيات, فتَوَجَّعَ, وقال: لو رأيتها قبل هذا لرددتها عليه، وكان "الفالي" قد مات.
قال المؤلف [ ياقوت الحموي ]: والبيت الأخير من هذه الأبيات تضمين قاله أعرابيّ في ما ذكره "الزبير بن بكار" عن يوسف بن عياش قال: ابتاع "حمزة بن عبد الله بن الزبير" جملا من أعرابي بخمسين دينارا, ثم نَقَدَهُ ثمنه، فجعل الأعرابي ينظر إلى الجمل ويقول:
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك ... كرائم من ربّ بهنّ ضنين
فقال له حمزة: خُذ جَمَلك, والدنانيرُ لك، فانصرف بجمله وبالدنانير.
المصدر : [ معجم الأدباء 4 / 1646 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
294- حماقة الرافضة
قرأت بخط الشيخ "أبي محمد ابن الخشاب"، حدثني الشيخ الصالح أبو صالح قرطاس بن ألطنطاش الظفري الصوفي التركي من لفظه قال: سمعت "ابن الرملي" يقول وكان مُسِنّاً: حضرتُ مجلسَ "أبي القاسم المرتضى", وأنا إذ ذاك صبيٌّ، فدخل عليه بعض أكابر الديلم، فتزحزح له, وأجلسه معه على سريره، وأقبل عليه مُسَائِلا، فسارّه "الديلمي" بشيء لم نعلم ما هو، فقال له متضجرا: نعم، وأخذ معه في كلام كأنه مُدَافِعُه، فنهض "الديلمي"، فقال "المرتضى" بعد نهوضه: أهؤلاء يريدون منا أن نزيل الجبال بالريش؟! , وأقبل على من في مجلسه, فقال: أتدرون ما قال هذا "الديلمي"؟, فقالوا: لا يا سيدي، فقال قال: بيّن لي هل صَحَّ إسلامُ أبي بكر وعمر؟
قلت أنا [ ياقوت ]: رضي الله عنهما.
قلت أنا [ أبو يعلى ]: أبغض الله مبغضهما, وشنأ شانئهما, ولعن لاعنهما
المصدر: [معجم الأدباء 4 / 1732]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
295- ظاهر مُمَوّه وباطن مشوه
قرأت بخط "هلال بن المظفر الزنجاني" في "كتاب" أَلَّفَهُ: ذكر غير واحد من أهل زنجان أن رجلا منها يعرف بجابر بن أحمد خرج إلى بغداد متأدبا، فحين دخل قصد "علي بن عيسى النحوي" بعد أن لبس ثيابا فاخرة عطرة, وتجمل وتزين, ودخل عليه وسلّم، فقال له "علي بن عيسى": من أين الفتى؟, قال: من الزنجان بالألف واللام، فعلم "الربعي" أن الرجل خالٍ من الفضل، فقال: متى وردت؟, قال: أمس، فقال:جئت راجلا أم راكبا , فقال: بل راكبا، قال: المركوب مكترى أم مشترى؟, قال: بل مكترى، فقال الشيخ: مُرّ واسترجع الكريَّ, فإنه لم يَحمِل شيئا، ثم أنشد الشيخ:
وما المرءُ إلا الاصغرانِ لسانه ... ومعقوله, والجسمُ خلقٌ مُصوّرُ
فإِنْ طرّة راقتكَ فاخْبُر فرُبَّما ... أَمَرَّّ مذاقُ العودِ والعودُ أخضرُ
المصدر : [ معجم الأدباء 4 / 1830]
قلت -رحم الله والدي-:
في مثله ضرب المثل المشهور: ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل, قال العسكري في "جمهرته"[1170]: في هذا المذهب قول حسان:
لابأس بالقوم من طول ومن عرض ... جسم البغال وأحلام العصافير
فأخذه ابن الرومي فقال:
طول وعرض بلا عقل ولا أدب ... فليس يحسن إلا وهو مصلوب
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
296- إلى متى يطلب العلم ؟
قال "ابن مناذر": سألت "أبا عمرو بن العلاء": حتى متى يحسُنُ بالمرءِ أن يتعلم ؟, قال: ما دامت الحياةُ تحسن به.
المصدر : [ وفيات الأعيان 3 / 468 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
297- العمل والعجب
أبو حفص عمر بن محمد البكري الملقب شهاب الدين السهروردي...كان أرباب الطريق من مشايخ عصره يكتبون إليه من البلاد صورة فتاوى يسألونه عن شيء من أحوالهم
[ قال ابن خلكان ]:سمعت أن بعضهم كتب إليه " يا سيدي, إن تركتُ العملَ أخلدتُ إلى البطالةِ، وإن عَملتُ داخلَنِي العُجْبُ، فأيهمَا أولَى ؟
فكتبَ جوابَه: " اعْمَلْ واستغفِرْ اللهَ تعالى من العُجب "
المصدر: [ وفيات الأعيان 3 / 447]
قلت – رحم الله والدي- :
المسألة ذكرها "التاج السبكي" في خاتمة "جمع الجوامع" فقال: (اعْمَلْ وَإِنْ خِفْتَ الْعُجْبَ مُسْتَغْفِرًا), قال "المحلي" في "شرحه": أَيْ إذَا وَقَعَ قَصْدًا كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ تَرَكَ الْعَمَلِ لِلْخَوْفِ مِنْهُ مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
298- غضبة لله
هارون الواثق بالله بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد / ت 232هـ
من نادر كلامه لشخص كان عاملاً له على عمل، نُقِل عنه أنه قال لمن شَفَعَ إليه في قصته: لو شَفَع لك النبيُ صلى الله عليه وسلم ما شَفَّعْتُك", لولا أنَّ في خطأِ لفظِكَ إشارةٌ إلى صوابِ معناكَ في استعظامِكَ, ووضعِكَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في غايةِ التمثيلِ لمَثَّلْتُ بِك
ثم أمر أن يٌضرَب ثمانين سوطاً ويعزل, ورُئِيَ الواثقُ في تلك الحالةِ وهو يرعَدُ غَضَباً وقال: والله لا وُليتَ لي عَمَلاً أبداً
المصدر: [ فوات الوفيات 4 / 228 ]
قلت – رحم الله والدي-:
رحم الله هذا الخليفة العباسي رحمة واسعة لغضبه لحرمات الله لما انتقصت, وما أحوجنا اليوم إلى أمثاله من وُلاَة الأمرِ وحُمَاة الشرعِ ليأخذوا على يد الأقزام ممن تُسول لهم أنفسهم الأمارة بالسوء التطاولَ على حُرماتِ الدينِ وشعائرِ الإسلامِ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
299- بيت القرآن
"ابن العديم العقيلي" يكنى: "أبا القاسم" ويلقب: "كمال الدين"، من أعيان أهل حلب وأفاضلهم، وهو: عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، واسم أبي جرادة عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف بن عامر بن عقيل، أبي القبيلة، بن كعب بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
قال [ ياقوت ]: حدثني "كمال الدين أبو القاسم" قال حدثني جمال الدين أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة عمي قال:
لما ختمت "القرآن" قَبَّلَ والدي رحمه الله بين عينيّ, وبكى وقال: الحمد لله يا ولدي هذا الذي كنت أرجوه فيك، حدثني جدّك عن أبيه عن سلفه أنه ما منا أحد إلى زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم إلّا من ختم القرآن.
