رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / ص 303 )
لَمْ يُبَيِّنِ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَهُ لَكِنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدَهُ دَلَّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّنْزِيهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّيُّ يَحْرُمُ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَوَرَدَ فِي كَرَاهِيَةِ الِالْتِفَاتِ صَرِيحًا عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا عِنْد أَحْمد وبن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَفَعَهُ لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْهُ انْصَرَفَ وَمِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ نَحْوُهُ وَزَادَ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا وَأَخْرَجَ الْأَوَّلَ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيَّ وَالْمُرَادُ بِالِالْتِفَاتِ الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَسْتَدْبِرِ الْقِبْلَةَ بِصَدْرِهِ أَوْ عُنُقِهِ كُلِّهِ وَسَبَبُ كَرَاهَةِ الِالْتِفَاتِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِنَقْصِ الْخُشُوعِ أَوْ لِتَرْكِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِبَعْضِ الْبَدَنِ
( ج2 / ص 304 )
قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ سُجُودِ السَّهْوِ جَابِرًا لِلْمَشْكُوكِ فِيهِ دُونَ الِالْتِفَاتِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُنْقِصُ الْخُشُوعُ لِأَنَّ السَّهْوَ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ الْمُكَلَّفِ فَشُرِعَ لَهُ الْجَبْرُ دُونَ الْعَمْدِ لِيَتَيَقَّظَ الْعَبْدُ لَهُ فَيَجْتَنِبُهُ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج1 / ص 306 )
قال البخاري رحمه الله " باب وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ ..
قال ابن حجر رحمه الله : " اعْتَنَى الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَصَنَّفَ فِيهَا جُزْءًا مُفْرَدًا ...
( ج2 / ص 308 )
قال ابن حجر رحمه الله : " كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَّرَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى قِتَالِ الْفُرْسِ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ الْعِرَاقَ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ اخْتَطَّ الْكُوفَةَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهَا أَمِيرًا إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ بْنِ خَيَّاطٍ وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ سَنَةَ عِشْرِينَ فَوَقَعَ لَهُ مَعَ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَا ذُكِرَ..
( ج2 / ص 308 )
قَالَ خَلِيفَةُ اسْتَعْمَلَ عَمَّارًا عَلَى الصَّلَاةِ وبن مَسْعُودٍ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مِسَاحَةِ الْأَرْضِ انْتَهَى
( ج2 / ص 308 )
وَذَكَرَ بن سَعْدٍ وَسَيْفٌ أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ حَابَى فِي بَيْعِ خُمُسٍ بَاعَهُ وَأَنَّهُ صَنَعَ عَلَى دَارِهِ بَابًا مُبَوَّبًا مِنْ خَشَبٍ وَكَانَ السُّوقُ مُجَاوِرًا لَهُ فَكَانَ يَتَأَذَّى بِأَصْوَاتِهِمْ فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ انْقَطَعَ التَّصْوِيتُ وَذَكَرَ سَيْفٌ أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُلْهِيهِ الصَّيْدُ عَنِ الْخُرُوجِ فِي السَّرَايَا وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ النَّسَبِ رَفَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ كَشَفَهَا عُمَرُ فَوَجَدَهَا بَاطِلَةً اه وَيُقَوِّيهِ قَوْلُ عُمَرَ فِي وَصِيَّتِهِ فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ مِنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ
( ج2 / ص 309 )
فَقَالَ سَعْدٌ أَتُعَلِّمُنِي الْأَعْرَابُ الصَّلَاةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ شَكَوْهُ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَأَنَّهُمْ ظَنُّوا مَشْرُوعِيَّةَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ فَأَنْكَرُوا عَلَى سَعْدٍ التَّفْرِقَةَ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ ذَمُّ الْقَوْلِ بِالرَّأْيِ الَّذِي لَا يَسْتَنِدُ إِلَى أَصْلٍ وَفِيهِ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ..
( ج2 / ص 312)
وَكَانَ سَعْدٌ مَعْرُوفًا بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قَالَ قِيلَ لِسَعْدٍ مَتَى أَصَبْتَ الدَّعْوَةَ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ سِوَى مَا تَقَدَّمَ جَوَازُ عَزْلِ الْإِمَامِ بَعْضَ عُمَّالِهِ إِذَا شُكِيَ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِذَا اقْتَضَتْ ذَلِكَ الْمَصْلَحَةُ قَالَ مَالِكٌ قَدْ عَزَلَ عُمَرُ سَعْدًا وَهُوَ أَعْدَلُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عُمَرَ عَزَلَهُ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفِتْنَةِ فَفِي رِوَايَةِ سَيْفٍ قَالَ عُمَرُ لَوْلَا الِاحْتِيَاطُ وَأَنْ لَا يُتَّقَى مِنْ أَمِيرٍ مِثْلِ سَعْدٍ لَمَا عَزَلْتُهُ وَقِيلَ عَزَلَهُ إِيثَارًا لِقُرْبِهِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى وَقِيلَ لِأَنَّ مَذْهَبَ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَمِرُّ بِالْعَامِلِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتَلَفُوا هَلْ يُعْزَلُ الْقَاضِي بِشَكْوَى الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ أَوْ لَا يُعْزَلُ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْأَكْثَرُ عَلَى الشَّكْوَى مِنْهُ وَفِيهِ اسْتِفْسَارُ الْعَامِلِ عَمَّا قِيلَ فِيهِ وَالسُّؤَالُ...
(ج2/ ص 312)
وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ مَنْ دَعَا عَلَى ظَالِمِهِ فَقَدِ انْتَصَرَ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ الشَّفَقَةَ عَلَيْهِ بِأَنْ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا فَانْتَصَرَ لِنَفْسِهِ .....وَفِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ الْمُعَيَّنِ بِمَا يَسْتَلْزِمُ النَّقْصَ فِي دِينِهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ طَلَبِ وُقُوعِ الْمَعْصِيَةِ وَلَكِنْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى نِكَايَةِ الظَّالِمِ وَعُقُوبَتِه
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج1 / ص 313 )
قال ابن حجر رحمه الله :
" وَقَدْ قَالَ بِوُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ الْحَنَفِيَّةُ لَكِنْ بَنَوْا عَلَى قَاعِدَتِهِمْ أَنَّهَا مَعَ الْوُجُوبِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ وُجُوبَهَا إِنَّمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَالَّذِي لَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهِ فَرْضٌ "
( ج2/ 313 )
وَالْفَرْضُ عِنْدَهُمْ لَا يَثْبُتُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى الْقُرْآنِ وَقد قَالَ تَعَالَى فاقرؤوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن فَالْفَرْضُ قِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ وَتَعْيِينُ الْفَاتِحَةِ إِنَّمَا ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ فَيَكُونُ وَاجِبًا يَأْثَمُ مَنْ يَتْرُكُهُ وَتُجْزِئُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ
( ج2 / 313 )
وَالْفَرْضُ عِنْدَهُمْ لَا يَثْبُتُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى الْقُرْآنِ وَقد قَالَ تَعَالَى فاقرؤوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن فَالْفَرْضُ قِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ وَتَعْيِينُ الْفَاتِحَةِ إِنَّمَا ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ فَيَكُونُ وَاجِبًا يَأْثَمُ مَنْ يَتْرُكُهُ وَتُجْزِئُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ
( ج2 / ص313 )
لَا يَنْقَضِي عَجَبِي مِمَّنْ يَتَعَمَّدُ تَرْكَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مِنْهُمْ وَتَرْكَ الطُّمَأْنِينَة ِ فَيُصَلِّي صَلَاةً يُرِيدُ أَنْ يَتَقَرَّبَ بِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يَتَعَمَّدُ ارْتِكَابَ الْإِثْمِ فِيهَا مُبَالَغَةً فِي تَحْقِيقِ مُخَالَفَتِهِ لِمَذْهَبِ غَيْرِهِ
( ج2 / ص 314 )
وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَسْقَطَهَا عَنِ الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا كَالْحَنَفِيَّة ِ بِحَدِيثِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ إِمَامٍ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْحُفَّاظِ وَقَدِ اسْتَوْعَبَ طُرُقَهُ وَعَلَّلَهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَسْقَطَهَا عَنْهُ فِي الْجَهْرِيَّةِ كَالْمَالِكِيَّ ةِ بِحَدِيثِ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَيُنْصِتُ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةَ أَوْ يُنْصِتُ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ وَيَقْرَأُ إِذَا سَكَتَ وَعَلَى هَذَا فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ السُّكُوتُ فِي الْجَهْرِيَّةِ لِيَقْرَأَ الْمَأْمُومُ لِئَلَّا يُوقِعَهُ فِي ارْتِكَابِ النَّهْيِ حَيْثُ لَا يُنْصِتُ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ وَقَدْ ثَبَتَ الْإِذْنُ بِقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِغَيْرِ قَيْدٍ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَالتِّرْمِذِيّ ُ وبن حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ رِوَايَةِ مَكْحُولٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْفجْر فَلَمَّا فرغ قَالَ لَعَلَّكُمْ تقرؤون خَلْفَ إِمَامِكُمْ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا
( ج2/ 314 )
وَادّعى بن حِبَّانَ وَالْقُرْطُبِيّ ُ وَغَيْرُهُمَا الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِثُبُوتِهِ عَنْ بعض الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ فِيمَا رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّ الْأَمْرَ اسْتَقَرَّ عَلَى ذَلِكَ ....حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ الْقُرْآن أَجْزَأت وَلابْن خُزَيْمَة من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ لم يقْرَأ فيهمَا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / ص 317)
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ أَنَّ الَّذِينَ حَزَرُوا ذَلِك كَانُوا ثَلَاثِينَ من الصَّحَابَة وَادّعى بن حِبَّانَ أَنَّ الْأُولَى إِنَّمَا طَالَتْ عَلَى الثَّانِيَةِ بِالزِّيَادَةِ فِي التَّرْتِيلِ فِيهَا مَعَ اسْتِوَاءِ الْمَقْرُوءِ فِيهِمَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى جَوَازِ تَطْوِيلِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ لِأَجْلِ الدَّاخِلِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ لَا يُعَلَّلُ بِهَا لِخَفَائِهَا أَوْ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا..
