رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 65 ]
س : ما دليل ذلك من السنة ؟
جـ : أدلته من السنة كثيرة لا تحصى ،
منها قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال :
« والعرش فوق ذلك ، والله فوق العرش ،
وهو يعلم ما أنتم عليه » (1) ،
وقوله لسعد في قصة قريظة :
« لقد حكمت فيهم بحكم الملك
من فوق سبعة أرقعة » ،
وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية :
« أين الله ؟ قالت في السماء .
قال : " اعتقها فإنها مؤمنة » (2) ،
وأحاديث معراج النبي صلى الله عليه وسلم ،
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث تعاقب الملائكة :
« ثم يعرج الذين باتوا فيكم
فيسألهم وهو أعلم بهم » (3) . الحديث ،
وقوله صلى الله عليه وسلم :
« من تصدق بعدل ثمرة من كسب طيب
ولا يصعد إلى الله إلا الطيب » (4) . الحديث ،
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الوحي :
« إذا قضى الله الأمر في السماء
ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله
كأنه سلسلة على صفوان » (5) . الحديث ،
وغير ذلك كثير ،
وقد أقر بذلك جميع المخلوقات إلا الجهمية .
==================
(1) ( ضعيف جدا ) ، رواه ابن أبي عاصم في السنة ( 577 ) ، وأبو داود ( 2724 ) ،
والترمذي ( 3320 ) ، وابن خزيمة في التوحيد ( 68 )
من طرق عن عبد الرحمن بن عبد الله الرازي ، ثنا عمرو بن أبي قيس ، عن سماك ،
عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس عن العباس مرفوعا . . ) ،
وفيه عبد الله بن عميرة ، قال الذهبي : فيه جهالة ،
وقال البخاري : لا يعرف له سماع من الأحنف بن قيس .
والحديث أخرجه أبو داود أيضا وابن ماجه ( 193 ) ،
والآجري في الشريعة ص ( 292 )
من طريق أخرى عن عمرو بن أبي محسن ،
وعمرو هذا صدوق له أوهام وله بعض المتابعات الأخرى وهي واهية ،
ومنها ما أخرجه أحمد ( 1 / 206 ، 207 ) في سنده يحيى بن العلاء متهم بالوضع .
(2) رواه مسلم ( مساجد 33 ).
(3) رواه البخاري ( 555 ، 3223 ) ، ومسلم ( مساجد / 210 ) .
(4) رواه البخاري ( 7430 ، 1410 ) ، ومسلم ( الزكاة / 63 ) .
(5) رواه البخاري ( 4701 ، 4800 ) .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 66 ]
س : ماذا قال أئمة الدين من السلف الصالح
في مسألة الاستواء ؟
جـ : قولهم بأجمعهم رحمهم الله تعالى :
الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ،
والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ،
ومن الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ ،
وعلينا التصديق والتسليم ،
وهكذا قولهم
في جميع آيات الأسماء والصفات وأحاديثها :
{ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } ،
{ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 67 ]
س : ما دليل علو القهر من الكتاب ؟
جـ : أدلته كثيرة ،
منها قوله تعالى :
{ وَهُوَ
الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } ،
وهو متضمن لعلو القهر والفوقية ،
وقوله تعالى :
{ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ
الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } ،
وقوله تعالى :
{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ
لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } ،
وقوله تعالى :
{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ
وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } ،
وقوله تعالى :
{ مَا مِنْ دَابَّةٍ
إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا } ،
وقوله تعالى :
{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } ،
وغير ذلك من الآيات .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 68 ]
س : ما دليل ذلك من السنة ؟
جـ : أدلته من السنة كثيرة ،
منها قوله صلى الله عليه وسلم :
« أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها » (1) ،
وقوله صلى الله عليه وسلم :
« اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ،
ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ،
عدل في قضاؤك » (2) . الحديث ،
وقوله صلى الله عليه وسلم :
« إنك تقضي ولا يقضى عليك ،
إنه لا يذلّ من واليت
ولا يعز من عاديت » (3) ،
وغير ذلك كثير .
==================
(1) رواه مسلم ( الذكر / 61 ، 62 ، 63 ) .
(2) رواه أحمد ( 1 / 391 ، 452 ) ، تقدم هامش 3 س 52 .
(3) ( صحيح ) ، رواه أحمد ( 1 / 199 ، 200 ) ، وأبو داود ( 1425 ، 1426 ) ، والترمذي ( 464 ) ،
وابن ماجه ( 1178 ) ، والحاكم ( 3 / 172 ) ، والنسائي ( 1746 ، 1178 ) ،
قال الإمام الترمذي : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وسكت عنه الإمام أبو داود مشيرا إلى قبوله ،
وقال الشيخ شاكر رحمه الله : إسناده صحيح .