المصدر: [ معجم الأدباء5 / 2069 ]
قلت -رحم الله والدي-:
"كمال الدين" هو : "ابن العديم الحلبي" المتوفى سنة 660هـ صاحب التاريخ العظيم المسند: "بغية الطلب في تاريخ حلب"
اشتهر في التاريخ الإسلامي الخالد بيوتات للعلم ظل فيهم العلم وحفظ القرآن ورواية الحديث متصلا متوارثا قرونا عديدة, وأزمنة مديدة, جيلا بعد جيل, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وهو ذو الفضل العظيم, وقد ألفت في ذكرها كتب, منها كتاب: الترجمة الذهبية لأعلام آل تيمية لمحمد صالح قرواش اليافعي/ رابط تحميله/ وكتاب: "من بيوتات العلم بدمشق آل القاسمي ونبوغهم في العلم والتحصيل للشيخ العلامة محمد بن ناصر العجمي طبع في دار البشائر / رابط تحميله , وكتاب: "بيوتات الحديث بدمشق" تأليف محمد بن عزوز, طبع في دار الفكر المعاصر, وكتاب: "بيوتات العلم و الحديث في الأندلس" ل محمد بن زين العابدين رستم طبع في دار ابن حزم
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
300- قُرَّاِء آخرِ الزمانِ
[ قال ياقوت –رحمه الله - ] قرأت بخط "أبي سعد" باسناد رفعه إلى مجاهد أنه قال:
انطلق غلامُ من بني إسرائيل بِفَخٍّ, فنَصَبَهُ منتبذا عن الطريق، فجاء عصفور فوقع قريبا منه, وأنطق الله العصفور, وأَفهمَ الفخَّ، فقال العصفورُ: مالى أراك منتبدا عن الطريق ؟, قال: اعتزلتُ شرورَ الناس، قال: فمالي أراك نحيفا؟, قال: أنهَكَتْنِي العبادةُ, قال: فما هذه الحَبَّة في فِيكَ ؟, قال: أَرصُدُ بها مِسكيناً أو ابن سبيل، قال: فأنا مسكينٌ وابن سبيل؟ ، قال: فدونَكَها, فوثَبَ العصفورُ فأخذَ الحبَّةَ، فوثبَ الفَحُّ فوقع في عنقِه، فجعلَ العصفورُ يقولُ: عيق عيق، وعزةُ رَبِّي لا غَرَّنِى بعدها قَارىءٌ مُرَاءٍ أبدا
قال مجاهد: وهذا مثل قرائين مرائين يكونون آخر الزمان.
المصدر: [معجم الأدباء 5 / 2272]
قلت – رحم الله والدي- :
"أبوسعد", هو الحافظ أبو سعد عبد الكريم ابن الإمام أبي بكر محمد ابن الإمام أبي المظفر التميمي السمعاني المروزي رحمهم الله, المتوفى سنة 562هـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
301- جهل مركب
[ قال الحافظ للسمعاني- رحمه الله- ]: أخبرنا أبو محمد يحيى بن على بن الطراح المدير بقراءتي عليه ببغداد, عن أبى بكر أحمد بن على بن ثابت الخطيب الحافظ, ثنا منصور بن ربيعة الزهري بالدينور, قال: سمعت بعض القضاة يحكي أن رجلا قال:
دخلتُ حمص وفي فمي درهم, لعلي أرى شيئا فأشتريه به, فإذا رجل جالس بباب الجامع على كرسي, وعلى رأسه عمامة, متحنك بها, وقد ترك فوقها قلنسوة, وقد لبس فروة مقلوبة بلا سراويل, وقد تقلد بسيف, وفي حجره مصحف يقرأ منه, وعنده كلب رابض, وقد تمسك عقوده, فسلمت عليه فرد السلام, فقلت: أترى القوم قد صلوا ؟ , قال: أفأنت أعمى ما تراني قاعدا ؟ , قلت: من أنت؟ فقال: أنا ابو خالد إمام الجامع, وكلبى أبو جعفر، قلت: أتحفظ القرآن؟ , قال: نعم، قلت: ما هذه الضوضاء والجلبة؟ , قال: قد ورد رجل زنديق يقرأ السبع الطوال, ويشتم أبا بكر الصناديقي وعمر القواريري وعثمان بن أبى شيبة ومعاوية بن غسان الّذي هو من حملة العرش, وزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته عائشة, في زمن الحجاج بن يوسف, فاستولدها الحسن والحسين، فقلت: ما أسخن عينك! ما أعرفك بالمقالات والأنساب! , قال: وما خفي عليك أكثر، قلت: فاقرأ شيئا من القرآن، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم: "وَإِذْ قال لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً , وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً"
فرفعت يدي وصفعة صفعة سقطت عمامته, وبقي التحنك في عنقه، فصاح بالناس فلبَّبُونِى, وقال: احملوه الى المحتسب، فكل من لقيني قال: ما فعل؟ , قالوا: صفع إمام الجامع، قال: يا مسكين, أهلكت نفسك، فقلت: كذا حكم الله, فصبرا عليه, ويزمعون هم أيضا حتى وصل بى إلى المحتسب, فإذا رجل حاسر حاف, قد لبس دراعة بلا سراويل, فقدمت إليه, فقالوا: هذا صفع إمام الجامع، فقلت: نعم، قال: يا مسكين, أهلكت نفسك، قلت: كذا حكم الله فصبرا عليه، قال: أيما أحبّ إليك, سَمْلُ العين, أو قطع اليد, أو أن تدفع نصف درهم؟, فرفعت يدي وصفعت المحتسب صفعة, ثم أخرجت الدرهم من فمي وقلت: خذ يا سيدي! , نصف درهم لك, ونصف درهم لإمامك، وانصرفت.