( ج2/ ص 318)
وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ كَلَامًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ فِي انْتِظَارِ الدَّاخِلِ فِي الرُّكُوعِ شَيْءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( ج2/ ص 318)
كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فَنَسْمَعُ مِنْهُ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَةِ مِنْ سُورَةِ لُقْمَانَ وَالذَّارِيَاتِ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ لَكِنْ قَالَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْجَهْرِ فِي السِّرِّيَّةِ وَأَنَّهُ لَا سُجُودَ سَهْو عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ سَوَاءٌ قُلْنَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَمْدًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ لِلِاسْتِغْرَاق ِ فِي التَّدَبُّرِ وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِسْرَارَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ
( ج2/ ص 318 )
كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فَنَسْمَعُ مِنْهُ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَةِ مِنْ سُورَةِ لُقْمَانَ وَالذَّارِيَاتِ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ لَكِنْ قَالَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْجَهْرِ فِي السِّرِّيَّةِ وَأَنَّهُ لَا سُجُودَ سَهْو عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / 319 )
أُمَّ الْفَضْلِ هِيَ وَالِدَة بن عَبَّاسٍ الرَّاوِي عَنْهَا وَبِذَلِكَ صَرَّحَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ عَنْ أُمِّهِ أُمَّ الْفَضْلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ اسْمَهَا لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةِ وَيُقَالُ إِنَّهَا أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ بَعْدَ خَدِيجَةَ وَالصَّحِيحُ أُخْتُ عُمَرَ زَوْجُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ
( ج2/
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / ص 319 )
أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كَانَتِ الظُّهْرَ وَأَشَرْنَا إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي حَكَتْهَا عَائِشَةُ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ وَالَّتِي حَكَتْهَا أُمُّ الْفَضْلِ كَانَتْ فِي بَيْتِهِ كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
( ج2 / ص 320)
فَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَفْسِيرِ الطُّولَى بِالْأَعْرَافِ
( ج2/ ص 320)
وَقَالَ بن الْمُنِيرِ تَسْمِيَةُ الْأَعْرَافِ وَالْأَنْعَامِ بِالطُّولَيَيْن ِ إِنَّمَا هُوَ لِعُرْفٍ فِيهِمَا لَا أَنَّهُمَا أَطْوَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( ج2/ 320 )
استدل بحديث زيد بن ثابت : مالك تقرأ في المغرب بقصار ....اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا بِغَيْرِ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ
( ج2/ ص 321 )
اعْتَرَضَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ عَلَى هَذِهِ التَّرْجَمَةِ - باب الجهر في المغرب - وَالَّتِي بَعْدَهَا بِأَنَّ الْجَهْرَ فِيهِمَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَهُوَ عَجِيبٌ لِأَنَّ الْكِتَابَ مَوْضُوعٌ لِبَيَانِ الْأَحْكَامِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَلَيْسَ هُوَ مَقْصُورًا عَلَى الْخِلَافِيَّات ِ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 321 )
وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي حِينَ سَمِعْتُ الْقُرْآنَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ أَدَاءِ مَا تَحَمَّلَهُ الرَّاوِي فِي حَالِ الْكُفْرِ وَكَذَا الْفِسْقُ إِذَا أَدَّاهُ فِي حَالِ الْعَدَالَةِ
( ج2 / ص 322)
قَالَ التِّرْمِذِيُّ ذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالسُّوَرِ الطِّوَالِ نَحْوِ الطُّورِ وَالْمُرْسَلَات ِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ أَسْتَحِبُّهُ وَكَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا كَرَاهِيَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا اسْتِحْبَابَ وَأَمَّا مَالِكٌ فَاعْتَمَدَ الْعَمَلَ بِالْمَدِينَةِ بل وبغيرها قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ اسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَى تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَتَقْصِيرِهَا فِي الْمَغْرِبِ وَالْحَقُّ عِنْدَنَا أَنَّ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَثَبَتَتْ مُوَاظَبَتُهُ عَلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَمَا لَمْ تَثْبُتْ مُوَاظَبَتُهُ عَلَيْهِ فَلَا كَرَاهَةَ فيه
( ج2 / ص 322 )
قُال الحافظ ابن حجر : الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ فِي الْقِرَاءَةِ هُنَا ثَلَاثَةٌ مُخْتَلِفَةُ الْمَقَادِيرِ لِأَنَّ الْأَعْرَافَ مِنَ السَّبْعِ الطِّوَالِ وَالطُّورَ مِنْ طوال الْمفصل والمرسلات من أوساطه وَفِي بن حبَان من حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمْ فِي الْمَغْرِبِ بِالَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
( ج2/ ص 322)
قال ابن حجر : وَلَمْ أَرَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا فِيهِ التَّنْصِيصُ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ إِلَّا حَدِيثًا فِي بن ماجة عَن بن عُمَرَ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فَأَمَّا حَدِيث بن عُمَرَ فَظَاهِرُ إِسْنَادِهِ الصِّحَّةُ إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ أَخْطَأَ فِيهِ بَعْضُ رُوَاتِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ سِمَاكٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَاعْتَمَدَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فُلَانٍ قَالَ سُلَيْمَانُ فَكَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ وَهَذَا يُشْعِرُ بِالْمُوَاظَبَة ِ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ
( ج2/ ص 322 )
قال ابن حجر وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْيَانًا يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ إِمَّا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِمَّا لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَكَرَّرَ مِنْهُ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَنْكَرَ عَلَى مَرْوَانَ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَلَوْ كَانَ مَرْوَانُ يَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ لَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى زَيْدٍ لَكِنْ لَمْ يُرِدْ زَيْدٌ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالطِّوَالِ وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَتَعَاهَدَ ذَلِكَ كَمَا رَآهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الصِّحَّةِ بِأَطْوَلَ مِنَ الْمُرْسَلَاتِ لِكَوْنِهِ كَانَ فِي حَالِ شِدَّةِ مَرَضِهِ وَهُوَ مَظِنَّةُ التَّخْفِيفِ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى أَبِي دَاوُدَ ادِّعَاءَ نَسْخِ التَّطْوِيلِ لِأَنَّهُ رَوَى عَقِبَ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْقِصَارِ قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ حَدِيثِ زَيْدٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الدَّلَالَةِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى عُرْوَةَ رَاوِيَ الْخَبَرِ عَمِلَ بِخِلَافِهِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى نَاسِخِهِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْحَمْلِ وَكَيْفَ تَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ وَأُمُّ الْفَضْلِ تَقُولُ إِنَّ آخِرَ صَلَاة صلاهَا بهم قَرَأَ بالمرسلات
( ج2 / ص 323 )
قَالَ بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ هَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ فَجَائِزٌ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ فِي الْمَغْرِبِ وَفِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِمَا أَحَبَّ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ إِمَامًا اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُخَفِّفَ فِي الْقِرَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ اه
( ج2/ 323 )
وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْقُرْطُبِيِّ مَا وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ التَّقْصِيرُ أَوْ عَكْسُهُ فَهُوَ مَتْرُوكٌ وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ عَلَى تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ جُبَيْرٍ بِلَفْظٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ عَذَاب رَبك لوَاقِع قَالَ فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ هَذِهِ السُّورَة فِي هَذِهِ الْآيَةُ خَاصَّةً اه وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَقْتَضِي قَوْلَهُ خَاصَّةً مَعَ كَوْنِ رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِخُصُوصِهَا مُضَعَّفَةً بَلْ جَاءَ فِي رِوَايَاتٍ أُخْرَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا فَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أم هم الْخَالِقُونَ الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ الْمُصَيْطِرُون َ كَادَ قَلْبِي يَطِيرُ ...
( ج2/ 323 )
وَكَذَا أَبْدَاهُ الْخَطَّابِيُّ احْتِمَالًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَرَأَ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَكُونُ قَدْرَ سُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ لَمَا كَانَ لِإِنْكَارِ زَيْدٍ مَعْنًى وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ زَيْدٍ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِمَرْوَانَ إِنَّكَ لَتُخِفُّ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقْرَأ فِيهَا بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا أَخْرَجَهُ بن خُزَيْمَةَ وَاخْتُلِفَ عَلَى هِشَامٍ فِي صَحَابِيِّهِ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ...
