رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثامن والخمسون
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لو يُعطى الناسُ بدَعْواهم
لادَّعى رجالٌ دماءَ قوم وأموالهم.
ولكن اليمين على المدعى عليه"
رواه مسلم.
وفي لفظ عند البيهقي:
"البينة على المدعي،
واليمين على من أنكر".
هذا الحديث عظيم القدر.
وهو أصل كبير من أصول القضايا والأحكام؛
فإن القضاء بين الناس إنما يكون عند التنازع:
هذا يدّعي على هذا حقاً من الحقوق،
فينكره،
وهذا يدعي براءته من الحق الذي كان ثابتاً عليه.
فبين صلى الله عليه وسلم أصلاً يفض نزاعهم،
ويتضح به المحق من المبطل.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث التاسع والخمسون
عن عائشة رضي الله عنها – مرفوعاً –:
"لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة،
ولا مجلود حدّاً،
ولا ذي غمر على أخيه،
ولا ظنين في ولاء ولا قرابة،
ولا القانع من أهل البيت"
رواه الترمذي.
هذا حديث مشتمل على الأمور القادحة في الشهادة.
وذلك:
أن الله أمر بإشهاد العدول المرضيين.
وأهل العلم اشترطوا في الشاهد في الحقوق بين الناس:
أن يكون عدلاً ظاهراً.
وذكروا صفات العدالة.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الستون
عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال :
"قلت يا رسول الله،
إنَّا لاَقُوا العدوَّ غدا،
وليس معنا مُدَى.
أفنذبح بالقصب ؟
قال: ما أنهر الدم،
وذُكر اسم الله عليه فكُلْ،
ليس السنَّ والظَّفْرَ،
وسأحدثك عنه أما السنُّ فعظمٌ.
وأما الظفر فمُدَى الحبشة.
وأصبنا نهب إبل وغنم فنَدَّ منها بعير،
فرماه رجل بسهم فحبسه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن لهذه أوَابِدَ كأوابد الوحش،
فإذا غلبكم منها شيء
فافعلوا به هكذا".
متفق عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم :
"ما أنهر الدم – إلى آخره"
كلام جامع يدخل فيه جميع ما يُنْهِر الدم
– أي: يسفِكه –
من حديد، أو نحاس، أو صفر، أو قصب،
أو خشب، أو حطب، أو حصى محدد،
أو غيرها،
وما له نفوذ كالرصاص في البارود؛
لأنه ينهر بنفوذه،
لا بثقله.
ودخل في ذلك :
ما صيد بالسهام، والكلاب المعلمة،
والطيور
إذا ذكر اسم الله على جميع ذلك.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الحادي والستون
عن شدّاد بن أوْس رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الله كتب الإحسان على كل شيء.
فإذا قتلتم فأحْسِنوا القِتلة
وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحَة.
ولْيُحِدَّ أحدُكم شَفْرَته
ولْيُرِحْ ذبيحته"
رواه مسلم.
الإحسان نوعان:
إحسان في عبادة الخالق،
بأن يعبد الله كأنه يراه
فإن لم يكن يراه فإن الله يراه.
وهو الجد في القيام بحقوق الله
على وجه النصح،
والتكميل لها.
وإحسان في حقوق الخلق.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثاني والستون
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
"حرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر
الحُمُر الإنسية،
ولُحومَ البغال،
وكلَّ ذي ناب من السباع،
وكلَّ ذي مخلب من الطير"
رواه الترمذي.
الأصل في جميع الأطعمة الحلّ؛
فإن الله أحل لعباده ما أخرجته الأرض
من حبوب وثمار ونبات متنوع،
وأحل لحم حيوانات البحر كلها:
حيها وميتها.
وأما حيوانات البر:
فأباح منها جميع الطيبات،
كالأنعام الثمانية وغيرها،
والصيود الوحشية من طيور وغيرها.
وإنما حرَّم من هذا النوع الخبائث،
وجعل لذلك حداً وفاصلاً.
وربما عين بعض المحرمات،
كما عين في هذا الحديث
الحمر الأهلية،
والبغال وحرمها.
وقال:
"إنها رِجْس".
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثالث والستون
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء،
والمتشبهات من النساء بالرجال"
رواه البخاري.