المصدر: [الأنساب للسمعاني 1 / 32]
قلت رحم الله والدي-:
ما أشبه الجهل المركب عند هؤلاء بما حكاه "ابن الجوزي" في أخبار الحمقى والمغفلين"[ص 160]:عن ثمامة بن أشرس قال: شهدت رجلاً وقد قَدَّمَ خصماً له إلى بعض الولاة, فقال: أصلحك الله، أنا رافضي ناصبي، وخصمي جهمي مشبه مجسم قدري، يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على علي بن أبي سفيان, ويلعن معاوية بن أبي طالب؛ فقال له الوالي: ما أدري مم أتعجب، من علمك بالأنساب, أم من معرفتك الألقاب، قال: أصلحك الله، ما خرجت من الكتاب حتى تعلمت هذا كله.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
302- حفظ خارق
[قال ياقوت]: قال هارون بن عبد العزيز، قال أبو جعفر: لما دخلت مصر لم يبق أحد من أهل العلم إلا لقيني وامتحنني في العلم الذي يتحقق به، فجاءني يوما رجل فسألني عن شيء من العروض، ولم أَكُنْ نشِطْتُ له قبلَ ذلك، فقلت له: عَلَيَّ قول ألا أتكلمَ اليوم في شيء من العروض، فإذا كان في غد فصِرْ إِلَيَّ، وطلبتُ من صديقٍ لي "العروض" للخليل بن أحمد فجاء به، فنظرتُ فيه ليلَتي، فأمسيتُ غير عروضِيٍّ وأصبحتُ عرُوضِيا.
المصدر: [معجم الأدباء 6 / 2449]
قلت –رحم الله والدي-:
ومثل هذه الحكاية ما حصل من الإمام أبي بكر محمد بن القاسم "ابن الأنباري" النحوي اللغوي الأديب, فقد ذكر "الخطيب" في ترجمته من "تاريخ بغداد"(4 / 299): قال لنا "أبو الحسن العروضي":
كان يتردد "ابن الأنباري" إلى أولادِ "الراضي"، فكان يوما من الأيام قد سألته جارية عن شيء من تفسير الرؤيا، فقال: أنا حاقِن ثم مضى، فلما كان من غَدٍ عاد وقد صار معبرا للرؤيا، وذاك أنه مضى من يومه فدرس "كتاب الكرماني" وجاء.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
303- دعوة والدة
جار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري, الإمام المفسر المعتزلي, صاحب تفسير "الكشاف"...أصاب خراج في رجله فقطعها, واتخذ رجلا من خشب، وقيل: أصابه برد الثلج في بعض أسفاره بنواحي خوارزم فسقطت رجله
وحُكِي أن "الدامغاني" المتكلم الفقيه سأَلَهُ عن سبب قطع رجله, فقال: دعاءُ الوالدة، وذلك أني أمسكت عصفورا وأنا صبيّ صغير, وربطت برجله خيطا, فأفلَتَ من يدي, ودخل خرقا فجذبته, فانقطعت رجله، فتألمت له والدتي, وقالت: قطع الله رجلك كما قطعت رجله، فلما رحلتُ إلى "بخارى" في طلب العلم سقطت عن الدابة في أثناء الطريق, فانكسرت رجلي, وأصابني من الألم ما أوجب قطعها.