( ج2/ ص 323)
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْمُفَصَّلِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مُنْتَهَاهُ آخِرُ الْقُرْآنِ هَلْ هُوَ مِنْ أَوَّلِ الصَّافَّاتِ أَوِ الْجَاثِيَةِ أَوِ الْقِتَالِ أَوِ الْفَتْحِ أَوِ الْحُجُرَاتِ أَوْ ق أَوِ الصَّفِّ أَوْ تَبَارَكَ أَوْ سَبِّحْ أَوِ الضُّحَى إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ أَقْوَالٌ أَكْثَرُهَا مُسْتَغْرَبٌ اقْتَصَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنَ الْأَوَائِلِ سِوَى الْأَوَّلِ وَالرَّابِعِ وَحَكَى الْأَوَّلَ وَالسَّابِع وَالثَّامِن بن أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيُّ وَحَكَى الرَّابِعَ وَالثَّامِنَ الدِّزَّمَارِيّ ُ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَحَكَى التَّاسِعَ الْمَرْزُوقِيُّ فِي شَرْحِهِ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ وَالْمَاوَرْدِي ُّ الْعَاشِرَ وَالرَّاجِحُ الْحُجُرَاتُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَوْلًا شَاذًّا أَنَّ الْمُفَصَّلَ جَمِيعُ الْقُرْآنِ وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ أَقْرَأَنِي أَبُو مُوسَى كِتَابَ عُمَرَ إِلَيْهِ اقْرَأْ فِي الْمَغْرِبِ آخِرَ الْمُفَصَّلِ وَآخِرُ الْمُفَصَّلِ مِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ تَفْسِيرًا لِلْمُفَصَّلِ بَلْ لِآخِرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَن أَوله قبل ذَلِك ) انتهى .
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 324)
وَقَالَ بن الْمُنِيرِ لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى مَالِكٍ حَيْثُ كَرِهَ السَّجْدَةَ فِي الْفَرِيضَةِ يَعْنِي فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَرْفُوعًا وَغَفَلَ عَنْ رِوَايَةِ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ مُعْتَمِرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ فَسَجَدَ بِهَا أَخْرَجَهُ بن خُزَيْمَةَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ بِلَفْظِ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ فَسَجَدَ فِيهَا..
( ج2/ ص 324)
قَرَأَ صلى الله عليه وسلم فِي الْعِشَاءِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ لِكَوْنِهِ كَانَ مُسَافِرًا وَالسَّفَرُ يُطْلَبُ فِيهِ التَّخْفِيفُ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَضَرِ فَلِذَلِكَ قَرَأَ فِيهَا بأوساط الْمفصل
( ج2/ ص 327)
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ وَقَدْ تَكَلَّمَ يَحْيَى بن معِين فِي حَدِيثه عَن بن جُرَيْجٍ خَاصَّةً لَكِنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَغُنْدَرٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَخَالِدُ بن الْحَارِث عِنْد النَّسَائِيّ وبن وهب عِنْد بن خُزَيْمَة ستتهم عَن بن جُرَيْجٍ
( ج2/ 327)
وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّورَةِ أَوِ الْآيَاتِ مَعَ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ فِي الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَالْأُولَيَيْن ِ مِنْ غَيْرِهِمَا وَصَحَّ إِيجَابُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَقَالَ بِهِ بعض الْحَنَفِيَّة وبن كتانة مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي الْفَرَّاءُ الْحَنْبَلِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة هَذَا وَالله أعلم
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 329 )
قَوْلُهُ وَمَا كَانَ رَبك نسيا وَلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُنَزِّلَ بَيَانَ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَكُونَ قُرْآنًا يُتْلَى لَفَعَلَ وَلَمْ يَتْرُكْهُ عَنْ نِسْيَانٍ وَلَكِنَّهُ وَكَلَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى بَيَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ شَرَعَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ أَفْعَالِهِ الَّتِي هِيَ لِبَيَانِ مُجْمَلِ الْكِتَابِ..
( ج2/ ص 329)
ذَكَرَ البخاري حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أُمِرَ وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ وَمَا كَانَ رَبك نسيا لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وَوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِطْلَاقِ قَرَأَ عَلَى جَهَرَ
( ج2/ ص 332)
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ أَمَّ الصَّحَابَةَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَرَأَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ
( ج2/ ص 333)
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِي ُّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَآيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ فِي كل رَكْعَة
( ج2/ ص 333)
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَطْعَ الْقِرَاءَةِ لِعَارِضِ السُّعَالِ وَنَحْوِهِ أَوْلَى مِنَ التَّمَادِي فِي الْقِرَاءَةِ مَعَ السُّعَالِ وَالتَّنَحْنُحِ وَلَوِ اسْتَلْزَمَ تَخْفِيفَ الْقِرَاءَةِ فِيمَا اسْتُحِبَّ فِيهِ تَطْوِيلُهَا
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 334)
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ مَكِّيَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ ...
( ج2/ ص 334 )
قَطْعَ الْقِرَاءَةِ لِعَارِضِ السُّعَالِ وَنَحْوِهِ أَوْلَى مِنَ التَّمَادِي فِي الْقِرَاءَةِ مَعَ السُّعَالِ وَالتَّنَحْنُحِ وَلَوِ اسْتَلْزَمَ تَخْفِيفَ الْقِرَاءَةِ فِيمَا اسْتُحِبَّ فِيهِ تَطْوِيلُهَا..
( ج2/ ص 333)
وَالْمَثَانِي قِيلَ مَا لَمْ يَبْلُغْ مِائَةَ آيَةٍ أَوْ وَقِيلَ مَا عَدَا السَّبْعَ الطِّوَالَ إِلَى الْمُفَصَّلِ قِيلَ سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا ثَنَّتِ السَّبْعَ وَسُمِّيَتِ الْفَاتِحَة السَّبع الْمَثَانِيَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ صَلَاةٍ
وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المثاني فَالْمُرَادُ بِهَا سُورَةُ الْفَاتِحَةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ
( ج2/ ص 333)
قَالَ بن التِّينِ إِنْ لَمْ تُؤْخَذِ الْقِرَاءَةُ بِالْخَوَاتِمِ مِنْ أثر عمر أَو بن مَسْعُودٍ وَإِلَّا فَلَمْ يَأْتِ الْبُخَارِيُّ بِدَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ وَفَاتَهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالْإِلْحَاقِ مُؤَيَّدٌ بِقَوْلِ قَتَادَةَ
( ج2/ ص 333)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنْ يَقْرَأَ الْمُصَلِّي فِي كل رَكْعَة بِسُورَة كَمَا قَالَ بن عُمَرَ لِكُلِّ سُورَةٍ حَظُّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ وَلَا تُقْسَمُ السُّورَةُ فِي رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضِهَا وَيَتْرُكُ الْبَاقِيَ وَلَا يَقْرَأُ بِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ يُخَالِفُ تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ قَالَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى قَالَ وَجَمِيعُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ انْتَهَى
( ج2/ ص 333)
وَعَنْ أَحْمَدَ وَالْحَنَفِيَّة ِ كَرَاهِيَةُ قِرَاءَةِ سُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ تُخَالِفُ تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ وَاخْتُلِفَ هَلْ رَتَّبَهُ الصَّحَابَةُ بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الصَّحِيحُ الثَّانِي وَأَمَّا تَرْتِيبُ الْآيَاتِ فَتَوْقِيفِيٌّ بِلَا خلاف
( ج2/ ص 333)
قَالَ بن الْمُنِيرِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّكْرِيرَ أَخَفُّ مِنْ قَسْمِ السُّورَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّ السُّورَةَ مُرْتَبِطٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَأَيُّ مَوْضِعٍ قَطَعَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ كَانْتِهَائِهِ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ فَإِنَّهُ إِنْ قَطَعَ فِي وَقْفٍ غَيْرِ تَامٍّ كَانَتِ الْكَرَاهَةُ ظَاهِرَةً وَإِنْ قَطَعَ فِي وَقْفٍ تَامٍّ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ قِصَّةُ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي رَمَاهُ الْعَدُوُّ بِسَهْمٍ فَلَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ وَقَالَ كُنْتُ فِي سُورَةٍ فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَهَا وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ
( ج2/ ص 334)
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِي ُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ خَالَفَ عُبَيْدَ اللَّهِ فِي إِسْنَادِهِ فَرَوَاهُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سُبَيْعَةَ مُرْسَلًا قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ وَإِنَّمَا رَجَّحَهُ لِأَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ مُقَدَّمٌ فِي حَدِيثِ ثَابِتٍ لَكِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَافِظٌ حُجَّةٌ وَقَدْ وَافَقَهُ مُبَارَكٌ فِي إِسْنَادِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِثَابِتٍ فِيهِ شَيْخَانِ
( ج2/ ص 334)
كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ هُوَ كُلْثُوم بن الْهدم رَوَاهُ بن مَنْدَهْ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالح عَن بن عَبَّاسٍ كَذَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ وَالْهِدْمُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ سُكَّانِ قُبَاءٍ وَعَلَيْهِ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى قُبَاءٍ قِيلَ وَفِي تَعْيِينِ الْمُبْهَمِ بِهِ هُنَا نَظَرٌ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ سَرِيَّةٍ وَكُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ مَاتَ فِي أَوَائِلِ مَا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ السَّرَايَا ثُمَّ رَأَيْتُ بِخَطِّ بَعْضِ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى رِجَالِ الْعُمْدَةِ كُلْثُومَ بْنَ زَهْدَمٍ وَعَزَاهُ لِابْنِ مَنْدَهْ لَكِنْ رَأَيْتُ أَنَا بِخَطِّ الْحَافِظِ رَشِيدِ الدِّينِ الْعَطَّارِ فِي حَوَاشِي مُبْهَمَاتِ الْخَطِيبِ نَقْلًا عَنْ صِفَةِ التَّصَوُّفِ لِابْنِ طَاهِرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ عَنْ أَبِيهِ فَسَمَّاهُ كُرْزَ بْنَ زَهْدَمٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ
( ج2/ ص 334 )
وَعَلَى هَذَا فَالَّذِي كَانَ يَؤُمُّ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ غَيْرُ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ وَيَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِهِمَا أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ أَنَّهُ كَانَ يَبْدَأُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَأَمِيرُ السَّرِيَّةِ كَانَ يَخْتِمُ بِهَا وَفِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فِي قِصَّةِ الْآخَرِ وَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ وَأَمِيرَ السَّرِيَّةِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ وَفِي هَذَا أَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ يُحِبُّهَا فَبَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ وَأَمِيرُ السَّرِيَّةِ قَالَ إِنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ فَبَشَّرَهُ بِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا التَّغَايُرِ كُلِّهِ مُمْكِنٌ لَوْلَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ مَاتَ قَبْلَ الْبُعُوثِ وَالسَّرَايَا وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ فَأَبْعَدَ جِدًّا فَإِنَّ فِي قِصَّةِ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي اللَّيْلِ يُرَدِّدُهَا لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَّ بِهَا لَا فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ وَلَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ وَلَا بُشِّرَ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 335 )
الْمُفَصَّلَ : مِنْ ق إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ عَلَى الصَّحِيحِ وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ سُوَرِهِ بِالْبَسْمَلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ....