الأصل في جميع الأمور العادية الإباحة،
فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله،
إما لذاته كالمغصوب،
وما خبث مكسبه في حق الرجال والنساء.
وإما لتخصيص الحل بأحد الصنفين،
كما أباح الشارع لباس الذهب والفضة والحرير للنساء،
وحرمه على الرجال.
وأما تحريم الشارع تشبُّه الرجال بالنساء،
والنساء بالرجال،
فهو عام في اللباس، والكلام،
وجميع الأحوال.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الرابع والستون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"ما أنزل الله دَاءً
إلا أنزل له شفاءً"
رواه البخاري.
الإنزال هنا بمعنى: التقدير.
ففي هذا الحديث:
إثبات القضاء والقدر. وإثبات الأسباب.
وقد تقدم أن هذا الأصل العظيم ثابت بالكتاب والسنة.
ويؤيده العقل والفطرة.
فالمنافع الدينية والدنيوية والمضار
كلها بقضاء الله وتقديره.
قد أحاط بها علماً.
وجرى بها قلمه.
ونفذت بها مشيئته.
ويَسَّر العبادَ لفعل الأسباب
التي توصلهم إلى المنافع والمضار.
فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خلق له:
من مصالح الدين والدنيا،
ومضارهما.
والسعيد من يَسَّره الله لأيسر الأمور،
وأقربها إلى رضوان الله،
وأصلحها لدينه ودنياه.
والشقي من انعكس عليه الأمر.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الخامس والستون
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"الرؤيا الصالحة من الله.
والحُلْم من الشيطان.
فإذا رأى أحدُكم ما يحب
فلا يحدث به إلا من يحب.
وإذا رأى ما يكره
فليتعوَّذ بالله من شرها
ومن شر الشيطان.
ولْيَتْفُلْ ثلاثاً،
ولا يحدث بها أحداً،
فإنها لن تضره"
متفق عليه.
أخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:
أن الرؤيا الصالحة من الله،
أي: السالمة من تخليط الشيطان وتشويشه.
وذلك لأن الإنسان إذا نام خرجت روحه.
وحصل لها بعض التجرد
الذي تتهيأ به لكثير من العلوم والمعارف.
وتلطفت مع ما يلهمها الله،
ويلقيه إليها الملك في منامها.
فتتنبه وقد تجلت لها أمور
كانت قبل ذلك مجهولة،
أو ذكرت أموراً قد غفلت عنها،
أو تنبهت لأحوال ينفعها معرفتها،
أو العمل بها،
أو حَذِرَتْ مضار دينية أو دنيوية
لم تكن لها على بال،
أو اتعظت ورغبت ورهبت
عن أعمال قد تلبست بها،
أو هي بصدد ذلك،
أو انتبهت لبعض الأعيان الجزئية
لإدخالها في الأحكام الشرعية.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث السادس والستون
عن علي بن الحسين رحمه الله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من حُسْن إسلام المرء
تَرْكُه ما لا يَعنيه"
رواه مالك وأحمد.
ورواه ابن ماجه عن أبي هريرة،
ورواه الترمذي
عن علي بن الحسين وعن أبي هريرة.
الإسلام – عند الإطلاق –
يدخل فيه الإيمان، والإحسان.
وهو شرائع الدين الظاهرة والباطنة.
والمسلمون منقسمون في الإسلام إلى قسمين،
كما دلّ عليه فحوى هذا الحديث.
فمنهم:
المحسن في إسلامه.
ومنهم :
المسيء.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث السابع والستون
عن أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص
عن أبيه عن جده:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ما نَحل والدٌ ولدّه من نحْل
أفضل من أدب حسَن"
رواه الترمذي.
أولى الناس ببرِّك، وأحقهم بمعروفك:
أولادُك؛
فإنهم أمانات جعلهم الله عندك،
ووصاك بتربيتهم تربية صالحة
لأبدانهم وقلوبهم،
وكل ما فعلته معهم من هذه الأمور،
دقيقها وجليلها،
فإنه من أداء الواجب عليك،
ومن أفضل ما يقربك إلى الله،
فاجتهد في ذلك،
واحتسبه عند الله،
فكما أنك إذا أطعمتهم وكسوتهم
وقمت بتربية أبدانهم،
فأنت قائم بالحق مأجور.