قال الشيخ الألباني : زاد النسائي في آخر القنوت ( وصلى الله على النبي الأمي ) وإسنادها ضعيف ،
وقد ضعفها الحافظ بن حجر العسقلاني والزرقاني وغيرهم ، ا هـ . ( صفة صلاة النبي 160 ) ،
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين إلا أن محمد بن جعفر بن أبي كثير
قد خالف إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة في إسناده ،
وقد صححه ابن خزيمة ( 1095 ) والألباني .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 69 ]
س : ما دليل علو الشأن
وما الذي يجب نفيه عن الله عز وجل ؟
جـ : اعلم أن علو الشأن هو ما تضمنه اسمه
القدوس السلام الكبير المتعال وما في معناها ،
واستلزمته جميع صفات كماله ونعوت جلاله ،
فتعالى في أحديته أن يكون لغيره ملك أو قسط منه ،
أو يكون عونا له ،
أو ظهيرا أو شفيعا عنده بدون إذنه أو عليه يجير ،
وتعالى في عظمته وكبريائه وملكوته وجبروته
عن أن يكون له منازع أو مغالب
أو ولي من الذل أو نصير ،
وتعالى في صمديته عن الصاحبة والولد
والوالد والكفؤ والنظير ،
وتعالى في كمال حياته وقيوميته وقدرته
عن الموت والسنة والنوم والتعب والإعياء ،
وتعالى في كمال علمه عن الغفلة والنسيان
وعن عزوب مثقال ذرة عن علمه
في الأرض أو في السماء ،
وتعالى في كمال حكمته وحمده عن خلق شيء عبثا
وعن ترك الخلق سدى
بلا أمر ولا نهي ولا بعث ولا جزاء ،
وتعالى في كمال عدله عن أن يظلم أحدا مثقال ذرة
أو أن يهضمه شيئا من حسناته ،
وتعالى في كمال غناه عن أن يُطعَم أو يُرزَق
أو يفتقر إلى غيره في شيء ،
وتعالى في جميع ما وصف به نفسه
ووصفه به رسوله عن التعطيل والتمثيل ،
وسبحانه وبحمده
وعز وجل وتبارك وتعالى
وتنزه وتقدس
عن كل ما ينافي إلهيته وربوبيته
وأسماءه الحسنى وصفاته العلى
: {وَلَهُ الْمَثَلُ
الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ،
ونصوص الوحي من الكتاب والسنة
في هذا الباب معلومة مفهومة مع كثرتها وشهرتها .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 70 ]
س : ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الأسماء الحسنى
« من أحصاها دخل الجنة » ؟
جـ : قد فسر ذلك بمعاني
منها :
حفظها ودعاء الله بها والثناء عليه بجميعها ،
ومنها
أن ما كان يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم
فيمرن العبد نفسه
على أن يصح له الاتصاف بها فيما يليق به
وما كان يختص به نفسه تعالى
كالجبار والعظيم والمتكبر ،
فعلى العبد الإقرار بها
والخضوع لها وعدم التحلي بصفة منها ،
وما كان فيه معنى الوعد كالغفور الشكور
العفو الرؤوف الحليم الجواد الكريم ،
فليقف منه عند الطمع والرغبة ،
وما كان فيه معنى الوعيد كعزيز ذي انتقام
شديد العقاب سريع الحساب ،
فليقف منه عند الخشية والرهبة .
ومنها
شهود العبد إياها وإعطاؤها حقها معرفة وعبودية ،
مثاله
من شهد علو الله تعالى على خلقه وفوقيته عليهم
واستواءه على عرشه بائنا من خلقه مع إحاطته بهم
علما وقدرة وغير ذلك ،
وتعبد بمقتضى هذه الصفة بحيث يصير لقلبه صمدا
يعرج إليه مناجيا له مطرقا واقفا بين يديه
وقوف العبد الذليل بين يدي الملك العزيز ،
فيشعر بأن كلمه وعمله صاعد إليه معروض عليه
فيستحي أن يصعد إليه من كلمه وعمله
ما يخزيه ويفضحه هنالك ،
ويشهد نزول الأمر والمراسيم الإلهية
إلى أقطار العوالم كل وقت بأنواع التدبير والتصرف
من الإماتة والإحياء والإعزاز والإذلال ،
والخفض والرفع والعطاء والمنع
وكشف البلاء وإرساله ومداولة الأيام بين الناس
إلى غير ذلك من التصرفات في المملكة
التي لا يتصرف فيها سواه ،
فمراسيمه نافذة فيها كما يشاء
{ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ
ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ
فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ
أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ } ،
فمن وفى هذا المشهد حقه معرفة وعبودية
فقد استغنى بربه وكفاه ،
وكذلك من شهد علمه المحيط وسمعه وبصره
وحياته وقيوميته وغيرها
ولا يُرزق هذا المشهد
إلا السابقون المقربون .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 71 ]
س : ما ضد توحيد الأسماء والصفات ؟
جـ : ضده الإلحاد في أسماء الله وصفاته وآياته ،
وهو ثلاثة أنواع :
الأول :
إلحاد المشركين
الذين عدلوا بأسماء الله تعالى عما هي عليه
وسموا بها أوثانهم ،
فزادوا ونقصوا فاشتقوا اللات من الإله
والعزى من العزيز
ومناة من المنان .