( ج2/ ص 336 )
كَرَاهَةُ الْإِفْرَاطِ فِي سُرْعَةِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّهُ يُنَافِي الْمَطْلُوبَ مِنَ التَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ السَّرْدِ بِدُونِ تَدَبُّرٍ لَكِنَّ الْقِرَاءَةَ بِالتَّدَبُّرِ أَعْظَمُ أَجْرًا وَفِيهِ جَوَازُ تَطْوِيلِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا ..
( ج2/ ص 336)
إِذَا جُمِعَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ سَاغَ الْجَمْعُ بَيْنَ ثَلَاثٍ فَصَاعِدًا لِعَدَمِ الْفَرْقِ وَقَدْ روى أَبُو دَاوُد وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ السُّوَرِ قَالَتْ نَعَمْ مِنَ الْمُفَصَّلِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا ..
( ج2/ ص 337)
قَوْلَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْمُتَقَدِّمَ إِنَّ تَأْلِيفَ السُّوَرِ كَانَ عَنِ اجْتِهَادٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لِأَنَّ تَأْلِيفَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورَ مُغَايِرٌ لِتَأْلِيفِ مُصْحَفِ عُثْمَانَ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 339)
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُطَوِّلُ فِي أُولَى الصُّبْحِ خَاصَّةً وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْمَسْأَلَةِ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى إِنْ كَانَ يَنْتَظِرُ أَحَدًا وَإِلَّا فَلْيُسَوِّ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ نَحْوَهُ عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يُطَوِّلَ الْإِمَامُ الْأُولَى مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَكْثُرَ النَّاسُ فَإِذَا صَلَّيْتُ لِنَفْسِي فَإِنِّي أَحْرِصُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَ الْأُولَيَيْنِ سَوَاءً وَذَهَبَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ إِلَى اسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ الْأُولَى مِنَ الصُّبْحِ دَائِمًا وَأَمَّا غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَ يُتَرَجَّى كَثْرَةُ الْمَأْمُومِينَ وَيُبَادِرُ هُوَ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَيَنْتَظِرُ وَإِلَّا فَلَا وَذُكِرَ فِي حِكْمَةِ اخْتِصَاصِ الصُّبْحِ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَكُونُ عَقِبَ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُوَاطِئُ السَّمْعُ وَاللِّسَانُ الْقَلْبُ لِفَرَاغِهِ وَعَدَمِ تَمَكُّنِ الِاشْتِغَالِ بِأُمُورِ الْمَعَاشِ وَغَيْرِهَا مِنْهُ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ..
( ج2/ ص 339)
تَنْبِيهٌ أَبُو يَعْفُورٍ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ هُوَ الْأَكْبَرُ وَاسْمُهُ وَاقِدٌ بِالْقَافِ وَقِيلَ وَقْدَانُ وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ الْأَصْغَرُ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ وَالْمِزِّيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الصَّوَاب
( ج2/ ص 339)
آمِينَ وَهِيَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَعَنْ جَمِيعِ الْقُرَّاءِ وَحَكَى الْوَاحِدِيُّ عَنْ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ الْإِمَالَةَ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ أُخْرَى شَاذَّةٌ الْقَصْرُ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ وَأَنْشَدَ لَهُ شَاهدا وَأنْكرهُ بن دَرَسْتَوَيْهِ وَطَعَنَ فِي الشَّاهِدِ بِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَحَكَى عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنَّهُ إِنَّمَا أَجَازَهُ فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً وَالتَّشْدِيدُ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَخَطَّأَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ ..
( ج2/ ص340 )
وَآمِينَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ مِثْلَ صَهٍ لِلسُّكُوتِ وَتُفْتَحُ فِي الْوَصْلِ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ مِثْلَ كَيْفَ وَإِنَّمَا لَمْ تُكْسَرْ لِثِقَلِ الْكَسْرَةِ بَعْدَ الْيَاءِ وَمَعْنَاهَا اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ
( ج2/ ص 340)
وَقِيلَ كَذَلِكَ يَكُونُ وَقِيلَ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ تَجِبُ لِقَائِلِهَا وَقِيلَ لِمَنِ اسْتُجِيبَ لَهُ كَمَا اسْتُجِيبَ لِلْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَعَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ التَّابِعِيِّ مِثْلُهُ وَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ مَنْ مَدَّ وَشَدَّدَ مَعْنَاهَا قَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَقَالَ مَنْ قَصَرَ وَشَدَّدَ هِيَ كَلِمَةٌ عِبْرَانِيَّةٌ أَوْ سُرْيَانِيَّةٌ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ الصَّحَابِيِّ أَنَّ آمِينَ مِثْلُ الطَّابَعِ عَلَى الصَّحِيفَةِ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ خَتَمَ بِآمِينَ فَقَدْ أَوْجَبَ...
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 341 ) ط عبد الباقي
وَخَالَفَ مَالِكٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنهُ وَهِي رِوَايَة بن الْقَاسِمِ فَقَالَ لَا يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ لَا يُؤَمِّنُ مُطْلَقًا وَأَجَابَ عَن حَدِيث بن شِهَابٍ هَذَا بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فِي حَدِيثٍ غَيره وَهِي عِلّة غير قادحة فَإِن بن شِهَابٍ إِمَامٌ لَا يَضُرُّهُ التَّفَرُّدُ .......وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ كَوْنَ الْإِمَامِ لَا يُؤَمِّنُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّهُ دَاعٍ فَنَاسَبَ أَنْ يَخْتَصَّ الْمَأْمُومُ بِالتَّأْمِينِ وَهَذَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِهِمْ إِنَّهُ لَا قِرَاءَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ كَمَا اشْتَرَكَا فِي الْقِرَاءَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِكَا فِي التَّأْمِينِ
( ج2/ ص 342 )
اسْتَدَلُّوا لَهُ بِرِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابٍ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ قَالُوا فَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ يَقْتَضِي حَمْلَ قَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ عَلَى الْمَجَازِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَجَازِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ أَيْ أَرَادَ التَّأْمِينَ لِيَتَوَافَقَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مَعًا
( ج2/ ص 342)
رِوَايَة معمر عَن بن شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالُوا آمِينَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ آمِينَ وَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ آمِينَ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالسَّرَّاجُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْإِمَامِ يُؤَمِّنُ وَقِيلَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقُلِ الْإِمَامُ آمِينَ وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنَ الْخَبَرَيْنِ تَخْيِيرُ الْمَأْمُومِ فِي قَوْلِهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَقِيلَ الْأَوَّلُ لِمَنْ قَرُبَ مِنَ الْإِمَامِ وَالثَّانِي لِمَنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ لِأَنَّ جَهْرَ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ أَخْفَضُ مِنْ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ فَقَدْ يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ مَنْ لَا يَسْمَعُ تَأْمِينَهُ فَمَنْ سَمِعَ تَأْمِينَهُ أَمَّنَ مَعَهُ وَإِلَّا يُؤَمِّنْ إِذَا سَمِعَهُ يَقُولُ وَلَا الضَّالِّينَ لِأَنَّهُ وَقْتُ تَأْمِينِهِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ وَلَيْسَتْ بِدُونِ الْوَجْه الَّذِي ذَكرُوهُ وَقد رده بن شِهَابٍ بِقَوْلِهِ وَكَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ آمِينَ كَأَنَّهُ اسْتَشْعَرَ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ حَقِيقَةُ التَّأْمِينِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدِ اعْتُضِدَ بِصَنِيعِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَاوِيهِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ وَإِذَا تَرَجَّحَ أَنَّ الْإِمَامَ يُؤَمِّنُ فَيَجْهَرُ بِهِ فِي الْجَهْرِيَّةِ كَمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ وَرِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ يُسِرُّ بِهِ مُطْلَقًا
( ج2/ 343)
فَأَمِّنُوا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَأْخِيرِ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِ عَنْ تَأْمِينِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ رَتَّبَ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُقَارَنَةُ وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ لَا تُسْتَحَبُّ مُقَارَنَةُ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ غَيْرَهُ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ التَّأْمِينَ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَا لِتَأْمِينِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَهُوَ وَاضِحٌ ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْأَمر عِنْد الْجُمْهُور للنَّدْب وَحكى بن بَزِيزَةَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وُجُوبَهُ عَلَى الْمَأْمُومِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ قَالَ وَأَوْجَبَهُ الظَّاهِرِيَّةُ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ ثُمَّ فِي مُطْلَقِ أَمْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ وَلَوْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ تَنْقَطِعُ بِذَلِكَ الْمُوَالَاةُ..ع َلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا تَنْقَطِعُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( ج2/ ص343 )
وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُوَافَقَةُ فِي الْقَوْلِ وَالزَّمَانِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْمُرَادُ الْمُوَافَقَةُ فِي الْإِخْلَاصِ وَالْخُشُوعِ كَابْنِ حِبَّانَ ..فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ يُرِيدُ مُوَافَقَةَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْإِخْلَاصِ بِغَيْرِ إِعْجَابٍ وَكَذَا جَنَحَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ
( ج2/ ص 343)
المُرَاد بتأمين الْمَلَائِكَة استغفارهم للْمُؤْمِنين وَقَالَ بن الْمُنِيرِ الْحِكْمَةُ فِي إِيثَارِ الْمُوَافَقَةِ فِي الْقَوْلِ وَالزَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ عَلَى يَقَظَةٍ لِلْإِتْيَانِ بِالْوَظِيفَةِ فِي مَحَلِّهَا لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا غَفْلَةَ عِنْدَهُمْ فَمَنْ وَافَقَهُمْ كَانَ مُتَيَقِّظًا ثُمَّ إِنَّ ظَاهره أَن المُرَاد بِالْمَلَائِكَة ِ جَمِيعهم وَاخْتَارَهُ بن بَزِيزَةَ وَقِيلَ الْحَفَظَةُ مِنْهُمْ وَقِيلَ الَّذِينَ يَتَعَاقَبُونَ مِنْهُمْ إِذَا قُلْنَا إِنَّهُمْ غَيْرُ الْحَفَظَةِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ يَشْهَدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِمَّنْ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ ...