المصدر: [معجم الأدباء 6 / 2688]
قلت: رحم الله والدي-:
سبحان الله, دعوة وافقت قَدَرا وساعة إجابة, ولهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وهو في "صحيح مسلم"[ 3009] عن الدعاء على النفس والأموال والأولاد, فقال: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم»
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
304- دعاء له أم عليه ؟
قال "ابن حجة الحموي" : يحكى أن بعض الشعراء هنأ "الحسن بن سهل" باتصال ابنته "بالمأمون"، مع مَنْ هَنَّأَهُ، فأثابَ الناس كلهم وحَرَمَهُ، فكتب إليه: إن أنت تماديتَ على حِرماني، عَمِلتُ فيك بيتًا لا تعلمُ مدحتُكَ فيه أو هجَوْتُكَ, فاستحضره, وسأله عن قوله، فاعترف وقال: لا أعطيك أو تفعل, فقال:
بارك الله للحسن *** ولبوران في الختن
يا إمام الهدى ظفر *** ــت ولكن ببنت من ؟
فلم يعلم ما أراد بقوله: "ببنت من" في الرفعة أو في الصغر؟ , واستحسن منه "الحسن" ذلك, وناشده: أسمعت هذا المعنى أم ابتكرته؟ , فقال: لا والله بل نقلته من شعر شاعر مطبوع، كثير العبث بهذا النوع, اتفق أنه فضل قباء عند خياط أعور اسمه: "زيد"، فقال له
الخياط على طريق العبث به: سآتيك به لا تدري أقباء هو أم دواج, فقال له الشاعر: إِنْ فعلتَ ذلك لأعملن فيك بيتًا، لا يَعلَمُ أحدٌ ممن سمعه، أدعوتُ لكَ أم دعوتُ عليك ففعل الخياط، فقال الشاعر:
خاط لي زيد قباء *** ليت عينيه سواء
فما علم أحد، أن الصحيحة تساوي السقيمة أو بالعكس، فاستحسن "الحسن" صدقَهُ أضعاف استحسانه حِذْقَهُ.
[ قال ابن حجة]: وغالب الناس يسمون الخياط "عمرًا", ويقولون:
خاط لي عمرو قباء *** ليت عينيه سواء
ولكن نقل "زكي الدين بن أبي الأصبع"، في كتابه المسمى: "بتحرير التحبير"[ص 596] أن الخياط كان اسمه: "زيدًا"، وأورد البيت مصرعًا، مرفوع العروض والضرب، ووجه الرفع ظاهر فيهما.
ولم يتفق للمتأخرين ولا للسلف من قبل، في هذا الإبهام، غير البيت المتعلق بالخياط زيد، والبيت المتعلق بالحسن بن سهل، وقد تقدم ذكرهما
وقد عززتهما بثالث لما وقفت على "تاريخ زين الدين بن قرناص الحلبي", ووجدته قريبًا من "قباء زيد" الخياط، فقلت:
تاريخ زين الدين فيه عجائب ... وبدائع وغرائب وفنون
فإذا أتاه مناظر في جمعه ... خبره عني إنه مجنون
المصدر: [خزانة الأدب وغاية الأرب 1 / 178]
قلت -رحم الله والدي-:
قال في " تاج العروس "[34 / 480] : قال ابن الأعرابي: الختن أبو امرأة الرجل، وأخو امرأته وكل من كان من قبل امرأته. (وهي) ختنة بهاء, وفي "التهذيب": الأحماء من قبل الزوج، والأختان من قبل المرأة، والصهر يجمعهما, والختنة: أم المرأة، ومنه حديث سعيد بن جبير، رضي الله تعالى عنه: أينظر الرجل إلى شعر ختنته ؟ أي: أم امرأته. اهـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
305- تعريض في الدعاء
ونحو هذا في التعريض بالدعاء على الشخص في صورة الدعاء له ما ذكره "ابن حجة الحموي" أيضا ,قال:
قيل: دخلت امرأة على "هارون الرشيد" وعنده جماعة من وجوه أصحابه, فقالت: يا أمير المؤمنين, أقر الله عينك, وفَرَّحَكَ بما آتاك, وأتم سعدك, لقد حكمت فقسطت, فقال لها: من تكونين أيتها المرأة ؟, فقالت: من آل برمك, ممن قتلت رجالهم, وأخذت أموالهم, وسلبت نوالهم, فقال: أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله, ونفذ فيهم قَدَرُهُ, وأما المال فمردود إليك.
ثم التفت إلى الحاضرين من أصحابه, فقال: أتدرون ما قالت المرأة ؟, فقالوا: ما نراها قالت إلا خيراً , قال: ما أظنكم فهمتم ذلك, أما قولها: "أقر الله عينك" أي: أسكنها عن الحركة, وإذا أسكنت العين عن الحركة عميت, وأما قولها: "وفرحك بما آتاك" فأخذته من قوله تعالى: [ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة], وأما قولها: "وأتم الله سعدك", فأخذته من قول الشاعر.
إذا تمَّ أمرٌ بدا نقصه *** ترقَّب زوالاً إذا قيل تم
وأما قولها: "لقد حكمت فقسطت" فأخذته من قوله تعالى: [ وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا] فتعجبوا من ذلك.
المصدر: [ ثمرات الأوراق في المحاضرات 2 / 226]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
306- دعاء متنطع
مما ينكر في الدعاء استعمال الوحشي من اللغات والتنطع في الطلب, فمما جرى من ذلك ما حكاه "ابن الأثير" قال:
قول بعضهم وقد اعتلت أمه, فكتبَ رِقَاعاً, وألقاها في الجامع بمدينة السلام, [بغداد], وهي:
"صِينَ امرؤٌ ورعى، دعا لامرأةٍ مقسئنه، قد مُنِيَتْ بأكلِ الطرموق، فأصابها من أجله الاستمصال، أن يَمُنَّ عليها بالاطرغشاش، والابرغشاشّ"
وكل من قرأ رقاعه لعنه ولعن أمه.
المصدر: "الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور"[1 / 47]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
307- رسالة إلى من تزوجت أمه
"عمرو بن مسعدة بن سعيد بن صول" الكاتب، أحد وزراء المأمون, كان كاتباً بليغاً, جزل العبارة وجيزها, سديد المقاصد والمعاني.