الثاني :
إلحاد المشبهة
الذين يكيفون صفات الله تعالى ،
ويشبهونها بصفات خلقه
وهو مقابل لإلحاد المشركين ،
فأولئك سووا المخلوق برب العالمين ،
وهؤلاء جعلوه بمنزلة الأجسام المخلوقة وشبهوه بها
تعالى وتقدس .
الثالث :
إلحاد النفاة المعطلة ،
وهم قسمان :
قسم أثبتوا ألفاظ أسمائه تعالى
ونفوا عنه ما تضمنته من صفات الكمال فقالوا :
رحمن رحيم بلا رحمة ، عليم بلا علم ،
سميع بلا سمع ، بصير بلا بصر ،
قدير بلا قدرة ،
وأطردوا بقيتها كذلك .
وقسم صرحوا بنفي الأسماء ومتضمناتها بالكلية ،
ووصفوه بالعدم المحض الذي لا اسم له ولا صفة ،
سبحان الله وتعالى
عما يقول الظالمون الجاحدون الملحدون علوا كبيرا
{ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } ،
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ،
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 72 ]
س : هل جميع أنواع التوحيد متلازمة
فينافيها كلها ما ينافي نوعا منها ؟
جـ : نعم هي متلازمة ،
فمن أشرك في نوع منها فهو مشرك في البقية ،
مثال ذلك دعاء غير الله وسؤاله
ما لا يقدر عليه إلا الله ،
فدعاؤه إياه عبادة بل مخ العبادة ،
صرفها لغير الله من دون الله ،
فهذا شرك في الإلهية ،
وسؤاله إياه تلك الحاجة من جلب خير أو دفع شر
معتقدا أنه قادر على قضاء ذلك ،
هذا شرك في الربوبية
حيث اعتقد أنه متصرف مع الله في ملكوته ،
ثم إنه لم يدعه هذا الدعاء من دون الله
إلا مع اعتقاده أنه يسمعه على البعد والقرب
في أي وقت كان وفي أي مكان ويصرحون بذلك ،
وهو شرك في الأسماء والصفات
حيث أثبت له سمعا محيطا بجميع المسموعات ،
لا يحجبه قرب ولا بعد ،
فاستلزم هذا الشرك في الإلهية
الشرك في الربوبية والأسماء والصفات .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 73 ]
س : ما الدليل على الإيمان بالملائكة من الكتاب والسنة ؟
جـ : أدلة ذلك من الكتاب كثيرة ،
منها قوله تعالى :
{ وَالْمَلَائِكَة ُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
وَيَسْتَغْفِرُو نَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ } ،
وقوله تعالى :
{ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ
وَيُسَبِّحُونَه ُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } ،
وقوله تعالى :
{ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ
فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ } ،
وتقدم الإيمان بهم من السنة في حديث جبريل وغيره ،
وفي صحيح مسلم
أن الله تعالى خلقهم من نور (1) ،
والأحاديث في شأنهم كثيرة .