( ج2/ ص 344)
رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ بَعْدَ بَابٍ وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْآتِيَةِ أَيْضًا فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَنَحْوِهَا لِسُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ صُفُوفُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ السَّمَاءِ فَإِذَا وَافَقَ آمِينَ فِي الْأَرْضِ آمِينَ فِي السَّمَاءِ غُفِرَ لِلْعَبْدِ انْتَهَى وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْلَى
( ج2/ ص 343)
قَوْلُهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ظَاهِرُهُ غُفْرَانُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الصَّغَائِرِ
( ج2/ ص 344)
م فَائِدَةٌ وَقَعَ فِي أَمَالِي الْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ عَنْ بَحْرِ بْنِ نصر عَن بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا تَأَخَّرَ وَهِيَ زِيَادَةٌ شَاذَّةٌ فَقَدْ رَوَاهُ بن الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ بِدُونِهَا وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم عَن حَرْمَلَة وبن خُزَيْمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى كِلَاهُمَا عَن بن وَهْبٍ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا أَنِّي وَجَدْتُهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ من بن مَاجَهْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَأَبِي بَكْرِ بن أبي شيبَة كِلَاهُمَا عَن بن عُيَيْنَةَ بِإِثْبَاتِهَا وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ وَمُصَنَّفِهِ بِدُونِهَا وَكَذَلِكَ حفاظ أَصْحَاب بن عُيَيْنَة الْحميدِي وبن الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُمَا وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَالْوَلِيدِ ابْنَيْ سَاجٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ..
( ج2/ ص 344)
م وَظَاهِرُ سِيَاقِ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إِنَّمَا يُؤَمِّنُ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ لَا إِذَا تَرَكَ وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَهُوَ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ الْخِلَافَ وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى خِلَافِهِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يُؤَمِّنُ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى تَعْيِينِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لِلْإِمَامِ وَعَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا جَهَرَ بِهِ إِمَامُهُ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ أَنَّ التَّأْمِينَ مُخْتَصٌّ بِالْفَاتِحَةِ فَظَاهِرُ السِّيَاق يقتضى أَن قِرَاءَة الْفَاتِحَة كَانَت أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَهَا لَا أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا أصلا
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج1/ ص 344)
قَالَ بن الْمُنِيرِ وَأَيُّ فَضْلٍ أَعْظَمَ مِنْ كَوْنِه - التأمين - قَوْلًا يَسِيرًا لَا كُلْفَةَ فِيهِ ثُمَّ قَدْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الْمَغْفِرَة أه
( ج2/ ص 344)
وَيُؤْخَذ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّة التَّأْمِين لكل من قَرَأَ الْفَاتِحَة سَوَاء كَانَ دَاخل الصَّلَاة أَو خَارِجهَا لقَوْله إِذا قَالَ أحدكُم لَكِن فِي رِوَايَة مُسلم من هَذَا الْوَجْه إِذا قَالَ أحدكُم فِي صلَاته فَيحمل الْمُطلق على الْمُقَيد نعم فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمد وسَاق مُسلم إسنادها إِذا أَمن الْقَارئ فَأمنُوا فَهَذَا يُمكن حمله على الْإِطْلَاق فَيُسْتَحَب التَّأْمِين إِذا أَمن الْقَارئ مُطلقًا لكل من سَمعه من مصل أَو غَيره وَيُمكن أَن يُقَال المُرَاد بالقارئ الإِمَام إِذا قَرَأَ الْفَاتِحَة فَإِن الحَدِيث وَاحِد اخْتلفت أَلْفَاظه وَاسْتدلَّ بِهِ بعض الْمُعْتَزلَة على أَن الْمَلَائِكَة أفضل من الْآدَمِيّين
( ج2/ ص 345)
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَدْرَكْتُ مِائَتَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ سَمِعْتُ لَهُمْ رَجَّةً بِآمِينَ
( ج2/ ص 345)
وَالْجَهْرُ لِلْمَأْمُومِ ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَكْثَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَجْهَرُ
( ج2/ ص 346)
م وَأما طَرِيق نعيم فرواها النَّسَائِيّ وبن خُزَيْمَة والسراج وبن حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ حَتَّى بَلَغَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالَ آمِينَ وَقَالَ النَّاسُ آمِينَ وَيَقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَإِذَا قَامَ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الِاثْنَتَيْنِ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَقُولُ إِذَا سَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَوَّبَ النَّسَائِيُّ عَلَيْهِ الْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تُعُقِّبَ اسْتِدْلَالُهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَشْبَهُكُمْ أَيْ فِي مُعْظَمِ الصَّلَاةِ لَا فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ غَيْرُ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِدُونِ ذِكْرِ الْبَسْمَلَةِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَالْجَوَابُ أَنَّ نُعَيْمًا ثِقَةٌ فَتُقْبَلُ زِيَادَتُهُ وَالْخَبَرُ ظَاهِرٌ فِي جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ فَيُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَثْبُتَ دَلِيلٌ يُخَصِّصُهُ..