فكذلك
– بل أعظم من ذلك –
إذا قمت بتربية قلوبهم وأرواحهم
بالعلوم النافعة، والمعارف الصادقة،
والتوجيه للأخلاق الحميدة،
والتحذير من ضدها.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثامن والستون
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"مثل الجليس الصالح والسوء:
كحامل المسك، ونافخ الكِير.
فحامل المسك:
إما أن يَحْذِيَك،
وإما أن تبتاع منه،
وإما أن تجد منه ريحاً طيبة.
ونافخ الكير:
إما أن يحرق ثيابك،
وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة"
متفق عليه.
اشتمل هذا الحديث على الحث
على اختيار الأصحاب الصالحين،
والتحذير من ضدهم.
ومثَّل النبي صلى الله عليه وسلم بهذين المثالين،
مبيناً أن الجليس الصالح:
جميع أحوالك معه وأنت في مغنم وخير،
كحامل المسك الذي تنتفع بما معه من المسك:
إما بهبة، أو بعوض.
وأقل ذلك :
مدة جلوسك معه،
وأنت قرير النفس برائحة المسك.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث التاسع والستون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لا يُلْدَغ المؤمن من جُحْرٍ واحدٍ مرتين"
متفق عليه.
هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم :
لبيان كمال احتراز المؤمن ويقظته،
وأن المؤمن يمنعه من اقتراف السيئات
التي تضره مقارفتها،
وأنه متى وقع في شيء منها،
فإنه في الحال يبادر إلى الندم والتوبة والإنابة.
ومن تمام توبته:
أن يحذر غاية الحذر من ذلك السبب
الذي أوقعه في الذنب،
كحال من أدخل يده في جُحر فلدغته حَيَّة.
فإنه بعد ذلك لا يكاد يدخل يده في ذلك الجحر،
لما أصابه فيه أول مرة.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث السبعون
عن أبي ذر الغِفاري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"يا أبا ذَرٍّ،
لا عقل كالتدبير،
ولا وَرَع كالكفّ،
ولا حَسَبَ كحُسْن الخلق"
رواه البيهقي في شعب الإيمان.
هذا الحديث اشتمل على ثلاث جمل،
كل واحدة منها تحتها علم عظيم:
أما الجملة الأولى:
فهي في بيان العقل وآثاره وعلاماته،
وأن العقل الممدوح في الكتاب والسنة:
هو قوة ونعمة أنعم الله بها على العبد،
يعقل بها الأشياء النافعة،
والعلوم والمعارف،
ويتعقل بها
ويمتنع من الأمور الضارة والقبيحة.
فهو ضروري للإنسان لا يستغني عنه
في كل أحواله الدينية والدنيوية،
إذ به يعرف النافع والطريق إليه.
ويعرف الضار وكيفية السلامة منه.
والعقل يعرف بآثاره.
فبين صلى الله عليه وسلم
في هذا الحديث آثاره الطيبة،
فقال: "لا عقل كالتدبير"
أي: تدبير العبد لأمور دينه، ولأمور دنياه.
فتدبيره لأمور دينه:
أن يسعى في تعرّف الصراط المستقيم،
وما كان عليه النبي الكريم،
من الأخلاق والهدى والسَّمْت.
ثم يسعى في سلوكه بحالة منتظمة.
كما قال صلى الله عليه وسلم :
"استعينوا بالغدوة والروحة
وشيء من الدُّلْجة،
والقصدَ القصد، تبلغوا".
وقد تقدم شرح هذا الحديث،
وبيان الطريق الذي أرشد إليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وأنها طريق سهلة توصل إلى الله،
وإلى دار كرامته بسهولة وراحة،
وأنها لا تفوِّت على العبد من راحاته
وأموره الدنيوية شيئاً،
بل يتمكن العبد معها من تحصيل المصلحتين،
والفوز بالسعادتين،
والحياة الطيبة.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الحادي والسبعون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
"جاء رجل،
فقال: يا رسول الله، أوصني.
فقال: لا تغضب.
ثم ردَّدَ مراراً.
فقال: لا تغضب"
رواه البخاري.
هذا الرجل ظن أنها وصية بأمر جزئي.
وهو يريد أن يوصيه النبي صلى الله عليه وسلم بكلام كلي.