==================
(1) رواه مسلم ( الزهد / 60 ) ، وأحمد ( 6 / 153 ، 168 ) .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 74 ]
س : ما معنى الإيمان بالملائكة ؟
جـ : هو الإقرار الجازم بوجودهم
وأنهم خلق من خلق الله مربوبون مسخرون
و { عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ
وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } ،
{ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ،
{ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ }
{ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ } ،
ولا يسأمون ولا يستحسرون .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 75 ]
س : اذكر بعض أنواعهم باعتبار ما هيأهم الله له ووكلهم به ؟
جـ : هم باعتبار ذلك أقسام كثيرة ،
فمنهم
الموكل بأداء الوحي إلى الرسل وهو
الروح الأمين جبريل عليه السلام ،
ومنهم
الموكل بالقطر وهو ميكائيل عليه السلام ،
ومنهم
الموكل بالصور وهو إسرافيل عليه السلام ،
ومنهم
الموكل بقبض الأرواح وهو ملك الموت وأعوانه ،
ومنهم
الموكل بأعمال العباد وهم الكرام الكاتبون ،
ومنهم
الموكل بحفظ العبد من بين يديه ومن خلفه وهم المعقبات ،
ومنهم
الموكل بالجنة ونعيمها وهم رضوان ومن معه ،
ومنهم
الموكل بالنار وعذابها وهم مالك ومن معه من الزبانية ،
ورؤساؤهم تسعة عشر ،
ومنهم
الموكل بفتنة القبر وهم منكر ونكير ،
ومنهم حملة العرش ،
ومنهم الكروبيون ،
ومنهم
الموكل بالنطف في الأرحام من تخليقها وكتابة ما يراد بها ،
ومنهم
الملائكة يدخلون البيت المعمور
يدخله كل يوم سبعون ألف ملك
ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم ،
ومنهم
ملائكة سياحون يتبعون مجالس الذكر ،
ومنهم
صفوف قيام لا يفترون ،
منهم
ركع سجد لا يرفعون ،
ومنهم غير من ذكر
{ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ
وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ } ،
ونصوص هذه الأقسام من الكتاب والسنة لا تخفى .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 76 ]
س : ما دليل الإيمان بالكتب ؟
جـ : أدلته كثيرة منها قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ } ،
وقوله تعالى :
{ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا
وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ
وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ
لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ } . الآيات ،
وغيرها كثير ،
ويكفي في ذلك قوله تعالى :
{ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ } .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 77 ]
س : هل سميت جميع الكتب في القرآن ؟
جـ : سمى الله منها في القرآن :
هو ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور ،
وصحف إبراهيم وموسى ، وذكر الباقي جملة
فقال تعالى :
{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ } ،
وقال تعالى :
{ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا } ،
وقال تعالى :
{ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى
وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى } ،
وقال تعالى :
{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ
وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } ،
فما ذكر الله منها تفصيلا
وجب علينا الإيمان به تفصيلا ،
وما ذكر منها إجمالا
وجب علينا الإيمان به إجمالا ،
فنقول فيه ما أمر الله به رسوله :
{ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ } .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 78 ]
س : ما معنى الإيمان بكتب الله عز وجل ؟
جـ : معناه التصديق الجازم بأن جميعها منزل من عند الله عز وجل ،
وأن الله تكلم بها حقيقة ،
فمنها
المسموع منه تعالى من وراء حجاب بدون واسطة الرسول الملكي ،
ومنها
ما بلغه الرسول الملكي إلى الرسول البشري ،
ومنها
ما كتبه الله تعالى بيده
كما قال تعالى :
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا
أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا
فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ } ،
وقال تعالى لموسى :
{ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي } ،
{ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } ،
وقال تعالى في شأن التوراة :
{ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ } ،
وقال في عيسى :
{ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ } ،
وقال تعالى :
{ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا } ،
وتقدم ذكرها بلفظ التنزيل ،
وقال تعالى في شأن القرآن :
{ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ
وَالْمَلَائِكَة ُ يَشْهَدُونَ
وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } ،
وقال تعالى فيه :
{ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى
النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ
وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا } ،
وقال تعالى :
{ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ
عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } . الآيات ،
وقال تعالى فيه :
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ
وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ
تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } . الآيات ،
وغيرها كثير .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 79 ]
س : ما منزلة القرآن من الكتب المتقدمة ؟
جـ : قال الله تعالى فيه :
{ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ
مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ } ،
وقال تعالى :
{ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ
وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ،
وقال تعالى :
{ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ
وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ،
قال أهل التفسير :
مهيمنا مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب ومصدقا لها ،
يعني يصدق : ما فيها من الصحيح ،
وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ،
ويحكم عليها بالنسخ أو التقرير ،
ولهذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة
ممن لم ينقلب على عقبيه ،
كما قال تبارك وتعالى :
{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ
وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا
إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } ،
وغير ذلك .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 80 ]
س : ما الذي يجب التزامه في حق القرآن
على جميع الأمة ؟
جـ : هو اتباعه ظاهرا وباطنا والتمسك به والقيام بحقه ،
قال الله تعالى :
{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا } ،
وقال تعالى :
{ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ
وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } ،
وقال تعالى :
{ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ } ،
وهي عامة في كل كتاب والآيات في ذلك كثيرة ،
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله فقال :
« فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به » (1) ،
وفي حديث علي مرفوعا :
« إنها ستكون فتن » (2) .