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 346)
أَن بن بَطَّالٍ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِيهِ فِي صَلَاةِ أُمِّ سُلَيْمٍ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ إِلْحَاقًا لِلرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ ثُمَّ وَجَدْتُهُ مَسْبُوقًا بِالِاسْتِدْلَا لِ بِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ كِبَارِ الْأَئِمَّةِ لَكِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ وَأَقْدَمُ مَنْ وَقَفْتُ عَلَى كَلَامِهِ مِمَّن تعقبه بن خُزَيْمَةَ فَقَالَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَرْءِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بِاتِّفَاقٍ مِمَّنْ يَقُولُ تُجْزِئُهُ أَوْ لَا تُجْزِئُهُ وَصَلَاةُ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ امْرَأَةٌ أُخْرَى مَأْمُورٌ بِهَا بِاتِّفَاقٍ فَكَيْفَ يُقَاسُ مَأْمُورٌ عَلَى مَنْهِيٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ نَظَرَ إِلَى مُطْلَقِ الْجَوَازِ حَمْلًا لِلنَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ وَالْأَمْرِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ
( ج2/ ص 347)
وَقَالَ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الْمُنِيرِ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِمَّا نُوزِعَ فِيهَا الْبُخَارِيُّ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِجَوَابِ إِذَا لِإِشْكَالِ الْحَدِيثِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ وَلَا تعد
( ج2/ ص 347)
الأعلم وَهُوَ زِيَادٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْ عَفَّانَ عَنْ هَمَّامٍ حَدثنَا زِيَاد الأعلم أخرجه بن أبي شيبَة وَزِيَاد هُوَ بن حَسَّانَ بْنُ قُرَّةَ الْبَاهِلِيُّ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ قِيلَ لَهُ الْأَعْلَمُ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْقُوقَ الشَّفَةِ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ
( ج2/ ص 347)
قَالَ بن الْمُنِيرِ صَوَّبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَ أَبِي بَكْرَةَ مِنَ الْجِهَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ الْحِرْصُ عَلَى إِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَخَطَّأَهُ مِنَ الْجِهَةِ الْخَاصَّةِ قَوْلُهُ وَلَا تَعُدْ أَيْ إِلَى مَا صَنَعْتَ مِنَ السَّعْيِ الشَّدِيدِ ثُمَّ الرُّكُوعِ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مِنَ الْمَشْيِ إِلَى الصَّفِّ وَقَدْ وَرَدَ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ صَرِيحًا فِي طُرُقِ حَدِيثِهِ
( ج2/ ص 347)
نَقْلُ الِاتِّفَاقِ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ وَذَهَبَ إِلَى تَحْرِيمِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَبَعْضُ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ كَابْنِ خُزَيْمَةَ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السّنَن وَصَححهُ أَحْمد وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ نَحْوُهُ وَزَادَ لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي حَدِيثِ وَابِصَةَ لِلِاسْتِحْبَاب ِ لِكَوْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَتَى بِجُزْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ خَلْفَ الصَّفِّ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْإِعَادَةِ لَكِنْ نُهِيَ عَنِ الْعَوْدِ إِلَى ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ أُرْشِدَ إِلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِيمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَقَالَ صَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَلَيْسَ لَهُ تَضْعِيف
( ج2/ ص 348)
وَاسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهِ لَا تَعُدْ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ جَائِزًا ثُمَّ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لَا تَعُدْ فَلَا يَجُوزُ الْعَوْدُ إِلَى مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْبُخَارِيِّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ
( ج2/ ص 348)
م وَلَا تَعُدْ ضَبَطْنَاهُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْعَيْنِ مِنَ الْعَوْدِ وَحَكَى بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ أَنَّهُ رُوِيَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ مِنَ الْإِعَادَةِ وَيُرَجِّحُ الرِّوَايَةَ الْمَشْهُورَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي آخِرِهِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ صَلِّ مَا أَدْرَكْتَ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فَلَا يَرْكَعْ دُونَ الصَّفِّ حَتَّى يَأْخُذَ مَكَانَهُ مِنَ الصَّفِّ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اسْتِحْبَابِ مُوَافَقَةِ الدَّاخِلِ لِلْإِمَامِ عَلَى أَيِّ حَالٍ وَجَدَهُ عَلَيْهَا وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ صَرِيحًا فِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ وَجَدَنِي قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَلْيَكُنْ مَعِي عَلَى الْحَالِ الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا وَفِي التِّرْمِذِيِّ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَرْفُوعًا وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ لَكِنَّهُ يَنْجَبِرُ بِطَرِيقِ سَعِيدِ بن مَنْصُور الْمَذْكُورَة
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 349)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُتِمَّ التَّكْبِيرَ وَقَدْ نَقَلَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ عَن أبي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ هَذَا عِنْدَنَا بَاطِلٌ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ وَالْبَزَّارُ تَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأُجِيبَ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ بِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَوِ الْمُرَادُ لَمْ يُتِمَّ الْجَهْرَ بِهِ أَوْ لَمْ يَمُدَّهُ
( ج2/ ص 349)
وَلِأَحْمَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ قُلْنَا يَعْنِي لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يَا أَبَا نُجَيْدٍ هُوَ بِالنُّونِ وَالْجِيمِ مُصَغَّرٌ مَنْ أَوَّلُ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حِينَ كَبَّرَ وَضَعُفَ صَوْتُهُ وَهَذَا يُحْتَمَلُ إِرَادَةَ تَرْكِ الْجَهْرِ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ مُعَاوِيَةُ وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَهُ زِيَادٌ وَهَذَا لَا يُنَافِي الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ زِيَادًا تَرَكَهُ بِتَرْكِ مُعَاوِيَةَ وَكَأَنَّ مُعَاوِيَةَ تَرَكَهُ بِتَرْكِ عُثْمَانَ وَقَدْ حَمَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْإِخْفَاءِ وَيُرَشِّحُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ
( ج2/ ص 349)
حَكَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّ قَوْمًا كَانُوا يَتْرُكُونَ التَّكْبِيرَ فِي الْخَفْضِ دُونَ الرَّفْعِ قَالَ وَكَذَلِكَ كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تَفْعَلُ وروى بن الْمُنْذر نَحوه عَن بن عُمَرَ وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُكَبِّرُ سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ
( ج2/ 349)
اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ لِكُلِّ مُصَلٍّ فَالْجُمْهُورُ عَلَى نَدْبِيَّةِ مَا عَدَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَعَنْ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَهْلِ الْعلم بِالظَّاهِرِ يجب كُله قَالَ نَاصِر الدّين بن الْمُنِيرِ الْحِكْمَةُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ أُمِرَ بِالنِّيَّةِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ مَقْرُونَةً بِالتَّكْبِيرِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَسْتَصْحِبَ النِّيَّةَ إِلَى آخِرِ الصَّلَاةِ فَأُمِرَ أَنْ يُجَدِّدَ الْعَهْدَ فِي أَثْنَائِهَا بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي هُوَ شِعَارُ النِّيَّة
( ج2/ 350)
خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَا وَعِمْرَانُ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَوْقِفَ الِاثْنَيْنِ يَكُونُ خَلْفَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَجْعَلُ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا ..
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 351)
قَالَ بن بَطَّالٍ تَرْكُ النَّكِيرِ عَلَى مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَتَلَقَّوْهُ عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَشَارَ الطَّحَاوِيُّ إِلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ اسْتَقَرَّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَحْمَدَ وَالْخِلَافُ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهِ ثَابِتٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِجْمَاعًا سَابِقًا
( ج2/ ص 351)
لَا أُمَّ لَكَ هِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ عِنْدَ الزَّجْرِ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا ثَكِلَتْكَ أُمُّكُ فَكَأَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ أَنْ يَفْقِدَ أُمَّهُ أَوْ أَنْ تَفْقِدَهُ أُمُّهُ لَكِنَّهُمْ قَدْ يُطْلِقُونَ ذَلِكَ وَلَا يُرِيدُونَ حَقِيقَتَهُ وَاسْتَحَقَّ عِكْرِمَةُ ذَلِكَ عِنْد بن عَبَّاسٍ لِكَوْنِهِ نَسَبَ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْجَلِيلَ إِلَى الْحُمْقِ الَّذِي هُوَ غَايَةُ الْجَهْلِ وَهُوَ بَرِيءٌ من ذَلِك
( ج2/ ص 354)
م قَوْلُهُ مُصْعَبَ بْنَ سعد أَي بن أَبِي وَقَّاصٍ قَوْلُهُ فَطَبَّقْتُ أَيْ أَلْصَقْتُ بَيْنَ بَاطِنَيْ كَفِّي فِي حَالِ الرُّكُوعِ قَوْلُهُ كُنَّا نَفْعَلُهُ فَنُهِينَا عَنْهُ وَأُمِرْنَا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى نَسْخِ التَّطْبِيقِ الْمَذْكُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآمِرِ وَالنَّاهِي فِي ذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ الصِّيغَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَالرَّاجِحُ أَنَّ حُكْمَهَا الرَّفْعُ وَهُوَ مُقْتَضَى تَصَرُّفِ الْبُخَارِيِّ وَكَذَا مُسْلِمٌ إِذْ أَخْرَجَهُ فِي صَحِيحِهِ ..