قال "ابن خلكان" : ظَفِرْتُ له برسالةٍ بديعةٍ, كتبها إلى بعض الرؤساء, وقد تزوجت أمه, فسَاءَهُ ذلك، فلما قرأها ذلك الرئيس تَسَلَّى بها, وذَهَبَ عنه ما كان يَجِدُهُ، فآثَرْتُ الإتيانَ بها لحُسْنِهًا، وهي:
" الحمد لله الذي كشف عنا سِتْرَ الحَيْرَة، وهدانا لسَتْرِ العورة، وجَدَعَ بما شَرَعَ من الحلال أَنْفَ الغيرة، ومنع من عَضْلِ الأمهات، كما منع من وأدِ البنات، استنزالاً للنفوس الأبية، عن الحمية حَمِيَّةِ الجاهلية, ثم عَرَّضَ لجزيل الأجر من استسلم لواقع قضائه، وعَوَّضَ جليل الذخر من صبر على نازلِ بلائه، وهَنَاكَ الذي شرح للتقوى صدرك، و وَسَّعَ في البلوى صبرك، وألهمك من التسليم لمشيئته، والرضا بقضيته، ما وفقك له من قَضَاءِ الواجب في أحد أبويك، ومن عَظُمَ حقه عليك، وجعل تعالى جده ما تجرعته من أَنَفٍ، وكظمته من أَسَفٍ، معدوداً فيما يَعْظُمُ به أجرك، ويجزل عليه ذخرك، و قَرَنَ بالحاضر من امتعاضك بفعلها، المنتظر من ارتماضِكَ بدَفْنِهَا، فتستوفى بها المصيبة، وتستكمل عنها المثوبة، فوصل الله لسيدي ما استشعره من الصبر على عُرْسِهَا، ما يستكسبه من الصبر على نفسها، وعَوَّضَهُ من أَسِرَّةِ فرشها، أَعْوَادَ نعشها، وجعل تعالى جده ما يُنْعِمُ به عليه بعدها من نعمة، مُعَرًّى من نقمة، وما يوليه من بعد قبضها من منحة، مُبَرَّأً من محنة، فأحكام اللهِ -تعالى جده وتقدست أسمائه- جاريةٌ على غير مرادِ المخلُوقِين، لكنه –تعالى- يختار لعباده المؤمنين، ما هو خيرٌ لهم في العاجلة، وأبقى لهم في الآجلة، اختار الله لك في قبضها إليه، وقدومها عليه، ما هو أنفع لها، وأولى بها، وجعل القبر كفؤاً لها، والسلام ".
وقيل: إن هذا الرسالة "لأبي الفضل ابن العميد", ولقد أذْكَرَتْنِي هذه الرسالة بيتين "للصاحب بن عباد" في شخص زَوَّجَ أمه، وهما:
عَذَلتُ لتزويجه أُمه *** فقال: فعلتُ حَلالاً يَجُوزْ
فقلت: صدقتَ، حلالاً فعلتَ *** ولكن سَمَحتَ بصدع العجوزْ
المصدر: [ وفيات الأعيان 3 / 476 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
308-الحريري والمُعَيْدِي
يحكى أن [ الحريري صاحب المقامات ] كان دميما قبيح المنظر، فجاءه شَخصٌ غريبٌ يزورُهُ, ويأخذ عنه شيئا، فلما رآه استزرى شكله، ففهم "الحريري" ذلك منه، فلما التمس منه أن يملي عليه قال له: اكتب :
ما أنت أول سار نحره قمر ... ورائد أعجبته خضرة الدمن
فاختر لنفسك غيري إنني رجل ... مثل المعيدي فاسمع بي ولا ترني
فخجل الرجل منه, وانصرف
و"المعيدي" -بضم الميم وفتح العين المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها دال مهملة مكسورة وياء مشددة-، وقد جاء في المثل: "تسمع بالمعيدي لا أن تراه" وجاء أيضا: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"
وقال "المفضل الضبي": أول من تكلم به "المنذر بن ماء السماء"، قاله "لشقة بن ضمرة التميمي الدارمي"، وكان قد سَمِعَ بذكره، فلما رآه اقتحمته عينه، فقال له هذا المثل وسار عنه، فقال له "شقة": أَبَيْتَ اللعن, إن الرجال ليسوا بجُزُرٍ يراد منها الأجسام، إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فأ-عجب "المنذر" ما رأى من عقله وبيانه.
وهذا "المثلُ" يُضرَب لمن له صِيتٌ وذِكرٌ و لا منظرَ له، و"المعيدي" منسوب إلى "معد ابن عدنان"، وقد نسبوه بعد أن صغروه وخففوا منه الدال.
المصدر: [ وفيات الأعيان 4 / 66 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
309- قبيلة باهلة
قال "ابن خلكان": كانت العرب تستنكف من الانتساب إلى هذه القبيلة, حتى قال الشاعر:
وما ينفع الأصل من هاشم *** إذا كانت النفس من باهلة
وقال الآخر:
ولو قيل للكلب يا باهلي ** عوى الكلب من لؤم هذا النسب
وقيل لأبي عبيدة: يقال إن الأصمعي دَعِيٌّ في نَسَبِهِ إلى باهلة، فقال: هذا ما يمكن، فقيل: ولم ؟ , فقال: لأن الناس إذا كانوا من "باهلة" تبرأوا منها، فكيف يجيء من ليس منها وينتسب إليها
ورأيت في بعض "المجاميع" أن "الأشعث ابن قيس الكندي" قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتتكافأ دماؤنا ؟, فقال: نعم، ولو قتلت رجلا من باهلة لقتلتك به.
وقال "قتيبة بن مسلم" [ وهو باهلي] "لهبيرة بن مسروح": أي رجل أنت لو كان أخوالك من غير سلول, فلو بادلت بهم، فقال: أصلح الله الأمير، بادل بهم من شئت من العرب, وجَنِّبْنِي باهلة.
ويحكى أن أعرابيا لقي شخصا في الطريق, فسأله: ممن أنت ؟, فقال: من باهلة، فرَثِيَ له الأعرابي، فقال ذلك الشخص: وأزيدك أني لست من صميمهم، ولكن من مواليهم، فأقبل الأعرابي عليه يُقَبِّلُ يديه ورجليه، فقال له: ولم ذاك ؟, فقال: لأن الله تبارك وتعالى ما ابتلاك بهذه الرزية في الدنيا إلا ويعوضك الجنة في الآخرة.