ولهذا ردد.
فلما أعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم
عرف أن هذا كلام جامع.
وهو كذلك؛
فإن قوله: "لا تغضب"
يتضمن أمرين عظيمين:
أحدهما:
الأمر بفعل الأسباب،
والتمرن على حسن الخلق،
والحلم والصبر،
وتوطين النفس على ما يصيب الإنسان من الخلق،
من الأذى القولي والفعلي.
فإذا وفِّق لها العبد،
وورد عليه وارد الغضب
احتمله بحسن خلقه،
وتلقاه بحلمه وصبره،
ومعرفته بحسن عواقبه؛
فإن الأمر بالشيء أمر به،
وبما لا يتم إلا به.
والنهي عن الشيء أمر بضده.
وأمر بفعل الأسباب
التي تعين العبد على اجتناب المنهي عنه.
وهذا منه.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثاني والسبعون
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لا يدخل الجنة
من كان في قلبه
مثقال ذَرَّة من كِبْر.
فقال رجل:
إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً،
ونعله حسناً؟
فقال:
إن الله جميل يحب الجمال.
الكبْر: بَطْر الحق، وغَمْط الناس"
رواه مسلم.
قد أخبر الله تعالى:
أن النار مثوى المتكبرين.
وفي هذا الحديث أنه :
"لا يدخل الجنة
من كان في قلبه
مثقال ذرة من كبر"
فدلّ على أن الكبر
موجب لدخول النار،
ومانع من دخول الجنة.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثالث والسبعون
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( قد أفلح
من أَسْلَمَ
ورُزِق كَفَافاً ,
وقنَّعه الله بما آتاه ) .
رواه مسلم .
حكم صلى الله عليه وسلم بالفلاح
لمن جمع هذه الخلال الثلاث .
و " الفلاح "
اسم جامع لحصول كل مطلوب محبوب ،
والسلامة من كل مخوف مرهوب .
وذلك أن هذه الثلاث
جمعت خير الدين والدنيا ،
فإن العبد إذا هُدي للإسلام
الذي هو دين الله
الذي لا يقبل ديناً سواه ،
وهو مدار الفوز بالثواب والنجاة من العقاب ،
وحصل له
الرزق الذي يكفيه
ويكُفّ وجهه عن سؤال الخلق ،
ثم تمم الله عليه النعمة ،
بأن قنعه بما آتاه،
أي حصل له الرضى
بما أوتي من الرزق والكفاف ،
ولم تطمح نفسه لما وراء ذلك ،
فقد حصل له
حسنة الدنيا والآخرة .
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الرابع والسبعون
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال:
"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال: يا رسول الله،
عِظْني وأوجز.
فقال:
إذا قمت في صلاتك
فصلِّ صلاة مودِّع،
ولا تَكَلم بكلام تعذر منه غداً،
واجمع اليأس
مما في أيدي الناس"
رواه أحمد.
هذه الوصايا الثلاث
يا لها من وصايا،
إذا أخذ بها العبد:
تمت أموره وأفلح .
فالوصية الأولى:
تتضمن
تكميل الصلاة،
والاجتهاد في إيقاعها على أحسن الأحوال.
وذلك بأن يحاسب نفسه
على كل صلاة يصليها،
وأنه سيُتم جميع ما فيها:
من واجب،
وفروض،
وسنة،
وأن يتحقق بمقام الإحسان
الذي هو أعلى المقامات.
وذلك بأن يقوم إليها مستحضراً
وقوفه بين يدي ربه،
وأنه يناجيه بما يقوله،
من قراءة وذكر ودعاء
ويخضع له في قيامه وركوعه،
وسجوده وخفضه ورفعه.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الخامس والسبعون
عن مصعب بن سعد
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"هل تُنصرون وتُرزقون
إلا بضعفائكم ؟ "
رواه البخاري.
فهذا الحديث فيه:
أنه لا ينبغي للأقوياء القادرين
أن يستهينوا بالضعفاء العاجزين،
لا في أمور الجهاد والنصرة،
ولا في أمور الرزق
وعجزهم عن الكسب .
بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه قد يحدث النصر على الأعداء
وبسط الرزق
بأسباب الضعفاء ،
بتوجههم
ودعائهم ،
واستنصارهم
واسترزاقهم .