( ج2/ ص 354)
قَالَ التِّرْمِذِيُّ التَّطْبِيقُ مَنْسُوخٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا رُوِيَ عَن بن مَسْعُودٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُطَبِّقُونَ انْتَهَى
( ج2/ ص 354 )
وَقد ورد ذَلِك عَن بن مَسْعُودٍ مُتَّصِلًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فَوَضَعْنَا أَيْدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا فَضَرَبَ أَيْدِيَنَا ثُمَّ طَبَّقَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ جَعَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُمِلَ هَذَا عَلَى أَنَّ بن مَسْعُود لم يبلغهُ النّسخ وَقد روى بن الْمُنْذر عَن بن عُمَرَ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ قَالَ إِنَّمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً يَعْنِي التَّطْبِيقَ وروى بن خُزَيْمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ طَبَّقَ يَدَيْهِ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ فَرَكَعَ فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدًا فَقَالَ صَدَقَ أَخِي كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا ثُمَّ أُمِرْنَا بِهَذَا يَعْنِي الْإِمْسَاكَ بِالرُّكَبِ فَهَذَا شَاهِدٌ قَوِيٌّ لِطَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ مَا يُوَافِقُ قَوْلَ سَعْدٍ أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَطَبَّقَ ثُمَّ لَقِينَا عُمَرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ فَطَبَّقْنَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ ذَلِكَ شَيْءٌ كُنَّا نَفْعَلُهُ ثُمَّ تُرِكَ
( ج2/ ص 355)
وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ الرُّكَبَ سُنَّتْ لَكُمْ فَخُذُوا بِالرُّكَبِ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ كُنَّا إِذَا رَكَعْنَا جَعَلْنَا أَيْدِيَنَا بَيْنَ أَفْخَاذِنَا فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ الْأَخْذَ بِالرُّكَبِ وَهَذَا أَيْضًا حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا قَالَ السُّنَّةُ كَذَا أَوْ سُنَّ كَذَا كَانَ الظَّاهِرُ انْصِرَافَ ذَلِكَ إِلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا سِيَّمَا إِذَا قَالَهُ مِثْلُ عُمَرَ
( ج2/ 355)
فنهينا عَنهُ اسْتدلَّ بِهِ بن خُزَيْمَةَ عَلَى أَنَّ التَّطْبِيقَ غَيْرُ جَائِزٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ حَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَقَدْ روى بْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ إِذَا رَكَعْتَ فَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ هَكَذَا يَعْنِي وَضَعْتَ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ وَإِنْ شِئْتَ طَبَّقْتَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّخْيِيرَ فَإِمَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ وَإِمَّا حَمَلَهُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ كَوْنُ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَأْمُرْ مَنْ فعله بِالْإِعَادَةِ
( ج2/ ص 355 )
فَائِدَة حكى بن بَطَّالٍ عَنِ الطَّحَاوِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّ طَرِيقَ النَّظَرِ يَقْتَضِي أَنَّ تَفْرِيقَ الْيَدَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَطْبِيقِهِمَا لِأَنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ بِالتَّجَافِي فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَبِالْمُرَاوَح َةِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ قَالَ فَلَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى أَوْلَوِيَّةِ تَفْرِيقِهِمَا فِي هَذَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَوَّلِ اقْتَضَى النَّظَرُ أَنْ يُلْحَقَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ قَالَ فَثَبَتَ انْتِفَاءُ التَّطْبِيقِ وَوُجُوبُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ انْتَهَى كَلَامُهُ
( ج2/ ص 355 )
وَتَعَقَّبَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مُعَارَضٌ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي سُنَّ فِيهَا الضَّمُّ كَوَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي حَالِ الْقِيَامِ قَالَ وَإِذَا ثَبَتَ مَشْرُوعِيَّةُ الضَّمِّ فِي بَعْضِ مَقَاصِدِ الصَّلَاةِ بَطَلَ مَا اعْتَمَدَهُ مِنَ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ نَعَمْ لَوْ قَالَ إِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مَا يَقْتَضِي مَزِيَّةَ التَّفْرِيجِ عَلَى التَّطْبِيقِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ قُلْتُ وَقَدْ وَرَدَتِ الْحِكْمَةُ فِي إِثْبَاتِ التَّفْرِيجِ عَلَى التَّطْبِيقِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَوْرَدَ سَيْفٌ فِي الْفُتُوحِ مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ سَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَتْ بِمَا مُحَصَّلُهُ أَنَّ التَّطْبِيقَ مِنْ صَنِيعِ الْيَهُودِ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ لِذَلِكَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَمَرَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ بِمُخَالَفَتِهِ مْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 356)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْفِطْرَةُ الْمِلَّةُ أَوِ الدِّينُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّنَّةُ كَمَا جَاءَ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ الْحَدِيثَ وَيَكُونُ حُذَيْفَةُ قَدْ أَرَادَ تَوْبِيخَ الرَّجُلِ لِيَرْتَدِعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيُرَجِّحُهُ وُرُودُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ..
( ج2/ ص 356)
يرى الْبُخَارِيِّ إِلَى أَنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا قَالَ سُنَّةَ مُحَمَّدٍ أَوْ فِطْرَتُهُ كَانَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا وَقَدْ خَالف فِيهِ قوم وَالرَّاجِح الأول
( ج2/ ص 357)
قول البخاري رحمه الله " في تبويبه (وَحَدُّ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ فِيهِ والاطمأنينة )
قال ابن حجر رحمه الله : أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى تَسْوِيَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ تَطْوِيل الِاعْتِدَال فَيُؤْخَذ مِنْهُ إطالة الْجَمِيع وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وَالِاطْمَأْنِي نَةُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ وَسُكُونُ الطَّاءِ ولِلْكُشْمِيهَن ِيِّ وَالطُّمَأْنِين َةُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَالْمُرَادُ بِهَا السُّكُونُ وَحَدُّهَا ذَهَابُ الْحَرَكَةِ الَّتِي قَبْلَهَا...
( ج2/ ص 357)
قول البراء بن عازب " كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع من الركوع - ما خلا القيام والقعود - قريبا من السواء
قال ابن حجر رحمه الله : قَوْلُهُ مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ بِالنَّصْبِ فِيهِمَا قِيلَ الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ الِاعْتِدَالُ وَبِالْقُعُودِ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَتَمَسَّكَ بِهِ فِي أَنَّ الِاعْتِدَالَ وَالْجُلُوسَ بَين السَّجْدَتَيْنِ لَا يطولان ورده بن الْقَيِّمِ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَاشِيَةِ السُّنَنِ فَقَالَ هَذَا سُوءُ فَهْمٍ مِنْ قَائِلِهِ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُمَا بِعَيْنِهِمَا فَكَيْفَ يَسْتَثْنِيهِمَ ا وَهَلْ يَحْسُنُ قَوْلُ الْقَائِلِ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ وَخَالِدٌ إِلَّا زَيْدًا وَعَمْرًا فَإِنَّهُ مَتَى أَرَادَ نَفْيَ الْمَجِيءِ عَنْهُمَا كَانَ تَنَاقُضًا اه وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِهَا إِدْخَالُهَا فِي الطُّمَأْنِينَة ِ وَبِاسْتِثْنَاء ِ بَعْضِهَا إِخْرَاجُ الْمُسْتَثْنَى مِنَ الْمُسَاوَاةِ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا مَعْنَى قَوْلِهِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ أَنَّ كُلَّ رُكْنٍ قَرِيبٍ مِنْ مِثْلِهِ فَالْقِيَامُ الْأَوَّلُ قَرِيبٌ مِنَ الثَّانِي وَالرُّكُوعُ فِي الْأُولَى قَرِيبٌ مِنَ الثَّانِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ اللَّذَيْنِ اسْتُثْنِيَا الِاعْتِدَالُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 358 -363)
" حديث المسيء في صلاته "
* فَدخل رجل فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وَلِلنَّسَائِيّ ِ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَنَحْنُ حَوْلَهُ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ جَدُّ على بن يحيى رَاوِي الْخَبَر
* وعند الترمذي فجاء رجل كالبدوي فَصَلَّى فَأَخَفَّ صَلَاتَهُ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ تَفْسِيرَهُ بِخَلَّادٍ لِأَنَّ رِفَاعَةَ شَبَّهَهُ بِالْبَدْوِيِّ لِكَوْنِهِ أَخَفَّ الصَّلَاةَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ...
* زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى نَفْلًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ فِي صَلَاتِهِ ..
* فَرَدَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسلم وَكَذَا فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَفِي هَذَا تعقب على بن الْمُنِيرِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ إِنَّ الْمَوْعِظَةَ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ أَهَمُّ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَلِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ تَأْدِيبًا عَلَى جَهْلِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّأْدِيبُ بِالْهَجْرِ وَتَرْكِ السَّلَامِ اه ...
* وَالَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحَيْنِ ثُبُوتُ الرَّدِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ إِلَّا الَّذِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَقَدْ سَاقَ الْحَدِيثَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ بِلَفْظِ الْبَابِ إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ مِنْهُ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّ بن الْمُنِيرِ اعْتَمَدَ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا صَاحب الْعُمْدَة
* قَالَ عِيَاضٌ فِيهِ أَنَّ أَفْعَالَ الْجَاهِلِ فِي الْعِبَادَةِ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ لَا تُجْزِئُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ نَفْيُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ تَمَسَّكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهُ بَعْدَ التَّعْلِيمِ بِالْإِعَادَةِ فَدَلَّ عَلَى إِجْزَائِهَا وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْمُهَلَّبُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِعَادَةِ فَسَأَلَهُ التَّعْلِيمَ فَعَلَّمَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ أَعِدْ صَلَاتَكَ عَلَى هَذِه الْكَيْفِيَّة أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن الْمُنِيرِ
* قَوْلُهُ ثَلَاثًا فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ وَتَتَرَجَّحُ الْأُولَى لِعَدَمِ وُقُوعِ الشَّكِّ فِيهَا وَلِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ عَادَتَهِ اسْتِعْمَالُ الثَّلَاثِ فِي تَعْلِيمِهِ غَالِبًا ...
* فَثَبَتَ ذِكْرُ الطُّمَأْنِينَة ِ فِي الِاعْتِدَالِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَمثله فِي حَدِيث رِفَاعَة عِنْد أَحْمد وبن حِبَّانَ وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إِلَى مَفَاصِلِهَا وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْقَلْبِ مِنْ إِيجَابِهَا أَيِ الطُّمَأْنِينَة َ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ...
* وَقع فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ بَعْدَ ذِكْرِ السُّجُودِ الثَّانِي ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى إِيجَابِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَهْمٌ فَإِنَّهُ عَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي الْأَخِيرِ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا عَلَى الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةُ قَرِيبًا وَكَلَامُ الْبُخَارِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ أَبَا أُسَامَة خَالف بن نُمَيْرٍ لَكِنْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَة كَمَا قَالَ بن نُمَيْرٍ بِلَفْظِ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اقْعُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اقْعُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ...
* وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَة ِ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَاشْتُهِرَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الطُّمَأْنِينَة َ سُنَّةٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ مُصَنِّفِيهِمْ لَكِنَّ كَلَامَ الطَّحَاوِيِّ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوبِ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ تَرْجَمَ مِقْدَارَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا فِي الرُّكُوعِ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ قَالَ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ هَذَا مِقْدَارُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يُجْزِئُ أَدْنَى مِنْهُ قَالَ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا إِذَا اسْتَوَى رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ سَاجِدًا أَجْزَأَ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ..
* قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ تَكَرَّرَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَعَلَى عَدَمِ وُجُوبِ مَا لَمْ يُذْكَرْ أَمَّا الْوُجُوبُ فَلِتَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ وَأَمَّا عَدَمُهُ فَلَيْسَ لِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ بَلْ لِكَوْنِ الْمَوْضِعِ مَوْضِعَ تَعْلِيمٍ وَبَيَانٍ لِلْجَاهِلِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْحِصَارَ الْوَاجِبَاتِ فِيمَا ذُكِرَ وَيَتَقَوَّى ذَلِكَ بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِسَاءَةُ مِنْ هَذَا الْمُصَلِّي وَمَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُقْصِرِ الْمَقْصُودَ عَلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْإِسَاءَةُ قَالَ فَكُلُّ مَوْضِعٍ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِهِ وَكَانَ مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ بِهِ فِي وُجُوبِهِ وَبِالْعَكْسِ لَكِنْ يَحْتَاجُ أَوَّلًا إِلَى جَمْعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِحْصَاءِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَالْأَخْذِ بِالزَّائِدِ فَالزَّائِدِ ثُمَّ إِنْ عَارَضَ الْوُجُوبَ أَوْ عَدَمَهُ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ عُمِلَ بِهِ وَإِنْ جَاءَتْ صِيغَةُ الْأَمْرِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِشَيْءٍ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قُدِّمَتْ قُلْتُ قَدِ امْتَثَلْتُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَجَمَعْتُ طُرُقَهُ الْقَوِيَّةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِفَاعَة...
* وَقَدْ أَمْلَيْتُ الزِّيَادَاتِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا فَمِمَّا لم يذكر فِيهِ صَرِيحًا مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا النِّيَّةُ وَالْقُعُودُ الْأَخِيرُ وَمِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَالسَّلَامُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ الرَّجُلِ...
* وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ وَالتَّعَوُّذَ وَدُعَاءَ الِافْتِتَاحِ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهِ وَوَضْعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَات ِ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهَيْئَاتِ الْجُلُوسِ وَوَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْفَخِذِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ...
* مَا تَيَسَّرَ مُتَّضِحٌ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي التَّخْيِيرِ قَالَ وَإِنَّمَا يَقْرَبُ ذَلِكَ إِنْ جُعِلَتْ مَا مَوْصُولَةً وَأُرِيدَ بِهَا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ لِكَثْرَةِ حِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا فَهِيَ الْمُتَيَسِّرَة ُ وَقِيلَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ مِنْ حَالِ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ الْفَاتِحَةَ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ وَقِيلَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالدَّلِيلِ عَلَى تَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُمَا لَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يُتْرَكُ الصَّرِيحُ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ...
* وَبَيْنَ دَلِيلِ إِيجَابِ الْفَاتِحَةِ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي تقدّمت لِأَحْمَد وبن حِبَّانَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْتَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَة ِ فِي الْأَرْكَانِ
* وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي النَّافِلَةِ مُلْزِمٌ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصَّلَاةُ كَانَتْ فَرِيضَةً فَيَقِفُ الِاسْتِدْلَالُ وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَحُسْنُ التَّعْلِيمِ بِغَيْرِ تَعْنِيفٍ وَإِيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ وَتَخْلِيصُ الْمَقَاصِدِ وَطَلَبُ الْمُتَعَلِّمِ مِنَ الْعَالِمِ أَنْ يُعَلِّمَهُ وَفِيهِ تَكْرَارُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَوْضِعِ إِذَا وَقَعَتْ صُورَةُ انْفِصَالٍ وَفِيهِ أَنَّ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ وَفِيهِ جُلُوسُ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ وَجُلُوسُ أَصْحَابِهِ مَعَهُ وَفِيهِ التَّسْلِيمُ لِلْعَالِمِ وَالِانْقِيَادُ لَهُ وَالِاعْتِرَافُ بِالتَّقْصِيرِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْبَشَرِيَّةِ فِي جَوَازِ الْخَطَأ
* وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَجَازَ الْقِرَاءَةَ بِالْفَارِسِيَّ ةِ لِكَوْنِ مَا لَيْسَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ لَا يُسَمَّى قُرْآنًا قَالَهُ عِيَاضٌ وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا وَأَنَّ الْمُفْتِيَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَكَانَ هُنَاكَ شَيْءٌ آخَرُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ السَّائِلُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَذْكُرَهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ وَيَكُونُ من بَاب النَّصِيحَة لامن الْكَلَامِ فِيمَا لَا مَعْنَى لَهُ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ كَوْنُهُ قَالَ عَلِّمْنِي أَيِ الصَّلَاةَ فَعَلَّمَهُ الصَّلَاة ومقدماتها...
*
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2/ ص 365 )
قال البخاري رحمه الله " باب الدعاء في الركوع "
* قال ابن حجر رحمه الله : " قَصَدَ الْإِشَارَةَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ الدُّعَاءَ فِي الرُّكُوعِ كَمَالِكٍ وَأَمَّا التَّسْبِيحُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ فَاهْتَمَّ هُنَا بِذِكْرِ الدُّعَاءِ لِذَلِكَ وَحُجَّةُ الْمُخَالِفِ الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسلم من رِوَايَة بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَفِيهِ فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ لَكِنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَا يَمْتَنِعُ الدُّعَاءُ فِي الرُّكُوعِ كَمَا لَا يَمْتَنِعُ التَّعْظِيمُ فِي السُّجُودِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا الذِّكْرَ كُلَّهُ فِي الرُّكُوعِ وَكَذَا فِي السُّجُودِ
( ج2/ ص 365-367)
* إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن بن أَبِي ذِئْبٍ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا ذَكَرَ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَر
* اللَّهُمَّ رَبَّنَا ثَبَتَ فِي أَكْثَرِ الطُّرُقِ هَكَذَا وَفِي بَعْضِهَا بِحَذْفِ اللَّهُمَّ وَثُبُوتُهَا أَرْجَحُ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ وَفِي ثُبُوتِهَا تَكْرِيرُ النِّدَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ يَا اللَّهُ يَا رَبَّنَا
* وَلَكَ الْحَمْدُ كَذَا ثَبَتَ زِيَادَةُ الْوَاوِ فِي طُرُقٍ كَثِيرَةٍ وَفِي بَعْضِهَا كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ بِحَذْفِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ لَا تَرْجِيح لأَحَدهمَا على الآخر
* وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ كَأَنَّ إِثْبَاتَ الْوَاوِ دَالٌّ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ مَثَلًا رَبَّنَا اسْتَجِبْ وَلَكَ الْحَمْدُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ انْتَهَى
* وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ قَوْلُ مَنْ جَعَلَهَا حَالِيَّةً وَأَنَّ الْأَكْثَرَ رَجَّحُوا ثُبُوتَهَا وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ يُثْبِتُ
الْوَاوَ فِي رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَيَقُولُ ثَبَتَ فِيهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ
*فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِي ِّ وَلَكَ الْحَمْدُ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَفِيه رد على بن الْقَيِّمِ حَيْثُ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدِ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّهُمَّ وَالْوَاوِ فِي ذلك
* وَثَبَتَ لَفْظُ بَابٍ - فضل " اللهم ربنا لك الحمد " - عِنْدَ مَنْ عَدَا أَبَا ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيَّ وَالرَّاجِحُ حَذْفُهُ
* اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَعَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ بَلْ فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُومِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَكُونُ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَالْوَاقِعُ فِي التَّصْوِيرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ التَّسْمِيعَ فِي حَالِ انْتِقَالِهِ وَالْمَأْمُومَ يَقُولُ التَّحْمِيدَ فِي حَالِ اعْتِدَالِهِ فَقَوْلُهُ يَقَعُ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْخَبَرِ وَهَذَا الْمَوْضِعُ يَقْرُبُ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّأْمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُؤَمِّنُ بَعْدَ قَوْلِه وَلَا الضَّالِّينَ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يُؤَمِّنُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ يَقُولُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ لَكِنَّهُمَا مُسْتَفَادَانِ مِنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ صَرِيحَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التأمين
*أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مِنْ أَنَّ مَعْنَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ طَلَبُ التَّحْمِيدِ فَيُنَاسِبُ حَالَ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَتُنَاسِبُهُ الْإِجَابَةُ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَيُقَوِّيهِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَفِيهِ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ فَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَدُلُّ مَا ذَكَرْتُمْ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ إِذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ طَالِبًا وَمُجِيبًا وَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ التَّأْمِينِ
* لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ دَاعِيًا وَالْمَأْمُومِ مُؤَمِّنًا أَنْ لَا يَكُونَ الْإِمَامُ مُؤَمِّنًا وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَيْعَلَةِ وَالْحَوْقَلَةِ لِسَامِعِ الْمُؤَذِّنِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْمَعُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالْجُمْهُورِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَشْهَدُ لَهُ وَزَادَ الشَّافِعِي أَن الْمَأْمُوم يجمع بَينهمَا أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَلم يثبت عَن بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الشَّافِعِيَّ انْفَرَدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ نُقِلَ فِي الْإِشْرَافِ عَنْ عَطَاءٍ وبن سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا الْقَوْلُ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِلْمَأْمُومِ وَأَمَّا الْمُنْفَرد فَحكى الطَّحَاوِيّ وبن عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنهمَا وَجَعَلَهُ الطَّحَاوِيُّ حُجَّةً لِكَوْنِ الْإِمَامِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى اتِّحَادِ حُكْمِ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لَكِنْ أَشَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إِلَى خِلَافٍ عِنْدَهُمْ فِي الْمُنْفَرِدِ