وقيل لبعضهم: أيسرك أن تدخل الجنة وأنت باهلي ؟, فقال: نعم، بشرط ألا يَعْلَمَ أهل الجنة أني باهلي.
والأخبار في ذلك كثيرة، رحمهم الله أجمعين.
المصدر: [ وفيات الأعيان: 4 / 90 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
310- عجائب
قال "المزنى" سمعتُ "الشافعي": يقول رأيتُ بالمدينة أربع عجائب:
1- رأيتُ جدةً بنت واحدة وعشرين سنة
2- ورأيتُ رجلاً فَلَّسَهُ القاضِى فى مُدَّيْنِ نَوًى
3- ورأيتُ شيخاً قد أتى عليه تسعونَ سنة يدور نهاره أجمع حافيا راجلا على القيناتِ, يعلمهن الغناء, فإذا أتى الصلاةَ صلى قاعِداً
4- ونسيتُ الرابعة
المصدر" [ طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2 / 99 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
311- ولدٌ على الكبر
حُكِي أن "محمد بن نصر" [ المروزي ] كان يتمنى على كِبَرِ سنه أن يولد له ابن , قال الحاكي:
فكنا عنده يوما وإذا برجل من أصحابه قد جاء وساره فى أذنه, فرفع يديه وقال: { الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل }, ثم مسح وجهه بباطن كفه, ورجع إلى ما كان فيه
قال الحاكي, فرأينا أنه استعمل فى تلك الكلمة الواحدة ثلاث سُنَنٍ,
1- تسمية الولد
2- و حَمدُ الله على المَوْهِبَةِ
3- وتسميتُهُ "إسماعيل" , لأنه ولد على كِبَر سنه, وقال الله عز وجل: { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده }
قلت: كذا أسند هذه الحكاية "الحاكم أبو عبد الله", وإن كان "محمد بن نصر" قصد الثلاث فنستفيد من هذا أنه يستحب لمن ولد له ابن على الكبر أن يسميه "إسماعيل", وهى مسألة حسنة, وأحسب "إسماعيل" هذا من "خنة", بخاء معجمة ثم نون, وهى أخت القاضى "يحيى بن أكثم", كان "محمد بن نصر" قد تزوجها
المصدر: [طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 2 / 252 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
312- معنى "القرطبان"
قال "الحاكم": أخبرني أبو محمد بن زياد, حدثنا الحسن بن على بن نصر الطوسى, قال:
سمعت "أبا عبد الله البوشنجي" بسمرقند, وسأله أعرابي, فقال له: أى شئ القرطبان ؟ , قال: كانت امرأة فى الجاهلية يقال لها "أم أبان", وكان لها قرطب, و"القرطب" هو السدر, وكان لها تيس فى ذلك القرطب, وكانت تنزى تيسها بدرهمين, وكان الناس يقولون نذهب إلى قرطب أم أبان, نُنْزِى تيسَهَا على مَعزَانا, فكثر ذلك, فقالت العامة "قرطبان"
قلت: وهذه التثنية مما جاء على خلاف الغالب, فإن التثنية عند العرب جعل الاسم القابل دليل اثنين متفقين فى اللفظ غالبا, وفى المعنى على رأي, بزيادة ألف فى آخره رفعا, وياء مفتوح ما قبلها جرا ونصبا, يليهما نون مكسورة, فتحها لغة, وقد تضم, والحارثيون يلزمون الألف, قال النحاة: فمتى اختلفا فى اللفظ لم يجز تثنيتهما, وما ورد من ذلك يحفظ, ولا يقاس عليه
قال شيخنا "أبو حيان": والذى ورد من ذلك إنما روعى فيه التغليب, فمن ذلك:
"القمران": للشمس والقمر
و"العمران": لأبى بكر وعمر رضى الله عنهما
و"الأَبَوان": للأب والأم, وفى الأب والخالة, ومنه قوله تعالى: {ورفع أبويه على العرش}
و"الأُمَّانِ": للأم والجدة
و"الزهدمان": فى زهدم وكردم ابنى قيس
و"العمران": لعمرو بن حارثة وزيد بن عمرو
و"الأحوصان": الأحوص بن جعفر وعمرو بن الأحوص
و"المصعبان": مصعب بن الزبير وابنه
و"البحيران": بحير وفراس ابنا عبد الله بن سلمة
و"الحران": الحر وأخوه أبى
و"العجاجان": فى العجاج وابنه
هذا جميع ما أورده "شيخنا" فى "شرح التسهيل"
ورأيت الأخ سيدى الشيخ الإمام "أبا حامد" سلمه الله ذكر فى "شرح التلخيص" فى المعانى والبيان ما ذكره "أبو حيان", وزاد فقال:
و"الخافقان": للمغرب والمشرق, وإنما الخافق حقيقة اسم للمغرب, بمعنى مخفوق فيه
و"البصرتان": للبصرة والكوفة
و"المشرقان": للمشرق والمغرب
و"المغربان" لهما أيضا
و"الحنيفان": الحنيف, وسيف ابنا أوس بن حميرى
و"الأقرعان": الأقرع بن حابس, وأخوه مزيد
و"الطليحتان" طليحة بن خويلد الأسدى, وأخوه حبال
و"الخزيميان", و"الربيبان": خزيمة, وربيبة من باهلة بن عمرو
فهذا مجموع ما ذكره الشيخ والأخ, وفاتهما "القرطبان" كما عرفت
و"الدحرضان": اسم لماءين, يقال لأحدهما: "الدحرض", وللآخر "وسيع" قال الشاعر:
شربت بماء الدحرضين فأصبحت *** زوراء تنفر عن حياض الديلم
و"الأسودان": للتمر والماء, قال صلى الله عليه وسلم: "الأسودان التمر والماء"