« قلت : ما المخرج منها يا رسول الله ؟
قال : " كتاب الله » . وذكر الحديث .
==================
(1) رواه مسلم ( فضائل الصحابة / 36 ) ، وأحمد ( 4 / 366 ، 367 ) .
(2) ( ضعيف ) ، رواه أحمد ( 1 / 91 ) ، والترمذي ( 2906 ) ، والدارمي ( 3334 ) ،
قال الإمام الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ،
وإسناده مجهول وفي الحارث مقال .
وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده ضعيف جدا من أجل الحارث الأعور .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 81 ]
س : ما معنى التمسك بالكتاب والقيام بحقه ؟
جـ : حفظه وتلاوته
والقيام به آناء الليل والنهار
وتدبر آياته
وإحلال حلاله
وتحريم حرامه
والانقياد لأوامره ،
والانزجار بزواجره
والاعتبار بأمثاله
والاتعاظ بقصصه
والعمل بمحكمه
والتسليم لمتشابهه
والوقوف عند حدوده ،
وينفون عنه تحريف الغالين
وانتحال المبطلين ،
والنصيحة له بكل معانيها
والدعوة إلى ذلك على بصيرة .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 82 ]
س : ما حكم من قال بخلق القرآن ؟
جـ : القرآن كلام الله عز وجل حقيقة حروفه ومعانيه ،
ليس كلامه الحروف دون المعاني ،
ولا المعاني دون الحروف ،
تكلم الله به قولا وأنزله على نبيه وحيا ،
وآمن به المؤمنون حقا ،
فهو وإن خط بالبنان وتلي باللسان وحفظ بالجنان
وسمع بالآذان وأبصرته العينان
لا يخرجه ذلك عن كونه كلام الرحمن ،
فالأنامل والمداد والأقلام والأوراق مخلوقة ،
والمكتوب بها غير مخلوق والألسن والأصوات مخلوقة ،
والمتلو بها على اختلافها غير مخلوق ،
والصدور مخلوقة والمحفوظ فيها غير مخلوق ،
والأسماع مخلوقة والمسموع غير مخلوق ،
قال الله تعالى :
{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ } ،
وقال تعالى :
{ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ } ،
وقال تعالى :
{ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } ،
وقال تعالى :
{ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ
فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ } ،
وقال ابن مسعود رضي الله عنه :
" أديموا النظر في المصحف " .
والنصوص في ذلك لا تحصى ،
ومن قال القرآن أو شيء من القرآن مخلوق
فهو كافر كفرا أكبر يخرجه من الإسلام بالكلية ؛
لأن القرآن كلام الله تعالى
منه بدأ وإليه يعود ، وكلامه صفته ،
ومن قال شيء من صفات الله مخلوق فهو كافر مرتد
يعرض عليه الرجوع إلى الإسلام
فإن رجع وإلا قتل كفرا
ليس له شيء من أحكام المسلمين .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 83 ]
س : هل صفة الكلام ذاتية أو فعلية ؟
جـ : أما باعتبار تعلق صفة الكلام بذات الله عز وجل
واتصافه تعالى بها ،
فمن صفات ذاته كعلمه تعالى بل هو من علمه ،
وأنزله بعلمه ، وهو أعلم بما ينزل ،
وأما باعتبار تكلمه بمشيئته وإرادته فصفة فعل ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
« إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي » (1) . الحديث -
ولهذا قال السلف الصالح رحمهم الله في صفة الكلام :
إنها صفة ذات وفعل معا ،
فالله سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال متصفا بالكلام أزلا وأبدا
وتكلمه وتكليمه بمشيئته وإرادته ،
فيتكلم إذا شاء متى شاء وكيف شاء
بكلام يسمعه من يشاء وكلامه صفته لا غاية له ولا انتهاء
{ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ
قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } ،
{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ
وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ
مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ } ،
{ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا
لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .
==================
(1) تقدم وهو ضعيف .
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 84 ]
س : من هم الواقفة وما حكمهم ؟
جـ : الواقفة هم الذين يقولون في القرآن :
لا نقول هو كلام الله ولا نقول مخلوق .
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى :
( من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي ،
ومن كان لا يحسنه بل كان جاهلا جهلا بسيطا
فهو تقام عليه الحجة بالبيان والبرهان ،
فإن تاب وآمن بأنه كلام الله تعالى غير مخلوق ،
وإلا فهو شر من الجهمية ) (1) .
==================
(1) انظر كتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله ( 1 / 179 ) .