و"الفمان": للفم والأنف, ذكره الشيخ "جمال الدين ابن مالك"
و"الأخوان": لأخ وأخت
و"الأذانان": الأذان, والإقامة وقال صلى الله عليه وسلم: "بين كل أذانين صلاة", أجمعوا أن المراد به الأذان والإقامة
و"الجونان": معاوية وحسان ابنا الجون الكنديان, ذكره "أبو العباس المبرد" فى أوائل "الكامل", بعد نحو خمس كراريس منه, وأنشد عليه
كأنك لم تشهد لقيطا وحاجبا *** وعمرو بن عمرو إذ دعوا يال دارم
ولم تشهد الجونين والشعب والصفا *** وشدات قيس يوم دير الجماجم
و"العاشقان" اسم للعاشق والمعشوق, وعليه قول "العباس بن الأحنف":
العاشقان كلاهما متغضب .***. وكلاهما متوجد متحبب
صدت مغاضبة وصد مغاضبا *** وكلاهما مما يعالج متعب
راجع أحبتك الذين هجرتهم *** إن المتيم قلما يتجنب
إن التباعد إن تطاول منكما *** دب السلو له فعز المطلب
أراد بالعاشقين الخليفة وواحدة من حظاياه, كان وقع بينه وبينها شنآن, فتهاجرا فحدث "العباس" فى ذلك فأنشده هذه الأبيات فقام إليها وصالحها
و"الأنفان": اسم للأنف والفم, ذكره وأنشد عليه:
إذا ما الغلام الأحمق الأم سافنى *** بأطراف أنفيه اشمأز فأنزعا
واعلم أن شيخنا "أبا حيان" استشهد على أن "العمرين" اسم لأبى بكر وعمر بقول الشاعر:
ما كان يرضى رسول الله فعلهم *** والعمران أبو بكر ولا عمر
وأنا ما أحفظ هذا البيت إلا "والطيبان أبو بكر ولا عمر", والوزن به أتم
واستشهد على أن "القمرين" اسم للشمس والقمر يقول "الفرزدق":
أخذنا بآفاق السماء عليكم *** لنا قمراها والنجوم الطوالع
وكان الشيخ الإمام الوالد رحمه الله يقول: إنما أراد بـ: "القمرين" النبى صلى الله عليه وسلم و"إبراهيم" عليه السلام, وبالنجوم الصحابة, وهذا ما ذكره "ابن الشجرى" فى "أماليه"
ورأيت فى ترجمة "هارون الرشيد" أنه سأل من حضر مجلسه عن المراد بـ: "القمرين" فى هذا البيت فأجاب بهذا الجواب, نعم أنشد "ابن الشجري" على "القمرين" للشمس والقمر قول "المتنبى":
واستقبلت قمر السماء بوجهها *** فأرتنى القمرين فى وقت معا
المصدر: [طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (2 / 195 ]
قلت رحم الله –والدي-:
قال "ابن دريد" في "جمهرة اللغة"[2 / 1121] : فَأَما "القَرْطَبان" الَّذِي يتكلّم بِهِ العامّة فَلَيْسَ من كَلَام الْعَرَب.
وقال "الأزهري" في "تهذيب اللغة"[9 / 302]: وأما "القرطبان" الذي يقوله العامة للذي لا غيرة له فهو مُغَيَّرٌ عن وجهه, وروى "ثعلب" عن أبي نصر عن الأصمعي، قال: "الكلبتان" مأخوذ من الكلب، وهو القيادة، والتاء والنون زائدتان, قال: وهذه اللفظة هي القديمة عن العرب, قال: وغيرتها العامة الأولى، فقالت: "القلطبان"، وجاءت عامة سُفلى فغيرت على الأولى فقالت: "القرطبان". اهـ
- "البوشنجي": محمد بن إبراهيم بن سعيد أبو عبد الله العبدي, شيخ أهل الحديث فى زمانه بنيسابور, توفي سنة 290 هـ, ترجمته في طبقات السبكي [2 / 189], طبقات ابن قاضى شهبة [1 / 81]
فائدة: للعلامة الأديب محمد أمين بن فضل الله المحبي المتوفى سنة 1111 هـ كتاب مفيد سماه: "جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين" استقصى فيه هذه الاسماء المثناة / وهذا رابط تحميله نفعكم الله به
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
313- قدر العلماء عند الأمراء
قال "ابن عدي": ركب "إسحاق بن راهويه" دَيْنٌ فخرج من مرو وجاء نيسابور, فكَلَّمَ أصحابَ الحديث "يحيى بن يحيى" في أمر "إسحاق", فقال ما تريدون ؟ , قالوا: تكتب إلى "عبد الله بن طاهر" رقعة, وكان "عبد الله" أمير خراسان, وكان بنيسابور, فقال "يحيى": ما كتبتُ إليه قط, فألحوا عليه, فكتب في رقعة إلى "عبد الله بن طاهر":
" أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم رجل من أهل العلم والصلاح "
فحمل إسحاق الرقعة إلى "عبد الله بن طاهر" فلما جاء إلى الباب, قال للحاجب: معي رقعة "يحيى بن يحيى" إلى الأمير, فدخل الحاجب, فقال له: رجل بالباب زعم أن معه رقعة "يحيى بن يحيى" إلى الأمير, فقال: يحيى بن يحيى ؟ , قال: نعم , قال: أدخله, فدخل إسحاق, وناوله الرقعة, فأخذها "عبد الله" وقَبَّلَهَا, وأقعد "إسحاق" بجنبه, وقضى دينه ثلاثين ألف درهم, وصيره من ندمائه
قلت [ أي السبكي ]: انظر ما كان أعظم أهل العلم عند الأمراء, وانظر ما أدنى هذه الكلمة, وأقصر هذه الرقعة, وما ترتب عليها من الخير, وما ذلك إلا لحسن اعتقاد ذلك الأمير, وصيانة أهل العلم أيضا, والناسُ بزمانِهِم أشبهُ منهم بآبائِهِم
المصدر: [ طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 2 / 85 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
314- مسألة فقهية
من المسائل عن "أبي ثور" والفوائد:َ
نقل "العبدري": أن الدَّيْنَ مقدمٌ على الوصيةِ عند الفقهاء كلهم إلا "أبا ثور" فإنه قَدَّمَ الوصيةَ, وهذا غريبٌ مُصَرَّحٌ بحكايةِ الإجماع على خِلافِه, فلعل إجماعَهُم لم يَبْلُغْ "أبا ثور", ولعله يُنازِع في وقوع الإجماعِ على ذلك, أو لعل ما نقَلَه "العبدري" غيرُ ثابت, فقد نقل "ابن المنذر" عن "أبي ثور" فيمن أوصى بعتق عبده على أن لا يفارق ولده وعليه دين محيط بماله أنه أبطل الوصية, وقال: يباع في الدين, فإن أعتقه الورثة لم يجز عتقهم, وهذا يخالف ما نقله "العبدري"
المصدر: [ طبقات الشافعية الكبرى للسبكي : 2 / 77 ]
قلت - رحم الله والدي- :
إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي, أبو ثور, الفقيه صاحب الشافعي, قال "أبو بكر الأعين" سألت عنه "أحمد" فقال: "أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة, وهو عندي في مسلاخ الثوري", وقال "أبو حاتم بن حبان": "كان أحد أئمة الدنيا فقها وعلما, وورعا وفضلا, وديانة وخيرا, ممن صنف الكتب, وفَرَّعَ على السُنَنِ", مات سنة 240 هـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
315- إخوان الصدق
قال الحافظ ابن عساكر في [تاريخ دمشق 24/38]: قرأت على أبي محمد السلمي, عن أبي بكر الخطيب, أنبأ عبد الله بن علي بن حموية الهمذاني, بها أنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى الشيرازي, أنا أبو يعلى الحسين بن أسلم بن جابر بن سعد الصفدي بصفد, وأبو أحمد محمد بن أحمد بن عمران الفقيه الشاشي بالشاش, قالا نا أبو حفص عمر بن محمد بن بجير, نا محمد بن خلف نا رواد بن الجراح, قال:
« سألني صدقة بن يزيد أن آتيه بكتب, فوعدته فمكثت أياما ثم جئته, فقال: أين كنت ؟, فقلت: شغلني عنك صديق لي, فقال: قال صديق, قال قلت: نعم, قال: أنا أكبر من أبيك وما أَعلَمُ لي صديقا, قال: سمعت قتادة يقول: في قول الله تعالى: أو صديقكم, قال: هو الرجل يكون بينه وبين الرجل الإخاء والمودة, فيأتيه فيطلبه في منزله فيقول: أين أخي فلان ؟ فيقول له أهله: ليس ها هنا , فيقول: غدونا عشونا, أعطوني ثوبه, أسرجوا لي دابته, فيفعلون ذلك به, فيأتي الرجل فيقول له أهله: قد جاء أخوك فلان غديناه عشيناه, أسرجنا له دابتك, أعطيناه ثوبك, ولا يقع في قلبه إلا كما لو قيل: جاء أبوك وأخوك وعمك, فعلنا به ذلك, فذلك الصديق ».
----------------------
قلت -رحم الله والدي - :
هكذا كان الناس قديما لما كانت الأُخُوَّةُ صادقة, والمحبةُ في الله خالصة
فقد أخرج الحافظ ابن أبي الدنيا في كتاب: « الإخوان » عن ابن عمر، قال:
« رأيتنا وما أحد بأحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم » [الإخوان لابن أبي الدنيا ص 202 ح157]
وعن عبد الله بن الوليد قال: قال لنا أبو جعفر محمد بن علي: « يُدْخِلَ أحدُكُم يده في كم صَاحِبَه ويَأْخُذُ ما يريد ؟ , قلنا: لا , قال: فلستم بإخوان كما تزعمون ».[الإخوان ص203 ح 159]
وعن ابن عون قال: قال محمد: « ما نزل الرجل يأخذ من دراهم صديقه, قال: قال أحمد: فحدثني محمد بن عيسى عن إسماعيل قال: قلت لابن عون بغير إذنه ؟ قال: كذلك هو عندنا »[الإخوان ص 204 ح 161]
وعن رباح بن الجراح العبدي ، قال: « جاء فتح الموصلي إلى صديق له يقال له عيسى التمار فلم يجده في المنزل, فقال للخادم: أخرجي إلي كيس أخي, فأخرجته له, فأخذ درهمين, وجاء عيسى إلى منزله فأخبرته الخادم بمجيء فتح, وأخذه الدرهمين, فقال: إن كنتِ صادقةً فأنت حرة, فنظر فإذا هي صادقة فعتقت ».
[ الإخوان ص205 ح 162, ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد 3 / 446
تبيين وتوضيح: رواد بن الجراح، أبو عصام العسقلانى, من صغار أتباع التابعين, قال ابن حجر: صدوق اختلط بأخرة فترك، وفى حديثه عن الثورى ضعف شديد, ترجمته في تهذيب الكمال 9/227
صدقة بن يزيد الخراساني، ثم الشامي, نزل الرملة, عن حماد بن أبي سليمان, وعنه الوليد بن مسلم، ضعفه أحمد, وقال أبو حاتم: صالح, وقال أبو زرعة الدمشقي: ثقة, وقال ابن عدي: هو إلى الضعف أقرب, ترجمته في ميزان الاعتدال 2/313 ترجمة 3882 ]